اللغة العربية وتابو القداسة

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-11-2024, 03:54 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة هشام ادم(هشام آدم)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-08-2009, 03:25 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
اللغة العربية وتابو القداسة


    هشام آدم
    الكلام عن اللغة هو كلام عن الثقافة الشعبية لحقبة تاريخية محددة، وتأتي اللغة لتعبّر عن هذه الحقبة التاريخية بشكل ثقافي ولفظي سواء كان ذلك بطريقة منطوقة أو مكتوبة. وإلى هذا الحد، نجد أن هنالك نوعان من اللغة العربية المستخدمة حالياً هما: لغة القواعد، ولغة الخطابة أو اللغة اليومية. هذا التفريق هو في الحقيقة تفريق أكاديمي صرف، إذ أن هذين النوعين في حقيقتهما يُعبران عن قطيعة بين اللغة وبين مستخدميها. حيث أن اللغة المهجورة هي اللغة الفصحى، واللغة المستعلية هي لغة الخطابة أو اللغة اليومية.

    في حقبة ما سابقة كانت اللغة الفصحى هي لغة قواعدية ولغة خطابة ولغة كتابة، دون أن يُمكننا الفصل بينهما، ولكن هل يُمكن أن ينطبق ذلك على اللغة المستخدمة اليوم؟ إذا قلنا (لا)، وهذا هو الواضح، فإن هنالك قطعية حاصلة بين اللغة العربية وبين مستخدميها، ويبقى السؤال عن مسببات هذه القطيعة غير مهم على أية حال، لأنه لا يُفضي إلى نتيجة مقنعة، وبالتالي فإنه لا يُساعد على حل المشكلة، هذا إذا اعتبرنا أن هذه القطيعة هي مشكلة في حدّ ذاتها.

    إن ظاهرة طغيان اللهجات المحكية أو العامية على اللغة الفصحى في التداول الشعبي اليومي، هو في الحقيقة حتمية تاريخية حدثت بسبب خلل ما في اللغة نفسها من ناحية، وفي مستخدميها من ناحية أخرى. فمستخدمو اللغة واقعون تحت تأثير أزمة اللغة، وواقعون تحت تأثير حداثة التاريخ وحركته من ناحية أخرى. تصبح اللغة في ظل هذه القطيعة منفصلة عن حركة التاريخ، لأن الفصحى ظلت بعيدة عن هذه الحركة؛ بينما اللغة بمفهومها التاريخي الحيوي تمثل في اللهجات المحكية.

    إلى هذا الحد يُمكننا أن نقول بأن اللغة انقسمت على نفسها، فأصبحت هنالك لغة مهنية أو أكاديمية، وهنالك لغة شعبية. كذلك يُمكننا القول بأن قداسة اللغة العربية هي ما منعتها من الذوبان والاضمحلال؛ وهذه نقطة بالغة الأهمية لأنها تطرح تساؤلاً مفاده: هل يُمكن أن نعتبر اللهجات العامية جزءاً من اللغة العربية أم لا؟ الإجابة على هذا السؤال ليس ببساطة استخدام اللهجات المحكية أو العامية على الإطلاق، لأن اللغة تتضمن مقاطع وتعبيرات تجعلها متميزة عن غيرها من بقية اللغات، وبالتالي تجعلها صالحة لأن تكون لغة في حدّ ذاتها، وهذا ما نجده في اللهجات المحكية مثلاً.

    إن اشتقاق أو نحت بعض المصطلحات أو التعبيرات الثقافية الموجود في كل لهجة محكية على حدا باللغة الفصحى لا يعني بالضرورة ارتباطها بها، لأنه –وفي المقابل- نجد بعض الاشتقاقات أو النحوت القائمة بين لغتين مختلفتين. وعلى هذا فإن المعنى الثقافي لكل من (زول) و (زلمة) و (جدع) مثلاً لا تعبران عن المحتوى الثقافي اللغوي للغة العربية رغم أنها قد تكون مشتقة عنها، ولكنها غير مرتبطة بها بالضرورة؛ إذ أنها مرتبطة بالمحتوي الثقافي والبيئية لمستخدمي هذه اللهجات.

    ولذا فإن التحدّث والكتابة باللغة الفصحى هما ضرب من الفزلكة، أو النفاق اللغوي؛ إذ أنه من غير المعقول أن أكتب بلغة قواعدية معيّنة، في حين أنني لا أستخدم هذه اللغة في معاملاتي الإنسانية الأخرى، وإن لم تكن اللغة مكتسبة لطابع الحيوية التعبيرية بما يكفي لاستخدامها في الإطار الزماني والمكاني المحددين، فإن ذلك يُوحي إلينا بأن ثمة خللاً ما: إما فيها أو في مستخدميها.

    إن عدم اعترافنا بفناء اللغة العربية نابع في الحقيقة من ارتباط هذه اللغة بشيء مقدس وهو القرآن، ولكي نفهم أبعاد هذه المعضلة اللغوي يجب علينا تفكيك هذا الارتباط، أو بمعنى آخر، يجب علينا حلّ اللغة من قداستها لنفهم ما إذا كانت اللغة بعد ذلك قادرة على الاستمرار أم لا. أقول ذلك وأنا أعلم تمام العلم مدى خطورة هذا القول، ولكن علينا أن نسأل أنفسنا، من خدم الآخر الخطاب القرآني أم اللغة العربية؟ فمن المعلوم أن اللغة أقدم تاريخياً من الخطاب القرآني، وظلّت مكتسبة لهذا الرونق وهذا التميّز حتى قبل القرآن، ونزول القرآن باللغة العربية لا يُعد من قبيل تشريف أيّهما على الآخر على الإطلاق.

    هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن ارتباط اللغة العربية بالقرآن –في اعتقادي- ساهم كثيراً في تكبيلها بسلاسل القداسة، ما جعلها غير قادرة على التطوّر وبالتالي مواكبة تغيّرات العصر والتاريخ الذي هو أساس اللغة الحيوية، ولذا فإننا نجد أن إنسان "العصر" قد قاطع اللغة بشكل تلقائي غير متعمّد، لأن القداسة لا تفهم معنى التاريخ وحركته. وهذه القطيعة في الحقيقة كانت في مصلحة الإنسان على حساب اللغة، وهذا ما جعل اللغة تنقسم على نفسها بكل لون حسب الثقافة البيئة المحددة لها، وحسب حركة الإنسان المستخدم لهذه اللغة داخل هذا الإطار الثقافي الاجتماعي.

    اللغة العربية فنيت تماماً، وظلّت -بسبب هذا الارتباط القداسي، أو المقدس- قابعة في كتب النحو، وأرشيف المتاحف اللغوية محصورة في استخدامها على فزلكات لا تعبّر إلا عن هذه القطيعة: سواء في كتابتنا أو محادثاتنا النخبوية التي لا تُعبّر عن واقعنا الحياتي. وعندما أقول نخبوية فهذا يعني تمييزاً لا يُحسب للغة ولا لمستخدميها على الإطلاق، وإنما هو خصم على رصيدهما معاً.

    إن لغات بائدة مثل السنسكريتية والأكادية والمؤابية والآرامية هي لغات موجودة حتى الآن، ولكنها ليست حيّة، بمعنى أنها غير مستخدمة استخداماً يُمكن على ضوئه أن يُقال عنها أنها (لغة)، وهذا هو ما يحدث مع اللغة العربية؛ فوجود اللغة لا يعني حيويتها على الإطلاق؛ فاللغة يجب أن تُعبّر الوقائع الحياتية وإلا فهي ميتة، وما يحدث مع اللغة العربية الآن أنها ترقد بسلام في غرفة الإنعاش ونحاول أن نُكسبها الخلود الذي لا تستحقه. وليست هنالك لغة على ظهر هذا الكوكب تستحق الخلود، لأن الخلود في بعض جوانبه يعني الجمود ويُناقض سُنّة الحياة القائمة على التغيّر والتطوّر.
                  

05-08-2009, 03:32 PM

حمور زيادة
<aحمور زيادة
تاريخ التسجيل: 03-28-2007
مجموع المشاركات: 12116

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: هشام آدم)

    مرور عابر للتحية يا هشام.



    Quote: ولذا فإن التحدّث والكتابة باللغة الفصحى هما ضرب من الفزلكة، أو النفاق اللغوي؛

    الجملة دي تبع البوست ؟ لأنها دانة للكاتب قبل اي شئ اخر.
    مش ؟

    اتذكرت واحد قبطي مصري كان بيهاجم اللغة العربية (فصحى و دارجي ) باعتبارا لغة الاستعمار العربي .. فرد عليو دكتور احمد خالد انو ده كلام جميل لولا انو اتقال بالعربي ما باللغة القبطية المصرية القديمة.
                  

05-08-2009, 03:46 PM

Balla Musa
<aBalla Musa
تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 15238

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: حمور زيادة)

    Quote: ونزول القرآن باللغة العربية
                  

05-08-2009, 03:53 PM

Elawad
<aElawad
تاريخ التسجيل: 01-20-2003
مجموع المشاركات: 7226

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: حمور زيادة)

    Quote: إن ظاهرة طغيان اللهجات المحكية أو العامية على اللغة الفصحى في التداول الشعبي اليومي، هو في الحقيقة حتمية تاريخية حدثت بسبب خلل ما في اللغة نفسها من ناحية، وفي مستخدميها من ناحية أخرى.
    إلى هذا الحد يُمكننا أن نقول بأن اللغة انقسمت على نفسها، فأصبحت هنالك لغة مهنية أو أكاديمية، وهنالك لغة شعبية.

    Quote: ولذا فإن التحدّث والكتابة باللغة الفصحى هما ضرب من الفزلكة، أو النفاق اللغوي؛ إذ أنه من غير المعقول أن أكتب بلغة قواعدية معيّنة، في حين أنني لا أستخدم هذه اللغة في معاملاتي الإنسانية الأخرى، وإن لم تكن اللغة مكتسبة لطابع الحيوية التعبيرية بما يكفي لاستخدامها في الإطار الزماني والمكاني المحددين، فإن ذلك يُوحي إلينا بأن ثمة خللاً ما: إما فيها أو في مستخدميها.

    الأخ هشام
    تحياتي
    أولا لعلك تعني الفذلكة في الاقتباس الأخير...
    سؤالي هل هذه الاقتباسات أعلاه تعني اللغة العربية فقط أم تمتد لتشمل غيرها من اللغات؟ فعلى حسب معلوماتي المتواضعة أن أهل اللغات لأخرى أيضا يستعملون في حياتهم اليومية غير ما يستعملونه في التعامل الرسمي أو الكتابة الأكاديمية. فهل هذا يعني أن هناك خللا ما إما فيهم أو في لغاتهم؟
                  

05-08-2009, 04:13 PM

عزاز شامي

تاريخ التسجيل: 01-08-2005
مجموع المشاركات: 5933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: هشام آدم)

    Quote: إن لغات بائدة مثل السنسكريتية والأكادية والمؤابية والآرامية هي لغات موجودة حتى الآن،
    ولكنها ليست حيّة، بمعنى أنها غير مستخدمة استخداماً يُمكن على ضوئه أن يُقال عنها أنها (لغة)،
    وهذا هو ما يحدث مع اللغة العربية؛ فوجود اللغة لا يعني حيويتها على الإطلاق؛ فاللغة يجب أن تُعبّر
    الوقائع الحياتية وإلا فهي ميتة، وما يحدث مع اللغة العربية الآن أنها ترقد بسلام في غرفة الإنعاش
    ونحاول أن نُكسبها الخلود الذي لا تستحقه. وليست هنالك لغة على ظهر هذا الكوكب تستحق الخلود،
    لأن الخلود في بعض جوانبه يعني الجمود ويُناقض سُنّة الحياة القائمة على التغيّر والتطوّر.


    هشام آدم،
    سلامات ...
    كدي قول بسم الله و ما تقتل لينا اللغة العربية ساي كده ..

    اللغة ما زالت حية و بتفرفر و إن كانت هناك تحذيرات على مستوى الامم المتحدة بأن اللغة العربية قد "تندثر."
    ليه تندثر؟ أو بالاحرى شنو اللي بيخلي لغة سائدة و على حساب ذلك تضمر لغات أخرى؟
    العوامل مختلفة و متفاوتة، بس اللغوين حددوهم بأكثر من عامل اذكر منهما العلم و التجارة (السلطة) ...
    اللغة الانجليزية اصبحت هي اللغة العالمية نتيجة الامبريالية و سيادة بريطانيا في عهد ما
    مع ان السبق الآن هو للقارة الامريكية الشمالية و تفوقها العلمي و استقطابها للعلماء
    من مختلف الثقافات و تدوين مخترعاتهم و جهودهم باللغة الانجليزية ، في منتصف القرن الثامن عشر
    كانت اللغة الفرنسية هي لغة البلاط الملكي البريطاني و لغة النبلاء و الدبلوماسية،
    و مرد ذلك كان لتسيد الفرنسين و اتساع رقعة مستعمراتهم، يعني سيادة لغة و ضمور اخرى
    لا علاقة له بمدى تعبيرها عن الوقائع الحياتية بشكلها الذي وصفت، حتى لو عللت رأيك
    بقولك انها لا تحتمل اضافة كلمات جديدة سأخبرك بأنه على الرغم من جمود اللغة العربية
    في هذا السياق إلا ان محاولات كثيرة جرت لتوسيع ماعون المفردات، كما كان الحال قديما
    والكثير من الكلمات التي تعد عربية أصلها فارسي .. الانجليزية نفسها لحم راس
    من مفردات الهولندين و الرومان و الفايكنج ... و أردك لبدايات تشكيل اللغة الانجليزية
    بشكلها الحالي Standard English و English Canon و الـ Englishness

    الشيء الآخر، اطلاق صفة لغة حية على لغة ما لا يخضع لمسبباتك التي سقتها أعلاه ...
    و طالما انها تكتب و لها قواعد معلومة، و تمارس بشكل متواصل من أفراد
    وفي هذه الحالة (الصلاة و العبادات) فستظل حية، قد تتوارى في الظل في مجالات العلم
    وهو أمر مُبرر كون اللغة العربية لا تمتاز بمرونة اللغات اللاتينية وخصوصا في الاختصارات و الترميز ...


    Quote: اللغة العربية فنيت تماماً، وظلّت -بسبب هذا الارتباط القداسي، أو المقدس- قابعة في كتب النحو،
    وأرشيف المتاحف اللغوية محصورة في استخدامها على فزلكات لا تعبّر إلا عن هذه القطيعة: سواء في كتابتن
    ا أو محادثاتنا النخبوية التي لا تُعبّر عن واقعنا الحياتي. وعندما أقول نخبوية فهذا يعني تمييزاً لا
    يُحسب للغة ولا لمستخدميها على الإطلاق، وإنما هو خصم على رصيدهما معاً.


    اما الشق المتعلق باستخدام مستوين من ذات اللغة فهو أمر اعتيادي
    و يمارسه الكثيرون في كختلف بقاع الأرض ....
    و تسمى لغويا Diglossia و هي في حالة تخصيص نوعين من اللغة أحدهما للتعامل الرسمي
    كقداس الصلوات أو المخاطبات الرسمية و وسائل الإعلام و نسخة منها أكثر مرونة أو تساهلا
    أو ما يسمى بالدارجية و تكون للتعامل اليومي بين أفراد المتجمع
    و كلا اللهجتين أو اللغتين أو variety مكلمتين لبعضهما البعض
    و هو ما يحدث مع اللغة العربية الفصحى و اللهجات المحلية الأخرى من المحيط للخليج...

    مع كامل الود،

                  

05-08-2009, 08:05 PM

Nasr
<aNasr
تاريخ التسجيل: 08-18-2003
مجموع المشاركات: 11163

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: عزاز شامي)

    ما قلته هنا يا هشام عن "إن ظاهرة طغيان اللهجات المحكية أو العامية على اللغة الفصحى في التداول الشعبي اليومي، هو في الحقيقة حتمية تاريخية حدثت بسبب خلل ما في اللغة نفسها من ناحية" يندرج تحت باب مطروق كثيرا في اللغويات وهو أن أن أي لغة من حيث هي لغة عرضة للتطور. تطورا يمس مكوناتها الأساسية وهي القاموس والنظام الصوتي وقواعد النحو والصرف. ويحدث ذلك لأسباب عدة ومتداخلة ومتشابكة تشابك المجتمعات الإنسانية. وهذا بالضبط ما حدث للغة العربية قبل أن تصبح مقدسة وبعد أن أصبحت مقدسة. فعربية جرهم في زمن سيدنا إبراهيم غير عربية قريش في قرون الهجرة الاولي ولا لغة تميم في نفس العصر، ولا لغة اليمن اليوم. وقد حدث هذا حتي للعامية السودانية، فعامية كتاب الطبقات لود ضيف الله هي غير عامية أهل الخرطوم اليوم. وعندك مثال اللغة الإنجليزية فلغة شكسبير غير لغة أوسكار وايلد غير لغة هارولد بنتر ولذلك لإختلاف الزمان وتطور اللغة. الحتمي تاريخيا هي التطور، في المجتمع والأدب واللغة والثقافة عموما.

    وهكذا فإن العاميات العربية هي أيضا لغة ولغة عربية. وقولك أن " نجد أن هنالك نوعان من اللغة العربية المستخدمة حالياً هما: لغة القواعد، ولغة الخطابة " ليس بصحيح بإعتبار أن لغة الخطابة (إن كنت تقصد بها العامية) لها قواعد أيضا وهذا من طبع اللغة عموما.

    وقولك "اللغة العربية فنيت تماماً" ليس له ما يسنده. فاللغة العربية المسماة بالفصحي (وهي في الغالب لسان قريش إبان القرن الهجري الأول) المتطورة مستخدمة في الكتب (وما أكثرها) والمجلات والجرايد والإذاعة والتلفزيون. وعلي العكس، ففي السودان كما في دول أخري فإن إستخدام اللغة العربية في أزدياد خصما علي اللغات الأفريقية الأخري.

    وثمة تناقض هناك بين قولك "كذلك يُمكننا القول بأن قداسة اللغة العربية هي ما منعتها من الذوبان والاضمحلال" وقولك "اللغة العربية فنيت تماما"... كيف لها أن تفني ولها من القداسة ما يمنعها من الذوبان والإضمحلال؟؟؟ وما قلته عن "فإن هنالك قطعية حاصلة بين اللغة العربية وبين مستخدميها" ليس منطقيا أن تكون هناك قطيعة بيني وبين لغة أستخدمها!!!!!

    وقولك "يجب علينا تفكيك هذا الارتباط، أو بمعنى آخر، يجب علينا حلّ اللغة من قداستها لنفهم ما إذا كانت اللغة بعد ذلك قادرة على الاستمرار أم لا"
    من قبيل اللجاج. تلك تجربة غير ممكنة عمليا، هل سنطلب من ملايين يستعملون اللغة العربية يوميا أن يقرأو إنجيلهم أو قرآنهم بغيرها؟؟؟ علي أي حال قل كيف يمكن حل اللغة من قداستها، فأنا أريد أن أعرف؟؟؟ وطالما أن القران يكتب باللغة العربية ويقراها حتي صبية الخلاوي فتلك إذن حجة متهافته.
    أما إذا حدث ذلك اليوم الذي يعجز فيه المسلمون الناطقون باللغة العربية عن قراءة القرأن بلغته المكتوب بها اليوم ويضطرون لذلك لكتابته بلغاتهم العامية، يومها إذن يمكن نقول أن اللغة العربية قد فنيت.

    ولكن بالنسبة لك فإن اللغة العربية قد فنيت فعلا وينقصنا فقط الإعتراف بذلك، وذلك ما عجزت عن إثباته هنا. وسأستغرب أن أستطعت أن تفعل ذلك بإستخدامك نفس المنهج المستخدم هنا.

    وقولك "ولذا فإن التحدّث والكتابة باللغة الفصحى هما ضرب من الفزلكة، أو النفاق اللغوي؛ إذ أنه من غير المعقول أن أكتب بلغة قواعدية معيّنة، في حين أنني لا أستخدم هذه اللغة في معاملاتي الإنسانية الأخرى، وإن لم تكن اللغة مكتسبة لطابع الحيوية التعبيرية بما يكفي لاستخدامها في الإطار الزماني والمكاني المحددين، فإن ذلك يُوحي إلينا بأن ثمة خللاً ما: إما فيها أو في مستخدميها" يحمل جزءا من الحقيقة وليس كلها. في زمان محد ومكان محدد يكون إستخدام اللغة الفصحي ضرب من (الفلهمة) ولكن ربما كانت ضرورة لتوصيل مفاهيم لقطاع أوسع ولا يمكن ذلك إلا بإستخدام الفصحي بإعتبارها قاسما مشتركا بين عدد مختلف من الثقافات والمجتمعات. فها نحن نكتب هنا بلغة فصحي دون أن يكون ذلك فلهمة ونفاق. ففي كل المجتمعات هناك لغة للشارع وهناك لغة للكتب دون أن يكون في الأمر إنفصام أو خلل في الإمكانيات التعبيرية لأي لغة.
    ها انت تعيد معارك لويس عوض وآخرين تلك التي خاضوها في ستينات وسبعينات القرن العشرين

    (عدل بواسطة Nasr on 05-08-2009, 09:03 PM)

                  

05-08-2009, 08:12 PM

كمال علي الزين
<aكمال علي الزين
تاريخ التسجيل: 11-14-2006
مجموع المشاركات: 13386

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: Nasr)

    (*)

    سلامات ياهشام ..

    الأديب اللبناني الضخم د. سعيد عقل ..
    قاد ثورة (شجاعة) إختلفنا أو أتفقنا حول مرماه
    للتبشير بعلو كعب (اللغة المحكية) أو (العامية) ..
    وقد أستند على أن اللغة الحية هي اللغة (المحكية) والعربية بشكلها الفصيح
    هي لغة مؤسسات التعليم والثقافة والإعلام , ولكنها ليست اللغة الحية المتداولة
    بين الناس ..
    وقد لاقت دعوته تلك صدى واسعاً في الأوساط الثقافية اللبنانية
    ربما لمكانته المرموقة في الأوساط الثقافية ..
    وقد تلقفت دعوته تلك مجموعة من المؤسسات الإعلامية
    خاصة بعد أن قام هو بإعادة كتابة دوايينه الشعرية التي كتب باللغة الفصيحة
    وأجاد ..
    قام بإعادة كتابتها بالعامية اللبنانية دفعاً بدعوته تلك ..

    سأعود ..
    فالأمر يستحق العناء ..

    محبتي ..

    (عدل بواسطة كمال علي الزين on 05-08-2009, 08:15 PM)

                  

05-08-2009, 08:55 PM

Albino Akoon Ibrahim Akoon
<aAlbino Akoon Ibrahim Akoon
تاريخ التسجيل: 08-27-2005
مجموع المشاركات: 1762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: كمال علي الزين)

    brother hisham
    I apreciate and value your artical here
    You are right in e erything you said
    But still some will try to prove you wrong
    And that's because of Arabic language itself
    It's flixable and easy to twist.
    You can say the worst and justify yourself
    By meaning another meaning who I think is
    A part of the devolepment of this language
    Because it might have one meaning at its old
    Time but know we can trnsilate 2 day to many
    And that's why you see Arabic as a language of fantisy
    And artificial.
    Why might disagree on what I wrote
    But still I admire your writting because u always writting 4m your heart
    And mind and that's why everybody loves u
    Thanks
    Akoon 
                  

05-09-2009, 05:43 AM

Baha Elhadi
<aBaha Elhadi
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 879

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: Albino Akoon Ibrahim Akoon)

    الأخ هشام : لك ودي :
    كما قال لك كمال أنت لم تفعل شيء كثير غير أنك رددت حديث لويس عوض وغيره في أواسط القرن المنصرم
    فقط زدت عليه بمسألة الانقراض
    يا صديقي :
    مسألة انقراض اللغات ليست بهذه السهولة عبر فك ارتباط لغة بنصوص دينية!!!
    كل لغات العالم وحتى العربية في بدء نشوئها كانت لهجات متفرقة جمعت في لغة قريش ذات السيادة الاقتصادية والدينية
    اذن كما قالت عزاز الاقتصاد من عوامل قوة أو ضعف اللغات وليس هو العامل الأوحد
    كل اللغات فيها مستويات متعددة وتنوعات خطابية من فصيح الى دارجي عامي
    وهذا لا يضير العربية بالعكس هو عنصر نماء لها
    فاذا نظرت للعربية المستخدمة الآن في مختلف أنحاء وأفياء العالم العربي هي ذات الأصوات والمخارج
    والدلالات والمعاني والبلاغة التي اختصرت في أوسع اللغات انتشارا (الانجليزية) في المجاز وحسب
    فاللغة التي اتعاطاها الان انا وانت هي ذات الكلمات التي استخدمت قبل قرون
    وأظنك تدرك مسألة الاشتقاق جيدا وهو عنصر اثراء وغناء للغة العربية
    خذ نظام التقليب في اي فعل ثلاثي تجده يعطيك ست كلمات مثلا:
    ضرب:
    ض ر ب
    ر ب ض
    ب ض ر
    ض ب ر
    ب ر ض
    ر ض ب
    وهذه التنويعات فيها ماهو مستخدم ويشار اليه في المعاجم وأمهات الكتب ب س يعني مستعمل
    وفيها ما هو كامن وممكن وجائز استخدامه يوما ما ليواكب معنى أو مبتدع جديدPotential
    فاللغة العربية تختلف وتتفرد عن سائر اللغات بكون أن ألفاظها لا تموت بل تتجدد
    على العكس مثلا من الانجليزية فكثير منها أصبح موات وغير مستعمل ولم نسمع بمن يقول ان الانجليزية في سبيلها للفناء والزوال
    فاللغة كائن حي متجدد ويرفد الحياة بتنويعات جديدة
    والصراع أزلي وهو عامل اثراء بين الفصحى والعاميات
    وحتى عاميات العربية هي متجذرة في الفصحى ومشتقة عناه والصلة قائمة بينمها في اللفظ وأصواته وفي المعنى الكامن في اللفظ
    مهما كان موغلا في العامية فعنده اصلل في الفصحى

    Quote: فإن ارتباط اللغة العربية بالقرآن –في اعتقادي- ساهم كثيراً في تكبيلها بسلاسل القداسة، ما جعلها غير قادرة على التطوّر وبالتالي مواكبة تغيّرات العصر والتاريخ الذي هو أساس اللغة الحيوية،


    بقولك هذا ودعوتك لفك ارتباط العربية عن القراءن فيه تناقض واضح
    فحين نفك ارتباطها به يصبح نصا تاريخيا كما هو عند نصر حامد أبو زيد في تشريحه للنص القراءني
    كنص منجز تاريخيا ومادام نص تاريخي فالحياة والخلود من نصيبه بعيدا عن القداسة
    وارتباط العربية بالنص القراءني ثراء لها بعيد عن التابوهات
    وإلا فانظر للعبرية بنت عم العربية وكيف أحياها اليهود بعد موات
    لارتباط التوارة بها !!
    فهل التوارة كان عنصر احياء أم موات؟
    ناهيك عن عدد المتحدثين وثقافة اللغة وتفاعلها
    وانظر ايضا للقواميس الأمهات مثلا في الانجليزية تجد ظاهرة الاقتراض من العربية للأنجليزية اوسع من العكس
    أما الحديث عن قصور العربية عن التعبير عن مستحدثات العصر
    هذا ليس لعيب فيها
    ولكن ببساطة متناهية يرجع لكون هذه المستحدثات ليست انتاج عربي
    فالذي يخترع شيئا يختار له اسما
    ويأخذه عنه غيره
    فهل الآن مثلا الفرنسية غنية بالألفاظ العلمية كما هو حال الانجليزية المشبعة بها رغم أن أصلهما لاتيني واحد؟
    عموما هي دعوة قديمة ونفيت ودحضت
    ولي عودة
    بهاء/طوكيو

    (عدل بواسطة Baha Elhadi on 05-09-2009, 05:46 AM)

                  

05-09-2009, 07:45 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: Baha Elhadi)

    الأخ : حموّر زيادة
    تحية وتقدير

    كتابة المقال بالعربية هو في حدّ ذاته إشارة إلى المشكلة التي يتناولها المقال، وهذا ما أريد مناقشته في المقام الأول؛ ولذا تجد جملة كهذه تشرح ببساطة جذور المشكلة أو فروعها: "اللغة العربية فنيت تماماً، وظلّت -بسبب هذا الارتباط القداسي، أو المقدس- قابعة في كتب النحو، وأرشيف المتاحف اللغوية محصورة في استخدامها على فزلكات لا تعبّر إلا عن هذه القطيعة: سواء في كتابتنا أو محادثاتنا النخبوية التي لا تُعبّر عن واقعنا الحياتي".

    لك تحياتي
                  

05-09-2009, 08:01 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: هشام آدم)

    الأخ : العوض
    تحية طيبة

    هنالك فارق بين "الفزلكة" و "الفذلكة" فالكلمة الأولى تعبير عامّي غير مرتبط بالعربية يُقصد به التقعير والتنطّع أو "الفلهمة" بينما "الفذلكة" فلها استخدامات فنية في المقام الأول متعلّقة باستخدام "ذلك" أو غيرها للإشارة إلى الأعداد في بعض لغات العربية كما في القرآن (تلك عشرة كاملة) فهذه فذلكة من غير استعمال "ذلك" وفي قول الأعشى:
    ثلاثٌ بالغداة فهُـنَّ حَسبـي *** وستُّ حين يدْركني العِشـاء
    فذلك تسعة في اليوم رَيِّـي *** وشُرْب المرء فوق الرَّيِّ داء

    والفذلكة عادة عربية تستخدم لإتمام العدد مع الإشارة إلى الاستيفاء، وهذا الكلام (أيّ متن المقال) رغم أنه ينطبق على لغات أخرى غير العربية، إلا أن ما يهمني منه متعلّقة بالعربية على وجه الخصوص، ومناط هذه الخصوصية نابع في حقيقته من خصوصية اللغة نفسها على اعتبار ارتباطها بالمقدس، وهو –في اعتقادي- سبب رفض المستخدمين لها لكل نقد قد يُوجّه تجاهها لكون ذلك مساساً (بطريقة ما) بالقرآن وبالتالي بالدين كله!
                  

05-09-2009, 08:12 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: هشام آدم)

    عزاز شامي
    تحية طيبة

    لا خلاف على الإطلاق حول تعليلات سيادة اللغة وارتباط ذلك بالقوة سواء العسكرية أو الاقتصادية، وإذا كانت اللغة الإنجليزية قد انتشرت واكتسبت عالميتها من نزعتها الإمبريالية، فكذلك اللغة العربية على مدار قرون طويلة كانت لغة سائدة تستمد سلطتها من كينونتها الإمبريالية بنفس الاشتراطات الحالية الآن، رغم أنها لم تكن في يوم من الأيام (أي اللغة العربية) لغة إنتاج حضاري، فمعظم المنجزات العلمية والحضارية في عصور سيادة اللغة العربية كانت في حقيقتها منجزات فارسية ورومانية وهندية وأفريقية، ولكن السيادة العسكرية والثقافية للغة العربية على تلك المناطق هو ما جعل هذه المنتجات الحضارية والعلمية تكتسب صبغتها العربية. أعني بذلك كل المنجزات التي توفرت لها شروط التعريب بطريقة ما. وعلى المستوى التطبيقي (لا النظري) فإن الإنجازات الحضارية العربية تنحصر –حسب اعتقادي- في تطوير قوانين وقواعد اللغة نفسها على اعتبار أنها واحدة من أهم المنجزات الحضارية والثقافية للغة في إطارها الجغرافي الواحد.

    بهذا فأنا أفرّق بين اللغة من حيث أنها وليدة ثقافة وبيئة جغرافية، وبين ذات اللغة مختلطة بثقافات وبيئات جغرافية أخرى. فهل يُمكننا أن نقارن اللغة العربية المستخدمة في الجزيرة العربية بنفس اللغة العربية المستخدمة في بلاد الفرس؟ هنالك مستويات للغة ليس فقط من حيث هي لغات قواعدية ولغات محلية أو لهجات، ولكن في إطار اللغة السلطوية نفسها هنالك مستويات يُحددها التفاعل الحضاري، وتأثير البيئات الثقافية الأخرى عليها.

    ولاشك أن اللغة العربية كغيرها من اللغات استفادت كثيراً من هذا التفاعل سواء في أشكالها التجارية السابقة على الإسلام، أو حتى في شكل التفاعل الذي حدث مع بداية التوّسع والانتشار الذي طرأ على اللغة في أزمنة الاستعمار (أو الفتوحات الإسلامية)، ولم تستفد فقط من الثقافات الفارسية فقط، بل استفادت كذلك من الحضارات القديمة إما بحكم اصطدامها معها أو بحكم محاذاتها لها داخل الجزيرة العربية.

    وربما يُفيد في هذا الصدد مراجعة تاريخ اللغة العربية ومحاولات النبش في بداياتها وتكوّنها منذ الروايات التي ترجع اللغة إلى "يعرب" وتسمية اللغة باسمه، وحتى القول بنسيئة إسماعيل للغة أبيه وانبثاق العربية على لسانه أو حتى كونها كانت لغة آدم في الجنة. ومن المعلوم بالضرورة أن اللغة العربية ليست لغة واحدة على الإطلاق، فكثير من النحويين واللغويين المتقدمين يُفرّقون بين لغة شمال الجزيرة وجنوبها؛ ولذا نجد أن أحدهم يقول (وأظنه أبو عمرو بن العلاء): "ما لسان حمير بلساننا، ولا عربيتهم بعربيتنا." وهذه المفصلة وحدها تحتاج إلى نقاش موسّع.

    دعينا الآن نتكلّم حول النقطة الخلافية بيني وبينك وهو (حيوية اللغة)، فأنا أرى أن "وجود" اللغة لا يعني حياتها، وهذا ما وضحتُه بشكل قاطع في المقال أعلاه، بينما ترين أن مجرّد كتابة اللغة وقولبتها في قوانين أو قواعد، مع استخدامها بين قطاعات من الأفراد يعني بالضرورة حيويتها؛ وهذا في الحقيقة غير صحيح على الإطلاق، وإليكِ أسبابي وحجتي على ذلك.

    أولاً : تاريخ قواعد اللغة لاحق على وجود اللغة نفسه، فأول عملية منهجية لصياغة قواعد اللغة كانت على يد سيبويه، ومن المفارقات الغريبة أن أول من وضع قواعد للغة العربية بشكل منهجي يُعتد به ويُرجع إليه شخص غير عربي، إذ أن سيبويه من أصول فارسية في الأصل، وهذا أمر آخر.

    ثانياً : الكتابة بحروف لغة ما لا يعني كينونة اللغة نفسها، بدليل أن هنالك لغات كثيرة غير عربية تستخدم الحروف العربية مثل اللغة الفارسية والكردية والبهاسية والتترية والسندية وغيرها العديد من اللغات غير العربية التي تستخدم الحروف العربية، هذا من ناحية؛ ومن ناحية أخرى فإن هنالك لغات عديدة غير مكتوبة ولكنها تُعتبر لغات حيّة بالمقابل.

    ثالثاً: إن ارتباط اللغة بالدين وربط بقاء اللغة ببقاء الدين هو النقطة الرئيسة التي أحاول مناقشتها في هذا المقال، وأزعم أن سرّ تفاني البعض في الدفاع عن اللغة هو نابع في أساسه من هذا الارتباط المقدّس. والحقيقة أن هذا الارتباط هو ما يجعلنا نتساءل عن ترفض الاندثار رغم موتها إكلينيكياً. وكذلك يجعلنا نتساءل عن إمكانية إحلال هذه اللغة في العديد من اللغات أو الثقافات ذات الأصول غير العربية. إن ديانة كالمسيحية "مثلاً" تستخدم أكثر من لغة (من بينها العربية) في تأدية شعائرها، رغم فناء اللغة الآرامية.

    رابعاً: حيوية اللغة غير مرتبطة باستخدامها، فهنالك العديد من اللغات المستخدمة وعلى نطاق بيئية وجغرافي واسع، ورغم ذلك فهي غير معدودة ضمن اللغات الحيّة، ودونك الأمثلة على بعض اللغات الأفريقية ولغات بعض القبائل في شمال الصين والتبت، علماً بأن بعض هذه اللغات مكتوبة.
                  

05-09-2009, 05:30 PM

عزاز شامي

تاريخ التسجيل: 01-08-2005
مجموع المشاركات: 5933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: هشام آدم)

    هشام
    شكرا للرد و لي عودة بعد قراءة المشاركات كي لا أعيد ما يتفضل به الاخوة
    و في ذات الوقت استفيد منهم فيما جهلت ...
                  

05-09-2009, 08:21 AM

Emad Abdulla
<aEmad Abdulla
تاريخ التسجيل: 09-18-2005
مجموع المشاركات: 6751

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: هشام آدم)

    Quote: وجود اللغة لا يعني حيويتها على الإطلاق؛ فاللغة يجب أن تُعبّر الوقائع الحياتية وإلا فهي ميتة
    Quote: ليست هنالك لغة على ظهر هذا الكوكب تستحق الخلود
    Quote: الخلود في بعض جوانبه يعني الجمود ويُناقض سُنّة الحياة القائمة على التغيّر والتطوّر.
                  

05-09-2009, 09:20 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22758

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: Emad Abdulla)

    إبن عمي هشام

    سلام كبير

    Quote: الكلام عن اللغة هو كلام عن الثقافة الشعبية لحقبة تاريخية محددة، وتأتي اللغة لتعبّر عن هذه الحقبة التاريخية بشكل ثقافي ولفظي سواء كان ذلك بطريقة منطوقة أو مكتوبة. وإلى هذا الحد، نجد أن هنالك نوعان من اللغة العربية المستخدمة حالياً هما: لغة القواعد، ولغة الخطابة أو اللغة اليومية. هذا التفريق هو في الحقيقة تفريق أكاديمي صرف، إذ أن هذين النوعين في حقيقتهما يُعبران عن قطيعة بين اللغة وبين مستخدميها. حيث أن اللغة المهجورة هي اللغة الفصحى، واللغة المستعلية هي لغة الخطابة أو اللغة اليومية.


    و هذا يحدث في معظم اللغات الرئيسة في العالم .. أنظلر للكلمات التي دخلت قاموس اللغة الإنجليزية و خاصة في أمريكا ( نطقا و كتابة )
    حتى في بلد اللغة الأم نجد أن الإيرلنديين يتحدثون الإنجليزية بلكنة لا يمكن فهما ( يطلقون عليها كوكنِك )
    نالت اللهجة الأيرلندية شهرة عالمية وذلك لإيقاعها الرومانسي والموسيقي ، إلا أنك لن تدرك اختلاف اللهجة في أنحاء البلاد قبل أن تصل إلى أيرلندا. بداية ، في جمهورية ايرلندا، باستثناء مقاطعتي "موناجان" و " دونجال" يتحدث الناس لغة ( هيبيرنو الانجليزية) في حين تأخذ اللغة في مقاطعة اولستر شكلا من اللغة الانجليزية تسمى لغة (اولستر الانجليزية الوسيطة). ولكن المفتاح الأساسي هي سرعة نطق الحروف حيث لا بد أن تستمع بحرص.

    Quote: في حقبة ما سابقة كانت اللغة الفصحى هي لغة قواعدية ولغة خطابة ولغة كتابة، دون أن يُمكننا الفصل بينهما، ولكن هل يُمكن أن ينطبق ذلك على اللغة المستخدمة اليوم؟ إذا قلنا (لا)، وهذا هو الواضح، فإن هنالك قطعية حاصلة بين اللغة العربية وبين مستخدميها، ويبقى السؤال عن مسببات هذه القطيعة غير مهم على أية حال، لأنه لا يُفضي إلى نتيجة مقنعة، وبالتالي فإنه لا يُساعد على حل المشكلة، هذا إذا اعتبرنا أن هذه القطيعة هي مشكلة في حدّ ذاتها.


    في إعتقادي ليس هناك قطيعة بالمعنى المفهوم ، و لكن يمكن أن يكون هناك نوع من الجفوة التي سرعان ما تنفتح لها طاقات من مبدعين شعرا و نثرا.

    Quote: إن ظاهرة طغيان اللهجات المحكية أو العامية على اللغة الفصحى في التداول الشعبي اليومي، هو في الحقيقة حتمية تاريخية حدثت بسبب خلل ما في اللغة نفسها من ناحية،



    أختلف معك هنا تماما ...لأن اللغة الفصحى ثابتة لمن يريد أن يتفيأ ظلالها أو يحتكم إلى تبيانها .. بل إن القرآن الكريم يقف سندا قويا و حائطا منيعا للغة.

    Quote: وفي مستخدميها من ناحية أخرى. فمستخدمو اللغة واقعون تحت تأثير أزمة اللغة، وواقعون تحت تأثير حداثة التاريخ وحركته من ناحية أخرى. تصبح اللغة في ظل هذه القطيعة منفصلة عن حركة التاريخ، لأن الفصحى ظلت بعيدة عن هذه الحركة؛ بينما اللغة بمفهومها التاريخي الحيوي تمثل في اللهجات المحكية.



    الجزء دة غير واضح يا هشام.
    هل تقصد أن التوثيق لحركات التاريخ مقصرة ؟ أم أنها معدومة ؟ أم غير مواكبة؟ في كل الأحوال لو الفصحى ظلت بعيدة عن هذه الحركة فالعيب ليس في اللغة ، إنما في مستخدميها.

    هنا تقول :
    Quote: كذلك يُمكننا القول بأن قداسة اللغة العربية هي ما منعتها من الذوبان والاضمحلال؛


    ثم :


    Quote: هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن ارتباط اللغة العربية بالقرآن –في اعتقادي- ساهم كثيراً في تكبيلها بسلاسل القداسة، ما جعلها غير قادرة على التطوّر وبالتالي مواكبة تغيّرات العصر والتاريخ الذي هو أساس اللغة الحيوية،


    لا يمكن لأي لغة أن تتطور ، بل يتطور مستخدموها. فاللغة أداة
    أنظر موقف اللغة الإنجليزية من مواكبة تغيرات العصر و التاريخ ( مجرد إصطلاحات و رموز جديدة نابعة من التقنيات الحديثة .. و لكن اللغة هي اللغة. )


    Quote: وهذه نقطة بالغة الأهمية لأنها تطرح تساؤلاً مفاده: هل يُمكن أن نعتبر اللهجات العامية جزءاً من اللغة العربية أم لا؟ الإجابة على هذا السؤال ليس ببساطة استخدام اللهجات المحكية أو العامية على الإطلاق، لأن اللغة تتضمن مقاطع وتعبيرات تجعلها متميزة عن غيرها من بقية اللغات، وبالتالي تجعلها صالحة لأن تكون لغة في حدّ ذاتها، وهذا ما نجده في اللهجات المحكية مثلاً.



    اللهجات العامية هو إجتهاد إقتضتْه المعايشة و المجاورة ، و أظنه إجتهاد ألْمعي ( أرجع بذاكرتك إلى العرب الذين يعيشون في قرى السكوت و المحس .. يتحدثون بلهجة مخلوطة ما بين النوبية و العربية ، إستحدثوا لهجة تجعلون يعيشون التوازن )

    Quote: إن اشتقاق أو نحت بعض المصطلحات أو التعبيرات الثقافية الموجود في كل لهجة محكية على حدا باللغة الفصحى لا يعني بالضرورة ارتباطها بها، لأنه –وفي المقابل- نجد بعض الاشتقاقات أو النحوت القائمة بين لغتين مختلفتين. وعلى هذا فإن المعنى الثقافي لكل من (زول) و (زلمة) و (جدع) مثلاً لا تعبران عن المحتوى الثقافي اللغوي للغة العربية رغم أنها قد تكون مشتقة عنها، ولكنها غير مرتبطة بها بالضرورة؛ إذ أنها مرتبطة بالمحتوي الثقافي والبيئية لمستخدمي هذه اللهجات.


    ما تحته خط يدعم و بقوة مقولة أنها تعبر عن المحتوى الثقافي اللغوي للغة العربية ... فالإشتقاق يقودك مباشرة للأصل كما في ( زلمة ) و ( جدع ) و هلم إشتقاق.



    Quote: ولذا فإن التحدّث والكتابة باللغة الفصحى هما ضرب من الفزلكة، أو النفاق اللغوي؛ إذ أنه من غير المعقول أن أكتب بلغة قواعدية معيّنة، في حين أنني لا أستخدم هذه اللغة في معاملاتي الإنسانية الأخرى، وإن لم تكن اللغة مكتسبة لطابع الحيوية التعبيرية بما يكفي لاستخدامها في الإطار الزماني والمكاني المحددين، فإن ذلك يُوحي إلينا بأن ثمة خللاً ما: إما فيها أو في مستخدميها.


    معنى ذلك يا هشام أن نعمم اللغة العربية الفصحى إجباريا على كل من يدب في البلد حتى يتحدث بها الراعي و المزارع و الحطاب و المراكبي و ست الشاي.
    أنا أعتقد كما قلت إن العامية إجتهاد ذكي للإنفلات من اللغة الفصحى.
    اللغة ملاذ آمن لمن يريد أن يقرأ القرآن ، أو متون أمهات الكتب في الحديث و الفقه و الشعر قديمه و حديثه
    و العامية واحة ينجم تحتها الخلق هربا من منحنيات اللغة
    و كما ترى هنا حتى في هذا المنبر ، تجد بعض من يكتب يقع في محاذير لغوية و إملائية و نحوية ، فكيف نطلب من من أتى ذكرهم أعلاه إستعمال الفصحى حتى في معاملاتهم الإنسانية؟
    ثم ألا ترى أن هناك مئات المصطلحات لا تزال تحت اللغات الأجنبية الأخرى ؟

    Quote: إن عدم اعترافنا بفناء اللغة العربية نابع في الحقيقة من ارتباط هذه اللغة بشيء مقدس وهو القرآن،


    أنت الآن تكتب كل خلجاتك باللغة العربية ...
    هل كل العرب مسلمين ؟ هناك مبدعين مسيحيين لم نسمع أنهم إعترفوا بفناء اللغة العربيةأو جمودها.

    Quote: ولكي نفهم أبعاد هذه المعضلة اللغوي يجب علينا تفكيك هذا الارتباط، أو بمعنى آخر، يجب علينا حلّ اللغة من قداستها لنفهم ما إذا كانت اللغة بعد ذلك قادرة على الاستمرار أم لا. أقول ذلك وأنا أعلم تمام العلم مدى خطورة هذا القول، ولكن علينا أن نسأل أنفسنا، من خدم الآخر الخطاب القرآني أم اللغة العربية؟ فمن المعلوم أن اللغة أقدم تاريخياً من الخطاب القرآني، وظلّت مكتسبة لهذا الرونق وهذا التميّز حتى قبل القرآن، ونزول القرآن باللغة العربية لا يُعد من قبيل تشريف أيّهما على الآخر على الإطلاق.


    الجزء دة عاوز شرح أكتر يا هشام
    كيف يمكن التفريق بين الإثنين ؟

    لماذا أنزل الله القرآن بالعربية ؟ لو أجبت على هذا السؤال إذن سينتفي قولك بأن العربية لم تتشرف بالقرآن ،

    ( من الواضح أن نزول القرآن ـ كغيره من الكتب السماوية ـ كان لا بُدَّ أن يكون بلغة من اللغات الحية التي يتكلم بها الناس عصر نزول القرآن ، و اللغة العربية كانت إحدى أهم تلك اللغات .
    و من الواضح أيضاً أنه على أي لغة أخرى ـ غير العربية ـ كان يقع الاختيار فإن هذه الشبهة كان يمكن طرحها ، و حينها كان يقال : لماذا نزل القرآن بهذه اللغة ، قال الله عَزَّ و جَلَّ : &#64831; وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ &#64830; [1] .
    هذا من جهة ، و من جهة أخرى ، فإن أي كتاب سماوي ينبغي أن ينزل بلغة الرسول الذي ينزل عليه ذلك الكتاب ، ليتمكن من التعامل معه بصورة طبيعية ، و من هذا المنطلق كان من الطبيعي إختيار اللغة العربية دون غيرها من اللغات ، حيث أنها اللغة التي كان يتحدث بها النبي محمد ( صلى الله عليه و آله ) ، كما و أن أي رسول لا بُدَّ و أن يتحدث بلسان القوم المرسَل إليهم ، أو المبعوث فيهم ، و لقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الأمر حيث قال : &#64831; وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ &#64830; [2] ، فكان من الطبيعي أن يتم نزول القرآن باللغة العربية التي هي لغة النبي محمد ( صلى الله عليه و آله ) ، و لغة قومه الذين يعيش معهم ، لكن إختيار لغة قوم الرسول لا يدل على إنحصار الدعوة في من يتكلم بتلك اللغة ، خاصة و أن الأدلة القاطعة تثبت خلاف ذلك .)



    Quote: هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن ارتباط اللغة العربية بالقرآن –في اعتقادي- ساهم كثيراً في تكبيلها بسلاسل القداسة، ما جعلها غير قادرة على التطوّر وبالتالي مواكبة تغيّرات العصر والتاريخ الذي هو أساس اللغة الحيوية، ولذا فإننا نجد أن إنسان "العصر" قد قاطع اللغة بشكل تلقائي غير متعمّد، لأن القداسة لا تفهم معنى التاريخ وحركته. وهذه القطيعة في الحقيقة كانت في مصلحة الإنسان على حساب اللغة، وهذا ما جعل اللغة تنقسم على نفسها بكل لون حسب الثقافة البيئة المحددة لها، وحسب حركة الإنسان المستخدم لهذه اللغة داخل هذا الإطار الثقافي الاجتماعي.



    Quote: اللغة العربية فنيت تماماً، وظلّت -بسبب هذا الارتباط القداسي، أو المقدس- قابعة في كتب النحو، وأرشيف المتاحف اللغوية محصورة في استخدامها على فزلكات لا تعبّر إلا عن هذه القطيعة: سواء في كتابتنا أو محادثاتنا النخبوية التي لا تُعبّر عن واقعنا الحياتي. وعندما أقول نخبوية فهذا يعني تمييزاً لا يُحسب للغة ولا لمستخدميها على الإطلاق، وإنما هو خصم على رصيدهما معاً.

    إن لغات بائدة مثل السنسكريتية والأكادية والمؤابية والآرامية هي لغات موجودة حتى الآن، ولكنها ليست حيّة، بمعنى أنها غير مستخدمة استخداماً يُمكن على ضوئه أن يُقال عنها أنها (لغة)، وهذا هو ما يحدث مع اللغة العربية؛ فوجود اللغة لا يعني حيويتها على الإطلاق؛ فاللغة يجب أن تُعبّر الوقائع الحياتية وإلا فهي ميتة، وما يحدث مع اللغة العربية الآن أنها ترقد بسلام في غرفة الإنعاش ونحاول أن نُكسبها الخلود الذي لا تستحقه. وليست هنالك لغة على ظهر هذا الكوكب تستحق الخلود، لأن الخلود في بعض جوانبه يعني الجمود ويُناقض سُنّة الحياة القائمة على التغيّر والتطوّر.


    ( إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون )
    و الذكر يا هشام مكتوب لغة عربية فصحى

    عذرا للإطالة و لكن موضوعك يغري بالإطالة
    كن بخير
                  

05-09-2009, 09:23 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: ابو جهينة)

    الأخ : نـصــــر
    تحية طيبة

    قبل أن أعقب على مداخلتك، أحب فقط أن أشكرك عليها جداً، فهي مداخلة ثرّة وغنية جداً، ولا أخفي عليك أنني استفدتُ كثيراً مما جاء فيها سواء من معلومات أو تفاصيل أغفلتُها عن جهل في مقالي. أعود لمداخلتك يا عزيزي، ودعنا هنا نتكلم عن كون اللهجات المحكية لغات. إن تفريقي بين نوعين من اللغة العربية المستخدمة الآن (لغة قواعدية/لغة خطابة) لم يكن من قبيل تصنيف اللغة الواحدة بقدر ما هو محاولة لفهم نسقين أو مستويين من "الكلام"، ودعني هنا أستخدم كلمة "كلام" احترازاً من معنى اللغة من حيث هي منظومة صوتية لها قواعدها الإعرابية والنحوية Grammar وعلى هذا فإن كينونة اللهجة لا يُمكن اعتبارها لغة قائمة بذاتها إذ أنها تفتقر في جانب ما منها إلى هذه المنظومة القواعدية، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن إجازتنا لذلك يعني بالضرورة القول بأن كلّ لهجة هي لغة قائمة بذاتها، وغير منفصلة عن اللغة الأم (العربية)، وهذا كلام، على المستوى التطبيقي غير مقبول إطلاقاً؛ إذ أن اشتراك هذه اللهجات في أصول صرفية في المقام الأول، وأصول الاشتقاق في المقام الثاني، وفي أصول التعابير النسقية هو اشتراك صوري لا أكثر ولا أقل، ولم أقف على جهود نحو توصيف هذه اللهجات إلى لغات، أو محاولات تأصيل هذه اللهجات إلا ما قام بها الهادي العلوي في كتابه (المعجم اللغوي الحديث)، والذي تناول فيه جذور واشتقاقات اللهجات المحكية وارتباطها باللغة العربية الفصحى.

    أما عن فناء اللغة، فقد حاولت قدر المستطاع أن أوضح أن بقاء اللغة في الكتابة أو أسلوب النفاق اللغوي المستخدم في الخطابات الثقافية الأدبية هو ضرب من محاولات ضخ الدماء في عروق جسد ميّت، وهو اللغة العربية؛ إذ أن حيوية اللغة تشترط ليس فقط استخدامها في الكتابة وإنما اكتسابها شروط المعاصرة والتكيّف وهما العنصران المفقودان في كثير من اللغات المستخدمة الآن، ليس فقط اللغة العربية.

    ولا تناقض حين أقول بفناء اللغة العربية، ومقاومتها للاندثار؛ إذ أنّ هذه المقاومة في حقيقتها لا تكتسب شرعيتها أو خصوصيتها من اللغة نفسها، ولكن من ارتباطها بالمقدس، وهذا ما حاولت إيصاله في المقال. إن ارتباط اللغة العربية بالدين هو ما جعل من الصعب علينا التصديق بفناء هذه اللغة، وعجزها عن القيام بمسئولياتها التاريخية، لأن هذا الارتباط نفسه، هو ما منعها من التطوّر، لأن اللغة في مرحلة من المراحل أصبحت تعادل المُقدّس. وعليه فإن اللغة العربية أصبحت –كما أراها- لغة متحفية قابعة في الكُتب وبعض المظاهر النخبوية التي أطلقت عليها لقب "النفاق اللغوي"، بينما عبر مستخدمو اللغة إلى ما هو أبعد من إطار هذه اللغة الميّتة ديناميكياً، فحدثت القطيعة، لأنك يا عزيزي (حالياً) لا تستخدم اللغة العربية بل تستخدم اللغة المستعلية عليها، وهي وإن كانت مشتقة منها إلا أنها غير مرتبطة بها؛ إذ لا تخضع لقوانينها، هذا إن كان لها قانون في الأصل.

    أما فيما يتعلق بتفكيك ارتباط الحاصل بين اللغة وبين الدين، فهو ليس باللجاج، وثمة ديانات منفصلة عن لغتها، وهذا ما دعاني في الحقيقة للسؤال عن قداسة اللغة العربية لارتباطها بالدين الإسلامي. ويدعوني الآن للسؤال عن إمكانية التعبّد في الإسلام بلغة غير العربية، أقول ذلك في ضوء نشاط حركة الترجمة لاسيما للنصوص الدينية (القرآن والحديث)، وضرورة إلزام غير العربية بتعلّم العربية كخطوة أولى لقبوله في الإسلام أو صحّة إسلامه، الأمر الذي يتنافى ومرونة الديانة، فالمسيحية مثلاً لا تشترط الارتباط باللغة، ولذا فإننا قد نجد في كل دولة وفي كل ثقافة من يتمكن من الدخول في المسيحية دون أن تكون اللغة حاجزاً في هذا التواصل الروحي.

    وحجة قراءة القرآن وفهمه هي في الحقيقة حجة ضعيفة جداً، وذلك أن القطيعة التي تحدثتُ عنها هي ما تجعلنا نقف كثيراً أمام بعض المقاصد الشرعية لارتباط هذا الأمر باللغة وليس بالشرع نفسه، ففهم الشرع والمقاصد الشرعية مدخلة الأساسي هو اللغة، فكثير من الآيات القرآنية يصعب فهمها إلا من خلال الفهم الجيّد والمتعمّق للغة العربية. وطالما أن اللغة الفصيحة غير مستخدمة وبالتالي غير مفعّلة فإن فهم هذه النصوص تُصبح حكراً على نخبة معيّنة وهي النخبة المتخصصة بعلوم اللغة والعلوم الدينية في المقام، ولذا فإننا نجد كليات الشريعة تهتم اهتماماً بالغاً بتدريس طلابها اللغة العربية. وعلى هذا فإن الأمر يا عزيزي ليس قائماً على مبدأ الإثبات والدحض، ولكنه داخل في إطار طرح القضايا ومناقشتها ليس إلاّ.
                  

05-09-2009, 09:45 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: هشام آدم)

    الأخ العزيز : كمال الزين
    تحية طيبة

    أشكرك يا عزيزي على الإضافة الجميلة والمهمة في الحقيقة، وأرجو إرفادنا بالمزيد من المعلومات حول مقالات الدكتور سعيد عقل أو كتاباته المتعلقة بهذا الموضوع، وإني لأوافقه تماماً فيما نحى إليه، فاللغة العربية الفصيحة لا يُمكن اعتبارها لغة حيّة على الإطلاق، لاسيما بعد استعلاء اللهجات المحكية عليها، وإنني لأقف موقف الرافض من اعتبار اللهجات المحكية لغات عربية.

    في انتظارك يا عزيزي
                  

05-09-2009, 10:33 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: هشام آدم)

    Dear Mr. Akoon
    Regards

    Thanks for your point of view regarding what I wrote hereinbefore. The absolute flexibility of the languages is a kind of myth as I see, that's every language has frame of use which the language moves into. I want to say; that the language (any language) might considered as a flexible, once it satisfies its users and their expressions and phrases. Every language has its own flexibility and frame which reflects ambitions of its users and their needs and culture

    The reason of why some people disagree with me (which is normal very healthy by the way) is they cannot isolate the language away from the religion. This connect, actually, was a historical essentiality (phasic) but not inevitability at all. This point leads as directly to the big question and its branches: Is there any holy language? How comes? Why? I do believe there's no holy language. The idea of sanctities itself bases on the propensity of apprehension (fear) just to keep the subject away from criticism and objections

    I don't want to talk about the morpheme and allomorph, and how do they compose the shape of the language, once they connect to the main body of the language, and then how can we assume sanctity on the procedural form of the language. This isn't my aim here, even if the topic leads us to this direction by force sometimes

    Thanks again for your reading and commenting on the post
                  

05-09-2009, 12:52 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: هشام آدم)

    الأخ : بهاء الهادي
    تحية طيبة

    متجاوزاً عن نزعة التبخيس ومحنتها أقول إنه لا علم لي بما كتب لويس عوض أو الدكتور سعد عقل، وإن لم يكن موضوع اللغة ومستويات الخطاب هاجساً حداثياً لم أرّق شخصاً متأخراً مثلي، الأمر الذي يجعلنا مجبرين على طرح الأمر مرة أخرى وإيفاءه حقه من النقاش. وقد لا أختلف معك –كما لم أختلف مع عزاز شامي- حول أهمية العوامل الاقتصادية والانتشار الجغرافي سواء عسكرياً أو ثقافياً في سيادة اللغة. وفي الحقيقة فأنا لم أتناول سيادة اللغة إلا في إطارها التاريخي القاضي بحتمية انقراضها كذلك، فحركة التاريخ المليئة بالصيرورات تُلزمنا أن نحترم هذه الصيرورات وهذه الحتميات كذلك. وقد قلتُ من قبل أن بقاء اللغة لا يعني حيويتها على الإطلاق.

    إن دعوة فك الارتباط القائم بين اللغة وبين المقدس؛ سواء كانت دعوة قديمة أو مستحدثة لا يصب في خانة اتهام أيّ منهما بالقصور والعجز؛ بل على العكس تماماً؛ إن تحرّر الخطاب اللغوي من الخطاب الديني وإلزامياته يجعل اللغة في مواجهة حقيقية ومباشرة مع متطلبات العصر الحديثة، وبالتالي تُعطيها الفرصة لتثبت أحقيتها في البقاء والمواكبة. وعلى هذا فإن منظومات واسعة من اللغات التي تضمن ديانات بعينها، لم ترتبط بها ورغم ذلك فإنها فنيت رغم أن هذه الديانات ظلّت؛ بل وإن بعضها ما يزال في توسع وانتشار.

    من الجيّد في مداخلتك أنك تحاول أن تفرّق بين اللغات وبين اللهجات على اعتبار أن اللهجات هي إحدى "مستويات" اللغة الواحدة، وأقول بأنه جيّد لأنه سوف يسمح لي بطرح السؤال التالي: "إذا كانت اللهجة المحددة مستوى متعدداً للغة محددة، فلماذا تختلف المستويات إذن؟" ما الذي يُحدد هذا الاختلاف؟ ولماذا لم تستطع هذه العوامل التي أثرت على هذه المستويات أن تؤثر في اللغة نفسها؟

    لقد حاولتُ جهدي في المقال أن أوضح بأن هذه اللهجات وإن تم اشتقاقها من اللغة الأم، إلا أنها تظل منفصلة عنها، وبالتالي فإنها تكون أقرب إلى أن تكون لغات جديدة من أن تكون مستويات للغة واحدة قائمة بذاتها. وإن كنّا سوف نحتج على استخدامنا لكلمات اللغة الأم؛ فإن اللغة نفسها اشتقت (عبر اختلاطها بمجموعة واسعة من الثقافات) العديد من التعابير والألفاظ ورغم ذلك فإنها ظلّت تحت مسمى "لغة" ولم تندرج تحت لغة أخرى.

    كذلك فإننا كمستخدمين للغة وواقعين تحت التأثير المباشر للتاريخ والحياة اليومية المتسارعة فإننا نوجد العديد من التعابير والألفاظ التي لا تمت للغة الأم بأية صلة، فهل كلمة مثل "أبضاي" أو "مخستك" أو "مدوحس" أو "معولق" لها صلة باللغة الأم؟ أم هي في الواقع نتاج ثقافات بعينها لم تستطع اللغة الأم التعبير عنها؟ بهذا أقدم نقدي لنظرية الاشتقاقات اللغوية التي تحدثت عنها، والتي يُمكن تطبيقها على اللغة الواحدة وليس على مستوياتها أو تفرّعاتها؛ بل وعلى مستوى آخر فإن عملية "التقليب" هذه لا تنتج لنا بالضرورة مفردات ذات مدلولات معلومة بالضرورة فماذا تعني "برض" مثلاً؟ أو "رضب" ؟ لا شيء! وذات الشيء إذا قلبنا الجذر (كَ تَ بَ) ونتج عن هذه العملية جذر جديد هو (بَكَتَ) أو حتى (تَبَكَ)

    اللغة الواحدة تملك مقومات بقائها وفنائها داخلها، وللغة حركتها الداخلية المنفصلة تماماً عن وسطها الخارجي، وبالتالي فهي تعمل على درس بعض الألفاظ وتنشيط ألفاظ أخرى، وقد تعلم أن هنالك مصطلحات أو ألفاظ تم درسها وأصبحت تُعرف معجمياً بغريب اللغة، وهي التي لم تعد مستخدمة في ذات اللغة، ولكن عملية اختفاء أو درس بعض الألفاظ لم يكن ليعمل على فناء هذه اللغة، إذن نستطيع القول بأن مستوى الاستخدام "اللفظي" لا يمكن الاعتماد عليه في بناء أحكام يقينية بفناء أو بقاء اللغة.

    وكما قلتُ سابقاً للأخ أكون، فإن افتراض تميّز لغة عن الأخرى هو افتراض خاطئ لدرجة كبيرة، إذ أن اللغة نفسها تكتسب مرونتها وخصوصيتها من درجة إشباعها للحاجات التعبيرية لدى مستخدميها، ولذا فإن قولك بأن اللغة العربية تمتاز عن الإنجليزية وتتفرّد عليها فهذا قول خاطئ، ليس لأن اللغة العربية ليست متميزة، ولكن لأن مقارنتها بلغات ذات بيئات ثقافية أخرى هو نوع من الظلم. فكما أن اللغة الإنجليزية اختفت منها العديد من الألفاظ فكذلك اللغة العربية هنالك الكثير من الألفاظ التي اختفت منها وأصبحت تعرف بغريب اللغة وإليك هذه الأمثلة المجلوبة من موقع آخر:
    - ج أ ب: الجَأْب: الغليظ من الحُمُر الوحشية, وجمعها جؤوب ؛ كهل جأب: أي غليظ ؛ والجوب: درع تلبسه المرأة.
    - ح أ ح أ: حأحأ الرجل بتيسه: دعاه ؛ حئ حئ: دعاء الحمار إلى الماء ؛ الحأحأة: زجر الكبش.
    - خ ب ب: الخبب ضرب من العدْوِ, وقيل مثل الرَّمَل ؛ وقيل: الخبب نقل الفرس أيامنه جميعا ثم أياسره جميعا ؛ والخبب: السرعة, يقال: خَبَتِ الدابة تخُبُّ خَبّاً وخَبِـيـبا, فاخْـتَـبَّـت.
    - د أ ث: دأث الرجل الطعام دأثا: أكله ؛ الدأث: الدنس ؛ الدأث الثِّقَل, وجمعه أدآث.
    - ذ أ ت: ذَأَتُه يذْأَته ذأتا: خنقه ؛ ذأته: أي خنقه أشد الخنق.
    - ر أ ب ل: الرِّئبال من أسماء الأسد والذئب, وجمعها الرأبيل.

    وهكذا نرى أن هنالك ألفاظاً وكلمات كثيرة في العربية قد اختلفت، وقد يعزو البعض كذلك حيوية اللغة إلى مرونتها وقدرتها على الاختزال والتصريف، وهذه غير متوفرة في كثير من ضروب العربية ومتوفرة في اللغات الأخرى كالإنكليزية والفرنسية، ولذا تجد أن ترجمة عشر صفحات من اللغة الإنجليزية إلى العربية قد تنتج عنها خمسة عشر صفحة. ويكفي أن اللغة الإنجليزية (مثلاً) لديها تصاريف لغوية تُساعدها كثيراً على الاختزال وذلك كاستخدامها لتصاريف (pre) كبادئة، أو (re) أو (able) متأخرة والعديد من الأمثلة الأخرى.

    والقول بحيوية اللغة لا ينفصل عن القول بحتمية التاريخ وصيروراته، ولو انطبق كلامك عن أن اللغة كائن "متجدد" بالضرورة، لما شهدنا لغات بائدة على الإطلاق، ولكن للأسف فإن هنالك لغات تموت وتفنى وهذه حقيقة لا يُمكن نكرانها.

    ولي عودة مرة أخرى لما تبقى من حديثك
                  

05-09-2009, 01:41 PM

Mohammed Elhaj
<aMohammed Elhaj
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 1670

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: هشام آدم)

    Quote: يا هشام
    هذا فصل من بحث قراءة في نقد العقل العربي من هنا قراءة في مشروع نقد العقل العربي للجابري (2)
    يعتبر محمد عابد الجابري أن العقل العربي يمكن تصنيفه إلى نظام معرفي لغوي بياني عربي الأصل بني على أساس اللغة العربية وهي لغة قاصرة لأنها لغة أعراب محدودة بعالمهم. نظام عرفاني غنوصي دخيل وافد من الإشراق الفارسي الذي يعود إلى قبل الإسلام ثم نظام معرفي برهاني يوناني الأصل جسدته الرشدية والخلدونية .
    يعتبر الجابري أن اللغة العربية لغة أعراب حسية لا تاريخية ولا يمكن أن تحدث سوى خطابا ذي طبيعة لغوية بيانية وليس ذي طبيعة فكرية ومنطقية ولكنه يعتبر أن الحضارة العربية الإسلامية (كانت قادرة على استيعاب أفكار الحضارات الأخرى) وبنفس اللغة. إن اللغة (التي جمعها الأعراب دون غيرهم محدودة بعالمهم لا زالت تنقل إلى أهلها عالما بدويا يعيشونه في أذهانهم بل في خيالهم ووجدانهم عالما ناقصاً فقيراً حسياً، طبيعياً لاتاريخياً). هل هناك لغة برهانية ولغة بيانية وهل اللغة ليست سوى العقل الذي نطق بها. كل لغة قادرة على الإنفتاح على دلالات جديدة. اللغة لا تسبق الفكر أو الفعل التاريخي فالكل ينصهر في حركة واحدة فإذا كان تحديد المفاهيم والمعاني شرطا من شروطها فإن إنفتاح الكلمات والمنطوقات على دلالات ومعاني جديدة لا يعرف الحدود. فاللغة لا تستوعب المعنى إذ هي المعنى ذاته وبها ينشأ. فهي ليست أداة ووسيلة للتواصل كما يقول البعض. هي أداة اجتماعية الفرد. (فاللغة بصفتها نسق أو نظام لا تختزل في حالتها السنكرونية ولا يمكن لها أن تختزل في دلالات محددة، جامدة، جاهزة ولكنها تحتوي دائما إضافة عاجلة ووشيكة وبارزة فهي منفتحة دائما وفي اللحظة ذاتها التي نطق بها على تحولات للمعاني، وبإيجاز فهي يمكن أن تنتج خطابا فريداً وغير مألوف متميزاً وجديداً وذلك باستعمال وسائل معروفة ومعهودة، إنها تسمح باستعمال غير معهود لشيء معهود) ثم إن ما يسمى باللغة (الأصلية والطبيعية) تؤسس في كل مرة اجتماعيا ولا يمكن أن توجد إلا بصفتها مؤسسة اجتماعيا إن مجرد وجود فكرة جديدة أو خطاب مخالف ومتميز يكفي ليبرهن لنا أن اللغة أساسا منفتحة وتحتوي في كنهها قابلية تغييرها من الداخل وتقدم جزئيا الوسائل لذلك وبصفة نشطة ولا تمت بشيء إلى الدلالات الجاهزة والمعهودة) ، إن تخلف اللغة وتحنط طرق بيانها وأساليب تعبيرها ما هو إلا مظهرا من مظاهر تحنيط الفكر الذي يقدس اللغة ويقيدها بقوانين لا تقبل التجاوز وبإصلاحات وقواعد بحيث ترسخ فيها التعقيدات وتبقى في الأخير لغة النخبة والقلة من الفقهاء والعارفين. لكن(أوسع اللغات وأجملها أبسطها وهي لغة الأفكار التي لا تربطها قاعدة ولا يحضرها قانون أما اللغة المحنطة والتي لا يقبل أصحابها أن تتغير فهي كبركة ماء لا منفذ للماء فيها. و الجابري يتعرض للغة العربية بهدف استخراج بنية البيانية ليربط هذه الأخيرة بمدى تقدم الفكر العربي أو تخلفه لدراسة (بنية العقل العربي). فهو يتعرض إلى اللغة العربية وإلى قواعدها النحوية والبلاغية لكي يبين لنا أن لغة الأعراب هي التي تحكمت في فكرهم.
    يتبنى الجابري نظرية "هردر" متمثلاً العلاقة بين اللغة و الفكر التي تعزو دوراً أساسياً لللغة في تشكيل نظرة الإنسان للكون، و تتعدى كونها أداة للفكر لتكون قالباً يتشكل فيه الفكر فالأمم تتكلم كما تفكر و تخزن في لغتها تجاربها لتصبح تراثاً للأجيال اللاحقة و تكتسي القيم طابعاً قيميا من خلالها الأمر الذي يتأكد من خلال الدراسات الحديثة التي تذهب لكون اللغة تحتوي تصوراً خاصاً بها للعالم. و قد ربط هردر بين خصائص اللغة وخصائص الأمة التي تتكلمها، ذاهباً إلي القول بان كل أمة تتكلم كما تفكر وتفكر كما تتكلم. اللغة إذن ليست أداة أو محتوي فحسب، بل هي بمعني من المعاني القالب الذي تفصل المعرفة على أساسه فـترسم الحدود وتخط المحيط لكل معرفة بشرية. و لعل الدين الإسلامي و اللغة العربية هما أهم مساهمات الحضارة الإسلامية فاللغة العربية جزء من ماهية القرآن المكون الأساسي للدين الإسلامي الذي هو (الكتاب العربي المبين) و الكثير من الخلافات الفقهية و الكلامية و المذهبية مردها لها- أي اللغة - لما تتميز به من تنوع و فائض في المعنى، وثمة إعتبار آخر يمكن أن يبرر إعطاء الأولوية للغة العربية في دراسة العقل العربي مكوناته وآلياته. إنه المعطي التكويني نفسه. ذلك أن الواقع التاريخي يؤكد بما لا مجال للطعن فيه أن أول عمل علمي منظم يمارسه العقل العربي هو جمع اللغة العربية ووضع قواعد لها. وفي حالة كهذه يكون من الطبيعي تماما أن يتخذ العمل العلمي الأول، الذي أنتج علم اللغة وعلم النحو، نموذجا للأعمال العلمية الأخرى التي قامت من بعده، وإذن فمن المنتظر، أن تكون المنهجية التي أتبعها اللغويون والنحاة الأوائل، وكذلك المفاهيم التي استعملوها، والآليات الذهنية التي اعتمدوها من المنتظر أن يكون ذلك كله أصلاً يعتمده مؤسسو العلوم الإسلامية، أو علي الأقل يشتقون منه طريقة عملهم. وهذا لا يفي بطبيعة الحال تبادل التأثير في مرحلة لاحقة فتصبح علوم الدين مثالاً و نموذجاً لعلوم اللغة.
    اللغة العربية ظلت في ظاهرة متميزة منذ تقعيدها في عصر التدوين فيما يمكن أن يتصل بالرغبة في حفظ لغة القرآن من الإنحراف نتيجة الإختلاط الواسع الذي عرفته الحواضر في العراق و الشام بين العرب و (الموالي)، أو بحاجة غير العرب لتعلم اللغة العربية للحفاظ على أماكنهم و نفوذهم، ظلت اللغة العربية كما هي دون أن تتغير أو تتطور ليعتبر أيا منهما دخيلاً على اللغة يجب تركه و إهماله، نتحدث هنا عن اللغة العربية الفصحى التي جُمعت مادتها خلاله - أي خلال عصر التدوين- من الأعراب الذين لم يختلطوا بالحضر بل و الذين لم يتعلموا القراءة و الكتابة، ليتبنى المجتمع ليساير التغير الذي يحدث (العامية أو الدارجة) التي تقتبس و تتماهى مع اللغات الأخري، ليعيش المثقف بين عالمين. فقد تمت عملية مسح شامل للغة العرب ثم تعامل الخليل بن أحمد مع الحروف العربية كمجموعة أصلية اشتق منها المجموعات الفرعية التي تشمل من عنصرين إلى خمسة عناصر ليستخلص الكلمات التي يمكن أن تتركب من الحروف العربية ليفحصها و يدون المستخدم منها و يستبعد غير المستخدم، في مجهود علمي و منطقي صارم جعل اللغة العربية لغة علمية مضبوطة لكنه في حده الثاني جعلها عاجزة عن قبول التطور و التغيير و التجدد بفعل القوالب الجامدة التي حجمتها و حصرت كلماتها و ضبطت تحولاتها و جعلتها لغة لاتاريخية في مقابل قواعد كان يمكن أن تكفل لها امكان التطور و التجدد، فاللغة العربية ربما كانت اللغة الحية الوحيدة في العالم التي ظلت هي في كلماتها ونحوها وتراكيبها منذ أربعة عشر قرناً علي الأقل، لندرك مدى ما يمكن أن يكون من تأثير لهذه اللغة علي العقل العربي ونظرته إلي الأشياء، تلك النظرة التي لابد أن تتأثر قليلاً أو كثيراً، بالنظرة التي تجرها معها اللغة العربية منذ تدوينها، أي منذ عصر التدوين ذاته. فقد جمع الخليل بن أحمد الفراهيدي و زملاءه اللغة من الأعراب مما جعلها تتحدد بطبيعة تفكيرهم الحسية (السمعية البصرية) الإبتدائية، فصبوا اللغة في قوالب منطقية تعكس هذه الصور الحسية الصوتية، و سار البلاغيون على نفس الخُطي حينما كرسوا مقاييس بدوية في النقد البلاغي جعلت النموذج (الجاهلي) الاعرابي متحكماً في اانتاج الشعري و الذوق الأدبي على امتداد العصور، في ما يشبه القانون الذي حكم و يحكم التطور الأدب و الفكر العربي منذ عصر التدوين إلى عصرنا هذا يفرض عالماً تقدمه اللغة العربية لأهلها ليس فيه عمقاً في التفكير و لا إمعاناً و فلسفة في التعبير وهذا شيء طبيعي ومفهوم، فعالم الأعرابي لا يحتمل عمقا في تفكير ولكن ما ليس طبيعياً، وما يجب آن يفهم، هو آن يظل الذهن العربي مشدودا، إلي اليوم، إلي ذلك العالم الحسي اللاتاريخي الذي شيده عصر التدوين إعتماداً علي أدني درجات الحضارة العربية عبر التاريخ، حضارة البدو الرحل التي اُتخذت كأصل ففرضت علي العقل العربي طريقة معينة في الحكم علي الأشياء، قوامها الحكم علي الجديد بما يراه القديم.
    إن الأبحاث البيانية كانت على رأس الأعمال العلمية الأولى التي إنتقلت بالثقافة العربية الإسلامية مع بدايات عصر التدوين من ثقافة المشافهة و الرواية إلى ثقافة الكتابة و الدراية و بالتالي من الثقافة العامية إلى الثقافة العالمة و تطورت هذه الأبحاث و اتسعت دائرة إهتمامها لتشمل الخطاب العربي ككل و انشغلت بعملية الضبط و التقعيد و التقنين نتيجة المجادلات المذهبية داخل دائرة البيان نتيجة دخول نظامين معرفيين للثقافة العربية هما العرفان و البرهان و زاد من تعميق الوعي بخصوصية البيان استمرار المجادلات بين البيانيين أو بينهم و البرهانيين، و قد انقسمت الأبحاث البيانية منذ قيامها إلى قسمين: قسم يهتم بقوانين تفسير الخطاب بدأ مع عصر التدوين و اهتم بظاهرة تعدد دلالات الكلمات و العبارات مثل كتاب (قاتل بن سليمان)، لاشباه و النظائر في القرآن الكريم) لكن كان تمام هذا الإتجاه مع (حمد بن إدريس الشافعي)الذي اهتم بالمضامين التشريعية في القرآن و كيفية استنباطها و استخلاصها و وضع الأساس لقوانين تفسير الخطاب البياني و حدد الأصول الأربعة (القرآن ثم السنة ثم الإجماع ثم القياس) و القسم الآخر يهتم بشروط إنتاج الخطاب.


    من
                  

05-09-2009, 01:52 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: هشام آدم)

    الأخ : بهاء الهادي
    تحية مجدداً

    أعود إلى حديثك عن خلود العربية حتى بعد فكّ ارتباطها بالمقدس، وتدليلك على إحياء اليهودي للعبرية واعتقادك أن ذلك ناجم عن ربط اللغة بالنص الديني "التوراة"، إن هذا المقطع من كلامك فيه مغالطات واضحة وكثيرة. ويُمكن فقط أن أُجمل هذه المغالطات بالقول أن اللغة العبرية لا يُمكن اعتبارها من اللغات الرئيسية وإن كانت لغة حيّة، وذلك لعدة أسباب، فاللغة العبرية ليست لغة عصرية بمعنى أنها ليست لغة مواثيق واتفاقيات كما أنها ليس لغة مفاوضات. ارتباط اللغة العبرية بالتوراة واكتساب القداسة منها له مغزى شديد الخصوصية بالنسبة لليهودية لأن اليهودية ديانة عنصرية عرقية في المقام الأول، وليست كالإسلام أو المسيحية إذ يُمكن لأي عرق وجنسية أن يدين بأي منهما. ومن هذا فإن اللغة أصبحت محصورة في إطار عرقي محدد، لأن الدين نفسه جاء في هذا الإطار. وعلى هذا فلا يُمكن القياس البتة. وإن كان قياساً بالضرورة فهو دليل موت اللغة وليس حياتها على الإطلاق. إن مثال التوراة واللغة العبرية (رغم الاختلاف الواسع بينها وبين ارتباط العربية بالقرآن) ساعد كثيراً على حصر هذه اللغة في إطار عرقي محدد، وبالتالي عمل على إضعاف اللغة من حيث تراكيبها اللغوية وتعبيراتها واشتقاقتها وتلك العناصر الحيوية للغة.

    والحديث عن قصور اللغة العربية عن التعبير عن مستحدثات العصر أعتبره من قبيل "كاد المريب أن يقول خذوني" فأنا لم أتحدث عن هذه النقطة على الإطلاق. أنا فقط تكلمت عن قصور اللغة عن استحداث صيغ تعبيرية تتناسب وديناميكية التاريخ نفسه وحركته. فإذا كانت اللغة العربية قديماً كانت تستخدم تعبيراً لفظياً مثل (شجّ) للتدليل على إصابة منطقة معينة في الجسم والتأثير عليه بآلة حادة، فإن هذا التعبير لم يعد مستخدماً، وفي نفس الوقت فإنه لم يُطوّر. فما هو البديل الدينامي العصري لشجّ الرأس اليوم؟ ويُمكن سحب هذا الأمر على العديد من الألفاظ الأخرى مثل: كلكل، ودمدم وغيرهما.

    أعود لأوجز المقال في هذه الأسطر القلائل:
    اللغة العربية الفصحى الآن شبه منقرضة، وتعدد اللهجات وإن كانت مشتقة منها إلا أنها تظل غير مرتبطة بها، بل ومستعلية عليها، وتظل اللغة العربية القواعدية لغة غير مفعّلة، ولولا ارتباط اللغة بالقرآن المقدس، لما كُتب لها البقاء، ورغم أنها بشكلها الحالي غير باقية إلا أنها تظل متكئة على عصا سليمان في انتظار قضمة الرحمة من أرضة الصيرورة التاريخية لتهوي بها إلى الفناء. وأقول إنه من المحتمل أن يعمل تفكيك ارتباط اللغة بالمقدس على إعادة إحياء اللغة العربية بطريقة ما مغايرة عمّا هي عليه الآن.
                  

05-09-2009, 02:19 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: هشام آدم)

    الأستاذ الفاضل: أبو جهينة
    تحية طيبة

    عن القطيعة والجفوة، فربما كان لكليهما معنى واحدة في إطار الاستعمال اليومي للغة، فنحن مثلاً بالتأكيد لن نستخدم هذا المستوى اللغوي من الخطاب، إن كنا نتناقش حول ذات الموضوع وجهاً لوجه. إن نزوع العامة إلى العامية، هو ببساطة تعبير عن عجز اللغة عن إشباع الاحتياجات التعبيرية لمستخدمي اللغة المحددة؛ ولذا تجد أن الكثيرين لا يُحسنون التعبير الدقيقة لوصف ما يُريدون قوله بالفصحى، ولذا فهم ينزعون دائماً إلى استخدام اللهجة المحكية "العامية"

    أما عن استخدام المبدعين للغة الفصحى شعراً ونثراً فهذا في الحقيقة (كما وضحّتُ في مقالي) إنما هو تعبير عن هذه القطيعة، رغم الحركات الشعرية التي تميل هي الأخرى إلى العامية في كثير من الأحيان. ولا يُمكننا الآن أن ننكر أن الشعر العامي قد تبوأ مكانة عالية في زمن كثرت فيه الشكوى من عجز الفصحى عن إشباع رغبتنا في التعبير وفي التلقي كذلك على حدٍ سواء؛ إذ فلا يُمكن أن نعتمد على هذه الناحية أو نعتبرها حلاً جذرياً لهذه القطيعة بل هو تمثيل عملي لها.

    وكلامك عن وقوف القرآن سنداً قوياً وحائطاً منيعاً للغة هو ما جعلني أتطرق لهذا الموضوع من الأساس. لغة القرآن ولغة الكتابة الإبداعية لا تُعبر أبداً عن الواقع العصري، واحتياجنا الدائم إلى العودة إلى المعاجم اللغوية وكتب التفاسير يوضح لنا مدى هذه الهوة والقطيعة الحاصلة بين اللغة العربية وبين مستخدميها؛ إذ كيف لرجل بسيط أن يفهم (يخرج من بين الصُلب والترائب) "مثلاً"، وكيف يُمكن أن تُقنعه بأن "الصلب" هو ظهر الرجل وليس مؤخرته؟ بل كيف تشرح له الترائب؟

    أما عن الجزء غير الواضح في كلامي والذي فسّرته بعجز توثيق حركات التاريخ وانعدامها، فإنني لم أقصد ذلك على الإطلاق، وإنما قصدت أن مستخدمي اللغة واقعون تحت تأثير أزمة اللغة (وهي جميع الإشكاليات المختصة باللغة وحيويتها وعلاقتها بالإنسان مستخدم اللغة وبالتالي علاقتها بالبيئة والثقافة الخاصة به) كما أنه واقع كذلك تحت تأثير حداثة التاريخ وحركته من ناحية أخرى (وهي الصيرورة والحتمية التاريخية التي تعني التغيّر المستمر والتطوّر) فالإنسان يصبح واقعاً بين مشكلتين مشكلة اللغة ومشكلة التاريخ وحركته؛ اللغة بكل معضلاتها النحوية والقواعدية والصرفية والدلالات والتعابير، والتاريخ وحركته والتغيّر والتطوّر والبيئة الثقافي والاقتصادية والتكنولوجية ... إلخ. إذ أن من واجب اللغة أن تستجيب لكل هذه المتغيّرات لا أن تقف متجمدة في مكانها لتترك الإنسان فريسة سهلة للذوبان واللاانتماء وهو ما يحدث الآن وبكثرة، ألا تلاحظ نزوع الكثيرين إلى اقتباس بعض الكلمات والمفردات من لغات أخرى (ليس من باب الفلهمة، ولكن من باب قدرة هذه المفردات على التعبير الدقيقة عن الحالة المقصودة) فنجد أن كلمات أجنبية كثيرة قد تمّ إدراجها في العربية وأصبحت (أو كادت) جزءاً منها مثل:
    Already
    Ok
    Once
    والعديد من الكلمات والمفردات الأخرى التي أصبحت جزءاً من لغتنا ولساننا الذي نتكلم به

    ولي عودة مرة أخرى
                  

05-09-2009, 02:28 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: هشام آدم)

    Quote: وهل اللغة ليست سوى العقل الذي نطق بها. كل لغة قادرة على الإنفتاح على دلالات جديدة. اللغة لا تسبق الفكر أو الفعل التاريخي فالكل ينصهر في حركة واحدة فإذا كان تحديد المفاهيم والمعاني شرطا من شروطها فإن إنفتاح الكلمات والمنطوقات على دلالات ومعاني جديدة لا يعرف الحدود. فاللغة لا تستوعب المعنى إذ هي المعنى ذاته وبها ينشأ. فهي ليست أداة ووسيلة للتواصل كما يقول البعض. هي أداة اجتماعية الفرد
    الصديق الجميل: محمد الحاج
    تحية طيبة

    أشكرك جداً على هذه المشاركة، ويبدو أنه يتوجب علينا
    إعادة النظر في مقولات الجابري، وكذلك بعض المتأخرين
    حيث كانت لهم إسهامات جميلة وثرية تناولت اللغة بفهم
    يُمكننا وصفه بأنه "موضوعي" إلى حدّ كبير

    لك التحية يا صديقي
                  

05-09-2009, 03:13 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: هشام آدم)

    .:: أعود غداً لمناقشة ما تبقى من نقاط مطروحة ::.
                  

05-09-2009, 03:32 PM

كمال علي الزين
<aكمال علي الزين
تاريخ التسجيل: 11-14-2006
مجموع المشاركات: 13386

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: هشام آدم)

    (*)

    العزيز/ هشام

    اللغة ليست كائن جامد , تتطور وتتحول وتتطرأ عليها متغيرات
    هذا التحول الذي دعى إليه (د. لويس عوض) كما أشار الصديق (بهاء الهادي)
    وهذا تخصصه ..والدكتور / سعيد عقل , وغيرهم كثر وها أنت تنهج ذات النهج

    هذا التطور والتحول أمر حتمي , يحدث لا محالة وإن وقف بوجهه من وقف ..
    لكن الأمر هو أمر (كيفي ) و(زمني) و(بيئي) ..

    اللغة العربية التي إنتشرت بالشام والمغرب العربي ومصر وفارس والأندلس
    ليست هي ذات اللغة التي كانت (محكية) بجزيرة العرب قديماً ..

    تطورت وتحولت بتغير البيئة ووالثقافة (المستضيفة) فكل الشعوب التي (إستعربت)
    كان لها موروثها (ولغاتها المحلية) , فكان لهذان العاملان تأثيرهما على (اللغة الوافدة)

    سأعود ..
                  

05-10-2009, 06:37 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: كمال علي الزين)

    الأستاذ : أبو جهينة
    تحية طيبة مجدداً

    لظروف مهنية لم أستطع أن أفي مداخلتك حقها الكامل من النقاش والتعقيب، وهاأنذا أعود للتعليق على ما تبقى من مداخلتك القيّمة، والرد على بعض ما جاء فيها من تساؤلات.

    فيما يخص استهجانك لفكرة تعميم الفصحى وفرضها إجبارياً حتى على العامة، فإنني أقول: إن اللغة العربية الفصحى (already) تفعل ذلك شئنا أم أبينا؛ وليس فقط على عامة المتحدثين بمستويات أخرى من العربية بل وعلى غير الناطقين بالعربية كذلك، وما ذلك إلا من أجل ارتباطها بالمقدس، فهل رأيت أحداً يُصلي بالعامية؟ أم يقرأ القرآن بالعامية؟ إن اشتراط العربية الفصحى لصحة قبول الفرائض والشعائر الدينية زاد من القطيعة التي حدثتُك عنها. فلا تستغرب –أستاذي الفاضل- أن تسمع (ست الشاي) أو المزارع البسيط وهو يتكلم بلغة وفصاحة قريش وهو يقرأ القرآن في صلاته. بل دعك من هذا، اذهب إلى إحدى القرى النوبية النائية المهمّشة، والبعيدة عن ثقافة الوسط، لتجد نفسك مجبراً على استخدام اللغة النوبية مع عجوز نوبية تكاد لا تعرف الفارق بين المذكر والمؤنث، ورغم ذلك فهي تقرأ القرآن بلسان عربي مبين. إذن فلماذا تتحدثُ إليها باللغة النوبية طالما أنها تتكلم العربية بفصاحة؟ ألا تعتقد أن اللغة الفصحى (في هذه الحالة) مجرّد مظهر قشري لا أكثر؟

    أنا أوافقك تماماً في أن العامية اجتهاد ذكي (كما وصفتها)، ولكن لماذا أضطر الإنسان العربية إلى العامية؟ الأمر لا يتعلق بمجرّد الاجتهاد، وإنما يتعداه إلى "الحاجة"، وهذا ما أفسره بحركة التاريخ والصيرورات، والتطوّر الذي يشمل فيما يشمل اللغة واللسان.

    لقد تطرقتَ في كلامك عن نقطة غاية في الأهمية تتعلق بالتفريق بين العروبة وبين الإسلام، وإشكاليات هذا التفريق أو هذا التقاربة وما تفضي إليه في كثير من الأحيان من إرباك على مستوى الهوية والانتماء. المسألة ببساطة أن ليس كل العرب مسلمين، وليس كل المسلمين عرب. إلى هنا لا يُمكن اختلاق أيّة مشكلة تُذكر، ولكن ألا تعتقد معي أن ارتباط اللغة بالدين خلق مشكلات هوية لدى كثير من الشعوب التي دانت بالإسلام (السودان مثالاً)؟ إن الإشكالية الأساسية الآن هو ربط اللغة (العرقية)، باللغة (الدينية) فاللغة العربية مرتبطة في الأصل بفئات عرقية محددة، يحسن بنا تتبع تاريخها لمعرفة من أين جاءت وكيف نشأت، والدين الذي هو للجميع، ظلّ عربياً لاشتراطه العربية بل وربط قيمة المقدسة بهذه اللغة. وعندما نقرأ في القرآن الآيات المتعلقة بفرادة اللغة العربية، وفرادة القرآن المنزل باللغة العربية، نعلم تماماً أن ثمة مشروعاً لتعريب الحضارات الإنسانية عبر الإسلام. وهذا ما خلق الإشكاليات المتعلقة بالهوية الآن.

    إن كثير من الشعوب التي تعتبر نفسها عربية اليوم (فقط لأنها تنطق بلسان عربي)، هي في الحقيقة ليست ذات أصول أو جذور عربية على الإطلاق، ودونك سكان الشمال الأفريقي، وكذلك أجزاء من بلاد الشام. إن ربط اللغة بالدين هو ما خلق هذه الإشكالية وهذه القطيعة مع الهوية يا عزيزي ولا شيء آخر.

    لا أعترف مطلقاً بنظرية (السوبر لغة – Super Language)، فليست هنالك لغة متفرّدة على الإطلاق إلا في نطاق استخدامها الجغرافي والثقافي؛ هذا الكلام ينطبق كذلك على اللغة العربية. إن فرادة اللغة العربية المزعومة في الحقيقة هي إنما فرادة على المستوى الثقافي، فهي لغة بليغة لمستخدمي اللغة العربية، وهي لغة جزلة كذلك لمستخدميها، والحراك الثقافي والاجتماعي داخل الجزيرة العربية هو ما جعل هذا التناغم والنسق البلاغي داخل هذه اللغة، وحتى داخل الإطار الجغرافي الواحد نجد مستويات تتمايز فيها اللغة، فهنالك اختلافات واسعة بين لغات أو لهجات اللغة العربية الواحدة، حتى أن فرادة لغة قريش لم تكن انتصاراً لغوياً بقدر ما كان ضرورة تاريخية اقتضته مكانة قريش الدينية والتجارية.

    ودحض نظرية السوبر لغة (Super Language) يأتي من القراءة التاريخية لنشوء اللغة العربية وتاريخ العرب أنفسهم، فالقول بأن العربية لغة القرآن وأن القرآن كلام الله، يجعلنا نقول بالضرورة أن العربية هي لغة الله، وهي كذلك لغة أهل الجنة .. إلخ هذا الكلام الذي لا يعترف بالمقتضى التاريخي الذي يُثبت أن تاريخ اللغة العربية حديث نسبياً مقارنة باللغات الأخرى المجاورة لها.

    وللاختصار أقول: إن اللغة العربية كغيرها من اللغات الأخرى، يجري عليها ما يجري على بقية اللغات، فهي معرضة بناء على حركة التاريخ والإنسان داخل هذا التاريخ إلى الازدهار والانحطاط، والبقاء والفناء، ولكي نتمكن من دراسة العربية بشكل أكثر موضوعية فإنه يتوجب علينا قبلاً فصله عن المقدس، لأنها ناشئة سابقة عنها.
                  

05-10-2009, 07:00 AM

كمال علي الزين
<aكمال علي الزين
تاريخ التسجيل: 11-14-2006
مجموع المشاركات: 13386

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: هشام آدم)

    Quote: وللاختصار أقول: إن اللغة العربية كغيرها من اللغات الأخرى، يجري عليها ما يجري على بقية اللغات، فهي معرضة بناء على حركة التاريخ والإنسان داخل هذا التاريخ إلى الازدهار والانحطاط، والبقاء والفناء، ولكي نتمكن من دراسة العربية بشكل أكثر موضوعية فإنه يتوجب علينا قبلاً فصله عن المقدس، لأنها ناشئة سابقة عنها.
                  

05-10-2009, 07:14 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: هشام آدم)

    الأخ : كمال الزين
    تحية طيبة وبعد

    بالتأكيد اللغة ليست كائناً جامداً، بل هو كائن حي، وله حركة؛ وحركة اللغة وحيويتها هو ما يجعلنا نقول بأن كل لغات العالم خاضعة لقانون واحد، فما ينطبق على لغة ما ينطبق على بقية اللغات، وليست هنالك لغة مستثناة من هذا القانون الطبيعي والحتمي بالضرورة. لقد عرف التاريخ البشري لغات عظيمة وكبيرة سادت بسيادة حضارات وعاشت لأن الظرف التاريخي وفّر لها أسباب البقاء، ولكنها أصبحت الآن لغات منقرضة (أيضاً لأن الظرف التاريخي وفّر لها أسباب الفناء) وهذا هو القانون الطبيعي الذي يحكم العالم بكل ما عليه من كائنات وحضارات وثقافات.

    وإذا أخذنا اللغة اللاتينية (lingua latina) مثلاً، نجد أنها كانت لغة عريقة، لها خصوصيتها في كثير من المجالات العلمية والإنسانية، كما أن عدد كبير من شعوب العالم كانوا يستخدمونها، فأين هي الآن؟ لقد فنيت اللاتينية رغم كل هذه العراقة وكل الفرادة التي كانت تتميّز بها، وبقيت الآن في المخطوطات والأعمال الشعرية والأدبية، وبعض المصطلحات العلمية والكيميائية.

    وذات الشيء ينطبق على بعض اللغات القديمة، كالسنسكريتية التي فنيت رغم أنها الآن لغة طقوسية في الديانة البوذية والهندوسية، كما أنها مازلت تُدرّس في بعض المناطق (في الهند) حتى الآن، وكذلك اللغة الآكادية التي كانت لغة رسمية في منطقة الهلال الخصيب وكما تعلم فإن اللغة الآكادية كانت من أكثر لغات المنطقة تطورّا على مستوى البناء الصوتي Phonetic construction والتحليل اللغوي Linguistic Analysis والوحدات الصوتية Morpheme ورغم ذلك فقد فنيت لحتمية تاريخية محددة مرتبطة بحركة الحضارة والإنسان نفسه.

    أكرر لك شكري وفي انتظار عودتك
                  

05-10-2009, 02:19 PM

سمير شيخ ادريس
<aسمير شيخ ادريس
تاريخ التسجيل: 01-14-2009
مجموع المشاركات: 1162

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: هشام آدم)

    Quote: من خدم الآخر الخطاب القرآني أم اللغة العربية؟ فمن المعلوم أن اللغة أقدم تاريخياً من الخطاب القرآني، وظلّت مكتسبة لهذا الرونق وهذا التميّزحتى قبل نزول القران .. ونزول القرآن باللغة العربية لا يُعد من قبيل تشريف أيّهما على الآخر على الإطلاق .. فإن ارتباط اللغة العربية بالقرآن –في اعتقادي- ساهم كثيراً في تكبيلها بسلاسل القداسة ما جعلها غير قادرة على التطوّر وبالتالي مواكبة تغيّرات العصر والتاريخ الذي هو أساس اللغةالحيوية،


    لا أدرى مصادرك لهذا الكلام الغريب
    فالمعروف تاريخيا ان القرآن خدم اللغة العربية وكان ارتباطها به فى فائدتها حيث بدأت دراسة اللغة بظهور الاسلام ودراسة القرآن الذى ارتبطت به لتدقيق الكتابة العربية بالشكل فظهرت علوم النحو والصرف كعلوم كمالية وعلوم البلاغة كعلوم جمالية وذلك دون تطرق علماء العربية وقتها للمسائل اللغوية التى أثارها الاغريق والفلاسفة القرواسطيين والتى كانت تحاول ازالة اشكاليات اللغة وتوظيفها بالمعنى الذى ذكرت فى السياق الفكرى للمجتمعات . ومن هذه النقطة أنت مطالب يا عزيزى بفك الالتباس الذى وقعت فيه بالتمييز بين اللغة والخطاب فكلاهما أمر مختلف عن الآخر من حيث التركيب والبنية الداخلية فانت تتحدث وتخلط بينهما كانهما شيئا واحدا ..وهنا تستطيع الفصل بين اللغة والخطاب الذى يستخدمها كاداة تعبير ويساهم بشكل كبير فى بسط هيمنته وتوجيهه للغة التى تكون حينها بريئة من سؤ فهمها واستخداماتها والتباساتها الحادثة بسبب الخطاب المهيمن على كثير من سبل تطورها والعكس .
                  

05-10-2009, 02:27 PM

سمير شيخ ادريس
<aسمير شيخ ادريس
تاريخ التسجيل: 01-14-2009
مجموع المشاركات: 1162

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: سمير شيخ ادريس)

    اولا قبل الخوض فى النقاش لنحدد ما هى اللغة ؟ ووظيفتها ؟ فهى فى معناها الفلسفى – وهو ما ساحصر نقاشى حوله لولعى بمجال فلسفة اللغة ولفتح درب جانبي لموضوعك لاسوقك للفلسفة – هى فى معناها الفلسفى والمجرد فى المنظومة الفكرية المعاصرة جزءا أصيلا من منظومة الفكر ونموذجا للقياس والتطبيق ومثالا للبحث فى مستويات الظاهرة الفكرية ..وبهذا تكتسب اللغة دورا مفصليا لا غنى عنه فى فهم الكينونة وتحديد احداثياتها وفقا لمبدا الاحالة (الفينومنولوجى) والعنصر الأساسى فى هذه العملية هو الكائن .. وهنا يحضرنى (مارتن هيدغر) فى اعتباره اللغة ليست موضوعا خارج منظومة الزمان والتاريخ بل علامات تحيل لمجموعة من الاوصاف يستقبل اثيرها الكائن عبر ملكة الاستقبال ليحولها الى دلالات ومعانى قصدية .. وهو الأمر الذى يفضى الى حتمية تصور علاقة متوازنة بين لغة الكائن وكينونة اللغة التى تستحيل الى فعل خلق ووعى وتغيير و(ثيمة) فى جدلية الوجود الانسانى .. وتجدنى أتيت على (هيدغر) وحده أولا لاعتقادى انه الفيلسوف الوحيد الذى فتحت فلسفة اللغة عنده آفاقا متعددة للنظر فى بنية الكينونة الانسانية من جهة الكائنات المتجسدة والغيبية ويتحتم على ذلك البحث فى الوجود والذات الانسانية انطلاقا من الكلمة والشعر والقول والتأويل مما يسهل الانتقال من فضاء اللغة الى حيز فلسفى وثانيا لانه يجعل اللغة تربطنا بالكائن البشرى و(انطولوجيا ) الوجود نفسه ودورها فى فهمه وتحويلها لعنصر أساسى يدخل فى تركيب الوجود بغض النظر عن شكلها أو قداستها أو بقاءها وفناءها .

    وما سبق أعده أس الاشكال فى الفكر الثقافى العربى والتباسات اللغة لدينا لا شكليتها كما تذهب فاذا أحتكمنا لمناهج (الفينومنولوجيا) وفلسفات اللغة فى تبلورها النهائى وحدها يمكنها أن تحقق الطموح المطلوب فى فرض سلطة اللغة وكينونتها باعادة قراءة النصوص العربية والتعبير ومعضلاته على المستويين المعرفى والوجودى الامر الذى سيؤدى حتما لاضاءة الكثير من الجوانب المجهولة فى استخدامات اللغة العربية وتصحيح بعض الافكار السائدة كما تفضلت بطرح فكرتك بحيث ياخذ الأمر اهتماما متدرجا فى ساحتى الفكر واللغة العربية بعيدا عن المماحكات التى سجنت فيها اللغة العربية لمجرد التفرقة بين الوفاء للنص الاصلى أو ارتباطه الحرفى بالنص مما يربك العبارة ويشوه معناها وبين الوضوح فى تبليغ المعانى بعيدا عن الحرفية المفضية لسجن القداسة .

    عليه لا يمكنك تأسيس فهما نهائيا مقدسا أو غيره من مفاهيم المعرفة باغفال هذا الحضور الجينلوجى الذى يستلزم متابعة السياقات والافكار النتجة لهذه المفاهيم والتصورات كقيم عامة تمثل أبستمية حقبة معينة دون الأخرى مع عدم اغفال الوعى الانسانى فى أصله وجوهره والعلاقة بين اللفظ والمعنى وتصنيف مفردات اللغة .. وهذه المفاهيم الفلسفية الأصيلة التى حاولت ازالة الاشكاليات الناتجة عن التباس استخدامات وظائف اللغة ليست ظاهرة حديثة بل ضاربة فى القدم فى الفكر الفلسفى الانسانى وتجاوز بها الفكر الاروبى كثيرا من محنه الفكرية الناتجة عن التباسات اللغة بينما تخلف الفكر الثقافى العربى وتراجعت لغته .. فتاريخيا نجد أفلاطون أول من أوضح مفهومى المدلول والتعبير فى اللغة (محاورة كراتيلوس).. ثم أضاف أرسطو ابحاثا فى البلاغة والمنطق وهو ما أسس عليه الرواقيون ثنائية( الصيغة والمعنى) مميزين فى اللغة بين (الدال والمدلول) .. ورغما عن ذلك تعتبر افكار الاغريق حول اللغة بدائية لاعتبارهم لغتهم أنضج اللغات واكملها وهو الاشكال الذى وقع فيه العرب بوضع سياج مقدس حول نظرتهم للغة لارتباطها بالقرآن .. وما تباطا فيه الاغريق تسارع فيه فلاسفة العصور الوسطى (الفلسفة المدرسية) بدءا بوضع الشروح والحواشي وعكس اللغة لميتافيزيقا العالم الطبيعى على عكس الفكرة الاولى التى انكرت الوجود الحقيقى للمفاهيم المجردة والكليات .. وهى ذات الحقبة التى ظهرت فيها علوم النحو والبلاغة سابقة الذكر أعلاه عند العرب .

    أما الفكر الفلسفى المعاصر فقد أستند على الحداثيون من ديكارت وجون لوك لتطوير مناهج ووظائف اللغة فوضع ( دى سوسير) مفهوم اللغة كمنظومة علامات تعبر عن نظام الافكار فظهر اتجاهان كبيران متناقضان :
    الأول يرى اللغة منهج أو أداة لتفكيك الفلسفة ويمثله (نيتشة-دريدا-كارناب-فتغنشتاين )
    الثانى يرى اللغة أنها الوسيلة الأنجع لتوسيع أفقها ويمثله (كاسيرر-بول ريكور-هيدغر )
    ومن هنا اتضحت المعالم الرئيسية لفلسفة اللغة فى أسسها المعروفة ومنها ظهر تأثر المجنمعات بمناحى التطور عبر الزمان المعاصر بالتركيز على وظيفة اللغة بدلا عن دلالاتها الشكلية .. ولعل أهم حدث فارق فى هذا رالصدد كان ظهور الفلسفة الظواهرية على يد (ادموند هوسرل) فاحدثت تحولا فى مفاهيم اللغة من خلال طرحها وطبيعة ميكانيزماتها وغاياتها الكبري وكيف فهمت (الفينومنولوجيا) مسألة اللغة وأسست أو نبهت للأخذ ةفى الاعتبار الأبعاد الفلسفية للاشكالات اللغوية وهو موضوع يصب فى القاء مزيد من الاضواء لتفسير ما قادك لطرح هذه الافكار وتوجيهها نحو اصطحاب الخطاب كمتلازم مؤثر على اللغة .

    وسأعود بعد ردك لمواصلة الحديث حول فلسفة الظواهرية وفلسفة اللغة علها تخرجنا من اثارة الاشكالات حول الشكلية والانتقال لمفاهيم الوظائف والدلالات .

                  

05-10-2009, 04:08 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: سمير شيخ ادريس)

    صديقي العزيز : سمير شيخ إدريس
    تحية طيبة

    أشكرك على مداخلتيك البتراوتين، أفلا أستحق منك تحية قبل الولوج إلى النقاش (وجه مازح) يا عزيزي، أبدأ معك من مداخلتك القصيرة، ولي عودة غداً إلى مداخلتك المطوّلة.

    تقول: "إن القرآن خدم اللغة العربية وكان ارتباطها به في فائدتها حيث بدأت دراسة اللغة بظهور القرآن ودراسة القرآن الذي ارتبطت به لتدقيق الكتابة العربية بالشكل فظهرت علوم النحو والصرف ..."

    وطالما أنّك تتكلّم عن "التاريخ" فإن تاريخ قواعد اللغة العربية غير مرتبط بالقرآن أو بظهور الإسلام على الإطلاق، وإن القول بنشوء علوم اللغة وربطها بظهور الإسلام ودراسة القرآن لهو قول لا حجة تاريخية تسنده على الإطلاق؛ فالسبب الأساسي الذي أدى إلى نشوء علوم اللغة لم يكن لدراسة القرآن، وإنما لتفشي اللحن نظراً لمخالطة العرب بالأعاجم إبان الغزو الإسلامي (الفتوحات الإسلامية)، الأمر الذي دعا أبو الأسود الدؤلي إلى وضع مبادئ في علوم النحو والصرف، وكان ذلك على عهد زياد بن أبيه أي ما يقارب (44هـ)، وهو أول من سنّ التنقيط للحروف العربية حتى يسهل على غير العرب قراءتها. فمن خدم الآخر؟

    إن صحّ القول بخدمة أيّ منهما للآخر فإن اللغة (وعلومها) خدمتا القرآن للمتأخرين من العرب المستعربة والمستعربين من الأعاجم، وعليه فإن القول بارتباط قواعد اللغة العربية بظهور الإسلام ليس بصحيح إلا من ناحية كون الإسلام الباعث على خروج العرب من الجزيرة العربية واحتكاكهم بالأعاجم، ومن ثم تفشي اللحن بينهم.

    ثم إنّ أول كتاب نحوي مبني على أساس منهجي معتد به كان كتاب سيبويه المولود بعد قرن من ظهور الإسلام والقرآن، فكيف تزعم بأن القرآن خدم اللغة العربية؟ من أية ناحية؟ إن العرب لم يكونوا في حقبة من الحقب أو زمان من الأزمنة بحاجة إلى الكتابة (رغم ظهور الكتاب في عصور سابقة بكثير على ظهور الإسلام) لأنهم كانوا يعتمدون على النقل الشفاهي، ومن المعلوم أن ثقافة المشافهة كانت هي السائدة في الجزيرة العربية ولم تكن تستخدم الكتابة إلا لأغراض محددة سواء في التجارة أو في الحرب وفي غيرها من النطاقات الضيّقة جداً.

    لي عودة غداً
                  

05-10-2009, 06:00 PM

Munir
<aMunir
تاريخ التسجيل: 02-11-2002
مجموع المشاركات: 10496

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: هشام آدم)


    هشام آدم ..
    ألاحظ أنك قد ضاق صدرك بالاسلام والعروبة والآن تتفلت حتي من اللغة و..
    علي كل حال: من يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام، ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقآ حرجآ كأنما يصعد في السماء ..
    .
    .
    هدانا الله وإياك ..

                  

05-11-2009, 00:44 AM

Baha Elhadi
<aBaha Elhadi
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 879

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: Munir)

    الأخ هشام :
    حاشا لله من التبخيس وتقليل شأن ما تطرح لخطورته
    ومسه لأشياء لايمكن مسها بهذه الطريقة

    Quote: لقد فنيت اللاتينية رغم كل هذه العراقة وكل الفرادة التي كانت تتميّز به


    ما علاقة اللاتينية باللغات الموجودة الآن :
    الانجليزية ، الفرنسية ، الألمانية ؟؟

    بقراءة سريعة هذه اللغة تفرعت عنها لغات عدة
    ولم أقرأ أو أصادف من قال بموت اللاتينة
    ولا زال حتى العلم الحديث يمتح منها في
    اصطلاحاته ومسمياته في أعمق أعماق العلم
    النقاش ثر وأرجو أن يتواصل
    مشاغل الدنيا تبعدنا مرات
    بهاء/طوكيو
                  

05-11-2009, 08:14 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: Baha Elhadi)

    الصديق: سمير شيخ إدريس
    تحية مجدداً

    أعود –كما وعدتك- للتعقيب على مداخلتك المطوّلة، بعد قراءتها بتمعّن، وبادئ ذي بدء أقول: إن المقام هنا ليس مقاماً لفلسفة اللغة، وإنما لفقهها، والفرق شاسع بينهما. ولكن –وعلى أيّة حال- لا ضير من أن يأخذ الحديث هذا المنحى طالما أنه قد ينير لي ولنا جميعاً بعض دهاليز هذا العلم.

    إن الأفكار التي طرحها مارتن هيدغر Martin Hedger أو حتى إدموند هوسرل ذات النزعة الوجودية (رغم اختلافي الكبير والبيّن للوجودية كفلسفة) تنطبق إلى حدّ ما مع التيار الذي أروّج له من حيث استحالة نزع اللغة من السياق التاريخي لها، ورفضه الدائم لمسألة التأويلية Hermeneutics في اللغة والتي تصب في عنصر هام جداً في اعتقادي لمسار هذا البوست.

    إن مناقشة أفكار هيدغر في صياغها الوجودي –في اعتقادي- لاسيما على مستوى "التواجد" أو الدازاين الذي يطرحه لا طائل منه، ليس لعبثية النظرية الوجودية كما أراها فحسب، بل لتناقضها في بنيتها الداخلية والتي تفتقر إلى حدس الضرورة كما يُسميها المتأخرون. إن فكّرة تلاقح الأفكار التي أشار إليها هيدغر في أكثر من مرّة وإسهاماته في تطوير ما يُسمى بالانطونولوجيا الظاهراتية Phenomenology بمعناه الذي قصده للتحوّل من الأنساق الإيستمولوجية Epistemology إلى الأنساق الأنطولوجيةAnthology ونتاج هذا التضاد المولّد للأفكار هو في حقيقته نسق ماركسي قديم كلاسيكي، ولا يدخل مباشرة في فهم الأبعاد السايكولوجية لمنتجي هذه الأفكار "الإنسان"، وهذه النقطة بالتحديد كانت إشكالية النظرية الماركسية للتاريخ والتي انتقدها الماركسيون المتأخرون، أو حتى غيرهم من الفلاسفة والمفكرين.

    ولمناقشة العلاقة القائمة بين اللغة وكينونتها يجب أن نستصحب معها –بالضرورة- الإطار الثقافي Culture Frame لمستخدم اللغة (الكائن)، وهذا ما أشرتُ إليه في مقالي أعلاه، فاللغة تستمد كينونتها في الأصل من حركة الكائن داخل الإطار الزمكاني "التاريخ"، وليس من تلقاء نفسها. إن هذه المفصلة بالتحديد والمستقاة من جزئية في مداخلتك هي مفصلة هامة لأنها تحاول الإجابة عن سؤال مؤرق للغاية حول حيوية اللغة وفنائها.

    وفي هذه الجزئية بالتحديد فإنني أُقدّم انتقادي إلى منهجك في تحليل اللغة، وأرى أنك تُقيمها على رأسها، حيث تقول: "وهو الأمر الذى يفضى الى حتمية تصور علاقة متوازنة بين لغة الكائن وكينونة اللغة التى تستحيل الى فعل خلق ووعى وتغيير و(ثيمة) فى جدلية الوجود الانسانى." والواقع أن حركة الإنسان التاريخية ووعيه هو ما يُعطي اللغة حيوتها، ويُكسبها هذه الكينونة، وليس العكس. إن وعي الكائن غير مرتبط باللغة لأنه في الواقع هو المنتج له، وبالتالي فإن كل ما ينتجه الوعي يكون منفصلاً عن اللغة، غير أننا لا يُمكن أن ننفي –بالمقابل- تأثر اللغة بنتائج هذا الوعي سواء على المستوى التراكيبي Structures أو المستوى التأويلي Interpretation

    النقطة التي توقفت عندها كثيراً من مُجمل مداخلتك هي ربطك الشيّق بين الفكر الإنساني المعرفي وحركته وبين اللغة، وذلك في قولك: "وهذه المفاهيم الفلسفية الأصيلة التى حاولت ازالة الاشكاليات الناتجة عن التباس استخدامات وظائف اللغة ليست ظاهرة حديثة بل ضاربة فى القدم فى الفكر الفلسفى الانسانى وتجاوز بها الفكر الاروبى كثيرا من محنه الفكرية الناتجة عن التباسات اللغة بينما تخلف الفكر الثقافى العربى وتراجعت لغته" إذن يمكن الخلوص إلى أنّ ثمة علاقة بين وعي (فكر) الكائن وبين اللغة صعوداً وهبوطاً! سواء ارتبطت اللغة بمقدس أو لم ترتبط فإن مقياس اللغة الأساسي هو الإنسان وحركته؛ وهذا بالتحديد ما أريد توصيله في هذا المقال. وهو يدعم –بالضرورة- دحض مزاعم اللغة السوبر Super Language التي تكلّمتُ عنها في إحدى المداخلات السابقة، غير أني لم أغفل على الإطلاق (وهذا تجني على المقال) الجانب الجينالوجي من حين أن الجينالوجيا تُضوّح فرادة الأنماط العقلانية كلٌ على حدا في سياقات البحث المعرفي والتاريخي من واقع الحاضر في المقام الأول


    وكذلك أجدك تتفق معي حول إشكاليات العقلية العربية التي ساعدت على الحدّ من تطوّر العربية سواء على المستوى التراكيبي Structures أو الدلالي Semantics أو اللفظي وذلك بربط اللغة بالمقدس عندما تقول: "ورغما عن ذلك تعتبر افكار الاغريق حول اللغة بدائية لاعتبارهم لغتهم أنضج اللغات واكملها وهو الاشكال الذى وقع فيه العرب بوضع سياج مقدس حول نظرتهم للغة لارتباطها بالقرآن" إنّ فكرتي الأساسي من هذا المقال هو محاولة إيضاح كيف أنّ هذا الربط بين اللغة وبين المقدس ساهم بشكل أو بآخر في فناء اللغة العربية، وأقعدها عن المواكبة عبر الالتصاق بالكائن وحركته التاريخية، وهو ذات الأمر الذي استبعدتهُ أنت في مداخلتك القصيرة.

    (عدل بواسطة هشام آدم on 05-11-2009, 08:20 AM)

                  

05-11-2009, 09:06 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: Baha Elhadi)

    الأخ : بهاء الطاهر
    تحية طيبة

    عن اللغة اللاتينية فهي بالتأكيد ذات علاقة بالإنكليزية والفرنسية والألمانية، ولحقب طويلة كانت اللاتينية هي اللغة الرسمية لكثير من الدول الأوروبية (لاسيما أوربا الغربية)، وكانت كذلك لغة الثقافة الغربية بشكل عام، وربما كانت العلاقة بين اللاتينية والإنكليزية علاقة اشتقاقات؛ فمن المعلوم أن الإنكليزية أخذت الكثير عن اللاتينية رغم أنها لا تعتبر لغة لاتينية في الأصل كالفرنسية وغيرها من اللغات الأوروبية، ومعظم المصطلحات العلمية في الإنكليزية هي ذات أصول لاتينية وكذلك نجد أسماء الرُتب العسكرية كذلك ذات أصول لاتينية، ولكن سؤالك عن موت أو فناء اللاتينية يدفعني إلى السؤال عن معيار حيوية اللغة لديك؛ فمتى نطلق على لغة ما بأنها لغة ميّتة أو بائدة؟ ومتى يُمكننا الحكم عليها بأنها حيّة؟

    إن معرفتي القاصرة تخبرني أن اللاتينية لم تعد ضمن قائمة اللغات العالمية الحيّة منذ القرون الوسطى (القرن السادس عشر)، وإذا تغاضينا عن تاريخ اللغة اللاتينية منذ اللغة القديمة (اللاتينية القديمة) والتغيّرات التي طرأت على هذه اللغة في القرنين الثاني والثالث قبل الميلاد، ومروراً بالتغيّرات الجذرية التي طرأت عليها في العصور الذهبية وانشقاق لهجات محكية عنها، إلى التغيّرات التي طرأت عليها في القرون الوسطى وانتهاءً بكونها لغة تُدرس فقط من أجل معرفة أصول أو جذور الكلمات (في الإنكليزية مثلاً)، وفهم العلائق القواعدية والنحوية لها.

    إذا كنتَ تعتمد في كلامك –وهذا مجرّد ظنّ يخصني- على استعمال اللغة فهي ليست كذلك على الإطلاق، فمعظم اللغات التي هي في عداد اللغات البائدة هي لغات مستخدمة حالياً، ربما تدخل اللاتينية ضمن إطار اللغات الطقوسية إذ أنها اللغة الرسمية للكنائس الكاثوليكية برعاية من الفاتيكان، ولكن هل يُمكن الاعتماد فقط على تداول اللغة (فقط) كمعيار لحيوية اللغة؟

    إن العديد من اللغات التي لا تدخل ضمن قائمة اللغات العالمية الحيّة هي لغات مستعملة كاللغات الطقوسية المعروفة سواء الآرامية أو السنسكريتية أو غيرها من اللغات الهندية القديمة واللغات الصينية ولغات قبائل التبت وغيرها. وفي اعتقادي الخاص؛ فإن حيوية اللغة مستمدة مباشرة من الحيوية الثقافية والحضارية لمستخدمي هذه اللغة في المقام الأول.

    قد تكون ذخيرتي المعرفية واللغوية ضئيلة، وهذا تبرير لتناولي الضعيف لهذا الموضوع الهام، وأرجو أن يتاح لك الوقت اللازم لإفادتنا حول هذا الموضوع بطريقة أكثر منهجية وعمق كما ينبغي لها أن تُطرح.

    لك تحياتي
                  

05-11-2009, 01:46 PM

سمير شيخ ادريس
<aسمير شيخ ادريس
تاريخ التسجيل: 01-14-2009
مجموع المشاركات: 1162

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: هشام آدم)

    أخى هشام
    تحياتى العميقة لك وعزرا لدخولى دون تحية سابقا بسبب سهو تقنى مرتبط بكيفية استخدام الكتابة وطريقة ال كوبى / بيست .

    لى بعض الملاحظات حول ردك السابق والذى انتظرته حتى أحدد مواطن الخلاف والاتفاق حتى نوجه النقاش ونحدده فى نقاط معينة :-

    1/ عن ارتباط نشأة الدراسات اللغوية العربية بالقرآن فهو ليس من نسج خيالى بل ما يمكن استقراءه من تأريخ بدء وتطور تلك العلوم .. فقد برع العرب فى الشعر والخطابة واستخدموا الوانا من التعابير اللغوية فى الجاهلية وقبل الاسلام بفترات بعيدة غير أنهم لم يفكروا فى تقنين لغتهم وضبطها بقواعد .. ولم يظهر هذا الاهتمام أو يتجلى فى أوسع صوره الا فى القرن الهجرى الاول عندما عنى المسلمون الاوائل بتدقيق الكتابة العربية (بالشكل) صونا لكلام الله من التحريف .. وشغلوا بالمجاز القرآنى وبلاغته فظهرت علوم النحو والبلاغة كما أسلفت .. وبرز ابن عباس فى كتابه (سؤالات نافع بن الازرق) و(تفسير القرآن) وكتاب (غريب القرآن).. أضافة لعبقرية الخليل بن أحمد الفراهيدى وقتها وتبعه سيبويه واللاحقون ممن تخصص فى الدراسات اللغوية .. وفى مرحلة لاخقة اعتنى فلاسفة الاسلام ببعض المسائل اللغوية المتفرقة التى أثارها علماء اليونان والرومان مثل مسألة نشأة اللغة التى فسرها البعض أنها وضعية اصطلاحية وضعها العربى الأول لتيسير الاتصال وتلبية المطالب الاجتماعية كابن جنى فى كتاب (الخصائص) ومنهم من وصفها بانها توفيقية أى الهام الهى لعبده الأول آدم لقوله تعالى (وعلم آدم الأسماء كلها) .. ولاحقا اعتبر ابن خلدون فى مقدمته أن( اللغة فعل اللسان وعبارة المتكلم عن مقصوده بحيث تصير ملكة متقررة فى العضو الفاعل لها وهو اللسان وهو فى كل أمة حسب اصطلاحها)
    ( راجع: محمود السعران : علم اللغة / توفيق شاهين :علم اللغة العام / مقدمة ابن خلدون)

    2/ الحديث عن( هيدغر/ هوسرل) ليس بالضرورة تبنى الوجودية كفكر انما عنيت به اجتزاء المقولات الفلسفية الخاصة بهما بالتركيز على المنهجيات الاساسية لفلسفة اللغة لدى كليهما وتطويرها المستمد من منهجيات أخرى ويقينى فى ذلك صعوبة البحث – اليوم – فى أصول المنهجيات الفكرية دون التعرض للأصول اللغوية لها وكشف الجذور المترابطة والموحدة بين اطروحاتها استنادا لمرجعيتها اللغوية .

    3/ حديثى عن (لغة الكائن / كينونة اللغة) واستحالة اللغة لفعل وعى خلاق فى جدلية الوجود الانساتى ليس فيه قلبا لوظائف اللغة راسا فالعبارات السابقة فى المداخلة تفصح عن مصادر كينونة اللغة فى الأصل ( حركة الكائن ) بحيث يتجاوز فعل وثيمة الخلق (اللغة) لأصل الفاعل والمحدث لها ( الكائن) وهو المحدد لحركة الوجود فى صيرورتها عبر التاريخ وليست اللغة فى فرادتها .. وبزوال الكائن وديمومة اللغة فى دينامكية نحو غائيتها وأنساقها الانطولوجية تستمد دورها المحرك وكينونتها .

    يبدو أننا متفقين فى مجمل الآراء المطروحة فقط مع الاختلاف فى المناهج
                  

05-12-2009, 05:24 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اللغة العربية وتابو القداسة (Re: سمير شيخ ادريس)

    صديقي العزيز: سمير شيخ إدريس
    تحية مجددة

    من الجيّد أن نصل إلى حد اتفاقي معيّن .. وقد كانت فرصة جيّدة -لي على الأقل- لتشريح فكرة المقال بشكل أفضل للقراء، لاسيما أولئك الذين يقرؤون من خارج المنبر، ولا يملكون كلمة مرور. فمن الواضح أنني قمت بتقديم الفكرة بشكل سطحي جداً أخل كثيراً بالمعنى والطرح على العموم.

    اسمحي لي يا عزيزي أن أرحب بـ"كل" الأخوة المتداخلين على ما قدّموه في هذا البوست من مداخلات كان من شأنها إثراء الموضوع.

    ولك مودتي غير المنقوصة.



    PS : إن كنتَ بتقابل معاوية محمد الحسن (الشايقي)
    سلّم لي عليهو وبلغو عتابي واشتياقي


    .

    (عدل بواسطة هشام آدم on 05-12-2009, 05:26 PM)
    (عدل بواسطة هشام آدم on 05-12-2009, 05:28 PM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de