دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
الكتاب الأسود للرأسمالية
|
___________ الأخوات والأخوة الكرام
أتشرف بأن أعرض لكم ملخصاً لكتاب أعتبره شخصياً أخطر وأدق وأوفى كتاب تكلم عن الرأسمالية وعن تاريخها بالحقائق والتواريخ والأرقام. كتاب أبسط ما يقال عنه أنه (كتاب خطير) هذا تقييم شخصي طبعاً .. وعن نفسي فقد استمتعت بقراءته .. وأتمنى أن تجدوا نفس المتعة والفائدة فهذا الكتاب به معلومات قيّمة وخطيرة للغاية من المهم أن نعرفها جميعاً ...
كتاب (الكتاب الأسود للرأسمالية) هو من تأليف مجموعة من المؤلفين، وإعداد وترجمة الدكتور أنطون حمصي الكتاب صادر من (دار الطليعة الجديدة) بسوريا الطبعة الأولى : 2006م
أترككم مع فصول الكتاب وتبويباته المدهشة
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الكتاب الأسود للرأسمالية (Re: هشام آدم)
|
_________________
المقال الأول:
الليبرالية الشمولية
(بقلم: موريس كوري) شاعر وروائي وكاتب ومؤلف إذاعي ومسرحي فرنسي
العالم الذي تسطير عليه الرأسمالية هو العالم الحر. والرأسمالية التي لم تعد تسمى بعد الآن إلا ليبرالية هي العالم الجديد. إنه النموذج إنه النموذج الوحيد المقبول إن لم يكن المثالي للمجتمع. فلا يوجد ولن يوجد أبداً نموذج آخر. إنه النشيد الشامل الذي لا يرتله المسئولون الاقتصاديون ومعظم المسئولون فقط بل ويرتله أيضاً المثقفون والصحفيون الذي يستطيعون الوصول إلى وسائل الإعلام الرئيسية المرئية والمسموعة. الصحافة ودور النشر الكبرى. وهي بوجه عام بين أيدي مجموعة صناعية أو مالية. والفكر المنشق ليس ممنوعاً (لليبرالية موجباتها!) ولكنه يجول في قنوات شبه سرية تلك هي حرية التعبير التي يتشدق بها أنصار نظامنا الليبرالي. فضيلة الرأسمالية هي في كفايتها الاقتصادية، ولكن لمصلحة من؟ وبأي ثمن؟ فلنتفحص الوقائع في البلدان الغربية التي هي واجهة الرأسمالية في حين أن باقي العالم أقرب إلى أن يكون خلفية الدكان.
بعد فترة التوسع الكبير للحركة في القرن التاسع عشر الناجم عن التصنيع والاستغلال الشرس للعمال أفضت الحركة التي تسارعت خلال العود الأخيرة إلى شبه زوال للطبقة الفلاحية الصغيرة التي التهمتها الاستثمارات الزراعية الكبيرة مع ما نجم عن ذلك من تلوث وتهديم لطبيعة الريف وهبوط لنوعية المنتجات (وهذا على حساب دافعي الضرائب على اعتبار أن مساعدة الزراعة لم تنقطع) والزوال شبه الكامل لتجارة الجوار الصغيرة لا سيما في الغذائيات لمصلحة المخازن الكبرى بالإضافة إلى تركز الصناعة في شركات كبيرة قومية ثم متعددة الجنسيات تتخذ أبعاداً تمتلك معها أحياناً خزائن أكبر من خزائن الدولة وتطبق القانون - أو تدعي تطبيقه - باتخاذها تدابير لتوطيد سلطتها دون رقابة كما في "الاتفاق متعدد القوميات حول الاستثمار" وشركات فوق الدول (مثل شركات الفواكه المتحدة) وهي سيدة عدة دول في أمريكا اللاتينية.
كان يمكن للقادة الرأسماليين أن يخشوا من أن يؤدي زوال الفئات الفلاحية الصغيرة والحرفية والبرجوازية الصناعية والتجارية الصغيرة إلى ازدياد قوة صفوف البروليتاريا ولكن "الحداثة" وفرت لهم التغطية بالأتمتة والنمنمة والمعلوماتية. فبعد إقفار الحقول نشهد اليوم إقفار المصانع والمكاتب. وبما أن الرأسمالية لا تعرف ولا تريد تقاسم الربح والعمل (يتبدى ذلك في ردود أفعال أرباب العمل غير اللائقة على أسبوع عمل الخمس والثلاثين ساعة، وهو تدبير متواضع جداً مع ذلك) فإننا نصل حتماً إلى البطالة وموكبها من الكوارث الاجتماعية. وكلما زاد عدد العاطلين عن العمل قل التعويض وقصر أمده. وكلما قل عدد العمال زاد التوجه إلى خفض المعاشات التقاعدية. ويبدو أن ذلك منطقي ومحتوم. إنه كذلك إذا وزعنا التكافل على الأجور. أما إذا أخذنا في حسابنا الناتج القومي الإجمالي الذي زاد بمعد يزيد على 40% في عشرين عاماً. في حين لم تتوقف كتلة الأجور عن الانخفاض، فإن الأمريكيون خلاف ذلك تماماً! ولكن، ليس من المنطق الرأسمالي!
تمة ما يقارب من عشرين مليون عاطل عن العمل في أوروبا: تلك هي الحصيلة الإيجابية في أوروبا! والأسوأ آتٍ. فالشركات الأوروبية والأمريكية الكبرى التي لم تكن أرباحها في مثل هذا الازدهار من قبل تعلن عن تسريحات الألوف إذ ينبغي "عقلنة" الإنتاج فللمنافسة موجباتها. (وهذا ما يسميه الماركسيون بالمكنكة)*. يغبطون أنفسهم على زيادة الاستثمارات الأجنبية في فرنسا. وماذا بعد؟ ففضلاً عن الأخطار على الاستقلال الوطني، يمكن أن نتساءل عما إذا لم يكن هبوط الأجور هو الذي يشجع المستثمرين. إن مداحي الليبرالية لا يقسمون إلا بحياة إنكلترا والولايات المتحدة اللتين هما في نظرهم بطلتا النجاح الاقتصادي والنضال ضد البطالة. فإذا كان تدمير الحمايات الاجتماعية وهشاشة الاستخدام والأجور المنخفضة وعدم التعويض في أجل قصير الذي يمحو أرقام العاطلين عن العمل من على الاحصائيات هو المثل الأعلى للسيد مادلان فلا أظنه المثل الأعلى للعمال في هذا البلد (أو في أي مكان في العالم)* في الولايات المتحدة (فردوس الرأسمالية) يعيش 30 مليون من السكان أي أكثر من 10% منهم تحت خط الفقر والسواد هم الغالبية العظمى منهم.
الأفضل أن تقول أن تفوق الولايات المتحدة في العالم، والنشر المعمم لنمط حياتهم وثقافتهم لا يمكن أن يأسر سوى العقول الذليلة. وتحسن أوروبا صنعاً لو انتبهت إلى ذلك وتصدت له. وهي التي ما تزال تملك الوسائل الاقتصادية في هذا السبيل. إلا أنه تلزمها الإرادة السياسة أيضاً. من أجل مساعدة الاستثمارات الإنتاجية في الصناعة أو الخدمات. تريد الرأسمالية أن تجعلها قادرة على منافسة الاستثمارات المالية والمضاربية قصيرة الأجل. كيف ذلك؟ هل بفرض رسوم؟ بل بخفض الأجور والأعباء الاجتماعية.
وهذه أيضاً طريقة في وضع الغرب في موقع تنافسي مع العالم الثالث. وفضلاً عن ذلك فقد بدؤوا في بريطانيا بإعادة تشغيل الأطفال. وهكذا فلا تابعة الولايات المتحدة ولا سيدتها صدّقتا على الميثاق الذي يحرّم عمل الأطفال. وسوف ينبغي على العالم الثالث الذي علق في دائرة المنافسة الجهنمية أن يخفض أيضاً من التكاليف وأن يزيد من إغراق سكانه في البؤس قليلاً ثم يأتي من جديد دور الغرب.
وهكذا إلى أن يقع العالم بأسره بين براثن بضع من الشركات متعددة الجنسيات معظمها أمريكية ولا يعود هناك تقريباً حاجة إلى عمال. إن لم نقل إلى تقنيين. وسوف تكون المسألة آنذاك بالنسبة للرأسماليين هي إيجاد مستهلكين ما وراء هذه النخبة وما وراء مساهميها والإبقاء على الجنوح المتولد عن البؤس. إن تراكم المال الباحث دوماً عن ربحية لزيادة أيضاً وأيضاً يقف عائقاً أمام إنتاج سلع للإنتاج وسلعاً أساسية وضرورية مفيدة للجميع. وكتاب الرأسمالية الأسود مكتوب فعلاً أمامنا في فردوسها. فماذا عن جحيمها (العالم الثالث)؟
إن الأضرار في قرن ونصف القرن من الاستعمار والاستعمار الجديد لا تحصى كما لا يمكن تحديد رقم لملايين الموتى من ضحاياهما. كل البلدان الأوروبية الكبرى والولايات المتحدة مذنبة. إنها مذنبة بالرق وأنواع القمع الذي لا رحمة فيه والتعذيب والاستملاك وسرقة الأراضي والموارد الطبيعية من قبل الشركات الكبرى الغربية والأمريكية أو متعددة الجنسيات أو من جانب متسلطين محليين عاملين في خدمتها وذلك بخلق بلدان أو تقطيع أوصالها صنعياً وبفرض ديكتاتوريات وزراعات أحادية المحصول تحل محل زراعات الأغذية التقليدية وبتدمير أنماط الحياة والزراعات المتوارثة وبإزالة الغابات والتصحير والكوارث البيئية وبالجوع ونفي السكان نحو المراكز الكبرى التي تنتظرهم فيها البطالة والبؤس.
إن البنى التي اعتمدت الجماعة الدولية لتنظيم نمو الصناعة والتجارة واقعة كلها بين أيدي الرأسمالية وفي خدمتها: البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية والمنظمة العالمية للتجارة. وهذه الأجهزة لم تفعل سوى صنع مديونية العالم الثالث وفرض المبدأ الليبرالي عليه. وإذا كانت قد سمحت بنمو ثروات محلية سفيهة، فإنها لم تفعل أكثر من زيادة بؤس الشعوب.
بعد بضعة عقود لن تعود الرأسمالية في حاجة إلى يد عاملة، والفضل في ذلك للأتمتة! فالمخابر الأمريكية تدرس الزراعة في المستنبتات وهو ما سيدمر نهائياً العالم الثالث الزراعي (وربما الزراعة الفرنسية ثانية المصدرين في العالم) وسيتقاسم عمال العالم البطالة بدلاً من الخيرات في نهاية المطاف. وفوق ذلك فلن تكون الخدمات الأساسية المتصلة بالتعليم والصحة والبيئة والثقافة أو لن تعود مضمونة لأنها لا تولد أرباحاً ولا تعني القطاع الخاص لأنه لا يمكن أن تتحمل أعباءها سوى دول أو جماعة المواطنين الذين تريد الليبرالية أن تنزع منهم كل سلطة وكل الوسائل. لكن ما هي وسائل توسع الرأسمالية وتراكمها؟ إنها الحرب (أو الحماية على طريقة المافيا) والقمع والنهب والاستغلال والربا والفساد والدعاية. الحرب ضد الدول غير المنقادة التي لا تحترم المصالح الغربية. وما كان في السابق من شأنها إنكلترا وفرنسا في أفريقيا وآسيا (حيث أدت آخر اختلاجات الاستعمار في الهند ومدغشقر والهند الصينية والجزائر إلى ملايين القتلى) أصبح اليوم، من شأن الولايات المتحدة الأمة التي تريد فرض وصايتها على العالم. ولم تكف الولايات المتحدة من أجل ذلك عن ممارسة سياسة تسلح زائد (تمنعه عن الآخرين) وقد رأينا ممارسة هذه الامبرالية في كل التدخلات المباشرة وغير المباشرة للولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية، وخاصة في أمريكا الوسطى (نيكاراغوا و غواتيمالا والسلفادور وهندوراس وغرينادا) وفي آسيا في فيتنام وأندونيسيا وتيمور (إبادة أكبر نسبياً من تلك التي مارسها الخمير الحمر في كمبوديا إبادة اقترفت في ظل لامبالاة الغرب أن لم تكن في ظل تواطئه) وفي حرب الخليج ... إلخ.
وهذه الحروب لا تجري بالأسلحة فقط، بل يمكن أن تتخذ أشكالاً جديدة، فعلى سبيل المثال، لم تتردد الولايات المتحدة في تجنيد طائفة مون في كوريا الجنوبية للقتال ضد الشيوعية، والفاشيين في إيطاليا ما بعد الحرب ولم تتردد في تسليح الأصوليين الإسلاميين وطالبان في أفغانستان وتمويلهم، ويمكن أن تتخذ الحرب شكل حصار ضد الدول غير المنقادة مثل: كوبا وليبيا والعراق. وكم كان هذا الحصار قاتلاً للشعوب (مئات الألوف بل وملايين الموتى في العراق) والنهب هو الباعث الحقيقي لاستعمال القوة. فإذا أردت أن تسطو على منزل فيه سكان فيجدر بك أن تجهز سلاحك.
إن ممارسات الرأسمالية قريبة من ممارسات المافيا، ومن أجل ذلك بالتأكيد تنمو هذه الأخيرة بهذا القدر من الجودة في مستنبتهاز وعلى غرار لمافيا تحمي الرأسمالية القادة المنصاعين الذي يدعون الشركات الأمريكية والمتعددة الجنسيات إلى نهب بلدانهم دون حياء. وهكذا يجري توطيد الديكتاتوريات الأشد كفاية من الديمقراطيات في حماية أملاك مشروعاتهم. أما أسلحتها فهي الديمقراطية والديكتاتورية. التجارة أو قطع الطرق. الترهيب أو القتل. وهكذا فإن وكالة الاستخبارات المركزية هي أكبر منظمة إجرامية على مستوى العالم. والربا طريقة مافياوية أخرى. فكما تقرض المافيا التاجر الذي لا يستطيع أبداً سداد دينه وينتهي بفقدان حانوته أو حياته، كذلك يجري تشجيع البلدان على الاستثمار والاقتراض حتى لو لم تكن بحاجة إليه. وتباع لها أسلحة تساعدها على القتال ضد الدول غير المنقادة، ويجب أن تسدد إلى الأبد فوائد الدين المتراكمة ويصبح الدائن سيد اقتصادها.
ويمضي القمع والاستغلال جنباً إلى جنب: القمع ضد النقابات (الذي كان شرعياً في الماضي) والذي غدا غير معترف به الآن. ولكنه يمارس دائماً بشكل فعلي، غير المراقبة القمعية وميليشيات أرباب العمل الإجرامية والنقابات التي يخلقها أرباب العمل. وقمع ضد كل معارضة عمالية جذرية. وهذا ثمن فرصة العمل. ونحن نعلم منذ ماركس أن استغلال العمل هو محرك الرأسمالية. وتستفيد الاقتصادات الغربية في العالم الثالث من أسوأ استغلال الرق وفي بلدانها من قنانة المهاجرين غير الشرعيين.
وعن الفساد، فإن الشركات متعددة الجنسيات تملك من النفوذ أو من الضغوط المالية أو السياسية على جملة المسؤولين العامين أو الخاصين ما تخنق معه كل مقاومة ضد مجساتها الأخطبوطية. وفيما يتلك بالدعاية، تتذرع الرأسمالية لفرض مبدئها وتبرير التسلح الزائد وأفعالها الجانحة وجرائمها الدموية يمثل عليا نبيلة: الدفاع عن الديمقراطية (ونشرها في دول العالم الثالث) والدفاع عن الحرية والنضال ضد الديكتاتورية (الشيوعية) (والحرب ضد الإرهاب) في حين أنها لا تدافع إلا عن مصالح طبقة متملكة تريد أن تستولي على المواد الأولية وفرض وصايتها على إنتاج النفط أو التحكم في المواقع الاستراتيجية، ويساعد في نشر هذه السياسة حكام اقتصاديون وصحافة ووسائل إعلام عميلة. إنها (كلاب الحراسة) التي ندد بها نيزان من قبل أو خيانة المثقفين التي شهر بها حوليان بندا.
يا أنصار الليبرالية، يا مداحي الولايات المتحدة، لم أسمع صوتكم ضد تدمير فيتنام والإبادة الأندونيسية والفظاعات المقترفة في أمريكا اللاتينية باسم الليبرالية، ولا ضد المساهمة الأمريكية لانقلاب بينوشيه الذي كان واحداً من أكثر الانقلابات دموية في التاريخ. ولا ضد قتل النقابيين الأتراك. إن غضبكم اصطفائي إلى حدٍ ما. سوليدار نوس المسديس ولكن ليس الديسك، بودابست ولكن ليس الجزائر، براغ ولكن ليس سانتياغو، أفغانستان ولكن ليس تيمور. لم أركم تغضبون حين كان يُقتل الشيوعيون أو ببساطة حين يُقتل أولئك الذين كانوا يطالبون بإعطاء السلطة للشعب والدفاع عن الفقراء. لا أسمعكم تطالبون العفو عن تواطئكم أو عن صمتكم!!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الكتاب الأسود للرأسمالية (Re: هشام آدم)
|
________________
البزل البشري لتجارة الرق ومعاملة العبيد:
كم عدد الأفريقيين الذين نقلوا إلى ما وراء الأطلسي منذ بداية القرن السادس عشر إلى منتصف القرن التاسع عشر (استمرت تجارة الرقيق عدة عقود بعد منعها عام 1815م في شمال خط الاستواء وعام 1842م في جنوب الأطلسي)؟
تقدم أحدث التقديرات رقماً للمنقولين يتراوح بين 10 إلى 15 مليون. إلا أنه يجب أن نضيف إلى هذا النزف الديموغرافي في كل الضحايا البشرية الناجمة عن صيد العبيد ونقلهم. كان صيد العبيد قد أصبح بالنسبة للطبقات الحاكمة في الدول الأفريقية أكثر الأنشطة ربحية: كم قتيل وقع خلال الغزوات على القرى مقابل كل شخص يقع في الأسر؟ تم كم من ميت خلال الطريق في القوافل التي تقود الأسرى نحو الساحل على مسافة تبلغ مئات الكيلومترات أحياناً؟ كم من ميت في "مستودعات" الساحل؟ وكم من ميت في البحر خلال النقل (كانوا غالباً عديدين وعلى الأخص عندما يندلع وباء على السفينة من جراء التكديس والشروط الصحية والغذائية خلال رحلة تدوم عدة أسابيع) ويجب أن نضيف إلى هذه النتائج في أفريقيا نفسها، نتائج الانعدام الدائم للأمن الناجم عن صيد العبيد: سكان أحاطت بهم المجاعة نتيجة لتدمير قراهم ومحاصيلهم واضطروا للجوء إلى مناطق يصعب الوصول إليها ولكنها محرومة من الموارد. والواقع أنه من أجل تقدير عدد الضحايا ينبغي ضرب عدد المنقولين بمعامل مؤلف من عدة وحدات يستحيل تحديدها: 50 مليون؟ 100 مليون؟ في أمريكا نفسها كان التطور الديموغرافي للسكان العبيد حتى في نهاية القرن الثامن عشر سالباً ففي القسم الفرنسي من سان دومينغو (جمهورية هاييتي اليوم) لم يبق عام 1789 من 2.2 مليون من العبيد المستوردين خلال خمسين عاماً سوى 500.000 فقط.
ويبدي فينيلون حاكم المارتينيك في رسالة إلى الوزير في 11 نيسان 1764 دهشته من هذا التطور السالب ويبرز أسباب هذا التناقض في السكان الذي يدفع دائماً إلى استيراد عبيد دون انقطاع: بالتغذية السيئة والافراد في العمل المفروض حتى على النساء الحبالى وأمراض الأطفال المتكررة. ويعترف تاج العبيد دوغرانبريه الذي يستشهد به الأب ديودونيه رانشون بما يلي: "كنا نراهن على إفراطهم في العمل ولم نكن نخشى أن نميتهم من التعب إذا كان الثمن الذي نحصل عليه من عرقهم يساوي سعر شرائهم." ويكتب هيليار دوبرتوي مجيباً على أسئلة غاستون مارتان والذي أقام اثنتي عشرة سنة في سان دومينغو قائلاً : "إن ثلث عبيد غيبيا يموتون عادة في السنوات الثلاثة الأولى من نقلهم ولا يمكن تقدير الحياة العاملة لعبد اعتاد على البلد بأكثر من خمسة عشرة سنة." إن تعبير "يعمل كزنجي" باق في اللغة الفرنسية ولا بد من الانتظار حتى نهاية القرن الثامن عشر من أجل أن يستقر عدد السكان العبيد ويبدؤون في التزايد بصورة طبيعية. وقاد إلى ذلك عدة عوامل: ارتفاع كلفة العبيد - توقف تجارة الرقيق خلال الحروب النابوليونية - الخوف الكبير الذي أثارته لدى أنصار الرق ثورة سان دومينغو (هاييتي) وكذلك فإن مالكي العبيد أصبحوا معنيين بالإبقاء على أيديهم العاملة وبتناسلها. كان ينبغي لمالكي العبيد من اجل الحفاظ على انضباط عبيدهم أن يفرضوا نظام تمييز وإرهاب. وقد حددت "مجموعة القوانين السوداء" الني نشرت عام 1685م في عهد لويس الرابع عشر وهي مجموعة نظم تتناول الحكومة وإدارة العدالة والبوليس والانضباط وتجارة العبيد في المستعمرات الفرنسية المعمول بها حتى عام 1848م باستثناء المستعمرات التي طبق فيها بين 1794م و 1802م كل اعتداء من عبد على سيده أو على أشخاص بيض وكذلك كل سرقة لخيول أو ثيران: ويعاقب العبد الذي يعرب لأكثر من شهر بقطع أذنيه وبدمغ زهرة زنبق على كتفه بواسطة الحديد المحمى، وإذا عاود ذلك قطع عرقوبه ودمغت كتفه الأخرى بزهرة زنبق. أما المرة الثالثة فيعاقب عليها بالإعدام ولن يلغى التعذيب (الدمغ والتشويه) إلا عام 1833م.
وكان يحق للسادة تقييد عبيدهم وجلدهم عندما يعتقدون أنهم يسحقون ذلك، وكان من الممنوع مبدئياً على السادة خارج الحالات المنصوص عليها تعذيب عبيدهم أو قتلهم. ولكن الواقع هو أن السادة لم يكونوا يعاقبون مهما فعلوا. فقد كان مبدأ المحاكم التي كانت بين أيدي المستعمرين هو أنه لا يجوز أن يحكم على سيد بناء على شكوى مقدمة من عبد خشية تعريض نظام الرق للخطر. ويلاحظ غاران في تقريره حول "اضطرابات سان دومينغو" أنه ليس ثمة مثال واحد على سيد أحيل إلى القضاء لأنه قتل عبداً أو شوهه. وأن قراراً في عام 1784 كان يحدد بخمسين عدد الجلدات التي كان يستطيع سيد أن ينزلها بعبده، جرى إقراره بكثير من الصعوبات ولم ينفذ أبداً. وكان الزواج والعلاقات الجنسية بين المستعمرين والعبيد ممنوعة من حيث المبدأ. والواقع أن المستعمرين اتخذوا خليلات من النساء العبيد وتشكلت سريعاً جداً طبقة من الهجناء مرتبة تسلسلياً بموجب نسبة الدم "الأبيض" في عروقهم. وفي عام 1789م أحصي في القسم الفرنسي من سان دومينغو 35.440 أبيض و 509.642 عبداً و 26.666 محرراً وملوناً وكان يمكن للمحررين والأحرار الملونين أن يكونوا ملاكي مزارع وعبيد، ولكنهم كانوا خاضعين لتمييز صارم: فقد رفض المعمرون عام 1789م منحهم الحقوق السياسية.
في كراس صدر عام 1814م يعدد فاستاي سكرتير الملك كريستوف (هنري الأول الذي خلدته مسرحية إيميه سيزير) ضروب التعذيب التي أنزلها المعمرون بعبيدهم. وخاصة لدى ثورتهم: عبيد أحرقوا أحياء أو تمت خوزقتهم، أطراف مبتورة بالمنشار، لسان - أذان - أسنان - وشفاه مقطوعة أو مقتلعة، مشنوقة ورؤوسهم إلى الأسفل. غرقى ، مصلوبون على ألواح ، مدفونون أحياء ، مربطون على منامل ، ملقى بهم أحياء في مراجل سكر ، مدفوعون على منحدرات في براميل برزت مسامير في داخلها وملقى بهم احياء . أخيراً لتلتهمهم كلاب مدربة لهذا الغرض. وقد قام روشامبو الابن قائد الحملة التي أرسلها بونابرت لاسترجاع سان دومينغو وإعادة الرق إليها، بعد موت الجنرال لوكليرك بشراء كلاب مدربة لهذه الغاية من كوبا. ولا حاجة إلى أن نقول هنا بأن المثال المذكور هنا على المستعمرات الفرنسية فيما يتعلق بمعاملة العبيد يمكن أن يمتد إلى جملة المستعمرات الأخرى.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الكتاب الأسود للرأسمالية (Re: هشام آدم)
|
_______________
تجارة الرقيق والعبودية في القرن التاسع عشر :
لم يطبق قرار منع تجارة الرقيق على الرغم من قمع الدوريات البريطانية لها، ولم تنته هذه التجارة إلا حوالي 1860م. فيعد "الخوف الكبير" لأنصار الرق الناجم عن ثورة العبيد في القسم الفرنسي من سان دومينغو التي أدت في عام 1804م إلى استقلال جزيرة هاييتي السوداء، عرف النصف الأول من القرن التاسع عشر تصاعداً جديداً لزراعة الرق الأمريكية. وذلك ليس بعد في إطار المركنتلية بل في إطار السوق التي تسطير عليها الرأسمالية الصناعية الحديثة. فقط تصاعدت في جنوب الولايات المتحدة زراعة القطن التي استخدم فيها الأرقاء لتموين المصانع الإنكليزية في مانشستر للاستهلاك الأوروبي. ولم يلغ الرق إلا في عام 1833م في المستعمرات الإنكليزية وعام 1848م في المستعمرات الفرنسية وعام 1866م في الولايات المتحدة الأمريكية (بعد هزيمة الجنوبيين في حرب الانفصال) وعام 1886م في كوبا وعام 1888م في البرازيل. ولكن تجارة الرقيق التي منعت في الأطلسي عرفت نمواً جديداً في القرن التاسع عشر في أفريقيا الشمالية وخاصة في السودان (التابع لمصر) وسلطنة زنجبار التي أسسها عرب عمان والتي كانت انطلاقاً من جزيرتي زنجبار وبيمبا، تسطير على كل ساحل المحيط الهندس من الصومال إلى موزمبيق. وغالباً ما سلطت الضوء على تجارة الرقيق في هذه المنطقة لمحاولة إيجاد "العذر" لتجارة الرقيق الأوروبية تحت ذريعة "لم نكن الوحيدين" والمشكلة هي أن محرك تجارة الرقيق هذه كان طلب سوق الرأسمالية الأوروبية.
وبالفعل، فقد كان الهدف الرئيسي لهذه التجارة هو البحث عن العاج: بذبح الفيلة وعلى الأخص نهب "كنوز" أنياب الفيلة التي راكمتها مقاطعات أفريقيا الوسطى. وكانت حملات النهب المنطلقة من النيل أو من زنجبار تهدم القرى وتذبح السكان أو تستعبدهم، وتستخدم الأسرى كحمالين لنقل العاج. وإذا كان الرق يشكل نوعاً ما (إنتاجاً ثانوياً) لعمليات نهب العاج، فقد كان العبيد الذين يبقون على قيد الحياة يباعون في الشرق الأوسط حيث كان الرق المنزلي ما زال سارياً أو يستخدمون في مزارع القرنفل في زنجبار التي كانت المورد الأول للسوق العالمية للقرنفل التي يتحكم فيها البريطانيون.
وكانت السوق الأوروبية تطلب فعلاً العاج من أجل استهلاك الطبقات الميسورة" كرات البيلياردو وأصابع مفاتيح البيانو ومقابض المدى لصناعة السكاكين في شيفيلد. ويمكن تقدير عدد العبيد المصدرين إلى آسيا عن طريق المحيط الهندي في القرن التاسع عشر بأربعين ألف وعددهم الناتج عن تجارة الرقيق في السودان بـ750 ألف (تقدر نسبة "الخسارة" أثناء النقل بـ10 - 30% بينما لا يمكن تقدير الخسائر أثناء عمليات الاصطياد).
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الكتاب الأسود للرأسمالية (Re: هشام آدم)
|
_____________
طريق الهند والاستعمار الآسيوي:
بينما كان الأسبان يستعمرون أمريكا بعد أن خيل إليهم أنهم بلغوا الهند من الغرب، كان البرتغاليون يستكشفون ويفتحون في الوقت نفسه تقريباً طريق الشرق ملتفين من الجنوب حول القارة الأفريقية. وقد وصل فاسكو دو غاما إلى الهند (الحقيقية) عام 1498م. سيكون الاستعمار الشرق في البداية من صنع البرتغاليين طبقاً لمبدأ الاحتكار الملكي ثم الهولنديين والإنكليز والفرنسيين الذي أتوا في أعقابهم. وكانت الممتلكات الإقليمية للمستعمرين تقتصر ما عدا بعض الاستثناءات وحتى النصف الثاني من القرن الثامن عشر على الأقل على وكالات تجارية ساحلية. وكان الأوروبيون يأتون إلى الهند. وبصورة ثانوية إلى أندونيسيا والصين واليابان بحثاً عن منتجات ترفيه: بهارات ومنتجات الحرف الشرقية: منسوجات فاخرة والموسلين والكشمير والمنسوجات الهندسة كالأقمشة القطنية الملونة والحرائر وأصبغة نباتية وخزفيات صينية) وكان من المستحيل بالمقابل اقتراح أصناف مصنعة أوروبية، فقد كان الآسيويون يصنعون الأفضل والأرخص. فكان ينبغي التسليم بتسديد ثمن المشتريات فضة. وكانت الفضة الأمريكية هي التي تشدد ثمن المشتريات الآسيوية. وبين القرنين السادس عشر والثامن عشر امتصت الصين ثلث الفضة التي توفرها أمريكا ، بل وربما النصف. وكانت الصين تراقب مداخلها مراقبة لصيقة. والبرتغاليون هم وحدهم الذين استطاعوا أن يقيموا فيها وكالة تجارة في ماكاو. أما اليابان فقد انغلقت عام 1638م على التجارة الأوروبية باستثناء دخول محدود ومراقب إلى ميناء ناجازاكي احتفظ به الهولنديون وحدهم.
إلا أن الهولنديين سيطروا منذ القرن الثامن عشر لضمان احتكار البهارات مباشرة أو عن طريق ملوك محليين على جزر الملوك ثم على جاوة حيث أقاموا عاصمة إمبراطوريتهم التجارية باتافيا "جاكرتا اليوم". وخلال القرن الثامن عشر شرع الفرنسيون والإنكليز في توطيد وكالاتهم عبر سيطرة إقليمية وقد جرى التخلي عن محاولة دوبلكس الفرنسية التي اعتبرتها شركة الهند الشرقية الفرنسية مبادرة شخصية واستنكرتها. وبعد ذلك بعد هزيمة فرنسا في حرب السبع سنوات (1763م) ثم حلت شركة الهند الشرقية الإنكليزية مكانهم. وأدى انتصار بلاساي إلى سيطرة الشركة على البنغال. وقد تغير أسلوب الاستعمار والعلاقات التجارية منذ ذلك الحين جذرياً. ففي التجارة أضافت الشركة مصدراً للأرباح هو الاستغلال الضريبي للأقاليم المفتوحة. وبدأ حينئذ "ترحيل" الفضة والثروات الأخرى المتراكمة في الهند. وعند منعطف القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، ابتدأت الحركة التي سوف تحول الهند من مورّد لمنتجات مصنعة وترفيه إلى مورّد لمواد أولية للصناعة الإنكليزية كالقطن والخيش. ومشتر لمنتجات مصنعة للصناعة الإنكليزية وهو ما أدى إلى دمار الحرف التقليدية.
أما بالنسبة للصين فقد جرى انقلاب الأمور بصورة أكثر تأخراً كان ذلك في بداية القرن التاسع عشر: فمن أجل تسديد ثمن المنتجات الصينية حل تدريجياً محل الفضة الأفيون الذي كانت تستورده إلى الصين شركة الهند. وكان عام 1820م على وجه التقريب العهد الذي انقلب فيه الميزان ضد مصلحة الصين. وقد فرضت "حرب الأفيون" (1839 - 1842) على الصين فتح خمسة مرافئ والتخلي عن هونغ كونغ، وعلى الأخص استيراد الأفيون الذي كانت الحكومة الصينية قد حاولت منعه. وكي نستعير كلمة برودويل نقول: "ها هي الصين تقبض دخاناً ، وياله من دخان!"
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الكتاب الأسود للرأسمالية (Re: هشام آدم)
|
_______________
ما هي النتائج بالنسبة للشعوب؟
بالنسبة للهند الهولندية (أندونيسيا) فإن تاريخ الإدارة الاستعمارية الهولندية يعرض لوحة من جرائم القتل والخيانات والفساد ولوحة حقارات لن يعادلها شيء قط. جرى هذا الكلام على لسان الحاكم الذي عينه الإنكليز فيها لدى احتلالهم أندونيسيا إبان الحروب النابوليونية. فكل الوسائل : النهب ، الاسترقاق ، الابتزاز صالحة لتؤمن أرباحاً قياسية لشركة الهند الشرقية الهولندية التي استغلت أندونيسيا حتى نهاية القرن الثامن عشر. وسوف تفعل الدولة في القرن التاسع عشر ما هو أشد وأدهى أيضاً، فمنذ 1830م أقام الحاكم فان دي بوش "النظام" الذي يحمل اسمه: زراعات إجبارية وعمل إجباري. فقد فرض على الفلاحين أن يقدموا خمس أفضل أراضيهم وخمس زمن عملهم ليوفروا مجاناً منتجات للتصدير. وسوف تتجاوز الزراعات الإجبارية والعمل الإجباري غالباً الحدود الرسمية وسوف تمضي السلطة إلى حد طلب ثلث الأراضي بل ونصفها. ومن 66 إلى 240 يوماً فيما يتعلق بزمن العمل سنوياً. وبصورة موازية لذلك تضاعفت الضريبة العقارية. وقد أدت إقامة مزارع التبغ والمطاط وزيت النخيل إلى تجنيد يد عاملة "تعاقدية" كانت بالفعل عمالاً يعاملون أسوأ من العبيد.
وسيجد الإنكليز في الهند دعم بعض الطبقات الاجتماعية من التجار والمصرفيين خاصة، التي ستجعل من نفسها وسيطة للتجارة الإنكليزية. ففي عام 1793م جعلت إدارة شركة الهند من "الزاميندار" الذين كانوا متعهدي ضرائب في عهد الإمبراطورية المغولية ملاكين عقاريين كباراً. "سادة الأرض" على النمط البريطاني. في أقاليم كانوا مكلفين بجباية الضريبة فيها. وتم اختزال الفلاحين إلى وضع مكترين مؤقتين. كما جرى التناول عن احتكار الملح والأفيون وورق التبغ ومنتجات أخرى لبعض من كبار موظفي الشركة الذين اغتنوا سريعاً. ولكن ما هو أسوأ جاء مع تدمير الحرفة. ذلك أن التوازن الاقتصادي للهند كان يقوم على الترابط بين الزراعة والحرفة (النسيجية خاصة). فقد انخفض استيراد الأقمشة الهندية إلى إنكلترا بين 1814م و 1845م بمعدل ثلاثة أرباعها وفي الاتجاه المعاكس تضاعفت واردات القطنيات الإنكليزية إلى الهند خمسين ضعفاً. وكان على الحرفيين المفلسين أن يغادروا حرفهم ويرتدوا إلى عمل الأرض الذي كان مشحوناً إلى ما فوق طاقته من قبل. وأمكن لحاكم عام الهند أن يقول أن عظام الحائكين كانت تجعل سهول الهند بيضاء!
غدت المجاعات الدورية من خصائص الهند. فقد قتلت 18 مجاعة بين 1875م و 1900م على 26 مليوناً كما حدثت مجاعات أخرى في القرن العشرين (قتلت مجاعة البنغال عام 1943م ما يتراوح بين ثلاثة وأربعة ملايين شخصاً) أما بالنسبة للصين، فقد تلت حرب الأفيون تدخلات عسكرية أوروبية أخرى مكرسة لفرض مشيئة الدولة الرأسمالية الكبرى التي ستحصل على "امتيازات" مرفئية. وقد فرضت على الصين منذ 1842م أن تحد الرسوم الجمركية على السلع الأجنبية المستوردة بخمسة بالمائة وسوف نشهد تفكك دارات اقتصادية تقليدية وتفاقماً للبؤس سيؤدي إلى ثورات فلاحية كانت أهمها ثورة التاي - ينغ ( 1851م - 1864م)
ولمكن أن نلخص كل ذلك على النحو الذي ذكره ماركس كما يلي: "اكتشاف قارات أمريكا الفضية والذهبية، واسترقاق السكان الأصليين وحبسهم في المناجم أو إبادتهم وبداية الغزو والنهب في الهند الشرقية، وتحويل أفريقيا إلى نوع من أرض قنص تجارية لصيد أصحاب البشرة السوداء، تلكم هي الطرائق المثالية للتراكم الأولي التي تشير إلى العصر الرأسمالي عند فجره."
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الكتاب الأسود للرأسمالية (Re: هشام آدم)
|
______________
أوروبا الشرقية و"القنانة الثانية":
إن إلحاق آسيا وأفريقيا واستغلالهما عن طريق سوق أمريكا العالمية، قد امتد إلى الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية أيضاً. فقد دخلت التجارة الغربية الإمبراطورية العثمانية تدريجياً ومنذ القرن السادس عشر، أفاد الفرنسيون تلاهم الإنكليز لوكالاتهم التجارية التي سميت "سلالم الشرق" من عدم شمولها بالقوانين العثمانية.
أما في أوروبا الشرقية (على وجه الإجمالي شرقي نهر الألب) فإن الأرستقراطية المحلية من أجل حصولها على منتجات الترف من أوروبا الغربية ( ملابس وأثاث وخمور .... إلخ) زادت من وطأة استغلالها للطبقة الفلاحية بنسبتها ملكية الأرض إلى نفسها وبتعميم القنانة. وذلك ما يسميه المؤرخون "القنانة الثانية" التي نمت في أوروبا الشرقية في البرهة نفسها التي كانت فيها القنانة تزول من أوروبا الغربية وسوف تعرف ذروتها في روسيا في نهاية القرن الثامن عشر. في عهد كاترين الثانية وتتخذ أشكالاً قريبة من الرق الخالص.
وسوف تجعل في الإمكان نشر هذا الإعلان الصغير في غحدى صحف سان بطرسبرغ: "للبيع، حلاق وبقرة من جنس جديد" وقد سمح هذا الاستغلال المشدد للطبقة الفلاحية لكبار الملاكين بكسب المال عن طريق تصدير منتجات غذائية ومواد أولية إلى أوروبا الغربية: حبوب وكتان وخشب... إلخ. وسوف تكون مدن الهانس (الألمانية والبلطيقية) البحرية وسيطة هذه التجارة والمستفيدة منها.
| |
|
|
|
|
|
|
|