دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
الحواس التوأمية للإنسان
|
لم تكن الكثرة العددية فارقًا نوعيًا في أيّة مرحلة من مراحل التاريخ البشري، ولا في أيّة قضيةٍ من القضايا على الإطلاق، وإن حدث ذلك كان من قبيل التوافق الجمعي على المُدرك وليس على المعلوم؛ فسُكان العالم كُلهم تقريبًا مُجمعون الآن على أنّ الأرض كروية الشكل، وأنها تدور حول محورها، ولكن ما يجعل كروية الأرض ودورانها حقيقةً، ليس هو إجماع الغالبية على ذلك، وإنما كون الحقيقة حقيقةً مستقلةً بذاتها، بصرف النظر عن آرائنا نحن عنها، وعدد المُصدقين بهذه الحقيقة وعدد المُكذبين لها، وبعد إدراك الحقيقة، يصبح التوافق الجمعي ضربًا من ضروب الاستقامة ليس إلَّا، ففي القرن الرابع عشر وما قبله كانت هذه المعلومة الحقيقية مُجرّد خرافة وهرطقة في أذهان غالبية سكان العالم، ولكن هذا التوافق لم يجعل المعلوم حقيقةً، وهكذا فإنَّ كل المعلومات هي في حالة اختبار دائم حتى تُدرك، ولا يُمكن، في الإدراك، الاستغناء عن العنصر الحسي (الحواس الخمس)، بينما يكفي الحدس والبديهة لتكوين معلومةٍ ما، والإجماع على هذه المعلومة لا يجعلها حقيقةً أبدًا. يُخبرنا الحدس المنطقي أنَّه من غير المعقول أن يكون الكون، بكل ما فيه من مجراتٍ وكواكب مهولة العدد، غير مأهولة بالحياة إلَّا على كوكبٍ يكاد يختفي في هذا الزخم الكوني المهيب, حدسنا هذا يقودنا إلى إنتاج معلومةٍ ظنِّيةٍ مفادها أنَّ هنالك حيواتٌ أخرى في كواكبٍ أو مجراتٍ أخرى، ولكن وحتى ذلك الحين الذي نتمكن فيه من إدراك هذه المعلومة حسيًّا، فإنَّها تظل مُجرّد معلومة، لا يضر ولا ينفع إجماعنا أو اختلافنا حولها. كل المعلومات، مهما كان مقدار رسوخ منطقيتها وعقلانيتها إن لم يكن بإمكاننا إدراكها واختبارها حسيًا فهي لا تعدو كونها معلومةً تقبل التصديق أو التكذيب، والتصديق والتكذيب ليسا سوى إحدى وسائل اختبار المعلومة؛ إذ أنّه لولا التشكيك لما ثبت اليقين، ومن العبث المحض الرهان على المعلوم قبل إدراكه، وإلَّا لكان ذلك من قبيل إلغاء العقل، وتحييده.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الحواس التوأمية للإنسان (Re: هشام آدم)
|
إذن؛ فكيف نُدرك الأشياء والمعلومات إن لم يكن بإحدى وسائلنا الحسيّة؟ هل نُدرك كُنه اللون الأحمر مثلًا؟ هل نُدرك كنه الرقم 10 مثلًا؟ هل نُدرك كنه الخير أو الشر؟ يتصور البعض أنَّ حواسنا المادية لا يُمكن أن تعمل إلَّا على صعيد المادة الحسيَّة، وليس على صعيد المُجرَّدات، فيقولون بإمكانية إدراكنا للحصى والجبل، والنهر والشجر، ولكن ليس بإمكاننا إدراك الألوان والأرقام والمُجرَّدات، فهل هذا صحيح؟ ثقتي الآنية تجعلني أقول بارتياحٍ كبيرٍ إنَّ هذا غير صحيح، فجميع المُجرَّدات وُلدت وتكوّنت وتم إنتاجها في أذهاننا أولًا، ومن الغريب أن يُقال للمُجرَّدات التي أنتجناها في أذهاننا أنَّها غير قابلةٍ للإدراك بأذهاننا! هذا بالتحديد ما يجعل من أذهاننا أداةً فاعلةً للإدراك؛ فالأمر لا يتعلق بمجرّد إخضاع الأشياء والمعلومات لحواسنا (منافذ وعينا وإدراكنا) بل يجب ألا ننسى أن أدمغتنا تقوم بعمليات تحليلٍ وفرزٍ ومقارنةٍ وتجريد، فأدمغتنا ليست مستودع تخزين وحسب، ولهذا فنحن نُدرك الأرقام فعلًا، وبإمكاننا رسم صورتها ونطق صوتها رغم أنَّها ليست سوى قيم مُجرَّدة لا وجود حسي مستقل لها، فعندما ننطق أو نقرأ "عشرة" فإنه لا يتبادر إلى ذهننا سوى الرقم عشرة كصورة ذهنية مكونة من خانتين: 10 وليس هنالك وجود مُستقل للألوان مثلًا (أعني وجودًا مُستقلًا عن المادة) فلم نر أو نسمع عن اللون الأزرق إلا مُقترنًا بالمادة كوصفٍ لها، ولكن اللون الأزرق نفسه ليس له وجود فعلي مُستقل، فهو ليس مادةً أو جسمًا قائمًا بذاته، وكذلك الأرقام، فلم نر الرقم 9 في الطبيعة ككائنٍ مُستقلٍ يُمكن إخضاعه للتجريب والملاحظة. وفي الطفولة يتم الربط بين هذه القيم المُجرّدة وبين عناصر حسيَّة، كنوعٍ من تدريب أدمغة الأطفال على التجريد الضروري والمطلوب لعملية الإدراك، فنقول: (تفاحة + تفاحة = تفاحتين)، (خمس تفاحات – ثلاث تفاحات = تفاحتين)، وبالمِران والتجريب تتمكن أدمغتنا من الاستغناء عن الصور الحسيَّة وإدراك تلك المُجرَّدات مُباشرةً. وكذلك فإنَّ وجودنا في مجتمع بشري تحكمه قوانين وعادات وتقاليد مُحددة تجعل أدمغتنا تتعرف، شيئًا فشيئًا، على قيم الخير والشر وفقًا لهذه القوانين وهذه العادات، فما توافق معها أصبح خيرًا، وما لم يتوافق معها أصبح شرًا. وفي البدء يتم الربط بين قيم الخير برجلٍ صالحٍ أبيض الثياب، جميل المنظر وطيّب الرائحة، أو صورة ملاكٍ إلهي خيّرٍ وطيّبٍ، بينما يتم ربط قيم الشر برجلٍ شريرٍ أسود الثياب، قبيح المنظر وخبيث الرائحة، أو صورة شيطانٍ شريرٍ، وبالطبع يتم التخلَّص من هذه الروابط الحسيَّة في مراحلٍ مُتقدمة، ليكون بإمكان أدمغتنا إدراك هذه القيم المُجردة دون أيّة صعوبة، وبلا روابط حسيّة. وكذلك الألوان التي نربطها بمُدركات حسيّة في البداية: (أحمر = تفاح)، (أخضر = عشب)، (أصفر = ليمون)، (أسود = ليل)، (أبيض = حليب) إلخ، حتى يُصبح بإمكاننا تخيّل اللون الأحمر حتى دون الحاجة لرؤية شيء أحمر اللون.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الحواس التوأمية للإنسان (Re: هشام آدم)
|
وبذات الطريقة يتم إدراك كافة المعلومات التي لا يُمكن إخضاعها إلى تجربةٍ حسيةٍ مباشرةٍ، كالكهرباء التي نُدرك أنَّها قد تكون قاتلة، رغم أنَّنا لم نُجرَّب في حياتنا إلَّا مقدارًا ضئيلًا جدًا من قوتها، ولكن تجارب الآخرين كفيلة بتزويدنا بهذا النوع من الإدراك المُباشر، ولهذا لا نجرؤ على الإمساك بسلكٍ كهربائي عارٍ، في حال كان موصلًا بدائرةٍ كهربائية، فالأمر لا يتعلق هنا بالتجربة الحسية المُباشرة، ولكن التجارب الحسية غير المُباشرة قد تلعب دورًا هامًا في تكوين هذه المُدركات كذلك، ولهذا فإنَّ ربع سكان العالم يخافون من الكهرباء رغم أنهم لم يخوضوا تجارب حسية مباشرة مع الكهرباء. ومن هنا يُمكننا فهم أنَّه بالإمكان إدراك ما لا يُحس أو يُجرَّب بالضرورة، سواء كانت قيمًا مُجرَّدة هي في الأساس من إنتاج أدمغتنا، أو مستوحىً من تجارب حسيَّة غير مُباشرة، فلا يجب أن نتعرض جميعًا للدغات الأفاعي لنعرف أنَّها مؤلمة أو مميتة في بعض الأحيان، بل يكفي أن نرى أثر ذلك على الآخرين الذين تعرضوا لها. وعلى هذا أيضًا فإنَّه من الممكن إدراكُ التصورات الخيالية التي يُنتجها العقل البشري، فالتنين، رغم كونه خرافيًا، إلَّا أنَّه مُدرك تمامًا، وقد لا يعجز الكثيرون عن رسم صورة التنين أو حتى التعرَّف عليه عند رؤيته مرسومًا في أيّ مكان، هذه الميزة الإدراكية هي التي ساعدت كثيرًا من البشر في التعاطي مع القضايا الأكثر تعقيدًا بنوعٍ من التبسيط، ورغم أنَّنا نختلف في مقدراتنا الذهنية في خلق هذا التواصل مع المُجرَّدات والأفكار إلَّا أنَّ البعض لديهم قدرات مُذهلة في ذلك، كما نجد ذلك جليًا عند الفيزيائي الإيطالي جاليليو فيراري Galileo Ferraris مُكتشف الحقل المغناطيسي، الذي اعتمد في اكتشافه ذلك على قدراته الذهنية في تخيّل تأثير المغناطيس على التيار الكهربائي، وكذلك العالم العبقري ألبريت أينشتاين Albert Einsein الذي كان لقدراته العقلية المُذهلة في التخيّل دور كبير جدًا في تصوّر الزمان كعجينة غير منفصلة عن الكون، وبالتالي ارتباطها بها مُشكلةً بُعدًا رابعًا جديدًا، ضاربًا بذلك عرض الحائط كل ما تعوّدت عليه البشرية لقرون طويلة جدًا، وربما كانت قدرته على إدراك الزمكان Spacetime من أكثر الأفكار وضوحًا على قدرة الخيال الذهني على الإبداع، وهنالك أمثلة كثيرة جدًا على دور الخيال في الإدراك، فكل خيالٍ هو بالضرورة مُدركٌ لا محالة، ويبقى الرهان عندها على اختبار وتجريب هذه المُدركات الخيالية.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الحواس التوأمية للإنسان (Re: هشام آدم)
|
هل أعني فعلًا ما أقول؟ نعم! هل يعني ذلك أنَّ معلومة الحيوات والسُكان الفضائيين هي في حقيقتها مُدركة وليست مُجرّد معلومة؟ قد يكون هذا الاستنتاج صحيحًا إذا تجاهلنا الخطوة الأخيرة والهامة للإدراك الحسي، وهي التجريب والاختبار الحسي، ولكن من الناحية النظرية، فإنَّ كُل معلومةٍ هي مُدركةٌ تمامًا في ذهن أصحابها، وبإمكانهم أن يستشعروها داخليًا، وأن يتفاعلوا معها سلبًا أو إيجابًا، وهو ما يجعلنا مُضطرين إلى تقسيم المُدركات إلى قسمين: 1) مُدركات حسيّة 2) مُدركات ذهنية (تصوَّرية)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الحواس التوأمية للإنسان (Re: هشام آدم)
|
الآن .. هل يُمكن أن نقول: إنَّ هنالك عائلةً اسمها عائلة سمسون فعلًا؟ الإجابة الواقعية هي: "نعم" هنالك عائلة فعلًا بهذا الاسم، وهي عائلةٌ كانت تسكن في دماغ صاحبها ومخترعها مات غرونينغ، فهذه العائلة هي تمامًا مما ندركه بأذهاننا وليس حواسنا، وكذلك كل شخصيات ديزني لاند الخيالية: بطوط، عم دهب، ساندريلا، بينوكيو ... إلخ، فهم موجودون ذهنيًا وليس حسيًا، نراهم ونسمعهم، نضحك معهم، ونبكي من أجلهم، ولكننا، في الحقيقة، نرى ونسمع ونستمتع بتلك الفكرة التي تبلورت في أذهان مخترعي هؤلاء الشخصيات، وفي أذهان كُتَّاب السيناريو الذين وضعوا تلك الشخصيات داخل إطار قصصي خيالي أيضًا. إنهما عالمان مُكتملان لا يُمكننا إنكار أي منهما على الإطلاق، ولكننا يجب أن نفرّق بينهما كثيرًا، وإلا لاتهمنا الآخرون بالجنون. المُدركات الذهنية لها فاعليتها وتأثيراتها المُباشرة على واقعنا، ولكنها تظل مكانها ولا تبرحه، حتى تتمكن من اجتياز حاجز صلب جدًا ضُرب بينها وبين المُدركات الحسيّة: التجريب والاختبار، ومن السطحية أن نعتبر رؤيتنا لشخصية سمسون مُبررًا كافيًا لجعله ضمن قائمة مُدركاتنا الحسيّة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الحواس التوأمية للإنسان (Re: هشام آدم)
|
إنَّ قدرتنا على الإدراك الذهني هي ما قد يُبرر فهمنا للوصف الوارد في قوله: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ}(الصافات:65) فما منَّا أحدٌ قد رأى شيطانًا؛ بل إنَّ الشياطين نفسها هي من المُدركات الذهنية التي لم تتجاوز حاجز الاختبار والتجريب، ولكن ولأننا فقط يُمكننا إدراك الشياطين ذهنيًا؛ فإنَّ الآية تظل مفهومةً تخيّلًا، وفهمها هنا ساقطٌ على كل شخص حسب خياله وتصوّره للشيطان؛ فلا رقيب على خيالنا ولا حسيب. حتى أنَّه لا شيء يمنعنا عن تصوّر فكرةٍ كفكرة الإله، والتي هي فكرة مُدركةٌ ذهنيًا كذلك. إذن؛ فهل بإمكاننا القول إنَّه بمقدورنا إدراك (الله) ذهنيًا؟ ربما قد يرى المؤمن أنَّ هذا أمرٌ مستحيل، لأنَّه يضع في حسبانه على الدوام مقولة: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} وفي الواقع فإنَّ تخيَّل شيء ليس مثله شيء ممكن ذهنيًا، وليس من أحدٍ إلَّا وفكّر في هذا الأمر، غير أنَّ رهاننا هنا ليس على المحاولة، بل على النجاح، وهنا قد يتناسى البعض أنَّه لا يمكن الرهان على المعلوم قبل إدراكه؛ وحيث أنَّ الله لا يُمكن إدراكه حسيًا، فإنَّ إدراكه ذهنيًا يكون مفتوحًا وساقطًا على كل شخص بحسب خياله، وعندها لن تكون هنالك أيّ قيمة حقيقية للاختلاف أو الاتفاق حول الصورة الذهنية، لأنَّه لا يُمكن الرهان على المعلوم قبل إدراكه، بمعنى أنَّه لا يُمكنك أن تقول لأحدهم: "صورتك الذهنية عن الشيطان خاطئة، وصورتي هي الصحيحة." فصاحب كل صورة ذهنية هو صاحب الحق الفكري الوحيد لمُنتجه الذهني وليس أحدٌ سواه، طالما لم تتجاوز الفكرة حاجز الاختبار والتجريب الحسي، لأنّك عندما تعترض على شخصٍ ما بأنَّ صورته الذهنية عن الشيطان خاطئة مثلًا، فعندها يتوجب عليك أن تكون ممتلكًا للصورة الصحيحة، وعندما نتكلم عن صورة (صحيحة) نعني تمامًا أن تكون الصورة مستقلةً عن أذهاننا وأفكارنا عنها، وذلك شرط لا تنفع المقارنة إلًا به، تمامًا كما أنَّ أحدًا لا يستطيع أن يُجادل مات غرونينغ حول تصوّراته عن سمسون وعائلته، فيفترض لهم لونًا برتقاليًا عوضًا عن اللون الأصفر مثلًا، أو يعترض على امتلاكهم أربعة أصابع بدلًا عن خمسة! فلو أنَّ شخصًا تصوَّر الله على أيّ صورةٍ أو شكلِ، فليس بإمكان أحدٍ كان أن يعترض عليه؛ طالما أنَّه لا يمتلك صورةً حقيقية مختلفةً عمّا تصوّرها الآخر، ومن الضروري الإشارة إلى أنَّه لا يُجدي استخدام عبارة: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} للاعتراض على أيّ صورة، فالمماثلة غير واقعة في أيّ شيء آخر، فهل لسمسون مماثل مثلًا؟ وهل لكل شخص مماثل له؟ الحقيقة أنَّ كل شيء تقريبًا ليس له مماثل typical على الإطلاق، مع التأكيد على أنَّ فكرة التشابه والمماثلة ليسا شيئًا واحدًا، فمن يزعم بأنَّه لا شبيه له فهو كاذب، ومن يزعم أنَّه لا مثيل له صادق، حتى وإنَّ كان إنسانًا!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الحواس التوأمية للإنسان (Re: هشام آدم)
|
وبصرف النظر عن قناعتي الآنية بأنَّ الله ليس سوى فكرة أنتجها دماغ الإنسان كأيّ تصوّر ذهني آخر، إلّا أنَّ هذه النقطة تكتسب خصوصيتها من سمة متصلة بهذا الإله، وهي سمة اللامحدودية، فقد يتساءل بعضنا: "كيف للإنسان المحدود أن يُدرك ذهنيًا الإله غير المحدود؟" والحقيقة أنني لا أرى أيّ وجاهة لهذا السؤال على الإطلاق، فنحن، كما تقدّم، نُدرك الأرقام وهي ليست محدودة، ولانهائية، وكذلك فإننا ندرك الألوان بدرجاتها المختلفة، وهي غير محدودة، وبالإمكان خلط الألوان بصورة غير نهائية دون أن يكون لذلك أيّ معنى أو تعارض منطقي أو عقلي أصلًا. وما يُمكن قوله إلى هذا الحد هو أنَّ الله مُدرك تمامًا كصورة ذهنية، بكل ما خُلع عليه من صفات الكمال والإطلاق، ولكنه سيظل صورة ذهنية لا يضر ولا ينفع إجماعنا أو اختلافنا حولها حتى تجتاز حاجز الاختبار والتجريب؛ فهل سيتحقق ذلك؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الحواس التوأمية للإنسان (Re: هشام آدم)
|
الأخ Ahmed Alim تحيِّاتي
أشكر لكَ مُتابعتك لهذا المقال، وأعكف هذه الأيام على كتابة الجزء الثاني منه، ففكرة الموضوع تدور حول محاولة إثبات فرضية الحواس التوأمية والتي ربما تُساهم (حال نجاحنا في إثباتها) على حل ألغاز كثيرة جدًا لبعض الظواهر المُحيِّرة التي تُصادفنا في حياتنا اليومية، سواء على صعيد الأحلام وقدرتها على تغيير مزاجنا، أو ظاهرة التداعي المكاني والحدثي (الاعتقاد بأنَّك رأيتَ هذا المكان أو مرَّ بك هذا الحدث من قبل) بالإضافة إلى نتائج كثيرة قد تكون خفيَّة عني الآن.
تحيِّاتي لك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الحواس التوأمية للإنسان (Re: هشام آدم)
|
ســلام ..
Quote: وبصرف النظر عن قناعتي الآنية بأنَّ الله ليس سوى فكرة أنتجها دماغ الإنسان كأيّ تصوّر ذهني آخر، إلّا أنَّ هذه النقطة تكتسب خصوصيتها من سمة متصلة بهذا الإله، وهي سمة اللامحدودية، فقد يتساءل بعضنا: "كيف للإنسان المحدود أن يُدرك ذهنيًا الإله غير المحدود؟" والحقيقة أنني لا أرى أيّ وجاهة لهذا السؤال على الإطلاق، فنحن، كما تقدّم، نُدرك الأرقام وهي ليست محدودة، ولانهائية، وكذلك فإننا ندرك الألوان بدرجاتها المختلفة، وهي غير محدودة، وبالإمكان خلط الألوان بصورة غير نهائية دون أن يكون لذلك أيّ معنى أو تعارض منطقي أو عقلي أصلًا. وما يُمكن قوله إلى هذا الحد هو أنَّ الله مُدرك تمامًا كصورة ذهنية، بكل ما خُلع عليه من صفات الكمال والإطلاق، ولكنه سيظل صورة ذهنية لا يضر ولا ينفع إجماعنا أو اختلافنا حولها حتى تجتاز حاجز الاختبار والتجريب؛ فهل سيتحقق ذلك؟ |
تلخيص بديع وترتيب منظم للافكار .. جدلية قديمة متجددة للحواس الحسية والذهنية .. لقد قالها الآوائل : " لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة " إنه مذهب الوجودية ايمان المرء بالمعجزات والاشياء الخارقة اللامحدوة هي ما تجعله يؤمن بالله لأنه لو ادركته حواسه الذهنية لأصبح مألوفاً والمألوف لا يثير الدهشه ولا التفكير ولا القدسية فكر الوجودية هو ان الانسان هو الحقيقة اليقينية الوحيدة وانه يستطيع أن يصنع ذاته وهذا التفكير يجافي الحقيقة في أن لكل شئ صانع .. والمادة لا تفني ولا تستحدث من العدم
متابعة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الحواس التوأمية للإنسان (Re: كمال عباس)
|
برغم المنجزات العظيمة للعقل الانساني عبر مقدراته في البحث والتحليل والاستنباط وإستخلاص النتائج بالتجريب وتحصيل المعارف وفي سبر أغوار المجهول وحلحلة كتير من المسائل المعقدة على كل المستويات التطبيقية والنظرية، ولكن ظل العقل البشري نفسه مجهولاً! فبرغم الجهد المبذول لرسم خارطة كاملة عن كيفية عمل العقل الانساني فمازلنا نجهل عنه الكتير...أتفق معك بأن منافذ الحس لاتقتصر على الحواس الخمس فقط بل تتعداها بكتير فهناك كتير من الظواهر المدهشة لانجد لها تفسير. في الواقع نحن لا نستخدم الإ جزء يسير من الطاقات الهائلة للعقل الانساني. أندهش كتير يا عزيزي من المقاومة الشرسة للعقل لكل/ بعض القيود والمحظورات المفروضة عليه من قبل منظومات أو مفاهيم دينية أو إجتماعية. فمن منا يستطيع أن يقول بأنه لم يتجاوز تلك الخطوط الحمراء ولو بصورة ذهنية لمرة واحدة في وقتاً ما؟ وعشان كدا العقل البشري لا تستطيع اي منظومة دينية او اجتماعية في التحكم فيه بشكل مطلق، ويكفينا مثالاً وجود اللاديني في وسط مجتمع موغل في التدين والعكس صحيح. لإدراكنا الذهني مساحات مفتوحة وفضائات خلآقة لانهائية نستطيع أن نتجول فيها بحرية تامة، فلولاها لما أنتج العقل البشري كمثل تشارلس داروين والبرت أينشتاين..
تحياتي ياهشام
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الحواس التوأمية للإنسان (Re: محمد على طه الملك)
|
الأخ: Ahmed Alim تحيِّاتي
أشكرك على قراءة المقال، وعلى المُداخلة الجميلة. الحقيقة أنَّني لا أؤمن بمحدودية عقل الإنسان، فلو كان عقل الإنسان محدودًا، لكُنَّا حتى اليوم نعيش في الكهوف، ونخاف من صوت الرعد ونتساءل عن مُسبِّباته، ونخشى الاقتراب من النار ونعتقد أنَّها لعنةٌ من أرواح شريرة تسكنٌ مكانًا ما. إنَّ فهمنا المغلوط لفكرة محدودية العقل البشري، هي ما تجعل الكثيرين منَّا غير مقتنعين بإمكانيات بقدرات هذا العقل وما يُمكنه إنجازه، ولهذا فإنَّ عقل الإنسان، في تطوّر مُستمر، وهو في كل يوم يُثبت لنا أنَّه غير محدود، فالعقل المحدود لا يُمكن تجاوز أستار الظواهر الطبيعية إلى ما ورائها، وعدم قدرتنا الآنية على فهم ومُسببات بعض الظواهر هو في الحقيقة ما يُغري بمزيدٍ من التفعيل لقدرات هذا العقل، وليس العكس.
لك مني كل التحيِّة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الحواس التوأمية للإنسان (Re: هشام آدم)
|
العزيز: محمَّد علي طه الملك تحيِّة طيِّبة
أشكرك على قراءة المقال، والتفاعل الإيجابي معه، ولقد استمتعتُ بمُداخلتك التي حاولت فيها الإجابة على سؤالي حول إمكانية إدراك الله حسيًا، بانتقال الفكرة من حيزها التصوّري إلى حيزٍ مادي محسوس، وبدأت إجابتك بطريقة شيِّقة للغاية: " لن أجيبك بالإجابة التقليدية التي تنزلت بها الأديان لتنوير كسالى العقول واولئك المستسلمين لسطوة المادة على حياتهم العقلية ..فأقول كما قيل لهم ( في الآخرة )" ما أوحى لي بأنَّك سوف تتبع نهجًا آخر أكثر عملية، والحقيقة أنَّ كلامك لم يخرج عن هذا السياق التقليدي الذي رفضتَه؛ إذ أنَّك تُرجئ تحقق هذا الإدراك إلى الموت، ولا أدري أين هو الفارق بين منهجك هذا والمنهج التقليدي الذي استبعدتَه في بداية كلامك؟! دعني أستفض معكَ قليلًا حول هذا الأمر.
في الواقع فإنَّني أُفرِّق بين خصائص المادة وسلوكها، ورغم الارتباط الوثيق بينهما من حيث أنَّ خصائص المادية هي من قد تُحدد سلوك المادة؛ إلَّا أنَّ الفارق الجوهري هنا هو في وجود مُؤثرات خارجية تعمل على تغيير سلوك المادة. فالمادة السائلة من خصائصها المُرتبطة بها أنَّها مائعة وتأخذ شكل الإناء الذي توضع فيه، وهذه الخاصية تشترك فيها جميع السؤال؛ بلا استثناء، ولكن سلوك المادة هذا يتغيّر ويختلف باختلاف المُؤثر الخارجي، فلو قمُنا بتعريض ثلاث سوائل مُختلفة (ماء – حليب – زيت) إلى مصدر حراري، فإنَّها لن تسلك السلوك نفسه، فالزيت سوف يشتعل عندما تصل درجة الحرارة إلى حدٍّ مُعين، والماء سوف يغلي ويتبخر في نهاية الأمر، بينما سوف يفور الحليب. انتقال المادة من شكل إلى شكل آخر، وهو ما يُعرف في الفيزياء الكلاسيكية بحالات المادة: حالة سائلة – حالة غازية – حالة سائلة، هو في الحقيقة إحدى خصائص المادة، وخصائص المادة لا تنفصل عن المادة على الإطلاق. فعندما يتبخر الماء لا يُمكننا القول بأنَّ الماء قد مات أو فنى، بل انتقل من مرحلة مادية إلى مرحلة مادية آخرى وكذلك الأمر في بقية تحولات المادة الأخرى.
حسنًا؛ عندما يموت الإنسان، فإنَّه لا يفنى، بل يدخل في سلسلة من التفاعلات العضوية الأخرى؛ فتحلل جسم الإنسان المادي لا يعني فناءه، لأنَّ مادة الإنسان، بعد تحللها، تدخل في سلسلة غذائية من السلاسل الطبيعية والحيوية، فيتغذى النبات على المواد العضوية (مُتبقيات الجسم المادي للإنسان بعد تحلله) فتدخل المكوَّنات العضوية في بناء هذه النباتات، وعندما تقوم الحيوانات العاشبة بأكل النباتات تنتقل هذه المواد العضوية، مع بعض المواد العضوية الأخرى إلى جسم الحيوان العُشبي المادي، وهو بالضرورة واقع ضمن سلسلة غذاء حيوان لحومي آخر، وبالتالي فإنَّ هذه المواد العضوية تنتقل إلى هذا الحيوان اللحومي، وتصبح أحد مكوناته، وبموت هذا الحيوان يتحلل جسمه المادي ويدخل في سلسلة من التفاعلاتت العضوية، وتستمر هذه الدائرة بلا توقف. فأين الفارق؟
الفارق يا عزيزي؛ أنَّ هذه التفاعلات تتم على المستوى المادي، بينما وعي الإنسان يفنى مباشرةً بموته، فلا يعود جسمه المادي قادرًا على إنتاج أيَّ نوعٍ من الوعي؛ ولهذا فإنَّ المواد العضوية المُتبقية من أجسامنا المادية بعد التحلل لا تحمل أيّ وعي على الإطلاق. ما علاقة هذا الأمر بكلامك يا عزيزي؟ عندما تقول إنَّ الحيوان المنوي بعد دخوله البويضة يموت (ينتقل إلى حياةٍ أخرى) فإنَّ هذا الكلام غير صحيح؛ أو غير دقيق، فهو لا ينتقل إلى حياةٍ أخرى بل يتفاعل مع حياةٍ أخرى، أو يندمج معها، مع الإبقاء على حياته هو، ونتاجًا لهذا الاندماج يحدث نوعٌ من التطوَّر لوعي هذا الكائن الجديد الذي هو عبارة عن مكوناته الأساسية (حوين منوي + بويضة)، على أنَّنا لا نستطيع القول بأنَّ الحوين المنوي أو البويضة لم يكونا ممتلكين لوعي قبل هذا الاندماج. وبصرف النظر عن هذا الأمر؛ فإنَّ موت الإنسان هو فناء معنوي أو وعيوي ولكنه أبدًا لا يعني فناءً ماديًا، وبالتالي فإنَّ الكلام عن أيّ معرفة بعد الموت هو كلام غير صحيح، لأنَّ المعرفة تحتاج لوعي، وهو ما لا يتوفر في المادة غير الحيَّة.
تحياتي لك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الحواس التوأمية للإنسان (Re: الامين موسى البشاري)
|
الأخ: الأمين موسى البشَّاري تحيِّاتي لك
"ايمان المرء بالمعجزات والاشياء الخارقة اللامحدوة هي ما تجعله يؤمن بالله"
لقد توقفتُ كثيرًا أمام جملتك هذه، وحاولتُ أن أفهم ما إذا كان فعلًا كان إيمان الإنسان بالمعجزات والخوارق هو مدخله للإيمان بالله أم العكس، والمسألة تحتاج إلى نظرة مُتعمِّقة فعلًا. الظواهر الطبيعية التي نعرفها ونعرف تفسيراتها اليوم، كانت في فترةٍ ما ظواهر خارقة ومُعجزة بالنسبة إليَّ الإنسان الأول، وجهله بتفسير هذه الظواهر، وعدم معرفته بمكونات هذه الظواهر هو ما جعله يفترض وجود قوى عليا مُتسامية، وربما كانت تلك هي النواة الأولى التي أنتجت فكرة الله في ذهن الإنسان لأول مرَّة، وبدأت فكرة الله (أو القوى العليا) تتطوَّر في ذهن الإنسان، بحكم أنَّه هو نفسه يتطوّر، وأخذت الفكرة بالتوسع حتى وصلت إلى ما وصلت إليه الآن، وبنظرة مُتفحصة إلى تاريخ البشرية سوف نكتشف أنَّ الله كان، على الدوام، مرتبطًا بكم المعارف الإنسانية بطريقةٍ أو بأخرى، فعندما كان الإنسان في مرحلة الزراعية كان هنالك إله الخصب، وعندما كان هنالك حروب كان الإله إله حرب، وعندما بدأ الإنسان في التفلسف كان الإله إله حكمة، وعندما بدأ الإنسان مرحلة العلوم أصبح الإله نفسه إلهًا علميًا يُنسب إليه الإعجاز العلمي، فالله مرتبط تمامًا بفكر الإنسان وتطوِّره، وهو ما يجعلنا نتساءل: "لماذا؟" و "ماذا يعني ذلك؟" إنَّ طلب اليهود برؤية الله جهرًا، لم يكن طلبًا غريبًا أو غبيًا، فعلى الدوام كان الإله حاضرًا بصورة مادية محسوسة، أو من المفترض أن يكون كذلك، وقد لا أتفق معك في أنَّ كل موجود حسي يفقد، بالضرورة، قدرته على الإدهاش والتفكير. فالفايروسات والبكتيريا مازالت تدهشنا حتى اليوم بقدرتها الغريبة على التطوّر واكتشاب المناعة ضد المُضادات الحيوية، دون أن نعرف آليتها التي تنتجها في ذلك، وكذلك مثلث برمودا، وهو موجود وجود مادي، مازال يُدهشنا بسره المُثير والمُلغز، وقمة أيفرست الشاهقة تأسر الناس وتدهشهم باستمرار، وكذلك الأهرامات، والإنسان نفسه مازال مُثيرًا للدهشة والإعجاب، وما قاله الأخ أحمد عليم حول أسرار العقل البشري دليل آخر على ذلك. وهكذا فإنَّ الوجود المادي لا يُلغي الدهشة والتفكير؛ بل على العكس من ذلك تمامًا. غير أنَّي لم أفهم ما تقصده من قولك بأنَّ التفكير الوجودي يُجافي حقيقة أنَّ لكل شيء صانع، فأرجو التوضيح
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الحواس التوأمية للإنسان (Re: هشام آدم)
|
Quote: الإدارك وتكوين المعرفة وتلقيها والقدرة علي التفاعل مع الكون أو آلآخر مربوطة عندنا بالحواس الخمسة عبر منافذها المعروفة في الجسم ولكن العلم يسعي حثيثا لإستكشاف (أو تفسير ) مراكز حسية أخري / مثل مايسمي بالحاسة السادسة وغيرها مما يعرف بالإحساس من بعد والحقل الذي يغطيه البارا سايكلوجي !أو حتي بعض مكامن الغريزة البدائية للإنسان والحيوان- كالإحساس بالخطر الخ هذه المحاور تتبع وسائل وأساليب علمية - لاعلاقة لها بالاديان / فكثيرا من الظواهر الطبيعيةالتي كانت تخضع لتفسيرات دينية/ أو أسطورية أو خرافية تم فك شفرتها علميا! مثل الرعد والبرق والزلازل والبراكين ونزول المطر وتفسير كيفية نشاة الكون وكروية الارض والصعود للقمر وإستكشاف الفضاء ! الكسوف والخسوف ومعرفة نوع الجنين- ومعرفة والد الطفل جينيا -الذي أزاح كثير من الأوهام - الي جانب الإهتمام بنشاة الكون وأصل الحياة مرورا بنظرية الإنفجار العظيم ونظريات دارون والإصرار الدوؤب علي سبر أغوار الفضاء والكواكب والمجرات كل هذا يتم عبر اليات العلم وأساليبه ونظرياته وتجاربه التي لا تعرف العواطف والقطعيات والمسلمات والسكون - العلم في حالة حراك وقلق ولايقتصر مجاله فقـط علي إستكشاف الكون والفضاء وإنما أيضا إعادة إكتشاف الإنسان - دماغا وعقلا وتفكيرا وغريزة ! كيف نفكر وكيف نكتسب المعارف وماهي وسائل ومؤثرات:- إدراكنا - وتصوراتنا- تخيلاتنا / أحلامنا ? |
العزيز: كمال عباس تحيِّاتي
أشكرك على إرفاد البوست بهذه المُداخلة التي جاءت في محلِّها تمامًا .. والحقيقة أنَّها تبعث على التأمل والتفكير، لأنَّنا فعلًا بحاجة لإعادة اكتشاف أنفسنا، فالأسرار كلَّها بالداخل وليس في الخارج.
أكرر لك عميق شكري
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الحواس التوأمية للإنسان (Re: الامين موسى البشاري)
|
الأخ: الأمين البشَّاري تحيِّاتي
مازالت رؤية المناظر الطبيعية تُدهشنا وتبهرنا، ولكننا لا نضطر إلى عبادة كل ما نُدهش له، ولهذا ترى أُناسًا مازالوا يعبدون الفئران والأبقار، رغم كل المُنجزات العلمية المعروفة، فهذا لا يُقدِّم ولا يُؤخر في شيء، ولقد قلتُ في المقال، بأنَّ الإنسان في مراحل مُتقدِّمة من نموه العقلي ينزع إلى التخلُّص من الصور الحسيِّة لمعرفة المُجردات. أمَّا بالنسبة لموضوع الصانع والمصنوع، فأنا أنصحك بقراءة هذا المقال ربما كان فيه ما يُفيد أو يُغري بالنقاش حوله.
أشكرك على المقطع، وأُهديكَ بدوري مقالًا في الرد عليه جدلية أينشتاين في وجود الله
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الحواس التوأمية للإنسان (Re: هشام آدم)
|
Quote: موت الإنسان هو فناء معنوي أو وعيوي ولكنه أبدًا لا يعني فناءً ماديًا، وبالتالي فإنَّ الكلام عن أيّ معرفة بعد الموت هو كلام غير صحيح، لأنَّ المعرفة تحتاج لوعي، وهو ما لا يتوفر في المادة غير الحيَّة. |
عزيزي هشام .. لا أجد نفسي أخالفك المعلومة التي أورتها بشأن خصائص المادة في تعقيبك .. ولعل مثالى الذي اوردته عن تحور الحيوان المنوي وتحوله لخلق آخر لم يكن كافيا لتبيان فكرتي .. خاصة وأنني لست من أهل التخصص بل أجتهد بقدر ما توفرت أمامي المصادر .. العلم الحديث منح مصطلح الحياة بُعد ومعنى أرحب مما كانت عليه عقيدة الأقدمين .. فالعلم يثبت الآن أن الوجود كله في حالة حركة .. حيث اضحت الطاقة صفة ملازمة لكل مادة جامدة أو حية تجعلها قادرة على أن تتحول وأن تتغير وأن تولد حالات فيزيائية وكيميائية جديدة .. وأن تؤثر على غيرها من المواد.. فبعد انشتاين وتلامذته اختفت الحدود بين المادة الجامدة وما نسميها حية بفضل خواص الطاقة.. واتسع المجال لعدد كبير من الحالات المبهمة .. إذاً الطاقة هي كيان مجرد لا يُعرف إلا من خلال تحولاته .. وتُعرَف بأنها عبارة عن كمية فيزيائية .. تظهر على شكل حرارة أو على شكل حركة ميكانيكية أو كطاقة ربط في أنويه الذرة بين البروتون والنيترون .. على ذلك فإن جزيآت أي مادة في الوجود تختزن قدر من الطاقة .. بحيث يمكن القول لا وجود لمادة في الكون بلا قدر محسوب من الطاقة بداخلها (حساب النسبية ).. بينما العكس صحيح .. بمعنى امكانية وجود طاقة طليقة أو حرة لاتخالطها مادة Free energy .. ولعلك عبرت عن ذلك على نحو ما في قولك:
Quote: فكيف نُدرك الأشياء والمعلومات إن لم يكن بإحدى وسائلنا الحسيّة؟ هل نُدرك كُنه اللون الأحمر مثلًا؟ هل نُدرك كنه الرقم 10 مثلًا؟ هل نُدرك كنه الخير أو الشر؟ يتصور البعض أنَّ حواسنا المادية لا يُمكن أن تعمل إلَّا على صعيد المادة الحسيَّة، وليس على صعيد المُجرَّدات، فيقولون بإمكانية إدراكنا للحصى والجبل، والنهر والشجر، ولكن ليس بإمكاننا إدراك الألوان والأرقام والمُجرَّدات، فهل هذا صحيح؟ ثقتي الآنية تجعلني أقول بارتياحٍ كبيرٍ إنَّ هذا غير صحيح، فجميع المُجرَّدات وُلدت وتكوّنت وتم إنتاجها في أذهاننا أولًا، ومن الغريب أن يُقال للمُجرَّدات التي أنتجناها في أذهاننا أنَّها غير قابلةٍ للإدراك بأذهاننا! هذا بالتحديد ما يجعل من أذهاننا أداةً فاعلةً للإدراك؛ فالأمر لا يتعلق بمجرّد إخضاع الأشياء والمعلومات لحواسنا (منافذ وعينا وإدراكنا) بل يجب ألا ننسى أن أدمغتنا تقوم بعمليات تحليلٍ وفرزٍ ومقارنةٍ وتجريد، فأدمغتنا ليست مستودع تخزين وحسب، ولهذا فنحن نُدرك الأرقام فعلًا، وبإمكاننا رسم صورتها ونطق صوتها رغم أنَّها ليست سوى قيم مُجرَّدة لا وجود حسي مستقل لها، |
فأنت هنا لا تتحدث عن مادة بل عن شيء نسميه إدراك / وعي وهو نتاج طاقة تولدها الجسيمات المكونة لجسد أو هيكل الكائن .. وهي طاقة محدودة وليست طليقة .. لكونها ناتجة عن تفاعلات يقيمها الجسد أو الكائن في تناسق أرادي وغير إرادي مع محيطه .. لقد أثبتت البحوث العلمية أن عمل الذهن أي التفكير يستهلك 105 سعرة حرارية .. مما يعني أن الوعي طاقة.. قال ويليام جيمس ( يستطيع الإنسان أن يسافر بأفكاره إلى أي مكان في الكون بسرعة لم تخطر له على البال ,و تسبب له أحاسيس ليس لها وجود إلا في ذهنه ) فالتفكير الواعي يلزمه قدر وافر من الطاقة .. وهناك أربعة أنواع من الطاقة البشرية يستخدمها الإنسان عندما يفكر في شئ ما .. طاقة مرتفعة إيجابية /سلبية .. طاقة منخفضة إيجابية / سلبية .. غير أن الطاقة الحرة التي أعنيها فهي تلك المتحررة عن قيود المادة .. فهي ليست في الأصل ضمن الطاقة المتشكلة مع جزيء المادة أو خلايا الكائن.. فلكل خلية في جسد الكائن الحي طاقة مقدرة ومحسوبة بما يتسق ومستحقات وظيفتها .. أما الطاقة الحره إن صح التوصيف .. فهي طاقة مضافة للكائن تزيد وتعلي من قدرته سواء كانت حركية كالطاقة التي تضيفها المحروقات لماكينة السيارة .. أو الطاقة الكهربائية التي تضاف لجهاز الكمبيوتر أو أجهزة الإرسال لتؤدي وظيفتها .. أو لنقل هي المُعرَفة ب
Quote: ( طاقة غيبس الحرة (بالإنجليزية: Gibbs free energy) مصطلح في الترموديناميكا هو كمون دينامي حراري يعتمد على متغيرات طبيعية مستقلة مثل درجة الحرارة T والضغط p و كمية المادة n ، يرمز له عادة بالرمز G .المتغيرات الطبيعية فيها هي الحرارة T والضغط p و عدد المولات n معي مستقلة عن بعضها البعص . تسمى أحيانا "الإنثالبي الحر" وهي طاقة كامنة في نظام حركة حرارية . تلك الطاقة حرة بمعنى قدرتها على الانطلاق من النظام وتأدية شغل ميكانيكي أو تصدر كحرارة من النظام. مثل طاقة احتراق البنزين تعمل على تسيير سيارة أو تشغيل آلة .. http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B7%D8%A7%D9%...9%84%D8%AD%D8%B1%D8%
|
وفيما يلي الكائن الحي فالطاقة الحرة المضافة هي التي نعرفها بالروح.. على ذلك فإن موت الكائن الحي لا يعني فقدان جزئيات خلاياه المادية لطاقتها المادية تماما كما جاء في تعقيبك.. بل يعني فقدان الجسد الحي لطاقته الحرة المضافة .. وحيث أن عقل الكائن يستمد وعيه من قوى الطاقة المضافة ( الروح ) فزوالها يعني زوال قدرته الواعيه أوالمدركه متزامنة مع توقف كامل لنشاط الدماغ .. بما في ذلك قدرته على التحكم (اللا إرادي) بالوظائف الحيوية.. وهو ما يُعرَفه الطب بالموت الدماغي .. خلاصة ما أسعى لتوضيحة أن طاقة الروح المشكلة لوعي الكائن البشري .. لاتفنى مطلقا بل تنتقل لمرحلة تطورية أخرى ليس بمقدورنا الآن إدراك طبيعتها وكنهها .. ويتم الانتقال عقب الموت الدماغي الذي يتبعه الموت الفسيولوجي للجسد .. فيعود لجزيئآته الأولية لكي يبدأ دورة جديدة .. إذن فالصعود لن يكون بغير ترقي .. والترقي لن يكون بطبيعة أجسادنا فهي أقصر من أن تسع أنوار الخالق .. أتراني أوضحت فكرتي حول الصفة التي ربما نكون عليها عند لحظة التحقق؟ اعتذر منك وقرائك إن اطلت .. فالموضوع في غاية التعقيد ويحتاج إلى قدر وافر من الانتباه .. فأجسادنا يا عزيزي من تربة الوجود وإليه .. أما أرواحنا ( أنفسنا المطمئنة بكمال وعيها) فهي العائدة لبارئها .. وهي المأذونة بالدخول في عباده. تحياتي.
| |
|
|
|
|
|
|
|