|
Re: حوار مع محمود درويش (Re: Adil Osman)
|
الاخ عادل عثمان لك تحياتي لايذكر محمود درويش والا ذكر رفيقه الشهيد ناجي العلي لك شكري اخي العزيز :ناجي العلي
هذا نص مقابلة كانت قد أجرتها معه د. رضوى عاشور و نص المقابلة ليس سرداً لقصة حياته بل هي أيضاً تركز على المبادئ و الأفكار التي كان يؤمن بها ناجي العلي و نشر النص "دار المستقبل العربي" في القاهرة تحت عنوان أنا من مخيم عين الحلوة
ولدت عام 1937 في قرية الشجرة, بين طبريا و الناصرة, و نزحت عام 1948 إلى إحدى مخيمات الجنوب اللبناني و هو مخيم عين الحلوة بالقرب من صيدا و كغيري من أبناء المخيم كنت أشعر بالرغبة في التعبير عن نفسي فأمشي في المظاهرات و أشارك في المناسبات القومية .و في تلك المرحلة تشكل عندي الإحساس بأنه لا بد أن أرسم و بدأت أحاول أن اعبر عن مواقفي السياسية وهمي وقهري من خلال الرسوم على الجدران و كنت احرص أن احمل معي قلمي قبل أن أتوجه إلى السجن و بالمناسبة كان أول من شجعني هو المرحوم غسان كنفاني الذي مر على المخيم للمشاركة في إحدى الندوات و كان لدينا ناد بسيط أقمناه من الزنك و التفت غسان إلى رسوم الكاريكاتور التي كانت على الحائط و تعرف علي و أخذ مني رسمتين أو ثلاثاً و نشرها في" الحرية".
عملت مدرساً للرسم لفترة بسيطة بالكلية الجعفرية في صور ثم أتيحت لي فرصة السفر إلي الكويت للعمل في مجلة "الطليعة الكويتية" حيث كنت اعمل كصحافي و مخرج للمجلة و كسكرتير تحرير ثم بدأت احتل في المجلة مساحة اعبر فيها عن نفسي بلغة الكاريكاتور . و عندما ذهبت إلى الكويت كان كل همي أن أدخر "قرشين" ثم أتوجه بعد ذلك لدراسة الرسم في القاهرة أو في روما ثم اكتشفت أن الكاريكاتور يرضيني و انه لا بد أن أقيم معرضاً لي كل عام أو عامين . في الكويت عانيت كثيراً . لي أصدقاء كثيرون كنا نناضل معاً و سجنا معاً سنة واحدة في الكويت . بتلك المرحلة ولدت شخصية" حنظلة " و يومها قدمته للقراء بشرح واف ."أنا من مخيم عين الحلوة , وعد شرف أن أظل مخلصاً للقضية وفياً لها...الخ.." إن شخصية حنظلة كانت بمثابة أيقونة روحي من السقوط كلما شعرت بشيء من التكاسل . انه كالبوصلة بالنسبة لي وهذه البوصلة تشير دائماً الى فلسطين
.
أنا شخصيا إنسان منحاز لطبقتي و أنا منحاز للفقراء و القضية واضحة : الفقراء يموتون و يسجنون وهم الذين يعانون معاناة حقيقية . هناك طبعا من تاجر بقضايا الفقراء و هناك من يمر بمرحلة النضال مرور ترانزيت و يطالب بعد ذلك بأن يصير نجماً أبديا . المناضل الحقيقي دائم العطاء يأخذ حقه من خلال حق الأخرين و ليس على حسابهم. أنا من عين الحلوة مثل أي مخيم أخر أبناء المخيمات هم أبناء ارض فلسطين لم يكونوا تجارا و ملاكاً , كانوا مزارعين فقدوا الأرض و فقدوا حياتهم فذهبوا إلى المخيمات. أبناء المخيمات هم الذين تعرضوا للموت و لكل المهانة و لكل القهر . و هناك عائلات كاملة استشهدت في مخيماتنا
أثناء الغزو الإسرائيلي
حين حدث الغزو كنت في صيدا , الفلسطينيون في المخيمات شعروا أن ليس هناك من يقودهم . اجتاحتنا إسرائيل بقوتها العسكرية و انقضت علينا في محاولة لجعلنا ننسى شيئاً اسمه فلسطين. و كانت تعرف انه الوضع العام في صالحها , فلا الوضع العربي , ولا الوضع الدولي و لا وضع الثورة الفلسطينية يستطيع إلحاق الهزيمة بها . ورغم إني لست عسكرياً , انه من الممكن أن تجتاح إسرائيل لبنان بخسائر أكبر بكثير . إن مؤامرة كانت واردة في تلك المرحلة , مؤامرة تطهير الجنوب اللبناني و القضاء على القوة العسكرية الفلسطينية و فرض الحلول "السلمية" . كان بالإمكان أن نسدد ضربات موجعة لإسرائيل و لكن مخيماتنا ظلت بلا قيادة و وكيف لأهاليها أن يواجهوا الألة العسكرية الإسرائيلية الطيران و القصف اليومي من الجو و البحر و البر بالإضافة إلى أن الوضع كان عملياً مهترئاً . قيادة هرمت, و مخيمات من زنك وطين ,اجتاحها الإسرائيليون و جعلوها كملعب كرة القدم و مع ذلك وصل الإسرائيليون إلي بيروت و حدود صوفر و المقاومة لم تنقطع داخل المخيمات و بشهادات عسكريين إسرائيليين و بشهادتي الشخصية اعتقلت أنا و أسرتي كما اعتقلت صيدا كلها و قضينا 3 أيام أو 4 على البحر
بعد أن تم الاحتلال كان همي أن أتفقد المخيم لأعرف طليعة المقاومة و المقاومين بها .. أخذت ابني معي - و كان عمره 15 سنة و ذهبنا بالنهار , كانت الجثث ما زالت بالشوارع و الدبابات المحروقة على حالها على أبواب المخيم , لم يسحبها الإسرائيليون بعد . كان الإسرائيليون قد أحرقوا المخيم, و الأطفال و النساء كانوا ما زالوا في الملاجئ , و كانت القذائف الإسرائيلية تنفذ إلى الأعماق و كان قد سقط مئات الضحايا من الأطفال في المخي
في صيدا و عين الحلوة تبعثر الناس بين البساتين مع أطفالهم أما إسرائيل فلمت الشباب (أنا مثلا انفرزت 4 أو 5 مرات) ثم اعتقلت و نقلت معظمهم إلى" أنصار" عندما تركت لبنان كان مخيم عين الحلوة قد عاد
الحائط الذي يتهدم يعاد بناؤه و يكتب عليه " عاشت الثورة الفلسطينية , المجد للشهداء " و في أكثر تقديري أن هذا العمل لم يكن بتوجيه من أحد بل جاء تلقائياً و كنوع من الانسجام
:الرسم الكاريكاتوري
الرسم بالنسبة لي مهنة و وظيفة و هواية و رغم انني أعمل رساماً منذ عشرين سنة إلا أنني لم أشعر أبداً بالرضا عن عملي . أشعر بالعجز عن توظيف هذة اللغة التعبيرية في نقل همي لأن همي كبير , و الرسم هو الذي يحقق لي توازني الداخلي , هو عزائي و لكنه أيضاً يشكل لي عذاباً . أحياناً أقول أن هذا الكاريكاتور الذي أرسمه يجعل حظي أفضل من غيري لأنه يتيح لي إمكانية تنفيس همي و أن الأخرين قد يموتون كمداً وقهراً من ذلك الهم الذي يجثم على قلوبهم و ينفث سمه اليومي فيهم أنا اعرف أن الرسم يعزيني
(نقلاً من موقع نهر البارد)
| |
|
|
|
|