حوار مع الطيّب صالح

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-11-2024, 10:39 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عادل عثمان(Adil Osman)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-13-2003, 05:15 PM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حوار مع الطيّب صالح

    نشرت جريدة الزمان هذا الحوار مع الطيّب صالح


    الطيب صالح يتحدث لـ (الزمان) عن المشاكل العالقة بين العرب والغرب في وسائل الاعلام - اتفاءل بتحويل تصادم الحضارات الي حوار ثقافات - أجري الحوار: محمود الحرشاني



    بعض فضائياتنا العربية ما زالت برامجها محلية جداً ومطلوب من هذه الفضائيات أن تنهل من المخزون الثقافي لكل شعب لتقديم صورة حقيقية عنا إلي الآخر
    هناك أكثر من ستار يفرضه الغرب علي ثقافتنا وعلي إعلامنا العربي بمختلف أدواته أن يخترق هذا الستار وأن يكون إعلاماً نافذاً
    هناك عديد القواسم الحضارية التي تجعل الحوار بين الثقافات ممكناً بدل تصادم الحضارات
    المطلوب في هذه المرحلة أن يكون هناك حوار حقيقي بين الثقافات العربية والاقليمية قبل ان نطلبه من الثقافات الأخري
    يعد الكاتب السوداني الطيب صالح من كبار الروائيين العرب، وهو صاحب أعمال روائية مثل روايته (موسم الهجرة الي الشمال) وروايته (عرس الزين) الي جانب عديد القصص والأعمال الأخري، والي جانب ذلك فقد عمل سنوات طويلة في قطاع الاعلام، وقد ترجمت أعماله الروائية الي عديد اللغات العالمية، مثل الفرنسية والانكليزية.
    التقيت به مؤخراً في المنامة عاصمة البحرين، لمناسبة انتظام الدورة الثامنة لمؤسسة عبد العزيز سعود البابطين للابداع الشعري، وكان لـ(الزمان الجديد) معه هذا الحديث:
    û كيف ينظر الاستاذ والكاتب الطيب صالح الي أداء الفضائيات العربية من منطلق خبرته الطويلة في مجال الاعلام؟
    ــ انني أشاهد، ما يسمح به وقتي، مما تبثه بعض الفضائيات العربية، وأري أن بعض الفضائيات لها برامج متطورة، واستطاعت ان تشد اليها المشاهد، ولكن بعض الفضائيات الأخري ما زالت برامجها محلية جداً، وأنا هنا لست ضد المحلية، ولكن المطلوب من الفضائيات هو أن تنقل صورة صادقة من ثقافة مجتمعاتها الي الآخر.. لأن وظيفة الفضائيات في اعتقادي هي أن تعرف الآخر بثقافة كل شعب، حتي يفهمها هذا الآخر الفهم الصحيح. ومطلوب من الفضائيات العربية أن تقدم من المخزون الثقافي والحضاري لكل شعب من شعوبنا العربية، ما يقنع المتقبل بأننا شعب صاحب حضارة وصاحب ثقافة متينة راسخة.. وهذا الدور غائب حالياً عن برنامج عديد الفضائيات التي أشاهدها. ما يعوق وسائل اعلامنا العربية سواء أكانت صحافية مكتوبة أم فضائيات هو انها وسائل اعلام محلية ومحدودة الانتشار وهذا في اعتقادي سيشكل عائقاً كبيراً أمام تطورها.. فإذا أردنا أن نخاطب الآخر لا بد ان تكون لنا وسائل اعلام قوية ومؤثرة، ونحن ما زلنا لا نولي هذه المسألة ما تستحقه من عناية في العالم العربي... وأري أن الحل يكمن في توحيد الجهود العربية لاجياد وسائل اعلام قوية ونافذة ومؤثرة... ولنا في تراثنا وثقافتنا العربية ما يمكن ان نقنع به الغير... وعلينا أيضا ان نولي مسألة اللغة ما تستحقه من أهمية.. اذ علينا ان نخاطب الآخر بلغته التي يفهمها، إذ يجب أن نعي ان هناك أكثر من ستار يفرضه الغرب ويحجب عن شعوبه حقيقة الشعوب العربية. ومطلوب منا ان نخترق هذا الستار لكي نقدم صورتنا الحقيقية للآخر.
    û ما رأي الطيب صالح في مسألة حوار الحضارات، وبعض آخر يتحدث عن تصادم الحضارات؟
    ــ أنا أعتقد أن المسألة تكمن في قدرتنا علي التحاور مع الآخر، حتي نفهمه ويفهمنا، ونقدم له ثقافتنا مثلما استوعبنا نحن ثقافته. وهناك عديد القواسم الحضارية التي تجعل الحوار بين الثقافات ممكنا وهو البديل عن تصادم الحضارات. خذ مثلا الشعوب المتوسطية الكائنة علي ضفاف البحر المتوسط هذه بامكانها ان تقيم حوارا جديا بين ثقافاتها.. أنا أعتقد أن حوار الثقافات هو المطلوب الآن من كل الشعوب، عوض الالتجاء الي الصراعات والتطاحن.
    û هل تعتقد ان ترجمة الأدب العربي الي لغات أجنبية من شأنها ان تساعد علي تقديم صورة العرب الي الآخر؟
    ــ أنا أعتقد ان الغرب بدأ الآن يتجه نحو ترجمة الأدب العربي الي لغته التي يفهمها... بل أكثر من ذلك بدأنا نلمس ان الغرب والعديد من دور النشر الغربية أصبحت تتسابق نحو ترجمة روايات عربية الي اللغات الغربية والانكليزية وقد قابلت علي سبيل المثال خلال هذه الصائفة ناشرا شابا ألمانيا، وقد تحدثت معه في مسألة ترجمة الأدب العربي الي اللغات الأجنبية، وقال لي ان الغرب بدأ يفهم ان المستقبل سيكون للأدب العربي، مثلما كانت الفترة السابقة فترة تميز فيها الأدب الانغلوسكسوني... وأنا أعتقد ان علي الكتاب العرب أن يغنموا هذه الفرصة المتاحة الآن أمام الأدب العربي، للتعريف بأعمالهم.
    û ما الدور المطلوب من الحكومات في اعتقادكم لمزيد تطوير العمل الثقافي في الوطن العربي؟
    ــ أعتقد أن الحكومات العربية مطلوب منها أن تبذل دوراً أكثر ايجابية لاحلال الثقافة مكانتها المتميزة، فتعمل علي مساعدة المبدعين والكتاب، وأن تكون هناك ثقافة رائدة في كل قطر عربي، وان يكون هناك حوار حقيقي بين الثقافات علي المستوي العربي أولاً. لأنه قبل أن نسعي الي اقامة هذا الحوار مع الثقافات الغربية علينا أن نسعي الي أن يكون قائماً بصورة فعلية بين الثقافات العربية.
    وأنا هنا أشيد بالمبادرات التي تسعي الي خدمة الثقافة العربية، وتحقيق التقارب بين المثقفين العرب، مثل مبادرة مؤسسة جائزة البابطين للابداع الشعري التي تحتفي بالشعر ونشر كتب كثيرة حول الآثار الشعرية.
    وأنا أدعو الي أن يكون للحكومات دور أكثر ايجابية للنهوض بالثقافة، لأنه بالثقافة يمكن للشعوب العربية ان تتقدم والشعوب الغربية لم تبلغ ما بلغته من تطور إلا عن طريق تنمية ثقافتها وحفز مبدعيها.
    û ما الذي يشغل الطيب صالح الآن؟
    ــ ما يشغلني هو مشروع اتمام كتاب في ثلاثة أجزاء بدأته منذ عشرين عاما في شكل رواية حول واقع الحياة في منطقة الشمال السوداني التي عشت فيها أتمني ان أنتهي من انجازه قريباً. كما يشغلني علي المستوي العام الأحداث التي يمر بها العالم العربي، وهي أحداث تؤثر في نفسية الكاتب بلا شك... لأن الكاتب هو جزء من هذه الأمة... والأمة العربية الآن تمر بظروف صعبة... ومطلوب من الاعلام العربي في اعتقادي أن ينقل صورة صادقة لدقائق هذه المرحلة.
    û ما الذي شكل شخصية الطيب صالح الأدبية؟
    ــ انك بهذا السؤال ترجع بي الي سنوات بعيدة... لقد قرأت في سن مبكرة العديد من الكتب والمتون وحفظت العديد من القصائد والأشعار. قرأت كتاب الأغاني وحفظت العديد من أجزائه وأنا لم أبلغ العاشرة بعد. وكذلك كتاب (المستظرف في كل شيء مستلطف) وغيرها من الكتب والروائع التي التهمها... علي الرغم من صغر سني. وكان لها تأثير في توجهي الأدبي بعد ذلك.
    û ما مدي صلتك بالمثقفين العرب وأنت تقيم في بلد غربي
    ــ علي الرغم من اقامتي في لندن وأمريكا، فأنا علي صلة بما يجري في الساحة الثقافية العربية، وأشارك في الملتقيات والندوات الثقافية العربية، والتقي بالأدباء والمثقفين العرب... كما انني علي صلة كبيرة بعدد كبير من الأصدقاء الكتاب والمثقفين وأتراسل معهم واتبادل الآراء حول واقع الثقافة العربية. واعتقد ان المطلوب ان نعمل أكثر علي اتاحة الفرصة للمثقفين ليكون لهم دور أكثر ايجابية في تحقيق ما تطمح اليه الشعوب والأنظمة العربية في تنمية وتقدم.

    AZZAMAN NEWSPAPER --- Issue 1425 --- Date 6/1/2003

    جريدة (الزمان) --- العدد 1425 --- التاريخ 2003 - 1 - 6


    AYMK
    AYHO

                  

03-13-2003, 08:39 PM

Abdalla Gaafar

تاريخ التسجيل: 02-10-2003
مجموع المشاركات: 2163

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوار مع الطيّب صالح (Re: Adil Osman)

    الاخ عادل
    لك السلام وانت تثري المنبر بمساهماتك الجادة والرائعة وللطىب صالح في القلوب مساحة بحجم الوطن
    لك الود
    ويديك العافية
    عبدالله جعفر
                  

03-13-2003, 10:48 PM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوار مع الطيّب صالح (Re: Abdalla Gaafar)

    الانترنيت يا عبدالله جعفر مخلوق عجيب و الاعجب ماكينة البحث المسماة قوقل

    و لا ادرى لماذ اتذكّر قاقوول تلك الشخصية العجيبة من الرواية الانجليزيّة كنق سولومون مينز التى درسناها فى الثانوى العام

    ، المهم فى الامر انّك تدخل كلمة او كلمتين فى ماكينة البحث هذى فيأتيك خبر الاولين و الاخرين و اولئك الذين لحقوا الزينين،

    معلومات فوق معلومات فيها الصحيح و فيها المغرض و فيها امور مشتبهات

    و فيها ما يعيننا كسودانيين على تحويل المعلومات الى معرفة نجيضة بوطننا و مآلات احوالنا الراهن منها و المستقبل لعلّنا نصل ماضينا بحاضرنا و حاضر البشريّة جمعاء المتجه الى تأكيد قيم المواطنة السمحاء و احترام التعدد و التنوع و التسامح و الشراكة فى الوطن

    الانترنيت قرّبت المسافات و كثيرآ بل لغتها و صارت لا تعترف ببحر او محيط او دغل او سماء ملبّدة بالغيوم

    تحياتى من قلب العصر

    (عدل بواسطة Adil Osman on 03-13-2003, 10:52 PM)

                  

03-14-2003, 10:17 PM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوار مع الطيّب صالح (Re: Adil Osman)

    وهذا حوار ثانى مع الطيّب صالح


    الروائي السوداني الطيب الصالح:

    (موسم الهجرة) تحد للشمال بمعناه التسلطي

    (عرس الزين) تصوير لطبيعة المجتمع السوداني المسالم

    لا أعتبر نفسي كاتبا ... وهذا ليس من قبيل التواضع

    الفن مرتبط بالكون ... وقد شغلنا انفسنا أكثر مما يجب بموضوع العالمية

    حاوره في دمشق وحيد تاجا: الطيب الصالح من الاسماء المعروفة في عالم الرواية العربية , رغم ندرة اعماله , وقد اثارت اعماله القصصية نقاشات واسعة .

    صدرت له ثلاث روايات هي : عرس الزين , موسم الهجرة الى الشمال , ضو البيت , ومجموعة قصصية بعنوان (دومة ود حامد) .

    فاز الاسبوع الماضي بجائزة الروائي المغربي محمد زفزاف للرواية العربية .

    وذلك لمساهمته بامتياز في المسيرة الثقافية الإنسانية ومساهمة كتاباته الروائية في خدمة قيم التعددية والتفاهم وتثبيت قيم الحرية والعدالة الإنسانية

    ويذكر ان جائزة محمد زفزاف هي من الجوائز السردية القليلة في العالم العربي التي تحتفي بالفضاء الروائي العربي.

    في دمشق اتيحت لي الفرصة للالتقاء به وان أجري معه الحوار التالي :

    * من الواضح ان للبيئة التي نشأت فيها اثرا كبيرا على اعمالك الادبية .وهذا جلي في روايتك عرس الزين ورواية موسم الهجرة الى الشمال .

    فهل يمكن اعطاؤنا لمحة عن البدايات وعن المكونات الثقافية للطيب الصالح ؟

    **بدأت بكتابة القصة القصيرة منذ الخمسينيات , ولااخفي انني وحتى اواسط الستينيات كنت اكتب للمتعة , ومن ثم تورطت !!

    واقولها صراحة , انني حتى الان , وهذه حقيقة وليست من قبيل التواضع , انني لااعتبر نفسي كاتبا , أي انني لست الكاتب الذي يعتبر الكتابة مسألة حياة او موت بالنسبة له , وحي الكتابة او علاقتي بالكتابة اذا جاءت فليكن .. واذا لم تأت فهذا امر ليس جلل علي .

    * وماذا عن البيئة التي عشت فيها ؟

    ** نشأت في منطقة الشمال الاوسط من السودان , وهي المنطقة التي تمتاز اكثر من غيرها بالجانب العربي - الاسلامي في السودان , وهي التي اعطت للسودان طبيعة تكوينه الحالي , وقد كانت المنطقة التي نعيش فيها دائما , خصبة حضاريا , لاننا متوازنون تماما مع مصر في تاريخها , وهذا هو الامر الذي يميز علاقتنا بمصر عن غيرها , نحن تجمعنا باشقائنا في الوطن العربي كله صلات عميقة , لكن مع مصر هنالك ماهو اكثر , وتاريخ مصر مثل طبقات جيولوجية تمتد عندنا باستمرار , اذا كانت مصر فرعونية , نحن حضارتنا فرعونية , اذا كانوا مسيحيين فنحن مسيحيون , اذا كانوا مسلمين فنحن مسلمون , اذن فالمنطقة التي نشأت فيها بالسودان هي المنطقة العربية , المتاخمة لمصر حتى جنوب الخرطوم , والتي تمتاز بانها في وادي النيل , ولكنها ايضا على اطراف البادية .

    نشأت في تلك البيئة , اهلي مزارعون , وبعضهم اهل علم , وفيهم علماء دين , درست في المدارس التي اقيمت اثناء الاستعمار البريطاني , وتابعت دراستي في جامعة الخرطوم حيث حاولت دراسة العلوم , وفي جامعة لندن درست العلوم السياسية , ولا ادري ماذا يعني هذا : دراستي للعلوم لم تجعل مني عالما , ولادراستي للعلوم السياسية جعلت مني سياسيا .

    * يلاحظ تملكك للغة العربية وتطويعك اياها بشكل لافت . والسؤال كيف توفقت الى هذا المزج الجميل بين اللهجة العامية واللغة الفصحى في رواياتك ؟

    ** احب ان اشير هنا الى انه يوجد في السودان اكبر مجمع للبدو الرحل العرب في الوطن العربي كله , عندنا قبائل في غرب السودان في مناطق نسميها كردفان تجمعات كبيرة للبدو , والمنطقة التي نشأت فيها تكون الحدود الشرقية لديار الكبابيش وهؤلاء من عرب جهينة , ونحن نزعم بانه لاسباب كثيرة ( لان الصحراء في الشمال وفي الغرب حالت بيننا وبين المؤثرات ) احتفظنا باللغة التي جاءتنا , او باللغة التي اتينا بها , نحن خليط من العرب والسلالات النوبية في الشمال , وفينا دماء زنجية , ودماء حامية اخرى , لكن الطابع العربي يغلب على هذه المنطقة , وكنا نذهب الى الخلاوي ( الكتاتيب )

    حيث يبدأ الطفل عندنا في سن الرابعة والخامسة تعليمه ويحفظ القرآن الكريم , وماتزال عندنا عناية خاصة باللغة العربية , وفي المرحلة الثانوية درسنا على اساتذة كبار في اللغة العربية , وكانوا يعتنون عناية حسنة باللغة , ورغم ان السودان كان يحكمها الانكليز في تلك الايام فانهم لم يتدخلوا في لغتنا ولم يحاولوا ان يفسدوا علينا ثقافتنا , كما حدث في مناطق اخرى اذ حاول المستعمر ان يغير من وجدان الناس .

    ثم ان عندنا التراث الشعبي الكبير وهذا يتكون اولا من الشعر الذي نسميه الدوبيت والذي تسمونه انتم الزجل , فهنالك شعراء كبار في هذا النوع من الشعر مثل الشاعر الحردلو الذ ي عاش في نهاية القرن التاسع عشر , وكلامه يكاد يكون فصيحا لانه من منطقة بدو في الشرق الاوسط , في ارض تسمى البطانة وينتمي الى قبيلة سودانية تسمى الشكرية والى يومنا هذا هؤلاء فيهم شعراء كبار , واذا قرأت للحردلو تظن انك تقرأ الشعر الجاهلي , ففيه فصاحة , وفيه كلمات تكاد تندثر في الاستعمال العامي , موجودة في هذا الشعر الشعبي .

    عندنا تراث اخر ساهم مساهمة كبيرة , ليس فقط في حفظ الدين الاسلامي , بل في حفظ التراث الادبي ايضا عندنا , وهو تراث المديح , منطقتنا امتازت بمجموعة من الناس تخصصوا في مدح الرسول ( صلى الله عيله وسلم ) وكانوا ينتقلون من مكان الى اخر وينشدون قصائد المديح على انغام الطبل . وقد برز من هؤلاء شعراء كبار مثل حاج الماحي , وهو من منطقتنا ايضا , وهؤلاء امتازوا بفصاحة لغوية كبيرة , وانوه الى انهم ليسوا من الطرق الصوفية بل هم شعراء انقطعوا لمدح الرسول الكريم ( عليه الصلاة والسلام) , وقد تشربنا كل هذا ونحن اطفال اضف الى هذا التأثير الكبير للهوى الخاص عندي للغة العربية .

    * كيف ترى العلاقة بين الشكل والمضمون في العمل الروائي ؟

    ** هذه المسألة تحمل اكثر من وجهة نظر , وفي الفن عموما , هناك سبل متعددة لمحاولة الوصول الى الهدف .

    لكن الرواية - في قناعتي - انشئت اصلا لتناقش قضايا لاتتسع لها الوسائل الاخرى , مثل المقالة والقصيدة , وهي بطبيعتها تحدث التأثير على مساحة عريضة لانها بالطريقة هذه تتيح للكاتب , عن طريق الوصف ورسم الشخصيات وخلق علاقات متشابكة , ان يحدث الأثر المطلوب .

    الشيء الثاني في قناعتي هو اننا في الوطن العربي لايجوز لنا ان نلجأ الى ترف الألاعيب الشكلية لان مايسمى باللارواية عند الفرنسيين هو جزء من تقليدهم الفكري والثقافي , فالفرنسيون يحبون اللعب بالافكار , وهم لذلك تستهويهم صناعة وخلق الموضات و التقاليع فتشيع بينهم لسنتين او خمس او عشر سنوات ثم يتركونها . لكن الامر يختلف عندنا , فلدينا قضايا مهمة , وقضايانا في واقع الامر هي التي انشئت الرواية من اجلها , كما كان الحال عند الانكليز في القرن التاسع عشر .. ثم ان الشكل في نهاية الامر يفرض المضمون .. فاذا كان مايريد الكاتب قوله جديدا او طريفا لدرجة ان الشكل القديم لايتسع له .. ينبع بشكل طبيعي شكل جديد .. بالتأكيد انا لست كاتب يجلس ويقول سأخلق شكلا جديدا , لان هذا ادعاء كبير .. وعلى الكاتب ان يكون امينا بعيدا عن الألاعيب .

    * يلاحظ وجود تيار عنيف في علاقة الشمال بالجنوب في روايتك موسم الهجرة فإلى أي شيء تعزي ذلك ؟

    ** رواية موسم الهجرة كلها تحد لمفهوم الشمال بمعناه السائد حاليا في موازين القوى , وموازين السياسة , واقول هنا , وبكل تواضع , ان هذه الرواية ساهمت بتحديد العلاقة بيننا كعرب ومسلمين وبين هذا العالم الشمالي , لان الفكرة السائدة من قبل انها علاقة رومانسية , وهذا شيء مفهوم , لان اساتذتنا الاجلاء الذين ذهبوا الى الغرب في ذلك الوقت وقعوا تحت تأثير هذه الحضارة الغربية , وانا لاانكر ان الغرب جذاب , ونحن جميعا , بدرجات متفاوتة , واقعون تحت تأثير هذه الحضارة , الا ان الرواية جاءت لتتحدى هذا الاحساس بالدهشة , وهذه الرابطة التي اقول دائما بانها غير سوية , صحيح اننا نتعامل مع الغربيين , ويمكن ان نحبهم , وان نتزوج منهم , ولكن في النهاية نحن شيء وهم شيء اخر من هنا جاءت حدة الصراع والعنف الذي تكلمت عنه في سؤالك .

    * والى ماذا تعزي غياب العنف من روايتك عرس الزين ؟


    ** عرس الزين هي الرواية التي تمثل روح المجتمع السوداني الذي عشت فيه بدون مبالغة , فهذا هو السودان الذي عرفته في طفولتي وصباي . مجتمع يحل مشاكله سلميا , فيه هذا التكافل , وفيه طاقة الحب , او المحبة , هي الغالبة , واعتقد انها تمثل السودان الشمالي , أي السودان العربي المسلم , وانا حين اقول السودان الشمالي اضم اليه منطقتي الشرق والغرب .

    وشمال السودان يختص ببعض السمات :

    اولا : الاسلام دخل عندنا سلما ولم يدخل حربا , وقد ترسب هذا في قاع اللاوعي عندنا انه لم تحدث حروب وصدامات .

    ثانيا : ان الاسلام عندنا يمتاز بالجانب الروحي - الصوفي , فنشأ عندنا احساس بالتسامح وبقبول كثير من التناقضات في اطار واسع .وقد قدمت هذا في روايتي

    عرس الزين واعدت هذا الكلام في رواية ضو البيت فهذه هي ملامح تركيبة المجتمع عندنا , فيه كثير من المتناقضات يحتويها اطار واسع , والنظرة متسامحة وليست متساهلة .

    والان اقول : ان عرس الزين هي البيئة التي ربما تكون قد تخلخلت وارجو ان لاتكون قد ضاعت ! واعتقد ان تاريخ السودان الحديث يساند ماذهبت اليه , فقد دخلت مؤثرات عديدة على هذه البيئة وادخلت طاقة من العنف , وادت الى حدوث خلخلة في جسم المجتمع الذي كان متكافلا, وظهر هذا جليا في رواية موسم الهجرة الى الشمال التي اتت بعد عرس الزين , وقد نشرتها عام 1966 , واذكر ان بعض الناس قالوا لي يومها بان هذا العنف الشديد لايمكن ان يحدث في قرية سودانية , واجبت بانني اشعر بان هذا العنف موجود تحت السطح , ولسوء الحظ فان الاحداث التي اتت فيما بعد اكدت ظني , وبصراحة فان الكاتب يشعر احيانا بحزن شديد عندما تصدق تنبؤاته .

    وانا متفق معك بانه لايوجد عنف او حدة في عرس الزين لان المجتمع عندها كان هكذا , واعتقد جازما ان المثل الاعلى للمجتمع في ذاكرة السودانيين اليوم هو مجتمع السودان الموجود في عرس الزين .

    * يرى البعض انك ظلمت المرأة في رواياتك . مارأيك , و كيف تبرر موقفك هذا ؟

    ** المرأة في رواياتي هي الطرف , ان صح التعبير , الذي يقع عليه العنف , ولهذا اقول انه ليس بمحض الصدفة في الحروب القديمة عندما كان يدخل جيش منتصر لمدينة ما , تستباح له هذه المدينة , واول مايستباح هم النساء , ولذلك قلت : ان المراة , مفهوم المرأة او الانوثة هي التي يقع عليها العنف في الحضارة . واود هنا ان اقول : انني في رواية موسم الهجرة الى الشمال قدمت النساء الاوربيات كأنهن نساء ساقطات , فان هذا لم يكن قصدي ابدا .. لقد وقع عليهن العنف كما وقع على غيرهن , ولكن المشكلة تعقدت هنا لان العنف له مبرر خلقي , فبطل الرواية نفسه مظلوم , وهذه الحالة دائمة الحدوث في التاريخ .. المظلوم يوقع الظلم على الاخرين, وقد جعلت الفتاة حسنة , في الرواية نفسها , وهي بنت البيئة السودانية , جعلتها ايضا ضحية لهذا العنف .

    اما في عرس الزين وفي رواياتي الاخرى , فانت تجد المرأة العاملة التي تتمتع بشخصية مستقلة وتقرر مصيرها بنفسها .

    * سؤال اخير . مامدى علاقة محلية عمل ادبي ما بانتشاره عالميا , وبكلمة اخرى هل تتفق معي في ان التعبير عن المحلية هو شرط اساس للانتقال الى العالمية ؟

    ** انا دائما اقول عن العالمية التي نقلها اخوتنا عن الفرنسية او الانكليزية .. ان الفن مرتبط بالكون , واظن اننا شغلنا انفسنا اكثر مما يجب بموضوع العالم , لاننا لم نتخلص تماما من ربقة الصلة غير السوية بيننا وبين العالم الغربي على وجه التحديد , لان العالمي هنا معناه ان يكون معترفا به في اوروبا - ولان الفرنسيين والانكليز والايطاليين حكمونا , فهذا هو العالمي عندنا - ونادرا ماننظر الى الصيني او الهندي او الفارسي على انه عالمي .

    وهذا ماناقشته في روايتي موسم الهجرة .. انه الانبهار بالغرب , ونوع من الرفض له , نحن لم نحدد علاقة طبيعية مع الغرب بعد , وبصراحة اقول انني حينما اقرأ في الوطن العربي اشعر انني عالمي . وبطبيعة الحال يسعد الانسان ان يقرأه سويديون والمان وغيرهم , ولكن يجب الا ننشغل بهذا لدرجة ان الكاتب يجلس ويقول : سأكتب عملا عالميا كما يقال حول اختراع الشكل الفني .

                  

03-14-2003, 10:46 PM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوار مع الطيّب صالح (Re: Adil Osman)

    و هذا حوار صحفى اخر مع الطيّب صالح الكاتب السودانى المعروف
    اننى حين انقل هذه الحوارات انما اهدف الى تجميع اكبر مادّة مكتوبة فى موضوع بعينه قبل اصدار الاحكام المسبقة و التصنيفات الجاهزة فالرأى السديد لابدّ له مثل الحلّة المسبّكة ان ينضج على نار المعلومات الوافية و النظر العميق

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


    الروائي الطيب صالح في حوار مع الوطن

    أنا لا أشغل نفسي بجائزة نوبل فهي كاليانصيب …
    عندما كنت وزيراً لوزارة الاعلام منعت بعضاً من أعمالي

    الرياض : هداية درويش

    الروائي العربي، الطيب صالح يثير في هذا الحوار مجموعة من القضايا والنقاشات الأدبية والفكرية وينفي أن تكون "موسم الهجرة إلى الشمال" سيرة ذاتية لشخصية ولكن الملاحظات ووجهات النظر التي يطرحها توحي للقارئ بهذه الإشكالية ومن هنا طرحنا عليه سؤالنا الأول:

    · من أي عمل روائي يمكننا أن نأخذ ملمحا من السيرة الذاتية للطيب صالح ؟

    · أنا لم أكتب في أي عمل من أعمالي سيرتي الذاتية ، ولكن بطبيعة الحال ، أنا الذي أكتب الرواية ، وهذا يعني أني موجود فيها بشكل أو بآخر ، وليس بطريقة مباشرة ممكن تكون وجهة نظري في الحياة ، وبعض ملاحظاتي الشخصية أضيفها على بعض الشخصيات ، ولكن لست موجوداً بحيث يضع القارئ يده على شخصية ويقول هذا هو الطيب صالح ، القارئ كما يقولون حين يقرأ العمل الروائي يبحث عن الكاتب أو الكاتبة ، لماذا ؟ أتصور لأنه يريد أن يعفي نفسه من المسؤولية ، خاصة إذا كان العمل يواجه القارئ بمشكلة المفروض يفكر فيها بينه وبين نفسه ويصل إلى قناعة . الخلاصة أنني لست موجودا بشكل مباشر فيما أكتب.




    · مفهوم التراث عند الطيب صالح وكيف يمكن توظيفه في العمل الروائي ؟

    · التراث كما أقول دائماً .. نحن في العالم العربي نتصور التراث على أنه عبارة عن أشياء موجودة في مخزن ونقوم بفتح المخزن ونأخذ منه أشياء .. حقيقة التراث أنه موجود في دمنا ، وجزء من تكويننا هو ميراثنا ، ولم نرثه بل إن بعض ما يسمى التراث بمعنى أنه قديم وأنه لم يعد يلائم حياتنا المعاصرة ، ولكنه حقيقة أنه أكثر معاصرة من كثير مما يزعم له المعاصرة ، وأنا أضرب مثلا في الشعر أبو نواس الحسن بن هاني، هذا شاعر معاصر جدا ولعل العصر لم يلحق به بعد المتنبي شاعر معاصر، وهذا قيمة ما آل إلينا من شعر وأدب وفكر، هناك ما يسمى بالتراث الشعبي، وهذا ما أسميناه فلكلورا ووضعناه في قفص في هذه التسمية وانتهينا، علما بأنه جزء من تفكيرنا ووجداننا وحياتنا، التراث بالنسبة لي شديد الأهمية، أما كيف يمكن توظيفه في الأدب أقول أين الشعر الشعبي في جميع البلاد العربية والذي يطلق عليه النبطي هنا، والزجل في بلاد الشام، والنم في موريتانيا .. هي كلمات لا توجد في المعجم المتداول الآن في الشعر الفصيح. في الشعر الفصيح الآن يكتب ما ليس له من الفصاحة ، إلا أنه موزون ومقفى، وبه صور ركيكة وكلام سخيف خال من المعنى، بينما تجدين شعراء دارجا هو أفصح في الواقع لأنه أقرب إلى الوجدان العربي الأصيل، وهو امتداد حقيقي للشعر العربي منذ الجاهلية وحتى يومنا هذا .




    · هل سعيت إلى تحطيم الشكل التقليدي في الكتابة الروائية ؟

    · هذا كلام كبير، ولا أريد أن أزعم ذلك الرواية لها أشكال معروفة والشكل الروائي كما أقول دائماً يجب ألا يكون هو الهدف ، بمعنى أن الكاتب يجب ألا يشغل نفسه بأن يؤدي بشكل جديد فهو على أية حال لن يأتي بجديد، لأن الأشكال عرفت، هو عليه أن يقول ما يحس به بإخلاص بأي شكل يريحه، حتى وإن كتب بالطريقة التقليدية منذ البداية، فهو يصل إلى الناس، أنا لا أتعمد أن أجدد في الشكل وأترك نفسي لما أحسنه وأريد إيصاله للقارئ.




    · لماذا يقع المبدع فريسة لعقدة العمل الأوحد والمنفرد .. هل يعني ذلك عدم قدرته على تجاوز ذلك العمل ؟

    · وراء هذا السؤال افتراض هو أنني عملت عملا واحدا، ولا أستطيع تجاوزه، وهذا ليس صحيحاً، أنا عرفت برواية اسمها موسم الهجرة إلى الشمال" لكن هذا ليس ذنبي، أنا أعتقد بأن أعمالي الأخيرة والتي أسميتها بندر شاه فيها ما هو أهم لكن النقاد لسبب ما انشغلوا بموسم الهجرة إلى الشمال لا أعرف لماذا بعضهم قالوا كل ما يريدون أن يقولوه عني في عمل واحد، كما أننا نجد الشعر العربي هناك شعراء، الواحد منهم يقول بيتا أو بيتين وينتهي، وهذه الأبيات تصبح مشهورة ويتحدث بها الناس، لكن أنا لا أشعر أن ما لدي قد نضب.




    · شخصية "مصطفى السعيد" هل هي موجودة بيننا ؟

    · يبدو لي ذلك، لقد قابلت شخصيات عربية مختلفة يقولون إنهم هم "مصطفى السعيد"، لكن الأهم هي القضية .. ويبدو لي أن القضية التي طرحتها لا تزال موجودة وقائمة .. مشكلة الهيمنة وعلاقتنا بما يسمى الغرب هي عقدة لم تحل وان تحل، وقد وصلت إلى نوع من الاستقرار، خاصة لو حل الصراع العربي الإسرائيلي ، حيث إن إسرائيل قد أصبحت رمز لكل ما يخافه العرب من أوربا ، فقد تم تجسيده في هذه الدولة ، إذا وصلنا إلى تعايش سلمي مع إسرائيل ممكن أن تهدأ حدة هذا الصراع ، ولكن الجوانب التاريخية، والثقافية، والاقتصادية ستظل قائمة.




    · يرشحك البعض لجائزة نوبل – هل يشكل لك هذا الترشيح هاجساً؟

    · جائزة نوبل هذه كما قال مولانا الطيب المتنبي أنا الغني وأموالي المواعيد أنا لا أشغل نفسي بجائزة نوبل وأشك في أنني سأحصل عليها ، وليس مهماً عندي ذلك، لأن هناك في العالم عشرات الكتاب الموجودين الكبار الذين يستحقون نوبل، وبعضهم في العالم العربي هم كبار لم يعطوا جائزة نوبل ، إذن هي كاليانصيب ولن تأتي في الغالب … لو جاءتني سوف أفرح بها ولا أزعم أني فوق هذا، ولكن حقيقة لا أشغل نفسي بها.

    عندما كنت مديرا لوزارة الاعلام منعت بعض أعمالي
    · دارت أحاديث منذ فترة عن منع تداول رواياتك في السودان .. ما مدى صحة ما قيل ؟

    · إخواننا في السودان نفوا ذلك، ولكي أكون منصفا قالوا لا لم نمنعها ولكن منع تدريسها في الجامعات بقرار من إدارات الجامعات هو عذر أقبح من ذنب، لأن الجامعات إذا قلنا إن رواية موسم الهجرة إلى الشمال ، تضر القارئ غير الواعي إذن على المستوى الجامعي ما هو الضرر؟ كذلك هي قضية لا تهمني، فعندما انتهي من العمل يصبح ملكاً لغيري يمنعه – يحرقه .. يفعل به ما يشاء.




    · مصادرة الروايات التي لا تنسجم مع فهم المجتمع كما حدث أخيرا في مصر .. هل هي محاولات شنق لأقلام المبدعين؟ وما هي حدود حرية الإبداع عند الطيب صالح؟

    · أنا من ناحية المبدأ أومن أن الكاتب والمفكر يجب أن تتاح له الحرية الكاملة ليعبر بأمانة عن وجهة نظره، وعلى الناس أن يقارعوه الحجة بالحجة، لكنني أتفهم موقف السلطات والحكومات، لأنني عملت كمسؤول فلست كاتبا بمعنى أنني غير مطلع على الظروف التي تجعل السلطة تجيز أو تمنع، وحينما كنت مديرا لوزارة الإعلام في قطر قمت بمنع بعض أعمالي، وهي ممنوعة إلى اليوم، لأنني كمدير لوزارة، وعارف بظروف البلد، لم يكن يحق لي أن أسمح بعمل يحرجهم، والناشر لم يكن أمينا معي وأردت ألا يستفيد من بيع هذه الكتب، يجب أن يكون المسؤول على وعي كامل وأن لا يمنعوا جزافا من أجل كلمة يعتبرونها بذيئة، وأدبنا مليء بالبذاءة منذ القدم، وهي جزء من التعبير العربي منذ امرئ القيس، والجاحظ، وهي في الطبع العربي، ونحن الآن بسبب التحولات الاجتماعية في المجتمع العربي، نجد أن بعض الكلمات والألفاظ تبدو لنا فاحشة، مع أن العرب كانوا يقولونها دون حرج، والواقع أن حتى رواية سلمان رشدي آيات شيطانية" هذه رواية مملة سخيفة ولو لم يقم الاخوة في إيران بإصدار فتوى ضدها لما باعت خمسمائة نسخة، اشتريت هذه الرواية عندما ظهرت ولم أستطع أن أكملها، ولكن بعد أن قامت هذه الضوضاء أجبرت نفسي على قراءتها فوجدتها مملة وليس لها قيمة أدبية ولا فكرية ولكنها أصبحت أكثر الروايات رواجا ، إذن يجب أن لا نهب عند أي قضية قائلين إن هذا يضر الدين ويسيء للإسلام ، فديننا قوي متين ، ولن يؤثر عليه أي تطاول مهما بلغ.




    · افول زمن الشعر، وصعود زمن الرواية، والسرديات هل أصبح واقعا في عالمنا العربي؟

    · هذا الافتراض لا أقره .. من قال إن هناك أفولاً للشعر ، في الحقيقة إن إخواننا النقاد يخرجون علينا كل يوم بشعار جديد ، الشعر هو المعبر الأساسي عن وجدان العرب وسيبقى كذلك في تقديري.




    · لماذا خفت صوتك الروائي .. علما بأن نجيب محفوظ لا زال يكتب رغم بلوغه هذه السن؟

    · نجيب محفوظ يحب الكتابة .. أنا لا أحب الكتابة … بأمانة أنا أجدها مملة ، هناك كتب جميلة جدا يجب أن نقرأها .. إذا لم نقرأ نحن ..فمن يقرأ إذن .. أنا أجد متعة في القراءة وفي السفر، وفي مقابلة الناس، لكن أن أبقى مختليا بنفسي من أجل الكتابة … هذه عملية مملة ولا أقدم عليها إلا بعد إحساسي بأن الإناء قد امتلأ وفاض .. ويحفزني للكتابة إحساسي بأنني أريد أن أقول شيئا هاما وأريد أن أعبر عن نفسي وأشارك بطرح أفكاري في سوق الأفكار في الوطن العربي بالذات، لكن انتهز أي فرصة كي لا أكتب. حتى الرسائل لأهلي أجد في كتابتها مشكلة ولو كان هناك مردود كما يحدث للكاتب في أوروبا، أو أمريكا، الكاتب يرى التعبير المادي عن جهده ويحصل على نتيجة جهده، لكن عندنا في العالم العربي فوضى تامة .. يأخذون العمل يحولونه إلى مسلسل تلفزيوني – إذاعي أو فيلم سينمائي ولا يذكرون حتى الكاتب، والناشر لا يدفع شيئا إذن لماذا أكتب ؟ !

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de