|
ألا سلمت يمينُك إذ أهانتْ .. جبينَ البوشِ يعلوه الحذاءُ
|
ضد الوهن
محمد علي عبد الله
بوش يبرئ البشير ١ـ ٢ !!
قبل أن يغزو بوش العراق استمع إلى 935 شهادة من مسئول أمريكي فى مستويات اتخاذ القرار المختلفة داخل الولايات المتحدة الأمريكية، والشهادات هذه كانت تقول ثلاثة أمور وتؤكد عليها: وهي أن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل !! وأن للعراق علاقة وثيقة جدًا وتنسيقًا محكمًا مع تنظيم القاعدة!! وأن العراق موَّل أحداث الحادي عشر من سبتمبر وقدَّم لها دعمًا ماديًا واستخباراتيًا وأن محمد عطا قائد المجموعة التقى السفير العراقى فى ألمانيا قبل توجهه إلى أمريكا ليأخذ منه التعليمات الأخيرة!!، بالإضافة إلى أن العراق له أطماع فى المنطقة ويشكل تهديدًا جديًا لجميع دول الجوار وأنه فى حال مهاجمته ـ إن لم يكن الهجوم كاسحًا ومدمرًا ـ فله قدرة على استخدام أسلحة نووية بعد خمسة وأربعين دقيقة فقط من بداية الهجوم، ويكفى ما عنده من أسلحة دمار شامل لإحراق المنطقة برمتها وتدمير إسرائيل، وأن العراق بوضعه هذا هو مهدِّد للأمن والسلم الدوليين وأن وجود صدام على سدة الحكم يشكِّل تهديدًا رهيبًا للمنطقة كلها والعالم بأسره!! ، استمع بوش إلى هذه الشهادات من مسؤلين أمريكيين واستمع العالم كله إلى هذه الشهادات عبر الآلة الإعلامية الأمريكية الضخمة المسخرة فى خدمة الأجندة الحربية لبوش والتى صورت عراق صدام وحشًا كاسرًا وكابوسًا رهيبًا يجب التخلص منه!، وقد تأثر بهذا التصوير الإعلامى لقوة العراق وخطورته أصدقاء العراق قبل أعدائه فصاروا يتحدثون عن أسلحة كيماوية استخدمها صدام فى معركة المطار وأحرق بها مئات الجنود الأمريكان فى أقل من ساعة وصارت مواقع الإنترنت الصديقة جدًا للعراق تتحدث عن مدن صدام الموجودة تحت الأرض وعن جيش الظل من الاستشهاديين الذين قام بإعدادهم صدام حسين لمواجهة الغزو الأمريكي، وعن الأسلحة الاستراتيجية التى ادخرها صدام للحظات الحاسمة وعن ... وعن ... !!، وهكذا رسم 935 مسؤلاً أمريكيًا صورة للعراق وهم يُدلون بشهادتهم أمام دوائر مختلفة لاتخاذ القرار فى الولايات المتحدة، والإعلام ينقل ذلك، والأصدقاء قبل الأعداء يتأثرون بما تنقله أجهزة الإعلام الأمريكية والحليفة، كلٌّ يقرأ ما ينسجه مسؤلو الإدارة الأمريكية على هواه منهم من يرى أن أمريكا بذلك ترسم صورة وحشية لصدام، ومنهم من يقرأ ذلك باعتبار أن أمريكا تكشف عن صورة بطولية طرزانية لصدام، المهم أن الجميع تأثر بتلك الشهادات وبما نقلته أجهزة الإعلام الأمريكية والحليفة!!، وبوش بناء على هذه الشهادات يغزو العراق غزوًا مدمِّرًا يُسقط أقوى جيش عربى ـ كما تم تصويره فى ثلاثة أسابيع ـ وبوش تدخَّل جيوشه في العراق بناء على تلك الشهادات وبوش يقتل فى العراق مليونين ومائة ألف عراقي، وبوش يرمِّل مليونًا ومائتي ألف امرأة عراقية، وبوش يُيتِّم أربعة ملايين وثمانمائة ألف طفل عراقي، وبوش يهجِّر ستة ملايين عراقي، وبوش يعتقل ما يزيد على مائة وعشرين ألف عراقي، وبوش يغتال ما يزيد على سبعمائة وعشرين عالمًا ومفكرًا عراقيًا، وبوش يعدم صدام حسين ويقتل ولديه، وبوش يجعل العراق أكثر بلد يعانى من البطالة فى العالم، وبوش يجعل الشعب العراقى أفقر شعب فى العالم، هذا الشعب الذى كان ينعم فى ظل حكم صدام بمؤونة شهرية ومجانية لكل أسرة، وبوش يدمر البنية التحتية للعراق بطريقة تجعل حليفه براون رئيس وزراء بريطانيا يقول إن إعادة بناء البنية التحتية للعراق صعبة صعوبة هبوط الإنسان للقمر!!، بوش يفعل كل هذا بالعراق وهى دولة أخرى ذات سيادة بناء على شهادات 935 موظفًا حكوميًا أمريكيًا ثم بوش وببرود واحتقار شديد لكل العالم الذي ظل يستمع إلى شهادات موظفيه هذه عبر الفضائيات يقول إن غزوه للعراق استند إلى معلومات استخباراتية خاطئة!!، فلم يكن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل!، ولم يكن يشكل تهديدًا للأمن والسلم الدوليين!، ولم تكن له أي علاقة بأحداث الحادى عشر من سبتمبر!، ولم يلتقِ محمد عطا سفير العراق فى ألمانيا!، ولم تكن للعراق أي علاقة بتنظيم القاعدة!، إلا أن هذا الاعتراف من بوش لن يعيد الروح الى آباء أربعة ملايين وثمانمائة ألف طفل من أيتام العراق!، ولن يعيد الروح الى أزواج مليون ومائتي ألف امرأة من أرامل العراق!، ولن يعيد الروح إلى صدام حسين فى ذكرى استشهاده الثانية!، بكل بساطة بوش يقول لقد قتلت مليونين ومائة ألف عراقى استنادًا إلى معلومات استخباراتية خاطئة !، بوش يقول هذا ثم يمضي إلى مكتبه وبيته آمنًا لا يزعجه حتى مجرد صريخ تظاهرات مندِّدة ... مندِّدة فقط!! كان يجب أن تنطلق فى جميع مدن العالم الحُر إن كان هنالك عالم حر أصلاً !، بوش يقول هذا وتظل الولايات المتحدة الأمريكية زعيمة للعالم الحُر وقائدة للعالم تحاسب هذا وتعاقب هذا وتهدِّد هذا وتحاصر هذا!، بوش يقول هذا وتظل أمريكا تخطب فى العالم باسم حقوق الإنسان وتصدر تقريرًا سنويًا تكتم جميع دول العالم أنفاسها عند تلاوته لتنظر هل أخرجتها زعيمة العالم أمريكا من قائمة الدول المنتهِكة لحقوق الإنسان أم ما زال سيف الغضب الأمريكى الإنسانى والمنصف والمشفق على حقوق الإنسان مسلَّطًا عليها، بوش يقول إنه غزا العراق ودمَّره وأهلك الحرث والنسل فيه استنادًا إلى معلومات خاطئة!، وبوش باعترافه هذا يشهد بأن 935 مسؤلاً أمريكيًا كان يكذب ويكذب ويلفق التهم وينسج الأباطيل، حكومة بها 935 دجالاً وكذابًا ثم هي تعطي دول العالم دروسًا فى الحكم الرشيد والشفافية!، وهكذا تحتقر أمريكا عقولنا وتستهين بدمائنا وعروضنا ومقدساتنا وأراضينا وسيادتنا وكرامتنا، وآن للمقاومة فى العراق وأفغانستان والصومال وفلسطين أن تمد رجليها وتزيد من نسف وتقطيع أوصال جنود المحتل، وآن لألسنة مثقفى المارينز التى تمتدح تدخُّل أمريكا الحميد فى شؤون الدول أن تصمت أو تقطع!، وآن لأقلام السي آي إيه التى تسود صفحات صحفنا بنزاهة وإنسانية وليامسون أن تتوقف أو تكسر!، والدي الكريم الطيب مصطفى إن هذا الاحتقار والاستهانة بدمائنا لا يجعل المرء مرارته تنفقع وتنفجر فقط كما تردِّد فى زفراتك الحرى بل يجعله يلبس حزامًا ناسفًا لينفجر فى وجه بوش وجنوده وحلفائه.
|
|
|
|
|
|