قم ياطرير الشباب غنّي لنا غنّي بمنطقة خليج مونتيري .....بقلم: سليمان الأمين

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-10-2024, 01:42 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-17-2008, 07:54 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
قم ياطرير الشباب غنّي لنا غنّي بمنطقة خليج مونتيري .....بقلم: سليمان الأمين

    بقلم: سليمان الأمين ([email protected])

    قم ياطرير الشباب غنّي لنا غنّي
    يا حلو يامستطاب أنشودة الجِنِّ


    هذه الكلمات الرائعات، ولحنها المتفرد وأداؤها الجميل للراحل المقيم الفنان سيد خليفة، هذه الأغنية صارت معلماً بارزاً من معالم الغناء السوداني، وهذا الشعر المنحوت نحتاً للشاعر العبقري التيجاني يوسف بشير، وكلماته التي يصعب الإمساك بها والتي تحتاج درجة عالية من الثقافة والمعرفة والخيال، مثل "صوِّر على الأعصاب وارسم على حِسِّي.. إلى قوله، أطمس على زرياب وأمسح على معبد.. أمشي على الأحقاب وطف على المِربد.. واغشى كنار الغاب في هدأة المرقد.. وحدّث الأعراب عن روعة المشهد!!
    هذه الكلمات ذات الأبعاد المتناهية والتي تتطلب استعداداً خاصاً للإحساس بها أولاً ثم إجادة نطقها والتفاعل معها، ناهيك عن التغنّي بها ثم التفاعل مع هذا الغناء! وبالتالي ليس غريباً أن تجنبها المغنون والمؤدون إلا أولئك الذين تميزوا بملَكات خاصة وقد كانوا قِلّة تتقدمهم الفنانة المبدعة حنان النيل، ويظل الفنان سيد خليفة منصّة عالية يتطلّع إليها الجميع.
    تملّكتني الدهشة وأنا أشاهد هذه الأغنية العصيّة المستعصمة بالمطلوبات المستحيلة تُؤدَى أداءً كورالياً جماعياً راقصاً من مجموعة من الفتيات الجميلات ممشوقات القوام رشيقات الحركة ومنسجمات الإيقاع، يفضن رقة وأنوثة، يلبسن فساتين الجرتق السوداني الجميل محفّلات بكل ما تُحفل به العروس السودانية من ذهب وخرز وجدلة وفِرك قرمصيص، وكل ذلك في إطار محتشم رصين، يشاركهن عدد مماثل من الشبان بالجلاليب الناصعة البيضاء، يعتمرون الطواقي والشالات يحملون ويحملن السيوف وعصي الخيزران وغيرها من محمولات الفرح السوداني، ودار في ذهني سؤال مُلحّ أن كيف لهذه الأغنية العصية كما أسلفت أن تؤديها بهذا النجاح المنقطع النظير هذه المجموعة المجهولة بالنسبة لي على الأقل، وحقيقة أن كل فرد فيها يملك إمكانيات فنان مؤهل للأداء منفرداً.
    ولكن دهشتي اتسعت عندما علمت أن هذه المجموعة ليسوا سودانيين! ولا فنانين! ولا محترفي رقص! ثلاثة من علامات التعجب تشل التفكير!! إن هذه المجموعة السودانية مائة بالمائة نكهةً ومذاقاً لا علاقة لها بالسودان، وهؤلاء الفتيات الجميلات ورفاقهن في الرقص والأداء هم جنود محترفون في الجيش الأمريكي، يؤدون دورة اللغة العربية في معهد اللغات التابع لوزارة الدفاع بمنطقة خليج مونتيري بالغرب الأمريكي!! إذن من حوّل عناصر هذا المارد الجبار الذي يثير الرعب إلى هذه العناصر الرقيقة الجميلة، وحوّل الصورة النمطية الإنطباعية والإعلامية للجندي الأمريكي الذي يحمل القتل والدمار أينما حلّ وحيث ارتحل؟ بأن الأمر ليس كذلك وأن هذا الحوش الرعيب إنما هو إنسان كامل الإنسانية يفرح ويصنع الفرح للآخرين! وهذا عمل يستحق التقدير من وزارة الدفاع، فالصورة السالبة للجندي الأمريكي هي الغالبة ولم تفلح أجهزة الإعلام في تقديم صورة إيجابية إنسانية مقنعة للمتلقّي.
    هذا المنشط كان ضمن فعاليات برنامج يوم اللغات الذي دُرج على تنظيمه سنوياً بالمعهد، بعض جزء من تراث اللغات لإعطاء البعد الثقافي والإجتماعي للغة، وأية لغة بدون هذين البعدين تصبح باردة كما هي في القاموس، ولم يكن هذا العرض الفخيم هو الوحيد في هذا اليوم، بل كانت كل أقاليم السودان ممثلة، فجموعة رائعة الفتيات تلبس الجرجار الأسود وفتيان يلبسون الجلابية النوبية ويتغنون بأغنية نوبية حبيبة ولا يمكنني الحكم على صحة نطقها، ومجموعة أخرى ترتدي الصديري ويضعون الشعر الكثيف والخلال وفتيات يلبسن الثياب الملونة يتغنين بلغة بجاوية رائعة، ومجموعة غرب السودان ومجموعة من الجنوب والرقص الأفريقي بإيقاعاته القوية، وثم مجموعة أخرى جعلتني أتفاعل زهواً وإعجاباً وهي تؤدي رائعة العطبراوي، أنا سوداني أنا، ثم المجموعات كلها تلتقي في فسيفساء مدهشة تعكس تماماً، الفسيفساء السودانية من حيث السحنات والأزياء وهي تؤدي رائعة الوداع العالمية المشهورة لن ننسى أياماً مضت، ساعد في ذلك التنوع الإثني للمجتمع الأمريكي، الذي هو شبيه بالمجتمع السوداني!
    أقل ما يقال عن هذا البرنامج أنه من صنع فرقة للفنون الشعبية المقتدرة المحترفة بإنتاج ضخم التكاليف والإمكانات، ولا غرو فهذه أمريكا حيث كل شئ متاح، ولكن الأمر أيضاً ليس كذلك! وراء هذا العمل الإبداعي الضخم الذي أعطى اللغة العربية السودانية وقدّم السودان للمجتمع الأمريكي بهذا البهاء والجمال، وأزال الغبش الإعلامي أن السودان هو فقط أرض الحروب والمجاعات والإرهاب، وقفت وراءه مجموعة السودانيين المقيمين (وأرجو ملاحظة أنني أقصد المؤنث أيضاً) هناك يعملون كمعلمين ومعلمات للغة العربية بالمعهد وأسرهم وأطفالهم، والأدوات والثياب والجلاليب والأكسسوارات إنما هي مقتنيات شخصية لهذه المجموعة، هذه الكوكبة المتميزة من السودانيين الذين يثلجون الصدر وأقول بلا مجاملة أن الواحد منهم لو وضع على الجرح يطيب، ليست المساحة للحديث عنهم، فهم يستحقون إفراد مساحة مستقلة للحديث عنهم بالأسماء والصفات، ولكن في هذه المناسبة بالذات لابد من الإشارة إلى شخصين، أبدعا هذا المُخرج الرائع الذي صار حديث الجميع، فقد كشفت الكاميرا مراحل الإستعداد والتلقين والتدريب، وكان وراء اللاب توب الموسيقار السوداني الموصلي في عزم ومثابرة، المهمة كانت أقرب إلى المستحيلة، كيف لشخص يتقن ويتفاعل مع فن ليس في وجدانه ومع لغة ليست لسانه ومع ذلك يبدع بتميز؟! والقطب الآخر الذي أخرج هذا العمل وقد اختارت الأزياء وصممت الرقصات بالطبع معها آخرين، وأكيد قدمت النماذج وقادت الكورال بصوتها الشجئ، هي الفنانة المبدعة آمال طلسم إحدى أضلاع مثلث البلابل الأستاذة بالمعهد، وددت لو أنني التقيت أياً منهن فأشد على يدها بحرارة، ولعلي في وسط المتدربين لمحت الأستاذ محمد عثمان يقود عملية النطق، فله التحية، والتحية بالطبع لكل المشاركين، فحتماً هناك العديد من جنود الوطن المجهولين.
    استحثني للكتابة عن هذا الموضوع الذي ظلت تدفعه الأحداث السياسية المتلاحقة مع موضوعات أخرى إلى مؤخرة الذاكرة، وكنت أود الكتابة عنها منذ عودتي من الولايات المتحدة حيث دُعيت لحضور المناظرة الأولى بين مرشحي الرئاسة بجامعة مسيسبي، هذه العودة الباهرة للبلابل، وهذه الطلة في برنامج اليوم الثاني للعيد تبشر بإثراء للساحة السودانية بإبداع بازخ، فالبلابل رقم متفرد ولست بالناقد الفني الذي يقييم أعمالهن ولكني كمتذوق هناك أغنيات رائعة خاصة بهن بها قدر عال من التطريب، وأغنيات تراثية أداء البلابل لها ولا أروع، وهي على سبيل المثال المهيرة وعقد الجلاد، وقطار الشوق وغيرها، فمرحباً بالبلابل العائدات من المهجر هادية وآمال، أو حياة الصامدة هنا، ولو لم تقدم غير مسلسل دكين ولقطة لسعة العقرب "هذه اللقطة العالمية بكل المقاييس" لكفاها.
    هنا يجب وقفة تجلّة لكل المجموعة السودانية هناك وللموصلي وآمال طلسم، وقد أدى كل من في المجموعة ما يليه في الإطار المهني لوظيفة المعلم من غير أية شبهة إعلامية دعائية أو تجارية، فلهم الإنحناءة والإنحناءة تكون لمن رفعوا رأس السودان عالياً وقدموه بهذا الثوب القشيب! وتبقى همسة لوزراء الثقافة وكذلك الإعلام بأن هذه المجموعة تستحق أكثر من تكريم، فقد أنجزوا عملاً ثقافياً وإعلامياً تعريفياً كبيراً وعظيماً للوطن كان يمكن أن يكلف الملايين، وهمسة في الأذن الثانية أن الإبداع لا يتطلب الإنفاق الكثير، فقط يتطلب المعقول من المعينات والكثير جداً من الحريات، حرية التفكير، حرية التعبير وحرية الضمير.

    رجوع



                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de