|
|
 يغني الحقيبة .. جدتي تدعو لأوباما
|
يغني للحقيبة
جدتي تدعو لأوباما
محمد غلامابي
لم تكن جدتي عندما كانت تبحث عن (المصلاية) لتصلي العشاء تعرف شيئاً كثيراً أو قليلاً عن الانتخابات الأمريكية التي جاءت بالإفريقي الأسود (السيد باراك حسين اوباما) علي قمة أعظم دول العالم ، فهي غير عابئة بالمشهد من حولها ونحن نتحلق حول شاشات التلفزة (مرة الجزيرة، ومرة البي بي سي، حين كان تلفزيوننا المفدى في واد غير ذي ذرع)، كما أنها لاتفقه حواراتنا الساخنة عن معني أن يترشح أفريقي أسود (مصر أنا علي قصة أسود دي أوي) هاجرت أسرته في الستينات (القريبة دي) إلي أمريكا، ثم ترقي (بقدراته فقط) مش بالمحسوبية وكدا (ومن الانتو عارفنو داك)، حتى بلغ مرتبة جعلت الحزب الديمقراطي يقدمه مرشحاً أوحداً لانتخابات الرئاسة، كانت جدتي (حليمة بت اللمين) مشغولة بأورادها عقب الصلاة وحواراتنا تعلو وتهبط عن المعاني العظيمة لهذه التجربة، وما إذا كان بإمكان دولنا أن تحذو حذوها، لا لكي يترشح أسود مسيحي أو لاديني حتى لرئاسة الجمهورية، إنما أن يتجرأ فقط بتقديم نفسه لرئاسة لجنة الحي، أو جمعية الرياضيات بالمدرسة، حدثناها عن أن اوباما هذا ترشح إلي رئاسة أمريكا لأنه مواطن بكامل شروط المواطنة، وليس من الدرجة الطيش، فلم تضع بالاً لما نقول، لكنها اهتمت جداً حين عرفت أنه من قارتنا هذه إفريقيا، بل ويقال أنه من قبيلة (الأشولي) التي تقطن بجنوب السودان (يعني من عندنا)، كما اهتمت أكثر حين عرفت أن أبوه أسمه (حسين) وربما كان مسلماً كما رشحت أنباء كثيرة أثناء الحملة الانتخابية، فقامت من مكانها، ورفعت يديها عالياً وبدأت تدعو له (ياالتلب (شيخها) أقيف طولك الجني هولك، يارب المؤمنين والكافرين تنصر باراك علي مكين) وهكذا إنخرطتت في دعاء مستمر، لنجدها فجأة تدخل سباق الرئاسة الأمريكية من أوسع أبوابه، غض النظر عن الحيثيات المضللة التي قد تكون التقطتها من حديثنا معها، لكنها علي أية حال كانت تدعو بإخلاص.
ولم تشرق صباح اليوم التالي حتى رويت حلمي ليلة البارحة لها، فقد سيطرت علينا فكرة أن يكون باراك هذا الأوباما رئيساً جديداً لأمريكا، بل وطفقت أتصوره سودانياً جداً، يتحدث الدارجة السودانية بطلاقة متناهية حتى أنني ناديته تأكيداً علي ذلك أمام مجموعة من زملائي بـ(يازول، إنتا ماشايفنا ولا شنو؟ فرد سريعاً : أبداً بس زي ماشايفين مشغول شديد مع موضوع الانتخابات وكدا، لكن من قبيل سامع خليل فرح (في الضواحي وطرف المداين يلا ننظر شفق الصباح)، فأهديناه الاسطوانة، وهو سعيداً منتشياً بذلك، وضحك حتى بانت نواجذه، فصحوت من نومتي عند الثانية صباحاً لأجده قد فاز حقاً بمقعد رئاسة البيت الأبيض، وهي المرة الأولي التي يدخله فيها (أسوداً)، وتلك كانت أمنية بالأمس، فإذا بها حقيقة الآن، قلت لجدتي (حليمة) بعد أن تناولنا (شاياً باللقيمات) تعرفي ياأمي أن اوباما قد فاز بالانتخابات الرئاسية في أمريكا؟ فردت (أوباما منو ياولدي؟)، فقلت لها أوباما المرشح المسلم الذي دعوتي له شيخك البارحة ليفوز، فوقفت من طولها وهي تقول (شيخي نادر، حباب أبو التلب، حبابو المابتغلب، هديتك جاياك في بكانك، ياالشيخ حبيب الله). ولم ندخل في حوارات بعدها، لكننا لانزال نتأمل المشهد الأمريكي بكثير إعجاب وغبطة وحسرة أيضاً.
|
|
 
|
|
|
|
Tragie Mustafa
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست