أوْجَـاعٌ تَحْـتَ سَـرابيلِ الخَـاصِـرة ... !!. ( روايةٌ من ثَمانيةِ فُصُولْ ).

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 01:33 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-26-2008, 09:02 AM

محمَّد زين الشفيع أحمد
<aمحمَّد زين الشفيع أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1792

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أوْجَـاعٌ تَحْـتَ سَـرابيلِ الخَـاصِـرة ... !!. ( روايةٌ من ثَمانيةِ فُصُولْ ).

    الإهْـدَاء ..


    *
    *

    إلى روحِ والـدتي :

    الَّتي رحلتْ عنِّيَ وأنا – من يفاعتي - أُحاكي النِّساءَ بكاءَهُنَّ والعَويلْ .

    وإلى روحِ والـدي :

    خفيرِ التُّرعَـة ؛ الَّذي طالَ جلوسُـهُ بالماءِ ليلَ نَهارَ ؛ كيْما أستوي واقفًا أنَـا

    ؛ وغادرني بعدَ أنْ أهدى إليَّ أوَّلَ رسْمٍ جامعيٍّ ثُمَّ انصرفَ فرِحًا بمُلاقاةِ

    حتْفِهِ الَّذي حالَ ضيقُ ذاتِ اليَدِ بيني وعلاجِ مرضِهْ ؛

    بَيْدَ أنِّي انصرفْتُ حزينًـا لفقدِ بوصلتي الَّتي عَانتِ

    الدَّورانَ بعْـدَهُ والضَّبابْ .! .


    أهدي هذا العملَ الرِّوائي :


    ( أَوْجَاعٌ تَحْتَ سَرَابِيــلِ

    الخَـاصِـــرَة
    ..!!!. )

    *
    *
    (رِوَايـَـةٌ من ثَمانيةِ فُصُولْ )

    مارس 1998م.



    محمَّد زين الشفيع أحمد.

    (عدل بواسطة محمَّد زين الشفيع أحمد on 10-27-2008, 05:45 AM)

                  

10-26-2008, 09:07 AM

محمَّد زين الشفيع أحمد
<aمحمَّد زين الشفيع أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1792

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوْجَـاعٌ تَحْـتَ سَـرابيلِ الخَـاصِـرة ... !!. ( روايةٌ من ثَمانيةِ فُصُولْ ). (Re: محمَّد زين الشفيع أحمد)

    - الفَـصْـلُ الأوَّلْ -*

    *
    *

    . قلقٌ يَنْتَابُ قريـةَ " أُمْ فُنْجانْ " ، فُتُورٌ يَصِيبُ ذاكِرَتَها ، وفقْـرٌ أبيضٌ وبرِيءٌ مُـوزَّعٌ بينَ بعضِ النَّاسِ فيها ، وجَمالٌ يتَّكِِيءُ على وجعِ الخاصـرة مِنْها، ووداعةٌ تحمِلُ في طيَّاتِها جسيمَ معرفَـةٍ وكثيـرَ ألَـقْ ، وبَسَاطَـةٌ لا يَخْتَلِفُ في تقديرِها اثنانْ ،
    ***
    .. على عادتِها المعروفةِ تفتَحُ " بِتْ حيمُورْ " طاقةَ * بيْتِها صباحًا لتُعَـاينَ الطريقَ والمارَّة وهيَ مُنْسَدِحَةٌ على عنقريبِهَا *..
    " أحمد اللِّـيم * " يَتمشَّى في الطَّريقِ مُتَمخْتِرًا يحمِلُ عُكَّازتَهُ الغليظةَ ذاتَ الطُّولِ المعروفِ بينَ أبناءِ القرية ، ويَنْثُرُ دُررًا من " الدوبيتِ " بِصَوْتِهِ المَبْحُوحِ :

    - " ما تِتْمَلَّى بيْ خيراً فيها
    وتقولْ بتدُّومْ ..
    يوماً تفرِّحَكْ ويوماً تَخلِّيكْ
    شُومْ ..
    يوماً فوقْ دُبَاجْ ويوماً
    تَجافي النّومْ ..
    ويوماً سَـايَفوكْ وقالوا
    الفاتحة ليْ المَرْحُومْ .. " .

    - تُرُدُّ بِتْ حيمور من خلالِ طاقَـةِ
    بيْتِها بِصَوْتِها الرُّجُوليِّ :
    " إنْ جادتْ عليكْ بالحَمُدْ
    كافيها ..
    وإنْ فاتتْ مِنَّكْ ما تَجْري
    مِتلافيها ..
    الدُّنيا امْ قُدُودْ مَا يعَجْبَكْ
    حُلُواً فيها ..
    باكرْ تَمُوتْ ويغَبِّرَكْ
    سَافِيها .. " ..

    .. أحمد اللِّيمْ يزدادُ فرَحًا بِهذهِ " المُجَادَعة " *
    فَيُخْرِجُ كيسَ تُمْبَاكِهِ * ويضَعُ سفَّـةً * في أعلى فمِهِ
    مُتَهَدِّلِ الشَّفَّةِ السُّفْلَى ، ويَقِفُ بِجانبِ طاقةِ " بِتْ حيمُور " ،
    مُناولًا كيسَهُ لها ومُنْشِدًا :

    - " بَقُولْ ليْ التَّرْزي ، بَقُولْ ليْ التَّرْزي
    جَمِّلَّها التَّفْصيلة ..
    وقِيسْ مِنْ شبهَ البناتْ
    مِنْطَبقة طويلة ..
    وقيسْ مِنْ شبَهَ البناتْ
    مِنْطَبقة طويلة ..
    مِنْ فوقْ زُرَّها ومِنْ تِحِتْ
    أدِّيهَا تَميلة .. " .
    ...

    يأتي العُمْدةُ عابِرَاً فتَغْلِقُ بِتْ حيمُور نافِذَتَها
    الصَّغيرةَ .
    - العُمْدَةُ مُخاطِبًا وهازئًا بأحمدِ اللِّـيمْ :
    " هَا العوير دا مَاكْ مَاشِّي الخلا .. ؟ " .
    والعُمْدةُ يعلمُ تَمامَ العلْمِ أنَّهُ وآخرينَ معه كانوا السَّببَ
    الأساسيَّ في إقناعِ أحمدَ اللِّيم لبيعِ أفدنتَهُ التي يَمْتَلِكُها لحاجِ
    التِّلِبْ ..

    - " مَا مَاشِّي ، الله ينْعَلَكْ إتَّ وحاجَ التِّلِبْ بِتَاعَكْ ،
    البيَّعْتُوني حَوَّاشْتِي * " .. ويُلْحِقُ قَوْلَهُ شاديًا :

    " يا عَطِيَّة أخويْ دَرْدَرْني الفَقُرْ
    وخلَّانِي ليهو أجالِسْ ..
    إنْ مُتْ وإنْ حييتْ
    مانِي مفْقُودْ في
    المَجَالِسْ .. " ..

    ويُواصِلُ في شَدْوِهِ خالِطًا بينَ هَمِّهِ
    وحُبِّهْ :

    - " أوَّلْ اسْمِكْ مِيمْ في مِيمْ
    في الدُّنيا مَا بِتْمسَّلْ ..*
    وحَرْفَ الميمْ نَزَلْ مِنْ
    المِهَنْدِسْ بَطَّلْ ..
    بالباء : بَرَايْ سَلَكْتَ
    طريقا ..
    وبالتَّاء : تَشْفِي المريضْ بيْ
    رِيقَـا ..
    وبالواوْ : وَلْوَلَتْ في جوفي
    حَرِيقَـا ..
    وباللام : لَيْلَى وتضَوِّي
    فَريقَـا .. " .


    *
    *
    *
    *

    ____________________________
    * الطَّاقة : فتحةٌ دائريَّة في حائطِ الغرفةِ
    تكونُ أسفلَ منتصفِ الحائطِ وعادةً تكونُ مُقابلةً
    للشَّارعِ بحيثُ تُجَدِّدُ الهواءَ للغرفة وتُمَكِّنُ صاحبَ
    الدَّارِ مِنْ رؤيةِ المَارَّةِ وهُوَ مُسْتَلْقٍ على عَنْقَريبِهِ
    إنْ أرادَ هُو ذلكْ ، وهيَ تُمَثِّلُ النَّافِذَةَ اليوْم
    أوِ الشّبَّاك ..
    * العنقريبْ : سريرٌ من حَطَبِ الأشْجارِ
    ويُقَالُ إنَّ أصلَ المُفْرَدةِ هُو " عَنْ قريبٍ "
    وذلكَ لِقُرْبِهِ مِنْ الأرضِ واللَّحْدْ .
    * المُجادَعةُ : بعضُمْ يَرى أنَّها المُخاصمة
    والمُشاتمة ، وبحسبِ تقديري أنَّ المجادَعةَ
    في الأريافِ تعني أنْ تأتي بأبياتِ الدّوبيتْ
    وتعطي الفرْصَةَ لِمَنْ هُوَ في رِهَانٍ مَعَكَ إلى
    أنْ يَفُوزَ أحدُكم على الآخرْ .
    * التُّمْبَاك : " الصَّعوتْ " ، خليطٌ مِنْ ورَقِ
    نَوْعٍ من النَّباتِ المُجَفَّف ، تُضافُ إليْها حجارة
    بيضاء تُسَمَّى " العطرون " بعدَ سَحْنِها تَعْدِلُ
    مِزَاجَ أحمدَ وبِتْ حيمور.
    السَّفَّة : كميَّةٌ من التُّمْباك بمقدارِ قبضَةِ ثلاثةٍ
    مِنْ الأصابعِ السَّبابةِ والإبهامِ والوسطى ،
    توضَعُ تحتَ الشَّفَّةِ السُفلى أوِ العُليا
    وذلكَ بِحَسْبِ عادةِ المُسْتَخْدِمِ لَهَا
    وَمِزَاجِـهْ .
    * اللِّيم : الذي يَلُمُّ النَّاسَ ويُصْلِحَ بيْنَهم
    ، يُقالُ إنَّ أحمدَ كانَ يُصْلِحُ بيْنَ النَّاسِ
    ويُلِمَّ شَمْلَهُمْ قبلَ أنْ تَعْطِيَهُ الدُّنيا ظَهْرَها.
    * الحَوَّاشة : أربعةٌ أوْ خمسةٌ مِنْ الأفْدِنة ،
    يَزْرَعَها صاحبَها سنويَّاً إمَّا ذرةً أوْ قَمْحاً
    وما إلى ذلكَ ، فيُخْرِجُ منها قوتَ عامِهِ
    ويبيعُ مَا زادَ عَنْ حاجتِه.
    * مَا بتمَّسَّل = مَا بتمَثَّل = لا شبيهَ لهْ .
    ***


















    - الفصْـلُ الثـَّاني -

    *
    *

    - بِتْ حيمُورْ تُنادي ابْنَها الطَّيِّبْ :
    " هَا جَنَا الطَّيِّبْ "
    وتسألُ نفسَها مُسْتَفْسِرَةً :
    " الجَنَا ابْ كِليواتْ دا يا رَبِّي مَشَى وينْ
    في هَوايْدَ الليلْ دا ؟ "

    .. الطَّيِّبُ في السَّـابعةِ والعشرينَ مِنْ عُمْرِهِ ، يَبْدُو
    وَسِيمًا لوْ لا تجاعيدُ الزَّمَنِ التي جعـلَتْهُ وكأنَّهُ ابْنُ
    الخمسينَ مِنْ العُمْرْ ، تَخَرَّجَ في كليَّةِ الآدابَ ولمْ يجدْ
    عَمَلاً يَسْنُدُ بهِ ظَهْرَ والدتِهِ ، لكنَّهُ فضَّلَ أنْ يَعْمَلَ إسْكَافًا
    للأحذيةِ والتي تَدُرُّ لهُ مَبْلَغًا يجعلُ والدتَهُ تَفرحُ
    حينًا وتغضبُ أحيانَـا ..

    .. بِتْ حيمور امرأةٌ رائعةُ الدَّواخلِ وشاهِقَةُ
    البساطةِ ، كُلُّ هَمِّها أنْ يعيشَ أبناؤُها الثَّلاثةُ
    في سِترِ مِنْ الحَـالْ ، وأنْ تكونَ بعيدةً عنْ شَغَبِ
    الحياةِ وضوْضائِها ، لمْ تلْقَ نصيبًا مِنْ التَّعليمِ ،
    ولشدَّةِ بساطَتِها وطيبتِها كانَ شرقُ الكلامِ
    عندَها غَرْبُ ، لا يستطيع أحدُ الجالسينَ
    ثنيَها عَنْ جادَّةِ حديثِها عندمَا تلتَقِطُ أطرافَ
    مَوْضُوعٍ مَا دونَ أنْ تتبيَّنَ معالمَهُ جيِّدًا ،

    - " يُمَّة أنا هِنَا دايرة حاجَة "
    - " الحاجَة التَّحِيجَكْ ، مَعَـاكْ مِنُوا آجَنَا "
    - " معايْ أُسامة صاحبي " ..

    .. جلسَ الطَّيِّبُ وصديقُهْ على عناقريبِ البيْتِ ،
    مُتَهَتِّكةِ الوِثَارْ ، وقد قاربتْ مؤخِّرتَاهُمَا ملامَسَةَ
    الأرْضِ ، لكنَّهما تعوَّدا على ذلك ، وبدءَا يتناقشانِ
    عنْ حافظَ إبراهيم شاعرِ النِّيلْ ، ومَا إنْ سَمِعتْ
    بتْ حيمور باسم حافظ فَبدأتْ تتحدَّثُ :

    - " حافظْ ود عَجَبَتْ واللهِ مافي أحسَنْ مِِنُّو ،
    أكَّان شُفْتو كيفْ بِسَاعِدْ أمُّو ، وبِجيبْ لَيها
    المِلاياتْ واللهِ النِّسْوانْ إعَقْرَنْ عليهُو ... " ،

    واسترسلتْ تُعَدِّدُ محاسنَهُ التي تعلمها عنهْ
    غيرَ آبِهةٍ للطَّيِّبِ الذي أرادَ أنْ يُصَحِّحَ لها
    فهمَها بأنَّهم يتحدَّثُونَ عَنْ حافِظَ آخَرَ ..

    هَكَذا هيَ بِتْ حيمُور شَرْقُ الكلامِ
    عندَها غربُ ، امرأةٌ نادرةُ الوُجودِ
    ذاتَ صوتٍ جَهُورٍ وضخمٍ ، لكنَّها
    امرأةٌ غَيْمَة ، مُتراميةُ الأطرافِ
    طِيبَةً ، وبسيطةٌ كسريانِ الماءِ
    ، تَسْحَرُكَ عفويَّتُها ، تُرَمِّمُ في
    النَّاسِ حائطَ البراءةِ المُتَهَدِّمَ
    ، وتتزَيَّ النَّقَاءَ ثَوْبًا ،
    تَحْفَظُ أجزاءً من الدّوبيتْ
    ، تَقُولُهُ على طريقتِها ،
    تَرَكَتِ الحديثَ عنْ " حافظَ
    ودْ عَجَبَتْ " وابتدأتْ تُنْشِدُ :

    بِعَجِبْني الحُرْ المَا بِنْسَى
    عَرْضُو ..
    وبِعَجِبْني العِتابْ الأهلو
    بِرْضُو ..
    وبوجِعْني الدُّونْ إنْ طَنْطَنْ
    بَرْضُو ..
    مَالُنْ القُصَارْ أكَّانْ طالو
    وعِرْضُوا ..
    مَا تَرا الصَّقَّارْ فوقْ الرَّمَّامْ
    بِعَرْضُو ..

    وبَدَأَ النُّعاسُ يَدِبُّ في جِسْمِهَا دَبيبًا
    وبدأَ شَخِِيرُها يتَعَالَى شيئًا فشيئًا
    حتَّى صَارَ مُدَويًّـا ودَخَلَتْ في
    سُباتٍ عَميقٍ جدَّا وشَفَتَـاها
    بِصُحْبَةِ سَفَّـةِ تُمْبَاكٍ عَجيبة ..

    ***
                  

10-26-2008, 09:10 AM

محمَّد زين الشفيع أحمد
<aمحمَّد زين الشفيع أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1792

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوْجَـاعٌ تَحْـتَ سَـرابيلِ الخَـاصِـرة ... !!. ( روايةٌ من ثَمانيةِ فُصُولْ ). (Re: محمَّد زين الشفيع أحمد)

    - الفصْلُ الثَّالثْ -

    *
    *

    " حاجَ التِّلِبْ " رجلٌ ابتَسَمَتْ لهُ الدُّنيا ابتسامًا غريبًا بعـدَ اغترابٍ دامَ خمسَ سنواتْ في إحدى دُولِ الخليجِ ، فعادَ مَمْهُورًا بمَالٍ يَشْتَري بهِ أخلاقَ الضُّعَفَاءْ بالقريَةِ ،
    ويَروي" علي ودْ حليمة " أنَّ حـاجَ التِّلِبِ قدِ اكتسبَ المالَ بطريقةٍ غيرِ مشروعةٍ ،
    وقدْ حاوَلَ بشتَّى السُّبُلِ فَضْحَ حاجِ التِّلِبْ بينَ مَنْ يَعْرِفُهُمْ مِنْ أصْدِقَائِهِ بالقريةِ
    ودائمًا يجلِسُ بِسُوقِ القريةِ الصغيرْ ، ويختارُ أحَدًا من قُدَامَى أصدقائه ليرويَ
    لهُ قصَّةَ ثراءِ حاجِ التِّلِبْ ، وفجأةً يَلْمَحُ ودَّ المَتَكَّمْ فَيُهَرْوِلُ
    نَحْوَهُ :


    - " هَا ودَّ المَتَكَّمْ ، أكَّانْ شُفْتَ الخليجي سلَّمْ لَكْ كُلْ قُرُوشُو ليْ حاجْ التِّلِبْ
    وقَالُّو أبقاليْ عَشَرَة عليْ مَحطَّاتْ بَنْزيمي ديلْ وانا بدّيكْ ألِفْ في الشَّهَرْ " .
    - "عليكْ الله ..! ؟؟ "
    - " أيْ واللهِ " .
    - " إتَّ الكلَّمَكْ منو بيْ عمايلْ حاجْ التِّلِبْ دي "
    - " نَانْ انا قوليكْ هَيِّنْ ولَّا مَقْطوعْ لَيِّنْ ، كلَّمْني ود ازيرِقْ وقالْ كلَّمو
    واحدْ منْ " امْ فريريج " .

    .. وأمْ فريريجْ هذه قريةٌ لا تبعُدُ كثيرًا عنْ " أمْ فُنْجانْ " حيثُ تفْصِلُ
    بيْنَهُما بعضُ كيلو مترات ، وودَّ المَتَكَّمِ يُوَاصِلُ استفسارَهُ وتقَصِّيَهُ للخَبرِ
    مِنْ علي ودْ حليمة .
    - " أهَا زولْ امْ فريريجْ دا كانْ معاهو في الخليجْ ؟، يعني بالمَعَنَى كَدِي شافو
    هِناك مع الزول داكْ ولَّا كَلامْ حُسَّادْ سايْ ؟؟ "
    - " لا لا ، زولْ امْ فريريجْ قالْ عندو قريباً ليْ مِنْ الخَرْتُومْ كانْ معَا حاجْ التِّلِبْ
    وقالْ كمانْ النَّاسْ كلَّموهو وقالو ليهو حاجْ التِّلِبْ كُلو يومْ بِدِسَّلو مِيَّة منْ البنْكي*
    حَقَّ المحطاتْ اللِّيلْتَ البِِنْزيمْ * ويدَخِّلا في تِكَّةْ سِرْوالو وصاحْبَكْ
    الخليجي مُو جايِبْ خَبَرْ " .

    وهُنا يزدادُ قلقُ ودَّ المتكَّمْ وخَوْفُهْ ، فَيُحَاوِلُ إنْهَاءَ الحِوارِ مُوسْوِسًا :
    -" هَا ودْ حليمة خَلِّي الخَلِقْ ليْ خالِـقـا ، الزولْ دا مَاكْ عارِف عندو
    ناساً اليومينْ ديلْ بِجيبْولو خَبَاراتْ الحِلَّة كُلَّها " .
    - " خافْ أنا قالولَكْ خايفْ مِنُو واللهِ أنا بيْ عَصَايتي دي
    أسُوطُنْ ليكْ جَتْ عليهُنْ ومَا ساعِلْ فيهُنْ كُلَّهُن " .
    - "إنْ بِقِيتَنْ كَدي أيَاكَ الجايِبْ ضَقَلا إتْلولَحْ ،
    ودعْتَكْ الله آآ وَدْ حليمة " ..



    وهُناكَ حاجُ التِّلِبْ ينامُ في دَعَةٍ وسَعَة وعلى وِسَادةٍ مِنْ المَالِ ويصْحُو على أنغامِ حاشيتِهِ الكبيرة ،
    ولقدْ صارَ مَسموعَ الكلمةِ بالقريةِ ، ويُشَارُ إليه برأسِ البَنانِ ، وبعدَ أنْ كانَ في التَّعـليمِ لا يستطيعُ إكْمَالَ كتابةِ اسمِهِ جيِّدًا باتَ يكوِّنُ اللِّجانَ ويترأسَّها ويَحُلُّها إنْ
    خالفتْ هيَ هَوَاهْ .

    .. دَخَلُ أحدُ أفرادِ حاشيتِهِ يُوشِي إليهِ بشيءٍ مَا في أُذْنِهِ اليُمْنَى ،
    فانتفَضَ حاجُ التِّلِبِ واقِفًا وفاردًا سُبَّابَةَ يدِهِ اليُمْنَى ومُمْسِكًا بقيةَ
    أصابعِهِ قائلًا :

    - "أضُرْبُو العَفِنْ ، أكِسْرُو الجَنى وإنْ مَا تابْ مَا تْمُرْقُو مِنْ هِنَا "

    فإذا بهِ علي ودْ حليمة في الجانبِ الآخرِ من فناءِ المَنْزِلِ
    يتقاطَرُ دَمُهُ على " عَرَّاقيهْ " * ويُمَارسُ عويلًا لا سُكُوتَ
    لهْ ،
    وبعدَها صارَ خادِمًا لِحاجِ التِّلِبِ يَطيعُ الأوَامِرَ كيفَمَـا أتتْ ،
    ويَقْتَادُ لحاجِ التِّلِبِ كلَّ مَنْ يَعْصي أوَامِرَهْ ، وصَارَ في رغدٍ مِنْ
    العَيشِ هَانئًا ..
    حاجُ التِّلِبِ دَخَلَ في فَنِّ تِجَارةٍ جديدٍ وهوَ شراءُ أفْدِنَةِ أهلِ القرية ،
    وقدْ كوَّنَ لجنةً مِنْ مواليه لِذاتِ الشأنْ ، ومَا أنْ يَسْمَعُ بأنَّ فلانًا
    لديهِ ابنٌ مَريضٌ لا يَقْوَى على عِلاجِهِ ، إلا وأرسلَ لَهُ بعضَ
    حاشيتِهِ ، مُسْتَفْسِرًا عنْ حالِ ولدِهِ ، وهلْ يَحتاجونَ شيئًا
    وكبساطةِ أهلِ قريةِ " أمْ فُنْجَانْ " فالذي على قلوبِهِمْ هُوَ ذاتُهُ
    على ألْسِنَتِهِمْ، فيذكُرونَ لِحاشيتِهِ أنَّهُمْ لا يَمْلِكونَ مالًا لعلاجِ ابنِهِمْ ،
    وحالًا تَطْرُقُ الحاشيةُ شراءَ حوَّاشَاتِهِمْ التي يَمْتَلِكُونَها بزهيدِ المالِ
    وكانَ مِنْ بينِ هؤلاءِ الضَّحايا .. " أحمدَ اللِّيمْ "
    فقدْ باعَ أحمدُ اللِّيم أفْدِنتَهُ بإيعازٍ مِنْ العُمْدَة وحاشيةِ حاج التِّلِبْ بدراهِمَ معدودةٍ أقَمْنَ صُلْبَهُ قُرَابةَ الشَّهْرَيْنِ .. وكانَ أحمدُ اللِّيم رَجُلًا كريمًا جدَّا وبخاصَّةٍ بعدَ استلامِهِ للمبلغِ منْ العُمْدَة فكانَ بيتُهُ أشبهَ ببيتِ العُرْسِ ، أُنَاسٌ يَدْخُلونَ وآخَرُونَ يُودِّعُونْ ، وتجدهُ يقِفُ على قارعة الطَّريقِِ مُنَاديًا ..

    - "اتفضَّلْ آ الضَّوْ أتعشَّى معانا " ..
    - " السَّماحْ آزولْ واللهِ مِسْتَعْجِلْ بِلْحيلْ "
    - "واللهِ لازمْ تَغَشَى البيتْ وتتعشَّى معايْ
    عليْ الحَرَامْ آآ بخلِّيكْ " .

    .. وكلمةُ " عليَّ الحَرَام " كلمةٌ ذاتُ شأنٍ عظيمْ ، يَسْتَخْدِمُها أهلُ قريةِ
    " أمْ فُنْجانْ " صغيرُهُمْ وكبيرُهُمْ ، مُتَزَوِّجُهُمْ وغيرَ مُتَزوِّجِهِمْ ،
    ويعتبرونَها وسيلةً أكثرُ صرامةً لإقناعِ مَنْ تُحادِثُهْ أوْ
    تَكونُ داعيًا لهْ .

    - "يلَّا يا الزَّاكية قَوامِكْ آآ بِتْ " .
    - سَمِحْ آبُويْ ..

    والزَّاكيةُ تبلُغُ منْ العمرِ أحدَ عشرَ عامًا وهي ابنتُهُ الكُبْرَى من بينِ ثلاثِ
    فتياتٍ أُخْرياتٍ تركَتْهُنَّ لهُ زوجتُهُ " عَشَامَة " التي رحَلَتْ عنهُ منذُ بِضْعِ
    سنواتْ ، تُخْرِجُ الزَّاكيةُ كرتونًا من المخْزَنِ وتسألُ أباهَا ..

    - " يابا ورقة ولَّا ورقتينْ "

    - " ورقتينْ آآ بِتْ ، أبوكْ ما بْعَرْفَ المايلْ " ..
    - والضَّوْ يَخْلُفُ رِجْلًا على رجلٍ في انتظارِ
    تلكَ الأوْرَاقِ قائلًا :

    - " مَا قَصَّرْتَ آآ اللِّيمْ إنْ شَـاء الله في عِرِسْ بناتَكْ ".

    .. وهيَ تقصِدُ بالورقةِ " الشعيريَّة " ، وكعادةِ النَّاس في قريةِ
    " أمْ فُنْجَانْ " ولضيقِ ذاتِ اليدِ عندَهُمْ ، فإنَّ ورقةَ الشعيريَّة في الكرَمِ
    وقتَها كانتْ لا تقِلُّ شأنًا عنْ ذَبْحِ الخرُوفِ وتَعْدِلُ شأنَهُ تمامًا ،
    .. واستمرَّ أحمد اللِّيمْ على هذه الحالةِ قُرَابةِ
    الشَّهرينْ ، وبعدَها لمْ يَجدْ أحمد اللِّيم مَا يَسُدُّ
    بهِ رمَقَ بناتِهِ منْ طَعامٍ ، فطَفِقَ يأسَفُ على
    بيْعِ أفدنتِهِ لحاجِ التِّلِبْ، وبدأَ يستدينُ مِنْ هُنا وهُناكْ ولا يَقْوى
    على سَدِّ الدُّيونِ التي تراكمتْ عليهِ ، فلاذَ يُحادثُ
    نفسَهُ كثيرًا ، وصارَ حديثُ النَّفْسِ الجَهُورُ لهُ ديْدَنًا
    ، إلى أنْ فقدَ عقلَهُ ، فصارَ يَهِيمُ في طرقاتِ القريةِ
    وهوَ يُرَدِّدُ خالطًا ضَحِكَهُ بِحُزْنِهْ :

    - "حاجَ التِّلِبْ الله لا كَسَّبو عافية ، أخَدْ حواشتي
    منِّي وادَّاني قريشاتْ ، أكلْتَهِنْ شعيريَّة ،
    حاج التِّلِبْ الله ...... ، هَا ها ها ها ها هَا .. ".

    وباتَ أوْلادُ القريةِ يتسامرونَ بهِ ويتبعونَه في الطريقِ
    ويقذِفُونَهُ بالحجارةِ ، فتُدْمي الحجارةُ جلدَهُ وهوَ لا يَشْعُرُ
    بها ، وفقط يُحاولُ صرْفَها عنهْ ..
    مُحْتَميًا بديوانِ حاجِ علي ،
    فيَخْرُجُ عليهِ ابنُهُ الأوسطُ عثمانُ سائلًا :

    -" مالَكْ آعَمِّي أحمد "
    - " الشُّفَّعْ ديلْ ضَرَبوني ، وحاجْ التِّلِبْ شالْ
    حواشتي إيديَّة سَـايْ آآ وَدْ حاجْ علي " .

    - " يلَّا يا شُفَّعْ كلُّ قِرِدْ إطْلَعْ جَبَلُو "

    فيتفرَّقُ الصِّغارُ عنهُ إلى بُيُوتِهِمْ ..
    فيَمْسَحُ عثمانُ عَرَقَ أحمد اللِّيم المُتَصَبِّبْ ،
    ويَنْسَدِحُ على فِرَاشِ الدّيوانْ ،
    وبَعدَ قليلٍ .....
    يَبْدو أنَّ أحمدَ اللِّيم قدْ نسيَ كُلَّ شيءٍ فبدَأَ صوتُهُ يعلو
    مِنْ داخلِ ديوانِ حاجِ علي شاديًا :

    " بَرْجُوكْ بَرْجُوكْ يا امْ رِمُوشْ
    بيْ نَظْرَة مَا تْعَابينا ..
    ونِحْنَا خَتَرْنَا والقاصِدْنَا
    مُو لامْ فينَا ..
    ونِحْنَا خَتَرْنَا والقاصِدْنَا
    مُو لامْ فينَا ..
    وبيْ عِينيْ بَشُوفْ
    الشبابْ مَشْتُولْ
    شَتِلْتَـنْ شينـَـا ..

    .. ويُرْدِفُ بأُخْرَى :

    - " يا امْحُمَّدْ أخويْ بَعَدْ مَا
    قرينَا الفِي الدَّفاتِرْ وفي
    الكُتُبْ طَالَعْنَا ..
    اللِّنْكَسِرْ المِرِقْ بَعَدْ مَا
    طَلَعْنَا ..
    كانَ السَّما التَّنْهَدَّ ،
    والْوَطَة التَّبْلَعْنَـا ..
    والزَّارِعْنَا غيرْ
    الله اللِّجِي
    يْقَلِّعْنَــا .. " ..

    ثُمَّ صَمَتَ وظَلَّ يَنْظُرُ شَذَرًا بعيْنَيْهِ
    الصَّغيرتيْنِ لسْقْفِ ديوانِ حاجِ
    علي .
    ___________________________________________
    * البنْكـي : خِزانةُ النُّقُودِ التي يَأخُذُ منها حاجُ
    التِّلِبْ مائتَهُ اليوميَّة ويَدُسُّهـا في تكَّةِ
    سُرْوَالِهِ الطَّويلْ ، بحسبِ زعْمِ " علي ودْ حليمة "
    عبر "ود ازيرِقْ " بواسطةِ " زولْ أمْ فريريجْ " المُخْبَرِ مِنْ قريبِهِ
    بالخُرْطوم والذي ذكرَ بأنَّ أُناساً أخبروهُ
    بِذلكَ بحسبِ حديثِ " ود امْ فريريجْ "
    الذي ذَكَرَهُ " علي ودْ حليمة " في مَعْرضِ
    حديثِهِ معَ " وَدَّ المَتَكَّـمْ " .

    * البِنْزيـم = البِنزين : وقودُ بعضِ السيَّارات ،
    وبعضُ أهلِ " أمْ فنجانْ " ينطِقُونَ نونَها ميماً .
    * العَرَّاقي : زَيٌّ شعْبِيٌّ سُوداني معروفْ ، يُلْبَسُ
    عادةً تحتَ الجِبَّة " الجلابيَّة " ، وهوَ أشبهُ بِها خلا
    أنَّ بهِ قِصَراً مَعْرُوفاً وكذا أياديَهُ ، وفتحةُ الرأسِ
    بها اتساعٌ مُريحْ ،
    بعضُهُمْ يحبُّهُ شفافاً ليُدْخِلَ إليهِ نسماتِ الهواءِ ،
    وبعْضُهمْ يَراهُ يكفي عنِ الجِبَّة ، وبعْضُهُمْ يَرَاهُ
    أجملُ على ذوي السُّمْنةِ المُفْرَطةِ ، لأنَّهُمْ يروا
    أنَّهُ يُظْهِرُ أعضاءَ النَّحيفِ مثلَ التُّرْقُوَةِ وأعْلَى
    الصَّدرِ والتي يرى بعضُهُم أنَّ هذه المناطقَ
    واجبٌ على النَّحيفِ إخْفَاءَها .





    - الفصْـلُ الرَّابعْ -

    *
    *

    ديوانُ حاج علي مكانٌ مُريحٌ جدَّاً تُسْتَقْبَلُ فيهِ أتراحُ النَّاسِ في الحيِّ وأفراحُهُمْ
    ومَا يُمَيِّزُهُ أنَّهُ على قُبَالةِ الطَّريقِ العامِّ ، لذلكَ لهُ في رمضانَ نكهةٌ خاصَّة جدًّا ،
    حيثُ يُمَكِّنُهم من رؤيةِ الضيفِ القادمِ عبرَ الطَّريقِ بسهولة فيجتذبُونَهُ نحوَهم
    قبلَ أنْ يختفيَ عنِ الأنظارِ ، فقلُوبُهُمْ قبلَ ديوانِهم تتَّسِعُ لكُلِّ قادمٍ ووَالِجْ ،
    وقبْلَها يُسْرِعُ شبابُ الحيِّ لوضعِ المَفَارشِ أمامَ الديوان عقبَ صلاةِ العصرِ مُباشرةً
    ويتوزَّعُونَ على الطريقِ العامِّ مُسْتَقْبِلينَ الضُّيُوفَ منْ كلِّ جانبٍ
    ، تلكَ عادةٌ باتتْ أصيلةً قدْ ورثوها كابِرٌ عنْ كابرْ ، وكُبراؤهم يُوصُونَهُمْ
    دائمًا بإكرامِ الضَّيْفِ والبَحْثِ عنهُ وأنْ تَكونَ مِلْحَاحًا عندَ دَعْوَتِكَ للضَّيفِ
    الذي تَبْصُرُ بهِ على قارعَةِ الطَّريقْ .

    .. ( حاجْ علي ) رجلٌ هَرِمٌ فارعُ الطُّولِ يغطي نصفَ جسمِهِ الأسفل بثوبٍ أبيضٍ وأعلاهُ يَتْرُكُهُ عاريًا عندَ الجلوسِ وهُوَ رجُلٌ ضَوءٌ بالقريةِ يَعْرِفُهُ القاصي قبلَ الدَّاني ، علمٌ لا تُخْطِئُهُ أعينُ النَّاسِ ،
    .. ( عُمَرُ ) منْ أحفادِهِ ، نحيفَ البنيةِ جدا ، بِهِ شَجٌّ عميقٌ وغائرٌ
    بجبهةِ رأسِهِ بسببِ ضربةٍ نالَها صغيرًا من ابنِ عمِّهْ ، كلامُهُ فيهِ
    سُرْعَةٌ لا تُسْتَوْعَبُ إلا بتركيز ، وهوَ منْ الذينَ نالوا قِسْطًا لا بأسَ بهِ
    من التَّعليمِ بالقرية ، وكانَ دائمَ الجلوسِ إلى جدِّهِ ولا يَنْفَكُّ من سؤالِهِ
    فتجدُهُ على سبيلِ الطُّرْفَةِ قائلًا :

    - " إتَّ يا جدِّي " حاج علي " وين أسْمَحْ البناتْ الشفتهِنْ في السُّودانْ ؟ "
    -
    وكانَ حاج علي قدْ أكملَ شبابَهُ كُلَّهُ جيئةً وذِهَابًا بينَ المُدنِ والأرياف ،
    حيثُ كانَ كثيرَ الأسفارِ والتَّجوالِ في صِبَاه ، طافَ السُّودانَ شمالًا وجنوبًا ، شرقًا وغَرْبًا ،
    مرَّةً راعيًا أغنامَهُ وباحثًا في الفيافي عنْ كلأٍ لها ، ومَرَّةً بصُحْبَةِ أصدقائِهِ ورفاقِهِ ، فيمتليءُ حاج علي " أحيحًا " ثمَّ يقول :

    - " أحْ أحْ أحْ ما تْذَكِّرْني آآجَنَى ، الجمالْ في السُّودان
    آوَلَدي في تلاتْ فِجَجْ بَسْ ، في الدويمْ ، وفي حنتوب ، وفي رُفاعة ،
    " أحْ أحْ أحْ أحَيَّ انا من بناتْ رفاعة اللابساتْ السَّاعة ..
    ديلْ مَا كَسَرَنْ ضُلَعي وبَقَّني لي قُلُوبِنْ شَمَّاعة ".

    ويَضْحَكُ حاج علي مُنْتَشيًا ومتأوِّهًا لجراحاتِ
    الماضي .. ويَسْرَحُ بعيدًا ، بعيدًا
    وصَادِحًا :

    " جيتْ مَارقْ العِصيرْ بالمُشْرَعْ
    الوَرَّاني ..
    شَالَتْ بُقَّتينْ والتالتة
    مِنْ مُصْرَاني ..
    وَدّوني ليْ الحَكيمْ قالْ
    دَوَى اتْعَدَّاني ..
    دَا مَضْرُوبْ حِسَابْ ما ظِنْ
    إنْفَعْ تاني ..
    أحْ ، أحْ ، أحْ .. "..

    ويَسْرَحُ بعيدًا ويَجْتَرُّ ذِكْرَى شبابِهِ
    الجميلة ..

    رَمْضَانُ عندَهُمُ جميلٌ ، يَصُومُهُ الكبيرُ والصَّغير ،
    " شَنْقَـارْ " أحَدُ الأطفالِ الذينَ لَمْ تتجاوزُ أعمارُهم العاشرة
    ، هَكَذا يُكَنِّيَهُ النَّاس بالبلدة ، أيضًا هوَ صائمٌ ، لكنَّ صيامَهُ
    تُخالِجُهُ بعضُ جُرْعاتٍ خفيَّةٍ من الماءِ الذي لا يَعْلَمُهُ إلا هُوَ وصديقُهُ
    حَسَّان ..

    - " أها شِرِبْتَ كَمْ جُقْمَة الليلة من الزير آ شَنْقَارْ ؟.."
    - " واللهِ آحَسَّان جُقْمَتيني بَسْ وعليكَّ أمانْ الله ما زدَّتَهِنْ " .
    - " ها الكَضَّاب إتَّ قايلْ انا مَا شُفْتَكْ وِكِتْ كُتَّ شايل
    الكوزْ وتتلَفَّتْ ؟ "..

    ويقْطَعُ حاجْ أحمد حديثَهُما الذي يبدو همْسًا بمناداةِ حَسَّان ..

    .. وكعادةِ أهلِ " أُمْ فُنجان " يتقصُّونَ ويتفحصُّونَ الطريقَ
    من المارَّة وعابري السبيل ، وكلُّ منهم يحرِصُ على أنْ
    يَظْفِرَ بضَيْفٍ يَقَرُّ بهِ عينَهُ وعينَ الحاضرينْ ،
    و " اللُّقْمَة " في رَمَضَانَ تُوزَّعُ بشكلٍ يَوْميٍّ على
    شخصينِ من الحُضورِ الدَّائمينْ ..
    ومعظمُهم يَفْرَحُ حينما يكونُ يومُ اللُّقْمَةِ من نصيبِ عبد الله
    وعمر ،
    فـ " اللُّقْمَة " عند أهلِ قريةِ " أُمْ فنجانْ " تقومُ بطَبْخِها النساءُ
    مساءً وهيَ عبارةٌ عنْ العجينِ المُخَمَّرِ تُطْبَخُ على النَّارِ بداخل " صاجٍ " أوْ ما يُعْرَف عندَهُمْ بـ " طَشَّ العُواسة " ، والذي يُوضَعُ على " اللَّداياتِ " وهيَ من الصُّخُورِ الصَّـلبة جدًّا ، وتبدو حالكَةُ السَّوادِ من كثرةِ أدائها لعمليَّةِ طباخَة اللُّقْمَة ، وبينَ تلكَ " اللَّداياتْ " يُوجدُ الوَقُودُ ( الحَطَبْ ) الذي تجمعهُ النِّساء من الخلاء حينما يَخْرُجْنَ في شكلِ جَماعاتٍ ويُسَمَّى هذا الخُرُوج الجماعي للنِّسَاءِ منْ أجْلِ الوَقُود " الحطب ْ " يُسَمَّى بـ " الفَزَعْ " ،
    والصَّاج أو " الطَّش" هُوَ مُخَصَّصٌ لهذهِ " اللُّقْمَة " ويَظْهَرُ شَكْلُهُ كنِصفِ كُرَةٍ بوسَطِهِ حُفْرَةٌ يُوضَعُ بِها العجينُ وثُمَّ يتم تحريكُه لعشرِ أو خمسةَ عشر دقيقة بواسطةِ " العَوَّاسة" وهيَ عَصَاةٌ من أعوادِ النَّـبات ،
    برأسِها تَكُونُ هناكَ حديدةٌ صغيرةٌ على شكلِ هِلالٍ وسطها بهِ فتحة تُثَبَّتُ بها تلكَ العصاة ،
    والحديدةُ الهلاليَّةُ الشَّكل هي التي تستخْدِمُها النساء لتحريكِ العجين
    إلى أنْ يَصْلُبَ ويتماسَكَ قَوامُهُ ، ومِنْ ثَمَّ تُقطَع في أواني أو صُحُون بمساعَدةِ الماء
    الذي يَكُونُ بجانبِ المرأة فتغمِسُ فيهِ يدَها وهيَ تُمارسُ عمليَّة قطع اللُّقمة
    وتوزيعِها في الصُّحون وتَبُلُّ يدها كلَّما قطعتْ لتُبَرِّدَ بها احترارَ اللُّقمة، وتقومُ النساءُ بعد ذلكَ بعمـلِ إيدامٍ أوْ مُلاحٍ كما يُسْمُّونَهُ أهلُ أُمْ فُنجانْ تُؤْكَلُ بهِ تِلكَ اللُّقمَة ..
    ووالدتا عمرَ وعبد الله كانتا منْ أطبخِ نساءِ الحيِّ ، فالجميعُ يَسْتَمْتِعُ
    بلذيذِ الأكلِ في يومِهِمَا ذاك ، فتجدُ " ودَ اللِّريقِطْ " يتسَاءَلُ هامسـًا
    وبالِعًا رِيقَهُ نَهَارًا :

    - " إتَّ الليلة " اللُّقْمَةُ " عليْ ناس منُو آ اللَّغَبَشْ " ؟!.
    - " مالَكْ نسيتْ الليلة ما يومْ ناسْ عبد الله وعمر "
    - " أوووّكْ أكَّانْ كَدِي الليلة مَا يومَ المُنَى تَبْ " ..
    - " أهَـا بَعَدينْ كَبِّرْ لُقُمْتَكْ سايْ آوَدْ اللِّريقِطْ "
    - " نانْ باقيلَكْ بَشْبَعْ الليلة "
    - " إمَّا شِبِعْتَ عَادْ جيبْلَكْ معاكْ مُخْلاية * " .
    - " لا لا بَسْ عليكْ الله قُولَّهنْ اللِّكَتِّرُوا اللُّحَّاقة " ،
    واللُّحَّاقَة هيَ طلبِ زيادةِ الأكلِ بعدَ انتهاءِ الأكْلِ الأوَّلْ ، ففي ذاتِ
    اليَوْمِ تجدهم يأكلونَ بملءِ كُفُوفِهم وأفْوَاهِهِمْ ، طالبينَ
    لأكلِهِمْ " لُحَّاقَةً " .
    - " سَمِحْ آوَدَّ اللِّريقِطْ " .

    ويفترقَا ضاحكينِ وَجائعَيْنْ ..
    واللُّقْمَةُ عندَ أهْلِ قريةِ أمْ فنجانْ تختلِفُ مِنْ العصيدة ، وذلكَ لأنَّ
    الأولى يَكُونُ عجينُها مخمَّرًا والعصيدة لا يكونُ مُخمَّرًا ، لكنَّ معظمَ قاطني المدينة
    يُسمُّونَها العصيدة خميرًا كانَ عجينُها أمْ غير خميرْ ، وهذه مِنْ الأشياءِ
    التي تُغْضِبُ أهلَ أمْ فُنجان حيثُ يَرَوْنَ أنَّ أهلَ المدينة لا يُفَرِّقُونَ بينَ
    العصيدةِ واللُّقْمَة ..
    وبذاتِ القَدْرِ منْ الفرحِ تجدهم في قمَّةِ استيائهم وكُرْههِمْ عِنْدما يكونُ اليوم
    مِنْ نَصِيبِ شَيْخِهِم الكبير " وَدَّ الجمَّال " فامْرَأتُهُ " بِتْ قيدُومْ " طاعنةً في السِّنِّ
    " ولا تَعي منْ أمْرِ الطِّبَاخَةَ إلا اليَسير ،
    فيَوْمِ طباخَتِها تَجِدُ اللقمةَ خليطًا بينَ النُّضْجِ وعدمِهْ وهمْ يُسَمُّونها
    " مَلْكُوكَة " وهيَ التي لا يَزَالُ بِهَا شيءٌ من العَجِينِ لمْ ينضَجْ
    ، وإيدامُ بتْ قيدُومَ على ذاتِ النُّضْجِ للُقْمَتِهَا يَسيرْ ..
    عبد الله وحمَّاد يتحاورانِ بعدَ أنْ بلغَ منهما العَطَشُ شَأْوًا
    عظيمًا ..

    - " أهَا آعَبْدَ الله الليلة يوم بِتْ قيدُومْ أُمْ لُقْمَةً
    مَلْكُوكة " .
    - " نَسَوِّي شنُو عادْ ، الليلة بِتَكْتُلْنَا لينا
    جوعَة " .
    - " واللهِ عِلَّا كانْ نَدّوبَلْ بَهَا سَاي والباقي نتمُّوا
    مويةْ ليمونْ وآبري أحَمَرْ " .

    ______________________
    * المُخلاية : تُصْنَعُ غالبًا من القماشِ على هيئةِ الكيسَ
    حيثُ يَضَعُ بها الرُّعاةُ أو الذينَ يجلِسُونَ بالخلاءِ لفترةٍ طويلة
    يَضْعُونَ فيها أمتعتَهم من دقيقٍ وشايٍ وأعْوادِ الثِّقاب .
                  

10-26-2008, 09:12 AM

محمَّد زين الشفيع أحمد
<aمحمَّد زين الشفيع أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1792

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوْجَـاعٌ تَحْـتَ سَـرابيلِ الخَـاصِـرة ... !!. ( روايةٌ من ثَمانيةِ فُصُولْ ). (Re: محمَّد زين الشفيع أحمد)

    - الفَصْلُ الخَامسْ –
    *
    *
    يَؤمُّ النَّاسَ في صلاةِ المغربِ أماَمَ الديوانِ الشيخُ " طه ود حاج علي " فهم يُحِبُّونَ
    إمَامَتَهُ جدَّاً فهوَ يُصَلِّي بِقِصَارِ الصُّور لأنَّهُ وكما وَصَفَهُ " طارقْ وَدْ عَشَّة "
    أنَّهُ يَخْشَى المشَقَّةَ على كِبَارِ السِّنِّ منهم ، ويبدو مَهيبَ
    الطَّلْعَةِ يتناثرُ عِلْمًا ومعرفةً ،
    بَهِيًّـا وَقُورًا في مَقْدَمِهِ وفي حديثِهِ إليهِمْ ، صلواتُهُ الخمس
    في المسجدِ خلا مغربَ رمضان يُصَلِّيه أمامَ الدِّيوانِ إمَامًا،
    وقدْ أجمعَ أهلُ الحيِّ بأنْ يَتوَلَّى إمَامَتَهم في مغربِ
    رمضانْ ،
    رجلٌ ورِعٌ يَحُلُّ مَشَاكلَ الحيِّ بلْ عَصِيَّهَا والنَّاسُ
    يحترمونَ علمَهُ ووقارَهُ وكلمتَهُ ..
    .. ثَمَّةَ نِساءٌ يتصايحْنَ ويتبادلنَ التَّنابُذَ ..

    - " بِتَّ الكَلْبَ آفْطينْ ، ياتو يوم إتُّو شُفنالْكُنْ
    أرِضْ ، وكَّانْ مَرَة بِصِّحْ تعالي لَيْ جَايْ " .
    - " تجيكِ الطَّاوية حْبَالَة آحليمة "
    - " أدخُلي جُوَّة آمَرَة ، إمَرْمِرِكْ باجِسْ
    وعليْ الطَّلاقْ آحَاجْ مَحَمُودْ تَصَلْني جَايْ
    في أرْضي دي عِلَّا أدَمِّمَكْ * " .
    - " علي الحَرَامْ كَضَّابْ آلبدَوي
    وحَرَّمْ كانْ إشيلوكْ الليلة مِنْ هِنَا جْنَازة "
    - " إتْ مَاكْ نَصِيحْ آزول وللا شنُو ، أها أرجاني عَادْ ".
    فتَصِيحُ " المَلْكَة " بتَّ البدوي : " يا بُو مْرُوَّة .. ألْحَقُونَا
    ألْحَقُونا يا نَاسَ الحِلَّة حاجْ مَحَمود بِدُورْ
    إكْتُلْ أبويْ .." .

    فيَنْتَهِرُها الشيخْ طه الذي كانَ على مَقْرُبَةٍ من كليهِمَا: " كَفى آبِت " ..
    ويقِفُ بينَ الرَّجلينِ مانِعَاً كارثةً كادتْ أنْ
    تَقَعَ ..
    لوْ لا لُطْفُ اللهِ ثُمَّ الشيخ طه ،
    فَهَذا الرَّجُلُ يَخْشَى هَيْبَتَهُ وحديثَهُ حَتَّى حاج التِّلِبْ ،
    والذي أتى عابرًا ومُسَلِّمًا على الشيخ طه ، وبعدَ أنَّ
    ردَّ سلامَهُ خاطَبَهُ الشيخ طه قائلًا :

    - " هَا حَاجْ التِّلِبْ ما تظْلِمْ العِبَادْ ، خلِّي العِبَادْ
    ليْ خالِقَا " .
    - " أهلاً بيكْ يا شيخنا كيفْ حالَكْ ، أنَا آزول ماني
    ظالِمْ واللهِ " .
    - " ما تحلِفْ بيْ اللهْ آزول ، وما تشتري حوَّاشاتْ
    النَّاسْ بيْ تْرَابْ القُرُوشْ ، الله بْحَاسْبَكْ " .
    - " كِيفِنْ الكلامْ دا آشيخْ طه ، النَّاسْ براهُنْ
    رضيانينْ ، أنا مَا غَصَبْتَ لَيْ واحد فيهُنْ " .
    - " إتَّ بْتسْتَغِلْ ظُرُوفُنْ آحاجْ التِّلِبْ ، وانا واللهِ
    نَصيحْتي ليكْ دي ليْ وَجْهِ اللهِ " .
    - " بَسْ انا ما ظلمْتَ زولْ آشيخْ طه " .
    - " الله إهْديكْ وإنْ بقيتَنْ جاكْ واحِدْ إبيعْ لكْ
    حَواشْتُو أشتريها منُو بيْ سِعِرَا اللَّصْلي ، وما تْغُشْهُنْ ،
    النَّاسْ ديل غَلابة ومساكينْ رَايْ ، إتَّ جَنَّنْتَهُن
    الله إهْدِيكْ ، الله إهْدِيكْ ، والله إهْدينا وإهْديك ".

    حاج التِّلِبْ يَغيبُ عنهُ الرَّد فتراهُ يُرَدِّدُ مع الشيخ طه عبارته
    الأخيرة .
    - " الله إهْدِينا وإهْديكْ " .

    ، ويَنْصَرِفُ إلى بيْتِهِ
    خَجِلاً ..
    .

    _____________________
    * أدَمِّمَكْ : سأجْعَلُ جسمَكَ يتناثَرُ دَمًا ..
    *











    - الفصْلُ السَّادسْ –
    *
    *
    الليْلُ بأمْ فُنْجَانْ دَامِسٌ ومُظلِمٌ جدًّا ، وحالكُ السَّوادِ كثيرًا لدرجةِ أنَّكَ
    إنْ مَدَدْتَ يدَكَ أمامَكَ لا تكادُ تراها من شدَّةِ ظلامِهِ والكهرباءُ عنْ تلكَ القريةِ
    عُزُوفٌ ..

    وفي إحدَى تلكَ الليالي المُظْلِمَة دَخَلَ " الحراميَّةُ " ليلاً بلدةَ أمْ فُنْجَانْ والنَّاسُ نيام ،
    فسرقوا أبقارَ حاجْ الطَّيِّبْ ، والحلَّةُ صباحاً تناقِشُ ذاتَ الموضُوع
    نِسَاؤها ورجالُها ..

    - " هَيَّ يا خَجيجَة ما سْمِعْتي الخبرْ ؟ " .
    - " خَبَرْ شِنُو آحَوَّا باقي الخَبَاراتْ اليومينْ ديلْ
    كِتْرَنْ ؟ ".
    - " البارِحْ قَالولِكْ الحراميَّة نشَّفو لِكْ بيتْ حاجْ
    الطَّيِّبْ وعَدَّموهو ليكِ البقرة " .
    - " عليكْ النَّبي !؟ ، ومافي زولَنْ قَبَضُنْ ؟ " .
    - " البِقْبُضُنْ مِنُو آمِّي ؟ رُجَالْ الزَّمَنْ دا النومْ سَايْ كاتِلُنْ !! " .
    - " صَدَقْتِ واللهِ ، خليهُنْ اللِّنومُو وبعدينْ
    اللِّدْفَعُو للحراميَّة السَّالِفْ ، أصْلُو بِقَالُنْ عَادة ، أهَا النُّومْ
    هَيِّن كَعَبْ الخوف آمِّي " ..
    - " واللهِ الحيكومة عِلَّا كَّانْ تشوفْ ليْ الحِلَّة دي
    حَرَّاسين بالليل " .
    - " واللهِ إيَّاهُو الفَضَلْ ، الحراميَّة ديل إسِرْقُوا سَاي
    ونِحْنَا ورُجالْنَا فَرَّاجة " .
    - " آيْ واللهِ ، رَاجْلَنْ قلبوا مْحَدِّسُوا وبِكِفَّ العين تَبْ مافيهُنْ " .

    والسَّالف : كلمَةٌ قاسيةٌ تداولَها النَّاسُ رَدْحًـا مِنْ الزَّمان واجْتَرَّ مرارَتَها أبناءُ
    تلكَ القرية " أُمْ فُنْجَان " ، فحينما يسْرِقُ " الحراميَّة " أبقارًا أو أيِّ ماشية
    يُطالبونَ أصحابَها عبر وسيطٍ من الوُسْطَاءِ بدفعِ مبلغٍ مُحدَّدٍ لقاءَ
    إرجاعِ أبقارِهِمْ إليْهِمْ ..
    وعادةُ الوسيط يَنْقُلُ لأصحابِ الشَّيْءِ المسروق أخبارَ
    السَّارق وكمية المبلغ المطلوبِ من جانبِهِ والمكان الذي يُدفعُ
    فيه المبلغ ، وإنْ تجرَّأَ أصحابُ المسروقِ مَسَّهُ بِسُوءٍ فإنَّ السَّارقَ سوفَ لنْ يرحمَهم
    ولنْ يُعيدَ لهم ما تمَّتْ سرقتهُ منهم وسيتوعَّدهم بالمزيد مستقبلًا ،
    ولا يستطيعُ أحدٌ أنْ يَجْزِمَ بأنَّ ثمَّةَ علاقةً هناكَ ما بينَ
    الوسيط والسَّارق ، والوسيط يعتبرُ نفسَـهُ بل ويعتبره كلُّ الناس بأنَّهُ
    فاعلُ خيرٍ بينهم والسَّارق ، ويُستخدَمُ لتقريبِ وجهاتِ النَّظرِ
    في المبلغِ المطلوبِ ,,،
    والسَّارقُ عادةً يكونُ ذكيًّا خاصَّةً عندَ استلامِهِ للمبلغِ المطلوب
    فهوَ لا يستلمه مباشرةً بل عبرَ وسائطَ عُدَّةٍ من النَّاس ولا يعرفُ
    أحدٌ منهم مكانَهُ ضبطًا،
    وأمَّا أماكن تسليم المبلغ المطلوب فهيَ أماكنُ عدَّة ذاكَ ما يجعلكَ
    لا تدري أينَ يقعَ مكانُ السَّارقِ بالضَّبط ، وإذا كانَ هوَ في مكانٍ ما فتجدهُ
    وعبر وسائطه يُرشدهم لأماكِنَ لا صلةَ لها بوجوده وأبعدُ مَا تكون منه.
    لذلك حتى الوسطاء لا يدركونَ أينَ يوجدُ السَّارق على
    وجه التَّحديد ..
    وهكذا نجد أنَّ هذه العادة السَّالبة قد انتشرتْ زمنًـا ..
    وصارتْ جُزءًا منْ ثقافةِ أيِّ فردٍ من أفرادِ قريةِ أُمْ فُنْجَانْ ..
    حاج أحمد الأعرجْ يدخُلُ سوقُ القريةِ غاضبًا ، فيُباغِتُهُ ود المكيريفْ سائلًا
    .. وحاج أحمد الأعرج هذا من الجماعةِ التي يُسْمَعُ رأيُها في الحِلَّة وهوَ رجلٌ فارعُ الطولِ بهِ عرجٌ خفيفٌ خِلْقَةً ...

    - " كيفْ حالَكْ آحاجْ أحمد ، نَعَلَّكْ طَيِّبْ ؟ ".
    - " الحَمُدْ لَلَّهْ آوَد المكيريفْ " .
    - " أهَا قالوا شنو الحراميَّة " ؟
    - " شنْ بِدُوروا عاد غير السَّالف ، إيَّاهُو القالوهو " .
    - " أهَا قالو كم بِدُوروا " .
    - " قالو ميتين ألِفْ ؟" .
    - " الكَتَرَابلْ ، ودي إجيبوها ليهُنْ مِنْ وينْ ؟، وحاجْ الطَّيِّبْ
    نَعَلُوا بِدُور إدفعْ ؟! " .

    . وكانَ هذا المبلغُ وقتها مبلغاً فلكيًّـا إذْ لا يتأتَّى بسهولة .

    - " واللهِ قالوا إنْ بقيتَنْ ما جابا ما بْنَرَجِّعْ لُو
    بقراتُو وبعدْ داكْ السَّمَا التَّنْقَـدَّ ".

    حينها ابْتَلَعَ " ود المكيريف "ريقَهُ وسكتْ طويلًا ..
    وبدأ يُهَمْهِمُ بصوتٍ خفيضْ :

    " الجماعة ديلْ يا رَبِّي دَحِينْ ما بْشَغِّلُوني
    معاهُنْ ، باقي الفقُرْ دَرْدَرْني بِلْحيلْ "..
    - " قُتَّ شْنُو آوَدَّ المكيريف ؟.

    - " لا لا بَكَلِّمْ في روحي دي سَايْ آحاجْ أحمدْ " .
    ثُمَّ يَميلُ طاقيَّتَهُ على أحدِ جوانبِ رأسِهِ ويُنْشِدُ :

    " مَقْدُودْ مَا رَقَعْ مَقْدُودْ
    وجَبْجَابْ مَا تَوَّرْ نَباتْ في الفُولْ
    ،
    وجَبْجَابْ مَا تَوَّرْ نباتْ في الفُولْ
    وأحْسَنْ تِلْتَ العُودْ مِنَّ الزّولْ
    البِقُومْ مَطْرُودْ " ..

    ثُمَّ يُرَدِّد بعدَها :

    - " أمْرُقْ انا مِنْ هِدُومي ديلْ آناس ،
    أمْرُقْ انا مِنْ هِدُومي ديلْ آناس ،
    أمْرُقْ انا مِنْ هِدُومي ديلْ آناس ،
    الله إنْعَلَكْ آ الفَقُرْ ، الله إنْعَلَكْ آ الفَقُرْ " .
                  

10-26-2008, 09:19 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22492

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوْجَـاعٌ تَحْـتَ سَـرابيلِ الخَـاصِـرة ... !!. ( روايةٌ من ثَمانيةِ فُصُولْ ). (Re: محمَّد زين الشفيع أحمد)

    محمد زين

    سلام أخي العزيز



    لا أريد أن أقطع تسلسل الرواية .. غير أني سأنيخ براحلتي هنا و أستظل بفيء كلماتك

    واصل
                  

10-26-2008, 09:18 AM

محمَّد زين الشفيع أحمد
<aمحمَّد زين الشفيع أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1792

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوْجَـاعٌ تَحْـتَ سَـرابيلِ الخَـاصِـرة ... !!. ( روايةٌ من ثَمانيةِ فُصُولْ ). (Re: محمَّد زين الشفيع أحمد)

    - الفصْـلُ السَّـابعْ -

    *
    *
    في الجانبِ الغربي من جوانبِ القرية بدأتْ ترتفعُ أصواتُ غناءِ البناتْ
    " يا عديلة يا بيضَة يا ملايكة سيري معَ الليلة
    شويم بي قُدُورةَ الله " ،
    ومعَ نسماتِ الهواء بدأ صوتُ البناتِ يتعالى شيئًا فشيئًا
    مِمَّا حَدَا بـ ( أُمْحُمَّد ) بأنْ يتساءل :

    - " ها ودَّ الاغبش دا عِرِسْ منو آزول ".
    - " كيفِنْ آمْحُمَّد دا ما عِرِسْ الطَّيِّبْ ود الرَّزِين ،
    ما عِنْدَكْ خَبَرْ وللا شنو ؟".
    - " واللهِ ما عندي خبر . أكَّانْ كَدِي الليلة ما ضَرَبْنَالَكْ
    الضَّلِعْ تَبْ ".

    والأعراسُ في أُمْ فنجان يكونُ أغلبُها في دعوة الناسِ
    غداءً ،
    وحين موعدِ الغداء والذي عادةً ما يكونُ في صالون كبير ،
    وبداخله وتحديدًا في وسطه توضع طاولة خشبيَّة
    وحولها عدد عشرة كراسي خشبيَّة ،
    يَجْلِسُ الناس عليها مُقَسَّمينَ إلى عشرةٍ تَعْقُبُها عشرةٌ
    على مائدةِ الطعام وبالتناوب ، وكانَ أهمُّ شيءٍ
    بهذا الغداء هوَ ( الضَّلْعَة ) وهيَ عبارة عن عَظْمٍ كبير
    تتشبَّثُ بهِ كميةٌ من اللَّحْمَة ، يتخاطفها الحُضُورُ فيما بينهم
    مِمَّا يَجْعَلُهَـا تعتمِدُ على لغةِ العضلاتِ فقط ، والقويُّ
    مَنْ يكونُ لهُ نصيبُ الأسَدِ منها والضعيفُ قد لا يجدُ
    شيئًا ..
    .. " شَلَّاعْ " أحَدُ الصِّبيةِ الصِّغارِ ، ولدٌ شقيٌّ جدًّا ، حُسِبَ معَ أوَّلِ
    عشرةِ أشخاصٍ ابْتُدِرَتْ بهم سُفْرَةُ الغداء ، وحينَ وُضِعَتْ السُّفْرَةُ
    خَطَفَ شلَّاع " الضَّلعَةَ ولاذَ هاربًا يتبعُهُ اثنانِ من أصدقائِهِ المقرَّبينَ ،

    - " واللهِ ما أدِّيكُنْ مَعَايْ "
    - " عليكْ الله اقسِمْ لَنَا معاكْ "
    - " واللهِ آ الطَّيِّبْ الليلة إنْ كَسَرْتَ رَقَبْتَكْ
    - آبَدِّيكْ " .

    وبعدَ محاولاتٍ وإلحاحٍ شديدٍ من صديقيْهِ قبِلَ شَلَّاع أنْ يَقْسِمَ
    لهما معهُ ، فأكلَ الجميعُ هانئينَ وبقيَّةُ الرَّكبِ بالدّيوانِ شامتينْ ..
    وعندما يَفْرَغُونَ من موائدِ الغداءِ تجدهم ينتظرونَ موعِدَ الحفلةِ ليلًا ..
    لذا ينامُ بعضُهم عقبَ صلاةِ العشاءِ مباشرةً حتَّى لا يفوته شرفُ الحُضور،
    ويَحْرِصٌ كُلٌّ منهم أنْ يُخْبِرَ أهلَهُ بتصْحِيَتِهِ وقتَ ابتداءِ الحفلة .

    - " يُمَّة أنا بدور أنوم وكان جا وكتْ الحفلة
    تَوِّريني عليكْ الله " .
    - " أها نَعَلَّك آبِدُّورْ تَمِشْ بي عرَّاقيكَ المَشَرَّطْ دا ؟ ".
    - " لا لا جلابِتِّي الصَّفرَة نَضيفة ".
    - " أها خلاسْ نومْ سايْ ".
    - " ومِنْ المايكْ إقولْ أُفْ 1 ، 2 ، 3 تَوِّريني طوَّالي ، عشان
    ألْحَقْ الغُنِيَّة اللُّولَى " .
    - " سَمِحْ آوَلَدي نوم خلاس نوم وبعدينْ بَتَوِّرَكْ ".

    ... والحفلةُ يَشُوبُ وارديها الخَوْفُ و الفرحُ ، " فعلي ود حليمة "
    والذي تعارفَ بعضُ شبابِ القريةِ بتسميَتِهِ بـ " خادِمْ التِّلِبْ "
    وذلكَ لعملِهِ معَ حاجِ التِّلِبْ وإطاعتَهُ لأوامرِهِ ،
    يُمْسِكُ سوطًا ويَضرِبُ بهِ كُلَّ مَنْ يقعُ في عَيْنِهِ ويراهُ خارجًا عن
    صَفِ الحفلةِ المرصوص وهيَ مِنْ بابِ تنظيمِ الحفلة ".

    - " أرجَعْ آولدْ .. أرجعْ آوَلدْ ، واللهِ الليلة
    البِقْطَعْ الجَرْ دا عِلَّا أنَجِّضُوا نَجاضْ " .

    .. وفي جانبٍ آخرَ من صفوفِ الحفلة ..

    - " إتَّ دَحينْ دا ما أُمْحُمَّدْ ودَّ الطَّيِّب .. آالنِّصيرْ ؟ " .
    - " أيَّاهُو آبُو حْميدْ " .
    - " نَانْ مالو بِتْلولَحْ كَدِي ؟ ".
    - " أظِنُّوا مِشَعْشِعْ أُ وَازِنْ ، أها عادْ الليلة بِخَرْبَ الحفلة
    خرابْ سوبا ".
    - " إنْخَبارو إخَرِبا إتْ ماكْ نصيحْ ، اللِّدُّوهوا ليهو تِمِحِّطاتْ
    فوق ضهرو دا وإمُرْقُوهو لا بَرَّة ".
    - " ها زول ها واللهِ دا ما بِمْرُقْ بي أخوي واخوك ،
    أنا عارفو ".
    - " إتَّ آالنِّصيرْ الجنا المَشَنَّط داك وقاسِمْ نُصُّو دا مْنُو ؟ ".
    - " دا الطَّيِّب النُّقُلْتي ود بِتْ حيمور ، باقي مِسَقِّفْ بلحيل وقرا الجامعة جَتْ
    عليها ، وبْعَوِّجْ لَكْ الكلامْ دا جِنِسْ عِوِّيجْ ، والله أنا مِتْكَيِّفْ مِنُّو سايْ لي الله ".
    - " أيْ واللهِ بِالصِّحْ مَشيتْلو مرَّة خَيَّتْ لَيْ نِعْلاتي ديلْ زاتِنْ ".

    ... يُمْسِكُ " الطَّيِّب النُّقُلْتي " المايكَ ويتحدَّثُ قائلًا :


    " السَّادةُ الكرامُ ، نحنُ هُنا بصُحْبَةِ النغمِ اللَّذيذِ والوترِ الجميل ،
    نُعانِقُ السَّماءَ طرباً إذْ نَسْتَمِعُ لشَجْوِ العنادلِ لِنُمَزِّقَ
    أستارَ الليلِ فرحاً حتَّى يخرجَ لنا من ثناياهُ
    الصَّباحْ ...
    والآنَ أُقَدِّمُ لكم الفنانَ صاحب الحنجرةِ الذهبيَّة / إبراهيم
    اللَّخَدَرْ .." ..

    ويَهْمِسُ " النِّصيرْ " في أُذُنِ صديقِهِ :

    - " ما قُتَّ لَكْ الجَنا دا التَّقُولْ ما وَدْ بِتْ حيمُورْ ،
    إنْ شا الله آبُويْ البِتاكلو إنْفَعَكْ " .
    - " واللهِ صَدَقْتَ آ النِّصير ، الجنا مِسَقِّفْ سَقَافةً كتيرة
    خلاسْ " .

    .. فيدخُلُ إبراهيم اللَّخَدر من خلفِ الحُضُور ، لابسًا بِنْطالًا
    قديمًا وقميصًا يبدو جديدًا وَلامِعًا ..
    يُمْسِكُ إبراهيم اللَّخَدَر بالمايك ، فتزدادُ الحفلةُ رقصًا وضجيجًا ..
    ويردِفُ الأغنيةَ الأُولى بثانية وثالثة ، وساحةُ الحفلةِ تمتليءُ
    بالنَّاس صغيرهم وكبيرهم رجالِهم ونسائهم ..
    يأتي " أبْ زِنْقِلَّة " ويَهْمِسُ في أُذنِ علي ودْ حليمَة ،
    فيَتَّجِهُ علي ود حليمة صوبَ الفنانِ ويُمْسِكُ المايكَ من
    الفنانِ مُخاطِبًا جماعةِ الحفلَة :

    - " اللُّغْنِيَة الجاية دي للعريس والعروس" .

    ، فيخرُجُ النَّاس من ساحةِ الحفلة ..
    فيستَمِرُ ود اللَّخَدَر في الغناءِ فيدخُلُ العروسان ،
    ومع أنَّ الأُغنية في بدايتِها تبدو للعروسينِ وبعدها تدخُلُ
    أُختُ العروسِ ومن ثمَّ أختُ وأخُ العريس ومنْ ثَمَّ أقاربُهم
    وهكذا ترجعُ الحفلةُ لزحمتِها الأولى ..
    وفَجْأة يدخل أحمد اللِّيم ليقتَلِعَ المائكَ من إبراهيم اللَّخَدَر
    اقْتلاعًا .. قائلًا ..

    - " حَرَّمْ أكَّانْ تخلوني أدوبي ليكُنْ الليلة "

    فيأتي علي ود حليمة من داخلِ الحفلة وهوَ يُريدُ أنْ يضربَ " أحمد اللِّيم " بسوْطِهِ
    ، لكنَّ " النَّقَرْ ودَّ الباشَّا " يقِفُ حائلًا دونَ ذلك ..
    ليَصيحَ جَمَاعةٌ من الواقفين ..

    - " خَلُّوهُو آجَمَاعة خَلُّوهُوا اللِّدوبي "

    ويتهادَى صَوتُ أحمد اللِّيم المَبْحُوحْ الذي زاد من جمالِ بَحَّتِهِ كثيرًا مُكَبِّرُ الصَّوتِ :

    - " ديك مُطْرَقْ الخيدرانَة القايمة في جوفنا
    كبدة فودة وباللِّيل والنَّهارْ
    تَضَوِّي فريقا ..
    وتسْلَمْ طالبة من الطالباتْ
    والباقي كُلُّو حَريقا ... ،،،،
    الليل ..دِيكْ مُطْرَقْ الخيدرانة التِّحِتْ
    البحَرْ بِتْلينْ ..
    فاتَتْنَا نِحْنا وجلسَتْ معَ واحدينْ ...
    فاتتْنا نِحْنَا وجلَسَتْ معَ واحدينْ
    يالحارسينْ البيوتْ هَاكُنْ
    التُّرابْ بالهينْ ... ".




















    - الفصْـلُ الثَّامِـنْ –
    *
    *
    ضَاقتْ مواعينُ قريةِ أمْ فُنْجَانْ عنْ دنيا الكلامِ في صبيحَةِ أحَدِ الأيامِ
    عندما ضربَ " عثمان ودْ حَرَمْ " " ود اللِّريقِطْ " .. وذلكَ لأنَّ ود اللِّريقِطْ وبعدَ أنْ نامَ
    أهلُ القريةِ ذهبَ إلى الخلاءِ ليْلًا ليُحِيلَ مَسْرى مِياهِ السُّقيا من حوَّاشةِ "عثمان ود حَرَمْ " صَوْبَ حَوَّاشتِهْ ، فضبَطَهُ " عُثمانْ " أثناء محاولتِهِ تلك ، فنشأَ بينهما شِجَارٌ
    انتهى بأنْ ضربَ عثمانُ ودَّ اللِّريقِطْ ، ويبدو أنَّ النَّقَر أرادَ أنْ يُخْبِرَ حاج أحمد بتلكمُ الحادثةِ ، لِقِرَبِ منزليْهِما .

    - " في شنو آزول ؟ ".
    - " ها النَّقَرْ هَا ، واللهِ ماني فاضيلَكْ ، أنا مارقْ علي
    الجَنَا ودْ حرَم داكْ قالوا ضارِبْلُو زول وكَبَّبُو الدَّمْ " .
    - " والمضروبْ مَالَكْ ما عرفتُو ، مَا قالوا " ودَّ اللِّريقِطْ " .
    - حاج أحمد مُسْتَغْرِبًا : " واللهِ !!! ، في شنُو لاكينْ ؟".

    - " قالوا ودَّ اللِّريقِطْ خَلَّى النَّاس بعدْ نامَتْ وقام في نُصَّ الليل ومَشَى
    الحوَّاشة وسرق الموية من حوَّاشة " عُثمان ود حرَمْ " ، وعثمانْ
    كانْ لابِدْ لُو جنبْ أبعِشْرينْ " .

    - حاج أحمد منفعِلًا : " أها حصَلْ شنو آجَنَا ؟"
    - " أها قالْ كِدَة نتَحُو ليكْ وخلَّالَكْ دَمُّو إشُرْ ".

    - " لا إلهَ إلا الله ، محمَّد رسول الله ، يا رُوحْ ما بَعَدِكْ رُوحْ ، أكَّانْ
    كَدِي الشيطانْ لعِبْ بيهُنْ تَبْ ، الله إسْتُرْ ، الله إسْتُرْ ".
    ويُغَيِّرُ حاج أحمد وِجْهَتَهُ مِنْ جِهَةِ عُثمان ود حَرَم إلى بيتِ " ودَّ اللِّريقِط " ،
    حيثُ يَصْدُرُ من جانبِهِ عَويلُ النِّسَاءِ بصوتٍ واضِحٍ جدًّا ويسْمَعُه البعيد قبلَ
    القريب ، وقدِ امتلأَ "عَرَّاقيهُ" دَمًا ، وقدْ حَرَصْتْ امرأتُهُ على ألَّا تُخْرِجُهُ منهُ
    حَتَّى يراهُ كُلُّ النَّاسِ وهيَ لا تَعْلم أساسَ المشكلة ومَنِ الخاطيءَ فيها ،
    ويزدادُ نَحِيبُها عندَ رؤيتِها لحاج أحمد..
    - " هَا ناس سلامات سلامات إنْ شا الله أجُرْ وعافية "
    يُجِيبُهُ ودَّ اللِّريقِطْ وهوَ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ على زوجتِهِ المُغْرَورقة عيناها بالدُّموعِ
    وفمها بالصِّياحِ ، وهيَ تُرَدِّدُ : " واللهِ آبِنْخَلِّيهُوا ، ودّ أُمي كَنينة ، مقطوع
    الطَّاري " ..

    - " اللهِ إسَلِّمَكْ آحاج أحمد " .
    - "خَبَارْكُنْ آزول في دَارْ مِنُو ؟".
    - " واللهِ آحاجْ أحمد أنا الغلطان ، والشَّيطان دَخَلْ بيناتْنا
    وغايتو حصلَ الحَصَلْ ".
    - " أبْشِرْ الْعَوَجْ بصَّلَّحْ إنْ شا الله "

    ويَخْرُجُ حاجْ أحمد ويلتقي بالشيخ طه فيتسالمانِ ثمَّ يدخُلانِ
    إلى بيتِ الشيخ طه ، ويبدو أنَّهُما يَنْويانِ أمْرًا جَللًا ،
    بَدَءَا أوَّلًا بإعادةِ المياهِ إلى مَجاريها بينَ "عثمانْ ودحَرَم " و " ودَّ اللِّريقِطْ "
    بَعْدَ أنْ تمَّ جمعُهما في بيت الشيخ طه وبعدَ أنْ ألقى الشيخ طه
    لكلا المتنازعينِ محاضرةً طويلةً في الأخلاقِ الفاضلة ، فتصالحا وخرجا
    مُتَأسِّفَينِ على ذلكَ كثيرًا ، ثُمَّ عَمدَ بعدَهَا الشيخ طه إلى عملِ نَدْوةٍ لجميعِ
    أفرادِ قريةِ" أمْ فُنْجان " بعدَ صلاةِ العصرِ مباشرةً ..
    وأمامَ الدّيوان وعندَ الموْعِدِ المَضْرُوب ..
    " بِتْ حيمور " تَخْفي " سَفَّةَ صَعُوطٍ " تحتَ شِفاهِها الغليظة وتأتي ماسِكَةً بيدِ
    ابنها الطَّيِّب النُّقُلْتي لا تكادُ تعرِفُهُ من هِنْدَامِهِ الجميلِ الذي يرتديهْ ،
    سيَّما وأنَّ الناسَ قدْ ألِفُوهُ بهندامٍ بَالٍ يَجْلِسُ بهِ في السُّوقِ
    لأجلِ حِيَاكَةِ أحذيَتِهِمْ ،
    والقريَةُ كُلُّها حُضُورٌ أمامَ ديوانِ " حاج علي " صغيرُهم وكبيرُهم ،
    ومِنْ بعيد يبدو " أحمد اللِّيم " جَليًّا بِعَرَّاقيه المُتَّسِخِ ورائحتِهِ النَّتِنَة
    وتَجْلِسُ على رأسِهِ طاقيَّةٌ حمراء ، ويَحْمِلُ في يده اليُمنى عُكَّازَتُهُ
    المعروفة ،
    ثمَّ يقتربُ من الديوان مُنْتَعلًا في قدمِهِ اليُمْنَى فردةَ حذاءٍ تختلِفُ عنْ تلكَ
    التي في يُسرَاه وصَوْتُهُ قَدْ بُحَّ من الإنشادِ و" الدّوبيت " ، ويبدو أنَّ الطَّريقَ
    قدْ أتَى وأفْضَى بهِ إلى هذا المَجْمَعِ صُدْفةً ، وقدْ لُوحِظَ أنَّهُ يَخْتَارُ مكانًا قريبًا من بِتْ حيمور ليَجْلِسَ فيه ، ويُحَاولُ أنْ يُغرِقَ المكانَ إنشادًا بِصَوْتِهِ المبحُوحْ ، لكنَّ " ودَّ اللِّريقِطْ " سُرعانَ ما أسْكَتَهُ قائلًا :

    - " أسْكُتْ سَكَتْ حِسَّكْ " .

    ويَدخلُ حاج التِّلِبْ مُتواريًا بصُحبةِ "علي ود حليمة " فيتنحنَحُ بعضُ الجالسينَ بِصَوْتٍ غيرِ خفيض ، لكنَّ الشيخ طه يُسْكِتَهُم جميعًا ، فيَلُوذُونَ للصَّمْتِ كراهِيَةً وفي أنفسِهِمْ أشياءُ من حَتَّى .!!.. لكنَّ كلمة الشيخ طه عندَهم سَيْفٌ وعزيزةٌ وغالية ..
    كيفَ لا وهوَ ذو شَخْصِيَّةٍ مُتَّزِنَةٍ في نَظَرِهِمْ ورأيُهُ حَصِيفٌ وحكيمٌ ، ومخْلِصًا تجاهَ قريتِهِ وأهْلِها وقضاياها ، لا يَبْخَلُ عليهم بما يراه ، لذلكَ نجدهُ قدْ استقرَّ في
    أذهانِ القريةِ صغيرهم قبلَ كبيرهم وباتَ عَلَمًا ورمزًا حيًّا من رموز القرية الهامة ، إذْ لولا تدارُكُهُ لكثيرٍ من الأُمورِ لَهَلَكَ أهلُ أُم فُنْجَان ،
    يُساعِدُ الشِّيبَ فيها والشَّبابَ ، ومَا تجِدُ مجلِسًا من مجالِسِ شبابِ القريةِ يَمُرُّ بها
    الشيخ طه إلا وتَجِدُهم قدْ وقفوا لأجلِهِ احترامًا ، فهُمْ يَعتبرونَهُ مَفْخَرَةً للقريةِ ويُحَقِّقُ للشَّبابِ بعضَ طُموحاتِهْم ، ومعَ أنَّ شبابَ القريةِ تتبايَنُ أمزجَتُهم لكنَّ
    غالبيَّةَ طُمُوحِهم لا يَتَجَاوزُ أنْ يَتَمَنَّى أحدُهُم امتلاكِ سيَّارة "تايوتا هايلوكس "
    من موديل واحدٍ وثمانين أوْ ثلاثةٍ وثمانينَ لظَنِّهمْ أنَّ " الخَواجة " قدْ أبدَعَ في صنعِها وهيَ عندهم لا تَعْدِلُ حتَّى أحدَثِ الموديلاتِ لقَناعَتِهِم بأنَّ قِطعَ غيارِ الموديلاتِ الحديثة كُلُّها بلاستيكٌ في بلاستيكْ ،، أو عقدِ عملٍ بالخارج ، أو بناء بيتٍ من الطُّوبِ الأحمرِ على شاكلةِ غُرْفَتين وصالة تَعُمُ الغرفتينِ فهم يُسَمُّونها " صالة لافَّة " ، وهوَ طُمُوح قدْ لا يَتَجاوزُ لُحُفَ رُقَادِهِم ومسانِدَ إتِّكَاءاتِهِمْ لكنَّهُ عندهم جميلٌ ويَكْفِي أنَّهُ يُسْعِدُهُم أيّمَا سَعَادة .
    .. ابتَدرَ النَّدوةَ ( الطَّيِّب النُّقُلْتي – ود بِتْ حيمور ) متحدِّثًا عمَّا انحَدَرَتْ إليهِ
    القريةُ من سُلُوكٍ مَشينٍ لا يَشْبَهُ أهلَها سابقًا ، وتعاملٍ رديءٍ فيما بينَ أفرادِها الذينَ تَضُمُّهم هُمومٌ واحدة ، وتحدَّثَ كذلكَ عن السُّلُوكِ الإنساني وتناقضاتِ القيمِ الحادثةِ هذه الأيام .. ولكنَّ ( حاج أحمد ) نبَّهَهُه بأنْ يتحدَّثَ لهم باللغةِ التي يفهمونها ، لكنَّ ( النِّصيرْ ) كانَ مَبْسُوطًا من لغةِ ( الطَّيِّب النُّقُلتي ) مع أنَّهُ لا يعي شيئًا ممَّا يَقُوله الطَّيِّب ..
    .. بعدَها تكلَّمَ ( الشيخ طه ) فأفاضَ وأجادَ في الحديثِ عن مصالحِ القرية
    التي اعْتراها الفقرُ زمنًا وعرَّضَ بِمَنْ غَشَّتْهُمُ الدنيا وأكلوا أموالَ غيرِهم فيها ..
    وبِتْ حيمور وأحمد اللِّيم برفقةِ أكياسِ الصَّعوط يتهامَسَانِ :

    - " كَدِي النَّجَرِّبْ صَعُوطَكْ آأحمد اللِّيم باقي أنا صَعُوطي قديم ومْخَوْرِنْ "
    - " أنا صَعُوطي جديدْ سرقتو من دُكَّانْ "ودَّ اللَّحيمِرْ " قِبيلِكْ العَصُرْ ،
    هاكي ضُوقِيهُو آبِتْ حيمور " .

    تَضَعُ بِتْ حيمور سَفَّتَها وحاج التِّلِبْ في مكانٍ غيرِ بعيدٍ منهما طَفِقَ يُرَاقِبُهما وعيناهُ مُغْرَوْرِقتانِ بالدُّمُوعِ ويبدو أنَّهُ يَوَدُّ أنْ يَقُولَ لأحمد اللِّيمِ شيـئًـا ...
    ولكِنَّـهُ ..... !!!.
    *
    *
    *



    انْتَهَتْ ... !!! .


    مارس 1998م.
                  

10-26-2008, 09:47 AM

محمَّد زين الشفيع أحمد
<aمحمَّد زين الشفيع أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1792

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوْجَـاعٌ تَحْـتَ سَـرابيلِ الخَـاصِـرة ... !!. ( روايةٌ من ثَمانيةِ فُصُولْ ). (Re: محمَّد زين الشفيع أحمد)

    Quote: محمد زين

    سلام أخي العزيز

    لا أريد أن أقطع تسلسل الرواية .. غير أني سأنيخ براحلتي هنا و أستظل بفيء كلماتك
    واصل ..



    شكرًا للقدَرْ ، وشكرًا للنَّهرْ ، وشكرًا للزَّهَـرْ ..


    أبو جُهيْنَـة ..

    طَرِبْتُ بمقدَمِكَ الجميلْ ،

    كما لا أخفيكَ سِرًّا بأنِّي تَوقَّعتُ

    مَجيئَكُمُ العارفَ والقاريءَ

    والحافِـلْ ..


    تحيَّةُ مُحِبٍّ بِـوَلَـهِ عاشقْ .


    احترامي ..




    أخوك / محمَّد زين ...
                  

10-26-2008, 01:56 PM

عمر عثمان
<aعمر عثمان
تاريخ التسجيل: 08-04-2008
مجموع المشاركات: 1583

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوْجَـاعٌ تَحْـتَ سَـرابيلِ الخَـاصِـرة ... !!. ( روايةٌ من ثَمانيةِ فُصُولْ ). (Re: محمَّد زين الشفيع أحمد)

    Quote:
    ويفترقَا ضاحكينِ وَجائعَيْنْ ..
    واللُّقْمَةُ عندَ أهْلِ قريةِ أمْ فنجانْ تختلِفُ مِنْ العصيدة ، وذلكَ لأنَّ
    الأولى يَكُونُ عجينُها مخمَّرًا والعصيدة لا يكونُ مُخمَّرًا ، لكنَّ معظمَ قاطني المدينة
    يُسمُّونَها العصيدة خميرًا كانَ عجينُها أمْ غير خميرْ ، وهذه مِنْ الأشياءِ
    التي تُغْضِبُ أهلَ أمْ فُنجان حيثُ يَرَوْنَ أنَّ أهلَ المدينة لا يُفَرِّقُونَ بينَ
    العصيدةِ واللُّقْمَة



    بلا شك انت اديب اريب يا اخي ود الزين
                  

10-27-2008, 04:12 AM

محمَّد زين الشفيع أحمد
<aمحمَّد زين الشفيع أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1792

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوْجَـاعٌ تَحْـتَ سَـرابيلِ الخَـاصِـرة ... !!. ( روايةٌ من ثَمانيةِ فُصُولْ ). (Re: محمَّد زين الشفيع أحمد)

    *
                  

10-27-2008, 08:37 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوْجَـاعٌ تَحْـتَ سَـرابيلِ الخَـاصِـرة ... !!. ( روايةٌ من ثَمانيةِ فُصُولْ ). (Re: محمَّد زين الشفيع أحمد)


    عند محمد زين تصبح اللغة بأكملها رمزا يتحدى رموز الإعتياد ليدخل في شكل من الهوس بداخلها لينخرها و يزرعها.
    أما في هذه الفصول الثمانية فإن هذه اللغة تصبح لغة للحزن تعطيه حقا في الحياة و تمنحه حيزا و تواجدا، تصاحب الهموم اليومية و التقلبات الطبيعية لمن تلبسته تلك الأحوال
    أما بخصوص الحبكة والسرد فهي تصوير تجاوز الصور البلاغية العادية إلى شكل يمزج الصورة بالهمّ العام والهمّ الخاص ، و يستخدم الموروث من المفردات كرابط قديم ليقدم رابطا جديدا يدخل عوالم البلاغة منفردا حين يقدم صورة شخصية أو صورة عامة و يجعل من معاش الشخصية المحورية مثل حركة الهلال و القمر ليبلغ التشبيه حده و المجاز قسوته و لتتشابك الأشياء حتى تنعدم وتتفق الأمور حد الفيضان و تغرق الصورة في عمقهاأما الجامع بينها جميعا أنها لغة للحب و الحنين والحنان ..العشق و السلام ، إختار الهمس على الدمدمة، و السلاسة على الشراسة ، و الصوفية ية على المادية!!
                  

10-30-2008, 04:43 AM

محمَّد زين الشفيع أحمد
<aمحمَّد زين الشفيع أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1792

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوْجَـاعٌ تَحْـتَ سَـرابيلِ الخَـاصِـرة ... !!. ( روايةٌ من ثَمانيةِ فُصُولْ ). (Re: محمَّد زين الشفيع أحمد)

    Quote: ( بلا شك انت اديب اريب يا اخي ود الزين )



    الغالي / عمر عثمان .

    شُكْرًا لِـوُلُـوجِـكَ الجميلِ دَوْمًا ،

    وأشكرُ لكَ فضلَ ذائقتِكَ الأدبيَّةِ

    والباصـرة ، وتَكَبُّدَكَ مُشاقَ قراءةِ هذه الرِّوايـة

    ونحنُ في زمنٍ أضيقُ ما يكونُ لأنْ يقرأَ إنسانٌ

    سـطـرًا ..

    فأنتَ الأديبُ الأريبُ يا صديقَ

    الدَّارِ والأشجانْ .


    وأتمنَّى أنْ ألتقيكَ على الضَّياءِ

    والوفاءِ وشتَّى ضُرُوبِ

    النَّقاءْ .

    احترامي ..



    أخوك / محمَّد زين .
                  

11-02-2008, 11:37 AM

محمَّد زين الشفيع أحمد
<aمحمَّد زين الشفيع أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1792

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوْجَـاعٌ تَحْـتَ سَـرابيلِ الخَـاصِـرة ... !!. ( روايةٌ من ثَمانيةِ فُصُولْ ). (Re: محمَّد زين الشفيع أحمد)

    الأديبُ / د.أبو بكر يوسف إبراهيم ..

    لكَ الوُدُّ كلُّهْ ، وسأعودُ لأقفَ على جمالِكَ

    المنثورِ هُنا ؛ فاعذُرْ فيَّ انشغالي ..

    وكُوفيْتَ من كلِّ بلاءْ ..

    ( ولكَ مِنْ " بت حيمور " ألفُ تحيَّة ) ..


    احترامي .




    أخوكم / محمَّد زين .
    _____________
                  

11-03-2008, 10:23 AM

Osama Mohammed
<aOsama Mohammed
تاريخ التسجيل: 04-02-2008
مجموع المشاركات: 4619

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوْجَـاعٌ تَحْـتَ سَـرابيلِ الخَـاصِـرة ... !!. ( روايةٌ من ثَمانيةِ فُصُولْ ). (Re: محمَّد زين الشفيع أحمد)

    الأخ العزيز محمد زين

    في الفترة الأخيرة وجدتُ نفسي اتعقب خطاك .... اٌمني النفس بقراءة هادئة وخالية من عصبية هذا المكان ... الذي ظل يعجُ بالكثير من سقط القول ودنيئه....
    لك الود كله والتحية .... وننتظر المزيد ....
    ملحظة :-

    لو تفضلتم بمنحنا بريدكم الإلكتروني....

    ( ما معروف يمكن المنبر يختفي في أي لحظة)

    اسامة
                  

11-03-2008, 11:58 AM

محمَّد زين الشفيع أحمد
<aمحمَّد زين الشفيع أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1792

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوْجَـاعٌ تَحْـتَ سَـرابيلِ الخَـاصِـرة ... !!. ( روايةٌ من ثَمانيةِ فُصُولْ ). (Re: محمَّد زين الشفيع أحمد)

    العزيزُ والغالي / أُسامة محمَّد .

    شُكْرًا لكَ وأنتَ تَعْكُفُ على قراءَةِ حرفي فـواللهِ لقد سرَّني ذلكَ منكَ جدًّا

    وبلَّلَ خاطري فيضُ جُودِكَ عليَّ ، وطربْتُ طربَ مأزومٍ زالتْ عنهُ كُرَبُهْ ،

    وطربَ طِفْلٍ تقضِمُ أسنانُهُ الحلوى بيومِ عيدْ .

    فأخبرني بأيِّ قافيةٍ أقتفي أثرَكَ وبأيِّ مُهْجَةٍ أُعانِقُكَ يا رَجُل ؟ ،

    فلقدْ سَبَقَتْ منكَ إليَّ يَدٌ فكنتُ المَدينَ لكَ دوْمًا ؛

    لذا سأُخبرُ قِيَانَ عافيَتي بأنْ تغنِّيَ لكَ معزوفةَ الوُدِّ بيننا فقدْ

    ثَقُلَتْ يا صديقي وطْأةُ جَمالِ حرفِكَ على ذاكرتي ،

    وحتمًا أوْدِعُ وُدَّكَ حُبُوسَ قلبي ومَشَافِرَ

    الفؤادِ فِيَّ .

    ودُونَكَ يا رفيقي ما طلبتُه :

    [email protected]

    ولكَ احترامي تُبَلِّلُهُ المَحبَّاتُ .

    احترامي .


    أخوك / محمَّد زين .
    ____________________
    * واعذرني فأحيانًا أتغيَّبُ عن هذا المكانِ كثيرًا ؛
    لأتواجدَ على كثيرٍ من المَنَابرِ الثقافيةِ العربيَّة الأُخرى .
                  

11-03-2008, 07:31 PM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوْجَـاعٌ تَحْـتَ سَـرابيلِ الخَـاصِـرة ... !!. ( روايةٌ من ثَمانيةِ فُصُولْ ). (Re: محمَّد زين الشفيع أحمد)

    Quote:
    إلى روحِ والـدتي :

    الَّتي رحلتْ عنِّيَ وأنا – من يفاعتي - أُحاكي النِّساءَ بكاءَهُنَّ والعَويلْ .

    وإلى روحِ والـدي :

    خفيرِ التُّرعَـة ؛ الَّذي طالَ جلوسُـهُ بالماءِ ليلَ نَهارَ ؛ كيْما أستوي واقفًا أنَـا

    ؛ وغادرني بعدَ أنْ أهدى إليَّ أوَّلَ رسْمٍ جامعيٍّ ثُمَّ انصرفَ فرِحًا بمُلاقاةِ

    حتْفِهِ الَّذي حالَ ضيقُ ذاتِ اليَدِ بيني وعلاجِ مرضِهْ ؛

    بَيْدَ أنِّي انصرفْتُ حزينًـا لفقدِ بوصلتي الَّتي عَانتِ

    الدَّورانَ بعْـدَهُ والضَّبابْ .! .


    أهدي هذا العملَ الرِّوائي :

    هذا هو أصل الرواية !

    وأنا بدوري ، أهديك وأهديهما أجمل تحية .


    محمد زين ياشفيع ،، إحترامي وودي وتحياتي .
                  

11-08-2008, 11:25 AM

محمَّد زين الشفيع أحمد
<aمحمَّد زين الشفيع أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1792

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوْجَـاعٌ تَحْـتَ سَـرابيلِ الخَـاصِـرة ... !!. ( روايةٌ من ثَمانيةِ فُصُولْ ). (Re: محمَّد زين الشفيع أحمد)

    *
                  

11-09-2008, 10:58 AM

محمَّد زين الشفيع أحمد
<aمحمَّد زين الشفيع أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1792

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوْجَـاعٌ تَحْـتَ سَـرابيلِ الخَـاصِـرة ... !!. ( روايةٌ من ثَمانيةِ فُصُولْ ). (Re: محمَّد زين الشفيع أحمد)

    العزيـزُ / د. أبو بكر يوسف إبراهيم .

    تسرُّني قراءَاتُكَ دومًا يا رفيقي ، فشكرًا لهذا العطاءِ

    الباذِخِ وشكرًا لهذا الإيغالِ الدَّافيءِ بينَ أجنابِ حرفي .

    مَدينٌ لكَ بالحُبِّ والعطاءِ .. أيَا هِشَامَ الحرفِ

    ويَا جُودَِ المِـدادْ .


    احترامي .



    أخوك / محمَّد زين .
    ___________________
                  

11-11-2008, 05:23 AM

محمَّد زين الشفيع أحمد
<aمحمَّد زين الشفيع أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1792

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوْجَـاعٌ تَحْـتَ سَـرابيلِ الخَـاصِـرة ... !!. ( روايةٌ من ثَمانيةِ فُصُولْ ). (Re: محمَّد زين الشفيع أحمد)

    العزيزُ / مأمون أحمد إبراهيم .

    لكَ الوُدُّ ..

    وشُكْرًا لكَ بأنْ أفسحْتَ زمنًا لقراءَةِ

    ذلكَ الوجعْ ، والشُّكرُ أكملُهُ لكَ وأنتَ تختارُ لنا

    جُزءًا هَامًّـا وأصيلا من تلكَ

    الأوْجَاعْ .


    احترامي .




    أخوك / محمَّد زين .
    ______________________
                  

11-15-2008, 06:40 AM

محمَّد زين الشفيع أحمد
<aمحمَّد زين الشفيع أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1792

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوْجَـاعٌ تَحْـتَ سَـرابيلِ الخَـاصِـرة ... !!. ( روايةٌ من ثَمانيةِ فُصُولْ ). (Re: محمَّد زين الشفيع أحمد)

    هَا قَدْ رفعتُها لكَ يا صديقي ..

    *
    *
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de