سودانيز أون لا ين

Quote: تدمير موقع سودانيز أون لاين... من المستفيد ؟! ناذر محمد الخليفة تفاجأت الأوساط الصحفية والإعلامية قبل عدة أيام باختفاء منبر سودانيز أون لاين دوت كوم من وجوده الإسفيري بفعل فاعل، وهوالموقع السوداني الأشهر على الشبكة العنكبوتية، حيث قام بالتسلل إلى لوحة تحكم الموقع واستطاع محو جميع الملفات من السيرفر الأم، ولم يكتف بذلك بل وضع خطابا يوضح الأسباب التي دعته لهذا التعدي!! وتكتسب أهمية موقع سودانيز اون لاين كونه يضم بين عضويته الذين يحصون بالآلاف عدداً ضخما من المثقفين والكُتاب في مختلف ضروب الأدب والسياسة والرياضة، الذين يواظبون على الكتابة في المنبر العام للموقع من جميع أنحاء العالم، مما جعل الموقع قبلة لكل من يبحث عن معلومة، أو خبر جديد غير مقروء أو مطروق في وسائل الإعلام الأخرى.. بل وحتى وسائل الإعلام العربية والأجنبية المختلفة تستقي أخبار السودان وقضاياه اليومية من هذا الموقع.. وربما زاد في شهرته أيضا مخاطبته قبل عدة سنوات من قبل إدارة مكتبة الكونجرس الأمريكي تطلب الإذن بإدارج الموقع ضمن مصادرها، فيما يختص معلومات الصراع في دارفور والجنوب. وحقيقة ربما لم يكن تهكير الموقع والاعتداء عليه في هذا التوقيت مفاجأة للكثيرين، وبالذات لكاتب هذه الأسطر، إذ كان ذلك شيئا متوقعا، وبدأت مؤشرات حدوثه تترى رويدا رويدا مع ازدياد حمى الكتابات المتطرفة والعنيفة في الموقع، والتي مارست الغلو والتلفيق ضد بعض الجهات، وارتفعت وتيرة النعرة العنصرية والتحريض على أساس العرق والقبلية من قبل الكثير من الكتاب، الذين لا يمثلون ذات أنفسهم فيما يكتبونه وينشرونه، بل يمثلون تنظيمات وجماعات مختلفة، الكثير منها يرفع السلاح ضد الدولة، ويمثلون أيضا مدارس سياسية وفكرية متنوعة، من ضمن هذه التيارات أيضا الكثير من الكتاب الذين يحسبون على النظام بولائهم وكتاباتهم التي تعبر عن ذلك.. ملكية الموقع هي ملكية فردية، حيث يملكه ويديره صاحبه المهندس بكري أبو بكر من ولاية أريزونا بأمريكا، ورغم أن المهندس بكري يدّعي الحياد في مواقفه السياسية فيما يخص القضايا التي تطرح باستمرار في موقعه، إلا أن الملاحظ أن عرض الأخبار وتثبيت خطوطها العريضة في واجهة المنبر به شيء من الخيار والفقوس!! حيث أن المتصفح للموقع يشتم النفس المعارض بوضوح من خلال الكتابات التي تزيد في غلها وتطرفها ضد نظام الحكم ـ والتي تجد الاهتمام والمتابعة من صاحب المنبر شخصيا، وربما أحدثت هذه الممارسات غبنا وظلما في صدور الكثيرين، وطالبه البعض صراحة بالتخلي عن هذه السياسة وأن يهتم يالكتابات المعتدلة أو المؤيدة للنظام السوداني أسوة باهتمامه بالأخريات. أو فليلزم جانب الحياد تماماً. وقد لا يعلم الكثيرون أن موقع سودانيز أون لاين دوت كوم كان له نصيب الأسد في تصعيد قضية دارفور إلى الساحة العالمية، والتعريف بما يحدث على الأرض والميدان من خلال كتابه المنتشرين في جميع نواصي الأرض، وأيضا من خلال ممثلين رسميين للحركات المسلحة في دارفور، لهم حسابات مباشرة للكتابة في الموقع وإرسال البيانات في أي وقت يريدون، ومن ثم سرعة انتشار هذه الأخبار ووصولها للرأي العام العالمي. وفي الفترة الأخيرة تميز الموقع بنشر صور رقمية وصور فيديو عما يجري في دارفور، لم تنشر من قبل في أي وسيلة من وسائل الإعلام، مثل صور رقمية يظهر فيها جرحى هجوم معسكر كلمة، وأيضا عدة صور متنوعة ما كان يمكن لها أن تنشر في أي مكان آخر لأسباب أخلاقية، مثل صورة بشعة للشهيد محمد طه محمد أحمد يظهر فيها جسده مفصولا عن رأسه، لم يعرف حتى الآن من سرّب هذه الصورة للموقع من الأجهزة ذات الصلة، وفيديو يظهر فيه أسرى حركة العدل والمساواة من الأطفال في الهجوم الأخير على أمدرمان،. ويبدو أن بعضا من مناضلي الحركات المسلحة من عضوية الموقع استشعروا أهمية الآلة الإعلامية الضخمة التي يمتلكونها، فصار بعضهم في سبيل تصعيد القضية يلجأ لفبركة صور قتلى وجرحى لا علاقة لها بدارفور، وإنما حدثت في دول أخرى مجاورة مثل بورندي والكنغو وما شابه ذلك، وتحدث تلك الصور عادة تعاطفا وتضامنا غير محدود، ويؤدي لتصعيد قضية دارفور في جميع المحافل الدولية، اعتماداً على الصور المعروضة، وقد تم كشف عدة حالات تم فيها فضح زيف عدد من الصور، وأدى ذلك لضمور عكسي وانحسار للتعاطف الأولي بعد نشر الصورة.! مؤشرات الإعتداء على الموقع بدأت تظهر جليا في الأسابيع الأخيرة، حيث تم نشر عدة مقالات مفبركة منسوبة لشخصيات بعينها تمثل قياديين كبار في نظام الحكم في الخرطوم يظهرون فيها تطرفا شديداً ضد قضايا بعينها، مثل ذلك المقال الذي نسب زورا للأستاذ الطيب مصطفى بعنوان (لا تشتري العبد إلا والعصى معه)، اتضح فيما بعد أن مرسله لم يكن الطيب مصطفى بل شخص مدعٍ آخر، والمشكلة أنه قبل ظهور الحقيقة شرع الناس في كيل السباب والشتم لكاتب المقال، ولنظام حكمه، مما أورد نوعا من الغبينة والضغينة لمناصري النظام بعد ظهور الحقيقة لشعورهم بالاستهداف..! وهنالك جهات أخرى تضررت أشد الضرر من موقع سودانيز أون لاين، وهي مجموعات القبائل العربية في دارفور، إذ كانت دوما هي المستهدفة في جميع الكتابات والمقالات التي تنشر في الموقع، بل إنه في الفترة الأخيرة كان يحدث تلاسن بالنعوت العنصرية على مدار الساعة في الموقع بين عدد من الكتاب ينتمون للمجموعتين (الزرقة وعرب دارفور)، وربما ليس بعيدا عن الأذهان حادثة نشر أحدهم لمقال ادّعى أن كاتبه هو عبد الحميد موسى كاشا وزير التجارة السابق يتحدث فيها عن أسرار وخفايا من داخل القصر الجمهوري، أحدث المقال ردود فعل واسعة في جميع أوساط الصحفيين والسياسيين، ولكن اتضح فيما بعد أن المقال مدسوس ومفبرك..!! وقد شرع عبد الحميد كاشا في إجراءات قضائية ضد صاحب الموقع، طالب خلالها بتعويض مقداره 2 مليار جنيه سوداني!! ولعل أقوى المؤشرات على وصول وتيرة التظلم من الموقع لحدها الاقصى هو ما حدث قبل ساعات قليلة من اختراق الموقع وتهكيره، حيث تسلم صاحب الموقع رسالة إلكترونية من شخص لا يعرفه ادعى فيها أنه يعمل في إحدى منظمات الأمم المتحدة بالفاشر، وحكى قصة حزينة وأرفق معها صورا لصبي قتيل مرمي على الأرض، ادعى فيها أن عددا من ركاب الجياد ينتمون للقبائل العربية!! هي التي قتلته في سوق الفاشر أمام بصر الحاضرين. وكالعادة شرع قراء الموضوع ومن شاهدوا الصور بكيل السباب للقبائل العربية، وللجنجويد، وللحكومة السودانية بأسرها، دون التيقن من صحة الصور والرواية، وقد جاءت الحقيقة بعد عدة ساعات من أحد أعضاء الموقع نفسه، حيث اتضح أنه هو من التقط الصور بكاميرته لقتيل متشرد في أحد أحياء الخرطوم، ليتم نشرها لصالح إحدى الصحف اليومية، ولم تعرف بعد كيفية تسرب تلك الصور ووصولها لأيدي من أرسل المقال.! وبعد ساعات قليلة من ظهور الحقيقة تم الهجوم على الموقع وتهكيره، بأسلوب غاية في التعقيد وبإمكانيات تقنية عالية جدا، وكتب من سيطر عليه عبارات في أسطر قليلة كال فيها السباب والشتم الى صاحب الموقع وعلى جميع الأعضاء!! وحتى كتابة هذه الأسطر لم يستعيد الموقع عافيته الكلية بعد