|
الفنان يوسف الموصلى لسودان تربيون: هل الأصالة فى الرقص الشعبى أن ترقص فتيات الزاندى محجبات؟؟
|
حوار أجرته صحيفة سودان تربيون مع الفنان الموصلى ونشر فى عدد اليوم. هذا نصه:
الفنان يوسف الموصلى, ذالكم المغنى الذى كلما غنى يأخذك إلى عوالم من الدهشة والمتعة ولكنها ما أقصرها متعة, إذ تخطفته يد الغربة الآثمة, ففقد جمهور الموسيقى واحداً من أساتذتها, وأحد ركائز نهضتها. لكنه لم يبخل وهو فى الخارج فكان الحزن النبيل الذى ما فتئ يهز دواخلنا, وكان المرسال ال(مشى وما جا) وطفل العالم. تواصلنا معه بالنت عسى يشفى غليل معجبيه, فكانت الحصيلة التالية:
سنوات طوال والموصلي خارج البلاد. هل هي ضرورات معيشية أم موقف سياسي؟ - كان موقفا سياسيا إزاء تعسف ضد الفن ومعهد الموسيقى الذي أغلق لمدة تزيد على السنتين. ثم أصبحت الغربة ضرورة معيشية بحكم انغمار فلذات كبدي في مجتمع تعليمي مختلف تماما. فالموقف السياسي بالنسبة لي هو حرية الفنان في التعبير, وحريته في الحركة واختيار مسرحه في الوقت الذي يريد, كما أن الفنان يحتاج في الغالب الأعم إلى أن يري الأشياء مستمرة في البداهة, فليس من المعقول أن تسفر حكومتنا خبرات مجانية وهبتها لها كوريا الشمالية في مجال الموسيقى خصوصا العزف الاحترافي للآلات الموسيقية, بينما الكلية تعاني نقصا مريعا في هذا المجال. كما انه ليس من المعقول أن تحول الحكومة الغناء إلى مدائح بحجة التأصيل, وليس من المعقول أن تغيِّر الحكومة الأصالة في الرقص الشعبي بتحويل فتيات الزاندي إلى محجَّبات, وهن كن يرقصن بالرحط وهذا هو قمة الاعتداء على الأصالة بدعوى التأصيل. ومشاكل كثيرة مررت بها خلقت في دواخلي مرارة وبعد الهجرة كانت "حصاد" في مصر, ثم الهجرة الثانية لأمريكا التي نلت فيها ماجستير آخر بجامعة ايوا. الآن أبنائي بعض منهم بالمدارس والبعض الآخر بالجامعات وهي ورطة فأنا "محشور" بين مطرقة عشق الوطن وسندان الأبناء في الغربة . كيف أثَّرت الغربة على عطاء الموصلي الفني؟ وهل يمكن أن نقول أنه إثراء وليس تأثُّر؟ - أكاديميا وفنيا أعطتني الغربة علماً نافعاً وخبرةً معتبرةً, وحرمتني من التواصل مع جمهوري العظيم, خصوصاً بعد رحيلي من القاهرة إلى أميركا في النصف الثاني من التسعينات. لقد كانت تجربتي في مصر عميقة في نفسي, ولها أثر كبير في الفن السوداني فقد كنت مؤسسا لشركة حصاد للإنتاج الفني مع الوالد يوسف حمد والصديق أحمد يوسف حيث جاءت الفكرة ببقائي بمصر بعد أن استمع أحمد إلى أشرطة 'طفل العالم الثالث, أرحل, والحزن النبيل من غناء مصطفى ووردي وشخصي وكلها من توزيعي الموسيقي وهذه الأشرطة أصلاً موَّلها الأستاذ الصديق وعاشق الفن الفنان صلاح محمد إبراهيم الذي كان يعمل باليونيسيف حينها , وأقنعني أحمد بالبقاء بالقاهرة في حين إنني كنت في طريقي لتدريس الموسيقى بجامعة الفاتح من سبتمبر بليبيا بدعوة من الدكتورين محمد المكي سيد احمد وصلاح محمد حسن وكلاهما كانا أستاذين لشخصي. وفي أميركا بعد أن تخصصت في التأليف والموسيقي الاليكترونية, سعدت جدا بدراسة الموسيقى التصويرية. ولي الفخر بأنني السوداني الوحيد الذي درس الموسيقى التصويرية ولم يتفضل أيٌّ من المخرجين بالاستفادة من هذه المزية النادرة فقدراتي بحمد الله على التصوير الدرامي التراجيدي والكوميدي منه عالية استخدم فيها جميع الإمكانات المتاحة , إذن فحرام على شخصي وعلى هؤلاء المخرجين أن نحرم الشعب السوداني من هذه المزية التي ترفع من شان الدراما السودانية أعتقد ان الغربة قد اأثرت دواخلي وقدراتي الا انها حرمتني من مسرح احداث التواصل.
على ذكر الموقف السياسى, هل الفن في خدمة السياسة أم العكس؟ - كلاهما خادم للآخر. ولكن في بلادنا الفن أكثر إخلاصا والفنانون الجادون هم أكثر عطاءاً من الساسة الذين يخطبون ود الفنانين حينما يكونون خارج السلطة, ويتجاهلونهم حينما يصلون إليها, وهذا هو عدم الوفاء بعينه ولي من الأمثلة الكثير المثير وهذا يحتاج إلى كتاب وليس ريبورتاج صحفي.
الموصلي سابقاً سودانا نادانا وشوق الهوى والسندسية وطفل العالم ورسالة إلى أمي, فمن هو الموصلي حالياً؟ - الموصلي حاليا مشغول مع لصوص العصر, لن أبالي, عايز أشوفك, أنا ماشي, سنة أربعين وغيرهن من الأغنيات, بالإضافة للقصيد السيمفوني نهر النيل, والموسيقى الالكترونية الحديثة. الموصلي في السنوات الأخيرة وهب وقته وإحساسه للزملاء الآخرين ولكنه الآن مشغول بالموصلي ويحضِّر لإعمال وتسجيلات جديدة وحديثة.
إذا قلت لك كما قال شاعر الحقيبة عمر ألبنا: "هل من عودة تاني" أم هي مستحيلة؟؟ - عودتي ليست مستحيلة, والمستحيل هو البقاء خارج السودان أخطط لعودة مدهشة غير مسبوقة أن شاء الله بتسجيلات جديدة وحفلات ضخمة. أريد أن أعيد تجربة عودتي الأولى سنة 1989 مصحوباً بشريط شوق الهوى الذي هز أركان الفن السوداني, بشريط آخر أقوى مراساً وأكثر نضجاً مصحوباً بحفلات برنامجها محضر ومكتوب. كما أريد أن أفيد التلامذة الجدد في فترة زيارتي بعمل كورسات تدريبية في التأليف الموسيقي.
هنالك اتهام لك بان تجديداتك لم تكن تصب في صالح الموسيقى السودانية وانك لعبت دورا غير مرضي عليه؟ ما تعليلك!!! - بديهي جدا عندما يحدث تجديد غير أساسي في البنية التاليفية أن تكون هنالك معارضة شديد المراس, بنفس القدر الذي يكون فيه هنالك متشوقون لسماع شئ يخرج بهم عن إطار المألوف, وبالفعل قد عارض الكثيرون من زملائي الموسيقيين وكذلك النقاد التجديدات التي أحدثناها بتحويل الأغنية من مرحلة الصوت الواحد إلى مرحلة الصوت المتعدد (البناء). الطريف في الأمر أن كل أو معظم أولئك الذين عارضوا تلك التجديدات, لم يقووا أمام تيارها الجارف, فانجرفوا معه وأتوا إلى القاهرة زرافاتٍ ووحدانا, ثم أصبحوا من أشد الناس تأييدا لها. التجديد هو طبية الحياة وأتوقع أن يأتي بعدنا شباب مختلف في كل شيء ولا اعتراض لنا على ذلك مطلقا فنحن نؤمن بتعاقب الأجيال.
|
|
|
|
|
|