دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: الجهاد ..؟ ام حرية الاعتقاد.. عمر القرّاي (Re: Amjad ibrahim)
|
الأخ أمجد .. لك التحية
و لك الشكر على هذا المجهود .. فقد قرأت كتيب الأستاذ الدكتور القراي هذا قبل اليوم في جلسة واحدة .. إذ أنني لم أستطع أن أضعه جانبا حتى فرغت منه.. و لكنه للأسف ليس بحوزتي الآن .. و إلا لكنت ساعدتك في عملية الطباعة هذه
كما أن كتابه الأكبر حجما و تناولا (الفكر الإسلامي و قضية المرأة) كان من الكتب التي قرأتها في بداية مشوار تعرفي على الفكرة الجمهورية .. و قد أعجبت به أيما إعجاب ... خصوصا و أنه يمثل ملخصا تاريخيا جميلا لقضية المرأة في الفكر الإسلامي .. و فيه عقد مقارنات جريئة بين طرح الفكرة الجمهورية و طرح غيرها من كافة المدارس الفكرية الإسلامية الحديثة و القديمة
و بعد .. كانت هذه مساهمة خجولة مني لدعم هذا المجهود.. و هو ما استطعت عليه الآن
و لك كل التقدير و التشجيع
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الجهاد ..؟ ام حرية الاعتقاد.. عمر القرّاي (Re: Amjad ibrahim)
|
الباب الثاني
الجهاد ي مستوى الفروع
كلمة الجهاد لغة تعني بذل الجهد لإنجاز عمل ما، و اصطلاحا، الجهاد هو حمل السلاح، بنية القتال، من أجل إعلاء لكلمة الله، و الخروج عن المال و الديار، بغرض إزالة مظاهر الكفر و الشرك، وهو يشمل " القتال و المرابطة و إعداد الجيوش و تمويلها، كما يشمل خدمة المحاربين و علاج الجرحى في ميدان المعركة.
التدرج في فرض القتال و الأمر بالجهاد لم يبدأ مع ظهور الإسلام و بداية الدعوة و إنما تأخر نحو ثلاثة عشر عاما، اتخذت فيها الدعوة سبيل الحسنى،و الصبر على أذى الكافرين، و السعي لتوصيل قيم الإسلام السمحة إليهم، رغم كفرهم و جاهليتهم و غلظتهم..و لم يتأذن الله بقتال الكافرين، إلا بعد أن بلغ بهم الكفر، أن يتآمروا عل حياة نبيهم المصطفى، الذي عرفوا صدقه و أمانته، إذا أدلوا بهذه الفعلة الشنعاء إنهم دون المستوى الذي، قدم لهم، و هم لا يستحقون المعاملة الإنسانية الكريمة. ولم يكن هنالك بد من إنزالهم حيث يستحقون، بعدما عجزوا عن الوفاء بما ندبهم الله تبارك و تعالى إليه، جزاء و فاقا.. و كذلك أمر النبي صلى الله عليه و سلم بالهجرة استعدادا للمواجهة ثم أذن له في القتال بعد تدرج وئيد، كان من وجوه الحكمة فيه إنضاج الرعيل الأول من الأصحاب.. فهم بعد أن جاهدوا أنفسهم بالصبر و الإحسان في مقابلة الأذى و تحمل الظلم و القهر، و أتقنوا العبادة و اللجوء إلى الله، امتحنوا بالهجرة عن أرضهم، و ترك كل ما يملكون ورائهم فرارا إلى الله، بتفريغ البال مما سواه. و بعد أن نجحوا في الاستفادة من هذه التربية العظيمة في التوكل على الله، و الصبر و التواضع، أصبحوا مأذونين في ترشيد غيرهم و حملهم على مصلحتهم بالقوة، و لهذا أعطوا حق الوصاية على الكافرين و فرض عليهم جهادهم. و لعل أول ما و رد به الخطاب الإلهي في أمر الجهاد هو عدم موالاة الكافرين ، من قوله تعالى{يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي و عدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة و قد كفروا بما جاءكم من الحق} الممتحنة 1.. و لم يقصد المشرع بهذه المعاملة، كل الذين كفروا، و إنما عنى بالتحديد، الذين قاموا بإخراج المؤمنين من ديارهم و اضطروهم للهجرة ..و لذلك يقول من نفس السورة { لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين و لم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم و تقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين× إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين و أخرجوكم من دياركم و ظاهروا على إخراجكم أن تولوهم و من يتولهم فأولئك هم الظالمون} الممتحنة 8-9 .. و يجدر بالملاحظة إن هذه الآيات لم تأمر بقتال الكافرين رغم إخراجهم للمؤمنين و ذلك لأن الإذن بالقتال لم يجيء إلا بعد ذلك في قوله تعالى{ أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا و أن الله على نصرهم لقدير× الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله و لو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع و بيع و صلوات يذكر فيها اسم الله كثيرا و لينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز} سورة الحج 39-40.
آية السيف و لقد استمر التمهيد لقتال المشركين، حتى نزلت الآية المشهورة عند المفسرين بآية السيف، من سورة براءة و هي قوله تعالى:{ فإذا انسلخت الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم و خذوهم و احصروهم و اقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا و أقاموا الصلاة و آتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم} التوبة 5. لقد حددت هذه الآية الكريمة، زمان قتال المشركين بمجرد انقضاء الأشهر الحرم، و حددت مكان القتال بأنه حيث وجد المشركون، و حددت إيقاف القتال معهم، بأن يتوبوا و يقيموا هذه الشعائر!! و لقد نسخت هذه الآية، حسب رأي معظم المفسرين، آيات الاسماح و الحسنى و الصبر على الكافرين، و على هذه الآية جاء حديث النبي صلى الله عليه و سلم (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويقيموا الصلاة و يؤتوا الزكاة فإن فعلوا عصموا مني دمائهم و أموالهم إلا بحقها و أمرهم إلى الله) أما في حق أهل الكتاب فقد جاء في سورة التوبة قوله تعالى { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله و ولا باليوم الآخر و لا يحرمون ما حرم الله ورسوله و لا يدينون دين الحق من الذين أتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون} التوبة 29 .. و بناء على هذا التوجيه الواضح كانت تتوجه رسائل النبي صلى الله عليه و سلم إلى ملوك الفرس و الروم { أسلموا تسلموا يكن لكم ما لنا و عليكم ما علينا فإن أبيتم فأدوا الجزية و إلا فاستعدوا للقتال} هذه هي خيارات الإسلام في مستوى فروعه لأهل الكتاب: إما الإسلام أو الجزية أو القتال.. أما بالنسبة للمشركين فهما خياران لا ثالث لهما: الإسلام أو القتال. و يجدر بالقول أن الجزية ليست ضريبة دفاع، يدفعها أهل الذمة من يهود و نصارى للمسلمين، لأنهم يقومون بحمايتهم، كما ذكر بعض الدعاة الإسلاميين. و لكنها إقرار بالخضوع لسلطان دولة المسلمين، و إشعار بالمهانة و المذلة، حتى يضطر الذمي إلى الدخول في الإسلام. و لذلك جاء في كتب التفسير في شرح قوله تعالى {وهم صاغرون} أي ذليلون حقيرون مهانون و لذلك لا يجوز إعزاز أهل الذمة و لا رفعهم على المسلمين، بل هم أذلاء صغرة أشقياء كما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (لا تبدأوا اليهود و النصارى بالسلام و إذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه) و لهذا اشترط عليهم أ/ير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه تلك الشروط المعروفة في إذلالهم و تصغيرهم و تحقيرهم، ذلك مما رواه الأئمة الحفاظ من رواية عبد الرحم بن غنم الأشعري، قال كتبت لعمر بن الخطاب رشي الله عنه حين صالح نصاري من أهل الشام (( بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتبا لعبد الله عمر بين الخطاب أمير المؤمنين من نصارى كذا و كذا، أننا لما قدمتم علينا سألناكم الأمان لأنفسنا و ذرارينا و أموالنا و أهل ملتنا و شرطنا على أنفسنا ألا نتحدث في مدينتنا و لا فيما حولها ديرا و لا كنيسة و لا قلاية و لا صومعة راهب و لا نجدد ما خرب منها و لا نحي منها ما كان خططا للمسلمين و أن لا نمنع كنائسنا أن ينزلها أحد المسلمين ثلاثة أيام نطعمهم و لا نأوي في كنائسنا جاسوسا و لا نكتم غشا للمسلمين و لا نعلم أولادنا القرآن و لا نظهر شركا .. و لا ندع إليه أحدا و لا نمنع من ذوي قرابتنا الدخول في الإسلام إن أراده و أن نوقر المسلمين و أن نقوم لهم من مجالسنا إن أرادوا الجلوس و لا نتشبه بهم في شيء من ملابسهم، في قلنسوة و لا عمامة و لا فرق شعر و لا نتكلم بكلامهم و لا نتكنى بكناهم و لا نركب السروج و لا نتقلد السيوف و لا نتخذ شيئا من السلاح و لا نحمله معنا و لا ننقش خواتيمنا بالعربية و لا نبيع الخمور و أن نجز مقاديم رؤوسنا و أن نلزم زينا حيث كنا و أن نشد الزنانير على أوساطنا و ألا نظهر الصليب في كنائسنا و أن لا نظهر حلينا و لا كتبنا في شيء من طريق المسلمين و لا أسواقهم و لا نضرب نواقيسنا في كنائسنا إلا ضربا خفيفا و علا نرفع أصواتنا بالقراءة في كنائسنا في شيء من حضرة المسلمين و لا نرسل شعانين و لا بعوثا و لا نرفع أصواتنا مع موتانا و لا نظهر النيران معهم في شيء من طرق المسلمين و لا أسواقهم و لا نجاورهم بموتانا و لا نتخذ من الرقيق ما جرى عليه سهم من سهام المسلمين، و أن نرشد المسلمين و لا نطلع عيهم في منازلهم)) قال فلما أتيت عمر بالكتاب زاد فيه ((و لا نضرب أحدا من المسلمين شرطنا لكم ذلك على أنفسنا و أهل ملتنا، و قبلنا عليه الأمان، فإن نحن خالفنا في شيء مما شرطناه لكم ووظفنا أنفسنا فلا ذمة لنا و قد حل لكم منا ما يحل من أهل المعاندة و الشقاق)) {ص 132 الجزء الثاني من تفسير القرآن العظيم لأبن كثير، طبعة دار الحديث القاهرة} .. هذه المعاهدة لا تحتاج إلى تعليق ولقد أوردتها كاملة كما جاءت في تفسير ابن كثير حتى لا نخدع أنفسنا بأن الإسلام في مستوى فروعه يمكن أن يحقق الكرامة لمواطن مسيحي يفي الدولة الإسلامية.
الجهاد ليس دفاعا عن النفس:
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الجهاد ..؟ ام حرية الاعتقاد.. عمر القرّاي (Re: Amjad ibrahim)
|
عزيزي أمجد تحية المودة والشوق
أعتقد أن تنزيل الكتابة على حلقات تجعل البوست في الواجهة وتسهل قراءته.. وبالطبع هناك من يحبون قراءته كاملا وهؤلاء يمكنهم الانتظار حتى تنزيل كامل الكتاب فيقرأونه في قعدة واحدة..
سلامي للجميع معك، وتقبل سلام إلهام والأبناء قلت لإلهام أهو أمجد طبق مسالة الجمعية الخيرية في مستواه الشخصي وقام بطباعة كتاب متميز.. ياسر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الجهاد ..؟ ام حرية الاعتقاد.. عمر القرّاي (Re: Amjad ibrahim)
|
لك التحية والأشواق يا عزيزي أمجد
وأشكرك على النماذج التي ذكرتها، والتحية لتلك السيدة البولندية العظيمة والتحية لذلك البروفيسور البولندي العظيم..
لقد تذكرت مقولة مأثورة: Do not preach change, be that change.
لا تعظ الآخرين للتغيير، كُن ذلك التغيير..
وأنت قد ضربت أروع مثل..
لك الود والشكر
فوووووق
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الجهاد ..؟ ام حرية الاعتقاد.. عمر القرّاي (Re: Amjad ibrahim)
|
خاتمة إن ما يجعلنا نقرر وبكل تأكيد، أن الجهاد ليس أصلاً أصيلاً في الأسلام ، هو أن الجهاد مهما قيل عن مبرراته، إنما هو في النهاية مصادرة حق إنسان في الحياة (إذا قتل في المعركة) أو حقه في الحرية (إذا وقع في الأسر) لا لشئ إلا لرفضه أن يعتنق الإسلام. والإسلام في جوهره يقدس كرامة الإنسان من حيث هو إنسان، قال تعالى في ذلك (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً) الإسراء70، ومن كرامة الإنسان على الله، لم يجعل على حريته وصياً، حتى ولو كان هذا الوصي، هو النبي صلى الله عليه وسلم، على رفعة أخلاقه، وحلاوة شمائله، قال تعالى في ذلك (فذكر إنما أنت مذكر* لست عليهم بمسيطر) الغاشية21و22.. والمعنيون هنا، هم المشركون الذين رفضوا عبادة الله، وعبدوا الحجر الأصم، والمنهي عن السيطرة عليهم، هو النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال في حقه تبارك وتعالى: (وإنك لعلى خلق عظيم) القلم4. ومن هنا نعلم أنه ليس هنالك رجل هو من الكمال بحيث يؤتمن على حريات الآخرين، وإن ثمن الحرية الفردية هو سهر كل فرد عليها. وإنما كانت الحرية هي الأصل، لأنها مطلب العقل، حيث كان الغذاء هو مطلب الجسد.. وإنما بالعقل تميز الإنسان عن الحيوان، وبه وقع عليه التكليف، وبه يرقى المراقي في القرب من الله.. ولما كان تطور المجتمعات هو ثمرة لتطور العقول، فقد جاءت الحرية كلازمة طبيعية من لوازم المجتمع الحديث.. وحفاظاً على الحرية، من تغول الأفراد، جاء النظام الديمقراطي.. بمؤسساته المختلفة، ليجعل ممارسة الحرية ممكنة وفق القانون والنظام.. والنظام الديمقراطي في تطور على النظام الديكتاتوري، وعلى نظام الخلافة الإسلامية، على تفاوت في ذلك في القرب والبعد، ومن حيث الأخلاق.. وتطور الحياة كما يسوق إلى الحرية و الديمقراطية، يسوق أيضاً إلى السلام.. وذلك بانتهاء أسباب الحرب، وهي النزاع حول السلطة وحول الثروة.. حيث تمثل الديمقراطية إشاعة السلطة، كما تمثل الإشتراكية إشاعة الثروة.. والديمقراطية والإشتراكية كلاهما من أصول الإسلام، ومن متطلبات المجتمع المعاصر، غير إننا لم نفصل فيهما هنا تقيداً بموضوع الكتاب.. وقبل السلام الحقيقي الذي يقوم بنهاية أسباب الحرب، هناك سلام فرضه تطور السلاح، وهو ما تعيشه البشرية اليوم. فالخوف من الآثار المدمرة للحرب، بعد أن بلغ السلاح مستوى السلاح النووي، منع الدول الكبرى من الدخول في حروب شاملة تضطرها إلى استعمال السلاح الرهيب والقضاء على الحياة.. وهكذا أصبحت الحروب لا تسوق إلا إلى طاولة المفاوضات وأصبح السلام، ومحادثات السلام هي العرف السائد في عالم اليوم.. أما نحن المسلمون فإن السلام هو جوهر ديننا، وتحية المسلم حين يلقى أخاه هي: (السلام عليكم). ولقد جاء في الحديث الشريف: (إن لكل شئ قلب، وقلب القرآن يس) ولقد ذكر بعض العارفين أن قلب (يس) هو قوله تعالى: (سلام قولاً منرب رحيم) يس 58. فإذا نحن قدمنا الإسلام في مستوى السلام، نكون قد قدمنا أحسن ما في ديننا، أليس القلب هو أحسن ما في الجسد؟! ألم يجئ في الحديث الشريف (إن في الجسد مضغة لو صلحت صلح سائر الجسد ولو فسدت فسد سائره ألا وهي القلب)؟! وقال تعالى: (واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون) الزمر55. فإذا وضح ذلك، يتضح أن الجهاد إذا تم على أكمل صورة، ومن رجال غايتهم الدين، لا الأطماع السياسية، وشهوة الحكم، فإنه اليوم لا يعتبر عملاً دينياً، لأنه يكون قد وقع في غير وقته، وطبِّق على غير مجتمعه، فالعمل الديني المناسب اليوم، هو الدعوة إلى الله بالتي هي أحسن. والدعوة إلى إلغاء الجهاد، لاتعني الإستكانة أو قبول الظلم، أو الخضوع للحكومات الحاضرة، أو إيقاف أمر الدعوة إلى الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، بل على العكس من ذلك تعني أن يتحمل الدعاة بذل أنفسهم في سبيل دعوتهم، وهم بالحياة في سبيلها، لا الموت في سبيلها، يقدمون للبشرية التي أرهقتها ويلات الحروب، السلام الذي ظل حلمها المأمول.. إن العلمانية بمعنى فصل الدين عن الدولة، والحكم بالنظام المدني، والقوانين الوضعية، والأخذ بتجارب الديمقراطية، التي تناسب شعوبنا، ولا تتعارض مع تقاليدنا، هي بديل المرحلة عن النظام الإسلامي الذي تطرحه الجماعات الإسلامية بإلحاح.. ويجب ألا يتردد الحكام في البلاد الإسلامية، أن يعلنوا هذا الرأي، ويدافعون عنه. فالإسلام كدين ونهج تربوي وأخلاقي، وكعقيدة وشعائر لاخلاف عليه، أما الإسلام كنظام سياسي فإنه يحتاج إلى نظر وإلى إجتهاد، والي برنامج واضح ومفصل، والسبب في ذلك هو اختلاف عصرنا الحاضر عن العصر الذي نزل فيه الإسلام. ومهمة الحكومة المدنية، هي أن توفر الجو الصحي الملائم، ليتحاور المسلمون على اختلاف آرائهم، حول المفهوم الصحيح الذي تحتاجه اليوم، حتى تتم قناعة الشعوب به، وفي ذلك الحين يصبح هو البديل الحقيقي للنظام العلماني.. أما قبل الحوار وقبل الدراسة، وقبل النظر، وقبل الإجتهاد، فإن أي تطبيق للشعارات الإسلامية، إنما تكون نتيجته فشلاً ذريعاً، وصوراً متطرفة ومتخلفة، أقل مايمكن أن تفعله بنا هو إظهارنا بمظهر الإرهابيين والعدوانيين في نظر العالم، ثم هي إنما تنفر شبابنا الذكي عن الدين. إن مفهوم الجهاد، الذي يجب أن يشغل به الشباب المتدين نفسه اليوم، هو الجهاد الأكبر، جهاد النفس. والإنشغال الدائم بتهذيبها وترقيتها. وأول ما يبدأ به الإنسان في هذا المضمار، هو محاولة الفهم السليم لأغراض الدين.. وجماع أغراض الدين كرامة الإنسان، كما أسلفنا الإشارة.. وإنما تفهم حقائق الدين بالتقوى، ويعرف سبيل الله بالمجاهدة، والتجويد والإحسان، قال تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين) العنكبوت69، فإذا ركز الشباب على هذا الإتجاه، ظهر لهم من كل أولئك، أن الجهاد بالسيف منسوخ اليوم، وأن الدعوة بالتي هي أحسن هي صاحبة الوقت. ووضح لهم سبب تخلف المسلمين، وعجز حكوماتهم، وسوء حالهم في أطراف الأرض. واتضحت في أذهانهم معالم التغيير ومنهاج النهضة المنتظرة، التي تحقق عودة الدين إلى الحياة، وربما كانوا هم أنفسهم، من دعاة هذا الأمر إذا نظروا إلى نقصهم، وانشغلوا به عن عيوب الآخرين.. فإذا قدر لهم أن يشاركوا في تقديم الإسلام للبشرية الحائرة، فقد قدموا لها منهاج الخلاص، الذي به يتحقق السلام في كل نفس بشرية، قبل أن يحل في الأرض فتملأ به عدلاً، كما ملئت ظلماً وجوراً.. ذلك وعد غير مكذوب.. اقرأوا إن شئتم بشارة الكتاب المقدس: (الحمد لله في الأعالي وبالناس المسرة وعلى الأرض السلام).. ودونكم بشارة القرآن العظيم.. (دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين) يونس 10.. صدق الله العظيم.
انتهى
غلاف الكتاب:- هذا الكتاب إن ظاهرة التطرف الديني على بشاعتها ليست المرض، وإنما هي عرض يدل على المرض الذي أصابنا منذ زمن بعيد.. أما المرض فهو جهلنا لحقائق ديننا. هذا الكتاب ولقد فجع الطلاب والمواطنون حين وجدوا أن أربعة من الطالبات من اللائي رفضن الإنصياع بالحجاب، قد وجدن مقتولات، وقد فصلت رؤوسهن عن أجسادهن!! فهل المنكر هو عدم الحجاب هو القتل والتمثيل بالجثة بهذه الصورة البشعة؟!
هذا الكتاب فالمقارنة إذن ليست بين حكم الله وحكم البشر كما يحب أفراد الجماعات الإسلامية أن يصوروها لنا. وإن المقارنة بين جماعة تدعي أنها ستحكم بأمر الله وجماعة لم تدعي هذا الإدعاء، على أن الواقع يؤكد أنهم جميعاً لن يحكموا بأمر الله مهما رفعوا من شعاراته.
هذا الكتاب هذا المفهوم الجوهري إنما يعتمد على حقيقة أن الإسلام في أصوله يقدس الحرية الفردية بصورة ليس لها مثيل، حتى أنه يبلغ في ذلك حد إعطاء حق الكفر!! قال تعالى: ( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر).
هذا الكتاب فإذا وضح ذلك يتضح أن الجهاد إذا تم على أكمل صورة ومن رجال غايتهم الدين لا الأطماع السياسية وشهوة الحكم فإنه اليوم لا يعتبر عملاً دينياً، لأنه يكون قد وقع في غير وقته وطبق على غير مجتمعه، فالعمل الديني المناسب اليوم هو الدعوة إلى الهه بالتي هي أحسن.
رقم الإيداع 2094/1995 ISBN 977-00-8365-8
(عدل بواسطة Amjad ibrahim on 02-08-2004, 10:46 PM)
| |
|
|
|
|
|
|
|