دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: الأدب الشعبى في السودان (Re: Elkhawad)
|
تمهيد
أضع بين يديك أيها القارئ العزيز كتابى الثانى " الأدب الشعبى فى السودان " وآمل أن يحظى بإعجابك ، فهو محاولة متواضعة اردت بها احياء تراثنا الشعبى ولقد نزعت إلى الناحية التحليلية حتى اعطى القارئ فكرة عامة عن اصالة تراثنا الشعبى ، وتحريت الدقة فى اختيار النماذج الشعبية التى تعبر عن واقعنا تعبيراً صادقاً . هذا وسيكون الجزء الثانى من لكتاب " روائع أدبنا الشعبى " حافلاً بالنماذج الشعبية من أشعار وحكاوى وملاحم بطولية تعكس حياة الشعب السودانى وأمانيه .
وقد حاولت بقدر الإمكان ان أبرز الطابع القومى السودانى ، فقد حان الوقت الذى نتحسس فيه أنفسنا ، وننبش تراث الأجداد . على أننا لا نتخذ من تراثنا فكرة عنصرية ؛ فالدعوة إلى القويمة السوادنية انما هى تدعيم للعروبة ، بل أن دراسة تراثنا الشعبى تكشف لنا العناصر المشتركة كالتاريخ واللهجات والمعتقدات التى تربطنا بالبلاد العربية الشقيقة . وإذا وضعنا فى اعتبارنا نزوع الإنسانية إلى العالمية ، فاذن كان من واجبنا ان نمهد لهذا المبدأ الإنسانى السامى بنشر الآداب الشعبية العالمية ، وترجمة حكايات الشعوب وقصصهم الشعبية ، وامثالهم وفنونهم الشعبية فالثقافة ملك للجميع ، ومن حق كل إنسان ان يتمتع بما أنتجته القرائح الإنسانية .
ولا يسعنى فى هذا المجال إلا أن أشكر السيد محمد الحسن عثمان عبد الكريم الكاملابى الذى حمل على عاتقة إحياء التراث فقد قام بتسهيلات جمة فى طبع هذا الكتاب .
كما اشكر السيد الزميل طه خالد حاكم على موقفه الإنسانى المشرف بشأن المساعدات التى بذلها فى سخاء والتى عجلت فى نشر هذا الكتاب .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأدب الشعبى في السودان (Re: Elkhawad)
|
لماذا ندرس تراثنا الشعبى ؟
إن مجتمعنا السودانى يعد مخزنا للعادات والقيم الأصيلة، فموقعه فى نصف القارة الأفريقية أكسبه عناصر حضارية لها خطرها فى تكوينه السياسى والاجتماعى والفنى، فالسودان بلد أفريقى عريق يتمتع بالسمات الأفريقية الصميمة، والسودان بلد عربى فى ثقافته وفى تكوينه الجغرافى والتاريخى.
ولا شك فى تراثنا الشعبى يقوى القومية السودانية، فهو تعبير صادق عن أحاسيسنا ومشاعرنا، فما أصدق الشاعر الشعبى فى وصف بيئتنا..! هذا ما دفع الناقد السودانى حمزة الملك طمبل أن يثور فى وجه الشعراء الذين يلوكون ألفاظا محنطة لا تعبر عن الطبيعة فى السودان- يقول الناقد " نريد أن يكون لنا كيان أدبى عظيم، نريد أن يقال عندما يقرأ شعرنا من هم فى خارج السودان أن ناحية التفكير فى هذه القصيدة تدل على أنها لشاعر سودانى، هذا المنظر الطبيعى الجليل موجود فى السودان، هذا الجمال هو جمال نساء السودان، نبات هذه الروضة أو هذه الغابة ينمو فى السودان".
أو عندما يدعو الأديب السودانى الأستاذ محمد أحمد محجوب إلى بعث القومية السودانية " لنحى أدبنا القومى ونثير شعورنا بوطنيتنا لنصل إلى حركة سياسية تحقق استقلالنا سياسيا واجتماعيا وفكريا".
فالتراث الشعبى إذن يحث على الترابط القومى بتوحيد المشاعر الوطنية ، فنحن إذا أردنا أن نحى الأدب السودانى أول شئ نلجأ إليه تراثنا الشعبى، ثم إن تقدم العلوم الاجتماعية فى بلادنا جعلنا ننقب عن تراث الأجداد دراسة الشعب أصبحت مادة هامة للباحث الاجتماعى.
فنحن نمجد تراثنا الشعبى لأنه يدعم قوميتنا السودانية ولأنه يعمل على حل المشاكل اللغوية، ويعمل أيضا على تخليد المقاييس الجمالية والخلقية الأصلية.
أن العلماء الذين كان لهم الفضل فى وضع أسس علم الفولكلور أمثال يعقوب وويلهيلم جريم كان الدافع لهم حب الوطن، وأنهما يؤديان واجبا وطنيا إذ يجمعان مأثورات الشعب الألمانى، ويظهر أن عراقة ذلك الشعب وجمال أقواله.
أذن أن هذا العلم نشأ نتيجة الشعور الوطنى وتمجيد القومية كما أسلفنا من قبل، كما أن دراسة التراث الشعبى تمكننا من كشف العناصر المشتركة فى حياة الأمم كاللغة والدين والعادات والتقاليد التى تكمن فى حياة الشعوب كمون النار فى الصخرة الصماء. وفى الواقع أن عدم الالتفات إلى التراث الشعبى فى الماضى بصفة عامة يرجع إلى عاملين أساسيين، عامل نفسى، وعامل تاريخى.
العامل النفسى: درج معظم علماء اللغة والآداب العربية منذ قديم الزمان على الاعتناء بالادب العربى الرسمى، واهملوا أن عمد التراث الشعبى العربى، فالكتاب يفنى عمره فى تحقيق قصيده، أو خطبة بينما لا يلتفت إلى دراسة التراث الشعبى، وذلك ربما لأن الأدب الشعبى يقوم بتلقينه غالبا العوام فى المقاهى وليالى السمر والعجايز فى القرى والمدن، بينما الأدب الفصيح يدرس فى المدارس الرسمية والجامعات وله اساتذه متخصصون يتمتعون بالوقار والاحترام، فالادب الشعبى إذن كان ينظر إليه نظرة استجهان لأنه يلتصق بحياة العوام، فهو مشوب بالخيال والخرافات والأوهام فاتجهوا إلى دراسة الأدب الرسمى دراسة تحليلية علمية.
العامل التاريخى: لقد وجدنا أن معظم الكتب التى عينت بالدراسات العربية فى الماضى كانت تنظر على دراسة الأدب الشعبى نظرة استهجان.
وفى الواقع أن دراسة الأدب الشعبى فى هذا العصر بالذات ارتبطت بظواهر اجتماعية حتمية ربما لم توجد فى الماضى، فالاهتمام بعلم الفولكلور يرجع إلى تقدم العلوم الاجتماعية حيث أصبحت دراسة الشعب لازمة.
لقد كان علم الفولكلور يتعلق بحياة الانسان البدائى، عرف الفريونت" الفولكلور بأنه "انثروبولجى" يتعلق بالانسان البدائى أما "هارت لاند" فقد رأى أن الفولكلور انثروبولوجى يتعلق بالظواهر النفسية للانسان غير المتحضرى وفى سنة 1890 م ظهر أول مختصر للفولكلور وفى مقدمته تحدد الفولكلور بانه دراسة بقايا أو متخلفات الماضى الذى لم يدون" وقال رايت فى خطابه الافتتاحى فى جمعية الفولكلور الانجليزية: ليست الحكايات الشعبية فقط هى الأشياء التى انتقلت الينا عن طريق التراث الشعبى ، فمن واجبنا أيضا أن ندرس التقاليد والألعاب، والرقص، وانماط المنازل، والقرى، وندرس أيضا الأدوات المنزلية. وأنا لا استطيع أن أتصور نهضة لأدبنا السودانى ما لم ترتكز أولا على تراثنا الشعبى لأن الكاتب غالبا ما يستمد اصالة انتاجه من تاريخ قومه، كما أن المنطق يدعونا لدراسة الجذور قبل الفروع. فالتراث الشعبى هو الأصل للاتجاهات الأدبية المعاصرة، والظواهر الاجتماعية التى تؤثر فى سلوك الفرد.
والمعروف أن أدبنا السودانى أول ما بدأ بالاساطير، والملاحم، والأمثال والحكم الشعبية، ثم تطور إلى أدب مدائح وتصوف، فالاتجاه التقليدى "الكلاسيكى" ثم الاتجاه الرومانس ، فالاتجاه الواقعى.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأدب الشعبى في السودان (Re: Elkhawad)
|
مفهوم الأدب الشعبى
الأدب الشعبى هو الأدب الذى يصدره الشعب، فيعبر عن وجدانه ويعكس اتجاهاته ومستوياته الحضارية. وقد اقر مجمع اللغة بالقاهرة " المأثورات الشعبية لكلمة فولكلور" وأول من استعمل كلمة فولكلور للدلالة على الآثار الشعبية القديمة هو العالم الانجليزى تومذ، وقد صاغ تومذ كلمة فولكلور من كلمتين هما فولك بمعنى الشعب أو الصف من الناس ، ولور بمعنى الحكمة. إلا أن اللغات العالمية بوجه عام تعبر عنها بالفنون الشعبية.
خصائص الفنون الشعبية:
هذه المأثورات يجب أن تتصف بالمراقة حتى تكشف لنا عن حياة الأجداد سواء كانت هذه الأصالة تتصل بالموسيقى، أو بأعمال الفخار، أو بأغانى المناسبات، أو نحوها من الفنون الشعبية الأصلية. ثانيا أن تتصف بصفة الحيوية بأن تكون جارية فى الا ستعمال اليومى، فالمأثورات الشعبية الجامدة لا تعد من التراث الشعبى، ثالثا يجب أن تؤخذ الأقوال من افواه قائليها، فينبغى إذن على الذى يريد أن يجمع هذه المأثورات أن يذهب إليهم فى القرى وفى الصحارى والوديان، ويسجل منهم ما يريده، وعندنا فى السودان مجال واسع للباحث فى هذا اللون الشعبى، إذن فالنتجه إلى الحقول لندون أغانى الفلاحين والرعاه، ولنصغى إلى أغانى الآبار وحكاوى السمار فى الليالى المقمرة، والخاصية الرابعة أن تكون دراجة الأسلوب، فالشعر الفصيح لا يعد أدبا اللهم إلا إذا انطبقت عليه خصائص الأدب الشعبى كالتحريف والرواية الشفوية والعراقة " كحكاية ألف ليلة وليلة" مثلا وهنالك من يذهب إلى أن ليست الدراجة أو الفصحى هى المعول عليها فى الأدب الشعبى إنما المعول عليه هو بيان روح الشعب وترجمة حياته، ذكر الدكتور عبد الحميد يونس فى صدر كتابه عن "الظاهر بيبرس فى القصص الشعبى"
ليس بالضرورة أدب لهجات دراجة فان فى الآثار الفصيحة ما يمكن أن يكون شعبيا كما أن فى الآثار المكتوبة باللهجات الدراجة ما لا يستطيع باحث أن يضمه إلى نطاق الأدب الشعبى، وإنما المعول عليه بيان روح الشعب والترجمة عن حياته وأفكاره وآماله وأحلامه بالاسلوب الذى يعطى لكل هذه الأشياء حقها من التعبير".
ليس بالضرورة أدب لهجات دراجة فان فى الآثار الفصيحة ما يمكن أن يكون شعبيا كما أن فى الآثار المكتوبة باللهجات الدارجة ما لا يستطيع باحث أن يضمه إلى نطاق الأدب الشعبى، وإنما المعول عليه بيان روح الشعب والترجمة عن حياته وأفكاره وآماله وأحلامه بالأسلوب الذى يعطى لكل هذه الأشياء حقها فى العبير".
إذن أن دراسة اللهجات الدارجة ليست تعنى التقليد والاتجاه نحو العامية، إنما المقصود من دراستنا لأدب العامة هو استنباط قيم وقوانين تساعدنا على إدراك سيكلوجية المجتمع، ومدى ما يتمتع به من مميزات.
أقوال مما لا شك فيه أن التراث الشعبى من فنون وآداب شعبية يعبر عن الحياة بما فيها من أفراح وأحزان دون كذب أو رياء، فهو تراث فكرى لحياة الشعوب لما يتضمنه من قيم روحية، وفنون أدبية شعبية، وموسيقى ورقص، ومما يجدر ذكره أن التراث الشعبى فى الاصطلاح العلمى الحديث يشمل القصص الشعبية التى تنتقل من جيل إلى جيل، وهو تارة على هيئة أغاريد أو قصص موسيقية راقصة، هذا الانتاج الفنى الشعبى نسمعه فى الأغانى الشعبية، والأغانى الدينية، وقصص شعراء الربابة، والمداحين نسمعه فى أدب المناحة، وأدب الآبار، والمثل السائر. و الاحاجى وحكاوى الأطفال.
فالادب الشعبى إذن يؤدى إلى وظائف اجتماعية أهمها تكوين وخلق قوالب انفعالية وسلوكية تعين المجتمع على الاحتفاظ بتماسكه، ويقوم بوظيفة التربية، كما أنه يساعد على حل كثير من مشاكلنا الأدبية والفنية.
ونحن لا يمكن أن ننهض بآدابنا ما لم ننقب عن تراثنا الشعبى ، وننتفع بتاريخ الأجداد، أن تراثنا الشعبى جواهر ثمينة تغطيها الرماد فهو فى حاجة ماسة إلى الجمع والتبويب، وأنه بلا شك ثروة مليئة بامكانيات التطور.
إن التاريخ الحقيقى للسودان يكمن فى تراثنا الشعبى، وأن دراسة الشعب أصبحت مادة هامة للكشف عن نفسيته والتوصل إلى معرفة عقليته حتى ندرك المعانى والأهداف والأمانى والآمال التى يتوق إليها الشعب من أجل ذلك أصبحت دراسة الفولكلور مادة هامة تدرس فى الجامعات بل وجدنا من نال درجة الدكتوراه فى هذا اللون الشعبى فى العالم العربى ففى سنة 1957م صدر فى الخرطوم كتاب "الحاردلو شاعر البطانة" للدكتور عبد المجيد عابدين والأستاذ مبارك إبراهيم تناولا فيه حياة الشاعر وأعطيا فكرة ضافية عن الحياة فى البطانة حيث نشأ الشاعر، وقاما أيضا بشرح النماذج الشعرية، والكلمات الأقليمية العويصة.
وأصدرت الندوة الأدبية بأم درمان الجزء الأول " من روائع الشعر الشعبى" تضمن دراستين للدكتور عبد المجيد عابدين، والأستاذ محمد نور سيد أحمد.
كما قام مؤلف هذا الكتاب بوضع الجزء الأول من روائع أدبنا الشعبى فى سنة 1958م وقد تضمن الكتاب نماذج شعرية شعبية.
وفى سنة 1958م صدر كتاب " الأدب الشعبى فى جزيرة العرب" للاستاذ عبد الله أمين خميس تحدث فيه الكاتب عن الفنون الدارجة فى شبه الجزيرة.
وفى نجد صدر كتاب " الأمثال العامية فى نجد" وقد ضم ألف مثل فى شبه الجزيرة.
وفى مصر كتبت الدكتورة سهير القلماوى رسالة ضافية عن " ألف ليلة وليلة" وقدم الدكتور عبد الحميد يونس رسالته عن " الهلالية فى التاريخ والأدب الشعبى" كما أن الأستاذ رشدى صالح قام بتأليف كتاب " الأدب الشعبى" "وفنون الأدب الشعبى والشعر" "وفنون الأدب الشعبى والنثر".
ما يشترط فى الأدب الشعبى: أولا أن تكون الأصل فيه الراوية الشفوية فالاداب التى دونت ونسبت إلى قائل معين بحيث لا تختلف فيها الأفكار لا تعد أدبا شعبيا، ثانيا أن يعبر عن شخصية الجماعة لا الفرد فالتعبير النابع من فرد معين إنما هو تعبير ذاتى، وعلى هذا الاساس نستطيع أن نطلق على الشعراء الشعبيين الذين تناقلت الأجيال نتاجهم، وأضافت إليه شيئا من أفكارها على مدى الزمن نستطيع أن نطلق عليه أدبا شعبيا كملحمة هو ميروس، وحكايات ألف ليلة وليلة، وكأشعار الحاردلو عندنا فى السودان. وستناول فى هذه الدراسة الفنون القولية لأن الفنون الشعبية تشمل فنونا عديدة كالأغانى الراقصة والاساطير ، والرسومات القديمة والنقش وما إلى ذلك.
والفنون الشعبية كما حددها خبراء اليونسكو أربعة (1) النحت والتصوير (2) الفنون التطبيقية الشعبية (3) الموسيقى والرقص والتمثيل (4) الأدب والفنون اللفظية الشعبية.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأدب الشعبى في السودان (Re: Elkhawad)
|
الأدب الشعبى أداة تثقيفية وصور جمالية
فوائده:
وتشمل الفنون القولية:
فنون الشعر الشعبى، المواليا، الزجل، التواشيح، الدوبيت، الأغنية الشعبية، الأهازيج، أغانى الآبار، أغانى ترقيص الصبية، أغانى الفلاحين.
فنون النثر الشعبية، الملحمة ، السيرة الشعبية، أدب النواح، أدب المدائح، الأسطورة الأمثال والحكم، الاحاجى والقصص الخرافية، الألغاز والنوادر.
أن المجتمع السودانى عاش فترة من فترات حياته لا يملك زمام نفسه نتيجة للضغط الاستعمارى، فكانت له أمانى وآمال يتوق إلى تحقيقها نحسها فى أغانى الطفولة، والأهازيج، والزجل، واغانى الفلاحين والرعاه.
والآن تقلد الشعب السودانى زمام نفسه، فقد حان الوقت الذى يحقق فيه آماله وامانيه حتى يساهم بتراثه فى الحضارة الانسانية.
فالأدب الشعبى هو التاريخ للحياة المجتمعية أى التصوير الوجدانى لحياة الشعوب كما فى السيرة الشعبية ودراستنا للاساطير تمكننا من معرفة تطوير التفكير الانسانى، وإن العقلية السودانية وصلت إلى مستوى فكرى معين.
كما أن دراسة القصص الخرافية كالاحاجى مثلا تعتبر أداة تثقيفية هامة إذا أغضينا النظر عن النواحى التاريخية، فما لا شك فيه أن القصص الخرافية تتضمن معانى خلقية، ومثل وقيم اجتماعية بالاضافة إلى المعلومات الجغرافية كاسماء البلدان والنباتات والبحار والحيوانات والجبال والصحارى زيادة على ذلك أنها تزود الاجيال بمعرفة اصولها وقبائلهم التى انحدروا منها ودراسة الملاحم تبث الحماس وتذكى النفوس بالشعور القومى، فهى ربط الماضى بالحاضر كما أن أدب المدائح يكشف لنا عما يعتمل فى نفوس الشعب من أوهام ومخاوف حيث تتجسد تلك المخاوف فى الأمراض النفسية والجسمية والأزمات التى يتصدى لمجابهتها الدراويش والأولياء، فهم أبطال يدافعون الشرور فى نظر العامة. ودراسة الأمثال والحكم تفيدنا فى اكتساب تجارب الأجداد وخبراتهم. فهى بمثابة الشعارات التى توجه سلوك الأفراد، كما أن دراسة النوادر والألغاز تقوم بدور الترفيه عن النفس والتسلية. وإذا تركنا النواحى الموضوعية فدراسة الأدب الشعبى أيضا تفيدنا فى النواحى الجمالية كالصور الحية التى نلمسها فى الدوبيت والأزجال والتواشيح، والاهازيج ، وأغانى الفلاحين و الرعاه.
العادات والتقاليد الشعبية إن دراسة عادات الشعب وتقاليده تكشف لنا النقاب عن سيكلوجية الأفراد، وتعين الباحث التاريخى على التغلغل فى حياة الشعب حتى تكون افتراضاته مطابقة للواقع.
فالوقائع التاريخية ليست غاية الباحث إنما هى بداية، فان أى مجموعة من الوقائع لا يمكن أن تكون وحدها علما لأن القاعدة التى اتفق عليها جهابذة علم الاجتماع "بعد جمع الوقائع ابحث بعد ذلك عن العلة" والبحث عن العلة بالطبع يقتضى الاحاطة بعادات وتقاليد الشعب الذى هو موضوع الدراسة، ولقد شبه المؤرخ الكبير نيبور الشخص الذى يتصدى إلى كتابة التاريخ، شبهه بالرجل الذى يقبع فى حجرة مظلمة، اعتادت عيناه تدريجيا على الظلام، فهو بالطبع يرى ما بداخل الحجرة لأنه تكيف بالجو العام فى الحجرة، ولكن الشخص الذى دخل فجاة فانه لا يستطيع أن يدرك ما بداخل الحجرة.
ارجع فاقول إذا كان عالم الاجتماع ينظر إلى العادات والتقاليد الشعبية على أنها ظواهر برزت نتيجة لظروف اجتماعية، فان عالم الفولكلور ينظر إليها من زاوية أخرى، وهى أن دراسة العادات والتقاليد الشعبية تحفزنا إلى التكهن بما يعتمل فى نفوس الشعب من آمال وآلام وأوهام.
ربما تعجب ايها القارئ إذا علمت أن بعض العادات التى نتمسك بها إلى يومنا هذا تحمل فى ثناياها أوهاما وأساطير وعقائد وثنية توارثناها من قديم الزمان، ولكن سلطان العادة جعلنا نختلق لها مبررات حتى تلائم معتقداتنا الحالية، فمعظم العادات السودانية يرجع تاريخها إلى العهد الفرعونى حيث كان الفراعنة يقدسون النيل، ويعبدون الشمس، ويعتقدون فى طقوس ومعتقدات تلائم العصر الذى كانوا يعيشون فيه.
فعادة الختان الفرعونية خير برهان نستشف منه خضوعنا لسلطان العادة، فتمعن فى هذه العادة التى مازالت موضع الاعتبار فى بيئتنا السودانية التى تقول أن مة اجتاز البحر- ويقصدون به نهر النيل- يجب أن لا يدخل على المرأة النفساء حتى لا يجلب لها الشر، فتخرج هى أولا من الحجرة لتفسح لها المجال ليدخل هو، تسمى هذه العادة "بالكبسة" ولا يزال يوجد فى مجتمعنا السودانى من يعتقد فى شفاء ماء البحر ، نرى النسوة يذهبن فى أوقات الافراح والختان والنفاس وفى المرض إلى النيل، قارن بين هذه العادة وبين الطقوس الفرعونية القديمة حيث أنهم يعبدون النيل قارن بين هذه العادة وبين الطقوس الفرعونية القديمة حيث أنهم يعبدون النيل لأنه جالب الخير، بل انظر الى ذلك الطفل الذى يقذف باسنانه التالفة الى الشمس فيقول عند قذفها "هاك سن الحمار وادينى سن الغزال" ويشفع السن بقليل من حب العيش والفحم، أنه يعتقد فى رحمة الشمس حيث أنها تهب الخير.
وحبوب العيش والفحم رمز الى الخير وهذا اعتقاد وثنى لا محالة، كثيرا ما نشاهد بعض زوار المقابر وخاصة مقابر الأولياء عندنا فى السودان يدفنون النقود داخل قبر الميت، وقد يضعون بعض الخبز فوق القبر، قارن بينها وبين عادات الفراعنة حيث انهم كانوا يضعون الأكل والشرب والذهب داخل قبر الميت اعتقادا منهم بأن الميت سيبعث في قبره، وينتفع بهذه الأشياء، ونجد أيضا النسوة يشاهدون القمر في أول كل شهر عربي ويتفاء ابن برؤيته خيرا، قارن بين هذا الاعتقاد وبين اعتقاد القدماء في عبادة الكواكب.
ونسبة لآن مجال هذا الكتاب الفنون القولية فانني سأقتصر علي سرد بعض عاداتنا السودانية ممهدا للدارسين فيما بعد لعلهم يهتمون بهذا اللون . الشعبي الهام
. وهاك بعض عاداتنا السوادنية:-
· تضع المرأة السودانية فتلة خيط حمراء بين ضفائر شعرها حتي تكف العين .
هنا لك اعتقادا شائع " أن من ارتدي معطفا أحمر سيشفي من الأمراض .
إذا رفت عيني أحد فانه لا محالة سيرى شخصا غريبا.
من يستحم في وقت الغروب فانه معرض للأمراض.
من ينام في مدخل المنزل أو علي الكراب- مؤخرة السرير – معرض للشر.
ان مات سالت القهوة فجأة علي ملابسه فانه سيصيب مالا. ان من استقرت في ملابسه حشرة تشبه الذبابة في شكلها فإنه سيرتدى ملابس جديدة .
من شعر بتنميل في يده سيصيب مالا . من ارتدى معطفا أحمر فانه سيشفي من الأمراض.
نجد المرأة السودانية كثيرة التشبث بالأولياء والدراويش تنقرب اليهم بالذبائح وتخيط لهم الرايات البيض .
شرب اللبن في الظلام يجلب الشر .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأدب الشعبى في السودان (Re: Elkhawad)
|
الدوبيت السودانى
الشعر الشعبي نوعان الدوبيت الفارسي المعرب وهو فن حضرى نقله العرب المشارقة في العصر العباس من الفارسية إلي العربية ، وقالوا أن دوبيت كلمة فارسية معناها البيتان.
الدوبيت الرجزى وهو قد نشأ في البادية ولا يزال أشهر أنواع الدوبيت بين السودانيين، وقد علل المؤرخون أن الرجز نشأ مقترنا بنغمات سير الجمل إذ يخفف عن الجمل وراكبه مشقة السير الطويل ، ذكر الأستاذ محمد نور سيد أحمد من القاب الشعراء الشعبيين، والراوي هو الذي يقول الشعر من وجدانه ومن يحفظ شعر غيره أيضا يطلقون عليه " راوي"
اللبيب هو الذي يقول الشعر ويغيبه بنفسه ويرويه غيره.
المادح هو الذي يقول المديح أو يرويه عن غيره في الشئون الدينية، كمدح النبي والأولياء ومشايخ الطرق في أذكارهم .
النميم هو الذي يترنم بالدوبيت.
وعلل المؤرخون منهم الدكتور عبد المجيد عابدين في كتابه " تاريخ الثقافة العربية في السودان" عللوا أن دخول الدوبيت في السودان تم بواسطة رجال القوافل بين مصر والسودان عن طريق د نقلا غربا وأخري عن طريق اسيوط الفاشر " درب الأربعين " .
الحاردلـــو حينما تتحدث عن الشعر الشعبى في السودان أول شعار يتراءى لنا الشاعر السوداني الشعبي محمد أحمد ابوسن الملقب بالحاردلو ولقب محمد أحمد ابوسن بالحاردلو في سن الأربعين نسبة لانه كان حاد المزاج يثور لانفه الامور فاشتهر بين قومه بالحار ولما تولي منصبا اداريا فقد ثار عليه الأهالي وطالبوا بانزاله من هذا المنصب الحار دلو أي الحار طباعه أنزلوه، ولد الحار دلو سنة 1820 م وتوفي في سنة 1917 وقد كان والده أول مدير لمديرية الخرطوم.
والحاردلو من قبيلة الشكريه، وهي قبيلة عربية عريقة ، قدم الشكريه إلي السودان في أوائل القرن الخامس عشر وسكنوا حول جبل قيلي .
وقد عاصر الحاردلو الخليفة عبد الله التعايش وقضي فترة من حياته في ام درمان وشاعرنا الحاردلو وصف في شعره جمال البادية، وتغني بالشجاعة والكرم، أما في الكرم فإنه مثله الأعلى ينصب في هذا الشخص الذى يقول فيه .
ما أكل حلو بيتو والمعاه جيعان
وما لبس الرفيع والمعاه عريان
مامون السجايا اليستودع النسوان
ضباح الخلايا عشا الضيفان
وأما في الشجاعة فقصيدته الشبل المستضعف خير نموذج لقوة الوصف، يعلل الاستاذ حسن عباس صبحي أن الشبل المستضعف هو رمز إلي الشعب السوداني في تلك الفترة العصبية التي عاشها تحت ذل الاستبعاد، وهو بلا شك تعليل مقبول، فالحاردلو شاعر سوادني عريق، انفعل بالحوادث التي المت بقومه، فكان شعره مرآة تعكس البيئة السودانية.
يقول الحاردلو واصفا الشبل المستضعف.
جابوك للسوق ساكت درادر ضيعه
وامك في الحريم ماها المره السميعة
نثرة ناس أبوك اللي رجال لويعة
وإت كان كبر جنبا تقلب البيعة ***
جابوك في السوق ساكت وللفراجة
وأمك في الحريم مرة بتقضي الحاجة
كفتت ناس بوك للعافية ما بتتعاجة
وإت كان كبر ما بتنجلب لخواجة .
أما في الوجدانيات فشاعرنا الحاردلو له جولات وصولات في التغزل في الحسان، وشعره يعتبر تخليدا للمقاييس السودانية في النواحي الجمالية للمرأة السودانية، ولكي لا نطيل علي القارئ الكريم نكتفي بهذه اللوحة الفنية التي يصور لنا فيها الشاعر جفلة معيز البطانة في وقت الأصيل، يصور لنا الشاعر احاسيسه ومشاعره والحسرة تملأ نفسه، والحرقة تلهب عواطفه المشبوبه عن مدى تشوقه إلي منظر المعيز، تلك الظباء التي تعود الشاعر أن يلتقي بها في وقت الأصيل يستأنس بجمالها الخلاب.
الليلة المعيز ماظنى أنا ملاقيهن
ناطحات البطين أدن قليلة قفيهن
سمعن طنت الشادى وكتر صنفيهن
وعند اللاصفرار جلفن بشوف لصفيهن
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأدب الشعبى في السودان (Re: Elkhawad)
|
الأغنية الشعبية
لقد جبل الانسان منذ بداية الخليقة علي التعبير والوصف ، فأخذ يعبر عن أحاسيسه ومشاعره تجاه الحياة بوسائل من النغم و الايقاع .
والأغاني الشعبية تمتد الي فجر الحضارات القديمة لدى الاغريق والمصريين والرومان، ويرى الباحثون في هذا الفن أن الأغنية الشعبية ما هي إلا وسيلة للفكرة القومية، والتعبير الذاتي الصادق عن النفس الانسانية.
إذن لا غرابة إذا وجدنا أن الدوائر الأدبية في هذا العصر توجه عنايتها نحو التراث الغنائي الشعبي.
ومما يجدر ذكره أن المقصود بالأغاني الشعبية تلك الاغاني الجماعية التي تتناقلها الأجيال كأغاني السيرة وأغاني الأعراس.
والغريبة أن كثيرا من الباحثين ما يخلطون بين الشعر الشعبي، وبين شاعر الشعب، في الواقع أن هنا لك فرقا كبيرا بين المعنيين، فالشعر الشعبي هو شبه الاسطورى الذي تناقلت الاجبال نتاجه، وأضافت إليه ما يلائم عصرها، بينما شاعر الشعب هو الذى يعبر عن أفكاره تعبيرا ذاتيا، وربما يكون هذا التعبير باللغة الدراجة، فليس كل من قال شعرا عاميا هو شاعر شعبي في الاصطلاح العلمي.
الفن الشعبي اذن هو فن الجماعة ينفذ إلي القاع فيعبر عن الخواطر والخلجات النفسية المترسبه في اعماق الحضارات البشرية، فهو تعبير تلقائي يتسم بالعفوية، وليس له قواعد أو أجرومية تضبطه، فكلما صب النتاج الشعبي فى قوالب فنية معينة كلما ابتعد عن الطابع الجماعي الذى يميزه عن الفن المثقف .
لقد فرق علماء الفولكلور بين الفن الشعبي، والفن المثقف، فضربوا مثلا بالسمفونية التي تعزفها الأوركستر فهي تخضع لأجرومية الموسيقي، بينما المقطوعات الموسيقية الشعبية تكاد تكون تلقائية لا يراعي فيها الناحية التكنيكية التي تصبغ الموسيقي المثقفة.
لقد تناولت الأغنية الشعبية السودانية معان متنوعة، تنازلت الغزل كما في الأغاني الراقصة، وتناولت التغني بالكرم البرمكي. والشجاعة كما في أغاني السيرة.
انظر إلي هذه الأغنية الشعبية التي تمجد فيها المغنية العريس؛ وتصفه بالكرم والشجاعة، انطلق صوتها الحنون يتموج مع ضربات الدلوكة تردد:
يالحييت سنن البرامكة
عاجبني طول أيدو سامكة
ياليله هوى النعيم دراج للمتابكه
النعيم ودليلة القدر
دوكت بتقح مرحا كته بتكر
وقدحه للسرحان يجر .
وهذا النعيم لا يبخل بالعيش حتي في أوقات الشدة. ولا يخشى نفاذ الرزق لانه يتمتع بالكرم الأصيل لا الكرم المزيف الذي يقصد به استغلال الغير. واكبر دليل علي ذلك أنه فتح ديوانه للجميع في احرج الأوقات :
وقت العيش طلبه حر
لوريه بالسكه كرة
وقت العيش بقي معدوم
فتح ديوانه ستة خشوم
وقت العيش بقي بالقبض
النعيم حاشاه ما جحد
فتح ديوانه وقعد.
وانت استحققت يالنعيم درجة سير وهي كلمة انجليزية معناها سيد فأنت ايها السيد ركزه للضعيف تستحق هذا اللقب دون نزاع .
تموليك سير ياركزه ماك توتيل
سموك السما دربك زلق حدير
سموك القرش قلب السفينة أم دير
مبروك عليك يالضو صباح الخير.
فأمثال هذه الأغاني الشعبية التي تتضمن معاني الكرم والشجاعة في بلادنا. هي بلا شك تدفع الشباب نحو الشجاعة وعزة النفس. والعفة والكرم. حتي أنهم يندفعون في حلبة الرقص. ولا يحسون بضرب السياط علي ظهورهم في ما يسمي " بالبطان "
والبطان يرمز إلي الشجاعة والاعتزاز بالنفس. وهو من العادات التي في طريقها إلي الانقراض.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الأدب الشعبى في السودان (Re: Elkhawad)
|
الأمثال الشعبية
قال ارسطو" كأن الأمثال متخلفات حكم قديمة ادركها الخراب، فسلمت هي من بين تلك الحكم لمتانتها وجزالة الفاظها" .
وقال سرفنتيس " المثل زبدة اختبار طويل مفرغة في قالب صغير" ويحضرنا في هذا المقام أن نذكر جهابذة العلماء العرب الذين دونوا الأمثال العربية الفصحي، والعامية، أمثال ابن عبد ربه في كتابه العقد الفريد ، وأبو هلال العسكرى في كتابة " جمهرة الأمثال " والميداني في كتابة المسمي " مجمع الأمثال" حيث أنه جمع فيه مايربو علي ستة آلاف مثل، كما لا يفوتنا أن نتعرف علي كتاب المؤرخ الكبير نعوم شقير" أمثال العوام في مصر والسودان والشام " طبع في القاهرة سنة 1894 م.
هذا السفر القيم ضم باقة من الأمثال في السودان ومصر وبلاد الشام مرتبة علي حروف المعجم، وفهرسها بمعجم ضمنه الغريب من الألفاظ كما قام بشرحها. كان نعوم شقير يدون الأمثال كما يسمعها من أهلها، فجعل بابا للأمثال الشامية، وبابا للأمثال السودانية ، وآخر للأمثال المصرية، وقد لا حظ إن الأمثال عند العوام كثيرا ما ترجع الي حكاية ثم تصير مثلا سائرا " قالوا في حكاية المثل المعروف وهو" ابوك خلف لك ايه يا جحا قال جدى ومات " إن جحا اجتمع برجل علي مائدة، فاراد الرجل أن يشغله عن الطعام ليصيب الحصة الكبرى فقال له " أبوك خلف لك ايه يا جحا" فادرك جحا قصده واقتصر القصة، وقال " جدى ومات "
اقوال إن كتاب " أمثال العوام في مصر والسودان والشام " يعتبر ذخيرة أدبية قيمة ، فمؤلفه كان علي دراية تامة بعادات ولهجات البلاد التي كتب عنها، يقول نعوم شقير في مقدمة كتابة " كان الغرض من هذا الكتاب الاحاطة بكل ما تجب معرفته عن هذه البلدان الثلاثة، وفي التاريخ والجغرافية ، والأخلاق، والعادات ، والخرافات . واللغة والآداب،ونحو ذلك.
وكانت الأمثال من أهم ما تجب معرفته من آداب القوم، اذهي مراه تنعكس منها اخلاقهم، وعاداتهم ،وشاهد عدل علي حالة اختلاف طبقاتهم، ونحلهم، فجمعت من أمثالهم اكثر من عشرة الاف مثل انتقيت منها هذه المجموعة، وهي تشتمل علي 4494 مثلا ، منها 1425 مثلا شاميا و 1526 مثلا مصريا و 533 مثلا سودانيا، فجاءت اكبر مجموعة ألفت في الأمثال العامية الي هذا اليوم – يقصد في سنة 1894 م – وسميتها " أمثال العوام في مصر والسودان والشام " ولاحظ أيضا نعوم شقير تشابه الأمثال في البلاد العربية، وقد علل التشابه " بأن العادات التي نشأت منها الأمثال في جميع العصور والبلدان هي عادات واحدة ، وهي عادات عربية، كما أن الاتصال التجاري، والكتب والجرائد العربية، التي لم تزال متداولة في البلاد العربية، قد تأثر بها العامة وحرفوها علي اختلاف بيئاتهم الجغرافية والثقافية.
والشئ الذي نأخذه علي نعوم شقير هو ترفعه عن الأمثال الدائرة علي السنة الرعاع، وذلك لمسماجتها، وانحطاط الفاظها كما يعتقد، وإغفاله لهذا الجانب الشعبي الهام الذي يعكس تجارب الشعب وأمانيه في تلك الفترة ذلك لأن المثل الشعبي الذي ينبع من البيئة هو الذي يفيدنا في مجال دراستنا الفولكلوريه، ثم إن ترك هذا الجانب الشعبي من الأمثال لا يسلب الكتاب قيمته، فهو محاولة جادة ومفيدة للباحثين، بل انني لأعجب كيف لا يتعرض له علماء الفولكلور في مؤلفاتهم العصرية .
فالمثل الشعبي اذن هو خلاصة تجارب، وخبرات صبت في كلمات موجزة تؤدي في مناسبات تفتقر إلي مثل هذه الشعارات الحكيمة. والأمثال من صميم الأدب الشعبي، لأنها تتضمن معاني خلقية ، واجتماعية تكشف لنا عن سلوك الفرد في المجموعة التي ينتمي اليها، فنحن عندما نفشل في اقناع شخص اقناعا عاطفيا، فاننا غالبا ما نلجأ إلي المثل الشعبي حتي يعبر عن التجربة السابقة في الحال، وطالما تعارف الناس علي أوضاع اجتماعية، وسمات خلقية معينة، فإن المثل يؤثر فيهم تأثيرا بالغا.
والمثل الشعبي قد يستعمل لأغراض تعليمية، فتارة يكون علي شكل نصيحة، وتارة يكون نقدا لازعا، واداه للتشهير والسخرية تماما كما تعالج النكتة المصرية الأوضاع التي لا تتفق مع رغبة الجماعة ، وبعض الأمثال تتسم بروح الفكاهة فهي عبارة عن صورة كاريكاتورية.
ولدينا الآن نماذج من الأمثال الشعبية السودانية تمثل الأغراض التعليمية كمثل" راكوبة الكضب هديمة وبيت الصح يقيف لا ديمة "
درب السلامة للحول قريب " صنعة في اليد أمانا من الفقر"
والأمثال النقدية اللازعة كمثل " عينك في الفيل وتطعن في ضله ؟ ! "
يضرب للشخص الذي يجبن عن مجابهة الواقع ، فيتعلق باسباب واهية لائمت إلي الأصل بصلة، ومثل " غلفه وشايله موسي تطهر" يضرب للشخص الذي يحث الناس علي فعل شئ، بينما هو نفسه لا يقدم علي فعله. أما المثل الكاريكاتورى كمثل " الضايق عض الديب بخاف من مجر الحبل " يضرب للشخص الذي يلوذ بالفزع والفرار كلما ألمت به حادئة طفيفة .
من هذا نتبين أن المثل الشعبي أداة تعليمية لها خطرها في المجتمعات البشرية بقي لنا أن نتساءل كيف نفسر تشابه الأمثال، واتحادها في المعني في معظم البلاد العربية، بل اننا قد نجد أمثال ، من الهند والصين أو من البلاد الأوربية تتشابه في المعني؟ وللجواب علي ذلك نقول أن علماء الفلولكلور أرجعوا هذا التشابه أو الاتحاد في المعني؟ وللجواب على ذلك نقول أن علماء الفولكلور أرجعوا هذا التشابه أو الاتحاد فى المعنى إلي ناحيتين(1) الهجرات (2) وحدة التجربة.
الهجرات: مما لاشك فيه أن السودان دخلته هجرات عربية وغير عربية، من الجزيرة العربية ومصر، وبلاد المغرب، فلا يستبعد أن تكون تلك الهجرات قد حملت معها تراثها الشعبي الذي ضمنته المثل الشعبي، ولذلك تجد تشابها قويا بين المثل السوداني والمصري والسوري ، والعراقي .
وحدة التجربة: فسر علماء الفلولكلور ايضا هذا الاتحاد في الأمثال، أو التشابه بأن أي مجموعة من البشر لها تجاربها الخاصة، وخبراتها في الحياة فقد يحدث أن تتفق الشعوب في المعاني التي تضمنها الأمثال الشعبية . والسبب في ذلك هو وحدة التجربة الانسانية، وهذا لعمري أوضح تفسير يمكن أن نستفيد منه ليس في مجال الأدب الشعبي فحسب ، بل في المجال التاريخي أيضا، لأن فكرة التأثر غالبا ما تفقد عاداتنا وتقاليدنا الأصالة ، وتطبع تفكيرنا بالسطيحة والجمود.
فمثلا نجد الانسان العادي في الجزيرة العربية أكتوى بنار هذه التجربة التي تقول " من حفر حفرة لأخيه سقط فيها " والسوداني العادي أيضا عاش هذه التجربة في بيئته الخاصة، فعبر عنها بأسلوبه الخاص قائلا " التسوى كريت في القرض تلق في جلدها " وهكذا نجد أن المثل الشعبي السوداني عبارة عن سجل خالد للعادات والتقاليد والتجارب التي عاشها الانسان العادى في سالف عهده.
| |
|
|
|
|
|
|
الادب الشعبي (Re: Elkhawad)
|
الأخ الخواض كم هو رائع تقديمك لكتابات المؤلف عزالدين أحمد حسن عن الادبالشعبي في السودان ... قرأت كثيرا بعض الكتابات عن الادب الشعبي لكنك الان افضت ...فلك كل التفدير ... فحقيقة يحتاج الادب الشعبي لمثل هؤلاء الذين يكرثون وقتهم في دراسته...ولامثالك الذينيجتهدون في نشر ذلك وتقديمه للاخرين...... وهنا شباب ما يزال يجوس قفرآ بعـــد قفر متحرق أبدآ الي شئ.. الي مــا لست ادري ! ....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الادب الشعبي (Re: malaz)
|
يا سلام عليك يخواض الله يديك العافيه اتحفتنا بهذا الاديب الرائع الاستاز عز الدين احمد حسن لك منى كل الاحترام
| |
|
|
|
|
|
|
لله درك يا خواض (Re: Elkhawad)
|
ابن العم الخواض
لك الشكر على هذا المجهود الطيب
جميل منك ان تتحفنا بروائع من الادب الشعبى السودانى و الذى هو بكل المقاييس تراث فنى ثرى لحد الاشباع و التخمة
حقيقة نعانى منها فى السودان ، وهى اعتمادنا على الشفاهية و المشافهة فى كثير من الامور المهمة و التى تحتاج الى توثيق علمى ... و للاسف فأن مواضيع مثل الادب الشعبى تعتمد الى حد كبير على الرواية الشفهية غير المدونة ... وذلك منشأ الخطورة اذ لا يمكن الاعتماد فى تراث شعب كامل على مجموعة اشخاص معرضين للفناء فى اى لحظة ليندثر من بعدهم مكنونات و درر تمثل جزء اصيل من تاريخ امة فذة
و لذلك تنبع اهمية الكتاب الذى تستعرضه لنا مشكورآ من انه ، و بغض النظر عما يحتويه ، يعتبر اضافة حقيقية للمكتبة السودانية الفقيرة جدآ لمثل هذه الاسفار
واصل اخى الخواض فى الاستعراض لهذا الكتاب ... فنحن نتابع بكل النهم و الشغف و الشره
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لله درك يا خواض (Re: KOSTA)
|
اختنا ملاذ ديل هم اهلنا البنفخر بيهم وده ادبناالمضروض نعرفو عشان نعرف مستقبلنا وا ما عندو قديم ما عندو جديد
كولا تسلم حبيبنا وربنا يقدرنا ونقدر ننشر كل ما بين ايدينا ونعرف ادينا قبل ما نفكر نوريه للناس
ود العم كوستا سيد البشاشه
Quote: فنحن نتابع بكل النهم و الشغف و الشره |
براحه علينا لو سعرته بنجري نخليكم
تسلم لينا وتابع الحلقات الجايه
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لله درك يا خواض (Re: Elkhawad)
|
الاخ الكريم الخواض لك من الشكر اجزله ومن التقدير اعظمة ووالله يديك العافية على ماقمت به من عمل رائع ومجهود مقدر انشاء الله
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لله درك يا خواض (Re: Elkhawad)
|
أدب المدائح
يعتبر أدب المدائح من صميم الأدب الشعبى لأنه يعكس لنا المعتقدات الدينية والأوهام والمخاوف الغيبية التى سيطرت على العقلية السودانية فى فترة معينة فنستطيع أن نتعرف على المعانى الخلقية التى عملت على توجيه سلوك الفرد . وأدب المدائح مادة غزيرة تمكن الباحث من التوصل إلى معرفة نفسية الشعب من آمال وآلام وأمانى . ولا شك أن البيئة الزراعية وما يصحبها من تخلف فكرى لها أثر فى دفع الفرد إلى الإيمان بالغيبيات لان الفرد فى المجتمعات البدائية غالباً ما يعجز عن تفسير ظواهر الكون يخفيه قصف الرعود والعواصف فهو فى صراع دائم مع الشر ، حياته مليئة بالمخاوف والأوهام ولذلك يلجأ على الإيمان بالغيبيات فيجد لذه روحية وطمأنينة فى حياته . والمدائح التى يفيض بهال كتاب " الطبقات فى خصوص الأولياء والصالحين والعلماء والشعراء فى السودان لمؤلفه الشيخ محمد ضيف الله بن محمد الجعلى الفضلى المتوفى سنة 1224 هجرية ، خير برهان على ذلك . أن تلك المدائح تكشف لنا عن نفسية الشعب السودانى فى الأزمان الغابرة من خلال المعتقدات الدينية وتقديس الأولياء والدراويش . ولدينا الآن نموذج حى لأدب المدائح فى السودان وهى قصيدة للسيد محمود الفاضل شيخ حلة المعدلاب مجلس ريفى سنار شرق الكواهله وهو من محبى الشيخ المكاشفى ، والشيخ المكاشفى من كبار الأولياء فى السودان وقد توفى منذ عهد قريب اشتهر بالعلم والزهد وملأصيته الآفاق وقد عالج اناساً كثيرين من الذين يعتقدون فى كراماتة وله " حيران " يتمتعون بكرمة الفياض . نذكر هذه القصيدة هنا لأنها تناقلتها الألسن فهى تكاد تكون ملحمة دينية تصور بطولات الشيخ من علم وزهد وورع وكرم فياض . فالمادح يشكو آلماً ممضاً فى رجله ، وبعد أن عجز فى علاجها اتجه إلى الشيخ المكاشفى حتى يزيل منه الألم ويناجيه من بعيد فى حسرة قاتلة .
يا سماع بعيد بلد الواحيه
خيل الشيخ سراع لصيحة الهوية
ما كشفت الكراع سوت الحكية .
وهنا يتوسل له المادح ويشكو له فقره المدقع .
الزمن طويل والسنة قوية
الحمل تقيل والكسب شويه
والمادح كأنه يحاول ان يقنع نفسه بأن ذلك الشيخ الجليل الذى يهلل فى الثلث الأخير من الليل والذى سبق ان عالج القوب والبرص تلك الأمراض التى عجز الأطباء عن علاجها لابد ان يجد عنده العلاج لأنه ولى يخلص لله ، فلماذا لا تستجاب دعوته .. ؟؟
فى التلت الأخير اسمعوا تهليله
القوب و البرص داوتن حفيره
يمشي بي كرعية و يسبق البطيرو .
و ينتقل المادح يعبر عي اعجابه بالشيخ فهو قد اقتنع بان الشيخ لن يطالبه باجرة العلاج لانه يعين الفقراء ، ويضمد جروح المعوزين .
عاجبانى طبيعته السمحة وظريفة .
ما دار الملك ما تتاوق للوظيفة ما كلف حور داير القطيفة وجسمه بضوى غير صابون وليفة .
البزور بجنيه والبلدى عند النادر واحد ما فرز واحدين .
والشيخ الذى يستفرع فيه المادح كل معايير المدح والإعجاب ويصفه أيضاً بانه يكف عينه عن الهدايا ومع ذلك يحل المشكلات العويصة ، فهذا ما لفت إليه الأنظار ، وجعل الأقوام تهاجر إليه من كل فوج عميق .
عينه ما بتلا حظ لى قرش الهدية
وما بتنفك غيره الشبكة القوية
جالب القيمان من بلود أم بادر
مجمع الأرواح فى مسيد النادر .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لله درك يا خواض (Re: Elkhawad)
|
أدب النواح
النواح هو بكاء الموتى . وتعداد ماثرهم وفضائلهم والتعبير عما يحس به الرائى من حزن تجاه الفقيد . ولقد كان النواح معروفاً عند العرب فى الجاهلية والإسلام. ويقال ان بعض المغنين كانوا فى مبدأ أمرهم نائحين كابن سريج والغريض والنواح هو غرض له أهميته فى المآثر الشعبية إذ أنه سجل لحياة الاموات فهو يصف الفضائل الحميدة كالكرم والشجاعة والمروءه وبالتالى له أثره فى المجال الخلقى والتربوى لأنه يرفع من الروح المعنوية والرائى كأنما يخض غيره على التمسك بالفضائل التى يرددها فى مصابة الأليم .
وأدب المناحة فى السودان يجب أن تكون موضع اعتبار الباحثين بصفة خاصة فنحن إذا تعمقنا فى المعانى التى تلهج بها النائحه نجد انها تعدد المآثر الحميدة والعادات الأصيلة التى عاشها الشعب السودانى فى فترة من فترات حياته فى السودان جماعية أكثر منها ذاتية أى أننا قلما نعثر على المؤلف الحقيقى للمرثية فغالباً ما تصل إلينا قد علمت فيها عقول الأخرين وتناقلتها الأجيال واضافت عليها مما يلائم حياتها فاستمع إلى هذه الماحة وهى من غرب السودان تذكر النائحة الصفات الكريمة التى كان يتحلى بها موسى ذلك الرجل الذى كان مفحرة القبيلة والذى فاحت ذكراه العطرة من غرب السودان حتى تناقلتها بنات بربر فى الشمالية لقد اشتهر بالشجاعة والعفة وسمو الخلق .
حليل موسى يا حليل موسى حليل موسى اللى رجال خوصة
حليل موسى يوم ركب دفر طلع ظيته شال بنات بربر
حليل موسى مابيا كل الملاح أخضر
حليل موسى ما بشرب الخمر ويسكر
وهنا تصل النائحة إلى القمة فى وصفها للشعور بالحرفة والفراق عبرت عن مندى قلقها ومخاوفها النفسية فى اسلوب يذيب المهج ويستدر العطف .
الليل امس ما بشوف بل يوم فوقنا الحرب تنقلى
الليل أمس ما بشوف زينه ويوم فوقنا الحرب بالزينا
يوم جانا الحصان مجنوب وفوق ضهرو السليب مقلوب
ابكن يا بنات حى وب
حليل موسى ياحليله اليوم حوشة القرقرو البعشوم.
قال الشريف عبد الله ود الفاضل :
زايله وهل هل يالدالى الماك شقير
العد الروى الماقطط النشال وحملك كان تقيال يا اب آمنة ما بنشال
زايله وهل هل يالدالى الماك شقير
يبكنك بناتا جدول دموعن سيل
وهمد ضوهن جضن هوية ليل
زايلة وهل هل ..
يبكنك بناتا ملصن التيلة
حكم السيد رضا لا قدره لا حيله
زايلة وهل هل ..
ومما يجدر ذكره أن ادب المناحة فى السودان على صله وثيقة بالأدب العربى وخاصة الأدب الشعبى العربى القديم فنجد هذه الشاعرة التى ترثى خالها تذكر انه خير من اكرم الضيف وأنه كان يخوض غمار الحروب لا يخشى بأس العدو تقول
يامر ياخير أخ نازعت در الحلمه
ياخير من اوقد للأضياف نارا جحمة
ياجلب الخيل إلى الخيل تعادى إضمه
يا قائد الخيل ومجناب الدلاص الدرمه
سيفك لا يشقى به إلا العسير السمة
جاد على قبرك غيث من سماء رزمه
| |
|
|
|
|
|
|
|