|
طريقة جديدة لإنتاج البترول .. فى مملكة شتاريا العظمى !
|
... هو البترول إذن ..! كل هذه السيارات الجميلة , التى تجري مسرعة على طرقات نظيفة ومرتبة وواسعة.. وكل هذه الوجوه النضرة , المستبشرة , التى تنعم بالعيش الرغيد , والحياة الميسرة , والأمنيات المحققة.. كل هذه المباني العالية , وهذه الحدائق الواسعة النضرة .. وهؤلاء الفتيات الجميلات , وهذا الحضور الاحتفالي , والصخب , وضجيج السعادة , وإشراق الحياة.. نعم .. إنه البترول إذن ! ولكن .. ما هو البترول إذن.. ؟! يبدو ان هذا السؤال العجيب قد خطر فجأة للملك الأعظم شتيار , ملك مملكة شتاريا العظمى , بينما كان يشاهد التلفزيون الذى يواصل عرض لقطات من الحياة فى تلك البلاد البترولية , فاعتدل فى جلسته , وأصلح من وضع التاج الأصفر على رأسه , وقد ملأت عقله فكرة واحدة : أن يعرف ما هو هذا البترول , وما أصله , ومن أين يأتي ..! وكان الملك شتيار قد أغضبه ان بعض بلاد الدنيا بها هذا البترول الذى يجعل الحياة فيها سعيدة , بينما لا يوجد هذا البترول الغبي فى مملكة شتاريا العظمى !. وهكذا قرر الملك شتيار الأعظم ان يعرف كل شيء عن هذا البترول تمهيدا لصناعته فى مملكة شتاريا , فأعلن فى الحال عن جلسة طارئة , وجمع وزراء مملكته جميعاً , فحضروا وأدوا مراسم الطاعة والتبجيل للملك شتيار , ثم جلسوا , فقال الملك شتيار :
- تعلمون يا وزرائي الكرام ان هنالك مادة اسمها البترول , ورغم أنني اعرف كل شيء يدور فى هذه المملكة , الا اننى اعجز عن معرفة ما هى هذه البترول ! وكيف يصنعونه , ولا أدري لماذا لا نملكه مثل بقية البلاد , وقد جمعتكم لأعرف كل شيء عن البترول , حتى نتمكن من صناعته فى مملكتنا , فيصير لدينا مثل ما لديهم من القصور الكبيرة والفتيات الجميلات !!.
صمت الوزراء جميعا , وهم يستمعون الى الملك شتيار فى خوف ورهبة , بينما أعينهم تسترق النظر الى ركن بعيد حيث يربض النمر الملكي المفترس الذى يلتهم كل من يغضب منه الملك الأعظم شتيار , وبينما هم صامتون صاح فيهم الملك شتيار :
- فليتكلم كل وزير منكم بما يعرف عن هذا البترول ! ورغم ان مملكة شتاريا العظمى لم يكن بها بترول أصلاً , الا انه كانت توجد بها وزارة للبترول , وهكذا كان وزير البترول أول المتكلمين , فقال : - ان البترول أيها الملك الكريم هو مادة سوداء ثمينة , تنتجها دول محظوظة , وأنا أحرص أشد الحرص على السفر الى تلك الدول بين الحين والحين , حتى ننال منها الحظوة , ونحسن علاقات مملكتنا معهم , فننال نصيبنا من كرمهم ومن استثماراتهم , ومن بترولهم !
ولم يعجب كلام وزير البترول الملك شتيار الأعظم , فأمر بأن يلقى الى النمر الملكي المفترس , ليمزقه لحماً لحماً لحماً ..!
ثم التفت الملك شتيار الى وزير المال والاقتصاد وسأله عن البترول , فقال : - ان البترول يا مولاي الملك الأعظم هو تلك المادة التى نستوردها من بلاد بعيدة , فنبيعها بسعر ذكي لأصحاب السيارات والطيارات والركشات , فنكسب أموالا كثير نضعها فى الخزانة الملكية الكريمة لجلالتكم ! ولم يعجب كلام وزير المال والاقتصاد الملك شتيار الأعظم , فأمر بأن يلقى الى النمر الملكي المفترس , ليمزقه لحماً لحماً لحماً ..!
ثم التفت الملك شتيار الى وزير الدفاع والجيش , فسأله عن البترول , فقال : - يا سعادة الملك المفدى , اعلم جلالتكم ان البترول إنما هو مادة نضعها فى خزانات الدبابات فتتمكن من السير , فيذهب بها جيشنا الباسل ليدمر أعداءك من فئات الشعب الغبية , التى لا تعرف شرف ان تكون خادمة مطيعة لسلطان الملك المفدى شتيار الأعظم ! ولم يعجب وزير كلام الدفاع والجيش الملك شتيار الأعظم , فأمر بأن يلقى الى النمر الملكي المفترس , ليمزقه لحماً لحماً لحماً ..!
ثم التفت الملك شتيار الى وزير الرعاية الاجتماعية والأطفال , وسأله عن البترول , فقال : - يا أخي الكريم الملك المفدى , ان البترول هو المادة الأساسية التى نعتمد عليها فى وزارتنا , فلولاه لضاع الكثير من الأطفال الذين نرعاهم , فهم يعمدون الى هذا البترول , فيستنشقونه , ويشمونه , حتى ( يسطلوا) , ويغيبوا عن الوعي , فلا يزعجون جلالة الملك , ولا حكومته الراشدة الرحيمة ! ولم يعجب كلام وزير الرعاية الاجتماعية والأطفال الملك شتيار الأعظم , فأمر بأن يلقى الى النمر الملكي المفترس , ليمزقه لحماً لحماً لحماً ..!
وتوالى سؤال الملك شتيار للوزراء عن البترول , وتوالى إلقاء الوزراء الى النمر الملكي المفترس , ثم التفت الملك شتيار الى وزير الأمور الدينية , وسأله بلغته التى لا تقبل التصويب : - أيها وزير الأمور الدينية ! لم يبق الا أنت , فهل تعلم ماهو البترول , وما أصله ؟ وشعر وزير الأمور الدينية بالخوف من النمر الملكي المفترس , فقال : - بوركت وجزيت خيراً يا جلالة الملك الأعظم , فأعلم يا أخي الكريم , ان أصل البترول هو ما يسمى بـ ( وأد البنات) ! واندهش الملك شتيار من هذه الإجابة , وسأل بلغته التى لا تقبل التصويب : - وكيف ذلك أيها وزير الأمور الدينية ؟! فأجابه الوزير بقوله : - واقع الحال يا ملكنا الكريم , ان القوم فى تلك البلاد المنتجة للبترول , كانوا منذ قديم الزمان , عندما تولد لهم بنت , يدفنونها وهي حية , فنتج عن ذلك موت آلاف البنات , فتجللت عظامهن وأجسادهن , وصارت بترولاً ! فاستخرجه أهل تلك البلاد , فصاروا الى ما صاروا إليه من الغنى !
ولأول مرة فى ذلك اليوم , ابتسم الملك شتيار , وسأل وزير الأمور الدينية بلغته التى لا تقبل التصويب قائلاً : - وهل لديك دليل على ذلك أيها وزير ؟! نعم نعم يا مولاي الملك , ألا ترى يا أخي الكريم ان كلمة ( بترول ) تبدأ بكلمة ( بت) ؟! فهذا دليل لا يخطيء على ان البنت صارت بترولاً !! وفى تلك اللحظة قفز الملك شتيار سعيداً حتى سقط التاج الأصفر من فوق رأسه , وفرح فرحاً شديداً لأنه عرف أخيراً أصل البترول , وكيفية إنتاجه. وأمر الملك شتيار فى الحال بتكوين وزارة جديدة لإنتاج البترول فى مملكة شتاريا العظمى , وهكذا شهدت تلك المملكة العجيبة ميلاد وزارة جديدة .... ( وزارة وأد البنات ) !.
هذا , وقد روى المؤرخون لاحقاً ان مملكة شتاريا العظمى قد صارت أكبر بلد منتج للبترول فى الدنيا الواسعة , فأزدهر فيها الاقتصاد , وراجت جميع السلع والبضائع , باستثناء الملابس النسائية , وأدوات التجميل , ذلك أن وزارة وأد البنات قد جعلت من مملكة شتاريا العظمى , بلداً للرجال فقط !.
ملاحظة صغيرة : وزارة وأد البنات هى اختراع خاص بمملكة شتاريا العظمى فقط , وإذا شعرت منظمات حقوق المرأة بالغضب منها , فعليها ان تتمهل قليلاً , وتفكر بطريقة اقتصادية حكيمة فى أيهما أنفع وأجدى : البت , أم البترول ؟!!.
.......................................... وائل فحل [email protected]
.....
|
|
|
|
|
|