سيد أحمد الخضر عثمان ( فى الدوحه ) يكتب عن الفنان عثمان حسين

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-15-2024, 03:45 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-03-2008, 07:58 AM

wadalzain
<awadalzain
تاريخ التسجيل: 06-16-2002
مجموع المشاركات: 4701

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
سيد أحمد الخضر عثمان ( فى الدوحه ) يكتب عن الفنان عثمان حسين

    الاستاذ سيد احمد الخضر عثمان من المقل شمال مروى وشمال مقاشى ومن نفس بيئة عثمان حسين ومن عشاق هذا الفنان المتفرد حمل قلمه وقريحته وعبر عن ما اعتمل فى دواخله بهذه الكلمات تعبيرا عن حبه لهذا الفنان وألما لفراقه .

    Quote:
    الفنان الخالد/ عثمان حسين
    ولد في قرية مقاشي على الضفة الشرقية للنيل بمركز مروي طفل أسمه/ عثمان حسين محمد التوم- ترعرع مثله مثل أقرانه من أطفال قرى منطقة الشايقية في بيئة غنية ومشبعة بالتراث والفنون المختلفة والتي تغذي وجدان كل من ينشأ في تلك البيئة بالموروثات والقيم – يلتقط الطفل أول ما يلتقط صوت أمه الحنون وهي تحمله بين كفتيها (تلو ليه) لينوم بتك الكلمات الدافئة-( النوم تعال شيل الجهال- النوم النوم بكريك بالدوم) وغيرها من الأهازيج والتي تترنم بها الأم و تمجد بها الطفل وترسم في الخيال مستقبله وكيف أنه سوف يوقر والديه وينال عفوهم، ويبر عماته وخالاته، ويصحو الطفل على أصوات الطيور والقماري التي تتخيل الأم بأنها تناجيها وتقول: أحمدوا ربكم- فترد الأم: حامدنه وشاكرنه- وهكذا – ويلتقط الطفل أصوات الديوك عند الفجر تختلط أصواتها مع آذان الفجر- ونباح الكلاب في الثلث الأخير من الليل وهي تنبح عندما ترى شيئا غريبا على القرية- وتلتقط أذنه أصوات السواقي في ليالي الشتاء الباردة والتي لا يقطعها إلا أصوات الثعالب(الصبار) أو أصوات الأبقار والحمير وهي تختلط بأصوات الضفادع والجنادب في ليالي الصيف- إنها سيمفونية الحياة اليومية التي تداعب أذن الطفل وهو في تلك السن المبكرة. وتتفتح عيون الطفل على رؤية تلك المناظر الخلابة حيث تتجلى تلك اللوحة الطبيعية البديعة والتي تلتقي فيها رمال الصحراء الصفراء بخضرة الزرع على ضفاف النيل- ويستنشق الطفل شذا نوار اللوبيا الأبيض والقورمسي البنفسجي ونوار البرسيم والليمون والمانقو وغيرها من نباتات الأرض التي حبا الله بها تلك المنطقة.
    يترعرع الطفل وبمرور الزمن يلتحم بمجتمع الأسرة والقرية ويعايش حياتها المليئة بالأنشطة والمناسبات الدينية وحفلات العرس والطهور- فتلتقط مسامعه في تلك السن اليافعة – أنغام الطنابير والدليب في مناسبات الأعراس وأنغام المداحين من أمثال أولاد حاج الماحي وود شبو وغيرهم وهي تعطر ليالي الشتاء بتلك النغمات والتي تتقاطع مع رنات الطار- ويجد نفسه في حفلات الأعراس والتي تختلط فيها أصوات الدليب مع الطنابير وزغاريد النساء وسيرة البنات في يوم زفة العروس إلى بيت الزوجية- كما يتشبع الطفل عند إلتحاقة بالخلوة بأصوات الحيران وهم يرتلون القرآن عند الفجر حيث تختلط أصواتهم بزقزقة العصافير وهي تعانق مولد يوم جديد على أشجار الدوم والنيم.
    تلك هي البيئة التي ترعرع فيها الفنان الملهم – عثمان حسين قبل قدومه للعاصمة وهو بعد طفل صغير- في بيئة القرية يتحمل الطفل المسئولية في سن مبكرة- يرعى الغنم وهو بعد لم يتخطى سن الرابعة من عمره- ويركب الساقية في تلك السن- توكل له مهمة (حش القش) للبهائم قبل ظهور البرسيم- يرسل للطاحونة لطحن العيش- يملأ أوقات الفراغ نهارا بالسباحة في النيل وممارسة بعض ألعاب السباحة مع أقرانه مثل(بنية الكاك)- يمارس عملية صيد الأسماك والطيور وهو في تلك السن قبل مرحلة المدرسة- ويمارس الألعاب مع أقرانه في الليالي المقمرة من أمثال –شليل- وشد واركب وبعدها ينضم ألى مجلس الحبوبات ويستمع ألى قصص الخيال من أمثال فاطمة السمحة وود النمير والبعاتي والهنبوتية وولاد الحور وغيرها من القصص حتى يحل وقت النوم- رحل عثمان حسين بتلك الحصيلة الثرة تاركا وراءه قرية مقاشي حزينة وهي لم تكن تعرف بعد بأن وراء ذاك الطفل عبقرية كان للبيئة أثر كبير في تشكيلها وصقلها في تلك المرحلة من حياة الطفولة الحافلة في القرية.
    وفي العاصمة واصل دراسته في خلوة الشيخ محمد أحمد المشهورة بالسجانة- ثم أمتهن مهنة الترزية وهو اختيار يرتبط إلى حد ما بالحس الفني لأن هذه المهنة مرتبطة بالذوق والأناقة والإبداع وهي المهنة التي جعلت من ممتهني مهنة مصممي الأزياء أشهر من الملوك في أوربا .
    بدأ عثمان يتذوق الفن الحديث أيضا في سن مبكرة لم يتجاوز عمره بضعة وعشر سنين- حيث كانت الساحة تعج بأغاني الحقيبة وعلى قمتها سرور وكرومة وعبد الله الماحي وخليل فرح وغيرهم- ولم يظهر في الساحة الفنية بعد -الفن الحديث والذي كان رواده الكاشف وأحمد المصطفى وحسن عطية وعائشة الفلاتية- ونهل عثمان من ذاك المعين وبدأ يقلد الفنان عبد الحميد يوسف ويتمرن على العود على أغانيه والتي كانت أشهرها أغنية (اذكريني يا حمامة)- بدأ نجم الشاب الواعد يتوهج رويدا رويدا من خلف نجوم الفن حتى وجد له موضع قدم في الحفلات الخاصة وأعراس السجانة من باب الهواية والمجاملة- وأخذ يشق طريقة حتى اكتشفت إذاعة أمدرمان في منتصف أربعينيات القرن الماضي عبقرية الفن في ذاك الفتى البسيط الآتي من الريف الشمالي – ولعل البساطة كانت في المظهر غير أن الجوهر كان مشبعا بشحنات عظيمة من الفن والتراث والإلهام –
    دخل عثمان الإذاعة وهو فنان ناضج حباه الله بموهبة فريدة في التأليف الموسيقي والألحان ولعل ذلك كان ثمار وحصاد تلك البيئة التي عاش فيها طفولته الأولى والتي شكل الفن فيها حياة الناس اليومية وقل أن تجد أسرة لا يوجد فيها شاعر أو صاحب موهبة– تلك البيئة التي أنجبت إسماعيل حسن والطيب صالح والنعام آدم وغيرهم من عباقرة الشمال الكثيرين والذين لم تسلط على معظمهم الأضواء بعد– تغنى عثمان أول ما تغنى في الإذاعة برائعته(حارم وصلي مالك) للشاعر محمد بشير عتيق- تأمل في لحن تلك الأغنية وموسيقاها بل كلماتها الرائعة والتي أعطاها اللحن الجميل المزيد من الروعة- تأمل في الموسيقى عندما يردد المقطع( طرفي إذا تأمل في حسان المواكب وضيا الكواكب والبدر المكمل- برضي أراها دونك –بل وحياة عيونك أنت لطيف وأجمل)- أقرأ النص الشعري وهب أنك لم تسمع هذا اللحن! هل كان يخطر ببالك هذا اللحن الجميل والذي هو أشبه بالماس المرصع على الذهب!
    التقى بعبقري الشعر حسين بازرعة أطال الله عمره وهو بعد- طالب بمدرسة وادي سيدنا الثانوية- وأعجب به الشاب الآتي هو الآخر من بيئة الشرق الغنية بالفنون والتراث والتنوع- وكان لقاؤهما كإلتقاء النيلين بالخرطوم- عثمان يمثل النيل الأزرق في جريانه واندفاعه نحو القمة- وبازرعة يمثل النيل الأبيض في هدوئه وانبساطه الفسيح عبر الأفق- كان بازرعة طالبا بوادي سيدنا الثانوية يعيش مرحلة رومانسية الشباب في ذاك الزمن الجميل المحافظ الذي لا يرى فيه الشاب الفتاة إلا من خلال حفلات الأعراس الأسرية- تمخط ذاك اللقاء عن تلك اللوحة التي رسمها بازرعة بألوان الرومانسية وأقلام العشق الدفين ومشاعر الحرمان وكانت(الوكر المهجور) والتي استطاع عثمان بعبقريته الفذة أن يضع لها لحنا جميلا ينسجم مع تلك الكلمات ويعبر عن مشاعر شاب ولهان يتوجس خوفا من التعبير عن تلك المشاعر المكتومة- تأمل في المقطع(إن أنسى ما أنسى ذكرا كي يا سلمى – في وكرنا المهجور والصمت قد عم).
    وتواصل اللقاء مابين النيلين إلى ما بعد الخرطوم ليندمجا في نيل واحد – أخد ينطلق بثقة نحو المصب عبر رحلة طويلة وشاقة – حصد من خلالها الشعب السوداني الكثير من الدرر والأحجار الكريمة- تأمل في تلك الدرة (القبلة السكرى) وهي أيضا تعبر عن مرحلة الرومانسية ومشاعر الشباب الغض- لحن عبقري آخر جعل من تلك الكلمات لوحة تكاد تقرأ خلف سطورها الكثير والذي يعبر عن مشاعر الحب الخجول- تأمل في تلك الموسيقى المنسابة مع اللحن والكلمات لتستنطق المشاعر وفي هذا المقطع-(–أتذكري في الدجى الساجي مدار حديثنا العذب-وفوق العشب نستلقي لنطوي صفحة الغيب)- تأمل تعبير اللحن وتصوير الموسيقى لتلك الصورة الطبيعية الناطقة(تذكري قبلتي والليل يروي طلعة البدر وكيف أناملي الحيرى تداعب خصلة الشعر- وقطرات الندى الرقراق تعلو هامة الزهر) وتتوارد درر بازرعة – من قبيل(أنت لي) (وداعا يا غرامي) (نابك ايه في هواه) (لا تسلني) (ليالي الغرام)(حبي-عشقتك)(أنا والنجم والمسا) (لا وحبك)(ليالي الغرام)( قصتنا)(إن تريدي يا ليالي) وغيرها الكثير من درر بازرعة والتي كان بعضها في مرحلة ما بعد مرحلة الشباب الباكر- وقد تجلى ذلك في أسلوب المخاطبة حيث تختفي الرومانسية بعض الشيء – أغنية (لا تسلني ) من الدرر النادرة والتي تلاقحت فيها الكلمات مع اللحن والموسيقى والأداء بصورة منقطعة النظير –لست موسيقيا حتى أتمكن من تفسير تلك الجمل الموسيقية الرائعة واللحن المنسق والذي يكاد يستنطق الموقف- ولكني أعبر من منطلق المتلقي العادي الذي يحسن الاستماع والتأمل وأعيش بكل حواسي مع تلك الدرة- تأمل معي في المقدمة الهادئة- عندما يردد (لا تسلني.. يا حبيبي .. لا تسلها فهي حلم عابر طاف بذهني – لا تسل عني ليالي فقد بتنا حطاما) كأنه بتلك المخاطبة الهادئة يريد أن ينال قبول محبو بته ورضاها ليعبر عن تلك المشاعر الفياضة- تنطلق الموسيقى التصويرية من الهدوء إلى الانفعال – تأمل في هذا المقطع( فسل الشاطئ ألما كنت ألقاك دواما ونذيب الليل همسا وحديثا وملاما)- يهدأ مرة أخرى في توسل تصوره الموسيقى واللحن(يا حبيبي أنت ألهمت أغاني وشعري- أنت في عمري ربيع دافئ يملأ نفسي – أفلا عدت وعادت قصة الحب كأمسي) كأنه يستجدي المحبوب ويعبر له عن مكانته عنده لأنه كان سبب إلهامه لنظم تلك الدرر. بازرعة شاعر فريد – لم ينس في غمرة مشاعر حبه الرومانسي حب الوطن وتجسيد قيم المجتمع في تلك الدرر- تأمل في تلك الدرة الأخرى والتي رصعها الفنان الملهم بالنادر والنفيس من الأحجار الكريمة وهي أغنية (حبي أو عشقتك) –تأمل أيضا في المقطع الأول من هذه الدرة والذي شابه الهدوء وهو مدخل اعتاد عليه بازرعة عند مخاطبة المحبوب- وصوره عثمان بلحن وموسيقي تصويرية بديعة- تأمل عندما يردد( عشقتك وقالوا لي عشقك حرام- يا مبدد نور عيوني يا مجدد نار شجوني – ليتهم عرفوا المحبة وعرفوا أسرار الغرام)- ثم أنظر إليه يجسد قيم الوطن وهو في غمرة مشاعر الحب عندما يقول( حبي نابع من بلادي –من جمالها وانطلاقها- أودعت حسن حبيبي من صفاء الطيبة والكلمة الحبيبة والطلاقة)-وأنظر إليه في أرضنا الطيبة عندما يجسد حب الوطن ويعبر عنه بتلك الصورة النادرة(أفديك بالروح يا موطني –فأنت دمي كلما أقدم) (نسمت شذاها وطيب ثراها وذوب هواها جرى في دمي)( بلادي أنا تراث الكرام ومجد العرب وسفر كفاح روته الحقب)-ألا يجسد هذا الكلام أعمق مقومات وحدة الأمة والتي تجسدها دون تفرقة التراث والمجد ’ لا وحبك من الدرر النفيسة والتي أبدع أيما إبداع في لحنها وتوزيع موسيقاها وصور فيها الكلمات أجمل تصوير .
    التقى عثمان وهو يبحث عن الدرر والمعاني الجميلة بالشاعر الملهم –السر دوليب أطال الله عمره- وكان مولد لون جديد من الشعر الراقي وقد تجسد ذلك في ( مابصدقكم)والتي أحدثت نقلة جديد في اللحن والأداء واستطاع عثمان بما له من ملكة أن يصور تلك الكلمات بلحن جميل وموسيقى رائعة استطاعت أن تعكس أسلوب المخاطبة الجديد الذي إنتهجة دوليب- تأمل في هذا المقطع الهادي كالعادة والذي يخاطب العزال والشمات( لو قلتوا حبيبي سلاني ودع حبي ونساني ما بصدقكم دا حبيبي الروح بالروح) وتهدأ الموسيقى مرة أخرى في المقطع الأخير عندما يردد ( خلاص اجمعوا القلبين- خلاص أتوحدوا الأملين وأصبحنا رغم البين روح واحدة في جسدين) لتعبر عن معنى إتحاد الروح في جسدين- وقطف من بستان دوليب أيضا روائعه-ريدتنا ومحبتنا- قلبي فاكرك وداوم على حبي-
    الألحان والموسيقي التي يضعها عثمان للأغنية تقرب للمتلقي الصورة إلى درجة الشعور الحسي- تأمل في رائعة التيجاني يوسف بشير(محراب النيل)والتي أبدع فيها أيما إبداع حين يصور لنا منظر النيل العظيم بادئا بمخاطبة النيل في تبتل وإجلال عندما يردد (أنت يا نيل يا سليل الفراديس –نبيل موفق في مسابك)-تأمل في تلك الموسيقى المعبرة وكأنها تصاحب موكب ملكي والنيل يختال بين الرعية (أشجار النخيل والسنط على جانبيه) في كرنفال جميل – تأمل في تلك الموسيقى عند المقطع( فتحدرت في الزمان وأفرغت على الشرق جنة من رضابك)-ثم أنظر جلال المخاطبة في اللحن والموسيقى والأداء عندما يخاطب النيل معظما النيل هبة الله في الأرض( كم نبيل بمجد ماضيك مأخوذ وكم واقف على أعتابك) ثم تنساب الموسيقى مسرعة مثل جريان النيل وتعثره عند الشلالات وتهدأ من جديد عند مخاطبة هذا العملاق واهب الخير والرخاء من فضل الله لشعوب وادي النيل(أيها النيل في القلوب سلام الخلد وقف على نضير شبابك-أنت في مسلك الدماء وفي الأنفاس تجري مدويا في انسيابك)-عندما تتأمل وتمعن السمع لأغنية محراب النيل –تتخيل أنك تجلس في تلك اللحظة على شاطئ النيل- تستنشق شذا نباتات الجروف الممزوجة برائحة طمي النيل وترى أمواجه الرقيقة تداعب شواطئه الوادعة وتطبع قبلاتها على جزره وجروفه وسواقيه.
    عثمان في رحلة بحثه عن الكلمات الجميلة التقى بالشاعر- (قرشي محمد حسن) في رائعته الأولى(اللقاء الأول) والتي زانها عثمان بتلك النغمات الجميلة ليصور لقاء محبوب متيم لأول وهلة بمحبوبته في تلك الحديقة الغناء وفي ذاك المنظر الرومانسي البديع- تأمل في تلك الكلمات التي قدست الحب وجعلت الليل يقبل وضفاف النيل تصغا إلى حديث العشاق(يا حبيبي أقبل الليل علينا وضفاف النيل قد أصغت ألينا) وما أجمل تلك الصورة التي رسمتها الكلمات وأبدع في تلوينها باللحن والموسيقى عثمان حسين عندما يردد في استدراك(يا حبيبي قلت لي في اللقاء الأول بين همس السنبل وخرير الجدول في المساء المقبل سوف تلقاني- ولكن ما التقينا) وتهدأ الموسيقي مرة أخرى لتصور ذاك الموقف( يا حبيبي أقبل الليل وصمت الليل طالا والربى ألقت حوالينا الظلالا- ثم ذاب الموج في الشط وسالا)- وفي بحثه عن الدرر النفيسة يلتقي مع هذا الشاعر الصوفي الآتي من الجزيرة في رائعته (الفراش الحائر)والتي شكلت نقلة جديدة في عالم الألحان والموسيقى والتي أبدع عثمان أيما إبداع في لحنها وموسيقاها- تخيل أنك لم تسمع أغنية الفراش الحائر وصدفة اطلعت على أبياتها ( طاف الفراش الحائر- مشتاق إلى زهراتك)- هل يتخيل الإنسان بأن هناك عبقرية تستطيع أن تبدع في اللحن والموسيقى بهذه الصورة التي تجلى فيها عثمان حسين؟ تأمل في المقدمة الموسيقية الرائعة والتي يخيل إلي أنها من مزمار ساحر هندي أراد أن يستقطب الفراشات من كل صوب ليتأمل في منظرها وهي ترشف من رحيق الزهر وهو خد الحبيب- تأمل في الأسلوب الصوفي(آمنت بيك يا ناير لأنو مافي مثالك) وتنسجم الموسيقى واللحن مع المقطع لتصور منظر الحبيب المتيم وهو ساجد في محراب الحب فاقد الإحساس( أنا لو جلست حيالك- لشعوري ما بتمالك)- لا يتصور الإنسان بأن هذا اللحن البديع والموسيقى الراقية قد تم تأليفهما في مطلع خمسينيات القرن الماضي –في تلك الفترة التي لم تشهد الآلات الموسيقية الحديثة ولا تكنولوجيا الهندسة الصوتية والتسجيل والد بلجة وغنى عثمان لقرشي أيضا رائعته( خمرة العشاق).
    في رحلة بحثه عن الدرر والكلمات الجميلة التي تتناغم مع ألحانه الفريدة التقى بشعراء كثر منهم على سبيل المثال اللواء عوض أحمد خليفة والدبلوماسي صلاح أحمد محمد صالح والشاعر المبدع إسماعيل حسن والشاعر الدكتور الزين عباس عمارة والشاعر عبد المنعم عبد الحي والشاعر محمد يوسف موسى والشاعر حميدة أبو عشر والشاعر التنقاري وحسين عثمان منصور وغيرهم من المبدعين والذين قطف عثمان من بساتين شعرهم أجمل الأزهار والتي أبدع أيما إبداع في ألحانها وموسيقاها وكانت الحصيلة_ كيف لا أعشق جمالك- ربيع الدنيا- ناس لا لا واللالا- ومات الهوى- وظلموني الأحبة- ومالي والهوى- وعارفنه حبيبي- وعيون الصيد- والدرب الأخطر وتسابيح وأوراق الخريف وأوعديني وكلمة-مسامحك يا حبيبي وغيرها من الدرر التي أصبحت من الأغنيات الخالدة التي ترددها الأجيال إلى ما شاء الله –
    ولم ينس عثمان التراث الخالد فتغنى ببعض أغاني الحقيبة والتي زادها رونقا بألحانه الشجية ومنها- زدني في هجراني- وطيبة الأخلاق – وبلالي-( قالوا كريمة فيها قطر- ومروي نخيلا بقى شدر وتلغرافا ينقر تل- شربنا الجبنة بالسكر شراب عافي ويمرق الشر)- وكان عثمان رائد ما يسمى بالفيديو كليب والذي ظهر بعد أكثر من نصف قرن وقد شاهدنا في السينما المتجولة في الستينات الأغنيات المصورة ومنها- أوعديني- لا وحبك- ودعتك ودعني – ومحراب النيل وأرضنا الطيبة وقد كانت كلها لوحات بديعة جمعت بين الكلمات الجميلة والألحان الرائعة والموسيقى التصويرية الراقية والمناظر الطبيعية الخلابة بعكس ما نراه اليوم من مناظر منفرة وصور خليعة تعكر صفو المتلقي- رحم الله عثمان حسين بمثل ما أسعد الناس بتلك الروائع والذي بذل فيها الجهد الجهيد واقتطعت الكثير من وقته الخاص ليتحفنا بها- وقيل أن تلحين أغنية(أنت لي- عاهدتني) استغرق عاما كاملا وهي من اللوحات الخالدة.
    كنت قد نظمت هذه الأبيات في محاولة لتخليد درر الفنان الملهم عثمان حسين في عام 1974 وقد سلمها له الموسيقار والملحن الكبير الأخ/ حسن بابكر أطال الله عمره- وقد قدمت له مرة أخرى بشيء من التعديل في مدينة مسقط عندما كرمته الجالية السودانية بسلطنة عمان عام-2002والقصيدة مهداه إلى أسرة ومحبي فن عثمان حسين :-
    أيها البلبل يا خل الهزار الطلق غرد وانثر الألحان مثل الدر في هذا الوجود
    غننا يا بلبل الأغصان ألحانا عذابا تبعث النشوة والآمال في قلب طريد
    هاتها كالثمر المقطوف في حلو الأغاني من رباك الخضر والفردوس واللحن الفريد
    هاتها كالقبلة السكرى وإن مات الهوى هاتها أوراق خريف أو كباقات ورود
    غننا يا بلبل الأغصان دوما لا تسلني ثم غني أنا والنجم وكلمة من جديد
    هات من بستان فنك أنت لي وفراش حائر بين مياد الجريد
    هل تأمل خاطرك الغالي الليالي والغرام وخرير الماء في محراب نيل كالوريد
    أنت ألهمت الأغاني فوداعا يا غرامي وأمانة والمصير كلها بيت قصيد
    غننا لالا وناداني غرامك قلبي فاكرك نابك إيه في أول لقيا ثم غني إن تريدي
    ما بصدقكم وذكرى وأوعديني كلها أغنيات وقعها في خاطري أحلى نشيد
    طيبة الأخلاق وحارم وصلي عندي نغمات ذكرتني ماض أيام تليد
    وكفاية- لا اكتفاء من أغانيك العذاب غني أرويني وحبي- لأرى سر وجودي
    أغنيات كلها تبعث في نفسي حياة ورجاء وأماني ملؤها يوم سعيد
    كيف نوفيك وقد جفت يراعات هوانا وزرفنا الدمع نبكي ماضي أيام مجيد
    نغمات تذهب الهم وتشجي القلب فيها حلو ذكرانا وألحان الخلود
    ولك الشكر وكل الود والعرفان منا ولك الغفران من رب رحيم وودود

    سيد أحمد الخضر- الدوحة في 25/يونيو/2008











                  

07-03-2008, 11:01 AM

عادل جبارة

تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 1795

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سيد أحمد الخضر عثمان ( فى الدوحه ) يكتب عن الفنان عثمان حسين (Re: wadalzain)




    الأخ ود الزين
    التحية عبرك للأستاذ سيد أحمد الخضر ولكل عشاق ومحبي النيل الثالث الفنان القمة عثمان حسين وبلا شك أن رحلة العملاق عثمان حسين تستحق أن يوثق لها ويتم جمع معلوماتها بدقة ومنهجية عالية .. ومثل اسهامات الأستاذ سيد أحمد تستحق أن تضاف لسجل التوثيق ..
    أكرر التحية لكما
    ودمتم ..
                  

07-06-2008, 09:58 AM

wadalzain
<awadalzain
تاريخ التسجيل: 06-16-2002
مجموع المشاركات: 4701

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سيد أحمد الخضر عثمان ( فى الدوحه ) يكتب عن الفنان عثمان حسين (Re: عادل جبارة)

    شكرا يا عادل


    الفنان عثمان حسين ابداع وفن لن يتكرر بألحانه والكلمات التى غنى بها وصوته كل هذا يجب ان يسجل فى ذاكرة الشعب السودانى .
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de