|
Re: ياسر المصري أحد ضحايا التعذيب بدارفور مصاب بالسرطان فالنتضامن معه ( صور) (Re: معتصم مصطفي الجبلابي)
|
النبراس جمعية قبل العاصفــة... فرد في مواجهة الموت!
في واقع لا تتوافر فيه منافذ إلا من خلال مجهودات فردية تسعى بشكل مضني في تفعيل واقعها عبر قنواته الاجتماعية و الثقافية، يصبح قدر الذين يتجشمون عبء التحدي تحد آخر لا يحتمله تاريخ الأفراد بقدر جسامة الأحداث.
قبل عقد و نيف و في مدينة تساكن سلاما اجتماعيا، نشأت جمعية ذات أهداف ثقافية و فكرية يقودها فتية أزداد طموحهم حماسة في بواكير العمر. في مدينة نيالا في جنوب دارفور قبل تفجر ذلك الشطر من الوطن لفت الناس صراع كان طرفاه أجهزة الأمن الانقاذية و جمعية ثقافية مثل سائر الجمعيات التي يقودها الشباب. صراع غير متوازن بين أهداف ثقافية فكرية و جبروت القوة الغاشمة لأجهزة نظام مسعورة، الأنظمة الديكتاتورية لا تخشى شيئا بقدر خشيتها للثقافة و الفكر، ففي الوقت الذي لا يتسع فيه صدرها للحوار أو مواجهة الرأي بالرأي تسعى دوما لمواجهة ذلك من خلال القوة التي بظنها تسكت هذه الأصوات وسط واقع مجتمعي كانت فيه الانقاذ و مشروعها الحضاري نازلة من نوازل الدهر عليه و رجس جثم على صدره هابطا من مجهول السياسة السودانية .
و لكن ما الذي يجعل قوة أمنية تضيق على جمعية لا تملك إلا أدوات وعيها و تستهدف أفرادها على مدى عقد و نيف من الزمان؟ قد لا تحمل الإجابة جديدا بمثلما أشارت السطور السابقة في رهاب الأنظمة الأمنية من الفكر و الثفافة عموما و لو جاءت من ركن قصي لا يهدد أهدافها التمكنية.
بدأت المواجهة بين أو الصراع في بداية النصف الأول من تسعينيات من القرن الماضي و دولة المشروع الحضاري تدشن مشروعها اللا حضاري و الذي خلعت جلبابه قبل غيرها؛ أستهدف أعضاء جمعية نبراس التقدم الثقافية إستهدافا لا تبرره إلا همجية الأنظمة البربرية فعرفوا الاعتقال و المداهمات الليلة على صهوة عرباتهم ذات الدفع الرباعي ( كانت قوات الأمن تستخدمها قبل أن تستخدم في حروب دارفور إنتهاء باقتحا م أمدرمان).
لا شك أن أفرادا دون غيرهم يتأذون و يتضرورن و يدفعون ثمناً باهظا دون غيرهم و ذلك لأسباب تتعدد بتعدد الدور المناط بالفرد و موقعه من العمل العام و قدراته الخاصة. أعضاء الجمعية و مواطني مدينة نيالا لا يزالوا يذكرون شابا في تلك الفترة عرف بصلابته في مواجهة قوة الأمن بصورة فردية و شجاعة مهلكة تكررت معها مواجهاته على امتداد السنوات التي طالتها يد الأمن في تعويق مساره الأكاديمي و هو الطالب النابه، و المحوار المفحم و الموسوعي في مداركه الفلسفية و الثقافية و مجادلاته المعقدة في قضايا الكون و الطبيعة و الزمن و الدين و السياسة بالطبع.
مثلما نذكرو يذكر غيرنا أن صفات كهذه لم يكن يحملها غير الفتى الذي كان يقيم بحي شم النسيم بنيالا، ياسر أحمد عبد الرحمن المشهور باسم جده المصري أو ياسر المصري كما أشتهر بين الناس. أين هو الآن؟
بعد سنوات الملاحقات و الإقامة شبه الدائمة في بيوت الأشباح و ما عرفته تلك البيوت من عذابات جهنمية قل أن يخرج منها معاف من دخل بابها سيء الصيت. مثل غيره من ضحايا التعذيب تنقلت به المنافي في الداخل قبل خروجه نهائيا إلى القاهرة لتلقي العلاج من داء عضال ألم به نتيجة لما تعرض له في تلك البيوت، فالصقع الكهربائي كاد أن يتلف أعصابه و يجمد الدم في شريانه، إلى جانب الضغط الذي تحمله جسده ليترك علامات لا تمحى من أثر السياط اللاهبة على ظهره. الغريب في الأمر أنه لم يلتفت إليه من قبل الجهات التي تبنت الدفاع عن ضحايا التعذيب أو حتى التوثيق لحالته التي يندي لها جبين الإنسانية. هل هناك تهميش يطال ضحايا التعذيب المهمشين أصلا؟ المنتشرون في أصقاع العالممن مدينته لا يزالوا يذكرون جيدا هذا الشاب الذي جالد النظام قبل وقت بعيد من خروج كل الذين يستأسدون الآن بشرف النضال!
الجميع مدعوين للمساهمة في التوثيق لهذه المرحلة المهمة في تاريخ مدينة نيالا و خاصة أعضاء جمعية نبراس التقدم الثقافية، لم تعرف صور الصراع الذي تدور رحاه في دارفور الآن و لا التقسيمات الذي غذتها الجبهة. كانت عضويتها تجانسا قوميا فريدا شمل كل إثنيات السودان و قبائله في مدينة لم تعرف تقسيم الأفراد إلى جهويات و نظنها لم تصل إلى هذا بعد!
بعد هذه الإضاءة ستتواصل الكتابة و التوثيق عن هذا الموضوع عبر حلقات و حلقات لتاريخ لم يكتب بعد!
عضو سابق بجمعية نبراس التقدم – نيالا
7/7/2008م القاهرة الآن
| |
|
|
|
|