دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
وقائع ندوة ملتقى الرياض ( رؤية قانونية للقرار 1593 )
|
قدم للندوة وأدارها البروفيسور عثمان الحسن محمد نور ، وتحدث فيها الأساتذة المستشارين : بشرى عبد الحميد ميرغني شايب أقيوم أكمجو مسلّم وكان شخصي الضعيف مقررا للندوة ...
الأستاذ بشرى عبد الحميد ، مستشار قانوني .. اعتبر قرار مجلس الأمن 1593 أول بادرة من نوعها بإحالة قضية محاكمة المسئولين عن ارتكاب جرائم حرب بدارفور إلى محكمة الجنايات الدولية ،،، أحد عشر دولة موافقة ، اربعة معمتنعة عن التصويت . وانطلق القرار من توصيات لجنة التحقيق التي عينتها الأمم المتحدة . خلص مجلس الأمن إلى أن محكمة الجنايات الدولية هي أفضل مكان لمحاكمة المتهمين للأسباب التالية : السودان غير راغب في محاكمة المشتبه بهم . ضعف الجهز القضائي بسبب أن الجهاز التنفيذي أخذ صلاحيات واسعة قوضت فعالية القضاء . معظم القوانين السارية في السودان تخالف المعايير الأساسية لحقوق الإنسان . القواني السودانية لا تحرّم بشكل كافي جرائم الحرب والجرائم الإنسانية . قرار مجلس الأمن لم يكن مفاجئا فهو استند إلى القرار رقم 1564 في 8-9-2004 م المبني على الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة والذي طلب فيه من الأمين العام تشكيل لجنة دولية للتحقيق في انتهاكات القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان والتي ترتكبها جميع الأطراف ، وانبنت على ذلك جنة التحقيق الدولية التي قدمت تقريرها في 25- 1- 2005 م ، وقد عالج التقرير : انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني . تحديد ما إذا ارتكبت أعمال إبادة جماعية . آليات المساءلة . تحدث التقرير عن : انتهاكات خطيرة لحكومة السودان والمليشيات التابعة لها للقانونين ، وشن هجمات عشوائية ، وقتل مدنيين ، وتدمير قرى ، واغتصاب وعنف جنسي ، ونهب وتشريد قسري للسكان من القبائل الإفريقية . وجود أدلة موثقة أن قوات التمرد وجيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة قد انتهكت أيضا القوانين الدولية ، وقد تشكل انتهاكاتها جرائم حرب . حكومة السودان لم تتبع سياسة الإبادة الجماعية لكن هناك قتل إجرامي وجماعة محمية تمارس القتل ، لكن عقد النية على الإبادة الجماعية لم يتوفر ، لكن الجرائم المرتكبة لا تقل خطورة عن جريمة الإبادة الجماعية . مرتكبو الجرائم أفراد فاعلين من المسئولين الحكوميين وأعضاء المليشيات والجماعات المتمردة وضباط أجانب عملوا بصفتهم الشخصية ، وكبار مسئولين وقواد الجيش بصفتهم القيادية . آليات المساءلة : الإحالة للمحكمة الجنائية الدولية عملا بالمادة 13 ب من النظام الأساسي للمحكمة . ثم صدر قرار مجلس الأمن 1593 بإحالة المتهمين إلى المحكمة الدولية . حيثيات القرار : يستند القرار على تقرير لجنة التحقيق الدولية . وأن الوضع في دارفور يهدد الأمن والسلام الدوليين ( الفصل السابع من ميثاق المم المتحدة ) القرارات المتخذة : إحالة الوضع في دارفور منذ يوليو 2002 إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية . أن تتعاون حكومة السودان وأطراف النزاع في دارفور مع المحكمة والمدعي العام وتقدمان ما يلزم من مساعدة . حث جميع الدول والمنظمات المعنية على التعاون . دعوة المحكمة والاتحاد الإفريقي لمناقشة الترتيبات وتسهيل عمل المدعي العام والمحكمة لمنع الإفلات من العقوبة . تشجيع المحكمة بدعم التعاون الدولي لتعزيز سيادة القانون وحماية حقوق الإنسان . تشجيع قيام لجان تقصي الحقائق والمصالحة داخل المجتمع السوداني وتعزيز جهود استعادة السلام الدائم بمساعدة ودعم الاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي . عدم إخضاع أي دولة من الدول المساهمة لا تكون طرفا في نظام روما الأساسي أو مسئوليها أو أفرادها عن كل ما يدعي ارتكابه أو الامتناع عن القيام به نتيجة للعمليات أو ما يتصل بها ، من تلك التي أنشأها أو أذن بها المجلس أو الاتحاد الإفريقي ما لم تتنازل تلك الدولة تنازلا واضحا . تحمل نفقات الإحالة للتحقيق أو الملاحقات القضائية بواسطة الأطراف الموقعة على نظام روما والراغبين في المساهمة الطوعية . يدلي المدعي العام ببيان أمام المجلس خلال ثلاثة اشهر من تاريخ القرار ومرة كل ستة أشهر عن الإجراءات المتخذة . رفضت الحكومة القرار بحجة : فيه انتهاك للسيادة الوطنية . عدم التصديق على اتفاقية روما من قبل حكومة السودان . ازدواجية المعايير . انتهاك السيادة : الاتفاقيات الدولية ملزمة للدول الموقعة عليها وليس في الانصياع لها انتهاك لأي سيادة . لم يعد مفهوم السيادة التقليدي سائدا ، حيث أن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي يتدخلان في أمور عديدة ، والحكومة نفسها فتحت الباب واسعا أمام مثل هذه التدخلات . هناك قوات دولية في مناطق كثيرة من السودان بعلم وموافقة الحكومة . بروتوكولات السلام الموقعة بين الحكومة والحركة الشعبية تمنح الأمم المتحدة مساحة واسعة للتدخل بموجب الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة . وافقت الحكومة على قييام لجنة التحقيق الدولية وتعاونت معها والتزمت بكل ما تتوصل إليه . الاحتجاج على عدم التصديق : السودان وقع على اتفاقية روما ، ولم يصادق عليه بواسطة السلطة التشريعية ، والتوقيع هو الإجراء الأساسي والمصادقة أمر داخلي وإجراء تكميلي . ومن المعلوم أن الجهاز التنفيذي لا يوقع على أي اتفاق دولي قبل التشاور مع الجهاز التشريعي ، وهذا ما حدث ، أي أن الجهاز التشريعي موافق ضمنا على الاتفاق ما دام الجهاز التنفيذي قد وقعه . وعدم المصادقة لا يجعل الدولة في حل من التزامها الذي وقعت عليه . وحتى الآن لم يرفض الجهاز التشريعي هذا الاتفاق ، كما أن الحكومة موقعة على اتفاق فيينا لقانون المعاهدات والمادة 18 منه تؤكد على إلزامية الامتناع عن إتيان أعمال شأنها تعطيل موضوع أو هدف أي اتفاق تم التوقيع عليه . الاحتجاج بازدواجية المعايير : لا خلاف على ممارسة أمريكا معاييرا مزدوجة ، لكن القرار صادر من مجلس الأمن وينبغي التعامل معه على هذا الأساس ، وأمريكا رفضت مبدئيا نظام روما ولم توقع عليه وليست طرفا فيه ومن حقها أن تحمي مواطنيها وفق معاييرها الخاصة ما دامت لم توقع على الاتفاقية . أورد المستشار بشرى حديثا مطولا عن : فكرة محكمة الجنايات الدولية ، الهدف من إنشاء المحكمة ، اختصاصاتها ، الحالات التي يحق لها فيها عدم قبول القضية ، القانون الذي تطبقه المحكمة ، مجلات تطبيق القانون ، مسئوليات القيادات العسكرية ، العقوبات التي تطبقها المحكمة ، طريقة جلب المتهمين للمحكمة ، وعدالة إجراءات المحكمة ،،
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: وقائع ندوة ملتقى الرياض ( رؤية قانونية للقرار 1593 ) (Re: ودقاسم)
|
وهنا ملخص لما قاله الأستاذ ميرغني شايب ، ولعلي أحصل منه على كامل الورقة ليكون التخليص أكثر شمولا : لم يكن القرار 1593 قرارا غريبا أو يتيما ، إنما سبقته العديد من القرارات الدولية قامت بموجبها محاكم خاصة لمحاكمة مجرمي الحروب ، حرب كوسوفو ، رواندا ، سيراليون ، ليبيريا . امريكا تم استثناءها بقرارات أخرى ، ولم يكن في الأمر جديد ،، وأهم أهداف قانون روما أن من يرتكب جرائم لا يستطيع الهرب منها ولا يستطيع الإفلات من العقوبة ، والقرارات الدولية ملزمة للحكومة السودانية باعتبار أنها موقعة عليها ، ولا مجال للمراوغة . أما مسالة السيادة فإن النظام يعني سيادته هو وليست سيادة السودان ، وإذا كانت كل بلد ستحتج بسيادتها إذن لماذا قامت منظمات دولية وقوانين دولية ؟ النظام فقط يحاول أن يجد لنفسه مخرجا من جرائمه ، خاصة وأن المحاكمات قد تستدعي أو تسحب وراءها عددا من القضايا التي يظن النظام أنه أفلت منها أو أنها لم تعد مثارة . أما الزعم بنزاهة واستقلالية القضاء الوطني فهو زعم باطل فالقضاء تابع للنظام والناس في السودان لا يثقون به لأنه لا يلتزم المؤسسية والشفافية والرشد ، وأقرب مثال على ضعف القضاء وتبعيته للنظام أحداث بورتسودان ، حيث حدثت مجزرة من خلال التعدي العسكري على المواطنين المتظاهرين ، والقاضي يعرف أن هناك إجراءات قانونية متدرجة يجب اتباعها في مثل هذه الأمور ، وهذا الأمر لم يطبّق ، إنما تصرف العسكريون بتوجيهات من المسئولين الحكوميين مباشرة ، وحدث ما حدث ، والقضاء ببساطة يغض طرفه عن ما حدث . ويتحجج النظام ببراءته ، وإذا كانت هناك براء فعلا فلماذا يخشى المحكمة ، لماذا لا يثبت براءته لكل العالم أمام المحكمة ، خاصة وأن المحكمة بها ضمانات قانونية ودستورية وبها عدالة كافية . وقد لجأ النظام إلى التصعيد بدلا من الاستجابة للقرارات الدولية والتعامل معها بحكمة ، وبدأ في تصعيد الأمور في دارفور وفي مناطق أخرى من الوطن . وعلى النظام أن يفهم ، وأن يعترف أن المحاكمة والاستهداف تعنيه هو كنظام ديكتاتوري ، وأن الأمر كله محاكمة للنظام على جرائمه ، ولا يمكن لأحد أن يرتكب من الجرائم كما يشاء ثم يطالب بعدم المحاكمة أو يسعى للإفلات من العقوبة عبر الذين أجرم في حقهم . وإن لم يستجب النظام للقرارات الدولية ، وينصاع لها بتقديم المجرمين للمحاكمة فإن هناك سلسلة من الإجراءات ستتخذ في حقه ، حيث يمكن أن يتم سحب الاعتراف بالحكومة ، وتعقب ذلك سلسلة من العقوبات ، ثم التدخل العسكري ،،
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وقائع ندوة ملتقى الرياض ( رؤية قانونية للقرار 1593 ) (Re: ودقاسم)
|
أقيوم أكمجو مسلم
خبير قوانين السياحة والسفر ومستشار الاستثمار
يأتي قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1593 تتويجاً لجهود اللجنة الدولية للتحقيق في فظاعات وجرائم دارفور التي ارتكبتها حكومة الإنقاذ من خلال أجهزة قمعها البوليسية ومليشيات الجنجويد التابعة لها، وهي جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب، وإبادة جماعية على نحو ما أفاد غير قليل من التقارير الدولية التي قُدّمت في هذا الخصوص. وقد رفضت الحكومة هذا القرار على مستوييه الحزبي والرسمي وهي تدفع بأن القرار ينتهك السيادة الوطنية، وأن القرار باطل قانوناً بحكم أن السودان لم يصادق على اتفاقية إنشاء المحكمة الجنائية الدولية (نظام روما الأساسي) Statute of Rome ، وأن الدول الكبرى تعاملت مع هذا الملف وفقاً لمعايير مزدوجة.
غير أن هذا القرار يجب أن يفهم في سياقه الموضوعي والذي يتمثل في أن مفهوم السيادة الوطنية قد تغير بفضل تطور القانون الدولي العام، ونشوء ما عرف بالقانون الدولي الإنساني المستند إلى احترام الاتفاقيات الدولية حول حقوق الإنسان. ولذلك فقد تبدلت زاوية النظر إلى العلاقة بين الدولة والمواطن، وتغير دور المجتمع الدولي وفقاً لهذا التبدّل، بحيث أنه لم تعد هناك سيادة وطنية كاملة أو مطلقة تبيح لأي دولة في العالم في الوقت الراهن أن تفعل ما تشاء بمواطنيها ورعاياها استناداً إلى هذا الحق، حتى ولو أدى ذلك إلى إزهاق أرواحهم وحرمانهم من الحق في الحياة والأمن والكرامة الإنسانية. ويعتقد البعض وفقاً لهذا الفهم بأن رياح العولمة السياسية لم تترك للدول من سيادتها غير العلم والنشيد الوطني، وهذا أمر محل نظر. غير أن الأمر المهم في هذا الخصوص هو بروز مبدأ محاسبة المجتمع الدولي ممثلاً في هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي التابع لها للحكومات التي لا تراعي ميثاق الأمم المتحدة، ومواثيق حقوق الإنسان التي قامت بالتوقيع عليها بالتدخل لحماية المواطنين من بطشها استناداً إلى دور وواجب المجتمع الدولي في التكافل الجماعي، وهو الدور الذي تمارسه الدول عادة على الصعيد الإنساني من خلال تقديم الإغاثات والمساعدات الدولية في أوقات الأزمات والكوارث والحروب. ولما كان مجلس الأمن هو السلطة الأممية العليا المنوط بها اتخاذ قرارات من هذا القبيل لمنع تهديد السلم والأمن الدوليين، فقد صدر القرار رقم 1593 لمنع حكومة السودان من تهديد أمن وسلم العالم بسبب تردي الأوضاع الإنسانية في دارفور إلى أقصي حد وإمكانية انتشار الصراع المسلح إلى الدول المجاورة بما يهدد استقرارها الأمني والسياسي ويلقي بالمنطقة في أتون فوضى عارمة.
ورغم أن القانوني الدولي يوجب موافقة الدولة العضو على التدخل الدولي في شئونها الداخلية وقت الأزمات للمساعدة في حلها، إلا أن عدم تعاون هذه الدولة مع المجتمع الدولي في تحقيق أهداف التدخل الدولي، أو رفضها العمل على تطبيق القانون الدولي الإنساني يترتب عليه فرض العقوبات المناسبة طبقاً للمواد (39)، (40) و (41) من ميثاق الأمم المتحدة. ومن أمثلة التدخل الدولي لأسباب إنسانية في العالم: 1- التدخل في ليبيريا بموجب قرار مجلس الأمن رقم 788 لعام 1992م، حيث تم فرض حظر شامل على توريد السلاح والمعدات العسكرية. 2- والتدخل الدولي في الصومال بموجب القرار رقم 775 لعام 1992م، والقرار رقم 974 بدخول قوات أمريكية للصومال للمساعدة في توصيل الإغاثات ووقف إطلاق النار بين المليشيات المتحاربة ونزع سلاحها. 3- التدخل الدولي في رواندا في عام 1993م لوقف المذابح الدموية والإبادة الجماعية فيها. ويمكن حصر أسباب التدخل الدولي الإنساني في: الدفاع عن الحقوق السياسية والمدنية – احتياجات الإنسان الأساسية (الغذاء – الدواء – المأوى) وكافة ضروريات الحياة الإنسانية. 4- التدخل في يوغسلافيا السابقة (البوسنة وكوسوفو)، ولكنه لم يكن في جزء منه (كوسوفو) بقرار من مجلس، بل بقرار من حلف شمال الأطلسي.
ويعرف الجميع، بمن فيهم أولئك الذين لا يكفّون عن الشكوى من آثار ممارسة حق النقض في مجلس الأمن، أن الصلاحيات الواسعة لمجلس الأمن يعود ممارستها للدول الكبرى التي تملك وحدها القدرات اللازمة لتطبيق قرارات مجلس الأمن وفرض العقوبات على الدول المدانة دولياً، ومن هنا يأتي اضطراب المعايير وازدواجيتها ودخول أجندة الدول العظمى على خط العدالة الدولية. ويجئ القرار رقم 1593 الصادر من مجلس الأمن بإحالة الوضع الملتهب في دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي مستنداً على أحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، مع إعطاء الاعتبار الكافي لكل من المادة (16) من نظام روما الأساسي Statute of Rome ، والمادتين 75/79 من ذات النظام. وقضى هذا القرار بإحالة (51) شخصاً متهمين بارتكاب فظائع في دارفور ترقى لمستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية إلى المحكمة الجنائية الدولية، وذلك بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة كما أسلفنا والتي تسود أحكامها على سائر أحكام الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وقواعد القانون الدولي الأخرى، الأمر الذي يدفع بفعالية الحجة القائلة بأن القرار جاء معيباً من الناحية القانونية وباطلاً من الناحية الشرعية، وهي حجة نراها داحضة ومتهافتة بكل المقاييس ... هي داحضة لأنها تتجاهل الأسس القانونية الواضحة التي بُني عليها القرار، ومتهافتة لأنها موغلة في إيراد الحجج السياسية دون القانونية في أمر لا يصلح تحليله إلا بأدواته القانونية لا السياسية. ووفقاً لمعاهدة فيينا بشأن المعاهدات الدولية لعام 1993 لا يجوز لأي دولة موقعة على اتفاقية دولية أن تدفع بأنها ليست ملزمة بتطبيقها بحجة عدم مصادقتها عليها.
وقد أثيرت عدة أسباب في رحاب الأمم المتحدة، ومجلس الأمن تحديداً لتعزيز الاتجاه نحو إصدار هذا القرار لمعالجة أزمة دارفور، منها أن حكومة السودان إما أنها لا ترغب في محاكمة المتهمين في جرائم الحرب في دارفور، أو أنها لا تستطيع القيام بذلك، خاصة في ظل الأحاديث المتواترة عن عدم وجود إرادة سياسية لدى الحكومة لمحاكمة منسوبيها وقادة القبائل العربية (الجنجويد) الذين ساهموا في ارتكاب هذه الجرائم، خوفاً من انقلاب السحر على الساحر. وهو ما يفسر، ولو جزئياً، نفي المطلق الحكومة حدوث هذه الجرائم في البداية، ثم اعترافها فيما بوجود خروقات وتقاعسها عن القيام بجهد لوقفها والضرب على أيدي مرتكبيها في النهاية. كما أثير موضوع عدم كفاءة القضاء السوداني وعدم نزاهته وفقدانه للاستقلالية، مما لا يؤهله للاضطلاع بهذا الدور الهام. فضلاً عن الحجة القائلة بأن القانون السوداني لا يتضمن أوصافاً وتعريفات وعقوبات لجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، ووجود بعض الأجانب في صفوف المجرمين، أو أشخاص من أصول سودانية يحملون جنسيات أجنبية مما يجعل محاكمتهم غير ممكنة داخل السودان لأسباب مختلفة. وبالنظر إلى اتفاق جميع الأطراف في مجلس الأمن، بما فيها تلك الدول التي عارضت القرار في بدايته، وامتنعت عن التصويت له في نهايته، على ضرورة عدم السماح للمجرمين بالإفلات من العقوبات (impunity)، فقد أجمعت كلها على معالجة الأمر على مستواه الدولي حتى لا تضيع العدالة الدولية وسط خلافات الأطراف كما حدث في مناسبات سابقة.
وأخيراً فيما يتعلق بدفع الحكومة أن الاتفاقية ينتهك سيادة السودان، يمكن القول أن موافقة الحكومة ابتداءً على تشكيل اللجنة الدولية للتحقيق في جرائم دارفور قبولها بمقرراتها مسبقاً لا يترك مجالاً لمثل هذا الدفع. كما أن حكومةً تتنكر لحقوق مواطنيها بطريقة فظة موغلة في الاستفزاز، وتفاوضهم في كافة المنابر الخارجية وترفض الجلوس إليهم في الداخل أو سماع صوتهم لا يمكنها أن تدفع بأن تدخل المجتمع الدولي يعد انتهاكاً لسيادتها الوطنية. ذلك أن الدول التي تعرف قيمة سيادتها الوطنية لا تترك مجالاً للتناحر السياسي، كما لا تسلم البلاد لحروب داخلية دامية لعقود من الزمان دون أن تتصدى لمعالجة أسباب الخلاف من جذورها.
ومن هنا يحق لنا أن نؤكد أن دماء أهل دارفور لا يجوز أن تذهب هدراً كما لا يجوز أن تذهب دماء وأرواح أهل جنوب السودان وجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق والشرق دون مساءلة لمن ارتكب جرائم حرب وانتهاكات أخرى ضد الأبرياء هناك، سواء كانوا مسئولين حكوميين أو أفراد الدفاع الشعبي، ولا يهم بعد ذلك أين تتم محاكمتهم! فالعدالة كل لا يتجزأ والمجتمع الدولي قد بات أسرة واحدة. فكيف تقبل حكومة السودان بالإغاثات التي تقدم لشعبها في جميع أرجاء البلاد من المجتمع الدولي ولا تقبل بالمساعدة على ضرب المجرمين!
ونعلم أن المجتمع الدولي ماضٍ في سعيه الحثيث نحو خلق مجتمع عالمي يحفل بمبدأ سيادة حقوق الانسان ، وهو ما يفرض علينا دعم هذا الاتجاه لتكون هذه الحقوق ثقافة عالمية تلزم الحكومات باتباع السلوك الحضاري، وتردع الطغاة والمتجبرين الذين تغص بهم حكومات العالم الثالث. ولن يكون بالإمكان بعد هذا أن تخرج أية دولة باغية عن إرادة المجتمع الدولي في ظل سيادة العولمة السياسية.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وقائع ندوة ملتقى الرياض ( رؤية قانونية للقرار 1593 ) (Re: ودقاسم)
|
الأخ ود قاسم والجميع تحية طيبة.، سأحاول نشر مداخلتي على التتابع، وهذا الجزء الأول منها بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الوالي الكريم والصلاة على سيدنا محمد مع التسليم. في البدء نشكر للملتقى الثقافي السوداني كريم تفضله بدعوته لنا للتحاور والنقاش والتفاكر حول قضايا هامة تتعلق بمصير الشعب السوداني. ستكون مداخلتي إن شاء الله عبارة عن تغطية لبعض النقاط الهامة و التي أرى أن الأخوة مقدمي الورقات لم يتطرقوا لها، ليس جهل منهم بقدر ما أن الأمر ربما يكون سهواً أو لضيق في الوقت، وبما أن موضوع الندوة يحتاج لمتخصص أو خبير قانوني وأنا حظي في القانون كحظ أحزابنا السياسية المعارضة من توزيع السلطة والثروة إلا أنني سوف أساهم بمداخلتي هذه وهي جهد المقل. قبل الولوج إلى لب الموضوع وهو الحديث عن القرار 1593 وتداعياته، يجب الإشارة إلى نقطة هامة وهي نقطة نافية لقول الذين يتباكون على السيادة الوطنية وهي إن السودان الآن تحت الوصاية الدولية وذلك بموجب الفصلين السادس والسابع من ميثاق الأمم المتحدة بموجب القرارات الدولية 1556 و1564 و1574 لسنة 2004. بعد تثبيت هذه المعلومة المفصلية والهامة علينا إذن أن نتساءل ما هي علاقة السودان ونظم الجزاءات الدولية. وسأحاول أن أحصر حديثي في نقاط محددة توضح أمر تلك العلاقة.
• تعرض السودان لأول مرة لنظم الإدانة والجزاءات الدولية تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بموجب القرارين 1044 و1054 لعام 1996 الصادرين من مجلس الأمن في أعقاب اتهام نظام “الإنقاذ” في السودان بالضلوع في محاولة الاغتيال الفاشلة لرئيس جمهورية مصر العربية حسني مبارك في أديس أبابا في 26 يونيو/ حزيران 1995م. • يتعرض السودان حالياً لنظام الجزاءات الدولية وذلك بتطبيق القرار 1593 الحضور الكريم.، فاتني أن أتعرض لتاريخ لجان التحقيق والمحاكمات الدولية وذلك كخلفية تاريخية أرى أنها مفيدة، وسأتناولها أيضاً في نقاط محددة كسباً للوقت وأعلم أن الكثير منكم منتظر لدوره في النقاش.
تاريخ لجان التحقيق والمحاكمات الدولية:
في الفترة الممتدة بين عامي 1919 و، 2004 أنشئت ست لجان تحقيق دولية خاصة هي:
• لجنة تحديد مسؤوليات مبتدئي الحرب وتنفيذ العقوبات سنة 1919 • لجنة الأمم المتحدة لجرائم الحرب سنة، 1943 • لجنة الشرق الأقصى في طوكيو سنة ،1964 • لجنة الخبراء المعنية بيوغسلافيا السابقة سنة ،1992 • لجنة الخبراء المعنية بدول رواندا سنة ،1994 • لجنة التحقيق الدولية لانتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في دار فور سنة 2004.
وفي ذات الفترة الممتدة والمذكورة تم تشكيل أربع محاكم دولية والخامسة في الطريق وهي: • المحكمة العسكرية الدولية لمحاكمة كبار مجرمي الحرب في أوروبا سنة ،1945 • المحكمة العسكرية الدولية لمحاكمة كبار مجرمي الحرب في الشرق الأقصى سنة 1946 • المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة سنة 1993 • المحكمة الجنائية الدولية لرواندا في “اروشا” بتنزانيا سنة 1994.
| |
|
|
|
|
|
|
|