|
لحـم الحـاج زرّوق
|
جدّي المعروف باسم ( ود تافون ) عاش عمره وهو يحترف الجزارة ، يبيع لحم الماعز ، وكمونيتها ، ويسلخ الرأس وينفرد به ، ثم يعود ليعرض جلدها على من يشتريه ليصنع منه قربة أو فروة ، وبثمنه يستمتع هو ب( حقة ) مملوءة بالتمباك ... لا يحقق ود تافون أرباحا تذكر من بيع اللحم ، فهو فقط يضمن الرأس لنفسه ، وبضعة قطع لأولاده لزوم البامية أو الملوخية ( المفروكة ) ... وهذا كان كافيا ليدفع ود تافون إلى الحرص على الذبح اليومي ، وتوفير اللحم لطالبيه مهما كان الأمر ... يقول جدي ( ود تافون ) أنه يكفيه من عمله أن يشم رائحة الدم ، فهو قد أدمن هذا العمل ، ولم تعد له حرفة سواه ، ثم أنه لا يقدر على البقاء دون أن يستطعم لحم الرأس ، وأنه لا يستطيع أن يعبئ ( حقته ) من التبغ المعروف ب ( ود عماري ) أو يحجز ( عبّارا ) من ( المريسة ) إن لم يجد عنزا يذبحها ويبيع لحمها ... لكن ، والحال هكذا ، لم يتمكن جدي ( ود تافون ) من تجميع راسمال يجعله يستمر وينمو ، وأصحاب المواشي لا يبيعون مواشيهم إلا لمن يدفع فورا ، وكل الذين يمتلكون أموالا سائلة لا يجرأون على إقراض ( ود تافون ) مليما واحدا ، وهم يعرفون أنه لن يتمكن من رد ما يقترضه ... و ( ود تافون ) لا يمكنه التوقف عن عمله ... فذلك يعني عنده توقف الحياة ... وأمام ود تافون ، لا مخرج إلا بالحرام . وهو يعلم أن القوانين هزيلة يقتلها العرف والأجاويد ، وأن زرائب المواشي وأسوارها لن تقف في وجهه ، فقد أنهكتها ثقة الناس ببعضهم ، وتجاهلهم لأهمية ثروتهم .. ويقول لنفسه : الله عالم بالحال ... وصاحب الضحية يسأل الله ان يعوضه خيرا ... ويردّد في بساطة متناهية : ( الجاتك في مالك سامحتك . ) جرّب ود تافون حظه ، وكانت الضحية الأولى ( عتودا ) سمينا ، حاول الهرب من مراحه ، فتلقفته أيدي ود تافون ، ثم ولجت السكين إلى رقبته ، ولم تنقذه صرخاته ... وتكررت حالة فقدان الماعز بالقرية ، وامتدت إلى القرى المجاورة ،،، واللحم لا يغيب عن الجزارة ، و ( الحُقّة ) مملوءة بالتمباك ، و ( عبّار المريسة ) محجوز لود تافون بشكل مستمر ، ولحم الرأس ( النِّيفة ) طاعم ومُشبع ومخصّص للجزّار فقط ... الذبيح يكون باكرا ، قبل أن يصحو الناس من نومهم ، والجلد يباع لأحد الغرباء ممن لا يستطيعون التعرّف على الضحية ، والأمور تسير بهدوء شديد ... لا شرطة ، لا بلاغات ، لا تحقيقات ، لا محاكم ... والشكّ يتسرب إلى نفوس البعض ، ثم يعودون إلى التعوّذ من الشيطان ، ويستغفرون الله ... يقول المعاصرون أن ود تافون كان يعرف بهائم قريتنا ، وكان يعرف إن كانت هناك بهيمة تائهة اختلطت مع بهائم قريتنا في المرعى الذي يتسع لبهائمنا وبهائم القرى المجاورة ... وإن صادفت عينا ود تافون مثل هذه البهيمة التائهة فإنه يسعد بها أيما سعادة باعتبارها صيداً سهلاً لا يضطر معه لكسر زريبة أو القفز فوق سور ... وذات مساء خريفي ممطر ، تنحرف معزة الحاج زرّوق عن الطريق الذي يقودها إلى حلة ( بُرْ ) ، لتدخل ضمن مراح من الماعز ينتمي لقرية ( عجوبة ) ،،، والحاج زرّوق شيخ متعبّد لا يمسُ للناس حقاً، ولا يُهمل لله واجباً ، يصحو عند الفجر فيصلي فرضه ونوافله ، ويدعو الله ، ثم يحلب معزته ليشرب أبناؤه منها شائ الصباح ... لكن في ذاك الصباح ، والسماء ما تزال تمطر ، لم يجد الحاج زرّوق معزته ، ولم يحلب لأولاده لبناً ، لكنّه دعا الله أن يحفظ معزته ويردها سالمة ... وكانت جدتي تصر على قولها أن الحاج زرّوق ( حوّط ) معزته ، أي قرأ شيئا من القرآن ودعا دعاء يمنع كائنا من كان في التصرف في المعزة ... لكن يبدو أن الحاج زرّوق قد فعل ذلك متأخرا بعض الشئ ، وقد سبق سيف ود تافون عزل الحاج زرّوق ،،، فكانت العنز قد ذُبحت قبل أن يبدأ الحاج زرّوق أداء صلاة الصبح ... والجو الممطر يحول بين الناس ومزارعهم ، فيكون هناك وقت للتثاؤب ، والأنس ، والألعاب الشعبية ، وكذلك لأكل مزيد من اللحم ... وعند شروق الشمس كان لحم معزة الحاج زروق موزعا بين قدور القرية التي استوت فوق نيران الحطب التي اعتادت أن تنضج حتى الأرض من تحتها ، لكن كل من اشترى لحما في ذاك الصباح ، لاحظ أن اللحم لا يستوي ، وكلما أضافوا إليه مزيدا من النار ، أصبح أقسى من ذي قبل .... وتفرّق أبناء الحاج زروق للبحث عن معزتهم ، وأُسقط في يد أهل قرية عجوبة ، فهم خئولة أبناء الحاج زرّوق ، وهم يحاولون جاهدين طبخ لحم المعزة ، واللحم يقاوم نيرانهم ... ويتوجه الناس إلى الجزّار ، يسألونه ، وفي داخلهم تكبر الاتهامات ، وما كان هناك بدّ ، فالمعزة للحاج زروق ، ولحمها لن يستوي ، وأهل عجوبة لن يأكلوا لحما في هذا اليوم ، وكلاب عجوبة ترفض اللحم أيضا ، والأمر ينكشف ... ويغيب نجم ود تافون ،،، ويصبح لحم الحاج زرّوق مثلا يُذكّر به كل من اعتدى على حقوق الناس ..
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: لحـم الحـاج زرّوق (Re: ودقاسم)
|
الله أجعل خيرات السودان كافة كلحم الحاج زروق .. كل الخيرات ..إلى أن تقام دولة العدل و المساواة . فلا زال هناك من لا يملك شبرا في أرض المليون ميل مربع.
أبو طلال .. إستمتعت أيما إستمتاع أولاً بطريقة ود تافون .. ثم بتداعيات المعزة التي ذكرتني بغنماية سيدي التي قال فيها زولنا الحلفاوي : ما بدري يا خليفة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لحـم الحـاج زرّوق (Re: ابو جهينة)
|
أبوجهينة ربنا يستجيب دعاك ويحفظ لينا مواردنا من كل ناهب ،،، وياريت يكون في كم حاج زروق كده في السودان يحوّطوا لينا السودان من بلاوي الحرامية ... وليتك تحكي لنا شئيا عن غنماية سيدي وسيرة الحلفاوي ... تحيات ، واحترامات
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لحـم الحـاج زرّوق (Re: ودقاسم)
|
اخوي ودقاسم يالكثرة نوع ود تافون في هذا الزمن بس محميين ويلبسون الشال كمان فوق الرقبة والحرف الاول من اسمهم جبهجي كمل الباقي انت
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لحـم الحـاج زرّوق (Re: حمزاوي)
|
أبو طلال
عندما تم تهجير أبناء جلدتي من وادي حلفا إلى أرض البطانة .. إعتاد زولنا أن يذهب إلى حواشته الجديدة ليتابع محصول القمح .. فوجيء يوما بتيس ماكن له قرنين و لحية كما لحية ( هوشي منة ). فقام زولنا بطرد التيس شر طردة و لعن سلسفيل جدوده و سبه سباً طويلا و طال السب أصحاب التيس و الذين خلفوهم لسابع جد. فجاءه أحد البني عامر جرياً و قال له أن هذا التيس تبع سيدي فلا يجوز لمسه أو سبه أو شتم أصحابه و إلا فسيصيبك ما لا يحمد عقباه. تا ني يوم .. جاء التيس نفسه يقدل و لحيته تتقدمه . فأكل و عاث فساداً في المحصول .. و زولنا واقف يتفرج و دمه يغلي .. و عندما شبع التيس ، أطلق صيحة المنتصر و عاد أدراجه بنفس القدلة .. فقال زولنا : ما بدري يا هليفة ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لحـم الحـاج زرّوق (Re: حمزاوي)
|
حمزاوي وينك يا دفعة ! كل ود تافون وإنت طيب ،،، نعم هم كثر ، وليت حاج زرّوق يكشفهم ، وويكشف زيفهم ،، قلت لي اسمهم بيبدا بي حرف شنو ؟ والله حكاية ...
| |
|
|
|
|
|
|
|