|
Re: اللجنة التنفيذية لاتحاد الادباء والكتاب (Re: خالد عويس)
|
عزيزي خالد عويس بالمعتاد من صلف الجبهة الاسلامية وتعاملها مع اتحاد الكتاب بفكرة أحزابالتوالي[/تثبت بأنها مازالت على ذات نهجها وعلى الكتاب ان يبحثوا عن ابوجا او نيفاشا ثقافية او يشهروا القلم U] !
الحُكومَةُ والكُتَّابُ فى السُّودانْ (1) مَشْرُوعِيَّةُ الغَضَبْ! .. .. بقلم كمال الجزولي
مفهومة ، تماماً ، مشاعر الغضب النبيل التى استقبل بها أعضاء وأصدقاء (اتحاد الكتاب السودانيين المحلول) المحفل الذى نظمته الحكومة ، خلال يومى 8 ـ 9/12/2004م ، عبر آليَّة (الأمانة العامَّة لفعاليَّات الخرطوم عاصمة للثقافة العربيَّة) ، وسعت من خلاله لتحشيد أكثر من سبعمائة شخصيَّة مِمَّن تأنس فيهم (هىَ) كفاءة (الأدب) و(الكتابة) ، وبعضهم أكفاء ما فى ذلك شك ، بتوجيه الدعوة إليهم عن طريق إعلانات صحفيَّة مدفوعة الأجر ، وفيهم من قضى محسوراً ، ومن ينتظر مشلولاً ، ومن شرِّد فى الآفاق ، ومن توزَّعته المنافى والمغتربات ، بل ومن لم يسمع بالمحفل ، أصلاً ، أو بلجنته التحضيريَّة (المنتخبة) ، أو بأنه ، شخصياً ، مُصنف ضمن حضوره ، إلا عندما قيل له ، بالمصادفة ، إن اسمه منشور فى عداد (المطلوبين) للمشاركة فى ما سُمِّىَ (بالمؤتمر التأسيسى للاتحاد العام للأدباء والكتاب السودانيين)!
مفهومة ، تماماً ، كلُّ ردود الفعل العفويَّة الغاصَّة بالحنظل فى الصحف والمنتديات ومجالس الأنس وشتى مواقع الحوار السيبيرىِّ على الشبكة العالميَّة. فأصحابها مبدعون تتحشَّد أعصابهم الاستثنائيَّة بالرنين ، ولا تخبو ذاكرتهم الوضيئة بالتقادم. واتحاد (كتابهم) الشرعى تعرَّض للحلِّ العدوانىِّ السافر ، قبل أكثر من خمسة عشر عاماً ، بإجراءات (عمليَّة) لا تخفف من وطأة ظلمها ، بعد كلِّ هذا الزمن ، شنشنة المغالطات (الاداريَّة) فى ذكر ما جرى ، أو طنطنة التأويلات (القانونيَّة) لدلالات (الفرمان السلطانىِّ) الذى سُلم لهم فى هذا المعنى ، ثم ما لبث أن تأكد بواقعة طردهم المزرى من (دار المقرن) التى شهدت ، فى زمانها ذاك ، من النشاط الأنيق ما ليس بمسبوق ، ومن الجهد الخلاق ما ليس بملحوق ، والتى لطالما جلس الناس فى نجيلها المضياف يتفيأون أعلى أفواف الثقافة السودانيَّة ، وأسمق نخيل الفكر الانسانى عربيَّاً وأفريقيَّاً وعالميَّاً. وهىَ هىَ (الدار) التى كانوا قد اكتتبوا بالتقطيع من الجلد كى تصبح حاضنة لتفاعلاتهم المباشرة مع بعضهم البعض ومع الجمهور ، ولتأسيساتهم الجمعيَّة للوجود السودانىِّ المغاير ، بكلِّ ما فى ذلك من احلام عبقة ، وآمال دبقة ، واحتمالات لانهائيَّة يتبحبحون فى أكناف مقاصدها احتفاءً بالآخر ، وبديموقراطيَّة التنوُّع الثقافى ، وبحريَّة البحث والاكتشاف والتعبير ، فإذا بها تنتزع ، بغتة ، من حدقات عيونهم كى تخصَّص لبعض تنظيمات أهل الولاء الطلابى للسلطة الجديدة التى ما كانت قد انقضت ، وقتها ، سوى بضعة أيام على إذاعة بيانها الأول صبيحة الثلاثين من يونيو عام 1989م! ولولا بعض الفطانة واتساع الرؤية لقال الناس إن قيامتها ما قامت إلا لأجل ذلك! على أن الفطانة واتساع الرؤية يوجبان أيضاً ألا نغفل استبصار جدل العلاقة بين العدوان على (اتحاد الكتاب) والعدوان على (الديموقراطيَّة)!
إذن فقد كان تجريد (اتحاد الكتاب) من (داره) فعلاً سياسياً استهدف ، أول ما استهدف ، تنفيذ (حلِّ) الاتحاد بتجريده (عملياً) من أهمِّ أسباب منعته الثقافيَّة الديموقراطيَّة التى شهد بها القاصى والدانى أوان ذاك. وقد تكون محاولة الكشف عن جوهر المسكوت عنه (سياسياً) بمسبار المُفصَح عنه (إدارياً) منطوية ، لدى البعض ، على قدر من الغرابة ، للوهلة الأولى ، سوى أن شرح هذا لا يطول. ذلك أن الكتابة الابداعيَّة ، مثلها مثل ضروب الابداع الأخرى ، هى ، من قبل ومن بعد ، نشاط اجتماعى فردى يمارسه منسوبو شريحة اجتماعيَّة محدَّدة وواسعة ، دون أن تضمُّهم ، فى العادة ، جغرافيا واحدة. فالكاتب ، مثلاً ، قد يكون موظفاً فى مصلحة ما ، وقد يكون عاملاً فى مصنع ما ، وقد يكون طبيباً فى مستشفى ما ، وقد يكون معلماً فى مدرسة ما ، مثلما قد يكون عسكرياً أو مدنياً ، ريفياً أو حضرياً ، مقيماً أو متنقلاً ، وما إلى ذلك.
مثل هذه المهن والفضاءات الديموغرافيَّة غالباً ما تتيح لكلِّ المنتمين إليها ، سواء كانوا من الكتاب والمبدعين أم من غيرهم ، فرصاً لعُشرة اجتماعيَّة حميمة مع أناس تتخذ القواسم والمصالح والاهتمامات المشتركة بينهم شكل التواصل اليومىِّ والمنهجىِّ المنتظم ، ولو بالحدِّ الأدنى الذى توفره (جغرافيا) العمل نفسها ، بما يرعى هذه المصالح والاهتمامات ، بالحدِّ الأدنى ، ويضمن القدر المعقول من إمكانات تفتحها وازدهارها على كلا المستويين المهنى والانسانى.
لكن (جغرافيا) مثل هذه لا تتوفر ، فى العادة ، لكتابنا الذين لم تبلغ مهنيَّتهم ، بعد ، ولأسباب اقتصاديَّة سياسيَّة معلومة ، مستوى الاحتراف. فهم إنما يكتبون تحت شروط الفرجات الشحيحة التى يصطنعونها اصطناعاً بين تقاسيم الوقت الاجتماعى الضرورى لكسب العيش ومكابدة شواغل الحياة الأخرى ، مثلهم فى ذلك مثل سائر الخلق. لذلك ، ومهما يكن من شئ ، فإن الكاتب أو المبدع لا يكفُّ عن التشوُّق إلى مناخ آخر هو مناخ (الاتحاد) الذى يوفر له التضام والتواصل المنهجى المطلوب بإلحاح مع غيره من الكتاب والمبدعين ، خدمة لقضايا أخرى تتسِمُ بقدر هائل من التشعُّب الكمى والتميُّز النوعى. ومن نافلة القول أن أول أشراط هذا المناخ ، ليس فقط الوجود (القانونى) ، أو توفر (التمويل) ، أو الحد الأدنى من (الحريَّات الديموقراطيَّة) ، بل ، وبدرجة لا تقلُّ أهميَّة ، وجود (الدار) ، أو (الجغرافيا) الحاضنة والمُيَسِّرة لوحدة النشاط على تنوُّعه ، تحت ظرف لم تنمح فيه ، بعد ، (الأميُّة السيبيريَّة) لدى معظمنا ، كى نقول إن بمستطاعننا أن نخلق من (الكونفرنس) و(الماسنجر) و(الايميل) وسائر ما توفره وسائط الاتصال الحديثة (جغرافيانا) البديلة ، عِلماً بأن (اتحاد الكتاب) منظمة مجتمع مدنى مفتوحة بطبيعتها ، وشرط العلنيَّة لازم ، بالتالى ، لنشاطه الاجتماعى المطلوب ، فلا يتوهَّمَنَّ كريم إمكانيَّة أن يتحرَّك ، قيد أنملة ، بشروط السِّريَّة!
لذلك كله فما من شكٍّ يخالطنا فى أن الذين اجترحوا تلك الاجراءات التى عصفت (باتحاد الكتاب السودانيين) عملياً ، تحت شرط الشموليَّة التى عصفت بالديموقراطيَّة ذاتها فى خواتيم ثمانينات القرن المنصرم ، كانوا يعلمون ، يقيناً ، مثل علمهم بجوع بطونهم ، أن ذلك كله قد كان بمثابة الفصل للتيار الكهربائى عن جهاز لا يعمل إلا به! فمن ذا الذى تراه يقتنى ، مثلاً ، جهاز تلفاز ، بالغة ما بلغت جودته ، ليضعه فى بيت لا تصله كهرباء؟! وبذات المنطق ، من الذى يمكن أن تنشرح حماسته للمشاركة ، وفق شروط الشموليَّة والطوارئ وغياب الديموقراطيَّة ، فى إدارة (اتحاد للكتاب) بلا ضمانات للحقوق والحريات من جهة ، وبلا دار أو (جغرافيا) تجمع الكتاب ، من الجهة الأخرى ، فلا يدرى ، أصلاً ، متى أو أين أو كيف سيتواصل مع الآخرين ولو إنسانياً ، دع أن يتفاعل معهم مهنياً ، وبالصورة المنهجيَّة اللازمة لزوماً لا بديل له سوى التشظى والشلليَّة وإهدار الوقت فى المعارك الدونكيشوتيَّة وسوء التفاهمات غير المرغوب فيها!
تلك هى أهمُّ الأسئلة التى ظلت تشغل تفكير هذه الشريحة من المبدعين السودانيين. وقد تعلقت آمالهم ، مؤخراً ، كما وآمال قطاعات الشعب كافة ، بما يمكن أن تسفر عنه جهود إيقاف الحرب الأهليَّة من اطفاء للحرائق المشتعلة ، أو التى تنذر بالاشتعال ، فى طول البلاد وعرضها ، وإحلال السلام ، والتغيير الديموقراطى ، وبما سيترتب على كلِّ ذلك ، حتماً ، من اتساع فى الفرص الجديدة للسير بطريق دستورىٍّ آخر يسمح باستعادة الكتاب وكلِّ المبدعين لاتحاداتهم الأهليَّة وروابطهم الطوعيَّة فى أجواء الحريات العامَّة والحقوق الأساسيَّة ، ناهيك عن استحقاقهم لتلقى (اعتراف) رسمىٍّ علنى مخصوص (بحقيقة) العدوان الشمولى الذى وقع على (اتحادهم) قبل عقد ونصف من الزمن.
لكن ، ها هم ، وبدلاً من ذلك ، يتلقون دعوات ، عن طريق الصحف السيارة ، لمؤتمر تأسيسى (لاتحاد جديد) تحت إشراف الحكومة ، وبترتيب مباشر منها ، فلكأن شيئاً لم يكن ، ولكأن (اتحادهم الأصلىَّ) لم يكن واقعاً ، بل محض (حُلم ليلة صيف) ، ولكأنهم لا يَعْدون ، فى الحساب الحكومى الختامى) ، محض زر تضغطه لينغلِق ، ثم تضغطه لينفتح ، وهكذا دواليك!
أفلا يتبقى لديهم ، بعد هذا كله ، مجرَّد الحق الانسانىِّ البسيط فى أن .. يغضبوا ، دَعْ حقهم الأصيل فى أن يمتنعوا عن المشاركة للحدِّ الذى تراجع فيه العدد المتوقع فى الجلسة الافتتاحيَّة من أكثر من سبعمائة كان يُفترض حضورهم ، حسب الدعوة ، ولو من .. المقابر ، ليتقلص إلى أقلِّ من ثمانين ، بما فى ذلك الرسميون والموظفون العموميون وإداريو (الأمانة العامَّة لفعاليَّات الخرطوم عاصمة للثقافة العربيَّة) ، ثم ليتقلص العدد أكثر ، بعد انفضاض سامر الجلسة الافتتاحيَّة وبدء جلسات التأسيس الفعلى ، إلى أقل من .. عشرين؟! وهل ، يا ترى ، أدرك هؤلاء السادة المنظمون ، مِمَّن أطلقوا على أنفسهم إسم (اللجنة التحضيريَّة المنتخبة) ، معنى أن يخلص كلُّ الوقت والمال المبذول إلى محض جهد مُهدَر؟! (نواصل)
********** عن سودانيل
| |
|
|
|
|