|
حكاية الشاعرة ... اسماء صديق الطيب ... التي ادمت قلبي وادمعت عيني
|
اولاً وقبل أن ندخل في الحكاية التي ابدعت شاعرتنا في تصويرها لا بد من تعريف سريع بشاعرتنا المرهفه بنت بلدي أسماء صديق الطيب الجنيد (soma)
بقلم الأستاذ عبدالله عمر الحبيب اذا يقول عنها : اسماء صديق الطيب ... شاعرة من بنات بلدى, انسانه مرهفة الحس وجميلة الوجدان .بدات الكتابه وهى يافعه بتشجيع متواصل من والدها المغفور له العم صديق الطيب المربى الذى تعرف فضله الاجيال... معه اتيحت لاسماء ان تعيش فى مناطق عدة بالسودان, احبت قراه وحضره. عشقت النيل وتغنت مع السواقى وحكت عن العتامير ومجتمع القرية بكل ما فيه من جمال وتسامح وتعاون . اكثر ما يميز اسماء عن غيرها هو انتماؤها الصادق والقوى لمجتمعها وقدرتها المبدعه على تصوير مفرداته لدرجة عالية من الشفافية النافذه. حتى تكاد ترى وانت فى ركن قصى بعيد عن السودان ...تكاد ترى شخوص ذاك المجتمع تضج حركةً : ذاهبةً لفرح, او فى لمة قيلوله ,فى معايدة او عزاء فى فقد عزيز .. صهرت الغربه اسماء فجاءت اشعارها اكثر نضجاً تفيض احساسا صادقا تنفذ لدواخلك بمجرد سماعها او قراء تها, لهذا تفاعل معها كل من سمعها او قرأ لها على صفحات مواقع شبكة المعلومات العالميه ... ( عافى منك وراضى عنك يا اسماء) ,. كانت تلك هى آخر كلمات فاه بها المغفور له العم صديق الطيب قبل ان يودع دنيانا الفانيه وكانت اسماء بعيده عنه فى غربتها, ولكنها كانت حاضرة باحساسها , حيث كانت منقبضة فى ذلك اليوم بلا سبب معلوم . وكتبت فيما بعد حكاية من الواقع مست شقاف القلوب وادمعت العيون .فكانى بذاك الرضا الابوى بمثابة نفحات خير وبركة على ينبوع اسماء الابداعى . اقدم لكم ايها الاعزاء جميعا الاستاذه اسماء صديق الطيب . عبد الله عمر الحبيب كندا فانكوفر
ثم بعد هذا نعرج لحكاية شاعرتنا التي ابدعت في وصفها ونقل أحداثها بصورة تجعلك كمن سمع وشاهد من شدة ابداعها في نقل صورة وحجم الألم الذي الم بها في تلك اللحظه لا افسد عليكم جمال النص فهيا نلج في عالم اسماء الجميل
حكاية من الواقع الزمان في شهر مايو2001. ألا جازه السنوية المكان قريتي الصغيرة الكائنة في قلب الجزيرة وسط الجروف والبحر والحواشات الكتيره . كنت زي كل مره وزي كل الناس بفرح بالا جازه . امشي السوق واتبضع والملم في الهدايا لي الأهل العزار, والجيران, والأصحاب , وباقي الأحباب . استف شنطي قبال شهرين وامكن تلاته, و اقعد احسب في الأيام تمشي تمر زي سلحفاة يمر يوم ويرجع ورا أسبوع , النوم يطير من الفرحة , بعد الناس تنوم اقعد احسب في باقي الأيام الجايه, أتخيل في يوم الوداع من ما يجوني صاحباتي واشيل ليهم الحاجات, والجوابات , و لازم اتذ كر الصاحبات عشان اخلي ليهم مساحة في الشنيطات ..واسرح بعيييييد أتخيل يوم السفر من الصباح حتى الغيار البلبسو يوم السفر بتخيلو . ما دا بكون اشتريتو قبال ما أفكر في السفر . لانو بذ كرني بي السفر و يوم السفر , ويوم اللقاء المنتظر, اصحا بدار لا باكل ولا بشرب شاي الصباح. ولا رأسي اليوم داك بحس بالصداع , ما الفرحة اكبر من كل الظروف , حتى التعب من السهر براه بروح , امشي المطار زي الصغار, اضحك أتبسم وعلى البشوفو كلو اسلم . استنا في صف العفش والناس دافسه دفس . كل الشنط مردومة ردم , وناس كتيره اكتر من الشنط الفي المطار, تخاف تقول ديل كيف شايلم المطار. ولا الكلام الطيارة يا جماعه ديل كلهم ماشين معانا ؟ لكن ولللاسف ما كلهم حا يضو قو السفر . فيهم الليهو سنين ما قادر يسافر , ولا حتى بقدر على حق التذاكر, الله كريم عليهم. ما في زول ما بدور السفر وشوفة الأهل , لكن الظروف القاهرة نعالجا كيف ؟ المهم أصحابنا ديل عندهم الجوابات , دايرين يرسلوها ومعاها حبة قروش وشوية حاجات , يجوك يستأذنوك, لو ممكن تشيل يا زول ؟ . فيهم البتضارا من الناس ويتصرصر , الله لا وراكم لا بساعد ولا وجها صبوح منويعتزر . أهلنا مجبورين يمشو لي أتنين تلاته , وفي النهايه يشوف ليه حاجه جايه , يقول دي احسن . وكلامو صاح تلاقيه الحاجة تتبسم وتتلعثم في الكلام , وبالأحضان بتسلم , اهلا يا عشاي أنا ماشه راجعه لي وليداتي , جيت لي ولدي دا , وهسه ماشه. اها يا حاجه بس اديك الجوابات ديل لي أهلي, بتصلو بيك وبجوك في بيتك , من مكانك ما تتحركي. سمح يا ولدي بس اكتب العلوان. وصاحبنا يتنفس نفس طويل ويساعد أخوه ود الحاجة في العفش , لما ينتهوا من الوزن يقيف مع المسافرين , لما يدخلوا والحاجه تمشي يجيها بي الأحضان يودعا كأنه بعرفا من سنين , ونمشي الصالة , وهاك يا لخمه وإزعاج , كل واحد يصلح في الأكياس ا لشايلا , كل واحد فرحان زي يوم العيد, وتجي الطيارة , والجميع يتشابا يشوف الطيارة , زي أول يوم يشوفا. بعد التعب وزحمة الناس , وركوب الطيارة..
يبدا المشوار. العالم جايطه والأطفال تجارا, كأنهم في حارة ما في طياره. والباين عليه التعب, شويه يتقلب, ويتقلب, وهاك يانومه. والبقرا في جريده, والبشوف في مجلة لا فيها قصه ولا قصيده,تكسير زمن وبس.
رحله طويييييييييييله , ومن فوق يلوح لينا غبار بلدنا, والطوب الأحمر المجدع في الشوارع , والشجيرات , والعربات السمحة والمكسرات , وكيمان كيمان العمارات , قلبى يقول تح... تح.... اها وصلنا يا ناس . ديك الخرطوم , وامدرمان, وشمبات، أدور أطير من الكرسي واجرى أخلى القاعدين. اقعد اضحك براى من الفرحة, واتمتم بى كلمات بس ما فاهمه شئ . ولا المعاى سامعنى كل زول في حالو. ولما تقيف الطيارة , نتزاحم اكتر من أول زي الماشين بيت واحد, بنتسابق على الطريق نشيل ونخمخم في الشنط والا كياس الشايلنها في أيدينا. التوب يتكرفس, والوليدات يتصايحو من الفرحة .الكل فرحان , كبير, صغير, مافى فرق في اللحظة ديك من كبير ولا صغير. وجوه المطار هاك يا انتظار . اصعب انتظار, طياره طيارتين قدامك ,ما دا زمن
ألا جازه. بس اقعد بعيد واتفرج شديد. لما العفش يجيك ، وأعمامنا الكبار الشغالين في المطار، متلهفين زينا لي رزقم من بخشيش , أكان دولار, أكان ريال، ما هم برضو بحسبو لي ألا جازه وجية المغتربين لي اهلم .. ولما نكون خلصنا من التفتيش ولم العفش، والشنط زاتا ما بتشيل كل العفش ,التقول ما كان فيها ده كلو . نحن ما كنا دافسنها دفس... ومتين نخلص من العفش, نمشى لي الناس الحنان المستنينا من زمان , في الحر والغبار. ليهم ساعات طوال ...
بعد السلام والمطايبه, نفكر نجرى لي الناس الكبار , المابقدرو لي جية المطار , والزينا شوقو بيطول .. ما نحن ما من امبده , ولا السجانة, ولا المحلات القريبة.. نحن من الجزيرة , ساعة ولا أتنين بالكتير ونصل الحلة . بعد ما نمر بي حلال أهلنا من سوبا , والمسعود يه , الأجمل من السعودية ،والتي وأبو عشر, لمن نصل البحر . وهناك يجينا نسيم أهلنا والطين , والجبنه , واللمه ,ولمن نصل تكتمل اللوحة بالسلام , والدموع , والابتسامات , وصياح الأطفال والجيران.
اها الجماعة وصلو ؟ آي وصلو , ألف حمد الله على السلامة ، الله يسلمكم يا أخوانا ،العمات , الخالات , الجارات , الصاحبات ,كلهن يجن جاريات , بعد السلام واللمه الكبيرة ,نشوف المهم من أحوال الديره , نمشى نعزى في هوايد الليل قبل الصباح , ما ناس عشه بكاهم حار وما بتخلى لي الصباح ,
والباقي من أخبار الحلة لي الصباح , قبال شراب الشاي.
وناس البيت في عقاب الليل يتقسموا في الحاجات , دى حقتى ، ودى حقتك ,
والبيت كلو يقيس ويعبر في الحاجات , وتجيك ريحة الهبهان , والصابون, والمعجون , وتمشى تنووووووووم . بعد سهره طويلة , لا فيها تعب , ولا مرض . وكمان من الصباح اول زول تلقاك صاحى وفرحان , مشتاق لي شاي اللبن , وموية الزير .
وتبدأ أحلي أجازه مع الأهل .سلام بالأحضان من أول الحلة لي آخر الحلة
الصغار , الكبار , أسبوع سلام الناس داخله ومارقه أفواج, أفواج , منهم من شايل عامود أكل , ومنهم قهوة ضهر ,والعروس بالليل تجيك تكوس . ولما ألا جازه تنقضي يجوك مودعين تانى بالعشيات , والونسات , والضحكات ,وأنت سارح هناك تتذكر نهاية اجمل اللحظات . وتودعم على أمل اللقاء بهم في ألا جازه الجايه بأذن الله .تفارقم وقلبك معصور ألم , مع نغمات الوداع الحنينه , الحزينة , ترن في مسامعك . ودعتك لي الله والرسول , وداعتاً تغطيك وتحفظك وترجعك بالسلامة , ودعناكم الله والرسول , ودعناكم لى أمين الوداعة البختا البلا والساعة.. . وداع وأمنيات جميلة تصبر وتجرس في آن واحد ...
..المرة دي وقبل ألا جازه بي أسبوع بس, يا خوانا بعد ما اشتريت كل الحاجات وعملت كل التجهيزات الحكيتا ليكم.. من الصباح التلفون صاح.. اللهم اجعلوا خير في شنو؟ جاني الخبر. خبر السواد... خبر الرماد... أبوك مات... آه أنا .
أنا الولهانة لي شوفتك ,أنا المشتاقة لي ضمك...آه أنا... بعد غياب سنه ونص آه أنا.. الكنت بتكلم معاك قبال يوم بس ... آه أنا... الماشة ألا جازه أعيد احلي سيناريو بتكرر علي كل مره . لما نصل بتجي جاري قبال ما تقيف العربية , آه أنا ... لمن تسلم بتلمنا, وبتخمنا كلنا, آه أنا... وو ووب أنا... اتجر ست, واتبهدلت, والخبر يا أخواني في الغربة حار..
و موت الابو يا خواني نار.. صعب الفراق , صعب البصدق الخبر . والأصحاب ما بقصرو بس الصعب انو الخبر كيف تتقبلو.. خليت, الشنط ,خليت العفش, وشالوني شيل لي المطار, الكنت بمشيه براي بي شوق وفرحه. كرهت المطار, وكرهت السفر في اليوم داك, ولمن وصلت لا شفت بلدي, ولا غبار بلدي , ولا العمارات, ولا الشجيرات , ما العيون بالدموع مليانات , آه أنا.. من اللقاء جوه المطار, من الأهل الواقفين بره المطار , الكل جاي يعزيني , يواسيني , الموظفين, الموظفات , الطلبة , الطالبات, أولاد أهلي الفي البندر, والبنات الفى الجامعات, واه أنا من شوفة الأهل, كمان معاهم محمد اخوي الصغير البعد موت ابوي بقي كبير وجاي يصبرني ومستقبلني في المطار. أنا اها أنا... يا أخوانا السلام كان بالفاتحة, والقبلات كانت بالدموع , والجاني كلو شايل السلام بعد الفاتحة.. أتغير ا لكلام, العبارات اتبدلت من المصيبة الهلت علينا, الله يصبرك, والله يصبرك, واه أنا من المشوار لي الحلة. وشالوني شيل وختوني في البوكسي , وماسكني من الحالة العلي أهلي الكبار,
واه أنا من الوصول , قبال اصل شلت الهم كيف اصل, وين أبوي الكان بجينا قدام الباب؟ وين أبوي الكان بسلم بي ترحاب؟ وين أبوي ؟ وين أبوي؟ نزلت زي مجنونة ما شايفه الناس, ولا شايفه اللمه, حتي الملامح اتغيرت, من ناس بيتنا لي الجيران, والأهل كلهم, لانهم بكوه شديد, واتبهدلو, وجيت أنا بصوت مبحوح, ما بطلع حتى لو طلعت الروح.. دايره اكورك, دايره ابكي, ما قادرة أنا. اها أنا... أخواتي الصغار ,أخواني الصغار, أهلي الكتار, ابكي مع منو؟ اعزي منو؟ أمي الحنينه المتوجعة, ومتصبرة, وبي التوب الأبيض متلفلفة؟ آه أنا... ووووب أنا... يمه صحي أبوي مات ؟ قولي الحمد لله يا بتي استغفري الله... احي أنا ..وو ووب أنا.. ما شفتو.. أسبوع واحد بس. واجيكم. يمه هييييي يا يمه صحي أبوي مات؟؟ يا أخواني هيييي. صحي أبوي مات ؟ حتى أخواني الأولاد الكانو بالعين عبرتم ومتصبرين شافوني زي المجنونة ما مصدقة قالوا ووووووب. ونسوا الصبر. ونسو الناس المعانا , قالو ووووووب, أي أبوك مات, أبونا ما ت....
قالوووو وووووب, زي النسوان الواقفات , قالوا وووووب , و جاني عمي, وجاني خالي, والناس الكبار , ما فيهم من قال اتصبري, اتصايحو معاي وردحوا ردح وصرخوا زي شفع صغار , والدموع ماشا جاريه زي بحر حزين, وأنا أقلد في الكبير والصغير, أمي, أخواني, أهلي وحباني, جاتني الخالة, جاتني العمة, يا عمتي هووووي صحي أخوك مات؟؟ احي أنا يا بت أمي أبوك مات.. . مات الاخو, مات الابو, مات الخال مستور الحال , طويل البال. خال الوليدات. مات الحنين, مات الخزين, أحي أنا... مات الوسادة, مات الركازه, مات المهل عشا الأهل, مات المربى , مات المدرس, مات الكلس, مات ألما بعرف لم القرش , احي أنا وو ووب أنا... يايمه كيف السلام؟؟ كيف الحضن والضمه؟؟ كيف مع الأهل اتلمه؟؟.يا يمه يا حبيبة الضلمه... يوم طويل يوم ما بتمناه لي عدو, ولا حبيب , وكل ما أقول أتصبر, أشوف أمي متلفلفة بالتوب الأبيض واتذكر, والعيون ترقرق, والدموع تنهمر, وحا تظل تنهمر, وتنهمر,
لمن أموت واحصلك, يا يابا .ما بقدر اعمل شي دا القدر, وكل البقدر عليه ا رفع الأيدي أتتضرع, لي ربي الكريم يرحمك, وفي جنان الخلد يكون مسكنك, ويا الله الكريم تصبرني, و يا أخواني الكرام أتدعو لي , الله الكريم يرحم أبوي, ويصبرني .............
أسماء صديق الطيب
28/10/2001 www.al-nafitha.com
|
|
|
|
|
|