دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
من ذاكرة الشموس الغائبة: مشروع روائى من الدفتر الخاص
|
متعبة روحي لحد التلاشي وجسدي منهوك وخائر، اللعنة، ما الذي يجبرني أن أعمل هذه الأعمال، عاملة نظافة لدى أسرة عربية، يحاولون تنميق هذه { المهنة} بأني مربية لأطفالهم ولست منظفة، يصطك سؤال جدتهم التي جاءت لزيارتهم، {شوف البنت دى أخدت الزبالة}، نعم أخذتها وقمت بتنظيف الثلاثة طوابق، الحمامات تلمع من النظافة حتى يطيب لكم الجلوس فيها طويلا حين يصاب أحدكم بالتخمة. رددت فى سرى العن هذا العمل والعن الشلنات الآتي لا يغنين من جوع، أتماسك حين تهاجمني بحنان قاسى وجوه أهلي وأحلامهم بان يتغير الحال يوما ونكون { زي الناس} أخرج أجرر قدماي الواهنة التي قادتني إلى هذا المصير، إلى بلاد لم أتتبين بعد صهوة شموسها ولم تخصني يوما بحكاية دافئة تدثر روحي من غربتها وتهويمها فى جبال الألب الباردة. يبدأ يومي معهم الثامنة صباحاً، أصحو عند السادسة وأحاول أن أخمد أنفاس المنبه لأنام ولو دقيقة إضافية واحدة، بنصف عين اغسل جسدي بالماء الدافئ بعدما ما أكون قد علقت روحي على شماعة الزمن الميت. اللعنة يجب أن أسرع وإلا سيفوتني القطار، ساعة كاملة ما بين هولابرون، المدينه الجميلة الهادئة وفيينا الصاخبة، أخذ مكاني وما زلت أحاول ترتيب روحي بعد أن أعدتها على جسدي وأحاول أن أفتح عيني حتى أتأمل هذه الوجوه الباردة التي لا تبان فيها ملامح ابتسامه، يا صباح الرحمن يا عالم، { هم مالهم عاملين كده، ما لهم جامدين ذي جليدهم ونظراتهم لا تهتم بوجودي، الكل يشغل نفسه، امرأة مسنة جميلة الملامح كدتها جدتي {بت ابوشالية}، لولا أن وجهها يخلو من الشلوخ التي كانت تميز جمال جدتى. يقف القطار العادي الذي كنت احبه أكثر من السريع لان الأول يقف فى كل القرى، ما أجمله من ريف، الفيلات يسكنها الهدوء والستائر مسدلة، كانت لي أمنية واحدة هي أن أكون نائمة مثلهم فى هذا النعيم السرمدي، أمنية واحدة أن أغفو ولو الإغفاءة الأخيرة. تائهة روحي، منهكة قصائد المستحيل ونجماتي إلى خبأتها قصيا فى جوف محارة الذكريات الخاصة جدا طالها الشحوب. يقطع حبل تفكيري { الكمساري} أي الكنترول أو ما يسمى من قبل الطلاب الفقراء جدا { عباس}، يأتي صارم القسمات يوزع ابتسامات ما أحسستها يوما طازجة كابتسامة {كمسارينا} التي تسبقها الأصوات المتداخلة والعالية جدا وهو يزمجر مطالبا بسعر التذكرة. دانكى، ثم يذهب إلى راكب آخر بينما أكون قد شغلت نفسي بتلك الشابة الشقراء وهى تختطف آخر قبلة من صديقها ومن ثم تأخذ مكانها فبالتي وهى تداعب بحنان بالغ الكلب ذو العجيزة الضخمة، أخذت ألملم جسدي المنهوك حتى لا يلمسني هذا الكلب، لم أكن أعرف انهم أجادوا تربية كلابهم، يغذونها جيدا ولها طبيبها الخاص وتأمينها الاجتماعي. آه أتت هذه العجوز التي تعمل فى إحدى تواليتات {البراتا بفيينا}، رجوتها مرة أن تسمح لي باستخدام التوليت ولكنها رفضت تماما إلى أن أكمل السعر إذ أن ما كنت أملكه اقل بقليل منها، نظرت لها بغيظ لأني كلما رأيتها أحسست بأن مثانتي قابلة لانفجار. عند مدخل فيينا آخذ الترام حيث هذا العمل الذي يؤذى مسامات التماسك في تدمع عيناي وألعن كل الظروف التي قادتني إلى هذا المكان، تذكرت احمد طه امفريب، مصعب الصاوى حمامه وطاهرة، تذكرت نقا شاتنا وأنا أعد إحدى البرامج لإذاعة البرنامج الثاني، آه هذا كان وينبغي أن أركز فى الحاضر، لكن اجترار الذكريات يقويني أحيانا رغم أن أخاف أن يخدرني ويسحبني إلى وهم جميل أدغدغ به أمسياتي التعيسة حين أعود الىغرفتى بالسكن الطلابي فى إحدى الكنائس الأثرية التي بنيت فى القرن الثامن عشر. كنت فى أيامي الأولى احسب كل شئ بالجنيه السوداني ، ليست هناك ضرورة لاشترى وجبة مغذية طالما أن هذا المبلغ ذو قيمة كبيرة، الساردين والتونة اللعينة رافقوني إلى زمن قريب. ثلاثة مرات فى الأسبوع اعمل عند هذه الأسرة العربية، أسرة ثرية للغاية ورغم ذلك الساعة تعادل ثلاثة دولار، كنت حين أخرج عند الخامسة مساء والليل أسدل ستائره على روحي التي تجمدت بفعل قسوة الجليد والغربة، ينبغي أن أسرع حتى لاتفوتنى المحاضرة بالجامعة. أتلكأ فى المسير بفعل الإنهاك الذي نخر عظم روحي، اجلس على كنبة بعد أن امسحها من الجليد المتراكم وحيث يقل المارة بهذ الطريق المعزول الآمن أجلس عليها أبكى بحرقة كل أحلامي، انتحب وتنتحب معي كل قصائدي التي آويتها وريد بعيد فى بوبوء نجمة لا تطل على هذه السماء الملبدة بالغيوم، البكاء يغسلني يصحيني ينادى حفيف دفء ما ارتعش له بكل الحنين واجتراح عذاباتى هذا المكان فى تلك البقعة المتصحرة ينتمي إلى تلك الآهات والدموع السخية ينبغي أن اعجل فى خطوتي، هذا البروفسير {الخواجة ابو عيون خدر} كما تسميهم جدتي وكأنها رأتهممن قبل، يرعبني شرحه السريع، حضوري مهم رغم أني لن أفهم ما يقوله، تسجيل المحاضرة وحين أعود لسجني ليلا أحاول أن أرتب هذه الكلمات بقاموسي الذي اهترىء وإن لم أفلح وهذا غالبا ما يحدث وروزمارى صديقتي ستقوم بتفريغه حتى أذاكر بشكل جيد. القاعة ضخمة، يجلس عليها قرابة السبعمائة يسمونها الاديو ماكس لسعتها الرحبة التي تبتلع هذا الكم لهائل من الطالبات والطلاب، ولكنها لا تبتلعني، بلوني الأسمر الذي يميزهم عنى يرقبني البروفسير بفضول أو ربما يتهيأ لي. أصابتني حالة هستيريا حين نظرت مرة لخلفي ورأيت هذا العدد المهول وأنا أسائل نفسي بفزع هل سأنجح وسط هولاء؟ يقفز وجه جدتي يقويني يسندني وصوت أبي يرتد صداه فى هذه القاعة وكلمات التشجيع التي مازالت تقويني، كنت أعرف بوعي صلب رغم قسوة هذا الواقع بأني سأحقق هذا الحلم الأكاديمي وكنت اركض وراء أسراب أحلامي أن اقف يوما فى هذه الجامعة وأدرس فيها بعد أن سدت سعاد الفاتح عميدة كلية البنات حيينها منافذ التعيين كمعيدة رغم حصولي على مرتبة الشرف فى كلية الأعلام، صوتها الأجش يصطك فى أحلامي: { أنت قريتي أربعة سنوات قومتى العجاجة دى عاوزانى كمان أعيينك عشان تلوثي أفكار البنات بأفكارك الخربة دى!}
تذكرت كل ذلك وبكيت على ذات الكنبة التي عايشت أحزاني وغربة روحي قرابة منتصف التسعينات، أنا بنت المعاناة والأحزان، بنت الفجر والنساء المكافحات، جداتي بائعات الكسرة فى السوق الصغير فى كوستى التي صنعتني من طين وحزن ولعنات، سأقف أمام هولاء الطلبة والطالبات النمساويين كمحاضرة أدرسهم من تجاربي من تاريخ شموسنا وعصارة أناشيدنا. وها قد كان
إلى اللقاء فى الحلقة القادمة
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: من ذاكرة الشموس الغائبة: مشروع روائى من الدفتر الخاص (Re: Ishraga Mustafa)
|
فى الواقع ما يدفعنى للكتابة لك ليسة القصة او مشروع الرواية المهم هو انت اشراقة مصطفى بت كوستى زاتها؟ أنا ياستى عبدالغفار محمد سعيد واعتقد اخر مرة اتشاوفنا سنة سبعة وثمانين باللة كيف احولك وصحتك واخبار اهلك بلمناسبة يبدو انو الرواية حتكون رائعة جدا عموما ساتابع توالى فصول الرواية من خلال البورد و اجو ان نتواصل ولك الود كلة الزول ما بصدق لمن يلق زول من ناس كوستى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من ذاكرة الشموس الغائبة: مشروع روائى من الدفتر الخاص (Re: Yassir Mahgoub)
|
عبد الغفار محمد سعيد، نادوس وابنوسة بالانتماء وكل ناس كوستى المرابضات والمرابضين وعلى رأسهم ميرفت والسمندل
نعم هى انا امرأة من مطر من غضب من لعنات لا تمر عابرة بيوت الفقراء تعشق الثورة وقضايا الخبز ورجل قروى حميم تسكعت معه فى خلايا النشيد
شكرا لتشجيعكم وعزرا يا ابنوسة ان سحبت نون النسوة لتعقيدات اللغة
ويا هدهدنا فى انتظار الرسالة الوعد حرضنى ان أستمر فى الكتابة وأكف أخيرا عن البكاء
مع معزتى
ام واصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من ذاكرة الشموس الغائبة: مشروع روائى من الدفتر الخاص (Re: Ishraga Mustafa)
|
اشراقة لا ادري ولكني احيانا احس ان اسمك اشراق
لك السلام والمقام بين الخاطر وعشق اللغة في الدواخل اتهيب الكتابة في لحظات الحضور وانت هناك مزيجا من الحزن والغضب والغبن ايضا احس بعضك الان وانا احاول العبور مني اليك عبر هذا النص ونصوص اخري في لحظات الدهشة غالبا مايكون الصمت دليلا علي عمق الاستمتاع باللغة فدعينا نقرأك دائما لك ولايوب وللصغار السلام مليون والامنيات
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من ذاكرة الشموس الغائبة: مشروع روائى من الدفتر الخاص (Re: Abdalla Gaafar)
|
مساء النجيمات البعيدة يا صديقنا عبدالله
كل حرف منكم يحرضنى ان اكتب حتى عن المسكوت عنه مع سبق الاصرار والترصد يحرضنى ان اكتب كيف كانت رحلة المرأة المعاناة ان اكشف زيف العالم المتحضر ان اعلن عشقى الكسير لفيينا، المدينه التى فتحت قلبها بنصف ونوافذها مدارية سأحكى انا ابنة الحزن المسافر فى طيات اجنحة العصافير البعيدة التى رحلت دون عودة
لك المعزة ام واصل ومرافىء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من ذاكرة الشموس الغائبة: مشروع روائى من الدفتر الخاص (Re: منعمشوف)
|
تتحشرج روح أغنياتنا حتى التى دثرناها من صقيع الغرب وماذا بقى؟ صدى أيام كانت غنيناها معا هل تزكر يا منعمشوف خالد عبدالله، صدقنى ان قلت لك ان صوته الجهور المليان بالشجن الجميل يتلبسنا احيانا، أحس باأيوب ينتشى ويحكى لى حكايات حنينه عنك، طارق محمد عثمان والنعمان ولا ينسى بالطبع النساء الجميلات، انشراح وسمية خالد وهالة الكارب، نساء من مظاهرة حاشدة انتصرت فيها أحلامنا
شكرا يامنعم على طلتك انها نسمة على روح الاغنية التى كفت عنها للتو حشرجتها
مع محبتى لك ولاهل بيتك
ام مرافىء وعلنا نصل وتفرح ام واصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من ذاكرة الشموس الغائبة: مشروع روائى من الدفتر الخاص (Re: Ishraga Mustafa)
|
يسكنني انتظارك واحس اني مازلت على بداية الطريق هذا الوجع الذي يخرج من مداك يوصل بيني.. والحنين اليك هاهي السنين تتعملق وتوسع بيننا... هل بيننا الان عشرة سنين ام أكثر...؟ لازلت اذكر دبلومك في جامعة الخرطوم معالجة مشكلة الجنوب ( الميدان _ الراية )1 ولا زلت اذكر الجمعية السودانية لحماية البيئة ودكتور معتصم نمر ودكتور عيسى ولاذلت اذكر كيف كنت تعودين والدم يقطر من رجليك بسبب تعاسة الحذاء الذي لم يحتمل.... أم لان المشاوير كانت أكبر من طاقته لقد علمتينا كيف نكون ولماذانعيش وكيف كان غضبك ينفجر فينا بكل الحب لقد كان الصدق حليفك الوحيد... وكان الحس بالاشياء بوصلتك نحو الاخرين اشراقة واصلي هذا الانينن فانا مازلت احبك كما أنت واحب أن أقرأ لك ايتها المسكونة بالكلام
| |
|
|
|
|
|
|
|