د. محجوب التجانى يرد على د. عبدالله على ابراهيم (في وصف زعيم تحرير سوداني بـ "صديق جنوبي جيّد")

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-13-2024, 09:44 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة نصر الدين الهجام(Kostawi)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-07-2004, 07:56 AM

Kostawi
<aKostawi
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 39980

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
د. محجوب التجانى يرد على د. عبدالله على ابراهيم (في وصف زعيم تحرير سوداني بـ "صديق جنوبي جيّد")

    في وصف زعيم تحرير سوداني بـ "صديق جنوبي جيّد"

    محجوب التجاني

    4 ديسمبر 2004

    الصحافة (30 نوفمبر 2004) زعم د. عبد الله على إبراهيم أنه كان شيخاً يسارياً . مع ذلك، كان عبد الله بداية يمينياً تحالف مع اليسار السوداني في الستينيات قبل أن يتحوّل فرحاً إلى يساري بالكامل .. شيخاً مع يمينيي القرن الحادي والعشرين!

    ذلك هو السبب في أن يفترض الصحفي اللبيب، الأكاديمي والشيخ اليساري عبد الله إمكانية القيام بأنشطة ديمقراطية منتظمة في ظل حكم الجبهة القومية الإسلامية القمعي بالنسبة لمنظمة حقوق إنسان غير حكومية جرى حرمانها من العمل داخل الوطن بل وحتّى انطلاقاً من أماكن أخرى في الخارج، وظلّت مع ذلك تعمل بإصرار في المنفى وداخل البلاد من أجل قضية حقوق الإنسان.

    مع ذلك، فان ما أثار هذا التعقيب ليس وثيق الصلة بالصحوة المفاجئة للشيخ اليساري للحط من قدر جهود المنظمة خلال 15 عاما لترقية حالة حقوق الإنسان في السودان، بينها مناشدات متواصلة للأطراف المتحاربة لوقف إطلاق النار، صنع السلام، والتهيؤ لإعمال مباديء حقوق الإنسان الدولية دون تمييز في كافة أرجاء البلاد بإستخدام آلية لجان عامة لتقصي الحقائق يُراعى فيها ديمقراطية التمثيل إضافة إلى لجان تحقيق قضائي مستقلة لضمان المحاسبية الكاملة للسلطة في تعاون تام مع المجتمع المدني السوداني، مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وغيرهما من مجموعات حقوق الإنسان والديمقراطية الأخرى.

    جرى إصدار عشرات البيانات والنشرات الصحفية من قبل المنظمة العاملة في المنفي خلال 15 عاماً من النضال الشاق لأجل تيسير الدفع بالحكومة-الأحزاب المعارضة نحو السلام الدائم والديمقراطية الطبيعية. في حين استجابت المعارضة الديمقراطية ببطء، بما يحق لها، لمناشدات حقوق الإنسان بالعمل المشترك مع العديد من منظمات العمل الإنساني، مناصري الديمقراطية، المؤسسات الدينية، وما تزال مطالبة بقوّة بالعمل عن قرب مع مجموعات حقوق الإنسان، فان حكومة الجبهة القومية الإسلامية لم تتوقف على الإطلاق من مضايقة مجموعات حقوق الإنسان في داخل البلاد وخارجها أو من منحها الحق لتوفير العون التقني و/أو الإنساني للسكان المحتاجين.

    مع ذلك، فان الشيخ اليساري عبد الله يثور غضباً لأنه يريد من المنظمة العاملة في المنفى أن تدين مجموعات المعارضة بنفس القدر الذي جرؤت به على إدانة حكومة الجبهة القومية الإسلامية رغم أن أياً من المجموعات المتحاربة لم تغترف قدر ما اغترفته الحكومة من مجازر واسعة أو كانت محل الإدانة الدولية التي طالت الحكومة بسبب جرائمها ضد الإنسانية بحق السكان الفقراء خلال نحو عقدين من الحكم المناهض للديمقراطية.

    مثيراً للتساؤل حول النشاط المنظمي للمجموعة العاملة في المنفى، فان عبد الله، مع ذلك، يتجاهل جزلاً حقائق العلاقات المتصادمة بين المجتمع المدني السوداني داخل البلاد وخارجها، ومن بينها المنظمة التي أثارت غضبه، وديكتاتورية الجبهة القومية الإسلامية.

    لوهلة، قد يظن القاريء أن الشيخ اليساري إنما قصد، عن غير انتباه، بسخريته اللجان الحكومية في مكتب النائب العام التي زعمت دون حياء أنها تكوينات "غير حكومية" في وقت يواصل فيه المكتب التنكيل -في تعاون تام مع جهاز أمن الدولة- بالصحافة الحرة وجماعات حقوق الإنسان ... حتّى نداء دارفور الذي جاء كجهد شعبي سلمي تمّ إجهاضه بواسطة السلطات، رغم أنه هدف إلى مجرد توفير العون الإنساني للضحايا الأبرياء في دارفور.

    ما حدا بهذا الكاتب لتناول زخرفة إبراهيم حول التحالفات الوطنية، مع ذلك فهو الطريقة التي حرّف بها الذكرى بالغة الدلالة للزعيم السوداني المتميّز الراحل صموئيل قاي توت، الذي كرّس كاتب هذا التعقيب تخيلداً لذكراه كتاباً حول حقوق الإنسان في افريقيا (يصدر عن ادوين ميلين، نيويورك، في 2005). أشار د. إبراهيم للزعيم السوداني الإفريقي توت بـ "صديق جيّد لمحجوب الذي ذُهل حين أبلغوه في الشبكة بأن صديقه تمّ قتله من قبل الحركة الشعبية لتحرير السودان".

    كما هو متوقّع، يتجاهل الشيخ اليساري مغزى المعلومة حول فقد السودان للسيد توت، الذي كرّر الكتّاب مراراً حزنهم له سواء أكانوا من أنصار الحركة الشعبية لتحرير السودان أو من معارضيها.

    أشارت المعلومة إلى أن تفاصيل القضية تستدعي المزيد من التحقيق من جانب الحركة الشعبية لتحرير السودان وأيضاً من جانب منافحي حقوق الإنسان. إن الوقت المناسب لعمل من هذا القبيل بشأن هذه القضية وغيرها سيكون على الأرجح مع تحقّق الاستقرار القضائي، الإداري والسياسي المرتقب للحكومة القادمة لجنوب السودان التي يتعلّق مصيرها، مع ذلك، على النوايا الخبيثة لحكومة الجبهة القومية الإسلامية المعادية للسلام.

    إن كمّاً هائلاً من انتهاكات حقوق الإنسان جرى إلحاقه بضحايا ينتظرون من الحكومة الانتقالية القادمة في السودان أن تحقّق في أعمال القتل خارج نطاق القضاء، التعذيب، السلب، الاغتصاب وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية التي تمّ ارتكابها في القسط الأعظم من عمر حكومة الجبهة القومية الإسلامية، جلّها في المناطق المنكوبة بالحرب في السودان إضافة إلى المركز. شيخ اليسار، مع ذلك، لا يريد أن ينظر لجرائم حقوق الإنسان الفاضحة من قبل حكم الجبهة القومية إذ أن نظره الصائب (مقارنة بالنظرة الحوصاء لمنظمة حقوق الإنسان في المنفى) يركّز فقط على انتهاكات المواطنين المضطهدين ضد ممارسي الاضطهاد بسند الدولة.

    إن التحوير غير المسئول لإشارة كاتب هذا التعقيب إلى الزعيم السوداني الإفريقي صموئيل توت إلى "صديق جنوبي جيّد" ربما كان محاولة لا شعورية للإنتقاص من قيمة علاقة وطنية صادقة وتحويلها إلى مجرد صداقة "جنوبية-شمالية" شخصية غير ذات ضرورة، كما لو أن الوطنية السودانية لا وجود لها إلا في الحدود الشخصية وداخل منطقة أو اقليم بعينه.

    هذا الأسلوب المُبخس يحتاج إلى إعمال أكبر قدر ممكن من النظرة النقدية الفاحصة، وذلك لسببين اثنين. الأول: لم يهتم الشيخ اليساري بأن ينقل بشكل صحيح العلاقة مثار التناول، والتي لم تتم الإشارة إليها في الأصل للتعبير عن مشاعر شخصية، بل كانت جزءاً من مناقشة جادة حول الايديولوجيات العربية-الافريقية السودانية والعلاقات السياسية بتركيز خاص على مدى استعداد العقلية العربية المفترضة للقبول بالمشاركة في السلطة مع المواطنين الأفارقة السودانيين في وطن سوداني متّحد.

    ثانياً، أعاد عبد الله تذكير هذا الكاتب بالمحنة المؤسفة للعقلية العربية المفترضة التي عملت باستمرار، وبشكل آلي، على تشويه، وتحطيم، والحط من علاقات سودانية طبيعية إمّا بمهاجمة الحركة الافريقية السودانية للحركة الشعبية لتحرير السودان أو بتجاهل معايير التحرير الفكرية للقيادات الافريقية السودانية من نحو تلك التي كان يعبّر عنها الراحل صموئيل قاي.

    مقارنة بإلتزام د. ابراهيم القوي بإلقاء اللائمة عن الصراعات الجنوبية-الجنوبية على مواطني الجنوب دونما ذكر للدور الرئيسي الذي لعبته الحكومات المركزية (الجبهة القومية الإسلامية حالياً) في هذه الصراعات عبر المليشيات المسلّحة والسياسات العنصرية، يبدو أن عبد الله يدرك القليل جداً عن مشاعر أو تطلّعات الإفريقيين السودانيين جميعاً. مع ذلك، لم يكترث عبد الله البتّة بالتساؤل: ما الذي عناه الراحل صموئيل توت بين آخرين عديدين من الزعماء الأفارقة السودانيين بالنسبة لقضية التحرير، السلام، والديمقراطية في القارة الأم افريقيا والمنطقة العربية، بشكل عام، والسودان بشكل خاص.

    إن هذا الموقف الأخير هو تخريبي. إنه للأسف جزء من تصنيفات العقلية العربية المفترضة الإثنو-عرقية واللغوية التي تمثّل الفكر الأكثر عداءً في مواجهة عملية السلام طويل الأمد في السودان، بصرف النظر عن شكل أو أسلوب يساري أو علماني.

    إن المثقفين السودانيين الذين يخاطبون أنفسهم أمام العامة هذه الأيام لمسئولون تماماً عن وضع حد لمثل هذا الموقف التمييزي. ومن ضمنهم عبد الله، فهم مطالبون بإلحاح أن يولوا انتباهاً خاصاً لوضع ودور رصفائهم الإفريقيين السودانيين في الحياة العامة بغية تطوير التحوّل الجاري للحكم الديمقراطي. إنهم مطالبون أكثر وبإلحاح لتشجيع، دعم وإعانة بناء الثقة المفقودة بين أعضاء المجتمع السوداني. ليست هناك حاجة للقول بأن الأكاذيب، الأفكار المفترضة، أو أعمال التقييم المشكّكة، لن تعين على الإطلاق في هذا المشروع النبيل.

    مع ذلك، من المهم حث الشيخ اليساري عبد الله علي ابراهيم أن يبذل بعض الجهد لإستعادة توجهات شبابه، التي ركّزت بمضاء على الديمقراطية الوطنية، العدل الإجتماعي، والإحترام والإهتمام العميق بحريات وحقوق الأقليّات المحرومة على امتداد البلاد في مقابل شياخته الذاتية الراهنة على يسار الجناح اليميني للجبهة القومية الإسلامية في البلاد، التي خرّبت بشدّة الدولة السودانية المتحضّرة، الأقليات المستهدفة في البلاد، وتعترض بشكل مراوغ عملية السلام.
                  

12-07-2004, 12:26 PM

Kostawi
<aKostawi
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 39980

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د. محجوب التجانى يرد على د. عبدالله على ابراهيم (في وصف زعيم تحرير سوداني بـ "صديق جنو (Re: Kostawi)

    up
                  

12-07-2004, 01:21 PM

Kostawi
<aKostawi
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 39980

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د. محجوب التجانى يرد على د. عبدالله على ابراهيم (في وصف زعيم تحرير سوداني بـ "صديق جنو (Re: Kostawi)

    هذه هي مقالة د عبدالله علي ابراهيم التى عقب عليها د محجوب التجانى أعلاه


    وجه في الزحام: غادة عبدالعزيز خالد


    د. عبد الله علي إبراهيم

    كنت قد بدأت اسمع لتوي عن غادة عبدالعزيز خالد حين هاتفتني يوماً في آواخر إكتوبر المنصرم. فقد كنت تصفحت صفحة الإنترنت التي أنشأتها تعريفاً بأبيها الأستاذ عبدالعزيز خالد (ابوخالد)، زعيم التحالف الوطني، وتأليباً للناس أن يهبوا لتخليصه من قبضة سلطات دولة الأمارات العربية بأمر من الإنتربول العربي نيابة عن حكومة السودان. وتتهمه الأخيرة بتدبير تفجير بعض خط أنابيب البترول بشرق السودان. ثم قرأت كلمتها المنشورة علي الملأ التي وجهتها لوالدها عن شوقها له في رمضان شهر التوبة والغفران. وقالت أنها تكتب اليه بعد الإفطار والصلاة تسأل كيف قضي يومه، كيف افطر، أين صلي؟ وقد ذكرت له فضل ابوة تمتعت برشدها ببيت سكنت فيه الي زوج وأزهرت حفيداً له منذ اشهر ربما تساءل هو نفسه في البدء عن جده.
    لابد أن الذي حرضها علي الحديث الي هو أمها، سعاد عبدالعاطي. فقد تعرفت علي سعاد خلال محنة أبي خالد الأولي في أرتريا. وهي محنة لم يتفرق فيها عنه بعض نفره فحسب بل ضاقت به الدولة التي استضافت حركته السياسية لزمن غير قصير وحددت اقامته ثم أبعدته الي مصر. ولست من شيعة أبي خالد في شيء ابداً. بل كان التحالف الوطني هو الأشغل لخاطري وأنا أكتب سلسلة مقالات عما أسميته "اليسار الجزافي." وتلك قصة اخري. غير أنه ساءني لجلجة المنظمة السودانية لحقوق الإنسان ، مكتب القاهرة. والمنظمة السودانية لحقوق الإنسان منظمة عجيبة. فهي لا توجد فيما اعرف الإ في القاهرة من دون بلاد الدنيا. وثانيةالعجائب انها تدار بصورة سرمدية بواسطة الدكتور محجوب التيجاني من بلدة ما في ولاية تنيسي الأمريكية. ولم نسمع بإنعقاد جمعية عمومية لها أو إنتخابات جرت لمكتبها أو اي ممارسة اخري من حقوق العضوية الديمقراطية التي تنشأ من اجلها منظمات حقوق الإنسان. وثالثة الأثافي أنها منظمة حوصاء لا تري إنتهاك الحقوق الإ حين يأتي من جهة الحكومة الخطاءة. وهذه عين السخط. أما عين الرضي الحوصاء فتعمي عن خروق معارضي الإنقاذ لحقوق الإنسان بالكلية. وقد تجسد ذلك بصورة درامية في مبادلات جرت علي موقع للإنترنت. فقد ذكر محجوب مرة صديقا جنوبياً له عرفه في الخرطوم ووصفه بالفضل والإحسان. فرد عليه أحد الجنوبيين بأن تعيش إنت فقد مات صديقك بأيدي الحركة الشعبية. وتبلم محجوب. ووقعت تجاوزات المعارضة لحقوق الإنسان، بما في ذلك ما وقع في حركة التحالف الوطني، علي كثرتها ورجل القاهرة لا يبدي ولا يعيد.
    قلت ساءني أن رجل القاهرة لم ينفعل بمصير أبي خالد، العضو القيادي بالتجمع الوطني، في أسمرا. ظهر بروده هذا في ثنايا مناقشة علي موقع بالشبكة اتهموه بالخيار والفقوس حين يقع الخرق لحق إنساني. فكتبت له مذكرة قصيرة التمس منه أن يتحري ومنظمته القاهرية إضطراب الأخبار عن أبي خالد ورهطه وأن يطمئننا أنه سيقوم بالواجب المنوط بمثل منظمته متي ما ثبت له تجاوز اسمرا لحق معلوم بالضرورة من حقوق الإنسان. وكنت اريد أن استوثق بنفسي من جلية الأمر حتي أسد باب المراوغة علي راجل القاهرة لعلمي أنه يتباطأ عن طلب الحق متي كان المتورطون هم المعارضة أو من أحسنوا اليها. فأتصلت بالأستاذ محمد محمد خير ليدلني علي عنوان اسرة أبي خالد التي عرفت انها بالولايات المتحدة. وكنت أعرف أيضاً أن محمداً يوادد أبا خالد. وهاتفت زوج ابي خالد. وعلمت منها، سعاد، أنها أخت الأستاذ عمر عبدالعاطي.
    لأ ادعي معرفة بعمر عبدالعاطي علي أننا تعاصرنا لوقت ضئيل بجامعة الخرطوم التي سبقني اليها. وأعرفه وما أزال وجهاً لا فعلاً. غير أني أعرف أنه من دوحة آل عمر ممن نشأنا مع أكثرهم بحي الداخلة بمدينة عطبرة. وهم من بلدة الغريبة بجهة كورتي. وأذكر أنه كان ببيتهم قراش وكنت أري من فرجة بابه صلب عربة سوداء هائل من صنائع ذلك العصر. وقد أويت الي البيت أعد لامتحان الدخول للمدرسة الإبتدائية او الوسطي في ديوان المرحوم خلف الله عمر عم سعاد وعمر. كان ذلك مع صديقنا محمد أحمد الخضر ( المعروف بقلوبة لجسامته). وهو من جلابة هيا جاء به اهله ليتلقي العلم في عطبرة في كنف المرحوم خلف الله. والتقيت به في مدرسة الجنوبية. ولم يكن بها سوانا من حي الداخلة الشمالي. (كان سكني اولاً بحي المحطة القريب من الداخلة). وتعرفت علي عمر خلف الله بنادي الوادي وبزميلنا محمد خلف الله صغير البيـــت الذي سهر علي راحتنا طعاماً وشاياً.
    أما الذي يعلق بقلب شيخ يساري مثلي من آل عمر فهو رفيقنا الشهيد محمد عثمان خلف الله الشهير ب"كرن" عليه رضوان الله ورحمته. ولست اذكر من الرجل في حياته سوي انه طردني من نادي الوادي، الذي كان هو من سادة إداريه، وأنا طفل لتقحمي النادي لأشتري قطعة باسطة من بوفيه النادي. وكانت باسطة نادي الوادي، مثلها مثل باسطة سوق حي القيقر التريانة بماء السكر، مما يسيل لها اللعاب وتغري بخرق بروتكولات كرن وصحبه والدنيا بما فيها. وقد ساءني ذلك وشكوته الي زميله أخي محمد علي إبراهيم. وقد عاد لي أخي منه بما يشبه الإعتذار لأنه لم يكن يعرف أنني ليس من اولاد الداخلة اصلاً واسكن حلة المحطة. ولم اعرف عن نفسي أن عهدي قديم بالضيق بالقيود المرتجلة والشكوي لطوب الأرض منها.
    وعلمت عن كرن مؤخراً ما حببه الي نفسي. فقد كان شيوعياً مقداماً من مفصولي مدرسة وادي سيدنا في الخمسينات الأولي. وكان منهم جماعة من مدينة عطبرة وبعضهم من حي الداخلة. وقد قال لي الدكتور محجوب عبدالمالك أن هذه الجماعة المطرودة من الوادي هي من الحصاد الأحمر للمرحوم محمد سعيد معروف خلال تدريسه بمدرسة عطبرة الأميرية في آخر الأربعينات. وعمل كرن موظفاً بمخازن السكة الحديد. وأصبح عضواً بنقابتها. ولا أدري كيف اصبح هذا الأفندي عضواً بنقابة لعمال المصلحة. وربما كان ممن يسمون "خارج الهيئة" اي غير الموظفين. ولكنه كان نقابياً بارزاً محبوباً. وأختارته النقابة ليمثل عمال السودان في إحتفالات الصين بعيد من أعيادها في 1958. وكان معه الرفيقان محمد عبدالله علي والشناوي، عليهم سحائب الرضي وغطاء الخالق. وأنفجرت الطائرة به وبصحبه في الوفد في سموات العودة الي الوطن. ونعاه الرفيق هاشم السعيد في جريدة "الميدان" بشاعريته العذبة قائلاً "ياضيف الشهداء في أرض الإشتراكية." فأنظر طلاوة هذه العبارة وبعد مأتاها. وكان كرن فقداً خاصاً لنا في الداخلة وظلت ذكراه عابقة بنادي الوادي. وكان سادنها رفيقنا المرحوم عبدالله محي الدين يجددها ويطبعها بين الشباب بروحه الهامسة وبخياله الخصيب.
    تداولت بعض هذا التاريخ مع سعاد عبدالعاطي. ثم عدت لها مرات استوثق منها قبل كتابة بعض كلمات في عمودي بالصحافة أطلب فك عبدالعزيز عن قيد تحديد الإقامة وقبل معاظلة راجل القاهرة الجاحد لمسألة أبي خالد. وقد ذكر أبوخالد ذلك لي. وزارني في ليلة سفري بالقاهرة في يوليو الماضي في فندقي وتداولنا في أمر البلد. ووجدته حيي الحضور خفيض الصوت وشديد الحيلة وهو الوصف الرائج عنه. وكان مشغولاً بسفر وفد التجمع الي القاهرة بدونه وبدون اي مندوب للتحالف في القاهرة. ووعدني بالعودة غير أنه اعتذر وارسل لي من ناب عنه لتسليم بعض ادب التحالف الوطني. وقد وجدت بعض وفد التجمع الدولي بمطار القاهرة في طريقهم الي اسمرا . . . بدون أبي خالد. ولم يكن المشهد طيباًً كما يقال عند الفرنجة هنا.
    ثم تداولت شيئاً قليلاً من هذا التاريخ حين هاتفتني غادة بتزكية من أمها. وبدت لي إضافة الي طائفة من الأبناء والبنات عندنا جاءوا الي السياسة والحركية من جهة البر بالوالد أو الوالدة. سمعت عن الأستاذة مني عوض خوجلي التي ظلت تحي ذكري مأثرة أخيها القتيل في مذبحة رمضان 1991 بتعبئة سياسية مرموقة متي أزفت ذكري ذلك اليوم. وقد جددت لي مني ذكري مقالة كتبتها في أوائل السبعينات عن بشاعة الحكام عندنا لقتلهم خصومهم وتغييب قبورهم بحيث لا ينعموا "بقبر ظاهر يزار" وهي اللازمة التي يختم بها طبقات ود ضيف الله فصول ترجمته لمثقفي عصره متي نعاهم. وفارقت هذه النظم الجاحدة المثوي لقتلاها حتي الإسلام الذي وقر الجثث وأمر بالستر واحتفل بالرحم وحقه وتبعاته حين يولد المرء ويحيا ويموت ليلقي ربه محفوفاً ب "طقوس الرحيل المسلمة" كما قال ود المكي. وقد عدت في مقالتي الي مسرحية "انتقوني" للمسرحي اليوناني القديم سوفكليس. وهي تحكي عن فتاة هي أنتقوني استنكرت علناً قتل أخوها الملك لشقيقه الخارج عليه ومنع الناس من دفنه. وقالت أنتقوني عن الرحم وحق الستر لأخيها الملك حديثاً عجبا. وقد بدت لي مني عوض خوجلي كأنتقوني تطلب الكشف عن مثوي أخيها المجهول حتي يتفق له قبر ظاهر يزار.
    وعرفت ممن جاءوا الي السياسة الحركية عن طريق الرحم الأستاذ صديق الترابي الذي هو رهين السجن الآن. وفي الرجل وسامة وطول ونبالة منذ أيام دراسته معنا بحامعة إنديانا الأمريكية. وكان إبن الأكرمين هذا يكدح مثل غيره. وقد أحييه صباحاً وهو وراء عجلة قيادة بص الجامعة الدي يرحلنا من السكن الي قاعات الدرس. وقد قال أنه متي عاد للسودان سيزرع بعض طين جده لأبيه. ثم عمل بمصلحة ما في الخرطوم. وبدا لي أن السياسة جرفته من جهة البر بوالده كما رباه صغيرأ. ولا اعني بذلك أن سياسته سياسة المضطر راكب الصعب. فربما اشتمل صديق علي سياسة أخري أقرب الي مزاج خاله السيد الصادق المهدي (وكان يمتعض لمن يذكر السيد الصادق حافة بغير لقب التمييز) لو اتفقت لنا بيئة سياسية تفرق بين البر بالوالد والبر بالشعب. وبعبارة اخري فإننا قد خلطنا بين الهموم الأصاغر، وهي الرحم، والهموم الأكابر وهي العمل العام. وهذا مصطلح د. الترابي نفسه.
    وجاءت غادة الي زحام السياسة من إقليم الهموم الأصاغر. وربما كان الذي إضطرها الي هذا المركب هو مأزق أبي خالد النادر. فبينما يتأذي الإبن والإبنة من حيف الحكومة علي الوالد أو الوالدة المعارضة تأذت غادة أكثر ما تأذت من المعارضة. فقد خرج علي أبي خالد شيعته القريبة في أسمرا في ملابسات لو صح ما أذيع عنها لدخلوا التاريخ من باب يهوذا، وبئس يهوذا وسبطه. وأعرضت المعارضة عن محنة أبي خالد بالكلية وظلت تجتمع وتتصالح وتتشاكس بدونه وكأنه، وهو عضو القيادة فيها، نسياً منسياً. وعاب علي احدهم يوماً قولي أنه ليس أسوأ من الحكومة عندنا غير معارضتها الرسمية. فقلت لعائبي الا حمدت الله أنني لم اقل ان الحكومة خير من المعارضة الرسمية. ولم تخرج غادة في محنة أبي خالد الأولي. ولكن تكاثر الطعن علي أبيها المكتوي بين سندان الحكومة ومطرقة المعارضة الرسمية. فخرجت من أمن الأسرة من زوج (وصفته بالفضل والمروءة والسكن العذب اليه) وطفل رضيع وآخر لم يشب بعد عن الطوق. كتبت لي بعد العودة من مظاهرة بواشنطون التمست من دولة الأمارات فك سراح ابي خالد أنها لم تنم سوي 8 ساعات خلال 72 ساعة بين السفر وفروق الوقت وشقاوة الأطفال. قلت لها قول الأمريكيين: "أخديلك نفس. ومرحباً الي النادي."
    استأثرت غادة ببعض وقتي خلال محنة والدها الأخيرة. فأنا ممن يستبيه طلب الحق والعدل. تكلب شعرة جلدي لروعة هذا المطلب طالما التزم بالدبارة وسخاء النفس والشاعرية. ويقول الأمريكيون عن الروعة مثل قولنا: "وقف شعري قرون قرون". وفي طلب الحق لله في لله قال المرحوم مدثر البوشي أنه كان يريد أن يلقي قصيدته الميمية المعروفة "نأت بك عن ذات الحجاب الرواسم " في مولد افضل البشر عام 1923. وكان الوطنيون يتوقعون منه مثل هذه القصيدة الثائرة علي الإنجليز في كل مولد. واضطرب مدثر في ذلك العام وتناوشه المطالبون بوجبتهم الشعرية الوطنية السنوية والناصحون له أن يتعقل ويكف عن الصدام. ولما حار بين هؤلاء وهؤلاء سعي الي والده يسأله النصيحة لأنه كان يخشي اكثر ما يخشي أن يخذل والده الشيخ المطفل إذا صادم الإنجليز فقطعوا دراسته في كلية غردون وعيشه. فقال له الوالد: "فتش خاطرك. فإن كان قصدك بالقاء القصيدة طلب الحق لوجهه تعالي فأفعل أما إن خالط أمر هذه القصيدة شيء من رياء الدنيا، فلا تفعل." وفعل مدثر لما فتش سرائره ولم يجد في نفسه الإ الحق الصراح. وهذه دورة مدثر بين البر بالوالد والبر بالوطن. وهي رحلة غراء شقية بين الهموم الأصاغر والهموم الأكابر. وغادة قد بدأت الخطوة الأولي في هذه الرحل
                  

12-11-2004, 10:26 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 50063

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د. محجوب التجانى يرد على د. عبدالله على ابراهيم (في وصف زعيم تحرير سوداني بـ "صديق جنو (Re: Kostawi)

    شكرا يا كوستاوي..

    وبهذه المناسبة أحيي الصديق محجوب التيجاني..
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de