ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 02:01 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة منصور عبدالله المفتاح(munswor almophtah)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-06-2006, 12:04 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم

    ومنصور خالد

    ( المٌستثنى .. بمنصور



    د. عبد الله على إبراهيم
    [email protected]

    كتبت النيويورك تايمز غداة انقلاب 17 نوفمبر 1958 إفتتاحية جاء فيها: "إن عبود قد تدرع مسئولية جسيمة. لقد أطاح بنظام ديمقراطي ليحل محله ديكتاتورية عسكرية. وليس هذا مما تنشرح له النفوس بالطبع." ولاتخفى في هذا التعليق عادة الديمقراطية التي هي تربية في تمييز الخبيث عن الطيب بغير لجاج أو تمحك. ولم يجد النظام الديمقراطي مثل هذه "الضحوة" (وهي مجاز في التضامن أصله في عون الجماعة الريفية الواحد منها في حصاد أو غير) من الفكر المستنير عندنا. فقد أخذ هذا الفكر بنظرية الجزاء الوفاق أي أن الانقلاب كان العقوبة المناسبة لنا متى أعيت السياسيين الحيلة وأدلهمت سبل الحكم بوجههم. وهذا من عادة الهرج التي تنفر من تبعة التربية في تمييز الخبيث عن الطيب. وهي عادة في التلاوم والندب وشق الجيوب الاعتباطي بما يأذن للمذنب أن يفلت من حساب التاريخ والعقاب الجنائي. وتصبح الحقيقة "قتيلة صف" وهي في عرف البادية القتيل الذي انجهل قاتله.

    ولعل الدكتور منصور خالد هو الأعلى صوتاً ومنهجاً من بين من رأوا انقلاب عبود هو استحقاقنا من الحكم بالنظر إلى إساءتنا للديمقراطية بالضجة الكبرى والخِِلف كما قال شوقي. فقد نجم الانقلاب في رأيه من النزاع الشديد الذي ساد التحالف الحكومي في 1958 بين حزب الأمة وحزب الشعب الديمقراطي حتى سلم البيه عبد الله خليل مقاليد الحكم للفريق عبود. وسمى هذه الحزبية المستفحلة ب "الخبط السياسي المقلق" الذي يدل على أن "ثقافة الديمقراطية لم تتجذر في السودان" وأنها لم تتجاوز الجانب الإجرائي مثل الإنتخابات والتحالفات البرلمانية والتنظيمات الحزبية الصورية.

    ولم يزد منصور هنا عن تبنى نظرية البيه نفسه عن تسليمه أعنة الحكم للجيش نصاً وروحاًً. فقد قال البيه لمجموعة برلمانية جنوبية بعد 3 أيام من الانقلاب: "لقد أثبتت التجربة أن هذا البلد غير مستعد لحكم ديمقراطي وعليه فقد قررت، وبناء على اقتراح من مستشاري، أن اسلم سلطة هذه البلاد إلى الجيش. ورغم أن نشاط الأحزاب السياسية قد تم حظره إلا أنني اعتقد أن رجال حزب الأمة ورجال الجنوب سيتعاونون." وكانت كتلة حزب الأحرار الجنوبي قد مالت إلى حزب الأمة بعد اقتسامها دوائر الجنوب مع الاتحادي الديمقراطي في انتخابات 1958. كما أطلع البيه السيد سرسيو إيرو على مشروع الانقلاب بالنظر إلى فساد فكرتهم في التعاون مع مؤتمر البجا الأول الذي انعقد في أكتوبر 1958. وحضره لبيه وإن لم يؤذن له بمخاطبة شهود المؤتمر.

    فمن الهرج أن لا يفلت البيه من التنكيد لتفريطه في أمانة الدستور فحسب بل أن تصبح معاذيره لهذا التفريط حجة له يهش لها قلم منصور. والمعلوم أن منصور هو ربيب تلك الفترة التي خدم فيها البيه كمعاون في مجال الاتصالات. ويحمد له القارئ أنه ظل يعبر بقوة عن أفضال الرجل عليه (الصندوق). ولكن البادي أن منصور، الذي يطلب من غيره أن لا تأخذهم الشفقة بأحد في كتابة التاريخ، لم يشب عن طوق الولاء للبيه في أمر خرق أب القوانين: الدستور. بل تجده يعجب للسيد محمد أحمد محجوب حين عاد لهذة الفترة في التاريخ في كتابه "الديمقراطية في الميزان" وصلاها بشواظ النقد. فقد استغرب منصور منه ذلك لأن المحجوب كان احد نجومها اللوامع.

    وبدا لي أن منصور كمن اغلق باب الاجتهاد في هذه الفترة الحرجة من تاريخنا التي ربما تمثلت له ك"كعهد الظل" كما كانت بلدة عبري للشاعر جيلي عبد الرحمن. فهي من المستثنى . . . بمنصور (الصندوق). ولكن لإستثنائه حدود. فأنت تراه يعرض "لخبط" التحالف الحاكم في 1958 بتركيز على حزب الشعب والشيخ علي عبد الرحمن الناصري خاصة. وينسى للبيه خبطه مثل حجبه عن مجلس الوزراء ما كان يصله من تجسس المخابرات السودانية على تحركات مزعومة للمصريين للانقلاب على الحكم. فهو ياخذ على الشيخ تقلبه مع المصلحة المصرية حيث هبت. فقد أقلق مصر قبول البيه للمعونة الأمريكية لأن من شأن ذلك أن يجعل لأمريكا موطئ قدم في عمق السودان بقيمته الإستراتيجية الهامة لمصر. ويعجب المرء كيف سوغ للبيه ان ينسق مع أمريكا لحرب الشيوعية والاتحاد السوفيتي في نطاق مشروع إيزنهاور بينما يحرم على الشيخ ميله مع مصر في أمر للأمن القومي العربي والأفريقي والإسلامي. كما عاب على الشيخ أنه خالف رؤى حزبه، الذي فيه من أيد المعونة، وحكومته. بل قال إن الشيخ كان عنيفاً في معارضة مشروع للمعونة بنيالا شك في أن طرقاته السالكة ستكون مهابط للطائرات الأمريكية.

    وليس في ما أتى به الشيخ ما لا تأذن به الديمقراطية وإن جعلته من مكروهاتها فيما يسمى بلجاج الحزبية البغيض. فهو من حقه أن يفكر في أمن السودان بصورة إقليمية وثقافية كما يفكر الغرب عن طريق حلف الأطلسي أو وارسو سابقاً وغيره. وكان في المعونة الأمريكية ما يدعو كل وطني إلى الشبهة بها والحذر منها. فالمعونة قد وردت أصلاً في صلب مشروع أيزنهاور. وربما استقلت ببريقها الخاص عنه لكساد المشروع في سوق السياسة. والمشروع، كما ورد في حلقة مضت، مما أرادت به أمريكا أن تصادر خيارات دول الشرق الأوسط في شق طرق للخلاص الوطني بالإرادة الوطنية المكتسبة بعد التحرر من الإستعمار حتى لو أدى بها ذلك للشيوعية. كما من حق الشيخ أن يخرج حتى على إجماع حزبه. فهذه هي الديمقراطية على عواهنها (business as usual). ما ليس من الديمقراطية في شئ هو أن تضيق الوسيعة برجل وضعت البلاد الدستور في ذمته كسياسي فينقلب عليه. وليس يلقي من منصور غير المعاذير بإحالتنا إلى طبع الرجل: "وكرجل عسكري النشأة والطبع والمزاج أقدم على ما أوحت به طبيعته فالطبع لا يغلب التطبع". وهذه عادة الهرج التى تكتفي من غنيمة التربية بالترخص.

    ويبلغ منصور في عرفانه بدالة البيه عليه حداً سخريا. فمن رأيه أن بعض حماسة البيه للمعونة الأمريكية كان بسبب اشتمالها على مشروع بإقامة مسلخ ومطار بمدينة نيالا الذي "لو قيض له أن يتم، لتغير وجه الحياة في غرب السودان". ولا نريد أن نحدس هنا عائد المسلخ والمطار علي غرب السودان قاطبة حدس منصور العجول حتى حين يرجم بالغيب. غير أننا نختلف معه في أن بعض دوافع البيه لتبني المشروع الأمريكي كانت عاطفته على دارفور التي مثلها في البرلمان عن حزب الأمة وعن دائرة أم كدادة خاصة. وقد اندلق حبر كثير من الإتحاديين الحاقنين على البيه عن محنة أم كدادة مع نائبها المستورد جملة وتفصيلا حتى اشتهرت عبارة "أم كدادة، ما ذنبها؟". واستعجبت لمنصور يصدق أن نيابة البيه عن أم كدادة كانت حقاًً ولم تكن مجرد دائرة مضمونة لزعيم في الحزب خلا وفاضه من جماهير تدين له بالولاء أصالة لا وكالة. وقد أعدت على المسامع مرات كثيرة خاطرة الدكتور حسن الترابي عن اعتزال الخريجين الشعب حتى احتاجوا إلى دوائر انتخابية خاصة أو لاذوا بالطوائف والقبائل طلباً للدوائر الآمنة. أو ركبوا كل موجة انقلابية أو مسلحة يريدون علواً في الدنيا من فوهة البندقية. وقد سمى الترابي أعيان الطائفة والقبيلة ب"مقاولي الأنفار" لتعهدهم توريد ناخبين بالإشارة لمرشحين جٌرد من الجمهرة. وكل مؤرخ لحركة الهامش وكيف تنامى الوعي السياسي بجنباته سيجد إرهاصات ذلك في وقفة أهله تباعاً ضد من يمليه عليهم مركز الحزب الطائفي من مرشحين وانتداب رجال منهم "يحسون بحسسهم" للحديث باسمهم في البرلمان. وشهدت منطقة حمر قبيل انتخابات 1958 نزاعاً شديداً بين جماعات ضغط مختلفة من شعب الحمر بكردفان وحزب الأمة حول هذا الأمر بالذات.

    لم يرد منصور، على حسب قوله، أن يبرر تسليم البيه عنان الحكم للجيش. ولكنه رغب في شرح الملابسات التي حفت بذلك التسليم حتى لا يبدو عملاً فردياً يتحمل البيه وحده المسئوليته عنه. ولخص شرحه كما رأينا في بؤس ثقافة الديمقراطية في السودان التي لم تسعف البيه للحفاظ على النظام الديمقراطي. ولا أدري ما هو التبرير إن لم يكن هو ذريعة منصور هذه للبيه. فلو أراد منصور الشرح حقاً لتطرق للملابسات الدولية والإقليمية والمحلية التي قررت فيها بريطانيا وأمريكا أن البيه "دقة قديمة" في الولاء للغرب لن تصمد أمام الناصرية الجاذبة. ولذا ضغطوا على حزبه بالجزرة والعصا للتخلص منه ومن حزب الشعب لصالح تحالف مع الوطنى الاتحادي. وهو حزب اكتشف الإنجليز منذ فترة الحكم الذاتي (1954-1956) أنه، وبأمثال السيد مبارك زروق في قيادته، حزب يظهر العداء للغرب ويبطن غير ذلك. واحتج منصور نيابة عن البيه لمفاوضات السيد الصديق المهدي، رئيس حزب الأمة، للاتحاديين اللاحقة حول شأن التحالف بينهما بدون علم رئيس الوزراء. وقال إن البيه غضب لذلك. ولكنه بحسب أمين التوم عاد ممتثلاً أو متربصاً يشارك في اجتماعات حزبه مع الوطني الاتحادي. وشهد اجتماع تأليف الوزارة بينهما ليلة الانقلاب الذي اضمره.

    كان أولى بمنصور أن ينصح البيه يومها، وهو أمين سر اتصالاته، بالإنتماء إلى حزب آخر غير حزب الأمة يصح فيه مثل هذا الغضب على التجاوز. فالذي تهب يده الدوائر المضمونة لا يقيم وزناً لمثل هذا الغضب بخاصة حين تتهدد غائلة من الغوائل اقتصاد الطائفة. وكانت دائرة المهدي في محنة اقتصادية سار بذكرها الركبان في الوثائق البريطانية. فلم يكن الذي فاوض الاتحاديين هو رئيس حزب الأمة بل الرجل الثاني في الطائفة والمسئول الأول عن حسن إدارة دائرتها الاقتصادية. فمن كان يؤمن بحزب الأمة فإن حزب الأمة قد مات ومن كان يؤمن بطائفة أنصار المهدي عليه السلام فالغضب مرفوع حين يشير زعيم منها بشئ. مرحب حباب حاضر سيدي.

    ولعل أسوا الدروس عن انقضاض الجيش على الحكم في 1958 قاطبة هو الزعم بخلو السودان من ثقافة الديمقراطية. فقد توافر منها الحد الأدني. وانشغل الناشطون السياسيون بما ينشغل به أهل الديمقراطية لدى الكٌرب في كل مكان. فقد ظلت الأحزاب تتداول سيناريوهات من التحالفات قبل افتتاح البرلمان في 17 نوفمبر 1958. ونام المفاوضون ليلة الانقلاب وقد خلصوا إلى وزارة ما كما تقدم ذكره. من جهة أخرى ساد مناخ شعبي ضاغط لرفض مشروع إيزنهاور وتوحيد الصف الوطني المفهوم أنه تكون من حزب الشعب والوطني الاتحادي. وكان الدفاع عن الديمقراطية محور هذا النشاط كما عكس ذلك موكب العمال في 21 أكتوبر 1958 الذي احتج على سعى الحكومة لسحب الشرعية عن اتحاد نقابات عمال السودان. كما لفت الهامش نظر المركز بقوة إلى معاناته بإنعقاد مؤتمر البجا الأول في 1958 وتمرد نواب الغرب على البيه. بل حتى مسألة الجنوب والفدرالية، التى جعلها منصور في عداد الضجة الكبرى المؤدية إلى الانقلاب ، كانت موضوع بحث جدي كما كشف عن ذلك مقال دقيق كتبه معاصر حسن الاطلاع هو الأستاذ محجوب محمد صالح (الأيام 12 سبتمبر 2001) (الصندوق). وخلص فيه إلى أن الانقلاب هو الذي وضع حداً للجهود المبذولة لتقريب وجهات النظر حول الخلافات الحقيقية حول الفدرالية.

    كانت الديمقراطية تجري مجراها بضوئها وضوضائها في تلك الأيام. ولكن البيه هو الذي ضاق وأخلاق العسكريين تضيق. ولسنا نريد أن نعلق تبعة الانقلاب كله على رقبته عملاً بنصح منصور. ونريد مثله شرح ملابسات الانقلاب والقوي الفاعلة فيه بغير أن ننحدر بالشرح إلى تبرير خطئية البيه في التفريط في الامانة كما فعل، هرجاً، منصور. فالديمقراطية تأتمن مؤسساتها بذمة رجال ونساء فإن أهملوا فيها حملوا الوزر كأفراد في سياق حادثات الزمان. ولا تطمس الحادثات بالغاً ما بلغت الذنب الفردي. فلن تقوم بيننا قائمة للديمقراطية إذا لم يتثقف الرجال والنساء عندنا على رباطة الجأش حفاظاً على المؤسسة الديمقراطية يحرسون بوابتها ظفراً وناباً ويسهرون عليها وسط الخبوب والطين. ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا، إعدلوا هو أقرب للتقوى.

    ولم أجد في تحميل البيه الذنب في تنصله الثبات عند الديمقراطية عبارة أدق وأشفى وأنجع مما قاله في وقت لاحق السيد بيتر كلنر، رئيس تحرير المورنق نيوز، التي كانت تصدر عن دار الأيام. وهي كلمة مطلع ذي عقيدة غراء حسنة الظن في ثقافة السودان الديمقراطية. قال: "لقد فقد السودانيون الثقة في عبد الله خليل ولقد فقد هو الثقة في أن يعثر السودانيون على بديل أفضل منه. وظن الرجل أن إيجاد هذا البديل مناط به دون غيره. لم تفشل الديمقراطية الليبرالية لعاهة فيها. جلية الأمر أن الرجل الذي على عاتقه الاحسان لها قد اطرحها جانباً." لماذا شحت نفس منصور وقلمه عن كلمة صدق كهذه وهو الباحث الذي لا يشق له غبار عن جغرافيا فشل الصفوة، بل إدمانها ذلك الفشل؟

    سنرى في حلقة قادمة فساد فكرة تحكيم شرع العسكرية لوقاية البلاد من عبث السياسيين. فلم تستقر البلاد تحت حكم الفريق عبود فحسب كما كانت الأماني بل انتقلت جرثومة الخلاف إلى القوات المسلحة حتى صح سؤال محمد أحمد المحجوب للعسكريين وتابعيهم : "أين استقراركم المزعوم؟"





    صندوق

    هل حنث الساسة الشماليون بالمواثيق؟

    لم يقبل الأستاذ محجوب محمد صالح (الأيام 12-2001) بالفكرة الذائعة أن ساسة الشمال نكروا عهودهم الجنوبية على إطلاقها. وقال في مقاله إن ساسة الشمال لم يتهربوا من مواجهة سؤال وضعية الجنوب في السودان المستقل. فهم لم يلتزموا بمنح الجنوب نظاماً فدرالياً قبل الاستقلال كما يشاع بل قالوا إنهم سيعطون المقترح "الاعتبار الكافي". وكان لهؤلاء الساسة مآخذ على اللأمركزية السياسية (الفدرالية) ومالوا إلى اللامركزية الإدارية مثل الحكم الذاتي الذي صار فينا بعد إتفاقية إديس ابابا في 1972. واضاف بأن مطلب الفدريشن نفسه لم يكن واضحاً في اذهان دعاته ولا كان موضوع إجماع الجنوبيين. فقد تطابق عند البعض بالتوسع في الحكم المحلي أو زيادة الوظائف للجنوبيين أو كالخطوة السابقة للإنفصال. ولم يتبلور مشروع الفدريشن إلا عام 1958 عند حزب الأحرار الجنوبي الذي وضع دستوراً فدرالياً وأطلع عليه ناشطي الغرب والبجا. ووقع الانقلاب والمشروع طفل ما يزال ومدة "الاعتبار الكافي" لم تستنفد عمرها الإفتراضي. واضاف محجوب أن الجنوبيين لم يصلوا إلى كلمة سواء حول الفدرالية التي تعلق بها نواب الإستوائية ولم يقبلها نواب أعالي النيل وبحر الغزال. بل رفض مؤتمر جوبا في يوليو 1955 الفدرالية. وشهدت الساحة الجنوبية نزاعات سياسية ونشأة أحزاب عن أحزاب في سياق مناقشتهم لوضعية الجنوب الدستورية. وخلص محجوب إلى أن النقاش لم يتوقف في هذه المسالة الخلافية وعلى مستويات مختلفة من الحكم والتشريع مثل اللجنة القومية للدستورية. وليس الخلاف مما يعيب ولا حتى اللجاجة طالما كانت منابر المناقشة مفتوحة. فالساسة في الشمال أخذوا على الفدرالية تكلفتها العالية في الجنوب قليل الموارد مثلاً. ولم يتفق حتى الجنوبيين على شئ منها. ولذا صح عند محجوب القول إن انقلاب 17 نوفمبر هو الذي وضع حداً لهذه المناقشة الوطنية المفتوحة. وربما اصاب الجنوبيون بعض كبد الحقيقة حين ردوا الإنقلاب إلى ضيق ساسة من الشمال بمطلبهم بالفدرالية. ولما عدنا إليها بعد 6 سنوات عجاف تواصلت المساعي برغم أن سنين الحكم المتسلط قد أفسدت المسألة بمنهج العنف والتطفل الثقافي على عقائد الجنوبيين. وهي سنين أورثتهم غبناً عظيماً وفاقمت شكوكوهم في الشمال. وربما كان هذا هو الحصاد المر للإستبداد وحجب التدوال في شأن الوطن بقوة السلاح كما جربناه أول مرة بعد مرور عامين فقط على نيل البلاد استقلالها.



    صندوق

    الجيل الفطحل لم يفشل!

    أهدى الدكتور منصور خالد الجزء الأول من كتابه "النخبة السودانية وإدمان الفشل" إلى البيه عبد الله خليل وخاله مصطفى الصاوي. وقال في عبارته عن البيه ما يلي:

    إلى ذكرى "البيه" عبد الله خليل، الأب والمعلم.

    كان نسيج وحده بين ابناء جيله الفطحل.

    وكان من أفاضلهم، فأفضل الناس من عفا عن قدرة وأنصف عن قوة.

    لم يعلم الذين تحاموه هيبة بأنه من أجل الناس عاش.

    ولم يدرك الذين آذوه بالتهمات الباطلات بأنه كان بحب بلاده مسكوناً.

    هذا وذاك تلقاهما ب"حلم أصم وأذن غير صماء".

    ذكراه في حياته، كانت عندي باليمن، وستظل بعد مماته.







    ومنصور خالد
    (9)
    من انتظره الزعيم الأزهري على الفطور ولم يأت؟

    عبد الله علي إبراهيم





    استعجل السيد عبد الماجد أبو حسبو، قطب الحزب الوطني الاتحادي ووزير الإعلام في الديمقراطية الثانية، إنهاء زيارته لمدينة القضارف وحجز مقعداً أماميا للوري تحرك صباح 16 نوفمبر 1958 إلى الخرطوم. وكانت زيارته للمدينة في منتصف نوفمبر 1958 بغرض الترافع أمام محاكمها عن موكليه. وما أن وصل الخرطوم ليلاً حتى أسرع مباشرة يطرق باب دار الزعيم إسماعيل الأزهري، لينقل له رسالة شفوية من الأميرالاي محي الدين احمد عبد الله، قائد القيادة الشرقية. وكان الأميرالاي صديقاً لحسبو على عهد كلية غردون في الثلاثينات من القرن الماضي ورفيقاً له في الحزب الوطني الاتحادي. وتغدى أبو حسبو في يوم 15 نوفمبر 1958 بمنزل محي الدين وتطرق النقاش إلى السياسة. وكان أبو حسبو حذراً في الإدلاء بدلوه فيها لوجود ضابط آخر على الغداء عرف في ما بعد أنه الأميرالاي محجوب طه. وطمأنه محي الدين أن لا يتحرج من محجوب فهو "مثلي تماماً" كما قال. وحدثهما أبو حسبو بعد تأمينه عن شائعات تتحدث عن سقوط حكومة عبد الله خليل البيه وقيام تحالف بين حزب الأمة والوطني الاتحادي. وصمت محي الدين ونظر إلى محجوب، الذي لم يقل كلمة واحدة، نظرة ذات دلالة وسأل أبو حسبو: "هل هناك احتمال لأن يتدخل الجيش ويستولي على السلطة؟ وهل تعلم أن هناك معلومات تفيد بأن رئيس الحكومة قد يعطل افتتاح البرلمان." ولم يكن أبو حسبو مستعداً لفكرة أن الجيش، بتقاليده في النأي عن السياسة، سيقدم على مثل هذه الخطوة. ولم يكن خافياً له مع ذلك أن محي الدين قصد أن يبلغه رسالة ما. فأجاب بأنه لا يستبعد ذلك من البيه بما عرف عنه من عناد. فقال محي الدين في خاتمة المجلس لأبي حسبو: "أرجو أن تفكروا في هذا الأمر جيداً وأن تخطر الرئيس بكلامي هذا بمجرد وصولك." وأبلغ أبو حسبو الرسالة للزعيم الذى استبعد الانقلاب كما استبعده أبو حسبو. ووقع الانقلاب في صباح 17 نوفمبر 1958. ولم يكن محي الدين من بين أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي أصبح السلطة الفعلية في البلاد. وقد تخطاه إلى عضوية المجلس من هم دونه رتبة كما سنرى. وأرجع أبو حسبو هذا التخطي لميل محي الدين المعروف للوطني الاتحادي. ولأبي حسبو رأي طريف في الانقلاب. وهو أنه كان انقلاب الحكومة على المعارضة التي مثلها الوطني الاتحادي آنذاك. ولن يكون ذلك اللقاء هو الأخير بين الاتحاديين: أبو حسبو المحامي والأميرالاي محي الدين.
    هذه القصة عن الضابط الحربي وزميله الصامت مع أبى حسبو مثل ساطع في ضعف حجة القائلين بوجوب حكم الجيش للبلاد المتخلفة ثقة منهم بوحدة القيادة والإرادة فيه بينما رباط المدنيين محلول وميثاقهم منقوض. فها نحن نرى ضباطاً يختلون بقائد حزبي لينبهوه إلى ما تدبره الرتب العليا ضاربين بالضبط والربط عرض الحائط. ولا أعرف من صور البلاء الذي ينزله الانقلاب والحكم العسكريين بضبط الجيش نفسه وربطه مثل اللواء عصام الدين ميرغني ( أبو غسان). فقد قال إن عام 1959، وهو العام الذي تلا انقلاب عبود 1958، كان عام محنة كبرى للجيش. فالسياسية أفسدت ما بين رفاق السلاح وأصبحت نيرانهم عليهم لا لهم. وأضاف أن انقلاب الأميرالاي محمد خير شنان والأميرالاي محي الدين أحمد عبد الله في مارس 1959 هو أول حركة للصراع داخل الجيش لأسباب سياسية. وإن قال أبو غسان في موضع آخر إن "تمرد" الفرقة الجنوبية في أغسطس 1955 كان مدخل الجيش الباكر للسياسة. أما انقلاب شنان و محي الدين الثاني في مايو 1959 فهو أحزن. ففي قول أبو غسان إنها المرة الأولى التي تزحف فيها قوات عسكرية من الجيش الوطني من قواعدها في شندي والقضارف لاحتلال العاصمة القومية التي تؤمنها وحدات أخرى من الجيش. وأضاف أن هذا أضر بوحدة وتماسك الجيش الوطني. وبهذا كان الانقلاب هو المناسبة الأولى لانحلال الضبط والربط. فقد فرض أميراليات (عمداء) بالقوة الزاحفة إرادتهم على الرتب العليا بقوة السلاح وأطاحوا ببعضها بسبب اتهامات سياسية لا مكان لها في إعراب الاحتراف العسكري.
    وإذا أخذنا على المدنيين لجاجتهم الحزبية في تسيير دفة الحكم فللعسكريين لجاجتهم أيضاً. فمدار العسكرية، كاحتراف ومهنية، هو مراعاة الأقدمية والرتبة في كل صغيرة وكبيرة. والانقلاب مفسدة كبيرة للأقدمية. فقد اقتضت ضرورة فنية (ودعك عن الضرورة السياسية هنا) في انقلاب عبود تعيين القائمقام عوض عبد الرحمن صغير، قائد سلاح المهندسين، والقائمقام حسين على كرار، قائد الألآي المدرع (الدبابات) بحامية الخرطوم و الأميرالاي محمد احمد الخواض قائد سلاح المشاة بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة لدورهم في تنفيذ الانقلاب بقواتهم في الخرطوم رغم وجود من هم أعلى رتبة. وقد قال الأميرالاي احمد عبد الله حامد، الذى اصبح وزيراً في حكومة عبود كارهاً، إنه استنكر وجود حسين على كرار عضوا ً وسكرتيراً للمجلس الأعلى طالما كان الأمر بالأقدمية. وقال الأميرالاي التيجاني محمد أحمد ، قائد سلاح الخدمة بالخرطوم بحري، إنهم لم يراعوا أقدمية عوض وكرار لوجودهما في الخرطوم بقوات وإمكانيات ضاربة. وقال عبود إن عوض دخل المجلس برغم صغر رتبته لاشتراكه في الانقلاب.
    يوزباشي نقيب
    وكان مطلب شنان ومحي الدين الجوهري هو استبعاد أحمد عبد الوهاب، المتهم عندهما بالميل لحزب الأمة والأمريكان، وعوض عبد الرحمن الذى زعما أنه رفعه أحمد عبد الوهاب بسبب ولاؤهما المشترك لحزب الأمة. وقد استجاب عبود لطلبهما فأنزلهما من المجلس وأرجع عوض إلى الجيش. وقال عبود إن شنان ومحي الدين " "كانو مصرين على إبعاد احمد عبد الوهاب من الجيش باعتبار انتمائه لحزب أمه وكذلك عوض عبد الرحمن" للسبب نفسه. وتوقف عبود عند هذا الاتهام بالذات ليؤكد أن تعيين عوض بالمجلس لم يكن مشيئة احمد عبد الوهاب أو من إملائه عليهم.
    إن القائلين بأن الجيش كيان معصوم من الخلاف نستعين به متى تفرقت سبل السياسة بالملكيين ينسون أن من أفراد الجيش من لهم عقائد سياسية حازمة وانتماءات حزبية دقيقة. وبهذه الصفة فهم شركاء بالأصالة في ما يدور من خلاف وطني وجدال حول قضايا السياسة. فمن فساد الرأي إذاً دعوتهم لحكم البلاد بافتراض خلوهم من السياسية. فهم بعض هذا النقاش وقلوبهم شتى فيه. فقد دار خلاف طويل قبل انقلاب 1958 حول المشروع الأمريكي المعروف بمشروع أيزنهاور الذي خرج للعالم في ملابسات الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي. فقد أرادت أمريكا ملأ فراغ الشوكة السياسية في الشرق الأوسط بعد استقلال بلدان المنطقة من استعمار بريطانيا وفرنسا وبروز "أطماع" للسوفييت بها. وتفرق الناس هنا بين مؤيد للمشروع، بتلطيف له بمسمى المعونة الأمريكية، وبين من ناصبه العداء. وكان من بين من ناصبه العداء ضباط بالجيش. فقد بنى شنان حجته للانقلاب، أو انقلاباته بالأحرى، على عداء هذا المشروع .فقد وصف انقلابه في الرابع من مارس 1959 بأنه حركة قصدت إلي الحد من التدخل الأجنبي الأمريكي بوجه خاص الذي يرعاه اللواء أحمد عبد الوهاب العضو المؤثر بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة. فقد نهض شنان بالأمر ليوقف حمل السودان علي غير الحياد الإيجابي بواسطة الأمريكيين. وحدث قضاته في المحكمة التي انعقدت له بعد فشل انقلابه الثاني في مايو 1959 عن يوم له في مايو 1956كان فيه بجبهة حلايب التي نازعتنا فيها مصر آنذاك. وقال إن البيه جاء إلى حلايب برفقة أمريكيين للبحث عن موضع مناسب لإنشاء مدرج طائرات. وقد سمع شنان من كلامهما ما أثار شكوكه. وتخوف أن البيه ربما كان بصدد فتح قواعد أجنبية في البلد. وزاد من مخاوفه الأمر الذي تلقاه كقائد للقيادة الشمالية من المجلس الأعلى في ديسمبر 1958، أي بعد انقلاب عبود، لبناء طريق معبد في منطقة حلايب. وقال إنه قام بحركته حتى يوقف مؤامرة هدف منها أنصار الأمريكان بالمجلس الأعلى بقيادة عبد الوهاب فرض التقاعد على عبود ليخلو لهم الجو فيبيضوا ويفرخوا. وواضح أن حجة شنان هنا هي صدى لمعارضة الاتحاديين والختمية للإستراتيجية الأمريكية كما لخصها الشيخ علي عبد الرحمن في مذكراته. فقد ذكر الشيخ أن نكسون، نائب رئيس الجمهورية الأمريكية، شرح لهم في زيارته سنة 1957مشروع أيزنهاور في أصله كخطة لمواجهة الشيوعية وعون اقتصادي لتلك الغاية. وقال إنه عارض المشروع وما تعلق منه ببناء مطارات لاستخدام الأمريكان في الغرب وفي حلايب بينما قبل بعض جوانب المعونة الاقتصادية. وهكذا تتشعب الدروب بالجيش بشأن ما هو وطني وما هو دون ذلك مثلهم في ذلك مثل المدنيين لا زيادة ولا نقصان.
    يلد الانقلاب الانقلاب كما ينب الماء البقل. وسمى محى الدين انقلابه وشنان "ثورة". وقال بذلك لأبي حسبو حين طلبه ، وهو عضو بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة ووزير للمواصلات، ليقابله بمكتبه بمبنى البوستة المركزي بالخرطوم. ويبدو أنه كان يريد أن يؤمن لانقلابه القادم الفاشل في مايو 1959 قاعدة شعبية وسط رفاقه في الوطني الاتحادي. فقد سأل محي الدين أبا حسبو ليرتب له اجتماعاً منفرداً مع أزهري والسيد مبارك زروق. وكان الزمن شهر رمضان. فهيأوا له فطوراً مع الزعيم ولكنه لم يحضر بسبب أنه كان مراقباً. ولدى لقاء أبي حسبو بمحي الدين أطلعه الأخير على قائمة بضباط قال إنه سيتخلص منهم لأن بقية الجيش كله معه. وقال ابو حسبو إنه لم يأت على اسم رفيقه شنان في حديثهما مما دله على أن الخلاف دب بينهما. وقال إنهما، محي الدين وشنان، شعرا بالعزلة من بقية المجلس. وفكرا في انقلابهما الثاني لكسر هذه العزلة وتعاونا فيه مع الأميرالاي أحمد عبد الله حامد والقائمقام المقبول الأمين الحاج. وقال أبو حسبو إن شنان ومحي الدين قبلا أن يكون زعيم حكومتهما القادمة احمد عبد الله حامد حسماً لخلافهما حول من ستكون له هذا الدرجة الرفيعة منهما.
    ولا يلد الانقلاب غير الانقلاب. ومن أدمغ الأمثلة على توالد الانقلابات بعضها عن بعض هو "انقلاب الصاغات" الفاشل في مايو 1959. فقد سند هؤلاء الصاغات في القيادتين الشرقية بالقضارف والشمالية بشندي شنان ومحي الدين في انقلاب مارس 1959. وأشهر هؤلاء الضباط الصاغ محمد أحمد أبو الدهب الذي لمع اسمه في حوادث الجزيرة ابا في ظل نظام نميري والصاغ بشير محمد على الذي اصبح وزيراً للدفاع في دولة مايو والصاغ عبد البديع على كرار الذي اشترك في انقلاب الصاغ علي حامد في نوفمبر 1959 وحكم عليه بالإعدام بعد فشله. وقال ابو حسبو إن بعض ضباط القيادة الوسطي بالأبيض كانوا ضالعين ولكنهم لم يتحركوا. ولم يرض الصاغة من شنان ومحي الدين قبولهم بالمناصب دون تنفيذ برنامج الانقلاب كاملاً من مثل إزاحة اللواء حسن بشير علماً أن حسن بشير قد جاء للمجلس منتخباً هذه المرة . وسيكون مفيداً أن نعرف مطالب هؤلاء الصاغة التي لم يلتزم بها شنان ومحي الدين. ونسب الدكتور محمود قلندر هؤلاء الضباط إلي تنظيم عامل بالجيش هو تنظيم الضباط الأحرار. وربما فسر هذا مضاء عزيمتهم في تحقيق مطالبهم كاملة غير منقوصة. ولربما كان ما طالب به شنان وهو في الحكم من إطلاق سراح القادة النقابيين وإعادة الضباط المفصولين إثر انقلاب كبيدة في 1957 إلى الخدمة هي بعض مطالب الصاغة المبخوسة. وقد نشر محمد أحمد كرار قائمةب بهذه المطالب فيها ما سبق ذكره وأضاف مطالب تتجه بالتدرج بالحكم إلى صور مدنية مثل قيام حزب واحد. والمرجح أن شنان ومحي الدين من جهتهما قد وجدا إنهما بحاجة لانقلاب ثاني لتمكين نفسيهما اكثر فأكثر. فأتفقا مع الصاغة على الانقلاب. وتحركت فرقتان من القضارف نحو الخرطوم ولم تظهر قوات من الشمالية لأن هناك من أوشي بالانقلابيين ومنظمهم البكباشي عبد الحفيظ شنان واتخذ قائد الشمالية الأميرالاي أبو دقن احتياطه فافسد الفكرة. وتهاوى الانقلاب عند حدود الخرطوم. وقال محي الدين لضباط الشرقية إن شنان قد خانه. ووالواضح أن خلاف شنان ومحي الدين حول رئاسة المجلس الأعلى أعماهما عن تدبير الانقلاب بصورة ناجحة.
    القارئ المدقق في مجريات انقلاب 1958 سيجد واحدة من سخريات القدر المؤسية. فبينما يروج بعض الناس لحكم العساكر من فرط خيبتهم في الديمقراطية نجد أن الجيش نفسه لم يجد حلاً لبعض أعقد المشاكل بين طاقمه الحاكم سوى بالديمقراطية. فبينما كان المجتمع يتدكتر (من ديكتاتورية) أو يتجيش تحت نظام 17 نوفمبر كان الجيش يتمقرط (من ديمقراطية). فبعد أن فرض انقلاب شنان ومحي الدين على عبود استقالة المجلس أذاعت الحكومة ذلك على الناس وقالوا إن 15 ضابطاً عظيماً في حالة شورى. وانتهوا من شوراهم إلى تحكيم الانتخابات في اختيار المجلس الجديد. وجرت الانتخابات وفاز محي الدين للمجلس الجديد بأعلى الأصوات (15 من 15) وحسن بشير (9 من 15). كما جرى انتخاب اللواء المقبول الأمين الحاج، قائد القيادة الوسطى، أيضاً للمجلس. ورفض عبد الوهاب دخول المجلس بعد انتخابه لأنه كان يري أن شنان ومحي الدين قد خرقا قواعد السلوك العسكري ويجب محاكمتهما. ولم تجر محاكمتهما بالطبع بل أصبحا عضوين منتخبين في المجلس حتى تمردا للمرة الثانية في مايو 1959 بقصد إزاحة حسن بشير. وسيلفت نظر الباحث أن الجيش، الذي زعمنا أنه ينظم أموره وفقاً للتسلل القيادي، احتاج على أيام حصار شنان ومحي الدين للقيادة العامة ليتوسط السياسيين وزعماء البلاد، المستبعدين من الحكم لفرط خلافهم الحزبي والطائفي، لفض الشبكة العسكرية. فقد طلب عبود تدخل عبد الله خليل والسيدين عبد الرحمن المهدي وعلى الميرغني للإدلاء بثقلهم ومحبتهم لحمل الضابطين العظيمين لفض الحصار. وسنجد ايضاً المجلس لا يخضع للرتبة العليا فيه طالما امتلك آلية التصويت. فقد حذر المجلس من أن يعفو عبود عما سلف عن شنان ومحي الدين وضباطهما في انقلابهم ف مايو 1959 كما فعل في انقلابهم في مارس. ولهذا احتكم المجلس على التصويت منعاً لعبود من اللين معهم.
    وقد جاء الأستاذ محمد أدروب أوهاج بزاوية طريفة للنظر إلى أن الجيش غير مبرأ من النزاع الفتاك متى مارس السياسية. فقد رأينا كيف عادت للبلاد الحزبية بالشباك بعد أن زعم الانقلابيون أنهم طردها عبر الباب. فقد قال أدروب إنه سأل الأميرالاي محمد نصر عثمان، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، عن ما بدا له من تنازل العسكريين السهل عن الحكم في وجه ثورة أكتوبر 1964. وكان رد محمد نصر أنهم كانوا في مركز القيادة في شغل شاغل بصراع مستمر بين فريقين أحدهما تابع لحسن بشير وآخر لطلعت فريد. وكان الخلاف قائماً حول من سيخلف عبود بعد إزاحة أحمد عبد الوهاب في 1959. والمعلوم أن طلعت اقدم في الرتبة عن حسن بشير إلا أن أدوار حسن بشير في الانقلاب كانت طاغية. فبينما توزع الضباط بما فيهم طلعت حقائب مجلس الوزراء بقي حسن بشير في الجيش نائباً للقائد العام والوزير الفعلي لوزارة الدفاع. وقد أكد الرائد محجوب برير وجود هذا النزاع بين الضابطين العظيمين في جريدة الأسبوع (197. وقد أنكره الأميرالاي إبراهيم سوار الدهب قائد سلاح الطيران والمظلات في 1964 والقريب من طاقم الحكم في نوفمبر وسيكون من المثير أن نعلم إن كان التعديل الوزاري الذي حمل طلعت فريد من وزارة الاستعلامات والعمل، كثيرة الأضواء، إلى التربية والتعليم، بطلابها الكارهين للنظام، هو من نتائج هذا النزاع.
    وربما علمنا من دراسة أدوار هذا الخلاف بين عسكري المجلس الأعلى الصور التنظيمية السياسية التي اتخذها. فقارئ اللواء مزمل غندور يحس بأن هناك رابطة زمالة قبلية عبابدية (من عبابدة) مثلاً ربطت بينه وبين اللواء احمد عبد الوهاب واللواء محمد الباقر أحمد وحسين على كرار. والأخير قد تخطى الرتب الأعلى بالانقلاب حتي تحرش به شنان ومحي الدين وازالوه من المجلس كما تقدم. بل قال مزمل إن الضبط والربط كان يتعطل حين يتحدث إلى ضابطه العظيم احمد عبد الوهاب لأنه أكبر منه بالقرابة. فمزمل في الحسبة عم لأحمد. وسيكون من المفيد أن نعلم إن كانت "القبلية أو الإثنية" قد غذت خلاف حسن بشير وطلعت. وهل استنجد حسن بشير في هذا النزاع بشايقيته (أو شايقية الشتات) التي ربطته بالفريق عبود نفسه وبأقوى رجلين في الحكم وهما أحمد خير، وزير الخارجية الجهبذ وأبي رنات، رئيس القضاء النافذ إلى غايته؟ وهل كان سند طلعت عنصر المولدين في الجيش من مثل أخيه رضا فريد. وكانت هذه الخلافات الإثنية والقبلية مؤثرة فيما يبدو في سياسة المجلس الأعلى وكان يرشح منها لمسامع الناس الكثير وبها يفهمون مجريات تلك السياسة. فقد قال المرحوم أبو حسبو إنهم ظلوا يسمعون عن تحزبات طاقم المجلس الأعلى: فمنهم جماعة الأنصار بزعامة أحمد عبد الوهاب والعبابدة بقيادة بحاري (وهو ميرفابي عندي) والشايقية بزعامة حسن بشير والمواليد بزعامة طلعت. وكانت كلها تتقرب لعبود الذى طغى اسمه بين الناس وصار قطب الرحى.
    وستعيننا هذه المباحث على ما يبدو من سخفها على كبح غلواء أولئك الذين يزكون الجيش للحكم لأنه، خلافاً الأحزاب، معصوم على الخلاف المؤدي للفشل.
    ليس في درس حكم عصبة عبود العسكرية في 1958 ما يزكي لنا أن الانقلاب هو الدواء الناجع لسقم النزاع الحزبي السياسي. ومع ذلك رأينا الدكتور منصور خالد في بعض كتاباته لا يروج لنظرية أن الانقلاب هو أم دواء الفشل السياسي للديمقراطية الحزبية في حالة انقلاب عبود بل يجدد هذه النظرية بصدد انقلاب نميري. فهو يضيف على ما مضى عن ضبط الجيش وربطه عقيدة عشوائية هي أن الجيش رائد الاشتراكية والحداثة والتقدم. ولم يتعظ منصور في البادي بشقاق العسكريين فى دولتهم على عهد عبود وخروجهم من الضبط والربط يوم آلت لهم مقاليد الأمور السياسية. والأقرب إلى الرجحان في مسألة العسكر والحكم هو محمد أحمد المحجوب. فقد قال إنه دافع عن اللواء أحمد عبد الله حامد في سياق عرضه للانقلابات التي توالت في عام 1959 .وعلق هازئاً على اضطراب حال البلد بهذا الانقلاب وما سبقه تحت نظام استمد مشروعيته من زعمه إغلاق سوق الأحزاب المصطرعة وفرض النظام والطمأنينة: "وهذا غيض من فيض "الاستقرار" الذي جاء به الحكم العسكري للسودان.".


    صندوق:
    في بلادنا ثورة غضب
    رثى الشاعر والنقابي القيادي الحاج عبد الرحمن شهداء انقلاب 9 نوفمبر 1959 (المقدم علي حامد والمقدم يعقوب كبيدة والرائد عبد البديع علي كرار والنقيب طيار الصادق محمد الحسن والنقيب عبد الحميد عبد الماجد) بقصيدة كانت مادة للذكرى والثأر في مجالس الشيوعيين في ذلك الظرف العصيب وخاصة بعد أن تغنى بها زميلهم المرحوم عثمان بادي من رفاق شندي. وتقول القصيدة:
    في بلادنا ثورة غضب يا خونة إنتو السبب
    عبد البديع كرار والصادق الطيار
    وعلي حامد المغوار وكبيدة موقد نار
    وعبد الحميد الثار الشهداء ديل أحرار
    ما ماتوا يا فجار ما تقولوا سكنوا الترب
    إنتو التسكنو الترب
    يا خونة يا خاينين يا للضمير بايعين
    شنان ومحي الدين والشفيع وقاسم أمين
    وطلائع الثايرين ده شعبنا شعب أمين
    في الحاره نخوض اللهب يا خونة إنتو السبب
    الخزنة ديك خاوية وبلادنا ع الهاوية
    يا شعب وين إنتو وين صرختكم الداوية
    كبلوا الأحرار من جنوب وشمال
    كوبر تفيض تزخر ناقشوط* ملانة رجال
    بلادنا منكوبة وخيراتها مسلوبة
    العسكر ديل ياخويا ما الليله لعبوبا
    ولم تنشر القصيدة في ديوان الحاج "أنا عطبرة" الذي صدر في آخر الستينات. وقد أخذت النص من كلمة للمهندس هاشم محمد احمد بجريدة الفجر اللندنية بتاريخ 22 نوفمبر 1989.
    *وهي بلدة في الجنوب حجز نظام عبود فيها قادة المعارضة بما في ذلك الزعيم الأزهري والبيه وعبد الخالق محجوب.


    صندوق آخر
    الرتب العسكرية للضباط قديماً وحديثاً
    نضع أمام القارئ قائمة باختلاف مصطلح هذه الرتب حتى نعينه على قراءة هذا المقال الذي استخدمنا فيه المصطلح القديم على ضوء ما يعرفه من مصطلح اليوم. ولا خلاف بين المصطلحين في رتب الفريق واللواء والملازم. والخلاف في البقية كما يلي:
    أميرالاي عميد
    قائمقام عقيد
    بكباشي مقدم
    صاغ رائد
    وربما كان للسياسة الحزبية نفسها دوراً في صعود نجم هذه الرتب الصغرى بسبب الانقلاب. فقد حضر عوض، الذي وصف نفسه بأنه أنصاري أصيل، اللقاء الذي رتبه عبد الله خليل البيه، رئيس الوزراء ووزير الدفاع عام 1958، لعبود وأحمد عبد الوهاب وحسن بشير مع السيد الصديق بمنزله قبل شهرين من الانقلاب. وتدارس اللقاء اضطراب البلاد واقتراح السيد الصديق أن يكون وزير الدفاع من الجيش طلباً للاستقرار. وكان عوض وحسين والخواض مجتمعين مع الرتب العليا حين تدارسوا خطة تنفيذ الانقلاب. والراجح أن ترفيع هذه الرتب الصغرى إلى منازل عليا في السياسة ، وفي الجيش بالضرورة، هو ما استفز شنان ومحي الدين، ممن سبقوا الضباط الثلاثة رتبة، للقيام بانقلابهما رداً للاعتبار. وهذا ما رجحه أبو غسان في كتابه. فقد حاصر شنان ومحي الدين القيادة العامة بالخرطوم بجنودهما واعتقلا عبد الوهاب وضابطين عظيمين آخرين ممن أصبحا أعضاء بالمجلس العسكري بعد انقلاب 17 نوفمبر من غير التزام بالأقدمية لمجرد ولائهما لحزب الأمة.








    . ومنصور خالد
    ( ؟) طلعت فريد: زفرة تغلي مخ الضب
    (10 )
    عبد الله على إبراهيم
    يعلق بذهني كتابان قرأتهما في أوائل الستينات. ولا أذكر عنوان الأول. وهو كتيب أذكر أنني اشتريته من مكتبة كانت بركن جامع الخرطوم الكبير الغربي. وهو عبارة عن اعترافات شيوعي سابق كال السباب لرفاقه السابقين. ولم يبق في ذاكرتي منه سوى قوله إن كان يحضر اجتماعات مختلطة من رجال ونساء لا حياء أو خلق فيها. وكنا مراهقين شباباً وفاتتنا هذه الاجتماعات فيما يبدو. وهذا قريب من قول بعضهم عن أهل الباطن إنهم يجتمعون نساء ورجالاً ويتنادون "اطفوا النور واكبسوا الحور". وهذا باب في مشاعية النساء. وربما كان الكتاب بعض أدب معاداة الشيوعية الذي كانت ترعاه وزارة الاستعلامات والعمل بالتنسيق مع السفارة الأمريكية كما تقدم في كتابنا هذا. وإن احتفظت أيها القارئ بنسخة من هذا الكتيب أو عرفت عنه شيئاً فستكسب ثواباً إن تحدثت إلى كاتب هذه السطور.
    أما الكتاب الآخر فهو "الليالي وفجورها" (51 صفحة) لكاتبه خليل عثمان الذي صدر في يناير1963. ولم يكن خليل عثمان سوى اسم مختلق. فلم يكن خافياً على المهتمين بالتأليف آنذاك أن كاتبه الحق هو اللواء طلعت فريد وزير الاستعلامات والعمل ثم التربية والتعليم في نظام الفريق عبود. ولم يكن كشف هوية الكاتب الحق من نص الكتاب نفسه عسيراً. فواضح أن الكاتب منتم للقوات المسلحة، ومن قادة حركتها المباركة في 1958 أو انقلابها أو ثورتها. وأنه من سكان حي السلطان في المدينة لأنه يسكن في منزل يسمع منه صخب ملهى سنت جيمس الذي هو مطعم . ؟؟ (املأ الموضع الخالي) الآن. والكاتب يلعب التنس عصراً، ولا تهدأ لقاءاته بالصحفيين (وقال عنهم إنهم اصدقاؤه إذا انقطعوا عنه افتقدهم)، ويقضي ليال متكررة في المسرح القومي. حذر فذر: طلعت فريد.
    وأتخذ الكتاب أسلوب رسالة موجهة إلى صديق والصديق هو طلعت نفسه. وقد بدا له، وقد بلغ الخمسين من العمر وهو في خضم العسكرية والسياسة، أن يرجع البصرة كرة حتى يستقيم له النظر لقدام لبناء الوطن المعافى من زعامة القدامى ممن أفسدوه وأساءوا حكمه. وقد استطرفت عبارة طلعت في وصف ما ساقه لكتابة "الليالي وفجورها". فقال إن الرغبة في كتابته شغلت أقطار تفكيره وسهدته. فهاجس كتابته كان ملحاحاً لم تزجره عنه مشاغل الدولة التي تأخذ كل وقته. واشتمل الكتاب على مزيج من الذكريات في خدمة السودان واستطلاع لمستقبله الذي اصبح هو أحد صناعه. وأعتذر بأنه سيكتب تاريخاً جافاً لا يلطفه خيال. فالكتاب عنده عبارة عن "أعقاب زفير بقي داخل رئتي من طول ما عدوت وبقوة وبسرعة في مضمار طوله خمسون سنة. فخروجه (أي الزفير) يريحني ويجدد نشاطي وأشك في صلاحية ذلك العمل للكثيرين غيري."
    يرجع طلعت لفترة الصبا ويركز على ملكته القيادية وميله للقسط وقولة الحق. فهو يذكر حب رفقته له وقيادة لهم في شتى المناحي الاجتماعية والرياضية. ثم يقر باندفاعه وثوريته وينعى على المتريثين لأن معظم التريث انصرافية عن أداء الواجب. ثم عرج على بدء خدمته بقوة دفاع السودان بفرقة العرب الشرقية بالقضارف بعد تخرجه في أول دفعة تخرجت من المدرسة الحربية المستعادة. فقد كان الإنجليز عطلوا هذه المدرسة، التي كانت تابعة لكلية غردون، بعد ثورة 1924. والمعلوم أن الضباط من خريجي هذه المدرسة هم الذين كانوا وقود ثورة 1924. ولطلبتها مظاهرتهم الشهيرة بالطبع على تلك الأيام. وكان يطلق على خريج مدرسة كلية غردون الحربية طلبة البراءة. وهي براءة مسقطة عليهم من الحاكم العام. وكانت هذه البراءة بمثابة شهادة صالحة للعمل بالجيش المصري في السودان وفي مصر. وقد تخرج بها اللواء محمد نجيب والفريق أحمد محمد والفريق إبراهيم عبود. ولكن الحرب العالمية الثانية (1939-1945) أرهصت باحتلال إيطاليا للحبشة في 1935 ولم يجد الإنجليز بداً من التحوط للعدو الجنب بالعودة إلى فتح المدرسة الحربية لتخريج ضباط لقوة دفاع السودان التي أنشئت بعد ثورة 1924. ويذكر طلعت الدفعة الأولى للمدرسة وكان هو منها. وقد تخرجت عام 1935. وكانوا ثمانية هو تاسعهم. ووصفهم كرواد لمن تبعهم تقاسموا شرف التضحية في ميادين الحرب العالمية الثانية عند جبهتي الحبشة وشمال أفريقيا. وهو يبرر بسالتهم، التي تعرض لبعض جوانبها، في حرب أوربية المنشأ واستعمارية الهدف بأنهم إنما حاربوا استعماراً جديداً محتملاً هم الإيطاليون متحالفين مع استعمار قائم. وقال إنه سيأتي اليوم الذي سينقلبون على الاستعمار القائم ويخرجونه من البلاد. ولما تثاقل الإنجليز في منح السودان استقلاله بعد الحرب متعللين بوجوب تدريب السودانيين على أصول الحكم استرجع طلعت بلاء جيله في الحرب قائلاً: هل من حرر بلداً آخر وحماه بحاجة إلى درس في حكم بلده.
    وهو من جهة أخرى يجعل هذه السابقة العسكرية الفدائية سبباً لتولي الجيش الحكم منقلباً على الأحزاب والطوائف التي انحدرت بالبلاد "إلى هاوية الانهيار دستورياً كان أو أخلاقياً أو اقتصادياً أو . . أو . . أو . . " وطلعت شديد الاعتزاز بهذه الكوكبة من أبناء دفعته التي هبت لفداء البلاد في 1958 من أدعياء الوطنية، (تقرأ الاتحاديين) وأصحاب الصبغة الروحية (السيدان وأحزابهما) و الجماعات التي لا تعمل في الظاهر ولا يعلم هدفها إلا الله (وتقرأ الشيوعيين). وهو شديد الاعتداد بالشعب. وأثنى على مساهمة المدنيين في المجهود الحربي لحرب الحبشة دفاعاً عن حرمة بلدهم. ورأى أنهم مستحقون لحكم أنفسهم عن طريق مجالسهم المحلية القاعدية حتى المجلس المركزي الذي جرت "الانتخابات" له عام 1963. ويوم يقبض الشعب على زمام الحكم ستنتهي "مأمورية" (وهذه لغته هو نفسه) الجيش ويعود إلى ثكناته راضياً مرضيا.
    لم نأخذ نحن المشغولين بالتأليف الكتاب بالجدية لأن طلعت لم يكن عندنا في عداد المؤلفين. وقد اشتهرت عنه صفة "وزير بتاع لعب" حين ترجم مذيع جنوبي صفته كمسئول عن الرياضة إلى لغة جوبا. وقد أهملنا الكتاب بعد أن استطرفنا منه عبارات مثل تلك التي وردت في إهدائه. فقد قال إنه يهديه إلى قائمة من الناس عددها "وإن طاب لهم فليفلفوا نفسيتي وشخصيتي." ولم تكن "يفلفوا" عندنا سائغة. ووجدنا لغته حربية مثل قوله إن من احتاج للعسكريين لفداء الوطن سيجدهم لأنهم "كالجن في خدمة سليمان". ولكن أطرف عباراته كلها قوله في وصف شدة الحر في خشم القربة عام 1939 أنه كان "يغلي مخ الضب". وأضحكتنا غرابة العبارة كثيراً.
    عادني هذا الكتاب في سياق بحثنا عن حقيقة ما يذاع من أن حكم الجيش مشروع ومطلوب متى عصف بالبلاد شقاق الأحزاب ولجاجها. وقد تقدم في هذا البحث قولي إن الجيش، المأمول فيه التماسك ووحدة الإرادة، ليس خلواً من السياسة ولا من الشقاق العنيف. ففي عام 1959 وحده قامت ثلاثة انقلابات هزت ضبط الجيش وربطه وتواجه فيها رفاق السلاح قاتلاً ومقتولاً. وقلت إن أوسع أبواب الشقاق في الجيش تنفتح حين تعلو على مبدأ الأقدمية فيه اعتبارات أخرى. وتأتي هذه الاعتبارات من جهة تطفل الجيش على السياسة التي هي أميل لتقديم ذوي السابقة في الانقلاب المخصوص أو الموالين اللاحقين على من هم أقدم منهم بشرعة المهنية العسكرية الخالصة.
    وما أعادني لهذا الكتاب بقوة هو ما ورد في حلقة مضت من أن أقوى أسباب تهافت نظام عبود أمام ثورة أكتوبر 1964 أنه كان في شغل عنها بصراع ناشب بين اللواء حسن بشير نصر واللواء محمد طلعت فريد. ونقول بلقب اللواء لطلعت فريد هنا تجاوزاً لأن أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ما عدا عبود وحسن بشير، فقدوا رتبهم العسكرية كجياشة في الخدمة. وكان هذا مصدر ضيق كبير.
    وقد بدت لي من رصد وقائع معينة في سيرة نظام 17 نوفمبر أنه ربما كان النظام من نوام (ضمة على النون وشدة وفتحة على الواو) لا الأيقاظ وثورة أكتوبر تتجمع سحبها العاصفة. وربما كان لصدور كتاب طلعت فريد في يناير 1963 في ملابسات وقته دلالات مفيدة في فهم سيرة انقلاب عبود فينا. فقد سبق صدور الكتاب تعديل وزاري في آخر 1962 حمل طلعت فريد من وزارة الاستعلامات والعمل كثيرة الضوء ، والتي أحبها وتميز عمله فيها، إلى وزارة التربية والتعليم بطلابها المشاغبين المعادين للنظام آناء الليل وأطراف النهار. وهو تعديل أخذناه على علاته طويلاً. ففي علومنا السياسية طبع المقاومة لا طبع الدارسين. فهي كارهة للنظام المستبد جملة وتفصيلاً ومعنية بالخلاص منه غير مأسوف عليه بأي صورة وبأعجل ما تيسر. فنظرنا يقتصر على أن سياسة النظم العسكرية ظالمة ولا خير يأتي من التفرس في قسماتها الدقيقة من مثل التعديل الوزاري الذي نحن بصدده. ولهذا تناقص حظنا من الحكمة.
    وإذا أنعمنا النظر في هذا التعديل الوزاري ستجد أن اللواء طلعت لم يتحول عن وزارة الإعلام ذات السطوة فحسب بل اصبح "خصمه" اللواء حسن بشير بعد التعديل وزيراً لشئون الرئاسة ونائباً للقائد العام. وكان قبلها مجرد وزير للرئاسة. ويبدو أن هذا التعديل أنهى خلافاً، ربما تطاول، كان طرفاه حسن بشير وطلعت بالضربة القاضية وخرج طلعت من الميدان واستولى حسن بشير علي كل شيء: القرب من أذن عبود والتمكن من القوات المسلحة. وربما شبهنا هذا الخلاف بما جري في انقلاب مايو حين دق اختيار الرائد خالد حسن عباس وزيراً للدفاع دون الرائد هاشم العطا إسفيناً في قيادة مايو التاريخية لم يبرأ أبداً. وكان له ما بعده.
    كان هذا التعديل الوزاري أثراً سئياً جرته السياسة على الجيش. فقد تغلبت فيه اعتبارات السياسة على اعتبارات المهنية العسكرية التي حجر زاويتها مبدأ الأقدمية. فبرغم أن طلعت وحسن بشير من خريجي دفعة 1935 من المدرسة الحربية، التي أطنب كتاب " الليالي وفجورها" في تمجيدها، إلا أن طلعت أقدم من حسن بشير من حيث ترتيبه في سجل التخريج. فقد كان ترتيب طلعت في امتحانات التخرج هو الثالث بينما كان ترتيب حسن بشير هو السادس. بل جاء ترتيب أحمد رضا، ابن عم طلعت، قبل حسن بشير. وقد شمله التعديل الوزاري كذلك فاصبح وزيراً للزراعة بعد أن كان وزيراً للأشغال والثروة المعنية. و لنقف على أوجه هذا الخلاف في الجماعة الحاكمة علينا أن نحلل هذا التعديل الوزاري: من تحول؟ ومن ماذا؟ وإلى ماذا؟ وهل ترقى أم هبط؟. ولكن يمكننا القول على السليقة أن اكثر نفوذ الأميرالاي حسن بشير (اصبح لواء بعد الانقلاب) مستمد من حقيقة كونه لاعباً رئيسياً في الانقلاب. بل أن قرائن الأحوال تشير إلى أنه ذهن الانقلاب التكتيكي إن لم يكن الإستراتيجي. فقد كان بالخرطوم حيث جرى التفكير في الانقلاب وحيث وقع بينما كان اللواء طلعت، الأرفع رتبة، في جوبا قائداً للقيادة الجنوبية. وبلغ من جهله بالانقلاب حداً أمر فيه بالتحقيق مع موظف البوستة الذي سمع أنه يبث كلاماً ضاراً بالأمن عن انقلاب وقع بالخرطوم. وقارئ كتابه "الليالي وفجورها" لن يستبين كيف كان طلعت قصي الديار عن شغل الانقلاب من فرط تعلق قلبه ب "ثورة" عبود وبناء الحيثيات الدامغة لضرورتها لإنقاذ البلاد من القدامى والأدعياء وخفافيش الظلام. فقد صورالثورة وكأنه كان وراءها يوماً بيوم وتمسك بها كأنها فكر فيها أو احدثها.
    قال طلعت إن كتابه من إملاء هاجس رفض أن يبرحه أبداً. ويصح السؤال للتاريخ إن كان ما اقلق مضجعه هو تجاوز أبناء الدفعة لأقدميته بتقديم حسن بشير عليه في الجيش ثم تخفيضه من ضوء الاستعلامات إلى جحيم التربية والتعليم. فلا بد أنه قد حز في نفسه كيف خلع هؤلاء الثمانية، الذين هو تاسعهم، ميثاق زمالة لسلاح والفداء خلعاً حتى ظلموه. وقد وصف هذا الميثاق ب"الدستور" الذي تعاهدوا به على الزمالة في ميدان الوغى الصعب. ونثر قصيدة قالها هو بعد التخرج رسم فيه ملامح هذا الدستور. ووصف طلعت كتابه بأنه "زفرة" إنسان مطارد لم يفكر في كتابته قبل يوم من جلوسه لتسطيره لإلحاح الخواطر وتكاثرها من حوله. لقد كتابه "بنهار" بدلاً عن قولنا "بليل". هل كان الكتاب هي زفرة جريح زمالة مضيعة وطريد عشرة كاسدة؟ هل أراد بكتابه أن يستعيد صور تلك الزمالة الفدائية البهية في كرن والكفرة "ويجوا عائدين ضباط مركز تعيين" كما قالت عنهم الفنانة عاشة الفلاتية؟
    وهذا باب فاتح لنبش التاريخ.




    صندوق
    طلعت فريد: حلق بي اللوري، حلق بي
    ظل طلعت في كتابه يميز طبعه المعاند وقال إنه إرث من أهله. وقال إنه استثمر عناده لبناء شخصيته القيادية يأمر فيطاع ويفتدي فيتبع وينفث الروح في العزائم الخائرة بفدائيته. وظل يثني على وجوب الجراءة والإقدام في العمل. ويعود للعناد وقال إنه كبر معه وصور كيف التزم به وهو في ساحات الفداء يقود جنوده حتى حكوا الأساطير عن استبساله. وربما أوحت كلماته عن الثورة كعمل مستمر للتغيير بأن العناد هو الخصلة المثلى نحو هذه الغاية. وقد ذكر لطلعت هذا العناد والفدائية الدكتور عبد الله الطيب في كتابه "من حقيبة الذكريات، صفحة 221". فقد روى عن مباراة في كرة القدم كان طلعت بطلها عام 1937 أو 1938 بالميدان الشرقي الحالي بجامعة الخرطوم. فقد كان ضمن فريق الدفاع (قوة دفاع السودان) في مواجهة فريق مصلحة الري على كاس عرف بكاس المصالح. وأحرز الري إصابتين في الدفاع في الشوط الأول. ولكن الدفاع بقيادة طلعت فريد لم ييأس. ومن فرط بسالة طلعت، مدافع الفريق، شج رأسه وربط الجرح بعصابة واستبسل عند مرمى الدفاع حتى تعادل الفريقان بل أصاب الدفاع إصابة النصر بفضل طلعت الذي صد كل هجمة خطرة من الري ملأت بسالته زملائه حماسة. وغنت فتيات العاصمة تخليداً لذلك النصر: حلق بي اللوري حلق بي
    والدفاع الغلب الري
    وقد وصف عبد الله الطيب هذه المباراة وصفاً دقيقاً حتى جاء بالطريقة التي يمططن "جواري" الخرطوم كلمات الأغنية تنغيماً وتطريباً وغنجاً.
    صندوق
    لا تبقي ولا تذر
    في عدده سبتمبر مايو 1961 علقت صوت المرأة على تصريح طلعت تمنى فيه حرباً لا تبقي ولا تذر خلال أزمة كوبا ومواجهة أمريكا والروس. واشتكى طلعت من أن الدول الكبرى تدفع أبناء الدول الصغيرة كقطع الشطرنج في حروبهما وهم لابدين. وعلقت صوت المرأة على هذا بكاركتير من صنع المرحومة فوزية اليمني التي كانت توقع إحياناً ب "كردفانية." وبجنبه كاريكتير آخر عن طلعت المتهم آنذاك بشغل الناس بالكرة تلهية لهم للبعد عن السياسة.






    العبابدة في الجيش: أحمد عبد الوهاب وحسن عبد الوهاب وحسين وحسن علي كرار والاقر ومزمل (قابله عبود في ليلة الانقلاب وقال له "نحن عملناها علشانكم أنتو الصغار.".
    الندرسة الحربية اغلقت بعد 1924.. واتصلت بكلية غردون. ويتخرج طلابها في قائمة واحدة مع المدرسة الحربية المصرية. وتخرج منه محمد نجيب. ولما احتلت الحبشة في 1935 عاد الإنجليز لتأسيس كلية لتدريب السودانيين للحرب المحتملة مع إيطاليا. وكانت دفعها الأولى على النحو التالي والأسماء مذكورة بحسب ترتيب التخرج:





    الدفعة الثانية 1936
    بحاري
    محمد نصر عثمان
    الخواض محمد أحمد
    عبد الله الأمين إسماعيل
    محمد التيجاني خليفة
    1937
    أولها محمود ابو بكر ويعينون كعساكر ويدربون في الخدمة لمدة عامين ويحصلون على براءة الحاكم العام.
    وتخرج 9 دفع من هذه المدرسة وتوقفت في 1944 بنهاية الحرب. وعاد الإنجليز لمؤسسة تعليم العسكرية بعد قناعتهم أن السودان في طريقه للاستقلال فأنشأوا الكلية الحبية في 1948 وتخرج مزمل في دفعتها الأولي عام 1950.
    كتاب طلعت: قرأه الناس ك"فجورها" في دلالة الفجور من الفساد بينما قصد الفجر من الزمان. وربما أصلح فوراوي لغته.
    أكد أن طلعت كان لواءاً في القيادة الجنوبية بينما حسن بشير أميرالاي. لما سمع طلعت بالانقلاب في جوبا من وكيل البوستة حسبها إشاعة ضارة وأجرى تحقيقاً معه. (أنظر كيف أدعى الثورية يف كتابه).
    قال بأنه كانت حزازات غير واضحة بين طلعت وحسن بشير. فقد جرى إعفاء أعضاء المجلس الأعلى من رتبهم في الجيش ما عدا حسن الذي اصبح نائباً للقائد العام، عبود. وهذا ما ربما أخذه طلعت على حسن ولكنه لم يسع لتحزيب الضباط حوله. تحول طلعت إلى التعليم كان مجرد شكة للوزارة تأثر بها آخرون.
    الانقلاب:
    فكرته في بيت زين العابدين صالح خال أحمد عبد الوهاب وصديق البيه (أنظر المحاكمات). يجتمعون فيه (مع أحمد عبد الله حامد والدرديري نقد). والأحمدان من تلاميذ عبد الله خليل وهو قدوتهم. جاء تقرير (مدسوس في رأي مزمل) من التني سفيرنا في القاهرة يقول بأن مصر آخت بين أزهري وعلى عبد الرحمن. عبد الله خليل : "دي ظرورة ملكية". اقترح على احمد أن يستولى على الحكم ويزيح عبود نفسه. ولكن احمد اصر أن يكون الانقلاب عملاً مؤسسياً. وكان من رأيه ان يكون الحكم للجيش لا للمدنيين.
    شهوة الحكم هي التي تجنب بها الجيش عبد الله خليل. وذكر قصة السفير المريكي وحسني الرعيم في سوريا. فقد دبرت أمريكا له الانقلاب وكان هو صديقاً للسقير الأمريكي ويتفاهمان بالفرنسية. بعد استيلاء حسني علي الحكم بيوم واحد قابل السفير ولما خاطبة ب "أنت" الدالة على الإلفة (يو) قال له حسني أرجو أن تحسن عبارتك من الوم وصاعداً .أنا "هو" وهي نفس "أنت" ولكنها نافية للإلفة.
    في دي أنا غلطان:
    حقق عبود مع أحمد عبد الله حامد وساله لماذا لم يطلعه على انقلاب شنان الثاني وهو عليم به. قال: في دي أنا غلطان.


    1935
    احمد عبد الوهاب
    أحمد ابوبكر
    طلعت
    أحمد عبد الله حامد
    أحمد رضا فريد
    حسن بشير
    عمر إبراهيم العوض
    عمر محمد إبراهيم (أخ لمحمد صالح المك غير شقيق)


    بعد 17 نوفمبر: المجلس الأعلى:
    الفريق عبود الرئاسة والدفاع
    اللواء عبد الوهاب الداخلية
    اللواء طلعت فريد الاستعلامات والعمل
    الأميرالاي أحمد عبد الحميد الزراعة والري
    الأميرالاي أحمد رضا الأشغال والثروة المعدنية
    الأميرالاي حسن بشير شئون الرئاسة
    الميرالاي البحاري الماصلات
    زيادة ارباب التعليم
    عبد الماجد المالية والتجارة
    سانتينو دينننق الحيوانية
    أحمد خير الخارجية
    محمد أحمد علي الصحة
    ديسمبر 1958
    الأميرالاي محمد احمد عروة وزيراً للتجارة وخلف عبد الماجد احمد الذي بقيت له المالية


    جرى تعديل وزاري في 20 ديسمبر 1962 اصبح طلعت فريد بمقتضاه وزيراً للتربية والتعليم، وأحمد رضا فريد للزراعة وحسن بشير وزيراً لشئون الرئاسة ونائب القائد العام وأحمد بحاري وزيراً للحكومات المحلية (كان في الداخلية)، ومحمد نصر عثمان (جديد) للاستعلامات والعمل، والمقبول الأمين الحاج وزيراً للتجارة والصناعة والإمدادات. وزيادة أرباب للأشغال، وأحمد عبد الماجد أحمد للمالية والاقتصاد وسانتينو دينق للثروة الحيوانية، وأحمد خير للخارجية، ومكي المنا للري. وأحمد علي زكي (جديد) للصحة، وسليمان حسن (جديد) للمواصلات. (1964 كان عروة وزيراً للداخلية، لم يذكر في القائمة)
    كان اللواء محمد نصر عثمان نائباً لرئيس هئية اركانحرب القوات المسلحة في نحو ابريل 1961.
    كان الأميرالاي محمد أحمد عروة وزيراً للتجارة في ابريل 1961
    في يونيو 1961 حل نقابة عمال السكة حديد المضربة وتحريم الإضراب وتعيين حكام عسكريين للمديريات (حسين علي كرار على النيل الأزرق واللواء الخواض على كسلا





    في يوم 13 مارس 1957 وصل إلى مطار الخرطوم السيد نكسون نائب رئيس الجمهورية الأمريكي في زيارة للسودان ضمن دولة أفريقية. التقرير.
    وكان استقبال الشيوعيين له بالطبع عدائياً وقد صكوا الشعار: عد إلى بلادك يا نكسون.". وأصدرت صحيفة " الميدان" الشيوعية عدداً احتجاجياً في المناسبة مانشيته الرئيسي: "روكفلر ملك البترول الأمريكي يفضح أهداف المعونات الاقتصادية الأمريكية." وحوي العدد صورة كاريكتورية من زهدي، الفنان التقدمي المصري، صور فيه كتلة شعبية من لنساء وعمال ومزارعين سودانيين سدت طريق نكسون القادم متأبطاً حقيبة ملفات المشروعات الأمريكية الاستعمارية الجديدة وحاملاً بيده قنبلة دمار. ونجد في المرأة في الصورة تدير وجهها عن نكسون محتضنة صغيرها وأعلى رأسها شعار يقول: "لن تقتل ابني." وكتب "سام" رسالة من أم درمان في عدد الميدان التالي عن انطباعات أخته الصغيرة حين رأت الصورة. فقالت أنها ترى حرامياً (هو نكسون في الصورة) سرق الشنطة وأضافت "والرجال ديل كلهم وقفوا ليه وسدوا ليهو الشارع والمره دي شالت ولدها خايفه من الحرامي. وشايف الحرامي شيليهو حاجه في إيدو زي السمكة (القنبلة) وفي إيدوا التانية شايل ليهو حديدة كبيرة (ملف تحت إبط نكسون) والرجل القوي الشايل الشاكوش (العامل) قال ليهو أقيف في محلك وساعدو الراجل الشايل الطورية وقال ليهو إن كان ما وقفت قبلك بكسر كرعينك والناس الكتيرين كلهم سدوا ليهو الدرب وهو واقف محتار." وشرح سام لأخته السياسة التي من وراء الصورة. وهي بالطبع لا تختلف في جوهرها من قراءة الطفلة للصورة. وابتسمت حين قال لها إننا مستعدين لهذا القاتل وأعوانه. وكانت كلما رأت الصورة المعلقة في الديوان تقول لأخيها: "ما تخلوه يجي يكتلنا." فيرد عليها بنعم فتبتسم. القوي
    ردة فعل أمريكا:
    بدأ الشك يساورني في بعض حيثيات هذا التحليل الشيوعي المعتمد بعد قراءتي لبعض مصادر هذه القراءة الشيوعية للدبلوماسية الأمريكية. فلم أجد في صحيفة النيويورك الهرلد تربيون (13-8-195 مادة بها زعم الشيوعيين البيه سيجد لدى افتتاح البرلمان قوة تسنده غير أعضاء البرلمان. ويوحي هذا القول أن للبيه جنوداً أشداء يفعلون ما يؤمرون. كما لم أجد بالنيويورك تايمز (20-8 لم يرد العام في تقرير الشيوعيين وافترضت أنه عام 195 زعم الشيوعيين أن كبار قادة الجيش سيستلمون الحكم لأن صغار الضباط مـتأثرون ب "روح التطرف الوطني." وربما نظر الشيوعيون في أعداد أخرى في تواريخ أخرى. بل وجدت النيويورك تايمز تنعى الديمقراطية السودانية كما لم يفعل أحد. فقد قالت في افتتاحيتها ليوم 18 نوفمبر 1958 :" أن عبود قد "تدرع" مسؤولية جسيمة. لقد أطاح بنظام برلماني ديمقراطي ليحل محله ديكتاتورية عسكرية. وليس هذا مما تنشرح له النفوس."
    وقد رأت النيويورك تايمز عقله حين سلم الحكم للعساكر طائعاً مختاراً قبل أن يستولوا عليه عنوة واقتدارا." من قال هذا؟
    من روث فيرست"بتاريخ 13 نوفمبر كان صناع السياسة الأمريكية قد اقتنعوا أن مصر ستنفذ انقلاباً في اسودان. تصريح. بأن الاتحادي والشعب الديمقراطي بصد التحالف. مقصود به تسريع احالف الأمة والاتحادي. التصريح يأتي بعكس ما اراد. عبدالله خليل يسرع بزج الجيش. (نص: "ولما بلغ الأمر هذا المبلغ لم يعد لبريطانيا وامريكا وجه اعتراض علي تدخل الجيش. فهما إما أصبحتا علي الحياد بشأن تدخل الجيش مما اعترضا عليه قبلاً طلباً لاستقرار الوضع السياسي أو قد هجرا بحماس موقفهما بشأن الانقلاب لاحتواء مطامع مصر وحيلها الحقيقية أو المتوهمة حيال السودان. وقد طمأنا المنقلبون أنهما قد يبديان عدم ارتياح للانقلاب في الظاهر إلا أنهما راضيان بقيام الانقلاب وما يعقبه."

    الشيوعيون والأمريكان
    بالطبع كان الأمريكان مؤرقين بالحزب الشيوعي الفصيح في السودان. وسننتظر قراءة أخص وأدق لوثائق الخارجية الأمريكية لنقف على مدى هذا الأرق وما أتفق لهم من حيل للجم هذا الحزب ذا الصوت العالي. ولكن المؤشرات لتي بيدنا تكفي للقول بأنهم كانوا في غاية الانشغال بمصادرة هذا الصوت وفي مجال الإعلام بوجه خصوصى. وسنتسفيد من مادة الانشغال لمعرفة الوسائط الإعلامية المحلية التي دعموها في سياق سياستهم لقهر الشيوعيين. ومن هذه الوسائط فيما بدا لي جريدة الناس التي نزعم أن منصور خالد الشاب قد ضلع فيها.
    سعي الأمريكان في خطتهم لمحاربة الشيوعيين إلي تجفيف منابع فكرهم. فقد حدثني عليم عن محاولتهم الاستيلاء بصورة حبية علي مكتبة "المواطن" بالسجانة. وكان قد أسس المكتبة الزميل المرحوم الدكتور بابكر بوب في الخمسينات الأولي. وكان بوب، الذي لم يكمل المرحلة الأولية من التعليم ليعين والده في تربية إخوانه، ، وقتها عاملاً وعضواً بالحزب الشيوعي. وكان متطلعاً مشغولاً بالمعرفة. وكانت المكتبة جزء من حيله لنشر الفكرة الشيوعية وتمديد نفوذ الحزب. وكانت كما أراد. فقد كان مدرجاً يعلو نشاط الشيوعيين بالسجانه منه ويهبط. وأنتبه إلي منزلة وخطر المكتبة أحد أبناء الحي ممن عملوا بالسفارة الأمريكية. فجاء في عام 1958 إلي علبوب، الوالد الذي كان يدير المكتبة ، وقال له إن السفارة على استعداد لشراء كل الكتب الماركسية منه وأن تملأ له أرففها بكتب مكتب النشر وكتب عربية أخرى مجاناً. وأغرى العرض والد بوب وقبله في نفسه وسعى لإقناع أبنه بذلك. ولم يقبل بابكر بالطبع وغضب وأحتد مع والده واستغرقهما شئ من الوقت للصلح بعد أن طرد الوالد، مكرهاً لا بطلاً، فكرة قلب المكتبة رأساً على عقب. وأبلغ الشاب برفضه عرض السفارة الذي نقله إليهم. وبناء عليه يصح القول إنه كانت للسفارة الأمريكية خطة لتجفيف موارد الشيوعيين الفكرية. فليس معقولاً أن شاب السجانة قد بادر بعرضه بدون أمر أولي أمره أو بدون موافقتهم.
    وقد جاء في كلمة نعى فيها الأستاذ محمد حسن مهدي المرحوم رحمي محمد سليمان (أبو الرحوم) ما يؤكد أن الأمريكان انشغلوا بالنفوذ الفكري للحزب الشيوعي ولم يألوا جهداً في إفساده. فقد حكى أبو الرحوم أن المرحوم محمد عامر بشير (فوراوي) هاتفه في مكتبه بجريدة، الأخبار، يطلب منه مقابلة السيد محمد طلعت فريد، وزير الاستعلامات والعمل. ولما التقى به قال له طلعت أن الأمريكان منزعجون لنفوذ الشيوعيين وسط مزارعي الجزيرة الذين تعلقوا بشعاراتهم الاشتراكية حول الملكية العامة للأرض والإدارة الجماعية للمشاريع الإنتاجية. ولكبح هذا الخط الشيوعي طلب الأمريكان من السودان تخصيص مبلغ من العون الأمريكي لإنشاء مطبعة تصدر صحفاً ومطبوعات تحاصر النفوذ الشيوعي الطاغي. وقال له طلعت إن المطبعة ستسجل باسم رحمي أو مؤسسته التي ترضيه. ورفض رحمي بعد المهلة التي أعطاها له الوزير للتفكير. وقد تساءلت بعد قراءة هذه قصة مهدي هذه إن لم تكن جريدة "الصحافة" التي صدرت في 1960 كأرشق ما يكون وبمطبعة خاصتها بسوق نمرة أتنين هي هذه الصحيفة والمطبعة التي تعالي عليها أبو الرحوم. رحمه الله.



    عبد الرحمن مختار: وصفه منصور بأنه من الممسكين بالنجوم.
    كان قد انشأ وكالة الأنباء الأفريقية في 1957

    إضراب 21-10-1958
    في أعقاب مضايقات من للحكومة لاتحاد العمل تمثلت في قضية ادعت الحكومة أن الاتحاد هئية غير مسجلة وغير شرعية. وقد شطب القاضي القضية في 19-10. وفي سياق ضائقة معيشية طفح الاحتجاج عليها صفحات الميدان. وفي سياق ما تكشف عن بدء المعونة الأمركية التي بدأت بإعلان من وزراة التجارة إلي المستوردين بتحول رخص الاستيراد من الوزارة إلي المعونة بهدف حصر المستورد علي أمريكا أو من ترغب فيه قفلاً للتعامل مع الاتحاد السوفيتي كما حدست بذلك الميدان. ونشرت الميدان (20-10-5 عن اجتماع يعقده التجار لمناقشة بيان التجارة. وقد رفض التجار لاحقاً البيان وقالوا انه خطر علي مستقبل التجارة وطالبوا برفع نصيب التجار الوطنيين إلي 70% من الاستيراد وترك 30% للشركات الأجنبية. وعن زيارة كتشن. وقرر اتحاد العمال رداً علي المناخ المعادي للحريات وللتأكيد علي مطالب العمال ان يعلن إضراباً عاماً في 21-10. وكان الوطني الاتحادي جزءا من هذا الحلف المعارض.
    الميدان (23-10-5 وكان يوماً مشهوداً طالب بإقالة الحكومة وتخلف عنه نقابة النقل الميكانيكي والبوستة والتلغراف والسلحة والمخازن ووزارة الصحة غير ان العمال قرروا دفع مرتبهم ليو م الإضراب لاتحاد العمال استنكاراً لموقف نقاباتهم. وأضرب طلاب جامعة الخرطوم ساعتين تضامناً مع العمال. وشاركوا في الموكب مع طلاب المعهد الفني والثانويات. وقد خرجت مواكب مشابهة في عدد من مدن السودان. وهو اليوم الذي حاول فيه السفير الأمريكي شق الموكب فاحاط به المتظاهرون وأشبعوه هتافاً بسقوط المعونة الأمريكية وبضقوا عليه وخلصه قادة العمال وحموه . ونشرت الميدان صورة لعربة السفير يحيط بها الوكب ثم صورة أخري لها في باحة مجلس الوزراء وقالت "هل يفهم السفير الفرق بين المكانين وهل عرف الهوة التي تفصل بين أصدقائه وبين الشعب السوداني" وقال نائب بحزب الأمة (مهدي الرفاعي) أنه سيستجوب الحكومة حول قبول المعونة وقد اقتنع بأن الحكومة يجب أن تذهب بعد مشاهدته لموكب العمال.
    الحاج عبد الرحمن "يا عابدي دلس اللعين حذاركم إن الشعوب توحدت بملاحم
    نوري السعيد تناثرت اشلاؤه . تعليق الميدان عن كسر المظاهرات والاعتقالات فبي نوفمبر 1958."هكذا بدأ نوري السعيد".
    شمعون

    وليد محمد سعيد الأعظمي، السودان في الوثائق البريطانية: انقلاب الفريق ابراهيم عبود 1958 (1990)
    تواترت أحداث امتحنت التحالف فتصدع من فرط تباين المواقف. فقد طالبت مصر بضم منطقة حلايب وبعثت بجندها لاحتلالها وعبأت الحكومة بتماطل من حزب الشعب الجيش والشعب لرد العدوان وشكت إلي الأمم المتحدة. وكانت هناك مسالة مياه النيل التي كان السودان يطالب فيها باعادة النظر في اتفاقية مياه النيل لعام 1929. ثم جاء مشروع أيزنهاور الذي اغرت به زيارة نيكسون، نائب رئيس الولايات المتحدة في ، ثم مشروع المعونة الأمريكية.
    الأمة والاتحادي: كانت ورزارة الخارجية البريطانية في تقرير لها (19 سبتمبر 195 قد رجحت قيام حكومة مؤتلفة بين الحزب الوطني الاتحادي، حزب الطبقة المتعلمة والوسطي، والأمة، شبه الإقطاعي الطائفي، لإنقاذ الوضع المتردي في السودان. وقد عنت بذلك عزل حزب الشعب الشبيه بحزب الأمة في طبيعته والزائد بقوة أسر مصر عليه. ومضي التقرير يقول أن هذا الحلف هو سبيل حزب الأمة ليلقي الدعم المالي الذي طلبه. واوصي التقرير أن لا يفاتح عبد الله خليل بذلك بعد تداوله مع قادة الحزب الآخرين. ووجه التقرير نصح عبد الله خليل أن يتريث ولا يغامر بعمل غير دستوري للسيطرة علي زمام الحكم بالقوة. وكانت بريطانيا تخشى أن تطرف عبد الله خليل في الولاء لبريطانيا سيترك السودان عرضة لأثر الناصرية ولذا كانت تفضل حكومة برئاسة الأزهري، في طوره الاستقلال الجديد، ليمتنع السودان علي تأثير ناصر. ولم يكن الأمريكان من أنصار الخطة البريطانية لخوفهم أن خلافات الأحزاب الثلاثة العميقة ستؤدي إلي قيام حكومة أسوأ من تلك القائمة. ولم يرتح الأمريكان لتصريحات الأزهري في القاهرة التي رفض فيها المعونة ودعا إلي حلف مصري –سوداني. هناك تلميح أمريكي أن مبارك زروق ربما كان فرس الرهان لأنه غير مرتاح لميل الأزهري القوي لمصر ويريد حكومة سودانية مستقلة. واتفق السفيران ان المستقبل للوطني الاتحادي وعليهما أن يوثقا علاقتهما معه قدر الإمكان. (وقال السفير البريطاني بآخرة ان حزب الأمة تأخر كثيراً في الاقتراب من الاتحادي وأنه يتحمل تردي سوق القطن السوداني لفرط ثقة الحزب في قدراته السياسية). وقد اشتكي البيه للسفير البريطاني من علي عبد الرحمن وقال أن فشل الحكومة راجع إلي السيدين الذين فرضوا عليه علي عبد الرحمن. وكان قد بدأ من خلال وفده له التفاوض مع الاتحادي لتكوين حكومة قومية بل واستقال وزراء حزب الأمة في 15-11-58 ليفسحوا لمثل هذه المناورة. وقد طلب البيه تأجيل انعقاد البرلمان للسماح بنفاذ الترتيب الجديد.
    ووقع الانقلاب. وكان السفير البريطاني قد علم من السفير الأثيوبي أن الإمبراطور قد نصح البيه ثلاثاً أن لا ينقلب بالحكم حتى لا يقوم حكم عسكري علي حدوده الشرقية. كما أكد له مبارك زروق أن مشاورات الحكومة القومية قائمة علي قدم وساق. ومن رأي السفير أن حزب الأمة، الذي لم يظهر له أثره في تكوينات حكومة الجيش، كان علي علم بالحركة وطمع، في حديث لمحمد الخليفة شريف، أن يبقي الجيش لستة أشهر ينقي فيها الحياة السياسية لعودة الحياة الدستورية.

    (اتضح من محادثة بين سفيري بريطانيا وامريكا أن خلال زيارة عبد الله خليل لأثيوبيا (اكتوبر 195 جري الكشف علي صحته بواسطة الأطباء العسكريين الأمريكيين وقالوا أن صحته بمب ويمكن له ان يقود حزب الأمة لسنوات قادمز" له
    أفريقيا وقضايا التحرر الوطني:



    نيكسون وريتشارد

    جاء نكسون إلي الخرطوم في الساعة45: 11 صباح الأربعاء 13 مارس وغادرها إلي ليبيا في صباح ا الخميس بعد لقاء برئيس الوزراء ومبارك زروق ، زعيم المعارضة، والسيدين. وقد نظمت المعارضة (الوطني الاتحادى الجبهة ، اتحاد العمال، هيئة الدستور الاسلامي-الأخوان مناسبات مختلفة للتعبير عن استنكارها الزيارة المفهوم أنها أتت في ملابسات تحرك أمريكي يريد أن يطوي السودان تحت جناحه: نظرية الفراغ الأمريكي في الشرق الوسط، حلف بغداد،المعونة الأمريكية. وقالت الميدان أن لجنة الشئون الخارجية في الكونغرس الأمريكي قالت إن أفريقيا هي "القارة التي أبقاها الله لنا في الاحتياط" والإشارة هما لليورنيوم. واريارة عند الجريدة هي للبحث عن امثل الطرق لملء الفراغ. ونشرت الميدان عدداً مخصصاً لنقض الزيارة. فقد جاء في صفحة الولي تقريراً عن جريدة المانية كشف فيه روكفلر عن ضيقه بفشل السياسة الأمريكية وأحلافها في الشرق الأوسط وضرورة ربط تلك الحلاف بسياسات للمعونة تمتن تلك الأحلاف. اغلق سوق الأبيض يوم الزيارة
    زار جيمس ريتشاردز، المبعوث الأمريكي والمساعد الخاص لأيزنهاور للشرق الوسط ( جاءت الميدان بنبذة عنه منقولة عن النيوتايمز الروسية .مثل كارولاينا الجنوبية لمدة 42 عاما. عضو بلجنة الشئون الخارجية للكونغرس لمدة 22 عاماً. عنصريته هلي التي زكته للمحافظين ولتقدمه في السياسة. ) في النصف الثاني من ابريل 1957ليروج لمشروع أيزنهاور. وكان عنوان الصفحة الأولي بالميدان: "أذهب إلى تل أبيب يا رتشاردز." واستفسرت الميدان بعض قادة الرأي عن الزيارة. مبارك زروق جدد معارضة حزبه للمشروع لأنه يخرج السودان عن الحياد ولأنه يعطي أمريكا حق حماية الشرق الأوسط. وقال إن ليس من حق الحكومة الارتباط بأي مشروع كهذا قبل أن تستقر البلاد دستورياً ورفض النية الحكومية لسن قانون بمحاربة الشيوعية هو قبل بإملاء أمريكا في شأن داخلي. وتمسك مكي شبيكة بميثاق باندونغ في الحياد الإيجابي ورفض المعونة الأجنبية مهما قيل عن خلوها من الغرض لأنه من شأنها أن ترمي بنا في حضن دولة كبري.

    تبرعت الأبيض ب 350 ذراعاً من المورية لكتابة لافتة ضد زيارة ريتشاردز.
    رأت النيويورك تايمز عقله حين سلم الحكم للعساكر طائعاً مختاراً قبل أن يستولوا عليه عنوة واقتدارا."
    متاعب البيه
    روي طرفاً منها علي عبد الرحمن في كتابه الديمقراطية والاشتراكية في السودان (1970). وقال أنهم عارضوا مشروع إيزنهاور وحطموه في مجلس الوزراء في مواجهة مع حزب الأمة الذي كان قد تفاهم مع الأمريكيين على قبول المشروع. (زار البلاد نيكسون وريتشارد وخبراء واجتمعوا بمجلس الوزراء وظنوا أن الجلسة شكلية لسابق تفاهمهم مع حزب الأمة) وهددوا بالانسحاب من الحومة لو أجيز المشروع مما اضطر البيه لعرضه علي البرلمان الذي عارضه بغير هوادة.
    كما قال أنهم عارضوا المعونة الأمريكية داخل الحكومة ثم عرضها البيه على البرلمان فرفضتها الأغلبية وككان ذلك قبل الانقلاب وقال أن سبب الانقلاب هو هذا الرفض.


    قال أمين عن سوء الزمالة أن علي عبد الحمن كان كثير الأسفار إلى مصر ولا يكلف نفسه إخطار البيه إلا وهو في طريقه للمطار. وأثر هذا على اجتماعات لجنة كتابة الدستور الدائم. انشغال عبد الله خليل بتحركات رصدت للسفارة المصرية بين ضباط سودانيين لتدبير انقلاب. ولم يشرك البيه مجلس الوزراء في هذا الأمر وما تحدث به إلا بعد الانقلاب.
    الصديق ومساعيه لحل الائتلاف مع الشعب وعقده مع الاتحادي. رفض عبد الله خليل ذلك ثم عاد تحت الإلحاح ووافق وتوالت احتماعات بعضها في منزله لوضع الخطوط العريضة لهذا الإئيتلاف الجيد. "وفيما كان الموقف كذلك وحمنا الله علي تذليل العقبات والصعاب التي واجهتنا، أوقظنا ليلاً نحن وزراء الحكومة في منازلنا بواسطة ضباط وجنود مسلحين من الجيش لنستلم خطابات كان واضحاً أنها كتبت على عجل تشتمل على اعفائنا من مناصبنا الوزارية مع الشكر ممهورة من الفريق ابراهيم عبود قائد الجيش."

    من قصر النظر التاريخي أننا لم نتوقف ملياًُ عند قول المرحوم أمين التوم أن الجيش لم ينقلب على الحكومة بأمر من رئيس الوزراء ووزير الدفاع، البيه، بل انقلب على البيه نفسه في اليوم السابق لانقلابهم. فقد قال أمين التوم إن البيه كان ينوي أن يكون تدخل الجيش مؤقتاً إلى الوقت يتاح للأحزاب السياسية والقيادات الدينية والشعبية مراجعة الأمر كله ودراسته بغية الوصول إلى نظام ديمقراطي أمثل. ويبدو أنه كان يريد أن يضع بصمته هذه علي الانقلاب باتفاقه مع قادة الجيش بعقد لقاء معه ليلة 16 نوفمبر. ولكنه حين حضر للقيادة لم يجد سوى عبود وحسن بشير وابلغاه أن قادة الوحدات مشغولون بعملية الانقلاب مع وحداتهم ولا سبيل لاستدعائهم. "فعاد إلى منزله وهو يعلم أن تلك بداية الخدعة." "واصبح البيه كئيباً يقص قصته بعد الأوان . . ويقول إن الضباط خدعوه." ثم أعلن الجيش الحكومة بدون استشارته ودخلها مدنيون اختارتهم قيادة الجيش وكان رأي البيه أن يكون نصيب المدنيين اكثر وأن يتم الاختيار بمشاورته. وقيل أن البيه قال للشيخ علي عبد أن الجيش لن يغير من الوضع كثيراً. فسيكون هناك مجلس سيادة منه هو والأزهري وبعض قادة الجيش وستسير سياسة البلد سيرها العادي.ومصداقاً فقد قال المرحوم أحمد خير إن الجيش اتصل فيه في وقت باكر من يوم الانقلاب ليسألوه عن مشروعية حل البرلمان وإنشاء نظام جديد. وقال أحمد خير لهم أن هذا أمر سياسي لا قانوني. وعلم منهم أنهم بصدد إنشاء مجلس سيادة من البيه والأزهري وممثل للطائفتين الختمية والأنصار. ولكنهم لم عادوا إليه في وقت آخر من اليوم كانوا قد غيروا رأيهم واكتفوا بمجلس لقادة الثورة كله من ضباط الجيش.
    ربما لم يكن الإصبع الأمريكي في نشأة الانقلاب واضحاً بالدليل والبرهان. ولكن هناك ما يوحي به بفضل مؤشرات لا تخلو من شبهة غرض. ونجد ذلك في انقلاب المرحوم عبد الرحيم شنان ومحي الدين أحمد عبد الله التصحيحي. وقد سماه شنان في محاكمةاته اللاحقة بحركة الرابع من مارس 1959. فقد وصفها بأنها قد قصدت إلي الحد من التدخل الأجنبي الأمريكي بوجه خاص الذي يرعاه المرحوم احمد عبد الوهاب عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة فقد نهض شنان بالأمر ليوقف حمل السودان علي غير الحياد الإيجابي بواسطة الأمريكيين. فقد قال للمحكمة عن يوم في مايو 1959 كان فيه بجبهة حلايب. وجاء على حلايب البيه برفقة أمريكيين للبحث عن موضع مناسب لإنشاء مدرج طائرات. وقد سمع شنان من كلامهما ما اثار مخاوفه. وزاد من المخاوف الأمر الذي تلقاه في ديسمبر 1958 لبناء طريق في المنطقة. لقد تخوف أن البيه بصدد فتح قواعد أجنبية في البلد. ولقد قام بالانقلاب حتى يوقف مؤامرة يفرض فيها على عبود التقاعد ويحل محله عبد الوهاب. وقد قام شنان بالانقلاب بدافع الوطنية. (كانا قد فرضا تكوين المجلس عن طريق الانتخاب. فاز محي الدين بأكثر الأصوات (15 من 15). حسن بشير (9 من 15). ورفض عبد الوهاب دخول المجلس بعد انتخابه لأنه كان يري أن شنان ومحي الدين قد خرقا قواعد السلوك العسكري ويجب محاكمتهما. وكانا قد حاصر القيادة في انقلابهما واعتقلا عبد الوهاب وضابطين عظيمين آخرين أعضاء بالمجلس العسكري من غير التزام بالأقدمية لمجرد ولائهما لحزب الأمة. (وقد جري هذا لاحقاً بعد فشل انقلابهما الثاني في مايو 1959 الذي قصد لإزاحة حسن بشير. ). وقد طلب عبود تدخل عبد الله خليل والسيدين لفض انقلاب شنان ومحي الدين .

    لم يطلع عبد الله خليل الحزب بمشاكله المستعصية ولو فعل لأمكن للحزب التغلب عليها. (كان الحزب يريد له حكومة اخري).
    لم يتوقف نظرنا التاريخي بعد عند شهادة أمين التوم عن الساحر البيه الذي انقلب عليه سحره. وقد يوحي هذا بأن كان لهؤلاء الضباط مكرا أبعد شأواً من مكر البيه. وربما انفتحت شهيتهم للانقلاب من عدة مصادر كان من بينها تسليم البيه للحكم وتسلمهم له، كما جرت العبارة. ولسنا نملك سنداً دقيقاً علي هذه الحجة سوى الشائع أن الأمريكان هم الذين كانوا من وراء الانقلاب فقد نفذوا انقلابات شبيهة له في بحر 1958 نفسها وكانوا أول من استفاد منه بقبول بحسم المنقلبين لمسألة قبول المعونة الأمريكية التي لقيت معرضة شديدة في البلاد علي عهدها البرلماني والحريات العامة. ولكن هناك نصاً عن الفريق عبود كشف عنه الأستاذ عبد العزيز موسى من دار الوثائق المركزية يدل ان ضباط 17 نوفمبر كان لهم مكراً فاق مكر البيه. فقد نشر "كتاب الوعد" الصادر في بيروت (1959) مذكرات للفريق عبود أن قادة الجيش الذين أزعجهم تهافت الاستقلال أخذوا يجتمعون بصورة سرية لبحث حل لتردي البلاد في الفوضى. وذكر يوماً حاسماً من تلك اليام هو 16 مارس 1959 اجتمع بالضباط بمنزله وحلفوا المصحف ألا يبوح احدهم بسر شاغلهم آنذاك. وقال أن ذلك كان ميلاد مجلس قيادة الثورة. وتوالت اجتماعاتهم بمكتبه ليلاً مرتين في الأسبوع لتدارس الأوضاع السياسية وتدبير سبل خلاص للشعب من سوء الحكم. وذلك افضل من لقاءات البيوت المثيرة للشبهة. فالمكاتب للقادة بيئة عسكرية لا تثريب عليها. وقال أن خبرته في الصيد قد علمته أن من مكمنه يؤتى الحذر. وقال انه كان يسمع شكاوى الناس من الحكام وهو يضمر الخير لهم ولا يطلعهم عليه قائلاً في نفسه: "إننا سننقذكم، إننا لن نترككم . . . إنني لا اطمع في حكم، ولا اريد مركزاً. كل ما أريده سعادة شعب ونهضة أمة." وقد وضعوا ترتيب الانقلاب في تلك الاجتماعات. وبهذه المذكرات لغة الإعلام ولغو المنتصر. ولكن مما يستحق أن نأخذه بشيء من الجد هو أن هؤلاء الضباط كانت لهم ذاتية سياسية بدرجة ربما غابت منا لشدة سيطرة فكرة "التسليم والتسلم علينا." ولا أجد تبريراً لانقلابهم علي البيه، ولي فكرتهم، في الساعات الأولي للانقلاب إلا احتمال أن كان لهؤلاء الضباط هيئة أخرى تؤويهم.
    مصادر اخرى للانقلاب:
    قالت روث فيرست أن ضباط الجيش الكبار ربما أزعجهم صغار الضباط ورغبوا في وردهم عن طموحهم الضار. ولم يقل أحد منهم بهذا الدافع للانقلاب حين وجدوا أنه بوسعهم تعليق الأمر كله على البيه وأوامره التي لا ترد. نهم ي ز وأضافت أنهم وجدوا تعليق تضعهم في
    صندوق:
    السيد الصديق يزور مكتبة المواطن
    قال لي الدكتور ماجد بوب، شقيق بابكر بوب، إنه كان علي عهد طفولته يساعد والده في عمل المكتبة المذكورة في المقال. وزار المكتبة يوماً المرحوم السيد الصديق المهدي، زعيم الأنصار، في نحو السابعة مساء. وقضي المرحوم نحو ساعة إلا ربع يقلب الكتب والمجلات. ومكث بعض الوقت يتصفح مجلة "المسلمون في الصين" التي كانت تصدر من الصين الشيوعية تطمئناً للمسلمين بأن الإسلام في الصين بخير. ووقف والد ماجد بوب الختمي بعيداً يرسل ابنه بكتب ومجلات ليعرضها على السيد الصديق. وعرض مرة كتاباً باللغة الإنجليزية عليه. فقال السيد انه لا يعرف الإنجليزية. فقال الوالد لماجد: " قال ما بيعرف إنجليزي يعني؟ قولو إنته كنته في راس القايده في الكلية." وهذا رجوع من هذا الختمي الماكر إلي إضراب كلية غردون عام 1931 الذي كان السيد الصديق أحد قادته. واشتري السيد من مجلة "المسلمون في الصين" وكتباً أخرى. ودفع وترك الباقي. ولما حمل ماجد الباقي لوالده قال له ألحقه ورد له باقيه. فهذا الختمي الغيور لا يريد فضلاً من زعيم الأنصار. ووجد ماجد السيد قد ركب سيارته. وفتح السائق الباب لماجد ليتحدث إلى السيد. فقال له أنت نسيت باقيك. فقال لقد تركته لك يا إبني. وعاد ماجد فرحاً. وأضاف ماجد أن والده كان معجباً كمسلم بمجلة ( المسلمون في الصين)" كما كانت كثيرة الزبائن. وكان حين يأتيه مندوب المركز الثقافي بالمجلات الروسية يقول له أنتم بالفعل تحاربون الدين كما تقول كتبكم أو لماذا ليس لديكم مطبوعات عن الدين. وكان مندوب المركز السوفيتي يعتذر. وبدأ الروس يرسلون كتباً عن المسلمين في الاتحاد السوفيتي.
    متاعبه حسب إبراهيم أحمد
    قال عثمان حسن احمد (إبراهيم احمد: حياة إنسان، 1996) يصف فترة قيام إبراهيم بوزارة المالية ما بين 1956 و1958 أنها فترة حافظ فيها الاقتصاد علي نمطه التقليدي من اعتماد علي محصول نقدي وحيد في حين تزايدت تبعاته من حيث تطلع الناس على تذوق طعم الاستقلال إغناء لحياتهم ومن حيث التزامات ترتبت على الاستقلال نفسه من تعويضات سخية للموظفين البريطانيين إضافة لمعاشات مجزية. وقد حث إبراهيم الحكومة للبحث عن محاصيل نقدية بديلة للقطن الذي لا ينتج السودان سوى واحد ونصف من إنتاج العالم وبذا لم يكن بمنزلة يتحكم في سوق القطن في العالم. وكان سوق القطن قد تردى في هذه الفترة وانخفضت أسعاره وعزفت البنوك عن شرائه لتثبيت أسعاره بل وترددت أيضاً فيً تمويل زراعته. وهذا ما دفع بإبراهيم لنفض الغبار عن مشروع لسلفه حماد توفيق بإنشاء بنك التسليف الزراعي. وقام البنك في يوليو 1958 وصار توفيق مديراً له. وكان من نصيب إبراهيم إجازة المعونة الأمريكية (اتفاقية التعاون الاقتصادي للإنشاء والتعمير) بدء من مايو 1958. وقال أنها لا تقيد البلاد بشرط أو تربطه باتفاق سياسي أو عسكري. وأجاز مجلس الوزراء الاتفاقية بتعديلات أرضت حزب الشعب.
    وتمسكت الحكومة بسعر غير واقعي للقطن علماً أن الطلب له تناقص في السوق العالمي. وكان الموسم نفسه غير ناجح برغم انضمام قسم المناقل للإنتاج. وتراكم قطن كثير لايشتريه أحد. وعليه كان العجز في الميزانية 3 مليون جنيه في عام 1959. وقاد هذا إلى تدني حصيلة البلاد من النقد الأجنبي وقاد هذا بدوره على حجر على كثير من مستوردات البلاد. محمد أحمد محجوب جاء بذكر إغلاق قناة السويس كسبب للأزمة الاقتصادية
    الأمريكان واليسار في الخمسينات
    جيلي عبد الرحمن، المعونة الأمريكية تهدد استقلال السودان، تقديم عبد الخالق محجوب. دار الفكر. قال أنهم في حزب الجبهة المعادية للاستعمار حين حذروا من الاستعمار الجديد لم يصدقهم الناس حتي وفد ومبدأ ايزنهاور في ملأ الفراغ الذي يتركه تحرر أفريقيا من إنجلترا وفرنسا وغيرها والمعونة الأمريكية. وأشار إلى زيارات نكسون وكتشن ونشاط السفارة الأمريكية في خلق قاعدة لها بنشاطات كالتسلح الخلقي وأصدقاء الشرق الأوسط. وقال أن زيارة نيكسون سبقها إعلان الطوارئ بليلة وعرضها الشعب حتى أن "خدام الإقطاعيين" الملاء المستحدثين لأمريكا قالوا "لن نقبل مشروع ايزنهاور ولن نرفضه." وقال أن المعونة الأمريكية ترغب في "تدعيم مركز "أصدقاء" امريكا في البلاد." وللتسلل بخبرائهم إلى عصب الدولة. وهي دولة مواقعهم فيها ضعيفة وقد تعصف بها الحركة الجماهيرية في أي وقت. تجربة لبنان. العالم المنقسم.
    وليس محمد حسن مهدي: "أبو الرحوم: ازيك ي امير! (ارلاي العام 12-9-2002)



    الوثائق البريطانية (الميدان 552 مايو 1989) تشير إلي خلاف قائم في 1957 بين عبد الله خليل والمحجوب حول الموقف حيال الجزائر (السفير الفرنسي تلقى توضيحاً ارضاه من رئيس الوزراء) وقبرص (الثائرة ضد الوجود البريطاني)1. وقد نفر الإنجليز والفرنسيين منه بعد ما قاله عن المسألتين في أروقة الأمم المتحدة ولمنعه حاملات الجنود البريطانية من استخدام مطار الخرطوم صوب عدن الثائرة. وظلا يفضلان التعامل مع عبد الله خليل بل وتذكرا أيام زروق. وقرر السفير الفرنسي أن لا يتعامل معه. (خلاف حول طرد سودانيين من أفريقيا الفرنسية، الحكومة متفهمة الأمر ومحجوب احتج في الأمم المتحدة وحين سئل عن التناقض قال أن الحكومة لم تزوده بما لديها من معلومات، الفرنسيون شجعوا بنك الكريدي ليونيه لرفع سلفية المهدي إلي مليون جنيه لتدخله شخصياً في المسألة وسيتحدثون إلي المهدي لأن خليل عاجز عن كبح المحجوب فهو ما يزال في المم المتحدة في حين يتحدث خليل عن استدعائه). وقد فكر عبد الله الاستغناء عن المحجوب لولا نصح البريطانيين أن لا يفقد المحجوب البارز والانتخابات علي الأبواب. وقد فكر في استدعائه للخرطوم لكي لا يتحدث في الأمم المتحدة. واتفق معهم أن يهملوا المحجوب ويتعاملوا معه مباشرة. وقال شامان اندروز ، سفير بريطانيا في الخرطوم، عن المحجوب أنه فيه كثير من خصال الذئب الفرد" وتحلق به فصاحته (السفير عوض ساتي اعتذر للوزير البريطاني بأنه ربما طلعلو جو الأمم المتحدة في راسو). . . وعلي غير طبيعة السودانيين معظم السودانيين فهو بلا شك يعاني من لونه ومن هو في لوني على نحو ما." ومن محن الدنيا علي خليل بحسب السفير أنه مضطر للاحتفاظ بمحجوب وعلي عبد الرحمن لكي تبقي حكومته موحدة حتي الانتخابات. "وهذا يعني ان أن نصطبر علي محجوب وزيراً للخارجية لوقت قد يطول بعض الشىء وسيخفف رئيس الوزراء من تلك المشقة بارساله لبعض الوقت في مهمات خارجية . . . ليحول دون أن يقود محجوب الوفد السوداني للاجتماع المقبل للجامعة العربية. وعلق ميرفن براون في الخارجية، "محجوب وجع رقبة"
    تلميحات: عن ازهري وتمويل المصريين لإنتخاباته، قرض لآل المهدي من الكريدي لزنيه، موقف السودان من السد العالي)
    الناس



    لم يكن العساكر خلواً من السياسة حتى تقع لهم كتعليمات من البيه على حسب العبارة
    المشهورة "تسليم وتسلم." فقد صورنا ذلك لأنفسنا ربما من باب الاستهانة بغريزة العسكر السياسية أو للكيد للبيه وحزبه. وقد استثمرها العسكر استثماراً للتنصل من مسؤولية الانقلاب يوم الحساب. فقد قال عبود أمام المحققين معه بعد ما أطاحت به ثورة أكتوبر ؟ ؟ ؟ . فالرأي الغالب أن الانقلاب عمل خاص إما للبيه او لحزبه أو لدوائر متنفذة فيه. فمحمد عمر بشير يرى أنه حتى السيد عبد الرحمن ضالعاً في الانقلاب لإغراء البيه له بتأمين رئاسة السودان، وهو ما حلم به دائماً (محمد أحمد محجوب قال بذلك)، له. وكان هذا سبب مبادرته لتأييد الانقلاب يوم وقوعه. وقال محمد عمر بشير إجمالاً أن الانقلابيين كسبوا السيد على إلى جانبهم ولم يأت بسبب في وضوح سبب المهدي لتواطؤ الميرغني مع الانقلابيين. فبختولد قال أن الانقلابات الناجحة من حولهم (مصر والعراق والباكستان وقد عقد الضباط السودانيون أواصر مع البلد الأخير في عهد ايوب خان) ربما أغرتهم للتحرك المعروف.
    (قال محمد الحسن محمد سعيد (الرأي العام 21 ديسمبر 2003) أن وثيقة ظهرت مؤخراً عبارة عن خطاب من الإمبراطور إلى البيه أوضحت أن الأخير جاءه يلتمس المشورة بظرف السودان الحرج وأنه نصحه بإعلان الأحكام العرفية وأن يجعل نفسه الحاكم الفعلي وأنه سيمده بالسلاح عن طريق الولايات المتحدة. وسيكون بوسعه مده بالعون المالي لشراء الصحف المؤيدة لمصر للتأثير عليها بطريقة تجعلها تنحاز للبيه. ونصحه أيضاً وضع المدارس المصرية تحت إشراف وزارة المعارف السودانية. (اتضح من محادثة بين سفيري بريطانيا وامريكا أن خلال زيارة عبد الله خليل لأثيوبيا (اكتوبر 195 جري الكشف علي صحته بواسطة الأطباء العسكريين الأمريكيين وقالوا أن صحته بمب ويمكن له ان يقود حزب الأمة لسنوات قادم."
    (اتضح من محادثة بين سفيري بريطانيا وامريكا أن خلال زيارة عبد الله خليل لأثيوبيا (اكتوبر 195 جري الكشف علي صحته بواسطة الأطباء العسكريين الأمريكيين وقالوا أن صحته بمب ويمكن له ان يقود حزب الأمة لسنوات قادمز" له







    ومنصور خالد
    1) عبد الله خليل البيه والولد الشاطر
    عبد الله علي إبراهيم
    تساءلت جريدة الميدان الشيوعية في كلمتها بعنوان "ولكن أين مكمن الفساد يا سيد علي عبد الرحمن." (سبتمبر 1957) عن سفر "الشاب منصور خالد" في صحبة رئيس الوزراء، المرحوم عبد الله خليل، البيه. وكانت الكلمة موجهة إلي السيد علي عبد الرحمن، رئيس حزب الشعب الديمقراطي وحليف حزب الأمة في الحكم آنذاك، تؤاخذه علي قوله أنه قد وقف مع الوطني الاتحادي ضد الاستعمار ثم انقلب لمصارعة الفساد في ذلك الحزب. واستغربت الجريدة ذلك ممن هو غارق في حكومة ائتلافية مع حزب الأمة الذي هو مباءة الفساد وسقط الاستعمار في نظر الشيوعيين آنذاك. وعرضت الجريدة لبعض مظاهر فساد الحكومة الائتلافية التي لم ينزعج لها شيخ علي ويقاومها. وأضافت "وبمناسبة الحديث عن الفساد دعنا نسأل السيد علي عبد الرحمن. ما هو رأيك في أحداث مثل سفر الشاب منصور خالد مع رئيس الوزراء إلي لندن؟"
    ويبدو أن صحبة منصور للبيه في أسفاره قد أضحت مثار تساؤلات. فقد جاءت جريدة "الناس" ( 23 مارس 1957) بتعليل لصحبة منصور للبيه لبعض البلاد العربية رداً علي عناصر "معينة" اختارت أن تجعل من ذلك موضوعاً. وقالت الجريدة أن الأستاذ منصور إنما هو سكرتير خاص للرئيس وقد لا يعلم الكثيرون أنه عضو بارز في هيئة حزب الأمة منذ زمن بعيد. غير أن الجريدة عادت وأوردت اسم السيد طه صالح كسكرتير خاص لرئيس الوزراء. وعاج منصور نفسه علي طبيعة شغله مع البيه بعد نحو نصف قرن في هامش من كتابه (السودان: قصة بلدين) ليقول أنه عمل طواعية إبان عمله بالمحاماة كمعاون للبيه في مجال الاتصالات. وأنه كان بتلك الصفة لصيقاً بالرجل علي المستوي الشخصي دون الادعاء بأنه كان في وضع يمكنه من الإلمام بخفايا الأمور.
    الثابت أن منصور قد عمل بالمحاماة بعد تخرجه من كلية الخرطوم الجامعية في 1956. والمعلوم أن منصور تدرب في المهنة بمكتب الأستاذ أحمد سليمان. وقد مثل الوزراء الجنوبيين أمام القاضي توفيق قطران في شكواهم ضد جريدة الصراحة بإشانة سمعتهم لقولها أن قبولهم بالمعونة الأمريكية خيانة وطنية. وحكمت المحكمة علي الصراحة بسبعين جنيهاً غرامة أو السجن شهراً (الميدان 21 اكتوبر 1957).
    غير أن عضويته بحزب الأمة التي قالت بها جريدة الناس ففيها نظر. والبادي أن علاقتة بالحزب لم تتجاوز الخدمة الخاصة للبيه ، سكرتير الحزب ورئيس الوزراء، كما فصلها هو نفسه لاحقاً. وقد وفر لنا آخر ما كتبه المرحوم عبد الرحمن مختار بجريدة الصحافة في طورها الجديد نافذة ألقت بعض الضوء علي ضربة البداية لمنصور في حياة سياسية متنوعة وحافلة. وقد وصف عبد الرحمن منصوراً في تعبير موفق بأنه من الممسكين بالنجوم. ولا خلاف أن البيه هو النجمة الأولي التي جذبت منصور الشاب. وسيتفاقم هذا الصيد وسينظم الرئيس نميري والعقيد قرنق في عقده. وربما طوق الرئيس النيجيري، أوباسانجو، الذي خط منصور سيرته من قريب في كتاب صدر باللغة الإنجليزية.
    وجاء عن تعلق منصور بالبيه أن عبد الرحمن كان قد انشأ وكالة الأنباء الأفريقية في 1957 . وكان بحكم الجيرة الأمدرمانية دخالاً لمنزل المرحوم عبد الله خليل خراجاً منه. وعرف من بين يكثرون التردد علي المنزل العامر في 1957 "شاب وسيم صغير يعتني بهندامه ويلبس "الكرافتة البيبون" علي غير المألوف، وكان ذلك الشاب والطالب الجامعي منصور خالد." وأضاف عبد الرحمن أن منصور رمي بثقله جهة البيه حين لم تجد محاولاته بلوغ آل المهدي أنفسهم الذين كان قادتهم ومحبوهم ينظرون له بالريبة والشك. وقد وصفه المرحوم السيد الصديق بأنه "ألعبان ولا يمكن الوثوق فيه." وقد زكي البيه منصوراً لعبد الرحمن وسأله أن يجد له "للود الشاطر" موقعاً كمترجم بوكالة الأنباء الأفريقية. وقد جعل منصور من الوكالة معبراً إلي السفارات الغربية النافذة. فهو يتصيد بطاقات دعوات حفلاتها لتي ترد للوكالة منها. وقد اصبح منصور نجماً في تلك المجامع الأجنبية التي أسر طواقمها بحسن محضره وحديثه.
    جاء منصور إلي عرين البيه وهو في أصيله السياسي. فمعروف أنه قد أنهي دولته، التي تولي رئاسة الوزراء فيها في يونيو 1956 ثم بعد انتخابات 1958، بنفسه حين سلم الحكم لقيادة الجيش في 17 نوفمبر 1958. ولم ينه البيه زعامته بل السياسة نفسها حين تناوشته طوارق السياسة واعيته الحيل واستعان بالجيش لضبط الموقف وربطه. ويبدو أن تلك كانت حدود السياسة عند البيه نفسه لغلبة التربية العسكرية عليه فقد اشتهر بأنه دوغري. وقال عنه منصور نفسه أنه العسكري الما خمج. والدوغرية بالطبع نقيض للسياسة فزواياها قائمة والسياسة زوايا . . . فحسب. وكان البيه علي سليقتة العسكرية غير عابيء. فقد كان يهدد بأن يطخ محدثه بالرصاص متي ضاق به. بل خرج يوماً لمتظاهرين حصبوا داره بالحجارة ببندقية يردهم بالقوة. وكان يعتقد ان الزعيم الأزهري أصغر منه فلا يستحق الحديث إليه وكان يفضل ان يكون مناقشه من الاتحاديين بعض ربعه مثل حلف الله خالد او ميرغني حمزة . وقال لأبي العزائم حين جاء يلمس صفحه من بلاغ رفعه بإشانة السمعة ضد صحيفته موبخاً: "تعملوا شطار وأول ما يقرصوكم تبقوا زي النسوان." ومع ذلك أسره الإعتذار وتحول إلي حمل وديع وتنازل عن القضية.
    وقيل في دوغريته أنهم نسبوا إليه مرة تصريحاً لم يصدر عنه. ولما عرض عليه قال: "ما حقي لكن بيشبهني." وقيل أيضاً انه قال لقادة المعارضة المعتقلين المضربين عن الطعام في جوبا عام 1960 أن يثقوا بكلمة الحكومة لهم بإطلاق سراحهم. وكانوا تشككوا في صدق الوعد وقالوا ألا يفكوا الإضراب إلا في الخرطوم. وقال البيه لهم ببساطة: "هؤلاء عساكر. إنهم لا يكذبون." ورسم له المرحوم عبد الرحمن مختار صورة عن كثب رسم بها ملامح غاية في الدوغرية. فلما ضاق بسوق نخاسة النواب التي صال وجال فيها الصاغ صلاح سالم، العضو المسوؤل عن السودان في مجلس قيادة الثورة المصرية في الخمسينات، قام البيه، بنفسه أو بين عصبة من فتية حزبه الأنصار، بحملات تأديبية للنواب المارقين عليه واستخلص منهم بالعنف ما أخذوه من حزب الأمة ومن صلاح سالم حتى يرجعوا إلي صوابهم.
    ومما فاقم من دوغرية البيه العسكرية أنه لم يكن يدن في زعامته لشعب أو قبيلة أو حزب حتي. فلم يكن الشعب مفهوماً قد اتخذ أي كثافة عنده. فقد سأل من حوله بعد فوزه برئاسة الوزارة ما قد يريده الشعب منه. فلما قيل له الحريات العامة قال ومن منع أي منهم من الذهاب إلي السينما او السفر بالقطار. فلما قالوا لم يمنعنا أحد قال: "أمال الحريات ايه اللي أنت عايزها." فالبيه في قرارة نفسه مقتنع بأنه صنيعة الإمام عبد الرحمن وحسب. تعرف عليه يوماً في سباق الخيل بفضل اللواء حامد صالح المك ولم يطل الوقت حتي عرض عليه الإمام ان يكون سكرتيراً لحزب الأمة. وقبل بعد تردد طويل.
    وكان البيه قد شرب من مذاق اصطناع قاعدة شعبية له منذ ثورة 1924. فقد أضغن شيئاً علي مصر والضالعين في كفاح الإنجليز من الاتحاديين مثله في ذلك الشاعر صالح عبد القادر. فهو من الجيل الاستقلالي المهادن للإنجليز ممن خاب ظنهم في مصر بعد تهافت موقفها خلال ثورة 1924 وسحب قواتها الثائرة عن السودان بأمر الإنجليز. وقد عد بعض مجاهدي اللواء الأبيض ذلك خذلاناً من حليف حسبوا أنه سيقف معهم للطويلة. وتركت هذه الواقعة طعماً مراً في حلق البيه لم يزده الاتحاديون إلا سقماً حتي قال الأستاذ محمود أبو العزائم في "كنت قريباً منه" 1992. أن جيله لم يسمع قط كلمة طيبة عنه من فرط غلو خصومه الاتحاديين. فهو "زعيم عسكري وبطانة المستعمر" في قول الشاعر الاتحادي حسن طه. ولما ترشح في دائرة أم كدادة قال المرحوم محمد أمين حسين "وأم كدادة ما ذنبها؟"
    وبرأ أبو العزائم البيه من تهمة ركبته منذ حركة 1924 وهي ممالاة الإنجليز. وهي تهمة تراجيدية حقاً تكشف عن قدرة أهل المقاومة تلبيس الحق بالباطل لدالتهم بالفداء والطهر السياسي. كان البيه يومها يوزباشياً بالجيش. وانتظم بين الحلقة السرية التي هيأت وقادت ثورة 1924. وكان من فرط قيمة مساهمته للحركة في التمويل ورعاية أسر المعتقلين أن طلبوا منه أن لا يغشى الاجتماعات حتى لا يتعرف عليه أحد بالمرة. وقام بواجبه خير قيام. ولما انكسرت المقاومة سأل المحققون الانجليز قادة الحركة عن دور البيه فيها. وقد كانوا وسوسوا بأنه ضالع في الثورة. فأنكر المقاومون معرفته بل ذهب من عرفه منهم لوصفه بأنه جاسوس معلوم للإنجليز لا يعقل أن يثق الثوار فيه. وكان هذا من باب التقية. وذاعت بين الناس جاسوسية عبد الله خليل للإنجليز. وقد تأذى منها طوال حياته. فقد هنأه المرحوم صالح عبد القادر يوم تولي رئاسة الوزراء في 1956وقال له أن ذلك تتويجاً لنضالك. ولم يرأف البيه علي نفسه ويقبل المجاملة علي عواهنها بل قال: "كلام فارغ أنا ما زلت في نظر الناس جاسوساً وعميلاً للإنجليز والشعب لم يتوجني ولم يخترني وإنما الذي جاء بي إلي هذا المقعد هو حزب الأمة والسيد عبد الرحمن المهدي وأنت يا صالح وبقية الإخوان عملتوها في بشهاداتكم في محاكمات 1924 الله يجازيكم."
    جاء منصور إلي خدمة البيه في 1957 وهي سنة بداية عزلتة السياسية حتي عن حزبه والقوي الغربية التي ظن أنه قد تطابق مع مصالحها في السودان ناهيك عن الشعب الذي لم يغش رادر البيه أبداً. وأسقمت السياسة البيه. وأصدق ما يمكن ان يوصف به وهو يقترب من عام انقلابه ، 1958، ما وصف به ضابط الفريق عبود خلال محاكمات اللواء شنان واللواء محي الدين الشهيرة في عام 1959: قال الضابط أن الفريق "العجوز بطنو طمت" من الحكم. ولم يخف البيه طمام بطنه هذا من عبد الرحمن مختار . وكان قد صحبه في رحلة إلي أثيوبيا بدعوة من الإمبراطور هيلا سياسي ليثنيه عن خطة الانقلاب التي راجت عنه أيامها. روي عبد الرحمن ان البيه قال له أنه زهج "مما يجري في السودان . . الشعب كل يوم مظاهرات واصبح في حالة فوضي اخلاقية لا حدود لها . . والسياسيين كفروا بنعمة الحرية وبأوا يعربدون زي العيال والبلد كلها بقت في حالة فوضي تهددنا جميعاً بالخراب. . وإذا سكتنا سنروح في ستين داهية وحا يخدها عبد الناصر ونبقي في حيص بيص ولذلك لابد من عمل شيء يؤدب العالم دي."
    وقبل تأديب العسكر حاول منصور، سكرتير البيه الشاطر للاتصالات، أن يروج لهذا الرجل السائر في طريق موحش معزول . . . غير آبه. وإلي حديث آخر.
















    متاعبه


    وقد رأت النيويورك تايمز عقله حين سلم الحكم للعساكر طائعاً مختاراً قبل أن يستولوا عليه عنوة واقتدارا."

    نهاية السياسة عند الودوغري
    المحجوب
    " النيويور تايمز. فقد اكتنفت البلاد، في قول منصور خالد، حالة لم تلعب فيها لا الحكومة ولا المعارضة بقوانين الممارسة الديمقراطية. فقد كانت الحكومة منقسمة علي نفسها ولم تكن المعارضة ملتزمة بالديمقلراطية إذا اقتضي ذلك منها أن تتنازل عن رطلها من لحمة السلطان. ولم توافق هذه الحالة الملتبسة طبع البيه، وقد وصفه بأنه عسكري ما خمج، فقد نشأ علي تربية عسكرية ولم يكن يكره شيئاً مثل البل كروسينق الجهجهة لا ألي هذا ولا إلي ذلك. فالسياسة، عند البيه "رسلة لا مهنة." ولذا اتجه إلي الجيش لانهاء هذه الحالة السياسية المجهجهة. وقيل أنه كان يريد أن يتكون في ظل دولة الجيش مجلساً سيادية منه والسيدين وعبود وجنوبي. وتشكك في أن اطروحة التسليم والتسلم السائدة في تفسير الانقلاب غير كافية. فنقاد البيه غاب عنهم أن الديمقراطية لا تزهر حين يلتزم اهلها في الحكم والمعارضة بقواعدها ومنها تداول السلطة بشكل سلمي. فإذا تجوفت الديمقراطية باللعب غير النظيف نشأ فراغ والسياسة تمج الفراغ.
    أي ضاق ذرعاً بالحكم. فقد تنازع وحلفاؤه في الختمية بشأن موقف الأخيرين القوي بجانب مصر. وكان ولاؤهم من الشدة بصورة لم يقو البيه علي منازلتهم خشية سقوط حكومته. وقد قبل بهذا التحالف المهين تفادياً ليقترب من تيار الأزهري المعارض (وكان البيه لا يطيقه ويعده اصغر منه سناً. وكان يفضل الحديث إلي ميرغني حمزة وخلف خالد متي احتاج إلي التشاور مع الإتحاديين). و(السفارة البريطانية) كان السيد الصديق ممن اختار أن يتقرب للأزهري في لقاءات معروفة لتجاوز عقم التحالف مع الختمية. وكان البيه قد كره هذا التقارب وخشي علي مستقبله السياسي متي تحقق. وبدأ يهمس للسيد عبد الرحمن بوجوب تدارك ما سيحيق بالبلاد إذا تركوا الحبل علي الغارب. وطارت إشاعات عن عزم البيه لتسليم السلطة للجيش. واختار البيه ان يقوم في هذا الجو المكهرب برحلة إلي أثيوبيا في 29 إكتوبر 1958 وصفها بالخاصة بينما كانت دلائلها تشير إلي أنها رحلة رسمية. وقد استقال سفيرنا في اثيوبيا، ، حين استبعده البيه عن طقوس الزيارة الموصوفة بالشخصية ولم تكن كذلك في نظر الله وخلقه. وقال سفير أثيوبيا في السودان أن الإمبراطور قد استدعي البيه ليثنيه عن التورط في الانقلاب الذي نقلت سفارته في السودان شائعته له. وليد محمد سعيد الأعظمي، السودان في الوثائق البريطانية: انقلاب الفريق ابراهيم عبود 1958 (1990)
    تواترت أحداث امتحنت التحالف فتصدع من فرط تباين المواقف. فقد طالبت مصر بضم منطقة حلايب وبعثت بجندها لاحتلالها وعبأت الحكومة بتماطل من حزب الشعب الجيش والشعب لرد العدوان وشكت إلي الأمم المتحدة. وكانت هناك مسالة مياه النيل التي كان السودان يطالب فيها باعادة النظر في اتفاقية مياه النيل لعام 1929. ثم جاء مشروع أيزنهاور الذي اغرت به زيارة نيكسون، نائب رئيس الولايات المتحدة في ، ثم مشروع المعونة الأمريكية.
    الأمة والاتحادي: كانت ورزارة الخارجية البريطانية في تقرير لها (19 سبتمبر 195 قد رجحت قيام حكومة مؤتلفة بين الحزب الوطني الاتحادي، حزب الطبقة المتعلمة والوسطي، والأمة، شبه الإقطاعي الطائفي، لإنقاذ الوضع المتردي في السودان. وقد عنت بذلك عزل حزب الشعب الشبيه بحزب الأمة في طبيعته والزائد بقوة أسر مصر عليه. ومضي التقرير يقول أن هذا الحلف هو سبيل حزب الأمة ليلقي الدعم المالي الذي طلبه. واوصي التقرير أن لا يفاتح عبد الله خليل بذلك بعد تداوله مع قادة الحزب الآخرين. ووجه التقرير نصح عبد الله خليل أن يتريث ولا يغامر بعمل غير دستوري للسيطرة علي زمام الحكم بالقوة. وكانت بريطانيا تخشى أن تطرف عبد الله خليل في الولاء لبريطانيا سيترك السودان عرضة لأثر الناصرية ولذا كانت تفضل حكومة برئاسة الأزهري، في طوره الاستقلال الجديد، ليمتنع السودان علي تأثير ناصر. ولم يكن الأمريكان من أنصار الخطة البريطانية لخوفهم أن خلافات الأحزاب الثلاثة العميقة ستؤدي إلي قيام حكومة أسوأ من تلك القائمة. ولم يرتح الأمريكان لتصريحات الأزهري في القاهرة التي رفض فيها المعونة ودعا إلي حلف مصري –سوداني. هناك تلميح أمريكي أن مبارك زروق ربما كان فرس الرهان لأنه غير مرتاح لميل الأزهري القوي لمصر ويريد حكومة سودانية مستقلة. واتفق السفيران ان المستقبل للوطني الاتحادي وعليهما أن يوثقا علاقتهما معه قدر الإمكان. (وقال السفير البريطاني بآخرة ان حزب الأمة تأخر كثيراً في الاقتراب من الاتحادي وأنه يتحمل تردي سوق القطن السوداني لفرط ثقة الحزب في قدراته السياسية). وقد اشتكي البيه للسفير البريطاني من علي عبد الرحمن وقال أن فشل الحكومة راجع إلي السيدين الذين فرضوا عليه علي عبد الرحمن. وكان قد بدأ من خلال وفده له التفاوض مع الاتحادي لتكوين حكومة قومية بل واستقال وزراء حزب الأمة في 15-11-58 ليفسحوا لمثل هذه المناورة. وقد طلب البيه تأجيل انعقاد البرلمان للسماح بنفاذ الترتيب الجديد.
    ووقع الانقلاب. وكان السفير البريطاني قد علم من السفير الأثيوبي أن الإمبراطور قد نصح البيه ثلاثاً أن لا ينقلب بالحكم حتى لا يقوم حكم عسكري علي حدوده الشرقية. كما أكد له مبارك زروق أن مشاورات الحكومة القومية قائمة علي قدم وساق. ومن رأي السفير أن حزب الأمة، الذي لم يظهر له أثره في تكوينات حكومة الجيش، كان علي علم بالحركة وطمع، في حديث لمحمد الخليفة شريف، أن يبقي الجيش لستة أشهر ينقي فيها الحياة السياسية لعودة الحياة الدستورية.

    (اتضح من محادثة بين سفيري بريطانيا وامريكا أن خلال زيارة عبد الله خليل لأثيوبيا (اكتوبر 195 جري الكشف علي صحته بواسطة الأطباء العسكريين الأمريكيين وقالوا أن صحته بمب ويمكن له ان يقود حزب الأمة لسنوات قادم"
    لعب عيال
    محاولة انقلاب كبيدة في يونيو 1957 التي اشيع أنها من تدبير مصر والصاغ صلاح سالم.
    كتلة نواب الغرب التي ضمت 9 نواب واشترط عبد الله العريفي (معه الأصم ومهدي الرفاعي) نائب دار حامد علي حزب الأمة أن يمتنع عن التعامل مع بريطانيا ورفض المعونة الأمريكية. وكان انعقد في نفس الوقت مؤتمر البجا وفيهم نواب من حزب الأمة. وقد حضره رئيس الوزراء.
    وكان للجنوبيين حراكهم حول مطلبهم بالحكم الفدرالي. وفي يونيو 1958 انسحب نواب الحزب الفدرالي (40 من برلمان عداده 173) حين تجاهلت الحكومة مطلبهم وخرجت لجنة الدستور بتوصية ان يكون نظم الحكم وحدوياً. ولذا كان من راي الجنوبيين دائماً أن انقلاب 17 نوفمبر كان تدبيراً شمالياً لتفادى الاستجابة لمطلبهم بالفدرالية.

    إضراب 21-10-1958
    في أعقاب مضايقات من للحكومة لاتحاد العمل تمثلت في قضية ادعت الحكومة أن الاتحاد هئية غير مسجلة وغير شرعية. وقد شطب القاضي القضية في 19-10. وفي سياق ضائقة معيشية طفح الاحتجاج عليها صفحات الميدان. وفي سياق ما تكشف عن بدء المعونة الأمركية التي بدأت بإعلان من وزراة التجارة إلي المستوردين بتحول رخص الاستيراد من الوزارة إلي المعونة بهدف حصر المستورد علي أمريكا أو من ترغب فيه قفلاً للتعامل مع الاتحاد السوفيتي كما حدست بذلك الميدان. ونشرت الميدان (20-10-5 عن اجتماع يعقده التجار لمناقشة بيان التجارة. وقد رفض التجار لاحقاً البيان وقالوا انه خطر علي مستقبل التجارة وطالبوا برفع نصيب التجار الوطنيين إلي 70% من الاستيراد وترك 30% للشركات الأجنبية. وعن زيارة كتشن. وقرر اتحاد العمال رداً علي المناخ المعادي للحريات وللتأكيد علي مطالب العمال ان يعلن إضراباً عاماً في 21-10. وكان الوطني الاتحادي جزءا من هذا الحلف المعارض.
    الميدان (23-10-5 وكان يوماً مشهوداً طالب بإقالة الحكومة وتخلف عنه نقابة النقل الميكانيكي والبوستة والتلغراف والسلحة والمخازن ووزارة الصحة غير ان العمال قرروا دفع مرتبهم ليو م الإضراب لاتحاد العمال استنكاراً لموقف نقاباتهم. وأضرب طلاب جامعة الخرطوم ساعتين تضامناً مع العمال. وشاركوا في الموكب مع طلاب المعهد الفني والثانويات. وقد خرجت مواكب مشابهة في عدد من مدن السودان. وهو اليوم الذي حاول فيه السفير الأمريكي شق الموكب فاحاط به المتظاهرون وأشبعوه هتافاً بسقوط المعونة الأمريكية وبضقوا عليه وخلصه قادة العمال وحموه . ونشرت الميدان صورة لعربة السفير يحيط بها الوكب ثم صورة أخري لها في باحة مجلس الوزراء وقالت "هل يفهم السفير الفرق بين المكانين وهل عرف الهوة التي تفصل بين أصدقائه وبين الشعب السوداني" وقال نائب بحزب الأمة (مهدي الرفاعي) أنه سيستجوب الحكومة حول قبول المعونة وقد اقتنع بأن الحكومة يجب أن تذهب بعد مشاهدته لموكب العمال.
    الحاج عبد الرحمن "يا عابدي دلس اللعين حذاركم إن الشعوب توحدت بملاحم
    نوري السعيد تناثرت اشلاؤه . تعليق الميدان عن كسر المظاهرات والاعتقالات فبي نوفمبر 1958."هكذا بدأ نوري السعيد".
    شمعون


    أفريقيا وقضايا التحرر الوطني:
    الخرطوم قاعدة لحركات التحرر من الاستعمار:
    في عددين متتاليين من الميدان و في صفحة واحدة احياناً (6-10- و9-10-195 وردت هذه الأخبار والتعليقات عن حركة التحرر العربي والأفريقي:
    لاجئو كينيا (ومقررهم جيمز اوكوانا) يعرضون قضيتهم لطلاب جامعة الخرطوم وشكروا الشعب السوداني علي حسن تفهمه لقضيتهم ولم يشر وفدهم لمسألته مع الحكومة . وكانت السلطات قد قالت أرجأت القرار في طلبهم اللجوء السياسي حتي تناقشه مع حكومة كينيا "الاستعمارية". ولذا قرروا الرحيل إلي مصر التي عرضت ضيافتهم. وكانت الحبشة وغانا قد عرضت استضافتهم ايضاً. وتساءلت الميدان بعد نشر خبر قيام قسم للشئون الأفريقية أهو لمساعدة شعوب أفريقيا أم لخذلانها. وفي (16-10-5. وفي لقاء معهم قال وزير الخارجية بالإنابة أن الحكومة منحتهم صفة المواطنة لفتح مكتب باسمهم وإصدار كتبهم ولم يمنحونهم اللجوء السياسي بالنظر غلي الضائقة المالية في البلاد. وصفت الميدان هذا بسبب جديد تفتق عنه ذهن الحكومة لسبقها القول بأن القوانين الدولية لا تسمح بطلبهم. ولم يقبل الوزير بكتابة قراره هذا عن وضعهم. وقابلوا بعده عبد الله خليل الذي قال افتحوا مقاهي وبقالات وأنه لن يسمح لهم العمل السياسي ضد بريطانيا لأنها صديقة لنا "ولا نسمح بالشوشرة عليها ولا بالإساءة إلي المملكة ورئيس وزرائها." وقال اللاجئون أنهم سيفكرون في عرض رئيس الوزراء. وفي عدد (16-10-195 كتب إبراهيم الحاردلو سكرتير اتحاد طلاب جامعة الخرطوم كلمة يعضد فيها لاجئو كينيا وحقهم علي السودان العربي الأفريقي أن يعينهم في استرداد حريتهم عملاً بميثاق باندونق وقرارات مؤتمر أكرا اللذين دعا لمساندة حركات التحرر الوطني وقد وقعت عليهما الحكومة السودانية.
    (8-10) وبعث مكتب لاجىء الكمرون بمذكرة للأحزاب والنقابات وشخصيات مذكرة بالوضع الاستعماري الباطش بالكمرون بشطريه الإنجليزي والفرنسى. والمذكرة بمثابة لفت نظر لمناقشة ستجري لمسألة الكمرون في الأمم المتحدة. وعقد أعضاء وفد الكمرون بالخرطوم مؤتمراً صحفياً عن احتماع لجنة الوصاية بالأمم المتحدة عرض فيه الدكتور مومي رئيس حزب اتحاد الكمرون قضية بلده ضد فرنسا وبريطانيا. وناشد حكومة السدان بتغيير موقفها من المسالة كا حث الأحزاب والهيئات أن تواصل دعمها لهم. وفي نفس العدد ورد نبأ غير مؤكد عن اغتيال روبن ام نيوبي سكرتير اتحاد شعب الكمرون. وخبر عن تسليم بريطانيا لمناضلين كمرونيين لفرنسا التي قتلتهم. كما كتب جوزيف قرنق عن مؤتمر يعقد بشرق أفريقيا لمواصلة تحرير القليم بمبادرة من جوليوس نا يريري رئيس الاتحاد الوطني الأفريقي في تنجانيقا. وكتب "جو" نعياً لروبن نيوبي عرف بحياته ونضاله في الميدان 20-10-195ز كما فصل جو في صفحة الشعوب الأفريقية عن مؤتمر شرق افريقيا وعن ضرورة ان ترتبط الشيوعيين بهذه التطورات.
    وخصصت الميدان كلمة تعرف بكفاح دكتور باندا بملاوي.
    (23-10-5 في الصفحة الولي "فضيحة كبري" عن تغيب وفد السودان من جلسات الجمعية العمومية للأمم المتحدة التي ناقشت مسألة الكمرون. جاء هذا في برقية من دكتور مومي إلي رفاقه في الخرطوم. سؤال لوزير الخارجية: ما هو المانع؟
    سجن أعضاء في الجبهة (كامل محجوب ومعاوية إبراهيم وعثمان الحسن) لتظاهرة في مدني تأييداً لثورة العراق في يوليو 1958.
    وفي عدد لاحق (13-10-195 كذبت الميدان قول جريدة الأمة أن رئيس الوزراء قد هيأ منزلاً حسناً للاجئين وقالت انهم يقيمون ما زالوا في فندق النيل الزرق وهم احرص علي إجازة طلب اللجوء السياسي قبل السكن. وفي نفس العدد كتبت الميدان تعريفاً بدولة غينيا وميلادها برئاسة النقابي وسكتوري وشعبه الذي صوت بأغلبية ماحقة لاستقلال بلاده عن فرنسا دون مستعمراتها الأخرى. وتعريفاً بالتوغلاند.

    السخرة: الميدان (13-10-5 تسخير البديرية علي بناء بيوت حكومية وحفر آبار بدون أجر. وفعلوا ولكنهم رفضوا أمراً بتفكيك هذه البيوت وإعادة بنائها في موضع آخر. وعرضوهم أمام محكمة الناظر وحكمت عليهم بغرامات بلغت 15 جنيهاً. "ويولي حزب الجبهة هذا ألأمر اهتماماً بالغاً وهو الذي كان له الفضل في إيقاف عمل السخرة بجبال النوبة وسيقوم بحملة لا إزالة هذا العمل المخزي من جميع أرجاء كردفان. هذا وقد رفع هؤلاء المواطنون استئنافاً ضد الحكم الذي صدر ضدهم."
    (24-11-5: شكوى من مهدي كودي عن 25 ألف مواطن من جبال أطور وتيرة يسخرون في عمل الطرق التي تمر عليها "عربات الأغنياء والمحظوظين." لم يتحرر هؤلاء من الاستعمار بعد
    الميدان والهامش:
    6-10-1958. الجبهة المعادية للاستعمار تصدر بياناً تؤيد بمطالب نواب الشرق للحكومة وقالت انه خلا من متاعب عمال ومزارعي الشرق خاصة عمال الشحن والتفريغ ومزارعي القاش. ووسع البيان في مطالب الشرق ليأخذ في الاعتبار تلك المطالب مثل إبعاد المقاولين عند تشغيل عمال الشحن وأن يكون العقد بينهم وبين صاحب العمل مباشرة والنقابة. ووضع حد أدني لاسعار قطن دلتا القاش وفتح سوق الماشية للرحل المغلق مع مصر كيداً.
    وفي (13-10-195 كتبت الميدان إفتتاحية حيت مؤتمر البجا وقالت انه تعبير عن أزمة الحكم القائم وصوت شعبي بعد الثقة بهذه الحكومة. فقد انتظر السودانيين أن تبديلات في حياتهم بفضل الاستقلال الذي ناضلوا طويلاً من اجله "ظلت جماهير شعبنا تتطلع إلي يوم تزول فيه مظاهر التعاسة والشقاء . . . وطال الانتظار والترقب دون جدوى فقد سطا نفر قليل من الطفيليين حكاماً وغير حكام علي ثمار هذا الاستقلال و(لغفوها) لأنفسهم. لغفوها مناصب كبري ومرتبات ضخمة ومنافع مشروعة وغير مشروعة وبقيت جماهير شعبنا في كل مكان تصرخ من قرصة الجوع ولكن لا سميع. ولكن هل تستطيع صرخات الجوعى أن تتخطى أسوار المنازل العالية؟"
    (13-10-5: تحليل لصراع الجلابة وحمر قال فيه محمد احمد البلاع أن الجلابة يشكلون طبقة البرجوازية التجارية بينما تشكل القبيلة طبقة المزارعين. وهذا منشأ التناقض والصراع بينهما, واستدرك بقوله أنه إذا ما اصبح الحمري تاجراً فسيكون عرضة لنفس النقمة الطبقية. وعلقت الميدان أن النظام القبلي مظهر تخلف لن يزول إلا بنمو رأس المال التجاري الذي يحطم نمط الإنتاج القبلي. ولكن الحزازات ايضاً وليدة التأخر الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي يستفيد منه حزب كحزب الأمة الإقطاعي الذي يعيش علي دم المزارعين. "والجدير بالذكر أن في أوربا لا تجد الناس يتحدثون عن خشوم بيوتهم أو قبائلهم لأن نمو الرأسمالية قد أزال التقسيم القبلي وأحل محله التقسيم الطبقي.

    صفحة الجنوب (6-10- 58 ، 9-10-58
    حسن سلامة:
    حول مؤتمر البجة (الميدان 23-10-5:

    مراسل الميدان من نيالا (بن عيسى) كتب عن انتقام آل مادبو من الرزيقات ( عموديتي) موسى أبو كلام ويحي موسي الذين لم يصوتوا لمرشحهم بوضع جزية مبالغ فيها عليهم. وطرد الناظر مواطناً من دار القبيلة بعد حكمه بالسجن "ونحن نتساءل عن نوع القانون الذي يخول طرد المواطنين السودانيين من أي جزء من اجزاء بلدهم وفي عهد الاستقلال؟"
    الأمريكان واليسار في الخمسينات
    محمد حسن مهدي: "أبو الرحوم: ازيك ي امير! (ارلاي العام 12-9-2002)
    اتصل مخمد عامر بشير (فوراوي) اتصل برحمي سليمان في جريدة الخبار يطلب منه مقابلة طلعت، وزير الاستعلامات والعمل. قال له طلعت أن الأمريكان منزعجون لننننفوذ الشيوعيين وسط مزارعي الجزيرة الذين تعلقوا بشعاراتهم حول الملكية العامة للرض والإدارة الجماعية للمشاريع الإنتاجية. طبل الأمريكان تخصيص مبلغ من عونهن لإنشاء مطبعة تصدر صحفاً ومطبوعات لمقاومة هذا النشاط. وشتسجل المطبعة باسم رحمي او مؤسسته. ورفض رحمي بعد المهلة التي أعطاها له الوزير للتفكير.
    الوثائق البريطانية (الميدان 552 مايو 1989) تشير إلي خلاف قائم في 1957 بين عبد الله خليل والمحجوب حول الموقف حيال الجزائر (السفير الفرنسي تلقى توضيحاً ارضاه من رئيس الوزراء) وقبرص (الثائرة ضد الوجود البريطاني)1. وقد نفر الإنجليز والفرنسيين منه بعد ما قاله عن المسألتين في أروقة الأمم المتحدة ولمنعه حاملات الجنود البريطانية من استخدام مطار الخرطوم صوب عدن الثائرة. وظلا يفضلان التعامل مع عبد الله خليل بل وتذكرا أيام زروق. وقرر السفير الفرنسي أن لا يتعامل معه. (خلاف حول طرد سودانيين من أفريقيا الفرنسية، الحكومة متفهمة الأمر ومحجوب احتج في الأمم المتحدة وحين سئل عن التناقض قال أن الحكومة لم تزوده بما لديها من معلومات، الفرنسيون شجعوا بنك الكريدي ليونيه لرفع سلفية المهدي إلي مليون جنيه لتدخله شخصياً في المسألة وسيتحدثون غلي المهدي لن خليل عاجز عن كبح المحجوب فهو ما يزال في المم المتحدة في حين ييتحدث خليل عن استدعائه). وقد فكر عبد الله الاستغناء عن المحجوب لولا نصح البريطانيين أن لا يفقد المحجوب البارز والانتخابات علي الأبواب. وقد فكر في استدعائه للخرطوم لكي لا يتحدث في الأمم المتحدة. واتفق معهم أن يهملوا المحجوب ويتعاملوا معه مباشرة. وقال شامان اندروز ، سفير بريطانيا في الخرطوم، عن المحجوب أنه فيه كثير من خصال الذئب الفرد" وتحلق به فصاحته (السفير عوض ساتي اعتذر للوزير بأنه ربما طلعلو جو الأمم المتحدة في راسو). . . وعلي غير طبيعة السودانيين معظم السودانيين فهو بلا شك يعاني من لونه ومن هو في لوني على نحو ما." ومن محن الدنيا علي خليل بحسب السفير أنه مضطر للاحتفاظ بمحجوب وعلي عبد الرحمن لكي تبقي حكومته موحدة حتي الانتخابات. "وهذا يعني ان أن نصطبر علي محجوب وزيراً للخارجية لوقت قد يطول بعض الشىء وسيخفف رئيس الوزراء من تلك المشقة بارساله لبعض الوقت في مهمات خارجية . . . ليحول دون أن يقود محجوب الوفد السوداني للاجتماع المقبل للجامعة العربية. وعلق ميرفن براون في الخارجية، "محجوب وجع رقبة"
    تلميحات: عن ازهري وتمويل المصريين لإنتخاباته، قرض لآل المهدي من الكريدي لزنيه، موقف السودان من السد العالي)

    (محمد عثمان الزبير: الناس 2 سبتمبر 1956 : ينتقد العمال الديمقراطيون لزج العمال في مشروعات صبيانية مثل إضراب 28 إبريل اللانهائي.)
    صدرت في 1953. والموجود بمستودع دار الوثائق يبدأ ب 1956. بدت الناس في آخر 1956 بوجه تقدمي منسوب ربما إلي المرحوم حامد حمداي الذى كتب مقالاً بعنوان "فرض الإسلام اعتداء علي الحرية" (3 مارس 1957) واستمر اسمه يظهر لماماً في طورها الآخر غير أنه اصبح يخوض في عداءالشيوعيين بمقالة عن قدوم المستر ريتشاردز وترحيب العرب به لأنه جاء بمشروع "يهدف إلى تقطيع أوصال الأخطبوط الشيوعي الذي بدا يتسلل إلي هذه المنطقة" وراح يناقش حجج من اراد رفض المعونة الأمريكية ويفندها (21-4-1957). في هذا الطور الجهادي تجد حديثاً عن سيطرة الأغنياء علي مؤسسات الحكم المحلي وبتغطية إيجابية لأخبار العمال حتى هاجمت الجريدة من انقسموا علي اتحاد العمال في نقابة السكة الحديد. والتزمت بالفاع عن الشعب الكادح وحقوقه لا يثنيها عن ذلك الدعوة بان لا صوت يعلو فوق صوت المعركة بعد العدوان الثلاثي علي مصر. وحيت المرحوم حسن الطاهر زروق بمناسبة خروجه من سجن كوبر في سبتمبر 1956. وكتب فيها الحاج عبد الرحمن عن حركة الانقسام التي تقودها النقابة ضد اتحاد العمال. وكتبت كلمتها في 5 أغسطس 1956 عن عزتها باستقلالها حتى أنها قد أوقفت لعام ولم تعش علي غير مواردها ويتهددها شبح التوقف دائماً. ونبهت إلي الموظف الشاب الذي منح بغير استحقاق منزلاً حكومياً يقيم فيه الليالي الملاح. وقد اشتكاه جار ولما داهمه البوليس أبرز تصريحاً بحفل يقيمه للسفير الأثيوبي. وقد كان هناك إثيوبيون ليس بينهم السفير ودبلوماسيون آخرون. وانتقدت استعمالات للعربات الحكومية في غير وقتها أو غرضها.
    وحفلت حتى في هذا الطور بأبواب "غاب أبو شنب ولعب أب ضنب" و"حبوبة كتوشة" و"حاج أم قلة يقول"
    منصور خالد:

    وفي عدد 7 إبريل تلقت الناس من مراسل خاص كلمة عنوانها "الملك سعود يفوض عبدالله خليل. و وصف الكاتب السعودية ب "مهد العروبة ومهبط الإسلام" وطلب سعود من السودانيين أن يدعموا عروبتهم وإسلامهم. وقد رأي في مشروع أيزنهاور ضمانة وحيدة لدرء أخطار الشيوعية عن البلاد العربية ولذا قبله لأن أمريكا لا تشترط ما يؤثر علي استقلال وسيادة البلاد العربية. وقد فوض سعود رئيس الوزراء ليجعا هذه المادة محور أحاديثه في البلاد العربية التي سيزورها. وقال سعود أن ناصر لا اعتراض له علي المشروع وأن زعماء العرب سيقبلونه لخير شعوبهم ومستقبلها. وقال المراسل الخاص أن الصوت النشاز في هذا الإجماع العربي هو الشيوعيون ممن بثوا سمومهم في (كفاح الشعب" لسان حال الحزب الشيوعي الموحد التي شككت المصريين في العاهل وتحثت عن معارضة القبائل لحكمه وكيف كتبوا علي الأغنام "يسقط سعود-أيزنهاور" لتسير في الشوارع. وعلق المراسل أن هذا الهذر لا يصدر إلا من عبيد الكرملين فقد كانت الأغنام ترعي في "أرض رسمت عليها الشوارع والطرقات. ونبه المراسل مصر غلي هذه المسالك المعوجة التي تتهدد مستقبل مصر.
    الشاب الأنيق المعطر:
    12 مايو 1957 : محكمة جنايات الخرطوم تحكم علي محرر الناس ب 95 جنيه غرامة لنشر مقالات الشاب الأنيق
    ويبدو أن "الشاب الأنيق المعطر" مما اخترعه أو استحسنه هذا المراسل الخاص (هو منصور الذي صحب عبد الله خليل على مصر). فقد ورد ذكره في مقالة عن ما سمعه كاتب في نفس العدد خلال وجوده بمصر ولغط من ظلوا يعلقون أملاً ما يزال علي الأزهري برغم هجرانه المعلوم لمصر وخيانة ميثاقها معه. وقد استغرب لتعليق المصريين هذا الأمل علي من فطر علي "باع نفسه مرة لن يتردد أن يبيعها مرات ومرات لأي زبون جديد."


    سعة المعلومة=لمخابرات: في عدد 21-4-57 جاءت في صفحتها الأولي عن خلاف ملك الأردن مع حكومته التي زعم أنها تسعي لخلعه مثل فاروق. قال عنه سعود: "انه في واد وحكومته في واد." وقد ضلعت حكومته مع الشيوعية في حين أراد أن تكون بلده إسلامية . وقد اعفي الحكومة وصار هذا أول نصر للأردن ضد الشيوعية.
    وفي عدد 12 مايو 1957 فرحة بالصفحة الأولي لنصر الملك حسين علي حكومة النابلسي التي ارادت بتحريض بعثي شيوعي تغييراً سياسياً لصالح الاتحاد السوفيتي وتقديمه طغمة سائغة لمصر. وقد رد المحرر علي جريدة الرأي العام التي قالت أن من أيدوا حسين هم أعداء الشعوب.
    الغابة: (هل هي من وحي "مزرعة الحيوانات" وقد كان منصور قارئاً نهماً للأدب المعادي للشيوعية ويزود أمثال نقد في الكلية بهذا الأدب.
    وحيد القرن (عبد الله خليل) الثعالب الحمراء (الشيوعيون)، أبو القدح (أزهري) الدب (يحي الفضلي) الغزالة (مبارك زروق) والغراب (؟).
    21-4-: 1957 في "غاب اب شنب" لأبي الرووس دعوة لوحيد القرن ان يوقف عبث الثعالب الحمراء التي كانت تعمل في الخفاء كالخفافيش وقد خرجت إلي العلن لسكوت وحيد القرن علي فعائلها.
    12 مايو 1957: الضباع الاتحاديون بعد نبذهم من الغاب يحتمون بالثعالب الحمراء.
    مفهوم الحكومة الرشيدة: 12-7-1957:"صونوا أموال الشعب من عبث العابثين. أزهري من "حزب الخراف والسمايات" يؤجر من الوقاف ولا يسدد حتى تراكم الإيجار عليه.
    العداء للنشاط الشيوعي المحلي:
    1- 21 إبريل 1957: تحت عنوان "الشعب لايرضي بهذا" محمد احمد سليمان برد علي كلمة للجريدة دعت فيها أن يكون التحضير لمؤتمر الشباب العالمي في موسكو من اختصاص الحكومة لا منظمة اهلية كاتحاد الشباب.
    2- وفي نفس العدد احتجت علي زيارة وفد عمالي للسودان. ولكي لا يكون "عمالنا السودان حقل تجارب" (وهو بعض العنوان) قال ان علي الحكومة ان تبتعث عمالنا للسفر للخارج حتى لا يكونوا عالة علي الزائرين.
    3- 12 مايو 1957: عن عمل الشيوعيين (وصف الشيوعية بالتفسخ والانحراف تقضي علي ما تتمتع به الأمة من كرامة وعفة) لتبعيد الشقة بين مصر وحزب الأمة
    حيل للتحرير:
    12 مايو 1957: نشرت الجريدة رأيين عن مشروع أيزنهاور ، مضاد وموافق وقد قال الخير ان الشيوعيين "أهل ميكروبات فتاكة."
    مشروع أيزنهاور
    تناصر التحرير: إذا زار عبد الله خليل بلداً وجدت تضامن أبواب الجريدة كل بطريقته في تمجيد الزيارة وبيان مكسبها. فمثلاً "حاج أم قلة" الحلمنتيشي يحي الزيارة ويذيع وينشر عبقها. مثلاً حاج أم قلة يحسن مشروع أيزنهاور: يا حكومه جدي واقبلي المشروع











    ومنصور خالد

    2) محمد أحمد المحجوب: الذئب الفارد

    نشرت في (أوراق ثقافية) الصادرة في الخرطوم في أغسطس الجاري

    عبد الله علي إبراهيم

    (نواصل في هذا المقال بيان وحشة عبد الله خليل (البيه)، رئيس الوزراء 1956-1958، السياسية التي دفعته دفعاً ليطلب من القوات المسلحة استلام مقاليد السلطة في 1958. وقد استحسنا هذا الإطار لنفهم علي نحو افضل خدمات الدكتور منصور خالد الشاب كمعاون متطوع للبيه في مجال الاتصالات يوم التقي به في 1957. وصفة الوظيفة مما قال به منصور أخيراً.)

    أوى المرحوم محمد أحمد المحجوب إلى فراشه ليلة 17 نوفمبر 1957 وزيراً لخارجية السودان ليصحو فجراً وقد خلعه انقلاب الفريق عبود من هذا الجاه خلعاً. فقد سمع طرقاً على بابه في الرابعة فجراً ليجد عقيداً من الجيش وجنده عند عتبة الدار. وحمل رسل الانقلاب هؤلاء رسالة موقعة من الفريق عبود أعفته من المسؤولية مع شكر الأمة له على جزيل خدماته لها. واستدبر الجند تاركين المحجوب يرزح تحت هول الصدمة. وكان المرحوم أمين التوم ، وزير الدولة لرئاسة مجلس الوزراء، قد صحا مثل غيره من الوزراء ليقرأ خطاب عبود في ذات المعنى. وقال أمين التوم إنه واضح أن هذه الخطابات المستغنية قد كتبت علي عجل. وقد استغربت لعبود الذ ي تحوط لمثل هذا المأخذ علي خطابه. فقد جاء في السنة الثانية من حكمه بالسبب الذي ألجأه لإرسال الخطابات التي قال عنها أمين التوم، بعد مضي عقود، إنها مما كتب بعجلة. فقد قال عبود في مذكرات له نشرت في بيروت عام 1959 أنهم قد فكروا في طباعة خطابات الإقالة بالآلة الكاتبة وطيها في مظروف أنيق إلا أنهم خشوا من كشف سر تحركهم لصغار موظفيهم. وقال إنهم فكروا في إصدار الخطابات (وجملتها 15 خطاباً) باسم مجلس قيادة الثورة. ولأن هذا المجلس لم يولد بعد فقد جعلوها باسم القوات المسلحة. وقد وقعها عبود ووضع كل منها في ظرف وختمه على الشمع الأحمر باسم القيادة العامة.

    كان المحجوب عاد في أول أكتوبر 1958 من اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة. وهي اجتماعات تطول. ووجد لدي عودته إرهاصات رائجة عن قرب وقوع انقلاب عسكري. ويبدو أن الخبر كان ذائعاً بالفعل حتى قال المرحوم عبد الرحمن مختار إنه كان مفروشاً في فرندات السوق العربي. ولكن ليلة 16 نوفمبر أزاحت من صدر المحجوب غمة هذا النبأ العظيم. فقد عاد في آخر تلك الليلة من اجتماع اتصل فيه النقاش لقيام تحالف بين حزبه، حزب الأمة، والوطني الاتحادي، حزب الأزهري. وهذا حلف أراد به حزبه وآخرون، كما سيرد، فض الائتلاف الحكومي القائم بين أنصار حزب الأمة وختمية الشعب الديمقراطي الذي اتسم بالخلاف حتى كره كل منهم الآخر وكرههم الناس. وصدق عليهم قول الشاعر: "وبطني مكجنة عيشة القاعدين سوا ويتكتلو." وانحلت في ذلك الاجتماع، حسب قول المحجوب، عقدة كأداء كانت تحول دون بلوغ الغاية من هذا الحلف. فقد كان الأزهري يصر أن يكون رئيس وزراء حكومة هذا الحلف الجديد في حين طلب البيه بالطبع المنصب. وقال المحجوب إنه أقنع الأزهري بأن يقبل منصب رئاسة مجلس النواب التي لها الصدارة إجرائياً على رئاسة الوزارة. فرئيس مجلس النواب، المجرد من العضلات التنفيذية، يخلف رئيس الوزارة لدى وقوع طارئ.

    صارت الحكومة المختلف عليها تلك الليلة في خبر كان ولم يجف مداد الاتفاق بعد. فقد جاء الصباح بما لا تشتهي سفن حلفاء الليل الاتحاديين والأنصار. وربما بدا الاتفاق للمحجوب كأنه أضغاث حلم بعد أن صحا علي طرقات الجند الذين جاءوا لإقالته بخطاب بدا مستعجلاً للناظرين في حين استثمر فيه كاتبه مكراً كثيراً. ولعل الذي أوجع المحجوب أكثر في هذه الإقالة في تلك الساعة الباكر من صباح الاثنين 17 نوفمبر هو أنها كانت إما من تدبير المرحوم عبد الله خليل رئيس حزبه ورئيس الوزراء أو من تدبير حزبه، حزب الأمة. وما زلنا لم نتفق على شئ من حقيقة الأمر. ومع ذلك فالمحجوب ربما كان أفضل من يعلم أن أيامه في الوزارة كانت قد أضحت معدودة. فلو لم يمت بالانقلاب لمات بغيره. فقد اتفقت بريطانيا وفرنسا على أنه شخص غير مرغوب في خدماته في محيط العلاقات الخارجية في دولة يقف حزبها الغالب والحاكم معهما قلباً وقالباً. وقد بلغ التزام البيه، رئيس الوزراء وزعيم حزب الأمة، بسياسة بريطانيا وفرنسا حداً ساقهما إلي الخوف علي مصالحهما بالسودان منه. فقد قالا أنه سيعرض نفسه للعزلة في محيط ثوري ناصري لو لم يخفف من حماسه لتلك المصالح. أي أن "يدي حماسته كوز" كما تجري العبارة العامية. وقد بلغ شذوذ المحجوب عن خطة البيه وحزبه حداً وصفه البريطانيون والفرنسيون "بالذئب الفارد" أي الذي اعتزل القطيع.

    كان شذوذ المحجوب عن القطيع مادة رسائل متبادلة في دوائر الدبلوماسية الغربية, فحملت الوثائق البريطانية لعام 1957 أخبار خلاف شديد بين البيه والمحجوب حول الموقف حيال الجزائر ، التي نهضت بجيلها الثوري ضد الاستعمار الاستيطاني الفرنسي الجاثم عليها منذ 1830. وتداخل ذلك الصراع مع موقف السودان تجاه قبرص الثائرة لعهدها ضد الوجود البريطاني فيها. واستثقل الإنجليز والفرنسيين المحجوب بعد ما قاله عن المسألتين في أروقة الأمم المتحدة. واستنكروا منعه حاملات الجنود البريطانية من استخدام مطار الخرطوم صوب عدن الثائرة ضد الاحتلال البريطاني. وظلا السفيران يفضلان التعامل مع عبد الله خليل بل وتذكرا أيام مبارك زروق، وزير الخارجية علي عهد حكومة الأزهري التي سقطت في يوليو 1956، الذي كانت فيه الرأفة بهم. ومن فرط شذوذ المحجوب قرر السفير الفرنسي أن لا يتعامل معه. فقد زاد الطين بلة خلاف تفتق حول طرد فرنسا لسودانيين من أفريقيا الخاضعة لحكمها. وبينما تفهم البيه دوافع الفرنسيين بقي المحجوب مشغولاً بالأمر واحتج عليه في الأمم المتحدة. وحين سئل عن تباين موقفه عن موقف حكومته قال إنها لم تزوده بما لديها من معلومات. وكان الفرنسيون قد شجعوا بنك الكريدي ليونيه، العامل في السودان، لرفع سلفية آل المهدي إلي مليون جنيه إكراماً للسيد عبد الرحمن الذي تدخل بنفسه لإزالة اللبس حول طرد أولئك السودانيين. واتفق السفيران على الحديث إلى السيد عبد الرحمن شخصياً لأن البيه عاجز عن كبح جماح المحجوب التحرري. فالمحجوب لساعتها كان ما يزال في الأمم المتحدة في حين التزم البيه باستدعائه مرة بعد مرة. وقد أطلع البيه البريطانيين على نيته الاستغناء عن المحجوب لولا نصح البريطانيين أن لا يفقده، وهو السياسي المحنك الجذاب، وانتخابات 1958 علي الأبواب. واتفق البيه مع البريطانيين أن يهملوا المحجوب ويتعاملوا معه مباشرة. وقال شامان اندروز ، سفير بريطانيا في الخرطوم، عن المحجوب أنه فيه كثير من خصال "الذئب الفارد". ففصاحته الصادحة تحلق به في سماوات بعيدة وغير مأمونة. وبلغ حرج المرحوم عوض ساتي، سفيرنا في بريطانيا، بفصاحة المحجوب هذه حداً اعتذر معه لوزير الخارجية البريطاني بأن المحجوب ربما "طلعلو جو الأمم المتحدة في راسو."). وأخضع السفير البريطاني المحجوب لدراسة سيكولوجية بغير تخصص أو حاجة. فقال إنه يعاني عقدة من لونه ويحز اللون الأبيض في نفسه. وهذا في قول السفير أمر غير معهود في طبيعة معظم السودانيين. ومن محن الدنيا علي البيه، حسب قول السفير البريطاني، أنه مضطر للاحتفاظ بمحجوب والمرحوم علي عبد الرحمن (الذئب الختمي الذي سترد قصته مع البيه في موضع آخر) لكي تبقي حكومته موحدة حتى الانتخابات. وختم السفير رسالته بقوله إن هذا يعني "أن نصطبر علي محجوب وزيراً للخارجية لوقت قد يطول بعض الشيء. وسيخفف من هذه المشقة أن رئيس الوزراء، البيه، التزم بشغله بمهمات خارجية لبعض الوقت تحول دون أن يقود محجوب الوفد السوداني للاجتماع المقبل للجامعة العربية." وعلق مسوؤل بوزارة الخارجية البريطانية على رسالة سفيرهم أن المحجوب يمغص. أو أنه "وجع يأخذ بتلابيب الرقبة" في اللغة الإنجليزية.

    وقد توسع المحجوب في رواية صولاته التي جلبت له عداء "أب عيننيناً خضر" في كتابه (الديمقراطية في الميزان). فقد وقف المحجوب وقفة مشهودة منذ فبرائر 1957 وما بعدها بجانب جهاد الجزائر التي بدأت حرب تحريرها من فرنسا كما ذكرنا. واستخدم عارضته القانونية في إفساد حجج الفرنسيين لصرف الأمم المتحدة عن النظر في القضية الجزائرية كقضية من قضايا التحرر الوطني. فقد احتجت فرنسا على تطفل الأمم المتحدة في الشأن الجزائري على أساس أن دستورها نفسها يمنعها من التحري في وقائع تجري في حدود البلد العضو بما يعني إن الجزائر قطعة من فرنسا ولا اختصاص للأمم المتحدة فيها. ورد عليهم المحجوب أن الجزائر ليست ضمن حدود فرنسا الوطنية إلا بالنظر إلي أنها مستعمرة. وهو وضع إذلال. ولذا ألزم دستور الأمم المتحدة (المادة 2 (7) ) أعضاء المنظمة بعون المستضعفين مثل الجزائر حتى ينالوا حق تقرير المصير. كما فند زعم وزير خارجية فرنسا الذي رد ثورة الجزائر إلي حبائل الشيوعيين. وقال إن ذلك مجرد تثبيط للعالم أن لا يري القضية علي وجهها الوطني الصحيح. وأضاف : "لا يمكن للتعاون بين أوربا وأفريقيا أن يقوم على أسنة الرماح. فهو مما ينهض على التفاهم المتبادل والاحترام. فأعطوا الأفريقيين حريتهم. عاملوهم بالسوية وأسألهم من بعد ذلك عن التعاون مع أوربا. وسيكون استقلال الجزائر هو المحك." وقد وضع المحجوب مسودة مشروع تقرير المصير للجزائر. وفازت بشبه إجماع في الجمعية العامة للأمم المتحدة. ورأى المحجوب في فوزها دلالة بأن الأمم المتحدة قد أخذت على عاتقها تبعة مناقشة أمر الجزائر لا أن تتملص منه كما أراد لها الوزير الفرنسي.

    وكسب المحجوب سوء ظن أمريكا أيضاً. فقد سأله الصحفيون عن مشروع أيزنهاور ، الرئيس الأمريكي في الخمسينات. ومؤدي المشروع أن رحيل البريطانيين والفرنسيين عن مستعمراتهم في أفريقيا والشرق الوسط سيخلق فراغاً سياسياً وجب على أمريكا ملأه. وقال المحجوب للصحفيين : "إذا كان ثمة فراغ في الشرق الأوسط ألا يصح أن نملأه بأنفسنا. لسنا بحاجة إلي قوي أجنبية لتفعل ذلك." وكتب المحجوب بعد نشر تصريحه المزلزل هذا إلي البيه يطلب منه أن ينأي بالسودان عن هذا المشروع البغيض.

    وكان المحجوب ممثلاً للوفود العربية خلال دورة انعقاد جمعية الأمم المتحدة في 1958التي جاءت في ذيول تفاقم الأوضاع الأردن ولبنان. فقد بعثت بريطانيا بجندها للأردن لحمايتها من تدخل مصري مزعوم ترتب علي مخاوف من انقلاب يوليو 1958 الوطني في العراق واتحاد مصر وسوريا. كما نزل جند المارينز الأمريكيين بلبنان لنفس السبب.وكان رئيسها، شمعون، هو الرئيس العربي الوحيد، بالإضافة إلي نوري السعيد في العراق، الذي قبل مشروع أيزنهاور. وتواثقت الوفود العربية في أغسطس 1958 علي تقديم مشروع عربي بشأن هذه الأزمة. وقابل دالاس، وزير خارجية الولايات المتحدة، المحجوب ليثنيه عن تقديم مشروع عربي لفض المسألة والاكتفاء بمشروعين مقدمين من الاتحاد السوفيتي وكندا. ولم يقبل المحجوب منه هذا وقال له إن ذلك نزاع عربي والعرب أولى به. وقال المحجوب أن دالاس أسفر خلال اللقاء عن استعلائه المعهود. فقد نهض إلى رف كتب وتناول كتاباً قرأ له منه شئياً عن مخاطر الشيوعية الدولية. وقال للمحجوب أنتم أمة صغيرة بحاجة إلي عون دولة كبيرة. فعاجله المحجوب (الذي لا يقعقع له بكتاب) قائلاً إنه لديه ما يكفيه من العلم بالشيوعية نظرية وممارسة. وسيتعمق في الماركسية حسب قوله حين شارك أستاذنا عبد الخالق محجوب، زعيم الحزب الشيوعي، غرفة بمعتقل جوبا في 1959. وذكر المحجوب المستر دالاس بأن الأمم الكبرى ربما احتاجت لحكمة الدول الصغرى أحياناً.

    واصطدم المحجوب بدالاس مرة أخرى خلال نفس جلسة انعقاد الجمعية العامة. فقد ترشح كل من المحجوب وشارل مالك (وزير خارجية لبنان) لرئاسة تلك الدورة. وكان غريباً أن يتصارع اثنان من إقليم واحد على منصب بالأمم المتحدة. وساند دالاس شارل مالك لقبول لبنان الخطة الأمريكية. ووقفت الدول العربية والكتلة الاشتراكية مع المحجوب. وجاء دالاس إلي نيويورك ليضمن فوز شارل بالتضييق على مناديب دول أمريكا اللاتينية وابتزازهم. وأوقف دالاس المحجوب مرة بردهات المبني قائلاً إنهم لن يسندوه لأنهم سبق والتزموا لشارل. فقال المحجوب بعد شكره إن هذا وعد الحر وهو دين ولكن ما لم يفهمه أن تبتز الولايات المتحدة دول أمريكا اللاتينية لتصوت ضده. وأضاف أنه ممن تعود علي الربح والخسارة غير أن السودان لن يغفر لهم يومهم هذا منه. وزاد المحجوب أن دالاس عطف خلال كلمته بتهنئة شارل بالفوز وأثنى عليه. وقال إن صورته، أي المحجوب، وهو يهنئ شارل علي نصره (بفارق 11 صوت) قد صارت طابعاً من طوابع بريد الأمم المتحدة. وعاد المحجوب من الاجتماع في أكتوبر 1958.

    أوي المحجوب إلى فراشه ليلة 17 نوفمبر قرير العون نوعاً ما أن التحالف الذي تعاقدوا به مع الوطني الاتحادي تلك الليلة سيبطل مفعول الانقلاب الذي كان البيه قد لوح به. وربما لم يغب عن المحجوب أن هذا التحالف هو من صنع الدوائر الغربية التي تحينت الفرص للتخلص منه. ربما لم تخلعه من الوزارة خلعاً. لعلها اكتفت بنزعه عن حقيبة الخارجية وشغله بوزارة أخرى يفصح فيها ما شاء بعيداً عن مصالح أب عينيناً خضر التي لا تحمل الهبشة. وربما حل محله في الخارجية صديقه اللدود المرحوم مبارك زروق، الذي تصفه صحيفة "الناس" ،الموالية للبيه، ب "الشاب الأنيق المعطر." فقد صعد نجمه بين الدوائر الغربية يعجبهم فيه ضبط النفس واسماعهم ما رغبوا في سماعه. وخلصت بريطانيا بالذات إلى أن حلف الأمة والشعب الديمقراطي، الناصري الهوى والخصم اللدود للأمة، قد انتهي عمره الافتراضي. فتواترت أحداث امتحنت ائتلافهما فتصدع من فرط تباين المواقف. وسنعرض لذلك في الحلقة القادمة في سياق إيراد حلقات المحنة التي أحدقت بالبيه واضطرته لدعوة الجيش لاستلام مقاليد الأمور في 1958. وللخروج من عنق زجاجة هذا الائتلاف المربك استحسنت وزارة الخارجية البريطانية في تقرير لها (19 سبتمبر 195 قيام حكومة مؤتلفة بين الحزب الوطني الاتحادي، حزب الطبقة المتعلمة والوسطي، والأمة، شبه الإقطاعي الطائفي، لإنقاذ الوضع المتردي في السودان. وقد عنت بذلك عزل حزب الشعب (الشبيه بحزب الأمة في طبيعته الطائفية) المستقوي بمصر. ومضي التقرير ليقول إن هذا الحلف ليس هو طريق خلاص السودان بل إن حزب الأمة، المأزوم مالياً والطالب عون الإنجليز، لن يلقى الدراهم البريطانية حتى يوافق علي الدخول فيه. وأوصي التقرير أن لا يفاتح البيه بأمر الحلف إلا بعد تداوله مع قادة الحزب الآخرين. ووجه التقرير بنصح البيه أن يتريث ولا يغامر بعمل غير دستوري للسيطرة علي زمام الحكم بالقوة. وكانت بريطانيا تخشى، كما سبق القول، أن تطرف عبد الله خليل في الولاء لبريطانيا سيترك السودان عرضة لأثر الناصرية ولذا فضلت قيام حكومة برئاسة الأزهري، الذي خلع مبدأ وحدة وادي النيل واستقل بالسودان في 1956،ليمتنع السودان علي تأثير ناصر. ولم يكن الأمريكان من أنصار الخطة البريطانية لخوفهم أن خلافات الأحزاب الثلاثة العميقة ستؤدي إلي قيام حكومة أسوأ من تلك القائمة. فلم يرتح الأمريكان لتصريحات الأزهري في القاهرة التي رفض فيها المعونة الأمريكية ودعا إلي حلف مصري –سوداني. وهناك تلميح أمريكي مع ذلك أن مبارك زروق ربما كان فرس الرهان لأنه غير مرتاح لميل الأزهري القوي لمصر في طوره المعارض بعد خروجه عن الوزارة في يوليو 1956. وكان زروق يريد حكومة سودانية مستقلة. واتفق السفيران أن المستقبل للوطني الاتحادي وعليهما أن يوثقا علاقتهما معه قدر الإمكان.

    كان المحجوب، الذئب الفرد، قد كتب نهايته كوزير للخارجية بمجرد حضوره اجتماع ليلة 17 نوفمبر لعقد حلف بين حزبه والاتحادي. ولكن البيه، العجوز الذي أصابه طمام بطن سياسي، كان قد أعد له إقالة من الخارجية عاجلة ولئيمة الاقتضاب:

    السيد محمد أحمد محجوب، وزير الخارجية

    تخطركم القيادة العامة للقوات المسلحة بالاستغناء عن خدماتكم في الوزارة وهي تشكركم على ما بذلتموه من خدمات.

    الفريق إبراهيم عبود

    قائد القوات المسلحة.

    هامش:

    اعتمد المقال علي كتاب وليد محمد سعيد الأعظمي، السودان في الوثائق البريطانية: انقلاب الفريق إبراهيم عبود 1958 (1990). وودت لو اعتني بالترجمة بصور ة تطمئن الباحث على الاعتماد عليه بغير ريبة. وهو مشكور علي ما قام به بالطبع. كما نظرنا في ترجمة لصحيفة الميدان لبعض وثائق الخارجية البريطانية (25 مايو 1989). واكثر المقال مما حصلنا عليه من كتاب المحجوب " الديمقراطية في الميزان" في نصه الإنجليزي الأصلي.

    وقال السفير البريطاني بآخرة إن حزب الأمة تأخر كثيراً في الاقتراب من الاتحادي وإنه يتحمل تردي سوق القطن السوداني لفرط ثقة الحزب في قدراته السياسية. وقد اشتكي البيه للسفير البريطاني من علي عبد الرحمن وقال أن فشل الحكومة راجع إلي السيدين الذين فرضوا عليه علي عبد الرحمن. وكان قد بدأ من خلال وفده له التفاوض مع الاتحادي لتكوين حكومة قومية بل واستقال وزراء حزب الأمة في 15-11-58 ليفسحوا لمثل هذه المناورة. وقد طلب البيه تأجيل انعقاد البرلمان للسماح بنفاذ الترتيب الجديد.

    ووقع الانقلاب. وكان السفير البريطاني قد علم من السفير الأثيوبي أن الإمبراطور قد نصح البيه ثلاثاً أن لا ينقلب بالحكم حتى لا يقوم حكم عسكري علي حدوده الشرقية. كما أكد له مبارك زروق أن مشاورات الحكومة القومية قائمة علي قدم وساق. ومن رأي السفير أن حزب الأمة، الذي لم يظهر له أثره في تكوينات حكومة الجيش، كان علي علم بالحركة وطمع، في حديث لمحمد الخليفة شريف، أن يبقي الجيش لستة أشهر ينقي فيها الحياة السياسية لعودة الحياة الدستورية. أمين التوم: الصديق ومساعيه لحل الائتلاف مع الشعب وعقده مع الاتحادي. رفض عبد الله خليل ذلك ثم عاد تحت الإلحاح ووافق وتوالت احتماعات بعضها في منزله لوضع الخطوط العريضة لهذا الإئيتلاف الجيد. "وفيما كان الموقف كذلك وحمنا الله علي تذليل العقبات والصعاب التي واجهتنا، أوقظنا ليلاً نحن وزراء الحكومة في منازلنا بواسطة ضباط وجنود مسلحين من الجيش لنستلم خطابات كان واضحاً أنها كتبت على عجل تشتمل على اعفائنا من مناصبنا الوزارية مع الشكر ممهورة من الفريق ابراهيم عبود قائد الجيش." وقد قبل بهذا التحالف المهين تفادياً ليقترب من تيار الأزهري المعارض (وكان البيه لا يطيقه ويعده اصغر منه سناً. وكان يفضل الحديث إلي ميرغني حمزة وخلف خالد متي احتاج إلي التشاور مع الإتحاديين). و(السفارة البريطانية) كان السيد الصديق ممن اختار أن يتقرب للأزهري في لقاءات معروفة لتجاوز عقم التحالف مع الختمية. وكان البيه قد كره هذا التقارب وخشي علي مستقبله السياسي متي تحقق. وبدأ يهمس للسيد عبد الرحمن بوجوب تدارك ما سيحيق بالبلاد إذا تركوا الحبل علي الغارب.

    تلميحات: عن ازهري وتمويل المصريين لإنتخاباته، قرض لآل المهدي من الكريدي لزنيه، موقف السودان من السد العالي)

    العضلات التنفيذية. وقال إنه نام ليلة 17 نوفمبر مطمئناً نوعاً ما إلى مصير البلاد بعد عقد هذا الحلف مع الاتحادي المظنون فيه الثبات. ولكن الجند ايقظوه في الرابعة ليجد نفسه معتقلاً باسم الانقلاب. وقال إن عبود لم يكن يفكر قبل شهرين في شئ سوى النزول للمعاش وفتح جارج لتصليح السيارات في الخرطوم بحري. ولكنه متي تمكن استحلي السلطة وشغل الضباط من تحته بالخصومات بينهم لكي يفوز بالزعامة. انقلاب شنا الذي ادخله (القيادة الشمالية) ومحي الدين (القيادة الشرقية) والمقبلو (القيادة الغربية الوسطي) في المجلس. وقد رفض عبد الوهاب أداء القسم في المجلس الجديد لاعتقاده أن فعل شنان (مارس 1955) مما يستحق عليه عقوبة التمرد. فأعفي ومنح تعويضاً و3000 فدان من أرض الحكومة. انقلاب شنان ومحي الدين الثاني (مايو 59). (قال المحجوب هذا هو استقرارهم المزعوم). ثم انقلاب نوفمبر 1959 الذي فشل واعدم 5 من ضباطه شنقاً لأن المجلس العسكري شك في أن يصوب الجنود الرصاص نحوهم. بعد مذكرة نوفمبر 1960 جرد المجلس الأزهري وعبد الله خليل من معاشهما ( 100 جنيه شهرياً). مذكرة يوليو 1961 ضد تعذيب حسنين واعتقال محاميه. تسفير جوبا لمد 7 اشهر في حبس بميز الضباط. لا صحف ولا راديو. خطاب من الأسرة كل شهر. بعد أن لعبوا التنس بالميز صدرت أوامر الخرطوم بمنعهم من ذلك.

    ير ال/ور فقد طالبت مصر بضم منطقة حلايب وبعثت بجندها لاحتلالها وعبأت الحكومة بتماطل من حزب الشعب الجيش والشعب لرد العدوان وشكت إلي الأمم المتحدة. وكانت هناك مسالة مياه النيل التي كان السودان يطالب فيها باعادة النظر في اتفاقية مياه النيل لعام 1929. ثم جاء مشروع أيزنهاور الذي اغرت به زيارة نيكسون، نائب رئيس الولايات المتحدة في ، ثم مشروع المعونة الأمريكية.











    . ومنصور خالد
    (4) محمد أحمد أبو رنات: وقاض في الانقلاب

    كان انقلاب الفريق إبراهيم عبود في 1958تدخلاً فظاً لفض حوار وطني عام معزز بالديمقراطية حول مالآت الحكم والوطن وقد استعدنا إرادتنا الوطنية بالاستقلال في 1956. وكانت هناك مشروعات مدروسة وخطرات وانفعالات تلقائية وممارسات روجت لطريق أو آخر لاستثمار هذه الإرادة لبناء الوطن الجديد. وعلى تنوع هذه الوجهات فقد تلخصت في منهجين "مستقيم وأعوج" في عبارة خلدها أستاذنا عبد الخالق محجوب ناظراً إلي البيت:
    أمامك فأنظر أي نهجيك تنهج طريقان شتى مستقيم وأعوج
    أما النهج المستقيم فهو الذي أراد تفكيك الدولة الاستعمارية وتمليك الحكم لغمار الناس من العمال والمزارعين لينعموا بثمار الاستقلال حقيقي. وانطوى هذا التفكيك على مراجعة ناقدة لنظام الحكم المركزي الضرائبي الاستعماري تفتح الباب للحكم الذاتي للقوميات تباعاً. كما شمل المشروع استنهاض ثقافة وطنية يأتلف فيها الأصل المتنوع المصادر بالعصر. وتوقف إنجاز هذا كله علي مقاومة الاستعمار الجديد، والأمريكي بوجه خاص، ومشروعاته ليرث المستعمرات الأوربية السابقة ومن عليها. وقد لخصت هذا الموقف الخيال السياسيين كلمات النائب المحترم المرحوم حسن الطاهر زروق، نائب الجبهة المعادية للاستعمار، أمام البرلمان الأول (1954-195. وقد ضم أكثرها كتاب "وثائق اليسار في عشر سنوات".
    ومن الجهة الأخرى، أراد أهل النهج الأعوج من الاستقلال أن يكون عنواناً محضاً للسيادة أو ما سمي ب "استقلال المانديرا" بالسواحلية. وهو استقلال لحمته وسداه العلم والنشيد الوطني ولعل الآمل في نعيم الاستقلال يرث حجراً. فهو لا يعدو أن يكون سودنة للطبقة الحاكمة التي سرعان ما تنسى خطابها الناري ضد الاستعمار لتمدد الجسور والود معه والعشم فيه كما قال فرانز فانون، الثوري المارتنيكي المعروف. وقد سمي فانون أهل الطريق الأعوج ب"ديدبانات" الإرث الاستعماري وسدنته. وليس صدفة أن دارت أحذق المعارك قبيل انقلاب عبود حول عرض المعونة الأمريكية التي بشر بها أهل الطريق العوج وقبلوها في حين ناصبها أهل النهج المستقيم العداء ودبروا لإسقاطها فوق منبر البرلمان. وفي يومهم ذاك قام الفريق عبود بالانقلاب. وكانت المعونة واحدة من الجسور التي قال فانون إن أهل الطريق الضال سيمددونها بينهم وبين الاستعماريين من كل شاكلة ولون. وهكذا تطفل الانقلاب علي الجدال الوطني وأنهاه بالقوة الجبرية لصالح أهل الطريق الأعوج. وعليه لم تكن صدفة أيضاً أن كانت من أول قرارت انقلاب عبود قبوله للمعونة الأمريكية.
    وقد جاء منصور خالد الفتى في 1957 ليخدم المرحوم عبد الله بيه خليل الذي هو من عتاة أهل الطريق الأعوج والمتهم بتدبير انقلاب عبود بليل. وقد بلغ البيه من العتو في هذا الطريق مبلغاً خشيت من مغبته بريطانيا التي تركزت حلولها، (للحفاظ علي الكيان الدستوري في السودان،) في التخلص من البيه المشتط في محبتها ضمن أشياء أخرى كما رأينا في الحلقة الثانية من هذا الكتاب.وقد نجح الانقلاب في تعطيل أجندة أهل النهج المستقيم 6 سنوات حسوما غير أنها سرعان ما انفجرت في وجهه بثورة أكتوبر 1964ورمت به في مزبلة التاريخ الشيوعية المعروفة. وهي اجندة ما تزال تستصرخنا وتضطرب ببلدنا اضطراباً عظيما. و عاد منصور خالد الشاب مرة أخرى إلى مسرح السياسية السودانية بعد ثورة أكتوبر بعد غيبة في أمريكا فرنسا والجزائر وقد خلع لباس أهل النهج الأعوج واكتسى بردة أهل النهج المستقيم. فقد صار الفتي ثورياً عربياً أفريقياً تهش لكتاباته مجلة "الطليعة" المصرية شبه الماركسية. وقد أطنبنا في عرضنا لملابسات نشأة انقلاب عبود لنقف علي مسرح النهج الأعوج ولنصور صولات منصور خالد الفتي فيه وجولاته في جنباته وبين رجاله وخلال دينامكيته. وذلك للذكرى التي هي ناقوس يدق في دهاليز النسيان.
    غلب الرأي في فكرنا السياسي أن الانقلاب عمل خاص إما للبيه او لحزبه أو لدوائر متنفذة فيه وأن العساكر تسلموا أمراً بالقيام به من البيه، وزير الدفاع، فاستلموا الحكم امتثالاً لأمر عال كما هي نظم الجيش. فمحمد عمر بشير يرى أنه حتى السيد عبد الرحمن ضلع في الانقلاب لإغراء البيه له بتأمين رئاسة السودان له، وهو ما حلم به دائماً. وقال بذلك السيد محمد أحمد محجوب أيضاً. ولهذا قيل إن السيد سارع لتأييد الانقلاب يوم وقوعه. وقال اللواء احمد عبد الوهاب، الرجل الثاني في الجيش، إنهم ربما وجدوا خطاب السيد بمباركة حركتهم جاهزاً حين التقوا به في يوم الانقلاب أو أنه أعده بعد خروجه من داره مباشرة.
    ربما لم يكن العساكر خلواً من السياسة حتى تقع لهم كتعليمات من البيه على حسب العبارة المشهورة "تسليم وتسلم." فقد صورنا الأمر كذلك ربما من باب الاستهانة بغريزة العسكر السياسية أو للكيد للبيه وحزب الأمة. وقد استثمر العسكر نسبة انقلابهم إلى التسليم والتسلم استثماراً تنصلوا به عن مسؤولية الانقلاب يوم الحساب كما نجد ذلك أقوالهم للجنة التحقيق في الأسباب التي أدت إلى ذلك الانقلاب. فقد قال عبود أمام المحققين معه بعد ما أطاحت به ثورة أكتوبر 1964 عن قيامه بالانقلاب خضوعاً لأمر عال من وزير الدفاع، البيه: " لو عبد الله خليل قال بلاش الحكاية كنا في ثانية الغينا كل شئ."
    من جهة أخري، ربما لم يكن البيه هو وحده الذي وسوس للعسكريين بالانقلاب. فقد اتفق للكثيرين، واليساريين منهم على وجه الخصوص، أن الأمريكان هم من أوحى بهذا الانقلاب للبيه وللجيش معاً. وأفضل عرض لدور أمريكا في الانقلاب هو ما جاء علي لسان روث فيرست، الشيوعية جنوب أفريقية التي اغتالها نظام الفصل العنصري في 1982 . فقد رجحت أن أمريكا وبريطانيا باركا تقحم الجيش السوداني للحكم في 1958 بعد لأي لما إرتايا أنه شر لابد منه لاستقرار البلاد كما فهما ذلك. وقالت إنه بتاريخ 13 نوفمبر 1958 كان صناع السياسة الأمريكية قد اقتنعوا أن مصر ستنفذ انقلاباً في السودان بناء على تصريح مختلف عليه بأن حزبي الوطني الاتحادي والشعب الديمقراطي بصدد التحالف لإقصاء حزب الأمة من الحكم يوم افتتاح البرلمان في 17 نوفمبر 1958. وأضافت فيرست أن المقصود من التصريح كان تسريع خطوات تحالف حزبي الأمة والوطني الاتحادي. ورأينا في الحلقة الماضية كيف سهرت بريطانيا، التي انطوت علي شئ من الثقة بالوطني الاتحادي منذ اختار استقلال السودان على الوحدة مع مصر في 1956، لإنشاء هذا الحلف بين حزب الأمة والاتحاديين بالوعد والوعيد. وقد تواثق الحزبان علي هذا الحلف في اجتماع انعقد ليلة 17 نوفمبر. ومات الحلف في مهده بحركة الجيش في فجر تلك الليلة. ومن رأي فيرست أن التصريح المقصود منه التعجيل بتحالف الأمة والاتحادي عاد بعكس مراده. فقد أسرع عبد الله خليل البيه، رئيس الوزراء من حزب الأمة، بزج الجيش في الحكم.
    ربما لم نجانب الصواب إن قلنا إن بريطانيا وأمريكا (خاصة) لم تكونا بعيدتين عن خطة الانقلاب وهما في غمرة سعيهما لتوفيق أوضاع السودان بما يلائم أغراضهما في إطار الشرعية الدستورية. ونحتاج لبيان دورهما في الانقلاب إلي نظر أدق في وثائقهما الدبلوماسية. فسيكون مثيراً أن نعرف إن كان لسفارتي الدولتين صلة مباشرة بالجيش نفسه. فلو وجدت هذه الصلة استوجب علينا أن نراجع العقيدة السائدة في أن الانقلاب لم يكن سوي "تسليم وتسلم" أمر به البيه ، وزير للدفاع، واتبعه الجيش كأمر صادر من الضابط الأعلى. فلو صح أن للدولتين سكة سالكة لقيادة الجيش لتعقد أمر منشأ الانقلاب.
    ومما يغري بالكشف عن صلة مستقلة لقادة الجيش بالدبلوماسيين البريطانيين والأمريكان عبارة غامضة قالها المرحوم ابورنات، رئيس القضاء في عهد البيه وعبود وأحد أعمدة الطاقم المدني في دولة نوفمبر، لروث لفيرست. وسبب غموضها أنه بني الفعل فيها للمجهول بدربته القانونية المعروفة حتى ضاع الأثر وغاب المذنب. فقد قال إنه قد اتفق ضمنياً للناس (من هم؟) في مناقشات استمرت لبضع أسابيع صواب أن يتولى الجيش زمام الأمر. وقد كان أمر الجيش والحكم مما جرت الشورى حوله وتقليبه بين هؤلاء الأناس . وقال القاضي إنه وضح من هذه المناقشات بين هؤلاء الناس أن حركة الجيش هذه ستكون موضع ترحيب ما. وليس واضحاً من عبارة أبى رنات طبيعة هذه الجماعة التي قلبت أمر حركة الجيش واستعدت لمباركتها متى وقعـت.
    غير أننا ربما لن نشتط إن قلنا أن القاضي ربما كان طرفاً في هذه الجماعة التي تدبر شراً للدستور الذي اقسم أن يصونه. فقد وجده زعيم من حزب الأمة مختلياً بالبيه ظهيرة اليوم الذي سبق الانقلاب. وتكرر ذكر اسم القاضي في روايات وشهادات عن الانقلاب وجده أهلها في مواقع للشبهة. فقد ورد أنه أوصل بعربته المرحوم اللواء حسن بشير، الرجل القوي في دولة نوفمبر، إلى منزل المرحوم أحمد خير في السابعة والنصف من صباح الانقلاب. وكان اللواء جاء لأحمد خير ليعرض عليه أن يكون مستشاراً قانونياً للانقلابيين. وقد تقدم ابورنات اللواء داخل المنزل وألمح لأحمد خير بسبب الزيارة. ولهذا لم يكن أحمد خير بخال ذهن عن عرض اللواء. وسمى احمد خير هذا التلميح بالإنجليزية ((HINT. ورجح أحمد خير أمام لجنة التحقيق الرسمية في دواعي الانقلاب أن مجيء القاضي له صباح الانقلاب كان ليدل اللواء على منزله. وهذا بمثابة تغطية لرئيس القضاء من تهمة التآمر لخرق الدستور. وواصل أحمد خير نفى الشبهة عن أبي ورنات، رفيق سلاحه في نظام عبود، قائلاً إنه لا يعتقد أنه ممن علم بجذور الانقلاب ولكنه كان مع ذلك وثيق الصلة بعبود وحسن بشير. وأضاف أن هذه صلات قد تجعله أقدر منه ليدرك علم نفس الموقف السياسي (general psychology) وأغراضه آنذاك. وفي سياق هذه التبرئية لأبي رنات من وزر التآمر للانقضاض على الدستور قال حسن بشير في أقواله للمحققين إنه جاء وحده لأحمد خير. ولكنه عاد يقول للمحققين إنه وجد أبارنات مع أحمد خير حين ذهب لعرض منصب المستشار القانوني عليه بأمر من عبود. وظل اسم القاضي يرد في أقوال الآخرين كلاعب ذي وزن في الانقلاب. فقال المرحوم الدرديري محمد نقد للمحققين إن أحمد خير صبح ليلة الانقلاب مع العسكريين وقد صاغ لهم كل بياناتهم. وأضاف أن القاضي هو الذي زكى احمد خير للعسكريين حين طلبوا منهم أن يكون مستشارهم تقية منه حتى لا يشاهد رجل في منصبه والتزاماته يظاهر علي خرق الدستور.
    وجاء عند فيرست ما قد يضع النقاط على حروف أبي رنات المواربة عن أولئك الناس الذين تواثقوا علي فكرة قلب نظام الحكم. فمن رأيها أن بريطانيا وأمريكا مالا لفكرة الانقلاب في الدقائق الأخيرة لأن احتمالات استحواذ مصر بالسودان، بانقلاب يقوم به صغار الضباط أو بتحالف الاتحادي مع حزب الشعب وكليهما مصري الهوى، تزايدت يوماً بعد يوم. وجاءت فيرست بما يشير إلى صلة واصلة بين الدبلوماسية الغربية والانقلابيين. فقد قالت: "ولما بلغ الأمر هذا المبلغ لم يعد لبريطانيا وأمريكا وجه اعتراض علي تدخل الجيش. فهما إما أصبحتا علي الحياد بشأن تدخل الجيش مما اعترضا عليه قبلاً طلباً لاستقرار الوضع السياسي أو قد هجرا بحماس موقفهما بشأن الانقلاب لاحتواء مطامع مصر وحيلها الحقيقية أو المتوهمة حيال السودان. وقد طمأنا الانقلابيين أنهما قد يبديان عدم ارتياح للانقلاب في الظاهر إلا أنهما راضيان بقيام الانقلاب وما يعقبه."
    وعليه ليس صعباً الاستنتاج هنا أن هناك أكثر من جهة أوحت للجيش بالانقلاب بل ربما كان الجيش هو من أوحي لنفسه بخرق الدستور واعتلاء سدة الحكم. فبختولد، الذي كتب كتاباً حسناً عن السياسة السودانية ،قال إن الجيش ربما استوحي الانقلابات الناجحة من حولهم في مصر والعراق والباكستان . وزاد بأن الضباط السودانيين كان عقدوا أواصر مع باكستان في عهد ايوب خان وربما أغرتهم هذه الأواصر للتحرك لأخذ الحكم عنوة. بل قال اللواء احمد عبد الوهاب إن أول سببهم للانقلاب كان هو "احباط محاولات الضباط الصغار الذين كانوا على وشك احداث انقلاب قد يعود بنتائج سيئة." و قال اللواء حسين على كرار أيضاً أنهم كانوا في سباق مع صغار الضباط "لأنه إذا لم يعملوها فلا بد أن الصغار سيعملوها". وكان أخشى ما يخشاه هؤلاء الضباط الكبار أن يكون انقلاب الصغار لصالح مصر التي قال اللواء محمد أحمد التيجاني إن زيارات مسئوليها للسودان قد تواترت. وتبقى شيء في نفس هؤلاء الضباط العظام من تهور صغارهم حتى بعد الانقلاب. فلما انقلب المرحوم المقدم على حامد ورفاقه على نظام عبود في 1959 كان عبود شديد الاقتناع بضرورة إعدامهم منعاً للفتنة. وقال للسيد جعفر حامد البشير إنهم جاءوا إلى الحكم وهم على أبواب المعاش وقد أسلس قياد الناس لهم بالنظر إلى خبرتهم الطويلة في أصقاع البلد ومعرفتهم بطبائع الناس وسأل جعفر: "فكيف بمصير البلاد الآن إذا وقع حكمها في أيدي شبان مغامرين حديثي السن والتجربة والمسئولية لا يزيد بعضهم على رتبة الرائد."
    صندوق:
    في كتابتنا لهذا المقال نظرنا في:
    1- الكتاب الرسمي لوزارة العدل عن التحقيق في الأسباب التي أدت إلى انقالاب 17 نوفمبر 1958
    2-كتاب رووث فيرست "من فوهة البند قية: الشوكة السياسية والانقلابات، 1970)
    3- بختولد وكتابه السياسة في السودن منذ الاستقلال، 1977.
    4- محمد عمر بشير وكتابه عن الثورة والوطنية في السودان، 1972.






    . ومنصور خالد
    (5)قالها الشيوعيون في 1957: عد إلى بلادك يا نكسون

    (إلي روح الرفيق المرحوم الدكتور بابكر محمد علي بوب (علبوب) في مناسبة الذكرى الخمسين لتأسيسه مكتبة المواطن اليسارية بحي السجانة بالخرطوم. وإلى روح والده الذي ارتبط بها وبجمهورها من الرفاق ولم يبدل عن ختميته تبديلا. وإلى زمالة د. ماجد على بوب الرائقة التي بفضلها تسللت إلى عالم "مكتبة المواطن" العجيب)
    في يوم 13 مارس 1957 وصل إلى مطار الخرطوم السيد نكسون نائب رئيس الجمهورية الأمريكي في زيارة للسودان ضمن تسع دول أفريقية فيها غانا. وكتب عن محادثاته فيها تقريراً رفعه للرئيس أيزنهاور سنأتي لعرضه في موضعه من هذه المقالات.
    وكان استقبال الشيوعيين لنكسون بالطبع عدائياً وقد صكوا الشعار: عد إلى بلادك يا نكسون.". وأصدرت صحيفة " الميدان" الشيوعية عدداً احتجاجياً في المناسبة كان مانشيته الرئيسي: "روكفلر ملك البترول الأمريكي يفضح أهداف المعونات الاقتصادية الأمريكية." وحوي العدد صورة كاريكاتورية من زهدي، الفنان التقدمي المصري، صور فيه كتلة شعبية من نساء وعمال ومزارعين سودانيين سدت طريق نكسون القادم متأبطاً حقيبة ملفات المشروعات الأمريكية الاستعمارية الجديدة وحاملاً بيده قنبلة دمار. ونجد المرأة في الصورة تشيح بوجهها عن نكسون محتضنة صغيرها وبأعلى رأسها شعار يقول: "لن تقتل ابني." وكتب من ذيل كلمته ب "سام" رسالة من أم درمان في عدد الميدان التالي عن انطباعات أخته الصغيرة حين رأت الصورة. فقالت إنها ترى حرامياً (هو نكسون في الصورة) سرق الشنطة وأضافت "والرجال ديل كلهم وقفوا ليه وسدوا ليهو الشارع والمره دي شالت ولدها خايفه من الحرامي. وشايف الحرامي شياليهو حاجه في إيدو زي السمكة (القنبلة) وفي إيدوا التانية شايل ليهو حديدة كبيرة (ملف تحت إبط نكسون) والرجل القوي الشايل الشاكوش (العامل) قال ليهو أقيف في محلك وساعدو الراجل الشايل الطورية (المزارع) وقال ليهو إن كان ما وقفت قبلك بكسر كرعينك والناس الكتيرين كلهم سدوا ليهو الدرب وهو واقف محتار." وشرح سام لأخته السياسة التي من وراء الصورة. وهي بالطبع لا تختلف في جوهرها من قراءة الطفلة للصورة. وابتسمت حين قال لها إننا مستعدين لهذا القاتل وأعوانه. وكانت كلما رأت الصورة المعلقة في الديوان تقول لأخيها: "ما تخلوه يجي يكتلنا." فيرد عليها بنعم فتبتسم.
    وبالطبع بادل نكسون الشيوعيين هذا الود المفقود. فقد كان غرضه من زيارة السودان هو شرح مشروع أيزنهاور الذي قسم العالم إلى معسكرين: معسكر العالم الحر بقيادة الولايات المتحدة ومعسكر ما وراء الستار الحديدي بقيادة الاتحاد السوفيتي. والمشروع من مواليد العام 1956. وهو ثمرة لحدثين أساسيين جعلا أمريكا تزعم لنفسها ريادة العالم الحر. كان الحدث الأول هو الغزو الثلاثي (بريطانيا وفرنسا وإسرائيل) لمصر. أما الحدث الثاني فقد كان تدخل الاتحاد السوفيتي في المجر وفضه لربيعها الديمقراطي. وقد أعجب الأمريكان موقفهم في الحالين. فهم قد أدانوا العدوان على مصر كعمل مناف لميثاق الأمم المتحدة ولم تأخذهم في الحق لومة لائم حلفائهم الإنجليز والفرنسيين. كما أدانوا تدخل السوفيت في المجر واتخذوا من ذلك دليلاً دامغاً على أن هذا ما ينتظر كل دولة تقع في قبضة السوفيت. وهكذا بدا العالم جاهزاً لريادة أمريكية بعد تهافت حلفائها في الغرب بعدوانهم على مصر وظهور السوفيات على حقيقتهم المعادية للحرية. وأراد الأمريكان بالمشروع خلق عالم يسوده السلم. ولا يمكن للسلم أن يسود إذا أخذت دول في حجم فرنسا وبريطانيا القانون الدولي في أيديهما. كما لا يمكن للسلم أن يسود إذا لم تردع الشيوعية عن أحابيلها بغير حرب. وقام المشروع على تنصيب الشيوعية كعدو لا مندوحة منه للسلام العالمي والحرية. واتخذ المشروع ثلاث خطط لشل يد الشيوعية. أولاًً: دعم دول الشرق الأوسط عسكرياً للدفاع عن استقلالها الوطنيً. ثانياًً: أن يشمل هذا الدعم إرسال قوات أمريكية للوقوف بجانب أياً من هذه الدول متى تعرضت لعدوان من قبل الشيوعية العالمية. وثالثاً: عون دول الشرق الأوسط اقتصادياً حتى تؤمن استقلالها الوطني. وعرف البند الأخير بالمعونة الأمريكية التي قبلها البعض متستراً على بقية البنود بمنطق "ناخد خيرهم". بينما المعونة فكرة مفخخة أخرى في لب مشروع أيزنهاور.
    وجاء نكسون يعرض لنا بضاعته النافية للشيوعية. ولم تمنعه الدبلوماسية ولا الفطرة السليمة من الخوض في موضوع الشيوعية في مؤتمره الصحفي مساء يوم 13 نفسه. وقال فيه إنه لم يجد فرصة لحديث طويل مع السيد علي الميرغني مثل ما وجدها مع السيد عبد الرحمن المهدي. وقد قال له زعيم الأنصار إن الدين الإسلامي سيحمي السودانيين من الشيوعية. وسئل نكسون عن منشورات الشيوعيين ضده فقال: "إن للناس مطلق الحرية أن يفعلوا ما يشاءون. لكني كنت أرجو أن يوزع الشيوعيون هذه المنشورات في المجر لمعارضة غزو الاتحاد السوفيتي لها".
    ولا اعرف إن كان نيكسون قد لمس الشيوعية عن كثب عدائي في جولته الأفريقية كما حدث له في السودان. ولا يخفى أن الأمريكيين كانوا مؤرقين بهذا الحزب الشيوعي الفصيح. وسننتظر قراءة أخص وأدق لوثائق الخارجية الأمريكية لنقف على مدى هذا الأرق وما أتفق لهم من حيل للجم هذا الحزب ذي الصوت العالي. ولكن المؤشرات لتي بيدنا تكفي للقول بأنهم كانوا في غاية الانشغال بمصادرة هذا الصوت وفي مجال الإعلام بوجه خاص. وسنستعين من مادة الانشغال الأمريكي هذه بشيوعيي السودان لمعرفة الوسائط الإعلامية المحلية التي دعموها في سياق سياستهم لقهر الشيوعيين. ومن هذه الوسائط في ما بدا لي جريدة "الناس"، التي حررها المرحوم محمد مكي في خمسينات وستينات القرن الماضي، والتي نزعم ضلوع منصور خالد الشاب فيها.
    سعي الأمريكان في خطتهم لمحاربة الشيوعيين إلي تجفيف منابع فكرهم. فقد حدثني عليم عن محاولتهم الاستيلاء بصورة حبية علي مكتبة "المواطن" بالسجانة. وكان قد أسس المكتبة الزميل المرحوم الدكتور بابكر بوب في الخمسينات الأولي. وكان بوب، الذي لم يكمل المرحلة الأولية من التعليم ليعين والده في تربية إخوانه، ، وقتها عاملاً وعضواً بالحزب الشيوعي. وكان متطلعاً مشغولاً بالمعرفة. وكانت المكتبة جزءاً من حيله لنشر الفكرة الشيوعية وتمديد نفوذ الحزب. وكانت كما أراد. فقد كانت مدرجاً يعلو نشاط الشيوعيين بالسجانه منه ويهبط.
    وأنتبه أحد أبناء الحي ممن عملوا بالسفارة الأمريكية إلي منزلة وخطر المكتبة. فجاء في عام 1958 إلي علبوب (أو على بوب، في نطق المحدثين. وأهلنا يقولون عنهم في حالة الجمع ب"العلابيب") ، الوالد الذي كان يدير المكتبة. وقال له إن السفارة على استعداد لشراء كل الكتب الماركسية منه وأن تملأ له أرففها بكتب مكتب النشر التابع لوزارة المعارف السودانية وكتب عربية أخرى مجاناً. وأغرى العرض والد بوب وقبله في نفسه وسعى لإقناع ابنه بذلك. ولم يقبل بابكر بالطبع وغضب وأحتد مع والده واستغرقهما شئ من الوقت للصلح بعد أن طرد الوالد، مكرهاً لا بطلاً، فكرة قلب المكتبة رأساً على عقب. وأبلغ علبوب الشاب برفضه عرض السفارة الذي نقله إليهم. وبناء عليه يصح القول إنه كانت للسفارة الأمريكية خطة لتجفيف موارد الشيوعيين الفكرية. فليس معقولاً تصور أن شاب السجانة قد بادر بعرضه بدون أمر من أولي أمره أو بدون موافقتهم.
    و أمتد هذا التطويق للحزب الشيوعي بالأمريكيين إلى حد تمويل صحف محلية تكيد للشيوعيين وتسفه بأحلامهم. وقد جاء في كلمة نعى فيها الأستاذ محمد حسن مهدي المرحوم رحمي محمد سليمان (أبو الرحوم) ما يؤكد أن الأمريكان انشغلوا بالنفوذ الفكري للحزب الشيوعي ولم يألوا جهداً في إفساده. فقد حكى أبو الرحوم أن المرحوم محمد عامر بشير (فوراوي)، وكيل وزارة الاستعلامات والعمل على عهد المرحوم الفريق عبود في الحكم، هاتفه في مكتبه بجريدة الأخبار يطلب منه مقابلة السيد محمد طلعت فريد، وزير الاستعلامات والعمل. ولما التقى به قال له طلعت إن الأمريكان منزعجون لنفوذ الشيوعيين وسط مزارعي الجزيرة الذين تعلقوا بشعاراتهم الاشتراكية حول الملكية العامة للأرض والإدارة الجماعية للمشاريع الإنتاجية. ولكبح هذا الخط الشيوعي طلب الأمريكان من السودان تخصيص مبلغ من العون الأمريكي لإنشاء مطبعة تصدر صحفاً ومطبوعات تحاصر النفوذ الشيوعي الطاغي. وقال له طلعت إن المطبعة ستسجل باسمه، أي رحمي، أو مؤسسته التي ترضيه. ورفض رحمي بعد المهلة التي أعطاها له الوزير للتفكير. وقد تساءلت بعد قراءة قصة مهدي هذه إن لم تكن جريدة "الصحافة" التي صدرت في 1960 كأرشق ما يكون وبمطبعة خاصتها بسوق نمرة أتنين هي هذه الصحيفة والمطبعة التي تعالى عليها أبو الرحوم. رحمه الله.
    ولم يطل بي التساؤل. فقد جاءت مذكرات الأستاذ شوقي ملاسي، "أوراق سودانية"، بما يوحي بأن "الصحافة" ربما كانت هذه الصحيفة التى لم يقبل رحمي أن يتورط فيها. قال ملاسي إنه كان بلجنة التطهير بعد ثورة أكتوبر 1964 وقد حقق مع المرحوم عبد الرحمن مختار حول جريدته الصحافة. وقد أمر ملاسي بذلك التحقيق بعد بلاغ مرفوع من المرحوم بابكر كرار، مدعوم بوثائق من البنك الأثيوبي بالخرطوم، توضح دعم أثيوبيا لعبد الرحمن في تمويل الجريدة. وقال ملاسي إن المرحوم عبد الرحمن جاء مضطرباً ولم ينف استلام المال. ولكنه تحجج بأنه استلمه مضطراً تحت تهديد مسدس في مكتب طلعت فريد، وزير الاستعلامات وبحضور المرحوم فوراوي، وكيل الوزارة. وقال ملاسى إنه فوجئ في اليوم التالي بمقال لعبد الرحمن بجريدته عنوانه "أرادوا تطهيري فافسدوا طهارتي" كال فيه للجنة التطهير. والمعروف أن عبد الرحمن كان وثيق الصلة بأثيوبيا كما قال هو بذلك في كتابه "خريف الفرح." وكان لأثيوبيا اهتمام دقيق بمجريات الرأي العام السوداني. فقد قال الأستاذ محمد سعيد محمد الحسن إنه عثر علي وثيقة عبارة عن خطاب من الإمبراطور أوضح أن الأخير جاءه في 1958 يلتمس المشورة حول ظرف السودان الحرج وأنه نصحه بإعلان الأحكام العرفية وأن يجعل نفسه الحاكم الفعلي وأنه سيمده بالسلاح عن طريق الولايات المتحدة. ونصحه أيضاً بوضع المدارس المصرية تحت إشراف وزارة المعارف السودانية. وبيت القصيد أن الإمبراطور وعد البيه بمده بالعون المالي لشراء الصحف المؤيدة لمصر للتأثير عليها بطريقة تجعلها تنحاز للبيه. وعلى ذكر طلعت وفواري وجب أن نتذكر أن وزارة الاستعلامات والعمل في عهدهما شهدت إصدارات صحفية قريبة أو حفية بنظام عبود وأنفقت عليها مثل جريدة الثورة والصراحة الجديدة بعد تصفية الصراحة القديمة.
    كانت هذه هي البيئة السياسية والفكرية ووسائطها الصحفية التي شهدت ميلاد قلم منصور خالد الشاب، الولد الشاطر في عبارة لعبد الله خليل البيه. وقد وظف منصور قلمه الذرب قوي الحجة في ترويج مشروع البيه السياسي الغربي المعادى للشيوعية والقومية العربية بحكم موقعه كمستشار اتصالات للبيه. وقد رأينا في الحلقات الماضية كيف أن الغرب نفسه استشأم مشروع البيه واستثقله لسوء جاذبيته في سوق الأفكار. وقد حدا ذلك بالغرب لوضع التدابير لزحزحة البيه عن مركز القيادة ومحاولة تجديد نفوذه في السودان بسبل أخرى. وكان انقلاب نوفمبر 1971 الذي لم نبلغ من تحليله موطن السداد بعد.

    (ضعوا التالي في صندوق مستقل)
    صندوق:
    السيد الصديق المهدي يزور مكتبة "المواطن" الختمية-الشيوعية بالسجانة
    قال لي الدكتور ماجد بوب، شقيق بابكر بوب، إنه كان علي عهد طفولته يساعد والده في عمل المكتبة المذكورة في المقال. وزار المكتبة يوماً المرحوم السيد الصديق المهدي، زعيم الأنصار، في نحو السابعة مساء. وقضي المرحوم نحو ساعة إلا ربع يقلب الكتب والمجلات. ومكث بعض الوقت يتصفح مجلة "المسلمون في الصين" التي كانت تصدر من الصين الشيوعية تطمئناً للمسلمين بأن الإسلام في الصين بخير. ووقف والد ماجد بوب الختمي بعيداً يرسل ابنه بكتب ومجلات ليعرضها على السيد الصديق. وعرض مرة كتاباً باللغة الإنجليزية عليه. فقال السيد إنه لا يعرف الإنجليزية. فقال الوالد لماجد: " قال ما بيعرف إنجليزي يعني؟ قولو إنته كنته في راس القايده في الكلية." وهذا رجوع من هذا الختمي الماكر إلي إضراب كلية غردون عام 1931 الذي كان السيد الصديق أحد قادته. والمعلوم أن السيد الصديق كان عضواً بلجنة الإضراب، الذي قاده مكي المنا، ممثلاً لكلية الهندسة بغير منافس مثل غيره من ممثلي الكليات. واشتري السيد من مجلة "المسلمون في الصين" وكتباً أخرى. ودفع وترك الباقي. ولما حمل ماجد الباقي لوالده قال له ألحقه ورد له باقيه. فهذا الختمي الغيور لا يريد فضلاً من زعيم الأنصار. ووجد ماجد السيد قد ركب سيارته. وفتح السائق الباب لماجد ليتحدث إلى السيد. فقال له أنت نسيت باقيك. فقال له لقد تركته لك يا ابني. وعاد ماجد فرحاً. وأضاف ماجد أن والده كان معجباً كمسلم بمجلة ( المسلمون في الصين)" كما كانت كثيرة الزبائن. وكان حين يأتيه مندوب المركز الثقافي بالمجلات الروسية يقول له أنتم بالفعل تحاربون الدين كما تقول كتبكم أو لماذا ليس لديكم مطبوعات عن الدين. وكان مندوب المركز السوفيتي يعتذر. وبدأ الروس يرسلون كتباً عن المسلمين في الاتحاد السوفيتي.



    انشغلنا منذ حين برسم تاريخي لعوالم السياسة في نهاية خمسينات القرن الماضي، عصر عبد الله خليل البيه، التي نفذ من بوابتها الفتى منصور خالد، مستشار البيه الإعلامي، إلى ما هو عليه الآن من شغل للناس والعقائد والمناصب. ونواصل هنا ما انقطع من حديث عن الجدال الوطني الذي استعر في ذلك الوقت حول سبل السودان للاستقرار والتنمية بعد عامين من استقلاله . وسنرى في هذه الحلقة تباين الاجتهادات حتى في المعسكر الواحد.

    . . . ومنصور خالد (6)
    17 نوفمبر 1958: ويمكر البيه، ومكر عبود أعتى
    عبد الله علي إبراهيم
    قال السيد عبد الله خليل البيه للجنة التحقيق في أسباب انقلاب 17 نوفمبر 1958 إنه لا يدري حتى وقت مثوله أمامهم في 1964 لماذا قام الجيش بذلك الانقلاب. فقد كانوا كما رأى من ضباطه أنهم "مبسوطين وأنا جبتلهم أسلحة." وكان الناس حين يسألونه إن كان الجيش سينقلب عليه يقول لهم: "الجيش مبسوط في أمان الله". واستغرب البيه للجنة التحقيق أن يوحي هو بتمرد عسكري يؤدي إلى عزله من الحكم. ومن الجهة الأخرى استنكر الفريق إبراهيم عبود أمام اللجنة تنصل البيه عن فكرة الانقلاب في شهادته. وقال إنه من المضحكات أن يتملص البيه من فكرة غرسها وتعهدها وحرضهم عليها. وزاد أنه لو قال البيه "بلاش" في وقتها لما وقع الانقلاب.
    ومما لا يحتاج إلى بيان أن أحد الضابطين، البيه وعبود، قد غش في القول بعد أداء اليمين. ولكن الضباط لا يكذبون في عبارة سائرة للبيه نفسه. وربما صدق كل منهما حتى مع فارق شهادتيهما. كان كل منهما صادق مع نفسه وحقائق تلك الأيام من نوفمبر 1957 بقدر ما يسع المرء الصدق أمام لجنة تتحرى تهماً بخرق الدستور عقوبتها الإعدام. فقد كان كل منهما يصور حدثاً سياسياً بما استقر في وعيته منه وقت وقوعه. والسياسة حمالة أوجه. والنوايا التي ينطوي عليها المرء قبل الواقعة هي غيرها تماماً بعد وقوعها وإقبال الناس عليها بالتحليل والتسبيب. فقد كان للبيه والفريق فهماً مختلفاً لما اتفقا عليه خلال شهر نوفمبر 1957. فقد كان من رأي البيه أن أمره للجيش هو أمر بالتدخل في صلاحيات الطوارئ حتى تستتب البلاد وتفيق من لغطها السياسي وجدالها. وقد جاء بمصطلح "الطوارىء" هذا اللواء محمد احمد عروة في شهادته أمام لجنة التحقيق المذكورة. أما عبود فقد فهم من أمر البيه (أو وافق هذا الفهم هوى في النفس) أن يقوم بانقلاب "يقلبها"علي سياسيين من خصومه خرجوا على حد المعقول في السياسة. أي انغمسوا في "لعب العيال" كما تجري العبارة المميزة للبيه.
    قد لا يأخذ القارئ بفهم البيه لانقلاب 17 نوفمبر من فرط تعلقنا بعبارة "تسليم وتسلم" في وصف ذلك الانقلاب. فقد غلب في تفسيرنا للانقلاب أنه تسليم للحكم من البيه، وزير الدفاع في حكومته هو نفسه، بأمر للفريق إبراهيم عبود. وهذا هو فهم الفريق بل هو مرتكز مشروعية حكمه طوال ست سنوات. ولم يطرأ لنا أن نأخذ بفكرة البيه من حركة الجيش (حتى لا نقول الانقلاب) على وجاهتها ونستأنس بها في تحليل الواقعة. فمن رأي البيه أنه اتفق مع عبود وصحبه الميامين أن يتدخل الجيش في صلاحيات الطوارئ ويقيم حكومة وحدة وطنية ومجلس سيادة جامع للقوى الحزبية والجنوب. وهو ترتيب سيكون للجيش فيه تمثيلاً ما. وقد اتفق معظم قادة الانقلاب أمام لجنة التحقيق فيه بأن هذا بالفعل ما تواضع عليه البيه والجيش. بل قالوا إن الجيش قد حنث بهذا الإتفاق في ملابسات سيأتي ذكرها. ولم يشذ سوى عبود الذي قال إن أمر البيه كان أمراً بالانقلاب العسكري وأنه لم يتفق مع أحد بقيام حكومة قومية أو مجلس سيادة جامع. وليس يخلو محضر تحقيق بالطبع من لي للحقيقة بصورة أو أخرى حتى لو كان من جرى التحقيق معهم ضباطاً ممن اشتهروا بالصدق عند البيه. فقد اسقط عبود اتفاق الحكومة القومية حتى لا تنهض عليه تهمة تجاوز أمر البيه. ونفى البيه أن يكون قد تحدث مع عبود أصلاً حول الانقلاب لأنه اعتقد في قرارة نفسه أنه لم يتحدث للفريق في أمر كهذا. وكل ما كان بينهما هو اتفاق طوارئ. وطالما كان الأمر كذلك صح له أن يتستر علي ما كان بينه وبين الفريق من نجوى حتى لا يورط نفسه في تهمة تدبير الانقلاب وهو الذي لم يقصد من النجوى بتحرك الجيش أصلاً سوى إعطاء الديمقراطية فرصة أخرى.
    من المؤسف أن نظرنا التاريخي لم يقف على سيناريوهات واقعة 17 نوفمبر التي تراوحت بين مفهومين: مفهوم البيه لها كفترة طوارئ ترد السياسة التي طاش صوابها في نظر البيه وبين انقلاب عسكري جامع مانع رغب فيه العسكريون أو غيرهم . فمن قصر النظر التاريخي أننا لم نتوقف ملياًُ عند قول المرحوم أمين التوم إن الجيش لم ينقلب على الحكومة بأمر من رئيس الوزراء ووزير الدفاع، البيه، بل انقلب على البيه نفسه في اليوم السابق لانقلابهم. فقد قال أمين إن البيه كان ينوي أن يكون تدخل الجيش مؤقتاً إلى اليوم الذى يتاح فيه للأحزاب السياسية والقيادات الدينية والشعبية مراجعة الأمر كله ودراسته بغية الوصول إلى نظام ديمقراطي أمثل. ووجده الشيخ على عبد الرحمن صبيحة الانقلاب سعيداً مبتهجاً بحركة الجيش وطمأنه إلى أن الأمر لم يفلت من اليد كما قد يتبادر إلى الذهن. وحدث البيه الشيخ قائلاً: "انتو ما تنزعجو وما في حاجة حتتغير ابداً سياستنا ماشية كما هي.وانت باكر حتسمعوا في الراديو تشكيل الحكومة الجديدة ورايح يشكل مجلس سيادة ووزارة. أنا وأزهري حنكون في مجلس السيادة، والوزارة حيكون فيها تمانية من حزب الأمة، ويمكن أربعة من الوطني الاتحادي، وواحد أو إثنين منكم (الشعب الديمقراطي، حزب الختمية)، وإنت ما تزعل عشان أنا وأزهري حنكون في مجلس السيادة لأننا داخلين كروؤساء حكومات سابقة مش روؤساء احزاب، وسيشترك برضو في الوزارة عدد من إخوانا الضباط الكبار، وسياسة حزب الأمة حتستمر."
    لم يكن البيه واثقاً كل الوثوق مع ذلك من التطمئنات التي بثها للشيخ. فقد حدث مساء 16 نوفمبر ما أدخل الشك في نفسه من جهة ولاء ضباط الانقلاب له. فقد كان اتفق معهم لاجتماع ليلة 17 نوفمبر ليقف على سير ترتيبات ما بعد الانقلاب من جهة تكوين مجلس السيادة والوزراء. ولكنه حين حضر للقيادة لم يجد سوى الفريق عبود واللواء حسن بشير وابلغاه أن قادة الوحدات مشغولون بعملية الانقلاب مع وحداتهم ولا سبيل لاستدعائهم. "فعاد إلى منزله وهو يعلم أن تلك بداية الخدعة" كما قال أمين التوم. ولما زاره السيد الدرديري محمد أحمد في ليلة الخديعة قال له بشئ من الخيبة والتشفي: "خلاص العساكر حيستلموها ومش حينزلوا إلا بالقوة." ومع ذلك تحامل البيه على نفسه في الصباح ومنى الشيخ على عبد الرحمن الأماني عن حركة الجيش التى لن تغير في الأمر شيئاًً. وظل البيه، في قول أمين التوم، حسيراً ما عاش "يقص قصته بعد الأوان . . ويقول إن الضباط خدعوه."
    التزم البيه العهد في حين حنث ضباطه العظام به. وقد حنثوا بالعهد في اجتماع ضم قادة الانقلاب يوم 18 نوفمبر. والروايات عن هذا الاجتماع كثيرة ومتناقضة. فقد قال الضباط مثل اللواء حسين علي كرار إنهم جاءوا لذلك الاجتماع وفوجئوا بتغير في الموقف حول تشكيل حكومة وطنية ومجلس سيادة مدني عسكري. فقد تلاشى هذا السناريو جملة واحدة. وجلس بينهم عبود يحدثهم عن تكوين مجلس أعلى للقوات المسلحة ويقرأ من ورق جاهز فيه قائمة بأسماء المجلس العسكري والوزراء. واستنتج أحدهم أن عبود ربما استشار جماعة من الناس: حمدها في بطنها. وقال أحدهم إنه حتى الخطبة كانت جاهزة. ولكن أحمد خير، المستشار القانوني الباكر للانقلابيين ووزير خارجيتهم في أول تشكيل وزاري لهم، حدثنا عن اجتماع أكثر ديمقراطية مما نعتقد من حظوظ للديمقراطية في الجيش، أو مما أراد لنا الضباط أن نظن بها بكثرة حديثهم عن إتباعهم الأوامر من أعلى إلى اسفل بغير تعقيب. قال أحمد خير إنه جاءه اللواء احمد عبد الوهاب وجلس بقربه وسأله عن من يقترح ليكون عضواً بمجلس السيادة. ثم زاد بأن سأله إن كان من السداد تشكيل مجلس من السيد الصديق المهدي ومحمد عثمان الميرغني و الأزهري وممثل للجنوب. ورد أحمد خير أن مثل هذا الرأي يقع في باب السياسة لا التشريع الذي هو مجال اختصاصه. فشرب اللواء فنجان قهوته وخرج ولكنه عاد بعد عشر دقائق ليقول لأحمد إن المجلس الأعلي للقوات المسلحة هو الذي سيكون هرم السلطة الجديدة. وقفل اللواء الباب على عجل وخرج. وبعد نحو ستة شهور قال اللواء حسن بشير نصر، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، لأحمد إن الضباط صوتوا في الاجتماع فسقط سيناريو البيه وفاز سيناريو استيلاء الجيش على السلطان كله بتمثيل رمزي للمدنيين.
    سيكون من دواعي البحث المفيد أن ننظر في بواعث وملابسات انقلاب السحر وهو الجيش على الساحر: عبد الله خليل البيه. فسيكون مفيداً لتقويم عقيدة التسليم والتسلم الرائجة أن نعرف لماذا تهرب الضباط من البيه ليلة الانقلاب وكيف رموا بمشروعه لتدخل الجيش للطوارئ إلى سلة المهملات. فستلقى هذه الإجابات بعض الضوء إن كان لهؤلاء الضباط مكراً أبعد شأواً من مكر البيه. وسنقف جلياً إن كان قولهم إنهم إنما اتبعوا أمر سلطة عليا، هي البيه، حين قاموا بانقلابهم هو الحق أم أنه من ذر الرماد في العيون. وستكون مثل هذه المعلومات هي مدخلنا لنقرأ انقلاب 17 نوفمبر 1958 قراءة بصيرة. وسنعرف إن كان ما قام به الجيش هو بالأصالة عن ضباطه أم بالوكالة عن البيه. وسيكون مثيراً إن نعرف المصادر المحلية والدولية لشهية أولئك هؤلاء الضباط للحكم.
















    (عدل بواسطة munswor almophtah on 06-09-2006, 10:32 PM)
    (عدل بواسطة munswor almophtah on 06-09-2006, 10:36 PM)
    (عدل بواسطة munswor almophtah on 06-09-2006, 10:43 PM)
    (عدل بواسطة munswor almophtah on 06-09-2006, 11:32 PM)

                  

06-06-2006, 11:27 PM

doma
<adoma
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 15970

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    شكرا جزيلا اخ منصور لاشراكنا
                  

06-07-2006, 02:37 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: doma)

    الأستاذه دومه لك أنتى الشكر فهذه فروض العين من المعارف التى يجب الوقوف عليها بتروى وحكمه...........................


    ولك صادق السلام


    منصور
                  

06-07-2006, 02:38 AM

banadieha
<abanadieha
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 2235

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)



    وأنا أهم بكتابة تعليقي هذا أستحال لون الشاشة إلا النافذة التي أكتب عليها أسودا..ألا رحم الله الفنان هاشم ميرغني وأسكنه فسيح جناته وعظم أجر أسرته وعوضهم عنه في أبنائه خيراً.

    Quote: والمعلوم أن منصور هو ربيب تلك الفترة التي خدم فيها البيه كمعاون في مجال الاتصالات. ويحمد له القارئ أنه ظل يعبر بقوة عن أفضال الرجل عليه (الصندوق). ولكن البادي أن منصور، الذي يطلب من غيره أن لا تأخذهم الشفقة بأحد في كتابة التاريخ، لم يشب عن طوق الولاء للبيه في أمر خرق أب القوانين: الدستور. بل تجده يعجب للسيد محمد أحمد محجوب حين عاد لهذة الفترة في التاريخ في كتابه "الديمقراطية في الميزان" وصلاها بشواظ النقد. فقد استغرب منصور منه ذلك لأن المحجوب كان احد نجومها اللوامع.


    munswor almophtah

    تنويه: كلمة (صندوق) و (الصندوق) وردت خمس مرات في سياق الكلام وبلبلت في كل مرة يمر بها القارئ، وقد أدركت أنها كود كمبيوتر ليس إلا ولا تمت للسياق أينما وردت بصلة وإنما حاول منصور أستخدامها كنوع من أنواع التشديد على أهمية نقطة ما..صحي ولا لا يامنصور؟

    وبالإشارة إلى المقتطف أعلاه نقول للدكتور علي إذن منصور خالد لم يقل إلا ما أقتضاه واقع الحال سواء كان هو مقتنعا به أو لا أو سواء كان ذاك مقنعاً أو لا.


    وكزيادة خير للبوست أنشر مقال في التايم يعود ليوليو 59 يتحدث عن "حركة شنان" وفي صدر المقال كلام عن رأفة عيود عندما استولى على السلطة في نوفمبر من العام السابق في انقلاب أبيض لم ترق فيه نقطة دم ولم يزج بأحد في زنزانة. وبصراحة لم أكمل قراءة المقال فأكل العيش جبار!



    Quote:


    Foreign News
    Inept Revolt
    Monday, Jul. 6, 1959
    Lieut. General Ibrahim Abboud, 58, proved surprisingly lenient last November when, in a bloodless coup, he seized the premiership of Sudan at the head of a military junta formed to combat "deteriorating democracy" (TIME, Dec. 1). No political enemies went to jail, and two former Prime Ministers were actually pensioned off at a liberal £100 a month. But leniency has its limits, and last week, in the air-conditioned, blue-carpeted Sudanese Parliament chamber at Khartoum, two rebellious brigadiers faced a full-dress court-martial. The charge: mutiny.
    The two brigadiers belong to a familiar breed in the Moslem world. Like Egypt's Nasser and Iraq's Kassem, they are ascetic young soldiers resentful of corrupt old ways, antagonistic to the West, and impatient for change. In early March the two, Abdel-Rahim Mohammed Kheir Shennan, 46, and Moheiddin Ahmed Abdullah, 43, with two battalions of troops, quietly surrounded Khartoum, captured Abboud's No. 2 man and held him for 24 hours. Fatherly General Abboud, after hearing the two soldiers' complaints, dismissed his No. 2 man and appointed both Shennan and Moheiddin to places on the ruling Supreme Military Council. They did good jobs: Moheiddin as Minister of Communications; taut, lithe, Eager Beaver Shennan as Minister of Local Government. But their ambitions went farther.
    Misfire. In late May they moved on Khartoum once again, with four scout cars, lights dimmed, leading three companies in full battle dress. But this time their coup misfired. A motor-pool major refused to lend his trucks to the cause. Sensing defeat, Moheiddin at 2 a.m. left Khartoum hoping to turn back the advancing troops, but could not find them. By then, news of the plot had gotten out. Easygoing General Abboud had had enough, arrested 18 officers.
    At their court-martial last week, Shennan and Moheiddin were represented by five attorneys, including the president of the Sudan Bar Association. The prosecutor, acknowledging the deep Sudanese desire for reforms, said that "the Sudanese nation is still at the rear of the caravan" of progress. But there wars pointed evidence that the two had plotted against the Abboud regime. Witnesses testified that Shennan told an army captain in, of all unlikely places, the public reading room of Khartoum's Sudanese Cultural Center that "nobody believes there has been a revolution in this country, not even we, the members of the Supreme Council." Others said that the plotters advocated a purge of the army, with its "corruption inherited from the British," and a return to semicivilian government.
    In mid-trial Brigadier Ahmed Abdulla Hamid, Minister of Agriculture and Irrigation, who had been chosen by Shennan and Moheiddin to head the new Supreme Council, was placed under house arrest. Testimony showed that among those slated for the revamped council (although neither knew of the plan) were one of the members of the court-martial itself and the army's chief investigator, who had prepared the case against Shennan and Moheiddin. Shennan haughtily denied that he would have confided in a 26-year-old captain ("He was not of my age, my rank, my standing"), and accused former top officials of "trying to sell out the Sudan to foreigners—the Americans."
    Economic Sickness. The inept revolt of the brigadiers had some comic overtones about it, but it could discredit the 'Abboud regime, since the proceedings were being broadcast last week over the state radio. Abboud's government in its first days had recognized Red China, negotiated some $18 million in barter agreements with the Communist bloc. But it has since shown itself friendly to the West, is getting $31 million in U.S. aid this year, £5,000,000 credits from Britain, a $6,000,000 loan from West Germany plus $19 million in export guarantees for German firms investing there. Sudan's economy is far from healthy: its cotton stocks are moving at slashed prices, its domestic revenues are low. General Abboud himself long ago promised that "we will never hesitate to go back to our barracks at any moment that we are satisfied that good government is established." So far, he has not yet provided the Sudan with such a government.


    (عدل بواسطة banadieha on 06-07-2006, 03:14 AM)

                  

06-07-2006, 05:55 AM

Mohamed Abdelgaleel
<aMohamed Abdelgaleel
تاريخ التسجيل: 07-05-2005
مجموع المشاركات: 10415

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: banadieha)

    شكرا منصور .. تحياتي لك
                  

06-08-2006, 07:48 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: Mohamed Abdelgaleel)

    حبابك يا محمد وحباب الجابك



    السلام والتحايا


    منصور
                  

06-07-2006, 05:13 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: banadieha)

    الأخ banadieha السلام والرحمه قرأت الموضوع بسودانايل وأطربنى وتزكرت بيت الشعر

    فلا هطلت على ولا بأرضى*** سحائب ليس تنتظم البلادا

    فأتيت به ليطرب غيره من دنه الدانى


    منصور
                  

06-07-2006, 10:43 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: banadieha)

    [B]وهنا قد قطع دكتور عبدالله على إبراهيم شك كل سؤال فى الصندوق ووعد بإرسال الحلقات الأخر

    ((عزيزي منصور،

    شكرا لتفضلكم إذاعة كلمتي عن منصور في بئية غامضة. وأنا ممتن لاستيضاحات المستوضحين أما عن "الصندوق" فهو تكنيك صحفي تفيض في في أمر أجملته في النص. فهو مثل الهوامش في البحث. وإشارتي في النص إلى "صندوق" معناها ارجع لآخر النص وأقرأ الفضل. وربما كنت بينت ذلك افضل من الصورة الحالية. وهي مقالات كما تعرف تتنشر شهرية في مجلة تبوب الصناديق بصورة مهنية. يسعدني إرسال كل مقالات منصور لتوضع تحت تصرف القراء بأي صورة.

    أقرأ لك الكبابيش وأعجب. ))

    عبد الله
                  

06-07-2006, 07:19 AM

tariq
<atariq
تاريخ التسجيل: 05-18-2002
مجموع المشاركات: 1520

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    الأخ منصور ،، يغشاك السلام ،،

    ما عارف موضوع د.عبدالله ده علي أهميته إلا انك تشعر بأنه مبتور وما مفهوم لارتباط حلقاته السبعة السابقة مع بعضها البعض . ..

    كمان توقف الدكتور لفترات طويلة من الكتابة في الموضوع تجعله اقل قيمة من ما هو متوقع ..

    أرجو انزال الحلقات السابقة ان وجدت لديك . .
                  

06-08-2006, 07:14 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: tariq)

    الأخ طارق سوف ننزل ما تبقى من الحلقات فور وصولها وقد وعد كاتبها بذلك فدكتور عبدالله باحثه ومؤرخ مواكب لحوادث التاريخ المعاصر وأمانته وعلميته تسهمان فى إخراج وجه التاريخ بلسان مؤرخ وفيلسوف تاريخ....................


    لك سلامى والتحايا

    منصور
                  

06-08-2006, 07:15 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: tariq)

    الأخ طارق سوف ننزل ما تبقى من الحلقات فور وصولها وقد وعد كاتبها بذلك فدكتور عبدالله باحثه ومؤرخ مواكب لحوادث التاريخ المعاصر وأمانته وعلميته تسهمان فى إخراج وجه التاريخ بلسان مؤرخ وفيلسوف تاريخ....................


    لك سلامى والتحايا

    منصور
                  

06-08-2006, 08:07 AM

Deng
<aDeng
تاريخ التسجيل: 11-28-2002
مجموع المشاركات: 52555

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    Quote: هل حنث الساسة الشماليون بالمواثيق؟

    لم يقبل الأستاذ محجوب محمد صالح (الأيام 12-2001) بالفكرة الذائعة أن ساسة الشمال نكروا عهودهم الجنوبية على إطلاقها. وقال في مقاله إن ساسة الشمال لم يتهربوا من مواجهة سؤال وضعية الجنوب في السودان المستقل. فهم لم يلتزموا بمنح الجنوب نظاماً فدرالياً قبل الاستقلال كما يشاع بل قالوا إنهم سيعطون المقترح "الاعتبار الكافي". وكان لهؤلاء الساسة مآخذ على اللأمركزية السياسية (الفدرالية) ومالوا إلى اللامركزية الإدارية مثل الحكم الذاتي الذي صار فينا بعد إتفاقية إديس ابابا في 1972. واضاف بأن مطلب الفدريشن نفسه لم يكن واضحاً في اذهان دعاته ولا كان موضوع إجماع الجنوبيين. فقد تطابق عند البعض بالتوسع في الحكم المحلي أو زيادة الوظائف للجنوبيين أو كالخطوة السابقة للإنفصال. ولم يتبلور مشروع الفدريشن إلا عام 1958 عند حزب الأحرار الجنوبي الذي وضع دستوراً فدرالياً وأطلع عليه ناشطي الغرب والبجا. ووقع الانقلاب والمشروع طفل ما يزال ومدة "الاعتبار الكافي" لم تستنفد عمرها الإفتراضي. واضاف محجوب أن الجنوبيين لم يصلوا إلى كلمة سواء حول الفدرالية التي تعلق بها نواب الإستوائية ولم يقبلها نواب أعالي النيل وبحر الغزال. بل رفض مؤتمر جوبا في يوليو 1955 الفدرالية. وشهدت الساحة الجنوبية نزاعات سياسية ونشأة أحزاب عن أحزاب في سياق مناقشتهم لوضعية الجنوب الدستورية. وخلص محجوب إلى أن النقاش لم يتوقف في هذه المسالة الخلافية وعلى مستويات مختلفة من الحكم والتشريع مثل اللجنة القومية للدستورية. وليس الخلاف مما يعيب ولا حتى اللجاجة طالما كانت منابر المناقشة مفتوحة. فالساسة في الشمال أخذوا على الفدرالية تكلفتها العالية في الجنوب قليل الموارد مثلاً. ولم يتفق حتى الجنوبيين على شئ منها. ولذا صح عند محجوب القول إن انقلاب 17 نوفمبر هو الذي وضع حداً لهذه المناقشة الوطنية المفتوحة. وربما اصاب الجنوبيون بعض كبد الحقيقة حين ردوا الإنقلاب إلى ضيق ساسة من الشمال بمطلبهم بالفدرالية. ولما عدنا إليها بعد 6 سنوات عجاف تواصلت المساعي برغم أن سنين الحكم المتسلط قد أفسدت المسألة بمنهج العنف والتطفل الثقافي على عقائد الجنوبيين. وهي سنين أورثتهم غبناً عظيماً وفاقمت شكوكوهم في الشمال. وربما كان هذا هو الحصاد المر للإستبداد وحجب التدوال في شأن الوطن بقوة السلاح كما جربناه أول مرة بعد مرور عامين فقط على نيل البلاد استقلالها.


    كلعادة الجلابي عبد الله علي إبراهيم يريد أن يزور ويحرف التاريخ بنفس الطريقة السمجة التي يتبعها ساسة الشمال حول مسألة الجنوب ووعودهم المنكوصة لأهل الجنوب. موضوع الفيدرالية هذا كان مطلب واضح جدا ومن أجله دخل الساسة الجنوبين السجون وتشردوا. يأتي لنا اليوم الجلابي عبد الله علي إبراهيم ناقلا حديث الجلابي الاخر المحجوب ويقول أن مطلب الجنوبين لم يكن واضح. فمنذ متى كانت مطالب الجنوبين واضحة بالنسبة لكم من دون توضيها لكم بحمل البندقية؟

    دينق
                  

06-09-2006, 02:16 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: Deng)

    كلعادة الجلابي عبد الله علي إبراهيم يريد أن يزور ويحرف التاريخ بنفس الطريقة السمجة التي يتبعها ساسة الشمال حول مسألة الجنوب ووعودهم المنكوصة لأهل الجنوب. موضوع الفيدرالية هذا كان مطلب واضح جدا ومن أجله دخل الساسة الجنوبين السجون وتشردوا. يأتي لنا اليوم الجلابي عبد الله علي إبراهيم ناقلا حديث الجلابي الاخر المحجوب ويقول أن مطلب الجنوبين لم يكن واضح. فمنذ متى كانت مطالب الجنوبين واضحة بالنسبة لكم من دون توضيها لكم بحمل البندقية؟

    دينق





    دينق...زور التاريخ من كتبوه كما يودون...كنعوم شغير ومن قبله هيرودتس لفلسفة فى نفس كليهما...وسموا لغات كوشية كانت سائده بالهيروغلوفيه وسمو ا مصر بإيجبت ومن تمسح من النوبيين بالقبط وكتبوا أبجديتهم الالفا بيتا قاما سرقة عن لغة كرمه...ومن بقاياهم من صنع لفظة جلابه...فأين كان غير الجلابة عندما كان يكتب التاريخ...عبدالله على إبراهيم لا يكتب عن تاريخ الديناصورات بل يكتب عن تاريخ معاصر وهو شاهد لأحداثه وهو أحد فلاسفة التاريخ السودانى الإجتماعى السياسى والأنثربولجى إذا أراد وأحسب أن منصور خالد جدير كذلك بأن يقول فيما قاله على فهو جلابى كذلك واع ونافع لغير الجلابه فدعونا نتفق بإحسان أو نختلف بإحسان ودعوا التعميم الذى ترتد راجماته بما لا يرضى الله............................




    منصور
                  

06-09-2006, 11:34 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    سيكون من دواعي البحث المفيد أن ننظر في بواعث وملابسات انقلاب السحر وهو الجيش على الساحر: عبد الله خليل البيه. فسيكون مفيداً لتقويم عقيدة التسليم والتسلم الرائجة أن نعرف لماذا تهرب الضباط من البيه ليلة الانقلاب وكيف رموا بمشروعه لتدخل الجيش للطوارئ إلى سلة المهملات. فستلقى هذه الإجابات بعض الضوء إن كان لهؤلاء الضباط مكراً أبعد شأواً من مكر البيه. وسنقف جلياً إن كان قولهم إنهم إنما اتبعوا أمر سلطة عليا، هي البيه، حين قاموا بانقلابهم هو الحق أم أنه من ذر الرماد في العيون. وستكون مثل هذه المعلومات هي مدخلنا لنقرأ انقلاب 17 نوفمبر 1958 قراءة بصيرة. وسنعرف إن كان ما قام به الجيش هو بالأصالة عن ضباطه أم بالوكالة عن البيه. وسيكون مثيراً إن نعرف المصادر المحلية والدولية لشهية أولئك هؤلاء الضباط للحكم.


    DR Abd alla ali Ibrahim
                  

06-10-2006, 01:04 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    بدأ الشك يساورني في بعض حيثيات هذا التحليل الشيوعي المعتمد بعد قراءتي لبعض مصادر هذه القراءة الشيوعية للدبلوماسية الأمريكية. فلم أجد في صحيفة النيويورك الهرلد تربيون (13-8-195 مادة بها زعم الشيوعيين البيه سيجد لدى افتتاح البرلمان قوة تسنده غير أعضاء البرلمان. ويوحي هذا القول أن للبيه جنوداً أشداء يفعلون ما يؤمرون. كما لم أجد بالنيويورك تايمز (20-8 لم يرد العام في تقرير الشيوعيين وافترضت أنه عام 195 زعم الشيوعيين أن كبار قادة الجيش سيستلمون الحكم لأن صغار الضباط مـتأثرون ب "روح التطرف الوطني." وربما نظر الشيوعيون في أعداد أخرى في تواريخ أخرى. بل وجدت النيويورك تايمز تنعى الديمقراطية السودانية كما لم يفعل أحد. فقد قالت في افتتاحيتها ليوم 18 نوفمبر 1958 :" أن عبود قد "تدرع" مسؤولية جسيمة. لقد أطاح بنظام برلماني ديمقراطي ليحل محله ديكتاتورية عسكرية. وليس هذا مما تنشرح له النفوس."
                  

06-10-2006, 04:50 PM

Deng
<aDeng
تاريخ التسجيل: 11-28-2002
مجموع المشاركات: 52555

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    منصور مفتاح.

    عبد الله علي إبراهيم ليس سوى كاتب عنصري, لقد تأرجحت مواقفه عبر التاريخ من الحزب الشيوعي الى أحضان الجبهة الاسلامية.
    لا أدري من أين أنت أتيت بكلمة" عالم" الرجل يحمل جميع المتناقضات.
    لا تعتقد أنني لا أعرفه. أنا أقراء كل ما يكتبه منذ كان يشارك في مؤتمرات مركز الدراسات السودانية, فهوا لا يختلف كثيرا من بقية مثقافاتية الشمال العنصرين أمثال خالد المبارك, الشوش والطيب صالح.

    دينق.
                  

06-11-2006, 01:26 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: Deng)

    دينق.

    كل البشر فى صيرورة يتشكلون ويتواءمون وفقا لمستجدات واقعهم فهم كالماء ثباتها يكسبها فسادا وبسيلانها تطيب...الا ترى جون قرنق الذى كان يساريا جيفاريايتخندق مع مانقستو هيلاماريام إشتراكيا تحت رعاية الروس وضد اللبراليه الغربيه كيف أدرك مستجدات واقعه وصار غربيا بين ليلة وضحاها....أحلال على بلابلها الدوح وحرام على الطير من كل جنس...فيا دينق إنك لست بأشرس من دينق ألور ولا نيال دينج ولا فرانسيس دينق فقد جاء أولئك الى كلمة سواء...مع من بصموا معهم سلاما لحفظ ماتبقى من وطن...وجميعهم الآن فى مركب واحده...ولكنى أراك تاتى بكل معاول الفأر لتعيبها عليهم...دينق...عبدالله على إبراهيم ليس فى حاجة للدفاع عنه ومن كتب عنهم عبدالله...أجدر من دينج لللدفاع عن أنفسهم....أما حديثك عن مثقفاتية الشمال والذين يختلفون فى رؤاهم...فعبارة رأيك فيهم كعبارة الكديس عندما يعصى عليه الصعود للحم الذى على المشلعيب.... فليس الصدق جنوبيا...وليس الكذب شماليا يا دينق...فنحن لانبخس عطاء فرانسيس دينق لأننا نختلف معه...أو مع من فى الجنوب...لا بل نؤكد عبقريته التى هى عبقرية السودان...فدع هذه العنصريه المميته ودع وصم الناس بجلابه...فاليوم يا دينق إذا ما أفرغت من محتواك الجلابى...فلا يبقى فيك شئ يزكر...فبلغة الجلابه تتخاطب وبثقافاتهم تشكلت فمالك تنكر الفضل...وأعلم لولا أتيانك بعبارة الجلابه العنصريه تلك ...لما كتبت لك ردى الأول...فعبدالله على إبراهيم جملا شنكيبا ماشيا فى رؤاه رغم أصوات دينق وغيره...فأكتب يادينق رؤاك فى تلك الحقب وسنقرأ لك كما قرأنا طائر الشوم ونقض العهود والمواثيق... فاكتب بموضوعيه ربما أوافقك ودع عنك قساوة القلب وسخر عقلك تحدث صوتا مسموع............................



    منصور
                  

06-11-2006, 11:09 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    الأستاذ ابوالقاسم ابراهيم الحاج ولك أصدق وأخلص التحايا

    طبعا كلامك موجه لدكتور عبدالله على إبراهيم فيما رمي به منصور خالد فمنصور وعبدالله يعرفان بعضهما معرفة كليهما لجوع بطنيهما فقد فقد نفخ كوره منصور خالد فى حديث صفوته وجاء عبدالله على بزعاف ثعبان يراعه ونحن جيل لاحق دفاعاتنا ربما تتملكها العاطفه ولكننا نطرب لإخراج كليهما كما طربنا للذى حدث بين شوقى وحافظ عندما أئتمن شوقى كلبه وإنسان آخر فخان الإنسان الأمانه وكان الكلب حافظا لها... فى بيته
    حمل الإنسان والكلب أمانة
    فخانها الإنسان والكلب حافظ

    فيا عزيزى رايك فى دكتور عبدالله لست بمزحزحك عنه وما كتبه أحسب أنه إستخدم فيه كل أسباب علمية البحث ويمكن أن تقدم مرافعه تاريخيه تثبت خطأ ما قال به وحتما سيجد ردا من منصور خالد

    أما عن ما كتبه نعوم شقير فإن نتائج واقعنا المزرى ذات صلة لا تنفصل ولا تنفصم عن ما قال به......................

    لك خالص وعميق الأحترام والسلام


    منصور
                  

06-10-2006, 07:14 PM

ابوالقاسم ابراهيم الحاج
<aابوالقاسم ابراهيم الحاج
تاريخ التسجيل: 10-14-2005
مجموع المشاركات: 2543

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    الاستاذ: منصور المفتاح.
    لك التحية.
    الكلام كتير والموضوع طويل زى ليل ( زيدان إبراهيم) .

    بس مما قرأته كالعادة الدكتور. عبدالله على إبراهيم. نازل جلد فى منصور خالد .
    غير تدثره فى لغة عربية سليمة وجمل أدبية متخصصة وأسلوب متمكن فى تناول القضية البسيطة بجعلها مركبة.

    فإن خضنا فى الناحية التحليلية أو أهمية المغموز والملموز فى المقالة فى تلك الفترة من تاريخ السودان سنجد أن الدكتور منصور خالد لم يكن فى موقع إتخاذ القرار حتى يناله بكل تلك السهام , اللهم إلا أن يكون الرجل واجدا فى منصور او لعله يرد عليه بما قد ناله سهما منه من قبل .

    وإشارتك بخصوص ردك الشخصى على الفاضل : دينق . بأن تاريخ السودان قد شوهه وزيفه نعيم شقير وغيرهما من المؤرخين اجد لزاما على ان اشير بأن ما كتبه شقير عن السودان فى تلك الفترة يتمتع بمصداقية عاليةبما ذيله من نصوص ووثائق ولقربه او حتى تواجده فى تلك الفترة مما يجعله اصدق بكثير من تناول الدكتور. مكة شبيكة لتاريخ السودان من تلك الفترة مع انه ابن السودان كان اجدر به ان يكون اكثر آمانا من شقير.


    تجدنى أتفق مع الأخ : دينق أن د. ع. ع. إ. يتحرك فى السودان بعقلية الجلابى الممقوت ويكرس لاستمرارية فكرة من يحكم , لا كيف يحكم السودان والسؤال الاخير يبحث إلى أفضل السبل لخروج السودان من دائرة ( الجلابية) المكورة.

    سنعود لمزيد مشاركة مع التركيز على المقال .
    لك التحية والاحترام.
                  

06-11-2006, 11:35 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: ابوالقاسم ابراهيم الحاج)

    الأستاذ ابوالقاسم ابراهيم الحاج ولك أصدق وأخلص التحايا

    طبعا كلامك موجه لدكتور عبدالله على إبراهيم فيما رمي به منصور خالد فمنصور وعبدالله يعرفان بعضهما معرفة كليهما لجوع بطنيهما فقد فقد نفخ كوره منصور خالد فى حديث صفوته وجاء عبدالله على بزعاف ثعبان يراعه ونحن جيل لاحق دفاعاتنا ربما تتملكها العاطفه ولكننا نطرب لإخراج كليهما كما طربنا للذى حدث بين شوقى وحافظ عندما أئتمن شوقى كلبه وإنسان آخر فخان الإنسان الأمانه وكان الكلب حافظا لها... فى بيته
    حمل الإنسان والكلب أمانة
    فخانها الإنسان والكلب حافظ

    فيا عزيزى رايك فى دكتور عبدالله لست بمزحزحك عنه وما كتبه أحسب أنه إستخدم فيه كل أسباب علمية البحث ويمكن أن تقدم مرافعه تاريخيه تثبت خطأ ما قال به وحتما سيجد ردا من منصور خالد

    أما عن ما كتبه نعوم شقير فإن نتائج واقعنا المزرى ذات صلة لا تنفصل ولا تنفصم عن ما قال به......................

    لك خالص وعميق الأحترام والسلام
                  

06-11-2006, 10:12 PM

Deng
<aDeng
تاريخ التسجيل: 11-28-2002
مجموع المشاركات: 52555

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    Quote: كل البشر فى صيرورة يتشكلون ويتواءمون وفقا لمستجدات واقعهم فهم كالماء ثباتها يكسبها فسادا وبسيلانها تطيب...الا ترى جون قرنق الذى كان يساريا جيفاريايتخندق مع مانقستو هيلاماريام إشتراكيا تحت رعاية الروس وضد اللبراليه الغربيه كيف أدرك مستجدات واقعه وصار غربيا بين ليلة وضحاها....أحلال على بلابلها الدوح وحرام على الطير من كل جنس...فيا دينق إنك لست بأشرس من دينق ألور ولا نيال دينج ولا فرانسيس دينق فقد جاء أولئك الى كلمة سواء...مع من بصموا معهم سلاما لحفظ ماتبقى من وطن...وجميعهم الآن فى مركب واحده...ولكنى أراك تاتى بكل معاول الفأر لتعيبها عليهم...دينق...عبدالله على إبراهيم ليس فى حاجة للدفاع عنه ومن كتب عنهم عبدالله...أجدر من دينج لللدفاع عن أنفسهم....أما حديثك عن مثقفاتية الشمال والذين يختلفون فى رؤاهم...فعبارة رأيك فيهم كعبارة الكديس عندما يعصى عليه الصعود للحم الذى على المشلعيب.... فليس الصدق جنوبيا...وليس الكذب شماليا يا دينق...فنحن لانبخس عطاء فرانسيس دينق لأننا نختلف معه...أو مع من فى الجنوب...لا بل نؤكد عبقريته التى هى عبقرية السودان...فدع هذه العنصريه المميته ودع وصم الناس بجلابه...فاليوم يا دينق إذا ما أفرغت من محتواك الجلابى...فلا يبقى فيك شئ يزكر...فبلغة الجلابه تتخاطب وبثقافاتهم تشكلت فمالك تنكر الفضل...وأعلم لولا أتيانك بعبارة الجلابه العنصريه تلك ...لما كتبت لك ردى الأول...فعبدالله على إبراهيم جملا شنكيبا ماشيا فى رؤاه رغم أصوات دينق وغيره...فأكتب يادينق رؤاك فى تلك الحقب وسنقرأ لك كما قرأنا طائر الشوم ونقض العهود والمواثيق... فاكتب بموضوعيه ربما أوافقك ودع عنك قساوة القلب وسخر عقلك تحدث صوتا مسموع............................



    منصور مفتاح.

    لا أعتقد أن هناك أدنى وجه مقارنة بين الزعيم الراحل جون وقرنق والانتهازي الجلابي عبد الله علي إبراهيم.
    عندما قامت الحركة الشعبية لتحرير السودان عام 1983م. تبنت خط أشتراكي واضح, ولقد كانت مدعومة بواسطة المعسكر الشرقي نعم, ولكن خطاب الحركة الداخلي السوداني لم يتغير أبدا. فدكتور جون قرنق لم يغير حزبه أو طريقة نضاله بطريقة الانتهازي عبد الله إبراهيم.
    تمرحلت الحركة وفقا للتحولات السياسية العالمية التي طرأئت في العالم. ولقد سخرت الحركة الشعبية لتحرير السودان كل دول العالم الحديث لخدمة قضية المهمشين في السودان. ولكن قول لي يا منصور, لمصلحة من تحول عبدالله علي إبراهيم من الحزب الشيوعي السوداني الى إسلاموي عروبوي متشدد؟
    لماذا حشرت أسم د. فرانسيس دينق هنا حشر؟ إذا كان هناك رجل عالم حقيقي في السودان فبلاشك هو دكتور فرانسيس دينق. فهوا لا يحتاج منك الى أشادة.
    فأشاداتكم يا مثقفي الشمال بدكتور فرانسيس جأت متأخرة جدا وفي وقت هو لا يحتاج لها منكم أصلا.
    أنت الان تادفع على مثقفاتية الشمال الفاشلين وتصفني أنا بالعنصري, وسببك الوحيد هو لأنني أنتقدت كتاباتهم العنصرية.

    أي فضل الذي تتحدث عنه هنا. الفضل الوحيد هو السماح للعرب أن يدخلوا السودان ويتعايشوا مع أهله الطيبين. هذا هو الفضل الحقيقي.
    سيب الكلام الاستعلائي هذا وأعرف تاريخ السودان, الذي لم يبداء بما كتبه مكي شبيكة

    دينق
                  

06-11-2006, 11:31 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: Deng)

    دينق

    أعتدنا على أن لا نبخس الناس أشياءهم...ففرانسيس خريج مدرسة الشمال وهو حكيم إبن حكيم أقدره....أما فضل النوبه الذى حدث فى سنة 17 من الهجره قبل 1500 سنه بإتفاق العرب مع ملوك النوبه بإتفاقية البقط والتى لم يكن وقتها أى وجود للنيلين أنذاك بل كانوا جزءا من المدينقا بمالى والسنقال وليبريا...ولكن إن كان دينق من قبائل الجنوب الكوشيه كالأنجواك والأشولى والمندارى والجور أوالشلك فلدينج الشكر على فضله....يا دينج المرحله لا تحتمل مثقال ذرة من ما تنادى به فالجلابة أقرب إليك من معصم ساعتك ومعك قاتلوا ومازالوا يدافعون لك لنيل حقك كاملا غير منقوص.... فالتعميم كما أسلفت لك مخل...تكلم عن زيد كشخص ولا تحمل أوزاره أمة كامله....وتاريخ السودان القديم أعرفه كما أعرف أبنائى وإن عدتم عدنا وبالجعبه سهام مسمومه..................




    منصور
                  

06-12-2006, 00:00 AM

Saifeldin Gibreel
<aSaifeldin Gibreel
تاريخ التسجيل: 03-25-2004
مجموع المشاركات: 4084

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    الاستاذ منصور المفتاح الشكر لك لهذا الرابط القيم والذى يوثق لفترة مهمة من تاريخ السودان ، كما لا يفوتنى ان اوضح للاخ دينق ، ان الدكتور عبدالله عالم واكاديمى متميز ليس فى ذلك من خلاف ، فعندما كان دكتور عبدالله يرزح فى السجون ويكتب عن قضايا الثورة والديمقراطية والحرية فى السودان كان كل من دكتور منصور خالد وفرانسيس دينق من اساطين ومنظرى حكم السفاح جعفر نميرى وهو من اكبر الانظمة الدموية التى مرت على السودان.
    نقطة اخرى يجب علينا ان يكون لنا ادب فى الحوار ، وما يدعو للدهشة والتعجب أن الدكتور منصور خالد يشغل الان منصب مستشار لرئيس الجمهورية ودكتور فرانسيس دينق ظهر اسمه فى قائمة من الذين تم تقلدهم مناصب فى وزارة الخارجية السودانية ، بل وكل الاحوال تشير لاحتمال تقلد فرانسيس دينق لمنصب سفير السودان فى واشنطون فى حين دكتور عبدالله لم يشترك فى اى من الانظمة الشمولية او الدكتاتورية التى مرت على السودان فيجب علينا احترام الراى والراى الاخر.

    سيف
                  

06-12-2006, 03:24 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: Saifeldin Gibreel)

    الأخ العزيز سيف الدين الحمد لله الذى قطع بك قول كل دينج وجاء وإياك الخبر اليقين....فقد قلت كل الذى سكت عنه رأفة بدينج ولكنه يتمادى فسنتمادى فى تلك الخطى التى كتبت علينا...


    فيا سيف لك صادق الود وأخبار عملكم الخيرى يوم الأحد كنت واقف عليه فعفاف نورتنى وكذلك هاشم أبا..............


    الشكر والسلام

    منصور
                  

06-12-2006, 00:57 AM

banadieha
<abanadieha
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 2235

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)



    قراءة مفيدة وممتعة ياستاذنا منصور المفتاح وخاصة الإضافات التي تواترت في صدر البوست، شكراً.
                  

06-12-2006, 10:25 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: banadieha)

    الأخ banadieha السلام والرحمه نعم ممتعه ومشبعه وموثقه لحقبه هامه فى تاريخ السودان...يجب على كل ذوى الأهتمام الوقوف عليها


    منصور
                  

06-12-2006, 07:22 AM

Deng
<aDeng
تاريخ التسجيل: 11-28-2002
مجموع المشاركات: 52555

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    Quote: أعتدنا على أن لا نبخس الناس أشياءهم...ففرانسيس خريج مدرسة الشمال وهو حكيم إبن حكيم أقدره....أما فضل النوبه الذى حدث فى سنة 17 من الهجره قبل 1500 سنه بإتفاق العرب مع ملوك النوبه بإتفاقية البقط والتى لم يكن وقتها أى وجود للنيلين أنذاك بل كانوا جزءا من المدينقا بمالى والسنقال وليبريا...ولكن إن كان دينق من قبائل الجنوب الكوشيه كالأنجواك والأشولى والمندارى والجور أوالشلك فلدينج الشكر على فضله....يا دينج المرحله لا تحتمل مثقال ذرة من ما تنادى به فالجلابة أقرب إليك من معصم ساعتك ومعك قاتلوا ومازالوا يدافعون لك لنيل حقك كاملا غير منقوص.... فالتعميم كما أسلفت لك مخل...تكلم عن زيد كشخص ولا تحمل أوزاره أمة كامله....وتاريخ السودان القديم أعرفه كما أعرف أبنائى وإن عدتم عدنا وبالجعبه سهام مسمومه..................


    منصور مفتاح.

    التفنن في تزوير التاريخ صار سمة من سمات مثقفي الشمال. وأنت أحد هولاء.
    لمعلوميتك, كلمة جلابي لا يعنى بها كل شمالي. بل المقصود بها أثرياء الحرب والذين يريدون فرض الهوية العربية الاسلامية في السودان.
    أنا لا أعمم ولكني أقصدك أنت شخصيا, فأنت تفكيرك جلابي. نعم هناك قليل من أبناء الشمال قاتلوا جنب الجنب مع أهل الجنوب من أجل سودان جديد, ولكن أين يقف الاغلبية من أبناء الشمال؟

    دينق.
                  

06-12-2006, 08:14 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: Deng)

    من أجل سودان جديد


    يا دينق دع عنك الكراهيه...فأصدقائى حاربوا فى الجنوب وأفنوا زهرة شبابهم لتغيير مفاهيم سادت وخلق مفاهيم جديده...وحاربوا قيادات لا بيادات...وأنت تهدم فى ما يبنون...فأنا ضد الحرب لغلاء مهرها ومحدودية عائدها...ولكنى مع الحوار الهادف البناء...وأنت الذى يؤمن بالحرب مالك لم تخضها...فأنا لا أحارب عنك حتى تلزمنى بذلك...فإن الحرب قد وضعت أوزارها و دفع قائدها نفسه ثمنا لذلك السلام...الذى قبله كعسكرى ضاق طعم الحرب...وكسياسى يتطلع لوضع أفضل...أما أسلوب دينج لا يبنى سودانا جديدا ولا يؤسس له بل لضده يعمل...لا أدرى إن كان بوعى أوبغيره..والحمد لله الذى نجانى من الحرب وثراء قادتها...فأبحث عنهم ووجه غضبك تجاههم...والحمد لله الذى هداك لتترك عبدالله على إبراهيم جانبا وتقصدنى بجلابيتك التى تضيق على ولا أتطلع إليها...فيا دينق...للناس كل ما لديك من أدوات...وأقرب الناس اليك بونا ملوال مستشار الرئيس وأكبر جلابى فى السودان...فيا دينق دع الظل وأطعن بحربتك الفيل....................



    منصور

    (عدل بواسطة munswor almophtah on 06-12-2006, 08:58 AM)

                  

06-12-2006, 05:33 PM

فارس موسى
<aفارس موسى
تاريخ التسجيل: 12-01-2004
مجموع المشاركات: 1357

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    منصور المفتاح سلامات
    فى ربيع 2004 ادار الاخ دنيق ندوه عن مسالة الهويه فى السودان(لااتذكر الجهه المنظمه الان) تحدث فى الندوه

    الدكتور صلاح الزين ..الحزب الشيوعى
    الاستاذ امين زكريا ..الرابطه العالميه جبال النوبه
    الاستاذ محمد النعمان
    احد ممثلى الحركه الشعبيه نسيت إسمه

    من ارسخ ما قيل فى تلك الندوه ما قاله النعمان متسائلا :

    هل يمكن حشرى انا (الضمير للنعمان) وصلاح الزين مع إسحق احمد فضل الله والطيب مصطفى
    فى مربع واحد ؟؟؟!!!

    هذا التساؤل الإجابه عليه ب ن..ع..م..!!!!طالما كلكم جلابه!!!
    فانت يا منصور جلابى ..!!مهما ثبت من مواقف فهى لا تشفع لك ! وستهزم من مهزوم
    واخونا دينق من دعاة السودان الجديد بالإزاحه
    المسالة مسالة وقت للإزاحه وليست مسالة مواقف او تاريخ
    وقع ليك؟
                  

06-13-2006, 07:14 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: فارس موسى)

    الاخ فارس موسى

    لك فائق وخالص السلام والأمانى...أخى لا نهن ولا نلين لذلك الدينج إن كان أحد الوجوه التى تطل محدقة سودانا جديد... ومنذا متى فرضت على السودان رؤى بذلك الأسلوب وتلك الزناخه فبئس العارض والمعروض إن كان دينج من مروجى السودان الجديد...ذلك الدينج الذى يمارس مهنة الكماسره لا يتشعلق إلا فى البوستات العظمه....خفت عليه من نفسى فتمادى فها أضع وجه الحديد إليه فدعه ياتى بكراهيته التى يبثها بضاعة مزجاة وخاسرة فى يده قال جلابه قال....فهو ليس له أن يعطى من جرابه الخلى....فبكل التهذيب تعاملت معه فحسب أنه ناج من حريق معرفى لا يبقى لقصبة معرفته رمادا يذرى...رجل كبائع الخيش يفتى فى جودة المرسيدس فأنى له من عبدالله على إبراهيم وأنى له من تمرير إستفزازته النتنه السمجه قال جلابه قال..................


    لك الود والثناء

    منصور
                  

06-13-2006, 10:32 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    فمن الهرج أن لا يفلت البيه من التنكيد لتفريطه في أمانة الدستور فحسب بل أن تصبح معاذيره لهذا التفريط حجة له يهش لها قلم منصور. والمعلوم أن منصور هو ربيب تلك الفترة التي خدم فيها البيه كمعاون في مجال الاتصالات. ويحمد له القارئ أنه ظل يعبر بقوة عن أفضال الرجل عليه (الصندوق). ولكن البادي أن منصور، الذي يطلب من غيره أن لا تأخذهم الشفقة بأحد في كتابة التاريخ، لم يشب عن طوق الولاء للبيه في أمر خرق أب القوانين: الدستور. بل تجده يعجب للسيد محمد أحمد محجوب حين عاد لهذة الفترة في التاريخ في كتابه "الديمقراطية في الميزان" وصلاها بشواظ النقد. فقد استغرب منصور منه ذلك لأن المحجوب كان احد نجومها اللوامع.
                  

06-14-2006, 06:46 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    تبرعت الأبيض ب 350 ذراعاً من المورية لكتابة لافتة ضد زيارة ريتشاردز.
    رأت النيويورك تايمز عقله حين سلم الحكم للعساكر طائعاً مختاراً قبل أن يستولوا عليه عنوة واقتدارا."
    متاعب البيه
    روي طرفاً منها علي عبد الرحمن في كتابه الديمقراطية والاشتراكية في السودان (1970). وقال أنهم عارضوا مشروع إيزنهاور وحطموه في مجلس الوزراء في مواجهة مع حزب الأمة الذي كان قد تفاهم مع الأمريكيين على قبول المشروع. (زار البلاد نيكسون وريتشارد وخبراء واجتمعوا بمجلس الوزراء وظنوا أن الجلسة شكلية لسابق تفاهمهم مع حزب الأمة) وهددوا بالانسحاب من الحومة لو أجيز المشروع مما اضطر البيه لعرضه علي البرلمان الذي عارضه بغير هوادة.
    كما قال أنهم عارضوا المعونة الأمريكية داخل الحكومة ثم عرضها البيه على البرلمان فرفضتها الأغلبية وككان ذلك قبل الانقلاب وقال أن سبب الانقلاب هو هذا الرفض.
                  

06-14-2006, 01:08 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    لم يرد منصور، على حسب قوله، أن يبرر تسليم البيه عنان الحكم للجيش. ولكنه رغب في شرح الملابسات التي حفت بذلك التسليم حتى لا يبدو عملاً فردياً يتحمل البيه وحده المسئوليته عنه. ولخص شرحه كما رأينا في بؤس ثقافة الديمقراطية في السودان التي لم تسعف البيه للحفاظ على النظام الديمقراطي. ولا أدري ما هو التبرير إن لم يكن هو ذريعة منصور هذه للبيه. فلو أراد منصور الشرح حقاً لتطرق للملابسات الدولية والإقليمية والمحلية التي قررت فيها بريطانيا وأمريكا أن البيه "دقة قديمة" في الولاء للغرب لن تصمد أمام الناصرية الجاذبة. ولذا ضغطوا على حزبه بالجزرة والعصا للتخلص منه ومن حزب الشعب لصالح تحالف مع الوطنى الاتحادي. وهو حزب اكتشف الإنجليز منذ فترة الحكم الذاتي (1954-1956
                  

06-15-2006, 04:06 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    كان المحجوب، الذئب الفرد، قد كتب نهايته كوزير للخارجية بمجرد حضوره اجتماع ليلة 17 نوفمبر لعقد حلف بين حزبه والاتحادي. ولكن البيه، العجوز الذي أصابه طمام بطن سياسي، كان قد أعد له إقالة من الخارجية عاجلة ولئيمة الاقتضاب:
                  

07-04-2006, 12:11 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    خريف الفرح." وكان لأثيوبيا اهتمام دقيق بمجريات الرأي العام السوداني. فقد قال الأستاذ محمد سعيد محمد الحسن إنه عثر علي وثيقة عبارة عن خطاب من الإمبراطور أوضح أن الأخير جاءه في 1958 يلتمس المشورة حول ظرف السودان الحرج وأنه نصحه بإعلان الأحكام العرفية وأن يجعل نفسه الحاكم الفعلي وأنه سيمده بالسلاح عن طريق الولايات المتحدة. ونصحه أيضاً بوضع المدارس المصرية تحت إشراف وزارة المعارف السودانية. وبيت القصيد أن الإمبراطور وعد البيه بمده بالعون المالي لشراء الصحف المؤيدة لمصر للتأثير عليها بطريقة تجعلها تنحاز للبيه. وعلى ذكر طلعت وفواري وجب أن نتذكر أن وزارة الاستعلامات والعمل في عهدهما شهدت إصدارات صحفية قريبة أو حفية بنظام عبود وأنفقت عليها مثل جريدة الثورة والصراحة الجديدة بعد تصفية الصراحة القديمة.
    كانت هذه هي البيئة السياسية والفكرية ووسائطها الصحفية التي شهدت ميلاد قلم منصور خالد الشاب، الولد الشاطر في عبارة لعبد الله خليل البيه. وقد وظف منصور قلمه الذرب قوي الحجة في ترويج مشروع البيه السياسي الغربي المعادى للشيوعية والقومية العربية بحكم موقعه كمستشار اتصالات للبيه. وقد رأينا في الحلقات الماضية كيف أن الغرب نفسه استشأم مشروع البيه واستثقله لسوء جاذبيته في سوق الأفكار. وقد حدا ذلك بالغرب لوضع التدابير لزحزحة البيه عن مركز القيادة ومحاولة تجديد نفوذه في السودان بسبل أخرى. وكان انقلاب نوفمبر 1971 الذي لم نبلغ من تحليله موطن السداد بعد.
                  

06-22-2006, 03:31 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    هذه القصة عن الضابط الحربي وزميله الصامت مع أبى حسبو مثل ساطع في ضعف حجة القائلين بوجوب حكم الجيش للبلاد المتخلفة ثقة منهم بوحدة القيادة والإرادة فيه بينما رباط المدنيين محلول وميثاقهم منقوض. فها نحن نرى ضباطاً يختلون بقائد حزبي لينبهوه إلى ما تدبره الرتب العليا ضاربين بالضبط والربط عرض الحائط. ولا أعرف من صور البلاء الذي ينزله الانقلاب والحكم العسكريين بضبط الجيش نفسه وربطه مثل اللواء عصام الدين ميرغني ( أبو غسان). فقد قال إن عام 1959، وهو العام الذي تلا انقلاب عبود 1958، كان عام محنة كبرى للجيش. فالسياسية أفسدت ما بين رفاق السلاح وأصبحت نيرانهم عليهم لا لهم. وأضاف أن انقلاب الأميرالاي محمد خير شنان والأميرالاي محي الدين أحمد عبد الله في مارس 1959 هو أول حركة للصراع داخل الجيش لأسباب سياسية. وإن قال أبو غسان في موضع آخر إن "تمرد" الفرقة الجنوبية في أغسطس 1955
                  

07-04-2006, 01:04 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    علي حامد في نوفمبر 1959 وحكم عليه بالإعدام بعد فشله. وقال ابو حسبو إن بعض ضباط القيادة الوسطي بالأبيض كانوا ضالعين ولكنهم لم يتحركوا. ولم يرض الصاغة من شنان ومحي الدين قبولهم بالمناصب دون تنفيذ برنامج الانقلاب كاملاً من مثل إزاحة اللواء حسن بشير علماً أن حسن بشير قد جاء للمجلس منتخباً هذه المرة . وسيكون مفيداً أن نعرف مطالب هؤلاء الصاغة التي لم يلتزم بها شنان ومحي الدين. ونسب الدكتور محمود قلندر هؤلاء الضباط إلي تنظيم عامل بالجيش هو تنظيم الضباط الأحرار. وربما فسر هذا مضاء عزيمتهم في تحقيق مطالبهم كاملة غير منقوصة. ولربما كان ما طالب به شنان وهو في الحكم من إطلاق سراح القادة النقابيين وإعادة الضباط المفصولين إثر انقلاب كبيدة في 1957 إلى الخدمة هي بعض مطالب الصاغة المبخوسة. وقد نشر محمد أحمد كرار قائمةب بهذه المطالب فيها ما سبق ذكره وأضاف مطالب تتجه بالتدرج بالحكم إلى صور مدنية مثل قيام حزب واحد. والمرجح أن شنان ومحي الدين من جهتهما قد وجدا إنهما بحاجة لانقلاب
                  

08-17-2006, 03:01 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: فارس موسى)

    وكسياسى يتطلع لوضع أفضل...أما أسلوب دينج لا يبنى سودانا جديدا ولا يؤسس له بل لضده يعمل...لا أدرى إن كان بوعى أوبغيره..والحمد لله الذى نجانى من الحرب وثراء قادتها...فأبحث عنهم ووجه غضبك تجاههم...والحمد لله الذى هداك لتترك عبدالله على إبراهيم جانبا وتقصدنى بجلابيتك التى تضيق على ولا أتطلع إليها...فيا دينق...للناس كل ما لديك من أدوات...وأقرب الناس اليك بونا ملوال مستشار الرئيس وأكبر جلابى فى السودان...فيا دينق دع الظل وأطعن بحربتك الفيل....................



    منصور
                  

06-15-2006, 08:21 AM

Deng
<aDeng
تاريخ التسجيل: 11-28-2002
مجموع المشاركات: 52555

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    Quote: يا دينق دع عنك الكراهيه...فأصدقائى حاربوا فى الجنوب وأفنوا زهرة شبابهم لتغيير مفاهيم سادت وخلق مفاهيم جديده...وحاربوا قيادات لا بيادات...وأنت تهدم فى ما يبنون...فأنا ضد الحرب لغلاء مهرها ومحدودية عائدها...ولكنى مع الحوار الهادف البناء...وأنت الذى يؤمن بالحرب مالك لم تخضها...فأنا لا أحارب عنك حتى تلزمنى بذلك...فإن الحرب قد وضعت أوزارها و دفع قائدها نفسه ثمنا لذلك السلام...الذى قبله كعسكرى ضاق طعم الحرب...وكسياسى يتطلع لوضع أفضل...أما أسلوب دينج لا يبنى سودانا جديدا ولا يؤسس له بل لضده يعمل...لا أدرى إن كان بوعى أوبغيره..والحمد لله الذى نجانى من الحرب وثراء قادتها...فأبحث عنهم ووجه غضبك تجاههم...والحمد لله الذى هداك لتترك عبدالله على إبراهيم جانبا وتقصدنى بجلابيتك التى تضيق على ولا أتطلع إليها...فيا دينق...للناس كل ما لديك من أدوات...وأقرب الناس اليك بونا ملوال مستشار الرئيس وأكبر جلابى فى السودان...فيا دينق دع الظل وأطعن بحربتك الفيل....................


    منصور مفتاح.

    أنت لم تزكر في أي صف حارب أصدقائك؟
    عندما تقول لي في أي صف قد حاربوا بعد ذلك سوف يكون لي كلام.أي مفاهيم التي تتحدث عنها وأنت مازلت تحملها.
    أنا لا يهمني كثيرا رأي شخص مثلك ذو عقلية جلابية, تعتقد أنها تفهم وتفكر أحسن من بقية العباد.
    أي وعي الذي تتحدث عنه وأنت تدافع على شخص مثل عبد الله علي إبراهيم؟
    الغريبة يا منصور مفتاح, أن الذين يحتجون على كتاباتي هم فقط أمثالك من دعاة العروبة وأالاسلمة القصرية وفرض ثقافة عفا عنها الزمن.
    أماالشرفاء والوطنين من السودانين الذين يؤمنون بسودان موحد يتساوى الناس فيه بالحقوق والواجبات, هولاء الناس لا يحتجون على كتاباتي وهم يعلمون جيدا الى من أوجه خطابي وكيف أوجه.

    دينق.
                  

06-15-2006, 03:03 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: Deng)

    استعجل السيد عبد الماجد أبو حسبو، قطب الحزب الوطني الاتحادي ووزير الإعلام في الديمقراطية الثانية، إنهاء زيارته لمدينة القضارف وحجز مقعداً أماميا للوري تحرك صباح 16 نوفمبر 1958 إلى الخرطوم. وكانت زيارته للمدينة في منتصف نوفمبر 1958 بغرض الترافع أمام محاكمها عن موكليه. وما أن وصل الخرطوم ليلاً حتى أسرع مباشرة يطرق باب دار الزعيم إسماعيل الأزهري، لينقل له رسالة شفوية من الأميرالاي محي الدين احمد عبد الله، قائد القيادة الشرقية. وكان الأميرالاي صديقاً لحسبو على عهد كلية غردون في الثلاثينات من القرن الماضي ورفيقاً له في الحزب الوطني الاتحادي. وتغدى أبو حسبو في يوم 15 نوفمبر 1958 بمنزل محي الدين وتطرق النقاش إلى السياسة. وكان أبو حسبو حذراً في الإدلاء بدلوه فيها لوجود ضابط آخر على الغداء عرف في ما بعد أنه الأميرالاي محجوب طه. وطمأنه محي الدين أن لا يتحرج من محجوب فهو "مثلي تماماً" كما قال. وحدثهما أبو حسبو بعد تأمينه عن شائعات تتحدث عن سقوط حكومة عبد الله خليل البيه وقيام تحالف بين حزب الأمة والوطني الاتحادي. وصمت محي الدين ونظر إلى محجوب، الذي لم يقل كلمة واحدة، نظرة ذات دلالة وسأل أبو حسبو: "هل هناك احتمال لأن يتدخل الجيش ويستولي على السلطة؟
                  

06-15-2006, 03:11 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    دينق

    إهتم بالموضوع وعالجه بموضوعيه ودعك من الإمور الإنصرافيه ناقش كتابة وفكر عبدالله على إبراهيم بفكر وأبعد عن الشخصنه وابعد عن الإسلام وعن مهاجمته لأنه دين الله يعتقده الجلابى وغير الجلابى...ناقش الموضوع وكن موضوعى.....................



    منصور
                  

06-15-2006, 03:58 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    وقفوا ليه وسدوا ليهو الشارع والمره دي شالت ولدها خايفه من الحرامي. وشايف الحرامي شياليهو حاجه في إيدو زي السمكة (القنبلة) وفي إيدوا التانية شايل ليهو حديدة كبيرة (ملف تحت إبط نكسون) والرجل القوي الشايل الشاكوش (العامل) قال ليهو أقيف في محلك وساعدو الراجل الشايل الطورية (المزارع) وقال ليهو إن كان ما وقفت قبلك بكسر كرعينك والناس الكتيرين كلهم سدوا ليهو الدرب وهو واقف محتار." وشرح سام لأخته السياسة التي من وراء الصورة. وهي بالطبع لا تختلف في جوهرها من قراءة الطفلة للصورة. وابتسمت حين قال لها إننا مستعدين لهذا القاتل وأعوانه. وكانت كلما رأت الصورة المعلقة في الديوان تقول لأخيها: "ما تخلوه يجي يكتلنا." فيرد عليها بنعم
                  

06-16-2006, 01:50 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    وقد جاء في كلمة نعى فيها الأستاذ محمد حسن مهدي المرحوم رحمي محمد سليمان (أبو الرحوم) ما يؤكد أن الأمريكان انشغلوا بالنفوذ الفكري للحزب الشيوعي ولم يألوا جهداً في إفساده. فقد حكى أبو الرحوم أن المرحوم محمد عامر بشير (فوراوي) هاتفه في مكتبه بجريدة، الأخبار، يطلب منه مقابلة السيد محمد طلعت فريد، وزير الاستعلامات والعمل. ولما التقى به قال له طلعت أن الأمريكان منزعجون لنفوذ الشيوعيين وسط مزارعي الجزيرة الذين تعلقوا بشعاراتهم الاشتراكية حول الملكية العامة للأرض والإدارة الجماعية للمشاريع الإنتاجية. ولكبح هذا الخط الشيوعي طلب الأمريكان من السودان تخصيص مبلغ من العون الأمريكي لإنشاء مطبعة تصدر صحفاً ومطبوعات تحاصر النفوذ الشيوعي الطاغي. وقال له طلعت إن المطبعة ستسجل باسم رحمي أو مؤسسته التي ترضيه. ورفض رحمي بعد المهلة التي أعطاها له الوزير للتفكير. وقد تساءلت بعد قراءة هذه قصة مهدي هذه إن لم تكن جريدة "الصحافة" التي صدرت في 1960 كأرشق ما يكون وبمطبعة خاصتها بسوق نمرة أتنين هي هذه الصحيفة والمطبعة التي تعالي عليها أبو الرحوم. رحمه الله.
                  

06-18-2006, 12:57 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    وجاء عند فيرست ما قد يضع النقاط على حروف أبي رنات المواربة عن أولئك الناس الذين تواثقوا علي فكرة قلب نظام الحكم. فمن رأيها أن بريطانيا وأمريكا مالا لفكرة الانقلاب في الدقائق الأخيرة لأن احتمالات استحواذ مصر بالسودان، بانقلاب يقوم به صغار الضباط أو بتحالف الاتحادي مع حزب الشعب وكليهما مصري الهوى، تزايدت يوماً بعد يوم. وجاءت فيرست بما يشير إلى صلة واصلة بين الدبلوماسية الغربية والانقلابيين. فقد قالت: "ولما بلغ الأمر هذا المبلغ لم يعد لبريطانيا وأمريكا وجه اعتراض علي تدخل الجيش. فهما إما أصبحتا علي الحياد بشأن تدخل الجيش مما اعترضا عليه قبلاً طلباً لاستقرار الوضع السياسي أو قد هجرا بحماس موقفهما بشأن الانقلاب لاحتواء مطامع مصر وحيلها الحقيقية أو المتوهمة حيال السودان. وقد طمأنا الانقلابيين أنهما قد يبديان عدم ارتياح للانقلاب في الظاهر إلا أنهما راضيان بقيام الانقلاب وما يعقبه."
                  

06-19-2006, 10:52 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    سعي الأمريكان في خطتهم لمحاربة الشيوعيين إلي تجفيف منابع فكرهم. فقد حدثني عليم عن محاولتهم الاستيلاء بصورة حبية علي مكتبة "المواطن" بالسجانة. وكان قد أسس المكتبة الزميل المرحوم الدكتور بابكر بوب في الخمسينات الأولي. وكان بوب، الذي لم يكمل المرحلة الأولية من التعليم ليعين والده في تربية إخوانه، ، وقتها عاملاً وعضواً بالحزب الشيوعي. وكان متطلعاً مشغولاً بالمعرفة. وكانت المكتبة جزءاً من حيله لنشر الفكرة الشيوعية وتمديد نفوذ الحزب. وكانت كما أراد. فقد كانت مدرجاً يعلو نشاط الشيوعيين بالسجانه منه ويهبط.
                  

06-21-2006, 03:20 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    12 مايو 1957 : محكمة جنايات الخرطوم تحكم علي محرر الناس ب 95 جنيه غرامة لنشر مقالات الشاب الأنيق
    ويبدو أن "الشاب الأنيق المعطر" مما اخترعه أو استحسنه هذا المراسل الخاص (هو منصور الذي صحب عبد الله خليل على مصر). فقد ورد ذكره في مقالة عن ما سمعه كاتب في نفس العدد خلال وجوده بمصر ولغط من ظلوا يعلقون أملاً ما يزال علي الأزهري برغم هجرانه المعلوم لمصر وخيانة ميثاقها معه. وقد استغرب لتعليق المصريين هذا الأمل علي من فطر علي "باع نفسه مرة لن يتردد أن يبيعها مرات ومرات لأي زبون جديد."
                  

06-22-2006, 11:57 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    تساءلت جريدة الميدان الشيوعية في كلمتها بعنوان "ولكن أين مكمن الفساد يا سيد علي عبد الرحمن." (سبتمبر 1957) عن سفر "الشاب منصور خالد" في صحبة رئيس الوزراء، المرحوم عبد الله خليل، البيه. وكانت الكلمة موجهة إلي السيد علي عبد الرحمن، رئيس حزب الشعب الديمقراطي وحليف حزب الأمة في الحكم آنذاك، تؤاخذه علي قوله أنه قد وقف مع الوطني الاتحادي ضد الاستعمار ثم انقلب لمصارعة الفساد في ذلك الحزب. واستغربت الجريدة ذلك ممن هو غارق في حكومة ائتلافية مع حزب الأمة الذي هو مباءة الفساد وسقط الاستعمار في نظر الشيوعيين آنذاك. وعرضت الجريدة لبعض مظاهر فساد الحكومة الائتلافية التي لم ينزعج لها شيخ علي ويقاومها. وأضافت "وبمناسبة الحديث عن الفساد دعنا نسأل السيد علي عبد الرحمن. ما هو رأيك في أحداث مثل سفر الشاب منصور خالد مع رئيس الوزراء إلي لندن؟"
    ويبدو أن صحبة منصور للبيه في أسفاره قد أضحت مثار تساؤلات. فقد جاءت جريدة "الناس" ( 23 مارس 1957) بتعليل لصحبة منصور للبيه لبعض البلاد العربية رداً علي عناصر "معينة" اختارت أن تجعل من ذلك موضوعاً. وقالت الجريدة أن الأستاذ منصور إنما هو سكرتير خاص للرئيس وقد لا يعلم الكثيرون أنه عضو بارز في هيئة حزب الأمة منذ زمن بعيد. غير أن الجريدة عادت وأوردت اسم السيد طه صالح كسكرتير خاص لرئيس الوزراء. وعاج منصور نفسه علي طبيعة شغله مع البيه بعد نحو نصف قرن في هامش من كتابه (السودان: قصة بلدين) ليقول أنه عمل طواعية إبان عمله بالمحاماة كمعاون للبيه في مجال الاتصالات. وأنه كان بتلك الصفة لصيقاً بالرجل علي المستوي الشخصي دون الادعاء
                  

06-23-2006, 03:11 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    واصطدم المحجوب بدالاس مرة أخرى خلال نفس جلسة انعقاد الجمعية العامة. فقد ترشح كل من المحجوب وشارل مالك (وزير خارجية لبنان) لرئاسة تلك الدورة. وكان غريباً أن يتصارع اثنان من إقليم واحد على منصب بالأمم المتحدة. وساند دالاس شارل مالك لقبول لبنان الخطة الأمريكية. ووقفت الدول العربية والكتلة الاشتراكية مع المحجوب. وجاء دالاس إلي نيويورك ليضمن فوز شارل بالتضييق على مناديب دول أمريكا اللاتينية وابتزازهم. وأوقف دالاس المحجوب مرة بردهات المبني قائلاً إنهم لن يسندوه لأنهم سبق والتزموا لشارل. فقال المحجوب بعد شكره إن هذا وعد الحر وهو دين ولكن ما لم يفهمه أن تبتز الولايات المتحدة دول أمريكا اللاتينية لتصوت ضده. وأضاف أنه ممن تعود علي الربح والخسارة غير أن السودان لن يغفر لهم يومهم هذا منه. وزاد المحجوب أن دالاس عطف خلال كلمته بتهنئة شارل بالفوز وأثنى عليه. وقال إن صورته، أي المحجوب، وهو يهنئ شارل علي نصره (بفارق 11 صوت) قد صارت طابعاً من طوابع بريد الأمم المتحدة. وعاد المحجوب من الاجتماع في أكتوبر 1958.
                  

06-23-2006, 12:48 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    انشغلنا منذ حين برسم تاريخي لعوالم السياسة في نهاية خمسينات القرن الماضي، عصر عبد الله خليل البيه، التي نفذ من بوابتها الفتى منصور خالد، مستشار البيه الإعلامي، إلى ما هو عليه الآن من شغل للناس والعقائد والمناصب. ونواصل هنا ما انقطع من حديث عن الجدال الوطني الذي استعر في ذلك الوقت حول سبل السودان للاستقرار والتنمية بعد عامين من استقلاله . وسنرى في هذه الحلقة تباين الاجتهادات حتى في المعسكر الواحد.
                  

06-23-2006, 01:32 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    تحليل لصراع الجلابة وحمر قال فيه محمد احمد البلاع أن الجلابة يشكلون طبقة البرجوازية التجارية بينما تشكل القبيلة طبقة المزارعين. وهذا منشأ التناقض والصراع بينهما, واستدرك بقوله أنه إذا ما اصبح الحمري تاجراً فسيكون عرضة لنفس النقمة الطبقية. وعلقت الميدان أن النظام القبلي مظهر تخلف لن يزول إلا بنمو رأس المال التجاري الذي يحطم نمط الإنتاج القبلي. ولكن الحزازات ايضاً وليدة التأخر الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي يستفيد منه حزب كحزب الأمة الإقطاعي الذي يعيش علي دم المزارعين. "والجدير بالذكر أن في أوربا لا تجد الناس يتحدثون عن خشوم بيوتهم أو قبائلهم لأن نمو الرأسمالية قد أزال التقسيم القبلي وأحل محله التقسيم الطبقي.

    صفحة الجنوب (6-10- 58 ، 9-10-58
    حسن سلامة:
    حول مؤتمر البجة (الميدان 23-10-5:
                  

06-25-2006, 11:53 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    قد لا يأخذ القارئ بفهم البيه لانقلاب 17 نوفمبر من فرط تعلقنا بعبارة "تسليم وتسلم" في وصف ذلك الانقلاب. فقد غلب في تفسيرنا للانقلاب أنه تسليم للحكم من البيه، وزير الدفاع في حكومته هو نفسه، بأمر للفريق إبراهيم عبود. وهذا هو فهم الفريق بل هو مرتكز مشروعية حكمه طوال ست سنوات. ولم يطرأ لنا أن نأخذ بفكرة البيه من حركة الجيش (حتى لا نقول الانقلاب) على وجاهتها ونستأنس بها في تحليل الواقعة. فمن رأي البيه أنه اتفق مع عبود وصحبه الميامين أن يتدخل الجيش في صلاحيات الطوارئ ويقيم حكومة وحدة وطنية ومجلس سيادة جامع للقوى الحزبية والجنوب. وهو ترتيب سيكون للجيش فيه تمثيلاً ما. وقد اتفق معظم قادة الانقلاب أمام لجنة التحقيق فيه بأن هذا بالفعل ما تواضع عليه البيه والجيش. بل قالوا إن الجيش قد حنث بهذا الإتفاق في ملابسات سيأتي ذكرها. ولم يشذ سوى عبود الذي قال إن أمر البيه كان أمراً بالانقلاب العسكري وأنه لم يتفق مع أحد بقيام حكومة قومية أو مجلس سيادة جامع. وليس يخلو محضر تحقيق بالطبع من لي للحقيقة بصورة أو أخرى حتى لو كان من جرى التحقيق معهم ضباطاً ممن اشتهروا بالصدق عند البيه. فقد اسقط عبود اتفاق الحكومة القومية حتى لا تنهض عليه تهمة تجاوز أمر البيه. ونفى البيه أن يكون قد تحدث مع عبود أصلاً حول الانقلاب لأنه اعتقد في قرارة نفسه أنه لم يتحدث للفريق في أمر كهذا. وكل ما كان بينهما هو اتفاق طوارئ. وطالما كان الأمر كذلك صح له أن يتستر علي ما كان بينه وبين الفريق من نجوى حتى لا يورط نفسه في تهمة تدبير الانقلاب وهو الذي لم يقصد من النجوى بتحرك الجيش أصلاً سوى إعطاء الديمقراطية فرصة أخرى.
                  

06-26-2006, 01:52 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    كان شذوذ المحجوب عن القطيع مادة رسائل متبادلة في دوائر الدبلوماسية الغربية, فحملت الوثائق البريطانية لعام 1957 أخبار خلاف شديد بين البيه والمحجوب حول الموقف حيال الجزائر ، التي نهضت بجيلها الثوري ضد الاستعمار الاستيطاني الفرنسي الجاثم عليها منذ 1830. وتداخل ذلك الصراع مع موقف السودان تجاه قبرص الثائرة لعهدها ضد الوجود البريطاني فيها. واستثقل الإنجليز والفرنسيين المحجوب بعد ما قاله عن المسألتين في أروقة الأمم المتحدة. واستنكروا منعه حاملات الجنود البريطانية من استخدام مطار الخرطوم صوب عدن الثائرة ضد الاحتلال البريطاني. وظلا السفيران يفضلان التعامل مع عبد الله خليل بل وتذكرا أيام مبارك زروق، وزير الخارجية علي عهد حكومة الأزهري التي سقطت في يوليو 1956، الذي كانت فيه الرأفة بهم. ومن فرط شذوذ المحجوب قرر السفير الفرنسي أن لا يتعامل معه. فقد زاد الطين بلة خلاف تفتق حول طرد فرنسا لسودانيين من أفريقيا الخاضعة لحكمها. وبينما تفهم البيه دوافع الفرنسيين بقي المحجوب مشغولاً بالأمر واحتج عليه في الأمم المتحدة. وحين سئل عن تباين موقفه عن موقف حكومته قال إنها لم تزوده بما لديها من معلومات
                  

06-25-2006, 01:41 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    غير أننا ربما لن نشتط إن قلنا أن القاضي ربما كان طرفاً في هذه الجماعة التي تدبر شراً للدستور الذي اقسم أن يصونه. فقد وجده زعيم من حزب الأمة مختلياً بالبيه ظهيرة اليوم الذي سبق الانقلاب. وتكرر ذكر اسم القاضي في روايات وشهادات عن الانقلاب وجده أهلها في مواقع للشبهة. فقد ورد أنه أوصل بعربته المرحوم اللواء حسن بشير، الرجل القوي في دولة نوفمبر، إلى منزل المرحوم أحمد خير في السابعة والنصف من صباح الانقلاب. وكان اللواء جاء لأحمد خير ليعرض عليه أن يكون
                  

07-03-2006, 11:53 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    وظلا السفيران يفضلان التعامل مع عبد الله خليل بل وتذكرا أيام مبارك زروق، وزير الخارجية علي عهد حكومة الأزهري التي سقطت في يوليو 1956، الذي كانت فيه الرأفة بهم. ومن فرط شذوذ المحجوب قرر السفير الفرنسي أن لا يتعامل معه. فقد زاد الطين بلة خلاف تفتق حول طرد فرنسا لسودانيين من أفريقيا الخاضعة لحكمها. وبينما تفهم البيه دوافع الفرنسيين بقي المحجوب مشغولاً بالأمر واحتج عليه في الأمم المتحدة. وحين سئل عن تباين موقفه عن موقف حكومته قال إنها لم تزوده بما لديها من معلومات. وكان الفرنسيون قد شجعوا بنك الكريدي ليونيه، العامل في السودان، لرفع سلفية آل المهدي إلي مليون جنيه إكراماً للسيد عبد الرحمن الذي تدخل بنفسه لإزالة اللبس حول طرد أولئك السودانيين. واتفق السفيران على الحديث إلى السيد عبد الرحمن شخصياً لأن البيه عاجز عن كبح جماح المحجوب التحرري. فالمحجوب لساعتها كان ما يزال في الأمم المتحدة في حين التزم البيه باستدعائه مرة بعد مرة. وقد أطلع البيه البريطانيين على نيته الاستغناء عن المحجوب لولا نصح البريطانيين أن لا يفقده، وهو السياسي المحنك الجذاب، وانتخابات 1958 علي الأبواب. واتفق البيه مع البريطانيين أن يهملوا المحجوب ويتعاملوا معه مباشرة. وقال شامان اندروز ، سفير بريطانيا في الخرطوم، عن المحجوب أنه فيه كثير من خصال "الذئب الفارد".
                  

07-05-2006, 01:40 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    وقد سمع شنان من كلامهما ما أثار شكوكه. وتخوف أن البيه ربما كان بصدد فتح قواعد أجنبية في البلد. وزاد من مخاوفه الأمر الذي تلقاه كقائد للقيادة الشمالية من المجلس الأعلى في ديسمبر 1958، أي بعد انقلاب عبود، لبناء طريق معبد في منطقة حلايب. وقال إنه قام بحركته حتى يوقف مؤامرة هدف منها أنصار الأمريكان بالمجلس الأعلى بقيادة عبد الوهاب فرض التقاعد على عبود ليخلو لهم الجو فيبيضوا ويفرخوا. وواضح أن حجة شنان هنا هي صدى لمعارضة الاتحاديين والختمية للإستراتيجية الأمريكية كما لخصها الشيخ علي عبد الرحمن في مذكراته. فقد ذكر الشيخ أن نكسون، نائب رئيس الجمهورية الأمريكية، شرح لهم في زيارته سنة 1957مشروع أيزنهاور في أصله كخطة لمواجهة الشيوعية وعون اقتصادي لتلك الغاية. وقال إنه عارض المشروع وما تعلق منه ببناء مطارات لاستخدام الأمريكان في الغرب وفي حلايب بينما قبل بعض جوانب المعونة الاقتصادية. وهكذا تتشعب الدروب بالجيش بشأن ما هو وطني وما هو دون ذلك مثلهم في ذلك مثل المدنيين لا زيادة ولا نقصان.
    يلد الانقلاب الانقلاب كما ينب الماء البقل. وسمى محى الدين انقلابه وشنان "ثورة". وقال بذلك لأبي حسبو حين طلبه ، وهو عضو بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة ووزير للمواصلات، ليقابله بمكتبه بمبنى البوستة المركزي بالخرطوم. ويبدو أنه كان يريد أن يؤمن لانقلابه القادم الفاشل في مايو 1959 قاعدة شعبية وسط رفاقه في الوطني الاتحادي. فقد سأل محي الدين أبا حسبو ليرتب له اجتماعاً منفرداً مع أزهري والسيد مبارك زروق. وكان الزمن شهر رمضان. فهيأوا له فطوراً مع الزعيم ولكنه لم يحضر بسبب أنه كان مراقباً. ولدى لقاء أبي حسبو بمحي الدين أطلعه الأخير على قائمة بضباط قال إنه سيتخلص منهم لأن
                  

07-05-2006, 02:35 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    نواصل في هذا المقال بيان وحشة عبد الله خليل (البيه)، رئيس الوزراء 1956-1958، السياسية التي دفعته دفعاً ليطلب من القوات المسلحة استلام مقاليد السلطة في 1958. وقد استحسنا هذا الإطار لنفهم علي نحو افضل خدمات الدكتور منصور خالد الشاب كمعاون متطوع للبيه في مجال الاتصالات يوم التقي به في 1957. وصفة الوظيفة مما قال به منصور أخيراً.)

    أوى المرحوم محمد أحمد المحجوب إلى فراشه ليلة 17 نوفمبر 1957 وزيراً لخارجية السودان ليصحو فجراً وقد خلعه انقلاب الفريق عبود من هذا الجاه خلعاً. فقد سمع طرقاً على بابه في الرابعة فجراً ليجد عقيداً من الجيش وجنده عند عتبة الدار. وحمل رسل الانقلاب هؤلاء رسالة موقعة من الفريق عبود أعفته من المسؤولية مع شكر الأمة له على جزيل خدماته لها. واستدبر الجند تاركين المحجوب يرزح تحت هول الصدمة. وكان المرحوم أمين التوم ، وزير الدولة لرئاسة مجلس الوزراء، قد صحا مثل غيره من الوزراء ليقرأ خطاب عبود في ذات المعنى. وقال أمين التوم إنه واضح أن هذه الخطابات المستغنية قد كتبت علي عجل. وقد استغربت لعبود الذ ي تحوط لمثل هذا المأخذ علي خطابه. فقد جاء في السنة الثانية من حكمه بالسبب الذي ألجأه لإرسال الخطابات التي قال عنها أمين التوم، بعد مضي عقود، إنها مما كتب بعجلة. فقد قال عبود في مذكرات له نشرت في بيروت عام 1959 أنهم قد فكروا في طباعة خطابات الإقالة بالآلة الكاتبة وطيها في مظروف أنيق إلا أنهم خشوا من كشف سر تحركهم لصغار موظفيهم. وقال إنهم فكروا في إصدار الخطابات (وجملتها 15 خطاباً) باسم مجلس قيادة الثورة. ولأن هذا المجلس لم يولد بعد فقد جعلوها باسم القوات المسلحة. وقد وقعها عبود ووضع كل منها في ظرف وختمه على الشمع الأحمر باسم القيادة العامة.
                  

07-06-2006, 02:06 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    ويبلغ منصور في عرفانه بدالة البيه عليه حداً سخريا. فمن رأيه أن بعض حماسة البيه للمعونة الأمريكية كان بسبب اشتمالها على مشروع بإقامة مسلخ ومطار بمدينة نيالا الذي "لو قيض له أن يتم، لتغير وجه الحياة في غرب السودان". ولا نريد أن نحدس هنا عائد المسلخ والمطار علي غرب السودان قاطبة حدس منصور العجول حتى حين يرجم بالغيب. غير أننا نختلف معه في أن بعض دوافع البيه لتبني المشروع الأمريكي كانت عاطفته على دارفور التي مثلها في البرلمان عن حزب الأمة وعن دائرة أم كدادة خاصة. وقد اندلق حبر كثير من الإتحاديين الحاقنين على البيه عن محنة أم كدادة مع نائبها المستورد جملة وتفصيلا حتى اشتهرت عبارة "أم كدادة، ما ذنبها؟". واستعجبت لمنصور يصدق أن نيابة البيه عن أم كدادة كانت حقاًً ولم تكن مجرد دائرة مضمونة لزعيم في الحزب خلا وفاضه من جماهير تدين له بالولاء أصالة لا وكالة. وقد أعدت على المسامع مرات كثيرة خاطرة الدكتور حسن الترابي عن اعتزال الخريجين الشعب حتى احتاجوا إلى دوائر انتخابية خاصة أو لاذوا بالطوائف والقبائل طلباً للدوائر الآمنة. أو ركبوا كل موجة انقلابية أو مسلحة يريدون علواً في الدنيا من فوهة البندقية. وقد سمى الترابي أعيان الطائفة والقبيلة ب"مقاولي الأنفار" لتعهدهم توريد ناخبين بالإشارة لمرشحين جٌرد من الجمهرة. وكل مؤرخ لحركة الهامش وكيف تنامى الوعي السياسي بجنباته سيجد إرهاصات ذلك في وقفة أهله تباعاً ضد من يمليه عليهم مركز
                  

07-07-2006, 03:03 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    تحليل لصراع الجلابة وحمر قال فيه محمد احمد البلاع أن الجلابة يشكلون طبقة البرجوازية التجارية بينما تشكل القبيلة طبقة المزارعين. وهذا منشأ التناقض والصراع بينهما, واستدرك بقوله أنه إذا ما اصبح الحمري تاجراً فسيكون عرضة لنفس النقمة الطبقية. وعلقت الميدان أن النظام القبلي مظهر تخلف لن يزول إلا بنمو رأس المال التجاري الذي يحطم نمط الإنتاج القبلي. ولكن الحزازات ايضاً وليدة التأخر الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي يستفيد منه حزب كحزب الأمة الإقطاعي الذي يعيش علي دم المزارعين. "والجدير بالذكر أن في أوربا لا تجد الناس يتحدثون عن خشوم بيوتهم أو قبائلهم لأن نمو الرأسمالية قد أزال التقسيم القبلي وأحل محله التقسيم الطبقي.
                  

07-07-2006, 02:24 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    وخصصت الميدان كلمة تعرف بكفاح دكتور باندا بملاوي.
    (23-10-5 في الصفحة الولي "فضيحة كبري" عن تغيب وفد السودان من جلسات الجمعية العمومية للأمم المتحدة التي ناقشت مسألة الكمرون. جاء هذا في برقية من دكتور مومي إلي رفاقه في الخرطوم. سؤال لوزير الخارجية: ما هو المانع؟
    سجن أعضاء في الجبهة (كامل محجوب ومعاوية إبراهيم وعثمان الحسن) لتظاهرة في مدني تأييداً لثورة العراق في يوليو 1958.
                  

07-08-2006, 12:50 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    وأتخذ الكتاب أسلوب رسالة موجهة إلى صديق والصديق هو طلعت نفسه. وقد بدا له، وقد بلغ الخمسين من العمر وهو في خضم العسكرية والسياسة، أن يرجع البصرة كرة حتى يستقيم له النظر لقدام لبناء الوطن المعافى من زعامة القدامى ممن أفسدوه وأساءوا حكمه. وقد استطرفت عبارة طلعت في وصف ما ساقه لكتابة "الليالي وفجورها". فقال إن الرغبة في كتابته شغلت أقطار تفكيره وسهدته. فهاجس كتابته كان ملحاحاً لم تزجره عنه مشاغل الدولة التي تأخذ كل وقته. واشتمل الكتاب على مزيج من الذكريات في خدمة السودان واستطلاع لمستقبله الذي اصبح هو أحد صناعه. وأعتذر بأنه سيكتب تاريخاً جافاً لا يلطفه خيال. فالكتاب عنده عبارة عن "أعقاب زفير بقي داخل رئتي من طول ما عدوت وبقوة وبسرعة في مضمار طوله خمسون سنة. فخروجه (أي الزفير) يريحني ويجدد نشاطي وأشك في صلاحية ذلك العمل للكثيرين غيري."
    يرجع طلعت لفترة الصبا ويركز على ملكته القيادية وميله للقسط وقولة الحق. فهو يذكر حب رفقته له وقيادة لهم في شتى المناحي الاجتماعية والرياضية. ثم يقر باندفاعه وثوريته وينعى على المتريثين لأن معظم التريث انصرافية عن أداء الواجب. ثم عرج على بدء خدمته بقوة دفاع السودان بفرقة العرب الشرقية بالقضارف بعد تخرجه في أول دفعة تخرجت من المدرسة
                  

08-05-2006, 02:07 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    خمسون سنة. فخروجه (أي الزفير) يريحني ويجدد نشاطي وأشك في صلاحية ذلك العمل للكثيرين غيري."
    يرجع طلعت لفترة الصبا ويركز على ملكته القيادية وميله للقسط وقولة الحق. فهو يذكر حب رفقته له وقيادة لهم في شتى المناحي الاجتماعية والرياضية. ثم يقر باندفاعه وثوريته وينعى على المتريثين لأن معظم التريث انصرافية عن أداء الواجب. ثم عرج على بدء خدمته بقوة دفاع السودان بفرقة العرب الشرقية بالقضارف بعد تخرجه في أول دفعة تخرجت
                  

08-05-2006, 10:45 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    انشغلنا منذ حين برسم تاريخي لعوالم السياسة في نهاية خمسينات القرن الماضي، عصر عبد الله خليل البيه، التي نفذ من بوابتها الفتى منصور خالد، مستشار البيه الإعلامي، إلى ما هو عليه الآن من شغل للناس والعقائد والمناصب. ونواصل هنا ما انقطع من حديث عن الجدال الوطني الذي استعر في ذلك الوقت حول سبل السودان للاستقرار والتنمية بعد عامين من استقلاله . وسنرى في هذه الحلقة تباين الاجتهادات حتى في المعسكر الواحد.
                  

08-06-2006, 04:05 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    1964 لماذا قام الجيش بذلك الانقلاب. فقد كانوا كما رأى من ضباطه أنهم "مبسوطين وأنا جبتلهم أسلحة." وكان الناس حين يسألونه إن كان الجيش سينقلب عليه يقول لهم: "الجيش مبسوط في أمان الله". واستغرب البيه للجنة التحقيق أن يوحي هو بتمرد عسكري يؤدي إلى عزله من الحكم. ومن الجهة الأخرى استنكر الفريق إبراهيم عبود أمام اللجنة تنصل البيه عن فكرة الانقلاب في شهادته. وقال إنه من المضحكات أن يتملص البيه من فكرة غرسها وتعهدها وحرضهم عليها. وزاد أنه لو قال البيه "بلاش" في وقتها لما وقع الانقلاب.
    ومما لا يحتاج إلى بيان أن أحد الضابطين، البيه وعبود، قد غش في القول بعد أداء اليمين. ولكن الضباط لا يكذبون في عبارة سائرة للبيه نفسه. وربما صدق كل منهما حتى مع فارق شهادتيهما. كان كل منهما صادق مع نفسه وحقائق تلك الأيام من نوفمبر 1957 بقدر ما يسع المرء الصدق أمام لجنة تتحرى تهماً بخرق الدستور عقوبتها الإعدام. فقد كان كل منهما يصور حدثاً سياسياً بما استقر في وعيته منه وقت وقوعه. والسياسة حمالة أوجه. والنوايا التي ينطوي عليها المرء قبل الواقعة هي غيرها تماماً بعد وقوعها وإقبال الناس عليها بالتحليل والتسبيب. فقد كان للبيه والفريق فهماً مختلفاً لما اتفقا عليه خلال شهر نوفمبر 1957. فقد كان من رأي البيه أن أمره للجيش هو أمر بالتدخل في صلاحيات الطوارئ حتى تستتب البلاد وتفيق من
                  

08-06-2006, 06:24 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    كان أولى بمنصور أن ينصح البيه يومها، وهو أمين سر اتصالاته، بالإنتماء إلى حزب آخر غير حزب الأمة يصح فيه مثل هذا الغضب على التجاوز. فالذي تهب يده الدوائر المضمونة لا يقيم وزناً لمثل هذا الغضب بخاصة حين تتهدد غائلة من الغوائل اقتصاد الطائفة. وكانت دائرة المهدي في محنة اقتصادية سار بذكرها الركبان في الوثائق البريطانية. فلم يكن الذي فاوض الاتحاديين هو رئيس حزب الأمة بل الرجل الثاني في الطائفة والمسئول الأول عن حسن إدارة دائرتها الاقتصادية. فمن كان يؤمن بحزب الأمة فإن حزب الأمة قد مات ومن كان يؤمن بطائفة أنصار المهدي عليه السلام فالغضب مرفوع حين يشير زعيم منها بشئ. مرحب حباب حاضر سيدي.
                  

08-07-2006, 02:26 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    العبابدة في الجيش: أحمد عبد الوهاب وحسن عبد الوهاب وحسين وحسن علي كرار والاقر ومزمل (قابله عبود في ليلة الانقلاب وقال له "نحن عملناها علشانكم أنتو الصغار.".
    الندرسة الحربية اغلقت بعد 1924.. واتصلت بكلية غردون. ويتخرج طلابها في قائمة واحدة مع المدرسة الحربية المصرية. وتخرج منه محمد نجيب. ولما احتلت الحبشة في 1935 عاد الإنجليز لتأسيس كلية لتدريب السودانيين للحرب المحتملة مع إيطاليا. وكانت دفعها الأولى على النحو التالي والأسماء مذكورة بحسب ترتيب التخرج:





    الدفعة الثانية 1936
    بحاري
    محمد نصر عثمان
    الخواض محمد أحمد
    عبد الله الأمين إسماعيل
    محمد التيجاني خليفة
    1937
    أولها محمود ابو بكر ويعينون كعساكر ويدربون في الخدمة لمدة عامين ويحصلون على براءة الحاكم العام.
    وتخرج 9 دفع من هذه المدرسة وتوقفت في 1944 بنهاية الحرب. وعاد الإنجليز لمؤسسة تعليم العسكرية بعد قناعتهم أن السودان في طريقه للاستقلال فأنشأوا الكلية الحبية في 1948 وتخرج مزمل في دفعتها الأولي عام 1950.
                  

08-08-2006, 02:08 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    قد لا يأخذ القارئ بفهم البيه لانقلاب 17 نوفمبر من فرط تعلقنا بعبارة "تسليم وتسلم" في وصف ذلك الانقلاب. فقد غلب في تفسيرنا للانقلاب أنه تسليم للحكم من البيه، وزير الدفاع في حكومته هو نفسه، بأمر للفريق إبراهيم عبود. وهذا هو فهم الفريق بل هو مرتكز مشروعية حكمه طوال ست سنوات. ولم يطرأ لنا أن نأخذ بفكرة البيه من حركة الجيش (حتى لا نقول الانقلاب) على وجاهتها ونستأنس بها في تحليل الواقعة. فمن رأي البيه أنه اتفق مع عبود وصحبه الميامين أن يتدخل الجيش في صلاحيات الطوارئ ويقيم حكومة وحدة وطنية ومجلس سيادة جامع للقوى الحزبية والجنوب. وهو ترتيب سيكون للجيش فيه تمثيلاً ما. وقد اتفق معظم قادة الانقلاب أمام لجنة التحقيق فيه بأن هذا بالفعل ما تواضع عليه البيه والجيش. بل قالوا إن الجيش قد حنث بهذا الإتفاق في ملابسات سيأتي ذكرها. ولم
                  

08-08-2006, 02:25 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    هذا التلميح بالإنجليزية ((HINT. ورجح أحمد خير أمام لجنة التحقيق الرسمية في دواعي الانقلاب أن مجيء القاضي له صباح الانقلاب كان ليدل اللواء على منزله. وهذا بمثابة تغطية لرئيس القضاء من تهمة التآمر لخرق الدستور. وواصل أحمد خير نفى الشبهة عن أبي ورنات، رفيق سلاحه في نظام عبود، قائلاً إنه لا يعتقد أنه ممن علم بجذور الانقلاب ولكنه كان مع ذلك وثيق الصلة بعبود وحسن بشير. وأضاف أن هذه صلات قد تجعله أقدر منه ليدرك علم نفس الموقف السياسي (general psychology) وأغراضه آنذاك. وفي سياق هذه التبرئية لأبي رنات من وزر التآمر للانقضاض على الدستور قال حسن بشير في أقواله للمحققين إنه جاء وحده لأحمد خير. ولكنه عاد يقول للمحققين إنه وجد أبارنات مع أحمد خير حين ذهب لعرض منصب المستشار القانوني عليه بأمر من عبود. وظل اسم القاضي يرد في أقوال الآخرين كلاعب ذي وزن في الانقلاب. فقال المرحوم الدرديري محمد نقد للمحققين إن أحمد خير صبح ليلة الانقلاب مع العسكريين وقد صاغ لهم كل بياناتهم. وأضاف أن القاضي هو الذي زكى احمد خير للعسكريين حين طلبوا منهم أن يكون مستشارهم تقية منه حتى لا يشاهد رجل في منصبه والتزاماته يظاهر علي خرق الدستور.
    وجاء عند فيرست ما قد يضع النقاط على حروف أبي رنات المواربة
                  

08-09-2006, 01:41 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    إن لم تكن جريدة "الصحافة" التي صدرت في 1960 كأرشق ما يكون وبمطبعة خاصتها بسوق نمرة أتنين هي هذه الصحيفة والمطبعة التي تعالى عليها أبو الرحوم. رحمه الله.
    ولم يطل بي التساؤل. فقد جاءت مذكرات الأستاذ شوقي ملاسي، "أوراق سودانية"، بما يوحي بأن "الصحافة" ربما كانت هذه الصحيفة التى لم يقبل رحمي أن يتورط فيها. قال ملاسي إنه كان بلجنة التطهير بعد ثورة أكتوبر 1964 وقد حقق مع المرحوم عبد الرحمن مختار حول جريدته الصحافة. وقد أمر ملاسي بذلك التحقيق بعد بلاغ مرفوع من المرحوم بابكر كرار، مدعوم بوثائق من البنك الأثيوبي بالخرطوم، توضح دعم أثيوبيا لعبد الرحمن في تمويل الجريدة. وقال ملاسي إن المرحوم عبد الرحمن جاء مضطرباً ولم ينف استلام المال. ولكنه تحجج بأنه استلمه مضطراً تحت تهديد مسدس في مكتب طلعت فريد، وزير الاستعلامات وبحضور المرحوم فوراوي، وكيل الوزارة. وقال ملاسى إنه فوجئ في اليوم التالي بمقال لعبد الرحمن بجريدته عنوانه "أرادوا تطهيري فافسدوا طهارتي" كال فيه للجنة التطهير. والمعروف أن عبد الرحمن كان وثيق الصلة بأثيوبيا كما قال هو بذلك في كتابه "خريف الفرح." وكان لأثيوبيا اهتمام دقيق بمجريات الرأي العام السوداني. فقد قال الأستاذ محمد سعيد محمد الحسن إنه عثر علي وثيقة عبارة عن خطاب من الإمبراطور أوضح أن الأخير جاءه في 1958 يلتمس المشورة حول ظرف السودان الحرج وأنه نصحه بإعلان الأحكام العرفية وأن يجعل نفسه الحاكم الفعلي وأنه سيمده بالسلاح عن طريق الولايات المتحدة. ونصحه أيضاً بوضع المدارس المصرية تحت إشراف وزارة المعارف السودانية. وبيت القصيد أن الإمبراطور وعد البيه بمده بالعون المالي لشراء الصحف المؤيدة لمصر للتأثير عليها بطريقة تجعلها تنحاز للبيه. وعلى ذكر طلعت وفواري وجب أن نتذكر أن وزارة الاستعلامات والعمل في عهدهما شهدت إصدارات صحفية قريبة أو حفية بنظام عبود وأنفقت عليها مثل جريدة الثورة والصراحة الجديدة بعد تصفية الصراحة القديمة
                  

08-17-2006, 04:20 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومنصور خالد.....(8) المٌستثنى .. بمنصور ......د. عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    السيد الصديق المهدي يزور مكتبة "المواطن" الختمية-الشيوعية بالسجانة
    قال لي الدكتور ماجد بوب، شقيق بابكر بوب، إنه كان علي عهد طفولته يساعد والده في عمل المكتبة المذكورة في المقال. وزار المكتبة يوماً المرحوم السيد الصديق المهدي، زعيم الأنصار، في نحو السابعة مساء. وقضي المرحوم نحو ساعة إلا ربع يقلب الكتب والمجلات. ومكث بعض الوقت يتصفح مجلة "المسلمون في الصين" التي كانت تصدر من الصين الشيوعية تطمئناً للمسلمين بأن الإسلام في الصين بخير. ووقف والد ماجد بوب الختمي بعيداً يرسل ابنه بكتب ومجلات ليعرضها على السيد الصديق. وعرض مرة كتاباً باللغة الإنجليزية عليه. فقال السيد إنه لا يعرف الإنجليزية. فقال الوالد لماجد: " قال ما بيعرف إنجليزي يعني؟ قولو إنته كنته في راس القايده في الكلية." وهذا رجوع من هذا الختمي الماكر إلي إضراب كلية غردون عام 1931 الذي كان السيد الصديق أحد قادته. والمعلوم أن السيد الصديق كان عضواً بلجنة الإضراب، الذي قاده مكي المنا، ممثلاً لكلية الهندسة بغير منافس مثل غيره من ممثلي الكليات. واشتري السيد من مجلة "المسلمون في الصين" وكتباً أخرى. ودفع وترك الباقي. ولما حمل ماجد الباقي لوالده قال له ألحقه ورد له باقيه. فهذا الختمي الغيور لا يريد فضلاً من زعيم الأنصار. ووجد ماجد السيد قد ركب سيارته. وفتح السائق الباب لماجد ليتحدث إلى السيد. فقال له أنت نسيت باقيك. فقال له لقد تركته لك يا ابني. وعاد ماجد فرحاً. وأضاف ماجد أن والده كان معجباً كمسلم بمجلة
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de