دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: مات ورى وهو يغنى يا بلدى يا حبوب ....................... (Re: munswor almophtah)
|
إنّا لله وإنّا إليه راجعون
ملك الاغنية السودانية وفنــان افريقيا الاول الاستاذ الموسيقار/ محمد وردي...
اللهم أرحمه وأسكنه فسيح جنّاتك اللهم باعد بينه وبين خطاياه كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقّه من الخطايا والذّنوب كما يُنَقّىَ الثّوب الأبيض من الدّنس اللهم أغسله بالثلج والماء والبرد اللهم أبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله اللهم أجمعنا وإيّاه في مستقرّ رحمتك اللهم إنّا نسألك بإسمك الأعظم أن توسّع مدخله اللهم آنس في القبر وحشته اللهم ثبّته عند السُّؤال اللهم لقّنه حجّته اللهم باعد القبر عن جنباته اللهم أكفه فتنة القبر اللهم أكفه ضمّة القبر اللهم أجعل قبره روضةً من رياض الجّنّة ولا تجعله حفرة من حفر النار اللهم إن كانت محسناً فزد في إحسانه ، وإن كانت مسيئاً فتجاوز عن سيّئاته اللهم ألحقه بالشُّهداء اللهم أفتح عليه نافذة من الجّنّة وأجعل قبره روضةً من رياضه إنّا لله وإنّا إليه راجعون
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مات ورى وهو يغنى يا بلدى يا حبوب ....................... (Re: Amani Al Ajab)
|
الأخت Amani Al Ajab
سلام من الله عليك
ووردى كبير فى ما أجاد وأتقن وكبير لحبه الهلامى لهذا الوطن وكبير لأنه يجمعنا تحت سقف أناشيده وتعويذاته للوطن-ووطن بلا كبير تختلط فيه الأوراق والأشياء والقيم ويفقد مقاييس توازنه رحم الله وردى الذى عرف بفنه السودان وتعرف علينا من لا يعرف لسان لهجنا بموسيقاه المؤثره اللهم أرحمه وأغفر له وأجعل الجنةمثواه الأخير
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مات ورى وهو يغنى يا بلدى يا حبوب ....................... (Re: عاطف عمر)
|
Quote: عزيزي منصور و الله ديل بالذات لا ماتو و لا بموتو.
تراهم و قد رحلو نظيفي الكفن، لم تلحقه أدران سحت و لا أوساخ ربا. رحلوا مكللين بحب السودانيين حينما كان السودان يفي بالوعود، خلصوا إلي أن الطريق الأقرب إلي الخلاص هو طريق الفناء في حب الوطن فسكبوا ما لديهم غزيرا علي ثري الوطن. أذابوا أرواحهم فنا رفيعا (كل في مجاله) كما المحجوب و المجذوب و الهندي.
رحم الله وردي فقد فارق الدنيا تحفه دعوات المحبين فوق محفة من الحزن الصدوق. له الرحمة و للوطن وعد الشفاء. |
كفيت و وفيت أخ فتحي و مرحب بيك و بقلمك في العالم الاسفيري و الف رحمة علي قيثارة الفن
الاستاذ الموسيقار محمد وردي
و لا دامت الاحزان
و شكراً منصور
ــــ
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مات ورى وهو يغنى يا بلدى يا حبوب ....................... (Re: معاوية المدير)
|
مات الأمين عبدالغفار وعبدالعظيم حركه ومات الكحلاوى ومحمد أحمد عوض وإبراهيم عوض ومات عتيق وأبوصلاح والبنا ومات أبوالروس وأبوقبوره والفاضل سعيد ماتت الشموع وأحتشدت الدموع وتفرقت الجموع- ماتت الركائز وظلت الجنائز ومات وردى أحسن الموت وأنبله مات يغنى لوطنه ولعزته ولكرامة إنسانه ومات واقفا كالبركل وخوفو والمسلات فهل من الممكن أن يموت من ذاكرة الصومال والأحباش وأهل شاد وأهل البرنو ومالى وموريتانيا وهل يمكن أن يمسح من ذاكرة أهله اللهم أرحمة رحمة العارفين بالله وأبعثه فردوسك ليكون من ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر يطرب الناس يومذاك.
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مات ورى وهو يغنى يا بلدى يا حبوب ....................... (Re: معاوية المدير)
|
معاويه المدير كيفنك يا زول واريت حالك زين
رفض أحد الشيوخ الصلاة على رجل حسب أنه فاسقا وحمل أهل الرجل جثمانه لل########ه ومر عليهم إعرابى فوق جمل بشارى خافس فى أصالة الأصل الحميد والإعرابى أجاد تزيينه بكل ما يمكن أن يزان به جمل حر فإستبشر أهل المتوفى بذاك الرجل الصبوح وقالوا له صلى على ميتنا هذا فوقف الإعرابى قبالة المتوفى وقال: يالله الزول دا عبدك وجاك وهو من أفقر عبادك إليك وعلى الحرام أكان جانى أنا لذبحت له جملى هذا ثم سلم. وفى الصباح أرسل الشيخ لأهل الميت يستفسر عن من صلى بالجنازه فقالوا له لماذا قال حلم بأن زولكم فى الجنه وأحسب أن من صلى عليه بصالح فبماذا دعى إليه فأخبروه فقال إن كان ذلك يذبح جمله إليه فماذا يفعل أكرم الأكرمين_ اللهم إن جاءنا وردى لجلبنا له لبن الطير ولذبحنا له ما لا نملك فهو من أفقر الناس إليـك وأنت أكرم الأكرمين.
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مات ورى وهو يغنى يا بلدى يا حبوب ....................... (Re: munswor almophtah)
|
اخي ود المفتاح - كتب الاخ مزمل أبو القاسم عن الراحل المقيم في وجداننا ما يلي :-
Quote: أيا وردي.. (فراقك) المنو ضاق صدري! * اليوم نرفع راية أحزاننا، ويسطر التاريخ موعد دمعنا. * يا إخوتي.. أبكوا معي.. أبكوا معي. * رحل فنان إفريقيا والسودان.. محمد عثمان. * غيب الموت جسد العملاق الباذخ، وفاضت روح الفنان الشامخ الذي غنى للحب والخير والجمال وداعب أماني الشباب وأحلام العذارى، وترنم للوطن والشهداء وراية العلم والنيل والنخيل. * وغنى للحرية والدماء الطاهرة. * لم يكن وردي مطرباً عادياً ولا مجرد مؤدٍ ذي صوتٍ شجي، بل كان هرماً وطنياً ذا فكر ومبدأ وقضية. * دخل بغنائه العذب الفصيح الصريح قلوب الجماهير وسجون مايو، وذاق ويلات الغربة عن الأهل والوطن، ولم يغترب صوته الطروب وكلماته الشجية وألحانه العذبة الندية عن أرضنا وسمائنا وليلنا لحظةً واحدة. * وردي شاعر وفنان وموسيقار ومفكر ومناضل. * وردي الوطن مثل النيل، وأعلى من هامات النخيل. * غنى بالطمبور فأطرب أهل الجنوب الغرب قبل الشرق والشمال. * غنى بالفصحى فأجاد وأبدع وأمتع وأقنع. * وغنى بالعامية فمس شغاف القلوب وأسر الأحاسيس الندية، واسترّق الآذان بأبدع الألحان. * وغنى بالرطانة فجعلنا ندندن خلفه بما لا نفقه. * وداعب العود فتمايل معه سعف نخيل الشمال الطال، ورقصت له غابات تركاكا واهتزت له الرملة الدقاقة. * نظم النغمات ووزع المقامات فأصبحت تدرس في أكبر المعاهد والجامعات. * غنى بالحقيبة والتراث فأسمع من به صمم، وأطرب الشجر والحجر والبشر. * وذاعت شهرته بين العرب والعجم. * فعل وردي بحنجرته الندية وألحانه الشجية ما أعجز الخارجية والدبلوماسية! * انتشرت أغانيه البديعة في أدغال إفريقيا بدءاً من إريتريا وإثيوبيا وانتهاءً بنيجيريا والكاميرون. * لذا لم يستكثر الناس عليه أن ينال لقب فنان إفريقيا الأول. * (وآ آسفاي) عليك يا وردي السودان الجميل. * يا نور العين.. إنت وينك وين؟ * شفى وردي النفوس وروى العقول بروائعه الموسيقية. * ووري جسده مقابر فاروق وبقيت جامعة وردي للموسيقى والفن شاهدة على عظمة الراحل. * وردي.. التراث.. الحداثة والأصالة. * وردي.. العود والطنبور والنوتة. * أهرامات الكجيك.. بوابة عبد القيوم.. جبل كرري.. خزان سنار.. الطابية المقابلة النيل ومحمد عثمان وردي معالم ونقوش خالدة في خريطة السودان. * ولد في أقاصي الشمال ودفن في قلب الخرطوم وعاش خالداً مخلداً في وجدان الشعب السوداني، واستقر إلى الأبد في قلوب كل من استمعوا إلى فنه الراقي النبيل. * وردي ليس أقل شأناً من عمالقة الموسيقى في العالم، أمثال باخ وموتسارت وبتهوفن وشومان وشتراوس وتشايكوفيسكي. * غنى (كفى يا قلبي أنسى الفات).. والفات لن ينسى يا وردي.. لأنك مغروس في وجدان الناس! * وغنى (يا جميلة ومستحيلة) فحاكى الغيوم ارتفاعاً والنجوم بريقاً. * وغنى لـ(هجرة عصافير الخريف في موسم الشوق والحلو) فغرس في أعصابنا أجمل النغمات مع (شهقة جروف النيل مع الموجة الصباحية)! * غنى لبلده الحبوب.. وللجبة والصديري والسيف والسكين. * وترنم لـ(روعة سحر الأسطورة) وداعبت ألحانه (سمحتنا الما بنطولا).. وغنى للطير الطاير والطير المهاجر فجعل مشاعرنا تحلق في جوف الغيوم الراحلة. * اليوم يا وطني الحزين.. ما بين ظلالك أفتش وأكوس (وردي) وملامح صباي. * التقى عملاق الشرق الراحل كجراي في غابات الجنوب، فكانت محصلة عناق النخيل (مافي داعي تقولي مافي داعي.. يا الربيع في عطرو دافي.. لهفة الشوق في كلامك.. في سلامك.. وسر غرامك ما هو خافي)! * وشكل مع سلافة فن سماعين ود حد الزين أجمل ثنائية في تاريخ الفن السوداني، وغنى معه (لذات الشامة)، (الليلة يا سمرة)، (يا قاسي)، (يا حلو)، (أسفاي)، (قبل الوداع) و(ما تخجلي) وغيرها فأجج الأشواق وأطلق البهجة والنشوة من عقالها وجعل مساءاتنا أغلى وأحلى! * وحلق مع الحلنقي في شواهق الإبداع وغنى له (توعدنا وتخلف بالصورة)، (قطر الندى)، (أقابلك)، (استنيني)، (هجرة عصافير الخريف)، (أعز الناس) وغيرها. * وغني للجيلي عبد المنعم (مرحباً يا شوق) فداعب أشواقنا وأحلامنا وأطربنا حتى الثمالة. * وغنى لود المكي (صبحك نور) وللتيجاني سعيد (قلت أرحل)، و(من غير ميعاد) ثم فارقنا من غير ما ميعاد فأدمى القلوب وخدّش الدواخل. * وغنى (للناس القيافة) مع أبو قطاطي. * وغني بذوقه السليم مع إبراهيم الرشيد لـ(سليم الذوق). * وغنى لصلاح أحمد إبراهيم (الطير المهاجر) وخلد محبوبة (بتشتغل منديل حرير لحبيب بعيد). * وجادت شاعريته بقصيدة (قصة حب) فنسبها إلى الموسيقار علي ميرغني. * وغنى للدوش (الوُد) فأبدع أجمل لوحة في تاريخ الغناء السوداني. * غنى للشامة.. للنسمة.. للوردة.. للقمر وللتراب فخلب الألباب. * غنى للثورة والاستقلال والتراب والنيل والنخيل وخلد كل ما هو جميل. * وغنى للمستحيل فجعله ممكناً. * رحيل وردي حار ومر.. فعل بقلوب أهل السودان (سواة العاصفة بي ساق الشتيل الني، وفعل السيل وكت يكسح ما يفضل شي، ده كان (حزنك) وكت حسيتو شفت الدنيا دارت بي)! * لن نقول وداعاً لوردي لأنه بيننا موجود، لم يرحل عنا ولو غنى (قلت أرحل) ألف مرة، لأننا لم ننس الإلفة! * تالله يا وردي.. فراقك منو ضاق صدري! * (عذبني وتفنن).. ووداعاً يا (أعز الناس)! |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مات ورى وهو يغنى يا بلدى يا حبوب ....................... (Re: الطيب شيقوق)
|
محمد وردي ... ذكريات وأسمار وأفكار (1-2): عبد المحمود نور الدائم الكرنكي
بعد رحلة عطاء إبداعي زادت عن نصف قرن، بعد أن أضاءت روائعه الملهمة فضاءات الوجدان والوطن لأكثر من خمسين عاماً، انتقل ملك الغناء السوداني محمد وردى إلى رحاب الله بمستشفي فضيل الساعة 10.25مساء السبت 18/فبراير2012م. فيما يلي ذكريات وأسمار وأفكار عن محمد وردي مبدع السودان الراحل. قبل (17) عاماً كانت أول مرة ألتقى فيها الفنان محمد وردي. كان ذلك في عام 1995م في لندن. كان وردي يقيم بسبب السياسة في العاصمة البريطانية. كان عنوان وردي في لندن 14 Red Bridge Lane East ILFORD,IJE 5EU كان رقم هاتف وردي في لندن 0181-491-4558 وقد حصلت على رقم الهاتف والعنوان من صديق مشترك. وتصادف أن كان نجم التلفزيون السوداني، حسن عبدالوهاب في تلك الأيام في لندن، في زيارة عمل. وقد جاء قادماً من مقرّ إقامته في مدينة بون- ألمانيا. أخبرت حسن عبدالوهاب بأن وردي في لندن. واتفقنا على زيارته. كانت الأجواء السياسية بين المعارضة والحكومة متوترة للغاية. ولكن لابدّ من كسر الجدار العازل، ليتدفق نهر السماحة السودانية بين الطرفين. فكان الاتصال هاتفياً بوردي في منزله، وأخطرناه بأن يتوقع زيارتنا مساء ذلك اليوم. وحدّدنا ساعة الحضور. وعندما وصلنا إلى منزل وردي استقبلنا ببشاشة كبيرة جداً. كان استقبالاً حميماً. كانت تلك المرة الأولى التي ألتقى فيها وردي، وإن كنت منذ الصغر أحفظ كل أغنياته تقريباً. شعرت أن الحميمية التي استقبلنا بها، تعطي الشعور أنه صديق قديم، أو ذلك النوع الذي تحسّ أن يمكن مصادقته منذ أول لقاء. في ذلك المساء تدفقت الأحاديث في ساعتين من الإلفة الأصيلة والمودّة. كان وردي في الواقع عكس بعض الكتابات غير الدقيقة التي اعتادت أن تتطاول وتسرف في دعواها، عن ما تسميه غرور وردي وغلظة وردي وقسوة تعامله. وتلك كتابات غريبة غير منصفة، في حق رمز وطني انساني. واحدة فقط من مآثره الإنسانية العديدة أن وردي رائد في رعاية علاج الفشل الكلوي للأطفال. ولا يدري أحد ماذا فعل شانئو وردي من أجل الطفولة والفن والوطن؟. في ذلك المساء تحدث وردي بصدق، عن معاناته في الإغتراب والبعد عن الأهل والديار، كان يتفطّر ألماً ويقول: والله ما قادر أنوم!.قالها أكثر من مرّة. عندما كان يتحدث عن معاناته كنت أحس أنها بحجم موهبته، وبحجمه تمّرغه في شجن السودان وحب السودان. من ضمن أسمار تلك الليلة وأحاديث الإمتاع والمؤانسة، سألته عن أصعب لحن قام بتلحينه، فقال لحن أغنية (الودّ). قال حسن عبدالوهاب أليس لحن أغنية المستحيل؟ قال وردى: لا. تلحين (المستحيل) لم يكن صعباً. أصعب لحن كان لحن أغنية (الودّ). سألت وردي: هل استغرق تلحين (يا راجياني) زمناً فأجاب: لا. كان تلحينها سهلاً. ذكرت له كيف أنني كنت أستمع إلى تلك الأغنية في مرحلة الخطوبة. والحديث ذو شجون، تحدث وردي عن دوره في أن يسجِّل أولاد حاج الماحي مدائحهم النبوية في الإذاعة السودانية. لولا محمد وردي لما استمع الشعب السوداني إلى مدائح (حاج الماحي) في الإذاعة السودانية. وقد حكى محمد وردي قصة أوّل تسجيل لهم، ومَن كان حاضراً من رموز الفن والموسيقى. قلت للموسيقار وردي كيف إن موسيقاراً بحجم برعي محمد دفع الله يستحق اعتباراً وتقديراً بحجم موهبته وعطائه. فوجدت أن وردي يكنُّ لبرعي محمد دفع الله احتراماً وحباً كبيراً. يذكر أن هناك ثلاث أغاني فقط من أغنيات وردي قام بتلحينها غيره. وهي أغنية (الوصية)، وهي من ألحان برعي محمد دفع الله، وأغنية ياطير ياطاير من ألحان خليل آحمد و (حرّمت الحب والريدة) من ألحان وكلمات الطاهر إبراهيم. عدا ذلك كل أغنيات وردي هي من ألحانه. وقد لحّن وردي لصلاح بن البادية أغنية (أيامك)، كما لحّن لعثمان مصطفى أغنية (مشتاقين). وضعت تلك الأغنية عثمان مصطفى في القمة منذ لحظته الأولى. ذكرت لوردي أن العديدين يحبون أول أغنية سجلها للإذاعة (بشوف في شخصك أحلامي). فتنفَّس وردي بارتياح قائلاً: أنا أحب هذه الأغنية، وهي من كلمات كمال محيسي، يذكر أن الشاعر كمال محيسي قد رحل عن دنيانا في شبابه الغض، وقد كتب عدداً من الأغنيات الجميلة مثل أغنية (أيامنا) لسيِّد خليفة.. (أيامنا في الدنيا معدودة.. ليه بس نبكيها.. ونتعذب فيها.. مادام الدنيا في إيدينا موجودة). كأنما كان كمال محيسي يتنبأ برحيله العاجل. في تلك الليلة اتفق حسن عبدالوهاب ووردي على أن يحمل حسن خطاباً من وردي إلى عائلته في الخرطوم. حسن كان حينها بصدد زيارة السودان، وقد أخبرني حسن لاحقاً أنه سلّم خطاب وردي إلى عائلته. في تلك الليلة ذكرت لوردي جمال اللحن الذي أبدعه برعي محمد دفع الله، للنشيد الذي يغنيه عبدالعزيز محمد داؤود (غالية الثورة غالية علينا.. منَّك كلّ خير راجينا.. نسلم ليك وتسلمي لينا). فقال وردي بانفعال الفنان بأنه كان يتمنى أن يغنّي ذلك اللحن، ثم صدح لثواني بمطلع نشيد (غالية الثورة غالية علينا) بأجمل صوت يمكن أن يستمع إليه إنسان، أو أجمل صوت يمكن أن يمتد إلى أثير الفضاء العريض. تلك الأغنية السياسية أو النشيد (غالية الثورة) من كلمات إسحاق الحلنقي. محمد وردي فنان حقيقي وإنسان حقيقي. وقد اعتاد بعضهم في أيام خالية ظلم محمد الفنان الانسان ظلماً كبيراً، كأنما قدره احتمال التضحيات منذ اعتقاله في نهاية الخمسينات وسجن السبَّعينات عندما قضى في سجن كوبر عامين في عهد الرئيس نميري، حيث قضاها في زنزانة يفترش الأرض. مفخرة الغناء السوداني محمد وردي، من القلة القليلة من فناني السودان الكبار، ممّن لايتكرر الواحد منهم إلا مرَّة واحدة كلّ عدة قرون. كانت تلك المرة الأولى التي التقيت فيها محمد وردي. كانت المرة الثانية في لندن في منطقة (سنت جونزوود)، في منزل الدكتور عزالدين على عامر، عقب رحيله. كان وردي في مجلس العزاء صامتاً حزيناً، وكنت قد تعرفت إلى الراحل د. عزالدين، قبل أربعة أيام من رحيله. وهو مهذب دمث الأخلاق. وعند عزاء زوجته الأمريكية وابنته الوحيدة، ذكرت لهم أن د. عزالدين من كبار السياسيين السودانيين المحترمين، وإن هناك استعداداً تاماً لتغطية نفقات ترحيل الجثمان إلى أرض الوطن. فأجابت زوجته بعرفان ودموعها على عينيها أشكركم... أشكركم. كان ذلك في يونيو 1995م. المرة الثالثة التي التقيت فيها وردي كانت عبر الهاتف عندما سمعت بخبر الفشل الكلوي. كان وردي عبر محادثته الهاتفية، شجاعاً، فارساً، بمعنويات عالية وبشاشة فيّاضة. ونقلت الخبر إلى الراحل السفير أحمد عبدالحليم فاتصل بدوره بوردي. وقد تذكرت شجاعة وردي في المرض مرَّة أخرى لاحقاً. ذكَّرني إياها الراحل أحمد عبدالحليم. كنت قد التقيت بأحمد عبدالحليم، في منزله في لندن، عقب عودته من الطبيب، وقد سلَّمه نتيجة التشخيص وأخبره بالسرطان، كان احمد طبيعيَّاً للغاية، كأنه ليس طرفاً في ذلك الموضوع!. كان على نفس سجيته يتحدث ويضحك ويعلِّق، كأن لم يكن شيئاً، بينما السيدة الفضلى زوجته تأتي بالقهوة. كانت علاقتهما مثل عرسان في الشهر الأول. لم أرَ شجاعة في المرض كشجاعة أحمد عبدالحليم، وطوال أيام أعقبت ذلك، تلاقينا فيها مرّات، كان أحمد كأنّ السرطان لا يعنيه في كثير أو قليل. ومن بعدها ذهبنا معاً إلى المستشفى لتهنئة كريمته بالمولود (خالد بن الوليد). وفي المستشفى عرّفني الأستاذ أحمد بالسيدة زوجة السيد داؤود عبداللطيف التي جاءت برفقة ابنتها للتهنئة. كانت بنت داؤود مهذبة صامتة، ترتدي بنطلون وقميص (تي شيرت). محمد وردي...بحيرة عظمى من الألحان الجميلة. إلتقيت محمد وردي مرة رابعة في مناسبة عامة، وتبادلت بعض الحديث. وكانت المرة الخامسة في صيوان العزاء في رحيل السيدة عقيلته أم مظفر علوية الرشيدي. في كل مرة كان وردي هو الانسان والفنان العفوي الأصيل. وردي ملك من ملوك الفن السوداني، وملكاً من ملوك حضارة الفن السوداني، كان منظراً رائعاً ظهور وردي مرتدياً أزياء ملوك الحضارة السودانية في احتفالية الخرطوم عاصمة الثقافة العربية وهو ينشد نشيد (يقظة شعب)... (حين خطَّ المجد في الأرض دوربَه... عزم تهراقا وإيمان العروبة... عرباً نحن حملناها ونوبة). إذا كان لفن الألحان جغرافيا تُدرَّس، فإن محمد وردي بحيرة عظمى من الألحان الجميلة. كما أن محمد وردي شاعر عملاق يغني بألحانه العظيمة الأشعار الجميلة التي ينتقيها بعناية شاعر. تلك خاصية لايستطيعها إلا أصحاب المواهب الطبيعية الضخمة. وتلك أقلية نادرة، ذلك سرّ نجاحه المتفرد السهل الممتنع. تنقَّل وردي في أشعار أغنياته في قارة واسعة من أزاهير الشعراء... كمال محيسي (بشوف في شخصك أحلامي).. اسماعيل حسن (بعد إيه، المستحيل، خاف من الله، لو بهمسة، الرّيلة، وغيرها)... محمد عثمان كجراي (مافي داعي)... الجيلي عبدالمنعم عباس (مرحباً يا شوق، الهوى الأول)... صاوي عبدالكافي (أمير الحسن، حبيب القلب يا أغلى الحبايب).. صديق مدثر (الحبيب العائد)... أبو آمنة حامد (فرحة. بنحب من بلدنا)... محمد الفيتوري (أصبح الصبح وغيرها).. محمد المكي ابراهيم (أكتوبر الأخضر. إنني أؤمن بالشعب حبيبي وأبي، وغيرها)... مرسى صالح سراج (يقظة شعب)... إسحق الحلنقي (عصافيرالخريف، ياراجياني، أقابلك في زمن ماشي، وغيرها).. السِّر دوليب (هدية)... محمد على أبوقطاطي (المرسال، سوات العاصفة)... التجاني سعيد (من غير ميعاد، قلت أرحل)... عمر الطيب الدوش (الودّ، بناديها، وغيرها) ... الجيلي محمد صالح (الحِبيِّب)... صلاح أحمد إبراهيم (الطير المهاجر، يا ثوار اكتوبر)... عبدالواحد عبدالله (اليوم نرفع راية استقلالنا)... محجوب شريف (أحبك أنا مجنونك، وغيرها)... على عبدالقيوم (بسيماتك تخلِّي الدنيا شمسية)... محمد يوسف موسى (عذبني).كما غنى وردي لمبارك بشير ومحمد الحسن دكتور. تلك قائمة باثنين وعشرين شاعراً مميزاً. وهناك غيرهم. لولا شاعرية وردي وملكاته العالية، لما استطاع التنقل بنجاح في حدائق الشعراء. لإبراز أكثر لتلك الميزة (الورديَّة)، نقول بعد أن فارق الفنان التاج مصطفى الشاعر الملحِّن عبدالرحمن الريح، لم يستطع ان يقدِّم مثل (الملهمة) و (إنصاف)، وبعد أن فارق حسن عطية الشاعر الملحن عبدالرحمن لم يبدع مثل (لو إنت نسيت) و (حرمان) و (إنت حياتي)، وعندما انتقل ابرهيم عوض بعيداً عن الشاعر الملحن الطاهر ابراهيم لم يعد الفنان الذري كما كان. لكن تميَّز وردي بالتنقل في قائمة طويلة من الشعراء، محافظاً على تجدُّده وإبداعه وقمته. وتعتبر المقدمات الموسيقية في بعض أغنيات وردي بحد ذاتها اضافات خالدة للموسيقى السودانية، مثل مقدمات أغنيات (المستحيل، خاف من الله، بعد إيه. الطير المهاجر). وبغض النظر عن حرّ الأفئدة والحزازات السياسية، إذا كانت تغلي كالبراكين، أو لم تكن تغلي، فإن محمد وردي سياسي شجاع قضى سنيناً في سجون الرئيس جعفر نميري. ولا يفعل ذلك أبداً من يضع المال قبل المبادئ، بل يفعل ذلك من يضع المبادئ قبل المال، خاصة إذا كان فناناً جماهيراً ناجحاً مثل وردي. وفي الأغنيات الوطنية والسياسية يتبوأ محمد وردي (قمة هملايا) إبداعية يستحيل تسلقّها... هناك نشيد إفرح وطني الذي اشتهر بأنه من كلمات اسماعيل حسن ولكنه من كلمات محمد وردي، وهناك نشيد (يقظة شعب) من كلمات مرسى صالح سراج، ويا ثوار أكتوبر يا صناع المجد (صلاح محمد ابراهيم)، إنني أؤمن بالشعب وأكتوبر الأخضر (محمد المكي ابراهيم)، وأصبح الصبح(محمد الفيتوري)، وشعبك يا بلادي (الطاهر ابراهيم)، واليوم نرفع راية استقلالنا (عبدالواحد عبدالله)، وهناك يا فارسنا ويا حارسنا (محجوب شريف)، من شعاراتنا مايو (محجوب شريف)، حنتقدم (محجوب شريف)، نحن رفاق الشهداء (على عبدالقيوم). هناك إجماع وطني كامل في الأغنيات العاطفية لمحمد وردي. لكن لدى البعض شيئ من تحفظات على مضامين بعض من الأغنيات السياسية. لكن تلك الاغاني السياسية أعمال ذات قيمة فنية متميِّزة، بغض النظر عن لونها السياسي. محمد وردي في أغنياته الوطنية والسياسية يعبِّر عن نبضه الذاتي ونبض الشعب. ليس محمد وردي فنان حزب أو أنظمة، إنما فنان شعب ووطن. كتب الشاعر الرائع بدر شاكر السَّيَّاب... منطرحاً أمام بابك الكبير..أصيحُ في الظلامِ أستجير .. ياراعيَ النِّمالِ في الرِّمال.. وسامِعَ الحصاةِ في قرارِة الغدير... بذلك الوجد الصوفي كان السيَّاب منطرحاً في قصيدته (أمام باب الله).. أيضاً بغوغائية سياسية مزمنة، ظلّ الشيوعيوّن، منذ مهدهم في الستينات وإلى لحدهم الآن، ينطرحون أمام (باب وردي) ويروِّجون أن محمد وردي شيوعي. هذا غير صحيح. قال وردي في حضور حسن عبدالوهاب وآخرين (أنا ما شيوعي)... وردي ليس فنان حزب أو فنان أنظمة. محمد وردي (فنان عموم السودان)، شاء مَن شاء وأبَى مَن أبَى،.. كما يقول الشهيد الرئيس ياسر عرفات. في جلال الموت صمتت قيثارة وردي، بعد أن رسمت ألحانها حبّ أرض السودان على الوجدان... (أدوبي) ليها ماضيها و(اطمبِر) ليها جاييها ... أفتِّش ليها في التاريخ واسأل عنها الأجداد... أفتِّش ليها في اللوحات... محل الخاطر الما عاد... وفي الأعياد... في أحزان عيون الناس ... في الضل الوقف مازاد. في جلال الموت صمتت قيثارة وردي. صمتها يقول لوحنِّيت لعهد الشوق أجيب من وين عُمُر تاني. صباح أمس الأحد 19/فبراير 2012م كان تشييع فقيد السودان الراحل محمد وردي إلى مثواه الأخير في مقابر فاروق. حيث مثوى الراحلين محمد يوسف محمد (المحامي. رئيس البرلمان) وأحمد هاشم البغدادي (المحسن الكبير. صاحب الأوقاف الشهيرة) وميرغني النصري (نقيب المحامين. أحد مؤسّسي حركة التحرير الإسلامي) وحسن عطية (الفنان. أمير العود) وحسن نجيلة (الأديب الشهير) ومحمد المهدي مجذوب (الشاعر الكبير) وعثمان حسين (الفنان مبدع الروائع) وحسن سليمان الهاوي (الفنان الشهير) والشاعر الدكتور (محمَّد عبدالحي) وحسن اسماعيل البيلي (وزير العدل) وعلى ميرغني (نقيب الفنانين) ورحمي سليمان (الصحفي الشهير) وعبدالعزيز شدو (المحامي. وزير العدل. رئيس البرلمان) يحي عمران (أوَّل حكمدار بوليس في السّودان) وصديق منزول (نجم كرة القدم السّوداني) وفيصل السيد (حارس مرمي الهلال) ومحجوب عمر باشري (الأديب الشهير) وأحمد محمد أبوالدهب (من مشاهير ضباط القوات المسلحّة)، وغيرهم من الأسماء الكريمة. ٭ نواصل.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مات ورى وهو يغنى يا بلدى يا حبوب ....................... (Re: munswor almophtah)
|
الشقلينى تريثت وأثريت العزاء وكسوته إهاب جلال وجمال وقداسه وأخرجت من صدف اللغة أروع اللآلئ وأجمل مرجانها- وصنعت مهرجانا من حزن مموسق على قدر أهل الإستحقاق وأصحاب الموسيقى- تتبعت سيرته ومسيرته وأثره فينا وفى غيرنا- وكنت أفصح ما يكون وأبلغ مايكون وأعمق معنى وأروع مبنى من ما يكون ولم لا وأنت تعزى عملاقا كما النيل ونيلا أعتى وأقوى من سنن الحقيقه يصعد تياره إلى أعلى ولا ينسحب لا بل قفز من صوارده فى أسافل النيل إلى قمة النيل فى الخرطوم فشهق هرما بلغ عنان السماء فهل على الأحباش والصومال وشعوب السودان فى حزام السودان نبي فن متفرد فأنجذبوا إليه وإلى فنه ومنهم من لا يدرى معانيه ولكن يستحسن لحونه وموسيقاه. رحم الله وردى رحمة العارفين بالله وأسكنه فردوسه الأعلى صديقا شهيد,
لك ولآل وردى ومحبيه السلام وصادق العزاء.
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مات ورى وهو يغنى يا بلدى يا حبوب ....................... (Re: عبدالله الشقليني)
|
الباشمهندس الفنان عبدالله الشقلينى دوما أتلصص لما تكتب وفى مختلف أضرب الكتابه ودوما أرى الثبات فى جمال تلك الكتابه وأرى العمق والتشكيل وأرى التفرد والتميز وجودة التعبير والمعنى وأحمد الله أن منحنا إياكم لنتعلم منكم سرا وجهرة-عزيزى الشقلينى جاءنا وردى بكندا قبل عشرين عاما وكنا شبابا نحمل أشواقا وحبارللسودان وأهلنا فغنى لنا وكأننا نسمعه لأول مره وبكينا مر البكاء على الفرح به واليوم نفعل ذات الفعله حزنا عليه نسأل الله له الرحمة والغفران والعفو والفوز بالفردوس.
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
|