|
السروراب: أقدم موقع لصناعة الفخار في أفريقيا
|
السروراب: أقدم موقع لصناعة الفخار في أفريقيا
--------------------------------------------------------------------------------
السروراب: أقدم موقع لصناعة الفخار في أفريقيا لعب السودان القديم دورا بارزا في تطور الحضارة الإنسانية، وابتدع السودانيون العديد من المنجزات الفكرية والتقنية في الزمان القديم، لعل من أبرزها (الخط المروي الاختزالي -Cursive)، وأثبت الشاهد الأثري بكل تفصيلاته ان السودان اول البلدان الأفريقية التي صنعت الفخار (7500 ق.م). ولا ريب ان معرفة قدماء السودانيين المبكرة لتقنية الفخار في الألف الثامن قبل الميلاد، وبخاصة عملية التحكم في درجة الحرارة واستخدامها الأمثل مكنتهم لاحقا من الاستيعاب السريع لتقنية المعادن (النحاس والحديد)، والاستفادة منها في شتى مناحي الحياة.
ونورد هنا موجزا لاكتشاف اثري مهم لأقدم الفخاريات في افريقيا كشفت عنه حفريات كاتب هذه السطور في موقع السروراب-2 (23 كم شمال مدينة ام درمان) وتم نشر نتائج هذا الكشف العلمي في مجلتي (نيامي اكوما _N.A) والأنثروبولوجيا الحاضرة-Current Anthropology واللتين تصدران من كندا والولايات المتحدة علي التوالي (1985-1987م).
يعتبر الفخار من أقدم الحرف التي عرفها الإنسان، وظهرت أول الأشكال الفخارية في نهاية العصر الحجري القديم الأعلى وبداية العصر الحجري الوسيط (10.000 سنة قبل الميلاد).. وأهمية الفخار لا تنبع من كونه اداة استخدمها الإنسان في فترة معينة ولا يزال يستخدمها حتى اليوم في كثير من المناطق، بل لأنه احدث تغيرات مهمة في اوجه حياته المختلفة، حيث مهد للكثير من الصناعات الأخرى. فعملية حرق الأواني والأدوات الفخارية مكنت الإنسان من ان يتحكم ليس فقط في درجة الحرارة واستخدامها الأمثل في صنع الأواني والأدوات، بل سخرها ايضا في صهر بعض المعادن كالنحاس والحديد. وربما كان ذلك مصادفة في البدء، وفتح ذلك آفاقا أرحب لتكنولوجيا المعادن مما جعل بعض الدارسين يطلق على قدامى الفخاريين لقب (المهندسين الكيمائيين الأوائل).
ولعل من أهم الدوافع التي أدت الى اختراع الأواني الفخارية في عصر ما قبل التاريخ الحاجة الماسة لها للطهي الجيد للطعام بالغليان، وذلك بالتحكم في مقدار الحرارة واستغلالها بصورة مثلى وبأقل جهد ممكن، مقارنة باستخدام آنية مصنوعة من مواد اخرى مثل الحجارة او المعادن، ونحو ذلك. ومن جهة اخرى، فإن الفخار يعتبر من أكثر المواد تحملا وأطولها عمرا مقارنة بمواد اخرى استخدمت في صنع الأواني في العالم القديم مثل الأخشاب والجلود.
* حفرية السروراب -2 وأقدم تاريخ للفخار
وجدير بالذكر ان اقدم دليل موثوق به عن معرفة الإنسان للفخار امدنا به موقع ناتسوس في اقليم هوكايدو في اليابان، ويؤرخ بـ(95.000) قبل الوقت الحاضر. ويعتبر موقع السروراب –2 شمال الخرطوم ثاني اقدم موقع اثري في العالم القديم عرف هذه الصناعة، وأقدم موقع في افريقيا والشرق الأدنى القديم يحتوي على مصنوعات فخارية (94.000 قبل الوقت الحاضر)، وقد قام بتنقيب هذا الموقع الذي يقع ضمن مشروع جامعة الخرطوم للحفريات الأثرية بشمال ام درمان كاتب هذه السطور عام 1978م، حيث شكل جزءا مهما في دراسته لفخار عصر ما قبل التاريخ في اواسط السودان باستخدام المنهج العلمي الفيزيائي والكيميائي وأماطت الحفريات في هذا الموقع اللثام عن اشتات كثيفة من الكسر الفخارية، فضلا عن كميات وافرة من الأدوات الحجرية والبقايا العظيمة وبعض الرخويات.
مجموعة الفخاريات التي تم العثور عليها في هذه المستوطنة كانت كسرا بأحجام وأشكال مختلفة. ويبدو ان معظمها لأوانٍ مفتوحة تشمل الطاسات وقدور الطبخ ويزدان معظمها بزخارف على هيئة نقاط (Dots) او حزوز أفقية خفيفة (Impressed). ومن ابرز الزخارف ذات الأهمية الكرونولوجية (الزمنية) الحزوز المتموجة المتصلة (Wavy) التي وجدت بوفرة وتتركز في الطبقات المبكرة للموقع، وتظهر الفخاريات المتموجة الزخارف تشابها لصيقا في انماطها بتلك النماذج التي وجدت في مناطق متباعدة في وادي النيل والبحيرات الاستوائية وفي شمال افريقيا وغربها (انظر الصور).
تتميز اقدم الأواني الفخارية في هذا الموقع ونظائره من المواقع الأخرى في السودان (موقع مستشفى الخرطوم، السقاي بشرق النيل-الخرطوم، شق الدود في منطقة البطانة، شابونا في منطقة النيل الأبيض نموذجا) بأنها يدوية الصنع، تميل في معظمها الى اللون البني والبني الأحمر. وأبان التحليل العلمي الذي قمت بإجرائه باستخدام المنظار (المايكروسكوب) البترولوجي والاختبارات الكيميائية في جامعات الخرطوم وساوث هامتبون (بريطانيا) وفاخنين (هولندا) ان عجائن هذه الفخاريات خشنة، خلطت بالرمل (الكوارتز) والصخر الرملي، وتكاد تخلو من المواد العضوية. ويظهر بعضها سطوحا متآكلة بفعل الاستخدام والتعرية. كما اثبتت التحاليل المختبرية ان العجينة التي صنعت منها اواني موقع السروراب متوافرة حاليا مما يشير الى ان التصنيع قد تم تنفيذه في المستوطنة نفسها او المنطقة التي حولها.
ولعل من أهم نتائج التنقيب في موقع السروراب-2 الحصول على تاريخين بكربون14 المشع لبعض الطبقات التي تحتوي على معثورات تشمل كسرا فخارية ابرزها النماذج ذات الزخرفة المتموجة المميزة لحضارة الخرطوم الباكرة (Early Khartoum Culture) علاوة على ادوات حجرية وعظمية ومواد عضوية. ويشير التاريخ المعطى للطبقة العلوية للمربع رقم27 (30 سم تحت مستوى سطح الأرض) الى حقبة زمنية تصل الى (7380 +- 90) سنة قبل الميلاد، في حين يصل عمر الطبقة السفلية (50سم تحت مستوى السطح الحالي) الى حقبة تصل الى (7420+-90) سنة قبل الميلاد.
ويجدر التنويه بأن أكثر مواقع الفخاريات قدما في افريقيا والشرق الأدنى القديم كما هو جلي من نتائج كربون14 المشع تشمل موقع وتنتورها (الصحراء الليبية) ويؤرخ للفترة بين (7400-6980ق.م)، ونبتة-بلايا (الصحراء الغربية المصرية) ويقع بين (6240-5700ق.م)، وموقع كهف قمبل في منطقة البحيرات الاستوائية واستمر خلال بين (6650-6160ق.م) (439-446: 1995 khabir). وتلزم الإشارة هنا الى ان اقدم مواقع الفخار في الشرق الأدنى توجد في ايران (قانجدارح) حيث يؤرخ الى حوالي (7000ق.م)، وموقع كتال هيوك (هضبة الأناضول-تركيا) ويؤرخ الى حوالي (6300) سنة قبل الميلاد.
وبإلقاء نظرة فاحصة على ما تم ايراده آنفا، يمكننا ترجيح الاحتمال بأن منطقة الخرطوم كانت مهد صناعة الفخار في افريقيا والشرق الأدنى القديم، لا سيما ان اقدم مواقع حضارات الفخار في تلك المناطق ذات تواريخ تقل بدرجة ملحوظة عن موقع السروراب-2 في اقليم الخرطوم. وثمة نتيجة مهمة اخرى لحفرية موقع السروراب-2 في اواسط السودان، وهي توافر مجموعة فخارية تمثل الأنموذج المتميز لحضارة الخرطوم الباكرة التي وجدت مستوطناتها ايضا في العشرات من الأماكن المتباعدة جغرافيا، وقد شملت وادي النيل ومنطقة البحيرات الاستوائية وشمال افريقيا وغربها. وربما كان ذلك بدواعي اتصال حضاري مباشر او غير مباشر، حيث ان الظروف الجغرافية المطيرة في عصر الهولوسين (Holocene كانت مواتية للتنقل والتداخل الحضاري عبر بقاع شاسعة.
وفي تقديري ان القاسم المشترك لهذه المستوطنات المنتمية لحضارة الخرطوم الباكرة هو اشتراكها في قيم ومفاهيم جمالية عبرت عن نفسها بصورة جلية في نماذج مميزة من صناعة الفخار وزخرفته بطرز متفردة، ابرزها الطراز ذو الزخرفة المتموجة المتصلة. وهذا التجانس القيمي والجمالي يعضد فرضية مؤداها ان هذه المستوطنات المتباعدة الأطراف تمثل انموذجا لمنطقة ثقافية مشتركة بؤرتها الخرطوم خلال المرحلة المتأخرة لحقبة ما قبل التاريخ في افريقيا.
ومما تم ايراده أعلاه يبدو لنا جليا ان صناعة الفخار في السودان القديم كانت لها الريادة في افريقيا والشرق الأدنى القديم. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل طور الفخاريون السودانيون هذه الحرفة عبر العصور (ممالك كرمة ومروي والدويلات المسيحية والإسلامية)، من حيث مستوى الصنعة وابتداع الأشكال والزخارف المتنوعة، حتى غدا الفخار السوداني من اجود انواع الفخار اسلوبا وتشطيبا في الأزمنة القديمة.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: السروراب: أقدم موقع لصناعة الفخار في أفريقيا (Re: munswor almophtah)
|
أخي الأستاذ منصور ، تحياتي ومشتاقين كتير، وكل عام وإنت والأهل بخير ،
شكراً لهذه المعلومات الثرة وهذا الطرح المتميز ،
ولقد تنزهت في موقع مدينة السروراب من خلال الرابط ، فوجدته موقعاً جميلاً ذاخراً بشتى المعلومات وفي مختلف المواضيع ، وسعدت أكثر بالكلمة الضافية في وداع جلال الطيب .
شكراً ، ويسلم يراعك ،ودمت رافداً لنا بكل ماهو ممتع ومفيد .
مودتي ،
( ليمو )
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السروراب: أقدم موقع لصناعة الفخار في أفريقيا (Re: abdulhalim altilib)
|
الأخ العزير abdulhalim altilib
كل سنه وأنت بألف خير والشكر لك على التجوال
عبر جهد أولئك الشبيبه بموقع السروراب فتلك
المنطقه بها من الثراء الأثرى ما بها فقد فطنت
شعبة الأثار بجامعة الخرطوم لذلك منذ أمد بعيد
وأسست بها إستراحة لطلاب البحوث فى ذلك الخيط
الذى أكتشفه أهل المنطقه منذ أمد مديد وبلغوا
عنه وكانت الإستجابه فقد مارسنا العمل فى ذلك
الحقل ونحن تلاميذا بالمراحل الصغرى مع طلاب الآثار
وتعرفنا عليهم وقتئذ وصار البعض منهم علماءا
فى ذلك المضمار فقد كتب الدكتور عبدالرحيم خبير
بحثه عن تلك المنطقه وكتب الدكتور أحمد أبوالقاسم
بحثه عن تلك المنطقه ودكتور أنور الذى نقل كل مادته
من تلك المنطقه نائلا درجة الدكتوراه من الإسكندنيفيا
ومنها نهلت دكتور إنتصار صغيرون وعليها ووقف بعين
فاحصه دكتور على عثمان محمد صالح وأشرف على جم البحوث
التى كانت أصل مادتها وكذا فعل بروفسير أحمد حاكم
لا بل أشرف على تيم من جامعات مريكيه جاء زائرا وأقام
بإستراحة الجامعه وكان بينهم ما يسمى بإستيف وطالبه
تسمى باتريشا كان يحلو لحاكم بأن يناديها ببات ومعهم
مجموعه أخرى تفوق العشره ففى المنطقه توجد الدبيبه
أم طوب وأحسبها قصورا لملوك لأن شائعات الذهب المصنع
تفوح منها على الدوام ولايفصل منطقة السروراب عن الشهيناب
الغنية بالآثار إلا بضعة كيلومترات لا بل توجد فى المنطقه
أثار الدواليب ويوجد بها أثر قصر الونى وآثار التركيه
السابقه التى كانت مقرا لعواصمهم وكان أهلها من كبار
أقلام الإدارة فيها لرسوخ مبادئ العلوم والمعارف فيهم
وقد كان لأهلها رواقا بالأزهر كما كان للسناريه وعمل البعض
منهم قضاة لسنار كالقاضى بقدوش وغيره كما جاء فى طبقات
ود ضيف الله فالمنطقه زاخرة تعج وتضج أجواف قلاعها بالكثير
المثير الخطر ومنها إمتلأت أحشاء المتحف القومى التابع
لمصلحة الآثار التابعه لوزارة الثقافه والأعلام والشامخ
على فخذى النيل يناغى أنثى جماله توتى الساحره لا بل
من تلك المنطقه تشكل تاريخ السودان الحديث فمنها رضع
المهدى من ثدى معارفها الجمام وفيها تعلم أستاذه الباشا
محمد شريف والباشا ود رحمه الزبير ومنها نبغ العماليق
أباء العباسى وإخوته ذوى الفخر من الغر الميامين والذين
تأبى هذه المساحة بأن تحويهم لضيق سعتها وكما أنشد حاديهم
فهم أصحاب ماض وحاضر وغد...........................
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السروراب: أقدم موقع لصناعة الفخار في أفريقيا (Re: munswor almophtah)
|
السروراب: أقدم موقع لصناعة الفخار في أفريقيا لعب السودان القديم دورا بارزا في تطور الحضارة الإنسانية، وابتدع السودانيون العديد من المنجزات الفكرية والتقنية في الزمان القديم، لعل من أبرزها (الخط المروي الاختزالي -Cursive)، وأثبت الشاهد الأثري بكل تفصيلاته ان السودان اول البلدان الأفريقية التي صنعت الفخار (7500 ق.م). ولا ريب ان معرفة قدماء السودانيين المبكرة لتقنية الفخار في الألف الثامن قبل الميلاد، وبخاصة عملية التحكم في درجة الحرارة واستخدامها الأمثل مكنتهم لاحقا من الاستيعاب السريع لتقنية المعادن (النحاس والحديد)، والاستفادة منها في شتى مناحي الحياة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السروراب: أقدم موقع لصناعة الفخار في أفريقيا (Re: munswor almophtah)
|
ونورد هنا موجزا لاكتشاف اثري مهم لأقدم الفخاريات في افريقيا كشفت عنه حفريات كاتب هذه السطور في موقع السروراب-2 (23 كم شمال مدينة ام درمان) وتم نشر نتائج هذا الكشف العلمي في مجلتي (نيامي اكوما _N.A) والأنثروبولوجيا الحاضرة-Current Anthropology واللتين تصدران من كندا والولايات المتحدة علي التوالي (1985-1987م).
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السروراب: أقدم موقع لصناعة الفخار في أفريقيا (Re: munswor almophtah)
|
يعتبر الفخار من أقدم الحرف التي عرفها الإنسان، وظهرت أول الأشكال الفخارية في نهاية العصر الحجري القديم الأعلى وبداية العصر الحجري الوسيط (10.000 سنة قبل الميلاد).. وأهمية الفخار لا تنبع من كونه اداة استخدمها الإنسان في فترة معينة ولا يزال يستخدمها حتى اليوم في كثير من المناطق، بل لأنه احدث تغيرات مهمة في اوجه حياته المختلفة، حيث مهد للكثير من الصناعات الأخرى. فعملية حرق الأواني والأدوات الفخارية مكنت الإنسان من ان يتحكم ليس فقط في درجة الحرارة واستخدامها الأمثل في صنع الأواني والأدوات، بل سخرها ايضا في صهر بعض المعادن كالنحاس والحديد. وربما كان ذلك مصادفة في البدء، وفتح ذلك آفاقا أرحب لتكنولوجيا المعادن مما جعل بعض الدارسين يطلق على قدامى الفخاريين لقب (المهندسين الكيمائيين الأوائل).
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السروراب: أقدم موقع لصناعة الفخار في أفريقيا (Re: munswor almophtah)
|
ترجمة الدكتور عمر مصطفى شركيان [email protected] يعتبر البروفسير بيتر شيني، الذي انتقل إلى رحاب ربه في يوم 9 تموز (يوليو) 2007م، أي بعد عمر ناهز الـ 92 عاماً، أحد مؤسسي علم الآثار الإفريقيَّة. ولقد امتدَّت سيرته المهنيَّة سبعين عاماً؛ ففي خلال هذه الفترة عمل بيتر كطيَّار في سلاح الطيران الملكي، وضابط استخبارات، وعضو الحزب الشيوعي البريطاني، والحزب القومي الإسكوتلاندي، وإداري، وأستاذ ملهم – أو قل مرغوب– وكان باحث طليعي، ومعلِّم موهوب ومحبوب. ولد بيتر لويس شيني في لندن في يوم 18 كانون الثَّاني (يناير) 1915م، وهو ابن لدكتور "أبرديني" – أي نسبة لمدينة أبردين الإسكوتلانديَّة – وكان قد درس في مدرسة ويستمينيستر، ثمَّ منها إلى كليَّة كنيسة المسيح بجامعة أوكسفورد ليدرس علم الآثار المصريَّة (الفرعونيَّة). وكانت المواجهة الأولي له مع الآثار عند قلعة العذراء بمدينة دورسيت البريطانيَّة، ومع مورتيمر ويلر، كأحد الصبيان الموهوبين في مجال الآثار، إضافة إلى تواصله مع ستيوارت بيقوت، جيه ديزموند كلارك، بيتريس دي كاردي، وراكيل ماكسويل-هيسلوب. وكان بيتر نشطاً – كذلك - في نادي الشيوعيين، حيث كانت قائمة عضويَّة الشيوعيين تضم دينيس هيلي وإيريس موردوخ وآخرين. ومن خلال حياته الجامعيَّة المكتظة بالنشاط، تعلَّم اللغة الإغريقيَّة (اليونانيَّة)، وتخرَّج بالدرجة الثالثة، لكنه مكث بالمدينة الجامعيَّة ردحاً من الزمان على نفقة 3 جنيهات أسبوعيَّاً كناشط مفرَّغ في الحزب الشيوعي، ومساعد مؤقَّت في متحف أشموليان. وأيضاً في جامعة أوكسفورد تعلَّم بيتر الطيران بواسطة سريَّة الطيران التَّابعة للجامعة، والتحق فيما بعد بسلاح الطيران الملكي بعد نشوب الحرب العالميَّة الثانية (1939-1945م) وبدأ يطير بالطائرات المقاتلة أولاً، ثمَّ موظَّفاً في الاستخبارات لتفسير الصور الجويَّة التي كانت تلتقطها الطائرات الاستطلاعيَّة (التجسسيَّة) ثانياً، وأخيراً اشترك في معركة أثينا، حيث راودته نفسه أن يبقى فيها بعد انتهاء العدائيَّات. وعند عودة السلم رجع بيتر إلى متحف أشموليان وقضى موسماً يعمل مع ليونارد وولي في التنقيب عن مواقع آثار العهد البرونزي عند تل العطشانة في تركيا، بالقرب من الحدود التركيَّة-السوريَّة. وقد وهبت له هذه الفرصة الإلمام باللغة العربيَّة، مما ساعدته في الحصول على وظيفته الدائمة كمساعد مفوَّض للآثار في السُّودان الإنجليزي-المصري. وكان رئيسه هو أيه جيه آركيل، وقد كان هذا الأخير خبيراً في تأريخ السُّودان القديم. ففي السنوات العشر التي قضاها بالسُّودان أجري بيتر دراسات عن آثار النُّوبة، ومن ثَمَّ بدأ عمله عن حضارة مروي: تلك الحضارة التي بلغت مبلغاً عظيماً من العلم والمعرفة، والتي بنت الأهرامات وبعض العمران الحجري الخلاب حول وادي النيل. وبعد سودنة الوظائف العليا في السُّودان عشيَّة الاستقلال، غادر بيتر السُّودان. وكان بيتر أحد أعضاء جمعيَّة أوكسفورد للاكتشاف العام 1955م، التي توجَّهت لإجراء مسح أثري في جزيرة سوقطرة المطلَّة على القرن الإفريقي. وكذلك عمل بيتر كمدير لمصلحة الآثار في يوغندا لمدة عامين. وفي العام 1958م تمَّ تعيينه بروفسيراً في جامعة غانا، التي نالت استقلالها في ذلك الرَّدح من الزمان، وقد خلف بيتر شيني أيه دبليو لورانس. ولمدة نصف قرن باتت غانا مركز اهتمام بيتر شيني، وتزوَّج زوجه الثانية من قبيلة الأشانتي في منطقة كوماسي بغانا، حيث قضي بيتر شيني جزءاً من معظم سنواته هناك. وإنَّ بيتر قد أجرى مسوحاً أثريَّة على عواصم الدول القديمة في غرب إفريقيا، وكذلك قام ببحوث عديدة على لغات وثقافات مواطني شمال غانا. ومع هذا كله كان بيتر شيني لا يزال يحتفظ باهتمامه بحضارة وادي النيل. ومنذ العام 1965م قضى بيتر واحداً من إحدى عشرة موسماً ميدانيَّاً بمروي، وعاد ليمسي بروفيسوراً للآثار بجامعة الخرطوم العام 1966م. وإنَّ أكثر أعماله شيوعاً هو مروي في حوليات الشعوب والمواقع القديمة، التي تمَّت طباعتها العام 1967م،(1) ولكن قد سمحت الحقبة التالية أن يضع مروي في المنظور الواسع لتأريخ إفريقيا. ففي كل من غانا والسُّودان، تتلمذ على يد بيتر شيني أجيال كثر من طلاب الآثار، وساهم في المضاهاة القاريَّة لتأريخ وآثار إفريقيا. وكان بيتر شيني يمتاز بطاقة فكريَّة غزيرة، وهو كان كثير الاهتمام ليس بالعمران والقطع الأثريَّة للصفوة فحسب، بل بالحضارة طراً. وبعدما "اغرورق" في وظيفة عليا بالسُّودان، اكتسب مهارات ثرَّة كمدير ملهم وإداري ذي خيال واسع. أمَّا بالنسبة للأفارقة، فإنَّ أعمال بيتر شيني قد وضع الصورة الأوربيَّة الاستعماريَّة في محيط فسيح. غادر بيتر شيني السُّودان العام 1970م تلقاء كندا، وكان ذلك بعد تعيينه أستاذاً في جامعة كالقري، حيث وجد مساعدة كريمة من المجلس الكندي، وفي خلال 20-30 عاماً أخذ بيتر فريقاً من الكنديين والأمريكان إلى غانا والسُّودان. وكانت آخر مشاريعه الميدانيَّة الرئيسة هي الجمع بين علم الآثار من جهة ودراسة التقاليد الشفهيَّة من جهة أخرى، وذلك من أجل بناء صورة لدولة الأشانتي القديمة من القرن التاسع الميلادي إلى الأمام. كان بيتر شيني مصدراً للبهجة والغبطة، وامتاز بشيء من حب الاستطلاع كثير، ويقظاً كان حتى النهاية، وهو كان يستمتع بالحديث، ويتلذَّذ بالقيل والقال، ويحب قراءة الأدب واحتساء الخمر. إذ أنَّ عواطفه اليساريَّة الأولى قد "تعتَّقت" لتمسي إنسانيَّة ليبراليَّة رحبة في نهاية الأمر. فقد تزوَّج مرتين: مارجريت، حيث كانت زميلته في الآثار، وتعاونت معه في السُّودان، وأنجب منها ثلاثة أطفال، كان أحدهم – وهو نيك – قد انتقل إلى جوار ربه العام 2004م. إذ انتهى هذا الزواج الأول بالطلاق. أمَّا زوجه الثانية – أما – فما زالت باقية على قيد الحياة.(2)
المصادر والإحالات
(1) أنظر كذلك Shinnie, P L, Meroë: a civilisation of the Sudan; Thames and Hudson, 1967. (2) The Guardian, Tuesday, October 30, 2007.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السروراب: أقدم موقع لصناعة الفخار في أفريقيا (Re: munswor almophtah)
|
رحل شينى وترك جبلا من المعارف علينا بالتنقيب فيه
إنتقل عالم الأثار وعملاقها بروفسير شينى بعد فترة وجيزه من تكريمه من خلال جامعة الخرطوم بأعلى وسام فى الدوله وذلك لما قدمه من إنجاز مقدر فى حقل الأثار وإثراء مكتبتها بالبحوث القيمه ومتاحفها بالنوادر الداله على براعة السلف وجدارتهم وجرأتهم التى يغير منها الخيال العلمى وعبقرية فتوحاته المدهشه...عمل شينى الذى جاء إلى السودان فى 1945 كمساعد أمين لمصلحة الآثار والتى شغل وظيفة أمينها خلفا لأركل حتى سودنت وظيفته بعد لإستقلال حيث ترك السودان قافا إلى بلاده ومن ثم بعث فى مهمه إلى يوغنده لفترة قصيره عقبتها مهمة أخرى بغانا التى تزوج من إحدى أميراتها من مملكة الأشانتى زوجته وأرملته الأستاذه أما شينى ثم جاء مرة أخرى إلى السودان فى عام 1963 ليؤسس شعبة الآثار بالجامعه حيث صار من أعمدة أساتذتها حتى 1970 حيث هاجر إلى كندا وعمل بجامعة كالقرى البرتا رئيسا لشعبة الآثار وظل مرتبطا بها إلى أن تخطفه طير المنون بعد أن ناهز التسعين ونيف.. تخرج شينى من كمبريدج وتخصص فى علم المصريات ثم توسع فى دراسة النوبه حتى صار من أكبر المراجع الأكاديميه فى ذلك...عشق شينى السودان عشقا لا يضاهى وأخلص لأبنائه إخلاصا لا مراء فيه... درس على يده عالم الآثار على عثمان محمد صالح ومحى الدين زروق وأمال أبوبكر وآخرون...أجريت معه حوارا نشرته الرأى الآخر بتحرير لأستاذ الفنان أحمد المرضى من تكساس ثم تخطفته صحف أخرى كالخرطوم والإتحادى وغيرها.... حيث أكد فيه أن أهل السودان القديم لا يختلفون فى الملامح عن إنسان اليوم...وتحدث عن جدارتهم وجرأتهم التى تقف ندا لثورة العلوم المدهشه...وإذا ننعى ذلك التليد إنما نرد له بعض جميله فذلك العملاق فتح لنا خزائن علمه وقال خذوا ما ما شئتم منها...وهو الواصف لحقيقة لغة كرمه تلك المعقده المتقدمه والراصد لقدرات النوبه فى الغزل والذى أبقت عليه الأجيال اللاحقه وصناعة الفراد والشالات والدمور وتحدث كذلك عن إستئناس النوبه للبقر وصناعة الحديد ومهارتهم فى صناعة الفخار...فيا رب أنت أعرف به منا فأكرمه لكرمه لنا...............................................
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
|