|
إبراهيم إســــحــــاق وما أدراك ما هو //محمد التجاني عمر قش......
|
مع إبراهيم إسحاق من أم درمان إلى كافا .. بقلم: محمد التجاني عمر قش- الرياض الإثنين, 27 آب/أغسطس 2012 17:05
[email protected]
(كالعادة ينتابك ذلك الشعور المدغدغ، ساعة يهلٌّ بك اللوري، فتترك البقعة وراءك تسبح في حرّها وسمومها، وغبارها اللدود، وتعرف أنك بسبيل الأهل. الكميلابي ذو الأسنان المشتتة التي لا تجمعها شفتان، يوقع عينيه على مجاري اللواري الداخلة إلى البقعة متشابكة كأنها دروب النمل آتية إلى الحفير الأم). " إبراهيم إسحاق- سبحات النهر الرزين" جلست ابنتي الصغيرة سُكَينة،(بضم السين وفتح الكاف)،وما لبثت أن سألتني: ما بالي أراك منهمكاً في القراءة حتى كأنك لا تكاد تحس أحداً أو تسمعه؟ فقد ظللت جالسة بجوراك أكثر من نصف ساعة لم تلتفت إلي يا أبي! فقلت لها: عذراً يا حبيبتي فقد شغلني هذا الكتاب. ولكن لماذا يشغلك هذا الكتاب دون سواه ؟ فقلت لها هذا كتاب فوق العادة يا بنية. فسألت من أين اشتريته؟ قلت لها لم أشتره بل أهدانيه أستاذي وصديقي الأديب والروائي الكبير إبراهيم إسحاق صاحب أعمال الليل والبلدة، وحدث في القرية، ووبال في كليمندو، ومهرجان المدرسة القديمة، وأخبار البنت مياكايا، وفضيحة آل نورين، وغيرها من القصص القصيرة، والمقالات التي نشرها في كثير من الصحف، والمجلات الأدبية والثقافية. رجل قارئ، و مثقف، واسع الاطلاع، وملم بكل فنون الأدب والرواية، محليها، وعربيها، وعالميها؛ وقد كتب عنه الكثيرون.قال أحد الكتاب يصف جانباً من إبداع هذا الرجل الفذ (نجد في أعماله معايشة عميقة للمجتمع السوداني،ومقدرة متميزة على رصد المشاهد والمواقف والشخوص.وللأمكنة عطرها النفاذ يفوح من التفاصيل الدقيقة التي يصورها ببراعة ودقة ومحبة ورواء فلا تملك إلا وأن تتفاعل معه). سمعت عن إبراهيم إسحاق أول مرة، عندما وصلت إلينا روايته "أعمال الليل والبلدة"، وأنا يومها طالب في مدرسة خورطقت الثانوية، في منتصف سبعينات القرن الماضي؛ فبعد أن تعرفنا على الأديب الراحل الطيب صالح، عبر أستاذنا عثمان محمد الحسن، مدرّس اللغة والأدب الإنجليزي، الذي كثيراً ما كان يمتعنا بالحديث عن ابن الرومي، وأبي العلاء المعري، ويحدثنا عن عرس الزين، وموسم الهجرة إلى الشمال، وعن جمال محمد أحمد، وعلي المك، وصلاح أحمد إبراهيم، وقرأنا مدينة من تراب والأرض الآثمة وغيرها لمحمد عبد الحي، وعرفنا كل تلك الكوكبة من الأدباء والشعراء، وهو يومئذ يدرسنا كتاب " أبكي يا وطني الحبيب للمؤلف ألان باتون" عن التفرقة العنصرية في جنوب إفريقيا، ويذكر من بين هؤلاء إبراهيم إسحاق كأحد الكتاب السودانيين الذين لا يشق لهم غبار في مجال الرواية والقصة القصيرة. ثم جاءنا من بعد ذلك الشاب الثائر، والناقد والكاتب الكبير الآن، الدكتور محمد المهدي بشرى، الذي حبب إلينا قراءة الرواية الإنجليزية، والعربية، فتلقفنا كثيراً من روايات نجيب محفوظ، و جبران خليل جبران، وفي سبيل التاج لمصطفى لطفي المنف########، والأرض الطيبة لبيرل بك، وروايات شارلز دكنز، و إمليي برونتي، وغيرها من روائع الأدب العالمي، مثل البؤساء لفكتور هيجو؛ وذهب مع الريح لمارغريت ميشيل، وصرنا نتذوق الأدب بكل ضروبه وأشكاله ومدارسه، وكنا نطلع على المجلات التي كانت تصدر في ذلك الوقت، وعلى رأسها "العربي" و ثم عرفنا قدراً كبيراً من كتابات معاوية نور، وتلك الطليعة من المؤلفين السودانيين. أنا شخصيا شدت إنتباهي رواية أعمال الليل و البلدة، وموسم الهجرة إلى الشمال أكثر من غيرهما، لما وجدت فيهما من واقعية، ودقة تصوير، وحلاوة لغة، وتطويع للمفردة، واستعمالها لخدمة أغراض الرواية، وفكرة الكاتب، وقد استطاع كلا الكاتبين المزج بين العامية والفصحى بدرجة جعلت من كتاباتهما مثار إعجاب لفئات متنوعة من القراء. هذا علاوة على تناولهما قضية التحول الاجتماعي والصراع بين القديم والجديد بقدر عال من الرمزية، والقدرة على السرد، والحبكة الروائية المحببة، لنفس القارئ الحصيف. وعندما التحقنا بجامعة الخرطوم، وفتح أمامنا باب الثقافة والاطلاع على مصراعيه، صرنا نتابع ما تنتجه مطابع جامعة الخرطوم، وغيرها من دور النشر في البلاد، بالإضافة إلى ما كان يصل إلينا من كتب تنشر في أرض الكنانة، في مكتبة بولاق، ومصر للكتاب، والحاج الحلبي، ودار الفكر العربي، ودار الإهرام، وبالطبع من بيروت ما كانت تنتجه المطابع اللبنانية في دار العلم للملايين، وبيروت للنشر، والفكر العربي، وغيرها من دور النشر مثل مؤسسة الرسالة. في تلك الآونة ما كان يصدر ملف أدبي في المجلات المتخصصة، أو ملحق في الصفحات الثقافية، في صحيفتي الصحافة والأيام، إلا وكان لإبراهيم أسحاق حضور فيه، فنقرأ له وعنه بكل نهم وشغف. يقول كتابنا عن هذه الفترة ("في الحقبة ما بين 1976 و1982 توالى نشر قصصي ومحاوراتي في ملحق (الأيام) الثقافي بإشراف المبدع السردي عيسى الحلو، ودافعت عن رؤيتي للصناعة السَّردية في مجلة الثقافة السُّودانية كما عرضت آرائي الثقافية في هذه المجلَّة المذكورة وفي مجلة (الخرطوم) وفي مجلة (الدَّوحة) القطرية ومجلة (سوداناو) الإنجليزية الصادرة في وزارة الإعلام السودانية. وقد تكللت كل هذه المساندة لي بإيجاد دور لي في مهرجانات الثقافة على عهد مايو حتى مُنحت (نوطاً) تشجيعياً في عام 1979م). ( أوّلَ ما بدأوا مشاغلتي بتلك المساخر الصغيرة أوضحت لهم بهدوء أنّني جئتُ من كافا؛ لا لشيء ٍ غير أن أتقن صنعة القانون الذي يتحدثون عنه) إبراهيم إسحاق- تخريجات على متن الظاهريةز لقد خرج إبراهيم إسحاق، من ودعة –مسقط رأسه في شمال دارفور-لا يلوي على شيء إلا المعرفة والثقافة، مع التزام صارم بمنهج فكري واضح المعالم، لا يحيد عنه تحت كل الظروف، ولذلك استطاع أن يحوز قدراً كبيراً من المعارف، ويختط لنفسه مساراً متفرداً في الرواية والأسلوب لا نكاد نجده عند أيٍ من معاصريه من كتاب الرواية والقصة في السودان. ولذلك كله، صارت كتابات إبراهيم إسحاق تجد الاهتمام و المتابعة، قراءة ونقداً من قبل كل المهتمين بالأدب والرواية على وجه الخصوص، ولا أبالغ إن قلت: إن كاتبنا الكبير قد أصبح من أهم أركان الحركة الروائية وأحد رموزها على مستوى الوطن فما من محلل أدبي أو ناقد إلا وقف على تجربة إبراهيم إسحاق لعدة أسباب: أهمها مقدرته الكبيرة على السرد،واستخدام أدوات الكتابة وفنونها وهو يصور مجتمع القرية في دارفور، الذي لم يسبق لأحد أن تناوله في أسلوب قصصي، حشد له الكاتب كل مقدرته، ومعرفته، وأسلوبه الراقي، وموهبته المتميزة، مستفيداً من لهجته العامية والدارجة في الحوار بين شخوص الرواية، ليعبّر خلالهم عن فكرته، ورؤيته للأحوال، والتحول الذي تحمله عناصر قادمة من البندر في الغالب، فجاءت قصصه في قالب متفرد، يعكس هموم إنسان دارفور،وقضاياه من كل الجوانب الاجتماعية، والثقافية،وربما الأخلاقية، والاقتصادية، حتى لكأنك ترى الأشخاص وهم يقومون بأدوراهم في الرواية رأي العين، فتسمع كلامهم، وتحس بدواخلهم، من خلال المقدرة الإبداعية لإبراهيم إسحاق الذي لم يترك شاردة أو واردة إلا سجلها بكل تفاصيلها، مضفياً على ذلك رونقاً وألقاً بأسلوبه الرائع، الذي يجذب القارئ للمتابعة، فكل مشهد يفضي إلى الآخر دون أن تشعر بالملل أو يضطرب إحساسك بأحداث الرواية وشخوصها وظروفهم. يعود ذلك إلى حقيقة قد لا يعرفها كثير من الناس عن هذا الأديب هي أنه قد أوتي ذاكرة فوتغرافية لا نجدها إلا عند ابن بطوطة الذي كتب عن رحلته بعد مرور ما يقارب ثلاثة عقود من الأسفار والتقلّب في الظروف والمناصب حيث زار معظم بلاد المسلمين، وقابل حكامها وعلماءها،وخالط الناس، وعاش تجارب متنوعة، واختزن كل ذلك في ذاكرته حتى أفرغها في كتابه( رحلات ابن بطوطة) الذي ما زال الناس يقرؤونه ويجدون فيه متعة لا تضاهيها أي متعة، لدقة التصوير والمقدرة على تذكر الأحداث، والأماكن، والأشخاص، وربما الأرقام ورائحة الأطعمة والمشروبات، فيصفها كأنها بين يديه. وكذلك الأمر بالنسبة لإبراهيم إسحاق،الذي عاش طفولته الباكرة في قرى دارفور ووديانها، و سهولها كسائر أبناء القرى في تلك المنطقة الغنية بتنوعها البيئي، والثقافي، واللغوي، والإثني، إن جاز التعبير، وبما أنه صاحب موهبة فقد اختزن تلك التجارب أيضاً، وبعدها شد الرحال إلى العاصمة لتلقي العلم فحدث تحول كبير في بيئته الثقافية، ولكنه لم ينقطع من بيئته الأصلية ولم ينس اللهجة وتلك الممارسات الثقافية والاجتماعية الشعبية التي شكلت وجدانه في سن الطفولة وظلت تأثر على أسلوب كتابته بشكل كبير، أشد ما يكون وضوحاً في فضيحة آل نورين، وحدث في القرية، وبعض قصصه القصيرة التي سجل فيها كل تفاصيل الحياة هناك حتى أسماء الدواب والأطعمة والطيور والهوام والأشجار ناهيك عن الأماكن والأشخاص مما أضفى على أعماله نوعاً من الواقعية يشبه كثيراً ما تميّز به الطيب صالح خاصة في عرس الزين ودومة ود حامد. إن ما يزيد كتابات إبراهيم إسحاق عمقاً، هو إلمامه بتأريخ دارفور، وفلكلورها، وثقافتها التي هي في الأساس امتداد طبيعي لما كان سائداً في منطقة شمال إفريقيا والسودان الغربي من امتزاج للأعراق من عربية وغيرها،و من اللهجات والموروث الثقافي، الذي يتخذ مرجعيته من الإسلام وخاصة التصوف الذي اختلط ببعض العادات الإفريقية نظراً لأن الإسلام في هذه المنطقة قد انتشر بأسلوب وطريقة فيها كثير من التسامح بحيث لم يحدث تصادم بين الدين الوافد وما كان سائداً من عادات حتى رسخت العقيدة و قامت سلطنات إسلامية كبيرة مهدت لانتشار الإسلام عن طريق هجرات عربية كبيرة، عبر شمال إفريقي، وشجعت العلماء على الاستقرار والتدريس، خاصة بعد سقوط الدولة الإسلامية في الأندلس، وظهرت مراكز وخلاوى ومكتبات إسلامية كبيرة أنشئت في كثير من مدن الإقليم، فساهمت في نشر القيم الإسلامية واللغة العربية التي لم تسلم من تأثير اللهجات المحلية ولكنها صارت لغة التخاطب والتعامل الرسمي مما أكسبها مكانة متميزة بين المجتمعات المحلية وسادت إثر ذلك ثقافة عربية إسلامية شكلت فكر ووجدان الناس من حكام و محكومين وتعمّقت تلك الثقافة بتواصل أهل دارفور مع مراكز الثقافة الإسلامية في الحجاز الذي كان يصله محمل السلطان وكسوة الكعبة من دارفور وتحديداً من الفاشر أو "تندلتي" إذ يحلو لإبراهيم إسحاق أن يطلق عليها هذا الاسم التاريخي في كتاباته، ومع الأزهر الشريف الذي بني فيه رواق دارفور ومنه تخرج كبار قادة الفقه والعلوم الإسلامية الذي حملوا لواء التنوير والتحضّر حتى وصلت تلك الثقافة العربية الإسلامية إلى جيل المثقفين من أمثال إبراهيم إسحاق وغيره من المعاصرين في تلك البقاع. ومن المؤكد أن ذلك التواصل قد كان له مردود ثقافي بما يحمله العائدون من تلك البقاع من أفكار وملاحظات وربما كتب أو قد يصحبهم علماء في رحلة العودة مثلما فعل محمدبن عمر التونسي، كل هذه العوامل كان لها أثر واضح في ثقافة هذا الكاتب، ولذلك كثيراً ما نراه يشير إليها إشارات واضحة تأتي أحياناً على لسان شخصياته أو سلوكهم،وفي أسماء الكتب التي كانوا يدرسونها مثل مختصر خليل ورسالة ابن أبي زيد القيرواني في الفقه المالكي، فمثلاً يقول الراوي في سبحات النهر الرزين (حفظت فرائض الشعائر عند أبي زيد القيرواني، وعندما كلمني عبد المولى البصير بحثت له عن موطأ الإمام مالك في المدينة)؛ علاوة على ممارسات صوفية واضحة المعالم يعكسها أشخاص روايات إبراهيم إسحاق.هذا التمازج الإثني و التواصل الثقافي بين العناصر العربية والإفريقية هو ما يعالجه إبراهيم في قصته أخبار البنت ماياكايا، بكل براعة، مستفيداً من الموروث القصصي الشعبي الذي بنى عليه أحداث الرواية. ونجد ذات المفهوم الذي تطرحه هذه الرواية عند فرانسيس دينج في راويته " طائر الشؤم" التي تناقش أيضاً مسألة التزاوج بين العرب وغيرهم من القبائل في السودان، أو بمعنى آخر أن الروايتين تعالجان قضية الهوية السودانية ذات الأصول المتعددة من منظور روائي مشوق جداً. توثقت صلتي الشخصية بكاتبنا الكبير، إبراهيم إسحاق، بعد أن جمعتنا ظروف الغربة في حي النسيم في شرق مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية. ذلك الحي الذي ضم لفيفاً من السودانيين في ثمانينات القرن الماضي فتكونت بينهم أواصر قوية؛ فقد كان من الذين وضعوا عصا الترحال في ذلك الحي، وعُرف بين الناس بثقافته الثرة ولذلك كان منزله العامر بالعلم، والكتب، والثقافة، ملتقى لكثير من المهتمين بالحراك الثقافي والأدب؛لأنهم كانوا يجدون عند صاحب تلك الدار ما يشفي غليلهم ويمتعهم بحلو الكلام والأدب الرفيع، وما كنت لأحرم نفسي من مجالسة ذلك العالم والأديب ذائع الصيت، فصرت من المداومين على مجلسه بقدر ما تسمح لنا وله ظروف العمل. ذات مرة طلب مني إبراهيم أن أرافقه لمعرض الكتاب الدولي بأرض المعارض في شمال الرياض فذهبنا واشترى عدداً من أمهات الكتب والمجلدات وعندما رجعنا إلى داره قلت له: أساعدك في حمل هذه الكتب إلى الداخل، فقال لي: شكراً، وبارك الله فيك، فإنني لا أستطيع الدخول بكل هذا الكم الهائل منها! قلت لِمَ؟ قال خوفاً من الرقيب! قلت: أي رقيب تعني؟ قال: إنهم يعتقدون أنني أضيع أموالهم وأنفقها في شراء هذه الكتب التي تراها، وعرفت من يقصد فضحكت وضحك ووضعنا الكتب في سيارته حتى يدخلها مجزأة. لقد كان صالون إبراهيم إسحاق عبارة عن خزانة كبيرة للكتب فلا تكاد تجد موطأ قدم إلا وفيه كتاب أو مجلة أو قصاصة من ورق، وكل ذلك موضوع بنظام لا تخطئه العين أبداً وما من صفحة إلا وتجد لإبراهيم تعليقاً أو شرحاً عليها بقلم الرصاص؛ كما إنّ الزائر لصالون إبراهيم إسحاق لا يمكن أن ينسى العصيدة الدارفورية بملاح " التقلية" التي كانت تتفنن فيها السيدة الفاضلة الأستاذة أم محمد التي لا زلنا نتذكر كاساتها وهي تعبق برائحة المستكة. خلال تلك الفترة واصل إبراهيم إسحاق الكتابة وأخرج للناس واحداً من أهم كتبه في غير مجال الرواية، كتاباً يعد إضافة حقيقية للمكتبة السودانية، هو ذلك المرجع التاريخي " هجرات الهلاليين من جزيرة العرب إلى شمال إفريقيا وبلاد السودان"، وهو سفر جامع يسد ثغرة كبيرة في تاريخ الهجرة العربية إلى السودان وكردفان ودارفور خاصة إذا قرئ مقروناً بكتاب محمد بن عمر التونسي " تَشْحِيْذ الأذهان بسِيْرَة "بلاد العَرَب والسُّودَان" الذي يعد أهم مصدر للتعريف بأحوال إقليم "دارفور" من كافة النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغير ذلك. و"بلاد العرب والسودان" في هذا الكتاب تعني بلاد السودان التي تسكنها القبائل العربية وغيرها،ويخص منها بالذكر إقليم دارفور الذي عُرِفَ باسم أقدم شعب سكنه وهو شعب "الفور" الذي أضحى اسمه علماً عليه وقامت في هذه البلاد سلطنة إسلامية كانت تمثل حلقة في سلسلة الممالك الإسلامية الواقعة بين الصحراء الكبرى ومصر في الشمال وبين الغابات الاستوائية في الجنوب وتمتد من البحر الأحمر شرقاً إلى المحيط الأطلنطي غرباً وتشمل ممالك سنار وكردفان ودارفور ووداي وباجرمي وبرنو أو الكانم ومملكة مالي. ويضاف إلى هذين المرجعين كتاب السير ماكمايكل الموسوم " قبائل شمال كردفان ووسطها" الذي يؤرخ لقبائل كثيرة انتشرت في إقليمي كردفان ودارفور ويعطي فكرة موسعة عن الأوضاع السياسية في تلك المناطق قبيل سقوط مملكتي دارفور وسنّار. علاوة على هذا فإن مما يميز إنتاج إبراهيم إسحاق الأدبي والثقافي في تلك الفترة ما كان يقوم بها من مراجعات للكتب العربية والترجمة خلال تعاونه مع مجلة (عالم الكتب) التي نشر فيها بعضاً من مقالاته الثقافية الراقية. كذلك لم يتوقف إبراهيم عن كتابة القصة والرواية حيث نشرت له جريدة الخرطوم إبان فترة اغترابه مجموعة من القصص القصيرة ضمنها في مجموعاته التي صدرت مؤخراً.كما شهدت بلاد المهجر نشاطاً ثقافياً واسعاً شارك فيه هذا الكاتب بعدد من المحاضرات واللقاءات من أشهرها المحاضرة التي قدمها عن الرواية السودانية بين الحاضر والمستقبل ضمن فعاليات دورة الثقافة والتنمية التي تقيمها الهيئة الطوعية لدعم التعليم العالي بالسودان في مقر السفارة السودانية بالرياض عصر الخميس من كل أسبوع ويؤمها عدد كبير من المثقفين وأساتذة الجامعات باالرياض. تحدث إبراهيم في تلك الندوة حديث العالم ببواطن الأمور الملم بكل التفاصيل ولكن لتجرده لم يتحدث عن تجربته الشخصية إلا في سياق رده على مداخلات الحضور_ فأي تواضع هذا!وعندما افتتحت مجموعة من المهتمين بشأن الوطن موقع " نبض السودان" الإسفيري لمناقشة القضايا السودانية صار إسحاق أحد أبرز كتّابه فطرح رؤية واضحة حول مشكلة دارفور من حيث جذورها وسبل معالجتها ولعلي لا أبالغ إن قلت إن وثيقة الدوحة لسلام دارفور قد استلهمت ما كان ينادي به ويتحدث عنه إبراهيم إسحاق من تحليل لأصل الفتنة وكيفية الخروج منها حتى جاءت مطابقة تماماً لما كتبه قي ذلك الموقع. وعندما وقع الاختيار على الخرطوم لتكون عاصمة الثقافة العربية كان من الضروري أن يضم الوفد الذي مثّل الجالية السودانية في فعاليات ذلك المهرجان قامة أدبية سامقة، فكان إبراهيم إسحاق ضمن الوفد فأثرى ليالي الخرطوم وعطّرها بحضوره المتميز دوماً. ودونكم ما قاله الأديب الراحل الطيب صالح عن هذا الأديب العَلَم: (إبراهيم إسحق كاتب كبير حقاً؛ وقد اكتسب سمعته الأدبية بعدد قليل من الروايات الجميلة، مثل روايته «حدث في القرية». وهي روايات قدمت لأول مرة في الأدب السوداني صوراً فنية بديعة للبيئة في غرب السودان وهو عالم يكاد يكون مجهولاً لأهل الوسط والشمال وقد لقيته في الرياض في المملكة العربية السعودية، فوجدته إنساناً دمثاً طيباً مثل كل من لقيت من أهل غرب السودان). وواضح من روايته "وبالُ في كليمندو" أنه لم يكن خاملاً، بل كان يفكر ويكتب طوال فترة صمته الممتد". في هذه الرواية صور الكاتب ما بدأ يطرأ على مجتمع دارفور من صراع مؤسف مرده إلى الأطماع أو كما يقول الطيب صالح أيضاً " كليمندو اسم قرية حقيقية أو خيالية من قرى دارفور في غرب السودان الأقصى حيث اشتعلت في الآونة الاخيرة نيران الأحقاد والمطامع والطموحات و«البلاوي الزُرق!. وكأنما أحس إبراهيم إسحق بالكوارث التي سوف تقع على تلك الرقعة الشاسعة من الأرض التي عاشت على وجه العموم حياة آمنة مطمئنة". بالعودة إلى الكتاب الذي بين أيدينا تلزم الإشارة إلى أنه يحوي مجموعة من القصص القصيرة التي اختار لها الكاتب عناوين مثل (ملوك سوق القصب،والطريق إلى أم سدرة، وتخريجات على متن الظاهريّة وبلية العجيج ولدْ عجيجان النّاجري)؛ وكل هذه العناوين لها دلالات مقصودة يدركها القارئ من خلال سير القصة وقد قدم لها المؤلف بمختارات لكثير من الكتّاب أمثال كيركيجارد، ولاوتزو، وسليمان بن حسين الوسطي، ودانتي اليجيري، وأبو العتاهية؛ وهذه إشارة واضحة على سعة اطلاعه وثقافته.هذا الكتاب من إصدارات هيئة الخرطوم للطباعة والنشر ويحمل الرقم ( 38) ضمن سلسة " كتاب الخرطوم الجديدة" وهو بعنوان (عرضحالات كباشية) نسبة لأسرة كباشي وهي أسرة خيالية أراد الكاتب أن يحملها مسئولية كل الأحداث، والأفكار، التي تدور حولها مجموعة القصص، بينما يتولى هو السرد والحبكة القصصية، متخفياً خلف شخصية الراوي الذي جاء من كافا إلى أم درمان، وظل يتنقل بين هذين الموقعين في إشارة واضحة لما يحمله من موروث غرب السودان إلى المدينة، وما يعود به من فكر وحضارة وتنوير إلى قرية كافا، وهي خيالية أيضاً: - اللّخوان من وين؟ - نحن من كافا. - كافا دي وين؟ - في شرق دارفور. وسيلة السفر في أغلب هذه القصص هي " اللواري" التي لها رمزية واضحة فهي التي تحمل الحياة بكل جوانبها المادية من بضائع وغيرها، وتحمل مكوناً ثقافياً وافداً على قرى دارفور بنقلها لإنسان المدينة أو من له صلة بها وهذا بدوره يأتي بكل ما هو جديد و مستحدث. يقول الراوي في قصة سبحات النهر الرزين(جئتهم ناس الصِّيوان هذه المرة بإحياء علوم الدين؛ لأن عبد الغفار نصحني بامتلاكه لأجلهم. يقول لي: خلي الشباب ديل يقرو الأسرار كمان). وما يلفت النظر في هذه المجموعة أن مسرح أحداثها يتراوح في مساحة جغرافية ممتدة ومتنوعة البيئات تشمل مناطق كثيرة من السودان تمتد من كافا في دارفور إلى أم درمان وشندي وبور تسودان مما يعني أن إبراهيم إسحاق قد خرج من نطاق المحلية في رواياته ليلج إلى القومية مشيراً بذلك إلى حراك اجتماعي كبير يعود الفضل فيه إلى وسائل المواصلات والاتصالات التي قرّبت مكونات المجتمع السوداني ومناطقه من بعضها البعض. ومن المؤكد أن ثمة حالات من التواصل والتمازج والاختلاط قد نتجت من ذلك كله، وإن كانت لا تزال في طور التفاعل إلا أنها حتماً ستؤدي إلى مزيد من إزالة التفاوت، والتنافر إن جاز لنا أن نقول ذلك.هذه القصص تعالج جملة من القضايا تتراوح بين الصراع بين القديم والحديث؛ كما هو شأن معظم روايات إبراهيم إسحاق، ولكنها أيضاً تلمس بعض المستجدات في المجتمع السوداني مثل تعاطي المخدرات، والصراع الفكري في أوساط طلاب الجامعات (الرأسية الأولى وقع الكناني على ركبتيه، والهواري تراجع حتى اتكأ على ساق الهرازة. الرأسية الثانية وقعت أنا على الركبتين، أتشهد في داخلي ولا أجد نفسي، كأنني بيْن بيْن، في دارين.)هذا بالإضافة إلى ما طرأ على مجتمع دارفور من خلل، وتفكك اجتماعي، نتيجة للحرب التي ولّدت صراعات كثيرة في ذلك الجزء من الوطن، وظهرت على السطح مجموعات لا تشبه سلوك إنسان دارفور المسالم والهادئ ذي الخلفية الإسلامية المتصوفة، ومن تلك المجموعات الجنجويد والتورا بورا، ولذلك عندما سأل الراوي جده القادم من دارفور في قصة " بدائع" ( كيف تركت الأهل في الدكه والحلال يا جدي؟ " طيبين عافين" وكيف صحتكم وأحوالكم؟" رد عليه الجد بقوله ( كويسين بلا مصايب التورا بورا والنهب، والعياذ بالله". ومن جملة ما يناقشه الكاتب في هذه القصص مشاكل الخدم في البيوت و ما يترتب على ذلك من أحداث جنائية مثل ما فعلت الخادمة لولو حيث تآمرت مع إحدى قريباتها فسرقت ذهب صاحبة البيت وجارتها وقطعت أصابعهما. ومن المواضيع التي تحدث عنها إبراهيم إسحاق في "مسطرة القليب" قصة أم شوايل تلك البنت الكباشية التي ألقى بها أبوها في البئر، وهذه إشارة واضحة للعنف الأسري وهو من القضايا التي طرأت على قصص إبراهيم إسحاق مؤخراَ، في دلالة واضحة على مواكبته واهتمامه بدوره كواحد من المعنيين بتشكيل وجدان الإنسان السوداني. وقد عكس إبراهيم إسحاق في هذه القصص كل جوانب النشاط البشري في دارفور من تعليم وتجارة وزراعة ورعي بأدق التفاصيل لهذا الحراك لما له من صلة مباشرة من مفاهيم الناس وسلوكهم، وطريقة حياتهم، وتقاليدهم وموروثوهم، وقيمهم التي جعل منها إبراهيم إسحاق مادة لقصصه ورواياته، فذكر فيها كل شيء يتعلق بإنسان كافا حتى أسماء الكباش مثل ( برد وبرود) والشجر مثل أم دلادل وديك مسعود وبالطبع أسماء سائقي اللواري وممارستهم ومحطاتهم التي يقفون فيها،وموارد المياه مشيراً إلى قضية العطش من طرف خفي. هذه القصص يجب ألا تقرأ بمعزل عن روايات إبراهيم إسحاق الأخرى إبتداءً من" حدث في القرية"، و"مهرجان المدرسة القديمة"، و" أعمال الليلة و البلدة" وهي في مجملها تدور حول القديم والجديد في القرية الدارفورية التي رمز إليها الكاتب في هذه السلسلة بكافا التي ربما تكون، مثل ود حامد، تجسيداً للقرى في أنحاء السودان كافة حيث يدور صراع بين موروث القيم القروية العتيقة وما يطرأ على الساحة الاجتماعية من تحول، لأن القرية لم تعد معزولة تماماً عما يدور من تطور في العالم من حولنا، ولذلك نجد ذلك الحراك الذي يمثله " المنصور".عموماً هذه القصص تمثل تحولاً كبيراً في مسيرة إبراهيم إسحاق الروائية من عدة جوانب فهو قد تحول من المحلية الضيقة إلى القومية؛ كما أن لغة الروائي نفسها قد تطورت من الاستخدام المفرط للهجة المحلية إلى أسلوب هو أقرب إلى عامية الوسط وإن كانت هذه القصص لا تخلو من لهجة غرب السودان بشكل عام لأن "المنصور" قد خرج من كافا ووصل حتى أم درمان وشندي وحتى بور تسودان، ولذلك كان من الطبيعي أن يكتسب لهجة مزيجاً من كل لهجات السودان. باختصار شديد هذه القصص جديرة بالقراءة والدراسة فهي تعد قمة النضج الروائ لإبراهيم إسحاق فقد كتبها في فترة زمنية طويلة بين الأعوام من 1973 و حتى 2010 وهي الفترة التي عاش فيها إبراهيم شبابه وكهولته وخاض تجارب حياتية كثيرة تراوحت بين الخروج من القرية إلى العاصمة ومرحلة التعليم العام والعالي حتى نال درجة الماجستير واكتسب شهرة أدبية وعمل في كثير من الوظائف من تعليم وغيره في السودان وخارجه، وشارك في كثير من المحافل والأنشطة الأدبية والثقافية وكتب فيها بعض أهم مؤلفاته والتقى خلالها بكثير من الفاعلين في مجال الأدب والثقافة وصار رقماً كبيراً في مسيرة الرواية السودانية والعربية لتفرده وتميزه السردي والقصصي حيث نقل حياة القرى في السودان الغربي إلى كافة المهتمين بفن الرواية بأسلوبه الخاص والممتع. عاد إبراهيم إسحاق إلى أحضان الوطن، ليحتل موقعه بين أدباء وكتاب السودان، فتبوأ منصب رئاسة إتحاد الكتاب السودانيين؛ وهو الآن عضو في مجلس تطوير وترقية اللغات القومية في السودان وهو أيضاً عضو بارز في أمانة جائزة الأديب الراحل الطيب صالح. إبراهيم إسحاق الآن يشارك بمقالات أدبية نوعية في الصحف والمجلات السودانية، و يشارك في كثير من الحوارات والبرامج التي تبثها القنوات التلفزيونية الفضايئة وله اسهام ملحوظ في الحراك الثقافي في العاصمة المثلثة، وله عدة مشاريع كتب وإصدارت جديدة هي الآن في المطابع ستضاف إلى أعماله في القريب العاجل؛ ذلك فضلاً عن أنّ إبراهيم إسحاق هو حامل لواء الرواية في السودان الآن بلا منازع لرسوخ قدمه في هذا المجال، وعمق تجربته وروعة أسلوبه، وتنوع موضوعاته، وارتباطها بالبيئة السودانية، وإلمامه بقضايا الأدب العربي والعالمي، خاصة إذا علمنا أن إبراهيم هو أحد الباحثين الأفذاذ في مجال التراث، والثقافة، والتاريخ؛كما أنه في الأساس مدرس للغة الإنجليزية التي كانت إحدى أدوات اطلاعه على آداب العالم بجانب اللغة العربية.هل فهمت يا سكنية لماذا أنا مشغول عنك بهذا الكتاب ؟ فأجابت مجاملة: نعم يا أبي!
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: إبراهيم إســــحــــاق وما أدراك ما هو //محمد التجاني عمر قش...... (Re: علي الكرار هاشم)
|
Quote: (كالعادة ينتابك ذلك الشعور المدغدغ، ساعة يهلٌّ بك اللوري، فتترك البقعة وراءك تسبح في حرّها وسمومها، وغبارها اللدود، وتعرف أنك بسبيل الأهل. الكميلابي ذو الأسنان المشتتة التي لا تجمعها شفتان، يوقع عينيه على مجاري اللواري الداخلة إلى البقعة متشابكة كأنها دروب النمل آتية إلى الحفير الأم). " إبراهيم إسحاق- سبحات النهر الرزين" |
شكرا لك أيها الأديب الأريب على نقل المقال الضافي ...
أتحسر على عدم توافري على كتب وكتابات الأديب إبراهيم إسحاق ..، لظروف كثيرة ، من بينها الكسل المعرفي ، إن جازت التسمية ، وأتمنى لو أن هذه الكتب والكتابات ، وما شاكلها من روائع الأدب السوداني ، توفرت على الإنترنت ..كحال الأمم التي تهتم بنشر ثقافاتها ..
ولكن أضعف الإيمان ...أن يتصدى أهل الشأن للتوثيق والتعريف بمثل هذه القامات الأدبية ... وما تقومون به ، أستاذي المنصور ، يصب في هذه الخانة .. ، وأطمع منك ومن المتداخلين ، من يرفد البوست بالمزيد من المقتطفات القصصية للأديب .... فشكرا لك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إبراهيم إســــحــــاق وما أدراك ما هو //محمد التجاني عمر قش...... (Re: ibrahim fadlalla)
|
شكرا لكم الاساتذة الاجلاء صاحب البوس والاستاذ التيجانى قش على هذه الاضافة الرائعة وتسليط الضوء على منارة من منارات بلادى فى الادب ابراهيم اسحق كغيره من عظماء وعلماء وادباء السودان لا يلقى حظه من العالمية بسبب القصور الاعلامى الذى نعانى منه فى السودان والذى لم نفلح حتى اللحظه فى الوصول الى التحليل الصحيح لهذه المعاناة لتتضى لنا الطريق للمعالجة .. حتى الامس كان نقاشا فى تلفزيون السودان يدور حول قصور الاعلام .. فاذا كانت الاغنية السودانية تعانى من خلل ما فما بال الادب المكتوب ولماذا لا يجد حظه فى العالم .. تشرفت باننى درست اللغة الانجليزية على يد هذا الاديب العالمى ابراهيم اسحق فى محمد حسين الثانونية بامدرمان , ليس هذا فقط بل كان الى جانبه النور عثمان ابكر رحمه الله وما ادراك ما النور عثمان ابكر ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إبراهيم إســــحــــاق وما أدراك ما هو //محمد التجاني عمر قش...... (Re: أيمن مبارك أبو الحسن)
|
المنصور ازيك قبل مايقرب من الثلاثين عاما او تزيد طالعت قصة قصيرة لهذا الرجل الجميل ابراهيم اسحاق ايام كانت مجلة الثقافة السودانية تسرى بيننا مسرى الدم لكنى لم اطالع له بعدها الا مؤخرا "فى العام 2006" اصدارة انتجها مركز عبد الكريم ميرغنى فيما اذكر وفى قراءتى لهذه المجموعة "نسيت اسمها للاسف " وجدتنى استمع لاصوات الناس واقرا شفاههم احيانا وحين كتبت عن تلك المجموعة قاربتها بعوالم "باولو كايللو " حيث اللغة الكثيفة والدلالات التى تنسال كما الماء على صفحة الروح فتراها تسمعها تشمها تتذوقها تعرف كل شخصية وتنحاز لها فى الضعف خاصة قبل ان اطالع هذه المجموعة التقيته فى الخرطوم نفس العام قلت له ياسيدى الجميل "هكذا " اننا نحبك ولكننا نخاف من التواصل معك لسبب بسيط احيانا "تلتبس علينا المفردات "التى نشى عن بيئة بعيدة نسبيا ليس عنى تحديدا لانى اعرف الحديث واللغة القادمة من دارفور لكن بعض الشباب حديث العهد بالحياة هناك والتى تعرض لها انت فى كتاباتاك وحتى يقف الجسر شامخا الى تلك اللغة نرجوك ان تكتب هوامش لشرح اللغة كما شهدنا فى كتابات الطيب صالح وقلت له انت سيد العارفين ففى الولايات المتحدة يكتب بعض الكتاب هوامش خاصة ان كانوا من الجنوب او من الشمال خاصة نيويورك فلا غضاضة فى ذلك ولم التقيه بعد ذلك قط له ولك المحبة ساحاول ان اجد تلك الدراسة لكنى لا اعد حيث التكنولوجيا تخذلنى دائما
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إبراهيم إســــحــــاق وما أدراك ما هو //محمد التجاني عمر قش...... (Re: munswor almophtah)
|
فقهُ العتَّال مُوسَى الهَوْساتي!
ضيف على الرزنامة
إبراهيم إسحق*
الإثنين
رمضان كريم. وليغفر الله لنا معشر البشر الخطائين. أما الوحيد المغبون في هذا الشهر الفضيل فهو، بلا شك، إبليس، ومعه، بالطبع، عشيرته المقيدون!
جارتنا البدوية في الرياض، على أيام الاغتراب، دخلت، ذات رمضان، على أم محمد؛ ولمَّا رأت بعضاً من مصلاياتنا مفروشة لم ترفع، قالت لأم محمد:
ـ "ما تخافون يا أم محمد يصلي عليها الشيطان"؟!
فما كان من أم محمد إلا أن ردت عليها قائلة:
ـ "يا أم فلان .. والله لو على رأيك نفرش ليهم الشقة دي من أولا لي آخرا سجادات"!
الثلاثاء
العنصرية، في ظني، هي أبغض شعور عرفته البشرية قاطبة. ولو سألوني عن العقار الناجع ضدها لقلت، دون أدنى تردد، أنه، بعد الإيمان بالله طبعاً، نكات السخرية المتداولة بين المجموعات السكانية، بعضها على بعض! وربما يزيل التعجب من يقيني هذا مدى التأييد الذي رأيت لمقال لي بالغ التواضع يعنى بالحالة كما شهدتها في دارفور (مجلة "الثقافة السودانية"، أغسطس 1977م).
خلال الفترة ما بين 1983 و2005م زحمتني سنوات طوال وأنا خارج السودان، فلم أتابع الخط التفاعلي لنكات السخرية بين السودانيين وهم في معمعة التجارب مع ذواتهم. وكانت ثقتنا فيما يخص استمرار التوظيف العلاجي للعنصرية بنكات السخرية نتلقاها، ونحن في الاغتراب، عبر أشرطة الكاسيت المكرسة للإضحاك النزق على أدروب والرباطابي والدنقلاوي وولد الجانقي والغرباوي وعربي الجزيرة! ولكننا أيضاً كوَّنا، في الغربة، مجتمعاً سودانياً متكاملاً بالقدر الذي يجعل من مثل هذه النكات، في قلب تجمعاتنا تلك، بلسماً، ليس للشفاء فحسب، بل ووصفة إعجازية لربط النسيج الاجتماعي في ما بيننا، كما في نموذج مهجرنا الصغير ذاك بمدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية.
الذي أهاج، الآن، هذه التداعيات عندي، وقلقلها، وأطار كل عصافيرها، زيارة مبهجة فاجأنا بها، الأسبوع الماضي، في بيتنا بمدينة الثورة بأم درمان، أحد أعلام حي النسيم بالرياض، الداعية الذي لا نقصم ظهره بمدح، مالك زمام النحو والصرف، رجل أم دقرسي محمد علي محمد علي الحاج، بذات البشاشة التي عهدناها فيه من يوم التقينا معه عام 1990م، عباس مكي وفيصل فضل الله وشخصي. طرقا الباب، هو وأمه التي ولدها، أعني إبنته التي أسماها على أمه، واحتضننا، فتدفقت ذكرياتنا كما فيضان النيل الراتب.
العودة من الاغتراب حالة لا أعرف قط كيف أصف تقلبات النفس فيها. أنت تريد، خلال أيام أو أسابيع قلائل، أن تخضع وتقيِّد، في خلفيات ذهنك، عالم الغربة الهائل، كي تواجه، بتصاديمه، مجتمع البلد الذي غبت عنه لأكثر من عقدين من الزمان! وهو مجتمع لا يرى لك عذراً، لكن أوسام السنين لا تنجلي عن جسمك ولو معصتها بكل غسولات الانكباب على التأقلم الجديد، والشوق الخفي إلى ذكرى تلك الأيام.
في أقل من ساعة، وعلى إبريق شاي سريع قدمته أم محمد، كنت وأخي الداعية نتلاقى عند سفح الجبل؛ هو نازل من اجواء الرياض، وأنا صاعد إلى ذكراها؛ أسأله عنهم فرداً فرداً، إخوان الصفاء أولئك، ومن لم أذكره يعلم الله لا يقلُّ حبي له عمَّن ذكرتهم ولا حبة خردل، وليسامحني ربي .. رجل أم كدادة الصادق موسى، وعمدة دار حامد محمد التجاني قش، وولد ود مدني زكريا عوض سعيد، وطويل البال فقاد الرجال مسلم الإمام أحمد، والنيلاوي الحنون عبد المنعم جاد السيد، وزول الشهيناب الباش مأمون الحاج، وشيخ الأصوليين أبو الحسن علي السماني، والزالنجاوي الركن محمد جمعة، وأبو التيمان إبراهيم عبد الرحمن أحمد .. ولم ننس الذين ذهبوا إلى رحمة مولاهم ودفناهم هناك، ولا الذين عادوا مثلي لينتشروا في أصقاع السودان البعيدة.
تذكرنا كيف كنا ننكِّت سخرية من أنماطنا السلوكية، ونكتكت ضحكاً على بعضنا وأهلنا: أعراب الجزيرة الخام، الغرَّابة السذج، النوبيين الأعاجم، وناس النيل الحذاق الهنابيك! ما جلس اثنان منا كانا في نسيم الرياض ذاك، إلا وتذكرا بدعاً مثل مزح أهل ام دقرسي، والعهدة على راويتها محمد علي الحاج، كشقي الحال ذاك عبَر بحر ازرق، في خمسينات القرن العشرين، وتوغل في غرب البطانة حتى هراه الجوع والعطش؛ فلما رأى بعض بيوتات العرب، ذهب عندهم، فأنزلوه في الراكوبة، وسقوه ماءً بارداً. وبعد انتظار لم ينفد منه صبره جاءه القدح. وضعته الأعرابية وتنحَّت. كشف صاحبنا الغطاء وسمَّى. المفاجأة أخذته، والمسغبة غلبته. يأكل كالمطرود. كانت الشعيرية، أيامها، جديدة في الأرياف. والمضيفة، رعاها الله، لم تجد ما (تلايق) به الضرَّابة إلا قليلاً من البصل والزيت أشبعتهما نضجاً، وصبَّتهما على اللقمة مع الشعيريَّة والضرَّابة، ورفعتهم للضيف. يأكل ويعيِّر في الشعيرية:
ـ "آآآ .. الشعيرية؟! والله كن تستاهلي آلشعيرية! القال ليكي تقطعي بحر ازرق بالشرق دا نان قال ليكي النصيحة .. آلشعيرية؟! وانتي صدقتي نصيحتو .. آلشعيرية"؟!
الأربعاء
نحن نعرف الناس بأن نأخذ عنهم وأن نعطيهم. وقد أراد الله تعالى لي ألا أستلذ السفر إلا عندما يكون باللواري. فإذا أغفلت السفريات داخل دارفور، تظل أطول سفرياتي هي بين الفاشر وأم درمان. ولعلي أستحضر منها ما لا يقل عن العشرين سفرية كم صادفنا خلالها من الصُم والبكم، وتواصلنا معهم. وفي الذاكرة تلك الهوساتية الطرشاء في محطة أم روابة نجادلها حول عدد حبات طعمية اللوبيا الحلوة الحادقة المقلية على الزيت وفي عجائنها الدُّقة والشمار .. نغالطها حتي تتشعرن غيظاً، ثم نشتري منها شبعنا.
بدأتْ بي هذه الاسفار وعمري أربعة عشر عاماً، وكأنني لم أتب حتى اليوم .. يغفر الله لبعض الركاب من أهلنا الزغاوة والمساليت والفور والميدوب .. إذا ما تآلفوا في جماعة تراجعوا إلى محابس رطاناتهم! ومع ذلك لم نعدم معهم خذ وهات في الأيام الخمسة أو الستة؛ فاذا ما دخلنا ############ات وقهاوي المحطات تراقدنا على العناقريب العرية وسألنا بعضنا عن قرانا وقبائلنا وسبل كسب العيش لدينا.
إن الالتذاذ الذي كنتُ أجده في هذه السؤالات التي لا تنتهي لرفاق السفر ومقدمي الخدمات في المقاهي يظهر على أجلى ما يكون في القصص القصيرة التي يرويها مسعود ود الكباشي، هذا لمن يكترث للجانب الأخر من شواغلي بالخيال. فاذا أعوزني الفهم على مقاهي الأنضرابة أو في بارا أو أم بادر أو ود بندة، لم أكن لأستنكف عن السؤال عما يعني محدثي بكلمة كذا أو كلمة كذا .. أجده يضحك ويشرح لي:
ـ "الجقلا ياولدي ما بتعرفا؟! إنتو ما ناس ألبل"؟!
أقول له بصراحة، وهو يدرك الحقائق ويتغابى:
ـ "نحنا بقارة مستقرين بزرعنا ومواشينا في القوز الكبير".
وللحقيقة فهم يعلمون من مظهري بأنني ولد مدارس، لكنهم لا يبدون قط شكاً في نواياي الحسنة متى ما ألححتُ في سؤالهم. عام 1986م وجدتنا نغيِّر إحدى عجلات اللوري في مقهى خلوي لدى المثلث بين سودري وكجمر والأنضرابة. ولم تكن هنالك إلا حامدية واحدة جاءت بلبن معيز رائب لتبيعه في المحطة. ولعلة ما كم تمنيت يومها لو أن لي معرفة بهذه البوادي تناهز ما لعبد الله علي ابراهيم، أو حسن نجيلة، أو عبد الغفار محمد احمد. ثم يلح علىَّ عبد الغفار لأن رسالة الامتياز التي تأهل بها، إن لم تخني الذاكرة، كانت جمعاً من أم سعدون لأشعار الدوبيت المتداولة عن أبرز شعراء دار حامد تمساح أمبدة. وقد نشر تلك الحصيلة، على ما أذكر، أستاذ الأجيال المرحوم قيلي أحمد عمر في أحد أعداد مجلة الخرطوم في سبعينات القرن الماضي. لم أكن لأتوقع نسياني لما حفظتُ من ذلك الدوبيت النقي الذي يذكرّني في مفرداته ومجازاته وتراكيبه بشعر الأبالة في شرق دارفور؛ فكان لابد أن أسأل الحامدية عن تمساح أمبدة، ووالله لقد بوغتُّ .. الدايم الله .. مات؟! متى؟! قبل عام او عامين؟! شيء من ذلك.
الطيب محمد الطيب وشرف الدين الامين عبد السلام يرحمهما الله جمعا حصائل لا بأس بها من ديوان الدوبيت في غرب النيل الأبيض. لكنني أشك في أن أسعد الطيب العباسي وميرغني ديشاب قد منحا للبادية الغربية ما أعطياه لبوادي الشرق. ويحتار المُتوَله مثلي بالشعر الشعبي .. لماذا لا يحمل الكردفانيون والدارفوريون، بعيداً عن الأكاديمية، دواويناً لشعرهم الشعبي بنفس القدر الذي نراه عند أهل البادية الشرقية؟! هل أهملهم الآخرون أم أنهم والمأمول فيهم من أثريائهم يهملون أنفسهم؟!
متى يستطيع أدروب في بورتسودان، وحمد في الشمالية، وبلة في الجزيرة، ودينق في الجنوب، أن يقرأوا ويتمتعوا بجماليات شعر الهدَّايين، وتويا الأبَّالة، وحردلو الهمباتة الكردفاليين؟! إن كنا نريد، حقاً، أن نعرف بعضنا بعضاً فلا بد أن نتبادل الفهم بدقائق مكوناتنا. وتعرُّف السودانيين على ذواتهم الثقافية مفتاحه اللغة المشتركة، والإرادة الجَّادَّة الخالصة على أن نتقارب في خصوصياتنا. فلتكن أقل المعرفة عن بعضنا البعض هي من فروض الكفاية التي يقوم بها النفر الكافي حتي يسقط عن الباقين .. مكترثين وغير مكترثين!
الخميس
هنالك شبه إجماع على أن المعضلة التي تفاقمت في دارفور لا يمكن تبسيطها في أقل من نصف درزينة من المسببات والنواتج غير المتوقعة. ويصلح لي، بفعل وجودي في المهجر، وقد فاتتني سنوات التخمير المشئوم لما حصل (1991 ـ 2002م)، أن ألتقط ممن عايشوا تلك الأزمنة بعضاً من يقيناتهم. ومن ذلك تفاكرٌ لي مع الضابط الإداري المشبَّع بالتفاصيل حول التركيبة السكانية في دارفور الكبرى، محمد بشر كرم الدين. ولأن محمد من (ودعة) فقد سألته عن أحوال المعلم موسى الهوساتي الذي تركته يشرح متون المالكية في المسجد الكبير هناك. ومحمد أصغر منا بما يزيد على عشرة سنين، لذا فهو لم يكن ليملك خلفية معرفية كافية بالرجل، ومع ذلك وجده هناك، قال، في البلدات الكبيرة بالشطر الجنوبي والشرقي من شمال دارفور، عَلماً معرفياً يشار إليه بالبنان.
لقد رأيت هذا الرجل لأول مرة في أواخر الخمسينات من القرن العشرين في سوق الفاشر وأنا في الابتدائية. يتنادى التجار والعتالون بأن هنالك بالة خيش يجب أن تنقل من دكان فلان الى دكان عِلان .. أبحثوا يا أولاد عن العتال موسى الهوساتي! بالة الخيش تحتوي على ألف جوال، والجوَّال لا يقل عن نصف رطل، ودكاكين الفاشر على مدرجات بحيث لا تصل بينها لا سيارة ولا كارو! لكنني رأيت الرجل بعيني رأسي ينزل تلك المدرجات من عوالي سوق الفاشر الى أسافله، يتشلخ و(يتاتي) مثل البعير الممكون، على ظهره خمسمائة رطل، يقطع بها خمسمائة متر وزيادة، كأنه بغل مرشود .. فإذا ما حط عنه ذلك الثقل وشرب ماءً بارداً تكشفت شفتاه الغليظتان عن أسنان بيضاء ضخمة كأنها حبات صدف مُشذب .. ويحمد الحامدون للرب المبدع الذى أنشأ من خلقه شيئاً بهذه الطرافة!
اختفى العتال موسى في الستينات من القرن العشرين ثم ظهر في السبعينات منها مُتبحِّراً في علوم القرآن الكريم والفقه والشرعيات، ولا ينقصه عمن درس في أروقة الدارفوريين وغيرهم بالأزهر الشريف الا الشهادة والدراية المؤصلة بالقراءات وعلم الأصولين.
حدثني محمد بشر بأن المعلم موسى كان، ذات مرة، ضمن ركاب لوري أوقفه النهب المسلح بين بلدتي خزان جديد والشعيرية في تسعينات القرن الماضي. وإذا صحَّ فهمي لرواية محمد فإن الرجل راح يعظ أولئك النهَّابين حول فداحة ما كانوا يفعلون. ولأن الوعظ الديني من كبائر النواهي عند المتفلتين وعموم الخارجين عن القانون، فقد أردوه قتيلاً!
اللهم تقبَّل الإمام موسى الهوساتي في عبادك الصالحين وأجرنا فيه.
الجمعة
سألت عدداً من المسئولين في دارفور عن تصّورهم لشكل الإدارة الإقليمية في مرحلة ما بعد الانتخابات، فلم أجد عندهم جواباً يشفي الغليل! ورغم جهلي الفاضح بالتشريعات الدستورية والقانونية في السودان، فإنني أنكفئ على حزن لا يُسبر غوره، حيث أن هذه التشريعات، كيفما وجدت في الوقت الراهن، لم تفصح لدى من سألتهم عن منظور للمتوقع الذى سوف تجرى على بساطه النظري الانتخابات القادمة، افتراضاً، بل قل تفاؤلاً، عام 2009م.
هنالك في وقتنا هذا ولاة يتحكمون تماماً في المجالس التشريعية الولائية، ويعيِّنون، بسلطتهم المخولة لهم من المركز، المعتمَدين الذين يطيعونهم طاعة عمياء! فكل ولاية، حسب اعتقاد من تحدثت معهم، هي كإقطاعية من الحكومة المركزية لواليها لكي يحفظ فيها توازناً صعباً بين متطلبات التنسيق بين مرؤسيه وبين الإيفاء بالمطلوب منه في دائرة المركز. لكن الرقابة التشريعية والصحفية معدومتان. وأما الإدارة الأهلية فتعلقت في الهواء، لا هى حيَّة فترتجى، ولا هى ميِّتة فتقام عليها المآتم!
إن صحَّتْ هذه الرؤية، فالمواطن سوف ينتخب، في العام 2009م، رئيساً للجمهورية، ومجلساً تشريعياً مركزياً، ومجلساً تشريعياً ولائياً، ثم يذهب، بعد ذلك، إلى داره ينتظر الفرج متى جاز له أن يحلم به!
في سبتمبر 2005م سألني بعض الصحفيين من مجلة (بلادي) عن تصوُّري لما يجدر أن تؤول إليه الأوضاع الإدارية في دارفور بعد السلام، فقلت لهم إن الذي آمله هو أن تلبس المعتمديات أجساماً إدارية شبيهة بنظام المقاطعة County في الدول الغربية. فالوالي يأتي بالانتخاب حسب برنامجه المعروض على الجماهير، وكذا المعتمَد، وكذا أعضاء المجالس التشريعية في كل إقليم كما وفي المركز؛ فإن كان كل هذا مُضمَّناً في الدساتير الإقليمية، فسوف يذهب المواطن إلى صندوق الاقتراع بنفس رضية كونه هو الذي سوف يعيِّن المسئول عنه، وهو الذي سوف يحاسبه. أما إذا ظللنا على حال العماء الدستوري والقانوني الذي أحسسته لدى من سألتهم، فعن أية ديمقراطية نتحدث؟!
هذا هو مقدار فهمي حالياً، وربما يقع اللوم عليَّ، ولكننى، مخلصاً، وإن كنت لا أفهم الموجِّهات الكلية لقانون الانتخابات المجاز، أطلب أن يُرشدني خبراء القانون بحق مواطنتي وبحق "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" .. واللهم لا تجعلني، قط، شيطاناً أخرس!
السبت
خلال شهر يوليو، أو لعله شهر أغسطس، من هذا العام إشترك الصادق الرزيقي، رئيس تحرير جريدة (الانتباهة)، في تجوال للمصالحة والتعازي في أقاصي جنوب دار الرزيقات، ثم رجع ليقدم وصفاً دقيقاً لما شاهده هناك. جو البادية، حسب ما يتوقع زمن الرُشاش، كان رائعاً. لكن الرزيقي يعطينا أيضاً ملامح مؤلمة للغاية عن معاناة الأعراب البقارة في حياة التقشف والكدح بدوام مسيرهم في الخريف شمالاً ونزولهم قبل الدرت جنوباً سعياً وراء الماء والكلأ. إنهم، باختصار، يعيدون إنتاج دورة حياة عمرها أربعة أو خمسة آلاف عام حفر ملامحها في صخور مرتفعات العوينات والهوجار والتبستي بالصحراء الأفريقية الكبرى أجدادهم المهنيون من الجرمانت والقرعان فيما بعد العصر الحجري!
وكنت قد نشرت، عام 2005م، مقالاً أضفتُ فيه صوتي الخافت إلى أصوات بعض المجاهرين (نرجو ألا يكون بخجل) عما ينقصنا من تنمية في مجال اقتصاد الحيوان الأليف. وقد جعلت عنوان ذلك المقال (توطين البدو ضرورة لاستقرار الريف السوداني)، وشددتُ أزري فيه ببعض الملاحظات الخبيرة للرحالة الانجليزي مايكل آشر. هذا الرجل يُبكِّتُ نفسه والرحالة الرومانسيين أمثاله في الشرق لأنهم يتحسرون على تآكل معالم البداوة القديمة لصالح توطين البدو وعصرنة حياتهم! يقول آشر في كتابه (آخر البدو، بالانجليزية، لندن 1995 م): "لعل البدو هم المثال الأنصع في التاريخ لقدرة الانسان على التأقلم .. لقد صمدوا حقاً لأن طرائقهم غير ثابتة .. لأنهم دائماً امتلكوا القدرة على الركوب والانزلاق فوق موجات التغيُّر"!
ذلك المقال تم توزيع طبعة جديدة منه ضمن محاضرة في متحف السودان القومي بتاريخ 16/7/2007م. لكن بعض أفاضل المفكرين الإستراتيجيين في هذا البلد انعطف بنا في الحديث عن أهمية التروي في هذه النقلة لأن التراث السوداني البدوي الثري يجب ألا يُجتز من قواعده بعنف ضار .. وعَلِمَ الله أننا لم ندْعُ إلى جزٍّ ولا إلى بتر ولا إلى عنف ضار! نحن نقدِّر دواعي الرومانسية التي يعيشها المثقفون الذين يشاطرون الوليد مادبو (غير الرومانسي) مهرجان الضعين السنوي .. لكننا نرفض محاولة حلِّ مشاكل البداوة السودانية بالنظرة الرومانسية الضيقة التي تحبس مصائر البقارة والجمَّالة والغنَّامة في توفر مواشيهم، والابداع حولها، وحول اتباعهم على ذيولها في وهم الوجاهة القبلية، عراة وشقايا، وجهلة، ومهانين!
ينبغي أن نفصل ما بين الصورة التراثية للبداوة السودانية، وما بين الاحتياج الراهن والمستقبلي للتنمية، بحيث نعجِّل بالتوطين الذي يُخرج للبدو الماء من الأعماق، كي يستقر الرعاة وسائمتهم، وتأتيهم الأعلاف عند مجمَّعاتهم، ويشيدوا بيوتهم بالمواد الثابتة، ويعمِّموا في مستقراتهم التعليم والصحة وبقية الخدمات، ويتابعوا الإعلام فينتموا إلى هذا العالم، ويحوِّلوا رأس المال إلى بنية اقتصادية تلائم عمليات الزمن الذي نحن فيه، والأهم من كل ذلك هو أن يكفونا شرَّ الصراع مع المزارعين حول الموارد .. من بحر العرب، ان لم أغلط، قرأنا بأن والي جنوب دارفور السابق الحاج عطا المنان ساعد تسع عموديات بدوية على الاستقرار فدخلوا في الزمن الحضاري!
أيها البدو السودانيون، إلحِقوا أنفسكم بعصركم، واستقروا، ولو بإمكانياتكم الذاتية، ودعوا لمن يطارد فيكم الرومانسيات أن يتلهى بأخبار أجدادكم!
الأحد
إذا تحسر أهل دارفور اليوم على شىء فإنما يتحسرون على انعدام الأمن وما يترتب عليه من خراب اجتماعي واقتصادي. ويحكى أن فلاتياً انقطعت به السُبل، فأتي إلى (القاضي الأطرش)، وهو شجرة للسطان يجلس عندها العاني والمتشكي وينتظر اللفتة السلطانية. وجاء أعرابي جمَّالي انقطعت به السُبل، هو الآخر، فجلس معه. أرسل السلطان إليهما، فسمع شكايتهما، ثم أمر أمين المال بأن يبعث أحد عماله مع هذين إلى زرائب السلطان فيعطي كلاً منهما دابة يلحق بها أهله وزوادة صالحة.
ذلك العامل إما أنه بليد، وإما أنه ماكر ومخادع .. فقد أعطى الجمَّالي ثوراً مؤدباً، وأعطى الفلاتي جملاً، فخرج هذا يقود دابته .. وخرج ذاك يقود دابته، فلمّا غطت الشجيرات عنهما المآخذ السلطانية، أصبح كل منهما يتلفت إلى الآخر .. حتى تجرأ الفلاتي فقال لصاحبه:
ـ "تبدِّل"؟!
فبادره الجمّالي:
ـ "وَيْ"!
فتبادلا الأرسن. نوَّخ الجمَّالي البعير، فما كادت ركبتاه الأماميتان تلامسان الأرض إلا والأعرابي عند السنام، ونهر فشبَّ البعير ناصية القوز، وغابا شمالاً نحو مشاتي الجزو على وادي هور .. يهز الفلاتي رأسه عجباً:
ـ "شيطان وركبا شيطان وشالاهم خلا"!
ثم ربت على ظهر الثور واعتلاه بقفزة ويمَّم جنوباً نحو .. (تلس)!
* روائي وباحث، رئيس اتحاد الكتاب السودانيين
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إبراهيم إســــحــــاق وما أدراك ما هو //محمد التجاني عمر قش...... (Re: munswor almophtah)
|
هكذا يمارس هوايته فى القص...وقدراته الفائقة الخارقه وهو يحكى بفنيات عاليه عن رحلاته التى أحصاها من دارفور إلى الخرطوم...عبر ثقافات ومقامات فى الإفصاح المميز...وطرائق فى التعبير الفنى الجياش دوبيتا كان أم توية وجرارى...مستحلبا المعلومات من مختلف المصادر بحرص شديد...ومؤسسا لنفسه بنيانا ثقافيا عاليا ومتين...خالطا لثقافاته العربية البقاريه بثقافات الأبالة والمعازه والزراع...وواصقا لنفسيات كل فى أسلوب الفنان النزاع لحقائق الجمال الرابضه فى صخور المجتمع العصى...فمنح السلطان جملا للهوساتى ومنح البقرة للأبالى أخرج منهما مقابلة عكست حقيقة روحيهما بتقدير قيمة الأشياء كل وفقا لهوايته وهويته...لابل ذلكم السياسى المحنك الذى تفلسف فى السياسة بإنكار أبجدياتها وأتيانه لقوالبها الحقيقيه...لتكون طرائقا للحل... ووسائلا يشعر بها الإنسان العادى بحجم دوره فى ترسيم خياراته ودوره الإيجابى فى التغيير إن لم توافق طرائق الساسة فى إشباع رغائبه وأحلامه... وأن لا يكون الإنسان فيها سالبا مكتوف اليدين...تمارس عليه الألاعيب بغباء سافر...ويشاهد بملء سمعه وبصره حقيقة السقوط والجنوح الخلاق للمآسى التى ربما تصل إلى أسوأ ما وصلت إليه الأحوال الأن...وذلك بتحجيم فعاليات الإداره الأهليه وسلبها لخصائصها...وتمليك الولاة لسلطات التجبر والتسلط بخلق خلايا للعمل الإدارى تتناغم وأهواء نفوسهم الأنانية الضعيفه...وأحسب أن ذلك الأديب الذى أنكر معرفته بالسياسه...جدير بأن يكون مرجعية سياسيه ليست بأقل من صنوه التنجراوى السودانى الوطنى الأصيل... الأستاذ آدم خاطر...الباحثة الناهل من مختلف مشارب الثقافات والمعارف المفيده...لمجتمعاته الثريه فى دارفور ولهياكل إدارتها...وطرائق القبول لدى رعاتها وزراعها والصناع...وأحسب أن ذلك الإبراهيم إسحاق الذى نادى وبصوت جهور على الإقبال لمعرفة الآخر... ودعواه بإلحاق فنون أهل الغرب إلى ما وصلت إليه ميسرة التوثيق والتدوين والتعميم لدى أهل الشرق...والبطانات التى صارت فنونها وثقافاتها فى متناول أيدى الناس...وعلى قفى من يشيل منها ملاحما تعكس حقيقة ملامحهم فى أدب الهمبته والفروسية والغزل اللطيف...وأن فى الغرب ما يوازى ذلك... لابل ما يزيد لتنوع الثقافات واللهجات...فيا أهل الميسرة من تلك الديار ذلكم هو دوركم وواجبكم بأن تنفقوا على أهل البحوث والإهتمام بحاتمية تخرج مكنوناتكم من كهوف حفظها البدائى...إلى متاحف عرضها الفعال الأخاذ لألباب الغير...والشارح لهم بنغم يشجيهم ويطربهم عن حقيقتكم التى تغيب عن أغلبهم...وكذلك من خلال السرد الشاجى للروح...ألاحظ أن أستاذى فى دعابة أخوية تدل على عمق الأخاء بينه وبين إبن بواديه وطلحه...والذى تتشابه عواديهما...وتختلف طرائقهما وتأتلف فى إبداء الأسى ومحاولة الخروج منه...ذلكم الذى نقدر صنيعه كذلك الأستاذ الجاهر فى قوله...غير المسر له أبدا...الدكتور الوليد مادبو عليه منا السلام...وإن دعواه لنا بلقائه محفورة فى عمق ذاكرة شفافه ووفيه...وإذ نحمد كذلك للأستاذ كمال الجزولى الذى صعر خده علينا عندما كاتبناه...وتكلس فى برج صمته الرهيب بأن يتيح لمثل هذا العمملاق...بأن يأت لنا بسفره ذلك الذى أحسب أنه إلياذة يمكن أن تكون مرجعية فى الأدب والأنثربولجى والسياسة والإجتماع والإنسانيه...ذلكم الحافظ لدقائق اللحظات...والمقدر لحميميات الأنس...والعارف والمعجب لأدب النكتة والملحه...والفاتح لقلبه وروحه وشارع لأبوابه لكل أهل معرفته...بسليقة البقارى...وحضارية المتمدن العارف الواصل إلى ربه وإلى قلوب محبيه وتلامذته بإحسان رفيع...فيا أستاذى قد طال بناالأمد مذ فارقنا تلك المؤسسة التعليمية الجباره...والتى جمعتنا بك وآخرون هم أمثالك فى الإبداع والعطاء...تلك المحمد حسين التى كانت تئط بكم زخرفا من إبداع حقيقى...البروفسير المعز الدسوقى...الأستاذ والشاعر عوض حسن أحمد...والإعلامى الإجتماعى عوض أحمد صاحب قضايا الناس... والأديب الشاعر والناثر النور عثمان أبكر...وكذا الأستاذ جعفر سعد... والقاضى أبو الزين...والإنسان محمد عبدالرؤوف...والرياضى الجسور إبن الهاشماب عمر حسن التوم...وأهل العلوم محمد المبارك شمعون وشمعون الآخر...والشايقى ضليع الرياضيات عليه الرحمه...ونظارنا ونجت برسموم... ومحمد الأمين فرحات...وموسيقارنا الذى زرع فينا حب الوطن محمد آدم المنصورى برائعته تلك التى أتمنى أن تصير سلاما جمهورى...
(قال الجد بوصينا بعد ما سهى قالينا بوصيكم على باب السنط ينسد وقت ما تهب رياح الحقد بوصيكم على الأطفال تربوهم على الشقا فى هجير الصيف على قتل العذاب والخوف حروفكم تبقى للإشراق ولى زرع الطريق آفاق تقولوا الأم وقبل الأم تقولوا بلدنا تتقدم بوصيكم على حب الأرض والنيل على وصل الصباح بالليل بوصيكم)
ونحن لا نزال نقبض على جمر تلك الوصيه ونحفظ لذلك الجميل الذى أمطرتنا به تلك الكوكبه من المجرات العصيه ولم لا !!! فقد تعلمنا منهم فنون سحر الإبداع وتعلمنا منهم ماذا يعنى الوطن...ومن ثم الإلتزام وصحو الضمير... فيا أستاذى نعلم أنك لست بمقل...وإننا سوف لا ولن نملك مهما تكاثفت إطلالاتك علينا...عارضا علينا زخم الحقيقة فى قشيب ثيابها التى تجيد تطريزها وتلوينها وروائع التذويق.......................
ولك التبجيل والتقدير والسلام
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إبراهيم إســــحــــاق وما أدراك ما هو //محمد التجاني عمر قش...... (Re: munswor almophtah)
|
-- الاخ الاستاذ منصور اهتمامتك تفرحني وما رايت صورتك في المنبر الا قرأت ما تقول لأن فيه فائدة للعقل والروح والوجدان واشير لطرحك للمقال ادناه (بس على قول المثل ليس لنبي كرامة بين اهله) ي مع إبراهيم إسحاق من أم درمان إلى كافا .. بقلم: محمد التجاني عمر قش- الرياض الإثنين, 27 آب/أغسطس 2012 17:05 وحقيقة ان الاسان سعيد أن يكون من بيننا مثل الاستاذ محمد قش الذي ينبه الناس للمعرفة من خلال حديثه عن علم من اعلامنا والمعرفة لا اقول الطريق الوحيد بل هي من مقومات دفع الناس للسلام والامن والتنمية لأنه كلما زادت معرفة المرء كلما زاد تسامحه وتفهمه للأخر واعترافه بالتنوع انت من الناس الذين اطمع ان تجمعني بهم الحياة لك شكري في مساهماتك الرفيعة والشكر من قبل للاستاذ محمد قش مع مودتي علي الكنزي --
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إبراهيم إســــحــــاق وما أدراك ما هو //محمد التجاني عمر قش...... (Re: munswor almophtah)
|
To: "munswor miftah" الاخ الكريم الاستاذ محمد التجاني لك عاطر التحايا الزاكيات والسلام لاسرتك الكريمة وخاصة سُكَينة تلك الجوهرة التي طرقت طرقا دليبيا خفيفا علي روحك الشفافة وعقلك الباطني لتخرج لنا هذا المقال الرائع وهذا التداعي والاستطراد وانت تكتب عن احد اعلامنا كاتبنا الرقم الروائي والقاص الجميل والعالم والمتصوف وود البلد استاذنا ابراهيم اسحق وهذا مقال يعطيك جوازا دبلماسيا ادبيا ويخولك ان تكتب في كل صحائف العالمين جواز يمنحك له الذين يعرفون الادب ويتزوقونه ويفرقون بين غثه ورزينه وكاتبنا ابراهيم اسحق غني عن التعريف فقصصه ورواياته تشهد علي انه كاتبا كونيا عظيما هذا الاديب الاريب الذي اعاد للسودان وجهه الحقيقي والذي كان قاب قوسين من الطمس والتشويه والزوال انظر اليه حين يكتب عن عصب السودان الحقيقي عن ام سدرة وام كدادة وابيض ام شانق وجبل الحلة وعن دينار ودوسه وهلال ومادبووبحر الدين واحمداية والصياح وعن البدوي والتجاني والسماني واللوح والدواية...وعن الكركدي والسمسم وادام اللوبيا والمرس والتقلية والكول والدُخُن والدامرقووالمعراب والتبلدي وصمغ الهشاب والخافور والحسكنيت والخشين والعنكوليب والفريك والتبش والفقوس وعن مرمطو والكرمبَّل والخرطوش وابو روعين وفَقِس والكوكاب والطورية والجراية والمكمك والدقاقة والمدقاق والجُرن وعن العمامة والملفحة والرهط والتوب والسُدرانة وأمْ فَكُّو والكلوش (داك الطاير كُمّو..- وبريدو اكتر من امُّو..)يا صديقي ان قصص وروايات كاتبنا الكبير ابراهيم اسحق ولغته الراقية ومفردته الرفيعه والموقلة في محليتها هي البلسم الشافي والدواء الناجع لهذا التخنث والتخثر الادبي والشعري والثقافي الذي طوَّق خاصرة الوطن كالافعي ولقد تصاب بالدوار والغثيان حين تقرأ ما يُكتَب اخيرا بالجرائد والمجلات وحين تشاهد ما يعرض بالقنوات ويحزنني اختصار السودان ومروثه كله في اشياء محددة ومدن دون غيرها حتي كدنا ان ننسي سنار والجنينة وزالنجي عزيزي محمد التجاني دعنا ان لا نحزن فالحياة جميلة وباقية مادام استاذنا ابراهيم اسحق يكتب هذا الادب الراقي الرفيع عن البسطاء وملح الارض ومادام ارث الطيب الطيب موجود ومادام عالم عباس والطيناوي ومروِّح والشقليني والمفتاح واخرون كُثُر.. اقمارا تتلألأ في سماواتنا وتهدي ضُلال الادب والشعر المُراهق وتجار هجين الكلام ودعّيه من صحراءه القاحلة الي دوحاته الوارفة
صِرْتُ محمرَّا كسيقان ٍ من( الطلح) اليبس ضِئتُ كالابريز من (نال) نيالا او كقمح البيدر – المهجور من تلٍ بليل عسجديا مثلما امتص عصير الشمس قشٌ من (بياض) عوسجيا مثل وديان الحراز فاذا جاء المغيب ذُبْتُ كالشمس علي صدر النهود وصبغت الرمل ورسا كُردفانيا مُعَصْفَر وضممت التل الكنز وتمطيتُ كتمساحٍ علي رمل الجزائر وتغطيتُ بادغال الجنوب وتوسدتُ ذري نخل الشمال ثم ارخيتُ علي دارفور اهدابي ونمت كانت الصحراء ملقاة علي كتفي شال محكم الوشم منمنم من نسيج العُشَرِ الغبرواشجار الهشاب ثم نهر النيل في صدري وشاح وعلي الشرق كما في الغرب يمتد الصباح ايها الليل الصباح (عالم عباس) ِ وستبقي امالنا واحلامنا موجودة مادام محمدطه القدّال وعلي ودقدَّال السراجابي وودوقة ونِضال ويوسف البنا والفرجوني وودسند وودادريس وعمر الشيخ المجنوني وشيخ جامع وودالمر وحنفي والدلال ومظعن السراجابي واخرون يكتبون الدوبيت الراقي ابورقبة الفَرَش هِدبُو وعملُّو مَطَارح نازِل كَرْكر اللِّيد الدروبو مَقَارح علي سقديبها واليت النقيق لي البارح وخازين النِّجُوس عرفوكا بيهن سارِح (مظعن) قطعن وادي الملَّوي وخَبَّن وبنات دعتورة فوق ود العنانيف رَّبَّن قش السافل اسَّاع يا ام عراقيب لبَّن وليهو ليالي من يوم اللشابيب صبَّن (شيخ جامع)
بنات دعتورة فوق ود العنانيف ربَّن (الشاعر يصف مرحلة الشبق لابله عندما اجتمعن (ربَّن)حول الفحل الم تكن هذه لوحة يا شقليني ويا منصور............ الليلة الصعيد امسَنْ بروقو بِوجَّن وشال المزنة فوق سُحْبو الكبار ما بِفِجَّن اسَّاع ناس عاشة ديفة البي الصّنَقَّر دَجَّن قاعدات بره فوق تنية بعض بتحجَّن (ودالمُر) (وقفه مع تنية بعض بِتحجَّن--اي يتونسن- هل وصف احدٌ في العالمين انس الحسان بهذه الصورة.يا .......!
يعجبني في كاتبنا الروائي الكبير سرده التاريخي في قصصه ورواياته وكانه يقول:- اعيدوا كتابات التاريخ من جديد....!
ايضا هذا الاديب يشبه اديبنا الراحل الطيب صالح في كثير من الصفات اهمها مفردته المحلية وعلمه الغزير وتواضعه الجم وزهده
لقد اكرمني الله ان زرت بعض من مدن وقُري روايات وقصص كاتبنا ابراهيم وقصته الطريق الي ام سدرة عندما اقرأها وي كأن ام سدرة امامي بشخوصها عبدالله سبيل والعم حسين سبيل واسماعيل ابوسوط والجميل السر موسي والوزير الصديق الفاتح عبد العزير .....واخرون (ها وليد ود المره دي جيتي داير..........! وسوق القصب .. والتبون والبطيخ والقلاب والله من اطيب الناس واكثرهم محبة للناس والحياة وللسلم والسلام سكان تلك المناطق فيا باري الانام احفظهم من مُكر الوالي .........وبمناسبة قصة كاتبنا ابراهيم اسحق (سوق القصب) الغريب يوم امس قرات خريدة للاخ الدلال يهنئ فيها روضة الحاج بجائزة عكاز يتطرق لحاله جوار سوق (القش) العشب بام درمان ويصوره بدقه حيث يقول:-
وقد تراني بسوقِ العشب في نفرٍ من البعاعيت في حِلٍ وترحالِ
من معشرٍ كجمار الرمل عَرْجَلَة من الصعاليك من لصٍّ ورمتالي شكرا لك الاخ العمدة التجاني ولقلمك الرشيق وتعظيم سلام للصغيرة سُكينة التي اتنبأ ان تكون فيها جينات الحواءتين بت ضحوية وبت تندل وشكرا لقرية ودعة التي اهدتنا هذا الروائي الكبير وهذا التراث وضمختنا بهذا العبق لقد اخبرني والدي باننا دَمَرْنا فيها ثلاثة سنين متتالية عندما كنا نَرحلُ مع الظاعنين ونغني مع اجراس الهوادج وعمري وقتئذٍ ثلاثة سنوات حين كان الخال الراحل زين الرجال وذئب البوادي ومُشْرَع الضايحةوعشا البايتات ابو البشر الشيخ موسي حيا يصارع العتامير القاحلة وعقباتها الكؤود ميمما صوب نجمات الجدي صنديدا ودليلا لطريق الاربعين حاديا للركب واحدين الدٌّغم حرسوهِن واحدِين بي الفنقة والبياحة مغوهِن دار الانجليز شقوها ما ساموهِن وعيباً شرعي يا زينوبة كان ساقوهِن دمت صديقا جميلا ولك محبتي وسلامي اخوك عبيدالطيب (ودالمقدم)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إبراهيم إســــحــــاق وما أدراك ما هو //محمد التجاني عمر قش...... (Re: munswor almophtah)
|
الأخ صهيب حامد
الف شكرا لك ولإبن عمك الذى رفدنا بهذا التلخيص الذكى عن أحد أماجد هذه الأمه فقد كان من المحظوظين الذين بعث لهم أستاذنا إبراهيم إسحاق إحدى مجموعاته القصصيه ولم يتوانى فى هضمها وفهمها ونزع ثمرتها الحاليه وبثها إلينا فى فناءات السايبر لنتخطفها نحن كزاد التموين النادر نعم إنها بضاعة نادره عن رجل نادر فيا لها من بضاعه ويا له من رجل. وحتى نكون عمليين أكثر دع إبن عمك أن يكتب لبكرى وأن يضع لينك هذا البوست وسوف لا ولن نتردد فى نزكيته.
لك ولإبن عمك إبن دار حامد ألف مليون سلام
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إبراهيم إســــحــــاق وما أدراك ما هو //محمد التجاني عمر قش...... (Re: munswor almophtah)
|
الأخ الشاعر ibrahim fadlalla
سلام من الله عليك أوافقك الرأى بأن كتابات إبراهيم إسحاق غير متوفره للجميع بعد أن أنتشر الكل فى أنحاء الكون إلا أن أشواقهم إلى آدابهم وفنونهم وأدبائهم كأشواقهم دائما إلى التمر والنبق والقضيم والدوم والقونقليس وكل ما تجود به تلك الديار من تمليكه وموليته وخدره وويكه ونعناع وحرجل لا يشبع قوهم تنوع الفواكه وتعددها أو كثرة الخضروات وإختلافها فإن إبراهيم إسحاق من أميز كتاب بلادى ومن أعمقهم وأثراهم تجربة وأنضجهم إنتاجا وأبرعهم دقة وألمهم بفنيات الكتابه وأخبرهم بحقائق شخوصه وأمكنته وأمتعهم نصوصا نحسبها كفصوص قصب السكر تشرق من يقرأها بمذاقها الحالى فيا عزيزى سوف لا نتوانى فى أن ننزل له كل ما يقع فى أيدينا عنه ولك السلام.
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إبراهيم إســــحــــاق وما أدراك ما هو //محمد التجاني عمر قش...... (Re: munswor almophtah)
|
الأخ ناجى أحمد البشير سلام من الله عليك إلى ما شاء الله
ولأنك تتلمذت على من ذكرت لذا نراك تجيد الإخلاص والوفاء لهم وتزيد وتحمل الإعلام القاصر المنكفئ على ذاته والمقلد لمن هم دونه فغاب دوره المرتجى وغابت نجوم وشموس وآيات كان مكانها الصداره ولم لا وأستاذنا يغوص فى وحل المحليه وهو لديه ما يجعله كونيا جبار رجل تفرغ للإبداع والبحث والتقصى وتفرحه جدا عبارة الثناء والشكر الصادقه من تلاميذه المبثوثين فى الآفاق للبحث عن الأرزاق وعن حياة أفضل ودواخلهم تمور بالذكريات الرائعه فيا عزيزى ما أروع ما ما ذكرتهم فالنور عثمان أضاء ومازال يضئ رغم غياب قمره والمعز الدسوقى الصوفى الفصيح الذرب مازال يقدم للناس الجمائل والمرحوم الشاعر الأنيق عوض حسن أحمد ترك لنا روائعا زادتها حنجرة أبوداوود حلاوة وغلاوه وعوض آحمد الإجتماعى الرصين وآخرون يضيق بهم المكان نلنا شرف التتلمذ عليهم فصبغوا روائعهم على أرواحنا والعقول وطفقنا نطرب من الثمالة بها سقونا لها راحا براح ودود وحان _ فيا عزيزى الناجى هاتفت ذلكم القامه وأخبرته عن هذا البوست وطلبت منه مدنا بزاد السنين فوعد وإنا على موعد لقراءات مفيدة وهادفه قص يقدم لنا فيه كل ما نجد فى سوق عكيفه وجل ما نزين به الأشياء ونجد فيه ما غاب عنا من أماكن وما خفت فينا من من إيقاع وما غاب عنا من شخوص نمطيه تعرفها وأعرفها ويعرفها الكل بخصائصها التى أشبه بخصائص الزين وبنت مجذوب ومصطفى سعيد وود الريس وما القص غير لك الذى ينزع الساكن فى من جوف صدف الذات العميقه أشكرك كثيرا على هذا الإدلاء فنحن من آخر من تتلمذ على أولئك العظام بتلك المحمد حسين الرائعه وقد ذكر أستاذى إبراهيم إسحاق أسماءا باقية بمخيلته كمحمد خلف الله سليمان وعبدالمكرم ومحمد نجيب محمد على وإبن عمر محمد أحمد ومامون الرشيد وعبدالمنعم الجزولى وكثر غيرهم التحيه لك ولهم ولأستاذنا إبراهيم إسحاق ولكم صادق السلام والشكر.
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إبراهيم إســــحــــاق وما أدراك ما هو //محمد التجاني عمر قش...... (Re: munswor almophtah)
|
لكنني رأيت الرجل بعيني رأسي ينزل تلك المدرجات من عوالي سوق الفاشر الى أسافله، يتشلخ و(يتاتي) مثل البعير الممكون، على ظهره خمسمائة رطل، يقطع بها خمسمائة متر وزيادة، كأنه بغل مرشود .. فإذا ما حط عنه ذلك الثقل وشرب ماءً بارداً تكشفت شفتاه الغليظتان عن أسنان بيضاء ضخمة كأنها حبات صدف مُشذب .. ويحمد الحامدون للرب المبدع الذى أنشأ من خلقه شيئاً بهذه الطرافة!
اختفى العتال موسى في الستينات من القرن العشرين ثم ظهر في السبعينات منها مُتبحِّراً في علوم القرآن الكريم والفقه والشرعيات، ولا ينقصه عمن درس في أروقة الدارفوريين وغيرهم بالأزهر الشريف الا الشهادة والدراية المؤصلة بالقراءات وعلم الأصولين.
حدثني محمد بشر بأن المعلم موسى كان، ذات مرة، ضمن ركاب لوري أوقفه النهب المسلح بين بلدتي خزان جديد والشعيرية في تسعينات القرن الماضي. وإذا صحَّ فهمي لرواية محمد فإن الرجل راح يعظ أولئك النهَّابين حول فداحة ما كانوا يفعلون. ولأن الوعظ الديني من كبائر النواهي عند المتفلتين وعموم الخارجين عن القانون، فقد أردوه قتيلاً اللاخ المفتاح شكرا لهذا البوست الرائع والذي بشرتنا بقدومه ام بشار ورائحة الدعاش والخزاما والشكر للاخ التجاني وللمتداخلين جمعا وامثال موسي العتَّال كُثر في بلادي وخاصة في دارفور وكردفان ودونك بشير ود احمد الجامعي (من قبيلة الجوامعة بشرق كردفان وشماله) الذي قال مخاطيا للاديب الامين البدوي ود كاكوم:- يا ود كاكوم العلم راقد في صدورنا ولكن لا سوينالو كُروش ولا سوينالو قفاطين) وفي اواخر التسعينات جمعتني الظروف بصائغ دهب تقليدي بمنطقة ام سنطةاسمه محمد دليل الفولاني هذا الرجل مع علمه الغزير بجفرافية السودان وقبائله وطبائعهم وفنونهم وموروثاتهم ايضا يعرف الكثير الكثير من غناء الحقيبة وله صوت جميل حين يغني ويعزف العود بطريقة مذهلة ولكنه قليلا ما يغني ويعزف الهم الا في اوقات الخريف اوليل البادية المُقمر وقد كان الصائغ الفنان صديقا للشاعر الراحل اسماعيل حسن وكان عندما يحكي عنه تتقاطر الدموع من عيونه بحرقه وقد كنت وقتئذٍ شابا مولع بالقنص والمقامرات وفخور بزاكرتي التي اصبحت (كالترز) قتل الله المشافهة...! نعم مثل موسي العتال كثير في السودان ولكن الادباء والمهرة امثال ابراهيم اسحق وحدهم من يعوفون ذلك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إبراهيم إســــحــــاق وما أدراك ما هو //محمد التجاني عمر قش...... (Re: عبيد الطيب)
|
الأخ العزيزى على الكنزى
سلام من الله عليك وعلى والديك وعلى أهلك وعشيرتك أجمعين حتى كنز الدوله وإلى مرابعكم ومراتعكم أين ما حللتم نزلا - عزيزى كلما رأيت مفردة الكنزى تلك تداعت على ذكريات رجال كنوز فصديقى وزميلى عادل محى الدين الفكى تقاسمنا التلمذه على يد أساتذتنا الأجلاء العظماء العباقره ويحدوهم كاتبنا إبراهيم إسحاق وصنوه النور عثمان أبكر وزميلهم الدكتور المعز الدسوقى والذى عندما يعزف لغة الضاد يطرب له بتهوفن الأصم فى جدثه وتتراقص الحيطان وتتمايل غصون البان واللبخ نعم زاملت عادل محى الدين بأولى تجانى وثانيه إبن رشد ثالثه الفارابى وتوجهنا لذات المؤسسه الجامعيه ولأنه إبن تاجر تخطفته شعبة المحاسبه وصار مراجعا ملما بالأسرار ومسارات الصرف والتجنيب المختلفه وفوق ذلك فهو فنان يجيد العزف على الكمان وليس بأقل من محمديه ولنا دقق ودقق وهو سمانى ذهبت به للشيخ الأمين الشيخ إبراهيم الدسوقى عم أستاذنا المعز وسليل الشيخ الطيب إبن البشير بالسروراب ففتح له الكتاب وصرف له المحايات والبخرات وداوم على الزوارة والبياض وأنت تعرف عن ذلك الكثير يا إبن الشوال وعراديب ونورالدائم والمرابيع حتى أبا فجميعهم سمانيه ومهديهم سمانى وللصديق عادل إبن عم هو الآخر أستاذ للجيولجى وصديق لنا الدكتور عوض إبراهيم البيلى وهو وزوج لبنت عمه شقيقة عادل محى الدين وشقيق لجنابو محمد إبراهيم البيلى دخل ذات مرة فوجد عادل جالس فوق المخبر والدخان يخرج من بين يدى الجلابيه وشابك علالة فى سماء الغرفه فقال عادل الله ينعل منصور فقال له البيلى لماذا وهو ليس موجود معنا فقال له هو الذى ساقنى للشيخ فبعثها عادل فى خطاب شيق حيث أقيم هنا بغرب كندا ومن ثم أستاذنا محمد عبدالله الريح الدكتور والعالم الصحفى أمه من الكنوز الجلابه بمنطقة أبوزبد وأبوه من السروراب آل ود أنس أهل العلم والصلاح فيا صديقى أنتم أهل للعمده ود الزاكى وللمرحوم حافظ الشيخ الزاكى وللذى كان مديرا للطيران المدنى فإنكم تنداحون بذكائكم وعبقريتكم المشهوده سماوات وسماوات _أما الحديث عن أستاذنا إبراهيم إسحاق فقد جمله الأخ قش وجاءنا به على أقداح من فضة ونحن يقتلنا القو لمثل تلك الكتابات الشيقة المفيده فيا عزيزى نشكر لتقريظك والثناء الذى لا نستحقه فى فعل الواجب الذى ينبغى علينا القيام به وعلى أتم الطرائق فشكرى لك ثانية وخالص سلامى لك.
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إبراهيم إســــحــــاق وما أدراك ما هو //محمد التجاني عمر قش...... (Re: munswor almophtah)
|
الأخ العزيز أيمن مبارك أبو الحسن
السلام ورحمة الله عليك وبركاته
أستاذنا إبراهيم إسحاق كما النهر لا يمكن لك أن تدخله مرتين لأن إنتاجه كما الموج زاحفا يصعب الإمساك به كله ولا يمكن الوقوف على جله لأنه كثير ومتنوع ويكفيه تتبع أصول بنى هلال من الشرق إلى الغرب ومن الغرب إلى الشرق إلى أن تدفقوا كما الملح فى سهول السودان يطعمون أهله ومن بعد ذلك يأتى قصه الروائى والقص القصير وكتاباته النقديه وأرائه الفكريه وتوجهاته القومية لله دره فإنك لا تنسبه إلا للسودان إبن ودعة تلك الوادعه فلا يعرف التحزب ولا التخندق ولا التحوصل ولا الإنغلاق ولكنه كهلالى ومن بنى هلال دفق نفسه كما الملح كذلك لنتذوقه نحن بكل مكوناتنا فيا له من رجل مجيد سنسعى بكل ما نملك على أن نتحصل على كل مخطوطاته ونقف عليها ونهضم رسائله فهو كما المهدى يجدد دين عرفنا وعرف ديننا الذى أخذ يتفلت منا كما النصوص العصيه.
الشكر لك والسلام أبدا ودوما
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إبراهيم إســــحــــاق وما أدراك ما هو //محمد التجاني عمر قش...... (Re: عبيد الطيب)
|
الأستاذ سلمى سلامه
السلام والرحمه والبركات
فيا سلمى إن لإبراهيم إسحاق قاموس خاص ولغة نذر أن يحييها ويبغيها لأن تلك اللغه يرقد فى داخلها من الكنوز الثمينة الكثير فكما تعلم الكون لغة الطيب صالح وتعلمنا نحن ألسنة الكون فهنالك من الدوافع ما تجعل الناس يصبرون على لغة إبراهيم إسحاق للوقوف على رسائله النبيله وأحداثه المملوءه تراثا وأثرا إنسانيا راقيا يمكن أن نخرج منه تاريخ أمه ونفهم منه أحوال أناس ونتعرف عليهم أكثر ليزداد إرتباطنا بهم فالأستاذ إبراهيم يصنع من الرسائل الإنسانية الجباره طرائقا للقبول بالآخر وأخذه كما هو بذات لونيته دون نضفئ عليه مذاقا أو ألوانا أخر لذا لا أرى أن لغته تمثل تابوا يحجر الإهتمام بإنتاجه الأدبى الراقى وعلى الأجيال التى ترتقى للغة شكسبير وأدبه أن ترتقى (لمقام إبراهيم) وتهتدى بما فيه - فيا سلمى إن مركز عبدالكريم ميرغنى ذاك الذى جمعك بإبراهيم إسحاق فى إستعداد كثيف لتقديم إبراهيم إسحاق للناس من خلال مؤلفاته المختلفه إحتفاءا يتوقف عليه وحده سيحضره الإعلام والصحافه من الإقليم وخارجه لتمليك تلك الدرر إلى الناس علها تجد من يترجمها وينقدها بعلمية تكشف حجم ما فيها من إبداع أدبى راق - حدثنى عن تفرغه للبحث والإطلاع والتأليف وحدثنى عن حراكه الإجتماعى وأخبرنى عن ذهابه إلى السروراب والشيخ الطيب مع الدكتور المعز الدسوقى ووقوفه على المكان الذى درس فيه المهدى عليه السلام وتعرف على أبناء الشيخ الطيب الذين كانوا أساتذة له - حثنى على الإهتمام ببث رسائله ونذرت أن أفعل متى ما توفر الظرف ووعدنى بكل مخطوطاته وكتاباته رهن ما أبعث له من يستلمها منه فأى إنسان ذلك ظل فضله علينا منذ نعومة الأظافر والطلب على العلم إلى أن تجاوزنا مرحلة الشباب ومازال وسيظل وسنظل تلامذة عليه أبدا ودوما تحاياى والدعاء له ولك أنتى يا سلمى.
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إبراهيم إســــحــــاق وما أدراك ما هو //محمد التجاني عمر قش...... (Re: munswor almophtah)
|
الأخ ود المقدم السلام ورحمة الله عليك
إن قدرة البدو على التأقلم مع واقعهم المتغير لقدرة جباره تدل على بشر لهم من صفات الإبل الكثير وما أدرانا نحن بالإبل التى أمرنا الله بالنظر فى كيفية خلقها والنظر هنا تعنى التبصر والتفكر والتمعن فكيف لنا بمن خاواها وعرف أصلها وفصلها وعرف خصالها وأسباب وصالها فيا لهم من بدو تبدأ منهم الأميه وتنتهى عندهم المعرفه أولم يك سيد الخلق أولهم? فيا لها من أمية أعيت مايكل ذلك الأشر وجهلته عند دلدوم الذى باع له الريح!! فيا صديقى تجربتك فى التدريس تحتاج هى الأخرى إلى توثيق وكتابه ليكتمل ما بدأه نجيله وأنت بدوى نشأ على تلك النظم وشب عليها وتعرف عليها ثانية بعد بعد أن نال أسباب إمتحان الأشياء بالتعلم مدركا لكل مناهج الوصول للحقيقه بالإستقراء والإستنباط والتحليل والتجريب والقياس وبالمعمل ونحن سنظل فى إنتظار ذلك الطلب وسوف لا ولن نعفيك لأنك من نتاج جهد نجيله وعلى دربه سرت وفى جوفك حصيلة ضخمه ولسانك وصاف ذرب ويراعك سيال مفوه.
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إبراهيم إســــحــــاق وما أدراك ما هو //محمد التجاني عمر قش...... (Re: munswor almophtah)
|
شكرا المفتاح علي هذا البوست الدسم..الذي استطعمناه وازدرناه بنهم بالغ..وزاد من وتيرة النهم هذا ان مدخلك كان عبر الصديق الرائع..الاستاذ محمد التيجاني عمر قش..ولمحمد اثرة في نفسي..فهوابن منطقتي وزميلي في مرحلتين..الا ان هذين السببين لا يشكلان مسوغا لهذه الأثرة..ولا حلو معشره ، دماثة خلقه ورجاحة عقله التي خبرتها عنه حين من الله علي بمعاشرته ومعايشته..ورغم ان سبل الانتماء السياسي قد فرقت بيننا الا انه ظل حبيبا واثيرا عندي..
محمد يظل اثيرا عندي...لأن هنالك مصادفتان هما في غاية الغرابة..ولا اؤسطر لذلك..محمد يسبقني في مدرسة خورطقت بأعوام..فقد جئتها في العام الدراسي 1976-1977 وما ان وطئت قدماي ارض الفيحاء..منتعلا الجديد من النعل..محتقبا شنطة جلدية ..وبنك حايم(الصفائح المقرونة)زادا مما طاب واستحلي كعكا ومنين وبسكويت كما تسمي امهاتنا ما يفعلن ويصنعن ويخبزن من المعجنات..وانا اتمتع بالدهشة ، الحيرة وقدرا من الالتياث..يبرز محمدا آخذا بيدي..لأعلم منه اي الداخليات سأسكن واي الفصول سادرس ..وأي من قاعات الطعام سأتناول طعامي..ولم يكن لي بالرجل سابق معرفة لكنها شهامة الرجل السوداني..سيما ان كان كردفانيا وسليل اشياخ وعمد..وعجبا ان كنت رفيقا له في السكن حيث كان نزلنا بداخلية ود التوم يتكرر المشهد ذاته في العام الدراسي 1980-1981 بجامعة الخرطوم كلية التربية..التي سبقني اليها.. رغم ان المشهد يختلف قليلا فما اصطحبت معي شنطا ولا حقائب أو بنك حايم ..فقد جئت مستطلعا ريثما اعود مرة أخرى بمتعلقاتي..ايضا اختلف الأمر فيما يخص مستوى التأنق رغم انني لم احرص علي ارتداء الجديد من الثياب ولم انتعل ما هو جديد ايضا..ولكنني كنت متأنقا علي نحو يتناسب مع المرحلة الجديدة ..مرحلة الجامعة ..وأول مظاهر ذلك التأنق (الشورت الما خمج) ..داقي شورت لي السدر (يعني شاكي القميص) وهي عادة لم تؤلف في المدارس الثانوية أو علي مستوى الحياة العامة.. وبنطالا مما يسمى (شارلستون)..علاوة علي شعر حليق علي نمط افريقي (يعني آفرو) والحلاقة للآفرو تعني ان تجعل رفا من الشعر علي قفاك (بقطعية بائنة) ولا يخلو الأمر من منديل معطر..فضلا عن ما يضوع من عطر (البروفسي) ..شفت الخمج يا مفتاح! ما ان (نوخت زاملتي) بكلية التربية..ال وتنشق الارض... فيحتشد محمد امامي يصحبه وجهه الباسم، وادبه الجم وشهامته التي تبدو من طوله البريع وسلامه وتحياته الدافئة..ونبدأ سويا رحلة التنوير المحمدية..اين اسكن، اين اتناول طعامي اين قاعات درسي؟ المسجل اجراءات التسجيل..الشعبة ..ومن الغرابة انني كنت رفيقا له في شعبة اللغة الانجليزية..فهو ظل يشكل الباب الذي منه دلفت الي محلتي الثانوية والجامعية ..لذا ظل مؤتلقا بذاكرتي..له التحية والتجلة اينما كان..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إبراهيم إســــحــــاق وما أدراك ما هو //محمد التجاني عمر قش...... (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
الأخ ود المقدم سلام من الله عليك
فيا عزيزى إن الكاتب هو ضمير الأمه وقرن إستشعارها والعين الفاحصه التى تتلمس لها الطرق الآمنه والمسارات المعبده للوصول إلى الأهداف السامية والنبيله وإن إبراهيم إسحاق لدارفورى سودانى عارف لأسباب الخلل وعارف للحل الآمن ولكن متى يعرف الساسة قدر الفكر عند عباقرتهم وأى عبقرى ذلك السمح الصادق الوطنى الجاد فيا عزيزى كما قال إسحاق فإن دارفور تحتاج لتفعيل نظامها الإدارى بالكيفيه التى كانت عليها حتى يعود الإنضباط و الإستقرار إليها وإلى مواطنيها وأن يكون الحكم السياسى متناغما مع تلك الإدارات الأهليه مكملا لأهدافها لا فارضا عليها ما لا تطيقه ولا متسلطا وما الحكم إلا إدارة شئون الناس بحكمة ودربه يتقبلها الناس وتصنع لهم أسباب الحياة بالتنميه وتوفير الخدمات جميعها من صحة وتعليم وأمن وتدريب وتأهيل ومن ثم فرص متساويه فى الخدمة والمهن بلا محسوبيه ولا وصايا ومعك يا ود المقدم نأسى على حال مليط التى علاها لنا العباسى لنراها بجمالها وخضرتها وخضرة واديها بفعل ذلك المطر الهتون ونخيلها الباسق ودباسها الذى عزف لحونا لشاعرنا وأشجاه وكما وصفت سوقها بمكوناته تلك التى تميز بها وبائعاته مثل الميرم وأم شوايل الزياديه وتلاقى فيه البرتى والميدوب والزياديه والكبابيش والزغاوة أبالة وزراع بإنسجام وحميمية كادت أن تعصف بها تلك التفلتات الهمجيه التى لا تحسب لأسباب الحياة بل لا تتحسب لما بعد الموت فإن لوح دارفور الذى حفظه ذلكم البقارى الأنصارى كما حفظ ورده وراتبه ينبغى لأهل العقد والحل الإلتفات إليه وتفحصه والعمل بهديه فهو دليل من أحد الثقاة الأخيار - كما إن رحلتك لدار أبو زكريا بحثا عن شقيقك أشارة إلى عمق الترابط العفوى بين شعوب تلك الديار فكان ضامنكم من الزغاوة الحاج بابكر نهار وكان كما قلت وفيا حفيا بكم دوما وأبدا بوفاء أبالى لأباله فيا عزيزى إن ما يجمع الناس هنالك هى أسباب الحياة لا أسباب الموت وليت الساسة يعرفوا كيف يصنعنونها للناس ويصنعون للسودان ميسرة وإستقرار وبالرجوع لكاتبنا الذى رسخت فى ذهنه الصور الفنيه والإيقاعات المتنوعه والثقافات المختلفه متنقلا على اللوارى عرف أهمية الكمسنجى وخصوصية السواق وضرورة المساعد عند الوديان والوهاد لرمى الصاجات تحت الإطارات لتقفذ تلك اللوارى وتعبر ف اللورى فى رحلته مجتمع تترابط فيه العلائق ويتعارف فيه الناس ويتقاسمون كل ما لديهم دون بخل وبلا حرج وفى المحطات كذلك تظهر للناس منتجات المنطقه ولهجة أهلها وطرائق تعاملهم ولأن المجتمعات مجرده من الحجب المغشوشه فإنك ترى الأشياء كما هى وكان لأستاذنا ذاكرة فتوغرافيه تصور كل تلك الأشياء وتصيغها فى قوالب جمالية فنيه موثقا لها وحافظا لنوعها الذى سيفيد فى المسقبل فى دراسة أحوال الناس فقد إستثمر كاتبنا الذى جاء للعاصمه طالبا بالأحفاد الثانويه ثم جامعة الخرطوم كل رحلاته ذهابا وإيابا فى قص حاكه لنا بحرير الكلام وطرزه ببدائع التراث ورصعه بخرائط الأمكنه وضمخه براوائحها فالتقدير والإجلال لأستاذنا إبراهيم إسحاق والشكر لك أخى ود المقدم فقد إجتزت شروط القبول بالمنبر بإمتياز مرتفع ودخلته من أصعب الأبواب تحياتى لك أبدا ودوما.
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إبراهيم إســــحــــاق وما أدراك ما هو //محمد التجاني عمر قش...... (Re: munswor almophtah)
|
الأخ الأستاذ سيف خليل لك وعليك من الله السلام الشكر ثم الشكر لك فأنت أولى به منى لأنك ذهبت مباشرة لمبدع الموضوع وكاتبه الفنان الأستاذ محمد التجانى عمر قش الذى سطر لنا تلك الماده التى نالت منك سمة الدسامه غير الضاره لا بل عددت مناقبه مذ إستقبلك بطقت الثانويه وقدم لك بتفصيل كل مكونات المدرسه وشرح لك كل ما تحتاج إليه فقد كان إحتفائه بـك كبيرا وعفويا وبلا تكلف ولا تزمت ولكن بسمت وسماحه لا بل كرر ذات الفضل بجامعة الخرطوم كلية التربيه وقام بالواجب كما ينبغى فيا صديقى إن لله عباد خصهم الله بقضاء حوائج الناس حببهم لفعل الخير وحبب فعل الخير إليه فذلك المحمد التجانى نحسبه من أولئك أهل الفوز ونحمد الله أن جاء بك عارفا لمعدنه وكنهه معرفة الآباء لأبنائهم لتقدمه لنا ذلك التقديم الذى هو به حفى وتقوله بلا زياده ولا نقصان فقد بينته لنا على أجمل وجه أما نحن فنثنى عليه ونشيد بكتاباته تلك عن ذلك الفطحل والعملاق الجبار فى أدبه وتأدبه أستاذنا إبراهيم إسحاق.
ولك ثانية السلام والتقدير
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إبراهيم إســــحــــاق وما أدراك ما هو //محمد التجاني عمر قش...... (Re: munswor almophtah)
|
منقول عن مكتبة الشاعر يحى فضل الله
إبراهيم اسحاق:لم يجف مدادي لكنه انحبس في الدواه مع تقلبات الممكن وغير الممكن
شئ صعب أن يتحول الكاتب ناقداً لنفسه آجري الحوار :الفاضل هوارى اراد الكاتب الروائي إبراهيم إسحاق آن يكشف في مؤلفاته عن قصه المزج السردي بين الشعور الفطري الذي اكتسبه من قريته الأولى (ودعه ) آلتي تدين بالعادات الاجتماعية ما قبل روايته الأولى (حدث في القريه ) وأخواتها من القصص الصغيرة والروايات ، واستطاع الولوج في حياة جديده بعد فتره الفقر والاعتماد على الغوص ، لذا عصف الفضاء السردي للقصة بواقع اجتماعي متقلب بموج من القيود المصنوعة من العادات والتقاليد التي يصعب تقيدها 0 قلت له : كلنا يدرك آن الأدباء العرب قاموا بإرساء قواعد الأدب في عصر النهضة والازدهار بعيدا عن الانحطاط الذي نشهده ، كيف الخروج من هذا الهاجس الفكري للحد من هذه الظاهرة ؟ * انا مع الرأي الذي لا يرى جدوى لتضخيم الدور الذي يلعبه الأدب في حياة المجتمعات ، الأدب العربي في قرون النهضة الاسلاميه بين القرنين الثاني والسادس الهجري ساعد في الازدهار بمواكبة ترجمه العلوم المستجلبة من حضارات فارس والهند والروم ، فكانت ترجمه " كليلة ودمنة " لآبن المقفع مفتاحا للإبداع الفريد من بعد في .. آلف ليله وليله ..وفى أدب المقامات واداب المسامرة آلتي صنف فيها الأفذاذ لآبو الفرج الأصفهاني ، وآبو الحسن التنوخى ، وآبو هلال العسكري / والراغب الأصفهاني ، والزمخشرى ، والوزير الآبي ، والنهروالى مجلدات موسوعاتهم الادبيه الضخمة ، ، مثل هذه الطفرة الادبيه لم تتكرر في نظري إلا في القرن الرابع عشر الهجري مع تطلعات النهضويين العرب لآستئناف المسيرة الحضارية العربية والاسلاميه ، وكانت هذه أيضا مرتبطة بانفتاحنا على الحضارة الغربية والترجمه من روائعها ، ، آنا مع اخينا الكبير الطيب صالح حينما يقول ( في نهاية الآمر الأدب لا يقدم آي إجابات ) والأدب لا يفعل ذلك في رأى ، لان الأدب يثير القضايا ويحث الناس على التفكير حسب صحيفة الرأي العام السودانية .. آن الخروج من الانحطاط مدخله إحسان التفكير .. والأدب أحد وسائلنا إلى التفكير إذا ما كان عميقا ومؤثرا وإذا ما أجدنا قراءته 0 * يقال ان الأديب السوداني لم يستطع فتح حوار فكرى ومعرفي لربط المبدعين في العالم من اجل إبراز الثقافة السودانية بمقتضيات وعيه الفكري والجمالي ؟ حقيقة لم يستطع ذلك لأنه لم ينشأ ويناضل في بيئة ثقافية محلية تشجعه بمنحه الركائز الاساسيه آلتي يحتاج الاتكاء عليها الأديب لهذا العصر .. السودانيون قارئون من الدرجه الأولى ، لكنهم في حقول التنافس للأعلام عن مآثرهم عربيا وأفريقيا وعالميا فاشلون بدرجه فاضحة .. كيف يعرف العالم عنا شيئا ونحن لا نوزع صحف ولا كتب ولا أفلام ولا آثار في مكان تواجد من هو منفتح للاضطلاع عنا .. انظر آن السودان لم يصبح موضوعا أخباريا شاغلا للعالم اكثر مما حدث له في أعوام الإنقاذ .. كانت هنالك ضجة حول المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي ودوره الحركي في العالم ، ثم صرعه محاولة اغتيال الرئيس حسنى مبارك ، ثم اصطدام صواريخ الكروز لاول مرة في تاريخ أفريقيا بمصنع الشفاء والان كارثة دار فور .. هل يستطيع المسافر في طائره في آي موقع في هذه الدنيا العريضة آن يشترى مطوية آو كتابا يملا به أوقاته الفارغة في الطيران آو بالفندق عن هذا اللغز الذي يسمى السودان ؟ يوم آن تباع جرائدنا وكتبنا في كبرى المكتبات والمحلات التجارية بالعالم العربي والأفريقي ، ثم لو قليلا في العالم الكبير ، يومئذ يلام الأديب السوداني على تقصيره في فتح حوار فكرى ومعرفي مع الآخرين 0 * نلحظ آن هناك عدد من الأدباء العرب تستخدمهم الحكومات وتقدمهم للحياه الادبيه كحركة ايدولوجية آو سياسية تستهدفهم صوتا لها ؟ كاتب البلاط السلطاني ظاهره بشريه راسخة منذ حضارات الرافدين والفراعنة .. وهؤلاء يضعهم الوعي الجماهيري حيث يضعون أنفسهم .. لكن الذي يفزعني وله علاقة بسؤالك ظاهرتان .. الأولى هي استخدام الناس للمواسم الاحتفالية السنوية الادبيه لتضخيم الذاتية الوطنية وتعليتها بالمدح المحلى والقادم مع الضيفان ، والأخرى هي سياسات التغني الدائم بكل ما يطلع من قلم الأديب ( المواطن ) في آية دولة كانت ، وجعل ذلك في الذرى من العطاء الأدبي العربي .. آنا والله أخشى آن يصير المعرى سوريا ، وآبو نواس عراقيا ، وابن خلدون جزائريا ، وهلم جر كما يقولون 0 * يقال آن الأديب السوداني ينتابه العجز في الكتابة والعجز في التحريك وفى النقد مما سبب إشكاليه في قضيه النقد الأدبي ؟ هذه فرية " معظم كتاب الرواية السودانية لهم مخطوطات لم تنشر، في الرواية والقصه عيسى الحلو كمثال .. آنا لم تطبع لي مجموعه قصصيه واحده وما عندي منها تكفى لمجموعتين.. لو كانت هنالك من يطبع المجموعات القصصيه لعدد من الشباب في مجلد واحد لاستطاع آن يصدر في السنه أتنثنى عشر مجلدا0 لأدرى ماذا تقصد بالتحريك ؟.. لكن استصراخ الأديب السوداني للقطاعين العام والخاص بحثا عمن ينشر له لم يتوقف قط .. انظر عمود احمد كمال الدين بجريده الأسبوع السودانية لا يستطيع أحد منا إثبات العجز الذاتي لدى الأدباء السودانيين .. آما النقاد فلعلهم شغلوا بالمعايش لان النقد الأدبي لا يعطيهم عائدا .. والقله القليلة لاتجد لها منابر إلا في الأعلام السوداني الضيق .. فبحر التلاطم العربي على الصحافة العربية المغتربة والمتعددة في مراكز طبعها لا يعطى إلا لقله نادرة من السودانيين فرصا للكلام 0 * من المعروف آن كتابه الرواية ليس فقط قناعه ذاتية بل هاجس فني متقلب لمقتضيات كثيره ، كيف تجد المعالجة في داخلك ؟ نعم لا يستطيع المبدع إلا يبدع .. يروى ربيع جابر الكاتب اللبناني بأن فرناندو قضى حياته يكتب ما يفكر فيه ثم يخفيه في صندوق خشبي بجنب سريره لانه لا يستطيع إلا يكتب ، ومما بلغني عن مشاعرنا الكبير سيد احمد الحردلو آن الجلاوزه المايويون اغلظوا عليه آن يتوقف عن الإفضاء بشعره في آي محفل ، وإلا .. فقال لهم : يعنى أموت ؟ كاتب الرواية يجد في نفسه القدرة على الحكى .. وهذا يحاككه فلا يرتاح حتى يقرأ نماذج جيده في فنون الحكى العالمي .. ثم يطالع كتبا في النقد تشرح له المعابر ما بين الوقائع والواقع .. الواقع المحكي في القصص والروايات يغدو عالما يبنيه المبدع من أشياء وقائعيه كثيره جدا سائحة في ذاكرته .. قدرته الابداعيه تتجلى في هذه البنائيه .. لانه يجب آن يكون مقنعا في تقديم الحدث والشخصيات والأفكار والمشاعر والأحاسيس آلتي تتصادم في حكاياته .. وفى ذات الوقت عليه آن يمسك بمقاليد التشويق والتوتر لدى القارئ ليحفز لديه دافع الترفيه ودوافع الإلحاح الادراكى .. والى جانب هذه كلها عليه آن يضع ذهن القارئ الذي يكمل القصة آو الرواية في مفارق طرق التساؤلات ، لماذا؟ وكيف ؟ وفيم ؟ وعلام ؟ - الروائي يسجل الحقيقة التاريخية آلتي يعاصرها بكل أبعادها الماضويه والمعاصرة والمستقبلية اجتماعيا وسياسيا وفكريا ومذاقا شعبيا يوميا .. وهذا عمل فيه مسؤولية مهولة .. فترى الروائي يعيش مع الناس في بيته وهو لحد ما بعيد عنهم .. تراه يصحوا في نصف الليل ليسجل نقطه مفصليه في الحدث آو الشخصية آو المحيط الشعوري الذي تتفاعل فيه عناصر حكايته .. انه مقتنع بأنه يتحمل امانه تاريخية وعليه آن يصل بها إلى أقصى مذاهبها طالما تمنحه العناية الالهيه الفرصة لعمل ذلك .. وآنا مثل غيري ابعد النجعه أملا ، عسى آلا أتتخلف وزنا 0 * عدد غير قليل يعتبر إبراهيم إسحاق لديه الخجل الفطري وهو في حاجه آن يزكيه الآخرون ؟ سامحهم الله .. فالمرء لا يخجل إلا من عيب .. وإذا كان خجلي فطريا فعيبي هذا فطرى .. وهذا افدح .. ولنقل انهم ربما أساءوا التعبير .. فلعلهم يقصدون الحياء الفطري .. وهذا يعجبني .. فالحياء من الأيمان ، ولاياتي إلا بالخير .. آما كوني لا أزكى أعمالي واحتاج من الآخرين آن يزكوها فهذا أيضا والله لا يعجبني .. أعود إلى الاستشهاد بقول لآخينا الكبير الطيب صالح قال في مقابلته آلتي احلت عليها سابقا ( فشي صعب جدا آن يتحول الكاتب إلى ناقد لنفسه ) هنالك طراز من النقاد جالسوا المبدعين وناقشوهم في خفايا تلميحاتهم المعنوية في بعض أعمالهم .. وهذا النهج يسلكه من يعدون رسالات الماجستير والدكتوراه في الأعمال الفنية .. يقولون آن رائعة جيمس جويس ( العوليسه ) لم تكن لتبلغ ما بلغت من الاهميه لو لم يجالس استوارت جلبر كاتبها في باريس شهورا عديدة يسأله ويناقشه ليكتب دراسته النقدية الفذة عن هذه الرواية عام 1930 لكنى للآسف لم يجالسني لمثل هذه النقاشات إلا قله من النقاد النشطين والمحاورين اليقظى ( وقائمه أسمائهم أطول ما يسع هذا المجال ) وهنالك من الأكاديميين بابكر الدرديرى ، واسيه محمد وداعه الله .. النقد مظلوم لانه لا يطعم صاحبه .. وبالتالي فنحن لا نلوم النقاد إذا لم يطاردوا المبدعين لمناقشتهم ونحمد لهم مجرد الاهتمام حتى فراءوا بعض ما تيسر لهم من أعمالنا .. آما في السؤال عن تطوير النفس واحسب آن تمحيصه يتم نقديا من خلال محاولة الاضطلاع على ما كتبه المبدع واستطاع آن ينشره .. ولما كنت بحمد الله قد طبعت لي في الصحف والمجلات اكثر من خمسه وعشرين قصه قصيرة ، فأنى لأحسب بأن تطويرا ما ، ولعله لا يكفى ، ولكنه لم يجد المتابعة النقدية آلتي تجليه 0 * كانت ( ودعه ) محطة أولى لانطلاقه الإبداع الثقافي لديك من خلال المؤلف ، ومدينه الرياض محطة أخيره للمغترب ، وبين هذه وتلك تكمن فوارق العتمة آلتي ساعدت في جفاف المداد مع تقلبات الممكن والغير ممكن ، كيف استطعت المزاوجة بين واقع القريه الريفية و وداعه والرياض كمدينه حضاري ؟ لقد لمست نقطه حساسة واحسنت .. يقولون إن المبدع يغترف من ينابيعه ويستعد مثل النحلة حتى يخرج العسل .. ما بين1969 " 1982 كنت ازور قريتي في دار فور في كل عام مره .. لهذا تسنى لي بنعمه من الله آن اكتب حوالي العشرين قصه قصيرة وخمسه روايات في هذه الفترة .. آما في الرياض ما بين 1983 " 2004 فلم اكتب غير إحدى عشر قصه قصيرة ورواية واحده ، لان زيارتي للقريه صارت ما بين كل اربعه إلى ثمانية سنين دائبا .. والى الله المشتكي .. لم يجف المداد لكنه انحبس في الدواة مع تقلبات الممكن وغير الممكن ، عافاني وعافاك الله .. ويبقى العشم في العودة ، والأمل في كرمه تعالى وسعه صدر القارئ * بين حدث في القريه ، ومهرجان المدرسة القديمة كان أعمال الليل والبلده ( روايات ) هل هي بلوره لواقع انطلاقه صوب التأكيد لذاتك ؟ نعم .. ومعهن اخواتهن وبناتهن القصص القصيرات .. ذاد الكاتب هي إدراكه الكوني .. سؤاله عن موقع وعيه بنفسه وسط هذا الكون الفسيح .. إذا كان نائما فهو يهضرب بكل شي.. وإذا كان مستيقظا فهو يحاول آن يستوعب كل شي .. لعله يسأل عن حياته ، هل استغلها الاستغلال الذي كان يليق به .. هل قدم، مما أعطاه الله عز وجل ما يستطيع تقديمه لبنى جنسه .. انه حمل ثقيل ، لان في عنقك مسؤوليات متداخلة .. أسره وعشيرة وقبيلة ومسكن واخوة في المواطنة والمله والانسانيه .. هل تستطيع آلا تنسى حتى المعزة تثغو خارج الدار وآنت تكتب؟والنجم الذي يلمع بعيدا ؟ وان الناس يذهبون ويأتي سواهم ؟ هذه سؤالات التأكيد الذاتي الذي نعايشه ويصعب علينا تلخيصه في أعمالنا الفنية .. * بعض الكتاب أوجدوا انسنة السياسة اكثر من انسنة الانسانية ، أين يجد الروائي إبراهيم إسحاق موقعه ؟ السياسة في نظري أحد المحاور الاساسيه للوجود الإنساني .. وبذلك فالأجدر به ان يكون موجودا هنالك في الكثير من الأعمال الابداعيه ، لكنه يجب إلا يحتل الحيز كله ( حدث في القرية ) كان وعيا لطالب في الابتدائي يفاجأ بأن قريته ليست منعزلة عن العالم ، وان عليهم آن يعوا بالعالم ، وعلى العالم آن يعي بهم .. هل هذه سياسة دولية في آدني مستوياتها ؟ لا أدرى.. في أعمال الليل والبلده هناك سياسة بالمعكوس .. فمجئ الغرباء للقريه يثير مشاكل في الحاضر والماضي حين آتى الغزو التركي للقريه بسادة ليسوا من أهلها ، ويتكرر الآمر في ( مهرجان المدرسة القديمة ) بالاستعمار البريطاني وتساؤلات الهوية السودانية تسربت إلي ( أخبار البنت مياكيا ) .. ثم الجدل عن الكيفية آلتي يمكن آن نتراضى عليها لحكم انفسنا لمعت حينا في ( فضيحة آل نورين ، وفى وبال في كليمندو، لكن انسنة السياسة هي مستوى لا يحجب عن العين الناقدة انسنة الانسانيه في الإبداع الذي قد يطمح إلى الوعي الكوني واستلهامه .. * الخرطوم عاصمه للثقافة العربية عام 2005 ما المطلوب من الحكومة والمثقفين والمبدعين عملة لانجاح هذا المشروع القومي ؟ باختصار .. يجب ان لا نقدم الثقافه السودانية كأنماط لاحد لها من الرقص الشعبي القبلي .. هذا وجه واحد من ثقافتنا الشعبية وعليه ان يلزم حجمه .. ولعل في أقامه متحف اثنوغرافى ضخم ببطاقات تعريفية على المقتنيات وشروح ثم أفلام مصاحبة ما يجعل المتحف القومي مسنودا إلى حياتنا القريبة .. وآنا قليل الثقة في آن نصوصنا الابداعيه الدرامية ترقى اليوم إلى مستوى ( نبته حبيبتي ) واخشى آن نفتضح في تجليس ضيوفنا لساعات طويلة مملة أمام حركات ولغه فكاهية لم يعتادوا عليها.. وانصح دار الوثائق المركزية ، وقد شيد لها مبنى كما علمت، بأن تهيئ قاعه وتستجلب لها بأسرع ما يمكن آن تقدر عليه من مخطوطات وأدوات التعليم التراثية وتعد لندوات صميمه في تاريخنا الثقافي ورجالاته وما يربطنا بالعوالم العربية والاسلاميه والافريقيه وما يبعد عن ذلك .. آما الثقافه آلتي يجئ من اجلها الضيوف فهي الإبداع الشعري والقصصي والروائي والتشكيلي والموسيقى .. نتوقع آن يطبع العطاء الشعري والقصصي والروائي السوداني آو يجمع من الناشرين ليكون في متناول أيدي الضيوف ، وتكون مع هذه الكتب التعريفية بالمبدعين .. وعليهم آن يصوروا في البومات مشروحة اكبر كميه من إنتاجنا التشكيلي والموسيقى مع التعريف بالعاملين عليها .. وطبعا هناك فرص الطواف على مدن الأقاليم .. لكن الذي لا يكتمل العرس بدونهم هم المبدعون المغتربون .. من السحق آن يتحدث الناس عن الشوش ، وفرانسيس دينق ، والطيب صالح ، وعبد الله بولا ، وحسن موسى ، وسامى سالم، وجماعه كندا ، ومحمد المكي إبراهيم ، وعبد الله على إبراهيم ، والنور عثمان ، وجماعه الخليج آن يتحدث عنهم الناس وهم غائبون .. لا يصلح ، لكنني أيضا أناشدهم إن حضروا آلا يتخذوا هذه المناسبة النادرة مجالا لتصفيه حساباتهم مع الإسلاميين والإنقاذيين في السلطة وخارجها .. لنترك خلافاتنا جانبا ، ولو مؤقتا وبطريقه حضارية وبحب مفعم للوطن ، نعرض الخرطوم كحلقة وصل ثقافي بين آسيا وأفريقيا وأوروبا.. والله يكفينا ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إبراهيم إســــحــــاق وما أدراك ما هو //محمد التجاني عمر قش...... (Re: munswor almophtah)
|
قراءة في كتاب " الأصول العربية للهجة دارفور العامية ( القروية ) للدكتور/إبراهيم إسحق
بقلم: د. خالد محمد فرح *
صدر الجزء الأول من كتاب " الأصول العربية للهجة دار فور العامية (القروية) لمؤلفه الأستاذ الدكتور/ إبراهيم آدم إسحق ، هذا السفر المتميّز في بابه ، ألا وهو دراسة اللهجات ، في طبعته الأولى في شهر أغسطس من العام 2002 ميلادية ، أي قبل حوالي الأربعة أعوام فقط من الآن. فهو إذاً كتاب حديث نسبيا. ويتألّف هذا الكتاب الذي ليست في النسخة التي بحوزتي منه أية إشارة لدار النشر أو الطبع التي طبع فيها ، من 442 صفحة من القطع المتوسط. مؤلف الكتاب هو الدكتور/ إبراهيم آدم إسحق ، و تفيدنا نبذة من سيرته الذاتية منشورة على الغلاف الخلفي للكتاب بأنّه من مواليد قرية ( حلّة بابكر ) الكائنة بريفي الفاشر ، وأنّه تخرج في قسم اللغة العربية ، كلية الآداب ، بفرع جامعة القاهرة بالخرطوم في عام 1968 ، و عمل عقب تخرجه مدرسا للغة العربية والتربية الإسلامية بالمدارس الثانوية ، وفي أثناء ذلك حصل على درجة الماجستير في ( الأصوات ) من نفس الجامعة ، ومن ثمّ التحق بجامعة أم درمان الإسلامية في وظيفة ( محاضر في علم اللغة ) في سنة 1980 ، ثم ابتعث إلى جامعة عين شمس بالقاهرة ، حيث حصل على درجة الدكتوراه في فقه اللغة في عام 1988 ، بموجب أطروحة قدمّها يومئذ بعنوان ( التعريب ودوره في بناء المعجم الحديث ). أما عن سيرته المهنيّة بعد ذلك ، فقد عيّن نائبا لمدير جامعة الفاشر في عام 1991 ، ثم أمينا عاما لمكتبات جامعة أم درمان الإسلامية بدرجة عميد كلية ، وأخيرا تمت إعارته للعمل بالمملكة العربية السعودية حيث ظل يشغل حتى تاريخ صدور هذا الكتاب الذي نحن بصدده ، منصب رئيس قسم اللغة العربية بكلية المعلمين في منطقة جازان. وأمّا سجل نشاطه الثقافي العام بالسودان ، فيفيدنا بأنه قد قدّم ثلاث عشرة ومائتي (213) من برنامج ( في ساحات اللغة ) ، في الفترة 1995 – 1998 ، بالإذاعة السودانية ، إذاعة البرنامج الثاني ، وقد كان محاوره هو الأستاذ/ الطيب إبراهيم عيسى. كما أنّ له عددا من الأبحاث المنشورة وغير المنشورة في مجال تخصصه. ولا أراني في حاجة إلى أن أبسط للقارئ الكريم القول عن المنهج الذي اتّبعه الكاتب في تأليف كتابه ، أو طريقة جمع مادته ، وتصنيفها ، وتبويبها ، ومعالجتها الخ. إذ لسنا نحن بصدد مناقشة أطروحة أكاديمية – والمؤلف بعد ، أكاديمي عريق ، وأستاذ جامعي متمرس ، لا يقعقع له بالشنان في مثل هذه البديهيات – بقدر ما أننا بصدد إعطاء عامة القراء فكرة مجملة عن محتوى الكتاب ، ومناقشة بعض ما جاء فيه ، فضلا عن إبداء بعض الآراء والملاحظات ، إغناء للنقاش ، وتعميما للفائدة. وقناعة كاتب هذه السطور هي أنّه سوف يكون لهذا السفر القيّم – الذي لم يحظ بعد في تقديري بالاحتفاء اللائق به في الصحافة الثقافية في السودان – من الخطر والمكانة عند عامة القراء والباحثين المتخصصين في مجال اللهجات العربية ، وخصوصا التنوع اللهجي العظيم الثراء في السودان ، سواء بين السودانيين أو الأجانب ، شيء قريب مما لكتاب الأستاذ الجليل بروفيسور عون الشريف قاسم الموسوم ب " قاموس اللهجة العامية في السودان " ، وهو العمدة في هذا المجال ، سوى أنّ تركيز هذا الأخير يكاد يكون محصوراً في لهجات الوسط المستعرب استعرابا تاما ، ولذلك كثيرا ما تجد الدكتور عون يستشهد بمثل قوله: " قال الشكري ، قال الحمري ، قال الشايقي ، قال الكباشي الخ ". كذلك أعتقد أن طوائف كثيرة أخرى من الباحثين في مجالات الفلكلور ، والأنثربولوجيا ، والإثنوغرافيا الخ ، سيجدون مادة نفيسة و غزيرة جدا لأبحاثهم في كتاب الدكتور إبراهيم هذا. يوضح الدكتور إبراهيم إسحق غرضه من تأليف الكتاب ويلخص فحواه في إيجاز بليغ كما يلي:
"لقد حاولت في هذا السفر أن أعرض لبعض الظواهر اللغوية التي كادت تختص بها عامية دار فور القروية ، دون سواها من عاميّات السودان العربية ، المتكلم بها اليوم.... بالدرس والتحليل ، كما حاولت في الوقت نفسه ، أن أبسط فيه أنماطا من الأبنية والتراكيب التي عرفت بها هذه العامية ، التي ما تزال تحتفظ بحظ وافر من هذه الكلم والظواهر القديمة ، التي تعد اليوم من الركام اللغوي الذي هجره الاستعمال ، فظل حبيس المعاجم والمطولات ، حتى صار من غير المألوف استعماله اليوم لدى كثير من المتكلمين بالعربية من عامة أهل السودان... وقصدي من ذلك كله ، هو خدمة هذه العربية التي شرفها الله تعالى بنزول القرآن الكريم بها ، بنهج تأصيلي ، يكشف الغوامض والمعميّات التي طبعت بها هذه العربية ( اللهجة ) التي صارت لسانا لأهل القرى من عامة دار فور منذ ما يقرب من سبعة قرون ، حين عمّ الإسلام ربوعها ، فصبغت حياتها العامة بصبغته. الخ ".
هذا، وليس أدلّ على سداد المنهج الذي اتّبعه الدكتور إبراهيم في تأليف هذا الكتاب ، فضلا عن القيمة العلمية للكتاب نفسها ، مما جاء بقلم الأستاذ الدكتور/ عون الشريف قاسم في المقدمة الضافية التي قدّم بها هذا السفر القيم للقراء ، وذلك حين يقول: " الناحية الثانية التي تعزى إليها أهمية هذه الدراسة ، الجهد العلمي البالغ الكثافة والدقة الذي أفرغه الدكتور إبراهيم في معالجة موضوعه ، بحيث جاء تحليله اللغوي لكثير من ظواهر لهجة دار فور العربية ، معياراً صالحاً للتطبيق على كثير من اللهجات العربية الأخرى. وقد استقام له هذا المنهج بما اتبعه من متابعة دقيقة للظواهر اللغوية ، في شتى مستوياتها: الصوتية ، والصرفية ، والدلالية ، والتركيبية ، وإخضاعها لقواعد علم الأصوات ، وعلم اللسانيات المختلفة ، التي تمخّض عنها الدرس اللغوي المعاصر ، وبذلك تسنّى له الوصول إلى مرتكزات عامة في دراسة اللهجة العامية في دار فور ، يصلح تطبيقها على غيرها من اللهجات. الخ " أ.هـ من كلام الدكتور عون. ومما أغراني أنا خاصة بالنظر في كتاب " الأصول العربية للهجة دار فور العامية (القروية) " للدكتور إبراهيم آدم إسحق ، ومحاولة مناقشة ما جاء فيه ، هو كون أنّ دراسة اللغات واللهجات ، وخصوصا اللهجات العربية ، والمقابلة فيما بينها ، هي مما يستهويني جدا ، فأنا من أولئك النفر الذين يأسرهم علم فقه اللغة بصفة عامة ، رغم أن تخصصي الأكاديمي في الدراسة الجامعية اللغات الإنجليزية ثم الفرنسية ، وفي الدراسة ما بعد الجامعية هو " الدبلوماسية والعلاقات الدولية ". أضف إلى ذلك أنني من كردفان ، ولهجتها العربية العامية ، بل قل لهجاتها العاميات العربيات ، تربطها خصائص مشتركة كثيرة مع لهجات دار فور القروية منها كما قصد إلى ذلك تحديدا الدكتور إبراهيم في كتابه هذا ، والبدوية أيضا. والسمة العامة التي تربط بين اللهجات العربية في غرب السودان عموما ( كردفان ودار فور ) ، هي – في تقديري الخاص – أنها تنزع جميعها إلى التأثر الواضح بلهجات الأندلس والشمال الإفريقي خاصة ، بينما يبدو في المقابل أنّ عربية وسط وشمال السودان ، أكثر تأثرا بلهجات مصر والحجاز والمشرق العربي عموما. فمن مظاهر تأثر لهجات غرب السودان بلهجات الشمال الإفريقي مثلا ، إثبات واو الجماعة في الفعل المضارع الدال على جماعة المتكلمين مثل: " نمشوا في نمشي ، وناكلوا في ناكل ، ونلبسوا في نلبس ". هكذا ينطق المتحدثون بالعربية في كردفان ودار فور ، وكذلك في سائر شمال إفريقيا من لدن ليبيا وحتى المغرب. وهي كذلك لهجة الإسكندرية في مصر المتأثرين بدورهم بشريا وثقافيا بالشمال الإفريقي منذ قديم الزمان. ومما وقفت عليه أيضا من أوجه الشبه ومظاهر التأثر الواضحة بلهجات بلاد المغرب العربي ، هو أن بعض القبائل البدوية في شمال كردفان مثل " دار حامد " على سبيل المثال ، يسمون الضفدعة " الجرانة " ، وهذا هو نفس الاسم الذي يطلقه الليبيون والتونسيون المعاصرون على هذا الحيوان البرمائي الذي يعرفه عامة السودانيين باسم " القعونجة " أو " القعوية " على اختلاف طفيف في النطق. على أنً التداخل والسمات المشتركة بين كلا المجموعتين كائن منذ زمان قديم ، وهي آخذة في الاتساع والتقارب بما يمكننا بكل سهولة من الحديث عن عامية عربية سودانية واحدة هي الآن في طور التبلور ، ممثلة فيما درج الباحثون على تسميته بلهجة أم درمان. وفي ظني أن المتكلمين بالعربية في السودان في مختلف أصقاعه الواسعة ، كانت لهجاتهم متقاربة ومتجانسة إلى حد كبير في السابق ، وإنما حدث شئ من التباعد النسبي بسبب المؤثرات الخارجية فيما نرجح ، وخصوصا الأثر الطاغي للهجة المصرية خلال التركيتين السابقة واللاحقة. هذا ، ولا يزال أثر اللهجة المصرية ماثلا ومحسوسا ومستمرا فيما يبدو على عامية آهل السودان المعاصرة ، , وخصوصا سكان المدن. أذكر أننا إلى زمان قريب كنا نصف الكرة التي ينحرف مسارها عن الهدف مثلاً ، بأنها " صرًجت " ، وهي كلمة سودانية أصيلة لم اقف لها على تخريج ، ولا أدري إن كان العلامة عون الشريف قد أوردها في قاموسه أم لا؟ ولكنني بتّ مشفقاً على " صرًجت " هذه من أن تصرًج وإلى الأبد من كلام أهل السودان. ذلك بأنني صرت أسمع بعض معلقينا الرياضيين مؤخرا يصفون مثل تلك الكرات بانها " قلشت " تأثرا باللهجة المصرية ، بعد سودنة النطق المصري للقاف " ألشت " بقاف سودانية معقودة. فتأمل! ومما قوى حدسي بأن عامية أهل السودان القديمة كانت تتسم بقدر كبير من التجانس ، هو أنني قد وقفت في نصوص قديمة وموثقة من تراث وسط وشمال السودان ، على ألفاظ وتراكيب هي الآن ألصق بلهجات غرب السودان العربية ، ولم تعد تستخدم في تلك المناطق في الوقت الراهن. مما يدلك على أن اللهجة كانت شديدة التجانس. ومن ذلك مثلا استخدام " كيف " في كردفان خاصة ، كأداة تشبيه بدلا من " متل " أو " زي " ، كما هو الاستخدام الشائع الآن في وسط وشمال السودان ، وجدتها في شعر حاج الماحي ( توفي في حوالي عام 1871 ). يقول حاج الماحي رحمه الله في مدح النبي (صلعم) ، في قصيدة:
النورو داما الحجيجو قاما أرح نزور شافع القيامة....
حيث يمضي في بيان صفاته الخلقية صلى الله عليه وسلم فيقول:
فمّو كيف دارة الختاما
يعني أن فمه حسن ودقيق مثل دائرة الخاتم قلت: استخدام " كيف " أداة تشبيه في محل " مثل " أو كاف التشبيه ، صيغة أندلسية وشمال إفريقية بامتياز ، وهي لا تزال تستخدم بذات الدلالة من لدن ليبيا حتى موريتانيا. أما أندلسيتها ، فيشهد عليها قول لسان الدين بن الخطيب في الموشحة الشهيرة: " جادك الغيث ":
وروى النعمان عن ماء السما كيف يروي مالك عن أنس..
أي كما يروي مالك عن أنس.
كذلك وقفت في كتاب الطبقات محمد النور بن ضيف الله ( ت 1810 ) ، وهو من أهل الحلفاية بوسط السودان ، على الفعل " ركًب " براء مفتوحة بعدها كاف مشددة مفتوحة ، بمعنى " سلق " الطعام سلقا ، كاللحم أو الفول السوداني أو الذرة " البليلة ". وهذه اللفظة بهذه الدلالة قد اختفت من لهجات وسط وشمال السودان ، وبقيت دارجة على الألسن في اللهجات العربية بغرب السودان التي لا يندر أن تسمع أحد المتحدثين من أهلها يتكلم عن الفول " المركًب " ، في مقابل الفول " المقلي " مثلا. بينما في لهجة وسط السودان ، فقد اختفت " مركًب " هذه تماما ، واستعيض عنها ربما بقولهم " مسلوق ". فكأن ركًب البليلة في النار هي " شدًاها " في النار وهي لفظة أخرى تحمل نفس المعنى. جاء في ترجمة الشيخ ( المسلمي الصغير ) ، في كتاب الطبقات ما يلي: " وجاء غلمان شحدوا ليهم عيش وتقاسموه فوق دبًة الحفير ، أحدهما ساقه معاه وعيشه الشحدو ، ركًبه بليلة اتعشى هو والمسلمي منها ". وقد شرح محقق الطبقات بروفيسور يوسف فضل ركًبه في الهامش بمعنى وضعه على النار. وإلا فإنها لا تحتاج لشرح بالنسبة لأهل غرب السودان. هذا كله من ناحية ، ومن ناحية أخرى ، فقد هيأ لي اشتغالي بالدبلوماسية فرصة العمل بسفارة السودان بتشاد خلا ل الفترة 1989 – 1993 ، مما مكنني من الاستماع والاطلاع على عربية تشاد الشديدة الشبه بعربية دار فور على وجه الخصوص أيضا. فكأنني قد اكتنفت المجال الجغرافي موضع دراسة الدكتور إبراهيم من كلا جانبيه.
ملاحظات وتعليقات على شروح بعض الألفاظ الواردة في الكتاب
• قول الكاتب في صفحة 286 من الكتاب: " ومما أثًرت به الثقافة الحميرية على عامية دار فور ، استخدامهم أداة التعريف الحميرية ( امْ ) بمعنى ( ال ) في كلمات كثيرة ، تشمل الأسماء والصفات وغيرها الخ.. ". وهذا قول صحيح ، سوى أنني أرى أنّ تأثير ( امْ ) الحميرية لا يقتصر على اللهجات العربية في كردفان ودار فور وحدهما كما كنت اعتقد انا نفسي من قبل ، وإنما يثبت ذلك التأثير بذات القدر على سائر اللهجات العربية في وسط وشمال السودان ، ومن ذلك ما أشار إليه المؤلف نفسه في صفحة 287 وهو محق ، من أنّ أمْبشّار أو " أم بشّار " ، وهي الطيور التي تأتي في الخريف مبشرة بقدوم المطر ، إنما هي ( طير البشّار ) قلبت ( ال ) فيه إلى ( أمْ ) ، على طريقة " ليس من أمبر أمصيام في أمسفر " الحميرية. ولكن كلمة " أم بشار " معروفة بذات اللفظ والدلالة في الجزيرة والبطانة وغيرهما. كما أن " أم دلدوم " التي أشار إليها المؤلف أيضا ، أي " الدلدوم " بمعنى اللكمة بقبضة اليد مجتمعة ، هي الأخرى لفظة سودانية مشتركة بين جميع اللهجات العامية في سائر أنحاء البلاد. كذلك أرى – أنا شخصيا – أنّ في لفظة " أم سالم " مثلا ، وهم بطن من بطون قبيلة الشايقية المعروفة بشمال السودان ، تأثرا بهذه الطريقة الحميرية ذاتها ، إذ الراجح هو أن " أم سالم " هنا معناها " آل سالم " أي المنسوبون إلى جدهم سالم. وهذه الصيغة في النسب ب ( أمْ ) الحميرية ، منتشرة جدا في كردفان خصوصا ، في معرض الإشارة إلى أفخاذ بعض القبائل الكبرى وبطونها. " انظر مكمايكل وغيره في هذا الباب ". • ص 286 أيضا: " قولهم أمباكر ، يريدون به الصباح الباكر ليوم غد ، وهذا الاستخدام أكثر شيوعا في جنوب دار فور منه في شمالها. كما قالوا: أمبعدو ، يريدون الصباح الباكر ليوم بعد غد ". أ. هـ . قلت وفي تشاد يقولون " أمباكر " هذه يريدون غدا ، و" أمبكره " ، ويعنون بها بعد غد. • ص 286/287 : " ومن هذا الباب أيضا ( باب امْ الحميرية ) ، تسميتهم الطفل الصغير الذي يدفع به والده إلى الخلوة: ( الكتّاب ) ليتعلم مبادئ القراءة والكتابة: (أمْبدّي ) ، وقد تسموا به ، وإنما هو ( البادئ ) ، أحدثت فيه العامة ضربا من التغير ، فحذفوا منه الألف ، وضعّفوا الدال ، كما حذفوا منه الهمزة تخفيفا.. ثم أدخلوا عليه ( امْ ) الحميرية ، فقالوا ( أمْبدّي ) ". أ.هـ. قلت: الراجح هو أنّ " أمبْدّي " التي ذكرها الدكتور إبراهيم هنا وأجاد في تخريجها ، هي نفسها أصل الاسم الذي يطلق على هذا الحي الشهير الواقع غرب مدينة أم درمان المعروف ب " أم بدّة ، وصارت تجمع بأخرة على " أم بدّات " لكثرتهن المفرطة. قالوا: كان " أم بدّة " ، والصحيح " أمبدّة " لفظة واحدة ، لأنه ليس هنالك شئ اسمه " بدّة " قائما بذاته لتكون له أم أو صاحبة ، أميراً في المهدية من قبيلة " دار حامد " ، احتفر بئرا في تلك المنطقة ، واجتمع الناس من حولها فصارت قرية عرفت باسمه. ولا أدري إن كان هو نفسه " أمبدّة ود سيماوي " شقيق تمساح ود سيماوي ، ناظر عموم دار حامد سابقا أم لا. على أنّ أهل هذه المنطقة الأصليين هم من قبيلة الجموعية. والرأي في شأن " أمبدّة " أو " أمبدّي " كما اوضح المؤلف ، هو أنّ مثلها هو مثل اسم " أم بلّي أو أمبلّي " المنتشر علما بين الذكور بوسط السودان كالجزيرة والبطانة وبعض نواحي الصعيد. فالراجح أنه أيضا " البلّة " ، أدخلت عليها ( امْ ) الحميرية ، وإميل آخرها أو كسر. • ص 288: " وأسموا نوعا من الإدام ، ساذجا تفلا ب ( امبلت ) ، وهو نوع من أنواع ادام الفقراء ، إذ هو سريع الإعداد ، قليل التكلفة ، لأنه خال من الزيت والقديد ( الشرموط ) ، والتوابل ، وإنما هو ( البلت ) ، من قولهم " أبلط الرجل إذا أفلس " وقد أبدلوا من الطاء تاءً كما ترى. " أ.هـ. قلت: هذا الضرب من الأدام الساذج التفل كما وصفه المؤلف معروف في كردفان غير أنهم ينطقونه ( أمْبلط ) بالطاء المحققة . ولعلّ طاءه قد تحولت إلى تاء بسبب تأثير اللغات غير العربية في دار فور. وهو صنو ما يعرف ب " أم شعيفة " في سائر انحاء السودان. بيد أنني لا أرى أن اشتقاق ( أم بلت او أم بلط ) من أبلط الرجل إذا أفلس كما ذهب إلي ذلك الدكتور إبراهيم مستشهدا بما جاء في هذه المادة في المعجم الوسيط ، وإنما الراجح هو – إن شاء الله – أنها من قبيل الكلم الحاكي أو المصور للمعنى Onomatopoeia . أي كأنما هي مجرد محاكاة لصوت انزلاق تلك اللقمة بذلك " الملاح " البايخ التفل ،الذي لا يكون فيه شئ غير الويكة اللزجة هكذا: ( بلطْ ! ) كما صورتها روح دعابتهم الساخرة.. والله أعلم. • ص 345: من بين الفوائد الجمّة التي خرجت بها من هذا الكتاب ، تخريج المؤلف لكلمة " بنجوس " التي يطلقها السودانيون عامة على الطفل الصغير. وقد قال في ذلك: " بنجوس: ويجمعونه على بناجيس ، للصغير الجرم خلقة ، وهو في الأصل صفة إلا أنها تتحول في بعض الأحيان إلى اسم علم. وبنجوس عند عامة دار فور ، إنما هو ( بنقوس ) عند العرب . قال في القاموس: " البناقيس: ما طلع من مستدير البطيخ ، الواحد بنقوس بالضم. وبناقيس الطرثوث شئ صغير ينبت معه ". • ص 349: " الدّود: الدّود عند عامة دار فور ، هو الأسد، ولم أجد لها أصلا بهذا المعنى في اللغة. وتفننوا في التسمية به ، فقالوا: دودة ، ودودين ، ودو بنجة ، أي الأسد الرابض ببلدة بنجة ، ويبدو أنه كان شرسا. " أ.هـ. قلت: لفظة " دود " بمعنى أسد وتداولها كمفردة بهذه الدلالة في جميع اللهجات العربية بالسودان ، هي حقا من العجائب المدهشة فيما يتعلق بأوابد الألفاظ العربية الموغلة في القدم والفصاحة ، التي احتفظت بها الذاكرة الجمعية لأهل السودان قاطبة ، وليس أهل دار فور فحسب. ويبدو أنّ هذه اللفظة قد استقرت في عربية أهل السودان منذ زمن قديم جدا ، ربما يكون سابقا للهجرات العربية التي حدثت بعد ظهور الإسلام. فالدود عند كافة أهل السودان هو " الأسد " كلمة واحدة. ومنه قول شاعرهم الشعبي:
الدود النتر صحّى المرافعين خوف
وقول الآخر:
قالوا الدود قرقر .. حبس الدرب
وربما توسّعوا في دلالة اللفظ فصار الدود عندهم يشمل كل حيوان كاسر مفترس ، مثل ما جاء في قصيدة " التمساح " لحاج الماحي:
قول للدود من بلدي اتفضّل .. الخ
ومثل ما حار الدكتور إبراهيم إسحق في " الدود " هذه ، فقد طالما حرت ، منذ صغري ، في هذه اللفظة التي كانت دلالتها عندي مقتصرة على " الدود " هذه الحشرات الضعيفة المهينة. وكنت أعجب وأتساْءل دائما ، كيف ساغ للسودانيين أن يطلقوا على الأسد ملك الغابة وأعز السباع ، اسم أضعف الكائنات وأحقرها ، حتى استمعت لحديث للعلاّمة عبد الله الطيب عليه رحمة الله في حوالي سنة 1999 ، وهو يقول في معرض تعقيب له على حديث قيل في إحدى الندوات بالخرطوم ، إنّ " دود " السودانية بمعنى " أسد " مأخوذة من " دودان " ، وهي كما قال لفظة حميرية قديمة تعني " الأسد " بالضبط ، منبّها في ذات السياق إلى أنّ الحميريين كانوا يجعلون أداة التعريف ( ال ) ، ألفاً ونوناً في آخر كلامهم مثل قولهم ( عقربان في العقرب ، وثعلبان في الثعلب ، وأفعوان في الأفعى الخ ) . وتأسيساً على ذلك ، تكون دودان الحميرية هي ( الدود ) السودانية ذاتها ، أعيدت صياغتها وفقا للقواعد الصرفية للعربية العدنانية ( الشمالية ) ، بحذف الألف والنون من آخرها ، وإضافة ألف ولا م التعريف إليها. وأذكر أنّ البروف رحمه الله أورد شاهدا على ذلك صدر بيت لامرئ القيس يهجو فيه قبيلة بني أسد ويعرّض بهم باسمهم الحميري جاء فيه:
إنّ دودان عبيد العصا ...
ولم يكمل البيت . ولكنّ في صدره كفاية. ثم إنّي عثرت على " دودان " هذه التي هي بمعنى " أسد " ، في شعر الأعشى ميمون بن قيس ، حيث يقول في قصيدة لامية له أثبتها أبو زيد القرشي في كتابه: " جمهرة أشعار العرب ":
من نواصي دودان ، إذ حضر البأ س وذبيان والهجان العوالي
وقد شرحت لفظة " دودان " في النسخة التي وقفت عليها من هذا الكتاب بانها تعني: " قبيلة من بني أسد " ، والصحيح أنها قبيلة بني أسد كلها. كذلك وقفت عليها في شعر النابغة حيث يقول مفتخرا بأنه قد أعان بني أسد على بني عبس:
وقد نصرت بني دودان إذ نشدوا حلفي ولو نشدوا بالحلف ما غدروا
هذا ، والراجح أنّ " الدّودو " الذي خطف شليلاً ، هو " الدود " نفسه ، أي الأسد ، وإنما أشبعت ضمته فصارت واواً ، لكي تناسب قولهم " وينو! " في السجع. • ص371: " كبْرى: تسمى البنت ( كبْرى ) إذا تمنى والداها أن تحسن ، أو تعظم في أعينهما وأعين الآخرين مكانةً وشأنا الخ.. " أ.هـ. قلت: هذا جائز ، والراجح عندي أنهم أسموا بناتهم ( كبرى ) ، تيمّناً بالسيدة خديجة الكبرى ، أمّ المؤمنين ، وأولى زوجات النبي صلى الله عليه وسلّم. والقوم ثقافتهم إسلامية ، وهم يسمعون يدعون الله لآل البيت بمثل قولهم: " اللهم ارض عن سبطي نبيّك سيدي شباب أهل الجنّة ، وعن أمهما فاطمة الزهرا ، وعن جدتهما خديجة الكبرى .. " الخ. • ومن متعلّقات الثقافة الماديّة ، ذكر الدكتور إبراهيم في صفحة 389 من الكتاب ، " الكدنكورة " ، بكاف ودال مفتوحتين ، بعدهما نون ساكنة ، تليها " كورة " التي ينبغي أن تنطق كما ينطق السودانيون اسم هذا الإناء المعروف عندهم. وقد عرّف الكاتب الكدنكورة بأنها: " أداة من الحديد معقوفة ، يركّب عليها عود طويل ، وتسوّى بها الحفر والنتوءات. " أ.هـ. قلت: الإسم كدنكورة معروف بذات اللفظ في كردفان ، سوى أنّ الكدنكورة عندهم عبارة عن مسحاة مستطيلة الشكل ، تكون من عود أو خشب ، وتركّب فوق مقبض طويل من عود أيضا في شكل الحرف T ، واستخدامها هو ذات الاستخدام ، أي تسوية الحفر والنتوءات ، وخصوصاً " فج التقاة " لدرس الذرة أو الدخن الخ. • ومن المعلومات التي كانت غائبة عن إدراكي ، وأجدرها بالتأمّل ، ما ذكره المؤلف في صفحة 419 ، من أنّ عامة دار فور يسمّون الختان تعريبا ، حيث يقولون: ( فلان عرّب عيالو ) ، أي ختنهم ، بمعنى أنّ الختان من عادات العرب. وهذا لعمري دليل على أنّ الاستعراب إنما يتم بالفعل ، عن طريق التلاقح الثقافي ، وليس التمازج السلالي بالضرورة. وفي الختام ، فإنني أدعو القراء بصفة عامة ، وخصوصا ذوي الاهتمام من الدارسين والباحثين ، إلى الاطّلاع على هذا السفر القيّم ، الذي جاء في تقديري ، ليتبوء مكاناً مرموقاً جداً في المكتبة السودانية ، وليسهم بمعرفة ، وعلم ، ودراية ، بوضع لمسات زاهية على لوحة المشهد الثقافي الشديد الثراء والتنوع. وبهذه المناسبة أقول يا حبّذا لو انبرى نفر من أبناء المناطق التي توطّنت فيها اللغة العربية في خضّم محيط من اللغات الوطنية القديمة الأخرى ، وعلى خلفية تعدد لغوي يتّسم بالتداخل والتفاعل ، مثل ديار البجة ، أو مناطق النوبيين في أقصى شمال السودان ، أو جبال النوبة ، بغرض إبراز السمات المميّزة للهجات العربية في تلك المناطق ، على نحو ما فعل الدكتور إبراهيم آدم إسحق في هذا الكتاب الرائع.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إبراهيم إســــحــــاق وما أدراك ما هو //محمد التجاني عمر قش...... (Re: munswor almophtah)
|
لكم التحية جميعاً لم أستطع مقاومة المشاركة في هذه الإحتفائية السمحة برجلِ سمح من أناس سمحين......
أتمنى أن أثبت بهذه المداخلة ان لهذا الروائي قدرة سردية لا تستطيع - حتى الترجمة الرديئة - ان تخفيها..
وهذا جزء من محاولتي الخَجْلى مع القيزان 17 لابراهيم اسحق...
............................................. Whenever it pushes forward we feel grateful and dream of wealth, family and our struggle on the way to eternal exodus. Sayed tells his listeners in the shades of hey market that Masaod understands about Lorries more than city mechanics do, he always exaggerates. At that very moment the man fell off... we warned him, but he wouldn’t listen … Hey brother, get inside the lorry... I am soon getting off ... just in a moment and me off. Brother more in, nearer to us, getting off is no big deal ... people; I tell you I am off before Abdel Salam coffee shop just there in front of us… We all start at him whenever the box rocks at steep turnings… And he sits there like an eagle moving in or out towards the vast running wilderness… in and out ... then the ropes tying luggage and goods fly twisting high throwing the screaming iron body against the heavy sand, and the man curves inside, outside and then his legs flew backwards like a flash of lightning and his white gallabeya seemed to wrap against a distant cloud and he was no more … his desperate arms moved like they were trying to catch the climbing dust and then vanished. For a fraction of time, there was nothing where the man was, except the roar of the engine. The haziness of our eyes accompanying the unconscious scream as if we are all summoned from our exhausted posture chaining us like we were haunted by a pessimistic toll loaming over the place since the afternoon and now we suddenly lose him severed from his peaceful corner by the iron… my imagination, heart, brain and senses kept visualizing the man and his inhuman companion following him like a phonation whispering in his ear and the man contradicts what we say following what the phantom says that he is getting off soon before Abdel Salam café; like he was dictating him what to say until he got him off forcibly. Then, came the cries and shouts of the men who were standing on top of the cargo, struggling to peep from between the rails through the climbing dust entwining with the rear fumes and vanishing in the distance opposite to our direction: The man fell! Hey, the man fell down! Hey, hey man, man fell off! None of us knew how or when the lorry stopped or how the man fell or how we landed, but we all raced around. He shivered and trembled violently like a slaughtered chicken causing a storm of flying dust and hey around; he flew towards the mislati with the moustache then fell into the stream, and the soldier with the lorry assistant rushed to him in the ditch and caught him. His agitated looks shined more and more and we heard the Fulani shouting to the woman and two kids in an unknown jargon which brought us back to the reality of saving the children from such a sight that was engulfing the man. I don’t know what my uncle Omer or Abdelgader would have to say as to urinating and other things at death are interpreted by Al Kabbashi as a sign of unrest in this and the other world. I could hear myself repeat inside me: God protects us, protect, and protect … The man shivered violently, the government employee with the rosary said: Get him up … get him up people, dictate him the shadada (testimonial). The assistant boy ran to the car and brought water which the employee took unshaken, and poured it over the man then he sat by his head and started reciting fervently: No God except Allah, you believer say No God except Allah, you believer hear me and say … he then realized that distress has overcome … The eyes stayed glaring and the mouth twisted and all limps stiffened solidifying for the end moment comprehended by none of us … There was no spot of blood; except the disc of the sun pouring onto the peaks of Tebaldi trees at the ascending land in front of us. We each were between two decisions, either kneels and prays or stand put and covers up the inner shivering. The driver broke the ice by going to his cabin, while the employee smoothed shut the man’s eyes and gazed at the sun disc sliding down the Tebaldi branches vanishing from our sight. I realized that the employee will get up to pray and that I have to do the same. The assistant boy was the only one who stayed where he was with the corpse while we went towards the lorry; he sat there resting on his hips, hands on feet looking at the corpse with owl-like eyes; I looked at him once, a flash of thought crossed my mind and… that thought pulled me again to look at him.. It was like bells tolling in my head until prayer time slipped off, and even while I was praying that truth stayed, as my eyes loomed away to where he was and around him, my heart thumped strongly, my body shivered and I sweated! I, Masaood wad Khaleel, descendant of the great is going to weaken at Al Gizan 17 on this sinister day and get stricken by the blasphemy of polytheism.. How shameful, where would I bury my head and hide from people…..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إبراهيم إســــحــــاق وما أدراك ما هو //محمد التجاني عمر قش...... (Re: عائشة موسي السعيد)
|
الدكتوره عائشه السعيد السلام ورحمة الله عليك والأسره
قبل أن تأتى بالنص أشاد دكتور إبراهيم إسحاق بإسهاماتك فى الترجمه لبعض قصه ووعدك بملاحقة تلك النصوص بالترجمه ويا أستاذه إنها ترجمة واعيه مدركة لأبعاد النص وحيثياته وخبايا خصوصية لغته الأم وحجم سعتها الحمال للمعانى والإيجاءات التى تزيد النص جمالا فيا أستاذتى إن لم تقومى أنت بذلك فمن يستطع!! الشكر لك على حضورك الطاغى فى كل أماكن الإبداع وكل أمكنة فعل الواجب المفيد لك دوما وأبدا السلام والتقدير.
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إبراهيم إســــحــــاق وما أدراك ما هو //محمد التجاني عمر قش...... (Re: munswor almophtah)
|
سيحتفل مركز عبدالكريم ميرغنى هذا العام فى مهرجانه الثقافى بالكاتب القاص والأكاديمى الرقم إبراهيم إسحاق إحتفاءا ستقدم فيه كل أعماله للناس من خلال رؤى نقديه من مختلف رجالات الثقافة والنقد وأحسبه سيكون كرنفالا ثقافيا عرافا لدقائق الفكر المبثوث خلال كتابات أستاذنا إبراهيم إسحاق الشئ الذى الذى سيرفع عقيرة المعرفه لدى الكل ويمليك مفاتيح القص لمن يشاء وبذلك يقفذ الحراك الثقافى فراسخا هذه المره ليتواصل القفذ حتى نرتقى إلى سماوات الثقافة والفكر الحر.
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إبراهيم إســــحــــاق وما أدراك ما هو //محمد التجاني عمر قش...... (Re: munswor almophtah)
|
Quote: هذه القصص يجب ألا تقرأ بمعزل عن روايات إبراهيم إسحاق الأخرى إبتداءً من" حدث في القرية"، و"مهرجان المدرسة القديمة"، و" أعمال الليلة و البلدة" وهي في مجملها تدور حول القديم والجديد في القرية الدارفورية التي رمز إليها الكاتب في هذه السلسلة بكافا التي ربما تكون، مثل ود حامد، تجسيداً للقرى في أنحاء السودان كافة حيث يدور صراع بين موروث القيم القروية العتيقة وما يطرأ على الساحة الاجتماعية من تحول، لأن القرية لم تعد معزولة تماماً عما يدور من تطور في العالم من حولنا، ولذلك نجد ذلك الحراك الذي يمثله " المنصور".عموماً هذه القصص تمثل تحولاً كبيراً في مسيرة إبراهيم إسحاق الروائية من عدة جوانب فهو قد تحول من المحلية الضيقة إلى القومية؛ كما أن لغة الروائي نفسها قد تطورت من الاستخدام المفرط للهجة المحلية إلى أسلوب هو أقرب إلى عامية الوسط وإن كانت هذه القصص لا تخلو من لهجة غرب السودان بشكل عام لأن "المنصور" قد خرج من كافا ووصل حتى أم درمان وشندي وحتى بور تسودان، ولذلك كان من الطبيعي أن يكتسب لهجة مزيجاً من كل لهجات السودان. باختصار شديد هذه القصص جديرة بالقراءة والدراسة فهي تعد قمة النضج الروائ لإبراهيم إسحاق فقد كتبها في فترة زمنية طويلة بين الأعوام من 1973 و حتى 2010 وهي الفترة التي عاش فيها إبراهيم شبابه وكهولته وخاض تجارب حياتية كثيرة تراوحت بين الخروج من القرية إلى العاصمة ومرحلة التعليم العام والعالي حتى نال درجة الماجستير واكتسب شهرة أدبية وعمل في كثير من الوظائف من تعليم وغيره في السودان وخارجه، وشارك في كثير من المحافل والأنشطة الأدبية والثقافية وكتب فيها بعض أهم مؤلفاته والتقى خلالها بكثير من الفاعلين في مجال الأدب والثقافة وصار رقماً كبيراً في مسيرة الرواية السودانية والعربية لتفرده وتميزه السردي والقصصي حيث نقل حياة القرى في السودان الغربي إلى كافة المهتمين بفن الرواية بأسلوبه الخاص والممتع. عاد إبراهيم إسحاق إلى أحضان الوطن، ليحتل موقعه بين أدباء وكتاب السودان، فتبوأ منصب رئاسة إتحاد الكتاب السودانيين؛ وهو الآن عضو في مجلس تطوير وترقية اللغات القومية في السودان وهو أيضاً عضو بارز في أمانة جائزة الأديب الراحل الطيب صالح. إبراهيم إسحاق الآن يشارك بمقالات أدبية نوعية في الصحف والمجلات السودانية، و يشارك في كثير من الحوارات والبرامج التي تبثها القنوات التلفزيونية الفضايئة وله اسهام ملحوظ في الحراك الثقافي في العاصمة المثلثة، وله عدة مشاريع كتب وإصدارت جديدة هي الآن في المطابع ستضاف إلى أعماله في القريب العاجل؛ ذلك فضلاً عن أنّ إبراهيم إسحاق هو حامل لواء الرواية في السودان الآن بلا منازع لرسوخ قدمه في هذا المجال، وعمق تجربته وروعة أسلوبه، وتنوع موضوعاته، وارتباطها بالبيئة السودانية، وإلمامه بقضايا الأدب العربي والعالمي، خاصة إذا علمنا أن إبراهيم هو أحد الباحثين الأفذاذ في مجال التراث، والثقافة، والتاريخ؛كما أنه في الأساس مدرس للغة الإنجليزية التي كانت إحدى أدوات اطلاعه على آداب العالم بجانب اللغة العربية.هل فهمت يا سكنية لماذا أنا مشغول عنك بهذا الكتاب ؟ فأجابت مجاملة: نعم يا أبي! |
شكرا يا منصور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إبراهيم إســــحــــاق وما أدراك ما هو //محمد التجاني عمر قش...... (Re: طلعت الطيب)
|
الأخ الدكتور طلعت الطيب أحد حراس بوابة المعرفه الجبارين سلام من الله عليك وعلى الأسرة جمعاء من معك منهم ومن بأرجاء الأرض عزيزى ذلك الإبراهيم حظوت بالتتلمذ على يديه بمحمد حسين لثلاثة أعوام وفى ذلك الوقت من يتخرج من محمد حسين كمن تخرج من السربون وكمبريدج أو قل تمبكتو القديمه أو الزيتونة والقيروان حيث تجويد متون المعارف والتدقيق فى مقاماتها بقامات من العماليق الفطاحله فكان البروف المعز الدسوقى الذى كان يشرح الأدب فى إزاعة أمدرمان وما أزال أسمع صدى المعهد العلمى وهو يقول هو معهدى ومحط عهد صباى***ودفنت بيض سنى فى محرابه ثم ينزع منها المعانى نزع العارف المجيد وكان النور عثمان أبكر الشاعر الفيلسوف والصحافى القدير بمجلة الدوحه وصاحب ديوان غناء للعشب والزهره وصحو الكلمات المنسيه وكان كذلك عوض حسن أحمد صاحب قصيدتى فينوس وصغيرتى لأبو داوود وعوض أحمد صاحب برنامج قضايا الناس وجعفر سعد سيبويه الآخر وكوكبة من العلماء الأجلاء ولكن كانت العلائق متينة بين النور وإبراهيم إسحاق والمعز وحدثنى دكتور إبراهيم بأنه كان يتحاور مع النور دوما فى أمور الكتابه فقد بلغ كلاهما شأوا وشانا كبير فإبراهيم إسحاق يحتاج الناس للتعرف عليه وعلى آدابه فهو صرح معرفى مرموق.
والشكر لك ثم الشكر لك
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إبراهيم إســــحــــاق وما أدراك ما هو //محمد التجاني عمر قش...... (Re: عبيد الطيب)
|
الأخ ود المقدم
السلام ورحمة الله وبركاته
الدكتور إبراهيم إسحاق طارح ذلك السؤال عن الإحجام فى تدوين تراث تلك المناطق هو من أكثر كتاب تلك المناطق للقيام بواجبه ولكنه يناديكم (يا جنيات العرب تسلم أياديكم) وينادى غيركم لا بل يحثكم حثا ويدفعكم دفعا ويحرضكم بقدراته الفعاله وأحسب أن ما تقوم به أنت والبعض هنا يصب فى النهر الذى يحلم به أستاذنا علما بأن الحال الآن أحسن عشرات المرات من ما كان عليه فى عشرين عام مضت فقد إستمعت فى الآونه الأخيره لود الأبيض فى برنامج بالتلفزيون السودانى يقدم إبداعا لا يضاهى أبدا فى النم والمسدار والوصف فقوقله تعرف حقيقة ما أشرت إليه وغيره من الذين شبوا برغائب تدوين التراث الكردفانى والدارفورى وتعريف الناس به فيا ود المقدم أنتم من قصدكم أستاذنا إبراهيم إسحاق وإلا فمن يستطع أن يأتينا بجميل بواديكم غيركم?? ولك وللدكتور السلام والتقدير.
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إبراهيم إســــحــــاق وما أدراك ما هو //محمد التجاني عمر قش...... (Re: Huda AbdelMoniem)
|
هدى عبدالمنعم آل عبدالمنعم
سلام من الله عليك وعلى أسرتك وأهلك الكرام
إن إبراهيم إسحاق كما الواثق عبقرى فعل أدواته التى يجيدها فى بث رسائله عبر قصه النبيل كما المهدى أو المسايا ينادى بالتصحيح المجتمعى والعوده إلى الجاده وإلى التصالح والتعرف بالآخر وإلى المراحمه والتداخل وفتح أبواب الثقه والقبول بالآخر - فيا هدى الكتابه رساله إن صحت صح عائدها وإن بطلت بطل عائدها ونتمنى أن نكون ربانين لله.
لك الشكر والسلام
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
|