(حميد) يا حسرة على مشروع لم يكتمل بعد!//أحمد إبراهيم أبوشوك

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-13-2024, 04:12 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة منصور عبدالله المفتاح(munswor almophtah)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-26-2012, 10:53 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
(حميد) يا حسرة على مشروع لم يكتمل بعد!//أحمد إبراهيم أبوشوك

    الشاعر محمد الحسن حسن سالم (حميد)
    يا حسرة على مشروع لم يكتمل بعد!


    أحمد إبراهيم أبوشوك



    عندما غيَّب الردى الشاعر الفلسطيني محمود درويش كتب الأديب الناقد محمد خير، قائلاً: لم تكن قصائده الأخيرة "تُشبه قصائد النهايات، بل تميزت بخصوبة و(.........)اجة؛ لعلّها السبب في ذلك الشعور المتناقض الذي سكن قلب كلِّ مَنْ فوجئ بالرحيل؛ إذ امتزج الحزن بالطمأنينة في تركيبة نادرة، الطمأنينة لأنّ ذلك الشاعر الكبير منحنا الكثير من الشعر، حتى إننا لن نستطيع أن نفتقده، والحزن لأن ذلك العنفوان المتبدي حتى السطر الأخير، كان ينبئ بالمزيد من القصائد والصور التي وقفت تنتظر دورها، فلم تسنح لها الفرص." هكذا كان الرحيل المُرّ للشاعر محمد الحسن سالم (حميد) أشبه برحيل درويش؛ وإن اختلفت الأعمار، والأوطان، والأسباب؛ لأن بين الاثنين قواسم مشتركة، وتجارب حافلة بالدروس والعِبَر التي لا يستطيع الآخرون استنساخها حتى لو ظن بعضهم أنهم قادرون على ذلك. كان حميد مثل درويش، أنجبه رحم المعاناة وحيداً، وجعله الإيثار بالذات في سبيل النطق بقضايا الكادحين فريد عصره، رحل ولم يترك فينا وريثاً، بالرغم من أن إسهامات بعض المبدعين من أمثاله تتقاطع أسئلتها عند مشكلة الإنسانية، وجدلية الصراع بين الحُكام والمحكومين، وقضية الأشباه والنظائر في أصالة أهل الريف وحداثة أهل الحضر؛ ولكنها بلغة غير اللغة التي شكَّلت وجدان قصائد حميد، وبغير الأسلوب الفلكلوري الذي مازه عن الآخرين، والصور المتقابلة التي انتظمت ملاحمه الشعرية الطاعنة في شرعية أهل السُّلطة والسُّلطان، ومناجاته المثقلة بضنك المهمشين، ومرافعاته باسم الكادحين والغلابة التي رسمها في لوحات شاعرية خالدة.


    حاول الكثيرون أن يسجِّلوا بعض كلمات الوفاء وقصائد الرثاء على شاهد قبر الراحل حميد الذي احتضنته مقابر الحاج يوسف بدلاً عن نوري التي أحبها حباً جماً لا دخنة فيه، وشأنه في ذلك أشبه بشأن شيخ العاشقين عبد الله محمد خير الذي أضحى يعيش غربة ذات ثانية في مقابر أحمد شرفي بأمدرمان بدلاً عن الكُكر، وكذلك الأديب الروائي الطيب صالح بمقابر البكري بدلاً عن كرمكول؛ ولا ندري ما السر الكامن وراء هذه المتناقضات. كتب كل مجتهد من أولئك الأوفياء من واقع معرفته بالشاعر حميد؛ فطرق بعضهم على باب الإنسانية الذي كان يمثل مدخلاً رئيساً لشخصية الفقيد، ووضع آخرون حواشٍ على متون مشروعه الشعري، ونظَّمت صفوة منهم مراثيها وكلماتها من نسيج الإنسانية الذي تحلى به الراحل ذاتاً ووصفًا، ثم ذوقت ذلك النسيج الإنساني البديع بدرر من قوافيه الحسان. لا جدال أن قائمة أولئك الأوفياء العارفين لأفضال حميد الإنسانية وعطائه الأدبي السابل تطول، ويصعب حصرها على صفحات مقال صحافي، ولكن من باب الاستدلال نذكر الأستاذ صلاح هاشم السعيد، والدكتور يس محمد يس، والأستاذ حسين خوجلي، والبروفيسور محمد زين العابدين عثمان، والبروفيسور عبد الله علي إبراهيم، والدكتور عبد الرحيم عبد الحليم، والأستاذ عبد الله الشقليني، والدكتور توفيق الطيب البشير، والدكتور عبد الرحيم محمد الحسن، والأستاذ أسامة حمزة، والأستاذ عمر محمد الحسن، والشاعر محجوب شريف، والشاعر محمد طه القدال، والشاعر أزهري محمد علي، والشاعر كمال حسن محمد، والشاعر عبد المنعم محمد أحمد العوض، والصحافي متوكل طه محمد أحمد، والصحافية أميرة أبا يزيد حسن. فلاشك أنَّ هؤلاء، وأولئك الذين سقطت أسماؤهم سهواً، قد تناولوا حياة الشاعر الراحل حميد من جوانب مختلفة، ووثقوا طرفاً من عطائه المنداح في فضاءات الإبداع المتنوعة التي جمعت بين الماضي والحاضر والمستقبل؛ وبين الزين ود حامد وست الدار بت أحمد، وبين تطلعات أهل الجابرية العذارى، وأحلام نورة التائهة في بيداء الحضر، وآمال عيوشة العراض في مواعين الزمن الضامرة.

    بعد أسابيع من وفاة حميد كتب إليَّ أحد الأصدقاء معاتباً: "إنك كتبتْ كلمات رثاء عن الشاعر عمر الحسين محمد خير (ت. 2005م)، والأستاذ الطيب محمد الطيب (ت. 2007م)، والشاعر عبد الله محمد خير (ت. 2008م)، والأديب الطيب صالح (ت. 2009م)، ولم تكتب عن الأستاذ محمد الحسن سالم (حميد)، هل لك موقف أيديولوجي معين؟ أم ما السبب وراء هذا التراخي؟" فكتبتُ إليه قائلاً: الشاعر محمد الحسن سالم (حميد) لا تسعه مواعين الانتماءات الأيديولوجية الضيقة؛ لأنه كان شاعراً بحجم الوطن الفسيح الذي تشكل في مخيلته الخصبة من واقع "بلد صمي وشعبِ واحد عصية على الانقسام". نعم أنَّ الرفاق قد وجدوا في بعض قصائده استجابات لأطروحاتهم الفكرية، فروَّجوا لعطائه السابل في هذا المضمار، ووصف بعضهم حميد باليسارية، ولكنها كانت "يسارية بلا ضفاف"، كما يرى الدكتور عبد الله علي إبراهيم؛ لأنها كانت منداحة في كلِّ أرجاء السودان، و"معطونة" بعرق الترابلة، وبحارة السُّفن، وحشاشة القصوب، وكلَّات الموانئ لم تجعل من نفسها طليعية متأففة عن معتقدات الآخرين، وعاداتهم، وتقاليدهم. هكذا كان حميد ملحاً له مذاق خاص في موائد كل قطاعات الشعب السوداني، وبيوت أشعاره فتوحاً للجميع، وأبوابها مُشرَعة لكلِّ طارقٍ. لذلك عندما رثاه الشاعر المهندس عبد المنعم محمد أحمد العوض، استهلَّ مرثيته بأبيات صادقة في معانيها، ومعبرة في مقاصدها عن فَقد ذلك الشاعر الفحل، الذي كان مسكوناً بحب الناس، ومهموماً بإنجاز مشروع الوطن الذي كانت تحلم به نورة: "نورة تحلم بي عوالم ... زي رؤى الأطفال حوالم ... لا درادر .. لا عساكر .. لا مظاليم لا مظالم". وفي ضوء هذه الخلفية المشحونة بآهات الآخرين وطموحاتهم المرجوة يجسد المهندس عبد المنعم عظمة الفقد الجلل بقوله:




    ياناس نعزي مع منو؟
    ونقول شنو؟
    حامدنوا رب العالمين
    حميد بنبْكي مع منو ؟
    يمكن يباكو مع فطين
    قول نورة يبقى مع الحسين
    بالله مين قدرك حزين
    آآه يا وطن
    أيوه الوطن
    ياهو الوطن




    حميد صاحب مشروع شعري لم يكتمل بعد!


    يصف الأديب صلاح هاشم السعيد عطاء الشاعر حميد الأدبي بأنه "مشروع شعري" لم يكتمل بعد، ولا عجب أن هذا الافتراض محل إجماع كثير من الأدباء والنقاد؛ لأن إشكالية ذلك المشروع تكمن في حب الوطن، ومعاداة ظلم الحاكمين، وتحريض المحكومين على مدافعة الظلم. قد نسج حميد هذه المنظومة الثلاثية في أول قصائده التي أنشدها بعد رحيله إلى الخرطوم، التي كانت تعاني من ظلم العسكر وجبروتهم، فجسد موقفه الرافض لحكم العسكر بقصيدته الرمزية الشهيرة بـ "نادوس"، التي نادى فيها ثورة الغلابة، قائلاً: "تعالي وشي الوطن دركان عساكر آخر الزمن واطاه *** تعالي وما علي كيفك تعالي وريِّحي الواطة ". فلا جدال أنَّ هذه القصيدة التحريضية قد جلبت عليه وابل غضب النظام المايوي، فتعرَّض حميد، حسب رواية الدكتور يس محمد يس، "لأسوأ أنواع المضايقات من رجال الأمن والسُّلطة، وهو لا يملك حولاً ولا قوةً"، سوى الكلمة التي صنع منها سلاحاً ماضٍ في وجه زبانية النظام المستبد، وجعل من رائحتها باروداً في أنوفهم، عندما استنصر بالغبش الغلابة، قائلاً:



    آه يا غبش
    ما عندي ليكم غير نغيم
    برجوه ينفض لي غبار زمن القسى الكتَّاح
    يهز عرجون نخل صبر الغلابة الطال
    يحت يخرت تباريح الأسى الممدودة فوق نور الدغش
    يا نورة آه



    كانت نورة تشكل أبعاداً رمزية مصفوفة في مخيلة مشروع حميد الإصلاحي، الذي يبدأ بتوصيف المشكلة، وعرضها من جوانب متعددة، بغية خلق نوعٍ من الوعي الجمعي في أذهان الناس، ثم بعد ذلك تبدأ عملية التحريض الثورية الموثَّقة بشارات النجاح التي تُشبه في نهاياتها مبادئ جمهورية أفلاطون القائمة على العدل والمساواة بين الناس، وفي رخائها مدينة الفارابي الفاضلة. لذلك كانت نورة تعني بالنسبة له الوطن الجريح، وتعني التكافل بين الناس، وتعني التمازج القومي في السودان عندما يناديها قائلاً: "يا بت العرب النوبية ... ويا بت النوبة العربية ... يا فردة نخوة بجاوية ... أو شدر الصحوة الزنجية"، وبذلك يُؤكِّد ما ذهب إليه البروفيسور يوسف فضل حسن: أنَّ قطاعات كبيرة من سكان السُّودان الأصليين تعرَّبت بفضل نفوذ القبائل العربية الوافدة، "واستوعبت البنيات القبلية، فاختار الهجين الجديد الانتماء إلى الأصول العربية، عبر النسب، وتمثلوا العادات العربية مثل الوراثة عن طريق الأب، وليس الأم كما كان شائعاً بينهم. ولمَّا تمَّ استعرابهم بدَّلوا لغاتهم الوطنية بلسان عربي، ولكن غالبية البُجة، النُوبة القاطنين شمال منطقة الدَّبَّة ظلُّوا متمسكين بلغاتهم الأصلية حتى يومنا هذا. وكانت عملية الاستعراب العرقي والثقافي تفاعلاً ذا اتجاهين، يشمل استعراب المجموعات الوطنية، وتأصيل العرب، وتأثرهم بمقومات سودانية؛ دماً وثقافة." وبعد ذلك يحدد الشاعر حميد جغرافية الوطن الجريح "ما بينات نخلة وأبنوسة"، وهنا تتشكل رمزية أخرى أشبه بتيار الغابة والصحراء الذي أُسس وفق منطلقات شعرية وثقافية، تنشد التصالح بين الثقافة العربية والثقافة الإفريقية في السودان. فالغابة كانت تعني لرواد هذا التيار رمزية العنصر الزنجي، والصحراء رمزية العنصر العربي، وبلغت هذه الرمزية ذروتها في مشروع "إنسان سنار" الذي نصَّبه الدكتور محمد عبد الحي ورفاقه الخُلاسيون إنساناً معيارياً لهُويَّة أهل السودان؛ لأن السلطنة الزرقاء من وجهة نظرهم كانت تجسد معالم التلاقح السياسي، والاجتماعي الذي حدث بين العبدلاب (العرب) والفونج (الزنوج)، والذي أفضى بدوره إلى تشكيل هُويَّة أهل شمال السودان ذات السحنة الخلاسية.


    وبعد أن رسم الشاعر حميد خريطة السودان بالكيفية التي أشرنا إليها أعلاه حاول أن يبلور مظالم أهله في قصيدته المشهورة بـ "الجابرية تحي الثورة" والجابرية من خلال قراءة نصوصها الشعرية قرية منغلقة على ذاتها، وهمومها مفتوحة في فضاء السودان الواسع، حيث جسدها الشاعر في محاور قصيدته الأربعة الرئيسة التي يتصدرها محور الجابرية الرمز، الذي يشكل مطاطية البُعد المكاني، وطبيعة الهم المنداح في فضاء الهموم الإنسانية المشروعة، ثم ينتقل من هذه الهموم إلى شرعية المطلب الجماهيري، ونرجسية الوعد الكاذب الذي أعلنته الحكومة، وآثاره النفسية السالبة على أهل الجابرية، وأخيراً يلقي الضوء ساطعاً على دور المثقف الباخس لتطلعات الأغلبية الغالبة من أهل الجابرية ومعارضته الصارخة لنظام العسكر. وبهذه الكيفية عَمَدَ حميد إلى وضع الريف السوداني على بؤرة عدسة مقعرة تعكس واقع التهميش الذي يعاني منه القابضون على جمر المعاناة؛ لأن الخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية لا تُقسم بينهم وأهل الحضر سوية، فضلاً عن أن أهل السُّلطة لا يزالون سادرين في غيهم وخداعهم المتطاول مع الزمن، دون أن يدركوا أن فلاحهم وصلاحهم مرهون بشفافية عطائهم الخدمي المنبسط للناس أجمعين، وبوضوح رؤيتهم في تقسيم الثروة والسُّلطة بين المركز والتخوم عدلاً، وفق برامج إصلاحية تسعى إلى النهوض بقيمة الفرد والجماعة في إطار حكومة سودانية راشدة.

    ولذلك يصف الأستاذ عبد الله الشقليني ذلك الواقع من زاوية أخرى قائلاً: عَبَر حميد "النيل إلى فضاء السودان الرحب، وأغدق عليه من نبض مشاعره، وتمكن من حمل بذرة الوطن الكبير بتنوعه الثقافي، ولامست قصائده عاميّاتٍ انتشرت في كافة بقاع السودان الكبير. لم ينزع لباس اللغة الثقافية الخاصة بموطنه الأول، بل حمل البيئة في مخادع ليله، وحمل شعلتها المنيرة في صدره، وجمّل بها بيوت الوطن المتعدد المشارب، والسحنات، والأعراق، واللغات، وحاز شعرُه المكانة العالية في وجدان العامة والخاصة، بل حمل الطعام الذي تصنعه الأمهات في" الدُونكَّا"، ونشر طعمه الشِعري على كل البطاح."

    هكذا كان حميد مثقفاً حسب تعريف الفيلسوف الإيطالي أنطونيو غرامشي (1891-1937م) الذي يرفض التعريفات القائمة على أساس التصنيف الذهني واليدوي؛ لأنه يعتقد أن مفهوم المثقف أوسع من ذلك، سعةً تشمل كل إنسان يمتلك رؤية ثقافية معينة تجاه البيئة التي يعيش فيها؛ لأن الثقافة في عُرفه ليست مهنةً، ولا معياراً يُقَسَّم المثقفون على أساسه إلى طبقات وظيفية. ونلحظ أن هذا التعريف النائي عن الخيار النخبوي يؤيده الكاتب المصري أحمد مجدي حجازي الذي يصنف المثقف في ضوء كسبه المعرفي الناتج عن خبرته المتراكمة، أو تعليمه النظامي، ويشترط أن يكون ذلك الكسب المعرفي موظفاً لمصلحة المجتمع، وليس كسباً خاملاً. ومن ثم يقسم نشاط المثقف إلى نشاط محلي حيث تكمن الخبرة ويتعاظم الارتباط بالقيم المحلية، ونشاط قومي حيث تتكامل الخبرة والوعي الثقافي المتسامي على القيود والروابط المحلية.
    وواضح من هذه التعريفات أنَّ النضال في سبيل ترسيخ القيم الإنسانية بين الناس يشكل المحصلة الوسطى التي يستند إليها مفهوم المثقف القويم. ولا عجب أن هذه الروح النضالية كانت محطة مهمة في حياة الشاعر حميد، بلور الدكتور يس بعض معانيها باستشاهد فطن من رائعة حميد الموسومة بـ "النخلة"، منوهاً بأن النخلة في عُرف أهل الشمال تعني الاستقامة والعفة، وتعني التسامح، وتعني التكافل، وتعني الثبات على المبدأ؛ لأنها تموت واقفة بعد أن يتعطل نبض قلبها العامر بالعطاء، لكن فوائدها تستمر إلى ما بعد الممات، وتسد ثغرات مهمة في حياة الناس. ودعونا في هذا المقام نكتفي بالصمت، ونسوح مع كلمات حميد النضالية الشارحة لنفسها برمزية سامقة المقاصد، والمجسدة لعطاء النخلة في مراحل حياتها ومماتها المختلفة.



    النخلة في الليل المهول
    وحيدا في عز الرياح
    فارس يدارق في الرماح
    الجايا من كل اتجاه
    *****
    ما ليها غير تطرح تمور
    تملأ الشواويل ... القفاف
    ينتم زين ... ينحل دين
    ينطلق ضهر زولا بسيط
    واقف على حد الكفاف
    ومن ركة الرزق المتاح
    رزقو المعلق في الصبيط
    ينزل كما الطير الخفاف ...يقدل نشيط
    يخضر زي شتل الضفاف
    كل ما النشاف بدأ في الصبيط
    ****
    والنخلة لو عنف الرياح ... الصاقعة
    أهوال الفصول ... آفة الذبول ...
    قدرت على ساقا الهفيط ... تقع
    آ بتموت .......
    تلقاها خشت في البيوت ... بي كل صراح
    تبروقة ...سجاجة طهورة ..
    طبق من العرجون ... ضنيب هبابة
    طاب.. وطبطابة..
    قفة وكسكسيكة ... حبل متين
    فتلوهو في ضل الدليب
    نشلوبو من بير للشراب
    نسجوبو بنبر وعنقريب
    ****
    النخلة ترباية العباد
    بي جلالا تنحول رماد
    ورمادا ينحول سماد
    وسمادا يدخل كم بلاد
    وديانا تخضر والبطاح
    شوف كيف كفاح النخلة
    شوف كيفن بتتحدى الرياح
    تصبر على مر الحياة
    وتنمطق الموت بي جلد
    ****
    وكل الرياح فوقا بتمر
    يكفيها دا ... ويكفيها صاح
    ما استسلمت لي ريح غريب
    وكل الرياح فوق بتمر
    والنخلة ما بتعرف خلاف ريح اللقاح
    والهمبريب ريح الصلاح
    يا معوض الليل بالصباح
    يا معود النار اللهب
    روض نخلنا على الرياح
    وفي لجة البحر الغريب
    أدي الرواويس الصلاح
    يكفيها دا ... يكفيها صاح



    مفردات المشروع


    يقول الأستاذ صلاح هاشم بشأن مفردات حميد: "نحن هنا بصدد الاحتفاء بشاعر الشمال محمد الحسن سالم حميد، فهو شاعر مسكون بازدحام، ومترع بلغة رضع أسلافه من لبنها، لغة تخلَّقت وتأصَّلت في الماضي، واكتملت هناك، لذا وجد حميد خواتم روحه فيها، وملء التعبير عن ذاته، بعد أن نفض الغبار عن الكثير من مفرداتها، وأزال ما علق بصياغاتها وتعابيرها من شوائب، كما أعاد الشباب إلى العديد من الكلمات، والأوصاف بعد أن اشاختها القشور، واستعلائية الوسط الخرقاء. فأصبح بذلك صدى مدوياً وعلامة مميزة، واستطاع أن ينقل صورة صادقة وأصيلة عن هموم وأهواء أهله البسطاء الكادحين. حميد لم تبهره أضواء المدينة، ولم يدرج مشروعه الشعري داخل لغة السائد المألوف، كما فعل بعض شعراء الشمال، اعتقاداً منهم، أن تبني لغة المدينة، لا يُعدُّ خضوعاً، أو اندراجاً في سياقها، بل فيه تحدٍّ لنفوذها، وسيطرتها، باتخاذهم لأدواتها الخاصة. فقط لا أدري كيف لـعم عبد الرحيم أن يكون بغير الذي كتب به.!!.. وكيف لنورة، وطيبة.!!.." ويصب قول الأستاذ صلاح هاشم فيما ذهب إليه من قبل البروفيسور علي المك، عندما قدم ديوان أنا المعجب للشاعر عبد الله محمد خير، قائلاً: إنَّ بعض المثقفين يظلمون الشعر العامي عندما "يقولون عنه أنه لا يسمو ولا يتسامى للتعبير عما في النفس من خبايا وشجون، ولعل ذلك قد جعل العامية محصورة فيما يسمى بشعر الغناء على الأقل"، لكن عطاء شعراء العاميَّة السابل، وفي مقدمتهم حميد، قد تحدى "دكتاتورية الكلمة الفصيحة"، وفرض نفسه في الريف والحضر. وبذلك يكون الأستاذ صلاح هاشم محق فيما ذهب إليه؛ لأن خصوصية التاريخ لا تُولد، وإنما هي سيرة صنعتها الأيام والسنون، وتعاقبت الأجيال عليها ما بين انكسار وصمود. فحميد كان يمثل ذلك الصمود الذي نقل العامية الدارجة من حيز المحلية إلى مصافي القومية؛ لأن دارجة حميد كانت تكتنز معاني جمالية سامية، وقيماً إنسانية شامخة، لذلك استطاعت أن تشكل وجدان معاناة أهل السودان، الذين تواضعوا على فهم نصوصها الضاربة في أعماق المحلية لفظاً، والجاثمة في أحشاء مشكلات أهل الأرياف والحضر معنى ورمزاً، فضلاً عن أنها بشرتهم بغدٍ مشرقٍ، إذا واصلوا النضال بصبر أشجار النخيل، وصلابة عم الرحيم. لذلك ذاع صيت أشعار الشاعر حميد في كل البنادر والأرياف، حيث نقلها المبدعون، أمثال الفنان مصطفى سيدأحمد، والفنان يس عبد العظيم، والفنان محمد جبارة، والفنان صديق أحمد، والفنان محمد النصري، والفنان محمد وردي، والمهندس عبد العظيم منصور، والفنانة حنان النيل، والمطربة نانسي عجاج، وبفضل هؤلاء وفضل قنوات التواصل الحديثة اقتحمت ألفاظ الريف المنثورة شعراً قواميس أهل الحضر والبنادر ومعاجمهم، مشكلة نغماً في أسطواناتهم المسموعة، وشاغلة حيزاً في قنواتهم الفضائية المرئية. وبذلك استطاع حميد أن يغرس مفردات مشروعه الشعري في وجدان أهل السودان باختلاف ثقافاتهم وأعراقهم المحلية.

    ونلحظ أيضاً أن مفردات مشروع الشاعر حميد تتمتع بقوة اكتنازية خارقة؛ لأنها تحمل أكثر من تفسير، وذلك بحكم أغلبيتها الموغلة في الرمزية، والقابلة للتطويع والتطبيع حسب مزاج القارئ، أو السامع الثقافي، ودرجة وعيه وإلمامه بالمناسبات التي طُرحت فيها، وأحياناً نلحظ أنَّ آخرين يوظفونها حسب سياقات أجندتهم وخطابهم السياسي المطروح. ولذلك عندما سألت الإعلامية نسرين النمر الشاعر حميد عن معاني بعض المفردات، رفض الإجابة عن ذلك السؤال، متعللاً بأن مهمة الشاعر تنتهي عند أطلاق النص في باحات الهواء الطلق وفضاءاته الإسفيرية، أما وظيفة الشرح، أو التفسير، أو التعليل، أو التوظيف حسب المناسبات فهي وظيفة مفتوحة لكلِّ قارئ فطن، له أن يفسرها كيف شاء، ويوظفها حسب منطلقاته النضالية التي تصب في معين المشروع الذي ينشد حميد تحقيقه.


    شخصيات المشروع المحورية
    بعد أن أبرز حميد قضية مشروعه الكلية في قصيدة نورة، وقصائد أخرى مشابهة للغرض ذاته، انتقل إلى تفاصيل الحياة السودانية الزاخرة بمعاناة الغلابة في صور شخصيات اختارها بعناية فائقة؛ لتعطي نماذج حية لذلك الواقع، وأكد أهمية ذلك الاختيار الحسن في الحوار التلفزيوني الذي أجرته معه الإعلامية اللامعة نسرين النمر. ويأتي في مقدمة تلك الشخصيات عم عبد الرحيم الذي يصفه الشاعر بقوله: كت فلاح في يوم في إيدك تنوم... على كيفك تقوم... لا دفتر حضور ... لا حصة فطور ... تقرع بالقمر... تزرع بالنجوم... لكن الزمن دوار آ بدوم... الدنيا أم صلاح... تبدأ من التُكل ... من حجة صباح ... في حق الملاح ... في اللبس الجديد ... في القسط القديم ... وبيناتن عشم ... في الفرج البعيد". ثم يعضد حميد ذلك الواقع باصطحاب أمونة، التي كانت مقدرة للظروف والحال الحرن، عندما خاطبت زوجها عبد الرحيم، قائلة على لسان الشاعر: "النعال والطرقي انهرن ... ما قالتلو جيب ... قالتو شيلن يا الحبيب غشهن النقلتي والترزي القريب." فأجابها عم عبد الرحيم بعبارات مثقلةٍ بهموم الواقع الكئيب، ومقدرةٍ لمشاعر زوجته المثالية: "بس يا أم الحسن طقهن آبفيد !! طقهن آبزيد !!انطقن زمن... وإن طق الزمن ... لازمك توب جديد وبي أية تمن ... غصبًا للظروف والحال الحرن ... شان يا أم الرحوم ما تنكسفي يوم لو جاراتنا جن ... مارقات لي صفاح أو بيريك نجاح ... ده الواجب إذن ... وإيه الدنيا غير لمة ناس فى خير، أو ساعة حزن." وبعد هذا المشهد التوافقي الحزين تمضي القصيدة بوتيرة صاخبة، صابةً جام غضبها على مسالب الوضع الاقتصادي التي حولت حياة الكادحين والغلابة إلى حجيم. وعند هذا المنعطف يعلو صوت الشاعر التحريضي قائلاً: "في هذا الزمن تف يا دنيا تف ... يا العبد الشقي ... ما اتعود شكي ... لكن الكفاف فوقك منتكي ... والسوق فيك يسوق حالا ما بتسر .... إلا كمان في ناس فايتاك بالصبر.... ساكنين بالإيجار لا طين لا تمر ... واحدين بالإيجار ما لا قين جُحر .... سلعتم الضراع والعرق اليخر... عمال المدن ... كلات الموانيء ... الغبش التعاني ... بحارة السفن ... حشاشة القصوب ... لقاطة القطن ... الجالب الحبال ... الفطن الفرن الشغلانتو نار والجو كيف سخن ... فرقاً شتى بين ... ناس عيشا دين ... مجرورة وتجر ... تقدح بالأجر ... ومرة بلا أجر ... عيشهم كمهو ... وديشن هان قدر."

    وتتضاعف قيمة الحزن والكآبة بمتوالية هندسية عندما يلقي محامي الوطن، المجسد في شخص عم عبد الرحيم، ضوءاً ساطعاً على الصور المتناقضة والمستفزة، قائلاً: "وناسا حالَ زين مصنع مصنعين ... طين في طينو وين؟ ما مرابا مُر ... بارد همها لا يعرق جبين لا وشاً يصر ... عين والله عين ... كلها كمها عزها هان قدر ... في الجنة أم نعيم ... في الجنة ... أم قصر ... يا عبد الرحيم ... إلا ورا القبر ... يلكد في الحمار ... لا تسرح كُتر ... وإن كان الفقر ... يا عبد الرحيم ... أشبه بالكفر." وهنا تبرز قيمة من قيم الصراع الطبقي، لذلك نلحظ أنَّ الرفاق قد أتحفوا بقصيدة عم الرحيم، وهي واحدة من القصائد التي جعلتهم يصفوا حميد باليسارية، دون أن يدركوا أن يسارية حميد يسارية بلا ضفاف، منداحة للناس أجمعين، مادامت معاناتهم مرتبطة بأساسيات الحياة القائمة على المأكل، والمسكن، والمشرب، وبقية المسائل الخدمية الضرورية.

    وإذا انتقلنا من مآسي عم عبد الرحيم إلى مشهد آخر، نلحظ أنَّ الجوابات المتبادلة بين ست الدار بت أحمد والزين ود حامد تعطينا أكثر من رسالة، ترتبط في جوهرها بتشكيل الوعي الجمعي لقضايا المعاناة في الريف والحضر، وتفضح الحاكمين الظالمين، ثم تدعو المظلومين إلى مواصلة النضال الشريف في سبيل إرساء قيم الإنسانية الحقَّة، بعيداً عن إفرازات الزمن الجائر. ونستشهد في هذا المضمار بالرسالة التي بعثتها ست الدار بت أحمد من أطراف الريف القصي إلى ساحات البنادر، حيث يقيم زوجها الزين ود حامد، شارحة له الحال في البلد باستفاضة، وحاثَّة إيَّاه على العودة إلى الجذور إذا كان "أصلوا كتالك ياهو كتالك". وتبين الرسائل المتبادلة أن اهتمام حميد لم يكن محصوراً في قضايا التهميش في الريف، ولكنه كان يرى أن حال المهمشين في الحواضر أشبه بحال إخوانهم وأخواتهم في البوادي والأرياف، وذلك استناداً إلى كسبهم المتواضع، الذي جسده الشاعر في مأساة عم عبد الرحيم، والزين ود حامد، وآخرين. وعند هذا المنعطف تخاطب ست الدار بت أحمد زوجها الزين ود حامد قائلة:



    نحنا نصاحاً زي واطاتنا
    نحنا نصاح إلا القراص والتجار والحاصل البحصل كل صباح
    شتلاتك قبضن
    الحملان كبرن بلحيل
    العضمين الروكة انزرعن
    ****
    البرسيم طهرنا البارح
    نعجة راشد صبحت والدة
    الحيضان سقناهن لوبي
    التومات طيبات ونصاح
    راشد طيب
    كل الناس يا الزين طيبين
    ينشدو منك في الافراح
    وفي الاتراح الزين الزين
    ما تشغل بالك
    بس يا الزين كان درت مشورتي
    اصلو كتالك ياهو كتالك
    تجي مندلي
    الوطه تراها
    وبي جاي جاي.. بندبر حالك





    أما النموذج الآخر فيتمثل في جواب الزين ود حامد إلى زوجته ست الدار بت أحمد الذي يصور عنت العسكر وتسلطهم إلى درجة بلغة حد الرقابة على الرسائل الخاصة (جاني جوابك مفتوح شارع)، ثم يصف سياسة الخصصة التي تبنتها الحكومة حسب وصفات البنك الدولي، وكيف أسهمت تلك السياسة في تشريد العاملين، وكيف كانت الشرطة مستبدة في تكميم أفواه المعارضين، وإشاعة الخوف والفزع في نفوسهم. ويعكس الجواب من زواية أخرى ملكة حميد الشاعرية في تجييش الوعي الجمعي ضد أنظمة القهر والاستبداد. ومقاطع خطاب الزين التي نوردها أدناه شارحة لنفسها، ولا تحتاج إلى مقدمات أفضل وأرشد من نصوص الشاعر المحكمة في تصوير المشهد المأساوي.


    ست الدار بت أحمد كيفك
    جاني جوابك مفتوح شارع
    جاني جوابك وأنا بتذكر في ناس راشد والتومات
    في الشتلات والحالة عموم
    ناس حلتنا التحت .. الفوق
    الليهم الله وعيشة السوق
    ****
    ست الدار سامعاني ياأخيتي، ومرتي، وأمي، وأم الكل
    أنا بندهلك من شارع الله .. فوقي هجير والتحتي بقل
    سبي معايا الشردو راجلك .. والحرمونا شوية الضل
    سبي الحالة العالة علينا .. حتى أحكيلك بالتفصيل
    ***
    حاصل الحاصل يا بت أحمد
    جانا وفد في المصنع زاير .. وكان الوفد ده أمريكاني
    لفّ وفات اليوم التاني
    جانا مدير المصنع فاير
    وشو حمار العمدة العاير
    نف المصنع فيهو خساير
    وقالوا يخفضوا مئتين عامل
    مئتي عامل في فد مرة
    مائتين عامل .. مائتين عامل
    يبقوا هوامل .. يبقوا هوامل ؟؟
    ما يهموش .. الهم المصنع
    تفّ قرارو وفات في حالو
    مسؤولين ونقابيين ما في العارض واللا اترجى
    العمال من سمعوا احتجوا ... سيرو موكب صامد وصامت
    اتضامنا معاهم سرنا ..
    أب عرام دور عربيتو .. العربية الأمريكية
    زنقح خلا الموكب ثابت
    احتجينا مع الاحتجو
    اتكلمنا كلام موضوعي
    قلنا المصنع حق الدولة .. والعمال أصحاب الحق
    هي اللي تقرر والتتولى
    هي البتحدد سير المصنع
    إيد العامل هي العاد تنتج
    ما المكنات الأمريكية
    زيت العامل ياهو البطلع .. مو المكنات الأمريكية
    ودرن الأيدي العمالية
    أنضف من لسنات الفجرة
    ودين الدقن الشيطانية
    ومن كرفتة البنك الدولي .. وكل وجوه الراسمالية
    ***
    داك الحين المصنع هاج
    جات عربات اللات بوليس .. فضوا العالم بالكرباج
    والبمبان الأمريكاني
    شرقت شمس اليوم التاني
    كنا حداشر ونوباوية
    متهمنا بالتخريب والتحريض والشيوعية
    البوليس صاقع شيوعية
    وفاكر نفسو بنبذ فينا
    هي آ بوليس أمك مسكينة
    البوليس عمدني شيوعي
    التحقيق طلعني مدان
    التحقيق طبعاً تحقيقهم أو تحقيق الأمريكان
    أسبوعين عشناهم جوه
    أسبوعين زادننا قوة
    ست الدار ما تشفقي خالص
    ست الدار أنا ياني الزين
    ست الدار سامعاني كويس ؟
    كل الهم ما يغشى الغم ... بيتنا وراشد والتومات
    وكل الناس الحالهم شاهد
    ست الدار الشوق الواحد
    لي حلتنا وليكم ليكم
    وللإشراق في عينيكم
    وكل الناس الزولهم صامد
    شوق وسلام
    الزين ود حامد



    أما الشخصية الرابعة التي كان لها حضور مؤثر في منشورات حميد وعرضحالاته الشعرية فهي اللقيطة عيوشة: "الليل هديماتا ... شمش الله برطوشة ... تشرب من الشارع ... وتاكل من الكوشه". وعند هذا المشهد المشحون بآهات المعاناة تبرز المشكلة الأخلاقية بوضوحٍ سافرٍ، وتقف مؤسسات الأمن الاجتماعية عاجزة عن العطاء، وصون حقوق المشردين. فدار أطفال المايقوما تشكل طرفاً من القضية بشقيها الأخلاقي والإداري. أما الطرف الآخر فيتمثل في واقع الذين شردتهم أهوال الحروب، ودفعتهم ظروف المعاش الضامرة إلى التسكع في شوارع المدن، فأطلق عليهم العامة مصطلح "الشماسة". وقف حميد حزيناً عند هؤلاء، وعند واقعهم المنكوب، ثم رسم لهم لوحة معبرة بحجم مصيبتهم، وكآبة مستقبلهم المرجو، ولسان حاله يقول:




    باكر تلاقيهن .. في وجبة فوق كوشة


    جنب مجرى يحكولك

    ودونا لي ضابط .. كالعادة وانكفرن قال وين أوديهن
    والعندي ما قادر بالموية أكفيهن
    والعسكر أدونا
    سوطين وفكونا
    كالعادة يا أخونا .. حيكومة مربوشة
    دايرين شغل .. مافيش
    غير نغسل العربات غير نضرب الاورنيش
    عتالة .. جرسونات .. شغلاً ما يوكل عيش
    وبالحالة دي الكشة
    بلدية والبوليس ... مرات يجيك الديش
    ما يقبضوا الباعوض .. ما يقبضوا الضبان .. والما بدور فتيش
    الارزقي السمسار .. اشمعنى نحنا وليش
    إحنا الحراميه ولا البدسو العيش
    الزول يخاف يكفر .. يرجع يقول معليش
    شقيش نقع شقيش .. حتى السجن مافيش







    هكذا كان الرائع حميد يختار شخصيات مشروعه الشعري بعناية فائقة، وينسج خلفها لوحات موحية بالظلم، والاستبداد، والفقر، وضيق ذات اليد، ثم يجعل تلك الشخصيات تتحرك بحرية كاملة على مسرح الأحداث، الذي يُعج بمشكلات أهل السودان، وبذلك يحاول أن يخلق وعياً جمعياً من خلال السرد القصصي للنصوص الشعرية، ومضابط الحوار بين أطراف القضايا المطروحة. ثم بعد ذلك تعلو نبرة النص المُعرِّية لسوءات النظام الحاكم، الذي يتصدره يوماً "العسكري كسار الجبور"، ويوماً آخر "باسم النبي تحكمك القبور". وعند هذا المشهد الدرامي يضحى المزاج العام مهيأ لتحريض الشاعر، الذي يهدف إلى إسقاط الأنظمة الحاكمة الظالمة، ويسعى إلى تنصيب بديلٍ آخر، يكون قادراً على الوفاء باستحقاقات ست الدار بت أحمد، وعم عبد الرحيم، وعيوشة، ونورة التي "تحلم بي عوالم ... لا مظاليم لا مظالم". أنه حقاً مشروع جمهورية أفلاطون، وحلم مدينة الفارابي الفاضلة.



    أبعاد المشروع التنموية
    عندما قرأتُ قصيدتي "سوقني معاك يا حمام"، و"أرضاً سلاح" انتابني شعور صادق بأن حميد قد وقف على طرفٍ من مضابط الحوار الذي أجراه الدكتور محسن محمد صالح مع الدكتور محاضير محمد (رئيس وزراء ماليزيا الأسبق)، عندما سأله عن سر نجاح التجربة الماليزية، فأجاب المسؤول قائلاً:

    "في ماليزيا لدينا اختلافات دينية، وعرقية، وثقافية، ولغوية، ولدينا تباينات اقتصادية، ولكننا اعتبرنا أن أهم شيء للتطور هو تحقيق الاستقرار الذي يقوم على التسامح فيما بيننا ... ثم قررنا أن نشرك الجميع في السُّلطة والثروة ... لأنك لا تستطيع أن تستحوذ على كل شيء لنفسك ... وإذا حاولت أن تفعل ذلك فسيكون هناك عدم استقرار وفوضى، ولن يتحقق النمو الاقتصادي ... أما عندما تتحقق مشاركة الآخرين، فإنهم سيشعرون أن لهم نصيباً في السُّلطة والثروة ... أما باقي الأمور فهي مسائل إدارية، تحتاج إلى تخطيط حاذق يقوم على الخبرة والكفاية المهنية."




    فقصيدة سوقني معاك يا حمام من القصائد المفتاحية في مشروع حميد، الذي ينشد الأمن والاستقرار في السودان، ويعتبرهما لبنتين أساسيتين للنهوض بالوطن الجريح، الذي أفسدت الحروب ودَّه، وجعلت شطريه الشمالي والجنوبي في حرب مستعرة، أقعدت الناس عن العطاء، وجففت مواعين البلد من الإنتاج. فكان هدفه المنشود في ذلك الواقع المشحون بتداعيات الحرب يتبلور في قوله: "سوقني محل ما المحنة ... وأيادي تقطر سلام ... سماحة الحياة فوق أهلنا ... وبلادي تقرقر وئام ... درب من دم ماب يودي ... حرِب سُبّه حرب حرام ... تشيل وتشيل مابِ تدِّي ... عُقب آخرتا إنهزام ... أخير كرّاكةً بتفتح ... حفير وتراقد الركام ... أم الدبابة البتكشح ... شخير الموت الزؤام ... تعالوا بدل نبني ساتر ... نخيب ظن الصدام ... نطيَّب للعازه خاطر ... نقوم لي لأطفالها سام". ثم ينتقل من هذا المشهد التصالحي إلى وصف واقع الموارد الطبيعية والبشرية التي تستند إليها التنمية في السودان، قائلاً: "فقارى ولكن غنايا ... غنايا بهذا الغمام ... بهذا النيل كم تغايا... وتيرابا نرميهو قام."

    ثم يواصل نداء التعمير والبناء القائم على التعاون، والتعاضد، والتفاني، قائلاً: "ما طال فى بحرك في مىِ وتمرك مفدع بالجريد ... شدرك إمد حد السمي طيِنك معتق بالطمي ... نبنيك أكيد نبنيك هوا ... نبنيك ايوا سوا سوا ... منو وجديد نبنيك جديد ... يا إيد أبوي على إيد أخوي، على إيدى أنا ... على إيد وإيد تجدع بعيد فى اللجة من رأس ميضنة ... حيكومة الفقر الكجار الكُضُبُن والصهينة ... واللى نقاص أيامنا جات ... اليالطيف سوس البحر نرجم قفاهو حجر حجر ... من ها الرصيف الما قدر قدام سريحة الموج يقيف ... آمنا بيك وموحدين ... في إيدنا فاس وقلم رصاص شتلة كمنجة ومسطرين ... وطبنجة في خط التماس حراسة من كيد البكيد ... ضد الرصاص والإنتكاس ... نبنيك جديد واشد باس."
    ثم يرى أن ذلك المسعى لا يتحقق إلا في ظل نظام ديمقراطي، يتواضع الناس عليه، ويشدوا من أزره، ويصونوا عقدهم الاجتماعي مع الحاكمين، ولسان حالهم يقول: "أرضاً سلاح أرضاً سلاح ... لو نتحد ضد الجماح ... نبني الديمقراطية صاح ... نبنيه صاح وطن البراح ... وطنا مجير، لا مستجير، لا مستبد، لا مستباح ... أرضاً سلاح ... أرضاً سلاح."


    خاتمة
    نعم أنَّ مشروع حميد لم يكتمل بعد؛ لكن عدم بلوغ نصابه لا يمنعنا القول بأنه خرج من صلب قضية سكن الشاعر في عمقها، وجثم بين أحشائها، كما يقول الدكتور توفيق الطيب البشير، و"رسمها شعراً، وزينها فكراً، وعطرها برائحة السلام، وزينها بأحلام" يستحيل تنفيذها إلا في دواوين "دولته الفاضلة التي جاهد من أجلها، ومات دون أن يستمتع" برؤيتها وهي قائمة على سُوقها. نعم، كما يرى الدكتور عبد الرحيم عبد الحليم، أنَّ حميد وُلُد عام الاستقلال (1956م)، ورحل في "أزمنة الحزن والانفصال"، وهو غير راضٍ؛ لأنه كان يحلم بي "بلد صمي وشعب واحد عصية على الانقسام"؛ لذلك ضاقت قاعدة دولته الافتراضية الفاضلة قبل أن يأخذ تأشيرة رحيله إلى الدار الآخرة على طريق شريان الشمال؛ لأنه كان يريد أن ينفذ ذلك المشروع على أرض السودان الموحد، تلك الأرض التي وصفها بـ"مخلاية التعب ... مصلاية العشق الصعب ...ما بتستباح". ولذلك، كما قال الأستاذ عبد الله الشقليني، "ولما أحزنه واقع القابضين على أحلام الوطن، والموتورين بالحروب، امتلأت عيناه بالدمع المالح، وأحسّ بخذلان مشروع الوحدة الذي أحب فيه السودان وطناً متنوعاً، يتسع لأهله بكلِّ أطيافهم." ألا رحم الله حميد رحمة واسعة بقدر ما كان محباً للسودان وأهل السودان.


    ************
    تنبيه: تم حذف الجزء الخاص بقصيدة عمنا الحاج ود عجبنا مراعاة للحقوق الأدبية لأن شاعر القصيدة هو أحمد الفرجوني وليس محمد الحسن حسن سالم (حميد)
                  

05-26-2012, 11:17 AM

Mohamed Abdelgaleel
<aMohamed Abdelgaleel
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 10415

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حميد) يا حسرة على مشروع لم يكتمل بعد!//أحمد إبراهيم أبوشوك (Re: munswor almophtah)

    المنصور .. تحياتي لك وللأستاذ/أحمد إبراهيم أبوشوك .. نقرأ بمهل ونرجع .. حميد مشروع
    مفتوح على الأمل والمستقبل .. سأنبه الصديقين عبدالمنعم العوض وصلاح السعيد .. للمساهمة في
    هذا الخيط .. شكرا منصور على يقظتك الثقافية الدائمة.
                  

05-26-2012, 03:49 PM

طارق ميرغني

تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حميد) يا حسرة على مشروع لم يكتمل بعد!//أحمد إبراهيم أبوشوك (Re: Mohamed Abdelgaleel)

    Quote: نعم أنَّ مشروع حميد لم يكتمل بعد؛ لكن عدم بلوغ نصابه لا يمنعنا القول بأنه خرج من صلب قضية سكن الشاعر في عمقها، وجثم بين أحشائها، كما يقول الدكتور توفيق الطيب البشير، و"رسمها شعراً، وزينها فكراً، وعطرها برائحة السلام، وزينها بأحلام" يستحيل تنفيذها إلا في دواوين "دولته الفاضلة التي جاهد من أجلها، ومات دون أن يستمتع" برؤيتها وهي قائمة على سُوقها


    مشكور اخي منصور علي القاء الضوء علي هذا الكلام الراقي
                  

05-26-2012, 10:59 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حميد) يا حسرة على مشروع لم يكتمل بعد!//أحمد إبراهيم أبوشوك (Re: طارق ميرغني)

    الأخ محمد عبدالجليل

    السلام ورحمة الله وبركاته

    الآن إكتمل مشروع علم حميد على الورق وصيغت كل حيثياته وبقوة
    نابعه من قوة مفرداته ومن مباشرة رمزيته الشارحه للمقاصد
    بإسهاب وإفاضه- عزيزى محمد أنظر لذلك أبوشوك الذى زرب ذلك
    المشروع وجكن الأساس بمهارة فائقه وغرس شتول النخيل التى يعشقها
    حميد فى أرجائه وزرع البرسيم تحت ذلك النخيل ليغطى مساحة ذلك
    المشروع خضرة تبعث بدعاش زهرها كبعث نفح الباشندى فى الخريف
    وجلب الدعول وبقر اللبن وغنم السعايه وحدد أمكنة زراعة القمح
    وأمكنة الأسواق وصنع الأجواء المعافاة لتقضى الناس حوائجها بسماحة
    وقبول وأخاء أصيل-أنظر لتشريحه الماهر لنادوس ولتوضيح قوة
    فعاليتها التى أرعبت عساكر مايو والبصاصين الذين لا يعرفون خير
    ما تفعل ولكنهم يدونون ما يظنونه خطرا سيفقدهم ما فى أيديهم
    وما خلفهم لذا كانت نادوس مرعبة مزلزلة لثبات ذلك النظام الرخو
    والذى أبانت الأيام أنه أوهى من بيت العنكبوت نادوس التى تهشم فيها
    إبريق الرضاء وخنست نسيمات السمح وصارت البسمة فيها كحبة القمح
    التى لفحها طير برى غليظ لا كبد فيه ولا رحمه ليترك عصافير حميد
    يقتلها الضنى لا بل قتل فيها ملكة الغناء عندما يسفر الصبح ضاحكا
    فما عادت المواويل كماكانت وبنات نعش شهدنا أسى الليل وألم المعاناة
    وحجر البتول ذلك صار ملاذا وتراءت صور صلب المسيح وكل حيثيات ظلم الحسين
    لتجذبه حالة كحالة الدراويش أشعلت فيه نارا أخرجته من سكون الأضرحه
    وتمائم الصالحين -ثم يتناول عمك عبدالرحيم ذلك الذى يعرف الواجب
    ويفعله بوعى تام وبقدر مستطاع وزوجة عبدالرحيم تلك الواعيه التى
    لا تطلب إلا الستره والرقعه وأحلامها لا تتجاوز واقعها ذلك البسيط فهى
    لا تسأل إلا لإعادة حذائها لحالته الأولى بمهارة النقلتى ورتق طرقتها بترزى
    البكان غير أن عبدالرحيم يرى الجديد والتغيير والخروج من نفق العوز-
    وراشد والتومات قصة أخرى وأبناء السبيل ضحايا الظلم وساكنى السجون
    وذائقى أنواع العذاب فقط لأنهم لا يملكون بيوتا ولا أبوة ولا أمومه ولا
    يعرفون صدور الرحمه ولا أيدى الحنان ولا جيوب الفرح لذا كان حميد أبا
    وأما ومأوى لهم أجمعين - نعم كما قال أبوشوك إستطاع حميد أن يجعل لغته
    منطوقة ومسموعة ومقروءة فى قلب المدائن وجعل لها جرسا وإيقاعا متنوعا
    تنجذب له القلوب وفتح أبواب الريف على شارع النيل والقصر ليريهم آيات
    الريف الجميل فأبان التهميش بلغة أقوى من لغة الرصاص ومسموعة للكل
    فمن لم يتغنى بغنائه ومن لم يطربه ذلك الغناء نعم كان ومازال وسيظل
    حميد مدرسة على شوارع الناس التى تفتح فى القلوب الرحيمه والتى تأوى
    الضعفاء وذوى الحاجات والمساكين والفقراء وضعيفى الإراده فماذا نقول
    عندما يستوقفنا مشروع إنسانى شامل كمشروع حميد الذى طرزه بأروع
    أشعاره وحاكه بلغته السلسة المتينه وقدمها لنا على طبق من ذهب
    الشكر لدكتور أحمد أبوشوك الذى جلس وجمع لنا كل ذلك الجمال فى كوب عصير
    لذيذ وطاعم.




    منصور
                  

05-26-2012, 11:35 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حميد) يا حسرة على مشروع لم يكتمل بعد!//أحمد إبراهيم أبوشوك (Re: munswor almophtah)

    صديق مدثر ينعى حميد ونادر

    قصيدة
    حزن الأسفلت وأحلام الغد
    شعر صديق مدثر

    رعاك اللــه يـا وطني
    بنوك مضوا علي عجلٍ
    وزادوا لــوعة المحـنِ
    فخـلٍ الحزن واستفسر
    عن الأسباب في الإحن
    طريق النيل معروف
    يدا الإهمال تكلأه
    بعطف غير مرتهن
    اجبني أيها الوالي
    هذا الشارع المشؤم
    كيف تركته يجني
    ويفجعنا صباح مساء
    بما نلقاه من شجنٍ
    وشارعكم لئيم الطبع
    في حلف مع الزمن
    أضاف لحزننا حزنا
    ثوى حميد بالكفن
    فقدنا شاعرا فذاً
    يصوغ القول في لحن
    يصوغ الدر مطبوعاً
    كغريدٍ علي فنن
    ولم يقنعْ
    وساعده هوانٌ منك للوطن
    فجاء اليوم يرهقنا
    بفقد النادر الفطن
    وصحبٍ في معيته
    قضوا في دربك الخشن
    ونادر كان فناناً
    سما بالروح في البدن
    بأخلاق تزينه
    وطبعٍ رق كالمزن
    عريسٌ شب في كنف
    لامٍ تبتغي وصلاً
    مع المستقبل الحسن
    سقته الرشد والإدراك
    ممزوجاً مع اللبن
    وداعا يا فتي الأحلام
    يا وعداً أتانا من ربي الفن
    وياأنشودةً لم تكتمل بعد
    فيها كل ما يُغني
    ولم يمكث ليطربنا
    من التطريب باللحن
    ويا زغرودةً للعرس
    أخرسها الردى
    فلم تخرج الي العلن
    ويا أنشودة في ثغر غانية
    تمنته علي بعض من الزمن
    عزائي أمةٌ ثكلي
    حماهاالله من ظلم مقتدر
    ومن غبن
    وخفف ما تعانيه من أسطورة الحزن
    ويا رباه ألهمها بوحي الماظْ *
    كي تمحو بنا أسطورة الوهن
    ______________________________​____

    الماظ: عبدالفضيل الماظ
                  

05-27-2012, 04:04 AM

Ahmed Abushouk

تاريخ التسجيل: 12-08-2005
مجموع المشاركات: 344

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حميد) يا حسرة على مشروع لم يكتمل بعد!//أحمد إبراهيم أبوشوك (Re: munswor almophtah)

    تحية لك الأخ الأديب منصور عبد الله المفتاح

    أولاً: أشكرك على عرضك لمقال: "الشاعر محمد الحسن حسن سالم (حميد): يا حسرة على مشروع لم يكتمل بعد!" على صفحات سودانيزأولاين؛ لتوسيع دائرة الاطلاع والمشاركة؛
    لأن حميد كان شاعراً بحجم الوطن، وملكاً للجميع.

    ثانياً: أثمن تقريضك على محتويات المقال، فحقاً أنت أديب لوذعي لامع لا يشق لك غبار، وتأتي حواشك دائماً رابيةً بقاماتها فوق هامات المتون،
    وتضيف إليها أبعاداً أخرى، منسابة في أوعيتها اللغوية بعفوية وفطرية، وموشحة بالجمال والإبداع، فضلاً عن سهولتها الممتنعة، وجزالتها فائقة،
    وسلاستها المنسابة مثل أنسياب النيل نواحي السروراب.

    لك تحيتي ومودتي أبوشوك

                  

05-27-2012, 09:22 AM

Mohamed Abdelgaleel
<aMohamed Abdelgaleel
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 10415

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حميد) يا حسرة على مشروع لم يكتمل بعد!//أحمد إبراهيم أبوشوك (Re: munswor almophtah)

    الاخ البروف احمد ابوشوك لك التحية والود والاحترام

    لله درك اخي فاننا بالرغم من علقم الفراق المر تذوقنا حلاوة ما تكتبون عن حميد
    فمشروع حميد باق ومستمر - باذن الله - ما دام هناك من يتفكرون فيه بمثل هذا
    العمق واننا لننتظر منك الكثير فهل من مزيد اثابك الله؟!

    وقد قال - يرحمه الله - عند رحيل رفيق دربه الفنان مصطفى سيداحمد
    من كان يسمع مصطفى
    صنه وهج صوتو انطفى
    ومن كان يسمع ما اصطفى
    حي بي قضيتو وبس كفى

    فحميد (حي بي قضيتو) واي قضية (اخي احمد)؟ انها قضية صراع ازلي سرمدي
    متجدد!!

    شكرا أخي منصور ..

    عبدالمنعم محمد أحمد العوض
                  

05-27-2012, 11:29 AM

ABU QUSAI
<aABU QUSAI
تاريخ التسجيل: 08-31-2003
مجموع المشاركات: 1863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حميد) يا حسرة على مشروع لم يكتمل بعد!//أحمد إبراهيم أبوشوك (Re: Mohamed Abdelgaleel)

    منصور المفتاح ودكتور ابوشوك

    سلام ولكما التحية على هذا التوثيق الجميل لمشروع الراحل حميد .

    إلى حين عودة أحب أطرح سؤال ، لماذا برزت بعد وفاة حميد اقلام عديدة - وخاصة في احدى القنوات السودانية وبعض الصحف - تحاول نفي انتماء حميد لليسار أو قل بالتحديد للحزب الشيوعي؟ وهل انتماء حميد للحزب الشيوعي سيقلل من قيمة مشروعه وحلمه بوطن يسع الجميع أو يقلل من قيمة شعره؟
    وفي بعض ما كتب عن حميد تحس كانه الكاتب يريد أن يقول أن اليسار (منسلبط) في حميد زي الجماعة اياهم (منسلبطين عرق النبي) كما وصفهم الراحل حميد . وهذا بالضبط يذكرني بما كتب هنا في هذا المنبر وفي العديد من المواقع بعد وفاة مصطفى سيدأحمد ومحاولات بعض الأخوة نفي انتماء الراحل مصطفى سيدأحمد للحزب الشيوعي وكأن في ذاك الانتماء منقصة لارثه الذي تركه لنا .



    وهنا برضو ارجو التعديل لانه على ما اعتقد في خطأ مطبعي ادى إلى كسر الوزن :

    Quote: فقارى ولكن غنايا ... غنايا بهذا الغمام ... بهذا النيل كم تغايا... وتيرابا نرميهو قام."



    فقارى ولكن غنايا ... غنايا بهذا الغمام ... بهذا النيل كم تغايا... وتراب النرميهو قام."

    رحمة الله تغشى حميد في الخالدين .

    مع خالص الود

    أبو قصي
                  

05-27-2012, 12:32 PM

صلاح هاشم السعيد
<aصلاح هاشم السعيد
تاريخ التسجيل: 07-03-2008
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حميد) يا حسرة على مشروع لم يكتمل بعد!//أحمد إبراهيم أبوشوك (Re: ABU QUSAI)

    الاستاذ: منصور المفتاح
    لك التحية:
    كتب دكتور: أبو شوك
    Quote: لكن عطاء شعراء العاميَّة السابل، وفي مقدمتهم حميد، قد تحدى "دكتاتورية الكلمة الفصيحة"، وفرض نفسه في الريف والحضر

    أمس وفي محاضرة شارك فيها:
    الشاعر: عالم عباس
    ود: بشرى الفاضل.
    ركز "عالم" على الفرق بين دارجتين : دارجة الأطراف ودارجة الوسط أو ما "اصطلح عليه بدارجة أمدرمان".
    وكما أشار الشاعر: إلى أن الفرق بين الدارجيتين هو المرتكز العام للورقة التي قدمها في التأبين ـ
    لكن من جانبي ألاحظ حديث بعض المثقفين باعتبار الفصل بين: (الغنا والشعر) ـ
    قال الشاعر: محمد مدني في مداخلته التي وصفها الشاعر: نصار الحاج بـ"الرشيقة" ـ قال مدني: أن القدال دعاهم في العام 1982 قائلاً: تعالوا نغني ـ الغنا الذي يفهمه ويردده رجل الشارع البسيط.
                  

05-27-2012, 05:11 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حميد) يا حسرة على مشروع لم يكتمل بعد!//أحمد إبراهيم أبوشوك (Re: صلاح هاشم السعيد)



    بروفيسور أبوشوك يكتب " مُسدار" حِميد النثري



    لم نبرح مكان المقال ، ولا زمان تباريح هواه ، وعسل الفراق قد اندلق من قدره في الطريق العام . تحُف بنا هذه العباءة الموشاة بالنقش الفخم التي صنعتها يد البروفيسور . واكتمل " المُسدار" ولم يكتمل مشروع الشاعر " حميد " . لم يصلّ سيدنا الشاعر لمقصده ، بل كان في الطريق إليه . لذا كانت رسالة هذا " الشاماني" متوهجة بمحبة شملت البشر والنبات والأرض والحجر والكائنات التي تعيش دورة البيئة في وطنٍ متسع لا تحده حدود. تجتمع كلها في بؤبؤي ماسَّتي عيني الشاعر ،حين ترى ما لا نراه . انتزعها البروفيسور أبوشوك من خطاب الشاعر الشِعري المكتنز برؤية حياة كاملة الحضور ، متألقة كالعقود على جياد الحِسان ، مختتماً حياته وهو يكدح في مقامه الرسولي ، برسائل مغموسة في الحياة . ولغة دلقها الشاعر تراوح مكاناً بين اللغة المُيسرة للجميع وهي تعتلي ظهور الفوارس الجموحة بالأخيلة والأنساب الشعرية والبلاغية التي لا تتوقف عند أفق ، ولا ترسو على شاطئ . تحيط بأطراف القرى والمدائن والشعوب التي حفرت بيوتها في وجدان الشاعر .
    الشكر أجزله للناثر الفخم وجرّاح الكلام المكتوب : بروفيسور أحمد إبراهيم أبو شوك . متعك المولى بموفور الصحة والعافية سيدي ، لتُشيِّد لنا أسقفاً لتك الثريات الندية المنوّرة في حياتنا وفي الرحيل .

    *
    الشكر لك أخي الأكرم : المنصور
    *

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 05-28-2012, 11:17 AM)

                  

05-27-2012, 05:15 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حميد) يا حسرة على مشروع لم يكتمل بعد!//أحمد إبراهيم أبوشوك (Re: عبدالله الشقليني)

    .

    .
                  

05-27-2012, 10:50 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حميد) يا حسرة على مشروع لم يكتمل بعد!//أحمد إبراهيم أبوشوك (Re: عبدالله الشقليني)

    بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على الذات المحمدية إسما وذاتا ووصفا
    الجمع الكريم
    لكم السلام والتقدير على مشاركتكم
    الحديث عن فقيدنا الكبير كثير وطويل ..والزمن المتاح قصير
    فالراحل /حميد بطبعه وعطائه يهم الجميع....لكن شعور عميق بيننا فى مسقط رأسه, نورى , أن حميد كان فى العقاب وقد ذهب...أخذ الدهر منا حميد المرق..ونبع ماء الإغتسال من الإحباط وحفز المقاومة
    وصف إبن عمى/ عوض محمد الحسن قدورة , الراحل /حميد: فقال
    (كان حميد بسيطا كالملح، وأساسيا كالملح، وعزيزا كالملح، وفي متناول الجميع كالملح، وطاعما كالملح. بموته فقدت الدنيا بعضا من طعمها ونكهتها ومعناها)
    لم نسمع من حميد شكوى عن حاله الخاص او يطلب لنفسه شيئا ومن الصعب جدا ان يخص نفسه او يخصه أحد ولو بالقليل...فقد كان إنسانا فى النبل فريد
    همه عام ولا هم ذاتى لديه فالهموم العامة هى شخصية لديه فقد كان مؤسسة رعاية إجتماعية
    فجيوبه دائما منتفخة...قصائد مقاومة....بدايات قصائد تحفز الأمل ....ويهمه جدا الوصفات الطبية للغلابة ومصاعبهم المالية...يأتى من البلد محملا بها...
    يتفقدهم ...ألفوه ويطمئنون إليه....بلطفه يرفع عنهم الحرج....فهم بهم عفة ولا يسألون الناس إلحافا
    يا أخواني الدراب ساتر الناس....الحيط مغطية ورآها كثير
    توزع الروشتات ...جيب الدواء دا لعمتك فلانة.....أنت جيب دا لخالتك فلانة....هاك جيب اللت عمك دى....توزع وتقسم....نسوى كشف.....مصاريف الدراسة....المستشفى... النادي...فريق الكورة...ولا نرى منه صرامة أبدا إلا في الوفاء بما قبلنا من هذه الأحوال....و الدائرة فى إتساع مستمر...ناس الحاج يوسف وغيرهم ممن لا يحس بهم غيره
    خطفه الموت وترك لنا جيوبه منتفخة...بالشعر والروشتات وذهب معه ما بخاطره
    خوفي عليهم وعلينا ....من يطرق أبوابهم... ومن يخرجنا من غفلتنا وانكفائنا على ذواتنا
    نتداعى ونتفاكر فى خدمات البلد...ثم لا يلبث حميد أن يسعى..تتحول الفكرة الى عمل فتجرى على شفاهنا ...حميد..هذا من الصالحين
    نورى لديه خلية فى جسم كبير , فيكثر حديثه عن الحركة الجماهيرية فى عموم السودان...نقلها من السكون الى الحيوية
    ادواته هى المعايشة... السعى بين غمار الناس.... المعاملة... وبذل الجهدلقضاء الحاجات ...الشعر الذى يأخذه من أنفاس الفقراء وأمانيهم
    شعر حميد الذى أسمع الراحل الطيب صالح بعض منه ( السرة بت عوض الكريم) حين إلتقيا بالسعودية فى العام 2009 قال له الطيب صالح ( لقد أدركت وفهمت لغة الأرض وجرسها..هذا شعر عظيم..عليك ان تأتى ألينا فى أوربا لتترجم ويعرفك الآخرون)
    لكن من كان يمكنه ان يقنع راحلنا حميد ان ذاك أمر أولى من إستغراقه فى هم تحرير وتحرر الإنسان السودانى من الحاجة والحرمان والظلم...ألم يمت عازبا؟؟؟ وهو القائل
    (نتغنى بالأ طفال ماهم تقاوينا) فالدنيا عنده أعجل من ذلك كما قال بشر الحافى
    تحرير وتحرر الإنسان من كل أصناف الظلم والحرمان أمر يسكن نخاعه وطينته التى خلق منها ..هى فطرته ودافعه للحياة
    مبكرا غنى حميد لمهمشى الهامش (حمتو) وعيوشة التى تشرب من الشارع وتأكل من الكوشة...نجد ان التهميش لديه له معنى محدد هو الحرمان بمعناه الواسع...والحرمان قد يكون داخل الخرطوم وفى قلبها عالمى الملامح وفى الأصقاع البعيدة
    الحرمان هو تبديد لطاقات..نفى للإحتمالات ..وسجن نفسى مرير...وكم هى كثيرة هذه المعانى فى شعر حميد
    بشعره رسم ملامح الوطن الجامع الذى يسع الجميع...مرتكز على الحرية والعدل والسلام...وأحسب ان السودان الوطن الجامع فيها معقولية أكثر من غيره...فلماذا الإحتراب إن كان الإصلاح والتعديل والتطوير أفعال ممكنة وفى المكان متسع للجميع...لماذا يفوت علينا ذلك ... ويتكرر؟؟؟
    حديثا حرص وبذل مع آخرين ان تقوم جماعة الدليب الثقافية كأداة تطويرية و للسعى والحشد والحركة وسط الناس فكان ان تم تدشين ديوانه أرضا سلاح فى إكتوبر 2011 بقاعة الصداقة بذاك الكيف الذى هز السكون
    بذل كل عائد الديوان لأعمال الخير ودعما للعمل العام و قد حملت منه بنفسى 200 نسخة دعما لمركز بروفسير/ محمد عمر بشير بالجامعة الأهلية
    وواصلوا فكان إحتفالهم فى 31/12/2011 بأعياد الإستقلال بمعرض الخرطوم الدولى ...إستمرارا فى سعيه للحشد وتحريك الجماهير
    أذكر حديثه بمساعدة كل المبدعين لكى يتجاوزوا صعوباتهم ...
    يهتم ويدعم ناشئة المبدعين ويرعاهم...يجهر بالظلم الواقع عليهم من البعض وضرورة رفعه لمصلحة الأبداع و إنصافهم
    و قرا ا شعرا ألهبنا نحن الحشود التى ضاق بها معرض الخرطوم الدولى يومذاك صعد الهتاف الى حناجرنا..حبسناه وأسرفنا فى التصفيق.... وعند الخروج قلت له ..خذلناك
    إلتقينا وتناقشنا حول تطوير عمل جماعة الدليب الثقافية ...شخصه وتعامله وشعره هى أسباب لدعم ونجاح الأعمال وجذب آخرين للتعاون ...فكل من إتصلنا به رحب بحماس ورغبة..د. محمد أبوسبيب...د بلال...طلال عفيفى
    كان مسرورا وهو يهاتفنى و يخبرنى انه إلتقى الفنان وردى وتناقشا حول تطوير الثقافات المحلية وإتفقا ان الأمر قد يتطلب التأسيس لقناة تلفزيونية تكرس لنشر تلك الثقافات
    يوم 20/3/2012 يوم رحيله عنا كان قادما للمشاركة فى تدشبن ديوان بحر المودة للأستاذ / السر عثمان الطيب...فى يوم عيد الأم 21/3/2012 وهذا تخطيط آخر للسعى وسط الناس وحشدهم
    رحل وردى وتبعه حميد بعد ان تركا لنا إرثا يشع حكمة ونورا وجمالا
    وكان الرحيل القاسى... باطن الأرض خطف حميد من ظهرها ......يريد نصيبا من فيوضه
    ليت الأرض ترأف بنا و علينا وتنبت لنا سره...او تتمخض عما يدلنا عليه....ليتها ولا تستأثر به رفقا بنا
    كل تلك الجموع...الحشود ... كل ذلك النواح... كل ذلك الهتاف بالوعى الذى بذله لهم.. كلهم..أبوا ان يصدقوا....تمنوا ان لا يكون....ثم تجرعوا المر الأجاج
    الختمية كثرت بواركهم وراياتهم وطقوسهم فى مشهده الحزين , بينهما وشائج..فأبوه حسن سالم سجن كختمى وحزب شعب ديمقراطى عام 1956 عند مهاجمتهم لليلة سياسية للوطن الأتحادى بنورى
    وغنت إحدى عماتنا:
    الشربات بالجرارة...شربتها رمالة بلالة
    نورى هول سيدى مسجلة ...بجريفها وببركلها
    ضامنة وشايل دفترا
    وحبن ترشح حميد لمجلس تشريعى الشمالية فى اللإنتخابات الأخيرة دعوه للترشح بإسم الإتحادى الديمقراطى وبلباقته المعروفة شكرهم معتذرا
    ضحكنا طويلا ونحن نودعه عند سفره للبلد لحملته الإنتخابية حين قال ( هذه هى الجلابية التى كنت أرتديها عند مقالدة مولانا ساخبر الأهل بذلك وأظل أرتديها حتى نهاية الحملة الإنتخابية )
    الإمام الصادق المهدى جاء معزيا, الرايات الحمراء كانت كثيرة وكل ألوان الطيف الأخرى شاركت فى جنازته...والقمص فيلو فرج ساوث جاء بعزى فى رحيل مؤمن بالسلام عتيد...وأخوتنا الجنوبيون لم يغيبوا عن مشهده الحزين.. الكل السياسى شارك ولعل الأحزاب عزت وشهدت منافع لها او هكذا يظنون
    لكن حميد .. كان واسع الأفق...وفايت الناس بقادى
    وكم هو محزن ان يكون الحراك السياسى تصريحا فى الصحف وحين تشييع الموتى وتصيدا لسرادق العزاء
    كنا نتمنى ان نحمله ونغرسه بنورى...ونبنى له قبة بالفكى شيخ ..قريبا من إهرامات نورى كتاريخ مستمر فقد امضى أغلب شهوره الأخيرة بنورى يزرع ويبنى من جديد منزل الأسرة..فوق الدرب الوسطانى...للغاشى والدانى ومركز إشعاع يمنحه
    لكن الرواة ممن كانوا معه بالسيارة المشوؤمة قالوا ( ان آخر ما قاله..إن مت ودونى لفطين أختى..هى أرملة تبقى لها آنذاك من العدة والخروج منها أيام قلائل وكان راحلنا يخطط لحضور وتجهيز كرامة خروجها...فخرجت الى حزنين لها الله
    وقبل هذا ليت مولانا سمع وإستجاب .. كان ذلك حين رحل الكبير/ الطيب الصالح...أن أحمله و أسكنه تراب كرمكول...وسط أهله والمكان الذى سكن خلاياه...فقد يسعد ذلك كثيرين ويتسبب فى تنمية المكان
    الم يكن فى ذلك فعل طيب؟؟
    ألا تفعل ذلك مختلف الشعوب تكريما لمبدعيها؟؟؟
    العزاء لنا ان هناك مسعى جاد لمتحف فى كرمكول للراحل الكبير/ الطيب الصالح ومنظمة ومركز ثقافى باسم حميد
    قلنا ونقول أن حميد ( زرعناه ) ولم ( ندفنه)...لعلنا نقبل الدخول فى إنتظار أن تشق الأرض...خارجة شتوله
    و رحنا نتحدث عن الذكرى والتخليد... لنرفع بعض ما فى النفوس ...
    لكن الذكرى والخلود ...أمران لم يكن يحفل بهما حميد .. بل أتياه و تبعاه طائعين أنجزهما بشعره المقاوم... بتعامله ...زهده... ونموذجه الذى لا يتيسر تكراره وكإنسان فاعل تصعب محاذاته وسعيه الدؤؤب لخير يعم الناس
    هل هو التأسى أم تسكين الذات.... بل صرفها وخداعها ان نحول الفقد الى طقوس و رموز لا تعوضنا أبدا.... هو حميد لم يعد موجودا...ساعيا بالحب وللسلام ...شاعرا يبث المقاومة...وفاعلا يحفز الأمل وروحا جميلة تنشر الطمأنينة والرغبة فى المواصلة نحو الأفضل
    فهو أصلا خالد إذ أننا سنظل ننشد الأفضل ....لن يموت الحلم بالسودان الوطن الجامع الذى غذاه حتى إستطال ... لن يتوقف السعى من أجل العدل الذى نور دروبه.....لكيلا يهزمنا الموت ….. فأى شئ يكون الخلود؟؟؟
    حتى بعد موتك يا حميد لم تطلب او تكلف أحدا شيئا؟؟؟؟؟ زاهد فى عيشك وبعد موتك
    الجمع الكريم..أكرر تقدبرنا لحضوركم ...وأرجو ان تسمحوا لى أن أقول لشاعرنا وأستاذنا الكبير/ القدال ,
    يا فدال لك معزة ومحبة عند أهل نورى وانت أهلا لذلك ... فمن يحب حميد تاس نورى يعدونه إبنا بارا لهم...ونقدر عمق ما بينكما تجاه الوطن والإنسان عموما
    كان الراحل حميد دائما يخاطبنا (ياخال) أدبا وتهذيبا معنا نحن الذبن نكبره عمرا من ساكنى السواقى من حسن الى بشارة..بنورى,فمنا جدته لأبيه وأمه زينب بت ود طه
    الخال والد كما تعلم يا قدال ..كان حميد يبرك ببلح سنويا ..للأكل وللشربوت..فلك منى نخلة بإسم حميد...هى واحدة من نخلات فى حوش منزلنا بنورى ..وهى من نوع المدين
    ختاما.. دعنى أذكر نفسى ومن يريد بإحدى نصائح حميد لنا
    يا متلبك فى الأدران الحجر الأسود ماهو البروة
    ما ها مكاوى الكعبة تجيها حين يتكرفس توب التقوى
    والسلام على حميد فى الخالدين فقد كان تقيا فى نشدانه وسعيه للعدل
    والشكر لكم نيابة عن أسرته وكل أهل نورى
    سيدأحمد العراقى
    ع/ الأسرة والأهل بنورى
    أبوظبى 11/5/2012
                  

05-28-2012, 00:05 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حميد) يا حسرة على مشروع لم يكتمل بعد!//أحمد إبراهيم أبوشوك (Re: munswor almophtah)

    حميد وعين بتشوف

    حميد - يا عين بتشوف المخفى
    يا روح بالحاله دريه
    يا نور من عقلك بالج
    يا حب من قلبك دافق
    يا كلمه قويه وفيه
    يا إيد للحق بتدافع
    للغير عطايه نديه
    فى الجنه نشوفك ياخى
    إبريقك فضه نقيه
    فى الدنيا الفيها مآخى
    أولادك قوم ذريه
    ناس مازن فى حواشتك
    ناس فيصل حرمو وشايتك
    ناس ساره بغنو قصايدك
    عرفوهو كلامك لينا
    حفظوهو تمام وصيه
    يا زول فى الآخره نشوفك
    تورينا السمحه ظروفك
    تحكيلنا غرائب شوفك
    يا الراجل الصافى النيه
    نادوسك فينا مفرهد
    فانوس للآخره هويه
    نوراتك شالن منقه
    وحارساهن كم طوريه
    يا الواقف فوقنا بكفى
    شبعنا وزاد فى الشيه
    لا داق لى روحو إتكفى
    مهموم بالغيرو إتكفى
    كضاب القال يوم لفه
    حارساهو قديمه العفه
    من سالف أصلو عطيه
    حميد يا وزول يا واصل
    يا الماحى حدود وفواصل
    للناس بالجمله تواصل
    يا خير للناس عيديه
    يا زول فى الآخره نشوفك
    تورينا السمحه ظروفك
    تحكيلنا غرائب شوفك
    يا الراجل الصافى النيه





    منصور
                  

05-28-2012, 00:58 AM

Nasr
<aNasr
تاريخ التسجيل: 08-18-2003
مجموع المشاركات: 11163

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حميد) يا حسرة على مشروع لم يكتمل بعد!//أحمد إبراهيم أبوشوك (Re: munswor almophtah)

    شكرا يا منصور
    ورغم الحزن علي فجيعة فقد حميد ونادر
    إلا أنني فرح لأننا كسبنا باحث في التاريخ والأدب الشعبي والتراث
    بقامة أحمد أبو شوك
    أكرمه الله بمزيد من تفتح البصيرة
    وأسال مداد قلمه بمزيد من مثل هذا الكلام الجميل
                  

05-28-2012, 10:34 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حميد) يا حسرة على مشروع لم يكتمل بعد!//أحمد إبراهيم أبوشوك (Re: Nasr)

    الأ
    الأخ طارق ميرغني


    السلام ورحمة الله عليك

    ليتنا نستطع أن نصنع وفاءا بحجم ذلك الوفاء الذى كان لحميد تجاهنا
    فقد نذر كل حياته للناس وصاغ لهم دستوريا إنسانيا يحقق لهم جمهوريتهم
    الفاضله ذلكم الحمورابى الحكيم.


    منصور
                  

05-29-2012, 03:54 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حميد) يا حسرة على مشروع لم يكتمل بعد!//أحمد إبراهيم أبوشوك (Re: munswor almophtah)

    الأخ ABU QUSAI

    السلام ورحمة الله وبركاته

    عزيزى ليس للإبداع سقف ولا للمبدعين سقف فحميد صديق حميم للحسين خوجلى
    وللقدال وللكتيابى ولشقل وللشعب السودانى حميد صوفى وأخو وسلفى وجمهورى
    وأنصارى وختمى حميد بلدى وأفرنجى وبدوى وحضرى وقروى قح حميد إتحادى
    ويسارى ويمينى ومعتدل ومثله وردى ومصطفى وكل أهل الفنون والإبداع فهولاء
    من الذين حبهم الله وحبب الناس فيهم وعهدى به أكبر من الإنتماء لا بل لا
    يسعه إطار ولا أيدلوجيا بل هو صانع لآيدلوجيته وجامع للناس فيها بإحسان
    فإن جاء شيخ صوفى وقال حميد مننا فليس لدينا ما ينكر ذلك فهو وجوه عده
    وقلب واحد آخى
    بين النقائض وتقبل الأضداد بيسر.


    لك عظيم الشكر وكثير الود وعاطر السلام


    منصور
                  

05-29-2012, 08:41 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حميد) يا حسرة على مشروع لم يكتمل بعد!//أحمد إبراهيم أبوشوك (Re: munswor almophtah)

    الأخ صلاح هاشم السعيد
    السلام ورحمة الله عليك

    إن لحميد عامية فرضها على الناس بإبداعه
    فأستوعبوها وأجادوها عامية نزعها حميد من عمق لهجاته
    الشايقيه وشق بها ديدابا فى عمق المدائن وعبده وأضاء
    جنباته للمرور السريع والتجويد والحذق فأجاد أبناء
    المدن لغته وحفظوا مفرداته وعرفوا إشاراته وإيحاءاته
    ومارسوها كما الراندوك المتداول والمهضوم.

    الشكر لك والسلام


    منصور
                  

05-30-2012, 02:50 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حميد) يا حسرة على مشروع لم يكتمل بعد!//أحمد إبراهيم أبوشوك (Re: munswor almophtah)

    الأخ العزيز عبدالله الشقليني

    السلام من الله الرحيم اللطيف إليك

    هكذا عهدناك فاتح لكل عين نبع زلال ومكحلا لكل عين عد معرفة
    ومجملا لكل ساحة فكر ومزينا لكل حقول الآداب والفنون وبالبلدى
    يقولون (فلان قدامى) أى لا يتأخر عن واجب لا بل هو من أهل السبق
    والبذل والعطاء بسخاء فكذلك أنت - وعندما يكون الحديث عن حميد
    من غيرك من الأكرمين ننتظر!! فيا أيها الشقلينى طال ما أنت هنالك
    فإننا لا نخشى على مستقبل الآداب الفنون فى بلادى على ذات نسق
    الهوسه فى نايجيريا ومستقبل الإسلام فيا بشرانا بك دوما وبا بشرانا
    بالهوسه الماسكين على جمر العقيده أبدا ودوما.


    ولك الشكر والسلام

    منصور
                  

05-30-2012, 03:22 PM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حميد) يا حسرة على مشروع لم يكتمل بعد!//أحمد إبراهيم أبوشوك (Re: munswor almophtah)

    الأخ Nasr

    السلام ورحمة الله عليك وبركاته

    إن إهتمام بروفسير أبو شوك بتدوين التراث وتهذيبه بدأ باكرا
    وإن إهتمامه بتراث أهله واضح وبائن حتى فى كتابته التاريخيه
    ومروى فقط تكفيه وعندما تكون الكتابه عن حميد فمن غيره أولى
    بذلك فهو أقرب البحاث لفك طلاسم الرمز فى شعر حميد لوحدة اللسان
    ووحدة العاطفه والإلمام بمنابع ومناهل الإلهام عند حميد وكذلك
    معرفته بمصادر المفردات عند حميد والمعانى الإيحائيه التى تكتنفها.

    الشكر لك والسلام


    منصور
                  

05-31-2012, 04:18 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حميد) يا حسرة على مشروع لم يكتمل بعد!//أحمد إبراهيم أبوشوك (Re: munswor almophtah)

    ألف شكر بروفسير أحمد أبوشوك أن جمعت لنا روائع حميد فى هذا البوست
    ليكون مفتاحا يفتح أبواب حميد الكثر لعوالمه الهلاميه ليقتات الناس
    معرفة وخلقا وسماحه وليشبعوا من كرمه الذى لا يضاهى فقد حدثنى من
    الأقربين له أنه وفى يوم الحادث كان بجيبه مائة جنيه وعندما قلته العربيه
    التى أخذها من تلك المحطه الخلويه قسم المائه مناصفه مع أحد الأقارب
    فأى عدل ذلك وأى توكل وبساطة تلك رحم الله حميد رحمة وأسعه وأسكنه عالى
    الفراديس


    منصور
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de