دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
السنبرية .. والجهنمية .. والقرض .. مذكرات أهل العوض ..!!!
|
في الريف السوداني ..
الجبروكة ..
وهي مساحة صغيرة جدا من الارض .. تزرع داخل زريبة البيت
أو خلفه .. وتزرع فيها أشياء متميزة .. مثل الطماطم ..
والتبش ( العجور المطري .. الذي يتساوي في اللذاذة مع الخيار )
وقد تجد في الجبروكة .. العنكوليب .. وهو القصب السكري البلدي
وايضا اللوبياء او الفول السوداني ..
وأذا خرجت الي الخلاء .. في الخريف .. بهرتك الابسطة الخضراء
في كل اتجاه .. وفي الاراضي المبورة .. تجذبك الازهار البرية المتعددة
الاشكال والزاهية الالوان .. ولكنها غير عطرة .. وليست لدي اسماء
لها ..
انا لا اعرف من الازهار غير الفل الابيض .. وزهرة اخري قالوا انها ..
الياسمين .. وليس واثقاً من ذلك .. وزهرة ثالثة يسمونها ورد الحمير ..
وهذه المجموعة من الازهار كانت مزروعة في جنينة دائرة المهدي .. بالخرطوم
ورأيتها هناك .. في صغري ..
وعرفت ايضا .. تلك الزهرة الحمراء غير العطرة .. وهي علي كل حال جميله ..
ويسمونها الجهنمية ..
لكن نحنا السودانيين .. بصورة عامة .. لا نعرف الورد وشقائق النعمان ..
فقد عرفناها من الشعر .. ثم عرفنا ازهاراً اخري عديدة بأسماء عربية ..
واخري باسماء اجنبية .. مثل الاوركيد والتوليب .. وزهرة السوسن ..
التي تغني بها كثير من شعرائنا .. وزهرة الزنبق ..
ان الانجليز معنيون بالحدائق والازهار .. وقد أورثونا معرضاً سنويا للازهار
كان يقام في بحدائق وزارة الزراعة الخرطوم .. ثم انتقل الي قاعة الصداقة ..
كنا نذهب اليه .. للتمتع بمشاهدة الازهار العطرة اليانعة المتحركة ..
أما ازهار الشجيرات .. فإننا لم نتلق المعرفة بها ..
أعرف أن ذوقنا ناقص .. لسنا نحن اولاد الغبش فقط .. فنحن لا قيمة لنا ..
كلما ابتعدنا عن صفات الاسلاف الاجلاف .. ولكن حتي المتمدنيين ( الحناكيش ) ..
لم يعرفوا ثقافة زهرية كافية ولذلك فأن ذوقهم ناقص ..
ان مصر احسن منا طبعا في هذه الناحية .. ومع أن أصحاب الحدائق المنزلية ..
بمصر ليسوا بكثيرين .. فأن محلات بيع الازهار متوفرة وتنسيق باقات الزهر فن يوجد لديهم ..
وتخصصوا فيه ..
في مطار انقرة .. رأيت أعلان بعدة لغات .. وقرأت النص العربي ( عبر عن عواطفك بالازهار )
ثم فهمت من الاعلان .. انه يمكنك ان تدفع مالاً لفرع شركة معينة في ذلك المطار وهي تبرق لفرعها في لندن ..
أو باريس .. او نيويورك .. مثلا .. فيسلم باقة الازهار محددة لصديقتك ..
وهناك زهرة خاصة للتعبير عن العاطفة .. بشكل متميز .. مثل الحب او الشوق او المؤاساة ..
او الشكر .. وهذا هو الشعر الذي ليس لدينا رقبة تليق به كي يتدلي عليها ..
كما يقول المثل النسوي السوداني ..
ومع ذلك يوجد لدينا الجمال ..
في الخلاء.. في اقاليمنا الممطرة .. عبارة عن مجموعة لوحات جميلة .. وفي الخريف ...
نشم في العصير ( تصغير عصر ) رائحة الدعاش المنعشة ..
والجمال يوجد في الغابة .. بل يوجد في الصحراء ايضا .. بعد انتهاء الزراعات والحصاد ..
ويوجد في الجبال والتلال .. وفي متاهات القشوش الشاسعة .. التي ترعاها قطعان الماشية ..
كذلك تجد الجمال في العصافير ..
ففي الخريف تظهر طيور وافدة .. منها عصفورة حمراء نسميها الحوخة .. وهي لاتوجد بمجموعات كبيرة ..
المجموعات الكبيرة من الطيور .. اهمها السمنبرية .. و بلوبلو ( الطائر الابيض المسمي طير البقر ) ..
هذان الطائران يتعايشان مع ان احدهم اسود والاخر ابيض .. ويأتوا الي السودان في كل خريف .. فهما معالم قدوم الخريف ..
والعجيب ان مجاميعهما .. تتوزع علي المدن والقري ( كأنما هي تبحث عن الاستئناس بالناس ) ..
والناس في الريف يتضايقون من الطائر الابيض علي الخصوص لانه يلوث الشجرة الموجودة في البيت ..
عندما كنا صغار .. نصطاد بعض العصافير للأكل .. نصنع لها شباك من الخيوط .. كما نصنع اشراكا من سبيب ذنب الحمار ..
الشرك يصطاد طيرة واحدة .. ولكن الشبكة قد تصطاد 10 عصافير في وقت واحد ( قطع سبيب الحمار خطر لانه اذا ضربك جوز يؤذيك أذي قد يكون بالغ )
في بيتنا كان لنا متلة .. وهي اننا نكب حب العيش تحت الشجرة باستمرار حتي تعتاد الطيور ( فتتل علي شجرتنا ) ..
اي تتخذها محطة .. فننصب الاشراك تحتها ..
أما طائر الحوخة فأننا نصطادها للزينة .. مع انواع اخري .. وكثيرون يصنعون اقفاصا من النملي لحبس هذه الطيور ..
ولا أعرف الكروان .. ولا العندليب ولا البلبل .. وهذه الاسماء عرفناها من الادب ... ومن ألقاب الفنانيين ومع ذلك سمعت اصوات ..
طيور كثيرة تنادي .. ولكنها تتحدث بكلام عجمي مثل طيور الباقير ..
عرفت الحيوانات البرية .. في جنينة الحيوانات ..او في رحلات الصيد مع اصدقائنا اولاد الكوارتة ..
الغزلان .. مجموعات القرود .. والحمير الوحشية .. والنعام والزراف .. والثعالب .. وشفت لبوة واحدة ( انثي الاسد ) ..
مع اشبالها في الغابة .. وذلك في منطقة قلع النحل ..
في منتصف الخريف .. كنا نجمع من الاراضي البور ( الحميض ) .. وهو عجور بلدي صغير الحجم .. مثل الخيار ..
ونجد أحيانا .. ( السينات ) وهي قرون تحتوي علي حبوب زيتية دسمة .. ونقتلع جذور الستيب .. وهي من اقارب
البامبي .. الذي يسميه المصريين البطاطا .. ولكن الستيب به شئ من المرارة يمكن ان يشوي او يغلي مع الماء مثل البامبي ..
وكنا نجمع من البور ايضا .. خضروات نابتة اهمها الملوخية والويكة والتمليكة والموليتا ..
وفي الغابة .. واحيانا خارج الغابات .. نأخذ من شجرة الهجليج الظليلة .. ثمرة اللالوب اللذيذة ..
لو اكثر المرء منها يصاب بالاسهال والقليل منها ملين جيد ..
والدراويش عندنا .. يتغنون بسبحة اللالوب ..
ومن شجرة السدر نأخذ النبق .. وهو ثمر لذيذ معدود في علم النبات من عائلة العنب ..
ونتسلق شجرة السنط .. حيث نجد بها كعكول صمغ .. واحد منفرداً .. ونحمل منها القرض الي بيوتنا ..
والقرض دواء كل مرض .. وبعض نساء السودان حينما يضعنه في المبخر يقلن ( القرض شفا المرض ) ..
بخر به النبي ناقته وقامت قبال رفاقته ..
ومن شجرة السنط ايضاً يؤخذ ورقها ويستعمل بشكل ( لبخة ) لعلاج الاورام التي نسميها الدبس وخصوصا في الوجه ..
وتحفر جذور شجرة السنط .. ويأخذ منها ام كبش ناس غرب السودان يسمونها الدمبو ويأكلونها ..
القرض هو انتاج السنط الرئيسي .. وهو سلعة تصديرية .. تستعمل في دبغ الجلود ..
وحطب السنط .. يستعمل في البناء و فلنكات السكة حديد .. ويستعمل وقوداً أو كفحم ..
ومن شجرة التبلدي نأخذ القنقليس .. وهو علبة طبيعية بيضاوية تحتوي علي لب ابيض حامض ..
كنا نستطيبه ..
شجرة التبلدي السمينة الجذع .. يخزنون بها ماء الامطار في غرب السودان ..
في سنة 1935 في قرية العزازة .. قيل .. ان هناك تبلدية في جنينة اولاد فرج أب زيد ..
حفروها بطريقة جعلت تجويفها .. غرفة مربعة جعلوا منها مكتباً لادارة الجنينة ..
ثم حولوها الي اصطبل للحصان ..
أما الدوم .. فقد كددناه كثيراً .. ولم يكن في منطقتنا .. ولكن يحضرونه من غابات اخري بنفس الاقليم ..
وأهل القري يقومون بتصنيع بعض الثمار .. فمن اللالوب يصنعون مربي اسمها ( السرنو ) ..
يضاف فيها الي عجينة اللالوب نواتها الدهنية التي نسميها ( الدملوج ) فتصير وصفة جيدة ضد الامساك ..
وهي تحتوي علي مرارة خفيفة .. والدملوج نفسه يعصر في العصارة مثل السمسم ويستخرج من زيت يصلح للاكل ..
ولكنه اصلح لصناعة الصابون ولغش العطور ..
في منتصف الثمانينات .. كنت مع احدي نساء اهلنا القرويات .. تغسل ملابسها علي شاطئ النيل ..
كانت تستعمل بدل الصابون .. تستعمل أولاً الطين ثم بعد ذلك لحم اللالوب ..
ولما انتهينا .. وقمنا من ظل الشجرة توجعت من الرمضاء .. وكنت حافياً ...
فصنعت لي ( نعال عشر ) .. شجيرات العشر أوراقها عريضة ربطتها لي بعروق الشجر ..
ثم صنعت لي ثلاث شباشب من هذا النوع لانها كانت تتقطع اثناء المسيرة ..
ولذلك فأنني افهم المثل القائل .. ( عمرن .. يكمل نعال العشر )
وانا صغير سمعت من اقاربي القرويين .. انه توجد في مناطقهم فئة من الناس تسمي الزبالعة ..
قالوا ان الزبالعة اذا فاجأتهم المطرة أثناء السفر يتوقف ويقوم برسم دائرة واسعة علي الارض ..
تكفي لوقوف حماره وجلوسه علي فروته تحته وماء المطر لايسقط في تلك الدائرة ..
وقالوا ان للزبالعة طينة عليها طلاسم يعالجون بها الامراض ويحققون بها مختلف الاغراض ..
وقالوا ان الزبالعة تأتيهم الشياطين في شكل كلاب سوداء وتختلي بهم ..
والزبالعة فئة مشهور في منطقة سنار منذ ايام السلطنة الزرقاء وقد دخلوا مع الشيخ فرح ود تكتوك .. في جدال
وقرأت قصتهم في كتاب وحيد زمانه الاستاذ العلامة الطيب محمد الطيب في كتابه عن ود تكتوك ..
وسلمتم ..
هل يعرف احدكم معني كلمة ( كرضل )بفتح الكاف واسكان الراء وكسر الضاد واسكان اللام .. ؟؟؟
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: السنبرية .. والجهنمية .. والقرض .. مذكرات أهل العوض ..!!! (Re: humida)
|
حميدة لك التحية الود أنا لا أعرف الكرضل ، لكني أعرف أن ما كتبته هنا جميل ورائع ، وقد أعادني إلى أزمنة وأمكنة أعشقها ، رأيت أذكرك بطيور الرهو ، والحدية ( الحدأة ) والجرول أو الجبركل ، وعشة أم قيردون ، والفرّة ، وهناك طائر جميل آخر كنا نصطاده ونغني له أغنية وأذكر أننا كنا نسميه ( القدّالي ) والاسم يشير إلى مشيته ، والطعم الذي نصطاده به كان الدود الذي نستخرجه من تحت الأرض الرطبة ، وكنا نقول له : هب يا قدالي هب تحتك دودة هب ما منقودة هب يا قدالي هب يا ود حوة هب شركك لوّا وكأن القدالي كان يستجيب لدعوتنا فيتقدم وهو يقدل في مشيته وينقد الدودة فيمسكه الشركة . وهناك الكثير من الإنشاد للغنم والبقر خاصة عندما يرى الرعاة مواشيهم وهي راتعة أو هي في حالة ( صقع الجرة ) وهي حالة اجترار الطعام . ومن الأزهار الخريفية التي أعشقها ، زهرة البودا ، وهي تعتبر من الطفيليات الضارة بالذرة ، لكنني أحب زهرتها البنفسجية ، وهناك زهرة ( التبر ) بفتح التاء والباء ، وهي زهي زهرة بيضا ناصعة البياض كأنها مغسولة بالكلور ، وتراها بكثافة عالية في خريف الجزيرة ، وفي المناطق المطرية في غرب الجزيرة والنيل الأبيض هناك التروس ( جمع ترس ) وهو حاجز الماء ، وهناك ( التقا ) وهي مكان تجميع الحصاد ، وتصبح في زمن الخريف بركة لتجميع الماء ، وهناك الجرف وهو الموقع المنخفض من البلاد ، ومن مراحل نمو الذرة : الشوكة ، أضان فار ، سوسيو ، فروج ، جداد ، صقّار ، حملة بحاء مكسورة ، لتيبة بإمالة التاء ، شراية ، لبنة وكل حروفها مفتوحة ، ومنها جاء المثل ( بعد ما لبنت نديها الطير ؟ ) ثم يأتينا الفريك وتلي ذلك مراحل الحصاد : وهي القطع ويتم بآلة تسمى ( التّقدة ) واللم وهو جمع السنابل المقطوعة ، ويتم بالقفة والريكة ، ويلي ذلك الدّق ويتم بالمدقاق ، ثم التضرية ويتم بالمضراية ، ولحصاد الذرة والدق والتضرية أدبيات كثيرة ، وغناء وحداء وأذكر بيتا يردده الدقّاق بضم الدال وتشديد القاف الأول : الهندية النضيف جلدك تشابهي الصيد تقول ولدك ليتني أجد وقتا لأستمتع مع المستمتعين بهذا البوست .
| |
|
|
|
|
|
|
|