الديموقراطية والوسطية في السودان ضمانة التعايش السلمي في ظل التنوع

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 10:42 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-15-2008, 05:32 PM

بكرى ابوبكر
<aبكرى ابوبكر
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 18728

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الديموقراطية والوسطية في السودان ضمانة التعايش السلمي في ظل التنوع
                  

06-16-2008, 07:18 AM

كمال علي الزين
<aكمال علي الزين
تاريخ التسجيل: 11-14-2006
مجموع المشاركات: 13386

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الديموقراطية والوسطية في السودان ضمانة التعايش السلمي في ظل التنوع (Re: بكرى ابوبكر)

    الديموقراطية والوسطية في السودان

    ضمانة التعايش السلمي في ظل التنوع







    مقدمة



    التنوع والإختلاف هما سنتان من سنن الله في خلق الكون . أخبرنا بذلك العزيز الجليل في محكم تنزيله في قوله تعالي (إن في خلق السموات والأرض وإختلاف الليل و النهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماْْْْء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون) صدق الله العظيم، (سورة البقرة الآية 164) . وفي قوله تعالي(يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) صدق الله العظيم، (سورة الحجرات الآية 13).

    إقتضت سنة الله في الكون أن خلق الخلائق جميعا وخلق الإنسان وسخر له سائر المخلوقات واستخلفه علي الأرض وطلب منه أن يحسن الخلافة. وحسن خلافة الإنسان في الأرض تكون بالمحافظة علي الناموس الكوني والتعامل مع ما سخره الله لنا بالعدل والقسطاس وتسخير المعطيات الدنيوية لخدمة الإنسان لأجل تمكينه من أداء رسالته الأولي ألا وهي عبادة الله وحده لاشريك له (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) صدق الله العظيم .

    فعلينا أن ندرك أن التنوع هو سنة كونية ، ومن واجب الحاكم إدراك أن حسن إدارة التنوع والإختلاف هو من حسن الخلافة في الأرض حتي يتمكن كل العباد من التوجه إلي أداء رسالتهم الأولي ألا وهي عبادة الله جل وعلا.



    مظاهر التنوع:



    إذا نظرنا إلي ما حولنا لوجدنا أن التنوع هو سمة غالبة في الكون . فيكون التنوع في الطبيعة الحية من حولنا فيما تعارف عليه علماء الأحياء بالتنوع الأحيائي bio-diversity . ومن المعروف لدي علماء الإيكولوجيا أن التنوع هو عامل أساسي من عوامل البقاء. ذلك لأن الكائنات الحية تستفيد من بعضها بعضا كما تستفيد أيضا من عناصر الطبيعة التي تعيش فيها habitat ، فتعطي وتأخذ في عملية تعرف ب symbiosis وهو مصطلح طبي يعني التعايش البيولوجي ، أو تبادل المنافع بين الكائنات. فالتنوع هو سنة كونية راسخة ، وهو عنصر أساسي لحياة و بقاء الكائنات. وينبغي أن يكون كذلك بالنسبة للإنسان : أن يستفيد الإنسان من التنوع و الإختلاف الكائنين فيما بين بني البشر من حيث الأعراق والألوان والملل والنحل والمذاهب والثقافات ، وتسخير كل ذلك لأجل بقاء و إثراء الحياة الإنسانية ، بدلا من إتخاذه عامل صراع ونزاع وهدم.

    ولما كان التنوع شيئا طبيعيا في الحياة الكونية ، ويكون بين المجموعات البشرية في إختلاف مشاربهم ومذاهبهم وأعراقهم و ثقافاتهم وألسنتهم ، يصبح هذا الإختلاف مفيدا أو ضارا بحسب أخذ المجموعة البشرية المعنية بمعطيات هذا الإختلاف وكيفية فهمه والتعامل معه. فإذا ما أدرك أفراد المجموعة البشرية – وخاصة النخب الحاكمة والمستنيرة فيها- أن التنوع و الإختلاف شئ حميد وطبيعي ، و أنه يجب أن يسخر لخدمة المصالح العليا المشتركة لأفراد المجموعة بحيث يتمكن كل فرد من الإسهام بما له من مواهب ومقدرات ، يكون التنوع بذلك حميدا نافعا للجميع ، يشعر كل فرد فيه أن له مكانه الخاص ودوره الخاص الذي يؤديه ومساهمته المتفردة تجاه المجموعة. ينتج من ذلك تكامل في الأدوار complementarity مما يخلق التجانس في المجتمع societal harmony ، فتقل التناقضات وينتفي التضارب Conflicts ويعم الوئام ، ويرتقي الإنسان في فهمه لوجوده ورسالته ألا وهي عبادة الله وحده لاشريك له فيتوجه لأداء رسالته هذه بفهم وبصيرة.



    أما إذا فهم أفراد المجموعة- في المقابل – أن التنوع هو مصدر للإختلاف وتضارب المصالح ومبعث للتنازع علي الموارد ومراكز القوة والسلطة والمال يحدث هناك تسارع شديد في وتائر الإستقطاب والتكتل ، وتظهر بؤر الصراع بين المجموعات المختلفة ، كل يسعي إلي حشد قوته و طائفته ومناصريه لخدمة مذهبه أو قبيلته أو ثقافته، ويقوم بإقصاء و إلغاء الآخر بشتي الطرق والوسائل في سعي دؤوب لتحقيق التفوق علي الآخرين. وإذا ما

    تحقق التفوق لمجموعة ما علي غيرها من المجموعات لا يكون مثل هذا الوضع مستداما ، بل يكون مضطربا دوما نظرا لأنه لا يقوم علي تراض وقبول consent من قبل المجموعات الأخري. وفي ظل عدم الرضا وعدم القبول من جانب المجموعات الأخري ، فإن المجموعة التي حصل لها التفوق تجد نفسها دوما في موقف مضطرب وجل تستشعر الخوف والقلق وعدم الأمان تتوجس ردة فعل المجموعات الأخري المنافسة. ولكي تحافظ علي إستدامة تفوقها تقوم بإستخدام كافة وسائل القمع والبطش والتهميش و الإقصاء والعنف ضد مناوئيها .

    وتكون النتيجة أن كل المجموعات المكونة لمثل هذا المجتمع تضع نفسها في حلقة مفرغة من الصراعات والمواجهات ما ينتج عنه حالة مستديمة من عدم الإستقرار chronic instability لا فكاك منها ما دام هذا الفهم لسنة التنوع قائما . وبمثل هذا الفهم يصير التنوع شيئا ضارا بالمجموعات البشرية ، ومصدرا للتناحر و الإقتتال المستمرين، ويبقي معول هدم فيتأخر نمو وتقدم المجموعة كلها ، لما يصيبها من شلل تام جراء الصراعات المستمرة.

    نخلص من هذا أن السودان بتنوعه العريض الماثل في التعدد الإثني واللغوي والثقافي والديني والمذهبي لايمكن حكمه و إدارته بواسطة مجموعة أو فئة بعينها، أو بفرض حكم شمولي أو منهج أيدولوجي أحادي لا يستوعب حقائق الواقع بتنوعه الواسع. ونرجو أن نخلص إلي نتيجة أن النهج الأسلم والأقوم لحكم و إدارة السودان يكون في إتباع الديموقراطية في الحكم والوسطية في أخذ أمور الدين. الديموقراطية تضمن تمثيل كل الطوائف ومكونات المجتمع في مؤسسات الحكم ، بما يضمن حقوق المواطنين ويصون حرياتهم ومساواتهم في الحقوق والواجبات. والوسطية في أخذ أمور الدين تضمن إحترام كل المذاهب في غير ما شطط أو مغالاة ، وبفهم متسامح ومنفتح علي العالم الآخر في غير عداء أو كراهية للمذاهب والأديان الأخري.





    التنوع في السودان:



    السودان هو أحد أكثر بلدان العالم تنوعا في تركيبته السكانية من حيث أعراقهم وثقافاتهم ولغاتهم ومذاهبهم . نجد السلالات النوبية التي تتصل بالسلالات المصرية القديمة، إختلطت هذه المجموعات بالعنصر العربي. ثم نجد المجموعات النيلية Nilotics التي قطنت علي إمتداد النيل منذ أقدم العصور. كما قطنت المنطقة الصحراوية الواقعة إلي الغرب من النيل المجموعات النيلية- الصحراوية Nilo Saharans التي تنتمي إليها كثير من القبائل في دارفور وهي مجموعات حامية مثل الزغاوة والميدوب والبديات. كما أن مجموعات النوبة التي تقطن الآن مناطق جبال النوبة تشير الدراسات إلي إنتمائها للمجموعات النوبية علي النيل في الشواهد اللغوية والعادات.

    المجموعات العربية المنتشرة في بقاع السودان تنتمي في غالبيتها إلي قبائل جهينة وفزارة وبني هلال التي دخلت السودان من شمال وشمال غرب أفريقيا. كما نجد المجموعات الحامية في شرق السودان مثل البجا . هذا التنوع الإثني الكبير تتقاطع معه تقاطعات ثقافية ما بين ثقافة عربية /أفريقية مع أخري عقائدية من معتقدات إسلامية/مسيحية/ طبيعية. هذه التقاطعات تزيد من عمق التنوع وثرائه وتعقيداته، خاصة عند أخذ مسائل الحكم والسلطة والتحكم في مصادر الثروة.



    دور النخب الحاكمة والمستنيرة في إدارة التنوع:



    يرشدنا علم السياسة إلي أنه في ظل التنوع تقع مسئولية كبيرة علي عاتق النخب الحاكمة والمستنيرة establishment & the intelligentsia the ruling في إدارة التنوع. إذ يقع عليها إيجاد صيغة توفيقية للتعايش السلمي يتواضع عليها الجميع. فلا بد أن يكون هناك إجماع consensus علي الحد الأدني من القواعد المشتركة تتواضع عليها كل المجموعات يرضي بها الجميع consent حتي يتسني إبرام عقد إجتماعي social contract يضمن التعايش بين مكونات المجتمع. تفترض هذه الصيغة أن يكون هناك توجه فكري عام يحدد الإطار الثقافي والعقدي والأخلاقي تتوافق عليه المجموعة ويرتضون به كإطار عام يحكم حياتهم ومعاملاتهم. هذا الإطار العام mainstream ideology لكي تقبل به المجموعات المتباينة هو مسئولية النخب المستنيرة والمؤسسة الحاكمة في المقام الأول ، يستوجب علي النخب أن تكون قادرة ومستعدة لخلق البيئة المناسبة لإستيعاب المتناقضات الموجودة في المجتمع contradictions عن طريق الإقناع والتراضي persuasion . kما يستوجب علي المجموعات المتباينة أيضا أن تدخل في عملية حوار و مساومة negotiation مع السلطة القائمة ومع بعضها بعضا بغية الوصول إلي الصيغة المثلي التي تؤمن للمجموعة مصالحها في ظل الظروف القائمة تحت مظلة من التوافقات والتسويات compromises .



    النخب الحاكمة في البلدان ذات التنوع الكبير تواجه بخيارين في إدارتها للتنوع:

    1- أن تعتمد الحوار و لإقناع persuasion لخلق مظلة مشاركة عريضة تستوعب جل التناقضات في المجتمع ، يقبل بها الناس علي إختلافهم ويكون هناك تراضي وإجماع بما يضفي الشرعية legitimacy علي نظام الحكم ، فيعم الإستقرار ولأمان.

    2- أن تتبني خطا أحاديا في توجيه الحكم والثقافة لتقوية وتغليب طائفة أو منهج بعينه، ويتم كبت أو تهميش وإقصاء المجموعات الأخري والمكونات الثقافية ولإجتماعية الأخري في مسعي( لتوحيد) توجه الأمة وصهر التناقضات في صعيد واحد – غالبا ما يولد مثل هذا المنهج السخط discontent ويقود إلي الثورة من قبل المجموعات التي يتم تهميشها . حينئذ تلجأ السلطة إلي إستخدام القوة القاهرة co-ercive force لفرض النظام بالقوة. وفي هذه الحال ينعدم الإستقرار ، وتكثر التصدعات في المجتمع وتنتفي الشرعية.



    يتضح أن الخيار الأول هو الأمثل لأي حكم ينشد الرشد والصلاح في البلدان ذات التنوع الكبير . وليس غريبا أن بلدا مثل الولايات المتحدة الأمريكية تضم في داخلها تقريبا كل الثقافات في العالم والأديان والأعراق ، تمثل في تنوعها كونا مصغرا micro- cosm لم يمنعها هذا التنوع العريض من أن تعيش سائر مكونات المجتمع الأمريكي في سلام ووئام . بل أن هذا التنوع كان مصدرا للإثراء الفكري والمعرفي والإبداعي سخرته النخب الأمريكية الحاكمة والمستنيرة لخدمة مجتمعها ومواطنيها ، ومكنها من أن تحقق هذا الإستقرار والتقدم والرفاهية حتي صارت القوة الأولي في العالم اليوم – تفرض هيمنتها علي العالم كله. كل ذلك لأن النخب الحاكمة والمستنيرة إعتمدت خيار القبول بالتعددية والتنوع وإستطاعت أن تؤسس مبدأ الحوار والإقناع لخلق الإجماع الوطني ، وتوظيف التنوع لتحقيق الأهداف القومية العليا والرفاهية للمجتمع.



    الخطأ التاريخي الذي إرتكبته النخب السودانية وفشلها في إدارة التنوع:



    سعت النخب الحاكمة والمستنيرة في تاريخ السودان المعاصر إلي تقوية وتغليب شوكة العنصر العروبي الإسلامي علي مجريات الأمور وتوجهات الدولة في الحكم والثقافة . وهي في سعيها لتثبيت هذا التوجه نحو خلق هوية قومية وقعت في خطأ تهميش المجموعات والعناصر الأخري الكثيرة التي تشكل التنوع الكبير الذي أشرت إليه آنفا . تجدر الإشارة هنا إلي أن الغلبة التي تأتت للعنصر العروبي – الإسلامي في السيطرة علي مقاليد الحكم وموارد الثروة في السودان، هذه الغلبة أتت بطريقة سلمية نتيجة التمازج بين العرب والمسلمين وتلك المجموعات الأصلية indigenous groups التي كانت تقطن هذه البلاد، حيث دخلت جل هذه المجموعات النوبية والأفريقية والنيلية والصحراوية في الإسلام، وتبنت الثقافة العربية ، وصارت مجموعات معربة Arabised . هذه الحقيقة تشير بوضوح إلي أنه لم تكن هناك مشكلة في القبول consent

    أو الإجماع العام consensus حول التوجه الفكري العام لشكل الدولة mainstream ideology .

    لم تكن هناك مشكلة مطلقا أو إختلاف حول الثوابت القومية الجامعة لغالب أهل السودان. إذ صارت غالب المجموعات السودانية تدين بالإسلام وتتشرب بالثقافة العربية وتتحدث اللغة العربية بلهجات مختلفة و أصبحت اللغة العربية هي لغة التخاطب والتواصل Lingua Franca بين هذه المجموعات التي تتحدث أيضا لغاتها الأم .

    وفي الحال هذه كان من السهل علي قيادة حكيمة ومتبصرة أن تخلق إجماعا قوميا عريضا يستوعب غالب مكونات المجتمع طالما أن غالبية الناس لا خلاف بينهم حول ثوابت الدولة. وهذا بالضبط ما حدث بقيام الدولة المهدية . ففي سنوات قلائل إستطاعت الدعوة المهدية أن تخلق ذلك الإجماع و أن تقوم الدولة المهدية قوية راكزة إلتف حولها كل أهل السودان حين دعاهم حادي المهدية للإلتفاف حول الإمام المهدي الذي جسد القيم الأساسية التي يؤمن بها عامة أهل السودان. أمكن خلق ذلك الإجماع العريض لأن الرسالة المهدية الأنصارية قامت علي الوسطية في أخذ أمور الدين ، وفي إحترام الإختلاف في المذاهب ، فلم تمنع الطرق الصوفية ولم تحجر علي المذاهب الأخري فهمها لأمور الدين ، فأقرت مبدأ التسامح والتعايش في ظل الإختلاف ، رغم أن بعض هذه الطرق ناصبها العداء ووقف في خندق المستعمر. كما قامت علي إحترام التنوع والتعددية بين مكونات المجتمع دونما تمييز بين الناس. ولعل إختيار الإمام المهدي لخليفته من غير أهله أو قبيلته أو جهته أبلغ دليل علي إحترام التنوع. كما نادت الرسالة المهدية بالإنفتاح علي الآخر والأخذ بمعطيات المعاصرة دونما تفريط في ثوابت الأصل المستمدة من القرآن والسنة (راجع كتابات الإمام الصادق المهدي: الأصل والعصر).

    إن الخطأ الفادح الذي إرتكبته النخب الحاكمة في تاريخ السودان الحديث هو بعدها عن النهج المهدوي التوفيقي الذي هو الأوفق والأمثل لمثل ظروف السودان في تعدد وتنوع مكوناته. خطا تدفع البلاد ثمنه الآن باهظا إرتكبته النخب الحاكمة في إعتمادها الخيار الإقصائي ، خاصة في ظل الأنظمة العسكرية الشمولية وعلي نحو أخص في عهد حكومة الإنقاذ في إتباعها توجها فكريا أيديولوجيا أحاديا في نظام الحكم وتوجه الدولة. إتبعت هذه النخب منهجا ليس فقط إقصائيا متعسفا إستبعد غالب المكونات الأخري ، بل سعي جاهدا لتكريس الجهويات والقبليات وإتباع سياسة (فرق تسد) وضرب المجموعات ببعضها بعضا . والنتيجة الطبيعية لمثل هذا التوجه هو زيادة وتيرة التناقضات contradictions وتأجيج الصراعات conflicts بين مكونات المجتمع. وبهذا الفهم الخاطئ بدلا من أن تسعي النخب الحاكمة لخطب ود مواطينيها ومد جسور التواصل مع كافة المجموعات لخلق إجماع يعطيها الشرعية في إدارة شئون العباد، بدلا من ذلك لجأت هذه النخب إلي إستخدام القوة القاهرة لفرض النظام وكسب الشرعية بالإعتماد بصفة أساسية علي فوهة البندقية. والنتيجة الحتمية لتبني هذا النهج هو إستشراء السخط العام بين المجموعات الكثيرة التي تم إقصاؤها وهمشت ، وهضمت حقوقها وغابت عن التمثيل في مؤسسات الحكم ودوائر إتخاذ القرار ، وشعرت بالغبن والظلم فتمردت علي سلطان الحكم و حملت السلاح لرد إعتبارها و أخذ حقوقها. فانعدم الإستقرار وانفلت الأمن وغاب القانون وضربت الفوضي أطنابها في كل ركن. وبهذا فقد إنتفت الشرعية عن نظام الحكم القائم.

    ما نراه ماثلا أمامنا الآن من فوضي وإحتراب وتصدع في بني المجتمع ما هو إلا نتيجة حتمية للخطأ الفادح والفشل الذريع في إتباع نهج إقصائي لا يعترف بالتعددية والتنوع ووجود الآخر. وسيظل هذا الوضع قائما ومستفحلا ما لم يتم تغيير هذا المنهج ، وتغيير النخب الحاكمة ما بأنفسهم وتتبني نهجا توفيقيا يعترف بالآخر ويؤسس للتنوع والتعددية في ظل نظام حكم ديموقراطي يضمن التمثيل لكافة مكونات المجتمع السوداني ويصون حقوق المواطنة دونما تمييز. لاشك تبقي الديموقراطية هي الطريقة المثلي لضمان تمثيل كافة مكونات المجتمع، والوسطية في أخذ أمور الدين تبقي هي الضامن لوحدة الأمة.

    إن التغيير المنشود يتطلب أولا أن تتحرر النخب السودانية الحاكمة والمستنيرة من ضيق الأفق وضيق الصدر وشح النفس وحب الذات فلا يغير الله ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم . ثم يتطلب أن يقوم علي أمر العباد والبلاد نخبة مستنيرة ذات بصيرة و رؤية Vision مهتدية بنور الحكمة متدثرة بالتجرد وحب الوطن والمثل العليا وحب الخير وخدمة العباد لتمكينهم من أداء رسالتهم الدنيوية في عبادة الله لا طمعا في سلطة أو جاه بل إبتغاء لمرضاة الله، محصنة من ضيق الصدر وشح النفس الذي هو سمة النخبة الحاكمة الآن ما أورث البلاد والعباد كل هذه الويلات والمحن الملمات.









    د. أحمد حمودة حامد

    مدينة الجبيل الصناعية- المملكة العربية السعودية

    الثلاثاء 8/4/2008 الموافق 2 ربيع الثاني 1429ه







                  

06-16-2008, 09:40 AM

اسامة الكاشف
<aاسامة الكاشف
تاريخ التسجيل: 06-13-2008
مجموع المشاركات: 911

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الديموقراطية والوسطية في السودان ضمانة التعايش السلمي في ظل التنوع (Re: كمال علي الزين)

    دون شك هذه أم القضايا في السودان
    أزمة نظام الحكم وفشل النخب (على رأي د. منصور خالد)
    في إيجاد التركيبة السياسية الناجعة
    بحكم قوانين التاريخ والجغرافيا
    النظام الديمقراطي هو الأمثل لحكم السودان
    جغرافياً .. نجاور ثمان دول بيننا وبينهم تداخل إثنى كثيف
    مئات القبائل وآلاف البطون والأفخاذ تنتشر على مدى مليون ميل مربع
    هجرات تاريخية مهدت لهجنة متفردة..
    هل نحن شعب أم أمة؟
    يجب أن تتاح الفرصة الكافية "لصراع الثقافات والهوية السوداني"
    ولا أقول التزاوج
    هو تلاقح إقصائي.. لا بد من أنه سيفرز يوماً ما نمطاً سائداً متفق عليه
    ستبقى في ذاكرة المتاحف وفرق الفنون الشعبية بعض آثار
    لانماط ثقافية لم تتمكن من مقاومة عوادي الزمن
    بالطبع نحن مسئولون عن الحفاظ عليها
    لكن يجب علينا الوصول معاً إلى كلمة سواء
    تجب لحظة الغفلة التاريخية
    وتشرع النوافذ لهوية مشتركة
    لا أقول ذوبان.. أو إنصهار
    أنها قواسم مشتركة تمكننا من التعايش معاً
    وأن يتقبل كل من الآخر على قدم المساواة
    ألا يستفزكم هذا الخطاب العنصري الجهير
    حتى على صفحات هذا المنبر
    هذا هو الانعكاس الفعلي للهيمنة الثقافية
    وعدم اتاحة الفرصة للآخرين للتعبير عن ذواتهم
    لا توجد ثوابت سياسية واجتماعية
    عدا ما سيقره الدستور ونتفق عليه جميعاً
    إعلاء شأن المواطنة والخروج من ظلال الرماح المحمولة على أسنة المصاحف
    هو أولوية قصوى لضمان الوحدة
    حتى النهج المهدوي (الذي استند إليه المقال) مارس الإقصاء العرقي
    وأورث "الأضان الحمراء" فزعاً تاريخياً
    نحن لن نحاسب التاريخ بمنطق اليوم
    بل نقرأه في إطاره الزمني
    لكن يجب استصحابه للخروج من هذه الوهدة
    التي ظللنا نقبع فيها
    تطبيقاً للتعليمات العسكرية "مكانك سر"
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de