إنقلابات تركيا : من عدنان مندريس 1960 إلى رجب طيب أردوغان 2008

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 11:41 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-08-2008, 12:59 PM

كمال حامد
<aكمال حامد
تاريخ التسجيل: 06-06-2008
مجموع المشاركات: 595

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
إنقلابات تركيا : من عدنان مندريس 1960 إلى رجب طيب أردوغان 2008

    كان عام 1923 نقطة تحول في تاريخ الإسلام عموما وتركيا على وجه التحديد ، ففي ذلك التاريخ وبطريقة ديمقراطية جدا ومن داخل البرلمان العثماني صدر قرار إلغاء نظام الخلافة وقيام الجمهورية التركية بقيادة كمال مصطفى أب الأتراك (أتاتورك )
    وعبر السنين واصلت الجمهورية الجديدة وبشكل قمعي تأطير واقع سياسي وثقافي مختلف جدا باستخدام سياسة الحديد والنار. تم أعدام المئات من رجال الدين والخطباء والوعاظ ممن حاولوا مقاومة السياسة الجديدة ، ويومها لم يكن هناك ما يعرف بجماعات حقوق الإنسان أو منظمات المجتمع المدني وماشابه ذلك من مسميات ،و ظل حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه أتاتورك يحكم تركيا حتى عام 1945
    في عام 1945 وتركيا يحكمها حزب الشعب الجمهوري برئاسة عصمت إينونو وريث أتاتورك وشريكه في مناورات إسقاط الخلافة ، أتخذ أحد نواب هذا الحزب في البرلمان قرارا بالخروج من الحزب وتشكيل حزب جديد مع عدد من زملائه.
    كان إسم ذلك المتمرد :عدنان مندريس ، وكان إسم الحزب الجديد :الحزب الديمقراطي ، أملا في ديمقراطية حقيقية سرعان ما سيتضح أنها كاذبة طالما حاولت التمرد على الدين العلماني الجديد.
    لم تمض بضعة أعوام حتى فاز حزب مندريس بأغلبية ساحقة مكنته من الحكم عام 1950 ، ولم تكن أهم وعود حملته الإنتخابية تتجاوز سقفا غاية في التواضع : أن يعود الأذان باللغة العربية بدلا من التركية ، وأن يسمح للأتراك بقرءاة القرآن باللغة العربية كما أنزل على رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
    ولم يكد عدنان مندريس يتولى الحكم حتى شرع في تنفيذ وعود حملته الإنتخابية ويالها من وعود تبدو في غاية البساطة ، لكنها تكشف مدى تسلط الأتاتوركية وتحويرها لأبسط مبادئ وممارسات الإسلام.
    فأولا أعلن مندريس إعادة الأذان باللغة العربية كما وعد ، ثم سمح بإعادة قراءة القرآن الكريم باللغة العربية بدلا من الإكتفاء بقراءة ترجمة معانيه باللغة التركية ، وللقارئ أن يتصور كيف أن الجهد قد بذل ليس فقط لإلغاء الخلافة ، بل لإستيلاد نسخة محلية للإسلام تركية اللغة علمانية الهوى. ولم يكتف مندريس بهذه التجاوزات الخطيرة والموبقات الكبرى ، بل سمح بإعادة فتح أول معهد لتدريس علوم الشريعة منذ عام 1923 إضافة إلى بعض مراكز تعليم القرآن الكريم .
    كان واضحا أن مندريس صدق أن الديمقراطية التي أتت به إلى الحكم ستوفر له غطاءا من الحماية.
    إستمر مندريس يحكم لمدة 7 أعوام ، وبالرغم من النجاحات الإقتصادية والتنموية التي تحققت في عهده ، إلا أن القوى العلمانية الرافضة لتوجهاته قامت بالتجمع وتأليب الجيش والتظاهر وإثارة أعمال الشغب الأمر الذى أدى إلى تحرك الجيش ومن ثم شاهد العالم الإنقلاب العسكري الأول في تركيا عام 1960. أي أن ما حدث ذلك الوقت كان نسخة لما سيتكرر بعد خمسة عقود قادمة حين قامت قوى الشارع العلماني في تركيا بإنزال جماهيرها للشارع إحتجاجا ورفضا للممارسة الديمقراطية حين أصدر البرلمان التركي قراره سبب الأزمة الحالية في العام 2008م
    ومن المؤكد أن الأمر في زمان عدنان مندريس لم يكن ببساطة روايتنا وإختصارها هنا ، فمن المؤكد أن إشارات كثيرة قد أرسلت من وراء الحدود وأن أضواءا خضراء قد أنيرت من هنا وهناك.
    لم تمض أيام على ذلك الإنقلاب حتى تم إعدام عدنان مندريس مع بعض وزرائه بتهمة محاولة تغيير النظام العلماني ، أو بالأحرى تهمة الإرتداد عن الدين العلماني الجديد.
    بعد عام واحد فقط وبانتخابات (ديمقراطية) عاد حزب الشعب الجمهوري للحكم وعاد عصمت إينونو يحكم من جديد ، وكرت السنوات.
    وفي عام 1965 وفي إنتخابات نيابية فاز حزب جديد هو حزب العدالة بقيادة سليمان ديميريل
    إشتهر تخرج سليمان ديميريل بلقب : ملك السدود ، إذ تخصص في هذا المجال وأكتسب بسبب نجاحاته الهندسية شهرة كبيرة لعبت دورها لاحقا فى صعود نجمه السياسي ،وكان من زملائه في الجامعة كلا من تورجوت أوزال ونجم الدين أربكان واللذان سيحاول كلا منهما مستقبلا نفخ الروح في جسد الإسلام الإسلام المنهك في تركيا بطريقته الخاصة.
    إنشغل ديميريل بالتنمية وبناء الطرق والسدود وتطوير الصناعة ، واستمر يحكم حتى 1970 ، ثم فقد الحكم بسبب صراعات الإسلاميين حول الأحقية في وراثة حزب مندريس ، وعاد بعد سلسلة من المخاضات والمناورات والتحالفات للحكم من جديد عام 1975م ، ولسنوات ظل الحكم متعاقبا بينه وبين حزب الشعب الجمهوري الأتاتوركي لعدد من المرات . وخلال كل تلك السنوات كان نجم نجم الدين أربكان زميل ديميريل في الجامعة والذي سيؤسس لاحقا حزبه الإسلامي :حزب الرفاه يسطع شيئا فشيئا في سماء السياسة التركية.
    على أن الظاهرة الجديرة بالتوقف عندها لبعض التأمل فيما يتعلق بقيادات الأحزاب الإسلامية في تركيا ، هي السيرة الذاتية العامرة بالتفوق الأكاديمي علاوة على النجاح في خدمة المجتمع خارج إطار المنصب الحكومي ، إضافة إلى مقدرة الإحزاب ذات التوجه الإسلامي في تركيا ومنذ عهد مندريس ( والذي لم يلعن عن نفسه إسلاميا أبدا) على امتصاص الإحباطات وتحديد الأولويات الإستراتيجية بوضوح شديد ، ونضرب في السياق التالي هذين المثالين.
    الأول هو التحالف بين نجم الدين أربكان الإسلامي وبولنت أجاويد الأتاتوركي عام 1973: في خضم فترة من عدم الإستقرار السياسي في عام 1973 ، تصاعدت الأحداث في جزيرة قبرص واشتد النزاع بين القبارصة الأتراك والقبارصة اليونانيين وبدأت تباشير الحرب الأهلية والتي كانت ستؤدي إلى إبادة وتهجير العنصر التركي الأمر الذي كان يعني نهاية وجود المسلمين في الجزيرة ، في تلك الفترة الحرجة والخلافات السياسية تعطل تشكيل حكومة ، قفز نجم الدين أربكان فوق كل التوقعات ليتحالف مع حزب الشعب الجمهوري وريث الأتاتوركية بقيادة بولنت أجاويد من أجل تشكيل الحكومة للخروج بالبلاد من حالة الفراغ الدستوري ، وحالما تشكلت تلك الحكومة فإن أول قرار إتخذته كان إنزال الجيش التركي في قبرص الأمر الذي أدى إلى إنقاذ الأقلية التركية في الجزيرة وإلى قيام جمهورية قبرص التركية المنعزلة التي لم يعترف بها أحد حتى يومنا هذا.
    الثاني هو السيرة الذاتية لنجم الدين أربكان : فالرجل كان متفوقا أكاديميا وناجحا مهنيا بل وصاحب إبتكارات جديدة في مجال الصناعة ، وحين أكمل سنوات التخصص في ألمانيا وعاد ليواصل مسيرة التفوق العملي في تركيا ، أسس مع عدد من زملائه شركة تخصصت في صناعة محركات الديزل ما زالت حتى هذه اللحظة من كبرى شركات تركيا في هذا المجال ، أي أن الرجل لم يكن بحاجة لأن يسترزق من ممارسة العمل السياسي ، وبهذا يكون متحررا من ضغوط كسب العيش فيما إذا فقد وظيفته الحكومية لأية سبب من الأسباب وما أكثرها خاصة في بلد مثل تركيا.
    ونعود إلى السياق مرة أخرى لنتابع سنوات من تعاقب الحكم بين ديميريل تارة والأتاتوركيين إلى أن قام الجيش بإنقلابه الثاني عام 1980 ليحكم بعدها لمدة 3 أعوام إنتهت بعودة ديمقراطية الدين العلماني ولتبدأ فترة حكم تورجوت أوزال والذي كان إسلاميا ناعم الملمس جدا وحكم من عام 1983 إلى عام 1989 م وقام بأداء فريضة الحج فأنفتحت عليه أبواب الجحيم من الأتاتوركيين الذين اعتبروا حجه مستفزا ومنافيا لمبادئ العلمانية .
    وفي عام 1996 تولى حزب الرفاه بقيادة نجم الدين أربكان الحكم ولكن لفترة عام واحد فقط أجبرته بعدها المؤسسة العسكرية على التنحي وتم حل الحزب ومنع أربكان من ممارسة السياسة وبهذا تم وضع حد قصة نجم الدين أربكان الطويلة والمتشابكة تشابك وتعقيد السياسة في تركيا بأكثر مما يحتمل مثل هذا المقال استعراضها بجميع تفاصيلها ، ونختصر ونقول أن نهاية أربكان على المسرح السياسي لم تكن سوى إيذان لبروز آخر لا يعرف الكلل ولا الملل ولا التهور ، وهو حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أردوغان وعبد الله غول.
    وتارة أخرى ومع الكثير من المرونة والنجاحات التنموية أيضا ، تبدأ محاولة استرجاع الهوية باستخدام سلاح الديمقراطية حين أجاز البرلمان التركي قرارا يسمح للفتيات التركيات بدخول حرم الجامعات مع الحق في إرتداء الحجاب ، ومرة أخرى تتحرك القوى الأتاتوركية المتنفذة وتثير الجماهير للخروج للشارع ، وكن هذه المرة جاء الإنقلاب على نمط جديد مختلف جدا ، جاء بواسطة المحكمة الدستورية التي أصدرت يوم 5 يونيو 2008 قرارا بإلغاء قرار البرلمان المذكور آنفا ، وبذلك تسجل سابقة لا مثيل لها في فلسفة الديمقراطية التي يعتبر مجلس الشعب فيها أيا كان إسمه جهة التشريع العليا بالبلاد ، والمحكمة الدستورية تفصل في النزاعات بناءا على تشريعات تصدر من البرلمان.
    من يحكم تركيا : المحكمة الدستورية أم البرلمان ؟ أم الجيش متخفيا خلف المحكمة الدستورية ؟ أيا كانت الإجابة فإن الواضح أصلا ومنذ أيام عدنان مندريس والذي يتضح أكثر من ذي قبل في أيام رجب أردوغان ، أن العلمانية في تركيا ما عادت أسلوبا للإختيار الحر ، بل أسست لنفسها بصفتها دينا جديدا له ثوابته التي لا ينبغي المساس بها ، لأن من أهم صفات الدين أو الشريعة المنزلة:أن ثوابتها تعلو على حكم الشعب.

    كمال حامد عبد الرحمن
    الخرطوم – 8 يونيو 2008م
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de