|
شمعة في وجه الظلاميين
|
امتلأ عالمنا حتى أخره بالمتناقضات!؛ حتى تاهت خطى المعاني عن الوصول إلى جوف الألفاظ؛ وظلت الألفاظ خاوية إلا من خيوط العنكبوت، وافتراءات البشر!!..
فنحن نسمع عن حملة عسكرية دافعها الشفقة بأهل العراق تسعى لتخليصهم من قبضة الطاغية الظالم (صدام حسين) الذي قتل منهم بضع آلاف في (حلبجة)، وبضع عشرات في (الدجيل)؛ بحجة أنهم خانوه؛ وحاولوا اغتياله!!.. ولكن أمريكا - التي جاءت من أقاصي الدنيا وهي ترفع شعار الرأفة المفرغ إلا من عصير القسوة، والموت الأسود، والدم الأحمر - ماذا سيكون جوابها إذا سُئِلَتْ عن هذا الكم الذي لا يحصر من القتلى، والجرحى، والمشردين؟، ولماذا استخدمت الفسفور الأبيض في قتل أناس تزعم أنها جاءت لتخلصهم؟!..
إن هذا كله خداع!!.. إنها جاءت لتخلص العالم منهم؛ لأنهم مسلمون!!..
إن أمريكا وغيرها من أعداء الدين، والإنسانية يستخدمون الألفاظ الحسنة في تمرير النيات السيئة، وتبرير الأعمال الإجرامية.
جاء في التقارير الدعائية العسكرية في تبرير الحملات الهمجية الأمريكية على بعض الشعوب الإسلامية: (إن الحرب المقدسة جاءت لنشر الحرية في الشعوب المستعبدة)!!..
اقْرَأ الواقع!؛ لتستعيد ترتيب هذه الجملة؛ لتصير: (جلب الاستعباد للشعوب الحرة)!؛ فسجون العراق ملئت حتى نادت بمزيد من السجون الإضافية، والانتخابات يراد لها أن تخرج كما تريد أمريكا لا كما يريد الشعب العراقي؛ وهذا ليس من الحرية في شيء؛ لذلك يتم التأخير، والتزوير.
إن تعبئة الألفاظ بمعاني لا تناسبها هي سمة بارزة لعالمنا اليوم؛ فمثلا: (قوات الاحتلال الإسرائيلية تقتل الإنسان، وتجرف الأراضي، وتقطع الأشجار، وتصادر الأموال، وتقيد حركة المرور، وتعطل الناس عن العمل، وتخنق فلسطين بسلاسل من المراقبة الجوية، والبرية، والبحرية)؛ ويسمي العالم كل ذلك الإذلال والإرهاب والإجرام بـ (إجراءات سلامة للكيان الصهيوني, وعملية شرعية - يتحد فيها المنطق، والمعنى، واللفظ، والعقل - من أجل رد العدوان)!!.. عدوان بأبسط أنواع الأسلحة (الحجارة) يصيح على إثره العالم المخمور الذي يحسب الديك حمارا!!.. أ هذه عملية إرهابية؟!.
علَّمنا التاريخ أن بعض أفراد العالم - ومنذ فجر تكوينه - إذا أرادوا أن يحاربوا الحق اضطروا للتنصل عن معاني الألفاظ، أو استخدموها في غير مكانها!!.. ومثال ذلك ما ورد في القرآن الكريم عن قصة هابيل وقابيل، وكذلك قوله تعالى: (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون)!!..
درج بعض كتاب الصحافة - تمشيا مع نبض العالم، وتقليدا له في تفريغ المعاني؛ وتعبئة الألفاظ بما يناسب المزاج - على تسمية الأئمة بالظلاميين، وبعض الوزراء - أصحاب التدين، والخلق - بأصحاب الهوس الديني!!.. وأنا والله أحتار غاية الحيرة من هذه الجراءة!؛ كيف لسكير؛ كثير الغثيان أن يقول مثل هذا الكلام على رجل رطب اللسان بذكر الرحمن، وقراءة القران؟!، كيف لمن يقوم الليل؛ تعلو أنفاسه وتهبط انفعالا مع ما تقذفه القنوات الفضائية الفاسدة وغير الفاسدة أن يقول مثل هذا الكلام على من يقضي ليله تهجدا، وتبتلا؛ ويدرك الفجر حاضرا؟!.. (ظلاميُّون) لفظة تناسب كل داع لتحرير الإعلام ليعكس للناس واقع الغرب بكل سفوره وفجوره، وكل داع لتحرير العقل من كل الحواجز حتى يعمل في مدى أكبر من مداركه وطاقته؛ ولا مانع عنده من أن يتكلم في ذات الله بما يشير عليه عقله؛ وإذا سئل: (هل أنت مسلم؟!) قال: (لا داعي لخلط الأوراق؛ المسألة مجرد فكرة، والإسلام يحترم الأفكار)!!..
ظلامي كل من دعا لتحرير المرأة من قيود الدين حتى تكون بين يديه دمية عارية عن الكرامة مثلما هي عارية عن الثياب.. ظلامي كل من ينادي بإقصاء نصوص الدين، وإبعاد المتدينين عن سدت الحكم.. ظلاميُّون من قالوا: (إن الخلافة وَهْمٌ، وأساطير؛ وأن الجهاد ما عاد له في هذا العالم المتحضر مكان).. ظلاميُّون من عشقوا معانقة أضواء الكاميرات وهم في رقص مع المغنيات، وابتهاج بالممثلين والممثلات.. ظلاميُّون من أرادوا للإنسان أن يكون حيوانا؛ لا هَمَّ له إلا بطنه وفرجه!!..
بشرى سارة للإظلاميِّين!؛ لارتباط هذه العلامة (تعبئة الألفاظ) بِدُنُوِّ وقت التغيرات الإلهية؛ والرجوع بالبشرية إلى محطة الإسعاد؛ قبل أن تسقط في شفير الهلاك؛ جراء أفعال الظلاميِّين (شذوذ جنسي, أمراض فتاكة, مخدرات, قوانين تشريعية لحماية المثلين, انعدام للأسرة، حروب طاحنة، و... إلخ)!!..
ستشرق شمس الفضيلة من جديد؛ دونما استئذان، أو استجداء؛ ولا يضرها ضباب لندن، وعشاق لندن، ولا دعاية هوليوود، وعشاق هوليوود.. وأَقْتَرِحُ على الظلاميِّين استخدام العربات المظللة، والنظارات المظللة؛ علها تخفف عليهم وهج شمس الحق, وتوهمهم بأنهم ما زالوا يعيشون في الظلام!!..
الجيلي حامد
|
|
|
|
|
|