|
|
 السكرة.. الوراها اللوم!
|
الأعاريب في صحراء بيوضة.. سكّين في الضُراع، وعمامة مقلوظة زي (التقُل) لا تهزها الرياح.. سفة التمّباك تتدلى من الحنك الأسفل.. وتنز مثل السعن الجديد.. واللوري يموع في الرمال.. وشادي في تلك الصحراء ينوح بالدوباي:
(قالوا مرضاني وقول يا لطيف... وعليك الله يا دكتور بتطعنا كيف)!!. هكذا كان يواسي لهف قلبه على حبيبة افتراضية!!.. وسألته: لماذا لا تتزوجها؟.. قال: قالوا لي السما قريب.. صوتها في أضاني زي طمبور النعام في الرادي..
سألته عن السياسة!.. فقال: خلي الكلام البجيب اللوم.. قلت له إن صلاح احمد إبراهيم قال: (ما دايما لك السكرة الوراها اللوم)!.. هو لا يعرف صلاح, لكنه استعذب شعره!.. سكرة وراءها لوم؟... سكرة ووراها لوم.. قلت: هي كذلك.. وصلاح يقصد رئيس الحكومة..
لم ينته الحوار: قال لي: إن الانتخابات بي خيرا.. هاك يا شوالات دقيق.. وهاك يا سكر!.. الناس ديل غبيانين.. كل انتخابات يجونا.. يفجوها مننا فجة حبيبك.. وما دايرين مننا غير الوريقة ياها.. الوريقة دي تنفع في شنو أنا ما عارف.. ثلاثة يوم وأنا أدعك وأدعك في الحبر من ايدي وما يمرق.. وبعد يومين ثلاثة يقولوا لك فازوا في الانتخابات.. وما يطرونا إلا لما تجي انتخابات تانية..
وبين قهوة وأخرى كان يشتهي ريحة الشاي!.. فيقول لي: أمان الله.. الخواجة الجاب الشاي ده ولي مكمل.. والخواجة الجاب البيبسي أمان الله جنّتو مضمونه!! والتمباك يفش الغبينة.... و...
واتورط معه في كل مشتهيات الصحراء!.. ولا يبالي أبداً بالغبار
ووحل اللوري.. كل سدرة في هذا الخلاء لها اسم وصاحب.. وكل غنماية ما طلقيت.. الرمال الزاحفة لا تلغي ملكية الوادي.. السهوب تخضر وتصفر.. والبهائم تضمر وتهز شعرها.. ثم حدثني عن العبران.. وجقلبة العتود في الخريف..
قلت له: هناك شاعر في الخرطوم اسمه القدال.. قال:
يا عتيد الرماد نط الحيط بالزانة..
تفضي الخانة يبقى جنابو سيد الخانة..
فارش دارو لي أسيادو بيت كرخانة
غافل ضبحة الفجر.. وجرى السلخانة..
فقال الإعرابي.. هلا ..هلا.. ثم أطرق.. الزول ده قاصد منو.. قلت له: قاصد وزير في الحكومة!! وزير في حكومة زمان.. لكن الكلام ده ينفع هسه.. وينفع باكر.. وبعد باكر كمان..
قال الإعرابي: الحكومة دي ماعندنا معاها شغلة.. الحكومة لا تتنعل ولا تتشكر.. أكان عندك غراب قوم جزوا..
وصلنا أم درمان.. قال الإعرابي: إن كان لي غراباً فعلّي أن انتف ريشه!!.. عندي غربان كثيرة جداً.. ولكن كيف أقبض عليها أولاً.. وركبت كما يركب السواح الأجانب الذين كانوا يزورون بلادكم على أيام الفريق عبود.. ويزورون حديقة الدندر ويصطادون الغزلان في المطس..!! ركبت.. وكان كمسنجي المحطة بصوته المبحوح وأوداجه المشدودة يكورك.. عربي.. عربي يا.. اركب العربي يا.. وليت العربي أتى معي ليسمع أن الموقف كله ينادي عليه هكذا..
ما علاقة كل هذا.. بما يحدث الآن؟.. افترضوني سائحاً فقط في الهامش.. في هامش الحريات..!! قال شيخ ابوزيد ذات يوم لطلاب جامعة الجزيرة: انتو دايريني أتكلم في الحكومة وادخل السجن وانتو تقعدوا تأكلو البتيخ؟!!
|
|
 
|
|
|
|
عبد الله الشيخ
أشرف البنا
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست