|
لهذا السبب أحببت الحجارة والكهوف
|
دون أن أشعر وكعادتي حين أفكر في شكل برنامج تلفزيوني جديد أذهب إلى شاطي الخليج .... وقريبا جدا من المياه تجدني ساهما أنظر للمدى البعيد الذي يخال للمرء فيه أن السماء تلتحم بالماء ؛ والعقل مرجل يغلي ... يأتي بفكرة ويستبعد أخرى ويشذب ثالثة ويجري تعديلات على رابعة وهكذا دواليك حتى تختمر الفكرة وتكتمل في شكلها النهائي . إنتبهت لنفسي فجأة ووجدتني دون أن أشعر كنت أمسك ببعض حبات الحصا الصغيرة وألقي بها فب الماء فتشكل الحصاة دائرة صغيرة تتسع في شكلها الدائري الهندسي رويدا رويدا حتى تتلاشى . نسيت موضوع البرنامج وسرحت قليلا مع هالات الدوائر الرائعة وبدأت ألقي الحجارة بأزمنة متقاربة في محاولة لتشكيل شكل هندسي من الدوائر المتلاحمة وأنا أحس بلذة غريبة ربما هي بقية رصيد لم أستمتع به في اللعب عند صغري خاصة وأنني ولدت ونشأت في مدينة الأبيض الرملية التي لا يعرف سكانها حتى شكل البحر وكل مانعرفه من الماء هو الحنفيات والأمطار الموسمية التي تجري الماء والخيران والفولة والتب وهي مناطق لتجمع الماء وربما أكبر تجمع للماء هناك هو خزان المديرية والجنزارة وفولة الحلب . ورغم قلة وشح المياه إلا أن الأطفال سنويا يغرقون وهم يحاولون السباحة . وطافت بذاكرتي قائمة الغرقى من أندادي ومن أعرفهم ومن سمعت بهم ... فالأبيض مدينة مترابطة ورغم كبر حجمها إلا أن أي حادث بقع في طرفها سرعان ما يعرف به الطرف الآخر . وللحجارة في مدينتي أيضا تاريخ تأرشف في أرشيف الذاكرة فرحلاتنا الأسبوعية غالبا ماتكون لمنطقة البانجديد وهي واحة حدائقية يوجد بالقرب منها سجن كبير ويا للمفارقة إسمه سجن ( طرة ) وبجواره جبل .... نعم جبل من الحجارة والحصى والكهوف ودائما نستمتع بصعوده رغم مخاطر الحيوانات الجبلية المفترسة والعقارب والثعابين . وإلى الشمال الشرقي من المدينة تأخذنا الرحلات الأسبوعية أيضا إلى جبل ( أبوخريس ) وهو جبل صخري كله حجارة في حجارة .... وعندما ندخل من الخرطوم للأبيض في صغرنا بالقطار وفي كبرنا بالبصات واللواري يستقبلنا جبل كردفان الذي تدور حوله شائعات شجرة الإكسير المحروسة بالثعبان فتنتابنا فرحة غامرة عندما يلوح الجبل لأننا نحس أننا قد وصلنا مدينة عروس الرمال الوادعة الرائعة . إذا للحجارة مكانة خاصة في أرشيف الذاكرة ولكن هل حبها لأجل هذا السبب أم أن هناك سببا آخر ؟؟؟؟؟؟ ونواصل
|
|
|
|
|
|