الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 07:15 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-04-2008, 01:35 PM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب

    11 عاما (1982م-1993م)قضيتها لاعبا متنقلا بعدد من الأندية بمدن السودان المختلفة: عطبرة، الخرطوم وأخيرا بورسودان التي غادرتها في ليلة راس السنة من عام 1993م متوجها في رحلة أغتراب (خيار وجودي) بدأت بمدنية جدة السعودية ولا أدري الى أين سيكون مرساها. 11 عاما أتاحت لي أن اتعرف على العديد من المدن بفضل المنافسة الرسمية وقتها (دوري السودان)والعديد من اللاعبين والرموز الرياضية والسياسية عن قرب. فترة من العمر أتيح لي أن أعايش الذهنيات المولدة للرؤى والمفاهيم المهيمنة على ما يعرف بالكورة السودانية كواحدة من أكثر الأنشطة الاجتماعية السودانية وأقربها للوجدان والمزاج العام. فترة من الزمن ليس طويلة ولكنها ايضا ليست بالقصيرة كانت كافية جدا لصاحب هذه المبادرة أن يكون وعيا كبيرا يجعله يعتقد في نفسه بأنه في مستطاعه أن يدلي بدلوه ناقدا بشكل جذري الاسس الخاطئة التي قامت عليها هذه اللعبة المحببة والتي افضت فيما بعد لثقافة "معاقة" تعمل بقوة عبر الزمن لتكريث تخلفها ومواتها. كل ذلك سيكون محور فكرة هذا الكتاب- المشروع. مستخدما فيه نهجا تحليليا-تفكيكيا يغوص عميقا في بنى هذه المفاهيم لنرى كيف تعمل ومن ثم كيف تنتج الرموز والقيم التي تشكل بنيةالثقافةالتي تشكل وعي عناصر اللعبة جميعها.

    لن أكرس القلم لعكس التجربة الغنية على المستوى الشخصي التي نابتني من الانخراط في هذا النشاط - لأن هذا ليس مقصد الكتاب- بل سيتم الاشارة من وقت لآخر لبعض الشهادات الشخصية وبما يخدم السياق النقدي الذي يقوم عليه.

    كل ما سوف يرد في هذا المشروع سيكون تصورا أوليا للكتاب سيخضع للتنقيح والمراجعة، ويسعدني جدا اسهام القراء بالتصحيح أو المراجع التي تعزز من قيمة المعلومات التاريخية.

    ساتناول عناصر اللعبة من : ادارة، تدريب، صحافة، جمهور، لاعبون كل على حدة كفصول تتيح لي التوضيح والاسهاب حتى تكتمل الصورة في معناها الواسع. لن أتعامل بترتيب في هذاالصدد في هذه المرحلة بقدر ما أنني سأنزل تباعا ما هو جاهز من فصول.

    من المهم جدا القول أن لا علاقة لهذا الكتاب بالشأن اليومي الدائر في مسرح الرياضة، وعلى من يود الاسهام عليه أن يتوخى هذه النقطة ويبعدنا عن صراعات هلال- مريخ وصحافتها. حتى لا يصرفنا ذلك عن مغزى الكتاب.



    والى اللقاء
    عبد الخالق السر

    (عدل بواسطة atbarawi on 05-05-2008, 02:45 PM)

                  

05-04-2008, 05:22 PM

Nasr
<aNasr
تاريخ التسجيل: 08-18-2003
مجموع المشاركات: 10839

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    فكرة صاح وبداية صاح
    وعنوان كان يكون أحسن لو قلت مائة عام من الفوضي
    علي العموم كل الأمنيات بالتوفيق
    ولو داير مساعدة (علي الأقل في تصيح الغلطات الطباعية) فقول لينا
                  

05-05-2008, 02:55 PM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: Nasr)

    يا نصر سلامات

    الحقيقة العنوان الفوضى "المنظمة" لم يأتي اعتباطا، بل هو ذو دلالات لو شوية أمعنت النظر. فالفوضى المنظمة هي الفوضى التي تتشكل عبر المؤسسات والمنظمات التي تعمل وتسهر على استدامتها. وذلك بتبني السائد والمألوف من قيم وأفكار متخلفة أو تجاوزها الزمن - على أحسن الفروض- لتنتج ثقافة تعمل على اعادة انتاج هذه الفوضى.

    سلامي
    عبد الخالق
                  

05-05-2008, 02:58 PM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)


    مقدمة

    قدم التجربة وبؤس الحصاد
    نكاد نطرق أبواب المائة عام منذ أن عرفنا كرة القدم بشكلها الحديث الوافد إلينا من الجزيرة البريطانية إبان الحقبة الاستعمارية. انه حقا تاريخ طويل يجعلنا نفاخر بأننا من مصاف الدول الأولى في أفريقيا وربما العالم التي مارست هذه اللعبة الساحرة. ولكن عندما يتعلق الأمر بإلقاء نظرة فاحصة على نتائج ومنجزات هذا التاريخ الطويل سنجد بكل أسف أن المحصلة تكاد تكون صفرا كبيرا على كافة الأصعدة ومردودا بائسا لا تكاد تخطئه العين، فما هو السبب يا ترى؟ الأسئلة بالطبع كثيرة وحائرة سنسعى جاهدين في كتابنا هذا لإيجاد إجابة لها تسهم في فك لغز هذه العبثية الرياضية المسماة كورة القدم السودانية. سنسعى جاهدين لتحليل ذهنية هؤلاء الذين يديرون اللعبة بذات العقلية الأولى دون أن تهز رياح التغيير التي اجتاحت العالم رؤاهم ومفاهيمهم المتكلسة.

    لعله من البداهات أن نقول أن الرياضة هي وسيلة ترفيهية في المقام الأول تساهم في إذكاء المتعة والترويح شأنها شأن كل ضروب الإبداع والفنون الحياتية الأخرى تعمل على تلوين الحياة البشرية بألوان الجمال مضيفة أبعادا غير تلك التي مشحونة بالتوتر والقلق المصاحب لوتيرة الحياة نفسها. ومن هنا استمدت الرياضة والفنون عامة تلك الأهمية القصوى في حياة الشعوب المتحضرة ونالت اهتمام الحكومات وباتت من أولويات سياساتها ورقم ضخم في بنود ميزانياتها. وإذا كانت الرياضة مشهد جمالي فإن البهجة والإبهار هما شرط تناميها وعلة وجودها، ومع ذلك لا نجد للبهجة والإبهار من أثر ضمن العناصر المكونة للكورة السودانية التي استعاضت عن ذلك بالقبح والتعصب والجهل ترتب عليه تخلفا مستداما كنتيجة منطقية متسقة مع هذه المعطيات المعطوبة. كل ذلك سنسعى للتطرق له عبر الأبواب المختلفة لهذا الكتاب.


    سابدا في الحلقة القادمة بفصل (التدريب) ... المدرب السوداني بين ضعف التحصيل المعرفي وثقافة الشعوذة
                  

05-06-2008, 04:56 AM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    Big[/BIأزمة التدريب
    هناك رأى انطباعي يسود الوسط الرياضي السوداني مفاده أن محنة الكورة السودانية هي أزمة تدريب في المقام الأول والأخير، وان المدرب السوداني غير مواكب وبالتالي لم يستطع أن ينقل الكورة إلى المستوى القاري أو العالمي. هذا الكلام رغم أنه على المستوى الظاهري لا يخلو من الصحة إلا أن الطريقة التي يسوق بها ذات دلالات ومغازي تنصلية مناط بها البحث عن شماعة تعلق عليها الاخفاقات الماثلة للكورة السودانية. كما انه رأي لا يتوسل له أي سياق تحليلي يرمي إلى العدالة والموضوعية في الطرح بغية تفكيك الأزمة والعمل على حلها في مستواها العرض والعميق والذي بلا شك تتحمل تبعاته كل العناصر المكونة للعبة باختلاف المقادير ليس إلا.

    من هنا سيكون مدخلنا للغوص في أزمة التدريب وتحليل اشكالاته المزمنة ذات الأثر الفعال في تدهور الكورة السودانية. نستطيع أن نقول أن التدريب كمفهوم ومنهج عميق وشامل لا يوجد حتى الآن في السودان وذلك لاسباب عديدة أهمها تخلف الثقافة الرياضية السائدة وعدم مواكبتها، وبالتالي يستعاض عن ذلك بمفهوم تقليدي متواتر يجعل من التدريب مهمة ثانوية تتقلص في كثير من اِلأحيان إلى شخص يضع لائحة اللاعبين بعد "المشاورة" والموافقة من مجلس الإدارة وكذلك إدارة التمارين. ولذلك ، وفي الغالب، هو في حل من كثير من الالتزامات والمهام التي يقوم بها المدراء الفنيون في كل دول العالم. وحتى بعد أن بعد تعهد الفيفا على الصرف وتطوير اللعبة في كل أرجاء العالم، كان ثمرتها حصول العديد من المدربين السودانيين على كورسات تدريبية متقدمة في مجال اللعبة، اكتفى معظم هؤلاء بأن تضاف إلى أسمائهم ألقاب فخرية من شاكلة: خبير، مدير فني، رئيس جهاز التدريب..الخ، دون أن يواكب ذلك أي تغيير في المفهوم التقليدي لمعنى المدرب المتداول في الثقافة السائدة. ودون حتى أن يحدث تغييرا مهما في البنى الذهنية لهؤلاء المدربين. مع كل ما حدث ويحدث من تغير على مستوى البنية الفوقية، ما زال المدرب بشكل عام في قبضة الإداري، يأتمر بأمره وينفذ مطالبه إلا من رحم ربي. ومن المؤسف ولا سباب جذرية ساهم المدرب السوداني في تأبيد هذا الوضع المأساوي لمفهوم التدريب.
    يتبدى أساس الأزمة في وضع الهواية الذي يسيطر على مجمل المشهد الكروي في السودان حتى مع التشدق عن مظاهر "احتراف" باتت تسود العلائق بين عناصر اللعبة، وهذا ادعاء سنعود الى تحليله لاحقا. الشاهد أن سيطرة ثقافة الهواية وتخلف النظرة لدور المدرب ساهمت في ضعف موقف المدرب منذ البداية لعدم تمتعه بضمانات أو حماية كافية تجعله يسيطر على الوضع الفني أو يدافع عن مبادئه التدريبية منعا لتداخل الاختصاصات. هذا الوضع الهش دفع بالمدرب منذ البداية للعمل على تقديم تنازلات لا تستقيم ومنطق التدريب. فبدلا من البحث عن صيغ تنظيمية يقوي بها من حقوقه المادية والفنية وتنعكس سلوكا ومعيارا أخلاقيا يحفظ للمهنة هيبتها، نجده يسعى بوعي أو غيره لتقويض هذه المفاهيم التي تتمثل فيها مصالحه الحقيقية، وذلك حين يسعى جاهدا للتماهي مع الجو الانتهازي المحموم والمحكوم بتحقيق المصالح الشخصية. دفع كل هذا الواقع بالمدرب لأن يبحث منذ البداية عن سند قوي داخل الإدارة يجنبه ويلات الغضب عند الاخفاقات، وهذا عادة يتم من خلال تقديم تنازلات كبيرة يفقد معها المدرب في الغالب شخصيته الاعتبارية. وقد لا نبالغ حين نقول أن السودان ر بما يبدو هو البلد الوحيد الذي لا يعرف التفريق بين الاختصاصات التقنية والإدارية. فالجهاز الإداري له الحق المطلق في التدخل في الأمور الفنية من شاكلة: تسجيل اللاعبين حتى من دون إخطار المدرب بذلك، وان حدث وتم إشراكه فالأمر بالكاد يبلغ حد التشاور. هذا فضلا عن التدخل المستمر من قبل الإدارة بغية إشراكها في وضع التشكيلة "المناسبة"، خصوصا في المباريات التي توصف بأنها مصيرية وغير قابلة للهزيمة. ثم أن الإدارة نفسها هي المعنية بوضع اللوائح التحفيزية والجزائية للاعبين، كما أنها هي المعنية بتطبيق العقوبات بشكل انتقائي أو تعسفي أو حتى شخصي لا يمت للأعراف الفنية بصلة. كل ذلك وأكثر جعل وضع المدرب غائما ومتقلصا للحد الذي يشيء بأن العلاقة بينه واللاعبين غير مفهومة ولا تخضع لأي معايير منطقية تنبني عليها الحقوق والواجبات في مثل هذا الوضع. ومما يزيد الأمر تعقيدا هو تلك العلاقة المصيرية والحيوية في نفس الوقت التي تربط ما بين اللاعب والمدرب والتي تحتم على المدرب أن يحتاج لتشريعات خاصة يكون بموجبها اللاعب ملزما بتنفيذ حرفي لكل الواجبات الملقاة على عاتقه والتي تبلغ أحيانا حد التضحية، وإلا تعرض اللاعب وقتها لسخط المدرب. جعل هذا الوضع الملتبس أحيانا من المدرب شخصا "براغماتيا" يبذل الوعود دون حساب عندما يتعلق الأمر بحساسية وضعه المهني، ولا يلبس من ثم أن يتنصل منها بحجة أن الأمر ليس في يده. وهذا هو تقرييا السيناريو السائد في العلاقة المتوترة بين المدرب واللاعب في المشهد الكروي السوداني. هناك عوامل أخرى أسهمت بشكل أساسي في ضعف مردود المدرب من الناحية التقنية منها: ضعف التحصيل الأكاديمي، حيث أن الغالبية العظمى من المدربين خلفياتهم الأكاديمية متدنية مما انعكس في صعوبة تعاطيهم مع أساسيات التدريب الحديث والذي بات علما قائما بذاته لا يخلو من التعقيد. وعمق من هذه الإشكالية ضعف التثقيف الذاتي للغالبية حتى يتم تجاوز النقص الأكاديمي. وضعف الإلمام الأكاديمي انسحب عليه عدم الإلمام باللغات الأجنبية خصوصا الإنجليزية التي تدار بها كل الكورسات المتقدمة التي يزود بها الفيفا المدربين في مختلف أنحاء العالم. ولكن يبقى مع كل ذلك أن للثقافة الكروية السائدة أثرها الوخيم على مقدرات المدرب السوداني، وهذا ربما يفسر لنا أنه حتى القلة من المدربين الذين حازوا على مستوى تعليمي مقدر وكورسات عالمية متقدمة لم يستطيعوا أن يضيفوا لأنفسهم أو للرياضة أي خدمة تذكر في هذا الصدد.
    فالثقافة الكروية السائدة بمفاهيمها المتخلفة هي التي تعمل على صياغة المدرب ذهنيا وتوجهه وبما يتوافق والموروث العام والمتراكم عبر عشرات السنين. ولذلك بات المدرب جزءا لا يتجزأ من عناصر تأبيد التخلف الكروي في السودان يعمل بوعي أو بدونه على تعويق مسيرة نهوضه، وانصرف كما هو الشأن مع بقية العناصر في تضخيم الأمور الهامشية والانخراط في التحالفات غير الأخلاقية بغية الحصول على مكاسب شخصية مبلغها تلميع الذات. ومن النادر أن تجد مدربا يسعى إلى تطوير ذاته عبر اختيار الطريق الشاق حيث الانفتاح ثقافيا نحو المدارس الكروية العالمية ومواكبة ما يستجد في علم التدريب والعمل على تبيئة ذلك وتطبيعه ثقافيا من خلال مهنته. والشاهد أن البعض ممن يلمون ببعض المعرفة نجد أنهم يوظفونها لخلق هالة شخصية تحيط بهم والعمل على الحط من قدر زملائهم والمكاوشة على كل الفرص – خصوصا- ذات العائد المادي بالعملات الصعبة، وذلك عن طريق التحالفات الانتهازية والعلاقات الشخصية مع النافذين في المواقع المسيرة للعبة. هؤلاء يمثلون دوما العلة الحقيقية للكورة لأنهم يتنكرون لمعرفتهم وعلمهم ويفضلون مسايرة الواقع المتخلف مضمون المكاسب عوضا عن مجابهته من أجل مستقبل أكثر إشراقا.

    رسم هذا الواقع صورة قاتمة لشخصية المدرب السوداني ساهم فيها هو بلا شك بنسبة مقدرة، وهذا من سوء حظ الكورة السودانية دون شك. فلو كان التدريب بمنجى من هذه العلل المسيطرة لنقل الكورة إلى آفاق أرحب ربما كانت سببا في إصلاح الحال. فالثابت أن للتدريب الجاد الممنهج آثارا فعالة وملموسة في التخفيف ان لم نقل امتصاص آثار الواقع المتخلف للثقافة السائدة، بمعنى أنه قد يمثل في كثير من الأحيان طوق النجاة الذي ينقذ به الواقع الكروي نفسه ويعيد ترتيب أوضاعه. ومنطق ذلك يتمثل في الفكرة النقيض التي يقوم عليها جوهر علم التدريب،وذلك من واقع كونه لا يعمل إلا في ظل فصل الاختصاصات بين الإداري والتقني، وتحكمه في الشق التقني بالمطلق، وفق حرية مطلقة وارادة كاملة. إذا من مفهوم "جدلي" يمثل علم التدريب الحديث نقيض المفهوم الشمولي الذي تتأسس عليه جوهر الثقافة الكروية في السودان. وواقع الحال يحدثنا أن الكثير من الدول التي تشاركنا ذات المفهوم، اضطرت إذا هذه الجدلية أن تقوم ببعض التنازلات، خصوصا عندما وصلت أزماتها الرياضية مبلغا لم يعد من الممكن الاستمرار معه إلا من خلال الاستعانة بالمدارس التدريبية الحديثة والتي هي بدورها لم تكن مستعدة للعمل بدون شروطها المذكورة آنفا. نجح التدريب في مصادمة الواقع المتخلف لهذه الدول وأنتج على مستوى الممارسة ثقافة كروية رفيعة لا علاقة لها بضعف العناصر الأخرى التي ترزح في مستنقع التخلف. وما كان من الممكن أن يتم هذا بدون فك الاشتباك القسري بين هذه العناصر والركون إلى ما يعرف بفصل السلطات والاختصاصات. نجد هذا النموذج ماثلا في دول الخليج العربي حيث الاستبداد والمركزية الإدارية صفة ملازمة لتكوين الأندية والاتحادات، ولكن كل ذلك تداعى أمام الشخصية الاحترافية للطواقم التدريبية الأجنبية التي تمت الاستعانة بها للنهوض بالكرة الخليجية. وبالفعل فقد ساهم هذا النهج الجديد في أحداث نقلة مهمة وفعالة على الصعيدين التقني والثقافي. والآن بعد أكثر من ثلاثة عقود على هذا النهج، نجد أن النتائج أكثر من باهرة، وما كان ذلك سيتم لو تخلى هؤلاء المدربون عن المبادئ التي تسير مهنتهم والصرامة الاحترافية لصالح الغوغاء من أصحاب المال والجاه. بل الحق نجد أنه قد أسهم في تغيير الكثير من المفاهيم البالية التي كانت سائدة، ودفع في صراعه القائم بمفاهيم جديدة قوامها الصرامة والانضباط والمعرفة واحترام المهنة، وذرع كل ذلك في أذهان الأجيال الناشئة بعد النجاح في إنشاء المدارس السنية كبيئة مناسبة لغرس هذه المفاهيم الحديثة.

    والحقيقة أن التثوير الهائل الذي حدث في عالم التدريب اليوم جعل منه علما مقدرا استفاد بقوة من تطور العلوم التقنية والإنسانية وبالقدر الذي جعل من المدرب المقتدر شخصية كاريزمية متعددة الإمكانات والأبعاد. وجعل هذا الوضع من التدريب ثقافة كاملة عالمية الهوية، تعمل وفق شروطها الذاتية وبأقل الإمكانات تستطيع أن تحقق تقدما هائلا متى ما توفرت البيئة المناسبة للعمل والمتمثلة في الاستقلالية التامة وفصل الاختصاصات. وهذان الشرطان في ظل ظروف الفوضى يقتلعان ولا يمنحان. وهنا بالضبط تكمن محنة وعلة المدرب السوداني دون بقية خلق الله من المدربين. فالشاهد أن منطقه يقوم في الأساس على المساومة والتوفيقية، منتقصا بذلك من المبادئ التي بدونها لا يوجد أدنى مسوغ لممارسة المهنة. ولنضرب مثلا بذلك وبالشكل الذي يوضح بشكل حاسم ما نرمي إليه: من المعروف أن أولويات بنود الصرف في الأندية الرياضية بالسودان لا تخضع لأي منطق وهي في الغالب أولويات تكشف بجلاء فقر الفكر الرياضي وجهل المنطق الإداري، ونتاج هذا هو تخلف البنيات الأساسية التي تقوم بمقام العمود الفقري الذي تنهض على أكتافه اللعبة. فنجد ، مثلا، أن اعتى الأندية الرياضية لا تمتلك ميزانية معقولة ودائمة للصرف على صلاحية الملاعب وفق جدول دوري منتظم أو بناء مدارس سنية توفر لها كل مستلزماتها وتعنى بأولوية الصرف عليها من واقع كونها الأساس البنيوي الذي يضمن رفدها بكوادر مؤهلة نتاج برامج منهجية مدروسة. هذا فضلا عن إهمال البرامج الغذائية والدورات التأهيلية والتثقيفية التي يجب توفيرها للاعب حتى يكون مؤهلا للقيام بواجباته كلاعب ينتمي حقيقة للكورة الحديثة القائمة على العلمية والتخطيط. مع غياب كل هذا أو وجود بعضه لاسباب ظرفية وليست استراتيجية، نجد أن المدرب السوداني على أتم الاستعداد دوما للعمل، دون أن يعير نظرة لهذه الظروف غير المواتية والتي هي حتما انتقاصا وخصما من قدراته، وحتى دون أن يسائل نفسه: ما الذي يود تحقيقه في ظل هذا الواقع غير المواتي؟ ولو شئنا الدقة لقلنا أنه يقبل طوعا واختيارا العمل في ظل هذه الأوضاع التي يعلم بداهة أنه لن يستطيع أن يحقق من خلالها أي جهد حقيقي يذكر بقدر ما أنه تهافت مهين جبل عليه بات ينمط الصورة الرديئة المرسومة سلفا للمدرب "الكومبارس" والذي هو في عرف إدارة الجلابة مجرد ديكور تكتمل به ملهاه ما يعرف بالكورة السودانية.

    ان التدريب في معناه العميق عمل عبقري دؤوب يقوم على التخطيط الشاق والنهج المدروس وليس كما يظن البعض أنه مجرد جلوس على خط الملعب يصحبه صراخ أو فوز عابر يقوم على الصدفة والحظ أكثر منه على الجهد. لذلك أن المساومة على المبادئ الأساسية التي يرتكز عليها تعني فيما تعني: أما استسهال الفكرة والعمل على الحط من قدرها عبر السلوك الممارس أو خداع الذات نتاج الجهل وقلة المعرفة، وفي كلا الحالتين النتيجة ليست في صالح المدرب السوداني. ولكن ومع بالغ الأسف هذا هو واقع الحال. G]

    نواصل...
                  

05-06-2008, 05:32 AM

Deng
<aDeng
تاريخ التسجيل: 11-28-2002
مجموع المشاركات: 52561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)
                  

05-06-2008, 07:38 AM

هشام المجمر
<aهشام المجمر
تاريخ التسجيل: 12-04-2004
مجموع المشاركات: 9533

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    سلام

    يا عطبراوى


    تتحفنا دائما بالتحليل الرصين و بنقد تعرف ادواته

    واصل متابعنك

    و سوف نتداخل معك بقرائة نقدية واعية بما يسهم فى اثراء الكتاب

    لك مودتى
                  

05-06-2008, 02:42 PM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: هشام المجمر)

    دينق سلامات
    شكرا على التداخل وبكون فعلا منتظر تعليقاتك. حااكتب بتفصيل ممل ي كل ما يتعلق بنواحي البنية التي تشكل الثقافة الرياضية ، وده داير مشايلة.

    ود المجمر
    سلامات يا رجل
    شكرا كتير على اهتمامك بمااكتب. وأكيد بكون برضه محتاج لتداخلاتك. الموضوع طويل، والفلفلة حاصلة، وما في جهة حا تنفد من النقد: لاعبون، مدربين، ادرة، دولة ممثلة في وزارة الشباب والرياضة، أما راس الحية في اعتقادي فهي الصحافة الرياضية، ودي مخصص ليها أكبر فصل، بس محتاج الكثير من المستندات ويرا يت همتكم معانا.

    يلا خليك معانا
    وشكرا كتير ليكم

    عبد الخالق
                  

05-07-2008, 09:59 AM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    واتساقا مع السياق التحليلي لواقع التدريب سأقوم بسرد بعض من السلوك الممارس لبعض من يوصفون بأنهم طليعة المدربين أو في بعض الأحيان "خبراء" كما يحلو للصحافة الرياضية أن تكنيهم، حتى نستبين حجم المأساة التي يرزح تحتها مفهوم التدريب.

    قلت من قبل أن محنة التدريب في السودان تتجلى في مفهوم الهواية السائد. وعلينا هنا بالغوص عميقا في بنية هذه الثقافة حتى نستبين كيف تعمل على تعويق مسيرة النهضة التدريبية التي لا غنى عنها للنهوض بالكورة. دفع التعامل مع التدريب كهواية المدربين على أن لا يتعاملوا معه بالجدية اللازمة التي يستوجبها، بقدر ما أنه يقع في خانة ملء الفراغ الذي كان يملؤه ممارسة الرياضة في شرخ الصبا، أو ممارسة المهنة من أجل زيادة الدخل الأساسي الذي يقوم على الوظيفة البيروقراطية التي يشغلها المدرب في دوواين الدولة. وفي كلا الحالتين يشغل التدريب موقعا ثانويا لا يحتمل المجازفات أو التركيز الكامل. ولذلك وحتى وقتا قريبا نجد أن المدرب يتقاضى حافزا شأنه شأن اللاعب، وذلك من واقع كونه مدربا غير متفرق أو هاو بتعبير آخر. وحتى عندما أنتظم المدربين في تنظيم جامع بات يعرف بلجان التدريب المركزية عبر الأقاليم المختلفة، ترعى مصالح المدربين وتقوم بالمحافظة على حقوقهم من خلال ابتداع صيغ عقود تحفظ حقوقهم، نجد أن ذلك لم يصادف نجاحا كبيرا ومقنعا لتبني المدربين صيغة الاحتراف والتفرغ للمهنة ،وذلك لعدة أسباب: منها ضعف عائد هذه العقود وتفاهة ضمانتها للحد الذي لا يمكن أن تغري معها أحد بترك وظيفته البيروقراطية من أجلها. إضافة إلي هشاشة القانون الذي يحمي هذه العقود واصحابها، خصوصا اذا علمنا أن الأندية في السودان ما زالت مملوكة للدولة، وأن الإدارات كممثلة للدولة لا تتحمل تبعات مثل هذه الخروقات القانونية. وما أدراك ما مقاضاة الدولة في بلد كالسودان، وهذا حديث شيق يخبرك بتراجيديته كل أصحاب الحظ العاثر من مالكي الشيكات المرتجعة في مواجهة مؤسسات الدولة المختلفة. عمق هذا الموقف من مأزق المدرب، فلا بات هو بالكامل الاحتراف ولا الكامل الهواية. وخلقت منه هذه المراوحة أكثر توفيقية ومساومة. وحتى الذين اتخذوا خطوات أكثر شجاعة في هذا الصدد، وانحازوا لمنطق الاحتراف اكتشفوا من بعد هول "المقلب" الكبير الذي شربوه، وان هذه العقود لم تحجم الاداريين بقدر ما أنها جعلت المدرب في قبضة الادارة تماما بعد أن اصبحت المتحكم الوحيد في أكل عيشه. وأصبحت الحقيقة الوحيدة التي يعيها المدرب هو أن أي معاندة تعني أن يبل هذا العقود ويشرب مويتها، كما تقول العبارة السائدة. جعل هذا الموقف الصعب من البراغماتية هي النهج السائد، وبات هم المدرب "المحترف" هو المكوث أكبر وقت ممكن في حضن النادي الذي يقوم بتدريبه، خصوصا اذا كان هذا النادي كبيرا. والقصص في هذا الصدد أكثر من محزنه وان كان لا ينقصها الحس الكوميدي. على المستوى الشخصي أذكر بعضا من هذه القصص: عندما كنت يوما ما لاعبا بنادي الاتحاد بمدينة بورتسودان تصادف أن تعاقد نادي الهلال بورتسودان، أو ما يعرف بهلال الساحل الآن مع مدرب ،رحل من دنيانا مؤخرا، كان وقتها مغتربا بدولة الامارات، وهو ذو تاريخ حافل في ستينات وأوائل سبعينات القرن الماضي كلاعب بنادي الهلال الامدرماني والفريق القومي السوداني. سبقت هذا المدرب سمعة كبيرة وكانت تفاصيل تعاقده حديث المدينة،والحقيقة في تلك الايام كان هلال الساحل يصرف ببذخ ، بات حديث أهل السودان جميعا، في جلب اللاعبين. المهم كان هذا المدرب ينعم بشقة مفروشة في حي فخيم بالمدينة اضافة للاعاشة المجانية التي يقوم بدفع تكاليفها النادي من غير انتقاص للعائد المادي المنصوص في العقد. كانت علة هذا النادي كما يعرفها ويعايشها أهل المدينة هي الفوضى والنزق الذين يدير بهما سكرتير النادي شئون الكورة، وهو الأخ الاصغر لرئيس النادي والممول الحقيقي له، والذي يدير أعماله بالعاصمة التي تحقق له تأمين شبكة العلاقات القوية على كافة الاصعدة. وهو لذلك يأتمن أمور النادي في شخص شقيقه الأصغر، والذي كما أبنا به من الفوضى والنزق الشيء الكثير. فطن مدربنا "الخبير" في مثل هذه الأمور للموقف منذ مجيئه وعمل منذ البداية للتوائم مع سايكولوجية السكرتير الديكتاتورية، وتوصل الطرفان منذ البداية الى اتفاق ضمني يقوم بموجبه المدرب بكل واجبات التمارين وصقل اللاعبين، على أن يترك مهمة وضع لائحة المباريات للسيد السكرتير وبذلك ينفد من تبعات تحمل الهزائم. ومن الطريف حقا أن هذا المدرب كان لا يتحرج أن يقول للاعبيه المعترضين على وضعهم خارج التشكيلة على أن مهمته تنتهي عند حدود التمارين، وعليهم مسائلة السيد السكرتير!!. وبالفعل مكث هذا المدرب فترة طويلة من الزمن مع نادي الهلال ينعم بهذه الامتيازات ولكن بالمقابل فقد الكثير إن لم نقل كل هيبته كمدرب وبات محل تندر اللاعبين. قصة أخرى تعزز ما نرمي اليه: مدرب آخر شهير، كان من أشهر اللاعبين في زمانه بنادي الهلال الامدرماني، اشتهر عبر وسائل الاعلام بأنه أشهر مدرب تكتيكي، وأحد أنجح الذين طبقوا الخطة الشهيرة 4/4/2، صادفته مدربا لنادي أم دوم ابان الفترة التي قضيتها بينهم، وصدف أن اخترت للعب مباراة ودية ضد نادي التحرير البحراوي مناسبة تكريم العميد (م) ابراهيم نائل ايدام، والذي كان وقتها قياديا بمجلس قيادة ثورة الانقاذ، المهم بدأ المدرب الشهير في القاء تعليماته الفنية للاعبين وما هي الا ثواني قليلة لم يكد يقول فيها شيئا فاذا بالسكرتير "الهمام" ، والذي وصفنا دوره من قبل في الترويج لأعجوبة أمدوم، يستلم مهمة الحديث نيابة عن المدرب ويسترسل في اصدار أدق التعليمات الفنية وتحديد مواقع اللاعبين داخل الملعب حتى من قبل أن يقوم المدرب بتعيين من سيمثل النادي في هذه المباراة. خرجت وقتها مصعوقا من الغرفة متجها نحو الحافلة التي سوف تقلنا، وبعدها علمت أن هذا الأمر مألوف جدا، وأن المدرب المذكور سمعته فقط في الاعلام!!. ولا يخالجني الآن شك في أن الأمر برمته كان في جوهره يتعلق بحبل البقاء كمدرب حفاظا على العقد المبرم لأطول مدى ممكن. هذه التنازلات المهينة والتي لا تليق بمدرب يحترم مهنته ما كان من الممكن أن تكون لولا هذه الهشاشة التي رافقت وضع المدرب وميعت وضعه المراوح ما بين الهواية والاحتراف وأضعفت من قيمة المنجزات التي وضعت للحد من استغلاله لأنها لم تقم على قاعدة استراتيجية قوامها وضع حل جذري لإشكالية التدريب بقدر ما أنها مؤسسة على الترقيع بغية ستر الحال!. لا شك أن مثل هذا الاستسهال الذي تعاملت به لجنة التدريب المركزية مع أوضاع المدربين ينم عن فقر معرفي بأصول المهنة وسطحية بينة في تبيان الفلسفة التي تقف من وراء التشريعات العالمية التي تؤمن المواقف المادية والمعنوية لمهنة التدريب حتى يتوفر لها الجو المناسب للإبداع. بالطبع سيكون من المجحف لو قلنا أن اللوم كله يقع على عاتق هذه اللجان في ظل الفوضى العامة التي تضرب في صميم البنية الرياضية. لأنه وكما بينا سيكون من المستحيل التعليق على جدوى هذه العقود الاحترافية في ظل ضبابية التوصيف الرسمي لهذه المؤسسات الرياضية، وبالتالي صعوبة التعاطي معها قانونيا وبالشكل الذي يكسب هذه العقود قيمة. ولكن المحير ،أنه ومع ذلك، فالقيمة المادية لهذه التعاقدات حتى لو توفرت لها الحماية القانونية لهي من "الضعة" بحيث أنها أقرب للمساعدة أكثر من كونها اتفاق مجزي يراعي بحق القيمة المعنوية والمادية للمجهود التدريبي. هل الأمر مجرد صدفة أم تواضع أم أنه في شق منه يعكس عدم ثقة المدرب السوداني في إمكانياته؟ على المستوى الشخصي أرجح الرأي الأخير. فلأسباب كثيرة ، أشرنا لبعضها، يبدو أن المدرب السوداني يفتقد الى وعي الذات، وهو المدخل ، بلا شك، إلى الثقة بالنفس. ولكن هذا لا يتأتى بالصدفة بقدر ما أنه نتاج تضافر عوامل ذاتية وموضوعية. فالعامل الذاتي يتمثل في "الحرفية العالية" والتي قوامها التفرغ الكامل للمهنة وصرف الجهد البدني والمادي لتطوير القدرات، وليس لحشد الشهادات،كما يعتقد البعض وحسب الفهم الشائع، والذي يربط ميكانيكيا بين تفوق المدرب وعدد الشهادات التي حصل عليها. ففي علم التدريب اليوم باتت الشهادات التدريبية هي مجرد عنصر صغير ضمن عناصر كثيرة تبنى عليها شخصية المدرب الناجح. فالتعاطي مع علوم مهمة مثل علم النفس، وعلم النفس الاجتماعي والفنون البصرية منها والسمعية والحركية وتنمية قدرات المخاطبة والتحليل والمنطق لا غنى عنها اليوم. فالمدرب المعاصر في الأندية العالمية المحترفة يقوم بأدوار هائلة في ظل انفراده بالشق التقني للمؤسسة. فهو الذي له مطلق الحق في تحديد الميزانية المراد صرفها لتقوية عناصر الفريق، بجانب تحديده لعناصر الطاقم الذي يعمل بجانبه. وهو الذي يحدد قيمة العقود التي تبرم مع اللاعبين وتصنيفها حسب تقييمه الفني لهم. وهو المناط بوضع اللوائح الداخلية المشتملة على الحقوق والواجبات بكل تعقيداتها. صحيح انه يعمل بجانبه طاقم من المختصين في مختلف المجالات، ولكن ذلك لا يمكن أن يتم لولا إلمامه الواسع من خلال ثقافته الموسوعية بكل مجالات هؤلاء. ولذلك يقوم تشاوره معهم على فهم عميق بما يدور وبما تمليه المصلحة العامة. ومن هنا يضطلع بكل ثفة بمثل هذه المهام الثقيلة والمرهقة عن دراية وفهم عميقين تجعلان منه الترمومتر الحقيقي لما وصلت إليه اللعبة من تطور. على العكس من ذلك نجد أن المدرب السوداني لا يود التطلع لأي مسئوليات تمليه عليها مهنته، وفي ظني أن مرد ذلك هو تعوده على المسئولية المحددة في نطاق ممارسة الشق التكنيكي فقط لمفهوم التدريب. ويرجع ذلك إلى ما سبق وأن أشرنا إليه، وهو عدم مواكبته لما يدور نتاج لضعف إلمامه المعرفي أو تبحره الثقافي في المجال. وهذا هو ما عزيناه إلي الثقافة السائدة التي شكلت وعيه وأطرت بالتالي مفهومه لما يجب أن يكون عليه التدريب. وانصع مثال لما نقول هو الحال الذي آلت إليه لجان التدريب المركزية الفرعية منها والمركزية. فهذه التنظيمات التي كان من الممكن أن يكون لها دور عظيم في إحداث تثوير حقيقي على الصعيد المفاهيمي والتنظيمي للتدريب، اكتفت بأن تمحور دورها إلي تنظيمات مطلبية، يقوم دورها على المساومة والسعي إلى تحسين أوضاع المدربين بقدر المستطاع. أو توسيع فرص المنح التدريبية التي تعمل على "تطوير" المدربين. وهذه المنح تحديدا ،من وجهة نظري، هي التي تعمل على تأبيد المفهوم المتقزم لمعنى التدريب. فهذه المنح التي تأتي على شكل ورش عمل مؤسسة على الشق التقني الخالص دائما ما يرتجي منها الاتحاد الدولي ربط المدربين في كل أنحاء العالم بكل ما يستجد في الأمور الفنية للعبة. وهي لا تثمر إلا إذا كان البناء متينا، وهذا ما لا يوجد في السودان. الشاهد أن مثل هذه الكورسات في ظل هذا الجهل المريع بالأسس الفلسفية لعلم التدريب تعمل بشكل سلبي ومعوق، وهي بالفعل حولت الكثير من المدربين إلى أفندية جدد، يبحثون عن التقييم والوظيفة عبر هذه الشهادات الممنوحة وليس اعتمادا على كفاءتهم. ولسنا في حاجى إلي التدليل إلى أن هذه الكورسات لم تأتي أكلها، فواقع الحال يغني عن السؤال. فطبيعتها كبنية فوقية لا تثمر إلا في ظل بناء أفقي متين حرم المدرب من مزاياها. ولذلك ما زلنا نرى المدرب السوداني لا يحمل فكرا نوعيا مغايرا للمألوف السائد. وأثر هذا واضح في النهج المتبع. فعدم الاهتمام بالنشء أو التركيز على المدارس السنية كمفهوم استراتيجي تتأسس عليه المفاهيم الحديثة والاهتمام ببرامج التثقيف الإجبارية للاعبين وبناء الذهنية الاحترافية لا يمكن أن يصدر إلا من ذهنية تقليدية لا علاقة لها ما يدور في عالم اليوم. ولا غرابة في الأمر، إذا كنا نرى أن تقييم الأمور وترفيعهم يتم لاعتبارات لا علاقة لها بمعايير الكفاءة. ولذلك تختلط الأمور ونجد ألقاب من شاكلة "خبراء" و "مدراء فنيون" تسود الصحف الرياضية والتي تقوم بمهمة الجهل النشط بجدارة لكي تزيد الأمر سؤً وتعقيدا. والأمر عن قرب بشع لأقصى الدرجات. فما زلت أذكر كيف أن مدرب اتحاد بورتسودان في تسعينات القرن الماضي، والذي اكتفى من الحداثة ببدل تدريب في غاية الأناقة وبعض الجمل الإنجليزية التي يستخدمها بشكل استعراضي يليق بممثل كوميدي إضافة لذلك "الكدوس" الشهير الذي ينفسه في وجه اللاعبين بذات الاستعراض الذي جبل عليه، أن يصبح مدربا للفريق القومي لمجرد أنه كمخلص بحري نجح في خلق علاقات شخصية متينة مع النافذين من اتحاد المنطقة والذين بنفوذهم القوي في أروقة الاتحاد العام نجحوا في تقليده هذا المنصب الذي كان من الممكن أن يدفع فيه عمره بأكمله. فالمجد الشخصي هو الدافع الرئيسي المحرك لصاحبنا. ولن تكتمل الحكاية إلا بسرد قصة ذلك المدرب الذي أسندت إليه مهمة تولي مسئولية الفرق القومية السنية. وهو الذي كان ضمن كوكبة هلال السبعينات. هذا المدرب اشتهر بأيمانه العميق بـ"العمل"، وجدوى التعامل مع "الاناطين". ولا يطمئن لجهوده التدريبية إلا من خلال الاتصال بأحد المشعوذين الذين يزودونه بالبخرات!!. ولا زلت أذكر منظرنا كلاعبين بنادي الشبيبة عطبرة حين كان هو مدربنا، يصرف الأوامر لكي نتبخر ونتوكل على الله ونتجه إلى الإستاد!!. والأمر يزداد غرابة حين نعلم أن هذا المدرب يكنى بـ"المبروك" في دوائر نادي الهلال وكثيرا ما تتم الاستعانة به في المهمات الحرجة حين يكون الهلال مقبل على منازلة غريمه التقليدي المريخ ويكون الفريق قد ذاق عدة هزائم من قبل مما أطاح بالجهاز الفني للفريق. وقتها يتم الاستعانة بالمدرب "المبروك" والذي هو بدوره يلقي بكل ما في يديه ليلبي النداء!!. ولأنه مبروك فكثيرا ما يفوز الهلال في مثل هذه الظروف، ويعود مدربنا ظافرا لنسمع القصص العجيبة عن التكتيك السحري الذي اتبعه والذي أفضي إلى النصر الساحق. مع العلم أن كل مباريات هلال – مريخ دون استثناء هي عك ماحق، واداء عشوائي، ونصر لا يحكمه منطق. هذا دون أن نخوض في مدى "عقلنة" نجاعة خطط اليوم الواحد، وكل شيء في السودان جائز!. من المهم جدا أن نقول أن المنصب الذي حصل عليه مدربنا لفترة طويلة من الزمن تزامن مع تنصيبه عضوا برلمانيا بالمجلس الوطني للإنقاذ. أتخيل الآن منظر هؤلاء الصبية الذي ينتظر أن يكونوا دعامة الرياضة في البلد وهم ينشئون على يد مدرب يغرس فيهم الشعوذة من الصغر. وما خفي أعظم.

    نواصل........
                  

05-07-2008, 01:11 PM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    *
                  

05-07-2008, 03:39 PM

رقم صفر
<aرقم صفر
تاريخ التسجيل: 05-06-2002
مجموع المشاركات: 3005

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    انت لها يا عطبراوي

    اتمني ان تعرج الي مسألة المستوي التعليمي للاعبي الكرة السودانية واثره .....


    \
                  

05-07-2008, 04:26 PM

mutwakil toum

تاريخ التسجيل: 09-08-2003
مجموع المشاركات: 2327

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: رقم صفر)

    اخ عطبراوي تحياتي،

    اذا فعلاً ده مشروع كتاب، فأظن سرد الاسماء مهماً، خاصة وان الفكرة مزج بين مذكرات و محاولة تسليط الضوء علي الفوضي. وكما تعلم ان الاصدارات التي تسلط الضوء علي فوضي، خاصة حينما يكون الكاتب شهد ملك، فان توفر الاسماء ضروري مع سياق الكتابة والحدث.

    متابع
    تسلم
                  

05-08-2008, 02:34 AM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: mutwakil toum)

    رقم صفر
    سلامات
    كله جاييك ليه. تعليم اللاعبين والقدرات الذهنية والمعرفية للاداريين، رغم أنه في نظري أن اللاعب السوداني هو الضحية الكبرى في هذا الـGame

    محبتي

    متوكل سلامات
    تعرف حكاية ذكر الاسماء دي هي الشاغلاني منذ بداية كتابة هذا المشروع، لكن ما عرف قدرة صمودها قانونيا، خصوصا وأنه من الصعب ايجاد دلائل مادية على ما كان يحدث بقدر ما أنها شواهد تاريخية كنت طرف فيها. هل لاحقا يمكن مطاردة الكتاب بتهمة اشانة السمعة؟ وبالتالي خلق ضجة مصطنعة تطغي على مضمونه؟ هذا ما لا أعلمه تحديدا وما يجعلني مترددا في ذات الوقت. عموما كما قلت في بداية استهلالي الباب مفتوح لآي تعديلات، أو اقتراحات. خصوصا ما يتعلق بالمحاذير القانونية.

    محبتي
    عبد الخالق
                  

05-08-2008, 02:48 PM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    *
                  

05-08-2008, 10:24 PM

رقم صفر
<aرقم صفر
تاريخ التسجيل: 05-06-2002
مجموع المشاركات: 3005

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    up
                  

05-09-2008, 02:46 PM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: رقم صفر)

    الخلاصة:
    خلقت الثقافة الرياضية السائدة من المدرب السوداني أحد العناصر المؤبدة للتخلف الكروي، وذلك حين فضل الانتماء الصريح للواقع السائد الذي تحكمه وتتغلب فيه كل الظروف المعوقة للنهوض بفكرة التدريب من واقع كونه العنصر الجوهري في النهوض باللعبة. ويمكن من خلاله معالجة كافة الاشكالات العضوية التي تعصف بها واضعف الإيمان يمكن أن تخفف منها. ولكن إشكال المدرب السوداني في جزء منه يكمن في أنه كلاعب سابق، في غالب الأحيان، يمثل الابن الشرعي لهذا الواقع المتخلف الذي رضع من ثقافته وفيه تكونت مفاهيمه. كان من الممكن تجاوز ذلك العيب لو تمكنت لجان التدريب المركزية والفرعية التي ترعى مصالح المدربين من الاستفادة من الفرص التي أتاحتها لها الفيفا بتواصلها مع مستجدات الثقافة الرياضية، ولكن تحولها إلى تنظيم مطلبي حرمها من رفد نفسها والثقافة الرياضية ككل بما يفيدها ويبعث على تجدد المفاهيم والرؤى. وربما يعزز رأينا هنا حديث سابق للدكتور كمال شداد الرئيس الحالي للاتحاد العام في حديث لإحدى الصحف :

    "شداد : هواية المدرب الوطني جمع الشهادات دون تحقيق إنجازات
    شن دكتور كمال شداد في المؤتمر الصحافي الذي عقده امس هجوماً عنيفاً للمدرب الوطني وقال ان المدربين السودانيين هوايتهم المحببة جمع الشهادات دون تحقيق انجازات واضحة وقال ان الانجازات القليلة التي حققها السودان في مجال كرة القدم مرتبطة بالمدرب الاجنبي وقال ان مدربينا يفلحون في توجيه الاساءات والتقليل من قدر المدربين الاجانب بدافع الغيرة ." (جريدة الصحافة الالكترونية- عدد 4886، 21/01/2007م.

    وان كان مبلغ خلافنا هنا مع رئيس الاتحاد العام، هو اعتقادنا أنه ينطلق من موقف يتأسس على ردود الفعل – كما هي طبيعته- وليس استراتيجي حتى نقتنع بصدق مضمونه. فالدكتور هو أحد أركان الأزمة، بجنوحه المستمر نحو تأبيد الواقع المتخلف الذي يتيح له بأن ينصب نفسه السادن الأوحد الذي بمقدوره الإسهام في نجاحها أو إخفاقها متى ما شاء. وهذا ما فصلناه في فصل سابق.
    إذن لم يستطع المدرب السوداني أن يفك قيد أسر التخلف الذي يحيط به ويحرمه فرص النجاح من واقع كونه الوحيد الذي يستلهم مصادر معرفته وتطوره التقني والمفاهيمي من مصادرها الحديثة. وربما الأمر ، كما ذكرنا، يعزى إلى البناء المفاهيمي الذي شكل لا وعيه، وجعله يعمل في معظم الأحيان ضد مصالحه في أفقها العام.

    هذا الواقع لا يمكن الخروج منه إلا بتبني خطط استراتيجية تعمل بوعي على تعليه العناصر التي تبعث على تقوية المفهوم التدريبي وتغرسه وعيا ثقافيا يسكن السلوك والممارسة بحيث يتقاطع معرفيا مع قيم الثقافة السائدة التي ترى في المدرب مجرد قيمة ثانوية يستعاض عنها بكل سهولة وفي أي وقت يشاء أصحاب المزاج الشعبي!. وفي منظوري، أن هذه الاستراتيجية ذات أبعاد تقنية وثقافية تتأسس على فسلفة واعية بمضامين الحداثة الرياضية في شمولها. بمعنى أن يتم العمل على محاور عديدة تعمل على نسق هارموني يتيح لها أن تتلاقى في النهاية عبر الناتج الكلي للعملية التحديثية. وهو عمل شاق بكل المقاييس ولا يمكن أن يتم إلا من خلال الإيمان العميق بجدوى التغيير الجذري وليس عبر الترقيع كما هو حادث اليوم. وأولى مهام هذا العمل الاستراتيجي هو الالتفات إلي الشق المفاهيمي والعمل على تجذير الأسس الفلسفية لعلم التدريب بدلا عن الاكتفاء بالشق التقني وتدريس الأسس العملية للتدريب كما هو حادث اليوم. ولا يتم ذلك إلا عبر الالتفات إلى مسألة في غاية الأهمية فحواها: من هو الذي بمقدوره أن يكون مدربا؟ هذا سؤال جوهري يبعدنا عن تلك البداهة السائدة التي ترى في كل لاعب كورة سابق مدربا محتملا. فهذا الافتراض في عالم اليوم بات ضرب من الخرافة. فليس هناك علاقة ميكانيكية بين اللاعب والمدرب المحتمل، إلا بمقدار ما يكون هذا اللاعب مستوفيا لشروط التدريب الحديثة. وهي شروط بالغة التعقيد كما أشرنا، بعضها يدخل في عتاد الموهبة الفطرية والبعض الآخر مكتسب. وان كان المكتسب بفضل تطور العلوم الإنسانية والتقنية بات يمثل الشق الأكبر. ولكن يبقى مع كل ذلك أن الفيصل في الأمر هو قدرة اللاعب على الانخراط في نسق التعليم المنهجي، وهذا بالضرورة يتطلب بناء أكاديمي سليم منذ البداية، هذا فضلا عن ثقافة موسوعية يقابلها معرفة متخصصة بالمجال. والأمر هنا بلاشك يمثل مأزقا حقيقيا للكورة السودانية حين نجد أن أكثر من 90% من اللاعبين ، والذين هم بمثابة المصدر الكامن لمدرب المستقبل، يعتبرون في عداد الفاقد التربوي، لاسباب سنجد في ذكرها لاحقا عندما نتعرض للاعب السوداني. إن استمرار هذا النهج لابد أن يقوض أي إمكانية لنهوض التدريب. وهي مسألة تحتاج إلى معالجة جذرية لا تتأتى إلا بتحمل الأندية مسئولياتها الحقيقية في تطوير القدرات الشخصية للاعب حتى يكون متكاملا شخصا ولاعبا. وهذا ما نعيناه في معرض نقدنا لإدارات الأندية حين أشرنا إلى فشلها في التحول إلى مؤسسات مجتمع مدني تتعدد فيها الأدوار وتتكامل لمصلحة المجتمع ككل. إن التباري من قبل الصحافة الرياضية لإسباغ الألقاب على الناديين الكبيرين من شاكلة : مؤسسة الهلال ... هي تزييف للوعي يرقى في كثير من الأحيان إلى درجة الاستهبال. فكيف يكون هناك مؤسسة أهم عناصرها بمثابة الأمي في القرن الواحد وعشرين؟ وما هو مفهوم المؤسسة في عرف هذه الصحف؟ لا شك أن التوغل في مثل هذه الأسئلة كفيل بأن يكشف الكثير من الزيف الذي يغمر المشهد الرياضي ككل والذي يسوق إعلاميا على أنه نموذج يستوجب الاحتفاء. عودة إلى تبنى إستراتيجية تنهض بالتدريب، نقول أن الالتفات لأهمية "النوعية" في الشخص المنخرط في مجال التدريب، تعتبر مسألة حتمية لا يمكن تغاضي النظر عنها. ثانيا العمل من القاعدة ، أي من مراحل التكوين الكروي بالنسبة لصغار السن يجب أن تحتل مكانا أولويا في برنامج النهوض بالتدريب. لأن مرد ذلك هو إنشاء أجيال متسقة ذهنيا وبدنيا مع متطلبات الكورة الحديثة. وهذا وحده الذي يكسب التطور الديمومة. إن أغال تربية النشء على أسس المفاهيم الكروية الحديثة وتركهم في أيدي البسطاء والتقليديون من مدربي فرق الناشئين هو النهج السائد في السودان، وهو الذي يعزز من سيطرة الفهم التقليدي للكورة وباقيا حجرة عثرة في سبيل تطورها. لأن هذا يعني فيما يعني صعوبة استيعاب الجمل التكتيكية من قبلهم كما لاحظ ذلك الكثير من المدربين الأجانب الذين تعاوروا التدريب في السودان. إن هذا الانقلاب المفاهيمي لنظام التدريب في السودان ، أي العمل من القاعدة بدلا من القمة كما هو سائد، سيعمل على تقوية موقف المدرب وتعميق مفهوم أهميته لأنه سيكون في اتساق ذهني وروحي مع اللاعب الذي سيكون وقتها نتاج الثقافة الحديثة بالكامل. وهو تحالف مطلوب في هذه المرحلة التي يتأسس عليها التناقض المفاهيمي بين الثقافة التقليدية المتبناة من قبل الأندية والاتحادات والتثوير الرياضي الذي يجب أن يقوم على أكتاف المدرب واللاعب من حيث كونهم الترجمة العملية لهذا التثوير. إن واحدة من أسباب ضعف موقف المدرب في راهن اليوم هو انحياز اللاعب في معظم الأحيان للقيم المتخلفة من واقع كونه ابنها بالكامل، ولذلك نجده يعمل بالكامل ضد مصالحه وضد مصالح المدرب. فإجمالا، اللاعب السوداني ضجر (بكسر الجيم) من النهج التدريبي الحديث الذي يتناقض مع العشوائية التي جبل عليها منذ بواكير حياته الرياضية والتي شكلت وعيه وتحكمت في ميكانيزمات أدائه، بينما المدرب الذي نهل من الحداثة على عجل يريد أن يفرغ كل ما عرفه دفعة واحدة في وعي اللاعب ،دون مراعاة لفارق السياق، جعل من التوتر هو النهج السائد الذي يحكم العلاقة بينهم ، فالمدرب العجول للتطلع والشهرة لا وقت لديه للتأكد من أن هذا النهج من التدريب الحديث لا يواكب الذهنية التقليدية للاعب السوداني وأن الأمر يستوجب تعلم من الصغر مكانه المراحل السنية والتي من المفترض أن تكون محل عناية المدرب بدلا عن تضييع الجهد في لاعب تخطى سنيا مرحلة التعلم الميكانيكي. من المخجل أن يظل جهد المدرب السوداني في الفرق الكبيرة ما زال محصورا في ألف باء التدريب التي أولى بهاء الناشئة الصغار. وهذا مؤشر خطير في الوعي المهني ولا يحسب في صالحه، ويعزز من مفهوم التهافت الذي يسم المشهد التدريبي بالكامل والذي هو بالتأكيد خصما على هيبة ومكانة التدريب بالكامل في الثقافة الرياضية. ولذلك لا نستغرب أن يكون الجمهور هو الذي يحدد من هو الذي يدرب الفريق في الكثير من الأحيان. وذلك في كثير من الأخبار التي عادت بحكم العادية تنشر على الملأ من قبل الصحافة الرياضية وكل ذلك مرده إلى العشوائية التي تحكم الموقف الرياضي شمولا. ما علاقة الجمهور بتعيين وإزاحة المدربين؟؟ هذا ما لم يتوقف أحد عنده، إن لم يكن أن البعض هلل له لدوافع لا تخلو من الجهل أو الغرض. كل هذا الخلط سوف نعود له عند تحليلنا للواقع الثقافي السائد الذي علمت على تغذيته الصحافة الرياضية بكل المعاني السلبية والقيم المتخلفة. ما يعنينا هنا اللحظة هو ذلك الوضع المذري الذي وصل إليه المدرب. نقول في خاتمة حديثنا أن مثل هذه الأمور لا يمكن أن تحدث في ظل أوضاع الفوضى. وهي أوضاع يسندها في الغالب الأعم نهج تنظيمي يقتات من التفكير اليومي والترقيع المفاهيمي، الذي لا تقف ورائه رؤى عميقة أو نهج فلسفي يتصدى بقوة لزيف الواقع الثقافي السائد والمدجج بكل ما هو متخلف. هذا قدر المدرب أن شاء أن يكون له دور حقيقي في النهوض باللعبة. وهو دور مقدر ومهم بدونه تصبح كل محاولات التغيير عرجاء. وحتى مثل هذه الاشراقات التي تحل مع قدوم بعض من المدربين الأجانب "غير المساومين" لأن الكثير من هؤلاء حين يصدمه واقع الحال عند قدومه، يفضل مسايرة الواقع من أجل الدولارات التي يلهفها بكل عدم أمانة، اتساقا مع المثل السائد: "رزق الهبل على المجانين"!. أين لنا من ذلك المدرب الألماني الذي سرد قصته السيد/ محمد حمزة الكوارتي / الإداري بنادي الهلال في برنامج الرياضة التلفزيوني: والذي فضل قبل توقيع العقد أن يقف على البنيات الأساسية للفريق الذي سوف يقوم بتدريبه، وبمجرد أن تم له ذلك عاد إلى الفندق متوجا عائدا إلى بلاده تاركا مذكرة رقيقة للإدارة يقول فيها: أنه يفضل أن يستثمر عائد هذا العقد في تطوير البنيات الأساسية للفريق.!!. أقول، ومع أن البعض من هؤلاء المدربين يتركون بعض الاشراقات من خلال تثريبهم عبر السلوك اليومي الممارس بعض من الحرفية العالية والفلسفة التدريبية التي تحكم نهجهم في التعامل، إلا أن ذلك ليس بكافي ما لم ينهض المدرب السوداني بكل تبعات تجذير أسس الرياضة الحديثة، خصوصا وهو الذي ما زال يحدثنا بمناسبة ودون مناسبة عن درجة تأهيله وعتو شهاداته!. إن دور المدرب الحديث بات من التعقيد والأهمية بما لا يخطر على بال الذين ما زالوا يقتاتون من ثقافة عتيقة بالية منغلقة عمرها يقارب المائة سنة لم يفتح الله عليها بأن تفيق من غيبوبتها. وهنا يطيب لنا أن نقتطف هذه الفقرة من جريدة (الهيرالد صن) الأسترالية لتصريح أدلى به المدرب الهولندي الشهير Guus Hidink في إجابة منه لسؤال أن كان سيجدد عقده مع المنتخب الروسي الذي يدربه أم لا؟ لأن في إجابته ما يشيء بالكثير، فماذا قال: " صحيح أن عقدي ينتهي بنهاية عام 2008م، ولكن عملي لم ينتهي بعد. فأنا هنا لست أتحدث عن المنتخب الوطني، وانما عن كامل عملية البناء التي تتم على مستوى البنيات الأساسية وتحديث الملاعب وتطوير مراكز التدريب وتأهيل اللاعبين الجدد والمدربين، هذا هو دوري المنتظر مع روسيا ما بعد الاتحاد السوفيتي والتي تستحق أن تعود إلى أمجادها". Aus. Herald Sun,) 02/08/07, P. 96) هذا يعكس بجلاء البنى المفاهيمية والذهنية التي لا غنى عنها للمدرب الحديث المناط به الانخراط في العمل الرياضي ومن ثم تطويره. وهو كما تبينه هذه الأسطر عمل معرفي في المقام الأول يتوخى القدرات النوعية والمؤسسات الحداثية الراسخة والثقافة الحية المتجددة. فهل من جدوى أن نسأل: أين المدرب السوداني من كل هذا؟

    في الفصل القادم سنتحدث عن ادارات الأندية ودورها في تابيد التخلف.

    (عدل بواسطة atbarawi on 05-09-2008, 02:55 PM)

                  

05-16-2008, 08:11 AM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    الفصل الثاني
    إدارات الأندية

    تمثل إدارات الأندية في السودان "إجمالا" ذات المفهوم الاعتباطي الذي تدير به الدولة الرياضة عامة وكورة القدم على وجه الخصوص ممثلة في وزارة الشباب والرياضة. والأمر لا يندرج في خانة الصدفة، فالمفهوم مع اعتباطيته تتجسد فيه الانتهازية في كل مفاصله الحيوية، ولا غرابة في ذلك، حين نجد أن محور الفكرة التي تحرك دوافع الذين ينوطون بأنفسهم عبء إدارة هذه المرافق الرياضية لا تعدو أن تكون دوافع شخصية محضة و"ساذجة" في نفس الوقت إذا قسناها بمعايير الكفاءة الرياضية حسبما هو معمول به في كل الدنيا، وبمنطق البؤس المجسد على أرض الواقع. ولذلك مبررات موضوعية حين ننظر إلى الأمر من زاوية تحليلية تحفر عميقا في بنية التراكم الثقافي الموجه إلى مثل هذه الدوافع. فالأمر في أكثر معانيه عمقا يندرج في سياق الأنيميا الفكرية والكساح الثقافي اللتين تعاني منهما الرياضة السودانية بشكل عام والكرة بشكل أخص حين قطعت – أي الثقافة الرياضية- جذورها معرفيا بالعالم المحيط واستغلت منذ وقت باكر بنفسها واحاطت كل ذلك بسياج عاذل لم يتح لها أن تجدد أو ترفد نفسها بالتلاقح الخلاق، وكانت المحصلة في النهاية ،وكما هو مشاهد، كوره منبتة لا مثيل لها في العالم المعاصر. كوره كل مافيها يشيء بفطرية غير مصقولة تعتمد اعتمادا كليا في حركتها على ميكانيزما الارتجال والفهلوة.

    إذا تمعنا بنظرة فاحصة العناصر الجوهرية التي باتت تشكل عصب إدارات الأندية الرياضية عبر مسيرتها التاريخية نجد أنها لم تخرج عن التوليفة المعتادة والمكرورة حد الملل للتكنوقراط بشقيهم "المدني" و "العسكري" إضافة إلى "جلابة" التجار. وإذا بحثنا عن علاقة هؤلاء وأولئك بالرياضة سنجد في الغالب الأعم أن أكثرهم دخيل ولا يمت للرياضة بصلة، وحتى وان توفرت مثل هذه الصلة في بعض الأحيان فهي لا تخرج عن صلة مشجع "التيرسو" العادي. والحقيقة أنه لا يفرقهم عن هؤلاء الذين في المدرجات سوى هذه الهالة الموهومة التي تحيط بالتكنوقراط في المجتمعات التقليدية على وجه العموم وتلكم الهالة الزائفة التي تسم المشهد الرياضي على وجه الخصوص. أما وجودهم المركزي في هذا الخضم فما هو إلا لدوافع انتهازية سنأتي لسردها لاحقا. دوافع لا علاقة لها البتة اسهاميا في دفع الحركة الرياضية إلى الأمام بقدر ما أنها خصما عليها أخلاقيا كان أم ثقافيا أو اجتماعيا، وهذا ما سنأتي إليه أيضا بالتفصيل.

    قلنا في معرض حديثنا أن عناصر التكنوقراط من عسكر وبيروقراطيون إضافة إلى شريحة التجار هم المسيطرون على المشهد الإداري للأندية في السودان، وبشكل يكاد يشكل ظاهرة فريدة تدعو إلى الدهشة، ورغم اختلاف التكنيك والدوافع فيما بينهم إلا أن الانتهازية كمحصلة نهائية هي التي تجمع بينهم في خاتمة المطاف. فطن العسكر وكبار موظفي الخدمة المدنية مبكرا لأهمية الكراسي الإدارية للأندية وذلك من واقع كونها سلالم خلفية يمكن الصعود من خلالها بسهولة للمواقع الأمامية في التراتبية الاجتماعية والوظيفية البيروقراطية واختراق شبكة المصالح العليا: السياسية منها والاقتصادية، وذلك بمنأى عن مشقة التنافس الحياتي "العادل" من جهة، أو بواقع فهم عميق لطبيعة مفهوم السلطة في التركيبة العشائرية والقبلية للمجتمع السوداني. وقد كان لانصراف الدولة مبكرا عن الرياضة ورفع يدها عنها إلا في الأحوال التي تكون فيها الرياضة خادمة لمصالح السلطة الحاكمة ، كما بينا من قبل، سببا أساسيا لأن تصبح الأندية ممثلة في إداراتها مرتعا خصبا لهؤلاء خصوصا بعد أن تحمل جلابة التجار ، المتحمسون للرياضة، عبء تمويلها إشباعا لدوافع نزوية أو أهواء شخصية. فواقع الأمر أتاح لهذا المزيج أن يبسط نفوذه على مجمل المشهد الرياضي.

    كعادة التكنوقراط في تنكرهم لأصول المعرفة العلمية والمنهجية ، والتي للمفارقة، هي أساس بطاقة هويتهم لاقتحام مؤسسات العمل العام، فإنهم يبدون زاهدين في كل ما لا يصب في مصالحهم الخاصة ، لذا لا غرابة أن نجد أنه لا يعنيهم في كثير أو قليل التعرف على أسرار وفلسفة الرياضة كما تنتهجها الدول المتحضرة ودور ذلك في نهضتها بشكل عام وموقعها الهام في البنية الثقافية والمجتمعية وتوظيف كل ذلك للصالح العام. لم يحدث كل ذلك لأنه – وللمفارقة- لسبب واحد يحمل كل معاني الأسف : وهو احتقار التكنوقراط في قرارة أنفسهم للرياضة وتأففهم من قاعدتها المكونة من عامة وبسطاء الناس!. والأمر في شق منه لا يخلو من سيكولوجية "الأفندي" النخبوي المتأبي على أفعال وسلوك العامة حسبما كونته بيئة كلية غردون ومن بعد جامعة الخرطوم. وحسبك أن تسمع هذه العبارة المتداولة في لغة "الطبقة الوسطى" .. ياخ ده زول بتاع كورة ساكت!!. ولهذا لا نبالغ حين نقول أن أكثر هؤلاء لم يمارس الرياضة في طفولته أو شرخ شبابه حتى يكون على علاقة وجدانية بها ناهيك أن يضمر لها احتراما يبرر تسنمه مواقعها القيادية!.
    فيما يخص جلابة التجار فالأمر مختلف قليلا. فتاريخيا تنتمي هذه الشريحة إلى عامة الناس وأكثرهم لم ينل حظا عظيما من التعليم الحديث ولذلك وفي الغالب الأعم كان الدافع المحرك لتحملهم أعباء الصرف على الأندية هو دافع العاشق المحب فضلا عن إرضاء دوافع الهيمنة والأبوية والزعامة كما تجسدها الصورة المجتمعية التقليدية. والجلابة بحكم مكونهم المعرفي ومزاجهم الشعبي كانوا وما زالوا مرتبطين ، وما زالوا، بالشكل الجنيني الذي تأسست وآلت إليه الكورة السودانية منذ انبتاتها عن الثقافة الإنجليزية التي قذفت بها مع مجيء الاستعمار. لم يعرف الجلابة سوى هذا النمط من الكورة وليسوا على استعداد لتعديله وبما يتلاءم مع الواقع المعاصر ، واٍسباب ذلك كثيرة منها: أن الوضع الحالي هو الذي يضمن لهم السيطرة المطلقة على الأندية ويدعم من نفوذهم الشعبي والاقتصادي، كما أنه باعث على إرضاء نوازع الغرور الشخصي من واقع صورة "الزعامة" كما هي مجسدة في المخيال الجمعي لثقافة المجتمع التقليدي. كما أنهم لا ينقصهم الذكاء الكافي لكي يدركوا أن الاتجاه نحو التحديث يعني فيما يعني انتهاء عهد "الريس" وزوال سيطرة الديكتاتورية الأحادية على الأندية واحلال المنهجية والممارسة الجمعية و "الحرفية" مكانها. وبالطبع سوف يعقب كل ذلك انقلاب ثقافي شامل يقوم على أنقاض الثقافة الرياضية السائدة اليوم. وفي هذا الصدد الرياضة شأنها شأن أي نشاط بشري لا بد أن ينتج بمرور الزمن وتراكم الخبرات ثقافته الخاصة بكل قيمها وسلوكياتها وكذلك امتيازاتها التاريخية ، بغض النظر عن الجدوى القيمية. لكل ذلك يبدو "معقولا" لماذا يقاتل التجار باستماتة ومن خلفهم التكنوقراط للحفاظ على هذا الوضع، لأن الحفاظ على مثل هذه المكتسبات التاريخية ، حتى مع تعارضها مع المصلحة العامة، هدفا "أسمى" تقاتل من أجله الجماعة المستفيدة وتحاول ما وسعت عرقلة كل محاولة للتغيير.
    هذا هو بالضبط ما تقوم به إدارات الأندية من دور لإجهاض كافة المحاولات التي يقوم بها بعض المخلصين لالحاق الكورة السودانية بالركب العالمي، ورغم إيمان هذه الإدارات بأحقية هذا المسعى ونبله إلا أن تعارضه مع جملة مصالحها الحيوية ومكتسباتها التاريخية وقيمها الثقافية المهينة يجعلها تنزع بوعي أو بدونه لعرقلة أي محاولات جادة وجوهرية.
    هذا المشهد الكامل من الفوضى والعبثية الإدارية مبعثه الفقر الفكري والجهالة الإدارية المشغولة بتحقيق المصالح الشخصية الممثلة في الارتقاء الاجتماعي والوظيفي والتقرب أو الولوج لبوابة السلطة السياسية أو تحقيق المكاسب الاقتصادية قد عصف بالاستقرار الإداري للأندية ومكن بقوة من سيادة القيم اللا أخلاقية بحيث بات هذه القيم استراتيجية شاملة تتأسس عليها روح التنافس الرياضي في السودان. فالإدارة كسلم خلفي للتطلعات الشخصية خلقت جوا من العلاقات "البراغماتية" والصداقات المريبة والتنازلات المهينة ألقت بظلالها على شرف المنافسة وشفافية التعامل وأخلاقية الرياضة، من واقع كونها عنصر بنيوي يعمل باتساق مع بقية العناصر لترسيخ القيم الإيجابية للنشء والشبيبة. فبيع وشراء المباريات ، على وجه المثال، صار الملمح الأساسي الذي لا تعترضه قوة قانون أو متانة لوائح،وعادة ما يتم بشكل فاضح وسافر وعنجهية تفتقر حتى إلى الحد الأدنى من ذكاء الإجرام. مشاهد تتم في واضحة النهار وتحكى لاحقا بكل فخر ويثمن جهد صاحبها وتنسج حوله الأساطير، والقانون ومن خلفه خائرو القوة لأن الجميع في خانة التآمر والكل تفوح منه رائحة التواطوء. والأندية الكبيرة تمارس قانون الغاب تفتك بالأندية الصغرى تجيرها لمصالحها بعد أن تقنع ادارييها بلعب دور المشجع المخلص أو في أحسن الأحوال دور الانتهازي الصغير الباحث عن مكان بين "الكبار"!.

    نواصل........
                  

05-17-2008, 06:32 AM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    الى حين عودة
                  

05-18-2008, 01:00 PM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    وهذا مقتطف - جد خجول- من تقرير صحافي عن ظاهرة الارتشاء:
    Quote: · وقبل احدى مباريات الدوري الممتاز وفي مدينة ولائية جند لنا الاتحاد المحلي المعني والنادي الذي يمثل المدينة، الحكم الرابع للقيام بدور الوسيط. وقام بدعوتنا لوجبة غداء وبعدها دار الحديث بالتدريج حول ضرورة أن تكون نتيجة المباراة لصالح فريق المنطقة. واذكر انني ذكرت لهم ان هذه رشوة مغلفة. وذهبنا وادرنا المباراة وخرج فريق المنطقة مهزوماً.
    * وبعد المباراة تم الاعتداء علينا بالضرب، بتنسيق كامل من الاتحاد المحلي المعني وادارة النادي.
    * وهذا التواطؤ الذي يحدث في اعتقادي ان الحكام واللاعبين بريئين منه. والمشكلة تكمن في الإدارة. وعندما يتم عرض الأمر للأسف فإن الذي يفصل هو نفس الإداري الذي خطط للتواطؤ.
    * وتحفيز الحكام من قبل الاتحادات، يعتبر احدى اكبر المشاكل. وعملية الاختيار للشارة الدولية تتم بصورة فيها تأثير كبير على الحكم، لذلك نجد الحكام يتنازلون عن مهامهم للإداريين.
    · واداريو الاندية يعتقدون ان اقرب طريقة لتحقيق الفوز تكون عن طريق رشوة الحكم. وفي كل الأحوال سواء اللاعبين او الحكام، نجد ان الذين يقومون بالادوار هم الاداريون. وحتى لا تثبت عليهم الجريمة يقومون بتجنيد وسطاء «سماسرة».

    المصدر : صحيفة الصحافة 5170 بتاريخ 17/11/2007


    بالطبع هذا السلوك المنافي للأخلاق الرياضية لا ينحصر فقط في السودان ،ولكن ما يتميز به السودان بجانب قلة من الدول هو أنه يسوغ بضعف قوانينه وتواطوء نظمه وإعلامه لمثل هذا السلوك الناشز، الذي يثاب سدنته بألقاب من شاكلة: "مقرمين"، "فاهمين اللعب"، "واصلين"...الخ. أكاد اليوم أتفهم تماما لماذا كان يقف السكرتير العام لنادي الشبيبة عطبرة في ثمانينات القرن الماضي ويصيح من أعلى المقصورة القيادية للإستاد الشهير وبحضور كل أعضاء الاتحاد المحلي وإداريو الأندية المختلفة بأنه لا خوف علي ناديه طالما أن جيبه مليان!!. إن ناديا في حجم ووزن "جوفنتوس" الإيطالي لم تمنع سمعته أو سطوته الاتحاد الإيطالي من إسقاطه إلى دوري الدرجة الثانية في عام 2005م حال ثبوت فضيحة الارتشاء التي طالت بعض أداريه. تم كل ذلك دون وجل أو خوف لأن القانون هناك يسود ولا يفرق. هذا لا يحدث عندنا لأن الاتحادات المحلية أو حتى الاتحاد العام ،لأنه من جهة، فهو ربيب هذه الثقافة بحكم أن أعضائه هم إداريون سابقين بالأندية، ومن جهة أخرى، فسطوة الأندية الكبيرة وتسلحها بنفوذ القوى السياسية يجعلها في مأمن من أن تطالها العقوبات الكبيرة. في خضم كل هذه الفوضى "المنظمة" تكاد تكون الكورة السودانية نسيج وحدها في استشراء الفساد الإداري والمالي وسيادة روح الارتشاء واللعب بالمباريات ونتائجها والإخلال ببرمجة المباريات لصالح أندية بعينها نتاج نفوذها الكبير الذي قد يصل إلى سدة كراسي السلطة السياسية الحاكمة. أقول تكاد تكون نسيج وحدها لأن مبعث ذلك ثقافة سائدة لا تجد غضاضة فيما يحدث إن لم نجازف ونقول بل أنها تسبغ عليه شرعية وترسخه في وعي العامة بالسلوك الإيجابي. وحتى على مستوى صراع التنافس على الكراسي الإدارية يتخذ مثل هذا الصراع أبشع الوسائل ويبلغ مراحل من الانحطاط الأخلاقي لا يمكن وصفها وما ذلك إلاّ لأنه صراع مصالح شخصية في المقام الأول والأخير ولا علاقة له بالصالح العام، أي خير الأندية، ولذلك فهو في حل من أي معايير أخلاقية وتجند له كافة الوسائل الإنسان رخيصة التي لا يعرف لسوئوها سقف محدد. والجميع في ذلك متواطئون: دولة، اتحادات، نخب، صحافة .. وحتى الجمهور المغلوب على أمره يتحول إلى آداه.
    كل هذا أدى إلى تقزيم مفهوم التنافس الرياضي وإقصاء ثقافة المتعة والجمال كأهم مرتكزات يتأسس عليها مفهوم الرياضة المعاصرة، والتي مع تغول رأس المال عليها إلا أنه لم يستطع أن يسلبها هذه المرتكزات. بات النصر بأي ثمن وتحاشى الهزيمة بأي ثمن هما المشهد الأوحد والمسيطر على الساحة الرياضية في السودان وضاعت بالتالي في هذا الجو التعس والمحموم بالهرج والمرج والصراخ والهستريا. نصر في الغالب رخيص تستحلب له كل الوسائل غير القانونية والممارسات غير الأخلاقية. نصر تروج له وسائل الإعلام العاطلة بأقلامها المستأجرة وتسبغ عليه الأوصاف والمبالغات ما لا يخطر على بال. يعكس مثل هذا السلوك الممارس محنة التخبط الإداري وقطيعته التاريخية مع مجمل المفاهيم والمناهج المتعارف عليها عالميا. وما هذا التخبط والولوغ في العشوائية إلا نتاج هذه العزلة التي وجدت فيها الكورة السودانية نفسها بفضل هذا النوع من الفكر الإداري المسيطر. وهو فكر يعاني – كما سبق وأن أبنا- من فقر فلسفي وشلل مفاهيمي مبعثهما اختياره ، منذ الوهلة الأولى، الانكفاء داخل بيئة مغلقة وخلق جدران وحواجز عالية تحيل بينه وبين التواصل واكتساب الخبرات الضرورية لرفد المجال الرياضي بالحيوية والطاقة الخلاقة التي تنتج الاستمرارية الصحيحة والمعافاة. ولأن الحياة لا تعرف الفراغ أو السكون، كان لا بد أن يكون ثمن هذه العزلة الاختيارية معايير ونظم إدارية نسيجة وحدها تقتات من فوضوية التجريب وقانون الصدفة ما يعينها على الاستمرارية "المترنحة" إن جاز التعبير. استمرارية أنتجت تراكما شائها معوجا قوامه فوضى عارمة ونظم مختلة وثقافة رياضية لا يكاد يوجد لها مثيل على ظهر هذه البسيطة. ثقافة أبرز ملامحها ضرب القيم الإيجابية والنظم الأخلاقية في الصميم. ثقافة تعلي من سلوك الارتشاء حتى صار سمة أساسية يتبجح محترفوه على الملأ دون أن يصاحب ذلك أدنى إحساس بالخزي أو العار. ثقافة تتحلى في حرق الشخصيات دون وازع أخلاقي أو ضمير. ثقافة فشلت في تحويل الأندية إلى مؤسسات مجتمع مدني تصهر فيه طاقات الشباب وتوجيه قدراته نحو أهداف مجتمعيه خلاقة تسهم في ربط الفرد بالمجتمع على نحو فعال ومثمر. ثقافة فشلت في تحويل هذه الأندية إلى مؤسسات اقتصادية – كما هو الحال في العالم- تسهم في تخفيض معدلات البطالة وزيادة طاقات الشق المهني وبالشكل الذي يبعث بحيوية بالغة في المجال الاقتصادي. كل هذا يحدث في أركان الدنيا الأربعة بعد أن تحولت الرياضة إلي صناعة تدر المليارات من العملات الصعبة. على النقيض من ذلك نجد أن الفقر الإداري السائد قد أنتج "فيروس" الانقسامات وعطل قدرات الشباب حين تعامل معهم كوسائل رخيصة لتحقيق أهدافه الآنية، كما اسهم بقوة في دفعهم – خصوصا اللاعبين- نحو الطريق الخاطئ وجعلهم وحدهم يتحملون تبعات ذلك في شكل ضياع مستقبلهم العلمي والمهني على حد سواء. وما أرتال اللاعبين الهائمين في الشوارع والمكاتب التجارية في مناظر بالغ الكآبة ودون هدف محدد سوى التسول المقنن إلا انعكاس واضح لمثل هذه السياسات الإدارية المدمرة القاصرة عن بلوغ ومرامي الغايات العليا المرجوة من الرياضة.

    نواصل.....
                  

05-20-2008, 11:04 AM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    up
                  

05-22-2008, 07:24 AM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    ويجدر بنا في هذا المقام أن نتحدث باستفاضة عن فك وتسجيلات اللاعبين والتي تتم بشكل دوري كل نهاية موسم رياضي.
    بشكل عام تكمن خلف مفهوم تنقلات اللاعبين فلسفة عميقة قوامها الندية والتكافوء بين اللاعبين والأندية من جهة وما بين الأندية نفسها من جهة أخرى. فعلى مستوى علاقة اللاعبين بالأندية نجد أن ارتباط اللاعب بعقد معلوم المدة يجدد طاقات اللاعب على المستوى النفسي والمهني، حيث يتيح له مثل هذا الوضع أن يصحح مسار حياته الرياضية باستمرار متى ما أخطأ الخيار أو جابهته ظروف حالت دون تحقيقه النجاح المطلوب في مناخ غير مواتي فبإمكانه الرحيل بحثا عن واقع أفضل يعيد إليه الأمل والثقة بالنفس لمواصلة مسيرته الرياضية. وفي حال النجاح يتيح له هذا الارتباط المؤقت أن يستثمر نجاحه بشكل مادي يحقق له استقرارا اقتصاديا يجنبه الخوف والقلق من المستقبل وينعكس تطورا في المستوى. وذلك حين يصبح اللاعب هدفا ممتازا للتنافس بين الأندية بغية الحصول على توقيعه. وعلى مستوى علاقة الأندية ببعضها يسهم موسم الانتقالات في إعادة رسم الخارطة التنافسية واعادة التوازن فيما بينها مما يحافظ على مبدأ الإثارة كتيمة أساسية يقوم عليها مفهوم المتعة في الرياضة. فرفد الأندية بدماء جديدة يعيد الأمل والثقة لقاعدتها ويجعلها تقبل على المنافسات المقبلة بروح جديدة تنعكس كما أشرنا في تنامي روح الإثارة وقوة التنافس. تلك هي إجمالا بعض من مضامين فلسفة مواسم الانتقالات كما هي متعارف عليها في العالم أجمع بغض النظر عن تقول المفاهيم الرأسمالية التي دفعت بالمفهوم نحو فضاءات غير معقولة وربما غير مقبولة أيضا،ولكن هذا مقام آخر لسنا بصدده الآن. فما يهمنا هنا كيف تدار مواسم الانتقالات الكروية في السودان وماهية الرؤى والمفاهيم التي تستبطنها؟
    تضيء مواسم انتقالات اللاعبين في السودان بشكل ممتاز البنية الفكرية والأخلاقية التي تقوم عليها "الفلسفة" الإدارية للأندية والاتحادات الرياضية. ففيها تبلغ السذاجة الإدارية ذروتها، والانحطاط مستوى لا سقف له. فعلى المستوى الفكري تعتبر الانتقالات أو "التسجيلات" كما هو متعارف، امتداد للاعتباطية والفقر الفكري من أعلى الهرم الرياضي وحتى القاعدة. فقر كما أِشرنا في أكثر من مقام مبعثه قلة الحيلة وضعف الخيال المصاحب للإداري السوداني الذي لا علاقة له إجمالا بالشأن الرياضي. تظهر أولى تجليات هذا الاعتباط أو "الخراقة" إن شئنا الدقة في الانحراف عن الهدف المراد من الانتقالات وتحويلها إلى غاية عبثية قوامها الرغبات الطفولية ممثلة في "المكاوشة" على أكبر كم من اللاعبين بصرف النظر عن القيمة الفنية المتوقعة من جراء هذا الفعل. فالغاية هنا انعكاس لثقافة تنافسية مريضة، تسعى إلى ضرب مبدأ التنافس الذي تقوم عليه فكرة الانتقالات في مقتل، وذلك حين يصبح الهدف الرئيسي قفل الطرق أمام الخصوم بكل الوسائل الممكنة وغير الممكنة. ولا يتحقق ذلك إلا عن طريق المكاوشة على اللاعبين طالما أنهم سيكونون بمنأى عن الخصم وفائدته. أثمرت هذه الثقافة نتائج وخيمة تمثلت بمرور الزمن في ضعف المنافسات المحلية والقومية لغياب التكافؤ والتنافس الفعلي. كما أصبح التخلص العشوائي من معظم اللاعبين هو المعادل الموضوعي لنهج المكاوشة. فتكدس اللاعبون في قوائم الأندية دون أدنى اعتبار للمعايير الفنية يجعل التخلص منهم سهلا مع أول تسجيلات قادمة لصالح ضحايا جدد. والنتيجة هي ضياع عدد مهول من اللاعبين الموهوبين نتاج هذه التصرفات غير المسئولة. وعادة ما يصاحب هذا السلوك توسلات مهينة ووساطات متينة يتحول فيها الأقطاب والكتّاب الرياضيين إلى "نخاسين" يسعون إلى جمع أكبر مبالغ من الأموال من خلال استغلال نفوذهم لتمرير وتدليس البضاعة المراد تسويقها. والأمر في مجمله يتعلق في الأساس بناديي الهلال والمريخ كونهما محور هذه العبثية وما بقية الأندية في السودان سوى كومبارس لا يملك سوى أن يشايع رغباتهما. والسوء يغوص عميقا ويضرب القيم في الصميم نتاج هذا السلوك. فالرغبات الطفولية والنزوية لأقطاب الأندية في هذا "المولد" السنوي لا حدود لها. فالمطاردات في الشوارع واحيانا في المطارات، كما حدث في قصة اللاعب أسامة أمدوم قبل سنوات عدة، والاقتحامات الفوضوية المفتقدة إلى أي حد من العقلانية تستخدم فيها أحيانا آليات الدولة وقوة السلطة السياسية ممثلة في تدخلات القوات النظامية نتيجة لنفوذ بعض تكنوقراط العسكر. كل ذلك وأكثر يحدث في مثل هذه الأيام المليئة بالهوس والجنون الذي لا علاقة له بالرياضة. أما على المستوى الأخلاقي المحض ، فالكذب والوعود الفارغة والخداع هي اللغة المسيطرة على مشهد التسجيلات دون منازع. وأول ما يتعلمه اللاعبون في هذا المناخ هو كيفية الحنث بالوعد والقدرة على المراوغة، ويساهم في ذلك كل أفراد العائلة ، تقريبا، والمقربون من الأصدقاء، والقصص في هذا المجال تحتاج إلى مجلدات لوحدها. ورغم هذا الضجيج المبالغ فيه، يبقى الناتج هو "الاستهبال" في أكثر معانيه عمقا ووضوحا. فالشيكات المرتجعة والوعود البراقة غير الممطرة تحيل الحلم في خاتمة المطاف إلى كابوس رهيب وصدمة عادة لا يفيق منها اللاعب إلى أن يتم شطبه في نهاية الموسم لصالح ضحية أخرى. هذا دون أن نصرف كبير عناء في إضافة بعض المشاهد الجانبية التي يمور بها محفل التسجيلات من شاكلة بعض التصرفات الممعنة في التخلف والتي يندى لها الجبين أحيانا، مثل: كأن يحضر إداري ما أو مشجع موسر بعض أنصاف اللاعبين ويقومون بتسجيلهم في الأندية الكبيرة متكفلين بكافة المنصرفات في هذا الخصوص، وكل ذلك إرضاء لنزوات شخصية. وأذكر في هذا السياق أنه كان هناك إداريا مرموقا بأحد أندية عطبرة – يشغل الآن منصبا تنفيذيا باتحادها- يجاهر بمثل هذا السلوك متوشحا له تعبيرا سار مضرب الأمثال قوامه: "ما ضروري التلاتين لاعب يلعبوا جوه الميدان بس!!". فتأمل.. كل هذا وأكثر يتم تحت الدولة ممثلة في وزارة الشباب والرياضة والاتحاد العام المنظم للعبة ولكن الصمت سيد الموقف إن لم يكن البعض من هذه المؤسسات متورطا حتى أذنيه في "اللعبة"!.

    نواصل..........
                  

05-23-2008, 10:14 AM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    up
                  

05-23-2008, 11:06 AM

حسن الجزولي
<aحسن الجزولي
تاريخ التسجيل: 12-05-2002
مجموع المشاركات: 1241

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    الأخ أتبراوي

    تصور ده عمل كبير وجهد مقدر ومطلوب..
    فالمكتبة الرياضية في السودان فقيرة جدآ,
    وأسباب الفقر ده ممكن نلقاها في دراستك دي!
    بخصوص الأسماء أقترح إستشارة قانونية في هذا المجال..
    واصل ومتابعين معاك.
    تحياتي
                  

05-23-2008, 01:11 PM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: حسن الجزولي)

    أبوعلي سلامات
    شكرا على الطلة والمرور يا رجل. وما تتخيل مداخلتك دي تعني لي شنو؟ أخوك هنا ما عنده شلة ولا يحزنون عشان كدة البوست ما بياخد نص يوم الا ويحتل. وبكري أبوبكر خياره وفقوسه فيما يختار ويعلق تعبر عنه حالة المنبر المحزنة.
    تعرف لي فترة عاوز أقول ليك ياخ عليك الله ما تنساني لمن تطلع كتاب "فوز"، وما تتخيل سعادتي كانت قدر شنو لمن رجعت ليك المسودة، وانا عارف مرارة الحاجات دي. قبل فترة اتسرقت شنطتي وفيها فصل كامل عن الصحافة الرياضية أكتر من 40 صفحة، وما تتخيل الاحباط وطمام البطن الماليني من الوكت داك.

    المكتبة الرياضية مش فقيرة وبس، دي تكاد تكون مافي زاته. الناس ديل ما فاضين، وما يتلموا (كتاب، صحفيين، اداريين، ...) الا على باطل. وأتمنى أن يسعفني المساحة والزمن لكي أغطي مجمل المشهد الثقافي الذي يعبر عن حال الكورة السودانية.
    فيما يخص مسألة الاسماء أهو بسأل من قريب بعض الاصدقاء.
    أكرر شكري وتقديري لدعمك المعنوي
    ولك المحبة
    عبد الخالق
                  

05-23-2008, 04:23 PM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    الاخ العزيز عطبراوى
    تحية طيبة

    جرت عادة المثقفين السودانيين على إهمال الرياضة وإعتبارها شأنآ للعوام! وها أنت - مثقف ديمقراطى أصيل - تكتب كتابآ عن كرة القدم، بل ومارست لعب كرة القدم فى أعلى درجاتها، فيما يشبه الاحتراف. اسمح لى بالمساهمة فى هذا الموضوع بجهد المقل: بعض الصور التى وجدتها فى الانترنيت، ذات صلة بهذه اللعبة الشعبية، التى استقرت فى وجدان السودانيين منذ ازمان بعيدة، فى السلم وفى الحرب، فى الشدة والرخاء، فى الديمقراطية وفى الديكتاتورية!


    سودانيون يلعبون كرة القدم عام 1915، فى الخرطوم.


    شباب فى ضاحية الرياض بالخرطوم يلعبون كرة القدم عام 2007



    وحتى فى دارفور المثخنة بجراح الحرب والنزوح واللجوء، طفل سودانى يظهر مهاراته الكروية


    وفى كسلا، حيث الخضرة والتاكا والوجه الحسن وسيدى الحسن، اطفال سودانيون يمارسون هوايتهم المفضلة
                  

05-24-2008, 04:29 PM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: Adil Osman)

    عادل عثمان
    سلامات يا صديق
    أنت الاصيل بالفعل، فحيثما كانت العامة وغمار الناس كنت هناك. هؤلاء النخبويون ذو الابعاد الواحدة أفقر من الفقر يا صديق. وها انت تراهم يتعاركون في منابر الله الواسعة يثيرون الغبار لا لشيء سوى تغطية عجزهم وهامشيتهم فيما يخص دنيانا الواسعة. لا أبعاد لهم، ولذلك تعني الشهادات الاكاديمية كل شيء بالنسبة لهم، وفي أقرب محك ينزلقون الى مستوى الاطفال في صراعاتهم وخصوماتهم.
    سآتيك بكل غريب. تناقضات يشيب لها الراس ولا تصدر الا من شخصيات عليلة تجسد واقعنا المأزوم. حيثما حططت رحالي تجاهبني كلمة المشفقين و"المحبين" يا زول "انت ما ود ناس" البجيبك هنا شنو؟!!!!. وده مكانه تفاصيل الكتاب، وخليك معاي مواصل.

    هذا عالم غني ومثير لمن يعلم مزاياه. يعلمك معنى الثقة بالنفس والانتماء ويشحذ ذهنك بكافة الاسئلة الوجودية، ولكن أكثر الناس لا يعلمون. ما زالوا يظنونها هلال- مريخ!!.

    شكرا يا صديق على هذه الصورة النادرة التي تقول أكثر من الكلام.

    محبتي
    عبد الخالق
                  

05-25-2008, 02:36 AM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    نخرج من كل هذا وذاك بحقيقة تكاد تكون جليه وهي أن إدارة الرياضة وبخاصة كورة القدم في السودان لا علاقة لها بالإدارة كنهج وعلم كما هو الشأن في كل الدنيا. بل هي مطية لمصالح فئوية ضيقة أو أغراض شخصية ممعنة في الأنوية والبدائية وذلك بدءا من وزارة الشباب والرياضة – بوصفها شريحة من شرائح تقسيم الكيكة السياسية – مرورا بالاتحادات وانتهاء بإدارات الأندية والتي عندها يبلغ السوء والانحطاط معدلاته المثالية.
    إن أكبر ضربة موجعة سددها تحالف الأفندية والجلابة هو نجاحه في تكريس انبتات الكورة السودانية عن مرجعيتها الثقافية التي انتجتها وبالتالي انغلاقها على نفسها وانتاجها ، بالتراكم، لثقافة ومفاهيم خاصة بها مؤسسة على العشوائية والتخبط، ظلت في غياب مصادر التغذية الصحية تعيد إنتاج تخلفها بوتائر منتظمة تعمل على تثبيت المفاهيم المغلوطة في اللا وعي الجمعي للدرجة التي باتت تشكل ذوقه العام وذائقته الكروية. هذا فضلا عن أن هذا الوضع الكارثي قد أنتج طبقة مستفيدة تحرص أشد الحرص على استمراره وتأبيده مدعمة في ذلك بامتياز تاريخي حقق لها وما زال السيطرة على جملة المشهد الرياضي مسنودة دوما بالمنتفعين من هذا الوضع من السلط السياسية والاقتصادية.
    يبتلع مثل هذا الوضع الشائه كل الجهود الحثيثة الساعية لتعديل مسار الكورة السودانية وربطها بالمفاهيم والثقافية العالمية السائدة، وكثيرا ما يبعث هذا الوضع على اليأس والقنوط لأن الأمر تعدى مرحلة تغيير الأشخاص وانتقل إلى ضرورة تغيير البنية الثقافية والمفاهيمية التي يتغذى منها الوعي العام. وهنا مبعث الصعوبة إن لم يكن الاستحالة. خصوصا إذا وضعنا في الاعتبار تكاتف كل العناصر الأساسية المكونة لعصب اللعبة من صحافة، تدريب، تحكيم... كلهم يغزون التيار العام بكل صنوف التخلف بعضهم بوعي وإتقان مثل ما تفعل الصحافة الرياضية، كما سنبين في فصل قادم، والبعض الآخر لأن تلك هي امكانياته الحقيقية باعتبار أنه الابن الشرعي للثقافة السائدة ، كما هو الحال في التحكيم والتدريب والجمهور، وحتى اللاعبون من واقع كونهم الضحية الأولى لهذا العبث.

    أطاح هذا النهج الإداري بالإمكانيات الهائلة والكامنة للأندية الرياضية على المستويات الاقتصادية، الثقافية، الاجتماعية والرياضية ، وقزّم من دورها المؤسسي وفاعليتها في خدمة قضايا الرياضة والمجتمع. فأعتى الأندية عندنا وهما الهلال والمريخ جعلهما النهج الإداري المثال في قبضة نفر من الناس يملكون في الغالب الثروة والسلطة يسيرونها كما يشاءون وكيف يريدون حتى وان خالف ذلك الملايين من الأنصار التي هي وفي ظل هذا الوضع في عداد الديكور أكثر من كونها قوة فاعلة، مؤثرة كان من الممكن في ظل المؤسسية والنهج الإداري الحديث أن يكون دورها عظيما وفاعلا كما هو الشأن مع كل المؤسسات الرياضية في العالم. فبغض النظر عن تباين أعداد الأنصار والجماهيرية الهائلة التي تحيط ببعض الأندية، فكل الأندية في السودان تدار بعقلية واحدة ولا فرق في ذلك بين فريق في أقصى أقاليم البلاد أو الهلال الامدرماني، وربما كان السوء والجهل الإداري في أندية "القمة" الامدرمانية يفوق الأندية الصغيرة بمراحل. وسيكون من اللائق هنا أن نأخذ فريق "أم دوم" الشهير كنموذج حتى تتضح لنا معالم النمط الإداري السائد في الأندية السودانية. خمسة أعوام لا غير احتاجها فريق أمدوم لكي يصبح فريقا زائع الصيت بلغت شهرته آفاق القطر العريض المساحة. خمسة أعوام كانت كفيلة بأن يخرج من رحم المجهول أن لم نقل العدم، ليقفز الدرجات في خفة ورشاقة جعلت منه معجزة انبثقت من غير ميعاد، أصبحت بعبعا يهدد سطوة أندية "القمة" وسيطرتها المستدامة على الساحة الكروية على المستويين العاصمي والقومي. خمسة أعوام لا غير احتاجتها أمدوم لتصدر الى الناس فريقا "يهز ويلز" وأقل من خمسة أعوام كانت كافية ليكون الفريق أثرا بعد عين، ونسيا منسيا، وكأن لم يكن هناك شيئا ليكون. أليس الأمر يدخل في باب "الغلوتيات" السودانية المنشأ والصنع؟ بلى فالأمر في جوهره غلوتية لا يمكن أن تحدث إلاّ في السودان وفي ظل ثقافة رياضية تعيد إنتاج مفاهيمها الساذجة والفطيرة بمستويات غير مسبوقة. ففي لحظة ما لا يدري صاحب هذه السطور كنهها أو دوافعها، قرر بعض أصحاب الميسورين من دهاقنة تجار قرية أمدوم أن ينشئوا فريقا من العدم يكون حديث الناس والعالمين يرفع سيرة أمدوم عاليا ويجعلها على كل لسان. وبالفعل ، وعلى عجل تم تكوين الفريق "المعجزة" وبذل المال دون إقتار لشراء ما تجود به الساحة من لاعبين، مزاحمين في ذلك الناديين الكبيرين المستفردين بالساحة دون حسيب أو رقيب. في وقت وجيز تم شراء العدد المناسب من اللاعبين مع الاستعانة بأشهر المدربين الموجودين على الساحة. كل ذلك تم بمقاييس تجار "السوق العربي" أو ما اصطلحنا عليه بالنهج الجلابي. والأمر في زاويته يذكرك بعمارة تاجر "العملة" المعروف "ود الجبل" والتي قيل أنه كان يود لها علواً يجعله يطل منها على بيته بقرية "جبل أولياء"!. تم بالفعل لتجار القرية ما أرادوا، وصعد نجم الفريق كما ذكرنا من قبل بأسرع مما توقعوا. ولكن ولأن الأمر أمر نزوة أكثر منه أمر إدارة رياضة فقد انتهى الأمر بمجرد أن المت الصعوبات الاقتصادية ببعضهم وتعذر الدفع بسخاء فور إطباق الإنقاذ على سدة الحكم ومقادير العباد وتعديلها للخريطة الاقتصادية. كان ذلك إيذانا بانهيار صرح أمدوم، وانتهاء حلم أهاليها الذي لم يستغرق طويلا حتى لكأنه بدأ لهم كأحلام اليقظة أكثر من كونه كان واقعا مشهودا. ولقد شاءت الأقدار أن يكون كاتب هذه السطور شاهدا على بعض ما يجري هناك، فماهي حقيقة هذا الفريق الأسطوري؟ كان ذلك في بداية تسعينات القرن الماضي عندما نما الى علمي رغبة النادي بأن أكون ضمن كوكبتهم وكنت وقتها طالبا بجامعة القاهرة فرع الخرطوم ولاعبا بنادي الشبيبة عطبرة، ولأن الموسم كان في منتصفه كان علي الانتظار حتى نهايته لكي يتم الانتقال وفق اللوائح المنظمة للعبة. وكنت طيلة هذا الوقت أعامل كلاعب بالنادي، تشملني لوائحه. بل وشاركت في بعض مبارياته الودية. كنت في البداية مأخوذا مثل الكثيرين بـ"البروباقندا" المصاحبة للنادي، والتي كان ورائها بالطبع صحافة مدفوعة الأجر حسب العرف الجاري. ولكن واقع الحال كان شيئا آخر. يفاجئ المرء منذ البداية بأن النادي لا مقر له ولا ملعب "جاد" خاص به. ثم المفارقة الثانية أن تجمع اللاعبين يتم في العاصمة وليس حيث من المفترض أن يكون لهم مجمعهم السكني وملاعب النادي. فالذي كان يحدث وقتها هو أن تقوم حافلة مستأجرة بالطواف بين المدن الثلاث لالتقاط اللاعبين ومن ثم تتم معاناة البحث عن ملعب يتم استئجاره هو الآخر. وكثيرا ما تفشل التمارين لعدم وجود ملعب شاغر وينتهي الطواف بإحباط وملل ليس بعده. وحقيقة الأمر أن العلاقة بين اللاعبين والقرية التي يمثلونها علاقة مفتعلة في أحسن الأحوال، فليس هناك صلة وجدانية تعززها مؤسسة مادية تقف شامخة في تلك القرية الوادعة. بل من المؤسف أن يتذكر المرء الآن أنه حتى المعسكرات كانت تقام في العاصمة. يقف خلف كل هذا العبث محامي شاب من أبناء القرية ،وقتها كان سكرتيرا للنادي، يرسم بذكاء الأفندي التقليدي ملامح مستقبله الرياضي والاجتماعي عبر هذا الصرح "المزيف"، وذلك حين نجح من خلال مكتبه القائم وقتها بعمارة الضرائب في تسويق هذا الوهم للمجتمع الرياضي في عموم السودان والعاصمة وبذات الآليات المستخدمة في هذا السياق رافعا في ذات الوقت أسهمه الشخصية عبر الفعل الواعي لما يسعى إليه لاحقا. وكانت المفارقة حين تزامنت نجاحاته الشخصية مع انهيار "الصرح" الذي استخدمه كمعبر لهذا "النجاح" الذي جعل منه في راهن الأيام أحد أهم الشخصيات الرياضية المنوط بها الارتقاء بالرياضة في البلاد!! فتأمل!.

    نواصل..........
                  

05-25-2008, 02:41 PM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    up
                  

05-25-2008, 06:24 PM

شهاب الفاتح عثمان
<aشهاب الفاتح عثمان
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 11937

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    كره القــدم ببلادي نيل من الحب نتمنى لها
    النظـام و الرقي والعلميه .. والريــاده .

    مجهــود وافر
    شكــرا لك


    _______________________________________________

    ليتهم يعلمون ان عمر اللحظـه في بعـدك يا خـرطـوم سنين طـوال
    د شهـاب الفاتح ـ كوالالمبـور
                  

05-26-2008, 04:16 AM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: شهاب الفاتح عثمان)

    Quote: كره القــدم ببلادي نيل من الحب

    الدكتور شهاب الفاتح
    سلامات
    شكرا على هذه المداخلةالرقيقة. الحقيقة أن الكرة في بلادي هي وطن من الحب حقيقي. تخيل أن يجمعك الحظ بجل ألوان الطيف العرقي والجهوي أحيانا في فريق واحد، وهذا كثيرا ما يحدث. أصحاب تتقاسم معهم النوم والاكل واحيانا اللبس لايام واسابيع تطول في المعسكرات والترحال. زملاء يأتون في هذا السودان الشاسع من قرى وتخوم لم يكن من المتاح التعرف عليها لو أنفق الانسان مقدار عمره اضعافا.
    آما أن آتي لبعض قصص الحنين والزكريات في فصل الحديث عن اللاعب السوداني.

    لك المحبة
    عبد الخالق
                  

05-26-2008, 10:17 AM

نيازي عبدالله مرحوم احمد
<aنيازي عبدالله مرحوم احمد
تاريخ التسجيل: 08-25-2006
مجموع المشاركات: 1006

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    الاستاذ عبدالخالق تحياتي
    الفكره في حد ذاتها(فكرة اصدار كتاب) فكره جيده وانت كرياضي اتيحت لك فرصة تقييم الوضع بالشكل الحقيقي من الداخل(داخل مجتمع الرياضه) مما يعني خروجنا بتوصيات تسهم في ايجاد حلول لمشاكل الكره في السوداني....
    سامدك لاحقا بصور للاعبين قدامي لاضفاء حيويه اكثر علي موضوعك الجميل

    وتشكر
                  

05-26-2008, 02:41 PM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: نيازي عبدالله مرحوم احمد)

    تسلم يا عزيزي نيازي وشكرا على مداخلتك الرقيقة ومبادرتك اللطيفة، بالطبع سأكون في انتظار مثل هذه الصور، وكمان أتمنى مدي بعض المستندات خصوصا فيما يتعلق بمعارك الصحفيين الرياضيين الخارجة عن كل مألوف الاخلاق.
    محبتي

    عبد الخالق
                  

05-27-2008, 02:29 PM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    up
                  

05-27-2008, 06:30 PM

حسن الجزولي
<aحسن الجزولي
تاريخ التسجيل: 12-05-2002
مجموع المشاركات: 1241

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    أتبراوي

    رجعنالك

    تعرف فيما يخص موضوع الشلل في المنبر ده فأحسن حاجة إنك تكون خاي وفاض وماترتبط بأيتها شلة وبذلك تحس بأنك متحرر ومحترم نزاهتك في جس الغث من الثمين فيما يطرح من موضوعات في المنبر ومن ناحية ثانية ترفع عن كاهلك حرج قانون المجاملات الشللية .. فشعار إحداهن مثلآ (حبيبي أرفع لي وأنا أرفع ليك )وكلو بي تمنو!

    بمناسبة تجربة فريق أم دوم يحكي المرحوم كمال سينا نجم المريخ وأحد أشهر ظرفاء مجتمع العاصمة أنه جاء مرة لدخول دار الرياضة أمدرمان لأول مرة بعد قرارات نميري الشهيرة بإلغاء الفرق الرياضية الكبيرة في العاصمة والإستعاضة عنها بما سماه الرياضة الجماهيرية, فقال لمن وقفت قدام وحة إعلانات المباريات قريت ليك أم دوم- العزوزاب.. الخليلة- الحماداب .. أبعشر - الدروشاب .. وأسماء تانية بالطريقة دي, مافهت حاجة وقمت طوالي راجع البيت..قلت إحتمال يكونو قلبوها محطة مواصلات!

    للأخ نيازي:-
    والله حتلقانا كلنا في إشتياق للصور دي..الكع.

    ولحدي ما أرجع تاني..فوق
                  

05-28-2008, 03:23 PM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: حسن الجزولي)

    Quote: فقال لمن وقفت قدام وحة إعلانات المباريات قريت ليك أم دوم- العزوزاب.. الخليلة- الحماداب .. أبعشر - الدروشاب .. وأسماء تانية بالطريقة دي, مافهت حاجة وقمت طوالي راجع البيت..قلت إحتمال يكونو قلبوها محطة مواصلات!


    حسن الجزولي سلامات
    والله دي بالغ فيها عديل. رحمه الله. بمناسبة خفة دم بعض اللعيبة، كنت وقتها في نادي الاتحاد ببورتسودان، وكان وقتها "كمبا" اللاعب الشهير يلعب بنادي هلال بورتسودان، وكنا كلاعبين من خارج بوتسودان تجمعنا علاقة حميمة نلتقي معظم اليوم في القهاوي بالسوق. المهم كمبا كانت عنده في مؤخرة راسه دائرة صغيرة ما فيها شعر، قام أخونا عوض عبودة وكان لاعب بنادي المريخ بيمزح معاه، قال ليه ده شنو يا كمبا الحفرة الفي راسك دي؟ قام كمبا بسرعة جدا قال ليه: دي من النفس الحار بتاع المدافعين.

    اتفق معاك تماما في مسالة الشلل دي. وأخوك بعد عشرة سنة خبرة في المنابر، مشتري دماغه وحريته تماما.

    خليك متابع
    محبتي
    عبد الخالق
                  

05-28-2008, 06:01 PM

Nasr
<aNasr
تاريخ التسجيل: 08-18-2003
مجموع المشاركات: 10839

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    هذا أنفع وأحسن ما قيل في الكورة السودانية في المائة عام التي إنقضت
    واصل
                  

05-28-2008, 08:58 PM

خدر
<aخدر
تاريخ التسجيل: 02-07-2005
مجموع المشاركات: 13188

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: Nasr)

    البوست ده جميل يا ع.خالق
                  

05-29-2008, 03:46 AM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: خدر)

    شكرا يا نصر على التقريظ، وهمتكم معانا.

    يا خدر: تسلم على الطلة يا صديق.

    الخلاصة:
    راكمت السنون الطوال الفعل الفوضوي للإدارة الرياضية في السودان وبات ثقافة كاملة من الفوضى "المنظمة" التي لها نظمها وقوانينها ورؤاها الخاصة التي تدير من خلالها النشاط الإداري بالقطر. خلق هذا النهج نمطا بات يمثل النموذج السائد والذي يعيد إنتاج نفسه عبر آلياته الخاصة في أشكال بائسة عصية على التغيير بما توفر لها من امتياز تاريخي ورأسمال ثقافي وفوق كل هذا وذاك قوام مصالح اقتصادية لا تنافس. أبرز ملامح هذه الفوضى الإدارية يعبر عنه هذا النسق الهيكلي الذي تبنى عليه العملية الإدارية بالكامل والذي لا يقوم على فصل الاختصاصات كما هو مفترض ومعمول به في كل النظم الإدارية المتطورة. فالرئيس في الغالب الأعم هو كل شيء، وبمقدوره فعل كل شيء، ولا حوجة لمؤسسية قرار أو خلافه. ورغم أنه – وللمفارقة- يتم الترشيح للمناصب الإدارية وفق نظام انتخابات ديمقراطية إلا أن ذلك مجرد شكل خارجي لا علاقة له بالمضمون. فالقائمة الفائزة هي دوما الرئيس و"بطانته" المناط بهم إكمال الصورة الديكورية للمجلس المنتخب. والحقيقة أن هذا لا يحدث لمجرد أن الرئيس في "رأسه ريشة" كما نقول بالعامية، ولكن لأن الأمر في أساسه يرتبط مباشره بقدرته المالية في الصرف على النادي في غياب دعم الدولة والنهج الاحترافي الذي كان من الممكن أن يكون تطورا طبيعيا لو كانت البدايات سليمة. جعل كل هذا يد الرئيس مطلقة بالكامل وأحيانا يشاركه المسئولية على نحو ما تكنوقراط عسكري أو مدني نافذ في الدولة يتأبط في العادة مركز السكرتير التنفيذي. أتاح هذا الوضع وعبر التاريخ الطويل احتكار المناصب الإدارية وجعل من بعض الشخصيات الإدارية "ديناصورات" يضرب بها المثل في طول العمر الإداري. غذى هذا النهج المستدام لنظام الانتخابات الإدارية من الاعتباطية وغياب المعيارية الإدارية الحديثة وبالتالي عدم ميلاد المؤسسية حتى يومنا هذا. فكل المؤهلات المطلوبة في الإداري أن يكون موفور المال أو صاحب نفوذ بيروقراطي عالي حتى تفتح له الأبواب وتلتف حوله القاعدة هاتفة بحياته، حتى وان كانت علاقته بالكورة وثقافتها كعلاقة العامة باللغة الهيروغلوفية!!.

    جعل هذا الواقع أو النمط الشائه للإدارة من الرئيس شخصية محورية مركزية مستبدة، متى ما فرح ورضي تحل بركاته على الجميع، ومتى ما غضب لعناته تحل على الجميع دون استثناء، والكل في موقع المتلقي الذي لا حولا له ولا قوة. هذه المركزية المستبدة في التعاطي مع الشأن الكروي ، والذي هو بحكم العام، جعل من المنصب قيمة رمزية بالغة الاشتهاء، وكل ما عظم شأن النادي كلما اذدادت القيمة الرمزية للمنصب، وبات التهافت عليه من قبل الباحثين عن الشهرة والسلطة أكثر إلحاحا واشد ضراوة. خلق هذا الوضع المميز للمناصب القيادية بالأندية صراعات تنافسية حادة أصابت الكورة السودانية بسقم بالغ بدد كل جهود الاستقرار وجعلها تدور في حلقة جهنمية يبدو الخروج منها نوعا من الإعجاز. ومرد ذلك هو أن التنافس من أساسه لا يستند على أي شروط صحية تدفع نتائجه بالأندية الى آفاق عالية ورحبة بقدر ما هو في الأساس قائم على المصلحة الشخصية في المقام الأول والأخير، وإرواء النوازع الذاتية، لذا فهو يتخذ صورة عنيفة ومدمرة تفتقد لأية معايير أخلاقية. صراعات يدفع ثمنها النادي من استقراره وتألقه. وربما هذا يفسر التأرجح الدائم والبندولية الملازمة للأندية خصوصا أندية القمة هلال-مريخ، كنماذج معيارية. والسبب واضح وبسيط وهو متى ما كان النادي مستقرا فمعنى ذلك هو ضعف فرص الفريق الإداري المنافس للإدارة القائمة، ومن هنا يكون الهدف الرئيسي هو عرقلة استقرار النادي حتى تعصف به المشاكل وتنال الإدارة القائمة السخط العام مما يوفر فرصة مثالية لتسنم النادي.. وهكذا دواليك. هذا التنافس العدمي والمشجوب – للمفارقة- من الجميع ، والذي يعزى إليه سر تدهور حال الكورة السودانية، لا يجد من يتصدى له أو يغير من حاله لأنه ببساطة نتاج الثقافة السائدة بالمجمل. لهذا فهو الابن الشرعي لواقع الحال، ولأنه تاريخيا بات النسخة الوحيدة التي يعاد إنتاجها عبر الأجيال، ولم يتسنى بعد خلق نموذج آخر يصلح كبديل. ومرد ذلك هو الإرهاق والاستنزاف الذي يصنعه مثل هذا النوع من التنافس العدمي والذي لا يتيح فرصة لاستجلاء ما يحدث أو حتى محاولة أخذ نفس من باب الهدنة!.
    أثر هذا الوضع الإداري الشائه على كل عناصر اللعبة ،كما سنبين لاحقا، فالتدريب صار متخلفا لأن جزء من ذلك سببه المزاجية التي تتحكم في العقلية الإدارية المستبدة والتي تبحث دوما عن مدرب بمواصفات "خاصة" أهمها: ضعف الشخصية والانصياع التام. والصحافة باتت معول هدم لأن كتابها موظفين في خدمة إدارة الأندية تطوعها لصراعاتها ونسف الخصوم وتجميل الواقع البشع وتلميع من يدفع أكثر. واللاعبون باتوا هم الشريحة الأكثر ضررا لأنهم ينشأون في جو ملوث بالكامل لا يخدم مصالحهم بقدر ما يستخدمهم لأغراض لا علاقة لها بالصالح العام. كل هذا وأكثر سنأتي له لاحقا.

    غني عن القول، تمثل الإدارة علما وفنا أحد أركان المدنية الحديثة، وفيما يخصنا في هذا المقام، نجد أن فن إدارة الرياضة في العالم والكورة على وجه الخصوص قد بلغ شأوا عظيما. فالاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" يمثل اليوم أكبر وأعظم منظمة غير سياسية على وجه الأرض. وبلغت قدرته على تنظيم اللعبة والفعاليات الدولية حدا إعجازيا،ويكفي أن نشير الى حقيقة أن فعالية ككأس العالم هي اليوم وبكل المقاييس المهرجان الأعظم والأكثر أهمية على وجه هذه البسيطة فضلا عن أهميته الاقتصادية. فمثلا دولة ألمانيا – آخر منظم لفعاليات كأس العالم- أظهر آخر تقرير اقتصادي لها،أن اقتصادها ما زال يعيش انتعاش الأرباح التي حققها تنظيمها لهذا المونديال. هذا فضلا عن أنه ، أي الاتحاد الدولي، واحد من أغنى المنظمات قاطبة ، وتفوق استثماراته في هذا الصدد ميزانية الكثير من الدول مجتمعة. كل هذا يقودنا الى واقع ملموس قوامه أن ذلك ما هو إلا انعكاس للنهج الإداري المتطور على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية للغالبية العظمى من دول العالم التي تمارس شعوبها هذه اللعبة المحببة بشكل منظم من خلال الأندية والمنتخبات. وتمثل الأندية في هذا الصدد مؤسسات ضخمة بالغة التعقيد من حيث الوظائف المجتمعية، الاقتصادية والثقافية التي تؤديها، وأثر ذلك على النشاط الإنساني للمجتمع ككل. فالرياضة باتت اليوم على المستوى الاقتصادي "صناعة" لها شروطها ونظمها وقوانينها وثقافتها التي تسهم بها في الحراك الاجتماعي. واسهامها في دفع عجلة التنمية وامتصاص البطالة وتفجير طاقات الشباب وتوجيهها في عملية البناء القومي أصبح من البدهيات. وحتى تلك الدول التي تتخبط نظمها السياسية وتعاني اشكالات اقتصادية مزمنة، باتت تمثل فيها الرياضة "المنظمة" مخرجا سحري للطبقات المسحوقة المرهقة واليائسة من هول تحالف النظم السياسية الفاسدة والاستغلال الرأسمالي النيو- كولونيالي. فدولة مثل البرازيل تمثل أنصع نموذجا لهذا الواقع. ومع ذلك تلعب فيها كرة القدم دورا جوهريا في تمسك الغالبية العظمى من مسحوقيها بأهداب الأمل نتاج فرص العمل المتعددة التي تتيحها "صناعتها"، وكذلك الاختراقات الطبقية والصعود الى قمة السلم الاجتماعي كواقع حتمي للنجاحات التي يحققها الموهوبين من اللاعبين، حتى بات تصدير اللاعب البرازيلي هو العملة الأهم في أرقام اقتصادها، ولا غرو أن يكون أشهر نجومها اليوم ينحدرون من أسفل السلم الاجتماعي. لا نود أن نسهب في هذا الأمر ، وقد نرجي ذلك الى فصل قادم نشير فيه الى أزمة الواقع الثقافي الذي نعيشه في السودان من واقع قدرته على إعادة إنتاج كل بنيات التخلف التي تعصف بأي أمل في إمكانية التغيير. ولكن ما يهمنا هنا هو أن نتساءل: كيف هو حال واقع أنديتنا في ظل هذا التخلف الإداري الذي أسهبنا في رصد تفاصيله في سابق السطور. من المؤسسي جدا أن نقول أن أنديتنا ظلت على الدوام معاول هدم اجتماعي وقوالب تكريس للتخلف والانفصام الثقافي، وليست لها القدرة على تأصيل وبعث قيم المجتمع المدني الذي تضطلع به عادة المنظمات الأهلية، وما الأندية الرياضة إلا واحدة من فصيل هذه المنظمات. فالشاهد أن هذه الأندية ظلت على الدوام مفلسة فكريا واقتصاديا وخلقيا وإبداعيا. فبعدها عن المؤسسية والنظم الإدارية الحديثة جعلها تدار بذات عقلية تجار الجملة في السوق العربي، ولا عجب أن نجد أنه بالفعل وعبر تاريخها الطويل تدار من المكاتب التجارية. وهي لم تخرج في أي لحظة من الحيز السلعي الذي يخص سعادة "الريس"! فالخاص والعام هنا ملتبس، وما يخرج من جيب الريس هو منّه تستوجب الشكر وليس مالا عاما يخضع للمحاسبة والتدقيق. ولذلك ظل على الدوام إسهامها الاقتصادي ضعيفا إن لم يكن معدوما. وانعكس هذا الواقع على ضعف دور الرياضة في القيام بواجبها مجتمعيا من واقع كونها حاضن للشباب ومفجر لطاقاتهم وعارك لمهاراتهم العملية ومساهمة في امتصاص بطالتهم من واقع اجتراحها للعديد من فرص العمل الحقيقية. فالعقلية التقليدية أقعدت بالأندية وقزمت من إمكانياتها الكامنة ،والهائلة في ذات الوقت، وجعلتها معوزة وفقيرة طيلة الوقت وعاجزة عن الصرف على اللعبة، ويشهد على ذلك تلك المديونيات الهائلة المستحقة على الأندية الكبيرة من قبل الفنادق وخطوط الطيران والمؤسسات الخدمية الحكومية، والتي لولا تدخل الدولة كسلطة سياسية قامعة تعمل على إسقاط أو تأجيل هذه الديون بالقوة لكان الكثير من الأندية في خبر كان. والحقيقة في ظل هذا الفقر الفكري والإبداعي ما زالت الكثير من الأندية في السودان تدار بعقلية "النفير" خصوصا في مواسم الانتقالات، ويصحب كل ذلك مشاهد "كومي- تراجيدية" نسيج وحدها، ولا نعتقد أن لها مثيل على وجه هذه البسيطة. والحال هكذا، نجد أن التيمة الأساسية التي تحكم الواقع الإداري تقوم على مفهوم "الخادع" و "المخدوع". فالخادع هو الذي يعي تماما أن دور النادي هو تحقيق مصالحه الشخصية والطبقية، وقد أسهبنا في توصيف هذه الشريحة من التكنوقراط والجلابة، وهناك المخدوع الذي يحمل عشقا أصيلا للرياضة والنادي الذي يؤازره وهو الذي يقوم بدور "الكورس الإغريقي" يعمل على تجميل الصورة الخارجية وُيستخدم بصورة جائرة على حساب ماله المحدود ووقته الخاص، وهؤلاء في الغالب يخرجون في نهاية المطاف من المولد بلا حمص زيادة على خسائر معنوية ومادية هائلة قد تعصف حتى باستقرارهم العائلي. وعادة ما يتم استخدام هؤلاء في مناصب "دنيا" بمعايير الثقافة السائدة، ويكون دورهم الحقيقي هو "شيل وش القباحة" كما نقول بالدارج، خصوصا في الحنث بالوعود المبذولة للاعبين والتي هي في العادة فوق طاقة النادي محدود الإمكانيات فعليا حتى وان كان الواقع الزائف يقول بغير ذلك. فالحنث والمراوغة نهجا سائدا وثابتا في عرف الأندية بل هما قيم مستحبة لأنها مرتبطة "التباسا" بالحنكة!!. ولذلك فالإداري "المحنك" في عرف الثقافة الكروية هو ذلك المراوغ الذي بمقدوره تطويع اللاعب والسيطرة عليه بل واستخدامه لضرب النادي متى ما دعت الضرورة لذلك في حمى الصراع العدمي كما أبنا من قبل. ولعل تلك المذبحة الشهيرة التي ضحى بها "زعيم" الهلال الراحل الطيب عبد الله في أواخر ثمانينات القرن الماضي بخيرة لاعبي النادي عندما تبين له وقوفهم بجانب خصمه في الصراع الإداري القائم وقتها تصلح نموذجا لما نود تبيانه. والإداري "المحنك" في أحسن الأحوال، ومن واقع التجربة الذاتية، ينتهي به المقام كمتطفل في موائد اللئام وسط "كبار" الإداريين وفاقد مصداقية واحترام بالنسبة للاعبين!.

    ختاما، في اعتقادي أنه لا يمكن الخروج بالرياضة من هذا النفق إلا من خلال تحديث النهج الإداري بالأندية والعمل على تحويلها إلى مؤسسات حديثة تقضي على النهج التقليدي الساذج، على أن يتزامن ذلك مع تأسيس مفاهيم ثقافية جديدة حتى لا تصبح هذه المؤسسات مجرد أطر حديثة تحمل بداخلها ذات النهج التقليدي القديم، كما هو حادث الآن مع تجربة الاحتراف!. بل يجب أن تتقاطع تماما مع النهج السائد، وهذا عمل شاق يقوم على فلسفة واضحة وارادة خلاقة قوامها تكامل الجهود في تبيئة ثقافة "جديدة" مفارقة للسائدة، وهذا ما سوف نقوم بإيضاحه عند تطرقنا للثقافة الرياضية السائدة.

    في الفصل القادم: وزارة الشباب والرياضة والاتحاد العام أو "إتحاد شداد"!!
                  

05-29-2008, 02:41 PM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    فوق لحد ما نجي
                  

05-29-2008, 06:28 PM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    وفى كريمة كمان مواهب عجمت عودها القراريص!


                  

05-30-2008, 07:25 AM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: Adil Osman)

    Quote: وفى كريمة كمان مواهب عجمت عودها القراريص!


    عادل دي بالغت فيها لووووووووووووووووول.
                  

06-01-2008, 01:22 PM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    وزارة الشباب والرياضة والاتحادات المخططة للعبة

    وزارة الشباب:

    يفترض أن تكون الجهة الماسكة بزمام الأمور بحسب هرميتها الإدارية، ومن واقع أنها الجهة المخططة والمنسقة لبرامج تطوير وتفعيل الحركة الرياضية عاكسة دور الحكومة في استثمارها في قطاع الشباب وتنميته بحسب أنه مستقبل الأمة. هذا على المستوى النظري واتساقا مع منطق الأشياء كباعث حقيقي لقيام هذه الكيانات الإدارية، ولكن بنظرة متروية تستند على ما يجري على أرض الواقع سنجد أن الاهتمام بالشباب ومن ثم الرياضة هي آخر اهتمامات هذه الوزارة عبر مسيرة تاريخنا السياسي الحديث. فمن هذا المنظور تمثل وزارة الشباب والرياضة إعلانا مجانيا لفشل الحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال في الاضطلاع بمسئولياتها الرياضية اتجاه المجتمع السوداني،ومرد ذلك في تقديري يعود إلى عدة أسباب سأعمل على تبيانها في مقبل السطور.

    أول هذه الأمور في تقديري يعود إلى النظرة الدونية التي توليها النخب الحاكمة للرياضة بشكل عام يترجم بوضوح في ميزانية متواضعة للغاية مقارنة ببقية وزارات الدولة. وإذا أبدينا حسن النية يمكن القول أن الحكومات في بلد لا ينعم بالاستقرار السياسي مثل السودان تتعامل حكوماته دوما ببراغماتية تُخضع فيها أولويات الصرف لمستلزماتها الأمنية ومن هذا المنظور تتوزع الميزانية بمنطق "الأهم" فالمهم فالأقل أهمية. وهنا تقبع وزارة الشباب في قاع اهتمامات الدولة اتساقا مع السيكولوجية النخبوية التي تري فيها أيضا بأنه شغل عوام ومن ثم يجب على هؤلاء العوام أن يقوموا بتدبير أمرهم في هذا الخصوص وهنا تقوم اللغة بمهمة التضليل والمراوغة (أهلية الرياضة)!!. ويبلغ هذا الإهمال مداه في التقاعس الذي تبديه الدولة في تعيين الوزير المختص بهذه المهمة. فغاية الدولة من هذا المنصب هو الإسهام في تخفيف حدة الصراع على كعكة السلطة، ومن هنا تختزل الوزارة إلى مجرد حقيبة وزارية يفرضها التقسيم الوزاري تتيح لصاحبها أن يعامل كوزير ينعم بالمخصصات الضخمة والتي هي فوق طاقة الوزارة "الكحيانة". وحتى لو انصعنا لمنطق أن الوزير السياسي ليس بالضرورة أن يكون من أصحاب "الكار" طالما أن بمقدوره أن يستعين بخبراء متخصصين في هذا المجال، فإن هذا لا يحدث لعلة تتعلق في شق منها بثقافة "الاستوزار" الراسخة في الذهنية السودانية التي ترتاح إلى الادعاء فضلا عن التواضع والاعتراف بالحوجة إلي التوجيه والمساعدة من أصحاب الشأن. والشق الآخر يتعلق بما أشرنا إليه بضعف الميزانية التي هي في الغالب مفصلة على مخصصات الوزير والذي لا يرى نفسه أقل شأنا من بقية وزراء الحقائب المهمة في البذخ والإسراف.
    في هذا المناخ نجد وزارة غير قادرة على الإبداع والتخطيط العلمي الجيد لأنها واقعيا مكبلة مفاهيميا ولوجستيا. ولذا لا غرابة في أن نجد أن الوزير المعني يصرخ من اليوم الأول لتعيينه وحتى خروجه على قلة حيلة الوزارة نتاج ضعف الدعم المرصود لها من قبل الدولة. ومع أن مثل هذا الاحتجاج لا يخلو من الوجاهة إلاّ أن الطريقة التي يسوق بها تترك انطباعا زائفا بأن هؤلاء الوزراء متى ما أغدق عليهم المال فإنهم قادرون على فعل المعجزات، وما الأمر كذلك في واقع الحال. فالشاهد أن الوزارة وعبر تاريخها لم تحقق أي نوع من المبادرات التي تمهد لأي أي شكل من أشكال الثورات الهيكلية تعيد بها صياغة البنى المفاهيمية والإدارية للرياضة. فالفقر لم يكن يوما عائقا لكثير من الدول التي حولنا والتي تشاركنا ذات الشظف في تجاوز عقابيله في سبيل النهوض باللعبة وذلك ببساطة لأنهم من الوهلة الأولى راهنوا على العقل الخلاّق في العنصر البشري وعملوا على توظيف الإمكانيات الشحيحة والطاقات المبدعة بدلا عن الجلوس في المكاتب وانتظار المعجزات. فشتان ما بين وزير يهتبل المناسبات والفرص للفسحة في بلاد الله الواسعة وبين آخرون من دول أخرى يحملون حقائبهم للبحث عن مخرج لمشاكلهم، وشتان الفرق بين وزير لا ينسى للحظة أنه موظف دولة وكل ما يرتجي من موقعه مزايا الوظيفة وبين وزير همه الأول والأخير إعمال عقله ومواهبه لإيجاد بدائل تمويلية تسهم في الارتقاء بالرياضة في بلده؟. لا أعتقد أن هناك مسئولا رياضيا تساءل يوما وهو جالس في مكتبه المريح لماذا نجحت دولة أفريقية صغيرة مثل بوركينا فاسو في إنشاء عدة ملاعب حديثة في زمن وجيز وتمكنت من استضافة أكبر تظاهرة رياضية في أفريقيا قبل عدة سنوات؟ أو ماهي الوصفة السحرية التي اتبعتها كل من غانا ونيجريا وساحل العاج وغينيا للخروج من مشاكلهم الاقتصادية وإغراق أوربا بكل هذا الكم الهائل من المحترفين دون أن ترهق هذه الدول نفسها بميزانيات تنوء بحملها اقتصاداتهم المنهارة أصلا؟ يقيني أن مثل هذه الأسئلة لا تطوف بخاطر هؤلاء المسئولين الجهابذة، لأنهم لا يدركون أصلا كيفية خلق واقع كروي متطور هم لا يحسونه أو يدركونه ذهنيا. فالتآلف مع السائد والمألوف قد أطبق على ملكات الخيال وتساوت الأشياء ولنا عودة في ذلك حين التطرق للثقافة الرياضية السائدة.
    العطالة الذهنية والفشل الصراح في النهوض بأعباء الوزارة هي الملمح الثابت ويستعاض عن ذلك في الغالب بافتعال المعارك مع الاتحاد العام لكرة القدم باعتباره المسير لمنشط الكرة من واقع كونها الرياضة المهيمنة لمجرد تسليط الأضواء والتواجد في الخارطة الإعلامية أو من باب الادعاء بأن هناك نشاطا فاعلا تتقاطع طرقه وتتشابك مصالحه مما يستوجب فك الارتباط واللجوء للوائح والقوانين المنظمة للنشاط. ولا تنسى الوزارة في لحظات الزهو المصاحب للصراع الوهمي في العادة أن تلوح بعصا السياسة عندما تجد ورقة توتها تكاد تسقط في محاولة للحصول على التتويج النهائي لهذا الصراع. والتاريخ يحدثنا أن أكثر هؤلاء الوزراء سقط في شباك الجهل القانوني التي لا يحسنون نسجها. وكثيرا ما أرداهم أساطين الاتحاد العام إلى أعقابهم يجرون أزيال الخيبة والهزيمة حين يشهر لهم سيف القانون الدولي ممثلا في دولة الفيفا الكونية.!! والحقيقة أن جهل الذين يتولون هذه المناصب بحقيقة دورهم أو جهلهم بالواقع الرياضي نفسه لا حدود له ويبعث أحيانا على الخجل. ففي تصريحاتهم تشتم رائحة الهرجلة والعفوية التي لا تليق. وكنا قد شهدنا في بدايات عهد الإنقاذ نماذجا مدهشة في سياسة الارتجال و"العنقلة" على أيام يوسف عبد الفتاح وإبراهيم نايل ايدام. من الملائم أن نطلع القارئ هنا بجزء من مقال للصحفي مزمل أبو القاسم لتصريح للوزير الحالي للشباب والرياضة لأنه يكشف بحق ذهنية هذه النماذج التي نرتجي منها خيرا للرياضة:

    Quote: قرأنا التصريحات التي صدرت أمس من الأستاذ محمد يوسف وزير الثقافة والشباب والرياضة تعليقاً على (مآسي كوماسي).. وضربنا كفاً بأخرى تعجباً!

    * الخطة التي أوردها السيد الوزير سعياً لتطوير المستوى ذكرتني بخطة لعب وضعها لنا مدرب مبتدئ اسمه سيف التالولي على أيام كرة الشراب ودافوري (حلة حلة)!

    * التالولي أحضر لنا ورقة وقلماً ورسم ملعباً وزع فيه اللاعبين وقال: عادل يدي الكورة لعضيم.. عضيم يمرر لعبد السميع.. عبد السميع يديها أب لمبة.. أب لمبة يوديها لترمس.. ترمس يشوتها لإدريس.. إدريس يزنها لي وليد.. لتمر الكرة على كل اللاعبين قيل أن تهز الشباك.. ويا للعبقرية!

    * الوزير أعلن للأمة السودانية أن أهم أسباب فشل المنتخب في غانا تمثلت في ضعف المهارات الفردية (للوصول للمرمى) وقلة التجربة والفارق الكبير في البناء الجسماني بين منتخبنا والمنتخبات الأخرى!

    * وأوضح أن اللاعبين كانوا مصرين على تحقيق نتائج ترضي (طموحات المواطن السوداني).. لكن افتقارهم للاعب القناص والمدافع الشرس السريع حرمهم من نيل المراد!

    * منتخبنا حسب رأي الوزير المختص هزيل البنيات.. لا يملك الخبرة ولا المهاجم القناص ولا المدافع السريع الشرس!

    * ولم يوضح لنا الوزير رأيه في المدرب.. ولا في إعداد المنتخب ولا في طريقة عمل الاتحاد.. لكنه شرح أهم مقومات خطة وزارته لتطوير المستوى مستقبلاً.. وتنحصر في ما يلي:

    * (زيادة) قاعدة الاختيار للمنتخبات الوطنية.. واختيار اللاعبين الذين يتمتعون بقوة البنيان الجسماني والمهارات الفردية (الصلبة).. واستعادة منافسات المدارس والجامعات والأشبال!

    * إذا كان السيد الوزير قد صاغ تصريحاته (الصلبة) بنفسه فتلك مصيبة!

    * وإذا صاغها له مستشار (صلب) من الوزارة فالمصيبة أعظم.. لأن الخطة (الصلبة) التي تهدف إلى تطوير النشاط تبدو أقل قامةً من خطة صاحبنا المدرب (الصلب) سيف التالولي المذكورة أعلاه!
    (موقع صحيفة الصدى، 02/05/2007م، عمود كبد الحقيقة ، مزمل ابو القاسم).


    بعيدا عن اللغة المبتذلة التي صاغ بها الصحفي المعني مقاله، فالواضح أن هذا الوزير من الجهل بحيث أنك لا تدري إن كان يتحدث في هذا التصريح من موقع المدرب أم موقع الموظف بالاتحاد العام؟. فما أدلى به من تصريح يدخل شق منه في صميم التصريحات الفنية للمدربين ولا علاقة له بوزير رياضة. ومع أن الصحفي المعني نفسه لا يقل جهلا عنه حين اعتقد أن من صلاحيات الوزير أن يدلي برأيه في المدرب واعداد المنتخب أو حتى طريقة عمل الاتحاد، إلاّ أن ذلك يمثل حالة مزرية ورثة وصلت لها وزارة الشباب والرياضة كجهاز بيروقراطي معني في الأول والأخير بالتخطيط الاستراتيجي لهذه الأنشطة، ومن ثم يجب أن يتوفر له شخص على قدر من الكفاءة المهنية والقدرات المعرفية تتمخض على أرض الواقع خططا طموحة وبرامج خلاّقة عظيمة الشأن في استراتيجية الدولة فيما يخص قطاع الشباب كاستثمار مضمون في مستقبل الوطن. إن تغول الدولة ممثلة في وزارة الإسكان على الملاعب الرياضية وتحويلها إلى قطع إسكانية وانعدام الملاعب بالمدارس والجامعات والمعاهد أو ندرتها هي ما يجب أن يشغل بال وزارة الشباب والرياضة إضافة إلى إنشاء الأكاديميات الرياضية والمدارس الرياضية النوعية المتخصصة. والأهم من ذلك العمل بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم على جعل الرياضة مادة دراسية ضمن المنهج الأكاديمي تحتوي على مواد تثقيفية وتخصصية تكون ملازمة للطالب المبرز رياضيا وتصاحبه في مسيرته الاحترافية كما هو متعارف عليه عالميا. إن الاهتمام بالبنيات الأساسية من ملاعب حديثة ومؤسسات رياضية متطورة هو معيار نجاح وزارة الشباب والرياضة أو العلة المنطقية لأسباب وجودها، وما دون ذلك يدخل في نطاق فوضى المؤسسات السياسية التي تشكل عبئا عظيما على مقدرات الوطن والمواطن.

    نواصل..........
                  

06-02-2008, 05:25 AM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    فوق الى حين عودة
                  

06-03-2008, 03:07 PM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    الاتحاد العام واسطورة شداد:

    يمثل هذا الجهاز قمة الهرم المنظم لكرة القدم في السودان، ومن هنا تتعاظم أهميته وخطورته. فمن داخله تتخلق الرؤى والبرامج والقوانين المطورة والمنظمة للعبة. ولكن كما سوف نرى في تحليلنا لبناه التنظيمية والمفاهيمية سنجد أنه العلة الأساسية التي تقف حجر عثرة في سبيل تطور كرة القدم لأنه ارتبط منذ البداية بالطموحات الشخصية للأفندية، ونسبة لأهميته الرمزية والمادية القصوى صار مكانا شهيرا للتنافس المحموم والمنهك. موقعا تدار فيه مؤامرات الإقصاء والإزاحة بحرفية عالية تفتقدها – للمفارقة- خطط وبرامج الجهاز نفسه. ورغم أن ظاهر الأمر يقوم على "خدعة" أهلية وديمقراطية تداول سلطته إلا أن واقع الحال يشيء بغير ذلك. فتاريخيا هو ملك عضوض لكل من نجح في تسنم مناصبه يسهر ليل نهار على استدامة وضعه من خلال العمل بالتزامن ليل نهار على حياكة المؤامرات وإفشال مؤامرات "الأعداء". فدكتور عبد الحليم محمد مؤسسه الأول في عام 1936م نجده قد أمضى أكثر من ربع قرن في قيادته ورئيسه الحالي دكتور شداد كاد أن يتجاوز الـ30 عاما داخل أروقته. وتلك التواريخ شاهدة على بهتان ديمقراطية التداول السلمي لهذه المؤسسة. ولعل في التعليق التالي للكاتب الصحفي المخضرم النعمان حسن ما يساعد في تفسير هذا التكالب:

    Quote: هل فكر أحدكم لماذا التشبث بإدارة الاتحاد؟

    عجبا ويا لها من مفارقة الذين يدعوا انهم حماة الأهلية والديمقراطية هم من صلب المؤتمر الوطني وهم المنتفعين من الاتحاد يعيشون في حضن السلطة السياسية تهدر بسبب مصالحهم الخاصة كل قيم الأهلية والديمقراطية يتشبثون بالمواقع ويعملون بنظرية الغاية تبرر الوسيلة حتى لو كانت هذه الوسيلة تزوير البصمات وتطويع القانون وتعديله لكسب الانتخابات .
    هل فكر أحدكم أن يسأل لماذا التشبث بالمواقع ؟
    ولكن إذا عرف السبب بطل العجب فالعمل في إدارة الاتحاد السوداني لكرة القدم لم يعد عملا طوعيا لأنه وإن احتفظ شكلا بما يسمى بالعمل الطوعى إلا انه أصبح مصدر عائد مادي في أكثر الأحيان أكبر مما يحققه المرء بعرقه و مؤهلاته لهذا من الطبيعي أن يتشبث البعض بالمواقع لدرجة المتاجرة بالمبادئ التي يتظاهرون بها ثمنا لأن تعبد له السلطة المحافظة على المواقع فالموقع يهون دونه كل شئ.. 11-04-07 شرارت أبو سامرين
    ريهان الريح الشاذلي – سودانيز اون لاين

    في نظري تكمن خطورة هذا التدافع المهلك والعدمي في أنه مدفوع في المقام الأول بنوازع شخصية يتراجع معها الهم العام والمصلحة العليا في وجود رياضة حقيقية متى ما كان ذلك متعارضا مع المصلحة الشخصية. والمصلحة الشخصية في هذا السياق تضع اعتبارا جوهريا لكل أشكال المساومات والتكتلات التي تجعل من حظوظ الفوز بالمناصب كبيرة ومطمئنة حتى لو كانت هذه التكتلات والائتلافات لا يحكمها منطق المصلحة العامة ولا تقف ورائها أو تعززها استراتيجيات وخطى طموحة لتغيير واقع الكرة السودانية ودفعها نحو آفاق أرحب. يستفيد هؤلاء دوما من الجهل العام المطبق على الذهنية الرياضية والتي يختلط عليها التفريق ما بين "التحديث البنيوي" و"التحديث الفوقي" ولذلك ينشطون في كل ما يذر الرماد في العيون - على طريقة بعض أهل السودان حين يضفون على بيت "الزبالة" قشرة طوب أحمر وشوية جير لزوم "التمدن"- دون أن يخل ذلك ببرنامج تحالفاتهم المضمون النتائج. والتكتلات والتحالفات التي نعنيها هنا هي تلك المتسقة مع مصالح سدنة الذهنية التقليدية المتحكمة في مفاصل الكرة السودانية والتي تعمل لتأبيد الطريقة التي تدار بها هذه اللعبة. وقد أكسبت السنون والتجارب "تجار" مناصب الاتحاد العام خبرة في كل ما يأتي (بحركة على شكل وردة) يسخرون لها الدعاية اللازمة لتظهرها بمظهر الإنجاز والأعجاز ، وتلك الحركات من مفاتيح سيكولوجية الذهنية السودانية التي يغرها الثناء. لن نسرف في التعميم حتى لا نضيع في زحمة اللغة، بل سنخطو عمليا بانتخاب الدكتور كمال شداد الرئيس "الأبدي" للاتحاد العام كعينة تعيننا على تحليل الذهنية النخبوية التي تسيطر على مقاليد الأمور في هذا الجهاز الخطر ومن ثم يمكن لنا أن نتبين مواقع المرض العضال الذي ألمّ بالكرة السودانية وما زال يمنعها من أن تخطو خطوة مهمة نحو شفائها.
    قلت أن مناصب الاتحاد العام هو أكبر راس مال رمزي ومادي يمكن أن يصيبه الشخص المنخرط من النشاط الرياضي، وهو يشكل بجانب رئيسي الهلال والمريخ واحدا من أكثر ذروا الوضعية الاجتماعية في السودان، ومن هنا يمكن تصور شراسة الصراع الذي يكتنف هذه المناصب، ولما كان قد أبنا من قبل بعض ذلك فيما يخص الناديين الكبيرين، فإننا نواصل هنا ماذا يعني منصب رئيس الاتحاد العام وتداعيات ذلك. يمثل كمال شداد أنصع صورة للانتهازي الواعي الذي يعي جيدا مراميه ويحسب بدقة مدهشة وقع خطواته. فمع تاريخه الرياضي الجيد كلاعب ومدرب واداري، فهو أكاديمي مرموق شأن الكثيرين من أبناء الطبقة الوسطى لسودان ما بعد الاستعمار. أتاحت له هذه المميزات أن ينخرط بوعي قصدي في دروب الحقل الرياضي متسلحا بخبرة أكاديمية تعي جيدا قيمة الشهادات وقدرتها على اختصار المسافات وارتقاء الدرجات، وقيل أنها في بلد كالسودان تجلب القداسة والحواريين. كل هذه المميزات والقدرات كادت تجعل من شداد المهدي المنتظر الذي بيده فعل المعجز وتغيير واقع الكرة السودانية واعادة ميلادها من جديد وفق شروط ومعايير تتقاطع مفصليا مع ما هو سائد. وهو بحق قادر على ذلك. ولكن شداد كما سوف نرى عمد إلى الأسهل الذي يتسق مع مكون الأفندي السوداني الذي يفضل اللعب على المضمون ويمزج في بهلوانية محيرة العناصر المكونة للثقافة الرياضية المتخلفة بأخرى تستبطن مفاهيم حداثية لينتج لنا واقعا كرويا شائها معاقا لا يقدر على التحكم فيه وتسييره بمنطقه إلاّ شداد نفسه. وهذه الخلطات الغريبة التي تقوم على معادلات أغرب لا تطالعك إلا في أفلام الخيال العلمي لهوليود والتي تقوم تيمتها على عالم مختل عقليا يقوم بإنتاج كائنات مسخ تعيث فسادا على الأرض تعمل في الغالب بإمرة هذا العالم. إن غاية مبتغى شداد كما أثبته تاريخ ممارساته العملية الطويل هو الهيمنة لأطول مدى ممكن على مقدرات الجهاز التخطيطي الأعلى للكرة السودانية مستفيدا في ذلك من وعيه العميق بإشكالياته العميقة وقدرته على تطويعها في المناورات والاستقطابات والتحالفات التي تعمل لصالحه، والمهابة المعرفية التي تحيط بشخصيته. ولكن الفائدة الأعظم كانت تأتي دوما من الذين يصنفون ضده أو ضد سياسته، أي قبيلة "المعارضين". فهؤلاء الذين يخوضون معاركهم ضد الرجل في الغالب الأعم لا تسعفهم قدراتهم الشخصية أو خبراتهم الرياضية في مقارعة الرجل، شأنهم في ذلك شأن وزراء الرياضة ووكلائها والذين أبنا خيبة تاريخ صراعاتهم معه. ولذلك تكفي مناظرة إعلامية واحدة مع الرجل حتى يقتنع المتابع العادي مدى جهلهم وقلة حيلتهم، والأسوأ من كل ذلك حشدهم في معاركهم القائمة على الضجيج هذا الكم الهائل من رجرجة الإعلام الرياضي التي تفاقم من سوء الحال وتعيد إنتاج الرجل كبطل قومي يتلقى التهاني والثقة من أعلى قمة الدولة وحتى الجمهور.

    نواصل.............
                  

06-04-2008, 02:50 AM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    up
                  

06-04-2008, 03:46 PM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    الى حين عودة
                  

06-04-2008, 07:44 PM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)





    نساء سودانيات يلعبن كرة القدم التى كانت حكرآ على الرجال منذ اختراعها!
                  

06-05-2008, 02:38 PM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: Adil Osman)

    شكرتا يا عادل على الصورةالنادرة دي، لكن ما وريتنا المنافسة دي في ياتو منطقة في السودان؟
    سلامي
                  

06-05-2008, 03:35 PM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    الاخ عطبراوى
    سلامات
    صورة النساء السودانيات وهن يلعبن كرة القدم كانت فى احتفالات الذكرى السنوية الثانية لرحيل القائد الزعيم د. جون قرنق، فى ملاعب مدرسة كمبونى بالخرطوم. المنافسة الرياضية نظمتها الحركة الشعبية وحضرها لفيف من قادتها ومن الدبلوماسيين الاجانب المعتمدين لدى الخرطوم. تجد تفاصيل اوفى فى هذه الوصلة
    http://www.k2-media.org/jubapost/go/record.php?cat=19&recordID=190
                  

06-06-2008, 02:40 PM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: Adil Osman)

    تسلم يا عادل على الرابط والمعلومات القيمة. وخليك مواصل معانا
    محبتي
                  

06-07-2008, 03:52 PM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    قلت أن شداد لا ينقصه الذكاء أو القدرات لكي يلم بالأمراض المزمنة التي تعاني منها الكرة السودانية، ولكنه يفضل المسكنات من شاكلة بعض الإنجازات اللحظية المتسقة مع مفهوم التحديث بلا حداثة. أي العمل على تحديث البنية الفوقية التي تقوم على ركام التخلف وتقتات منه في نفس الوقت. وهذا نهج براغماتي يسعى صاحبه في ظل الجهل المطبق الذي تغذيه الثقافة السائدة أن ينعم بكل التقدير والمهابة ويضمن في ذات الوقت تجنب خطر التهديد الذي يطال مركزه في ظل غياب المنافسة المتكافئة مع خصومه. لذا فهو في غنى عن تحمل تبعات التغيير الجذري الشامل الذي يطال البنى الجوهرية للعبة وبالقدر الذي يكون التغيير ثورة شاملة على القديم ثقافة ومؤسسات. إنّ سوء حظ اللعبة يكمن في أن أمثال هؤلاء بما يملكون من قدرات لا يوظفونها إلاّ بقدر ما يضمن لهم المكاسب الشخصية وتوخيهم خطر مواجهة التصدي للسائد والمألوف بكل مكتسباته وامتيازاته التاريخية التي تقف وتستأسد أمام هذا النوع من المواجهات المصيرية والحاسمة. إنها سياسة اللعب على المضمون التي يقف أصحبها كشهداء زور على واقع يعلمون جيدا مدى تسوسه ومع ذلك يكتمون الشهادة. ولكن ما الذي نبتغيه من شداد؟ وما هو الشيء الذي بمستطاعه إنجازه ولم يفعل؟
    كل من يتابع واقع الكرة السودانية عن كسب يعلم أنها تستند على نظام هيكلي مترهل قد يبدو للوهلة الأولى أنه نظام يتسق والرقعة الجغرافية الهائلة للسودان، ومن ثم فهو يعتبر تجسيد حقيقي للامركزية الإدارة، ولكن ما الأمر كذلك. فمشكلة هذا النسق من التنظيم في ظل غياب خطط عملية تستند على قراءة علمية واعية لواقع الحال يأبد من التخلف الرياضي. لأنه يركن لما وصفته من قبل لفوضى التجريب وعشوائية الممارسة في ظل غياب الظل الإداري الرقابي مما يراكم من هذا التخلف ويجعل منه ثقافة يصعب اجتثاثها مستقبلا. هذا ما هو حادث الآن بالفعل. فعلاقة الاتحاد العام بالمناطق الإقليمية تقوم على المصلحة الآنية والكسب الانتخابي، لذلك فتكاثرها وتناسلها الأميبي يجد ترحيبا من الاتحاد العام، من واقع أنها ورقات انتخابية يسهل تجييرها عند اللزوم متى ما اظهر بعض أهل المركز طموحات جامحة أو أدار الأصدقاء ظهر المجن. 49اتحاد محلي (المصدر موقع الاتحاد العام على الإنترنت) يقع تحت إدارة كل منها عشرات الفرق في الدرجات المختلفة. فرق – تظل مجازا تحمل اسم فرق- في ظل فقر إمكانيات هذه الفرق خصوصا تلك التي في مناطق نائية لا يزيد تعداد مجمل سكانها على بضعة ألوف. فرق تفتقد أبسط المستلزمات الأساسية للرياضة من أحذية، وملابس، وحتى البسيط الذي يوجد غالبا ما يتوفر بدعم أهلي يتمثل في تبرع أحد أبناء المنطقة المغتربين على سبيل المثال. ومع ذلك يصنف لاعبي هذه الأندية بأنهم درجة أولى، حتى وان كانوا يتلقون التدريب على يد أحد اللاعبين القدامى والذي خبرته لا تتعدى محيط المنطقة التي نشأ فيها وفي الغالب الأعم لم يتلقى كورسات منتظمة في التدريب ، وفي أحسن الظروف قد يكون تلقى كورسا أوليا جاد به الاتحاد العام على المنطقة على سبيل الرشوة عند قرب موعد الانتخابات. هذا دون أن نتدخل في قدرات هذا المدرب المعرفية أو الثقافية أو علاقته بما يدور في دنيا الرياضة. ولكي تكتمل الصورة عن قرب فسوف أخذ مدينة عطبرة كنموذج. يكاد يبلغ عدد سكان مدينة عطبرة في أحسن الأحوال 200 ألف نسمة. وبحسبة بدائية بسيطة لو خصمنا من العدد الكلي الشيوخ والنساء والأطفال من الجنسين وغير الرياضيين من الشباب سنجد أن الناتج الكلي لا يتعدى بضع مئات، ومع ذلك سنكون أكثر تفاؤلا فنقول بضعة آلاف. فمن هذه الآلاف لكي يتوجب علينا أن نجد موهوبين أو حتى أنصاف الموهوبين سنكون في محنة كبيرة. ومع ذلك سنجد أن المدينة بها حوالي 8 أندية درجة أولى كل نادي يجب أن يحتوي كشفه على الأقل حوالي 28 لاعبا. و9 أندية درجة ثانية تحتوي كشوفها على ذات العدد من اللاعبين وأيضا حوالي 10 أندية درجة ثالثة بذات العدد، هذا فضلا عن مئات فرق الناشئين التي تنشأ وتقوم بدور خطير يتمثل في إعداد لاعبي المستقبل دون رقيب أو ضابط وبعيدة عن أي تحكم فني يخضع أفرادها للخطط الاستراتيجية للاتحاد العام ممثلا في اتحاداته المحلية مع أن هذه الفرق تمثل حجر الزاوية في أي تقدم أو تطور علمي منشود لأنها تمثل البنية القاعدية للعبة. ولكن ما تعودناه في ظل هذه الظروف أن يتخرج منها اللاعب وقد تشبع بقيم ثقافية سالبة ومفاهيم مغلوطة يظل أسيرها إلى الأبد.!! بالرغم من كل ذلك ،وفي ظل هذا الوضع المستحيل، تجد كل هذه الأندية في الأطراف والهامش تعمل بجد في البحث عن لاعبين محترفين – أو هكذا ينبغي- في مدينة جل الشباب الراغب في ممارسة اللعبة لا يتعدى فيها الألفين أو الثلاثة على أحسن الفروض ناهيك عن كونهم موهوبين أم لا. هذا واقع يمكن تعميمه على كل المناطق دون استثناء، ما عدا العاصمة بحكم اكتظاظها السكاني مع أنها تتساوق مع الأقاليم في ظاهرة "انفجار" فرق الناشئين العشوائية الممارسة. هذا على مستوى الواقعية التخطيطية. وماذا عن الواقع الاقتصادي لهذه الأندية التي لا تحصى؟ وكيف يمكنها أن تقوم بتسيير مهامها على الوجه الأكمل؟ الشاهد أن هذا ما لا يشغل بال الاتحاد العام – المنظم الأول للعبة- في شيء. لأن ما يعنيه حقيقة من أمر القائمين على هذه الاتحادات هو كيفية استخدامهم وقت "العوزة" وذلك بالعمل على تنمية النوازع الانتهازية فيهم ووعيهم بالقيمة المادية والمعنوية لأصواتهم الانتخابية وليس وعيهم بدورهم الرياضي والاجتماعي. يمكن القول دون مجازفة أن واقع حال الأندية في معظم مدن السودان المختلفة يرقى لدرجة البؤس والفاقة. ففي ظل فقر الموارد والاعتماد الكامل على شخص أو أثنين وارتفاع مستلزمات الرياضة تعيش هذه الأندية أحوالا مهولة. فالكثير من الأندية تتشارك أحذية اللاعبين لعجزهم عن توفير حذاء لكل لاعب، مع العلم أن نوعية الأحذية نفسها إن وجدت فهي من الخامات الرديئة ويزيد من سرعة استهلاكها اللعب في الملاعب الترابية. وطاقم الزي الرياضي في غاية الاستهلاك ومن الصعوبة بمكان إيجاد أكثر من زي خلال الموسم. هذا الواقع المتخلف هو المشهد السائد في أرجاء السودان الواسعة والذي تترتب عليه آثار سالبة تتمثل في تدريب بكل المقاييس يظل في حكم البدائي يقوم به متطوعون في ظل عجز الأندية عن توفير ميزانية للتدريب ويأس وإحباط يغلف الممارسة الخاطئة أصلا للاعب للكرة مما يعمق من ظاهرة انعدام الانضباط وتغلب المزاجية ونزعة الاستهتار على الممارسة لتصبح سلوكا قد لا يثير الاستغراب في هذه المناطق النائية لأنه يتسق والثقافة السائدة ولكنه يتحول إلى مادة صحفية متى ما نجح أحد هؤلاء اللاعبين في الالتحاق بأندية القمة وذلك من باب الإثارة الإعلامية وليس من باب خرق الأعراف والتقاليد السائدة. ما يعنينا هنا حقا من كل هذه البانوراما هو المستوى التنافسي المتوقع في ظل هذه الظروف، نقول ذلك لأن قوة التنافس وارتفاع نوعيته quality من أوجب واجبات الاتحاد العام وسبب جوهري من ضمن أسباب وجوده. ويقينا في ظل هذه الظروف التي تعيشها مناطق السودان المختلفة وان كان بدرجات متفاوتة والتي تنعكس آثارها بقوة على المستوى القومي لا يمكن التطلع لإيجاد منافسة قوية ونوعية ناهيك عن تحققها واقعا. وهذا واقع مشهود بالفعل ولا يحتاج إلي عدسات مجهرية، فالدوري السوداني في كل نسخاته ، السابقة والمعدلة، هو واحد من أضعف المنافسات على كل المستويات: إقليمية، قارية وعالمية وما ذلك بغائب عن شداد ومن لف لفه. فهذا دوري يمثل فيه الجميع أندية واتحادات دور الكومبارس بامتياز لصالح ناديين بعينهم (الهلال والمريخ) يفرق بينهم وبين الآخرين بحور ومحيطات من فارق الإمكانيات والتحيزات. وهو المنافسة ربما الوحيدة التي لا تحتاج إلى مجهود لتعرف نهايتها. وعلة كل ذلك تكمن في الجذور أي البنى المترهلة التي قامت عليها هذه الكميات المهولة من الأندية الفاقدة للدعم الرسمي والمداخيل المنتظمة والتي بحكم تكوينها العشوائي هذا تعمل منذ البدء على انحطاط مستوى المنافسة. فتكاثرها غير المقنن علاوة على أنه يدفع بأرباع الموهوبين أو عديمي الموهبة – في ظل محدودية العدد السكاني الكافي- فهو أيضا يقتل المواهب النادرة التي توجد. فان يتواجد – على سبيل المثال- موهوب واحد ضمن فرقة جل أفرادها عديمي الموهبة – كما الحال الآن- فذلك يعني إقبار هذه الموهبة ودفنها عبر الممارسة الرثة القائمة هذا فضلا عن ضعف مصادر التمويل أو انعدامها في الحقيقة التي تعمل كحافز مادي ومعنوي لتجويد الممارسة. فالكرة اليوم لا يمكن أن تمارس بالنفير والاعطيات من قبل بعض المحسنين أو المتحمسين كما السابق ، وهذا بالضبط هو السيناريو السائد في أقاليم السودان المختلفة. وحتى إن نفدت موهبة ما من هذا المصير التعس فإن حظوظها لا محالة تتجه إلى الناديين الكبيرين وبمباركة الجميع في المنطقة: اتحاد، أندية، أقطاب وحتى الأهل والأصحاب لتعمل على تعميق الفوارق التنافسية المتأصلة سلفا، وذلك من منطلق أن الجميع يعلم مقدار الهوان الذي يعيشونه واقعا هذا علاوة على أنهم في مستوى العقل الجمعي يلتقون في النهاية في شخصية المشجع لهذين الناديين. كل هذا السلوك الممارس على المستوى اليومي يضاعف من عمق الهوة التي تفصل بين الناديين وبقية أندية السودان مما يؤبد من تخلف المنافسة ويحيلها إلى نوع من المنالوج الرياضي الممل كما هو حادث الآن.

    نواصل......
                  

06-08-2008, 06:45 AM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    up
                  

06-11-2008, 01:09 PM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    الشاهد أن اتحاد شداد يبدو من شواهد الواقع أنه غير معني بالالتفات إلى مثل هذه الاشكالات الجوهرية والتي من دون التصدي لها يصبح الحديث عن تطور أو نهضة كروية في السودان نوع من الدجل والتزوير والبلاغة، وأي محاولة قفز لتجاوزها هو نوع من تغبيش الوعي ولواذ عن مجابهات حتمية تقتضيها أمانة التكليف وشرف المعرفة والوعي. إن الركون لدواعي الانتهازية والمكاسب الشخصية هو النهج السائد في مسيرة شداد لذا لا غرابة أن يكرس كل ذكائه وحنكته في كل ما يحقق "اللمعان" وهو ليس بذهب. وهو في هذا يستفيد استفادة قصوى من الجهل السائد والفوضى الضاربة وهو مناخ ينصبه بامتياز كسادن رياضي لا يبارى. وهو موقف أوضحناه سابقا في كيفية مهادنة الثقافة السائدة وعدم مجابهة سلطتها وحراسها. إن التطوير الفوقي الذي يمارسه اتحاد شداد من شاكلة احتراف ودوري ممتاز يعطي إشارات خادعة لأنه يوهم أن هناك جهد مبذول وإنجازات ماثلة لا يمكن إنكارها إلاّ مكابر كما جرت عبارة تسفيه نقد الخصوم في أدبيات السياسة السودانية. فيما يخص الاحتراف فإننا أفردنا فصلا كاملا يتناول المصطلح وأزمة الممارسة. ومع ذلك يمكن القول بإيجاز أن شداد عمق به أزمة الكرة السودانية حين عمل على تطبيقه دون أن يجهد نفسه في تغيير البنية الهيكلية التقليدية للأندية التي لا تعرف مصادر دخل منتظمة ولا قدرة لها على توفير مصادر تمويل بدونها لا يمكن للاحتراف أن تكتمل أركانه. إنّ العجلة في تنفيذ المشاريع والخطط سمة تاريخية ملازمة للعمل الرياضي بشكل عام وكل ما عمله شداد هو بلورة هذا المنحى. ولذلك لا تجد للمراجعة مكان في أولوياته. فبعودة سريعة للدوري الممتاز ،على سبيل المثال، نجد أنه عرضة للتأجيلات التي لا تنتهي، كما أنه يتعارض في كثير من الأحوال مع بقية المنافسات الإقليمية والقارية والدولية، ولذلك فهو في حالة دائمة من التأجيل والتمطيط للدرجة التي أحيانا يستغرق قرابة العام. هذا دون شك مؤشر واضح لفوضى التخطيط ومجلبة للسأم والملل والإرهاق الذي يطال اللاعبين ويستهلكهم ويستنزف قدراتهم في منافسة عقيمة بلا طائل. كما أنه يستنزف قدرات الأندية الصغيرة والتي هي أصلا مستنزفة بحكم قلة مواردها الذاتية. وهذا نوع من الجهد الذي لا ولن يثمر لأنه يقتات من رزق اليوم باليوم بدلا عن أطر منهجية وعلمية راسخة توجه مساره. ثم أن هذا الكم الهائل من المماحكات التي تتم بين الاتحاد العام والناديين الكبيرين وبشكل مستدام يكشف بوضوح علة القوانين واللوائح التي تحكم العمل الرياضي بشكل عام. ويعبر عن حالة ذهنية مستعصية تستحكم على ممارسي العمل الرياضي اسمها التحدي من أجل إثبات الذات. فلا يكاد يمر موسم دون أن تجد قضايا ترفع للمحاكم ومؤتمرات بلا عدد أو حساب تقام لتبيين مختلف وجهات نظر الخصوم وحبر يسيل انهار في الصحف ينتهي بسيناريو الشتم وفجور الخصومة المكرور. هذا واقع من المؤكد أنه لا يوجد إلاّ في السودان. كل هذا يجب أن يحسب بقوة في خانة مثالب الاتحاد العام الذي لا يستطيع حتى الآن أن يفرض هيبة واحترام القانون لا لشيء إلاّ لأنه هو أيضا ضالع في لجة التخلف الضاربة كافة "المؤسسات" الكروية في السودان. وهذا الواقع إشارة واضحة بأن الاتحاد العام في سبيل تواطئه مع البنيات المتخلفة أضاع بوصلة الاتجاه السليم واصبح أسير لتناقضاته ومصدر للتخبط وردود الأفعال، وهذا واقع أتاح فرصة ذهبية لأساطين التخلف أن يبارزوه بسيوف ثقافتهم ويخرجون ألسنتهم هزوا في الكثير من هذه المعارك. وان كان شداد قد نجح طيلة هذه الأعوام في كيفية تكوين رصيد هائل من البدائل التكتيكية التي تتيح له الإجهاز على خصومه عندما يتعلق الأمر بتهديد عرش سلطانه فإنه بالمقابل خسر الكثير من احترام الآخرين لقدراته الحقيقية المهدرة في غير طائل. وهو بهذا المسلك أضاع كما قلت فرصة ثمينة على الكرة السودانية أن تخرج مرة والى الأبد من هذا الواقع المتخلف والذي بدون هدمه لا يمكن الحديث عن إصلاح أو تطور. سنقوم بتسليط الضوء على تجربة استراليا في فصل الثقافة الرياضية فيما يخص مفهوم التثوير والإصلاح الجذري، وهما مصطلحان يستخدمان بمجانية شديدة في الإعلام الرياضي السوداني، ومن ثم الآثار والنتائج المرتبطة بمثل هذا النوع من الهدم والبناء. إن القوانين واللوائح لا تنتج نظاما وانضباطا إن كانت لا تنتمي لهذا النظام بكل قيمه وأعرافه وثقافته، بل هي تقوم بتنظيم وضبط واقع تنتمي له قلبا وقالبا. وهنا تكمن مأساة شداد واتحاده. فشغفه بالنظم واللوائح والقوانين المستوردة لا نجد له معادل إلاّ في تمسكه بالقديم والمهتريء من النظم المؤسسة للكرة السودانية، والنتيجة تضاد حتمي لا تنفع معه كل وسائل الترقيع والحواة. ثم أن الاهتمام المبالغ فيه والمرضي من قبل الجميع: دولة، اتحاد عام، صحاف، جمهور بالناديين الكبيرين لا يتسق والحس العام، ويعبر عن أزمة ذهنية عميقة تعاني منها الكرة السودانية وبالتالي يجعل من "الشتارة" نهجا سائدا وممارسة تسعى لعقلنة اللامعقول. وخطورة هذا التعلق المرضي تتفاقم حين يتعلق الأمر باتحاد مطلوب منه أن يقوم بتخطيط استراتيجي يحقق نهضة شاملة للكرة السودانية. فغياب الآخر – أي كل الكيانات الكروية التي تشكل النسيج العام إضافة للهلال والمريخ- عن الوعي الجمعي بما فيهم الاتحاد المنظم للعبة وسيطرة المركزية الكروية ممثلة في هذه الناديين جعل كل الجهود تنصب في كيفية التعامل معهم وارضائهم وتهميش الآخر وتجاهل دعمه وابراز مكامن قوته اتساقا مع منطق الصالح العام. والحال كذلك، بات الفارق الكبير في الإمكانيات والقدرات المعنوية واللوجستية بين الناديين وبقية أندية السودان لا يقلق بال الاتحاد العام والذي للمفارقة يعمل على تطوير الكرة!!. هذا تناقض بين لا يقع فيه الأطفال. فالمنافسات القوية لا تقوم من غير ندية وتكافؤ. وواقع الحال يقول بغير ذلك. فالانحياز التام دولة وتنظيمات وجماهير للناديين على حساب الجميع اصبح خصما على صالح اللعبة.

    نواصل.......
                  

06-12-2008, 12:38 PM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    up
                  

06-12-2008, 01:42 PM

hassan bashir
<ahassan bashir
تاريخ التسجيل: 02-17-2006
مجموع المشاركات: 1302

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    سلام عبد الخالق

    أبحث عن كتاباتك منذ انضمامي للمنبر. سعيد بعودتك القوية.

    أنتظر بشغف تعليقك عن المنشآت الرياضية وإداراتها.
                  

06-14-2008, 08:41 AM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: hassan bashir)

    شكرا اخ حسن على المرور وحسن الظن.
    جاييك لكل ما يخص الكرةالسودانية بالتفصيل.
    خليك معانا.
    سعدت بطلتك

    سلامي
    عبد الخالق
                  

06-17-2008, 03:35 PM

Hololy
<aHololy
تاريخ التسجيل: 08-30-2006
مجموع المشاركات: 1266

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    ......
    ....اتبراوي ....

    ......كيفك يا بطل ....و عساك ... بالف....
    ..... و الاف ..و اضعاف.... ماحملته من تحايا قبلا .. من اصحابك الهناك ...
    ..... اقذفك بها الان ... منهم...... رغم الحزن النبيل الذي وشح ... مدينتنا ....( محطة الوطن الكبير) ...

    ......فرغم جرعات التهيؤ العاليه للمتغيرات .... التي هاتفني بها العزيز .... طلعت محمد الطيب ....
    .....قبل شد الرحال اليها .... بايام ..... الا ان ستة اشهر .... بتمامها و كمالها ..هناك ...
    .....و الان 12 شهرا هنا بالتمام ....و الكمال...... لم يسعفاني ....تمالك نفسي ...لاستيعاب ما حدث....

    ..... العزاء الوحيد ان الكل ينظر لما حدث منذ 89 و ما يحدث الان..... بازدراء ... و احتقار شديدين ....
    ..... وفي غرارة انفسهم حينا ..... وملء الفم في كثير منها ...... يجاهرون بـــــ
    ..... الشكيّــــــــــــــــــــه ..... لغير الله ..... مذله .....

    ....

    ....

    ... ما علينا .......
    ....الفات كلو فارق .....و نرجع لموضوعنا ....... الرياضه ......

    .... طبعا .... و مثل الكثير من قراؤك .... استمتعت كثيرا بما تكتب ..... رصدا و تحليلا ....
    .... و ياكا المارق ليها .....

    .... فقط اود الاشاره لشئ .... اجزم انه لم يغب عنك .... و ان كان سيتعبك بعض الشئ .... توفير مراجعه ....
    .... و هو بدايات دخول و تطور اللعبه الي السودان .... و الذي يختلف كثيرا عن هذه الفوضي ...
    ... فقد قرأت قبلا بعض الوثائق و الصحف القديمه .... من ثلاثينيات و اربعينيات .... القرن الماضي ....
    ..... بمكتبة البلديه ... عطبره .... و التي كانت المدخل لـلـ لعبه .....بالاضافه اما كنا نسمعه من القدامي ...
    ......كروكر .... لبودي .... عيد النور .... ود علي ..... الخ ..... وبدايات الخراب .... الاحتشاد و الالتفاف ...
    ..... حول الممولين ..

    ..... طبعا مكتبة البلديه ..... هؤلاء القوم الحاقدين علي البلد و ناس البلد ...... لحّقوها السمحات .....
    ..... و المشكله انو الوثائق ... و الكتب ... ذاااااتا .... ما معروف راحت وين ......
    ..... ويمكن يمكن يمكن ..... واذا احغجت .... قد تجد بعض الوثائق المصوره .... مع الاح عادل محمد عثمان ( ود البيه)

    ...و د ... وورد
                  

06-17-2008, 04:06 PM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: Hololy)

    يا حلولي سلامات غاليات والف حمد الله على السلامة
    وكيف الاعزاء: عادل ود البيه، معروف الامين، وصديقي اللدود فتحي الحاج، وكل من فاتني ذكرهم في هذه السانحة. جاييك بمهلة شديدة.

    فيما يخص البدايات (السعيدة) ان صح التعبير،فانا سوف اتطرق لذلك من وجهة نظر نقدية وليس عن طريق الاضاءةالتاريخية، فذلك على ما اعتقد قام بالتوثيق له الاستاذ عبده قابل. فزي ما ذكرت أنا في واحد من فصول الكتاب انه الرياضة في السودان حصل ليها نوع من العزلة والانكفاء على نفسها مما ساهم في نشوء ثقافة ميتة قائمة على نوع من التجريب الاعتباطي راكم بمرور الزمن ثقافة خاصة به،هي التي نعيشها اليوم بعد أن اشتدت وفرخت كل أنواع الفساد وكساح في نظام الممارسة.

    سعدت بطلتك
    عبد الخالق
                  

06-17-2008, 05:09 PM

Hololy
<aHololy
تاريخ التسجيل: 08-30-2006
مجموع المشاركات: 1266

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    Quote: وصديقي اللدود فتحي الحاج،


    ....

    .....طبعا ..... شكلي ..كده ... حافاجأك بيها دي .... لانو ... هو ذاتوا ... يمكن يكون للان ما مصدق ....
    ..... صحبك ده ... و اخيرا ..... اتزوج ....
                  

06-17-2008, 06:29 PM

Elkhawad

تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 2843

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: Hololy)


    عطبراوي



    عاطر التحايا




    _________
    "YourAttitudeDetermineYourAltitude"
                  

06-18-2008, 03:54 PM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: Elkhawad)

    شكرا يا خواض على الحوار البديع، وهو بلا شك مرآة حقيقية يمكن من خلالها أن نتعرف على الكيفيةالتي بدأت بها الكرة السودانية والى أين ستنتهي.

    محبتي
    عبد الخالق
                  

06-18-2008, 03:57 PM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    سنجد ان هذا الواقع قد انعكس سلبا على المنتخب الوطني نفسه حين بات يحتل مرتبة متأخرة من اهتمام الدولة والعقل الجمعي خصوصا الإعلام والجمهور. ولنا في هذا التعليق الضافي من الصحفي مأمون أبوشيبة ما يكمل المشهد:

    "انشغل الجميع بالصراع في المريخ ليتخلف اللاعب بدر الدين قلق عن مرافقة المنتخب معرضاً نفسه وفريقه المريخ للضرر..


    * تسيب اللاعبين في المنتخب الوطني يفترض أن يجد حسماً رادعاً وقد قلنا ذلك منذ حادثة أنور الشعلة ولكن الاتحاد العام ومنذ أن فشل في ردع الشعلة ظل يفشل باستمرار في ردع تسيب اللاعبين وكان آخر ذلك مع الحارس المعز..


    * عندما يجامل الاتحاد لاعباً في الهلال لا يستطيع أن يعاقب لاعباً في المريخ والعكس بالعكس.. ولهذا ظل اللاعبون يفلتون من العقوبات باستمرار..


    * المطلوب من الاتحاد أن يصدر مذكرة أو لائحة رسمية صارمة لكل الأندية يحذر فيها من تخلف لاعبيها عن مرافقة المنتخبات الوطنية ويلزم الأندية بقبول أي تبعات تترتب عن تخلف لاعبيها من تاريخ صدور المذكرة وبعدها ليس من حق أي نادٍ الاحتجاج إذا تمت معاقبة أحد لاعبه بحجة أن لاعب النادي الآخر قد تخلف ولم يعاقب بالإيقاف.


    * لقد كتبنا عقب تخلف المعز إنه إذا فلت من العقوبة فسيتكرر التخلف المفاجئ للاعبين وصدق ما قلناه بتخلف قلق!!
    صحيفة الصدى الإلكترونية ، 5/6/2008م".

    هذا واقع لا تجدي فيه اللوائح أو القوانين لأن الإعاقة فيه ذهنية ومفاهيمية. فالانقلاب المفاهيمي الذي أحدثته الممارسة السائدة والتي تغذيها ثقافة رياضية فاسدة لأبد أن تجعل الوطن غير جاذب وبالتالي لن يحدث تلك اللذة والغبطة الشعورية الطاغية التي يجدها صاحب الحس السليم عندما يقع عليه الاختيار ضمن نخبة منتقاة تمثل الوطن. فثقافة القبيلة ممثلة في الهلال والمريخ بامتيازاتها التاريخية لا يوجد حتى من يقارعها. ولكي تكتمل لدينا سوداوية اللوحة نقتطع بعض من مقال للأستاذ عبد المجيد عبد الرزاق بعنوان (عطاء لشراء جمهور واعلام): " مشاهد عديدة تذكرتها ومواقف عديدة عشتها خلال مشواري في تغطية البطولات الخارجية أو المباريات وأسفت علي حال منتخب بلادي وعلى جمهور بلادي وعلى إعلام بلادي وقلت صدق قائد منتخبنا هيثم مصطفي وهو يقول إن المنتخب يتيم قالها هيثم لانه عانى وعانى زملاءه من تعصب الجمهور للأندية وعدم اهتمامهم بالمنتخب وعانى هيثم وزملاؤه من صحافة يحتاج اغلب العاملين فيها إلى دروس خصوصية في الوطنية وهم يتعاملون مع المنتخب وكأنه منتخب غريب .

    تذكرت تلك المواقف وقلت في نفسي متى نتعلم من هؤلاء ومتى نشاهد استاداتنا مليئة عن آخرها في مباريات المنتخب ؟ومتى نرى جمهورنا يحمل إعلام السودان ويتلون بألوان العلم وهو يهتف بصوت واحد (سودان سودان) ومتى نرى الخطوط الرئيسية لصحفنا تتحدث عن المنتخب ؟ ومتى نطالع عمودا كاملا مخصصا للمنتخب ؟ ومتى تختفي نعرة الهلال والمريخ ؟

    قلت في نفسي وأنا أمر بشارع العرضة وهو يكاد يكون خاليا من الجمهور قبل مباراة المنتخب أمام رواندا بأقل من ساعة قلت يبدو أنى احلم بالمستحيل وأسفت اكثر عندما دخلت إلى الملعب وجمهور قليل مبعثر في المدرجات يشجع بعضه بخجل وبعضه صامت أظنه كان ينتظر الخسارة ليهتف ضد اللاعبين ويواصل ما بدأه في التمارين وكان العزاء في مجموعة من شرطة حركة المرور كانت تشجع في المدرجات وهي تعزف للسودان ؟

    قلت أنني احلم بالمستحيل وغياب كامل للصحافيين الكبار الذين يتسابقون على مباريات الهلال والمريخ الودية ولكنهم يقاطعون المنتخب.

    وقلت يبدو أنني احلم بعد أن طالعت تغطية الصحف وكتابات بعض الزملاء عن المباراة والتي كانت كلها بنظرة الهلال والمريخ لدرجة إحصاء عدد لاعبي الهلال والمريخ في المباراة وكل يغني لليلاه لدرجة الاستفزاز

    تري هل نحتاج إلى فتح عطاء لشراء جمهور واعلام لمنتخب بلادنا حتى ولو على طريقة الاحتراف ؟
    الرأي العام عدد (3823) الثلاثاء 6/5/2008م.

    مشكلة هذا النوع من الكتابة مع أنه يعكس بشكل مباشر لا لبس فيه واقع الحال المائل، إلاّ يكتفي بالعزف على أوتار العواطف مع العلم بأنه نفسه تجسيد حي لبؤس واقع حال الصحافة الرياضية التي ما زالت تتفاجأ من مثل هذا السلوك المتكرر حد الملل رغم تورطها في زرع جيناته "الثقافية". فالصحافة الرياضية لو كانت تتسق والحس السليم والحرفية الملتزمة لكانت أسست لثقافة واعية أعادت فيه هيبة المنتخب الوطني وعمقت من رمزيته في الوعي الجمعي، ولذلك مثل هذه الكتابات ، في تقديري، ترقى لمستوى من النفاق ينطبق عليها المثل الشائع: "يكتل الميت ويمشي في جنازته"!! فالكاتبين أعلاه من قبيلة المريخ الكروية ومع ذلك يندبان حظ الوطنية الضائع ، ومع أنه لا شك لدي في صدق طرحهما ، إلاّ أن تضاد الوعيين الباطني(القبيلة) والظاهري (الوطن) يجعلان من مثل هذه الكتابات فارغة المعنى والمحتوى!!. ولنا عودة للصحافة الرياضية في مقبل فصول هذا الكتاب.
    خلاصة القول يمكن التأكيد بسهولة أن الاتحاد العام لكرة القدم في السودان هو واحد من بقية العناصر التي تعمل بهمة لتأبيد واقع التخلف الكروي الذي تعيشه الكرة السودانية. ومع انه مطلوب منه أن يكون جهة تعمل بالتضافر مع بقية العناصر لتطويرها والعمل على الارتقاء بها، وبما أنه الجهة التي يقع عليها عبء تنظيم اللعبة ووضع الخطط الاستراتيجية التي تعمل على استدامة خطى أقدامها نحو هذا الارتقاء، فإن واقع الحال يكشف دون مواربة أن الاتحاد العام عبر تاريخه الطويل 1936-2008) تاريخ كتابة هذا الفصل، قد فضل منذ زمن طويل الالتحاق ببنى التخلف التي تسيطر على مقادير الكرة ويؤسس على ذهنيتها ورؤية طرحها نموذجا تنظيميا يعمل بالتضاد مع أي رؤى مستقبلية تعمل على تجاوز هذا الواقع وتسعى للحاق بركب العالمية المنشود. والأكثر دهشة من ذلك هو سعيه الدؤوب متى ما ازدادت حدة التناقضات ما بين الرغبة في التطوير والتمسك بهذا النهج التقليدي السائد هو نزوعه الدائم إلى محاولة المزج بين النهجين في محاولة خائبة تعمل كل يوم على ازدياد حدة التناقض مكرسا بذلك ثقافة وممارسة تتجذر مع الأيام واقعا يصعب اجتثاثه فيما بعد.

    الفصل القادم عن الاحتراف كمفهوم وممارسة
                  

06-19-2008, 02:57 PM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكورة السودانية: مائة عام من الفوضى "المنظمة"!!.... مشروع كتاب (Re: atbarawi)

    up
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de