|
بعيدا عن السياسة وقريبا منها..توضيح واجب
|
مارس، 2008 بعيدا عن السياسة وقريبا منها
بعيدا عن السياسة وقريبا منها مؤيد شريف "البحث عن نهر قديم" هي اقصوصة لاسحق أحمد فضل الله لا أُنكر أني مأخوذ بها وقد أقرأها في اليوم ثلاثة مرات ، ولي مع كاتبها قصة ، ولا أدعي معرفة به ، وكل القصة أنه ،ومعه آخرون، من يرجع له "الذم" في أخذي الي هوس الكتابة . وأيام أن كنت طالبا وكان يكتب في "الحياة" لم اكن أتردد في ترجيح كفة "عموده" علي وجبة فيما لو ساومني "جيبي" وأجبرني علي الاختيار بينهما ، وكثيرا ما فعل ، وكنت أبرر لنفسي ، وربما لبطني ، أن الوجبة ملحوقة في البيت أما "خطوط الابهام والعتمة الذيذة" التي كنت اجدها آنذاك في كتابات اسحق فلا يمكن اللحاق بها ، وربما هي أكثر اشباعا وأقل ثمنا . تبدأ الاقصوصة بمعاناة للكاتب "أو قل بطل الاقصوصة" وسخط علي وزارة التربية والتعليم وصل الي ذروته باستلامه قرارا يقضي بنقله "أو خنقه كما عبر" الي مدرسة القحيفاب شرق الابتدائية ، ويكفي أن نعلم أنه وفي سبيل الوصول لها استقل "لوري" قسم السيد الذاهب الي تمبول وجمل "ظل يهتز فوق سرجه الخشبي ثلاث ساعات حتى ظهرت الدمامل المائية في أماكن لا يمكن ذكرها هنا " أو كما عبر ، لمعرفة كم هي قصية وبعيدة .. وتخير الكاتب شخصيته المفتاحية للاقصوصة : الحسين ، وهو من حلة المطيرق المجاورة وله حمار أخضر "منتفخ وضخم" علي غير ما تبدو عليه بقية حمير التلاميذ الهذيلة والبادية عظامها .. تنبه ونبهنا الكاتب لتناقض بين الحمار وصاحبه فذاك منتفخ وهذا "هش ودقيق" .. وجد الكاتب في الحسين ود أحمد ربما صديقا ومؤانسا في وحشة العزلة ، الا أنه سرعان ما أُردع عن ذلك بعد أن أخبره الناظر بأن الحسين ود حميدة وأُمه ليسوا "بعاديين" ومعروف عنهم أنهم يجلبون المصائب وأن كل الناس هناك يعرفون أن الحسين مشؤوم وأُمه كذلك .. من بعد هذه المحازير والتحذيرات بدى الكاتب حائرا في علاقته والحسين في الاثناء كان الحسين "يقاتل في استماتة للاحتفاظ بالصديق الوحيد الذي وجده أبدا " ويكسر طوق العزلة المضروبة حوله من التلاميذ الصغار والكبار .. تعود التلاميذ في نهاية الاسبوع أو من يملكون حميرا منهم أن ينظموا سباقا للحمير فيما بينهم وربما لم يكن مسموحا للحسين "بحكم العزلة" المشاركة ودعونا نورد المشهد الكبير كما اختطه اسحق فضل الله : "كان السباق قد بدأ فعلا حين التفتُ الي الحسين الواقف تحت النافذة وصرخت دون وعي : الا تشترك في السباق يا حسين ؟ لديك حمار جيد . ولمعت عيناه فجأة وكنت قد نسيته في اللحظة التالية وأنا اتابع السباق حينما لمحته منكبا علي الحبل يحاول أن يطلق حماره ويحاول أن يعالج العقدة التي جعلها هياج الحيوان القوي صلبة تماما وهو يلهث واصابعه النحيلة تنغرس في عقدة الحبل المتوتر . والتفت نحوي في لمحة سريعة .. وعلمت في لحظة أنه يقاتل الان كل الدنيا حتي لا يتحول استعراضه الي هزيمة محزنة .. واحسست بانقباض شديد وأنا أراه قد قوس جسده النحيل الي الأمام وغاص في جلبابه المنتفخ وبرزت مؤخرة رأسه المكور فبدا مثل طائر غريب . انفلت الحبل فجأة وأكبر الظن ان الحيوان القوي قد تمكن من قطعه ، ورأيت طرف الحبل ينتفض في الهواء منتشيا مثل الحية المهتاجة . كانت مجموعة المتسابقين المتزاحمة المندفعة قد أثارت سحابة سميكة من الغبار وقريبا من النافذة اندفع الحيوان المتفجر قوة ونشاطا والحسين قد لف ساعديه حول العنق وهو يحاول ان يصل بقدمه الي ظهر الحمار والقوائم القوية تلطم جسده في تتابع عنيف والجسد الهش يهتز ويرتجف ثم ينفلت ويختفي في الغبار . للحظات تعثرت الحوافر الصلبة فوق الجسد ثم رايت الحيوان يعتدل ثم يندفع في قوة هادرة وهو يهز ذيله ونهق.... ومن موجة الغبار انفلت الصبي وقد استماتت يداه علي الحبل والحيوان يجره وراءه دون جهد . كان قد جمع يديه والحبل الي صدره وبدأ كانه يمسك الحبل باسنانه ورايت الجسد ينقلب مرات ويصطدم بنتوء فوق الارض صغير ورأيت الجسد يستطيل مثل الخرقة الثقيلة المبتلة ، والحوافر الهادرة تكيل عليه الغبار واللطمات في اندفاعها المجفل . لا أحد يذكر كيف حدث ذلك كله في لحظات .. ولكني شعرت في اللحظة التالية بالارض تلطم وجهي بقوة وانا أسقط خارج النافذة وحامد يجري في جنون وهو يزأر بشئ غير مفهوم ، ورايت اجسادا وتدافعا ولا أعلم حتى الان اي قوة هي تلك التي اوقفت اندفاع الحيوان المجنون . ولكن كنت بعد لحظات اتابع أيدي كثيرة تحاول في عجلة واختلاط أن تفك الحبل الذي كان قد جمع الذراعين النحيلتين والعنق الدقيق في عقدة التفت مرات ومرات ..كانت الاصابع مبسوطة ومتشنجة والوجه مختلطا كله تحت التراب وشئ من البلل وخيط غليظ من الدم ينحدر من الأنف وحين امتدت يد ومسحت الوجه انفلتت دمعة من تحت الجفون المغمضة , وانحدرت قليلا تجاه الاذن ثم توقفت هناك . دفناه بعد العصر ..الحلة كلها خرجت وراء النعش كأنها تعتذر .. أمه سارت وراء الناس حتى القبر " انتهى لا أدري من أين جاءتني خاطرة أن الحسين المشؤوم هذا انما هو "وطن" معلوم ومكلوم ومعزول . وان كان الحسين قد حملته "ثورة" حماره الي حتفه ، فان "وطن" ذاهب في مصير حسينه ومقتفٍ أثره : فالحمار موجود "حالة الهياج والاحتقان" والمحرضون علي التسابق ما أكثرهم والرغبة في التسابق متوارثة وقبر الحسين لا تنقصه المحافير ولا الحفارين ...والجنجويد يهبطون من الجبل.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: بعيدا عن السياسة وقريبا منها..توضيح واجب (Re: مؤيد شريف)
|
فهم البعض من الجزئية الاخيرة في المقال فهما لم ارده ولم أسعى وراءه البتة ...السياق الرمزي للمقال ربما منح المعنى غير المراد ...وما وجب توضيحه أن لم يتعمد الاساءة لأي شخص علي الاطلاق وليست هذه خصيصتنا ...فالرأي يظل رأيا يحتمل الصواب والخطأ ... ولا قصد في الاساءة ولم يسبق لنا ألاساءة ولن يكون...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بعيدا عن السياسة وقريبا منها..توضيح واجب (Re: مؤيد شريف)
|
مؤئد الشريف ,, سلام ,, يبدو أن حدسى فى محله , فعندما رحبت بك كان يتملكنى إحساس قوى بأن هذا المؤيد ( يجى منو ) , لاأدرى مصدرا لذلك الشعور الغريب , ربما الاسم الموسيقى , وربما العقل الباطن فإنه أحيانا يختزن حقائف تراها مستقبلا , المهم أرك اليوم كما أعتقدت , مهندسا للحرف , ونهما ( قراى ) تفضل المقال على البرغر ,
أؤيدك فيما ذهبت اليه فأسحق فضل رجل مبدع فى الكتابه وله أسلوب متفرد للغايه , وكنت أيام تواجدى بالسودان أقرأ له بنهم , بالرغم من أختلافى معه سياسيا لكنه أرغمنى على ذلك ( أسوى شنو , نحن عبيد الحرف الجميل ) وكم كنت أتمنى أن يكون فضل الله كاتبا حرا مستقلا غير مكبل بقيود المؤتمر الوطنى ساعتها كان سوف يكون هنالك كاتب سودانى يشار اليه بالبنان ,, لكنها حال الدنيا ,, لك كل الاحترام ,,
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بعيدا عن السياسة وقريبا منها..توضيح واجب (Re: كمال سالم)
|
سيدي الكريم..اتمنى أن اكون دائما عند حسن ظنك.. اتفق معك ان الايدولوجيا كالنار في هشيم الابداع ..اسحق يكتب ، وللحقيقة، بانامل من ابداع،،،ولكنها السياسة والتي حرمتنا الاستقرار والنماء والان تحرمنا الابداع...اشكرك استاذ كمال سالم علي الاطراء ونتواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بعيدا عن السياسة وقريبا منها..توضيح واجب (Re: مؤيد شريف)
|
جميل جدا يا مؤيد ..
اتابع منذ اشتراكك في المنبر .. الدرر النادرة التى تنثرها هنا ..
حقيقة اسلوبك جميل جدا ..ولديك مقدرات عالية في صياغة الجمل وترتيبها..
اذا اجتهدت .. ستكون كاتب ناجح جدا .. وربما انت كذلك الان ولا نعلم ..
في اول بوستاتك .. اعتقدت انك (مؤيد شريف) ود حلتنا(الحاج يوسف) .. الفتى الوريف المجتهد
صاحب الطموح الكبير .. وفرحت .. ورغم اننى قتلت ملفك بحثا عن مايدلنى على هويتك ..الا اننى
لم اجد به شيئا يشير لشخصيتك ..
ثم .. استبعدت هذا الاحتمال الجميل .. بلا اسباب واضحة منى ..
فهل لك ان تخبرني الان .. هل انت مؤيد شريف .. ود الحاج يوسف المايقوما.. واخ صديقي الجميل
مامون .. وابن .. الخالة .. المكافحة .. الجميلة وفاكهة الحلة .. (امنة) ؟
وفي كل الاحوال .. اتمنى مواصلة الكتابة .. فانت مبدع بحق
مع خالص تحياتى ..
معتصم عمر (سمو)
| |
|
|
|
|
|
|
|