|
|
 فى الذكرى الثالثة لرحيل الخاتم عدلان .. ليلة رائعة لانسان رائع رحل عنا بالجسد (ملخص+ صور)
|
الاربعاء 23 ابريل 2008 كانت الذكرى الثالثة للرحيل .
ذلك المثقف الفذ الذى انتقل .
وفى المركز الذى يحمل اسمه , كان الاحتفال الرائع .
منذ الصباح كان الاحتفال حتى وقت متأخر من الليل .
فى الصباح كانت عدسات المبدع الاستاذ/ عصام عبد الحفيظ , فى معرض للصور ضم عدد من الصور التى عكست فى براعة جمال التعدد والتنوع الثقافى فى ارجاء شبه القارة السودانية .
فى الظهيرة شهدت القاعة الداخلية للمركز عرض سينما تم تقديم فليمى (الخاتم عدلان , ذكرى حية) للمخرج حافظ خير .. وفيلم (استنارة) للمخرج الشفيع ابراهيم .
وعند المساء , كان الحضور المحتشد لبرنامج الجميل .. حيث كانت ضربة البداية مقاطع شعرية رائعة , ثم قدمت فرقة (كواتو) لوحات راقصة على الايقاعات الساخنة التى تفاعل معها الحضور .
وبعدها وفى مشهد انسانى قام العم (الهادى احمد رجب) والد المناضل الراحل بقص شريط الافتتاح رسميا لمركز الخاتم عدلان للاستنارة والتنمية البشرية .
تحدث بعدها عدد من اصدقاء الراحل فى كلمات قصيرة عن احاديث ذكرياتهم مع الراحل .
تم بعدها عرض للمرة الثانية لفيلم (الخاتم عدلان , ذكرى حية) .
وتواصل مرة اخرى حديث الذكريات من الاصدقاء عبر سماعة الهاتف والحديث المباشر مع الجمهور .
اختتمت المبدعة (اسرار بابكر) فقرات الحفل الجميل .
ليلة علمتنا ان الجسد البشرى يذهب للتراب ويبقى ما ينفع الناس , الافكار , والانحياز للاغلبية الساحقة المسحوقة
أى عقل قد انطفأت جذوته ؟ وما زال ينير .
أى قلب توقف عن الخفقان ؟ وما زالت قلوبنا تخفق بما علمنا .
شكر خاص للاستاذة اكرام الفادنى على تقديم فقرات الاحتفالية
الاستاذة سجود عمر القراى وهى تنقل بالكاميرا لقطات الاحتفالية .
الشكر كل الشكر للجمهور الحبيب على الحضور .
(فرقة كواتو زينت الاحتفالية بقوس قزح)
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: فى الذكرى الثالثة لرحيل الخاتم عدلان .. ليلة رائعة لانسان رائع رحل عنا بالجسد (ملخص+ صور) (Re: مركز الخاتم عدلان)
|
ملخص كلمة دكتور/ الباقر العفيف مدير المركز :-
نرحب بكم جمعيا ونحن نحتفل بذكرى صديقنا الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان , نرحب بالحضور .. وتحية خاصة للعم الهادى احمد رجب والد الراحل والخالة أم الحسين عدلان خالة الراحل وكل افراد اسرته على حضورهم والمشاركة .
تحية للاستاذ ياسر عرمان وهو يشاركنا الاحتفالية , والاستاذ عبدالعزيز خالد , والاستاذ ماين دوك وزير الحكم المحلى .
والتحية ايضا للدكتور محمد الامين التوم , والفنان الجيلانى الواثق , الدكتور احمد سكنجة , والدكتور صديق امبدة , والدكتور مبارك بشير , والدكتور امين مكى مدنى , الاستاذ عبدالله ادم خاطر .
ونرحب بكل من فاتنا ذكر اسمه ونعتذر له .
سيقوم العم الهادى احمد رجب بقص شريط الافتتاح الرسمى للمركز .
هذا المركز ليس فقط محاولة لتخليد اسم الخاتم عدلان وذكره , بل هو ايضا من اجل ان يحمل مشروعه فى الاستنارة وحقوق الانسان والديمقراطية , المشروع الذى عاش من اجله ومات الخاتم .
ونحن على ثقة اننا بهذا المركز نقدم ما نستطيع وفاء للذكرى .
ونشعر فى هذه اللحظة ان الخاتم معنا هنا , وهو راضى بما نفعل .
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: فى الذكرى الثالثة لرحيل الخاتم عدلان .. ليلة رائعة لانسان رائع رحل عنا بالجسد (ملخص+ صور) (Re: مركز الخاتم عدلان)
|
حديث دكتور/ الباقر العفيف فى فقرة احاديث الذكريات :-
عنى انا شخصيا كان لا يمر اسبوع الا وكنا نلتقى انا والراحل , كان الفرق بين مكان عملى وعمله خمس دقائق بالبص .. وكان هناك مطعم فى قلب لندن اسمه مروى كنا نلتقى فيه ونتحدث ونتفاكر فى الشأن العام والخاص .
الخاتم كان مفكرا من طراز خاص , وكنا دوما نقول
- يا ريت لو سجلنا كلامو .
وهذه المقابلات مطبوعة فى ذهنى بنقاشاتها الفلسفية والقضايا التى تطرح فيها .
اطلاقا لم تغب قضايا السودان عن ذهن الخاتم , حتى فى ايامه الاخيرة كان يتحدث عن هموم دارفور .
الكثير لا يعلم ان الراحل كان يعانى من ازمات مالية فى ظل تطاير الاتهامات ذات اليمين والشمال , وانه عمل سائق تاكسى وهو عمل شاق ومرهق وكان الخاتم يحكى عن مغامراتها فى تلك المهنة وهو يحكى النكات عنها وهو ما اطلق عليه تعبير
- فلسفة الألم .
كان يعمل الليل بطوله ويأتى فى الساعات الاولى من الصباح وبعد ان يأخذ قسط بسيط من الراحة ينهض لممارسة العمل فى الشأن العام بالكتابة او الاجتماعات السياسية .
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: فى الذكرى الثالثة لرحيل الخاتم عدلان .. ليلة رائعة لانسان رائع رحل عنا بالجسد (ملخص+ صور) (Re: مركز الخاتم عدلان)
|
كلمة شقيق الراحل , الاستاذ/ صديق الهادى :-
فى مثل هذا اليوم غيب الموت عقلا .
ولكن العقول المستنيرة والقلوب التى تحب الناس , عصية على الموت .
الخاتم لم يمت .. لكم عاش , وبكم سيبقى .
نشكركم لانكم كنتم لنا سندا فى فجيعة الرحيل .
وكنتم لنا بلسما عندما كشر لنا الزمن عن انيابه .
لكم كل الشكر والتقدير .
نعلن لكم نحن فى اسرة الخاتم عدلان عن خالص الوفاء لكم .
وانتم تعلمون ان الوالد قد فقد بصره فى نضاله فى الحياة من اجل توفير لقمة العيش للاسرة , فقد بصره ولم يفقد بصيرته , هو يرأكم الان , مسرور وفخور بكم .
وهب الخاتم عدلان كل حياته من اجل الاستنارة ودفع فى سبيلها سجون وتشريد .
عاش الخاتم فى عهد نميرى اغلب اوقاته فى المعتقلات .
كان دوما ثابت القلب فى مواجهة البطش .
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: فى الذكرى الثالثة لرحيل الخاتم عدلان .. ليلة رائعة لانسان رائع رحل عنا بالجسد (ملخص+ صور) (Re: مركز الخاتم عدلان)
|
خاطب الاحتفالية الاستاذ صديق عبد الهادى عبر سماعة الهاتف من الولايات المتحدة الامريكية :-
التحية لمركز الخاتم عدلان ولذكرى المناضل الراحل .
الراحل كان يحترم الاختلاف وهى تجربة شخصية , انا كنت اختلف مع الخاتم فى اشياء واتفق معه فى اشياء اخرى , واطلاقا لم يصنع هذا الاختلاف حاجزا بينى وبينه .
سوف اقول هنا كلام لاول مرة بشكل علنى والله على ما اقول شهيد , جلست مع الخاتم قبل رحيله بخمسة ايام , كنا نتحدث عن التقدم فى السودان والخاتم قال لى بالحرف
يا صديق نحنا عندنا كتاب ومبدعين فى حركة التقدم فى السودان وهم فى حالة معاناة بين ظروف المعيشة وابداعهم وكتابتهم وهى مسألة لابد من ايجاد حل لها .
قلت له ان فى السودان هناك كتاب ومبدعى الجبهة الاسلامية التى تقوم بالصرف عليهم لذلك هم قد نجحوا ولديهم انتاج ملموس , وقلت له ان الجبهة الاسلامية تصرف عليهم ببذخ , فرد الخاتم
بل هى تصرف عليهم بخمج .
وتحدث عن امكانية قيام مشروع يدعم الكتاب والمبدعين التقدميين , واعتقد انها وصية يجب علينا الاهتمام بها .
نحن الان بصدد نشر كتاب بعنوان (لقد مر الخاتم من هنا) وعائد هذا الكتاب سيعود لمركز الخاتم عدلان اشكر القائمين على امر المركز وعلى راسهم دكتور الباقر العفيف .
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: فى الذكرى الثالثة لرحيل الخاتم عدلان .. ليلة رائعة لانسان رائع رحل عنا بالجسد (ملخص+ صور) (Re: مركز الخاتم عدلان)
|
برقية الاستاذمحمد سليمان صديق الراحل الشخصى ورفيق دربه وعضو المجلس القيادى لحركة (حق) :-
في الخامسة من صباح مثل هذا اليوم منذ ثلاث سنوات، وحينما نظرت إلى هاتفي الذي كان يرن، ورأيت رقم عمر النجيب، لم أك في حاجة لأسمع الخبر. كان غياب الخاتم قد حجب الوجود، وكان رحيله قد ملأ المكان. اليوم حينما نجيل النظر حولنا، وبمساحة المليون ميل مربع التي هي هذا الوطن، وبعدد الملايين من البشر الذين حسبوا هذا اليوم في عداد مواطنيه، أو لم يحسبوا، قد نحس بشيء من عظم الفقد وفداحة الخسارة. حينما ندلف إلى المشهد السياسي لبلادنا، ونرى انعدام البصيرة، وانبهام الرؤية، واختلاط الأمور، وغياب المباديء، وفقدان الأمل، والاستسلام والانكسار والهزيمة، نفتقد الخاتم.
البارحة، كنا نتجدث عن الخاتم، وقال أحد الأصدقاء أنه لم يلتقيه أبداً، ولكنه كلما قرأ أو سمع عنه تعجب كيف يمكن لشخص في مثل قدراته وبمثل صفاته ألا يكون معروفاً إلا على نطاق فئات ومناطق بعينها في السودان فقط. أمثال الخاتم، بل ومن هم أقل منه علماً ومعرفة وذكاءً وقدرات، يتسنمون أعلى المناصب، ويحتلون أرقي المواقع، وتحتفي بهم شاشات التلفاز وصفحات الجرائد كل يوم وكل ساعة. لقد كان بوسع الخاتم أن يحصل على كل ذلك لو أراد، ولكنه كان قد تعود أن يغشى الوغى ويعف عند المغنم، وكم كان يهزأ بمطاردي المجد الشخصي. لقد كان بوسع الخاتم أن يكتفي بالتحليل والتنظير والكتابة، وكان بوسعه أن يلتحق بأعرق الجامعات، وأن يحرز أعلى الدرجات العلمية بدلاً من قيادة سيارات الأجرة في ظلمة المنافي ووحشتها. ولكن الخاتم فضل أن يجعل التحليل مقدمة لا نهاية، والتنظير أداة لا غاية، والكتابة تواصلاً لا طلاسماً، وقرر أن يكون انتماؤه لشعبه بالفعل، وبالعمل، وبالتضحية، وبنكران الذات. ذلك انتماء لا تكشفه الأضواء، ولا تلتقطه الكاميرات، ولا يمكن التعرف عليه في الصالونات الأنيقة، ولا الأماكن الرفيعة، لانه انتماء عميق، وانتماء من الأعماق.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: فى الذكرى الثالثة لرحيل الخاتم عدلان .. ليلة رائعة لانسان رائع رحل عنا بالجسد (ملخص+ صور) (Re: مركز الخاتم عدلان)
|
برقيةالاستاذة تيسير مصطفى زوجة الراحل :-
عزيزي باقر
تكالبت علينا الاحزان كعادتها في مثل هذا الوقت من كل عام ...إلا أن ثمة ما يفرح ..فها هو حلم آخر يتحقق..وغدا مركز الاستنارة واقعا.. ماثلا..فاعلا وصار غياب الخاتم حضورا دائما..فلروحه أن ترقد في سلام
ويحق لك يا باقر أن تفخر بما حققت فلولاك ما كان هذا ممكنا..وكم أنا فخورة بك. ربنا يديم عليك الصحة والعافية ويخلي ليك أسرتك الجميلة محمود وأمل وحنان
مكاني اليوم كان هناك بين الحضور لأشهد هذا الحدث !!!...عزائي أن أبونا الهادي، هذا الرجل الجميل ..نقي الدواخل، يمثلنا جميعا - حسام وأحمد وأنا- تمنياتنا لكم بالتوفيق .
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: فى الذكرى الثالثة لرحيل الخاتم عدلان .. ليلة رائعة لانسان رائع رحل عنا بالجسد (ملخص+ صور) (Re: مركز الخاتم عدلان)
|
ذكرى
قصيدة د. مبارك بشير التى قرأها فى الاحتفالية .
(ذكرى)
لروح الصديق، الخاتم عدلان
الشاعر د. مبارك بشير
(1)
أي ذكرى تستبيح الآن
أشجاني
وتصحو
جفنها الموغل في المحنة
يغفو
جثم الحزن على صدر
الوطن
يا وسيم القلب والفكرة،
مهلا
قد سألناك لقاء مستجدا
وتعود الآن في جوف كفن
؟!
(2)
ولم تأت
وفاء
بالوعود المستحقة
أخذت مكانك العلوي
محمولا على الأكتاف
عرفت ملامة الأحباب،
مذهولين
كيف نسيت أن أن تهب
التحايا والهدايا
مثل عادتك الحميمة، في
زمان الجامعة
زمان طلعتك البهية في
الأماسي الخانقة
تأتي كما وهج البروق،
يضئ قريتك القديمة
حيث تخترق العيون
الفاجعة!
(3)
كان الرحيل ،بداهة،
يسري على الأعطاف
منشورا
على الأعراف
ظل الموت يختار
الجياد الصاهلة
على هواه ، وكيف
شاء له الغرام
له القرار متى يكون
وكيف يأتي
ولنا تباريح الجراح
الصادحة!
(4)
يا أحمد الهادي تماسك قبل
أن
يمضي رفاق العمر حزنا
قبل أن
يأتي الجنود الغرباء
والرجال الأشقياء
والنساء الحاسرات القلب
والفطنة
من طول الوهن
دمعة أخرى على وجه
(سليمان الخضر)
دمعة أخرى على خد
الوطن!
(5)
أي ذكرى تستبيح صبابتي
الأولى
لمحتك يا (محمد)
كانت الدنيا كما نهوى
موشاة بألوان البنفسج
والرفيقات الذكيات
الجميلات اللواتي
يتهادين على بهو المدرج
ثم يدلفن إلى المقهى
مكان المنتدى
يتحدثن عن الأحباب،
بالإسم، علانية
وينثرن الندى في ساحة
المقهى عبيرا
ويتهامسن طويلا
"أحمد الهادي" يغني مثلما
اعتدنا كثيرا
لعذابات البلاد الملهمة
(6)
أي ذكرى !!!
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: فى الذكرى الثالثة لرحيل الخاتم عدلان .. ليلة رائعة لانسان رائع رحل عنا بالجسد (ملخص+ صور) (Re: مركز الخاتم عدلان)
|
كلمة الأستاذ محمد أبوجودة ممثل حركة القوى الجديدة الديمقراطية (حق) :-
السلام عليكم....
التحية لكل الذين شرفوا هذا المكان (مركز الخاتم عدلان للإستنارة والتنمية البشرية).
الخاتم عدلان رمز تتقاصر دونه الكلمات، كان بالنسبة لنا الخاتم عدلان هو الضوء لا أقول في آخر النفق ولكن كان الضوء الذي تتئد حول إشعاله ونوره وناره قلوب أدركها الضنى، حينما إمتدت الأيام بعد الاسبوع الثالث من أبريل 2005 كنا نحادث الخاتم عدلان ونحن بنصف روح ولكنه كان يرفرف بجناحيه يحلق كأنما لا يعرف الفناء، فالفناء ليس في قاموسه، وحينما كان صباح 23 أبريل 2005 لم نجد ما نقول كنا كأنما أستعرنا لسان أبي العلاء المعري فكان منطقنا :
عللاني فإن بيض الأماني فنيت والظلام ليس بفاني...............
ما أقساها وما أحرجها من أيام ومن ساعات ولكنها سنة الحياة التي لا تعتلي منطقاً. ها هو الآن يتم إفتتاح مركز الخاتم عدلان للإستنارة والتنمية البشرية (نفاج) أو كما قال دكتور الباقر محاولة لترسيخ المعاني الخيرة التي إجتهد وأثمر في سعيها الخاتم عدلان، وأرحب هنا بالعم الهادي أحمد رجب والد الأستاذ الخاتم الراحل المقيم الرمز الذي تتقاصر عنه الكلمات، الخاتم كان كاتباً ومفكر وباحث، ونحن في حركة القوى الجديدة الديمقراطية (حق) وهي إحدى اللبنات التي صاغ أساسياتها الخاتم، ما زلنا نتلمس خطى الخاتم ومازلنا نستضيء بضوءه بكل هذا الزخم الفكري والمعرفي، نحن على هدى البرنامج وعلى هدى وثيقة خصائص النشوء ومعالم الإرتقاء، وعلى هدى النظام الأساسي.
أخيراً لا أُطيل وأرحب بكم وإننا في الحق لممتنون إليكم، والتحية والتجلة لدكتور الباقر العفيف على هذا العمل الهمام والذي يمكن أن نطلق عليه إنه عمل قد خرج بأسنانه، إن مركز الخاتم عدلان للإستنارة والتنمية البشرية الآن هو مأوى لفئة كثيرة إنه يدعو لقيام أسرة الديمقراطية وحقوق الإنسان والمعاني الخيرة وكما أسلف أصدقاؤه في أنه كان قد وجد اليقين في الخروج من ربقة الأيديلوجيات إلى الإنسانية الفسيحة بشكل عام.
الخاتم عدلان واحد منا ونحن منه...
شكراً جزيلاً وهذا ما كان من حركة القوى الجديدة الديمقراطية (حق).
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: فى الذكرى الثالثة لرحيل الخاتم عدلان .. ليلة رائعة لانسان رائع رحل عنا بالجسد (ملخص+ صور) (Re: مركز الخاتم عدلان)
|
كلمة الاستاذة ياسر عرمان , نائب الامين العام للحركة الشعبية :-
اولا تحية خاصة لاسرة الخاتم عدلان وخاصة الوالد الكريم .
واسرة مركز الخاتم وعلى راسهم د/ الباقر العفيف .
هناك صور عديدة وكثيفة فى هذه اللحظات وانا اتحدث عن الخاتم .
اول مرة التقيه كان فى 1977 , وكنت اعرف اصدقاء يحكون عن ثبات الراحل وبطولاته .
كان للخاتم لغة رفيعة يعرفها كل من يقرأ له .
احضر لى صديق ذات مرة فى 1989 مجموعة كبيرة من الصحف السودانية , ولفت نظرى فيها كتابات الخاتم عدلان فى نقده للدولة الدينية .
نعلم ان الخاتم هو من كتب مثياق التجمع الوطنى .
فى عهد الانقاذ وعند خروج الخاتم الى لندن اتصلت به مرات عديدة وطلبت منه الحضور الى اسمرا ومقابلة د/ جون قرنق , وقد استجاب للدعوة , واستمر النقاش بينه وبين د/ قرنق اكثر من ست ساعات , كانت مناقشة فلسفية رفعية وقضايا محلية وعالمية واتذكر ان الراحل قد طلب تغيير اسم الحركة الشعبية .
اخر مقابلة فى لندن كانت عند اصدقاء سودانيين واستمرت حتى الرابعة صباحا بينما يوم الخاتم يبداء عند الخامسة صباحا .
لقد وهب نفسه وكل ما يملك من اجل شعبه .
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: فى الذكرى الثالثة لرحيل الخاتم عدلان .. ليلة رائعة لانسان رائع رحل عنا بالجسد (ملخص+ صور) (Re: مركز الخاتم عدلان)
|
ولانها سيرة في مسيرة عامرة محتشدة بالحب والخير والوفاء والنضال هذه مقدمة ستعقبها سلسله في اوقات مختلفه. فات علي أن أنحني اجلالا للصديق العزيز مرتضى محجوب الباشا المقيم في أمريكا والذي قام بأعمال جليله وسجل مواقف محفورة في الذاكرة.هيأ لنا لقاءات مع الخاتم بعد أقل من 72 ساعه من اختفائه. وكان يقوم بذلك بانضباط صارم.لم يجزع ابدا..التحيه الى مرتضى الباشا واخرين سيرد ذكرهم في مواقف اخرى.
شكرا مركز الخاتم التحيه لكم
الخاتم عدلان ذلك الإنسان
حركتنا بسكونك أيها الملك
في حياة كل إنسان يمر أناس وتمر مواقف, بعضهم ينغرس في الذاكرة والضمير,لا تحتاج إلى تذكرهم لأنهم يتواجدون في كل ثنية من ثنايانا, ويومضون بأنفسهم, ذلك لأنهم جذّروا وجودهم في كياننا في كياننا ... في أفعالنا ...في ذاكرتنا...
ما أصعبه أن تكتب عن شخص كانت صنعته الكتابة برع فيها أيما براعة ...أكتب والقلب يخفق حزناً...
أكتب والكتابة مجال رئيسي لممارسة النضال وللنضال سوح آخر
أكتب وقد كان فقيدنا المقيم طاقة دافعة لتفجير الينابيع والعمل و زيتاً للسراج يرعى المواهب يشجعها يحفزها ..
كقصائد العشق المنتقاة نادرة التقاسيم والفواصل ..كان الزمان مفضفضاً بالسحر ومخضلاً بالإيقاع .. اكتب مجتراً لنتف من ذكريات وأيام كانت جميلة الإيقاع مورقة .. متوهجة شموسها الأخاذة وممتدة أنهر ضياؤها ....
وشأن الحروف أن تترجم الدواخل .. والدواخل مجروحة نازفة .. قدر الحروف أن تسجل اللحظات النادرة وأن تخرج لتتشكل في مجامر الوجد.
أناس يعيشون وتعيش في وجدانهم كمسيرات فرح دونما نهايات..هم سبب العطش ومنهم الارتواء ..والذي لايتلظى بنار الحروف لا يعرف عذابها ..لا يعرف معنى السلم إلا المقاتل.. ولا يعرف معنى العدل إلا المظلوم ..ولا يعرف قيمة الصحة إلا العليل .
إنسربت عقود من الزمان وطيفها جائل أمام الأبصار ..يسحقك حنين وشوق جارف لها ..دواخلنا تتمزق بالفقد تلو الفقد ..نكاد نتحول إلى أشلاء منثورة على شواطئ ومواني ومناف ومتاهات نتجرع آلامنا وأحزاننا وإخفاقاتنا.
أناس كأنهم من كوكب آخر يعطونك الأمل عندما تتعثر خطاك.. يشرعون لك الصدور عندما تغلق الأبواب والنوافد ويضيق بك الكون .. يشعون عندما تظلم الدنيا أمامك.. يصافحونك فيعطونك قوة العالم.
إبان دكتاتورية الإمام الأفاك جعفر نميري والتي قضى الخاتم في سجونها حوالي 12 عاماً معتقلاً أو ملاحقاً, كنا نزوره في السجون ونحن أطفال هناك يكون الاحتفال حقيقياً يتحلق حوله الأصدقاء والصديقات الرفيقات والرفاق الأهل والأحباب, يوزع وقته القليل ما بين هذه الجموع ويخص كل فرد منهم ببعض وقتاً يخفف عنهم مواسياً كأنهم الأسرى وهو الطليق.. يخصنا نحن الصغار بجل وقته سائلاً عن الدراسة وسيرها ويدهشك عند الزيارة القادمة حيث توقفتم آخر مرة. عقب الانتفاضة المجيدة في السادس من ابريل 1986 أقمنا في الحاج يوسف مع إدريس عبد الله وبتول عباس والمنزل مزار للجميع يحتشد فيه الناس في كل الأوقات. نحاول أن نسرق بعض الوقت للانفراد بالخاتم لطرح الأسئلة المؤجلة عن 19 يوليو وعن حقيقة هتاف أضرب ..أضرب.. يا أبو القاسم وكان يقول إنها فرية إخوانية أرادوا بها النيل منه, وقد نفى ذلك قبل رحيله بفترة قصيرة في موقع سودانيز اون لاين وراح يعدد الشهود الذين نفوا الواقعة وأكدوا صحة ما قاله الخاتم منهم الدكتور حسين نابري زميل دراسة الخاتم وصديقه.. وهناك من اثر الصمت البائس حتى يكون الأمر محسوباً على الخاتم. كتب الخاتم عن ذلك الهتاف قائلاً (انه هتاف مخنث) فهل يسمع من يعلكون هذا الكلام الآن ويتوقفون عن ترديده؟.
عقب نجاح الانتفاضة وصلت رسائل تهديد من جماعة المأفون جعفر نميري مهددةً وكان أن وصلت للخاتم واحدة من هذه الرسائل, رفض الخاتم فكرة أن توفر له حماية من أي جهة وكان يتحرك وفق ما يرى.
بتول عباس كانت ممتحنه للشهادة السودانية وهي أم لثلاث بنات كلهن في المراحل الدراسية المختلفة, عقدنا اجتماع اسرياً تقرر بموجبه أن يقوم كل واحد منا بواجب منزلي بموجب ذلك تولى الخاتم مراجعة الدروس معها ولارتباطاته الشائكة اختار غسل الأواني بنهاية اليوم, كان يأتي منهكاً عقب ندوة أو اجتماع حزبي أو مدرسة كادر, يقوم بغسل الأواني كلها لا يمل ولا يتضجر, يرفض حتى مبدأ مساعدته في رص الأواني..أكملت بتول تخصصها في اللغة الإنجليزية وتخرجت من جامعة النيلين.
رضوان الهادي الأخ الأصغر يطلب المساعدة في أي مادة دراسية يجد العون وقتما شاء.بفضل مجهودات الخاتم يتحدث رضوان اللغة الإنجليزية بطلاقه.
لا يتردد الخاتم في البحث لفرص عمل لمن يود.. يرافق المرضى إلى المستشفيات ويكتب لمعارفه من الأطباء طالباً مساعدتهم.. يقضي الكثير من الحوائج وهو سعيد بذلك..يتفقد الجيران ويتواصل معهم يبدون إعجابهم من بساطته وتواضعه.
يحتفي بأصدقائه وصديقاته ينفرد بكل منهم ومنهن إذا دعي الأمر يتردد عليه رفيق دربه فيصل مصطفى ..عبدالجليل حسن.. محمد عبدالقادر هلال.. الراحل الفاتح الرشيد..سليمان خضر..عبد الفتاح زيدان..الطيب إبراهيم..عمر النجيب..عواطف سيد أحمد..سلوى سعيد..علية العاقب.. أمال كنه..ندى وأمامة مجذوب يحى...حدالريد..طه سيد أحمد.. الراحل علي الماحي السخي..روبن مشوي..جوزيف مديستو..الراحل ازيدورو عيسى.عديلة الزيبق.
يحتفي بخلصائه المغادرين للخارج محجوب عباس ..عبدالقادر محمد سعيد(قدورة) الراحل علي عبد القيوم..الشاعر الراحل جيلي عبدالرحمن الخ.. ويصر على إعداد كل شيء بنفسه.
نتحرك صباح الجمعة من كل أسبوع وهو اليوم النهائي لإعداد وطباعة جريدة الشبيبة لسان حال اتحاد الشباب السوداني, غالباً ما يأتينا الأخ بحيري عبدالله بحيري لننطلق ثلاثتنا يطمئن الخاتم على إعداد الصفحة الأولى ويقول(طيب المصيبة حتكون كلمة العدد) ونحن داخل عربته نتناقش في أمور مختلفة فجأة يلتقط موضوع ما يكتب عنه ليكون كلمةً للعدد يمررها على جميع أعضاء هيئة التحرير لا يكتب كلمة لا يوافق عليها الجميع, يطلب الرأي والمشورة في كل صغيرة وكبيرة.
في ليلة ظلماء وعند نهاية كوبري القوات المسلحة ونحن في رفقة عمنا الهادي احمد رجب ينفذ وقود العربة نتحرك هو وأنا ويجلس صديق مع عم الهادي داخل العربة, في طلمبة البنزين نواجه بموقف عصيب, امرأة في رفقة طفلين فقدت كل ما عندها وتريد الوصول إلى أهلها وأطفالها يصيحون من الجوع, لم يتردد الخاتم في دس المبلغ داخل جيب طفلها, نعود إلى العربة نروي لعم الهادي وصديق ما حدث, يقفز عم الهادي طرباً ويقول(أنا أبوك يا الخاتم حرّم نمشي بكرعينا) يوقف العربة أمام مبنى شرطة كوبر نقطع المسافة الطويلة إلى الحاج يوسف(الإسكان الشعبي) راجلين والكل سعيد ومسرور.
عادةً ما يفوق عدد المتواجدين في المنزل على عدد أسّرته ويحدث الأمر بشكل شبه يومي يقوم الخاتم بتوزيع الضيوف على الأسّرة ويشرف على كل شيء وبهدوء تام يسحب مقعد عربته إلى الخلف ليستلقى داخلها ويكون أول المستيقظين صباحاً.
ووجهت جريدة الشبيبة عند صدورها بحملة إعلامية ضارية من قبل إعلام الجبهة الإسلامية والطريق لإخراسها هو البلاغات وأستاذنا الجليل عبد الفتاح زيدان تولى رئاسة مجلس إدارتها واستشارتها القانونية, تفتح البلاغات ضد الجريدة نتوجه إلى مراكز الشرطة لنفاجأ بأن الخاتم قد ذهب أمامنا وأعلن مسئوليته حول المادة مسار البلاغ.
تقول الأستاذة سعاد ادم وهى من المقربات إلى الخاتم (إن الخاتم كان يظهر عواطفه ولا يستحي في إظهار دموعه وهو الذي يصمد كالجبال) .
في مارس 1987 تمتد الأيادي الغاشمة بإطلاق النار على المفكر اللبناني الشهير الدكتور حسين مروة, سكب الخاتم دموعه السخان حتى أغمي عليه, وكتب ناعياً حسين مروة معدداً مآثره في مقال رصين أعلنت عنه جريدة الميدان لأيام قبل نشره. بعدها قرر الخاتم التصدي لإكمال السفر العظيم (النزعات المادية للفلسفة العربية الإسلامية) وهو الرسالة التي نال بموجبها حسين مروه درجة الدكتوراه في الفلسفة بعد عشر سنوات من البحث, حسم الخاتم أمر ذلك وقطع شوطاً بعيداً وهذه المعلومة لا يعرفها سوى المقربين منه منهم رجل الأعمال السيد سليمان الخضر رفيق درب الخاتم وصديقه لفترة تجاوزت الأربعين عاماً .
الخاتم الوفي لا ينسى وفاء الأصدقاء والأهل تجاه ينهض واقفاً كل ما ذكر اسم السيد إبراهيم رضوان وزير الصناعة في العهد الديمقراطي وقد أوى الخاتم في منزله في أيام كالحات السواد عقب فشل انقلاب 19 يوليو 1971 , وفاءً للسيد إبراهيم احمد رضوان أطلق اسم رضوان على احد أخوة الخاتم.
انتهز هذه الفرصة و أرجو السيد إبراهيم رضوان إعادة النظر في أمر انضمامه إلى صفوف المؤتمر الوطني حتى لا يلوث تاريخه الحافل وهو القيادي السابق في الحزب الاتحادي الديمقراطي.
يفقد الخاتم كل ما قام بكتابته وترجمته داخل السجون نتيجة لكسر تعرضت سيارته لا يتأثر كثيرا للأمر ربما مستهدياً بالقول نفسي التي تملك الأشياء ذاهبةً فكيف ابكي على شيء إذا ذهب.
يحتفي بأخيه عدلان متخرجاً وعريساً.. وبناصر طبيباً .. وبصديق قائداً نقابياً, يتحدث بإعجاب بالغ بجسارة ابن خاله محمد رجب الذي رافقه سيراً على الأقدام في مسيرة يوم ونصف كان ذلك مساء يوم 22 يوليو 1971 والإذاعة تردد اسم الخاتم ضمن قائمة المطلوب إلقاء القبض عليهم.
في 21 اكتوبر1988 يقترن بالأستاذة تيسير مصطفى ويقضي معها فترة لا تزيد على الثمانية أشهر وعقب ذلك ينعق البوم يوم 30 يونيو 1989 يحضر الأستاذ جوزيف مديستو لتبليغ الخاتم بخبر الانقلاب طالباً منه التحرك على عجل, يرتب الخاتم أمره بهدوء تام ليغادر المنزل مختفياً تاركاً زوجته الحبلى في شهرها السابع.
تلتقيه أثناء فترة الاختفاء يبث فيك روح التفاؤل بقرب يوم الانتصار وكلما يطلبه هو كتاب أو مجلة لا شيء آخر.
يغادر السودان خلسة في منتصف نوفمبر 1993 وهذه قصة طويلة سيأتي يوم الحديث عنها وكيف تجاسر البعض حاملاً روحه بين يديه مرافقاً للخاتم في رحلة الخروج على ظهر عربة تحفها المخاطر من كل الاتجاهات وهنا لا بد من الإشادة والتحية والإجلال إلى روح المرحوم الدكتور الفاتح حاج التوم الذي لم يتردد في مرافقة الخاتم هو وزوجته بعد اقل من أسبوع من زواجهما له التجلة ولأرملته ولأبنائه التحية .. ويجبن آخرين في مبلغ لا يزيد على الخمس وعشرين دولار.
توافد خلصاء الخاتم ورفاقه لزيارته عند وصوله للقاهرة في أواخر نوفمبر 1993 محمد عبد العاطي من سلطنة عمان , محمد سليمان من الدوحة, محجوب عباس من السعودية وآخرين.
ذهبت إلى القاهرة من دمشق أقمنا في مدينة نصر والمنزل مكتظ بالزوار وقادة العمل المعارض حينذاك وظروف القاهرة... القاهرة ينفق الخاتم كلما يملك للمساعدة في دفع إيجار منزل أو لعلاج قادم من قهر الجبهة الإسلامية وسجونها. العدو معروف ومكشوف يأتي ابن الشرق المناضل الأستاذ إبراهيم آداب القيادي في جبهة الشرق حالياً بالخطط والمشاريع بل وبالقوة الضاربة للإطاحة بنظام الجبهة الإسلامية, يضع الخاتم نفسه رهن إشارته مقاتلاً في الصفوف الأولى وعوامل كثيرة تقف حائلاً دون نجاح الأمر.
في 10 يناير 1994 نتحرك سوياً إلى معرض القاهرة الدولي للكتاب, وكنت احمل في يدي كتاب الأستاذ محمد إبراهيم عبده كبج بعنوان خمس سنوات من الإفقار والدمار في ظل حكم الإنقاذ رجل الأمن المصري البليد الواقف عند مدخل المعرض يطير فرحاً ر غم أن العنوان واضح كالشمس في رابعة النهار, يقرر أن الكتاب يبشر بفكر الإنقاذ, يتدافع رجال الأمن نحونا وفي فترة لا تزيد على العشرة دقائق نحاط الخاتم وأنا بأكثر من أربعين شخصاً, يتم إدخالنا لغرفة محتشدة بأصحاب الذقون المتطرفين المصريين, يرفض الخاتم رفضاً قاطعاً الدخول إليها ويقول نحن غادرنا السودان من اجل أمثال هؤلاء ولا يمكن أن ندخل معهم في مكان واحد, يبدأ التحقيق بالأسماء مصطفى طه وهو الاسم الذي دون في الجواز الذي غادر به الخاتم السودان يأتي دوري اسمك ويمتد التحقيق لقرابة العشرين ساعة يفاجئني الخاتم إن هذا الكتاب يخصه هو ولا يخصني رغم أن الكتاب عثر عليه بين يدي, وبعد عدة اتصالات يتم تحويلنا من ارض المعارض إلى لازوغلي حيث مباني امن الدولة وهناك تصل وشاية بان الأسماء غير صحيحة والمحقق هو المسئول عن القسم السوداني برتبة مقدم, يصر على أن نمده بكيفية استخراج جواز الخاتم ولماذا ضحك على الأمن المصري ولماذا حذفت أنا اسم والدي نذهب لنعاود الحضور لعدة مرات في وقت متأخر من الليل أو في الصباح الباكر وفي الأخير يحيي ضابط الأمن المصري الخاتم على جلده ويقول أشياء ...
أنا أتحدث الآن عن شخص يمنح دونما ضجيج واستعلاء شان العالم المفكر المتواضع بتواضع وهدوء وأنت الشامخً فكراً المتسلح بالخلق والأدب كنت تسير راسخ القدمين غير مساومً على القيم .. منفتح العقل والقلب على آفاق أرحب.
نهرً من العطاء هادئاً كالنيل الأبيض يروي الأرض ويسقي الغرس دونما منِّ من اجل العطاء ومن اجل الخير.. ومن اجل الديمقراطية والحرية.. حرية الاختيار لرؤية الواقع ورؤية قواه الثورية, أو رؤية هذا الصراع في حركته الدائمة داعماً بل ومتحدا مع القوي المناضلة وتحريض الجماهير في اتجاه تحريرها وخلاصها من هوان الاستعباد, وهوان الذل والجهل, وهوان الجوع والمرض. مسترشداً بالعلم ومستضيئاً به في رؤية الإنسان والكون والمجتمع والحياة..
أنت أحد الذين أسهموا في إثارة الوعي وخدمة قضايا الوطن والمواطن, مهتدياً بالعقل والفلسفة التي اعتنقتها لحقيقة التناقضات التي كانت ولا زالت تصطرع مستوعباً تحولات عصره, ومنحازاً إلى الجوهر الثوري الذي تحويه هذه التحولات, صادحاً بالوقوف إلى جانب التطور ومؤمناً بأن التطور هو السمة الوحيدة لحركة التاريخ وانه ليس هناك تكويناً أبديا جامداً وأن كل شيء ماض في سيرورة التغير الدائم وأن البشر هم صناع أقدارهم وسعادتهم لم تنكص يوماً في تصويب سهامك بالكلمة المسموعة أو المقروءة وأنت المقاتل الأكثر حماسة وتوقداً وثباتاً ونفاذ بصيرة وقدرة تعبيرية وشمول ثقافة للتصدي للقوى التي تتدثر بلباس الدين تحت مسميات مختلفة وتوجهات متنوعة جبهة إسلامية... أنصار سنه... تكفير وهجرة.. إنقاذ ... مؤتمر وطني.. مؤتمر شعبي ..الخ من أضاليل وأباطيل, تتلاقى في محصلاتها الأخيرة على التقليل من دور العقل في معرفة الكون ومن قدرة العلم على خدمة تقدم البشرية جمعاء..
لقد قارعتهم يا خاتم بدراية وشجاعة دون يأس أو كلل أو ملل على امتداد حياتك العامرة الفاعلة.. كشفت و بتعابير رائعة زيف مرتكزاتها الفكرية, وخطر وخطل مفاهيمها وأنت على وعي كامل بما ستجره عليك من ويلات مع أصحاب هذه المفاهيم الموغلة في غياهب التخلف وهي قوى فاجرة في خصومتها.
أنت الآن هناك لا احد يفقه لغة الصمت ويستنكه بلاغته ولا احد يجيد قراءة الداخل متصفحا أغواره مثلك.
الوطن يا خاتم مثخن بالخرائب والأشلاء يغطيه الدمار.. أبناء الوطن الخلصاء يصطفوا الصف الأول صفاً للشهداء البواسل الذين غاصوا في ترابه واصلبوا عوده وعززوا صمود شعبهم, وآخرين اكتظت بهم السجون وشرع القتلة في تعذيبهم وسحلهم داخل الأقبية وبيوت الأشباح, بعضهم يمم وجه شطر الهجرة والمنافي لكنهم تدافعوا لقيادة العمل المعارض والإطاحة بحزب أتى ليلاً وأذاق شعبه الأمرّين, لكنهم أحبطوا فالمغانم الشخصية والحزبية حجبت عنهم رؤيا الوطن الذي تحول إلى فسيفساء.. كان قائد هذه المعارضة يصلح لكل شيء لكنه لا يصلح لقيادة هذا العمل الضخم الذي وجد نفسه فيه بلا مؤهلات ....الحكومة الآن تعد عدتها لاستقباله,لا مجتثا لجذورها كما وعد بل داعما لها وربما مندغما فيها.... بفضل هؤلاء وأمثالهم لا زالت الإنقاذ تتشبث بالسلطة حيث الثراء الفاحش للبعض والسيادة المطلقة للتافهين والتنمر للزائفين.. هي الإنقاذ التي قلت عنها منذ قرابة العشرة أعوام ياخاتم( أنها لا تصلح ولا تصالح) .
وأنت تتأمل من أي اتجاه تطل على الخاتم عدلان, وأنت جالس إليه تحتار كيف ومتي ومن أين تبدأ وعندما يبدأ هو في الاسترسال تتوه أنت في لججه, وتتأمل وتفكر في كنوزه وصخوره.. مع أمثاله وهم قلة يصبح الإيجاز مستحيلاً وهو الذي لم يجوز عطاياه علينا , في كافة المجالات والأصعدة, موسوعة في إنسانيته, تجد نفسك تصغي إليه طائعاً لتنهل بعض من معينه. وعندما ينصت هو إليك يقضي معك ساعاته الطوال دونما كلل أو ملل وهو العصامي الصلب.. المناضل الثوري والثورة تعني له الحب الكوني.
انه الصديق المتواضع الوفي.. الرفيق المقاتل الشرس.. رفيق شطر زاه مخصب من العمر.. المفكر واسع الأفق ..الكاتب المجيد.. المترجم البارع .. الخطيب اللسن.. جاهر الصوت واضح المخارج والعبارة .. دقيق الوصف.. الإنسان النابض بالخير المؤانس المتوقد وبقية الصفات المنقرضة في هذا الزمان.
هذا هو الخاتم كعهده حتى في الموت تقدم صفوفنا انه الآن سبقنا إلى ثرى السودان في عالم آخر انتصر المرض على جسد الخاتم , لكن الخاتم انتصر على الموت بفكرة .. الخاتم عدلان يكرم الأرض بجسده الطاهر وفكره النير..الخاتم الشجاع حتى في موته وموقفه من الوجود قال بعبارات واضحة..لو عشت ليومين أو ساعتين أو دقيقتين سأظل داعيا للوعي والاستنارة!!!!!!!!!!!!! من يتزعزع ولم يجزع وقال..نعم أنا أحب الحياة لكني لا أجزع من الموت. وقد كان يواجه الأم الداء العضال بثبات أسطوري..
الخاتم داخل مركزه المشع بالفكر ونحن في حضرته يصغي إلينا .. يفكر ..يحاول أن يقول ولكن في صمت.
لقد أعطى الخاتم وأوفى وزاد .. كان عطاؤه نضالياً صموده إبداعيا..وفكره نيرا
ترك لنا كل ذلك وغادر لنتعلم من حياته الماجدة والباسلة .
سأكتب عن الصديق؟.. لا..سأكتب عن إنسانيته الفذة سخية الشموس ؟ لا.. سأكتب عن صموده الأسطوري أمام قناعاته؟..لا سأكتب عنهم جميعاً ؟..لا لن اكتب ......
هل يمكنني تسوير العاصفة ؟... قبض المجرة أو الزلزال؟ هل يمكنني حجب قرص الشمس ؟ هل يمكنني إن ادخل الفيل في سم الخياط ؟ ..لا..لا..لا.. اذاًٍ يجب أن أتوقف...
أنها رفقة عمر طويل لا تترجم بكلمات يا خاتم..
عبد الوهاب همت
[email protected]
22ابريل 2008-04-22
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: فى الذكرى الثالثة لرحيل الخاتم عدلان .. ليلة رائعة لانسان رائع رحل عنا بالجسد (ملخص+ صور) (Re: مركز الخاتم عدلان)
|
قصيدة الاستاذ العوض مصطفى في رثاء الراحل الخاتم عدلان
أكثر قصيدة اثارت احزاني لوفاة الفقيد
Quote:
برْق الليل الضَّّّّّّّّّّّّّّّـلــَّم وعاتِـم
سحاب العينة السَّاق متراكم
بحرالنيل السال متلاطم
كله الحي بي يرحل يومًا ، شقَّ علي رحيل الخاتم
إلا الجابر خاطري انا يابه إنك ترجع أرضك ونيلك
جُوَّه تراب البلد الرِّدْتُه ، وجوَّه قلوب الناس الهيلك
بكرة تشوف قدرك يا خاتم بين الغر البسرجُوا ليلك
الطيبين شدَّادين حيلك
بيعرفوك في دابُنْ كنت ، وما بينسوك بيحسُّوا رحيلك
شوَّافين ما بطِشُّوا وحاتك ، سمَّاعين بيفُرزوا هديلك
يا ذا الحس والراي الصارم
نحن وراك أحزاننا بتكبر وبكبر بعدك فينا الشوق
للإنسان الكُت منتظره ، للقيم المرفوعة وفوق
بي نسقيه الشَّــقــَّق لمَّن يروىيسوِّي ليه عروق
بنعيش ليه الوطن الغالي ، وبنعلـِّيه على المخلوق
متفاءلين ، والجاد بيضوق
شكرا خاتم ما قصّرت
شكرا يا متفاني وذوق
يا الفي الحارة بلاقيك باسم
مستننك ، أسفا جيتنا ، ماك إياك يا حوض العاشم
زي ما عاد مصطفى من قبلك ، حزن الناس تاريه مواسم
أسمح لي خاتم من فضلك
أمزج حزن الناس بي فرحك ، لما تعود لي أهلك وأصلك
أفضل وابرك
يرحل زول ، بي ترحل أُمَّة .. جبر الله يا الخاتم كسرك
وأحسن فيك عزاء الأمَّة ، وبي أفضاله ينوّرقبرك
ويتولاك بالرحمة ويغسل متل التوب الأبيض صدرك
وينقيك – ما أكرم ربك – هو العالم بي جهرك وسرك
ويلزم صبره جميع الفقدك ، ويطيِّب في الآخرة مقرك
تتهنابُه محل قبلت ، ما يلاقيك إلا البيسُرَّك
مسقط 26 أبريل 2005 |
لسماع القصيدة بصوت الشاعر يمكنكم الضغط على هذا اللينك
صور و وقائع يوم تأبين الخاتم عدلان في امستردام السبت 16-07
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: فى الذكرى الثالثة لرحيل الخاتم عدلان .. ليلة رائعة لانسان رائع رحل عنا بالجسد (ملخص+ صور) (Re: Amjad ibrahim)
|
...كان الراحل يكتب مقالا راتبا بصحيفة الاضواء صباح كل ثلاثاء..المقال أدناه كتبه الدكتور بشرى الفاضل بعد رحيل الخاتم بحسبانه الخطاب الذي لم يقله الخاتم.أعيد نشره هنا للفائدة..
مقال الثلاثاء
الخطاب الذي لم يقله الخاتم عدلان
أصدقائي في كل مكان
ها أنذا أزين ما استطعت جدران قلبي لكم ديواناً قروياً مبذولاً دون استئذان.
اتضح خلال الأزمة التي تعرضت لها أنكم أكثر مما كنت أتصور .جئتم إلى في وحشتي وأنا أصارع المرض من المدن النائية من قرى السودان المنسية من الجزيرة من دكة الجعليين من أم درمان و استراليا وكندا من أوروبا والخليج .من الشبكة الالكترونية ومن مقاهي النشاط وقاعات الجامعات . و من لندن جئتم زرافات ووحداناً تسبقكم أمنياتكم . من الغابات من الدعوات والقصائد ومن صوت طفلة وسط اللمة منسية
بعد قليل سأدخل في غيبوبة فإن قمت من الكرى وعوفيت فمن أين لي بأيادٍ للمصافحة بعدد أياديكم ومن أين لي بقلب يسع رد الجميل عن المحبة التي طوقتموني بها. أدخل في النفق الآن وإن قضيت فلتكن بيننا الذكرى .
لقد أثبتت حشودكم أنني كنت على حق. كان الإنسان الذي كنته طوال عمري يقول لي كن غيريا يفسح الناس لك في قلوبهم مساحات بقدر ما أغفلتها في خيالك من عدم الانشغال بقضايا الذات .ً
خلال زيارتي الأخيرة للولايات المتحدة كنت أشعر بآلام باطنية شديدة لم اشهد مثلها من قبل تحاملت على نفسي لكن كانت للجسد أوامره . بعد الندوة الأولى قطعت البرنامج الذي أعددناه في أمريكا .بقية القصة فليروها لكم أصدقائي هناك.
قال لي الطبيب الأمريكي الحاذق
- سوري يا مستر عدلان . أنت مصاب بسرطان الكبد.
وقع على الخبر كالصاعقة .سرطان؟
وماذا سأقول لتيسير وولدي حسام وأحمد ؟وماذا اقول للباقر العفيف وعصام مصطفى وفيصل وقاسم وعدلان ووليد؟ بل ماذا سأقول للصديق النائي محجوب عباس ؟ ماذا سأقول لأم سلمة في البعيد البعيد بنت أمي وابي وأختينا صفية وعلوية اللائي بكين حين شاهدنني في يناير من العام الماضي بعد انقطاع عنهما دام لعشر سنوات؟ ماذا أقول لأبى الشيخ الهادي ملتقى الحكمة وأخوي صديق وناصر؟
استغرب الطبيب حين رآني أتحاور معه حول انتشار المرض وتوقعات الحياة إذ ظن أن الجلد ورباطة الجأش لا صلة لهما بمواطن إفريقي من شاكلتي . وهو لا يدري أننا تدربنا على مثل هذه الشدائد وتوقع الموت في أي لحظة منذ أكثر من ربع قرن.
أول مرة رأيت الموت محدقاً كانت في مظاهرات أكتوبر ونحن في الفصول الأولى بمدرسة مدني الثانوية . وآخر مرة حين دهست سيارة أخي خالد الكد. قبل خروجي من السودان عام 94 كان ثمن القبض على خمسة عشر مليوناً لكن التضخم جعل هذا المبلغ يبدو الآن ضئيلاً ربما كنت ألاقي حتفي حينها لو تم القبض علي في إحدى الزنازين بمصير مشابه لمصير على فضل المسمار في اليافوخ أو أبو بكر راسخ الطلقة في الصدر.
وأنا عائد من المستشفى أحمل القرار الطلقة بموتي جرت في خاطري صور متتالية لمذابح الشجرة وسيرة استشهاد عبدالخالق محجوب مداعبته لحارس السجن عن متانة الحبل وهو ذاهب للمشتقة:
- شوف حبلك دا متين ؟ أنا وزني تقيل
كانت المراجل بدواخله تغلي لكنه كان ثابتاً كالطود . وليت السجانين كانوا يدركون فداحة ما يخسرون . صور لا حصر لها لمواطنين من بلدي وقفوا بشجاعة في مواجهة الموت لعل أبرزها صورة شهيد الفكر محمود الذي تدلى ببسالة منقطعة النظير وصعدت روحه وهو يبتسم .فهل تراني أخذل أيا منهم؟ ل.ا نحن لا نهاب الموت وسنثبت أننا كنا على حق حتى النهاية. كان الطبيب يواسيني بكلامه الذي يحاول أن يكون واضحاً ومع ذلك سألتني عيناه ألا تخاف الموت ؟وأجبتها بما قال المجذوب:
أنا قلب الكون خفاقاً فما
أرهب الموت إذا الموت ابتدر
نقلة من علل مضنية
لأمان الروح لي فيه وطر
من أمريكا وضعت الخطة . سأتصل بأسرتي في لندن وأصدقائي وسأخفف عنهم وقع الخبر جرعة جرعة . سأكاشف زوجتي حين أعود وإذا قلت لعضوية حق هنا فسأطلب منهم عدم إفشاء الخبر حتى أصل إلى لندن. هذا ما فعلته. كانت أقسى اللحظات في حياتي حين قلت الحقيقة لزوجتي ولبعض أصدقائي وخففنا وقع الخبر على الطفلين. في لندن اتضح أن المرض انتشر بأكثر مما يمكن أن يحتويه العلاج وخلال شهر واحد وجلستين بالعلاج الكيماوي تغير لون بشرتي وخف وزني وأصبح صوتي واهناً كان على القتال في عدة جبهات فمن ناحية على مقاومة المرض بكل ما املك من تصميم وإرادة فأنا محب للحياة ومن ناحية أخرى علي تحمل آلام سرطان البنكرياس المبرحة بالمورفين وبالشكيمة ومن ناحية ثالثة على تخفيف الفاجعة على صغاري وزوجني كما على اتخاذ أساليب القديمة في لجم مشاعر أخي عدلان بالحزم فعدلان أصبح جزعاً تماماً حين بدأت افقد وزناً وأفقد الشهية للأكل. على تسرية هموم الآسرة والأصدقاء بونسات لا تنقطع حتى تنقضي هذه الأسابيع . صحيح إنني وجدت نفسيtrapped فمن كلام الطبيب البريطاني علمت أنني سأموت خلال أسابيع ولذا اصبح موتي بالنسبة لي ولزوجتي وللمقربين من أصحابي معلن عنه. الشهيد الذي يتقدم نحو المشنقة أمامه ساعات وعلى الرغم من فداحة الأمر بالنسبة له فإنها ساعات وتنقضي أما من يواجه موتاً كموتي فهو يموت كل يوم ولمدة أسابيع في محاولة للتماسك وحث الآخرين على عدم إبداء مشاعر الشفقة . كان على تهدئة خواطر الأصحاب ممن يتصلون عبر الهاتف وممن يفدون جماعات جماعات من سائر أنحاء بريطانيا وأوروبا. فكلهم كلهم أصدقائي.
جاء بعض أصحابي ففوجئوا بأنني أصبحت ضئيل الحجم وأن صوتي أصبح واهناً فرحت أحكي لهم عن أنني بدأت أستعيد شهيتي للطعام .أنا متأكد من أن ذلك الشاعر السوداني اللندني الذي ينضج قصائده القصيرة دائماً على نار هادئة وقد جاء بصحبة صديقي الآخر الذي كم تبادلت معه الأفكار قد خنقتهما العبرة بعد ان غادرا من هنا كنت موقناً بان الشاعر احس بان هذا آخر لقاء بيننا. كان ذلك بائناً في عينيه. هل ترى يظن أنني لا أجيد التمثيل فأطمئنه حتى في مثل هذا الموقف؟ كان يمثل هذا الشاعر الهين حين ابتسم مودعاً ومشجعاً لكنه بكى بعد أن غادر خلف الباب مباشرة. أمنح زوجتي لقب فارسة. إنها فارسة في تقبل الفاجعة وفي ابتداع صيغة عزاء ما رأيت مثلها لطفلي الذين هما قطعة من روحينا معاً بحيث يتقبلان دون صدمة مسالة مرضي المداهم ورحيلي الوشيك.
تذكرت مالك ابن الريب الشاعر اللديغ الذي رثى نفسه بعد أن أيقن أنه سيموت
- فيا صاحبي رحلي ارفعاني لأنه
- يقر لعيني أن سهيل بدا ليا
وتذكر أهله إذ يبكون تذكر بكاء الجندريات
- ومنهن أم وابنتاها وخالتي
- وباكية أخرى تهيج البواكيا
ها هي الغيبوبة تزحف أصحو فأتذكر الجميع ثم أغوص مرة أخرى الموت شئ آخر ينتقل المرء فجأة إلى حالة شعورية أخرى
ها أنا أسمع صوت الباكية التي تهيج البواكيا يرتفع ويرتفع ليتي أستطيع أن أضمها وطفلينا في الحنايا. عدم القدرة على فعل شيء هو الجزء المأساوي للفراق.
تماسكي تماسكي.
تماسكوا جميعاً أيها الأهل والأحباب والاصدقاء يقول خاطري . تماسكوا جميعاً فالفقد مشترك.
وداعاً.
دخل الجسد في غيبوبته الأخيرة ثم همد.
اصوات متداخلة وبكاء وصديق يقول من خلال دموعه وداعاً ايها الفقد الكبير وداعاً يا معمل الفكر التطبيقي المتحرك.أيها الجسد الذي تعذب كثيرا في طلاب روحه الوثابة ولترقد في سلام.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: فى الذكرى الثالثة لرحيل الخاتم عدلان .. ليلة رائعة لانسان رائع رحل عنا بالجسد (ملخص+ صور) (Re: مركز الخاتم عدلان)
|
الخاتم عدلان في ذكراه الثالثة:
محارب من اجل عالم نضير
محمد الحسن محيسي
في خاتمة الرثاء الذي سطره بمناسبة حلول الذكري الاولي لغياب المناضل الرمز الاستاذ الخاتم عدلان في ابريل 2006 كتب الدكتور صدقي كبلو ( و انا اكتب هنا يا صديقي اتذكر الاصدقاء.. واتذكر توأم روحك محمد الحسن محيسي). الاستاذ محمد الحسن محيسي الخبير في مجال الادارة العامة المقيم حاليا بدولة الامارات العربية، صديق الخاتم الصدوق الذي وصفه كبلو بانه توأم روحه، خصّ صحيفة ( الاحداث) مشكورا بمرثية كتبها في تأبين صديقه الراحل و القاها امام الجمع في حفل التأبين الذي اقامه في ذكري اربعين الخاتم عدلان النادي السوداني بابوظبي في يونيو 2005
ما عساي قائل في أمسية كهذه وقد لفّ الحزنُ الكالُح الناسَ والأشياء . كم يحزنني أن أقف هذا الموقف مؤبِّناً صديقَ العمر ، كم تمنيتُ أن يرثيني هو و لا ارثيه . إن لديّ تاريخاً عريقاً في العجز عن تأبين أصدقائي ، وكم تمنيت ألاَّ أقف هذا الموقف . وإذا كان الله قد شرّفني بصحبة كوكبةٍ من أنبلِ وأشرفِ أبناء الوطن الميامين ، فقد أبتلاني ، وابتلى الوطن كلّه ، بفقدهم الفاجع وهم في أوج عطائهم ، أذكر منهم عبدالله محسي ، محمد ميرغني نقد ، طه وخالد الكد ، محمد عبدالحي ، عثمان حسن أحمد ، علي المك ، محمود عُكِير ، وهأنذا أودع آخرهم ، الخاتم عدلان، ذلك العقد الذي ينتظم اللاَّليء.
الحزن الأكبر ليس يقال .
وهأنذا عاجزً حتى عن التعبير عن حزني عليه "ثمة معانٍ وأحاسيس لا يمكن أن تعبّر عنها الكلمات" كما قال أفلاطون ، وذلك شأني مع فقد خاتم ومن قبله كرام القوم . واحسرتاه .. واحسرتاه على وطنٍ ظلّ يفقد أبرَّ أبنائه في المنافي حتى يغيبهم الموت فيرجعون إليه في توابِيتَ يلفُّها علمُ الوطن .
خاتم عدلان كان أخاً لي ، وتلك من نِعَمِ اللهِ عَلىْ . عرفته صديقاً حميماً منذ إثنين وأربعين عاماً ، شكَّلتْ ثلاثة أرباع عُمْرَينا ، تخلّلتها سنوات السجن ، والإختفاء ، والمنفى ، لكنها صداقة ظلّت تتعتق كلمّا مرَّ الزمن . ما نكاد نلتقي بعد سنوات الغياب حتى نبدأ من حيث أنتهينا ، كأننا لم نفترق. ذكراه العَبِقَه تعوِّض لدرجةٍ ما ، سنوات غيابه . عشنا حياةً مشتركة منذ السنة الأولى في المرحلة الثانوية . كنا وقتها في بداية تعرُّفنا على الحياة ، على الناس والأشياء . عملنا معاً في الجمعيات الطلابية ، الأدبية والسياسية. التحقنا بجامعة الخرطوم معاً ، ذات الكلية – الآداب – وذات الفصل ، بل حتى ذات المواد الدراسية : اللغتان العربية والإنجليزية والفلسفة والتأريخ . نلتقي يومياً كل مساء لتحرير صحيفة الجبهة الديمقراطية . سكنَّا معاً ، ودرسنا معاً ، حضرنا الندوات الثقافية والسياسية معاً ، قرأنا الكتب والمجلاّت معاً ، قرأنا دواوين الشعر ، قديمه وحديثه، تدارسناها ، وحفظنا بعضاً من قصائدها معاً ، خاصة القصائد الوطنية ، قرأنا صلاح عبدالصبور، أحمد عبدالمعطي حجازي ، محمد ابراهيم أبوسنِّه ، عبدالوهاب البياتي ، السيّاب ، أما أمل دُنْقُل فذاك شاعرٌ عشقناه ، وحين سُرِّبت إلينا قصيدته التي سمَّى بها أحد دواوينه (تعليق على ما حدث في مخيَّم الوحدات) كان لي شرف كتابتها على بوستر كبير وعلقناها ، خاتم وأنا ، بعد منتصف الليل في مقهى النشاط ، فقد كان ذلك إبَّان طغيان النميري ، أوائل السبعينيات وفي صباح اليوم التالي تجمع العشرات من الطلاب ينقلونها قبل أن ينزع البوستر رجال الأمن. وحفظنا ديوان ود المكي وطالما رددنا قصائده في ليلٍ بهيم ، نقوى بها على المِحَن . عشنا أفراحنا ، وكذلك أحزاننا معاً ، وحين أقتِيد إلى السجن أول مرة كنا نسكن معاً في غرفة فيها سريران في الطابق الثاني من داخلية سوباط ، إحدى داخليات جامعة الخرطوم ، فاستَوْحشتُ بعده .. وظلَّ سريرُه الشاغرُ تذكاراً موجعاً ومقيتاً لغيابه .
لم تكن دراسة خاتم متصلة فقد فصلت بينها سنوات السجن ، وفي المرتين كان خاتم نجم الجامعة بلا منازع ، تغصّ القاعات ودار إتحاد الطلاب بالحضور في الندوات التي يتحدث فيها ، فقد كان لواسع فهمِهِ وقدرتهِ الخارقة على التحليل ، ومنطِقِه السديد ، ولغَتِهِ الجيِّدة السبك ، الدقيقة التعبير ، وَقْعُ السحر في آذان سامعيه ، وهنا بالضبط مكمنُ خطرِه : قوته الهائلة على الإقناع . أما بعد الإنتفاضة فقد لمع نجمُه كما لم يلمع من قبل ، خاصة وقد نضجت تجربته ، وعجمت عودَهُ ابتلاءاتُ السياسةِ والسجن ، لكن ذاك حديثٌ آخر ، أرجو أن يتصدى له من هو أقدر مني على ذلك ، غير أني أستطيع أن أقول حين يكتُب تأريخَ هذا الوطن مؤرخٌ مُنْصِف فلابد أن يتبوأ خاتم مكانه اللائق في طليعة المناضلين الذين ساهموا ، بقدر ما أتاحت لهم الظروف ، في توعية الشعب . حين سأل الطاغية النميري عبدالخالق اثناء التحقيق قبيل إعدامه : ماذا قدمت لشعبك؟ أجاب عبدالخالق : (الوعي...بقدر ما استطعت ) . ذلك كان أيضاً شأن الخاتم ، وهو شرف لا يناله إلا من أوتى من حبِّ الوطن قدراً عظيماً .
ثم تفرَّقت بنا السُّبُل سنين عددا ، ولكنَّا كنا على إتصال دائم حتى وهو في السجن كنا نتبادل الرسائل، وحين اسرَّ لي في مخبئه بأنه يفكر في الخروج من البلاد توجّسْتُ في نفسي خيفةً ، إذ لا أحد يعرف تَبِعَاتِ فشلِ تجربةٍ كهذه . ولكنه نجح عام 1994م في مغادرة السودان سرّاً إلى السعودية ، فالقاهرة ثم التحق بأسرته في لندن حيث استقر به المقام . وحينما استقال في نفس العام من الحزب الذي انتمى إليه لثلاثين عاماً ، كوَّن حركة سياسية جديدة ، في ظروف شخصية بالغـة الدقـة . وقد كنت أعلم ما قد لا يعلمه الكثيـرون عنـه في هـذه الفتـرة فقد كان يعمل سائق سيارة اجرة driver mini-cab لمدة ثمانية عشر ساعة في اليوم ليؤمن الحياة الكريمة لأسرته ، ومع ذلك لم تَلِنْ قناةُ نضالِهِ قط ، يكتب في الصحف ، يتحدث في الندوات ، يجري المقابلات في التلفزيون ، يسافر لحضور الندوات والمؤتمرات خارج بريطانيا ،و له حضورٌ كثيفٌ وفاعلٌ في كل المحافل المحليّة والدوليّة التي تناقش قضايا السودان الشائكة .
كان خاتم عدلان رجلاً فذَّاً بكل المقاييس ، ومما يثلج الصدر ذلك السيل من المراثي الذي سوَّد صفحات الصحف السودانية والمواقع السودانية المختلفة في الانترنت عقب وفاته ، لكنه أشعرني أكثر بفداحةِ فقْدِهِ ، فإذا كان ذلك حُزْنُ من استمعوا إليه أو قرأوه ، وبعضهم لم يشاهدْهُ قط ، فكيف بأحزان من "استثمر" ثلاثةَ أرباعِ العمر في صداقته؟ وكأنّ خاتماً أحسَّ بدنوِّ أجله ، فقد كثَّفَ نشاطه في السنوات الأخيرة بدرجة فوق طاقة البشر العاديين، وهل كان هو بشراً عادياً ؟ كان كأنما يسابق الزمن ، يريد أن يؤدي رسالته الوطنية كأحسن ما تؤدّى الرسائل . كان يعمل خمسة أيام في الأسبوع كبير المترجمين بجريدة (الشرق الأوسط) ، يدرِّس الدبلوماسيين الغربيين اللغة العربية في معهد الدراسات الشرقية بجامعة لندن ، يحْضُر دورة تدريبية عن الكتابة الإبداعية باللغة الإنجليزية ، ويكتب مقالاً أسبوعياً لجريدة (الأضواء) السودانية ، يستعرض لجريدة الشرق الأوسط مرة كل أسبوعين أحد الكتب الهامة الصادرة باللغة الإنجليزية لمن لا يتاح لقراء العربية الاطلاع عليها ، يجري حواراً ثرَّاً في موقع (سودانيز أون لاين) مع عدد واسع جداً من ألوان الطيف السياسي السوداني ، حيث وجِّهت له أسئلة غاية في التعقيد حول كافة القضايا الشائكة التي تواجه الوطن .. ومن رأي الكثيرين أن إجاباته كان فيها من قوة العارضة ، وتماسك الحجة ، وسند المنطق ، ما يرفعه لدرجة المفكرين الكبار، لكن ليس هنا مجال الخوض في اسهاماته الفكرية .
خاتم عدلان كان يتميز بحسِّ وطني لا يُعْلَى عليه ، فنحن إزاء رجل ضخم، رجل لم يعمل يوماً واحداً في سوق العمل السوداني ، بأجر أو بدون أجر ، رجل نَذَرَ نفسه وحياته بالكامل لخدمة وطنه وتنوير شعبه ، منذ أن تفتح ذهنُهُ الوقَّاد على قضايا وطنه ، وهو بَعْدُ طالبٌ بالمدرسة الثانوية ، وظلَّ ( ذلك دأبَهُ الدهرَ سادراً) حتى لقِىَ وجهَ ربِّه .
على الصعيد الشخصي كان خاتم أباً باراً حنوناً ، لم ينعم بالعيش مع زوجته وأولاده إلاَّ قليلاً . وحين استقرَّ به المقام وذاق طعم الحياة المستقرة ، وهو الذي تَيَتَّم باكراً بفقد أختِه ، ثم أمِّهِ ، ثم جدِّهِ عدلان الذي تسمَّى به ، حين بدأت حياته تستقر ، عَكَفَ على تربية ابنيه النابهَيْن حسام وأحمد على أسس راشدة ، ولأنه يأخذ الحياة بجدِّية في كافة مناحيها ففي مكتبته العامرة رفٌّ كامل يحوي كتباً عن أسس وأساليب تربية الأطفال .. لله دَرُّهْ من رجل ، ولِلَّهِ دَرُّه من أب .
وفي خاتم وفاءً نادرٌ وأصيل ، ففي لقاء مع إحدى صحف الخرطوم ذكر أنه كوَّن صداقات منذ المدرسة الثانوية لا تزال بعد أربعين عاماً تعيش معه ، ولا يزال يعتز بها ، بل وسمّى بعض أولئك الأصدقاء . وفيه دماثة خلق ومودة تنثال منه بصورة طبعية آسِرة ، يشهد بذلك كل من عرفه ولو للحظات . كتب أمين موقع السودان للجميع (Sudan-for–all.com ) كلمة قصيرة ولكنها غاية في الرصانة ودقة التعبير عنه ، أشارت ، فيما أشارت ، لهذه المِزْية ، إذ قال : "وعلى الصعيدين الإنساني والإجتماعي كان للخاتم مزايا آسرة ، فهو يتميز بقدرة عالية على الاحتفاء بالآخرين من حوله ، وبحُسنِ إصغائه لمحدّثيه ، وبقدرةٍ صادقةٍ على إشعار كلِّ واحدٍ وواحدةٍ من جلسائِه وأصدقائِهِ وصديقاتِهِ ، بأنَّهم وأنَّهُنَّ محطُّ إهتمامٍ خاصٍ لديه ، وقد كان حضوره قوياً ومؤثراً بين كل من عرفوه بفضل إمتلاكه بالذات لهذه المزايا القائمة على مبدأ سخاء الذات السامق إزاء الآخر" . ذلك الرِّباط الإنساني الخاص الذي كان يشُدّ الناس للخاتم كان رباطَ طبيعة ، لا يتصنَّعَهُ خاتم ، وهو رباطً يعلو على فوارق العمر والدين والجنس والسياسة والتعليم والمهنة والثراء وغيرها ، مما يُغْرِى بالتفريق بين الناس . خاتم كان براءً من كل ذلك .
كان خاتم متواضعاً ، نشأ نشأة عادية ، في أسرةٍ عادية كسائر الأُسَرْ في قرى مشروع المناقل ، ولكنه نال من التعليم والثقافة العالية الرفيعة والشهرة ما يؤهِّلهُ لأن يتعالى بها على العالمين ، كما تفعل صِغَارُ العقولِ عند صِغار القوم ، ولكنه لم يفعل ذلك فقد كان له (إرْثٌ من الحكمةِ والحِلْمِ وحبِّ الاخرين) بكلمات صلاح أحمد إبراهيم ، وكان له من الفطنةِ وسَعَةِ الرأي ما يعصِمُهُ من الزَّلل .
ولعلي لا أضيف شيئاً لو تحدثت عن ذكائه الحاد وذهنه الوقَّاد ، وبديهتِهِ الحاضرة دوماً ، وتلك كانت أمْيَزَ صفاته ، بجانب (قدرته المذهلة على النفاذ لجوهر الأشياء) كما لاحظ بشرى الفاضل . وقد ساعده كثيراً أن درس الفلسفة والمنطق ، وعكف على تثقيف نفسه بدأبٍ ومثابرة . ومع أنَّ الدراسة الأكاديمية لم تكن أولى إهتماماته إلاَّ أنه كان دائماً طالباً مُبَرِّزاً . كان يَدْرُس فقط في الأسبوعين السابقين للإمتحانات ومع ذلك يحرز أعلى الدرجات ، فلا غرو أن تخرج ببكالوريوس بمرتبة الشرف في الفلسفة ، وكان يؤدي بعض الإمتحانات وهو في السجن .
وكان للخاتم وَلعٌ طاغٍ بالإطِّلاع والدرس وتحصيل المعرفة . ذكرت له ذات مرة كتاباً إسمه Work How Ideas اي (كيف تعمل الأفكار) وقلت له إن ذلك كتابٌ هام ، ذو مَنْحَىً فلسفي ، وكنت أعرف ولَعَهُ بالفلسفة ، ووعدتُه أن آتيه قريباً بنسخةٍ من الكتاب . شكرني على ذلك ، غير أنه فاجأني بعد أسبوع واحد بأنه طلب الكتاب وحصل عليه ، وسيكون ذلك باكورة ما يستعرضه من كتب في صحيفة (الشرق الأوسط) ، وقد تمَّ ذلك بالفعل ، ربما يعرف هذا من كانوا يتابعون كتاباته.
وبعد، فقد فقدت بلادنا بغياب الخاتم مفكراً ضخماً يملك كافة مقوّمات القائد العظيم لو أمهلته المنيّة، وفقدتُ بغيابِهِ صديقَ العمر وأقرب أصدقائي إلى نفسي على الإطلاق، و لعل صديقي د. صدقي كبَلوَّ لم يجاوز الحقيقة حين شرّفني بأن وصفني بأني (توأمُ روحِه).
لقد شقَّ نَعْيُ الخاتم على كل من عرفه ، أو قرأ له ، أتفق معه أم اختلف ، شقّ نعْيُهُ حتى على ابني (خالد) الذي بالكاد يكمل عامه الخامس عشر، وكان أوَّل من عزَّيتُه فيه ذاكراً له أننا ظلَلْنَا صديقيـن لمدة اثنين وأربعين عاماً ، كان ذلك بُعَيْدَ سماعي للنبأ العظيم بحـواليْ عشريـن دقيـقـة فقط ، وأنا بين مكذِّبٍ ومكَّذب ، فجاءني في E-mail ردٌّ فوريٌ من إبنـي يقـول فيـه :
"You had your share in him, it is now God's turn" وظني أنه أوجَزَ فأعجَز.
وبرغْمِ البكاءِ المُمِضْ ، والحزن الذي رأيناه وسمعناه من أصدقاء الفقيد وزملائه ومعارفه وأصدقائه فقد كان لأهل قرية الفقيد وسيلةٌ أخرى للتعبير عن حزنهم ، فقد استقبلوا جثمانَهُ بقَرعِ (طبولِ النحاس) ، وطُبُولُ النحاس في الثقافة السودانية تقرع للفرسان وعند المُلِمَّات والأحداث الكبرى، فرحاً أو حزناً .. ولا شك أن أهل (أم دكَّة الجعليين) كانوا يعرفون قَدْرَ الفارس الذي يستقبلون، وإن كان جثماناً مسجَّى يلفُّه علمُ الوطن ، ولعلَّهم أيضاً كانوا يدركون أن وصيَّتَهُ كوصيةِ ذلك الفارس لبلاده (في شعر محمد ابراهيم أبو سنة) إذ قال :
( فإنْ أتاكِ نعْيىَ الحزينْ /
لا تملئي عينيك بالدموعْ /
لا تتركي النساء يُعْوِلْنَ في جنازتي /
وإنما يزِفَّنَّي الفِرسانْ /
وَلْيَصدَحِ الغناءُ خلفَ النَّعْش /
فَلَسْتُ نادماً ، /
لأنني أفنيتُ عمري القصير /
محارباً من أجلِ عالمٍ نضِير / )
وبالفعل ، فقد أَفْنَى صديقي ، بل توأم روحي ، عمرَهُ القصير محارباً من أجل عالَمٍ سودانيٍ نضير .. سوى أني لن أعمل لا بوصيَّته ولا بوصيَّة الشاعر، وسأظل أبكيه ما بقيت فيَّ شئون تذرف الدمعَ السخين، فليس ثمَّةَ من أو ما يمكن أن يعزّيني في فقده .. فوداعاً يا صديقي ، فأنا وأبناء الوطن المخلصين ، ذاكروك طويلاً وذاكروك جميلاً ..
نَمْ وادِعاً فلقد تقَرَّح ناظري سهراً ، ونامت أعينُ السُمَّارِ
| |
|
|
|
|
|
|
| |
مركز الخاتم عدلان
عبدالله الشقليني
Muna Khugali
عبدالوهاب همت
عبدالمجيد صالح
فتحي الصديق
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست