ويتواصـل مسـلسـل الإهـمـال الطبـى ... ( أسـرتى ضـحـيـه )

Quote: «بشكير» داخل بطن مريضة!! تحقيق: نبيل صالح - سلمى سلامة ?? تكررت في الاسبوعين الأخيرين ظاهرة «نسيان مستلزمات التنظيف» مثل الشاش والقطن والملاقط داخل بطن المريض بصورة أثارت إنزعاج المواطنين وشكلت خوفاً في نفوسهم مما جعلهم يترددون في الدخول الى غرف العمليات، - وعمق يقيناً بصعوبة خروجهم سالمين من العمليات- فعلي من تقع المسؤولية - محضر العمليات الذي من المفترض مراجعت للأدوات الطبية قبل وبعد العملية - أم على الجراح- أم على الضغوط التي تحاصرهم ككل- التحقيق التالي يكشف عدداً من الحالات التي تعرضت لهذا النوع من الأخطاء- ووقفت على سبل تفادي الوقوع في مثل هذه الأخطاء. التقت بأطباء لمعرفة مخاطر وعواقب نسيان «القطع الطبية» داخل بطن المريض- ونسبة وقوع مثل هذه الأخطاء على المستوى العالمي. --------- الزمان التاسع والعشرون من فبراير 2008م الساعة الخامسة مساء.. المكان مستشفى الدايات بأمدرمان.. دخلت «أمل عبدالوهاب عبدالقادر» «30» عاماً المستشفى لإجراء عملية قيصرية، خرجت الى منزلها وهي على ما يرام.. ولم تكن تدري بأن الأيام القادمات تخفي لها «بشكيراً في بطنها» وآلاماً مبرحة تتمنى الموت للراحة منها وبعد «61» يوماً داهمتها أعراض غريبة- آلام حادة جداً في المعدة واسترجاع كل ما ينزل الى معدتها باستمرار، نقلت على إثرها لمستشفى «النو» التي رأت في دخولها بهذه الحالة مسؤولية لا يمكن تحملها إلا أن أحد الأطباء قرر إجراء عملية استكشاف بمستشفى أمبدة جاءت نتائجها وجود كيس دهني وأزيل بالفعل.. ولكن مشوار الآلام المبرحة لم ينته في هذا الحد- واشتمت الممرضات رائحة الخطر الذي يحدق بالشابة «أمل» بعد إدخالها لعملية نظافة وتيقنت بأن هناك خطباً ما في جسدها وقرر الطبيب المعالج إدخالها الى عملية اخرى - ليكتشف وجود «بشكير» طوله أكثر من ثلاثة سنتميترات في بطن المريضة يقبع فيها منذ خضوعها للعملية القيصرية بمستشفى الدايات لتحس «أمل» بالراحة بعد رحلة «14» يوماً من المعاناة والألم كما قالت- واستطردت قائلة: لم أكن أحسب بأنني يمكن أن أعود الى الحياة.. وأضافت بصوت واهن- تمنيت الموت في لحظات ولكن الحمد لله.. وعن بداية الأعراض التي انتابتها بعد العملية قالت: شعرت بسائل ينزل باستمرار فراجعت الطبيب.. وبعده بعدة أيام داهمتني آلام مبرحة، وأسرعت الى المستشفى ليقرر الطبيب إجراء عملية لمعرفة أسباب الآلام، وبالفعل أزيل كيس دهني من بطني وتمت خياطة الجرح، ولكن لم تبرحني الآلام وكانت كمية من الصديد تخرج من الجرح باستمرار، فقرر الطبيب إجراء عمية اخرى فأخرج من داخل بطني «بشكيراً» وتتابع شقيقتها خنساء قائلة: أختي كادت ان تموت بسبب هذه الحادثة وأخشى ألا تتوقف صور الإهمال التي تأتي بهذا الشكل على أختى فقط- ونناشد المسؤولين بمساءلة المتسببين في مثل هذه الكوارث. حالة حرجة وفي ذات التوقيت الذي أجرت أمل فيه عمليتها القيصرية ولكن مع اختلاف المكان دخلت الشابة «ميناس فرح» مستشفى الخرطوم لإجراء عملية استئصال زائدة دودية وبعد عدة أيام أصيبت بنوبة استفراغ وعدم المقدرة على الحركة مع آلام لا تطاق بالجانب الأيمن في البطن ظنت في بداية الأمر أنها هجمة التهابات خاصة أنها لم تتناول أية مضادات حيوية، ولكن الحقيقة كانت غير ذلك. حيث المفاجأة التي أذهلت الأطباء في مستشفى «بست كير» باللاماب بعد تطمينات الطبيب لها في الخرطوم بأنها تعاني من إلتهابات فقط ولكن كمية المضادات الحيوية لم تشفع لها ولم تسكت الآلام المبرحة التي استمرت معها «23» يوماً - تم اكتشاف وجود شاش عمليات داخل بطنها سبب لها إلتهابات حادة في الجرح وصديد، وبعد استخراجه وجد النوم سبيلاً الى عيون «ميناس» العروس بعد أيام. خطأ شائع هنا تتوجه أصابع الإتهام نحو الجراح أو محضر العملية لمسؤوليتهما المباشرة تجاه المريض داخل غرفة العمليات، ولكن للأطباء رأي آخر- الدكتور أحمد محمد محمود - جراح يقول: نعم لا ننكر نسيان مستلزمات التنظيف داخل بطن المريض أنه خطأ طبي ولكنه خطأ شائع على مستوى كبار الجراحين والأطباء في العالم، وهنا أود الإشارة الى أن المواطن العادي الذي يتهم الطبيب بالإهمال أو التقصير لا يعرف ظروفه، وإذا تطوع يوماً لمعايشة الظروف التي يعمل في ظلها العاملين في الحقل الطبي لعزروهم، فهناك أشياء غير متوقعة قد تطرأ على العمل في غرف العمليات مثل انقطاع التيار الكهربائى، وهذا يمكن تفاديه باستعمال بطاريات يدوية ولكن هناك بعض الظروف القاهرة جداً، مثلاً إذا حضرت حالة طارئة وليس بالمستشفى أدنى مقومات إجراء العمليات -ماذا نفعل؟- حتى أدوات التعقيم احياناً لا تتوافر - وإذا كان الطبيب في اليوم يجري أكثر من «30» عملية جراحية، أريد ان يعلم الناس ان الطبيب إنسان يصاب بالإرهاق والتعب وليس آلة وبالرغم من كل هذا لا نشتكي ولا نتذمر وإذا ارتكب الطبيب خطأً - قالها بالدارجي «القيامة بتقوم»، واستطرد بلهجة غاضبة الطبيب في هذا البلد مظلوم ولا يُمنح حقه الأدبي ولا المادي- نحن نتقاضى في العمل لمدة «21» ساعة «8 جنيهات فقط» - ولدينا أطفال ومصاريف- ماذا يريد المواطن ان يفعل له الطبيب في ظل هذه الظروف- حديثي هذا لا يعني ان نتغاضى عن الأخطاء ألا يُحاسب مرتكبيها. أما عن خطورة نسيان المستلزمات الطبية داخل المريض فيمكن ان يؤدي الى تسمم دم المريض، وبالتالي يؤدي الى الوفاة هذا في حالة إذا كانت القطعة الطبية المنسية داخل بطن المريض غير معقمة ولكن إذا كانت معقمة يمكن ان تمكث في بطن المريض لسنوات ولا تسبب له أية مضاعفات ولكن يمكن أن تسبب له آلاماً في حالات ولا يكون هناك أي تسمم دموي، وحدث ان كانت هناك حالة أمامي عالجتها، وكادت أن تصاب بتسمم دموي لولا لطف الله واستخرجنا القطعة من بطنها وأحسب أنها كانت ستموت إذا مكثت ليوم آخر دون إجراء عملية لاستخراجها.. والأعمار بيد الله. إذاً.. ما هو الحل؟!! تشير الدراسات الطبية - الجراحية- العالمية بأن حالات نسيان الأدوات الجراحية في بطون المرضى تحدث مرة واحدة في كل «10.000» عملية «عشرة آلاف عملية- ويشكل الشاش ثلثي هذه الحالات بينما الثلث الأخير للمقصات والإبر والملاقط والدبابيس وتعمل الفرق الجراحية المتخصصة عادة على حساب عدد الأدوات والمواد الجراحية المستخدمة قبل وبعد العملية- للتأكد بأنهم لم ينسوا شيئاً في بطن المريض. ولتفادي مثل هذه الأخطاء اجرى الألماني اليكس ماكاريو- وزملاؤه في مدينة «ستانفورد» تجربة بواسطة جهاز لكشف أدوية منسية داخل بطن المريض بعد إجراء العملية- خلال «3» ثوانٍ من انتهاء العملية. المحرر ففي ندوة الأخطاء الطبية التي أقامتها «الرأي العام» بمقرها استل الأطباء سيوف الدفاع واستماتوا لتبرئة ساحتهم من الاتهامات التي توجه اليهم وهي الإهمال- والأخطاء أياً كان نوعها.. رموا بعض الصحف بالاتهام والجهل في الأمور الطبية- وها هي الأخطاء دون أن تشير اليها الصحافة -تتحدث عن نفسها جهاراً نهاراً- والزوجة «أمل» والعروس «ميناس» ضحيتان لأخطاء طبية باعتراف الأطباء كادت أن تودي بحياتهما.نحن لان ندين الجميع وكذلك لا نعطي البراءة للجميع ، انها حالات تستحق المراجعة والمحاسبة!!