|
المطبخ الصحفي و حرق طبخة الجرائد! (لنا مهدي)
|
لنا مهدي عبدالله [email protected] في كل دول العالم قبل أن يطلق على (صحفي) توصيف (صحفي) لا بد أن يكون قد (تخبط و تدردر) في المطبخ الصحفي للجريدة بدءً من متدرب لجامع أخبار لكاتب خبر لكاتب تحقيق صحفي لمعد تقرير صحفي ثم لمحرر يقوم بكل تلك المهام و معها الحوارات الصحفية و كل فنون العمل الصحفي المختلفة إلى أن يتدرج مترقياً في الإدارة الصحفية! التدريب الميداني مهم جداً للصحفي لأنه يبرهن على قابليته لتحمل (بشتنة) الصحافة و التحلي بالصبر و الجلد اللازمين لتحمل (كسفة) أن يطردك مصدر من الباب الذي دخلت منه فتستجمع أشتات نفسك لتعود له من الشباك ملحاً في طلب المعلومة التي من أجلها قصدته و لا تقنع من الغنيمة بالإياب! كما أن هذا المران الصحفي يجعل الصحفي يوطد علاقاته بمصادره ويحس بقيمة الخبر نسبة لما بذله م جهد لأجل الظفر به كما ينشيء علاقة انتماء من جهته لمطبوعته التي يعمل فيها! لاحظت في الصحافة السودانية ميلاً للبدء من جهة قمة الهرم و هذا الهرم المقلوب جد محير، يكفي لإطلاق توصيف (صحفي) كتابة عدة مقالات رأي في الصحف المحلية و بعدها لن (تدي ربك العجب) لو أطلق على صاحبها ليس فقط لقب صحفي بل لقب (كاتب صحفي) –حتة واحدة- مثله مثل مصطفى أمين و محمد حسنين هيكل و هؤلاء نالوها بشق الأنفس بعد أن تدردروا و تبشتنوا في مطابخ صحفهم كمراسلين حربيين كهيكل الذي كان ينقل أخبار حرب فلسطين من قلب المعركة أو صحفيين صغار يجهدون في الظفر بخبر كمصطفي و علي أمين! ومن السهل أن يبدأ صحفي مسيرة حياته المهنية بكتابة عمودـ وهو أمر جد محير و غريب و غير مهني- فالعمود أحد فنون التحرير الصحفي لكن في الخارج لو (كسر الصحفي رقبته) لا يظفر بأن يكون كاتب عمود قبل أن يتم (تأهيله) تماماً لكل فنون العمل الصحفي و هو ما يستغرق سنوات يمكن بعدها أن يصبح كاتب عمود و يمكن لا! ولكن بالمقابل من المسموح أن يُستكتب كبار السياسيين أو غيرهم ممن لهم بصمات في بلدانهم و مجتمعاتهم من غير العاملين في الحقل الصحفي ممن يملكون موهبة الكتابة و القلم المسنون، هؤلاء الضيوف على الصحف تجربتهم الواسعة في ميادين بلائهم الثري تفيد القارئ للحد البعيد كما أنها من جهة أخرى تثري المطبوعة الصحفية بالرؤى و الخبرات المتراكمة لصاحب القلم والتي توفرت له عبر السنين! لصناعة الصحفي قد تكون مقبولة استثناءات لو كنا في زمن غير الزمن و لكن العالم حولنا يسير بخطى جد متسارعة في علم صناعة الإعلام، الزمن تغير و الصحف من المفترض أن (تنتبه لنفسها) ولو قليلاً و الصحفيون من المفترض أن ينالوا تدريباً كافياً و يتجولوا بداخل المطابخ الصحفية لمطبوعاتهم حتى نظفر بصحافة سودانية راقية تعتمد على الجدارة ولا تعتمد على المحسوبية، و حتى لا تخرج لنا الجرائد كالطبخة المحروقة؛ لا شكل لا لون لا طعم ولا رائحة!
|
|
|
|
|
|