كانت سلسة المقالات التى كتبها صديقي المثقف عادل عبدالعاطي بعنوان " حزب الأمة .. حصان طروادة الحركة الوطنية" فاتحة لتداعيات جمّة فى البورد ، فهى من جانب أتاحت للكثيرين _ أنا منهم _ فرصة واسعة للادلاء بشهادات وآراء منوّعة ربما اصطبغت بالحدة " غير المحمودة " فى بعض الأحيان ولعل هذه الحدة هى واحدة من آفات الحوار السياسي فى السودان ، وفى البرء منها تكمن بعض المعالجات المطلوبة فى اتجاه ترسيخ مفاهيم جديدة ، من جهة ثانية ، فان مقالات الصديق عادل عبدالعاطي ، تفهم فى سياق نقد التجربة السياسية السودانية بكاملها ، والحال هذي فما من بد من الاعتراف بأن الهنّات البحثية والأكاديمية سواء فى مبحثه أو مباحثنا لا تقلل أبدا من ضرورة مواصلة الحوار وبذات الجرأة ، لأن المحصول الفكري والسياسي ، والممارسة المكتسبة عنها ، فضلا عن تراكم التجربة السياسية فى السودان تدلل الى خلل بنيوي "اولا" ، وهشاشة ديمقراطية لا تسلم منها الاحزاب السودانية ولا الكيانات الاجتماعية ، ولا العقل الجمعي . علينا أن نفطن الى أن الديمقراطية المنشودة لا تتأسس الا بردم هوات واسعة ، قائمة فى العقل الجمعي _ ان صح التعبير _ ، وفى طبيعة الانتماء السياسي ، وطرائق الولاء ، ومفاهيم المحاسبة والتساوي والحقوق . انطلاقا من رغبة تبدو مشروعة فى سبر أغوار الممارسة السياسية وتداعياتها ، لابد من الاعتراف بأن تبرئة حزب الأمة من دوره فى هذا الخراب ، ستكون مجازفة أكاديمية ، ومراهنة سياسية خاطئة ، المتضرر الأول منها : الضمير . ولئن بدا للبعض تحميل "الانقاذ" مثلا كل الوزر فيما حاق ببلادنا ، فان هذا النوع من اختزال الأزمة يعد ضربا من التعمية والتنصل من المسؤولية ، فالانقاذ _ برغم أخطائها الفادحة والمريرة فى آن _ هى نتاج تراكمات تغذّت من الواقع ، ليس فى شكل التلقين السياسي الداخلي والمستلف فحسب ، بل فى نزعات وجدت بيئة ملائمة للنمو والتغلغل من خلال نسيج اجتماعي واه ، وممارسات سياسية مشوّهه ، وكساح فكري أقعد المفكرين السودانيين منذ الاستقلال عن استكشاف طرق للتخطيط الاستراتيجي ، اذ أن السياسة السودانية تقتات من المرحلي فحسب _ كما أري _ ، ومن جملة علاقات مختلة بين الدين والسياسة ، وفى فهم النصوص الدينية نفسها ، وفى علاقة الانسان السوداني بالدين ، وسهولة تجنيده لجهة كيانات تتلبس بلبوس الدين كي تستقطب أكبر قدر من المؤيدين لمشروع سياسي صرف . هذا الواقع ، اضافة لاختلالات ثقافية واستقطابات اثنية حادة ، فضلا عن تراكمات تاريخية _ ربما أثارها ببراعة الصديق أبكر آدم فى بوست عن الهوية والثقافة _ تنضاف الى الواقع السياسي القاتم وتغذيه ، ولا يسع المرء الا التنويه أيضا بدور النخب السودانية ، المسيّسة وغير المسيسة ، المدعيّة الديمقراطية ، واللائذة بأحضان الحكومات الأوتقراطية ، اذ يتوجب كذلك فهم دور النخب تاريخيا وادوارها فى صناعة "الخراب" عوضا عن تموقعها الطليعي لتنوير الشعب ، وتوعيته ، فى خضم هذا ، لا يمكن نزع "نخب" حزب الأمة ايضا من محيطها النخبوي ، وتطويعها _ كما غيرها من النخب _ مواقعها وصفويتها لجهة امتيازاتها السياسية مع استحالة التعميم بالطبع . الواقع السوداني ، اذن ، هو متقاطع ومربك الى درجة كبيرة . والخوض فيه بدراسة جميع جوانبه يلزم تقصيا لجميع عناصر الاشعال والتوترات . فهمي لهذا الواقع مع استعصاء مفاتح حلّه كلها علىّ ، لا يسوقني بالضرورة الى الاتكاء على مبررات واعتذارات اقدمها بالانابة عن حزب الأمة . بالعكس ، ذلك يقود الى فهم جديد ، بضرورة الرجوع الى التاريخ ، وفحص الحاضر ، وادانة الممارسات الخاطئة ، والاختلاف مع الطروحات الفكرية غير المتبلورة ، وصولا الى فهم حاجيات المستقبل بوصف حزب الأمة ليس حزبا سياسيا فحسب ، انما هو بجماهيره ، وخطاباته السياسية والفكرية والاجتماعية جزء مكوّن لنسيج مجتمعي وثقافي وسياسي وفكري أكبر هو : السودان . ولا يصح الحديث عن مشروع نهضوي ما لم يكرّس مثقفون نابهون فى كل "الكانتونات" السياسية والدينية والمجتمعية والقبلية والجهوية جهدا يرمي الى تفكيك الاشكالات ، وطرحها بجرأة تصل الى حد الاعتراف ، والاعتراف مطلوب منا جميعا . هل يسعني الاعتراف بدور حزبي فى التشويه الحاصل وغضّ طرفي _ كمثقف شمالي _ واعني جغرافية شمال السودان تحديدا ، وكم أنا آسف جدا لاستخدام هذا التعبير الذى اراه عنصريا فجا ، هل بوسعي غضّ الطرف عن ضرورة اعترافي كذلك بالقيم الثقافية الراكدة و"الاستعلائية " التى يتحلي بها قطاع مقدر من مجتمعي الصغير فى الشمال بل ومحاولة القيام بجهد ثقافي مطلوب فى اتجاه ترسيخ قيم جديدة غير قائمة على الاقصاء والاستئصال وعدم الاعتراف بالآخر ؟ وهل بوسعي تجاوز دوري كمسلم ينبغي منه أن يسهم _ كمثقف _ فى التنوير بحقوق السودانيين الذين ينتمون لديانات أخري ؟ وما مدي التقاطع والتداخل _ أيضا _ بين هذه الأمور ودور أىّ مثقف فى اطاره السياسي كعضو ملتزم ؟ ان حزب الأمة ، هكذا ، بالأبعاد الاجتماعية والثقافية والدينية التى تطرقت لها ، هو وليد ظروف محددة سياسيا واجتماعيا وثقافيا ودينيا . بمعني آخر هو ليس بمعزل عن عوامل الخلل الناشئة عن "فهمنا " لهذه المفاهيم واختزالنا لها ، وبمقدوري العودة كذلك لطرق أبواب محكمة الاغلاق تتعلق بفهمنا المبتور لمفاهيم جوهرية لا تأسيس لسودان جديد بدونها وهى : الدولة المجتمع السياسي المجتمع المدني الديمقراطية الحقوق الدستور والتشريع المواطنة والمواطنية الحزب : / الولاء / الانتماء / الاختلاف والتباين المؤسسة مؤسسات المجتمع المدني السلطة الواجبات وغيرها من المفاهيم الضرورية التى لا يتسع لها هذا المقال ان اردنا تحليلها ، والاشتغال بمقاربات بين تعريفاتها المختلفة . هذا من جانب ، يربط حزب الامة بأوجه غير سياسية بحتة للأزمة ، لكن فى المقابل ، لابد من مساءلة الحزب عن أدواره فى هذه الأمور ، ومدي جديته فى تفكيكها لصالح مشروعه المدني المقترح . من جانب ثان ، فان الأزمة السياسية لا يمكن ردها فقط لهذه العناصر الجوهرية البنيوية فقط ، اذ أن هناك دور لابد أن ينسب للقيادة (بوصفها نخبة تدير أمور الحزب) ، ولها نشاطات ايجابية لا يمكن التغافل عنها ، كما لا يمكن الادانة على صعيد واحد ، اذ تتفاوت الادوار ، لكن بشكل عام ، يتوجب مساءلة الحلقات القيادية فى حزب الأمة على صعيد التاريخ ، وعلى صعيد الحاضر ، وعلى صعيد تأسيسها للمستقبل . على مستوي الانجاز الفكري ، والممارسة السياسية ، والدور المفترض تجاه الجماهير وتجاه الوطن . الى أىّ حد تجاوز الحزب اخفاقاته التاريخية فى ترسيخ الديمقراطية ، ليس على مستوي السودان وانما على مستوي قاعدته الجماهيرية ، والى أىّ حد قدمت شروحات لمفاهيم الحقوق والواجبات ، وكيف تمّ التعامل نظريا وعمليا مع اشكالية التقاطع بين كيان الانصار وحزب الأمة ( مع مسألة الامامة )، وهل يتجذر وعي عريض فى داخل الحزب بأدواره غير السياسية فى تفكيك الاشكالات المجتمعية والدينية والثقافية فى السودان ؟ لكي نناقش هذه الاشكالات مع غيرها ، لابد من الاعتراف بحزب الأمة كجسم سياسي سوداني تحيط به ظروف موضوعية وأخري ذاتية ، تعطلت مسيرته الديمقراطية بسببها او بسبب تباطؤ القيادة فى احايين اخري . ولتأسيس منهج أكاديمي صارم فى هذا المبحث ، لابد من تضمين الحيثيات قدرا من الاعتراف الصريح بأن مشكلات البنية السودانية سياسيا وفكريا واجتماعيا وثقافيا هى مسؤولية جماعية تتفاوت تبعا لظروف وملابسات محددة وقاطعة . ولطرد الكسل الذهني عنّا جميعا لابد لأعضاء حزب الأمة من أن يدلوا بآراء شفافة ، وللآخرين أن يناقشوا من واقع مسؤولية وطنية تملي علينا جميعا أن نتدبر امور بلادنا فى شتي النواحي بضمير يقظ ، ومن دون تعسّف لا يحيط بأسباب الأزمة مجتمعة . واذا كان الركون الى شروط اخري فضلا عن شرط الدراسة السياسية المطلوبة واجبا ، فان هذه الأخيرة تحتاج الى مسبار عميق يفحص وجوه كثيرة لأزمة حزب الأمة ، ويستعرضها لوصول الى خلاصات نقدية واضحة لا يمكن اعتبارها من قبيل التواطؤ أو النيّة فى الهدم والاقصاء ، انما الاعتبار الوحيد الذى سيتضح لكلّ ذى بصيرة _ من الحادبين على حزب الامة أو المعارضين له _ هو اعتبار المسؤولية الوطنية الجامعة بغرض الدفع قدما بوعينا التاريخي ، واستنهاض أحزابنا ، واسداء خدمة لها باطلاعها على آراء نقدية أمينة تسعي فعلا الى تأسيس سودان جديد .
انفتاح بوستات عديدة تسائل حزب الأمة ـ باعتباره أحد المكونات الرئيسية للنسيج السياسي والاجتماعي في السودان ـ عن ماضيه وحاضره والمستقبل ، مسألة جديرة بالالتفات لها والذهاب مع أمواجها الى برارٍ نحتاج ان نؤمنها ضد شرور هدر الكلام ، وذلك لأن السانحة دقيقة الأهمية ، وأملي أن يستفاد من ذلك ثقافياً ، تأسيساً لفعل التراكم النقدي البنّاء الذي يفكك بالسؤال ،، ويرصف بالموضوعية واجتراح الحلول ،، حتى تكون المراجعة سليمة ، ويكون القصد مبرأ من الانغلاق .. أعني أن يكون الهدف هو الاتفاق على طرح الحقائق أرضاً لفرزها من أجل بناء سودان معافى ، منفتح و مقبل على المستقبل
وهذا لن يتأتي ، في تقديري ، إلا بمراجعة كل التجربة السياسية السودانية ومساءلة كل الأحزاب عن أدائها فيها ، سواء في زمن الديمقراطية أو في زمن الدكتاتوريات العسكرية : ماذا فعلت من أجل هذا الشعب الذي أعطى كثيراً ولم يتلقَ شيئاً ايجابيا يراكمه أثناء نشدانه الحرية أو انهماكه في فعل التنمية ؟ هذا يحدث الآن في هذا البورد ، الذي يريحني أن اسميه مختبرنا الديمقراطي الصغير .. وهي مهمة يضطلع بها المثقفون بكل مشاربهم ورؤاهم الفكرية والسياسية
وسرّني أنني وجدتك منفتحاً لكل هذا الذي ذكرته سابقاً ، وتعويلك ، مثلي ، على المثقف .. في النهوض بأعباء تلك المراجعة وذاك التنوير الحداثي.. فالمثقف هو من أوائل المنادين بالتنوير .. استناداً الى أن الحداثة هي نتاج موضوعي لما غرسه عصر التنوير ، فضلاً عن أن التنوير نفسه كان وما يزال يشكّل شعاراً بارزاً من شعارات الحداثة ، ولافتة ضرورية من لافتاتها الكبيرة
بهذا المعنى ، يمكننا أن نشاهد ، بالعين المجردة ، وأن نفهم كذلك، كيف أن المشروع الثقافي الغربي بدا كعملية تنويرية متواصلة بالتراكم .. ابتداءً من لحظة انبثاقه الأولى وحتى مشهدية تفجّره وتشظيه على يد الجيل الحالي من المفكرين والمثقفين المعاصرين . وهذه العملية هي فعل نقد ومراجعة ،، أو فضح وتعرية : مراجعة العقل لنتاجاته ونقده لأيديوليجياته ولأنظمته المعرفية وأنساقه المنطقية ، لفضح نزوعه الى التأله والمركزية ، وتعرية ما تستبطنه علاقته بذاته من النظريات الأحادية التبسيطية أو الآليات الخرافية اللامعقولة أو الممارسات الاستبدادية الغيبية فالعقل عندما يتألّه ويغدو صنماً ينقلب ضد المشروع التنويري الحداثي من اساسه. من هنا كان التنوير جهداً عقلانياً متواصلاً لإنارة ما لم ينره التنويريون أنفسهم
هذا يتعلق بالفكر الغربي في علاقته بعقله وأنواره ، لا يتوقف عن النقد المنتج الفعّال ، أي التنوير المستمر .. فماذا قدّم المثقف السوداني في هذا الخصوص ؟ تجاه الحيز الوجودي الذي ينتمي اليه؟ من المؤكد أن المثقف السوداني يقدّم نفسه ، وباستمرار ، بوصفه من دعاة التنوير ، بل هو لا يتوقف عن المناداة بالتنوير كسبيل الى التحرر أو كمظهر من مظاهر التحديث والتغيير في المجتمع . غير أنه ـ أي المثقف السوداني ـ يقف من التنوير نفس الموقف الذي يقفه من بقية الشعارات الحديثة ، كالعقلانية والعلمانية والديمقراطية ،، فضلاً عن الحداثة نفسها . وهي كلها مفاهيم لا يستقيم إنزالها الى ارض التطبيق الأمثل ما لم ينفتح المدى لعملية التنوير لتنتج انقلابها في الذهنية وفي الممارسة .. وأعني بذلك ان علاقة ( مثقفنا ) بالتنوير ليست علاقة انتاج وابداع ، بقدر ما هي علاقة ترويج ودفاع .. فهو مجرد داعية للتنوير ، في حين ان المثقف الغربي هو من صُنّاع التنوير . ومع ذلك ، فإن المثقف السوداني لا يُحسِن الدفاع عن الشعار الذي يرفعه وينوء تحته .. لأنه من دون جهد تنويري حقيقي يتجلى خَلقاً لفضاء عقلاني ، يبقى الدفاع هشاً ، ويكون حظُ المدافع التقليد واتباع السلف ، أو الدعوة إلى إحياء تراثه ، أي يكون المدافع سلفياً .. ولا فرق أكان السلفُ من حزب الأمة أم من الجمهوريين ،، أو كان من الإسلامويين أو الشيوعيين
لهذا أعتقد أننا بحاجة ماسّة الى مراجعة كل ذلك ، طبعاً إضافة الى ما أشرت انت الى ضرورة مراجعته سابقا .. وبعد الاتفاق على ذلك وتمكينه في الأرض ، يصبح الكلام عن وطن حر ، ديمقراطي ، قائم على الحق والقانون واحترام الانسان والآخر .. يصبح أمراً محتملا وقابلا للتنفيذ
الى الأمام يا خالد
ـــــــــــــ السمندل ـــــــــــــ
05-26-2003, 07:25 PM
خالد عويس
خالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332
صديقي الجميل السمندل بعد اطلاعي على مداخلتك الراقية التى طافت بى فى فضاءات الفكر الانساني ، وتراكمات التجربة الانسانية لا يسعني الا الاتفاق معك دون شروط ، وفى تقديري فان أىّ حزب سوداني حتي لو تمّ له ما يراد من حداثة ومن تطور فانه سيبقي معزولا فى محيط واسع من الاشكالات والتراجعات والمساومات المرهقة لأن النهضة تحتاج لأن تكون جماعية ، لتفكك اسباب الازمة مجتمعة ولا تعوّل على الاصلاح هنا وتتغاضي عنه هناك ، لذا انا اري ان يتواصل الحوار والجدل الموضوعي مسقوفا بالاحترام بل والحب المتبادل ، فليس بالضرورة ابدا ان نستمر فى استنزاف أنفسنا فى دوائر متصلة من العداوة ، اذن كيف سنبني وطنا ، لى ولك وللجميع ، وكيف نرسم وطنا يتأسس بالاحتجاج والعداوة التى تلقناها كلنا جيلا بعد جيل سواء فى الحقل السياسي او الاجتماعي او الثقافي ، وهذه مداخلتي الثانية
من الواجب اذن التعرض الى جوهر الأزمة التاريخية فى حزب الأمة ، فمن خطل القول اطلاق مزاعم مموهة عن عافية الحزب . فى تقديري ، فان جزء من الاشكال يبرز حين يتم التعامل مع حزب الأمة بوصفه امتدادا للثورة المهدية . نظريا يتقاطع هذا الفهم مع ما طرحه الحزب من رؤية لتأسيس مجتمع مدني ، فالمهدية تجد امتدادا طبيعيا _ فى اطار الدعوة _ فى كيان الأنصار ، وعمليا يجافي هذا الفهم المنطق فى أن تأسيس الحزب لم يرتهن الى الأنصار وحدهم ، بل ان المشاورات الأولي للتأسيس جرت بين نخب سودانية كانت على خلاف بين رؤيتين حيال الوحدة مع مصر . واذا دعم كيان الأنصار حزب الأمة لاحقا ، وشارك قادة الكيان فى محاضر التأسيس ، فان المكاتب القيادية الأولي كانت أقرب الى النخبوية المنتقاة من شرائح المثقفين وبعض وجهاء القبائل فيما يمكن تسميته تحالف بين قطاع نخبوي وبين كيان الأنصار _ ولهم أيضا نخب بالطبع _ ، والواضح أن التأثير الأكبر من خلال الممارسة السياسية وتقلّد المناصب الرسمية كان راجع الى نخبة حزب الأمة . بيد أن النخب التى تولت قيادة الحزب ، لم يكن لها انتاجا فكريا واضحا فى المناحي السياسية والاقتصادية والفكرية ، ما جعل الحزب _ كجسم سياسي _ يتكيء على الارث المهدوي ، ويتغذي على فكر الأنصار . هذا الأمر باعد ما بين الحزب وبين الرؤية السياسية الجامعة التى لا تنطلق من مقررات فكرية لكيان محدد . وكان التطور الفكري ، والحال هذي ، محكوما بقدرة الكيان ، لا الحزب ، على رفد الحراك الفكري بنظريات سياسية . بطبيعة الحال لا يمكننا أن نقفز على دور السيد الصادق المهدي فى هذه الناحية ، اذ يجوز ردّ المساهمات الفكرية الأساسية اليه وحده . فمنذ منتصف الستينات بدأت مدوناته الفكرية تتخذ شكلا أقرب للمانفيستات الفكرية للحزب ، وهى المعبّر الفكري الرئيس عنه ، غير أنه لا يمكن التغاضي عن حتمية التطور التدرجي فى الأفكار ، فالأفكار المطروحة من قبله فى الستينات والسبعينات ، وهى التى عبرت عن حزب الأمة بالضرورة ، كانت مستمزجة الرأي السياسي والفكري ، بالميتافيزيقيا بعض الشيء . هذا ما يصفه بعض المثقفين بالكهانة . وان اعتبرنا أن فكر السيد الصادق المهدي قد شهد تطورا لفتا خلال عقدين من الزمن ، اذ انتقل من طروحات القيادة الملهمة ، والسطوة الروحية ، الى نوع من العقد الاجتماعي والنظر الى اشكالات سياسية وثقافية ومجتمعية من خلال منظور التنمية والديمقراطية المستدامة ، وطرح الدولة المدنية ، فانه لا يمكن اعتبار أن الحالة الفكرية فى داخل الحزب كانت تعيش عافية . الواقع يدلل الى أن نخب حزب الأمة كانت الى حد كبير "مفتونة" بفكر السيد الصادق ، وغير معنية بطرح نظريات موازية لادامة الحوار الفكري الداخلي ، ولم تشتغل أبدا على الدراسة المتأنية لفكره بغية تكوين منهج نقدي ومعدّل _ بكسر الدال _ لمنهجه . والواقع أن نخب الحزب بشكل عام ، ما فتئت تنتقل من مسرح فكري الى آخر من دون اعتراضات تذكر ، مع ملاحظة مهمة ، هى أنه لم ينشأ اى خلاف معتبر فى داخل الحزب حيال الفكر المطروح ، الذى كان يصوغه مفكر أوحد بالضرورة : السيد الصادق المهدي !! هذا الوضع أربك المشهد الثقافي داخل حزب الأمة وأوهن دور مثقفيه ، اذ أدي بروز السيد الصادق المهدي كمثقف بارز فى قيادة الحزب الى ترسيم صورة جعلت من رئيس الحزب يبدو وكأنه المثقف الأوحد ، بالرغم من أن د. فضل الله علي فضل الله عليه رحمة الله ، والروفسير ابراهيم خليل وصلاح ابراهيم أحمد ومحمد علي حامد فضلا عن آخرين كثر كانت لهم اضافات بل و جدليات ومراجعات تحث على مطالعة أفكارهم واختلافاتهم مع الفكر الذى أضحي بالضرورة معبرا أوحدا عن الحزب ، غير أن منتديات النقاش الداخلي نفسها يمكن وصفها بالكساح ، فعلاوة على عدم اشتغالها بغير فكر رئيس الحزب ، واعراضها عن القراءة النقدية ، كرّست مبدأ نمطيا فى جعل المثاقفة الفكرية عملية مكرورة وأقرب ما تكون للتلقين والاجتهاد فى شروح فكر رئيس الحزب عدا عن كونها لم تمارس دورا ثقافيا طليعيا فى مضمار العرض والمناقشة والاختلاف ، على العكس مالت الى تدجين نفسها الى حد كبير ، ما أفقد الحزب طابع الحيوية الفكرية والثقافية ، وانصرف الصراع الداخلي الى تكريس حالات الجهوية والقبائلية والمناطقية ، فضلا عن تكريس كاريزمات كثيرة ، ومساومات سياسية لم تتأسس على أسس ناضجة للصراع السياسي عوضا عن تخليق صراع فكري ومحاور عدة يتاح من خلالها التعبير عن آراء منوّعة تخدم التيار الفكري العام وتسنده . فى هذه الناحية ، يصح القول بأن الالتباس الحاصل بين قيادة السيد الصادق المهدي ( سياسيا وفكريا وثقافيا ودينيا ) فى حزب الأمة وكيان الانصار ، أنشأ جملة من المفاهيم التى يمكن تسميتها بأنها خاطئة . فاجتهاده فى الحقل الدعوي بوصفه قائدا لكيان الأنصار أضحي ينسحب على المشافهات الثقافية وحالة التثاقف فى داخل الحزب من دون التنبه الى أن الاجتهاد فى هذا الحقل قد يصار الى أن يكون "أمميا" وليس بالضرورة أبدا أن يعبّر عن جسم سياسي سوداني كحزب الأمة . والواقع أن هذه النقطة تحديدا تحتاج تفكيكا منهجيا ومثابرة فى فصل المدونات النظرية لحزب الأمة فى اطار سعيه مع القوي السياسية الأخري لخلق مناخات جديدة ، وفى اطار التدافع السياسي ايضا ، عن المدونات الفكرية المنتجة لكيان الأنصار ومنتسبيه من المسلمين السودانيين المنتميين اليه . وعلى الرغم من أن كيان الأنصار قد يكون فى نظر الكثيرين _ وأنا منهم _ كيانا دعويا معتدلا ومنفتحا ، الا ان خطابه الفكري يتعارض مع الخطاب الفكري لحزب الأمة ، لكون هذا الأخير يتجه بخطابه لجميع السودانيين ، بأديانهم كافة وأعراقهم وثقافاتهم ، ولا يمكن اختزال خطابه فى تفريعات فكرية مستلفة من كيان الأنصار .كما لا يمكن فى المقابل اختزال الحقل الدعوي الانصاري فى مرئيات حزب الأمة فحسب . الحق ، لا يمكن الزعم بأن الفكر السياسي المنتج من قبل الصادق المهدي وخاصة فى عقد التسعينات ، محض هراء نظري ، فالمتأمل لهذا الانتاج ، من دون قرنه بتطبيق عملي او ممارسة سياسية _ فالمراد دراسته بعناية فى اطاره الفكري فحسب _ لابد أن يتنبه وبشكل جلي لنقاط وافرة تم تحقيقها تصبّ لجهة التطور والاصلاح والتجديد الفكري ، ففى الميادين الاقتصادية ، والمجتمعية والتنموية والسياسية ، فضلا عن الثقافية ، والدستور كان الانتاج مدللا الى انفتاح وأخذ بعناصر الحداثة ومستمدا من التجربة الانسانية وناقدا لها فى آن . لكن الحاصل فى داخل حزب الأمة ، هو أن هذا الانتاج الغزير فى عقد التسعينات لم ينل حظه من الدراسات المعمقة والمباحث النقدية حتي يتبين مدي مطابقته أو مخالفته لكثيرين داخل الحزب وخارجه يملكون أدوات المعرفة ومتاح لهم انتاج فكر مواز او تعضيد الفكر المنتج او على الاقل الاختلاف معه فى بعض النقاط . لئن كانت مسألة الانتاج الفكري لرجل واحد قضية مربكة فى حزب الأمة كونها تخلق نوعا من الهيمنة الفكرية ، فان ذلك ينسحب على معظم مدارسنا السياسية فى السودان ، لكن المطلوب بالفعل فى حزب الأمة طرد حالة الخمول الذهني عن نخب الحزب ، لتشتغل بواجباتها الفكرية والثقافية على الوجه الصحيح بدلا من تلقف الفكر المنتج وحفظه فحسب من اجل المحاججة السياسية أو تسليما بالواقع القائل : طالما أن رئيس الحزب ينتج ، فقد كفانا !! من ناحية أخري ، فان ندرة الاختلافات الفكرية ، وشح المدارس داخل الحزب ، أدي لاستشعار ما بأن رئيس الحزب طالما أنه يجمع الرئاسة السياسية الى جانب القيادة الدعوية وينظّر لهما معا ، فان التطابق قائم لا محالة بين الكيان والحزب . ليس هذا فحسب ، وانما كذلك نشأ عجز ذاتي عن تأسيس منهج نقدي فكري وسياسي فى داخل الحزب ، فما لم ينقده رئيس الحزب ، وما لم يراجعه هو بنفسه ، لا يمكن الخوض فيه ، كونه المرجعية الفكرية الوحيدة . والواقع أن محاولات جيدة بذلت فى اتجاه النقد الذاتي والمراجعات الفكرية غير انها لم تستمر بذاات القوة والاندفاع لتخلق واقعا جديدا يقوم على تعدد الخطابات فى اطار وحدة فكرية عريضة . طرحت مسألة "الامامة" اذن اشكالا جديدا ، معقدا ، ومربكا ، ومتقاطعا فى آن . اذا كان الدمج الظاهر بين الكيان والحزب لا زال قائما ، كيف يمكن فكّه وقد أصبحت الرئاسة الدينية والسياسية فى يد السيد الصادق المهدي ؟! لا شك أن ظروف محددة أملت على القائمين فى هيئة شؤون الأنصار وعلى السيد الصادق نفسه ، ما يمكن وصفه بنوع من التراجع عن مقترح الدولة المدنية والتأسيس المدني . اذ لا يمكن الزعم أبدا بأن هذه الخطوة تصبّ لجهة حداثة الحزب ، هذه الظروف يمكن رصدها اجمالا فى محاولات الحكومة لشق الحزب والكيان ، وأتاح لها مبارك الفاضل ذلك بشق الحزب ، وتبقت خطوة انتزاع الكيان من معاقل معارضة النظام الى حظيرته ، وهى خطوة يدرك المرء أن الاعداد يتم لها منذ منتصف التسعينات عبر رموز من آل المهدي فى مقدمتهم احمد المهدي ، وبلا جدال ، فان التقارب الذى نشأ بين احمد المهدي ومبارك الفاضل ، بتنسيق حكومي _ كما أقرأ بين السطور _ كان القصد منه تنصيب احمد المهدي كامام للأنصار ، وبذا يسحب البساط ليس من الصادق المهدي ، وانما من المعارضة بأكملها ، بتصوير الأنصار كلهم مع النظام _ طالما أن امامهم راض عن النظام _ وقد شكّل تسليم مسجد الخليفة عبدالله الى جماعة احمد المهدي منتصف التسعينات توجسا كبيرا بأن الانقاذ تسعي فعلا _ وبسلاح الترغيب _ الى تدجين الكيان ، وتضعيف دور هيئة شؤون الانصار التى كانت تضطلع آنذاك بمجهود كبير فى تعرية الانقاذ بخطاب اسلامي معتدل _ ولا زالت _ . الا ان الاتكاء على هذا وحده ، لا ينزع التوجس من مخاطر هذا الدمج على حزب الأمة من عقولنا . فالصحيح أيضا _ الى جانب هذه القراءة _ أن ارباكات شتي ستنشب فى داخل حزب الأمة ليس أقلها ما يمكن أن يطرأ من قدسية على أفكار وطروحات السيد الصادق "رئيس الحزب" بوصفه اماما للأنصار ، وبوصف خطاباته الفكرية لم تدرس بعناية لغاية الآن ، بقصد فصل خطاب الكيان عن خطاب الحزب ، ولأن تشكّل تيارات فكرية تخلق شيئا من التوازن _ والحال هذي _ لا زال فى علم الغيب ، ولأن عملية تثقيف جماهير الحزب ، وفصل الخطابين فى اطار توضيحهما ، لا زالت فى غاية البطء . اذن فان المنتظر هو اشكال فكري مرهق ، يتطلب مجهودا ضخما على مستويين ، المستوي الأول هو النخبة الموجودة فى هيئة شؤون الأنصار ، والمستوي الثاني هو نخب حزب الأمة . فالنخب الأولي مسؤولة عن دراسة الاجتهادات الفكرية فى سياقها الدعوي ، وعزلها ما أمكن عن خطاب حزب الأمة السياسي ، فضلا عن تأكيد حضور الشخوص الأنصارية فى قيادة الحزب بوصفها شخوص سودانية ، وليس من باب أن كيان الأنصار كان مدخلا لها ، والواجب ايضا الاكتفاء بالألقاب"امام" " أمير" و" شيخ" فى داخل الكيان ، والبعد ما أمكن عن ترسيمها فى فضاء الحزب . أما المستوي المتعلق بنخب الحزب ، فهو مسؤولية أكثر جسامة ، اذ لا تنحصر فقط فى فرز الخطابين ، وانما ايضا بترسيخ مفاهيم محددة تفكّ الارتباط نهائيا بين "الامامة" والعمل السياسي ، أى بعزل الدور الدعوي والديني عن اهاب الحزب والتعاطي مع الشؤون السياسية بهذا الفهم المتيح للاختلاف والنقد والتقويم من دون قداسة ومن دون اعتبارات "غير سياسية" فضلا عن دور كبير محتوم ، باعادة صياغة وبلورة أشكال الصراعات ، وتخليق التيارات ، وتكريس الحوارات الداخلية فى اتجاه حداثي يأخذ بالحسبان أول ما يأخذ ، عمل نقلة نوعية فى اوساط الجماهير ، وتحويل قطاعاتها من حالة "الكم" المراهن عليها بقوة الى حالة "الكيف" المراهن عليها بقوة أكبر !! ففى ذلك تكمن جملة مباديء فى مقدمتها تبديل "الولاء " الى قناعة بالبرنامج السياسي ، وتفجير طاقات قطاعات مقدرة فى اتجاه بناء حزبي حديث ، وجعل جماهير الحزب مشاركة فعلا فى صناعة القرار السياسي ، والمصادقة على البرامج السياسية ، والمداولة بشأن القضايا الفكرية . هذا جزء من "تأملات " فكرية ، يفترض الا تنطبق عليها أى مقاييس أكاديمية ، وهى نوع من التواصل الفكري مع الجميع بغرض الاسهام والتداول . ونواصل
الأخ العزيز الحبيب خالد عويس السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أنا أتفق معك يجب أن يكون خناك حوار فكري من أجل النهوض بالعمل المؤسسي والتنظيمي والذي بدوره ينهض بالحركة السايسية في البلاد. حوب الأمة كغيره من الأحزاب السياسيةيمثل ضلع من الأضلاع التي تتحمل نصياً من المسؤولية في فشل استمرار الديمقراطية في البلاد ولكن تحمل تلك المسؤولية تتم بالمحاسبة الصادقة والحوار الفكري الصادق البناء بين جميع التنظيمات والأحزاب السياسية ولكن بالرغم من ذلك فلا يمكن أن ننكر الدور البناء للحزب والعمل السياسي القعال للحزب في المرحلة الراهنة والتنظيم السياسي الذي يسير فيه الحزب الآن .. قيام المؤتمر العام يعتبر نقلة حقيقة للحزب وياليت تحذو كل الحزاب حذو حزب الأمة حتى تكون لها الشرعية التي تستميد بها قوتها ونضالها وتنظيمها.. لا يعني أن الحزب الأمة وصل إلى مرحلة التنظيم المتكامل بل يسير في خطوات بناءة نحومستقبل شارق .. ونحن لا نريد مد حزبنا وإن كان من حقنا لكن هذه حقيقة الصورة التي نراها ونسير فيها نحن نريد بناءاً حقيقاً لنا ولسواناحتى يتقدم السودان ويسمو عالياً لأننا بالتنظيمات السياسية الآخرى المبنية على أسس ديمقراطية والمجتمع المدني المنظم نكون صمام أمان لأي ديمقراطية قادمة ومن غير ذلك نكون واقفين في المربع الأول كأننا لم نفعل شئ مع خالص شكري وتقديري لجميع الأخوان والأخوات
05-26-2003, 08:53 PM
خالد عويس
خالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332
عزيزي فيصل لك التحية على هذه المداخلة بطبيعة الحال لن يسنتطيع أحد أن يجرّد حزب الأمة من محصوله النضالي ، ولا مواقفه الوطنية ، ولا علامات النقلة الأخيرة ، غير أن ما أود التعليق عليه هو ضرورة الكفاح الداخلي واستمزاج آراء الآخرين حيال كثير من الرؤي المتعلقة بالتاريخ والحاضر والمستقبل لحتمية المصير المشترك علاوة على أن الحفر المنهجي فى الأزمة السودانية يدلل الى دور كبير لابد ان يلعبه المثقفون فى جميع الاتجاهات سياسيا : بتدعيم البناءات المدنية لأحزابهم وتأسيس مناهج نقدية لها، ودفعها قدما فى سبيل الترقية وتطوير الاداء ثقافيا : باستنهاض الطاقات الفكرية والثقافية لأن المشروع النهضوي يحتاج لجميع العقول المستنيرة اجتماعيا : بالاسهام الاساس فى تفكيك البني المتخلفة القديمة ، القائمة على القبلية والجهوية والاستعلاء والاقصاء تنمويا : بالتشارك فى بناء مشروع قومي للنهضة الشاملة وفى مقدمتها نهضة الانسان ذاته
05-26-2003, 11:22 PM
abdel abayazid
abdel abayazid
تاريخ التسجيل: 01-20-2003
مجموع المشاركات: 400
تحية طيبة شخصياابتعدت عن نقاش بوستات حزب الامة ليس لان هذا لايهمني بل بالعكس لكن الاوليات تختلف عند بعضنا واري ان اي كلمة تخرج يجب ان تكون نحو اسقاط هذا النظام واللحاق بروح شعبنا قبل ان يقضي النظام علي الباقي ولعلك قد اوضحت كيف يعمل نظام الجبهة في تفكيك الاحزاب ولقد سردت انت كيف رعت الحكومة انقسام مبارك ومهدت له ونحن في نقاشنا ايضا مع زملائنا اعضاء حزب الامة نبهنا اكثر من مرة لممارسات مبارك الفاضل من قبل الحرص علي فصيل في التجمع وايضا الان نتابع ما يدور من علي البعد داخل الحزب الاتحادي ومن قبل ممارسات جماعة الشريف عموما ودون اجحاف في حق قضايا الاحزاب وارتباطها بالعمل اليومي هناك عوائق وارث ثقيل يجب علينا كاجيال تبقي لها قليل من عمر الشباب يجب علينا ازالته والتخلص منه ليواصل غيرنا في طرق سليمة وبخطي واثقة يعترفون للمجتمع بوجوده وللانسان بخصوصيته وحريته في الاختيار والتفكير وان عملنا من اجل هذا سيكون هناك شاطئ نراه وان لم نعمل سنظل نمسك بالقشة في نصف البحر والي لقاء قريب
05-27-2003, 02:01 AM
motaz ali
motaz ali
تاريخ التسجيل: 05-22-2002
مجموع المشاركات: 355
صديقي أبايزيد فى ما يتعلق بالأولويات ، أجد نفسي متفقا مع ما ذهبت اليه أنت ، فالواجب تكريس كل الجهد للعمل اليومي المثابر من أجل احلال الديمقراطية . والحقيقة ، أن ما ذهبت اليه عن مبارك الفاضل ، وما يحاك _ فى الظلام _ ضد الحزب الاتحادي الديمقراطي هو عين الصواب ، فالنظام برغم مناوراته فى حيّز السلام ، والوفاق الوطني ، غير أنه من ناحية ثانية يسعي جاهدا لاضعاف كل المنظومات السياسية الأخري فى السودان ، ولعلك لم تنس أيضا محاولات الانقاذ لشق صف الحركة الشعبية اواسط التسعينات ، وهكذا دأبه ، فمن حزب لآخر ، ومن صف وطني للذي يليه يرغب حزب المؤتمر الوطني " الانقاذ" تجريد الأحزاب الباقية من كلّ عنصر للقوة ، بحيث يتسني له _ حتي لو عادت الديمقراطية _ مواجهة أحزاب هشّة ومائعة لا تقوي على مجابهته ، خاصة مع ثرائه الفاحش . من هذا الفهم عزيزي ابا يزيد ، تنبهت فى النصف الثاني من التسعينات مع مجموعة من زملائي فى حزب الأمة الى ضرورة تقوية الجبهة الداخلية لحزبنا ، لأن النضال ضد الانقاذ وحده لا يكفي ، وقد أثبتت التجارب أن الاحزاب السودانية كافة فى أعقاب أكتوبر وأبريل وجدت نفسها نتيجة تراكمات وخلل هائل نظرا لتكريسها فاعليتها كاملة فى النضال اليومي وعدم الاشتغال بالبناء الداخلي ، فى مواجهة ظروف بالغة التعقيد . الحق ، أن اثارة الموضوعة الحزبية فى اطارها الفكري والسياسي ونقد الممارسة وتقوية البناءات التنظيمية ، والعمل من أجل مؤسسية فاعلة ، لا ينفصل عن النضال ضد الانقاذ بحسبان أن تراكم النقد ، يقود للوعي والاستنارة ، ويوسع من دائرة الايمان العميق بالديمقراطية ، ويزيد من فهمنا الجمعي للدور الفردي والجماعي فى الصياغة الديمقراطية وفى السودان الجديد بالضرورة . اذا كنا نناضل من أجل الغد ، فمن أجل الغد ذاته ينبغي الاستعداد الجاد لممارسة راشدة . وأود أن أشير الى ملاحظتك الأخيرة " والى لقاء قريب" ، اتمني ذلك يا اخي .... على أنغام وردي وهو يصدح ..."بلا وانجلا " فى الميدان الشرقي لجامعة الخرطوم أو فلنقل " الساحة الخضراء" !!! حبيبي معتز لن ازعل من كلامك ابدا يا أخي ، بالعكس ، لك الحق الكامل فى قول ما تريد ، وبوسعي أن اردد لك مقولة الفيلسوف الفرنسي فولتير التى أحبها وأحاول ان اتمثل بها دوما لست على رأيك ، لكني على استعداد لأن أضحي بحياتي من أجل ان تقول رأيك !! لكن الحقيقة ، انك أثرت موضوع "شخصي" فى غاية الأهمية ، ربما يبدو للبعض سخيفا أن اناقشه معك هنا ، لكن لايهم ... فمن حقك أيضا ان تستمع لوجهة نظري ، وهى بسيطة يا أخي .. تتمثل فى أنني ابتليت بهذا البلاء ، وبالفعل انا اعتبره بلاء ما بعده بلاء .. لأن مهنتي التى اجيدها _ وهى المهنة الوحيدة التى أجيدها _ هى الصحافة ، أى الكتابة !! من ناحية ثانية فأنا روائي ، ولى أن اتمثل بمقولة شيخي واستاذي الطيب صالح بأن : أسوأ أوقات حياتي هى الاوقات التى اكتب خلالها رواية ما !! اذن يا صديقي أنا محاصر بالكتابة . وعموما يا عزيزي اذا لم ترق لك كتاباتي ، فبوسعك أن تمارس حقك الكامل فى الامتناع عنها ، وسنظل أصدقاء .. اليس كذلك ؟
05-27-2003, 12:50 PM
خالد عويس
خالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332
اذا كنا قد لفتنا الى اكتساب حزب الأمة الصفة الفكرية فى وقت لاحق عن نشأته من التوجهات الفكرية لكيان الأنصار ، وقلة العناية من قبل نخب الحزب بشأن التنظير الفكري ، فان ظهور السيد الصادق المهدي على المسرحين الفكري والسياسي مع غزارة انتاجه المتدرجة من انتاج شحيح بعض الشيء فى الستينات وصولا الى غزارة أحاطت بشؤون شتي ، وحققت نقلة نوعية فى التسعينات ، أدي الى مسكه الخيوط الفكرية بالنسبة للحزب والكيان فى ظرف زمني حتّم الاشتغال بالجانبين السياسي لخلق أوراق فكرية للحزب ، والدعوي لتحقيق اجتهاد اسلامي أوسع فى الكيان . ربما كان جانب التصنيف الفكري للافتات المحتوية للجانبين السياسي والدعوي مهمة جدا ، ولعل هذا ما شكّل ورطة لقارئي فكره الذين سرعان ما سيسلمون بثمة خلط ، وصبغة دينية تتضافر على فكر الحزب ، وربما سيتعين لاحقا _ فى الثمانينات _ التعامل مع هذا الشأن بوصف حزب الأمة حزبا دينيا " ثيوقراطيا" . والحق أن الفرز الفكري الواضح بين ما هو موجه للسياسة فى اطار حزب الأمة ، وما هو موجّه للأنشطة الدعوية تجلّي فى عقد التسعينات بالذات ، لكن الفرز ظل قائما على مستواه الفكري ، اذ لم يوازيه جهد فى التثقيف والمثاقفة والمداولة ليترسخ "الفرز" ما أوجد حالة من الالتباس و"التشكيك" حيال تراجع حزب الأمة عن مدوناته الفكرية حين دعا الصادق بدعوة "أهل القبلة " التى هى فى الأصل دعوة منطلقة من الكيان لا الحزب ، وتوضحت أبعاد الالتباس أكثر فأكثر حتي فى أوساط النخبة بعد اختياره اماما للأنصار ، ثم اعادة انتخابه رئيسا لحزب الأمة . الواقع أن جهدا أمينا لابد أن ينشط فى اتجاه تفكيك هذه المسألة ، فمن ناحية _ وكما سبق أن أشرنا _ تنشأ جملة من التساؤلات حيال الجمع بين الامامة والرياسة السياسية ، غير أن هذه الاسئلة ذاتها تقابلها أسئلة مشروعة و"فكرية" تضعّف من الأولي ، وربما المحصول هنا هو محاججة يمكن أن تكون قيّمة فيما لو تم تداول المسألة فى الاوساط الحزبية بشيء من الجدية . بالامكان طرح تساؤلات حول تعارض هذه المسألة مع الديمقراطية !! لا شك أن كثيرين ربما يندفعون فى اتجاه ادانتها من منطلق سيدينهم لاحقا !! وربما تكمن حيوية الديمقراطية فى مثل هذه الجدليات المربكة ، فدفوعات الأسئلة الأولي ومحاججاتها القوية ، قد تصطدم بسؤال جوهري : ما مدي تعارض المسألة مع الديمقراطية . الا تشكّل ادانتها فى حد ذاتها نكسة للخيارات الديمقراطية المشروعة لكيان ديني فى أن يبلور رؤيته حيال زعامته الدينية كيفما شاء طالما أنها مقصورة _ أى البيعة لهذه الزعامة _ على المنتسبين فحسب ؟ من جهة ثانية ، ما هو التعارض الديمقراطي فى أن تسند رئاسة حزب سياسي مدني لقائد جماعة دينية ؟ سيقول مؤيدو هذا الرأي ، أن "القس" جيسي جاكسون ترشّح للرئاسة الأمريكية ، وأن الشرط الوحيد لذلك الا يجلب معه الى الحقل السياسي قداسة منصبه الديني ، وأن "القس" ديزموند توتو فى جنوب افريقيا ، لم تثنه الصفة الدينية عن الاضطلاع بمسؤوليات نضالية وسياسية جسيمة ، فهل الدستورين الجنوب افريقي والامريكي يكرسان قدرا من "الثيوقراطية" ؟؟ اذن الشرط الوحيد فى رأي هؤلاء الذى يجب أن يخضع له رئيس حزب الأمة كائنا من كان _ وبناء على أسس ديمقراطية بحتة _ هو الا يتزيا بزي الدين فى حقل الممارسة السياسية ، والا يركن الى أىّ نوع من القداسة الدينية فى مضمار العمل السياسي . ونواصل ...
05-28-2003, 06:02 PM
خالد عويس
خالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332
بشروعنا فى قراءة فكر حزب الأمة من الزوايا التى تقدم ذكرها ، يتضح أن هناك تقاطعات تمّ التعرض لها بشروح وافرة ، فى ما يتعلق بقضيتين أساسيتين ، الأولي اشتباك الاجتهاد المفترض الخاص بكيان الأنصار ، مع رؤي الحزب السياسية ، والثانية هى الحاجة لقراءة انتاج الصادق المهدي فى ضوء أنه انتاج فرد يحتاج الى رؤي مغايرة ومنوّعة لتشكيل ما يصح القول عنه .. تنوع الخطاب الفكري للحزب فى اطار وحدته . ولعل هاتين القضيتين تشكلان اليوم جوهر الأزمة الفكرية فى حزب الأمة ، فأولاهما مؤداها خلط مريع بين مفاهيم دعوية ومفاهيم سياسية بحتة ، ما يخلق حالة من الميوعة الفكرية فى أوساط الحزب ، وحتى لدى نخبته المثقفة ، تكمن فى العجز عن مفاصلة الخطابين ، وثانيتهما محصلتها تكريس حالة الكاريزما المصاحبة للصادق المهدي حتى فى اوساط انتلجنسيا الحزب ، وتعضيد فهم سالب عن ديكتاتورية يتحلي بها رئيس الحزب كونه مسيطرا على المفاصل الفكرية الأساس ، وهى التى بالضرورة تصنع بعض (أو كل) المواقف السياسية !! ان اسهامات نخب الحزب عدا الصادق المهدي فى الفاعليات الفكرية ، والمؤتمرات والمنتديات الحزبية لا ترقي أبدا الى وصفها بأنها انتاج يعتد به ، حتى فى مجال النقد والمراجعة ، فانها تبدو غير متماسكة حتى الآن وتفتقر الى التغذي برؤية واضحة حيال قضايا فكرية مطروحة فى الساحة الفكرية السودانية ، وغير مسنودة بحس نقدي عال يؤسس فى داخل الحزب لصوت واضح ينادي بالمراجعة والتقويم . المخجل ، فيما عدا توسلات أمينة وصادقة قام بها نفر كريم من نخبة الحزب ، فان الصوت الفكري الوحيد المنادي بالنقد الذاتي كان صوت الصادق المهدي نفسه فى كتابات أخيرة . صحيح أن هناك محاولات اصلاحية سيكتب لها النجاح والتقوي ، فيما لو تخلّت عن خطابها الاحتجاجي ، وجذّرت منهجها ورؤيتها عميقا فى التربة المعرفية للحزب ، وحاججت الفكر والممارسة القائمتين باسهام فكري مكتوب أو مشافه به لجهة أن يكون المجهود مقصودا به الاصلاح فعلا ، لا المناورة السياسية الداخلية ، على أن يؤخذ فى الاعتبار ضرورة شمولية الرؤية بحيث لا تقتصر على تهويمات سطحية حول ممارسة محددة بعينها ، أو فكرة شاردة ، اذ لابد أن تكون شروط النقد وطرح افكار اصلاحية مصحوبة برصد تاريخي ، وفكري وسياسي يرد العلل فعلا الى مسبباتها الحقيقية ، ويفككها بقدر كبير من الموضوعية .
ونواصل
05-28-2003, 07:24 PM
محمد حلا
محمد حلا
تاريخ التسجيل: 04-14-2003
مجموع المشاركات: 1060
عزراً أخي .. ان رهق الحياة اليومي، ونهاية الشهر، وهم تقفيل التارجت وبعض الالتزامات الاستثنائية حالت وتحول حتى الان دون مداخلتي في هذا البوست القيم والهادف الي بناء جسر بل منتدي فكري ناقد ورافض لكل ما هو سالب يخلصنا من نواقصنا وتراجيديا فعلها المسبط ومبشر بحرص بوضع بنية فكرية تؤهلنا للإنصهار في مواعين سودانية تستوعب تبايننا الحاد جدا في بعض الاحيان ثقافيا وسياسيا واجتماعيا يقوم على دراسة تجربتنا الانسانية في جزها المادي ليس بخطاب نخبوي خاوي من قدرة على استنطاق واقعنا تفكيكه وتحليله، او بخطاب رجعي كهنوتي ميتافيزيقي و طوباوي حالم بل بمعاول تهدم القديم بدق مواطن عجزه وبناء سلطة تفتح معميات الواقع الردئ لتتكشف امكانيات سودانية هائلة موزعة في بلاد الشتات قادرة على التقاطع في اكثر من تفصيلة تقود في محصلتها النهاية الي بناء هويتنا السياسية والثقافية والاجتماعية مستصحبة تجارب الشعوب وانتاج العقل البشري بكل زخمه الفكري والمعرفي والتقني.. ما طرحته الان وما انت دوما تطرحة جدير بالقراءة بتأني وحرص وليس كما تقول كثيرا .. ليس هناك انتاج فكري كامل اي كأنك تقول ان الحقيقة واحدة لكننا لا نملكها كلها وليست مزدوجة لنعالجها حسب حالتها المعرفية .. نحن نؤمن ان واجبنا تجاه هذا الوطن الذي نعشق .. هو فض غشاء الاحباط المزمن في وعينا وتفكيرنا الجمعي والخروج في ادب ومعرفة حريصة عن طاعة القديم الذي كثيرا ما حنط زخم السعي للتغيير .. قلتُ سابقا ان للمهجر دور فاعل في تحريك المثقفين السودانين نحو قراءة جديدة لماضي كبح جماح التغير الذي نؤسس معطياته باستنطاق المسكوت عنه في تاريخنا السياسي والاجتماعي والثقافي وتفكيكة الي عوامله الاوليه بحرية وموضوعية بحثية تكشف لنا الغد الذي تأسيس بنية وعي معرفية لخلقه متاحة في خضم الجرد اليومي لنواقصنا.. المتتبع لكتابات السودانيين المهمومين والمؤمنين بضرورة احداث التغيير النوعي في بنية واقعنا المعرفي ، الاجتماعي والمجتمعي تفضح هشاشة تفكيرنا الجمعي وضيق فرص التعايش الفكري والتصالح الثقافي في اتجاه تناغم افكارنا في اتجاهاتها المتضادة احيانا . حرصنا على التغير ينبغي ان نبنيه على استخدام مناهج للتحليل والتنظير المعرفي لنبشر بمستقبل اطروحته الفلسفية واضحة والتكهن بفعلها الايدويولجي ادراكه سهلا .. نشتغل في تغير ماكينزم تفكيرنا و نمط تعاطينا مع الاشياء من منطلقاتها المادية وهذا لا يتم بالخوض في شتات لذا ما تقترحه هو المحك ، مربط الفرس وهنا نؤسس خطابنا الفكري لنرسخ المفاهيم التي باتفاقنا حول كيفيتها نكون قد حسمنا الجدل حول الممارسة، ممارسة تضبطها جدلية الفكر والقياس. كنت مع بعض الاصدقاء قد اتفقنا على التلاقي المستمر ( المستدام) يوميا ما كان ذلك متاحا وعلى غير اتفاق حول اجندة نتعاطى بعض ما يؤرقنا نحو هذا الوطن المنفى وكل ليلة تتكشف لنا خيبات الامل الرهيبة في تجربتنا التعليمية ، وضعف منهجنا الدراسي ينعكس ذلك في برامج احزابنا التي ليس من بينها من اسس البنيات المعرفية لمناهجنا الدراسية ووضع تصور لخلق مجمعات علمية ومراكز بحوث تقوم مقام الجامعات في خدمة مجتمعنا ، جامعاتنا التي من المفترض ان تكون هي هذه المراكز يتحول اعضاءها الي منظراتية في خلايا حزبية لا تري الا نفسها او استقطبتها برجوازية العسكر في دواليب الحكم لتبرر مشاريعها الشمولية والاستراتيجية الشاملة في حالة اشبة بالتآمر منها للعجز لذا علينا ان نوضب ادوات اشتغالنا في البناء لنغلق الباب امام الطائفية الحزبية يمينها ويسارها فلا يبني الوطن سوى الذين يتمتعون بطاقة وقدرة معرفية خاصة تؤهلهم لرؤية الاشياء بابعادها المختلفة فتوحدها في وعي يقودنا نحو مجتمع متسامح مع نفسه متصالح مع الآخر .. وكنت اقول دوما ان المثقف لا يخون ومن يخون تسقط عنه الصفة،،
05-28-2003, 08:14 PM
محمد الواثق
محمد الواثق
تاريخ التسجيل: 05-27-2003
مجموع المشاركات: 1010
الحبيب خالد لك التحية وانت تدخل المعركة بعدة وعتاد المرحلة احييك وانت تعمل فكرك يمن ويساراً في قلب المعركة لا فض فيهك النقلة النوعية التي حدثت في حزب الأمة مكابر من ينكرها ونحن في حزب الأمة نصبو لأكثر من ذلك والمجال مفتوح امام كل من يرغب في المنازلة الفكرية والتحية لمسئول الموقع عبر هذا البوست فلكم التحية
05-29-2003, 01:58 PM
خالد عويس
خالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332
صديقي محمد حلا أعترف بأن جماليات اللغة التى يفيض بها موضوعك قامت بتشتيت جهدي فى التعمق فى درس طرحك فى ناحيته الفكرية ما أضطرني لاعادة قراءته ... فقد انسقت تماما لدرس الابداع قبل أن يتسني لى الوقوف أمام الطرح فى جوهره المعرفي . نعم أجدني متفقا معك فى ضعفنا حيال الأخذ بمناهج أكاديمية ، وبني معرفية قاطعة فى تحليل وتفكيك ، واستنطاق الأشياء . هذا الارباك يعزي بالضرورة وكما كتبت سابقا الى نوع التعليم الذى نتلقاه ، والشروط التربوية التى نخضع لها .. هل أزعم بأن مناهج التعليم لابد أن تخضع لغربلة واسعة لطرد التلقين والتحفيظ ، وجلب "العقل" وغرس الحس النقدي ، والمناهج النقدية الى عقول صغارنا بدلا من حشوها بمعلومات كثيرة ، حفظها عن ظهر قلب هو الشرط "الوحيد" للنجاح ؟! عن أساليب تربيتنا على مستوي البيت والمدرسة والمجتمع ، تقبع أيضا مفاهيم تقليدية عاجزة عن تخليق أجيال تتمتع بالوعي فعلا ... اليس ملاحظا أن المستنيرين السودانيين هم نتاج ابداعهم هم وتقدمهم لا نتاج مؤسساتنا ؟! كيف تنبني مؤسسة سياسية راشدة ، والمؤسسات الباقية ضحلة فى ممارستها وفى فكرها . انظر لحال المؤسسة الاجتماعية _ ان صح التعبير _ على ماذا هى تأسست ؟! هل نضج الكائن القومي أم أن المؤسسة قائمة على أرضيات قبلية وجهوية متعسفّة فى رفضها للمشروع القومي ؟! بخصوص التربية ، دائما ما تحضرني عبارة لافتة للفيلسوف البريطاني بيرتراند رسل : عجبت لذلك النوع السخيف من الأخلاق الذى يجزع لكلمة نابية أكثر من جزعه من فعل قبيح !!! دعنا نتمهل طويلا أمام عبارة كهذه ونسقطها على واقعنا السوداني ، هل فعلا يقوم جزء من وعينا الأخلاقي على شروط "كلامية" أكثر من قيامه على شروط "فعلية" ؟! دعني ادلل لك _ وأنا ابدا لا أقرر شيئا هنا ، انما أتأمل _ ، فلنتأمل النخب نفسها على سبيل المثال ، الى أىّ حد تجاوز رفضها لحالة التشظي المجتمعي ، وتمظهرات "الابارتايد" فى مجتمعنا ، من المشافهة ، والادانة "الكلامية" الى فعل عملي ، فى وسط مجتمعاتهم الصغيرة أو حتى فى داخل أسرهم ؟! أليس عجيبا _ مثلا _ أن تسمع من ابن " او ابنة" واحد من النخبة تلفظهم بمصطلحات " عبيد" و" خدم" او فى المقابل " اولاد عرب معفنين" ، ودفاعهم المحموم عن جهوياتهم وقبائلهم ، بل ان انتماء الجهة والقبيلة لا يعدله ابدا انتماء آخر .. الى ماذا يدلل هذا الواقع ؟! الا يمكن الافتراض بأن النخب نفسها فى غالبها هى منافقة ومدعية ، وغير قادرة على مصادمة ارثها الثقافي ؟! هذا ما يقود الى فهم حيثية من حيثيات تعامل النخب السياسية نفسها ، فهي تتحدث بشيء ، فى حين أنها مدجنة بالكامل للمشروع الثقافي القديم ، القائم على جزر عرقية وثقافية ، ومفاهيم موغلة فى التخلف ، وشروط كاريزمات تبدأ من الأب ، وتمرّ بامام المسجد ، ومدير المدرسة ، وناظر القبيلة ، وشيخ الطريقة او الطائفة وتنتهي برئيس الحزب !! كيف يتّم التغيير و"النموذج" غائب ؟! هذا "النموذج" الذى تمثله نخب متصالحة فعلا مع ثقافتها ، ووعيها ... ان الأحزاب الكبيرة فى السودان أحوج لوجود نخب كهذه ، لتصنع "النموذج" رافضة القديم ومؤسسة لاصلاحات حقيقية تبدأ بنفسها ، وليس مطلوبا منها أن يقتصر دورها على السياسي فحسب ، انما مطلوب منها أداء ادوار اجتماعية وثقافية أهم !! سألفت الى أمر آخر ، هو أننا نعوّل على النخب السياسية فى كل شيء ، أين هو الاسهام الفكري الجبّار _ فى مجتمع كمجتمعنا _ فى ميادين أخري كالاجتماع والثقافة ، والمجتمع ، لماذا هو كل شيء مرتبط بالسياسة ؟! أين هم مفكرينا فى ناحية الحضارة والتاريخ الورائي ، فى مجال النقد ..الخ؟ انظر الى العروي ، الجابري ، الأنصاري ، الرميحي ، أبوزيد ، فودة ، وغيرهم .. هل هم سياسيون ؟ وهل الحداثة مرتبطة بالسياسة ، والابداع الادبي فحسب ؟! الحبيب محمد الواثق لك تحياتي ومحبتي ان أكثر ما أخشاه فى هذه المرحلة ، أن نعتبر _ فى حزب الأمة _ ما حدث مؤخرا بمثابة فتح جبّار ، فى حين أنه مجرد بداية نحو طريق شاق وطويل جدا ، وضرورات اصلاحية قد تستغرق أعمارا بحالها ، فليس بالضرورة أن نربط الاصلاح والتطور بما سنجنيه نحن فى حياتنا ، الأهم من ذلك هو ارساء قيّم جديدة ، وانواع وانماط جديدة فى التفكير داخل الحزب ، علّ أجيال لاحقة تتمكن من اكمال شروط الحداثة ، انت تدرك يا عزيزي ان عمر حزب ما هو أمر مشابه لعمر أمة ما ، والامر ليس مرتبطا _ والحال هذي _ بأعمارنا نحن بقدرما هو مرتبط بأفكارنا . اكرر تقديري لمداخلتك ونواصل
05-30-2003, 08:55 AM
Abdel Aati
Abdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072
لست أحاول تهديم المؤسسات القائمة ، ولا فى المقابل أبرر لنكساتها وخيباتها انما انا فرد منتم اليها لست منتميا للمؤسسة السياسية الهشة فحسب أنا مجموعة منظومات هشة فى شكل مؤسسات مجتمعية وجهوية وقبلية وثقافية وفكرية وسياسية تعاني كلها الهشاشة وأنا انطلاقا من هذا الفهم أحاول قدر جهدى ان ابذل جهدا نقديا تصحيحيا برؤية شمولية تدرك أن الاصلاح ليس مطلوبا فى حقل السياسة وحدها ، بل لابد ان يطال مؤسسات كثيرة أنا جزء منها وافهم الى حد مشكلاتها وعلىّ ان احاول اصلاحها عبر حوار ونقد مملوء بالحب لا الكره ، ومن خلال تواصل يفيض بمعاني الانسانية لا الاقصاء لأن هذا الذى احاول مداواته هو مجتمعي ، اسرتي ، بيتي الصغير ، نفسي انا ذاتي ، حزبي ، ثقافتي وان كنت اعترف بأننى امارس جلد الذات فى بعض الاحيان لمّا انفعل بعض الشيء وللآخرين أن يقيموا جهدي ويتواصلوا معه بافتراض حسن النية فيه وفيهم ولن انثني عن مواصلة جهد الاصلاح ابدا فاذا حصل اصلاح ما فى الاجسام السياسية لن يعني هذا نهاية المطاف بالنسبة لى فهياكل اخري ستكون محتاجة لجهد ايضا
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة