دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
مشاهداتي في السودان "1"
|
خمسون يوما في السودان : مشاهدات منوّعة الحلقة الاولي خالد عويس
بالكاد تستطيع أن تلجم نفسك عن الغضب وعن ارتكاب حماقة ما وأنت تتدحرج وسط كتل متراصة من البشر المتعبين في انتظار أن تفرغ ست موظفات هنّ كل ما قدرت عليه الجمارك السودانية لبحث حقائب الركاب ، وحتي يحين دورك لكي تفتح حقائبك الخاصة بطريقة بدائية وتدقق اولئك الموظفات فيها بحثا عن شيء قابل للمصادرة ، يكون السأم قد تسلل الي داخلك وتبددت طاقاتك في توّقعك حفاوة الاستقبال ... هكذا من البداية ؟ ليس الأمر بهذا السوء حين تستقبلك الخرطوم بدفء غير مصطنع ودموع تغسل عنك متاعب الغربة . الخرطوم هي ذاتها ... المدينة الطاهرة التي تودعك خواص أسرارها وتتمخض عن جمال خفي رغم مظهرها الرث ، هرعت الي النيل استدفيء بمواقيته ، أكثر ما اشتقت اليه في غربتي الباردة ... نيل بلادي ، انه أكثر المخلوقات وطنية و... سخاء ، استحممت تحت نوافير الغبار في السوق العربي وتسكعت طويلا أمام الواجهات المصقولة في شارع الجمهورية ، وأودعت أمي أحزاني كلها ببعدها وبعد الوطن الجميل ، لحظة أن تعود الي صدر أمك الدافيء ، هي لحظة تستحق أن نسفح أعمارنا لها ... ، وما أطيب دعواتها عند الصباح حين تدنو بأباريق الشاي والقهوة والشمس تتسلل خلسة لتغمر الكون بالضياء ... هل أصبحت شاعرا في تلك اللحظة المتوهجة !؟ ادرك جيدا انني عندئذ لم أقو علي مفارقة الخرطوم وتوديع عينيها الآسرتين تارة أخري وربما هي المرة الأولي التي أكتشف القدر الهائل من الجمال الذي تمتلكه ، شدتني للبقاء وابتلعني الرحيل ، خيّل الي ّ للحظة انني امتلكت كشفا ما يؤهلني للبقاء بقية حياتي مهما تكن الأسباب الداعية للرحيل .. ولكن! لابد أن أصدقائي القراء ملّوا من هذه الوجدانيات التي طبعت مبتدأ مقالتي عن الخرطوم ، لا عليهم ، اعرف رغباتهم الجامحة للحصول علي شيء مفيد كالسياسة مثلا ، لا بأس فلندلف الي حقلها انما بضربات سريعة كريشة في يد تشكيلي ، لكن هل في السياسة من نعومة كهذه ؟! حسنا بدا لي أن الأوضاع آخذة في الاضطراد نحو التحسن ، ليس علي صعيد المطالب الأساسية بالحرية والديمقراطية _ فذلك أمر محسوم بالاتجاه المحسوس الذي اقدمت عليه الحكومة رغم المظاهر الباقية_ ليس ذلك وانما في تصاعد النقاشات الجادة حيال مسائل حيوية كقضايا تطوير الأحزاب السودانية وأمن السودان القومي وتأسيس منظمات المجتمع المدني ، هذه الأخيرة يقوم عليها نفر كريم كرسّوا وقتهم بشكل مثالي لخدمة أهداف كبيرة ، هذه الأخيرة بالذات تشكل بالنسبة لي هاجسا مزمنا اذ أنها اللبنة الاولي في اتجاه تقدم محسوس يمكن ان نضفيه علي حياتنا المعاصرة وهي بذات القدر المجهود الخلّاق الذي يمكن أن يسهم في تفعيل مشاركة الفرد السوداني في مختلف مناحي الحياة علي نحو مرض من دون أن تكون هذه المشاركة حكرا علي الساسة والانتلجنسيا وحدها ، بل أن هذه المنظمات خليقة بأن تبصرّنا جميعا بحقوقنا و(واجباتنا) ، وقد لمست عن قرب مدي معاناة القائمين علي الهيئات المدنية وما يكابدونه من مشاق خاصة تلك المنظمات الوليدة التي تكافح للنهوض في ظل تواجد منظمات أخري تحظي بدعم كبير وتحرص علي تكريس وجودها الآحادي مانعة منظمات أخري من القيام بدورها ويبدو أن (فيروس) احتكار العمل العام قد انتقل اليها هي الأخري ، علي أية حال فان مجرد التوجه العام لمثل هذه المجهودات في حد ذاته أمر طيب يدعو للتفاؤل ، وبدا لي أن المجاميع الشبابية في مختلف الاحزاب السياسية شرعت في ادارة حوارات جادة بغرض التخلص من أعباء الماضي ودراسة الحاضر علي نحو وان بدا في مبتدأه مزعجا ويفتقر الي الاكاديمية نوعا ما الا أنه حقق بعض الخلخلة المطلوبة في البناءات التقليدية وقاد الي شيء من الحراك . الساحة السياسية مشغولة باستقبال المبعوثين الخاصين ومتابعة مفاوضات مشاكوس _ كارن الي درجة كبيرة ، ويتلقاك الكثيرون بأسئلة مباشرة عن توقعاتك بشأن العراق واحتمالات أن تنتظم الشرق الأوسط ترتيبات جديدة ، في حين أنني كنت حريصا علي معرفة ما يدور في داخل السودان ، قال لي أحد القياديين في المؤتمر الوطني أن الانقاذ حققت انجازات كبيرة ولابد من احداث انفتاح أكبر والسماح بحريات عامة أكثر غير أنه ألمح الي صعوبة تخلّي المؤتمر الوطني عن السلطة باعتبار أن ما تحقق في السنوات الماضية أضحي مجيّرا للاسلاميين ، وهم علاوة علي ذلك أفلحوا علي حد قوله في استيعاب مجاميع سياسية أخري بخلاف الاسلاميين في المؤتمر الوطني الحاكم ما يعزز فكرته الأولي بأن يكون وعاء سياسيا شاملا وبديلا للديمقراطية (الامريكية) بحسبه ، لكن يبدو لي أن الرجل لا يمثل الاسلاميين كلهم وانما تيار منهم ، فآخرون خلافه يدركون تماما الاستحقاقات السياسية المترتبة علي عملية السلام والاخري المترتبة علي ادارة واشنطن لذات العملية ، وقد التقيت بقيادات في المؤتمر الشعبي أبدت استياءها من استمرار اعتقال د. الترابي غير أنها لم تخف قلقها علي حياته والمح العديد منهم الي وجود صراع بين الرئيس السوداني ونائبه خاصة في ما يتعلق بسير مفاوضات السلام التي ربما تجيء بالدكتور قرنق نائبا للرئيس ، أعضاء قياديون في حزب مشارك في السلطة أشاروا الي أن واشنطن ترغب في خلق تحالف بين حزبهم والحركة الشعبية والجيش !! استمعت الي مفكرين ومحللين سياسيين من بينهم د. مصطفي عثمان والسيد صادق المهدي والسيد قطبي المهدي ود. مضوي الترابي خلال ندوة عن "مستقبل العلاقات الامريكية السودانية" نظمها مركز دراسات الشرق الاوسط في السودان ، صحيح أن الرؤي كانت متباينة غير أن ما يثلج الصدر حقا هو التفات اولي الشأن لانشاء مراكز استراتيجية كهذه ، فالقضايا التي ستجابهنا مستقبلا تحتاج الي حفر فكري واستراتيجي معمّقين منذ الآن خاصة أن قضايا الأمن القومي والأمن الاجتماعي والتخطيط الاستراتيجي تحتاج فعلا لأن نتوّحد من أجلها ونصب كل امكاناتنا وطاقاتنا لأن مردودها لن يكون لنا وانما ... للاجيال القادمة !
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مشاهداتي في السودان "1" (Re: نصار)
|
الاخ خالد لم تخبرنا بعد ان انطباعاتك عن ما وجدت علية احباب النضال في جامعة الخرطوم امثال محمد فول وحسن اسماعيل من كنت تدافع عنهم ويدافعون عنك وهل حقا انهم في رده فكرية ام انتكاسة جديده لقوة الحداثة داخل حزب الامة ام ان خطوطهم صائبة تجاه ما يدور في تقلبات السياسة السودانية وما هو رايك انت شخصيا في ما حدث في حزب الامة مع خاص تمنياتي للجميع بالتاآم الشمل انني لست لشيخ او جماعة انني لست لتيار شعار او .... آسف قال احمد مطر الناس ثلاثة اموات في اوطاني والميت معناه قتيل قسم يقتلة اصحاب الفيل وقسم تقتلة اسرائيل وقسم تقتلة عربائيل وهي بلاد تمتد من الكعبة الي النيل والله اشتقنا للموت بلا تنكيل والله اشتقنا واشتقنا انقذنا يا عزرائيل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مشاهداتي في السودان "1" (Re: Rose)
|
شكرا لكم ايها الرائعون . شكرا من الاعماق سأبذل جهدا اكبر لانجاز بقية المشاهدات مكتوبة الاخ سونيل ، يبدو انك علي معرفة وثيقة بما كان يجري في جامعة الخرطوم في حقبة التسعينات وما بذل لجهة حزب الامة والتجمع ولكي تعود الحرية والديمقراطية بسؤالك عن رفاقي محمد فول وحسن اسماعيل وعمر محمد علي وفتحي حسن عثمان وغيرهم تكون قد نكأت جراحا غائرة اذ أن جل من اعزهم ومن كنت اتوسط عقدهم النضيد قد توزعوا بين (الحزبين) ، الحقيقة انني اتفق مع بعضهم لدرجة ما بخصوص الاصلاح الحزبي وتغيير القديم وقيادة الحزب الي نمط حداثي بناء علي رغبة الجماهير وتحويل الكم الي كيف وبناء مؤسسة سياسية حقيقية ، واتفق مع الآخرين في انه لا يجوز تفتيت الحزب او المشاركة في سلطة لا تزال تحتفظ بقدر من الشمولية بل انني اذهب الي اكثر من ذلك في طرح سؤال جوهري .. هل الوصول الي السلطة هو غايتنا ، وهل كان نضالنا (اذا ناضلنا فعلا ) وهذا بكل امانة ليس من قبيل التواضع لأنني اشعر بالمهانة حين ادّعي النضال في حين ان غيفارا كان مناضلا ومانديلا لا زال مناضلا ، اقول هل كان نضالنا من اجل سلطو نتسنمها ومجد سياسي بائس ندركه ، هذه هي ازمة المتعلمين السودانيين ، مشكلة الوطن اكبر واعمق عموما بامكاني ان الخص لك شعوري ازاء الامر بأنني قلت لمحمد فول بأنني اشعر بذات الشعور الذي كان يشعره خالد الفنان التشكيلي في رواية ذاكرة الجسد لمستغانمي هل تتشابه الظروف العالمثالثوية دائما ام ماذا ؟
| |
|
|
|
|
|
|
|