|
مؤشرات خطيرة أفرزتها الجولات الاولي في الحرب
|
أسلحة مدمرة لنزع أسلحة الدمار : مؤشرات خطيرة أفرزتها الجولات الأولي من حرب العراق
الرياض _ خالد عويس لم تكن الاشارات التي أوردها ضابط أميركي في جنوب العراق في سياق حديثه لاحدي محطات التلفزة عن استعداد القوات الامريكية لاستخدام ذخيرة تحتوي علي علي اليورانيوم المستنفذ في حال الضرورة هي المسألة الخطيرة الوحيدة التي استرعت انتباه المراقبين ولمّا تمض ساعات محدودة علي بدء الحرب التي شرعتها واشنطن ولندن خارج اطار (الشرعية الدولية) بحجة نزع أسلحة الدمار الشامل ، فعلاوة علي الخطورة البالغة علي العراق وجيرانه في حال استخدام الحليفين الولايات المتحدة وبريطانيا مادة اليورانيوم المستنفذ لما ينطوي استخدامها من آثار صحية وبيئية كارثية ستظل عالقة في تربة المنطقة مدة 4 مليون سنة ، هذا اضافة الي التعتيم الذي تمارسه المختبرات والمؤسسات الصحية الاميركية علي النتائج الفعلية لهذه المادة علي البشر ومن ضمنهم الجنود الأميركيين الذين تعرضوا لها خلال حرب تحرير الكويت . أبدي محللون خشيتهم من أن تتحول الذريعة التي بحوزة واشنطن عن عزمها تجريد العراق من اسلحة الدمار الي ذريعة عليها باستخدام اسلحة اشد فتكا ، فالبنتاغون سارع في الساعات الأولي من اليوم الثالث للحرب الي تأكيد اطلاق قوات الحلفاء ل1000 صاروخ وقنبلة باتجاه المدن العراقية خلال ليلة الجمعة فقط ويتنامي القلق من أن استخدام هذا العدد الهائل من الصواريخ الفتاكة خلال يوم واحد علاوة علي التلويح باستخدام القنابل الذكية وقنابل المايكرويف المغناطيسي وأم القنابل تنذر بحصد أرواج مدنيين بشكل لم يسبق له مثيل وأنه ما من مبرر علي الاطلاق يبيح لواشنطن السعي لتنفيذ تهديداتها ضد العراق في موازاة الحاق خسائر بشرية في أوساط المدنيين بما يمكن أن يشكل كارثة انسانية بكل المقاييس . الواقع أن افرازات الحرب في أيامها الأولي كشفت عن أوجه تنذر بالخطر في المسرحين الاقليمي والدولي ، فتدفق نحو الفي جندي من القوات التركية صوب شمال العراق في الساعات الأولي من فجر اليوم الثالث يرشح مبكرا لنزاع تركي _ كردي . الأكراد الذين لطالما أعربوا عن قلقهم العميق من أن الأمور قد تسوء في المناطق الكردية شمالي العراق في حال دخول الجيش التركي وقد يضطر الاكراد للتعامل مع واقع جديد بدء من اليوم الثالث للحرب ، وسيتعين عليهم أن يضاعفوا من تحركاتهم الدبلوماسية باتجاه واشنطن قبيل الاندفاع في معارك باتت متوقعة اذا ما زاد الجيش التركي من تواجده في مناطقهم بيد أن توتر الموقف الاقليمي لم يقتصر علي جيران العراق في الشمال اذ طالت الهجمات الصاروخية الامريكية مصفاة نفط ايرانية في عبدان قبالة شبه جزيرة الفاو ، وأذاعت طهران بأن مجالها الجوي قد انتهك بواسطة المقاتلات الامريكية والبريطانية محذرة الدولتين من تكرار الامر . ويبدو أن الايرانيين بالفعل باتوا يشعرون باقتراب الخطر وباتوا في حال قلق متعاظم من الطوق الذي بدأ يضرب من حولهم ، واذا كانت طهران قد تقبلت علي مضض تقديم مساعدات للأمريكيين حين املت عليهم الحكمة دعم الحرب ضد الارهاب في افغانستان وغضوا الطرف عن تحويل المسرح الافغاني الي مسرح تتحكم فيه امريكا بالكامل فسيكون من الصعب عليهم تقبل الأمر عينه في العراق خاصة وأن الأنظار ستتجه بقوة الي طهران حالما الاجهاز علي بغداد . ولعل تنامي القلق الايراني من الاضطراب السياسي في المنطقة هو ما حدا بالقيادة لدعوة الايرانيين الي أخذ الحيطة والحذر من الأمريكيين الذين سيشنون علي ايران حربا ( سياسية وثقافية) ولم يشأ خامنئي أن يشير صراحة الي توقعاته بشأن تزايد الضغوط العسكرية الأمريكية علي بلاده في المستقبل القريب بحجة مفاعل (بوشهر ) النووي !! في سياق مختلف ارتفعت حالة التوتر والاحتقان في الشارع العربي لتتحول الي غضب واسع كان مسرحه شوارع القاهرة وعمّان والمنامة والرباط والخرطوم وغزة في ما شهدت صنعاء مواجهات دامية بين المتظاهرين والقوات النظامية افضت لمصرع أربعة أشخاص علاوة علي شخص آخر لقي حتفه خلال مواجهات مماثلة في مدينة معان الاردنية !! وفي مسرح بعيد عن الشرق الأوسط ، شهدت العاصمة البلجيكية بروكسل احتداما في الخلافات بين قادة الاتحاد الأوربي واتهم الرئيس الفرنسي جاك شيراك الولايات المتحدة وبريطانيا بخرق الشرعية الدولية في ما حمل رئيس الوزارة البريطانية توني بلير بشدة علي الموقف الفرنسي متهما باريس بأنها أفشلت الجهود الدولية في اتجاه السلام . وفي خطوة اعتبرها المراقبون اشارة (صاعقة) دعا قادة فرنسا والمانيا وبلجيكا الي دمج جيوش بلادهم واستبعدت بريطانيا عن اطار هذا التحالف العسكري الجيد الذي يبدو أنه سيصب في اتجاه تشكيل جديد للاتحاد الأوروبي أكثر استقلالية عن واشنطن وأحرزت باريس وبرلين قصب السبق في تشكيل ملامحه الأولية التي ستتضح تدريجيا . كل هذه الافرازات التي رؤي أنها خطيرة كنتاج حرب مختلف حول شرعيتها ولم تدم سوي ثلاثة أيام حتي الآن تؤكد أن الخارطة السياسية الشرق أوسطية ليست وحدها المرشحة للتغيير ، وانما العالم بأسره مقبل علي تغييرات يصعب التنبوء قطعا بمآلاتها ، الا أنه من المؤكد تورط الولايات المتحدة وبريطانيا في خضم رمال اقليمية ودولية متحركة يصعب الفكاك منها .
|
|
|
|
|
|