أحجمت منذ شهرين تقريبا عن تناول المفاوضات الجارية بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان. وان كنت أشرت من خلال حوارات صحفية أجريت معي إلى دعمي الكامل لأي مجهود يوقف نزيف الدم ويحد من العنف المستشري في السودان. ومن دون الخوض في تفاصيل "الصفقات" السياسية والاقتصادية بين قوى سودانية مختلفة، بعضها أستأثر بالحصة الأكبر، و"غالبية" تبحث عن نصيب من "فتات الكعكة". ومن دون التطرق إلى بنود ما تمّ إنجازه حتى الآن في شأن قسمة السلطة والثروة، الأمر الذي فرض فرضا بواسطة واشنطن وأجبر الطرفان على المضي قدما فيه، فان السودان يواجه مرحلة دقيقة وصعبة ستنتهي إلى " أن نكون أو لا نكون". أخفقت الأطراف السودانية قاطبة في الاتفاق على مشروع وطني للسلام. وزايدت على جميع القضايا. وكان "الوطن" في ذيلية اهتمامات القوى "الوطنية" !! أحجمت عن الكتابة في هذا الشأن لئلا تثير آرائي ردود أفعال تزيد من حجم "الخراب الشامل" الذي وصلنا إليه. فالحقيقة الماثلة حاليا هي أن الحرب في جنوب السودان ستتوقف _ نتيجة الضغوط الأمريكية _ لكن هل يعني توقف الاقتتال، إحلال السلام ؟! هل النتيجة التالية دائما لإخماد نار الحروب هي السلام ؟! هل يتوقع السودانيون فعلا أن يعم السلام ربوع بلادهم وتحل ثقافته محل الإرعاب والترويع والأحقاد والضغائن ؟! أي دروب للسلام عبدنا كي نشرع أحلامنا بهذا القدر؟! يرّكز الساسة وبعض المثقفين السودانيين على أن السلام أضحى قاب قوسين أو أدنى. صحيح، ستتوقف قرقعة السلاح التي كانت تصم الآذان. وسيتضاعف الأمل في استقرار طال انتظار السودانيين له. لكن هل تغيّرت الذهنيات التي كانت تحمل السلاح. هل توفرت الضمانات الكافية لهذا المشروع الوطني الجبار ؟! قال شاعر: أرى تحت الرماد وميض نار وأخشى أن يكون لها ضرام فان النار بالعودين تزكى وأن الحـرب أولها كـلام لست مفرطا في التشاؤم، لكني لا أستطيع الزعم بأنني متفائل. فالحركة الشعبية من جانبها لم تطرح حتى الآن ما يؤكد قدرتها على التعايش في " جنوب السودان" خصوصا وفي خضم الحياة السياسية السودانية "في الداخل " بشكل عام. وستكون تقديرات قادة الحركة مثيرة للشفقة إذا زعموا بأنهم قادرون على تحويل حركتهم المسلحة، المقاتلة طيلة عشرين عاما إلى جسم سياسي مرن وقابل للتنازلات السياسية التي تفرضها المعادلات السودانية. وسيكون نوعا من التخدير، زعمهم بقدرتهم على امتصاص شحنات الغضب الهائلة المتولّدة عن سنوات طويلة من القهر والظلم الذي مورس على الجنوبيين ما لم تكن هناك خطط واضحة وشفافة لتمكين مقاتلي الحركة من تجاوز ذهنية "الانتصار" و"الانتقام"، فالذي حدث في السودان شبيه بالذي جرى في جنوب أفريقيا. وما تم إنجازه في جنوب أفريقيا لابد أن يفيد منه السودانيون. ويدفعنا هذا الأمر للتنبيه لضرورة إشاعة نوع جديد من "الثقافة القومية " في اتجاه تذويب وتفكيك النعرات القديمة في أنحاء السودان كافة، وفتح ملفات التهميش والمطالبات الجهوية والعرقية والمناطقية التي تنذر بشر مستطير على الوطن خصوصا باتخاذها أخيرا شكل "الاحتجاجات المسلّحة " . مجاميع عدة أعتبرت ما تم تقديمه من تنازلات من "المركز _ الحكومة " لجهة " الهامش _ الحركة الشعبية " بمثابة انتصار كبير حصل عليه الهامش بـ" السلاح" فحسب. وكان لحكومة الإنقاذ القدح المعلى في إذكاء العصبيات القبلية والجهوية، فضلا عن ترسيخ ثقافة "الحرب" و" السلاح" إلى درجة فظيعة. ولا زالت العقليات المتحجرة المتحكمة على زمام الأمر تسمح ببرنامج "في ساحات الفداء" في الفضائية السودانية وتشدد على تعميم الملابس العسكرية على تلاميذ المدارس في السودان وتعمل جاهدة على ترسيخ ثقافة "الهلاك" لا ثقافة "الحياة". الإحساس بالغبن والمظالم الكبرى في عهد الإنقاذ، فضلا عن أخطاء وخطايا الأنظمة السياسية منذ الاستقلال، إلى جانب عوامل داخلية في المعادلة السياسية السودانية، قاد إلى وضع معقد في "دار فور" ينذر بإفشال كل جهود إيقاف الحرب. ناهيك عن مجاميع أخرى تهدد برفع السلاح في وجه حكومة تساوم على الإبقاء على مصالحها الاقتصادية والسياسية في المقام الأول. الواضح _ عندي _ أن قادة المؤتمر الوطني الحاكم يفاوضون من منطلق بعيد عن مصالح السودان. فالهم الأكبر، الحفاظ على المصالح المرتبطة باتفاقيات النفط، وما أنجزوه من نهب مقنن لجهة حزبهم طيلة أربعة عشر عاما، وما حققوه على المستوى الشخصي من "أرباح" و" منافع" اقتصادية كبرى مكنت "وزير سيادي " _ على سبيل المثال _ من الشروع في بناء "فيلتين " فاخرتين في حي جاردن سيتي، أحد أفخر أحياء الخرطوم. لنا أن نتساءل، من أين للوزير السيادي، وهو ضابط عادي بالجيش السوداني، الأموال الطائلة لبناء قصور على النيل ؟ ألهذا هو يشدد على التعامل العنيف في دار فور لئلا تتضاءل حصته وحصة حزبه من العائدات السودانية بعد أن بدد نصفها _ بنظرهم _ العقيد قرنق ؟ ليس السيد وزير(....) وحده _ وله الحق بطبيعة الحال في أن يوضح للشعب مصدر ثرائه _ ، وإنما مطلوب من كل منتسب للإنقاذ كشفا كاملا بمصادر الثروة . إن السلام الذي يأمل به السودانيون سيكلّف الجميع باهظا. ليس السلام مجرد أوراق تحمل التواقيع بالأحرف الأولى فحسب. إن المطلوب من العقيد قرنق نفسه أن يقرن ثقافته الثورية بالأفعال. مطلوب منه أن يشرع في تحويل الحركة المسلحة إلى جسم سياسي قادر على المساومة السياسية وتقديم التنازلات. عليه أن يعي حجم الخراب الوطني الشامل الذي حاق بالوطن. وأنه يتحمّل جزء من هذا الخراب. وسيكلّف السلام _ إن كنا جادين فيه _ أن يقدّم قادة الأحزاب السودانية جردا لحساب السنوات الطويلة من المماحكات السياسية والصراعات التي أضرت بالشعب السوداني. مطلوب أن يمارسوا شفافية عالية في الاعتراف بالأخطاء، وتحمل مسؤولياتهم التاريخية حيال ذلك. ومطلوب أن تختفي من على المسرح السياسي تدريجيا، الشخوص التي ظلت تدير الصراع السوداني منذ الستينات والسبعينات، ليجيء جيل مؤمن فعلا بالسلام والوحدة. هذا جزء من ثمن لابد من دفعه. مطلوب أن تواكب أحزابنا كلها المتغيرات، لتؤسس ثقافة السلام والحب. لا تكريس الصراعات والخلافات التي لا أصل لها ولا جذور بخلاف الكسب الشخصي والسياسي. ليس معقولا أن ترضخ الأطراف السياسية كلها للشروط الأمريكية بتمرير اتفاق ثنائي يحقق بالفعل نتائج طيبة على صعيد وقف الاقتتال. لكنه في المقابل، يؤسس لمبدأ خطير يتجسد في مكافأة طغمة الإنقاذ على كل الجرائم الكبرى التي أرتكبت بحق الشعب السوداني (1978 _ 2003م ) وهي الفترة التي تكالب فيها الإسلاميون على حكم السودان وتوجيهه اقتصاديا وإعلاميا. إذا كان مبدأ المحاسبة قد أسقطته القوى السياسية نتاج ضعفها وقلة حيلتها حيال الأحداث الجارية، فان الثمن الذي سيدفعه الشعب السوداني جراء المكافأة المجزية التي يقدمها الأمريكيون ووسطاء ايقاد للسيد علي عثمان ومشايعيه سيكون باهظا. ولن يتوقف نزيف الدم السوداني، وما الاضطرابات التي تعم دارفور حاليا، إلا مقدمة لمسرحية طويلة اسمها الفوضى. وما بمقدور حكومة تتسم بالفوضى في كل شيء معالجة أزمات وطنية كبرى على هذا النحو. فالظلامات الكبيرة التي أوقعها النظام بالسودانيين غربا وشرقا، جنوبا وشمالا، ستزيد من حدة الاضطرابات. فالأزمة الطاحونة في دارفور تتجه إلى انفلات شامل ومروّع على الصعيد الإنساني، بالابادة الجماعية التي يتعرض لها الناس هناك، خطر المجاعة الذي يتهددهم فضلا عن النزوح الجماعي والإجراءات القمعية الممارسة هناك. على أن هذا لا ينفي اللوم الذي يمكن أن يوجه لرافعي السلاح في دارفور. فالمتضرر الأول من رفع السلاح، ليس الحكومة المحصنة في الخرطوم، بل أهلنا المتضررين أصلا من ظروف مأسوية. وقد عايش رافعو السلاح الحرب في الجنوب، وعاينوا آثارها الوخيمة علي أهلنا في الجنوب. أدت الحرب في جنوب السودان إلى مقتل مليوني نسمة، ولجوء ونزوح ما لا يقل عن ضعفي العدد. ويعلم هؤلاء الكيفية التي تتعامل بها حكومة الخرطوم مع تظاهرة طلابية لا حول لها ولا قوة، ناهيك عن قوات ترفع السلاح في وجهها، الأمر الذي سيوقع خسائر جسيمة في الأرواح، الوطن في غنى عن فقدها. وكان لابد أن يصعّد ثوار دارفور نضالاتهم من خلال السبل كافة التي تضمن سلامة المواطنين وأمنهم. غير أن الواقع الذي خبروه يفيد بأن نظام الإنقاذ لا يصغي ولا يستجيب إلا وقرقعة السلاح تصم أذنيه. والتوقعات كلها تشير إلى أن أزمة دارفور لن تكون الأخيرة. ففي جهات مختلفة يلوح شبح الاقتتال نتيجة إعراض الحكومة عن إعمال لغة الحوار والعقل، وتكالبها على مصالح سياسية واقتصادية آنية، ما يجعل منها حكومة غير مسؤولة على الإطلاق. وستنسحب المسؤولية التاريخية في "تفكيك السودان" و" أفغنته" و"صوملته" على الأحزاب السودانية قاطبة ما لم تتحرك وبفاعلية لإحداث شروط داخلية جديدة تعادل الشروط الأمريكية. وينبغي في ظل هذا الوضع بالغ الحراجة والحساسية أن تتجه التسوية الأساسية في السودان إلى تشكيل حكومة قومية على وجه السرعة علاوة على وقف الاقتتال والتوصل إلى سلام في الجنوب ودار فور ومعالجة المشكلات القومية المتوقع نشوبها. على أحزابنا السياسية وشخصياتنا القومية ومثقفينا إلا يمكثوا في حال الاسترخاء وانتظار ما تصنع واشنطن و"نيفاشا" طويلا، فالجبهة الإسلامية بمختلف مسمياتها لا تتميز بأي قدر من الحكمة والتبصر في مواجهة أزمات مستفحلة كهذه. وسيتعين عليها أن تخوض حربا مدة عشر سنوات أخرى قبل أن تفهم دواعي الجلوس إلى طاولة مفاوضات عادلة مع ثوار دارفور الذين تسميهم اليوم قطاع طرق، لكنهم سيكونون غصة في حلق السلام، وسيضطر لاحقا للتعامل معهم بالكيفية ذاتها التي يتم وفقها التعامل مع العقيد قرنق. وإذا كانت أحزابنا السياسية قد ركنت لردات الفعل في الماضي القريب. فان مؤشرات عدة تدلل إلى أن المشهد السياسي لن يكون كالسابق. وأن "الإنقاذ" مصرّة على تحطيم الوطن تحطيما كاملا. حينئذ، ستكون أحزابنا وسنكون _ جميعا _ شركاء في الجريمة، ما لم تتضافر الجهود الوطنية لتملي إرادتها على الإنقاذ فتذهب غير مأسوف على سنواتها.
يتبع
12-28-2003, 09:49 AM
Abo Amna
Abo Amna
تاريخ التسجيل: 05-01-2002
مجموع المشاركات: 2199
جلست طويلا في انتظار ما يتبع كلمة ( يتبع ) وحينما لم اري شيئا انهار صمودي ... اقول لك ان هذا الحديث لا يمكن الحوار بمجرد تعليق علي الطريقة ( الملاسية ) ولكن يحتاج لقراءة هادئة ... وفي انتظار ما يتبع
مع تحياتي أبو آمنة
12-28-2003, 10:46 AM
خالد عويس
خالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332
صديقي أبوآمنة صباح الخير سيتبع بمقالين آخرين عن الموضوع ذاته وفي الاطار نفسه ... اطار المكافأة التي (قررنا ) فيما يبدو _ الأمريكيون وأحزابنا و... صمتنا ) تقديمها كهدية للسيد علي عثمان محمد طه ومشايعيه كجزاء (عادل) و(منطقي) للجميل العظيم الذي طوقوا به عنق الشعب السوداني
سأواصل عزيزي ..
12-29-2003, 11:01 AM
خالد عويس
خالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332
أنجز الشعب السوداني على مدي التاريخ إنجازات جبّارة، وأسست تجربته لوعي خاص به على الرغم مما يظهر على السطح من تضعضع وخمول، فحقيقة الأمر أن الإشكالات التي يواجهها الشعب السوداني حاليا هي نتاج لتحولات محددة، وتمظهرات لعلل مستوطنة أساسها الحيرة البادية في الإجابة على أسئلة لابد لأية أمة أن تشتغل على الإجابة عليها كي تنهض. ولعلنا تعرّضنا في مقالات سابقة لأزمة الهوية الوطنية، وعزوف الأمة السودانية (وهو التوصيف الأصح عوضا عن شعب ) عن نبش تاريخها العظيم، والتزوّد به في حقل انطلاقها ووثوقها بنفسها. الثابت أن هذه الأمة ليست وليدة حضارة عمرها مئات الأعوام فحسب، فالشواهد كافة تشير إلى أن العمق التاريخي لأمة السودان يتجاوز ثمانية آلاف عام من الحضارة، وعلى الرغم من ذلك المخزون الثقافي الهائل، فانه ما من أمة على وجه الأرض تعرّضت لتغريب عن لحماتها الثقافية الأساسية وأجبرت على التخلي عن تاريخها بمثل ما تعرّضت الأمة السودانية. لست هنا بصدد التوّغل في أزمات الهوية والتاريخ، غير أن الباعث على هذه المقدمة، قناعتي الراسخة بأن الأمم لا تستطيع أن تستشعر قيمتها في الحاضر ما لم يتكثّف إحساسها بوراثتها لماض عظيم وهذا بالضبط ما يعوزه السودانيون لمواجهة التحدي المتعاظم الذى يواجهونه، فالفترة القادمة تمثل رهانا وفرصة مصيرية بالنسبة للأمة السودانية ولا تتوفر فيها خيارات تسمح بحلول مستقاة من غير التاريخ العريق والإحساس بالانتماء لماض حافل بالمنجزات الكبرى، أما وثبة كبري الى الأمام أو انتكاسة كبرى الى الخلف !! سعت حكومة الإنقاذ منذ يومها الأول الى قلب الطاولة السودانية رأسا على عقب، وبذلت جهدها في تأسيس وعي جديد يقوم على تهميش السودان الحقيقي واستنهاض سودان خاصتها، يتشكّل وفق مرئياتها، ويمر في قناة المشروع الحضاري الذي أطلقته كي يستقيم الأمر بحسب مفهومها، ومؤدى ذلك سدّ الذرائع أمام ما تعتبره (ردة الي الخلف) وعملا غير مشروع يعزز حضور المجتمع (البدائي) الذى تسعي الانقاذ لعتقه وخلاصه !! إن أوّل تمظهرات الفعل الفكري الشعوري أو (اللا شعوري) لدي الانقاذ، تمثّل في المفاهيم التي حاولت إشاعتها عن العناصر الزنجية (المسيحية)، والمعني بها جنوب السودان تحديدا توطئة لتكريس شامل ومتكامل للإرث الذى ظلّ سائدا طوال الأربعمائة أو الخمسمائة سنة الأخيرة من عمر أمة يمتد الي ثمانية آلاف سنة. والواقع أن هذا الاتجاه الذى تحوّل الي دموية عنيفة وارهاب فكري متزمت تجاه المسيحيين الجنوبيين والثقافات الإفريقية كان بمثابة إطلاق كل القوي الكامنة المؤيدة لطمر التاريخ الو رائي تحت التراب والعمل على تأسيس (أمة جديدة) محكومة بالاسلام السياسي، وعييّة في فهمها لذاتها، وناكصة عن تاريخها وارثها الثقافي. الثقافة المستلفة التي مارستها الانقاذ وشرعت في تطبيقها، كانت تعزل تدريجيا كل المجاميع الثقافية ذات الجذور الضاربة في عمق التاريخ، مستفيدة من قلة اكتراث السودانيين بالتاريخ والحضارة (المنسية). قامت الانقاذ على خليط من المفاهيم الرأسمالية الاستهلاكية الفجّة والبراغماتية الانتهازية، مضافا اليها جرعات من الهوس الديني والتعصّب الفادح، وجرعات أخري من الأساليب الستالينية في إخماد التململ الشعبي، فضلا عن تمييع الحالة الثقافية والتثاقفية بغية نسف الوعي السوداني وارباك الذاكرة التاريخية الجمعية، علاوة على إطلاق مشروع عالمي يتأسس على تحالفات مع مجاميع سياسية ودينية مشبوهة. وظلت الانقاذ طيلة أربعة عشر عاما، تراهن على الهاء السودانيين وخداعهم، حتى يكتمل ميلاد جنين جديد هو مسخ مشوه للسودان، يمر من خلال رحم أجيال جديدة متخبطة، وقليلة الوعي بإرثها الحضاري، وشديدة الافتتان بنموذج الانقاذ !! إن أسوأ ما في سنوات الانقاذ، سماحها بتمدد نموذج للتدين، ينسخ نموذج الاعتدال والسلام الاجتماعي السائد، ويستعلي على الجذر الصوفي في الشخصية السودانية المستمد من عمق التاريخ. استبطن هذا النموذج كل عثرات وعلل المدارس الإسلامية المتشددة والموغلة في رعونتها و(ميكيافيليتها ). تلك التي لم تجد سبيلا الي التربة السودانية قط الا بظهور نموذج الإسلام السياسي السوداني الذى مثّل أسوأ نماذج الإسلام السياسي على امتداد العالم الإسلامي، بل وزاد على ذلك بخلطه تلك المفاهيم مع المفاهيم الماضوية المتشنجة مستلفا منها أقصي حالات قطيعتها مع العصر، ومجافاتها لطبيعة التمدن وغلظتها المنفرة، وبداوة تفكيرها وميلها لردع الخصوم بشتى السبل وفي مقدمتها التكفير وقتل المخالفين في الرأي، على شاكلة إطلاق الانقاذ يد (الخليفي) وجماعته ليذبحوا المسلمين في مساجد الله، كأول حادثة من هذا النوع في مجتمع مسالم ومعتدل في تدينه، وهى الي ذلك جمعت المثال الأمريكي في الحياة العامة، وعلى نحو أدق في الاقتصاد، لكن ليس على طريقة (دعه يعمل دعه يمر) وانما بطريقة ( دعه ينهب دعه يمر)، وجوّزت لاتباعها وأزلامها استغلال الدين الحنيف لارتكاب كل الموبقات السياسية والجرائم ضد الإنسان السوداني، وأضحت الانقاذ بمرور الوقت مكرّسة لظواهر تكاد تنخر نسيج السلام الاجتماعي في السودان، بعد أن نهشت تماما عظم الاقتصاد الوطني ولم تبق على لحمه، فليس ثمة إنتاج واضح يبرر الطفرات العمرانية والرفاهية التي أغدقتها الانقاذ على مشايعين لا يلزم الواحد منهم الا (روحة) لأطراف جنوب السودان (مجاهدا) حتى ينقلب الي خرطوم (الانقاذ) باحثا عن حصته في المزادات السرية لهياكل الاقتصاد ودعاماته، ومستكشفا آفاق الصفقات المشبوهة ورخص الاستيراد والمنظمات الهلامية التي تحكّمت في السوق السوداني من وراء ستار (الشهيد) و( الزكاة) وغيرها من المنظمات التي توسلت الدين لتخفي هرولة (أجهزة الأمن ) باتجاه الثروة. فالمعلوم، أن معظم تلك المنظمات مملوكة للأجهزة القمعية !! كرّست الانقاذ لمفهوم جديد في التدين، فالدين كله بعدله وسماحته ويده التي لا تعرف كيف أنفقت الأخرى، وحرماته، مختزل لدي الانقاذ في بضعة شعارات وتمظهرات فارغة لا تخفي الا بؤس التدين وغلظته وبعده عن المثال الأول الذى عاد اليهودي وصافح المسيحي وحقن دم المسلم وفهم تماما ( ولو كنت فظا غليظ القلب لأنفضوا من حولك ) وعلّم أتباعه عليهم رضوان الله كيف يكون الإنصاف والعدل ( والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها ). شوّهت الانقاذ التدين، وأحالته الي نوع كريه من التملق والزيف والنفاق، في عهد سرق اللقمة من فم الضعيف بل ولجّ في عدوانه بقطع يده الممدودة الي لقمة العيش، ووضعها في فم المحسوبين والحلاقيم المهيأة لهتافات لا تدرك معناها. تلك الأفواه التي أضحت أفواه نعمة كبيرة في غضون سنوات الانقاذ فحسب وبشكل فجائي لا يدعو أبدا للعجب في ظل حكومة يرقد متنفذوها على ثروات ضخمة في بنوك ماليزيا وسويسرا، وتدور في دورات مشبوهة في بنوك السودان وشركات وهمية لا يعرف أبدا في أي منشط اقتصادي وإنتاجي تعمل !! هؤلاء على عكس الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام الذين عاشوا شظف العيش، واشتغلوا في رعي الأغنام والعمل لدي الآخرين، وعفّ لسانهم عن الفحش في القول، وسمت معاملاتهم في كلّ أوجه الحياة عن تلك التي تزاود بها الانقاذ. إن الدولة الإسلامية الحقّة بمفهومها الزمني التاريخاني هي النموذج الأكمل في هذا العالم على الاعتدال، والعفة، والسعي وراء الحلال، هي المثال على (اذهبوا فأنتم الطلقاء) لا أجهزة الأمن المطلقة يدها ضد كل السودانيين، ولا أدوات القمع والتعذيب. أليس مخجلا أن تتصدي جهات غير إسلامية في مجال حقوق الإنسان لحكومة تدعي أنها إسلامية، ثم يعترف وزير خارجيتها بأن ملف حقوق الإنسان في السودان قد تحسّن في السنوات الأخيرة ؟! أليس هذا وحده دليلا دامغا على سقوط هذا النموذج إسلاميا وتشويهه للنموذج الإسلامي ؟! أليس عارا على هؤلاء أن تضحي (دولة الإسلام) محل شبهة لدي المنظمات الغربية، فتحاسبها حسابا عسيرا على سجلات الخزي التي صنعتها أيدي (الإسلاميين ) !! قبل أن يسطو نائب رئيس الجمهورية على ملف السلام، ليستحيل في نظر البعض حمامة من حماماته، كان يردد أن الانقاذ (لن تتنازل عن ثوابتها أبدا ) ويزيد بأنها مستعدة للدفاع عن ثوابتها في حال عدم التوصل لسلام ؟! عن أي ثوابت كان يتحدث السيد علي عثمان محمد طه وهو يحسب السودان حديقة خلفية مملوكة له، أهي ثوابت الانقاذ في ما يتعلق بالنهب والسلب والتعذيب، أم ثوابت الشعارات الإسلامية التي لا تخفي الا الإجرام والنفاق !! هل سأل نائب الرئيس من الذى أجتمع في (سقيفة بني ساعدة) ليخوّله نفخ أوداجه والتحدث وكأنه الخليفة (أبوبكر الصديق) رضي الله عنه ؟! ألم يسأل علي عثمان نفسه عن عمليات القتل التي تمت في عهده، وعمليات التعذيب والسجن التي اعترف بها رئيسه ؟! ألم يسأل علي عثمان نفسه لماذا تعيش (رعيته) فقرا مدقعا، ويتنعم مشايعوه في رفاهية وبحبوحة من العيش ما كانوا لينالوها ما لم ( يتم التمكين) ؟! توجهت للسيد علي عثمان بسؤال في 1999م في جامعة الخرطوم عن مصير قضية الشهيد محمد عبدالسلام، وهى قضية سياسية في المقام الأول، فتهرب من الإجابة وقتها، ولا زال يتهرب الي الآن وسألّح في السؤال وسأشهد عليه وعلى جماعته بأنهم كافأوا القتلة بإسناد مناصب عليا لهم !! هذا (العلي عثمان) _ ويا للعجب يحمل اسم صحابيين جليلين _ الذى كان يتاجر الى وقت قريب جدا بقضية الشريعة الإسلامية، يتغافل عن كونها أمضي الأدوات العدلية كافة، وأنها لا تختزل في مجرد شعارات فهل طبّق خريج القانون هذا شرع الله على جماعته من اللصوص الكبار قبل أن يزاود عليه في قضية سياسية مئة بالمئة، هل أقتص رجل العدل السياسي هذا لشهداء معسكر العيلفون ؟! هل سأل نفسه عن مصدر ثروات المقربين والمتنفذين ، بل ووزير (...) الذي يبني الآن قصرين فاخرين في ضاحية جاردن سيتي ؟! هل سأل مؤيديه عما كان يجري في جنوب الوطن من مجازر وحشية يقشعر لها البدن، والرسول صلي الله عليه وسلم كان يأمر أصحابه وهم يتهيأون للخروج غازين بألا يتعرضوا لنخلة بالقطع ناهيك عن دماء الأطفال ؟! هل يقبل علي عثمان الآن أن يجلس الي القاضي على (التراب) في مواجهة يهودي كاذب كما فعل أبو تراب الإمام علي كرّم الله وجه وأرضاه ؟! هل كان الإمام علي ليقبل بأن تكون في دولته أجهزة بوليسية تستقي سياساتها الوحشية وأساليبها في التعذيب من النماذج الروسية في عهد ستالين، والنماذج العراقية في عهد صدام، والإرعاب والتشنيع بالخصوم من كل أنظمة القهر في العالم ؟! هل سأل علي عثمان نفسه عن الشريعة التي يتاجر بها، ويؤلب الجموع باسمها، هل طبقتها حكومته يوما واحدا على نفسها أم هيأت للمفسد منصبا أرفع، وغضت الطرف عن السارق حين يكون مواليا، وأسندت مشايعيها بالمال المسروق من أفواه الجائعين ؟! ألا يخجل علي عثمان مرة واحدة من حمله اسم الإمام علي الذى كان مثالا في الزهد والعدل والرحمة ؟! وهل يتوقع أن يكتب اسمه واسم رئيسه في ثلة الحكام الإسلاميين على مر التاريخ الي جانب الخلفاء الراشدين وعمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه، أم سينصف التاريخ هؤلاء كما أنصفهم دائما ليضيف حكام الانقاذ للسجل الأسود للحكام المسلمين على شاكلة يزيد والحجاج و(حسن الصباح) ؟! إن السيد نائب الرئيس بالذات يراهن على مكافأة الشعب له إنجازه السلام بتمكينه من سدة الرئاسة دفعة واحدة أثناء _ أو بعد _ الفترة الانتقالية المنتظرة، ويهيئ نفسه لفترة حكم أكثر حلكة بالاستيلاء على السلطة _ وفق انتخابات يلعب فيها نفوذ دولته والمال العام دورا رئيسا _ والانفراد بها، ويراهن على امتصاص الغضب الأمريكي بالالتفاف (شعبيا) على المعوّقات التي تعترض طريقه الي الحكم منفردا. وسيكرر نائب الرئيس السوداني سيناريو شيخه (د. حسن الترابي) في أعقاب انتفاضة ابريل 1985م ضد الطاغية جعفر نميري، حين قفز الى واجهة الأحداث مرة أخرى وهو السادن الكبير لنظام مايو، من دون أن يتعرض لأدنى محاكمة، ومن دون أن تتحرش به الذاكرة السودانية الخربة. ويتهيأ الآن السيد علي عثمان للعب الدور نفسه، بل وتكريس سلطته السياسية والاقتصادية و(الجهوية) لعشر سنوات قادمة على الأقل. وتبدو أحزابنا السياسية فاقدة تماما للياقة الذهنية المطلوبة، والشعب نفسه في حال ترنح وانهيار. بعد أن أرتكب رئيس حزب الأمة خطأ رهيبا بذهابه الى جيبوتي ظانا الحسنى بنظام لا يؤمن، ذهب رئيس التجمع الديمقراطي قبل أسبوعين في مدينة جدة الاتجاه ذاته ليقع في نفس خطأ الصادق المهدي. وفي المقابل، فان العقيد قرنق يبدو مشغولا تماما ومهموما بقسمة السلطة والثروة، أما قضايا (التحوّل الديمقراطي) و(تفكيك النظام ) فيأتي في ذيلية الاهتمامات.
يتبع
12-29-2003, 11:03 AM
خالد عويس
خالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332
إن ما يحز في النفس فعلا، كون الإسلام بكل رحمته وعدله وتسامحه وروحه الإنسانية الفائقة أضحى مختزلا لدي هؤلاء في مجرد شعارات ظلوا يلوكونها منذ عشرات السنوات، وصار الي أداة يتم باسمها قمع المخالفين في الرأي، والتلويح بها في مجال الإرهاب الفكري والاتجار السياسي الرخيص !! أضحت شعارات الانقاذ الإسلامية مفضوحة لدي السودانيين بأنها مصاحف محمولة على أسنة الرماح الصدئة، لإخفاء الأطماع، والتستر على جرائم ظلت ترتكب منذ اليوم الأول للإنقاذ. أدمنت حكومة الانقاذ في السودان الكذب تحت وهم كبير مفاده أن السودانيين بطبعهم سريعو الانخداع والانسياق لأي مشروع ديني حتى لو كان شعاراتيا بحتا لا يستبطن ذرة من المفاهيم الإسلامية في مجال العمل العام. ويصّر سياسيو الانقاذ على تكرار الانتهازية و الأخطاء الفادحة التى قادها إليهم الشيخ المطاح به د. حسن الترابي طوال تاريخ حركة الإسلام السياسي في السودان، وشتان ما بين المثالين. الأول الذى سبق الانقاذ بزوبعة إعلامية وسياسية واقتصادية أربكت المشهد السياسي السوداني بكامله، وقادته الي درب مظلم بإصرار الإسلاميين الحركيين على التنطع بمشروع سياسي فخيم وغاية في الأخلاق الرفيعة، وهو مشروع مثّل قدرا من أشواق مجموعات من السودانيين لمشروع إسلامي بالفعل، لكن الهوة كانت فادحة ومرعبة بعد أن تسلّم الإسلاميون الحركيون السلطة في السودان، بين ما أشاعوه بين الناس عن قدرتهم على تطبيق نموذج كامل ومثال نموذجي للدولة الإسلامية في السودان، وبين الدولة التي قامت. وبطبيعة الحال كان سقوط هذا النموذج محصلة طبيعية للمناخات المرعبة التي أعقبت استيلاءهم بقوة السلاح على السلطة وتكريس ظاهرة جديدة في حقل السياسة السودانية هي دولة الحزب الواحد البوليسية المهيمنة بواسطة حزبها الأوحد على مفاتح الاقتصاد ومفاصله، والأمن، والإعلام، والثقافة. تحوّل الهتاف الإسلامي في الثمانينات من شعار للمزاودة السياسية بهدف تقويض الديمقراطية بدعوى الأشواق الي دولة إسلامية، الي هتاف يدافع عن الدولة البوليسية وينظّر لها، فللمرة الأولي ربما في التاريخ أضحي التنظير السياسي والفكري متفرعا عن الهتاف من دون إعادة النظر لحظة واحدة في الإخفاقات الكبيرة التي لم تنسحب فقط على المشروع السياسي للزمرة الحاكمة، وانما انسحب كذلك على الإسلام نفسه كدين محفوظ. فالواقع هو أن وضع الدين نفسه وقدسيته في سودان الانقاذ أضحي محل مزاودة سياسية، وموضع سخرية مريرة تحزّ في النفس من شعارات إسلامية بعيدة عن معانيها، وهذه هي أكثر جرائم الانقاذ وحشية ضد أقدس ما في حياتنا، فشعار (الله أكبر) الذى أضحي علامة على الإنقاذيين طيلة أربعة عشر عاما، ترسّخ بصورة مشوّهة في الأذهان كمرادف للتضليل عن الأهداف الانتهازية الموغلة في انتهازيتها، وشعار آخر ( هي لله هي لله... لا للسلطة ولا للجاه ) تكرّس في اتجاه مخالف تماما، ما يدعو فعلا لانتفاضة دينية فكرية حقيقية في السودان تنقي الدين الإسلامي الحنيف من هذا العبث المتواصل. أما الشريعة الإسلامية التي يتاجرون بها منذ ثلاثين سنة أو تزيد، توضّح بما لا يدع مجالا لأي شك أنها مطيّة لأهواء مريضة، ورغبات سياسية ذرائعية تتذرع بشرع الله، وتهدف الي غيره تماما، فعدل الشريعة لم يكن حاضرا حين تدلت أعناق الشهداء في رمضان 1990م، وكان غائبا حين قتلت أجهزة الأمن عشرات السودانيين في المعتقلات والجامعات وحين أرتكبت مجازر فظيعة في جنوب البلاد وتغيب الآن عن مشهد (دارفور) المتأزم والمجازر الجماعية التي ترتكب بتشجيع من الحكومة والمنشقين عنها، وكان عدلها مغيبا حين أعدم شبان سودانيون بدعوى حيازتهم عملات أجنبية، وكانت مساواتها مغيّبة حين شرّد معظم العاملين في الخدمتين المدنية والعسكرية لأنهم من غير الموالين، وكانت رحمتها غائبة بالكامل حين خصصت جل ميزانية الدولة لجهة الأجهزة القمعية المكممة للأفواه والكاشفة ظهور الناس للقصاص لمجرد أنهم مناوئين للإنقاذ، وحين أطلقت يدها المدمّاة في وجه الشرفاء وأصحاب الضمائر، وطمر عدلها في التراب حين تمّ تزوير الانتخابات، وأضحت خزينة الدولة نهبا لكل شذاذ الآفاق الذين أسندوا (المشروع الحضاري) ثم أصطفوا لجني فوائدهم من الإسناد على حساب الشعب !! كانت الشريعة الإسلامية قميص عثمان في يد الإسلاميين في حين أن قتلته هم أنفسهم، فما من جماعة تشدقت بالشريعة الإسلامية، وبالدين الإسلامي ثم أشبعتهما مزايدات فارغة واستغلالا بمثل ما فعل هؤلاء !! رحم الله أبابكر الصديق رضي الله عنه، فلو رأي ما يفعل اليوم باسم الدين، والثراء الفاحش بالتأسيس على اسمه والمتاجرة به لبعث خالدا بن الوليد من أجل التأديب والتقويم !! رحم الله عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فلو أبصر هؤلاء لأمر بكشف ظهورهم ليلقوا القصاص من قبل الشعب السوداني كما فعل مع عمرو بن العاص إبان حكمه مصر !! رحم الله عثمان بن عفان رضي الله عنه، فلو حضر زمانهم لأنكر واستنكر التعذيب والاعتقال باسم الدين !! رحم الله الإمام علي كرم الله وجهه، نصير الفقراء والبائت على الجوع من أجل مسكين ويتيم وأسير، فلو أبصر التخمة والدعة على المتاجرين باسم الدين لقال فيهم واحدة من خطب التاريخ، ولأضحت خطبته برنامجا سياسيا راشدا من أجل العدل والرحمة والتوادد والتسامح في وجه ما يفعله هؤلاء حاليا !! رحم الله عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه، فلو حضر زمانهم لأمر برد أموالهم الى بيت مال المسلمين مسائلا إياهم ألئن جلسوا في بيوتهم أكانوا سيحصلون على هذه الثروات الضخمة ؟! إن رحمة الإسلام وإنصافه وتسامحه تتسامي كثيرا جدا عن ممارسات هؤلاء باسم الإسلام، وسيصار الي مأزق ديني فادح في السودان ما لم يعمل الشعب السوداني جاهدا لفرز الخطاب الديني الحقيقي المتسامح المملوء بالقيّم الإنسانية الرفيعة عن خطابات هؤلاء وتهريجهم باسم الدين. ولابد أن يحاسب هؤلاء حسابا عسيرا على ما أرتكب باسم الدين والدين منه براء قبل أن يحاسب سياسيا من خلال صناديق الاقتراع. ينسي السيد علي عثمان أن الوحشية التي أصطبغ بها حكم الانقاذ، والدموية، والقسوة البالغة التي مهرت بها الأعوام العجاف، والتقشّف الذى عاشه الشعب السوداني مع استثناء الزمرة الحاكمة، وأنواع وألوان الفساد الذى استشرى في كل ركن من أركان الوطن، كان محصلة طبيعية لهيمنة الحزب الواحد وتطبيقه لرؤى مجافية لروح الإسلام، وكان نتيجة للسلطة المطلقة سياسيا واقتصاديا وثقافيا التي وضعت في يد المشايعين حتى أضحي إنجاز معاملة تافهة في دواوين الدولة تستدعي وساطة حزبية فأي دولة إسلام هذه ؟ تفرّغ الانقاذيون طيلة سنوات حكمه لتلقيننا هذه الثوابت المزعومة، في حين أن ثوابت الأمة الحقيقية أخذت تنهار تحت وطأة النفاق والكذب والدجل الرخيص باسم الدين. والمؤسف حقا أن الصياغة التي أستهدف بها الشعب السوداني، طاولت مئات الآلاف إن لم يكن ملايين أضحوا _ على الرغم من عدم انتمائهم للإنقاذ _ في ممارستهم ومعاملاتهم وأخلاقهم أسوأ وأضل من منتسبي الانقاذ ولصوصها. فالأخلاق (هناك) تمر في حال حرجة. والمصطلحات تلبسّت معان أخرى وصياغات جديدة. ويطمح السيد علي عثمان ومشايعوه في المتاجرة بالسلام والمزاودة عليه بعد أن أشبعت المباديء الإسلامية (نهبا) و( تزويرا ). لا أعرف كيف سيصنع (صناع الحرب) و(دعاتها) سلاما ؟! ، ولا أفهم كيف أنقلب نائب الرئيس من موقف متصلب تجاه (واشنطن) مثلا الى موقف متوّسل ليحذف من قاموسه فجأة (الدولة الإسلامية) ويحل محلها قاموس جديد لـ ( السلام). كيف يتسنى لهذا الرجل أن يتلوّن كل يوم بلون ليطابق حذو النعل بالنعل تاريخ شيخه في التبدّل والتحوّل. لكن الأسئلة المهمة تبقى، هل نحن شعب بلا ذاكرة ولا إرادة. هل سيستغفلنا الإسلاميون مرة أخرى بعد أن تبدلت القيادة فانتقلت من (الشيخ حسن) الى (الشيخ علي). هل صدقت نوايا علي عثمان فعلا بشأن السلام لنسلمه _ بهذه البساطة _ عنق السودان، مهيأة للذبح، ليبشر بعض المثقفين الانتهازيين الذين خبرناهم طويلا وأتلفوا أعصابنا، بأن علي عثمان (دخري الحوبة ) و(رجل المرحلة ) في حين أن (مرحلة الرجل ) قد انتهت ؟! أصرخ: هل يصدّق الشعب السوداني هذه الأكاذيب، ولا زالت فتاوى القمع وإغلاق المنابر رائجة. وما زال الحريق مشتعلا في دارفور و(علي عثمان) يوزع الاتهامات شرقا وغربا. ولا زال جهاز الأمن يمد يديه بكل مكان. وينأى عن التفكيك. كيف سيصنع السلام والثروة كلها في يد (علي عثمان) ومشايعيه، وبأيديهم أجهزة الأمن التي لو تم تفكيكها فستظل مستأثرة بأسلحة سرية وخطط جهنمية ؟! هل من سبب وحيد يدعوكم للتفاؤل بهذا القدر قرائي الأعزاء ؟
ملحوظة : المقالات تنشر في (ايلاف ) اللندنية الالكترونية بدء من اليوم
ستكون مداخلتي في المحاور الثلاث الأساسية لهذا المقال .. ومحورين اضافيين اعتقد انه من الأهمية بمكان لتوضيح مفهوم ظل سائد في داخل البورد منذ انتماءك له واعتقد انه يؤثر علي الحوار وعلي تطويره نوعا ما في اتجاه غير مرغوب فيه ...
اولا: خالد عويس وسلطة الخطاب(البوردي) ثانيا : الحركة الشعبية لتحرير السودان ثالثا : السلام والحرب رابعا: الشخصية المحورية في كتابات خالد عويس ( سماسرة السلام نموذجا ) رابعا : المرجعية
اولاً
خالد عويس وسلطة الخطاب(البوردي)
يمكن حقا اعتبارها ( مؤامرة ضد الجماهير ) ان يتم تأسيس سلطة في داخل البورد من خلال (خالد = الكاتب والصحفي والمفكر) ومن جهة اخري ( خالد = الذي يتمتع بعلاقات واسعة ويعتبر نموذجا للنجاح والصداقة ) .... هذه السلطة يتم من خلالها تمرير كثير من الكتابات الابداعية ( Creative writing ) والمقالات الصحفية والروائية ( داخل البورد ) دون مناقشتها برغم ماتحتويه من نقاط لا يمكن تمريرها بسهولة ولكن هذه السلطة ( غير المرغوب في تأثيرها علي الحوار ) تسمح بتمريرها اضافة الي ان السلطة نفسها تلقي بظلالها علي المقال مما يجعله مراوغا في بعض الأحيان ليس من اجل المراوغة ولكن السلطة في بعض الأحيان تقود الكتابة وتفرض علي خالد هذه المراوغة حتي لا يصطدم بنقاطها الحدودية ... ويجعل خطابه يسير محايدا لكل الظلال الفكرية والسياسية ....
كان هذه المدخل مهما جدا لفهم كيف تم تمرير هذا المقال دون مناقشة في داخل البورد برغم توفر الوقت الكافي لقراءة الكثير من المواضيع التي لا تعتبر اكثر اهمية من ( سماسرة السلام في السودان ) برغم وجود عدد من النقاط التي يجب التوقف عندها .... والتي لا تؤثر علي هذا المقال فقط ولكنها تتكرر في اكثر من مقال لانه تم تمريرها من خلال هذه السلطة ... ومفهوم التمرير هنا يقصد به ان الجماهير التي تقع تحت طائلة هذه السلطة لا تستطيع الانفلات من حدودها ... وبالتالي فان تمرير النقاط يؤدي الي تكرارها في معظم الكتابات ... ولا اعتقد انها في مصلحة الحوار ومصلحة تطوير ( خالد النموذج الذي نسعي الي تقديمه عالميا) ... وكلمة نسعي ترجع في المقام الأول لنا نحن جيل ( التضحيات ) ... فما سيواجهه خالد النموذج السوداني في مسيرة العمل الصحفي والسياسي والفكري عالميا سيكون اكثر ذكاءا وأكثر مراوغة واكثر مقدرة علي الحوار لانه سيكون خطاب مغاير لن تتداخل فيه سلطة الخطاب البوردي مع سلطة الحلم السوداني بالانتشار عالميا وسلطة اخي وابن عمي ...علي الغريب. ولأننا نحتاج الي نموذج اكثر تطورا يجب ان ندفع به الي الأمام بواسطة تحريره من هذه القيود ( سلطة البورد ) التي تم تكبيله وتكبيلنا بها ومنعتنا من ادارة حوارات في غاية الأهمية .. من اجل تطوير الذات والاخر
خالد المنتمي وخالد اللامنتمي ... تمثل جوهر هذه السلطة ... فخالد ينتمي الي جنس الصحافة والي جنس الكتابة الروائية والابداعية وخالد السياسي وخالد الصديق تجعل من الصعب التعامل مع خالد عويس من جهة محددة مما يتيح له مساحة وحرية كبيرة للحركة ولكني سوف احاول هنا بكل ما اوتيت من قوة التعامل مع خالد المنتمي واللا منتمي في آن معا حتي لا تكون هنالك اية مساحات يختص بها وحده تتيح له حرية اكبر في الحركة.... وتمنيت ان امتلك في هذه اللحظة كل رواياته ومقالاته الصحفية لتكون المرجعية الأساسية في حواري مع خالد اللامنتمي ... ولكن ذلك لا يوقف الحوار ومحاولة الاستفادة مما هو متوفر ...
هذه السلطة تمثل قناعا في داخل البورد سرعان ما يسقط هذا القناع بمجرد (Internet disconnection) او (Bandwidth Overload) او ( Happy New Year an Maintenance) ليجد انه امام نقاد لا يرحمون ومحاورين أكثر براعة .... وهذا القناع يحجبنا من رؤية خالد ويحجبه من رؤيتنا فلنضعه جانبا أولا ثم نعيده بعد ذلك الي موضعه حينما ننتهي من الحوار ..
ساحاول بقدر الامكان تجريده من هذه السلطة وادارة حوار مع خالد ( الذي اريده ... عاريا كما ولدته جامعة الخرطوم مجردا من اية سلطة تم تكريسها بتراكمات البورد ) وليس خالد الموجود بالبورد ... وفي الحقيقة احاول منذ فترة ليست بالقصيرة محاولات مستميته ان اجد الوقت والمصدر الكافي لقراءة رواياته بصورة جيدة ومحاولة ادارة حوار حولها وافشل كل يوم في الحصول عليها مرة وافشل مرة اخري في ايجاد الوقت الكافي للبحث عنها ولن استسلم ابدا من المحاولات المستميتة... وسوف اسعي الي ذلك بكل ما امتلك .... ولكني اعتقد ان هذه الفرصة لا يمكن تفويتها لبدء الحوار ... ولنواصله متي ما كانت هنالك مساحات متاحة ... اقول في نهاية هذا المحور ان خالد يستحق اكثر من النجاح الذي حققه ( دون تملق ) لأنه سعي الي ذلك واجتهد بكل ما أوتي من مقدرات وعلاقات اجتهد في بناءها والحفاظ عليها ولكن كل ذلك لا نريد له ان يكون حجابا بيننا وبينه ...
اضافة أخيرة فان الحوار الذي سيحظي به خالد عويس هنا لا يتوفر عبر الصحف باعتبار انه هنا امام حوار (Live) الي درجة ما يجعل حرية الحركة مقيدة بالوقت ...
والمقصد الأخير الا يصاب خالد ب ( الكسل الكتابي ) تجاه ما يكتبه في البورد باعتبار اننا سنأخذه مسلمات مهما كان ما يكتبه وليعرف اننا بالبورد ليس اقل ترصدا له ولكتاباته من هؤلاء النقاد ( المحترفين ) ... وليمحص وليراجع كل ما يكتبه قبل نشره بالبورد تمهيدا لنشره جماهيريا ...
( في الحقيقة حاولت جاهدا ألا اخضع لهذه السلطة في داخل البورد ولا ادري ان استطعت ذلك ام لا فهذه السلطة التي احاول الخروج منها ليست بهذه السهولة ... انها قيد محكم نسجت خيوطه من الحرير والحديد معا ولا ادري ما هي المادة النهائية ولكنها ليست بالسهولة التي يتم يمكن ان تجعل تفكيكها يتم بمجرد كلمات واحذر خالد من محاولة تشديد هذا القيد )
واعتقد انه آن الاوان لبدء الحوار
يتبع
12-30-2003, 11:13 AM
خالد عويس
خالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332
فلنبدأ الحوار يا عزيزي اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية . هذا ما أحاول تكريسه دائما وأبدا . أنا معك تماما ، لابد من الفصل بين صداقاتنا وعلاقاتنا الاجتماعية وبين اختلافاتنا الفكرية والسياسية والثقافية . جميل جدا جدا أن تذهب في هذا الاتجاه وتحاورني بعيدا عن كوني صحفي وسياسي وروائي ، خالد فقط ... كرقم من دون هوية يكتب في البورد . من دون انتماء . من دون أية ظلال أخرى . أنتظر افاداتك التي أتوقع أن تكون في غاية الافادة
12-30-2003, 11:20 AM
خالد عويس
خالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332
Quote: لست مفرطا في التشاؤم، لكني لا أستطيع الزعم بأنني متفائل.
فالحركة الشعبية من جانبها لم تطرح حتى الآن ما يؤكد قدرتها على التعايش في " جنوب السودان" خصوصا وفي خضم الحياة السياسية السودانية "في الداخل " بشكل عام. وستكون تقديرات قادة الحركة مثيرة للشفقة إذا زعموا بأنهم قادرون على تحويل حركتهم المسلحة، المقاتلة طيلة عشرين عاما إلى جسم سياسي مرن وقابل للتنازلات السياسية التي تفرضها المعادلات السودانية. وسيكون نوعا من التخدير، زعمهم بقدرتهم على امتصاص شحنات الغضب الهائلة المتولّدة عن سنوات طويلة من القهر والظلم الذي مورس على الجنوبيين ما لم تكن هناك خطط واضحة وشفافة لتمكين مقاتلي الحركة من تجاوز ذهنية "الانتصار" و"الانتقام"،
Quote: إن المطلوب من العقيد قرنق نفسه أن يقرن ثقافته الثورية بالأفعال. مطلوب منه أن يشرع في تحويل الحركة المسلحة إلى جسم سياسي قادر على المساومة السياسية وتقديم التنازلات.
برغم ادعائنا جميعا باننا استوعبنا الدرس جيدا وبرغم ادعائنا علي فهم طبيعة الخلاف الدائر في السودان وبرغم كل الحوارات التي ادرناها في الجامعة عن الهوية والاختلاف والثقافات المتعددة وتصعيدنا لمسالة الدولة القومية وحق المواطنة الا اننا لا زلنا في طور الفهم البسيط ولم يتم حقا ترجمة هذه المفاهيم الي سلوك عملي وهذا الأمر يظهر في كل منحني ومنعطف نمر به ... وانا شخصيا مررت بأكثر من تجربة مشابهة جعلتني اتوقف عندها كثيرا كيف ان المفاهيم التي نتحدث عنها لا يتم تحويلها الي سلوك تلقلئي ... واذكر حواري مع الدكتور ابكر ادم اسماعيل واعتقد ان له فيها رأيا ... اتمني ان نسمعه مرة اخري ...
ليست هذه هي المرة الأولي التي اقرا او اسمع تعليقا مشابه عن وصف ( للحركة الشعبية لتحرير السودان ) ومقدراتها بل واعتقد انني في فترة ما بدأت اتبني ذات المفهوم حتي توقفت وطرحت علي نفسي الاسئلة مرة أخري ولم تكن ايضا المرة الاولي التي افكر فيها في الحركة الشعبية وطرح السودان الجديد ... وما وصلت اليه الحركة وما أ نجزته وما اخفقت فيه .... واعتقد انني لا احتاج الي الكثير لاوضح ان الحركة الشعبية اصبحت في الفترة الاخيرة رقما صعبا لا يمكن تجاوزه ...
ان مثل هذا الحديث الذي سقته هنا لتبرير عدم تفاؤلك بقولك ان تقديرات قادة الحركة مثيرة للشفقة إذا زعموا بأنهم قادرون على تحويل حركتهم المسلحة، المقاتلة طيلة عشرين عاما إلى جسم سياسي مرن وقابل للتنازلات السياسية التي تفرضها المعادلات السودانية ... لهو حديث لا يخلو من استعلاء فمثل هذا الحديث صدر منذ ان كانت الحركة الشعبية مجرد ( متمردين دخلوا الغابة ) ... او ( اختلاف في مسالة جمع السلاح في الاستقلال ) ... لنري الان الحركة الشعبية هي الفارس الأوحد في الساحة السياسية وجميع الاحزاب ( الكبيرة ) تخطب ودها وتتملقها .... فخلال السبع و الاربعون عاما الماضية حققت الحركة الشعبية تقدما ملحوظا علي مستوي تركيبتها ومفاهيمها وقضاياها المحورية ... وظهرت مقدرتها علي الصمود وتطوير دفاعاتها واليات عملها لتصبح الان وفي هذه المرحلة بالتحديد اكثر الاجسام السياسية اثارة للجدل وجذبا للكثير من المثقفين السودانيين ... بل وهدفا استراتيجيا لكل تحالفات التنظيمات السياسية ... والقسمة الأخيرة للسلطة والثرة جعلت منها الرابح الأوحد ( ماديا ) في سباق التسلح بالسلطة والمال ... اذ خسرت الجبهة الاسلامية نصف رصيدها لصالح الحركة وتم استبعاد البقية من المفاوضات الدائرة وحتي في لحظة حضورهم كان امرا شكليا لاتمام ( البيعة او الصفقة كشهود علي الجريمة التي ترتكبها جميع الاطراف في حق الوطن وشهدائنا بمباركتهم المكافأة التي تم تقديمها للجبهة الاسلامية ... ما الذي حدث داخل تنظيماتنا السياسية والاحزاب ( الكبيرة ) خلال هذه السبع واربعون عاما ... لا انكر حقا حجم التغيرات الايجابية التي حدثت في داخل التنظيمات السياسية ومدي الوعي الذي بدا تتتمتع به ... ولكن مقارنة بالتطور الهائل للحركة الشعبية اعتقد ان التغييرات داخل احزابنا تتضائل ... شيئا فشيئا ... فما زالت البيوتات الكبيرة مهيمنة ومسيطرة علي قيادات الاحزاب الطائفية حتي وان بدا ان هنالك مساحة اكثر حرية واكثر ديمقراطية فيها الا ان خطواتها تجاه التطور لا تزال بطيئة ... واذا ما تساءلنا عما فعلته الحركة الشعبية باربعين اوخمسين او فلنقل الف متمرد دخلوا الغابة في ظرف السبع واربعون عاما الماضية ( باعتبار كل التمرد الذي حصل في الجنوب هو امتداد طبيعي للحركة الشعبية – تجاوزا للدخول في تفاصيل لا تغير شيئا من محصلة الحوار ) ... جاز لنا ان نتساءل بنفس المقدار اذا افترضنا افتراضا غير دقيق ( لانني لا املك احصائيات علمية ) بان حزب الامةيضم قرابة الست ملايين والاتحادي ما يقارب 4 ملايين اضافة الي الحزب الشيوعي وبقية الاحزاب في التجمع الوطني الديمقراطي طوال فترة حكم الجبهة الاسلامية .... ماذا فعلت هذه الملايين من الحزبيين والمنتمين تحت راية هذه الاحزاب ... انا حقا لا انكر علي الاطلاق الدور الكبير الذي لعبته الاحزاب السياسية والتجمع في صمودها ونضالها ضد الجبهة الاسلامية وليس هذا ما يعنيني هنا ولا اتحدث عما قدمته علي مستوي النضال ولكني اتحدث عما انجزته في داخل الاحزاب وما وصلت اليه ك ( تجمع معارض ) ... اليس هو الانقسامات الي احزاب توالي ... واجنحة ثم اخيرا موقف المتفرجين وتوقيع المواثيق الحالي ... اقول حتي هذه المحصلة التي وصلت اليها الحركة الشعبية غير مؤكدة من غير الدعم والعمل المعارض الذي مارسته الاحزاب السياسية في داخل وخارج التجمع داخل وخارج السودان ولكن محصلة عملها واذا تحدثنا بلغة الربح والخسارة استفادن منه الحركة الشعبية واصبح موقفها الاقوي من بين كل الفصائل السودانية ... ان النقطة الجوهرية هنا هي مشروعية التساؤل الذي تم طرحه عن المراهنة علي مقدرة الحركة الشعبية علي تحويل هذا الفصيل المقاتل الي فصيل مدني سياسي يخضع لشروط اللعبة السياسية وتقديم التنازلات .... اقول ان هذه نظرة استعلائية لانها لم تنظر الي المرونة التي ابدتها الحركة ومقدرتها علي الصمود والتفاوض للوصول الي الوضع الحالي مما يدعنا نطرح السؤال بصورة معكوسة واتمني ان كان ذلك السؤال قد ادي الي عدم تفاؤل ان يودي سؤالي الي احباط عام ... وهو هل بمقدرة الاحزاب السودانية ان تطور نفسها خلال خمسين عاما اخري لتلحق بالتطور السريع جدا للحركة الشعبية وهل ستسمح هذه الاحزاب للحركة بصورة ديمقراطية ان تنافس علي السلطة في اية فترة ديمقراطية قادمة ام ان هذه النظرة هي التي ستكون سائدة ....
ختاما لهذا المحور وفي الحقيقة لست مؤرقا من مواقف ومقدرات الحركة الشعبية بقدر ما انا مؤرق من مواقف الاحزاب السياسية القادمة خصوصا واننا نري التهافت ( وسماسرة السلام ) يبداون بحجز مواقعهم منذ الان ... وفي مقابل توجيه مناشدة الي جون قرنق بان يقرن ثقافته الثورية بالافعال ( وانا اناشده معك ) متفقا في كل ما اشرت اليه الا ان هنالك ايضا مناشدة لا يتسع المجال لها هنا يجب ان تقال توجه للاحزاب السياسية بخصوص تركيبتها الداخلية وتكوينها وتوزيع السلطة فيها ...
في ختام المحور اتمني ان نكون اكثر قدرة ومقدرة علي تحويل شعارات الدولة القومية والمواطنة الي سلوك لا يؤثر في كتاباتنا لا شعوريا فهذا هو ما يجعل المثقف السوداني حينما يصل الي السلطة لا يتعامل مع الاخر الا باعتبارات وقتية وكتجميل لوجوه الاحزاب او الحكومة وليست كقناعات كاملة ... ولكني اقول في النهاية ان المسالة تحتاج الي وقت ولكن يجب ان نكون اكثر انتباها ..
يتبع
12-30-2003, 04:48 PM
Abo Amna
Abo Amna
تاريخ التسجيل: 05-01-2002
مجموع المشاركات: 2199
نتفق جميعا في وقف الحرب في كل جزء من وطننا العزيز وليخضع الجميع لمبدا التعايش السلمي والحقوق المتساوية ... والمبادئ الديموقراطية ومحاسبة كل الذين انتهكوا الحريات ولوثواايديهم بدماء ابناء الوطن الشرفاء ...
ولكن هنالك عبارات تتردد هنا وهناك توحي بدلالات ( علي الاقل لمن هم ليسوا بلصيقين للسياسة السودانية ) لا يمكن السماح بها لانها تهدر حقوق الذين ناضلوا وضحوا بارواحهم من اجل الوطن .... والمشكلة الكبري ان تعتبر مثل هذه المفاهيم لاحقا مرجعية للمحاسبة التاريخية او القانونية او علي الاقل محاسبة الضمير .... هذا الموقف تمثله العبارة التالية ...
Quote: ليس معقولا أن ترضخ الأطراف السياسية كلها للشروط الأمريكية بتمرير اتفاق ثنائي يحقق بالفعل نتائج طيبة على صعيد وقف الاقتتال
ان العبارة اعلاه تختزل ما يحدث الان علي انه عبارة عن شروط امريكية بتمرير اتفاق ثنائي يحقق نتائج .... اقول ان الاتفاق وان كان يبدو ثنائيا الا انه محصلة لعمل طويل جدا شاركت فيه جميع الاحزاب ودفعت في هذا الاتجاه ... الاتجاه الثنائي بعجزها عن خلق الوحدة داخل التجمع ومع الحركة ولتشرزمها وانقساماتها الداخلية ومواقفها غير المبداية ولذلك خرجت من اللعبة في اللحظات الاخيرة لتجلس وتنظر بحسرة علي ان كل ما شاركت في انجازه ورثتخ الحركة الشعبية وكان في امكانها بتطوير ذاتها داخليا ان يكون اتفاقا اكثر شمولا لا تتخلله ( قسمة الكعكة ومكافآت النضال ) ... اتفاقا يتم بموجبه وضع حكومة انتقالية من جميع الاطراف ( عدا الجبهة الاسلامية الا بعد محاسبتها علي كل الجرائم السابقة ) ومحاسبة مرتكبيها قانونيا ( سواء كان في السودان او محاكم جرائم الحرب ...
اقول ان المحصلة الحالية دفعت بها الاحزاب ولم تكن فقط اياد امريكية حتي لا نلوم امريكا وحدها فيما سيأتي ( ولا ينال تفاؤلنا منذ الان ) ليست امريكا وحدها وليست الحركة الشعبية وامريكا بل كل الاحزاب السودانية مشاركة بيد او باخري فيما يحدث الان داخل السودان ... ولنعتمد هذه المشاركة مرجعية للمحاسبة التاريخية علي الأقل امام ضمير ( الراي العام ) ان لم يكن في ردهات المحاكم ... حتي لا ناتي وقتها ونقول ان المؤولية تقع علي عاتق امريكا والحركة الشعبية وحدها ... كما ان الحرب لا يمكن ان نسال عنها الحركة الشعبية والجبهة الاسلامية وحدها ... ومبدا المحاسبة سيكون شاملا محاسبة قانونية وتاريخية ونقد ذاتي
يتبع
12-30-2003, 06:51 PM
Abo Amna
Abo Amna
تاريخ التسجيل: 05-01-2002
مجموع المشاركات: 2199
الشخصية المحورية في كتابات خالد عويس ( سماسرة السلام نموذجا )
هنا يمتزج المنتمي واللا منتمي ... يمتزج خالد الروائي مع السياسي مع الصحفي ... وبرغم انني لعلم ان الفرد هو كل لا يتجزأ الا ان كل اتجاه من هذه الاتجاهات له مدارسه وفنونه واذا ما تم استخدامها بالصورة المطلوبة فانها ستؤدي الي احد طريقين ... ونحن الان امام طريق واحد ولا استطيع الجزم بالطريق الثاني ولست متاكدا ان كان هنالك طريق ثالث .. ولكني اعتقد ان التوظيف الذي يحدث هنا لخالد الروائي احدث خللا في المقال فبالرغم من انني كنت اتوقع نزول المقال الا ان محتواه جاء غير مرض بالنسبة لي ربما لانني وضعت تصورا مسبقا ... افادني أحد الاصدقاء الذين احاورهم بصورة منتظمة انه لاحظ ان كتابات خالد علي الدوام تعتمد علي شخصية محورية ... بدءا بالزبير محمد صالح ( حتي توفي ) ثم بعده كان حسن الترابي حتي ( توفي سياسيا ) ولا زال خالد يطارد فلول الجبهة الاسلامية الان يبدو واضحا ان الشخصية المستهدفة هنا هي علي عثمان محمد طه .... ورغم انني اتفق معه فيما ذهب اليه من تحليل للعبة التي يكررها علي عثمان علي غرار معلمه الترابي ... الا ان هذه المطاردة اقول اخلت بالحوار ... فما كنت اتوقعه وامناه هنا ان يشمل المقال ( صغار السماسرة والتجار ) ولكنه للاسف التفت فقط لكبار التجار .... هنالك صغار التجار الذين يتهافتون الان ويسعون لحجز مقاعدهم في سفينة عبارة السلام وكانما اصبح النضال والوقوف في وجه الجبهة الاسلامية والمكافات هي طوفان ياخذ ويقتل ويغرق .... مما يجعلني استدعي قصيدة اكثر مقدرة علي التصوير هنا ..... للشاعر امل دنقل بعنوان مقابلة خاصة مع بن نوح ....أو المهرولون لنزار قباني:
(1) سقطت آخر جدران الحياء وفرحنا.. ورقصنا.. وتباركنا بتوقيع سلام الجبناء لم يعد يرعبنا شىء ولا يخجلنا شىء فقد يبست فينا عروق الكبرياء.. (2) سقطت.. للمرة الخمسين .. عذريتنا د\ون أن نهتز.. أو نصرخ أو يرعبنا مرأى الدماء ودخلنا فى زمان الهرولة ووقفنا بالطوابير كأغنام أمام المقصلة وركضنا .. ولهثنا.. وتسابقنا لتقبيل حذاء .. القتلة (3) جوعوا أطفالنا خمسين عاما ورموا فى آخر الصوم الينا بصلة... (10) بعد خمسين سنة نجلس الآن على الأرض الخراب ما لنا مأوى .. كآلاف الكلاب !! (11) بعد خمسين سنة.. ما وجدنا وطنا نسكنه الا السراب. ليس صلحا.. ذلك الصلح الذى أدخل كالخنجر فينا.. انه فعل اغتصاب !!... (12) ما تفيد الهرولة؟ ما تفيد الهرولة؟ عندما يبقى ضمير الشعب حيا كفتيل قنبلة
فهنا يا عزيزي الامر لا يحتاج اكثر من الاشارة الي علي عثمان محمد طه ولكن ماذا عن هولاء الاقزام والسماسرة وتجار السلام .... بدءا بالصحفيين نهاية بقيادات الاحزاب انهم الديان غير المرئية التي تنهض في جسد الديموقراطية والسلام وتاكد انه اذا ما انهار اي سلام واي ديمقراطية فهم المؤولون عنها في البدء .... وخذ كنموذج احمد البلال الطيب ... ويكفي فقط ان اشير الي الطريق ....
لا اعتراض لدي علي اسلوب الشخصية المحورية ولكن يجب الا تجعلنا نغلق الحليل عليها فعلي الاقل هي مرئية في كل حركاتها ولكن ماذا عن تلك الحشرات المجهرية ...
المحور الخامس
كان هنالك سرد تاريخي مضاف اليه تحليل ... اتي هذا مباشرة بعد المقدمة وقبل المدخل الي موضوع السماسرة كما ضمت المقدمة ايضا اشارات الي مشاكل السودان وافاق الحل وما هو مطلوب من الزعماء... مما جعل الانتقال الي المقدمة يبدو قسريا وعسيرا علي الهضم ... سؤالي هنا مباشر ... علي اية منهج علمي تم التعامل مع هذا التحليل التاريخي وتحليل اشكالات السودان او علي اي مرتكزات فكرية كان مبنيا ليصل الي ما وصل اليه التحليل من نتائج ومن ثم اقتراح الحلول ...
عزيزي أبو آمنة تحياتي وشكرا جميلا على النقاط التي وردت في مداخلتك التي مثلت لي هدية غالية جدا لأنها شكلّت (صوتا آخرا) يكشف ويعري ويحلل سواء اتفقنا أو اختلفنا . سأعرض عليك أمرا . ما رأيك لو امتنعت أنا عن أي تعليق أو مداخلة أخرى بحسبان أن مقالاتي الثلاثة مضافا اليها مداخلاتك تكفي لتكوين آراء مؤسسة بشكل ديمقراطي لدى أي قاريء . سأعكف على كتابة مداخلات أخرى في حال كان لك رأي مغاير عن رأي المتواضع واذا شعرت بأن هذا سيكون مفيدا للحوار أنا في انتظار رأيك
12-31-2003, 09:52 AM
Abo Amna
Abo Amna
تاريخ التسجيل: 05-01-2002
مجموع المشاركات: 2199
ان توافق علي ادارة حوار علي ضوء المقالين السابقين ولكنه لا يربطنا بهم فالحوار سيكون مفتوحا عن خالد المنتمي واللا منتمي ... سوف ابدأ الحوار ولن اجعله ( ثنائيا ) بل سافتح الابواب للجميع ... ولكنه لن يكون حوارا سهلا ...
مع تحياتي أبو آمنة
12-31-2003, 10:24 AM
خالد عويس
خالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332
سأكون ممتنا لكل من يهدي الي عيوب وثغرات في كتاباتي جاعلا من صوته صوتا (آخرا) يناقش المرئيات ويطرح مرئيات مغايرة ويعري ويقوّم ويتجاوز . أنا سعيد جدا بمفهومك هذا يا عزيزي وهو محرّض من نوع خطير على التجويد والتقوية . شكرا يا سيدي ... ولتفتح الحوار مسقطا عنه كل ما يمت لي بصلة مقالاتي الثلاثة بين أيديكم عروها كما شئتم ومارسوا كل النقد والاختلاف الممكن معها . هذا أفيّد لجيلنا يا عزيزي
12-31-2003, 05:05 PM
Abo Amna
Abo Amna
تاريخ التسجيل: 05-01-2002
مجموع المشاركات: 2199
… وفي البدء كانت سومر وآشور وبابل وكنعان . كانت آرام دمشق . كانت "أور" وماري وأوغاريت وصور وقرطاجة . في البدء كانت الكلمة ، هذه الدهشة الإنسانية العقلانية الكبرى أمام الكون الماثل . هنا انشق عنها رحم الحضارة فشهقت شهقتها الأولى و "دبدبت" وثغت . وهنا ترعرعت وشبت . وهنا تزاوجت وتعمقت وتكاثرت وعمّت . وهنا لسنت وقالت وفلسفت ونجمّت وفلكت وزرعت وتاجرت وحاربت . هنا غنّت الكلمات أناشيد حبها الأول . وهنا حاكت أساطيرها وبنت علومها وشرائعها وآدابها . وهنا صارت الكلمة إلهاً ، والإله رسلاً ومصلحين وأتقياء . وهنا صارت الكلمة بيوتاً ، وسدوداً وقمحاً وثقافة . وصارت أرجواناً وسفناً . وهنا تخزّنت وامتلأت وانداحت على العالم طوفاناً من الأحرف والكلمات …
لا املك سوي اربعة اسئلة تمس جوانب مختلفة من خالد عويس سيتم طرح كل واحد علي حدة ... كل سؤال يحتوي علي ثلاثة اجزاء تمثل حلقة تزداد ضيقا وتعرف بانها ( Pin Pointing) ... كل سؤال يضع ( اجابة افتراضية ) ويبني علي أساسها ... وليكون الحوار اكثر عدلا (Fair ) باعتبار انه ليس معد سلفا وبالتالي يجب ان يتم التقليل من عنصر المفاجأة لصالح الحوار سيتم وضع الأجزاء الثلاث مباشرة ليري الي اية تجاه تقود الاجابات ... ليصبح باختصار Open Book Discussion ...
السؤال الأول:
الجزء الأول:
ينساب هو الاخر الي احضان الطبيعة الأسبانية .... التي تشبه ... انثي حامية ... جميلة ... لكن لوركا لا يتذوق ... متعها الحسية فحسب ... انما يستلهم من حسنها فنا يطرز به القناديل علي قبة سماوات شعره ...ولديه القدرة علي ان يفصح عن مكامن عميقة، واشياء تترابط ببعضها في ذاكرة المرء، عبر يقظة فنية تتبع كشوفات أخري .... يصنع فضاءه بنفسه .... يثير اشياء يوقظها من سباتها .... يقول في رحلة:
مائة فارس في ثياب الحداد أين هم راحلون تحت واطئ سماء بيارة البرتقال؟ لن يصلوا لا الي قرطبة ولا الي اشبيلية ولا الي غرناطة المتنهدة علي البحر هذه الجياد الغافية تمضي بهم الي متاهة المصلبات حيث ترتجف الأغنية
يبدو الحديث اعلاه مألوف جدا لخالد عويس لأنه ببساطة مأخوذ من احدي مقالاته .... (محاولات جديدة لاعادة مشهد اغتيال شاعر - لوركا.. الغجر عائدون ) تري هل خالد عويس احد هؤلاء الفرسان ... أم ان فرسه مفارقة في اتجاه اشبيلية او قرطبة او غرناطة أو الخرطوم ؟ ...
الجزء الثاني
علق أحد الاصدقاء ( الساخرين المتابعين لكتاباتك) علي مقالك السابق بقوله ...
ان كتابات خالد عويس تشبه الي حد ما وجبة ... ( الكسرة بالموية ) ... في اشارة ذكية الي انها ( لا بتغلت عليك ولا بتوسخ ايديك )؟ ... وعلقت قائلا ( زي ود الموية ) ...
الجزء الثالث:
هل يحاول خالد عويس ان ينفلت من الاطار السياسي والتركة الثقيلة التي تستهلك الروائي لصالح السياسي؟
انتهي السؤال الأول وفي انتظار الاجابة
مع تحياتي أبو آمنة
01-01-2004, 01:05 PM
Bakry Eljack
Bakry Eljack
تاريخ التسجيل: 05-02-2003
مجموع المشاركات: 1040
الصديقان بكري اسماعيل سأكون سعيدا وممتنا لو شاركتما في هذا الحوار (نحن نحتاج من ينتقد كتاباتنا أكثر ممن يمدحها ويثنيها ) هل تتوافق رؤيتكما مع رؤيتي حيال (سلام السودان) أم أن لكما رؤى يمكن أن تزيد من مساحة الرؤية لنا جميعا . علينا _ كجيل _ أن نؤسس بشكل جيد شكل تعاطينا وتفاعلنا مع الأحداث
01-03-2004, 03:55 PM
Abo Amna
Abo Amna
تاريخ التسجيل: 05-01-2002
مجموع المشاركات: 2199
شكرا يا عزيزي وبالمناسبة ... لم أفعل ذلك ولكن حينما تقابلنا كان الموضوع متخلفا ولم اِشأ ان اخلط الامور اكثر مما تم خلطه وقريبا سوف اكمل البروفايل والمسألة هي ان تسجيلي في البورد قديم جدا وقت ان كان اسم الدخول مطلوبا ... ومرة أخري لم اتعمد الاخفاء ولكن اظهاره لم يكن في موضعه .. وعموما قد تعتبرها اعذار واهية ولكن في الحقيقة كل الجو الذي كان محيطا بنا لا يسمح بحوار من نوع مختلف ... وأخيرا لك العتبي حتي ترضي ....
عزيزي خالد تحية طيبة ... حقا أتمني من الاخوة المشاركة في الحوار ... ولكني لا اعتقد انه بدأ ... حتي أنني بدأت افكر في الانسحاب منه ..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة