عصافير تنقر في دمي ... انني خائن أيها الوطن الجميل !!
خالد عويس
متوترا ، متقطعا ، جاءني صوتها هذا المساء . لم تستمر مكالمتي معها سوي دقائق . الحقيقة ، أنا نفسي كنت متعكر المزاج ، ربما هي الحرب ، وسهري المتواصل لرصد تفاصيلها ، ومتابعة جنونها . الدماء الغزيرة هناك أطاشت صوابي تماما . وبدلا من أن أحتوي استياءها ، وجدتني أندفع في سؤالها عن صحتها بعد أن طالت آثار الحرب جامعتها وتحوّلت الآثار من المطالبة بوقف الحرب الي " مقتل طالب ، مقتل أمة" . عرفت أنها تعاني من وضع نفسي سيء . أدرك ذلك جيدا . خبرت الأمر عندما تلقيت اتصالا هاتفيا ذات صباح باكر جدا قبل سنوات . كان صوت "سعد" متقطعا كصوتها ولاهثا ، وغارقا في حزنه وغضبه . أبلغني بأن " محمد عبدالسلام " أعادوه جثة هامدة . لا بل ملامح جثة يصعب التعرف عليها . كان عليّ أن أهرع الي الجامعة قبل أن تطوقها ال"....." ، ليتني قضيت ليلتي كما هي العادة في داخليات "السنتر" . حين غادرت الجامعة ذاك المساء _ وكان نهاري حافلا _ لم أكن أدرك أن اجتماعنا بمدير الجامعة كان من قبيل ذر الرماد في العيون ، فمحمد في أثناء تداولنا الأمر مع مدير الجامعة ، كان قد استشهد . لم يكن طريقي الي الجامعة في الصباح سهلا . فككل رفاقي في "التجمع" ، كان اختراق "السوق العربي" في أوقات المظاهرات يعني أكثر من محاولة اصطياد ، ويعني كذلك دربة أكثر في تعويد نفسك وجبلها علي عمل "المخابرات" في اصطياد مواقعهم وتحاشيها قدر المستطاع . لا أستطيع وصف مشاعري في تلك اللحظة ، محمد عبدالسلام بسمرته المحببة ، ونظارته الطبية التي كانت تظهر عينيه علي نحو يوحي بعمقهما ، واحتوائهما علي نبض انساني هائل . محمد الذي لطالما قرفص علي النجيل الاخضر أمام "آداب" ، ليستمع الي المناقشات الحامية . هكذا محمد تذهب من دون وداع !! لم أكن اعرف عن مصير "ضاوي" شيئا ، "سعد" هو الآخر لم يكن يملك معلومة سوي ضياع محمد عبدالسلام . "ضاوي " هو الآخر كان معتقلا . لماذا خطرت ببالي أم محمد عبدالسلام في تلك اللحظة التي كنت أحاول جاهدا دخول الجامعة وقوات الأمن تطوقها ؟! ولماذا تخطر ببالي كل تلك الذكريات المحزنة بعد مخابرتي لها في السودان . ألأنها كانت مجروحة ومنهكة ومشلولة مثلي ، ألأنها _ رغم حنقها _ كشفت لي عن أبدع نواحي الانسانية فيها ؟! لماذا نكون مستعدين لمجابهة الموت دائما ونحن نعبر سنوات الجامعة خفافا . لا نهتم لشيء . لا يشغلنا خطر . ولماذا كنا نستهين بحياتنا الي ذلك الحد ، وانقلبنا الي آلات تحصد " الكبسة" و" المضغوط" وكل هذه التفاهات بمجرد انسلالنا من بوابات الجامعة تزيننا شهادات فارغة وتطاردنا لعنة التجنيد ؟! لماذا أنا الآن تواق للخرطوم ، ولماذا يعتمل في صدري كل هذا الأسي ، والشوق ؟! ءلالقاء نظرة أخيرة علي جثامين شبان في عمر الزهور حصدتهم الآلة التي ظلت تنهك وتدمر أعظم ثرواتنا علي مرّ السنين ، تارة الحرب ، ومرة بالعنف ، وأخري بالمرض ، ورابعة للاشيء ، وخامسة من أجل لا شيء !! كانت مكالمتها ايذانا بسهر طويل ، هربت من أخبار الحرب الي فيلم عن محامي ابيض يجد في نفسه ميلا كبيرا و"انسانيا" للدفاع عن أسود اتهم بقتل شابين ثبت انهما اعتديا علي ابنته القاصر في ظل مجتمع عنصري !! مجتمع عنصري كذلك ...، يا الهي ، ما بالها هذه الليلة ما فتئت تقرع في داخلي اجراس الوطن . فلأعترف علي عتباته الشاهقة ، بأنني خنته ، خنت جماله . وهربت . هربت كالفأر المذعور . ذلك المحامي بقي في ظل مجتمع عنصري بائس يكافح من اجل قضيته حتي انتصر . هل جربنا مرة أن نستمر في المحاولة حتي ننتصر . أهو ما يعوزنا : الاستمرار فى المحاولة ؟! لا ، لست أكيدا من انحصار الاسباب كلها التي تدفعني للتمرد علي هذه الغربة الباردة ، فى ذلك السبب . كل شيء في هذه المدينة " الكابوس" بات يفزعني ، فلتمطرني الخرطوم بزخات الرصاص كلها . لكن عليها أن تأخذني في حضنها المريح حين أموت . عليها الا تدعني لهذا الموت البطيء . والمدن التي تجيد العزف علي اوتار الحزن . المدن التي لا تشبهني . المدن "اللا نهرية" . هذه المدن تكره الأنهار . هذه المدن اختارت الا تختار . وأختارت أن تتغذي علي السلمون المدخن والهامور والبطاطا القادمة من وراء البحار ، بعكس مدينتي التي تختصر تاريخها في النيل ، وتتوشح به . أشعر بتحسن الآن بعد أن كتبت . لكن الشعور بالخيانة لا زال يطاردني . خزي هو الشعور بأنك تخون وطنك لمجرد أنك غادرته . احساس حارق جدا ينتابني بأنه كان يتوجب عليّ البقاء لفعل شيء ، لكنني هربت . آثرت نفسي علي وطني . الم يكن من الاشرف أن اصنع شيئا هناك ؟ البقاء لفعل شيء ، الكفاح من اجل هدف ما مهما بقي صغيرا وتافها بنظري ، الذهاب الي الجنوب ، الي "واو" لكي أغرس شيئا جميلا . لكي أواسي الاطفال الذين مزقت الحرب أجسادهم النبيلة . العمل مع منظمات المجتمع المدني لمداواة الوطن . الكتابة . المنتديات . قول "لا" حين تستحب . البحث عن حقيقة ما . اعادة اكتشاف ذاتي . هنا : لا جديد ، فالكشف الوحيد الذي ينضاف لجملة كشوفات مسطحة هو :النفط !! لا شيء خلاف النفط . بتّ أشتم رائحته في كل شيء ، في الحمام ، في الفول والبيبسي ، في العطر الذي أضعه فى الصباح ، في الوسادة التي تسند رأسي في المساء ... نفط ... نفط ... نفط يجري في دمي ، ويأكل لحمي . أحتاج لصخب الخرطوم ليحميني من هدوء هذى المدينة الميتة . تتفجر أم درمان في أعماقي ، يجتاحني ماء النيل . الآن ، أحتاج لأن استحم ببلادي ، واتنشف بها ، علّ هذه الرائحة تفارق "روحي" .
يتبع
03-26-2003, 04:18 PM
garjah
garjah
تاريخ التسجيل: 05-04-2002
مجموع المشاركات: 4702
شكرا ايها الجميل قرجة الحقيقة انها تداعيات اعقبت محادثة اجريتها مع الخرطوم ، واعقبت احداث دامية هناك ، واستدعت انثيال ذكريات في ذات الاتجاه متقاطعة مع هذه المأساة الملهاة المستمرة المسماة بالغربة خاصة انها غربات متداخلة
03-27-2003, 06:32 AM
Abdel Aati
Abdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072
عادل ... أيها النقي كم تمنيت ان نلتقي لنتحدث طويلا ، لربما يحدث هذا في الخرطوم حقيقة لا اعرف لماذا انا الآن تعيس بهذه الغربة الباردة ، لماذا اري مجرد وجودي بعيدا عن الوطن خيانة له ؟ أخشي ان اكون قد بلغت مرحلة "تماضر شيخ الدين" الميؤوس منها ، وهي بلا شك مرحلة خطرة تحتم العودة فورا
03-27-2003, 08:18 AM
فتحي البحيري
فتحي البحيري
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 19109
انها الاصالة سيدى وانها النفس اللوامة التى تنبش فى صاحبها كل معنى جميل وكل واجب حتمى لكى يقوم به ولا اقول انه جلد للذات ولكننا جميعا سيدى نحس بالتقصير تجاه المحبوب الكبير فنحن ماذا نفعل الان من اجله سوى ارسال دريهمات ونظن ان الواجب كله قد انقضى بينما نحن نزيد فى معاناته بالتغريب عنه وتجاهل قضاياه واموره الحساسة التى يجب ان يتصدى لها الجميع ..
حقيقة ومع الاحداث الاخيرة يحس الانسان بالهوان والله وهو يراقب الاحداث كما تفضلت ليل نهار من شاشات التلفاز ومحطات الاذاعة حتىاثناء العمل ولكن لا نفعل شئيا ذا قيمة ؟؟
سيدى الاحساس بالتقصير تجاه الوطن يجب ان يتعاظم ويجب ان نتركه فى حنايانا ما بقينا حتى يكون ذلك دافعا لكى نستشعر المسئولية بكل جوانبها ونقوم بما نستطيع تجاه الوطن الجميل الذى نتغنى به فقط ..
لك تحياتى ودامت ابداعاتك الصادقة المؤثرة
03-27-2003, 09:03 AM
خالد عويس
خالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332
فتحي تماضر قرشو ايها الاعراء الانقياء فكرت في أشياء كثيرة وصوت حبيبتي يحكي عن حزنها ووجعها لغياب زملائها في الجامعة بفعل القتل فكرت في حزن أمهاتهم فكرت في حزن حبيباتهم فكرت : لماذا يموتون ؟ لماذا يموت الناس في وطني بكل بساطة ؟ كلهم .. اطفال الجنوب ، الاسلاميون في الكتائب المسلحة ، مقاتلو الحركة الشعبية ، من لا يجدون ثمن الدواء ، ال ... ، ال... كثيرون هم من يلقون حتفهم من دون سبب تمنيت أن أري واحدا من الشماليين يكرس وقته كله في قرية نائية في الجنوب محاولا أن يقيم نسقا من السلام الشعبي الحقيقي تمنيت أن اري المثقفين في صورة واضحة يسيرون في موكب مهيب في الخرطوم للتظاهر ضد الحرب ، تمنيتهم في بيان يصدر عنهم لادانة الحرب تمنيت ببساطة الا يكون دوري هنا في بئر النفط هذي ، تمنيته هناك قريبا من حليب امي وقهوتها "السودانية" الجميلة
اخى خالد...... لا ادري هل احييك علي مقال جميل ام اواسيك علي مكتوب حزين........ التأريخ يسير الان ونقف نحن..... .......اري التأريخ أمامى ماثلا....ولا استطيع تحريكه او تغيير مساره.....وبه مايثير الاسي حرب وقتل وموت......ولا ادري كيف ابدأ.....فالتاريخ ياتى من كل اللحظات والحركات والهمسات والدانات وكل مكان وزمان هو تأريخ يغلي ويفور ...وانا وانت والبورد وقلمك وقلمى .... ........................... بدا لي ان الحل يكمن في الخروج عن دوائر او القواقع التى نعيش فيها.....فكل ما ابتعدنا.....اتسعت الرؤية....وعكسيا التفاصيل......لذا اقتراب وابتعاد..اغتراب للخارج فالداخل....هجرة وعودة......ولنبدأ بانفسنا....لنري عيوبنا ونصلح...فحولنا...وللتتسع الدائرة........هذا اقصي ما اري لتغيير التأريخ لنتائج محسوبة وهو محدود.....
03-27-2003, 11:12 AM
خالد عويس
خالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332
ربما أمدرماني ربما لكن هل لأننا نحلم بأن نغير كل شيء في لحظة دائما نمني بنتائج متواضعة وزهد في اعماق الروح؟ هل نحتاج لمحاولات صغيرة في احداث شيء صغير لعل ذلك هو العمل الخليق بنا فعلا ؟ هل تكمن المأساة في الوطن وحده أم ببعدنا عنه ايضا ؟ لماذا كل هؤلاء الطيبين الانقياء ، القادرين علي احداث ثورة جمالية ، وثورة اجتماعية ، وثورة انسانية ، وثورة سياسية بعيدون عنه ؟
الأخ خالد نزيفك صادق و شعورك صادق و هذا الغضب المكبوت فى الصدور سوف ينفجر لامحالة و .......عندها فقط عندها يحق لنا ان نترحم علي شهدائنا دون إحساس بالخيانة والضعف المخذي احييك علي هذه الكلمات
woroorrook
03-27-2003, 06:26 PM
sari_alail
sari_alail
تاريخ التسجيل: 10-19-2002
مجموع المشاركات: 1507
اعشق بجنون هذه العصافير التى تنقر فى دمك واهدى من روعك وارطب على جراحاتك فأنت لم تخن الوطن وطالما قلبك ينبض بملهاة عشقك له وطالما استمرت هذه العصافير تنقر فى دمك فتأكد يا صديق بانك وفيا لذاك الوطن ولكن دعنى اسألك بحرقة لا اخفى رنة مرارتها: عن أى وطن تتحدث يا صديقى اخاف ان يكون ذاك الوطن الذى بقى فى أحلامى نابضا ودفنته فى الواقع بعدما دفننا فى المنافى البعيده كنت مثلك اموت محترقه بذاك اللهيب واغنى لوطن حين عدته لم اجده ولم اجدنى وعبرت عن هذه الحالة المميته بهذا النص البسيط : حنين
حين عدت لم أجد سوى ركام ذكريات وأنقاض حكايات قديمة أين أهلي أين ديارى وأين وجه مدينتي الساطع كالنبوة؟ لم يعرفوني ولم اعرفني
أيقنت ان الماضى لن يعود
وعبرت عن هذه الحاله بنص آخر:
هانذى أعترف
هانذى أعترف بان وميض عمري شاخ وأحلامي لا تنبض وقلبي أنهزم
فمنذ أن رحلت نذرتنى مدينتي للحزن للتعب مدينة تحتضن في أرصفتها الأطفال المشردين وبائعات الشاي والفقراء وتثقب قلبي ألف مرة وتوصد أبوابها في وجهي أنا الغريبة بذاكرة طفولتي أبعثر دفاتري القديمة وأفتح صفحة الفجر حين كان يعاشقنى في مسامات الحقيقة هذا الفضاء كان ممتداً ومشرعاً لأبحر صوب عينيك ولا منتهى
غريبة أنا في هذا العالم في غرفة طفولتي في الشوارع التي تسكعنا وتظاهرنا بها واحتضنتني بأحلامي وأحزاني هدهدتني طفلة وحفزتني صبية في ذات الشوارع حسيت غربتي وضياعي حين لم تعرفني مدينتي وحين تاهت عنى ملامحها الأليفة
هانذى أعترف غريبة أنا في هذا العالم أعترف بان وميض عمري شاخ وأحلامي لا تنبض وقلبي أنهزم
إشراقة مصطفى حامد
اعزرنى لهذه المرارت ودعنى فقط ادثر معك هذا الوجع الذى يسكنك انه يشبه وجع الولادة
هنا حيث نستحم بالشمس وتلتصق بنا ذرات الغبار الناعمة أقرب نحن للنهر وأبعد من كل الأماني هنا تتهيب العصافير أن تحط في دمنا تتهيب أن تنقرنا فيراق الدم لا أن نشتعل هنا من الداخل يكثر الخائنون ماأعظم الخيانة وأنت ترتوي من النهر العظيم وأنت تصافح نسيمات الصباح كل يوم علك تتذكر علك لا تنسى
ان كانت الخيانة هي المغادرة السلمية هي هذا الطقس المستمر من الشوق والحنين فلتكن
هنا نغرس الأماني في أرض يملأها الدم ويخضبها الشهداء
اولئك الشهداء السمر الباحثون عن حقيقة ما القريبون من الحرب البعيدون عن السلام رغما عن كل تلك العصافير الناقرة
إننا خائنون فهاهم يشوهون وجه الوطن الجميل ويفزعون الحمام ويفتحوا له سماء الدم عل النهر يجرف خطايانا فنتنشف بالغفران
صباح الخير أيها الوطن
وصباح الوطن أيها الخائن الجميل
03-30-2003, 12:55 PM
خالد عويس
خالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332
ريل هل تنقصنا الشجاعة والارادة لصنع وطن جميل يتسع للجمال كله؟ هل ذهبت كل النضالات ادراج الرياح ؟! كلا لا اظن.. بل انا مؤمن بأن الانتظار لن يطول يكفي هذا البورد على سياقة حجج قوية بأن الوطن الجميل لا زال بخير رغم التعسف رغم الخيانات رغم الانهيارات رغم الظلام الذى يحيط بنا جميعا رغم أن الطبقات المخملية باتت تدوس الجميع بأحذيتها المصنوعة من "جلود النمور" وجلودنا ، رغم كل شيء سيبقي هذا الوطن مفتاحا لعواطفنا وصدرا دافئا يحتوينا الوطن بحاجة الى مفردة صغيرة _ ضخمة : الصدق الصدق مع الذات والآخر الصدق فى اتجاه حلم غير ذاتي حلم غير وضيع حلم قابل للتحقق اعرف تماما ان التشوهات لحقت بكل شيء لكن الشعوب التى جابهت تحديات عظيمة وعاشت لحظة الانهيار ، وحدها تلك الشعوب قادرة على صياغة حاضرها ومستقبلها على نحو جديد ، شرط افادتها من تجاربها
هذه الكلمات كانت فى الوطن البتول ..الذي لا ادري أخانني أم خنته انا...
_______________
عاصفة تهب..!! تغير كل المعالم.. جمود الكلمات ...على صرخه الزمن.. جحود المكان......عندما ينكر الوجود.. عوامل تعرية......تزيل كل ماهو قديم.. نظرة ......إلى مجهول قادم.. تساقط أوراق.......في عصر الاحتياج.. ثم إنكسار الروح....وكان ذلك إحتجاج..!! قلب.. صامت.. كله ذهول.. يصارع الألم الدفين.. الذي أوجده حزن السنين.. هذيان..!! إغتراب..!! حلم لم يأتي..!! بعدها أتسائل؟؟ من يرسم للخطو مداه..؟ من يصنع للمكفوف عصاه..؟ من يقص عليك حكايا الأحلام..؟ من يداوي صرخة كل الأيتام..؟ ثم تـتخطي حدود البعد رغم كل الأشواك.. تحمل مفاتيح الأفق المتداخل.. أنظر من نافذتي الصغيرة لكي أجدها تقف بكل يأس من الحياة كعاشق فقد ذاكرته ونسي كل الناس إلا أنا..!! وعندما تجدني.. لم تستطع المواجهه..!!! ولا أعلم لماذا؟..!!
... .. . خالد علّ الكتابة تشفى ياصديقى .. وتدواى دمامل الروح وجروحها .. ولعلّ هذه الطاحونة التى تأبى التوقف تكف عن التساؤل عن لماذا سارت الأمور بهذا الشكل تحديدا وليس فى اتجاه اخر لانه ببساطة رغم جدلية التساؤل ومغبّة الولوج الى تفاصيله الا أننا لا ندرك على وجه اليقين الأسباب ويظل الأمر مجرد احتمال ليس بالضرورة أن يكون صحيحا أو دقيقا .. وأن اى منا لا يستطيع تحديد خياراته الأساسية فى الحياة ولا الجزم أو حتى التكهّن أنها خياراته وليست الظروف التى فرضت مفرداتها .. أو المصائر التى صنعتنا أكثر مما صنعناها..
خالد شدّنى تداعيك الشف هذا وحرّضنى على التأمل فى الذى غيّبته الأيام وطوته .. قذفت بى عليّا فى شاهق المكان ثم أفلتنى لمغبة التساؤل المر ..
حياتنا هى حياتنا علينا التعايش مع صباحاتها .. وامسياتها .. حزنها وفرحها .. لحظات التوهج .. والانطفأ ليس استسلاما .. لأن التأمل يؤمّّّّّّّّّّن على أننا مازلنا نمتلك القدرة على فعل التغيير من أجل حياة قادمة أكثر جمالا .. واثارة ...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة