المسكوت عنه في قضية دارفور

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-12-2024, 00:44 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة خالد عويس(خالد عويس)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-06-2004, 10:13 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
المسكوت عنه في قضية دارفور

    هذا المقال للاستاذ عبدالحفيظ حميدة ، منقول من سودانايل . رأيت فيه نوعا من المكاشفة والمصارحة _ اختلفنا أو اتفقنا _ توجب علينا تحريك الراكد في الثقافة السودانية ومجريات الاحداث . انها دعوة من دون مواربة للتحدث بصراحة عن كثير من مكنوناتنا وخبايانا . الاتجاه الصحيح والشفاف للعلاج يقتضي بألا نخبيء شيئا ..سأعود للتعليق على المقال ، وأتمنى عليكم جميعا أن تسهموا في هذا الحوار المهم بموضوعية ومن دون عصبيات قبلية

    سجال ثقافي في المسكوت عنه في قضية دارفور



    عبدالحفيظ حميدة [email protected]

    أصابتني هاء السكت في محنة دارفور وكان عزائي أن يسهم مثقفوا دارفور في تنوير وتثقيف العامة من أمثالنا بخلفيات القضية وأن يسعفونا بتحليل موضوعي يفك لنا طلاسمها ويحدد لنا أسبابها ومكنزيمات تطورها ومآلاتها واتجاهات حلها ونهاياتها في ظل التحولات السياسية الراهنة التي ستحدد مصير ومستقبل السودان....ولكن أرتد لنا طرف الأمل في مثقفي دارفور وهو حسير إذ أسفروا عن وجه أثني ضيق في تحليلهم وطرحهم للأحداث ومما ضاعف من فجيعتنا فيهم هو أن ارتباطاتهم الجهوية قد غلبت علي حكمة حصائلهم الثقافية والمعرفية التي لم تسعفهم للإرتقاء الي مراقي الهم والحس القومي العام بل ارتدوا الي قبائلهم يجوسون خلال الديار ابتغاء الفتنة يزينون فعل التمرد ويحضون عليه ..وأستميح الدكتور فرانسيس دينق لأستعير منه عبارته الشهيرة بأن سبب مشكلة جنوب السودان هو المسكوت عنه..ويتطاول ظني في هذا المقام لأدعي بأن جزء كبير من مشكلة دارفور سببه المسكوت عنه في شخصية مثقفي دارفور..الذين أرجو أن يتسع صدرهم لتقبل قليل من النقد الذي ظلوا يمطرون بوابله ثقافة السودان المركزية التي تجردت في ظنهم الي ثقافة أستعلائية يفرضها أهل السودان الشمالي علي كيانات التخوم المهمشة..

    ولعل كل ما خطه يراع هؤلاء المثقفين لم يستطع أن يخاطب تطلعاتي كمواطن سوداني ينتمي الي الجزء الشمالي من الوطن وهي معيار حقيقي حول ما تدعيه حركة دارفور من قومية تستمطر الخير وتبتغيه لكل مواطني السودان كما ذكر رئيس حركة العدل والمساواة دكتور خليل ابراهيم الذي عاصرنا جزء من سنيه بجامعة الجزيرة. وعليه لم أجد وشيجة تربطني بعاطفة من التأييد للحركة أو ما يطرحه مثقفوها الذين تخندقوا في فرقانهم وبطون عشائرهم خائنين بذلك عهد المثقف الحقيقي الذي لا يستحق هذا اللقب إلا بتساميه فوق نعرات القبيلة والجهة. ولما كانت القضية في اعتقادي جهوية محضة لا علاقة للسودان القومي بها فأن مثقفي دارفور والمغامرين من سياسييها يتحملون وزر هذه المحرقة..ولا يظنن هؤلاء أن تراكم الغبن والظلم الذي يدعونه هو سبب أشتعال هذا التمرد بل هو نتيجة طبيعية لمغامرات السياسيين ونزوات المثقفين الذين لا يهمهم بكاء الثاكلات ونوح الأرامل وصراخ الأطفال ومعاناة النازحين والمشردين الذين أصبحوا ضحايا التطلعات العمياء منذ الهجوم علي الفاشر والمدن الأخري في العام الماضي.. إن ما تتمتع به دارفور من تنمية وأزدهار أقتصادي لم يحظ به كل الأقليم الشمالي ..وحسب الأحصاءات الرسمية فأن ولاية جنوب دارفور تعتبر الولاية الثانية بعد الخرطوم من حيث التعداد السكاني في السودان.. والسؤال البديهي هو أنه لولا وجود نسبة معقولة من التنمية التي تتيح الأستقرار لهذا التعداد السكاني الكبير فأن الهجرة والنزوح ستكون هي النتيجة الطبيعية للبيئة الطاردة في الأقليم ..وبمقارنة بسيطة فأن ولاية نهر النيل التي تضم أشهر مدن الشمال يبلغ جملة سكانها سبعمائة وخمسون ألف نسمة أي أقل من مليون..والأدهي من ذلك أن 90% من التعداد عبارة عن قوات نظامية ونساء وأطفال وشيوخ أي أن نسبة الشباب وهم القوي المنتجة في المجتمع تبلغ 10% فقط من جملة السكان. ولعل هذه المقارنة البسيطة تثبت بأن بيئة الأقليم الشمالي أكثر طردا للسكان وولاية جنوب دارفور أكثر جذبا لهم نسبة لأنعدام التنمية والخدمات في الأولي وتوفر نسبة معقولة من التنمية والأستقرار الأقتصادي في الثانية ...ولو أن مثقفي دارفور وساستها المغامرين في الحركة الآن نادوا بالتنمية العادلة والمتوازنة لكل أقاليم السودان لوجدنا مندوحة في أهتمامهم بشئون السودان القومية ولكن جنوحهم الي جهوية مقيتة وعرقية بغيضة تفرق ولا توحد تجعل محرقة دارفور الآن مشهدا رومانسيا لأنه لا يعلم ما يخبئ الغيب من كوارث سيشعلها هذا التفكير العدمي ..وتتمتع دارفور الكبري الآن بوضع أفضل في التنمية من غيرها من الولايات الأخري إذ تم أنشاء خمس جامعات أسهمت في بلورة حركة الوعي والتنمية الأجتماعية وتضاعف فيها التعليم العام طيلة السنوات الماضية الي أكثر من 25 ضعف حيث قفزت النسبة من تسع مدارس ثانوية في آخر عهد الثمانينات الي أكثر من 250 مدرسة ثانوية في الوقت الراهن وهي نسبة لا يحظي الأقليم الشمالي بنصفها..أضافة الي وجود ثلاثة مطارات دولية ..كما ظل أهل دارفور يحكمون أنفسهم منذ أنتفاضة دارفور التي أطاحت بالحاكم الأسبق لدارفور الطيب المرضي وتم تعيين محمد ابراهيم دريج بن دارفور بديلا عنه بعد أن أقيمت له سرادق الاحتفالات ونحرت له الذبائح وهتف الهاتفون أن دارفور أعيدت الي أهلها ..ولكن فتي دارفور المشهور لم يحتمل لأواء الحكم ومسئولياته والأختلاط بأنفاس المساكين ففضل راحة الأغتراب في ألمانيا بدلا عن الصبر مع أهله الغبش لمقارعة كبد الحياة القاسية ومحاربة الفقر والمرض وزرع الوعي والتنمية فخرج من البلاد دون أن يكلف نفسه حتي عناء تقديم استقالته الرسمية للرئيس نميري..وظل ساسة دارفور ومثقفوها يحكمون أقليمهم علي مختلف العهود ولكنهم فشلوا في توحيد أهلهم وقبائلهم وقيادة تطلعات مواطنيهم المشروعة نحو البناء والتعمير والتنمية..والأغرب في هذا الأمر أن أولاد دارفور نجحوا في مهام الحكم التي تقلدوها خارج أقليمهم وفشلوا في ذات المهمة مع أهلهم ..فأهل الشمال يذكرون قبل سنوات خلت بن دارفور الدكتور الحاج آدم الذي عين واليا علي الشمالية فنجح في مهمته وأحبه أهل الشمال وأعانوه في مهمته دون أي عقد وحساسيات عرقية ..وعندما صدر قرار نقله واليا علي ولاية جنوب دارفور ذهب وفد من أهل الولاية الشمالية الي الرئيس عمر البشير يرجونه أستبقاء واليهم الحاج آدم في منصبه..وعندما حالت دواعي عملية دون قبول التماسهم نقل الحاج آدم واليا علي ولاية جنوب دارفور ففشل في مهمته وأتهم من قبل أهله في الولاية بالجهوية والعنصرية مما أفقده ميزته التي عرف بها كأحد أنجح الولاة في ذلك العهد..ويصدق هذا المثال أيضا علي دريج الذي نجح في منصب زعيم المعارضة داخل البرلمان في الستينات بينما فشل حاكما علي دارفور بعد ذلك.. والسؤال هو لماذا ينجح أولاد دارفور في مناصبهم التنفيذية خارج أقليمهم ويفشلون في قيادة أهلهم في دارفور؟ و لماذا يقبل أهل الولاية الشمالية بحكم أحد أبناء دارفور واليا عليهم ويطالبون ببقاءه ويرفض أهل دارفور أن يعين أي شمالي واليا عليهم ويفسرون ذلك بأنه أستعمار داخلي من أهل الشمال..الأجابة علي السؤال الأخير ترتبط بشكل كبير بشخصية المثقف في دارفور الذي عمق من هذه القطيعة الثقافية بين دارفور وبقية أجزاء السودان خاصة النيلي منها كما سيرد ذكره لاحقا..لماذا يتمرد قطاع من أهل دارفور وهم أفضل حظا من التنمية مقارنة بالشمال بينما يبدوا أهل الشمال أكثر قدرية وهم يسلمون قيادهم لكل الحكومات المتعاقبة دون أن تصدر منهم كلمة أحتجاج واحدة وهو مما دفع الدكتور رياك مشار في زيارته الي الشمالية بعد توقيع أتفاقية الخرطوم للسلام للقول: ما الذي يمنعكم من التمرد وأنتم تعانون من كل هذا الأهمال ..وقال مداعبا أهل الشمالية: لو كنتم جنوب مدينة كوستي لأدخلتكم الغابة.لعل التفسير الوحيد والمقبول هو أن أهل التخوم الشمالية أكثر حرصا علي وحدة السودان وقوميته من أهل التخوم الغربية..ولعل دارفور تعد المنطقة الأولي في السودان من ناحية الصراعات القبلية وعلي الناس أن يحصوا كم حربا وقعت بين القبائل هناك وكم بلغ عدد الضحايا والخسائر المادية و مؤتمرات الصلح التي عقدت..أنها بلا شك أكبر من كل ضحايا وخسائر الصراعات القبلية في جنوب السودان. والمؤشر الأهم في ذلك أن مثقفي دارفور لهم القدح المعلي في أذكاء نار الصراعات القبلية في دارفور وأصبحوا خصما علي حركة الوعي والتنمية الأجتماعية التي يفترض أن يقودوا مشاعلها ..ولعل دور زعماء الأدارة الأهلية والنظار في نشر التسامح وتحقيق الصلح بين القبائل في دارفور أكبر من دور المثقفين رغم أن زعماء الأدارة الأهلية ممن ينسبون الي القطاع التقليدي فيما ينسب مثقفوا الأقليم الي الحركة الحديثة التي تحمل لواء الحداثة والتنوير والوعي مما يستوجب عليهم محاربة الجهل والعنصريات لا تدعيمها وتغذية صراعاتها.

    بقراءة عجلي للتاريخ فأن معظم مشروعات التنمية الكبري التي تمت في دارفور قام بها مسئولون من خارج أقليم دارفور..فالطيب المرضي الذي أنتفض ضده أهل دارفور لأنه من كردفان حقق معدلات كبيرة من مشروعات التنمية في دارفور إذا قيس بما حققه الزعيم وأبن المنطقة دريج..كما عرفت مدينة نيالا أكبر مشروعات التحديث في عهد المحافظين أحمد عبدالقادر في سبعينيات عهد نميري والمهندس الحاج عطا المنان في عهد الأنقاذ الراهن..ولعل ذلك يقدح في ذهن المتأمل المقدمات التالية:

    أ- يفشل المسئولون من أبناء دارفور في حكم أقليمهم بينما ينجحون في حكم أقاليم السودان المختلفة والقيام بالمسئوليات القومية الأخري.

    ب- تحققت معظم مشروعات التنمية الكبري في دارفور علي يد حكام من خارج الأقليم.

    ج- يري أهل دارفور أن حكمهم بواسطة حكام من خارج الأقليم أمر غير مقبول ونوع من فرض الوصاية عليهم من قبل الشمال.ونوع من الأستعمار الداخلي كما برز في أدبيات المثقفين المعاصرة.

    هذه المقدمات تقود الي حقيقة واحدة وهي أن مثقفي دارفور لم يقوموا بدورهم في ترقية حركة الوعي الأجتماعي والسياسي في دارفور بل أوغروا صدور الأهالي علي كل من هو قادم من الخارج..وسار علي أهل الشمال المستوطنيين في مدن دارفور المختلفة لفظ الجلابة وأم بربتي أمعانا في أشعارهم بأنهم مازالوا أجانب في دارفور..رغم أن دارفور عرفت من خلال عوامل الولاء السياسي بأستيعاب ودعم القادم من الخارج مثلما حدث في ترشيح البك عبدالله خليل في دائرة أم كدادة حتي كتبت الصحف ..أم كدادة ما ذنبها...هناك حقيقة في النسيج السيسيولوجي للسودان وهو أزياد ظاهرة الزينوفوبيا أي كراهية الآخر كما أشار لذلك الدكتور فتح الرحمن القاضي في مناطق التماس والتقاطعات الثقافية وهي منطقة تمور بمغذيات طبيعية لهذه الظاهرة..ولكن الأدهي والأمر أن دارفور والتي لا تعتبر منطقة تقاطعات ثقافية ولكنها مصهر للثقافات المتنوعة بدأت تعاني من بروز هذه الظاهرة ..وقد جنح مثقفوا دارفور في رسم المعادلة الجديدة بتغذية ظاهرة الزينوفوبيا بين دارفور و السودان النيلي مدعين أن دارفور تعاني من أضطهاد وتهميش ثقافي وتنموي في محاولة لأستنساخ مشكلة جنوب السودان وتوسلوا لذلك بأتباع تكتيكات حركة التمرد بجنوب السودان حذو النعل بالنعل ودخلوا كل جحور الضب التي دخلتها الحركة الشعبية من قبل. ونسي هؤلاء المثقفون أن دعوتهم لأزالة المظالم السياسية والتنموية التي يدعونها قد سلكوا لها مسالك العطب فبدلا من أن يتوسلوا لمطالبهم طرق العدالة السلمية جنحوا الي حمل السلاح ومعادة السودان النيلي زاعمين أنه سبب تهميشهم وأضطهادهم وأنهم عاكفون علي محاربة ثقافة المركز حتي النصر المجهول ..وظلت أبواق دعايتهم تصرخ أن العنصر العربي يخطط ويعمل لأبادة القبائل الزنجية في دارفور بمساندة ودعم من السودان النيلي..

    لقد سود مثقفوا دارفور الصحائف في الترويج لحركة التمرد ونشطوا في أستصراخ المجتمع الدولي للتدخل والأدانة والتنديد وهي محرقة خططوا لها وعقدوا لها التحالفات الداخلية والخارجية واشعلوا شرارتها الأولي وكانوا سينالون كثير من الأحترام لو أنهم أثبتوا طرحا أصيلا خاصا بهم لقضيتهم ولكنهم أستسهلوا أتباع تكتيكات وبرامج حركة التمرد بجنوب السودان وتصوير محرقتهم التي أشعلوها بأنها معركة بين القبائل العربية والزنجية ووجدوا مقابلا للمراحيل الذين ركزت عليهم دعاية حركة التمرد بالجنوب والصقت بهم تهم الرق ..والآن فأن الجنجويد يتم أستخدامهم لنفس المهمة لأثارة المجتمع الدولي وتحريضه للتدخل في دارفور.

    إن طرح مثقفي دارفور لمشروع التمرد الجديد وألحاقه بطرح المناطق المهمشة الذي أبتدرته حركة التمرد بالجنوب يصعد من ظاهرة الزينوفوبيا ضد السودان النيلي الذي هو الأمتداد الثقافي والطبيعي لحضارة أهل دارفور..والغريب إن دارفور في سياقها الثقافي والحضاري أكبر أرتباطا بالسودان النيلي من مشروعات التهميش التي ترعاها حركة التمرد بالجنوب..فكيف سيتم أعادة صياغة هوية أنسان دارفور بعد نزعها من سياقها الحضاري وزرعها صناعيا في مشروعات التهميش الجديدة..ولماذا أرتضي مثقفوا دارفور أن يطروحوا ما يرونه من تظلمات ونداءات لتحقيق العدالة الأجتماعية في أطار مشروع التمرد الجنوبي الذي يعني المغالاة في كراهية الآخر في السودان النيلي الذي تصوره هذه الذهنية بأنه شيلوك اليهودي في رواية تاجر البندقية.

    ولأجراء بعض المقاربات في قضية السلطة فأن أهل دارفور حكموا السودان أكثر من بعض أهل المناطق الأخري مثل الجنوب والشرق.ولعل حكم الخليفة عبدالله التعايشي الذي لم يطل كثيرا يمثل خير شاهد في هذا الأطار فبدلا من أن يسير الخليفة عبدالله في الناس بسيرة المهدي التي ألف بها قلوب الأنصار من مختلف القبائل سار فيهم بسيرة الحجاج بن يوسف وأستعان عليهم بأهله وعشيرته الذين أتي بهم من غرب السودان لمناصرة حكمه..مما أدي لهجر الزراعة والتسبب في مجاعة سنة ستة..و لو أن حكم الخليفة أستمر ولم يحدث الغزو البريطاني لصيرها ملكا عضوضا وعهد بالأمارة من بعهده لأهله وعشيرته خوفا من مؤمرات أهل البحر كما كان يدعي.إن أكبر مشاركة لمثقفي دارفور في السلطة بعد عهد الخليفة عبدالله تمت في عهد الأنقاذ الراهن فقد حصلوا علي أكثر من خمس المناصب في مجلس الوزراء وعدد من المناصب الوزارية الدنيا كوزراء دولة ورئاسات المصالح والمؤسسات الحكومية الأخري وسبق وأن نالوا تمثيلا جيدا في حكومة الصادق المهدي أثناء الديمقراطية الأخيرة ممثليين عن حزب الأمة والجبهة الأسلامية ..كما برز دورهم في الأنقاذ من خلال مشاركتهم وأنخراطهم في عضوية الحركة الأسلامية.. عرف عن كوادر دارفور السياسية في مؤسسات الأنقاذ نشاطها في أجهزة الأمن ومفاصل السلطة ..ولعل الممارسة التي أشتهرت بها الكوادر السياسية من أبناء دارفور في الجبهة الأسلامية وحزب الأمة هو أصرارها علي أسناد المناصب الحزبية علي أسس جهوية خاصة في وسط تنظيمات الطلاب..وقد عرفت هذه الممارسة داخل أروقة التنظيمات الطلابية لحزب الأمة والأتجاه الأسلامي بالجامعات إذ تتجمع كوادر دارفور الطلابية وتمارس الضغط الجهوي لفرض مرشحيهم في المناصب التي يريدونها...والشاهد علي ذلك أن معظم رؤساء أتحاد جامعة الخرطوم الذين مثلوا الأتجاه الأسلامي وحزب الأمة جاءوا من دارفور..بمن فيهم رئيس أتحاد جامعة الخرطوم الحالي.

    إن قضية السلطة تمثل وعيا مركزيا في تفكير متعلمي ومثقفي دارفور فقد ظلوا يطلبونها ويسعون اليها بشتي الطرق في أيام طلبهم بالجامعات وبعد تخرجهم والتحاقهم بالخدمة العامة..ومما يشير الي ذلك هو أن عدد السياسيين الذين أنتجتهم دارفور يفوقون ما أنتجته كثير من أقاليم السودان مجتمعة ولعل السبب الأقرب لذلك هو أستتباب ثقافة الملك والأمارة نتيجة للسلطنات التي قامت في دارفور في دارمساليت بقيادة السلطان بحر الدين ودارفور بقيادة السلطان علي دينار وغيرهما من السلطنات الأخري هذا أضافة الي نظام الأدارة الأهلية القائم علي تراتيبية السلطة من نظار وشراتي وغيرهما.

    إن مدن دارفور المختلفة عرفت تاريخيا بالتجارة البينية وأزدهرت مدن مثل نيالا ومليط والفاشر بالتجارة مع دول الجوار مثل ليبيا وأفريقيا الوسطي وتشاد ..هذا أضافة الي أحتكار أهل دارفور لتجارة الماشية التي أنطلق العاملين فيها الي مصاف المليونيرات خاصة مع أزدهار حركة التصدير الي الخارج..وكان من نتاج ذلك أنشاء مسلخ حديث في نيالا لمباشرة تصدير اللحوم مباشرة عبر مطار نيالا الدولي الي الخارج.

    يحتكر أهل دارفور التجارة في سوق ليبيا ومعظم أسواق مدينة أمدرمان الشعبية أضافة الي تجارة الماشية والضان في العاصمة مما أفرز طبقة من الأغنياء أستحوذوا علي أفضل المناطق في مدن أمدرمان بكدهم وعرقهم المستحق ولعل أقل تقدير يشير الي أن أكثر من 36% من التجارة الحرة في العاصمة يسيطر عليها أهل دارفور.ففي مجال الأثرياء برزت من أهل دارفور شخصيات عظيمة تميزت بالأحسان والعطاء القومي مثل الراحلين آدم يعقوب وبن عمر. كما خرجت علينا الأنباء أن 50 محاميا من أبناء دارفور بالعاصمة أسسوا تجمعا لممارسة الضغط السياسي في قضية دارفور.كم تملك بقية الأقاليم الأخري من الأثرياء في مقام الراحل آدم يعقوب وهل تملك خمسين محاميا يتمتعون بالأستقرار والصيت المهني في العاصمة..إن هذه الحيثيات التاريخية والمعاصرة التي تؤكد مشاركة أهل دارفور في الثروة القومية والسلطة وتمتع أقليمهم بمعادلات تنمية تفتقر اليها معظم أقاليم السودان الشمالية تدحض الي حد كبير الأدعاء بالتهميش .

    إن أكبر آيات النقد المسكوت عنه في شخصية المثقف الدارفوري الذي نتهمه في هذا المقال بتعميق كراهية الآخر في مشروع التمرد الجديد ضد السودان النيلي خاصة أولئك الذي نالوا حظهم من التعليم الجامعي والذين عرفوا بتطلعاتهم السياسية والأجتماعية ..هو أنقطاعهم عن مجتمعاتهم التي أتوا منها وأستعلائهم الثقافي عليها . والشاهد علي ذلك أن القليل منهم من يعود الي أهله بعد التخرج للخدمة في مجتمعه المحلي.. وأشتهر مثقفوا دارفور بطول المكث في العاصمة والتطلع لبناء مستقبلهم المهني في البندر دون أجهاد النفس بالهجرة الي الريف مجددا للأسهام ولو بجزء يسير من وقتهم في مشروعات الوعي والتنمية الأجتماعية في مناطقهم..والأدهي والأمر أن الشمال الذين يتهمونه بالأستعلاء الثقافي وممارسة الأضطهاد عليهم نشطوا في مصاهرته والزواج من حسناواته مترفعين من الأرتباط ببناتهم في الأرياف ومصاهرة مجتمعاتهم التي أتوا منها طلبا للرفعة الأجتماعية في الشمال.. ولعل خير شاهد في هذا الصدد هو زواج الدكتور خليل أبراهيم زعيم حركة العدل والمساواة من مدني بعد معركة أجتماعية طويلة شهدنا بعض فصولها .. ولا يخفي أيضا زواج علي الحاج ومحمد الأمين خليفة من أسرة السناهير الكبيرة بأمدرمان..ومثقفوا دارفور أيضا متهمون بأنهم الأكثر زواجا من الأجنبيات في بلدان الغرب الأروبي..مما يشير الي أنهم يعانون من عقدة الأستعلاء علي مجتماعاتهم المحلية...

    لم أقصد بهذه السجال توجيه أي تجريح ثقافي لمثقفي دارفور..ولكن حاولت أن أثري النقاش الدائر في هذا الصدد بالحديث عن المسكوت عنه في قضية دارفور أنتهاجا لمدرسة الرباطاب التاريخية التي يجلس علي قمتها الشيخ بابكر بدري بسفره التاريخي حياتي .. وهي مدرسة كما يقول الدكتور عبدالله حمدناالله تكشف المستور ولا تستر العورة في الصلاة ورشح لها من المعاصرين المفكر محمد أبوالقاسم حاج حمد.. ولما كانت كل المشروعات في السودان تنادي بالعودة الي منصة التأسيس كما يقول الدكتور منصور خالد نأمل أن يتحمل مثقفوا دارفور هذا النقد كما يراه بعض أهل الشمال ..فأن أحتملوه وفندوه بموضوعية فذلك رجاء المثقف للمثقف وأن طاش سهمهم وأوسعونا قذفا من القاموس المعروف فأن رجاءنا فيهم لم يخب.

                  

01-06-2004, 10:32 AM

اساسي
<aاساسي
تاريخ التسجيل: 07-20-2002
مجموع المشاركات: 16468

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المسكوت عنه في قضية دارفور (Re: خالد عويس)

    وكما قلنا مرارا ان النعرة العنصرية هي المحرك الفعلي للاحداث في دارفور اما ما يقال عن تنمية وثروة وسلطة فهي مجرد شعارات يراد بها باطل ولكن استوجب ان يكون هناك تمردا في دارفور لتمرد ابنائها علي مثقفيها وساستها من ابنائهم فهم الذين غرروا بها مرارا
                  

01-06-2004, 12:42 PM

أحمد أمين
<aأحمد أمين
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 3371

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المسكوت عنه في قضية دارفور (Re: اساسي)

    شكرا أخي خالد
    علي هذا المقال
    --------------------------------------------------------------
    تعليق

    ما لذي حدث للإسلاميين السودانيين؟
    كيف ينتقل العقل الأصولي من الأصولية الإسلامية الي الأصولية العرقية؟ درس نتعلمه اليوم من تنابلة السلطان السابقين والحاضرين من الإسلاميين السودانيين. وأسئلة نرجو يجيب عليها من يعلم شيئا عن دهاليز الفكر الإسلامي السوداني المعاصر.

    دعونا نعود الي وضع الأمور في مكانها الصحيح بطرح الأسئلة الصحيحة:

    من طرح عبد الحفيظ حميدة يبدو إنه من مؤيدي النظام الحالي والذي نجح في تأسيسه تنظيم يسمي باسم الجبهة الإسلامية الذي كان في يوم من الأيام يضم أعضاء من كل أنحاء السودان وخصوصا دارفور ويحلم بغزو العالم وتصدير الثورة الإسلامية والمشروع الحضاري والعالمية الإسلامية، وعند انقسام هذا التنظيم خرج علينا المنقسمين بالكتاب الأسود والقابضين علي كراسي السلطة بكل الاستعارات القبلية والاستعلائية والعنصرية وإعادة أنتاج صراع الدولة المهدية في القرن الحادي والعشرين، مالذي حدث لهذا التنظيم الذي كان يعد من أنجح الأحزاب السياسية في منتصف الثمانينات من حيث النشاط السياسي والتركيبة القومية لعضويته، مالذي حدث لتنظيم أصبح الفرد الإسلامي الاممي الآن يفاخر بجعليته وشايقيته وزغاويته ودنقلاويته الي اخره من المفردات القبلية التي انتشرت في الآونة الأخيرة ربما هو تأصيل جديد لاية ( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا وإن أكرمكم عند الله اتقاكم). وماذا يريد منا هؤلاء الإسلاميين العرقيين الجدد؟ ماذا يريدون من هذا الشعب الذي تسلطوا عليه بكل جبروتهم ومارسوا فيه كل قهرهم، هل الآن يريدوننا أن نحارب لهم حربهم العرقية الجديدة بعد أن خلص جهادهم ضد الكفار.
    كما سبق أن كتبت في نقدي للكتاب الأسود أن الشعب السوداني لن يفهم كيف يمكن أن يتحول كادر كان يقود الكتائب ويقاتل في جنوب السودان، يعود ألان ليرفع شعار التهميش دون تقديم أي مبررات أو حتى اعتذار لهذا الشعب المغلوب علي أمره عن ممارساته السابقة.
    لكن هذا الشعب أوعي من ذلك بكثير ونحن نقول لطرفي العرقية الأصولية من بالسلطة منهم ومن يعارض الا ن أرفعوا أيديكم عن دارفور، وإن من يريد أن يصفي حساباته مع من يريد فليصفيها بعيدا من استغلال قضايا حقيقية لأهلنا بدار فور، لأن الحرب في دار فور وفي تقديري كانت ولازالت هي دفاع عن النفس أكثر منه حربا ضد أحد، غبنا من الموقف الذي وقفه جهاز الدولة في حماية المواطنين الأبرياء من القتل المستمر بواسطة المليشيات القبلية.

    (وأنا اقترح اعطاء الطرفين مساحة كبيرة في صحراء العتمور حتى يفشوا فيها غبينتهم ونخلص من الموضوع ده بدلا من استغلال قضايا حقيقية للناس)
                  

01-06-2004, 12:48 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المسكوت عنه في قضية دارفور (Re: أحمد أمين)

    شكرا على المداخلات
    وأنقل مرة أخرى من سودانايل مقال آخر



    التجمع العربى... ومحاولة إلغاء الآخر فى دارفور! (2-2)

    د. حسين آدم الحاج

    الولايات المتحدة الأمريكية
    [email protected]

    إمتلأ بريدى الإلكترونى بالرسائل العديدة من أبناء دارفور وغيرهم المنتشرين حول العالم كثيرين منهم أصدقاء لى أكن لهم كل المحبة والتقدير, حيث أدلوا بتعليقاتهم على الحلقة الأولى من هذا المقال, وبرغم تراوح تلك الرسائل بين درجات الإستحسان والعتاب والإقتراحات ولفت النظر إلى جوانب موضوعية من قضية دارفور إلاَّ أنَّها جميعاً إتفقت على وجود مشكلة على درجة عظيمة من الأهمية تتطلب تكاتف كل أبناء دارفور بجانب كافة قطاعات الشعب السودانى لحلَّها حفاظاً على سلامة أهل الإقليم والمحافظة على ذلك النسيج الفسيفسائى الفريد فى تعدد القبائل وتنوعها كما أشار إليها بمتعة دكتور فتح الرحمن القاضى فى مقال نشر له قريباً بهذه الصفحة, وبالرغم من عدم تمكنى حالياً من الرد على معظم تلك الرسائل إلاَّ أننى أثمنَّها جيداً وأشكرهم على ملاحظاتهم وتعقيباتهم فقد أمدونى بالكثير من المعلومات الدقيقة التى خفيت عنى من تاريخ دارفور الحديث وطبيعة العلاقات الإجتماعية فيها بجانب بعض الوثائق سأحفظها فى إرشيفى الخاص, إنَّ الشاهد فى الأمر هو أنَّ أى بحث علمى جاد لا بد أن يترك أثراً فى محيط مجاله ومتلقيه وتبقى العبرة بتطوير الجوانب الإيجابية فيها وتقليل, أو تحييد, الجوانب السلبية, وهذا ما نود أن يحدث فيما يختص بالنزاع القبلى بدارفور.

    ولقد تساءلنا فى منتهى الحلقة الأولى من هذا المقال عمَّا إذا حدث أى تغير أو تطور فى عقلية أهل التجمع العربى, أو ما يسمى بذلك, منذ تلك المذكرة التى رفعوها لرئيس الوزراء السيِّد الصادق المهدى فى أكتوبر 1987م, وردود الفعل التى صاحبتها حينها؟ يمكننا الإجابة على هذا التساؤل من خلال قراءة فاحصة للنشاط الإجتماعى العام, على المستويين المحلى والقومى, لمجموعة التجمع العربى ومقارنة ذلك بواقع الحال فى دارفور, إضافة إلى ردود فعل معظم شيوخ وأبناء القبائل العربية التى عبَّرت عن رفضها وإستنكارها لما يحدث فى الإقليم من خراب ودمار, و يمكننا من خلال هذه القراءة ملاحظة ثلاثة جوانب جديرة بالإهتمام, أولها أنَّ هذا التنظيم كاد أن يتلاشى بعد المذكرة التى رفعوها للسيِّد رئيس الوزراء بعد إستنكار معظم الفعاليات السياسية لها ونفور الكثير من الناس منها كرد فعل لذلك, وعلى حسب ما علمنا مؤخراً أنَّ أغلبية الذين وقعوا على تلك المذكرة تراجعوا عنها وأبدوا أسفهم للضجة التى صاحبتها, وذكروا بأنَّهم لم يقصدوا إثارة أى فتنة بل كان الأمر بالنسبة لهم مطالب منطقية لتنمية مناطقهم وإنصافهم فى المشاركة العادلة فى السلطة, وبدورنا فنحن نعتقد بأنَّ هذا هو الشعور الحقيقى ليس لأبناء القبائل العربية فقط بل و لكل أهل دارفور والمناطق المهمشة عموماً فكما قيل إنَّ المصائب تجمع المصابينا ومن أجل ذلك نشاهد نشوب هذه النزاعات على المستوى القومى؟ ولعلَّ الزيارة التى قام بها المهندس عبدالله مسار برفقة الدكتور أحمد بابكر نهار لمناطق الحركة المسلحة بشمال دارفور وقضاءهم نحو شهر فى تلك الرحلة للتوسط بين المسلحين والحكومة ما يدعم التوجه البنَّاء لدعم التعايش السلمى بالإقليم, بل أننا نلاحظ بروز بعض الشواهد فى ذات الإتجاه منها بيان "إتفاق للتعايش والتنمية في دارفور" الذى صدر بالخرطوم قبل أقلَّ من شهرين وقعَّه كل من الناظر محمد يعقوب العمدة ناظر قبيلة الترجم ورئيس وفد القبائل العربية في وحول جبل مرة والسلطان صلاح الدين محمد الفضيل آدم رجال, السلطان المكلف لقبيلة الفور, اللذان توصلا فيه لأتفاق شامل ينهي حالة الإقتتال والإحتراب بالمنطقة, وقد أكدا فيه أنَّ القبائل العربية في وحول جبل مرة وقبيلة الفور قد تعاهدت وتواثقت على العيش بسلام لا رجعة فيه, كما نبذا مبدأ الإقتتال بصورة جادة وحازمة إنطلاقا من تعاليم الإسلام الحنيف وإهتداءاً بإرث دارفور في معالجة النزاعات, وتعاهدا فيه على القيام بطواف مناطق النزاع لتهدئة الخواطر ولجم فوهات البنادق تحقيقا للتعايش السلمي والولوج في تنمية دارفور, وبدء صفحة جديدة مؤكدين أن ما يصيب الفور سيصيب العرب وما يصيب العرب سيصيب الفور أيضاً (صحيفة ألوان 17/11/2003م), ومن الواضح أنَّ هذا البيان يعكس فطنة قيادات الإدارة الأهلية الذين للأسف تمَّ تغييبهم تماماً خلال الفترة الماضية عن القيام بواجبهم فى إطفاء نيران الفتنة بدارفور, كما أنَّه تناول بيت القصيد ووضع أصابعه على الجرح, ونتمنى أن يتواصل العمل فيه ليجد حظَّه من التنفيذ. كما نما إلى علمنا مؤخراً من الإخوة فى الرياض بالمملكة العربية السعودية عن مؤتمر عقدوه يوم 24 ديسمبرالماضى وحضره السفير السودانى قدَّم فيه بعض المثقفين من أبناء القبائل العربية أوراق متوازنة عن قضية دارفور, وقد وصلتنى منهم ورقة أساسية قدَّرتها كثيراً حيث ركزت على خطوات عملية للحل الشامل نرجو منهم نشرها على صفحات الإنترنت تعميماً للفائدة وحتى يتمكن أبناء دارفور والمهتمون بأمرها داخل وخارج السودان من الوقوف عليها.

    الملاحظة الثانية التى يمكن أن نستنتجها هى إعتقادنا أن هذا التنظيم قد نشط مرة أخرى فى مطلع التسعينات قبل أن ينحسر تماماً بعد مذكرتهم الشهيرة لرئيس الوزراء, وأنَّ دماء الحياة قد دبَّت فى عروقها فجأة بعد إنقلاب الإنقاذ ثمَّ قفزت درجات فى سلم تطورها خاصة بعد حملة بولاد حيث وجدت الرعاية والعناية الكاملة والدعم من النظام الحاكم, ولعلَّ مخطط تقسيم ديار القبائل الكبرى وتفتيتها عبر ما يُعرف بنظام الأمارة, حيث تم فرض توطين بطون قبلية صغيرة, نعتقد أنَّها وافدة, وإعطائها إدارات رسمية فى قلب الديار الكبيرة, شكلَّت حجر الزاوية فى إتجاه تطور سلبى, فحين إعتبرت الحكومة وهب تلك الأراضى والأمارات بمثابة تشجيع لتلك القبائل ومكافئة لوقوفهم بجانبها لكنهم من جانبهم إعتبروها ضوءاً أخضراً للإستيلاء على المزيد من الأراضى بقوة السلاح وفرض الأمر الواقع, ودعوة آخرين من بطون قبائل بتشاد للهجرة والإستقرار بدارفور, فكانت هذه النزاعات وحملات الإبادة التى تتسترعليها الحكومة والتى وجدت إدانات عالمية واسعة من ناحية وزادت من إستنكار كل أهل دارفور لها من ناحية أخرى, وفى الحقيقة تبدو الصورة شبه مقلوبة فى هذه المعضلة فالحكومة هى الظالمة تدفع بالمليشيات المساندة لها لتنفيذ خططها, وتختبئ وراء ظهورهم, فيظهر للعالم أنَّ الجانى الحقيقى هم هؤلاء المجموعات وربما ينداح الإتهام بفعل تعميم الإعلام ليشمل القبائل العربية جميعاً, وإذا بدأت أصابع الإتهام العالمية تشير إلى الحكومة, وهى محقة فى ذلك, فإنها لا تتردد فى أن تتبرأ من تلك المليشيات, وذلك ما قصدناه تماماً من الآية الكريمة التى أوردناها فى صدر الحلقة السابقة من هذا المقال, واليوم عندما يُكوِّنْ أهل كلبس لواءاً كاملاً لقتال مسلَّحى دارفور, حسب طلب رئيس الجمهورية, ويحدث من القتل والدمار ما يحدث فإنَّ الحكومة لن تتردد أن تتبرأ منهم أيضاً أسوة بسابقيهم, ولذلك فإنَّنا نعتقد بأنَّ المرتبطين بتنظيم التجمع العربى اليوم هم أقلية وفى إضمحلال مستمر ولا يمثلون إلاَّ أنفسهم وقد يكونوا متحالفين مع بعض الفئات العربية التى نزحت من دولة تشاد وتبحث عن مواطئ قدم لها فى الإقليم, ولذلك كان هذا القتل الجائر والخراب الذى ضرب البلاد والعباد.

    الملاحظة الثالثة تعكس جانب سلبى وتتمثل فى تصريحات حكومية يدلى بها بعض التنفيذيين الحكوميين من أبناء الإقليم حول جوانب تتعلق بالنزاع المسلَّح فى دارفور, هؤلاء الإخوة وبحكم مناصبهم يمشون على خيط رفيع بين مسئولياتهم الرسمية وخلفياتهم القبلية ولذلك فإنَّ أى كلمة تصدر منهم يجب أن تكون محسوبةً تماماً لأنَّ تداعياتها قد تتعدى الأطار القومى إلى المحلى وقد تنتقل من العام إلى الخاص, فيسؤ الفهم والظنِّ معاً, وفى هذا فإننا نتمنى أن يوازن حاكم جنوب دارفور فى تصريحاته تجاه الحركة المسلحة بالإقليم, و مع إيماننا التام بحقِّه فى القيام بما يستوجب عليه من المسئوليات إلاَّ أنَّه يجدر أن ينظر للمنظر العام برؤية تستوعبه كاملاً, وينسحب هذا القول أيضاً على وزير التجارة الخارجية, فقد يكون لائقاًً أن يطلب من أفراد الجيش الذين إلتقاهم فى حامية أعالى النيل بملكال الذهاب إلى دارفور لضبط الأمن, ذلك يكفى لتوصيل رسالته تماماً, أما أن يطلب منهم "سحق" الحركة فلا نظن أنها لغة توفيقية البتة, نعتقد بأَّنها قد قرعت فى نفس كل من قرأها حتى من بعض الذين من هم ليسو من أبناء الإقليم.

    إنَّ الجانب الإيجابى فى هذا الأمر هو إجماع أهل دارفور, إلاَّ القلة والأجانب, على ضرورة رتق الخرق الذى إتسع مداه خلال العقد الماضى, وهى من المظالم التى ألمَّت بدارفور وتتحمل الحكومة جرائرها خاصة فى جانب سياساتها القائمة على ضرب القبائل بعضها البعض, ولقد نشأنا فى دارفور ولم نسمع بعبارات عرب وزرقة حتى صرنا رجالاً مما يدعم إيماننا بحتمية التعايش السلمى والدور الحاسم التى ظلَّت الإدارة الأهلية تقوم به فى تعزيزها, وإمكانية إستعادة دورها المنوط بها لضبط حركة القبائل والمجتمع العريض مع ضرورة تحديثها بوسائل وآليات فعَّالة لا تؤدى إلى مسخها وتشويهها بل إلى زيادة كفاءتها وعملها على النحو المرجو, ولعلَّ قياداتنا الأهلية من سلاطين وملوك ونظَار وشراتى وعمد يعرفون دورهم جيداً ويريدون فقط أن تعود إليهم تلك الثقة بأنَّهم فى إمكانهم أن يفعلوا شيئاً إيجابياً.

    أمَّا فى جانب القبائل العربية فقد بدأنا نلاحظ إشارات صادرة من بعض ممثليها تنفى وجود تجمعاً عربياً موجهاً ضد أى جهة فى دارفور, وقد يدعم هذا قولنا آنفاً بإنحسار التجمع العربى وإضمحلالها نتيجة للوعى الإيجابى عند المثقفين من أبناء القبائل العربية, بل إنَّ بعضهم ذكروا صراحة بأنَّهم لم يسمعوا بإسم التجمع العربى أو تنظيم قريش إلاَّ من خلال وسائل الإعلام الشيئ الذى يدعم قولنا أيضاً بأنَّ تلك الجماعات يمكن أن تكون أقلية لكن أفعالها الشائنة قد إنسحبت على الكل, وربما يكون مفيداً هنا أن نورد بياناً عاماً صدر مؤخراً من إعلام اللجنة السياسية لمجلس تنسيق القبائل العربية بجنوب دارفور, وتم توزيعها على وكالات الإعلام بنيالا, تؤكد ما ذهبنا إليه فى تحليلنا أعلاه, كما نعتقد بأنَّها تحتوى على العديد من الإشارات الإيجابية نرجو أن تجد الجهود لتطويرها وتعزيزها, ويا ليت لو تواترت مثل هذه البيانات من كل القبائل والأفراد والفعاليات السياسية ومنظمات المجتمع المدنى بالإقليم, فإلى صيغة البيان:

    مجلس تنسيق القبائل العربية

    اللجنة السياسية

    بيـان رقم (1) لجماهير ولاية جنوب دارفور

    بسم الله الرحمن الرحيم

    يقول المولى عز وجل ( يا أيها الناس أنا خلقناكم من ذكر واثني وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله وأتقاكم), ويقول سبحانه وتعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الأثم والعدوان) صدق الله العظيم

    لقد ظلنا نعايش ونتابع مشاكل ولايات دارفور عامة وجنوب دارفور بصفة خاصة بكل الآسي والحزن متفاعلين مع كل الجهود التي بذلت وتبذل لإيقاف كل مهددات الأمن من نهب مسلح وصراع قبلي حول الموارد الشحيحة أصلاً سواء كانت هذه الجهود رسمية وشعبية وذلك من خلال المؤتمرات واللقاءات التي تعقد على مختلف المستويات ولكن بحلول عام 2003م فوجئنا كما فوجئ الجميع بأن الأمر قد تغير كثيراً وأن هناك حركات مسلحة قامت بها بعض القبائل في دارفور الكبرى منادية بتحرير دارفور تارة وتحرير السودان تارة أخرى فرفعت شعارات [جيش تحرير دارفور D.L.A وجيش تحرير السودان قطاع دارفور S.P.LA] وظهرت شعارات أخري مثل [مفز] والذي يرمز إلى أسماء القبائل التي قادت التمرد في هذه الولاية بالأحرف الأولى من الأسماء ونتيجة لذلك تعرضت مدن الولاية الكبرى مثل الفاشر وكتم ومليط والطينة إلى غزو غادر راح ضحيته نفر كريم من أبناء الولاية من منسوبي القوات المسلحة والمواطنين العزل بجانب القوات النظامية الأخرى، ودمرت ممتلكات الشعب من طائرات ومخازن السلاح وأموال كثيرة نهبت ، ونشرت هذه الجماعات الهلع والخوف في نفوس المواطنين وروعت الأمنيين منهم وكان ذلك امتداداً لما حدث في قولو وطور ودربات مما يؤكد ارتباط هذه الحركات بعضها ببعض ووحدة قيادتها وبالتأمل الموضوعي والتقصي لمجريات الأمور ومن واقع البيانات الصادرة من هذه المجموعات القبلية، عبر مختلف وسائل الإعلام تأكد أن المقصود ليس هو المطالبة برفع الظلم ولكنه تحرير دارفور من العنصر العربي وكل من يتحالف معه سعياً لتفتيت دولة الإسلام والعروبة في السودان ، حسبما جاء على لسان وفدهم أمام سفراء الدول الغربية في إجتماعهم بنيالا بقاعة الشهيد الخليفة عبدالله يوم الاثنين الأول من ديسمبر 2003م وما وضح جلياً من خلال مقررات مؤتمر نرتتي ورؤية أعيان الفور لأحداث دارفور الكبرى في أجتماعاتهم بالخرطوم. وهكذا تستعين هذه الجماعات المتمردة بالأجانب وتستنصر بهم فيمدونهم بالسلاح والأموال والدعم المعنوي ويكفي ما قاله ممثلهم في لندن لإذاعة البي بي سي.

    وحتى تجلي الحقائق للجميع فإن مجموعة القبائل العربية في دارفور الكبرى وجنوب دارفور خاصة لم ولن تجتمع لإقصاء أحد فأهدافنا تتمثل في دعم كل الجهود الرسمية والشعبية في بسط الأمن والسلام وتحقيق التنمية لكل أبناء السودان في دارفور وسيلتنا في ذلك العمل على القضاء جميع المهدات الأمنية المتمثلة في الآتي: -

    1- النهب المسلح.

    2- النزاعات القبلية.

    3- العصبية القبلية تحقيقاً لقوله تعالى (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا).

    4- التقرير بأن تناول السلطة يجب أن يتم عبر الشورى والعصبية الحزبية ومنظمات المجتمع المدني وليس على أساس القبيلة أو الجهة.

    5- دعم الجهود الرسمية محلياً وقومياً في تحقيق التنمية المتوازنة لأبناء دارفور.

    6- مد جسور التآخي مع الجارة الشقيقة تشاد تأكيداً للعلاقة الأزلية ذات الخصوصية حيث أن كل من السودان وتشاد عمق طبيعي وامتداد للآخر.

    ومن أجل ذلك نعلن لجماهير أبناء دارفور خاصة ولأبناء السودان عامة أنه ليس هناك تجمع عربي ضد أحد فرداً كان أو جماعة وإنما توحيد للصف درءاً لأي مفسدة.

    ومن هنا نناشد الذين تسترقهم الحزبية الضيقة والقبلية الممقوتة والجهوية المؤطرة أن يتقوا الله في مواطنيهم ووطنهم وإلا يتاجروا بقضية دارفور.

    وإلى الذين تتاح لهم فرصة مخاطبة المسلمين من على منابر المساجد عليهم أن يتقوا الله أيضاً في تناولهم لقضايا الأمة والوطن بحياد ونزاهة ونسألهم أين كانوا عندما ضربت الفاشر ودمرت الطائرات وأزهقت الأرواح البريئة في كتم ومليط والطينة وقولو وطور ودربات.

    أننا نمد أيدينا بيضاء للسلام عملا بقول الله تعالى الذي بدائنا به هذا البيان ونعلن وقوفنا مع كل الخيريين من أبناء الولاية وأبناء السودان عامة دعماً لدعوة الحق والإيمان إقراراً للأمن والسلام ،بسطاً للعدل والتعايش السلمي من أجل إعادة دارفور إلى سابق عهدها وذلك حتى تخرج الولاية والبلاد عامة من رق العصبية القبلية والتمرد والخروج على دولة الإسلام في السودان التي تجعل المواطنة أساساً لنيل الحقوق والقيام بالواجب لا الخضوع والخنوع والتباكي أمام أعداء الأمة والإسلام بل نعمل من أجل دارفور العزة والكرامة بالندية مع كل شرائح المجتمع المحلي والقومي والدولي دعاة أمن وسلام وتنمية واحتراماً لحقوق الإنسان التي أقرها رب العزة في قوله (وكرمنا بني آدم) يا أهل دارفور تعالوا إلى كلمة سواء لبناء مجتمع الوحدة والإخاء والتنمية ولرفاهية من أجل أجيالنا القادمة بأذن الله.

    وإلى لقاء آخر إنشاء الله لكشف الهوية التاريخية.

    ختام:

    نعتقد إبتداءاً أن همَّ دارفور يجب أن يكون على قلب كل مواطن من أهل الإقليم وضمير كل سودانى, ولقد كررنا من قبل أنَّ أى خير يأتى للإقليم سيعم كل أهله وأى شرٍّ سيؤذيهم جميعاً, وعندما يميل البيت فإنَّ أهله هم من "يُلقُّونه" ويصلحون من شأنه, وبيت دارفور اليوم مائل ولذا يجب, بل يكون فرض عين, على بنيه المبادرة بذلك, ونود أن نرى إهتماماً أكثر من المثقفين تجاه ذلك, وعليه نريد أن ندلى بدلونا عبر مقترحات محددة فى محاولة لتبصر أقدامنا على طريق الحل, وهو جهد يجب أن نقوم به جميعاً دون عزل أو إقصاء لأحد, ونعتقد:

    (1) أن يتحلى المثقفون وذوى المكانة من أبناء الإقليم بالتجرد من أى مصلحة ذاتية من أجل مصلحة دارفور, فالنظر لدارفور من خلال منظار عريض يستوعب أهله جميعاً هو الخطوة الأولى ومفتاح الحلول لمعظم المشاكل القائمة.

    (2) أن يكون رأب الصدع الإجتماعى لأهل دارفور الهدف الأكبر والأسمى فى هذه المرحلة من أجل تمتين الوحدة وإرساء دعائم التعايش السلمى بين كل الطوائف.

    (3) أن تكون هنالك هيئة لدعم السلام فى دارفور الكبرى وأن تعتمد أفكاراً وخططاً خلاَّقة ذات فعالية ومردود سريع لتثبيت دعائم السلم والتسامح الإجتماعى منها (كما ذكرنا فى مقالات سابقة) تكوين جيش للسلام يكون مكونَّاً من عناصر مؤهلة من أبناء الإقليم من حملة الشهادات الجامعية, و يتم تدريبهم فى فنون ووسائل فضِِّ النزاعات وتأهيل برامج للسلام وإقامة الورش الإعلامية ومراقبة المسارات والتدخل السريع فى حالات الحروب وتقديم الإغاثة.

    (4) إنشاء هيئة إقليمية لتوفير مشاريع المياه وصيانة الموجودة منها ورسم خرائط بشرية و مائية وزراعية ورعوية للإقليم.

    (5) أن تتم وضع برامج علمية وعملية لمكافحة الجفاف والزحف الصحراوى وإدخال عمليات رش البذور بالطائرات وتقليل الإعتماد على الفحم والحطب كمصادر للطاقة وإستبدالها بأنابيب الغاز والكيروسين.

    (6) أن يتم إلغاء كل القرارات الفوقية التى صدرت فى عهد الإنقاذ لتفتيت ديار القبائل مع الحفاظ على مبدأ تمتع كل المواطنين بحقوق المواطنة فى التحرك والتملك والرعى والزراعة فى كل مناطق الإقليم دون التعدى على حقوق الغير أو اللجؤ للقوة.

    (7) تثبيت ديار القبائل مثلما كانت فى ماضيها وعدم السماح للقبائل التشادية الدخول للإستقرار فى الإقليم.

    ( إعادة الإدارة الأهلية وتمكينها من القيام بواجبها فى الحفاظ على النسيج الإجتماعى والقبلى لأهل دارفور وإرساء دعائم التعاون والتعايش السلمى, وتحديثها من خلال إنشاء منبر أو مجلس أهلى يتكون عضويته من كل زعماء وشيوخ القبائل على قدم المساواة وتكون له أمانة عامة وتجتمع مرتين على الأقَّل سنوياً للتفاكر فى شئون الإدارة الأهلية بالإقليم.

    (9) الإستفادة من الخبرات العالمية فى دعم التعايش السلمى مثل "مشروع أبيى" الذى طبقته وكالة المعونة الأمريكية فى منطقة أبيى وأحدث أثراً إيجابياً فى تلك المنطقة تغرى بتطبيقها فى دارفور.

    (10) التنمية الإقتصادية والإجتماعية الشاملة من خلال إعتراف الحكومة للطبيعة السياسية لمشكلة دارفور والإسراع فى إثبات جديتها تجاه ذلك.

    فى الختام أحب أن أوضح أن هدفى من هذه المقالات حول الجنجويد سابقاً, ثمَّ التجمع العربى حالياً, ليس هو "شيل حال" لأفعال قلة من أهل دارفور وأجانب غريبين عنها, بل إنَّه لمن أوجب الواجبات أن يعرف مجتمع دارفور خاصة, وكل المجتمع السودانى, وقبلهم الحكومة السودانية إن لم تكن تعرف, هذه الحقائق حتى تتم معالجتها بعمق وحكمة, ولذلك يجب أن تتوفر كل المعلومات مهما كانت مؤلمة فعن طريق تحليلها بحكمة وتعقل فى إطار البيت الواحد يمكن التوصل للحلول الجادَّة, من ناحية ثانية إنَّ سياسة دفن الرؤوس فى الرمال هى لبَّ المشاكل ومصدرها خاصة فى مجتمعنا السودانى المتشكل, وهو مجتمع ما زال قائماً على القبلية والعرقية والجهوية تطورت بصورة مزعجة خلال العقدين الماضيين على طول البلاد وعرضها, وهى دائماً ما تؤدى إلى تعقيد المشكلات إلى مستويات يستحيل معها الحلول التوفيقية كما نشاهد جلياً فى سيناريو المفاوضات الحالية للتوصل لسلام فى الجنوب, فلو جلس أولئك المتنفذون يومها إلى الإخوة الجنوبيين عام 1955م وإستمعوا إلى أشواقهم فى دولة السودان المستقل, وإلتزموا بها وطنياً ودستورياً, لما كان الحال كما هو عليه الآن, لكنه قصور فى النظر وضيق فى الأفق وشح فى الخيال البناء, ولذلك نتمنى ألاَّ تكرر الحكومة ذلك الخطأ القاتل مرة أخرى فى دارفور, ونسأل الله تعالى ألاَّ ينتهى هذا العام إلاَّ وقد تمدد غطاء السلام ليشمل كل دارفور بعد أن إقترب تمدده على جنوب الوطن, وكل عام وأنتم بخير.
                  

01-06-2004, 02:00 PM

theNile
<atheNile
تاريخ التسجيل: 02-10-2002
مجموع المشاركات: 365

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المسكوت عنه في قضية دارفور (Re: خالد عويس)

    (عدل بواسطة theNile on 01-06-2004, 02:02 PM)
    (عدل بواسطة theNile on 01-07-2004, 00:45 AM)
    (عدل بواسطة theNile on 01-07-2004, 00:47 AM)

                  

01-06-2004, 03:04 PM

Zoal Wahid

تاريخ التسجيل: 10-06-2002
مجموع المشاركات: 5355

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المسكوت عنه في قضية دارفور (Re: خالد عويس)

    الاخ the nile


    لقد كنت استمتع بمقال د. حسين حتى طلعت علينا بكلامك الغريب ده

    يا اخي قبل كده قامت الدنيا ولم تقعد والناس بتقول قرنق قال عايز يشرب القهوة من ايادي بنات المتمة. فقداختزل بعض السطحيين قضيته في رؤية امراة لاثارة النعرة القبلية المعروفة لدى الجعليين.

    الآن CD بدلا عن الاسطوانةالمشروخة.
    لقد كان في امكان اؤلئك الرجال ( ولازال ) الارتباط بمن شاؤا من النساء النيليات وقد غنى بعضهن لود الغرب.

    اسلوب صاحبك هذا يخالف اتهام البشير لهم بانهم مجرد لصوص وقاطعي طرق. نصدق مين؟

    القضية كبيرة وبحاجة لقلوب كبيرة لحلها.
                  

01-06-2004, 04:38 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المسكوت عنه في قضية دارفور (Re: Zoal Wahid)

    الاخوة الأعزاء
    طابت أوقاتكم بكل خير

    أعتقد أن أية محاولة لتسطيح أو تبسيط (ما يحدث الآن ) من غليان في الوطن ، وأختزاله في مسار سجالات متمحورة حول الذاتية والجهوية والمناطقية والقبلية سيكون مؤداه نتيجة واحدة : ضياع هذا الوطن الجميل !!
    تعرفون !! أشعر بأنه ما من أحد لديه أدنى استعداد للتضحية من أجل (الكيان القومي) ، بل أنه مهمل ومنسي و... يزدريه البعض ، من خلال التفافاتهم واختزالهم مأساته في نقاط لا تفيد الا مزيد من تمييع القضايا وترهلها !!
    الى متى سيظل يناور مثقفو السودان وطليعته النخبوية حول (مصالحهم الذاتية ) بالدفاع المقيت عن جهاتهم وقبائلهم لضمان (مصالح مستقبلية ) بالمواقع السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية . أشك كثيرا في مدى انتماء وولاء المتشنجين الأعلى صوتا في قضايا كهذه . هؤلاء ، لا يتطلعون أبدا لمصلحة الوطن الكبير ، بقدرما تهمهم (المراكز) التي سيجنونها لمجرد صياحهم وزعيقهم في (وجه الآخر ) . أستغرب ، أن أدب الاعتراف ومصارحة الذات بل وتقريعها ، وثقافة الشفافية ، لم تتسلل الى الآن الى ثقافتنا الجمعية . فالكل مهمومون بطرح قضايا تنحصر بين مرآتين (الدفاع عن الذاتية الجهوية والقبائلية ) و( مهاجمة الآخر الجهوي والقبلي ) ولومه .
    تريدون الصدق ؟ كلنا أرتكبنا جنايات فظيعة بحق هذا الوطن .
    كلنا ظالم ومظلوم !!
    ان المثقف الحقيقي الذي يريد لوطنه الخير ، لن يحصر رؤيته في نطاق ضيق جهوي أو مناطقي ، لا يفيد الا مصالحه الذاتية (الآنية ) . ولو نظر كل منا الى المشكلة كمشكلة قومية تخصه (كسوداني أولا وأخيرا ) ، سيرى أن الصدق يقتضي باعترافات من مثقفي الشمال والجنوب والغرب والشرق والوسط بارتكابهم حماقات خرافية منذ 50 سنة كارثية في تاريخنا .
    نعم ، ان مثقفي الشمال _ الجغرافي _ ملامون ، لأن غالبيتهم كانوا انتهازيين ، لم يفككوا النظرة الاستعلائية لدى أهلهم ، ولم يقدموا شيئا لانسان الشمال . لكن الواقع يقول بأن غالبية مثقفي الجنوب ، كانوا كذلك . لم يفككوا ، ولم يسعوا _ كنظرائهم في الشمال تماما _ لتفكيك القبلية لجهة مشروع قومي ، بل أنهم كنظرائهم في الشمال كرّسوا الواقع القبلي لصالحهم . أليس هذا ما حدث في دارفور وشرق السودان كذلك .... بتفاوت ؟!
    ان هذا الشعب العظيم أبتلي بمثقفيه _ وأستثني قلة مهمومة فعلا بالوطن .. كل الوطن _ ، والواقع أن معظم مثقفيه أداروا الصراعات بأشكال مختلفة ، وحركوا العناصر السياسية ، والدينية ، والجهوية ، والاقتصادية ، ليصب الصراع في صالحهم في خاتمة المطاف . ان غالبيتهم يعيشون في رغد من العيش على عكس مواطنيهم . وهم لا يحاربون ، اذ يكتفون بالتنظير فقط . وهم لا يقدسون مبادءهم البتة ، ولا يتخندقون للزود عنها . وتظل اشكالاتهم محصورة في ذاتيتهم .
    اننا نسعى بجهل فاضح وبانتهازية غريبة ، لتكريس واقع الفرقة والكراهية .. لنجني الفوائد والمصالح .
    متى سيعترف مثقفو الشمال بالذات ، بأن قدرا من العنصرية ، ضمن للطاغية السفاح نميري البقاء ستة عشر عاما ، مدعوما بانتهازيين من كل جهات السودان ؟ متى سيعترفون بأن انقلاب الانقاذ على الرغم من أيدلوجيته الفاقعة ، الا أنه تضمن قدرا من العنصرية ؟ لماذا معظم أعضاء مجلس قيادة الثورة ، كانوا من أبناء منطقة جغرافية واحدة ؟ لكن في المقابل ، لماذا بالفعل تحلّق عدد مقدر من أبناء دارفور أيضا حول بعض الجهات الحكومية والأمنية والاقتصادية في عهد الانقاذ ؟ ألم يكن في الأمر عنصرية أيضا ؟ لماذا صمت مثقفو الشمال على اتهام الأب فيليب غبوش بتدبير انقلاب عنصري في الثمانينات ولم يتهموا الانقاذ بذلك ؟
    ما ينطبق على هؤلاء ، ينطبق على معظم مثقفي السودان من الجنوب والشرق أيضا _ بتفاوت _ .
    يا سادتي ، ليس الموضوع الآن ، موضوع صراع المثقفين الانتهازيين في الشمال ودارفور . بل ، عليهم أن يدفعوا الثمن الذي أكتوى به الجميع في أنحاء السودان المختلفة . ان المعركة واضحة . ليست بين (النيل ) و(دارفور ) ، أو (الشمال ) و(الغرب) ، انها بين معسكرين أساسيين (شموليين ) و(ديمقراطيين ) . يحاول الشموليون في مواقعهم المختلفة وفي كل مؤسساتنا السياسية والاجتماعية شغل خصومهم بصراعات أخرى عوضا عن الصراع الواضح بين كل قوى السودان الديمقراطية وبين قواه الشمولية . علينا أن نتصدى لمثقفين سودانيين ، يرغبون باستمرار هذا الحال . لأهل دارفور مطالب عادلة ، أعتقد أن (البندقية ) ستزيدها مأسوية ، هذا رأي خاص حرصا على أرواح أهلنا ، لكنه لا يعني تصنيف المسلحين في خانة قطاع الطرق . وأعتقد أن أهلنا في الجنوب والشرق والشمال يعانون نفس الظلم الواقع على أهل دارفور . لأن غالبية مثقفي السودان انشغلوا بتغذية مثل هذه الصراعات جهويا ومناطقيا ليتسنى لهم تحقيق أكبر المكاسب ، وليذهب الباقون الى الجحيم .
    فلتذهب جهاتنا وقبائلنا الى الجحيم اذا كان التفافنا المخزي حولها سيحوّل الوطن الى جحيم
                  

01-06-2004, 04:49 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المسكوت عنه في قضية دارفور (Re: خالد عويس)

    مجلس تنسيق القبائل العربية في جنوب دارفور ، لم يكن موفقا في هذه الفقرة


    ليس هو المطالبة برفع الظلم ولكنه تحرير دارفور من العنصر العربي وكل من يتحالف معه سعياً لتفتيت دولة الإسلام والعروبة في السودان


    وأعتقد ، حسب ظني أن البيان لا يعبر عن الجهة التي نسب اليها بقدرما يعبر عن (الانقاذ)
                  

01-07-2004, 01:55 PM

aosman
<aaosman
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 3443

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المسكوت عنه في قضية دارفور (Re: خالد عويس)


    الاخ خالد عويس
    شكرا لك على نشر هذا الموضوع في هذا المنبر و الان انا بصدد تجهيز تعقيب على هذا الموضوع المليئ بالمعلومات الناقصة و الاستغلال السيئ لبعض الاحداث و لكن نسبة لمشغولياتي و كثرة المواضيع في هذه الراسلة و التي تستوجب علي الرد قد ياخذ التعقيب مني بعض الوقت
    انشاء الله سوف اوافيك بتعقيبي على هذا الموضوع و الذي حاول فيها كاتب المقال بخلط افكار القارئ الغير متتابع و مدرك بتفاصيل الاحداث بدارفور
    ولنا لقاء
                  

01-07-2004, 03:22 PM

7abib_alkul
<a7abib_alkul
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 3757

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المسكوت عنه في قضية دارفور (Re: aosman)

    الاستاذ خالد عويس
    اشكرك علي نقل هذا المقال الجيد جدا والذي اثار الكثير من الحديث المسكوت عنه كما زكرت وكما يقول اسعد ابراهيم انك دخلت حقل ملئ بالالغام فكن مستعدا
    زكريني مقالك هذا بعبارة يرددها صديقي ظابط البوليس الذي قضي فترة من حياته متنقلا بين ولاية دارفور وهو يقول معلقا علي احداث دارفور(( اها الجنوب عرفناه ديل عايزين شنو كتر خير الشمال البصرف عليهم ديل لو فصلوهم امشو وين؟؟))
                  

01-07-2004, 04:33 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المسكوت عنه في قضية دارفور (Re: 7abib_alkul)

    من واقع الحرص على ابراز وجهات النظر كافة حول هذه القضية المهمة ، وبعد أن أوضحت وجهة نظري الخاصة ، أنقل المقال الثالث بشأن دارفور من سودانايل


    حريق دار فور والنظرة القاصرة

    جلال بشرى
    [email protected]

    الحريق الذي يلتهم الآن اقليم دار فور الواقع في أقصى غرب السودان والممتد على الحدود مع تشاد وليبيا وافريقيا الوسطى هو إفراز طبيعي لسياسة نظام الانقاذ الحاكم في الخرطوم في معالجة مختلف القضايا السودانية.
    حكومة الانقاذ عمقت أزمة دارفور بمعالجاتها القاصرة التي تفتقد للحكمة وتقديمها مصلحة الحزب الحاكم على مصلحة الكيان السوداني وانحيازها لفئة معينة من سكان المنطقة ضد الفئات الأخرى وتصرفاتها المتناقضة تجاه مشكلة دار فور التي بدأت بشرارة صغيرة وتمرد محدود في جبل مرة .
    حكومة الخرطوم اطلقت يد مليشيات "الجنجويد" العربية الموالية لها وامدتها بالسلاح لمحاربة ما تسميه «الجماعات الخارجة على القانون» في المنطقة انابة عنها . وقد اعتبرت الجماعات التي حملت السلاح في وجه النظام والتي يتكون معظمها من قبائل الفور والزغاوة والمساليت ذات الأصول الأفريقية، ان انحياز الحكومة لمليشيات الجنجويد العربية بمثابة استهداف للعنصر الأفريقي في دارفور وقد استغلت الحركة المتمردة ذلك باطلاق حملة اعلامية في الداخل والخارج اتهمت فيها الحكومة بشن حرب إبادة وحملة تطهير عرقي ضد القبائل الإفريقية في دار فور الأمر الذي أدى لصدور بيانات من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان ادانت حكومة الخرطوم وطريقة معالجتها للأزمة ولفتت الانتباه للمأساة الانسانية التي خلفها الصراع في دارفور الأمر الذي قد يفتح الباب واسعا لتدويل الصراع الدائر ومما زاد الطين بلة وفاقم الأزمة تصرفات الحكومة المتناقضة تجاه مشكلة دارفور، فتارة تسعى الحكومة للتفاوض مع المتمردين في دارفور وقد فعلت ذلك بالفعل ووقعت معهم انفاقاً للسلام في مدينة أبشى التشادية بوساطة من الرئيس التشادي ادريس ديبي مالبث ان انهار وتبادل الطرفان الاتهامات بالتسبب في انهياره ،وتارة أخرى تقلل الحكومة من شأن هذه الحركات المتمردة على المركز وتعتبر عناصرها مجرد قطاع طرق يمارسون «النهب المسلح» وتنفض يدها من خيار التفاوض وتعلن الحرب على هذه الجماعات كما حدث الأسبوع الماضي وعلى لسان أعلى مسؤول بالحكومة، وتارة تتهم حركة قرنق بدعم التمرد في دارفور، وتارة تتهم حزب المؤتمر الشعبي الذي يتزعمه الدكتور حسن الترابي عراب الانقاذ السابق، وتارة تتهم إرتيريا و"جهات خارجية" أخرى لم تسمها. ولن تستطيع الحكومة الادعاء بان تمرد دارفور حرب ضد العروبة والاسلام كما كانت تفعل تجاه حرب الجنوب وتروج لذلك لأن الذين يرفعون السلاح في دارفور هم جميعا مسلمين كما أن جميع الشعب السوداني يعرف ان نار القرآن الكريم لم تمت في دارفور منذ دخول الاسلام للسودان وحتى اليوم ،ومن دارفور كانت تخرج كسوة الكعبة الشريفة في عهد السلطان علي دينار وهذا تاريخ معروف للجميع .
    هذا التناقض الصريح في تعامل الحكومة مع أزمة دارفور أدى لتفاقمها واستفحالها حتى أصبح الصراع الدائر في دارفور يشكل تهديدا حقيقيا لاتفاق السلام المرتقب بين الحكومة وحركة قرنق التي تحمل السلاح في الجنوب، وتهديدا أكبر لوحدة السودان .
    مشكلة دارفور هي قضية سياسية في الأساس يتطلب حلها علاجاً سياسياً وحكمة ومرونة والجماعات التي حملت السلاح في وجه الحكومة المركزية لا تطلب شيئا أكثر من العدل والمساواة وازالة التهميش والظلم التاريخي الذي يعاني منه الاقليم والتوزيع العادل للسلطة والثروة.
    وقد أجمع المراقبون في الداخل والخارج على عدالة هذه المطالب كما أن جلوس الحكومة للتفاوض مع متمردي دارفور عدة مرات في تشاد يعتبر اعترافا صريحا منها بهذه الجماعات المتمردة وبعدالة مطالبهم . وهي نفس المطالب التي رفعتها حركة قرنق بالجنوب وحاربت من اجلها جميع الأنظمة الحاكمة في الشمال منذ عام 1983. ورضوخ حكومة الانقاذ لمعظم مطالب حركة قرنق واضطرارها لتقديم تنازلات ضخمة للحركة وتخليها عن شعاراتها المرفوعة الواحد تلو الآخر في مفاوضات السلام الجارية الان في نيفاشا بكينيا فتح شهية الأقاليم الأخرى التي تعاني من نفس المشكلات التي يعاني منها الجنوب وتشعر بالتهميش والظلم من المركز. الأمر الذي دفعها لحمل السلاح ضد الحكومة لانتزاع حقوقها كما حدث في الشرق وجنوب النيل الازرق وجبال النوبة وفي دارفور الآن . لأن رضوخ الحكومة للحركة التي كانت تحاربها في الجنوب أكد انها لا تتفاوض الا مع من يرفع السلاح. الأمر الذي قد يفتح الطريق لبروز المزيد من حركات التمرد وتحويل السودان الى صومال أخرى. فسياسات نظام الانقاذ حولت السودان بأكمله الى كتلة من المهمشين واستأثرت اقلية بعدد اصابع اليد بالسلطة والثروة .والحريق المشتعل الآن في دارفور قد يلتهم السودان بأكمله أذا لم يتم تداركه بحكمة وبالسرعة المطلوبة فالنار تبدأ من مستصغر الشرر .

    جلال بشرى
                  

01-07-2004, 05:10 PM

aosman
<aaosman
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 3443

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المسكوت عنه في قضية دارفور (Re: خالد عويس)


    شكرا الاخ خالد عويس على الحياد و نقل كل وجهات النظر وهذا ان دل فانما يدل على مدى وعيك و ادراكك وثقافتك العالية

    حبيب الكل
    هل تعلم ان معظم لحوم الماشية في شمال السودان تاتيكم من دارفور?
    حديث مثل حديثك هذا ان لم يزد نار الفتنة فانه لن يساعد على اطفاءها و لا اريد الحديث عن صاحبك رجل الشرطة هذا لان الضرب علي الميت حرام

                  

01-13-2004, 09:45 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المسكوت عنه في قضية دارفور (Re: aosman)

    وصلتني اسهامات جديدة عن الموضوع عبر البريد الالكتروني نقلا عن سودانايل على الأرجح



    كشف زيف ما رمى اليه عبد الحفيظ حميدة في المسكوت عنه في قضية دارفور


    الدين عثمان محمد/الدنمارك
    [email protected]
    لقد طالعت في صحيفة سودانايل مقال كتبه السيد عبد الحفيظ حميدة بعنوان سجال ثقافي في المسكوت عنه في قضية دارفور.
    في هذا المقال رمي عبد الحفيظ باللوم والمسؤولية على مثقفي دارفور عن ما يجري في درافور متهما اياهم باشعال نار الفتنة بارتدادهم الي قبائلهم يجوسون خلال الديار فسادا ابتغاء الفتنة, كنت ساحترم المقال ان اتبع كاتب المقال اسلوبا استفساريا اكثر من ان يكون اسلوبا مليئا بالاتهامات الموجهة لكل مثقفي دارفور والتي ارى فيها اهانة لكل اهل دارفور, لقد استخدم كاتب المقال بعض الاحداث باترا منها اجزاء مهمة حتى يوهم قارئ المقال الغير ملم بمجريات الاحداث في دارفور بان ما يكتبه هو عين الحقيقة و تارة لجا الي بعض المقارنات غير المنطقية.
    سوف احاول ان الخص كل اتهام ورد في المقال في شكل فقرة وسوف اعقب معلقا لتوضيح بعض الحقائق لكشف زيف ما قصده كاتب المقال.
    قبل ان ابدء لابد لي ان اشير الي نقطة مهمة وهي ان عمر البشير حينما تسلم مقاليد السلطة في السودان وفي اول زيارة له الي دارفور اعلن امام الملا ان دارفور مظلومة وقد اشار الي المشكلة الامنية في دارفور وكما هو معلوم للجميع ان الامن هو مشكلة من مشاكل دارفور الاساسية منذ ان الغى النميري نظام الادارة الاهلية دون ان يستبدله بنظام بديل يحفظ استباب الامن الذي كان لا يعرف غير بعض عمليات النهب العادية و التي لا تتجاوز الهمبتة, فهل يا ترى هل تحسن وضع دارفور الامني في ظل حكومة الانقاذ ام تدهور اكثر؟ انا اترك الاجابة للقاري الكريمز
    يقول عبدالحفيظ ان ما تتمتع به دارفور من تنمية وازدهار اقتصادي لم يحظ به كل الاقليم الشمالي ويقول ان ولاية جنوب دارفور تعتبر الولاية الثانية بعض الخرطوم من حيث التعداد السكاني وتحدث عن عدد المدارس الثانوية في دارفور الكبرى قبل ثورة الانقاذ والتي كانت 9 وبعد ثورة الانقاذ والتي بلغت 250 ويقول انها نسبة لا يحظي الاقليم الشمالي بنصفها
    لقد حاول كاتب المقال ان يثبت بان دارفور ليست بمظلومة وان الظلم الواقع على الاقليم الشمالي اكثر, عزيزي ما هكذا تورد الابل, في مقارنتك لماذا لم تذكر عدد السكان في الاقليمين ولماذا لم تذكر نسبة المدارس بالنسبة للسكان في الاقليمين لان المقارنة في مثل هذه الحالات لا تتم بالعدد انما بالنسبة وشئ اخر المدارس عمرها لم تكن اسماء فقط ورواكيب خالية من الكتب والمقاعد والمعامل والمعلمين وحتى المعلمون الموجدون ينقصهم التدريب والتاهيل ولا يصرفون مستحقاتهم لشهور عديدة بل ولسنين ولا يغطون كل التخصصات المطلوبة مثل الفيزياء والرياضيات التخصص والخ.
    لذلك ارى ان مقارنتك لدارفور بالاقليم الشمالي في الاساس مقارنة غير مقبولة و باطلة, لان المساحة الماهولة بالسكان في دارفور اكبر بكثير من الاقليم الشمالي وعدد السكان ايضا بصورة عامة اكثر بكثير, وهل يمكن ان تمدنا بنسة ابناء الاقليم الشمالي الذين يقيمون باقاليم السودان الاخرى مقارنة بالنسبة للتعداد الكلي لسكان الاقليم.
    ذكر كاتب المقال ان اهل دارفور ظلوا يحكمون انفسهم منذ انتفاضة دارفور التي اطاحت بالحاكم الاسبق لدارفور الطيب المرضي والذي انتفض اهل دارفور ضده لانه ينتمي الي كردفان وليس الي دارفور ولقد تم تعيين احمد ابراهيم دريج بن دارفور بديلا له ولقد اتهمه كاتب المقال بانه لم يحتمل لواء الحكم ومسئولياته والاختلاط بانفاس المساكين وفضل راحة الاغتراب في المانيا و تطرق ايضا الي ان ابناء دارفور يفشلون حينما يحكمون اقليمهم بعكس نجاحهم حينما يحكمون الاقاليم الاخرى.
    هنا لابد ان القي بعض الضوء على التركيبة الاثنية لبعض اقاليم السودان الكبرى والتي اعتبرها كافية لتوضيح ما ارمي اليه, معلوما ان معظم القبائل في الاقليم الشمالي هي قبائل نوبية و قبائل الجنوب قبائل افريقية صرفة, لكن الوضع يختلف تماما في دارفور حيث تكثر فيه القبائل العربية بقدر ما تكثر فيه القبائل الافريقية فلذلك الوضع في دارفور في غاية التعقيد والحساسية وفي ظل هذه الظروف والتنوع الاثني قسم النميري السودان الي اقاليم وعين لكل اقليم ابنا من ابناءه حاكما له عدا دارفور والذي عين له حاكما من كردفان ولذلك راى اهل دارفور في ذلك اهانة لهم, في البداية لم يستجب النميري لمطالب الاقليم بتعيين ابن من ابناءه كحاكم اسوة ببقية الاقاليم الا بعد انتفاضة شعبية عارمة مما اضطره لتعين دريج كحل بديل للمشكلة, قد يكون النميري عين الطيب المرضي حاكما لدارفور واضعا في الاعتبار تركيبة الاقليم الاثنية لكنني ارى ان النميري ارتكب خطا في ذلك, والخطا يكمن في تقنينه مبدا الاقليمية بدلا عن القومية.
    قد نتفق مع دريج او نختلف معه في اشياء كثيرة اثناء حكمه لدارفور لكن لا احد من ابناء دارفور يمكن له ان ينكر سخاء دريج للاقليم فترة توليه السلطة هناك, حيث انه تبرع للاقليم بعدد لا باس به من العربات واستثماره في مجال النقل وعلى حسب علمي ان دريج قام باتصالات بجهات خارجية مانحة وابدوا استعداداتهم لتقديم منح كثيرة ومختلفة لدارفور لكن النميري كان يصر بان هذه المنح يجب ات تاتي عبرالحكومة المركزية ويتم تقسيمها بالتساوي لكل الاقاليم حتى لكي لا يسبب ذلك خلل في التنمية بين الاقاليم.
    وعلى ما اذكره كان دريج في الخرطوم لمدة تقارب الاسبوع لمقابلة النميري لكن النميري كان يرفض مقابلته ولقد راى في ذلك اهانة له كحاكم اقليم مما اضطره للخروج من السودان ولا يمكن لنا ان نلومه في ذلك في ظل حاكم دكتاتوري كالنميري وعليه قد لا نستغرب ان لم يجد دريج المساعدة المطلوبة من النميري حتى يثبت لاهل دارفور بان تعيينه للطيب المرضي لم يات من فراغ وهذا يقودنا الي النقطة الاخيرة في هذه الفقرة و هو ان ابناء دارفور لا يجدون الدعم المطلوب من الحكومة المركزية حينما يحكمون اقليمهم بمثلما يجدونه حينما يحكمون الاقاليم الاخرى او كما يجده رصفاءهم من الاقاليم الاخرى حينما يحكمون دارفور ولذلك ان فشلوا فهذا هو السبب.
    ذكر كاتب المقال ان مثقفوا دارفور اشتهروا بالمكوث في العاصمة والتطلع لبناء مستقبلهم المهني في البندر دون اجهاد النفس بالهجرة الي الريف ويقول ان الادهى والامر ان الشمال الذين يتهمونه بالاستعلاء الثقافي وممارسة الاضطهاد ضده نشطوا في مصاهرته والزواج من حسناواته مترفعين من الارتباط ببناتهم في الارياف طلبا للرفعة الاجتماعية في الشمال
    السيد عبد الحفيظ اهل دارفور مشهورين بالصدق والامانة وحبهم للعلم والدين وحتى من نسميهم سفهاء القوم في دارفور تجدهم حرصين جدا لتطبيق شعائر الاسلام المهمة كالصلاة والصوم وحب اهل دارفور للعلم لم يكن جديدا, اذ عرف في السبعينات كليات الهندسة والطب في جامعة الخرطوم بكليات الغرب اي غرب السودان, ومن النكات التي اذكرها ان طالب من دارفور تم قبوله في كلية الهندسة جامعة الخرطوم وجاء الي الداخلية حاملا فانوس جاز وحينما سئل عن سبب احضاره للفانوس نظر الي لمبة الكهرباء وسئلهم ان كانت اللمبة يمكن ان تكون مضيئة حتى الصباح وحينما اتته الاجابة بالايجاب صرخ فيهم فرحا وقال لهم طيب كان كده انتو ما انضريتو.
    رغما عن هذا الحب كان معروفا ان عدد الجامعات محدود في السودان ومع ذلك تتمركز في الخرطوم عدا جامعة واحدة في الجزيرة وكلية في عطبرة و جامعة اخرى في جوبا التي ظلت لفترة طويلة وحتى الان بالخرطوم, فلذلك كان لابد لابناء دارفور ان يهاجروا الي الخرطوم سفرا باللواري والقطارات لعدة ايام لكي يكملوا تعليمهم الجامعي, وكما هو معلوم ان معظمنا في السودان لا يفكر في الزواج الا في السنوات الاخيرة من التعليم الجامعي لذلك ليس من المستغرب ان يكثر مثقفو الغرابة من زواج حسناوات الشمال, كما سماهن كاتب المقال
    السيد عبدالحفيظ استميحني عذرا ان اتقدم اليك بهذه الاسئلة.
    1- لماذا حسناوات الشمال يقبلن بالزواج من مثقفي الغرابة رغما عن المشاكل الاجتماعية التي قد تحصل في اسرهن ضد هذا الزواج مثل المشكلة التي ذكرتها في مقالك والتي واجهها زميلك في جامعة الجزيرة الدكتور خليل ومع العلم كلمة غرابي لها قصد اخر غير الموقع الجغرافي
    2- هل زواج مثقفي دارفور من حسناوات الشمال تحسبها حسنة ام سيئة وهل يساعد ذلك في وحدة السودان ام لا.
    وفي الاخير ان موضوع الزواج موضوع شخصي واي انسان له حرية الاختيار فيه, وكمسلمين مادام هذه الزيجات ترضي الله ورسله فلا يحق لنا انا نعيبها باي صورة من الصور
    بالنسبة لمكوث اهل دارفور بالخرطوم ما كنت لترهق نفسك وترهقني وترهق القارئ الكريم فقط لو انتبهت الي مركزية كل المؤسسات الحكومية وغيرها في الخرطوم يعني كل شئ كان بالخرطوم, ابتداء من استخراج الجواز حتى مغادرة السودان, سوى كان من اجل العلاج او الدراسة او الاغتراب ولا تتم هذه الاشياء الا بالتواجد في الخرطوم, بل ان لجنة الاختيار للخدمة العامة ولحين من الدهر ليس ببعيد كانت مركزية وحتى يومنا هذا بعض الوظائف تتم التعين لها مركزيا مثل كلية الشرطة و الكلية الحربية والخ.
    الم تكن هذه الاسباب كافية ان تجعلهم يمكثون في العاصمة وهل هم الوحيدون الذين يمكثون في العاصمة وهل العاصمة ارض غير سودانية او ملك لابناء جهة معينة في السودان وهل انت من الذين يؤيدون الكشات التي كان يقوم بها النميري لابناء الاقاليم في الخرطوم والتي كانت تطبق فقط على الغرابة والجنوبيين لان قطارات الكشة كانت تتجه لنيالا وجوبا فقط ولم نسمع بقطر كشة متجه الي دنقلا او كريمة.
    ولو كان رجوع مثقفو درافور الي ديارهم سوف يساهم في حل مشاكل دارفور في ظل ظروف دارفور المعاشة لما توانى احد في الرجوع ولو كان هذا هو المنطق لماذا نجد معظم مثقفو السودان خارج السودان ولماذا لم يعودوا للمساهمة في حل مشاكل السودان.
    السيد عبد الحفيظ المشكلة في السودان مشكلة تنمية متوازنة ولو كانت هنالك فعلا تنمية متوازنة لما تكونت عندك مثل هذه الافكار الغريبة ولما احتجنا لتصنيف ابناء الوطن الواحد حسب مواقعهم الجغرافية, لقد شعرت بخيبة امل و حزن عميق وانا اقرا ما كتبته لانني ما كنت احسب ان احدا من مثقفي الشمال يحمل فكرا واحدا من افكارك الغريبة و انا لا احسب افكارك هذه تمثل راي اهلنا في الشمال والوسط الذي تنتمي اليهم على حد قولك.
    وفي الختام املي و رجائي من الاخوة الكرام ان يحكمو صوت عقولهم حينما يتناولون مثل هذه المواضيع وان يركزوا فيما يفيد وحدة البلاد و العباد بدلا ان يكتبوا ما يفرق ويزيد نار الفتنة ويوسع الهوة بين ابناء الوطن الواحد والله في عون الجميع.
    الدين عثمان محمد
    جامعة البورغ / الدنمارك

    حوار مع عبدالحفيظ حميدة حول واقع دارفور

    د. إبراهيم إمام/الولايات المتحدة الأمريكية
    [email protected]

    بسم الله الرحمن الرحيم

    عند قراءتي لمقال عبد الحفيظ حميدة (سجال ثقافي في المسكوت عنه في قضية دار فور) أصابتني حيرة في أمره هل هو دار فوري تدثر في ثوب شمالي أم مهاجر شمالي في دار فور، أو موظف قومي نقل إلي دار فور؟ وربما يعمل في دار الوثائق المركزية، لأن ما جاء به من المعلومات، واستعانته بكلمات من بيئة دار فورلا يمكن إنتقاءه بالمرسال! كقوله: (مثقفوها تخندقوا في فرقانهم وبطون عشائرهم)، جلابة وأم بربتي!

    حقيقة لقد أصبت بخيبة الأمل وإنتابني الريب علي وحدة الوطن إن مثقف مثله من بني الوطن يضع مثقفي دار فور في قفص الإتهام، ويجعل صبابته ممثل الاتهام ولسانه شاهد الملك وفكره مصدر الدلائل والبراهين، و يجعل أهل دار فور مجني عليهم، والقاضي...! وبنود الاتهام: 1- جنوحهم إلي جهوية مقيتة, 2- عرقية بغيضة, 3- تفرق وليس توحد, 4- لا يهمهم بكاء الثكالى ونواح الأرامل وصراخ الأطفال, 5- إرتدوا إلى قبائلهم يجوسون خلال ديارهم ابتغاء الفتنة, 6- يزينون فعل التمرد ويحضون عليه, 7- سودوا الصحائف في الترويج لحركة التمرد, 8- تعميق كراهية الأخر في مشروع التمرد الجديد ضد السودان ألنيلي, 9- إنقطاعهم عن مجتمعاتهم التي أتوا منها واستعلائهم الثقافي عليها, 10- الإستقرار بالعاصمة ورفض العودة لديارهم.

    أهل دار فور! سطر التاريخ خطوات نضالهم، هم فرسان القومية وصناع الوحدة.

    لقد ذكر الأخ عبد الحفيظ (أنه ينتمي إلي الجزء الشمالي من السودان )، هل يا ترى كل أبناء شمال السودان يفكرون بهذه الطريقة! أم هي زلة لسان؟ ذكر الأخ عبد الحفيظ بعض النقاط هي من واقع دار فور، إلا أنها ليست بتلك الحساسية، مثل قوله طول مكث مثقفوا دارفور بالعاصمة, أنَّ بعض مثقفى دار فور جرفتهم فكرة القومية إنخرطوا في إتخاذ السبل المتاحة لحل مشكلات الوطن الموحد وترفعوا عن الخوض في الجهوية ومنهم من تمسك بمنصبه المركزية وإتخذه سبيلا لحل قضية الوطن الأم لا مجال لإظهار دارفوريته.

    من ناحية ثانية لم يكن لمثقفي دار فور دور متفرج في أحداث المنطقة بل لهم مساهمات متتالية ومحاولات وجهود مقدرة الواحدة تلو الأخرى مثل مبادرات نواب دار فور لحل القضية سلميا، الجهد الذي بذله ولاة سالفين لدارفور لدرء مفاسد وويلات الحرب ودفع كوارث مقبلة للمنطقة، ونداء أبناء دار فور جماعات وأفرادا بلسان رجل واحد لا للحرب ونعم للسلم، لكن السلطة المركزية لم تستجيب ومضت فى سياساتها لسحق خصومها، حتى تتم المسرحية بوضوح وإحكام، فولاة شمال دارفور وغرب دارفور السابقين كانوا في عداد أولئك السالفين أما من خلفهم فقد تقلدوا وشاح أبطال الحرب فكان ما كان, ثمَّ أنَّ هناك مبادرة وزراء مركزين ونواب ومثقفين من أبناء دارفور لهم مواقف ملفتة وخاطروا بأنفسهم في سفوح الجبال ومتون الوديان وجلسوا مع الحركة. لقد ظلت مبادرات الحلول السلمية مستمرة ولم تقف.

    أما إشارة عبد الحفيظ إلي التنمية الواهمة في دار فور وإعتقاده بأن دارفور أوفر حظا من الشمالية في عدد المدارس الثانوية ودور تعليم العالي فقول يثير العجب، فللمقارنة إنَّ ولاية جنوب دارفور تمثل ثاني ولاية فى السودان من حيث التعداد السكاني وصاحب العقل يميز. أما إرتفاع عدد المدارس الثانوية من 9 مدارس إلى250 مدرسة فتكمن سرها في قرار إلغاء المدارس المتوسطة ودمجها في مرحلة الأساس حيث وفَّر ذلك مباني شاغرة وان لم تكن مهيأة للمرحلة الثانوية، فقرار إزدياد المدارس الثانوية كما وليس كيفا ساهم مساهمة مباشرة في تدهور التعليم. أما التعليم العالي في دارفور فقد بدأ أول مراحله بقرار إنشاء جامعة الفاتح بالفاشر لكنه لم يحظ بالإهتمام والميزانية للتنفيذ، وبعد كل ذلك قامت جامعة الفاتح علي أكتاف مخلفات مبانى شركة ريكي الإيطالية، ثم مبانى مدرستي الفاشر الثانوية بنين وبنات والأبحاث البيطرية. وعلي أثر قرار حكومة الإنقاذ بتقسيم ولاية دارفور لثلاثة ولايات (شمال, جنوب، وغرب دارفور) تم إتخاذ قرار لأنشاء جامعة بكل ولاية ضمن الخطة القومية لذلك. فتقسيم دارفور سهل للمركز المتابعة والتسيير الإداري لكن أدى إلى تراكم أعباء مالية والتزامات علي عاتق مواطن دارفور، ومع ضمور الميزانيات المرصود لذلك من المركز فقد قامت جامعة نيالا علي ركائز المدرسة الصناعية الثانوية وكلية معلمات نيالا وبعض مباني المجلس المحلي بالمدينة، أما جامعة زالنجي فحدث ولا حرج، فالحمد لله والحق يقال أبناء دارفور لهم لمسات بارزة في تسير الجامعات الثلاث بالرغم من إنعدام الموارد وشح الإمكانيات (الجود بالموجود).

    ثمَّ إنى أرى الأخ عبدالحفيظ يبالغ فى وجود تنمية حقيقية في دارفور! هل تصدق أنَّ فى دارفور كلها طريق يتيم وكان من جهود أبناء دارفور؟ أما مطار الفاشر فقد تم تحديثه بجهود مهندس من أبناء المنطقة, ومطار نيالا لست بكاشف سر إنشائه حتى تجتهد لتقف على ذلك بنفسك! أما ازدهار مدينة نيالا دون غيرها فتكمن سرها في سهولة وسائل النقل والإتصال منها وإليها (طريق نيالا كاس زالنجي وقطار نيالا-رهد أب دكنة "قطار نيالا الخرطوم سابقا"), لذا نجد فيها توالي هجرات رجال الأعمال وأصحاب الحرف والصناعات، أما ملاحظتك لتناثر أبناء دارفور في العاصمة القومية، والجزيرة ومناطق النيلين الأزرق والأبيض والإقليم الشرقي فجل قاطنيها من أصول دارفورية, منهم من جاء ليعمل في مشاريع التنمية, وبعضهم من إلتحق بالجندية ليصير وقوداً للحروب المتعاقبة في السودان، إنَّ هذه الحقائق هى سبب الهجرات المتوالية لأهل دارفور إلى مناطق أخرى في السودان فالتنمية هي الاستقرار, وإذا كانت لديهم تنمية فى مناطقهم لما إحتاجوا للهجرة منها.

    أما نجاح أبناء دارفور في حكم مناطق أخرى وفشلهم في حكم دارفور فسر ذلك يعود إلى أنَّ وزارة المالية المركزية تمنح الميزانيات والموارد لمن تشاء لينجح وتمسك عن من تشاء ليفشل وكل ذلك يقوم على الموفع الجغرافى للمنطقة المحكومة فى السودان، فمن توفرت له الإمكانيات نجح, ومن حرمت منه كُتبت له الفشل، وعلى ذلك فقد نجح دكتور الحاج أدم يوسف في الشمالية نجاحا محمودا له في سجل التاريخ لحصوله على المعينات والمعطيات التي تم تخصيصها للولاية الشمالية، أما حين أرسلوه إلى جنوب دارفور فقد قطعوا منه ما كان يتوفر له سابقاً ومع ذلك فإنه لم يدخر جهدا لتحقيق نجاحات مقدرة، أما السيد أحمد إبراهيم دريج فإن نجاحه كزعيم للمعارضة علال فترة الديمقراطية الثانية فيكفيه فخرا وفشله في دار فور لم يكن بيده, خاصة وأنَّ سياسات النميرى ووزارة المالية كانت السبب المباشر فى علافه مع النظام, إننى هنا لا أدافع عن أي من أبناء دارفور أخفق في مهام أوكل إليه ولكن الدلائل تشير إلي استدراج بعض أبناء دارفور للفشل لكي يقال بأنهم فاشلون في إدارة مناطقهم، وقد قيل الكثير.

    أما كلمة جلابة, من جلب, وهي وظيفة ولا تحتوي على أي دلالة عنصرية، هناك أسر من شمال السودان هاجروا إلى دارفور وإستقروا بها وهم الآن جزء من أهل دارفور, منهم من تقلد مناصب مركزية على خلفية إنتمائه لدارفور وهناك أمثلة كثيرة، أما ترشيح السيد عبد الله خليل بيه في أم كدادة وفوزه هناك فدليل صريح لعدم وجود نزعة عنصرية لأهل دارفور, وإلاَّ لما فاز الرجل, ومن ناحية أخرى فإنَّ أهل دارفور لم يرفضوا الطيب المرضي في شخصه بل كان محافظا ناجحاً قدم لهم الكثير ، ولكن القرار الجمهوري الذى نص على تعيين حكام الإقاليم من أبناء تلك الأقاليم نفسها كان السبب فى إعتراض الناس لتعيينه, وقد صمد شعب دارفور فى وجه النميرى حتى تراجع وعدل عن قراره في تعيين الطيب المرضي وعين دريج حاكما محله لكنه لم يغفر ثورة أهل دارفور ضده فعاقبهم بتضييق الخناق على حاكمهم حتى تخلى عن دارفور وسافر وعن السودان كلية.

    نحن أهل دارفور قدحنا بكف مية والبعرفنا بعزنا, ونحن ناس جيدا جيتوا تفضلوا لقدام حبا بكم عشرة بلا كشرة، لا نعرف الكراهية ولا العنصرية، كلام ده جاء به يبلى به, ثم أنَّ زعمك أن أسواق الشعبية في أطراف العاصمة حكرا لأهل دار فور فلا نرد عليها إلاَّ بعبارة اللهم لا شماتة, فأسواق الشعبية لمن يعرفونها هى دوما للكادحين وقليلي العدة ورواده فقراء القوم.

    حكم الخليفة عبد الله ألتعايشي في السودان: دهشت بقول الأخ عبد الحفيظ حميدة (فشل الخليفة و قصر فترة حكمه للسودان لاستعانته بأهله في الحكم)، فردنا على ذلك أن تحاول قراءة التاريخ قراءة فاحصة, فالخليفة عبد الله ظلم كثير من قبل المؤرخين والكتاب وزدت على قرائك ألما بظلمك له، أراك تهش وتدك دكا وحدة الوطن فأرجو أن تكف و ترجع إلى رشدك وترك نبشا الفتن وكتم الحائق.

    أهل دارفور إن جحد المؤرخون بحقهم فإنَّ عطاءهم يمتد فى وجدان الوطن عبر الدهور, أما مثقف دارفور فإنَّ إرتباطه الوثيق بمنطقته قوى على الدوام ولا يضيره النيل منه، أما الأمانة فلا يؤتمن غيرهم.

    الحركة المسلحة في دارفور لا تحتاج ترويجا من مثقفى المنظقة للدفاع عنها، وهم إن فعلوا ذلك فإنما لإدانة قنابل الأنتينوف وضربات المدافع الحكومية التي تدك أعناق أبرياء عزل. فالحركة حقيقة معاشة في المنطقة مع إختلاف فهم أهل دارفور لها بين مؤيد ومنتقد ولكل رأيه.

    الجنجويد: تعريف د. حسين آدم الحاج وافيا لكل تساؤلات.

    الجنجويد لم يستغلهم أحد لإستعطاف المجتمع العالمي ولا كذبا مفترى، هم جزء من واقع دارفور الأليم وليله المظلم والمستأسد الضاري فالكل يرجوا منهم تصحيح أخطائهم وفك وثاقهم من قيود السلطة الحاكمة في الخرطوم ورجوع إلى الصف، ولا يغرنهم وصف حكومة الخرطوم لهم بأنهم قوات متعاونة، أو صديقة ومساندة، فهم حلفاء اليوم وربما أعداء الغد.

    أما الزواج ففي كف القدر (قسمة ونصيب) تنساق للطرفين إنسيابا، وتصاحبهم مقتضى الظروف ومجريات الأمور، وفيه إنقسامات داخلية وخارجية ومواقف شبيه بأدوار التمثيل، قد يصاحبه إلتباسات، ولا أدري هو قدر أبناء دار فور أم قدر حسناوات الشمال، على أية حال لا أعتقد أنَّ مثقف ابن دارفور يترفع عن بنات داره وأخواته, وكريمات دارفور ذوات تربية رشيدة وحكمة عظيمة، هذه هي الحقيقة.

    أخيرا أشكرك علي كل حقيقة أوردتها في مقالك التنويرى ونسامحك علي هفواتها فكلنا سودانيون نحسن الظن بك, رغم المغالطات التى أوردتها فى مقالك, فكررعودتك فقد نعود لنلتقى هنا مرة أخرى.

    د. إبراهيم إمام/ الولايات المتحدة الأمريكية

    أخوك ابراهيم امام
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de