دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
الفيتوري وقضية اللون
|
للكاتب النوبي حجاج حسن الدول نقلا عن موقع كيكا اللون الأسود مشكلة. قضية ولو خشي بعضاً من السود اعتبارها قضية. ولأن السواد صار عقدة نفسية، خشي الكثيرون من الشعراء والأدباء السود مواجهتها، فنأوا بأنفسهم عنه فيما عدا الشاعر الكبير محمد الفيتوري، فهو الجريء وأهم من كتبوا عن اللون وتأثيره النفسي المؤلم حتى الآن. الفيتوري لم يهرب من لونه ولم يساير وينافق المجتمع على أن لونه قضية مسكوت عنها فيسكت. وهنا في بلانا العربية عنصرية لونية وإن كان محظور الحديث عنها علناً. والاتفاق الضمني أن ينكر تواجدها حتى السود أنفسهم. ورغم أن كل الأدباء السود متأثرين بها بدرجة أو بأخرى لكن لم يفتح هذا الجُرح أحد منهم، ليس إشفاقاً على نفسه من كشف آلامه فقط، وليس خجلاً من عيب خَلقي اقتنع به وخنع له وركع, بل خشية على نفسه، خشية من رد فعل السلطة والمثقفين ومدعي الثقافة أن يتهموه بالعنصرية وتشويه وقلقلة استقرار المجتمع، بل والغريب خشية رد فعل بني لونه السود أنفسهم! فأحد مواطني الفيتوري في مدينة الخرطوم هاجمه قائلاً (ما هذا الشعر الذي تكتبه يا أخي.. لقد فضحتنا.. إنني أكرهك) وقد كتب الفيتوري هذا في ديوانه (أذكريني يا أفريقيا) الذي نشره عام 1966. فالسود صاروا في وضع ضعف وخجل من أنفسهم كملونين، يخشون أن يتحدث أحد عن لونهم الأسود، ممكن أن يقول الغير عنهم.. السمر، أو هو يقول عن نفسه.. أنا أسمر، فاللون الأسمر لون مراوغ ممكن الاختباء خلفه. وجميع ذوي اللون الأسود يشتركون في نفس الوجع كل بنسبة معينة. والشاعر الأسود المارتنيكي إيميه سيزير، قال بوجود القاسم المشترك بين السود، وعبّر عنه بمصطلح (الزنوجة) وفي الجنوب المصري والشمال السوداني حيث منطقة النوبيين، المصطلح الموازي أو المنبثق من الزنوجة هو (النوبية). والنوبيون موجوعون بوضعهم كسود، ويغضب الكثير منهم حتى الآن إن قيل عنه أسود، يفضل كلمة أسمر. ويغضبون إن قال أحد منهم أننا سود! فالنوبيون لونهم ليس ثقيل السواد وإن كان بهم من هم سود تماماً كما أن بهم القمحيين لوناً والبيض أيضاً. وهم أنفسهم برفضهم إن يصنفوا كسود تعالياً، بهم عنصرية.
والسود عامة بمختلف درجات اللون فيثم, ينتظرون من يصيح صيحة رائعة تقول (يا سود العالم. اتحدوا) صيحة تقول ما هو كائن بالفعل في الوجدان. وقد قالها الفيتوري شعراً فكتب (ولا تحسبوا أني وحدي، فمعي الملايين) وكتبها أوجستينو نتو الأنجولي، والحائز على جائزة لوتس للأدب الأفريقي الآسيوي عن عام 1970:-
أيها السود في كل أرجاء الدنيا
إنني أحس بكم جميعاً
وأحيا آلامكم..
يا .. أخوتي
لكن لم يستطع السود حتى الآن أن ينظموا وجدانهم في تجمع عقلاني نفعي.
نعود للفيتوري.. الفيتوري يجمع بين أصقاع عربية شتّى، فجدته السوداء ابنة قبائل الجرعان السودانية، اختطفت وصارت جارية وأحس هو بآلامها التي هي نبع آلامه، لم يخجل منها ولا من جده المصري الصعيدي عربي الأصل الذي كان تاجراً للرقيق. والفيتوري في نفس الوقت له جذور ليبية. كتب الفيتوري تجربته فأثار قضية الإنسان الأسود في البلاد العربية التي كان بعضها مازال يتاجر ويستخدم البشر كعبيد، والبلاد الأخر تحمل في طيات كيانها التعالي على السود، وكأنهم لا يريدون أن يعترفوا اعترافاً كاملاً بأن السود بشر مثلهم! أثار قضية العبودية التي تخص أفريقيا كلها وكل أبناء أفريقيا في العالم، مثله مثل سيزار وسنجور وداماس وغيرهم. قال الفيتوري (لقد أردت أن أفضح واقعنا الأسود، ولن أسمح لنفسي بتزييف هذا الواقع) وحين اتهمه الأستاذ محمود أمين العالم حوار تم رصده في نفس الديوان المذكور "أذكريني يا افريقيا" بأنه يسقط مأساته الشخصية على أفريقيا، وبأنه شاعر مريض. قال الفيتوري (المرضى كثيرون، وأنا واحد منهم.. كلهم يعانون مثلي.. أقصد كلنا.. ثق فيما أقول.. وأنا أريد في هذه المرحلة من شعري، أن أتطهر من مرضي.. بأن أبوح به.. لقد جرؤت على أن أكسر الصدفة من الداخل، لذا تجدني أغني مبتهجاً بمادة حزني).
طبعاً كان الفيتوري على حق، لكن الأستاذ محمود العالم كتب رأيه المتأثر بالحالة العامة في مصر والعالم والتي تطالب الفنان عموماً بأن يعبر عن القضايا الإنسانية الكبيرة، خاصة طبقتي العمال والفلاحين لا أن يكتب عن آلامه النفسية التي يحس بها هو وحده. فالوقت كان وقت الاشتراكية والكتابة الواقعية الاشتراكية. وفات الأستاذ العالم أن الفيتوري يتكلم من خلال نفسه عن ملايين البشر السود في العالم. فاته أن قضية اللون حامض كاوي في نفوس السود نتيجة لآلام قرون ترسخ فيها أن العبودية سوداء، وأن كل أسود بالضرورة عبد! لا يهم شهرة سبارتاكوس كعبد أشقر ثار واشتهر، لا يهم المصريين والعرب أن المماليك الذين حكموا مصر قروناً كانوا عبيداً بيض وشقر. لا يهم كل هذا، فقد استقر واستوطن في بطونهم أن العبودية سوداء! وسبب من الأسباب أن فيهم تكوين شخصي جمعي يحب أن يستقر وعيهم عند ذلك القرار الصارم الباتر الذي لا يقبل مراجعة أو محاورة أو حتى مراجعة بينهم وبين أنفسهم، وهو أن العبودية سوداء. العنصرية اللونية مستقرة في البلاد العربية وإن أنكروا وإن احتجوا وإن أقسموا أن لا عنصرية فيهم، فالعنصرية متواجدة بمؤشرات وأدّلة عديدة. فهل في مصر مثلاً يوجد مذيع تليفزيوني أسود أو مذيعة صريحة السواد؟ هل شاهد أحد مسلسل عن النوبة أو عن عائلة سوداء؟ أقول أسود وسوداء، ولا أقول الكلمة المراوغة.. أسمر.
ولأن الفيتوري يقود تطور نفسية السود ويعبر عنها بصدق، فقد استقبح نفسه صغيراً لأن الأسود كان في العرف السائد في مصر وفي البلاد العربية والعالم كله، قبيح مهما كان وسيماً. وعليه كان السود واقعين تحت هذا التأثير ورضخوا له فخجلوا من لونهم. فكتب الفيتوري في ديوان اذكريني يا افريقيا..
فقير أجل.. ودميم دميم بلون الشتاء، بلون الغيوم
يسير فتسخر منه الوجوه وتسخر حتى وجوه الهموم
فيحمل أحقاده في جنون ويحضن أحزانه في وجوم
ولكنه أبداً حالم وفي قلبه يقظات النجوم
تجرأ السود في العالم وفتحوا ملف اللون، ماعدا سود العالم العربي فهم حتى الآن يتفادون إثارة قضية اللون خوفاً من زيادة التهاب جرحهم الدامي. ولأن الفيتوري هو الذي اقتحم ولم يهب لا البيض ولا السود، ولأنه هو الذي وضع القضية تحت البصر والبصيرة، ولأنه هو الذي كتب أربع دواوين عن أفريقيا، فهو الذي يستحق الاحترام على شجاعته الإنسانية والشعرية، هو الذي يجب أن تقدره افريقيا وتختاره شاعر افريقيا مرتين. لكنها لم تفعل ولو لمرة واحدة.
وأدباء النوبة في الأربعينيات والخمسينيات والستينيات، شابهوا أدباء أفريقيا جنوب الصحراء في اتجاههم اليساري، بل الشيوعي. التحاماً بالشعوب ومجابهة الاستعمار والحكام المتسلطين، وكتبوا بالواقية الاشتراكية واشتهرت رواية (الشمندورة) لمحمد خليل قاسم فكانت العباءة التي خرج منها تنويعات من الكتابات النوبية. وأرى أنه توجد عدّة أوجه من التلاقي والتشابه والتوازي بين الأدب النوبي والأدب الأفريقي، وأيضاً بين هذين النوعين وبين أدباء الولايات المتحدة الأمريكية ذوي الأصل الأفريقي، أوجه التلاقي والتشابه والتوازي منطلقها المشترك هو اللون. لكن هذه مواضيع تحتاج لدارسين متخصصين
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الفيتوري وقضية اللون (Re: خالد عويس)
|
الناس تعشق من فى وجهة خال فكيف بى وحبيبى كلة خال
كلما قرات الفيتورى تاسفت على زمانة وزماننا , وياليتنا تعلمنا ان النبوغ وحدة لا غير هو مبتغانا فكم من متلبث تمسح بالعروبة لتوصلة وما وصل!!الفيتورى بلند الحيدرى السعدى الشيرازو وسعيد عقل كلهم ابداع مع سبق الاصرار على تسكين الحقيقة ليت قومى يعلمون شكرا على ادول بتاع(دنقلا) الرواية الرواية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الفيتوري وقضية اللون (Re: kofi)
|
الأعزاء هوبلس ياسر الشريف كوفي تحياي الحقيقة أن حجاج الدول تناول قضية فى غاية الاهمية وهى من وجهة نظري تمثل اتجاها رائعا لدي الفيتوري يهرب معظمنا _ نحن السود (بتدرجات )_ منه والاشكال لا ينحصر فى مسألة اللون لكنه يتعمق جدا فى النظر الى طبيعة الثقافة والوعي وقدرة الابداع على تطويع الفكرة لمصلحة غاية انسانية جليلة هى التضامن الانساني النبيل ليس مع النفس فحسب ( بوصف الشاعر أسود اللون ) وانما مع كل السود فى العالم ، أعتقد أن الفيتوري و(نحن) لسنا فى حاجة الآن لتأكيد الحضور الانساني للسود ، فاللون الأسود بعد أن كان منبوذا ومهانا فى كل العالم وبعد أن كان (البيض) خاصة فى الغرب يعتقدون بمهانة هذا (الجنس) استطاع ان يقلب مفاهيمهم المتخلفة ليؤكد انه على قدم المساواة معهم ان لم يتفوق فى كثير من الاحيان ليس لأنه (اسود) انما لأن البشر جميعا متساوون تماما فى الاستعداد الفطري لتفجير المواهب والمقدرات والنزعات الانسانية والفكر للفيتوري تحية فهو ان لم يكتب سوي ( معزوفة لدرويش متجول) لأغنته تلك للتربع على عرش الشعر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الفيتوري وقضية اللون (Re: nassar elhaj)
|
الاخ خالد تحياتى اشكرك على طرح هذا الموضوع ان يرانى الناس اسود وان يقولو لى ياسود هذا ليس عيب لكن العيب هو ان ارى نفسى اسود او ان اشمز من لونى هذه هى المشكلة الهنود ما عندهم مشكلة فى اللون ..مشكلتهم فى الشعر معنا واحد من حلب ام درمان درس معنا فى مدينة هندية كان الطلاب ينادونه بالعبد الابيض لانه شعره قرقدى
وعنترة قد صدح بهذه المقولة من قبل يعبون على سواد بشرتى لو لا سواد الليل ما طلع الفجر
انا ابن سوداء الجبين كانها ذئب ترعرع فى ضواحى المنزل الساق منها مثل ساق نعامة والشعر منها مثل حب الفلفل
وتسلم ياحبيب
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الفيتوري وقضية اللون (Re: خالد عويس)
|
تحية للجميع: انه موضوع هادف ، نتمنى الا ينحرف عن مجراه الطبيعي الذي اسس له الاخ خالد بموضوعية وغاية هي الحديث عن بعض المسكوت عنه، بغرض التصالح مع الذات الانسانية من خلال اكتشاف نتوءات الوعي الظلامي في مخيلت البعض من الانسانية على نحو ما هو سائد في عالم العرب وشعوب اخرى غير عربية، وايا كانت درجة المدنية وتهذيب نزعة العنصرية فيها ونظرتها للاخر المختلف في اللون سواء كان اسودا او ملونا...... الفيتوري طفرة ابداعية واثقة وواثبة في عوالم التواري خلف الاكام والاقتيات على حساب الضمير الانساني او الانكفاء الخجول بدعو عدم صب الزيت على النار............................................
يا اخي ياسر الشريف: ان البينة التحتية للذهن العربي تجاه سود البشرة ليس مصدرها الايات القرآنية التي ذكرتها واخشى عليك ان يصنفك احد في خانة كاتب ايات شيطانية سلمان رشدي...ان العقل العربي ومنذ الجاهلية تم تشكيله على استعباد الاحباش وهم في الادب العربي الجاهلي موصومون بسواد اللون كشرط كافي للعبودية ودونك تجربة عنتر بن شداد الذي لم تشفع له شاعريته الفذة وبطولته النادرة امام عمه ليزوجه عبله وشان اخاه شيبو ليس اكثر منه حظا..... وعندما جاء الاسلام كما تعلم معظم الذين اعتنقوه في بادئ الامر هم العبيد الاحباش السود والذين كانوا تحت العبودية القريشية وغيرها وقتذا فبلال الحبشى و جحش وغيره نماذج كثيرة...................... اريد ان اقول ان سوداد للون مرادف للعبودية عند العرب سابق لظهور الاسلام وخوفوا الناس من دهماء مظلمة اذ بدا الكوكب الغربي ذو الذنبي غيرها من اشكال التطير بالغربان من الطيور وغيرها عندعامة العربان.
اطنك شاهدت فلم لا بتكي يا امي والذي يتحدث عن صراع رفاق مانديلا ضد المييز العنصري في بريتوريا: يوجه القاضي في سخرية حديثة الى الاسير الزنجي قائلا له: لماذا يقولون عنكم سود وانتم في الواقع لونكم بني ؟! اجاب المناضل لماذا يقولون عنكم بيض وانتم في الحقيقة يميل لونكم الى الوردي فمسألة الالوان كلها مسألة نسبية ، وان هوان اللون يصرع ضعاف الشخصية ومنكسري النفوس وليس من هم في قامة الفيتوري اوغيره ممن يعرفون حقيقة الحضارة الانسانية التي صنعها الانسان الاسود في بلاد وادي النيل والتي مازالت وستزال قبلة اعجازية يؤمها الزوار من كل فج عميق والى ان يرث الله الارض ومن عليها.... ان الحضارة الفرعونية تقف شاهدا على ان صانعهاهم النوبيون السود البشرة وانها تشهد على عبقريتهم التي تنافي القصور الذهني عند الاسود والذي روج لله الغربيون قبل ثلاث قرون ليبرروا به الاستعمار الاستيطاني لكثير من بلاد العالم.
الانسانية حديقة متعددة الالوان، يسر البعض لون ويتحفز تجاه اخر ، ولكن لا يملك احد ان يقتلع لونا ما من هذه الارض وهذا واقع يبقى عصي على العنصريون تغيره لانها ارادة الله...... يحكي السيد الصادق المهدي في كتاب مشاوير في عقول المشاهير: انه عندما كان في بريطانيا رشخ لرئاسة اتحاد الطلبة العرب ، فاعترض العراقيون بحجة ان الصادق المهدي اسود وليس عربيا وهلم جرا.. فساجلهم السيد الصادق المهدي سجالا طويلا الى ان جاء الى قول الشاعر: انا الاخصر اخصر البشرة من بيت العربي من يساجلني يساجل ماجدا يملأ الدلو حد الكرب
طبعا يا خالد الناس عندنا في السودان برضو تلطيفا للسوادا يقولوا فلان اخضر .. ها يا الاخيضر وغيرها من المحسنات اللونية على قياس
المحسنات اللفظية
الحديث عن الزنوجة يجب الا يكون على طريقة بضدها تعرف الاشياء ولكن يكون مؤسسا بهدف هو اضاءة البقع العمياء في ذهن من يعتقد ان اللون الاسود مرادف طبيعي للعبودية وهذا سائد حتى في سودان اليوم فكل من " بهت " او " تغبش" لونه يظن انه اكثر عروبة او حرا اكثر من غيره ممن هم اغمق لونا ... وهذه ظاهرة تنم عن تخلف في النظرة الانسانية وجهل بحقائق علم الوراثة والتفاعل الحضاري والتصاهر بين الشعوب سؤل كولن باول قبل فترة عبر احد القنوات ما اذا كان معتزا بافريقيته وان ذلك سيؤثر في توجه سياسة الولايات المتحدة من منطلق عنصري قال ردا على ذلك لسائله: كما ترى انا اسود بما فيه الكفاية وانا افريقي الاصل ولكني امريكي الوطن والمواطنة واعمل لخدمة الشعب الامريكي كما هو موجود على ارض امريكا
ما هي نظرة من هم اقل لونية من كولن باول في السودان!!! دمتم / اخوكم/ ابوساره بابكر حسن صالح
| |
|
|
|
|
|
|
|