دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
السودان.. لابد من "ثورة" الجيل الجديد من السياسيين
|
مضت 15 عاما حافلة بالأحداث ومؤشرة في كل اتجاهات فقدان الارادة والعجز السياسي من دون أن يطرأ تحسن ملموس على المسرح السياسي السوداني. وطفح الكيل بملايين السودانيين الذين عوّل بعضهم على وعود الإسلاميين بانقاذ السودان وجعله "دولة عظمى"، فيما عوّل آخرون –وهم الفئة الغالبة- على إمكان استعادة الحياة الديمقراطية بواسطة رافعات التجمع الوطني الديمقراطي وتنظيمات المعارضة بتعدد تلك الرافعات. إلا أن المتأمل للحالة السودانية الراهنة يلحظ بوضوح تراكم الأزمات، وفشل الجانبين في تحقيق أي تقدم على أرض المسرح السياسي. والأسوأ من ذلك أن المشهد السوداني بكامله إنجر لحلقة مفرغة من التمحورات والتكتلات الجهوية والقبلية، وأضحى كل صباح جديد يضاعف من تعقيد الوضع باعلان مجموعة جهوية عن نفسها. والملاحظ أن الخاسر الأكبر ليس الأحزاب السودانية فحسب وهي تخسر يوميا مئات بل آلاف المناصرين، وإنما الحياة السياسية بشكل عام لتستحيل إلى حقل من الألغام ينذر بتفجر الوضع على نحو مريع. وفي نشاط هذه التكتلات الجهوية، مؤشر واضح على أن برامج الأحزاب السودانية وممارساتها ما عادت تغري بالبقاء أو الاستقطاب، علاوة على أن الخطابات السياسية للأجسام السياسية باتت متآكلة فكريا وسياسيا ولا تلبي اهتمامات الشارع السوداني، إذ يدور النقاش ذاته حول الموضوعات ذاتها بالوسائل ذاتها التي لم تتجدد بالقدر الكافي منذ 20 سنة ويزيد. وعلى الرغم من الاشكالات والتراكمات كافة التي جعلت الأزمات السودانية عصية على الحل -ويمكن الاستفاضة في هذا الجانب- ، إلا أن جانبا آخرا متعلقا باللاعبين الأساسيين في الملعب السياسي السوداني واخفاقاتهم لا يتم تناوله بالقدر الكافي. فغالبية القيادات السياسية السودانية عاجزة فعليا عن إدارة حوار جاد في سبيل تحقيق "حلم وطني" يصب لجهة المواطن السوداني الذي صبر طوال ما يقارب 60 سنة منذ رحيل المستعمرين الانجليز، إلا أن صبره لم يجد نفعا في ظل المماحكات و"الثارات الشخصية" بين عدد منهم. وبسبب هذه الخصومات "المزمنة"، والثارات المؤجلة، أضحى الحوار السوداني، أو أي محاولة للقفز على الواقع المحتقن بمثابة حرث في البحر، لأن أدوات الحوار مفقودة، وجوه ملبد بالنزعات الشخصية التي تحول دون ارتقاء الحوار إلى المستوى الذي يأمله الشارع السوداني. فشل تجمع المعارضة السودانية طيلة 15 عاما في تحقيق تطلعات الشعب السوداني باستعادة الديمقراطية أو الضغط على الخرطوم بالقدر الذي يجبرها على تقديم تنازلات حقيقية ليس لجهة أشخاص وأحزاب، وإنما لجهة الحريات العامة والديمقراطية. وللأسف البالغ، كان للضغوط الخارجية القدح المعلى في احداث تحوّل صب لجهة الإسلاميين الذين لم تتغير ذهنيتهم الراديكالية كثيرا، بل قفز إلى قيادتهم أكثر العناصر راديكالية و"ميكيافيلية"، وهي عناصر انتهازية لا تهمها مصلحة السودان أبدا. لكن هؤلاء الإسلاميين الراديكاليين يدركون أن خصومهم في المعارضة مصابون بالعجز ولا يستطيعون تفعيل أدوات عملهم في اتجاه الاطاحة بهم، أو حتى إجبارهم على الجلوس إلى طاولة مفاوضات جامعة تلملم الأزمات السودانية وتقترح حلولها. ويبدو أن الحلول المطروحة حاليا بما فيها حلول "نيفاشا" هي أنصاف حلول مهترئة تسهم في حل الأزمة في الجنوب، لكنها تقود بالضرورة لفتح جبهات قتالية جديدة –كما يحدث حاليا في دارفور- تحت لافتات الاحتجاج المسلح الذي آلت إليه الأوضاع نتيجة لتغليب الخرطوم هذا النهج في التعامل مع الخصوم حسب قدراتهم العسكرية. وعلى الرغم من أنه ليس بالامكان انكار عناصر الاشعال والالتهاب التي تراكمت عبر عقود، وصبت النظم الأوتقراطية وحتى الديمقراطية المختلفة بمعالجاتها المبتسرة للمشكلات، على نارها المزيد من الزيت، إلا أن الواقع السوداني ما عاد له مخرج منطقي يقوده للقفز على أزماته غير الاتجاه لثورة منطقية هادئة يقودها جيل جديد من السياسيين المستنيرين الذين خبروا أدواء أحزابهم، وبمقدورهم أن يحققوا تفاهما على قدر عال فيما بينهم لأنهم محررون على الأقل إلى حد كبير من الثارات الشخصية التي تغذي المشهد الحالي. وفي هذا الصدد، يمكن الزعم أن تجمع المعارضة على الرغم من إشكالات الأحزاب السودانية المزمنة، حقق نتائج طيبة على صعيد تجاوز الخلافات والاختلافات، وصاغ برنامجا نظريا متميزا في العاصمة الاريترية أسمرا في 1995، إلا أن أداء التجمع شابه قصور واضح في الجانب العملي، فضلا عن تراجعه على الأصعدة كلها منذ 1999، ليضحي الفعل الوحيد المتاح لقادة المعارضة هو "التنظير" ومتابعة الأحداث من على البعد، ومحاولة اللحاق بها. وفي المقابل، فإن الإسلاميين بدأوا فعليا منذ 1999 في نخر جسد المعارضة وشق صفوفها باللجوء لسياسات تفاوضية فضفاضة و"لزجة"، قادت لمهادنة حزب الأمة، ومن بعده الحزب الاتحادي الديمقراطي، في حين أن الحزب الشيوعي بدا غير معترض على مبدأ التفاوض الثنائي بشكل أو بآخر. وحققت الحركة الشعبية انتصارات سياسية داوية استنادا على قوتها التفاوضية المستمدة من وجودها العسكري على الأرض علاوة على الضغوط الاقليمية والدولية الواقعة على الخرطوم. ويبدو مشهد المستقبل القريب قاتما بالنسبة للكثيرين الذين لم يكن أمامهم خيار غير الهجرة إلى الخارج أو "العزلة" في الداخل، في ظل انهيارات فظيعة في البنى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، تلك الانهيارات التي تغذيها الانقاذ عن قصد هادفة بذلك إلى خلق عجينة سودانية رخوة وغير متماسكة تسهل بقاء نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه ومؤيديه أطول فترة في الحكم، وتتيح لهم أيضا أكبر قدر من التحكم في الاقتصاد السوداني باتباع أكثر الوسائل قذارة وفسادا، ليستحيل السودان تدريجيا إلى مزرعة ضخمة تعج بالفاسدين واللصوص، إلى درجة أضحت معها جرائم الاعتداء على المال العام نوعا من "الذكاء الاجتماعي" و"العبقرية" في مجتمع اتجه بالفعل للايمان بقيم استهلاكية تتذرع بمبدأ ميكيافيلي "الغاية تبرر الوسيلة". وفي ظل هذا الواقع المحتقن، والمستقبل الذي لا يبدو أنه سيحمل أي نوع من الأمل، يبقى الخيار الوحيد المتاح والمنطقي مرهونا بقدرة الجيل الجديد من السياسيين الشباب على القفز على الواقع وتجاوز احباطاتهم، للشروع في إجراء تغييرات جذرية في أحزابهم ومؤسساتهم السياسية، وفي مواجهة أزمات السودان بحس حواري ووطني عال، فضلا عن الأمل المعقود عليهم في تحريك المياه الآسنة على الصعد كافة. ولا أتورع عن تحريض الشباب في كل المؤسسات السياسية للتحرك الجاد في هذا الاتجاه، لأن مآلات الأحداث لا تبشر بخير، والقيادات السياسية التي ننتظر تحركها، تأمل فيما يبدو في ايجاد "تسويات مريحة" مع النظام، أو على أحسن الفروض هي مصابة بشلل في هذه المرحلة، وعاجزة عن ايجاد أقل قدر من الارادة السياسية لتمنع حدوث الكارثة. وعلى هؤلاء الشباب أن يستنبطوا أدوات جديدة وآليات فاعلة لمواجهة التصدعات الهائلة في الجسد السوداني، واللحاق بالقطار الذي يسير نحو الهاوية بفضل تكالب الحاكمين على السلطة، وتهاون القيادات المعارضة، وصعود المنادين بالدعوات القبلية والجهوية المنكرة إلى ذروة سنام السياسة السودانية بمرئيات تفتقر إلى الحس الوطني السليم. ولي عودة
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: السودان.. لابد من "ثورة" الجيل الجديد من السياسيين (Re: خالد عويس)
|
الاخ العريس خالد
نعم ليس من مخرج من حالت الركوض و غياب المبادرات التي يمكنها منازلة السلطة الفاسدة سوي بثورة علي مستوي المفاهيم و الادوات في الصف الوطن. اعلم أن أنتماء الحزبي يمنعك من الذهاب في الدعوة للتجديد الي نهاياتها المنطقية بتجاوز الاطر القديمة التي اقعدتها سلبيات تاريخية متغلغلة في صميم كيانها علي مسوي القيادات و المؤسسات. بالتجواز لا اعني الالغاء بقدر ما اعني عدم التعويل عليها وحدها فهي في وجهة نظري ليست قادرة و لا راغبة في التغيير الذي يمكن شبابها من تثويرها و رفع فاعليتها في المواجهة. المنابر و الاحزاب و التنظيمات الجديدة موضوعة امام تحد كبير في وارد تعاملها مع السلطة و الاحزاب القديمة. السلطة مرفوضة و يجب هزيمتها و الاحزاب القديمة معيوبة في تعاطيها مع الازمات الراهنة و مثقلة بأخطاءها الخطيرة التي ارتكبتها في السابق.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان.. لابد من "ثورة" الجيل الجديد من السياسيين (Re: نصار)
|
الاخ خالد عويس...تحية طيبة تحليلك للحالة السودانية الحالية واقعى وحقيقي يعكس مدى المامك بما يحدث فى وطننا العزيز .. لهذ اتفق معك فى دعوتك للتمرد الداخلى فى احزابناتمرد يهزها يحركها وينبهها من الحالة التى هى فيها الان ولا اعنى بالتمرد الانشقاق والابتعاد والمخاصمة وانما قيادة عمل جديد بمفاهيم جديدة داخل اطار هذه الاحزاب التى تكلست وترهلت وتحتاج من الجميع لشد قوام يجعلها متحركة ومقبولة .. معظم الاحزاب السودانية تتجاهل الشباب ولا تملك الرؤى التى من خلالها اشراكهم فى العمل السياسيى وانشطة الحزب الثقافية والاعلامية حيث يجد الشاب ذاته وكل احزابنا حتى الان لاتوجد فيها انشطة شبابية ولا حتى اعلامية ا و العلمية لهذا نجد الشباب المنضوى فى الاحزاب قليل جدا مقارنة بمن هم بعيدين عن تلك الاحزاب .. كما ذكرت فان القضايا والخصومات الشخصية التاريخية لبعض القادة السياسيين تلعب دورا كبيرا فى هذه الحالة واقرب مثال ما يحدث الان فى دارفور من تحديات شخصية من جماعة الترابي تجاه مجموعة علي عثمان والتى كان ضحيتها انسان دارفور المشرد المقتول الان .. كلنا نعرف ان خصومة الاخوان المسلمين فاجرة وخصومتهم مع بعضهم كانت اكثر فجورا ووبالا علي السودان ودارفور وانسان دارفور .. من هنا اجد نفسي فى هذا التحليل الرائع معك واقول ليك مبروك يا عريس ولم نسمع الا مما كتبه الاخ نصار فى اول مداخلته ولك منى كل تحية وسلام
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان.. لابد من "ثورة" الجيل الجديد من السياسيين (Re: خالد عويس)
|
خالد عويس وهانئ أبو القاسم
ما دمنا نسمع من أمثالكم هذه الرؤى فالوطن يخير
الأخ نصار
أتفق معك وبشدة
بالطبع الأهم هو التشخيص وما يبدو لي أن البرامج الحزبية ستطل قاصرة عن إذا لم تتسع لمعالجات أكثر شمولاً
ولكن ألا توافقوني في أن الشباب المستنير قد أوغل في الإنصرافية واستسلم للاستغفال السياسي والإجتماعي وبالذات في الجامعات ومؤسسات التعليم
مع فائق احترامي
أحمد الشايقي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان.. لابد من "ثورة" الجيل الجديد من السياسيين (Re: خالد عويس)
|
الاخ احمد الشايقي
الجبهة حاولت بكل الطرق ضرب كل القوي التي تري انها تمثل خطرا علي سلطتها و توجهت بتركيز عالي الي الشباب و الناشئة لتحييدهم و تسطيح افكارهم في اطار مشروعهم الخطير الذي اسموه المشروع الحضاري و اعادة صياغة الانسان. و قد حققوا نجاح في الهاء الشباب و تشويه فكر قطاعات كبيرة منهم و فرقوا الجامعات من محتواها الفكري و دورها التثقيفي لكن كما يقال يمكنك ان تخدع بعض الناس لبعض الوقت لكنك لن تخدع كل الناس كل الوقت. الان بدات صحوة و بدات تتكون معالم جيل جديد شديد الغضب علي ما يحدث في شأن البلد و الغضب هو شعلة الثورة.
الامل مازال قائما اخي العزيز
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان.. لابد من "ثورة" الجيل الجديد من السياسيين (Re: خالد عويس)
|
الاستاذ خالد عويس المحترم
بقدر الهموم تكون الهمم ، ومن لم يكن وهو في صباه او شبابه ماردا في احشائه ، لم يتأتي له ان يتحلى باي قدر من الحكمة في شيخوخته. ازمة السودان غدت كلا متناقضا ومتشابكا، داؤها ما ذكرت ودواؤها فيما ذكرت ايضا، ولكن لكل فكرة اصلاحية او ثورية وسائلها والياتها. وتغيير الواقع يبدأ بنقده وفق رؤى منهجية تأخذ في الاعتبار العمق التاريخي للمشكل السياسي الاجتماعي الذي قادنا لهذا الواقع المضمحل في كل شئ ، والبعد التصوري الذي نريده لمستقبلنا ونحن جيل ا لحاضر المعني بحمل راية الثورة المستنيرة من اجل غد افضل يمسح الغبار من على قسمات السودان الحزين. اخي: تصدى شباب نشامى للتردي على مستوى دولاب الدولة السودانية سواء كان الخلل الماثل في المؤسسات الحزبية او الخدمة المدينة والقوات النظامية و ذلك في عهد الديمقراطية الثالثة ومن كل الاحزاب وقوى المجتمع المدني ، ولكن لم يجد النصح حتى ونحن في منعرج اللوى من يجد فيه سبيلا لتحسين اداء السلطة واحزابها او قواها ، كان الشباب وهم الشغيلة الساهرة لخدمة ملكة النحل في جمهورية العجز كله لا يكفون عن تذكير ملكتهم بان هناك عواصف واعاصير ان لم نبني لها المصدات لهدمت صوامع وبيع بل ومساجد ومساكن . الشباب يسجل هذه المواقف في وقت كانت الدبابات تشنشن جنازيرها واقصد هنا " مذكرة ا لجيش في فبراير 1989" م التي كانت ايذانا بوأد الديمقراطية الثالثة . وواصلة الحركة الشبابية المنتمي منها واللامنتمي تطلعاتها المشروعه بفجر جديد حتى وبعد ذهاب النظام الديمقراطي غير مأسوفا عليه كنظام ولكن ليس مأسوفا على من تسببوا في انهياره !!!... لم ابكي شيئا في حياتي كما بكيت صبيحة انهيار التجربة الديمقراطية الثالثة لانها كانت الامل حقا لي ولكل ابناء جيلي ممن " تفرهدوا " واخذت رؤسهم اليانعة تطل برؤى جديدة حقا لجيل جديد ذو تفكير جديد.
لم نكن يوما لنعول كثيرا على قيادات ومؤسسات قوانا السياسية سواء كانت التي اقصيت من السلطة و اعنى هنا " تحالف قوى انتفاضة ابريل 1985) او تلك التي استولت عليها بقانون الحرابة والشوكة الحزبية واعني هنا " الحبهة الاسلاموية" ، فكنت دوما وفي اي لقاء يضم ابناء جيلنا وقيادات الصف الاول في احزابنا اردد في وجههم نحن جيل لا يتوقع ان تحدثوا تغييرا بالابعاد التي يحلم او يطمح اليها، ليس هذا من منطلق صراع الاجيال ولكن حقا رؤانا وطريقة نظرتنا وتفكيرنا مختلفة تماما عنهم وعن كيفية ادراتهم للدولة وللمؤسسات الحزبية التي ينبغي ان تكون مرآة صادقة لتطلعاتنا وقناعاتنا الفكرية والسياسية. ومثل هكذا موقف حتما سيجلب الكثير من المتاعب لاي شباب ينتمي الى احزابنا التقليدية من اقصى اليمين الى اقصى اليسار، وقليلا من ينفد من الاستهداف ومحاولات اغتيال او وأد شخصيته مبكرا وهو مازال صبيا في حقل ساس يسوس. التجمع الوطني الديمقراطي الحالي يا استاذ خالد هو امتداد لتجمع قوى الانتفاضة، اختلفت كلمته عندما تحققت له الديمقراطية ونقد غزله من بعد قوة انكاسا واخذت بعض قواه تتآمر سرا وعلانية على تجربة الديمقراطية الثالثة فمنهم من وصفها بالديمقراطية الطائفية لان من يحكم فيها هو حزب الامة والاتحادي واخذ يؤلب القوات النظامية تارة كالجبهة الاسلامية او التحالف مع حركة التمرج وتحمع قوى الاحزاب الافريقية كالاحزاب اليسارية، او من بينها من يستثير الحركة النقابية ضد نظام ديمقراطي وليد لتبلغ الاضطرابات عن العمل 273 اضرابا في سنتين ونصف هي عمر النظام الديمقراطي.!!!! احزاب تختلف حين تنتصر ، وتتفق حين تنهزم اي احزاب هذه!!!!! ان قوة نظام الدولة من قوة احزابها ومؤسساتها ، فالاحزاب في العهود الديمقراطية دوما هي مرآة صادقة للنظام الحاكم من حيث الاداء والشفافية والمحاسبية بل في تقديم الحلول الابداعية والانجازية لمشكلات وقضايا الوطن والمواطن. حسنا، توحدت قوى المعارضة تحت لواء التجمع في اكتوبر 1989 بعد سقوط الديمقراطية وخرج ميثاق التجمع من كوبر وتكونت على اساسه المعارضة الخارجية والداخلية، واي معارضة تلك التي اخذت تهز بسيوف مقابضها ليست بايديها ، واي معارضة تلك التي جعلت التغيير في السودان مرهونا بتأييد المخططات الامريكية لاحتواء نظام الخرطوم ، استكان التجمع على موقفه المؤيد للموقف الامريكي- العربي ضد العزو العراقي للكويت فظنوا بان امريكا ستأتي وتقتلع نظام البشير جزاء لمواقفهم ولكن لم يحدث شئ من هذا بل كانت امريكا هي اول من حكم على ضعف هذا التجمع الوطني وشككت في قدرته على اسقاط نظام البشير ، هذا بالاضافة الى انها تعتقد بان من يقودونه هم ذات الوجوه والشخوص الذين كانوا على سدة النظام الديمقراطي والذي تهشم على رؤسهم وهم جالسون على كرسي السلطة... فعاملت التجمع فقط كاداة معلوماتية ومصدر دعم لسياساتها الاحتوائية لنظام الخرطوم واستخدام التقارير التي يرفعها قادة التجمع لاجهزة استخباراتها في تمرير مشاريع الادانة والعقوبات على نظام البشير، اي صار التجمع برمته في مرحلة من المراحل مجرد مخبر لدى الامريكان والبريطانيين!!!! وقادته غارقون في هذا السباق نحو واشنطن واطلنطا ومجلس اللوردات في بريطانيا وغيره ، بينما لاعب اللعبة الحقيقي يوظف كل ذلك الركض لحساب استراتيجياته الحقيقية، ويا ما كتبنا في هذا السياق مقالات ومقالات نشرت عبر جريدة الخرطوم ننبه في قومنا غافلة ولكن لا حياة لمن تنادي. للتجمع حسنتين ، الاولى انه وضعا ادبا سياسيا شفاهيا كثيرا مرتكزا على المواثيق الدولية لحقوق الانسان وما انتجته التجربة الانسانية والنضالية لشعب السودان وهذه تحسب له في اطار ثقافة الديمقراطية والسلام والوفاق الوطني. اما الحسنة الثانية للتجمع هو سعيه وبمبادرة فردية من حزب الامة الى انضمام الحركة الشعبية الى التجمع في مارس 1990م ليتألف اكبر تجمع في تاريخ السودان شمالي جنوبي. ولكن كان لهذا التحالف سلبية رئيسية هي الاتكالية التي بدت بها قوى المعارضة الشمالية على القوة العسكرية للحركة الشعبية التي لم تخفي تكتيكاتها وهي تتعايش وتوظف البعد العربي والاسلامي والدولي لقوى التجمع لمصلحة استراتيجيتها الرامية لانتزاع اكبر قدر ممكن من قسمة الثروة والسلطة للجنوب سواء كان بالتفاوض مع حكومة الخرطوم او مع قوى التجمع اذا ما قدر لها ان تصل الى السلطة . الحركة تدرك بانها تلعب مع التجمع مباراة صفرية تماما ، فهي حليفه و لا تشركه في مفاوضاتها مع الحكومة على مدى خمسة عشر عاما، تقول انه ستتحدث انطلاق من مبادئ اعلان نيروبي ابريل 1993 او مقررات اسمرا 1995، ولكن بمجرد ان ينفض سامر الاجتماع ويكشف عن محضره او بيانه الختامي يتباين بان التجمع في وادي والحركة في وادي اخر!!! الحركة تدرك تماما بان سلطتها لا تتحقق من خلال عودة حزبي الامة والاتحادي للسلطة لانها في نظر هذين الحزبين مجرد قوة عسكرية ستتحول ديمقراطيا الى فصيل شعبي صغير لا يؤثر في صنع القرار القومي ناهيك عن قيادته وهذا لمخاوفها بان الحزبين الكبيرين سيلجأن الى لعبة القط والفأر معها بتذكية وتشجيع تحالفات مع احزاب جنوبية مدنية اخرى مما يضعف وزن الحركة الشعبية وقائدها في معادلة السلطة والثروة !! ولما كان هذا جانب من وعي قيادة الحركة بحقيقة حلفائها ، ،ولما كانت والدكتور جون قرنق يرون بل يعتقدون بان الحزبيين الرئيسين الامة والاتحادي ان عادا الى السلطة لم يكن بمقدور الحركة ان تحصل على ما تتمناه في قسمة السلطة والثروة كما اسلفنا. لذا ما يحققه الاتفاق مع اي نظام عسكري للحركة له اكبر من ان يناله عبر صناديق الاقتراع في الديمقراطية التعددية يتحكم في مقاليدها الحزبيين الكبيرين!!!! ومن هنا يتبين الخلل الكبير في التحالف بين قوى التجمع الوطني الديمقراطي ويتجلى بصورة اكثر وضوحا في مسارات التفاوض التي نشطت بصورة منعزلة لدى القوى الشمالية المنضوية تحت لواء التجمع منذ خروج حزب الامة منه وعودة قيادته للعمل من الداخل... الحركة انهت مفاوضاتها مع الانقاذ على نحو ما عايشنا، لجان حزب الامة تقوم وتقعد ، وفي حركة القيام والقعود هذه ثلمت الانقاذ منها رجلا تمثلت في مجموعة مبارك الفاضل المهدي وما زال الحبل على القارب والتفاوض مستمر والتطبيع مستمر، وفي الجانب الاخر الامر نفسه ينطبق على الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي وقع اعلان جدة وتبنته بقية فصائل التجمع المتحالفة معه، واخيرا مفاوضات عبدالرحمن سعيد والدكتور نافع على نافع والتي في تقدير ما هية الا محاولات لصون ماء وجه التجمع بالنسبة لقيادته التي اشتكت وخافت العزلة والخروج عن مسرح السياسة السودانية بعد ان يممت الحركة الشعبية وجهت الانقاذ بتوقيع البروتوكولات الثلاث، اما بالنسبة للحكومة في لعبة ايضا في تقذيم واحتواء المخطط الاريتري في تذكية الحرب من البوابة الشرقية في مخططها اللئيم القائم على استراتيجية الحفاظ على امنها القومي ودرء حركات المعارضة الاريترية المنطقة من شرق السودان بجعل المعارضة السودانية درعا واقيا لحدودها وعينا لها على معارضوها، وهذا بعد اخر لم يضع له التجمع حسبانا، بل لم يأخذه عبدالعزيز خالد في حساباته وهو يقود مفاوضات ثنائية مع الانقاذ متجاهلا بانه الخنجر الاخير الذي تمسك به حكومة اريتريا لتضعه في خاصرة الانقاذ متى ما فكرت في تغذية اي حركة معارضه له لذا جاء التحالف الاريتري مع مجموعة تيسير لاقصاء عبدالعزيز خالد وسيحدث الشئ نفسه في اي لحظة تفكر فيه اي قوى تعمل من الاراضي الاريترية لا تملك قرارها وارادتها في يدها..... اذكر هنا بان الجيش والاستخبارات الاريترية صادرت ممتلكات ومعدات جيش الامة واجهزته عندما قرر حزب الامة العودة..... كل هذا يعكس حجم المأساة والركاكة في التخطيط للعمل المعارض للتجمع ولك فصائله مجتمعة ومتفرقة ويؤكد شئ واحد ان قوة كهذه اعجز من ان ترد حقا لجيلنا سلبته منه ذبابة. فالحركة الشعبية هي اللاعب الوحيد في سياق التحالف المذكور من استفاد في فترة الـ15 عاما الماضية وان الخاسر الاكبر هو حزبي الامة والاتحادي، لانهما فشلا في الحكم وفشلا في المعارضة في توظيف امكانياتهما الحقيقة في احداث اختراق حقيقي عسكري كان ام سلمي تجاه تحقيق تحول ديمقراطي اومشاركة عادلة مع نظام الانقاذ، وان استمرت سياستيهما على ما عليه الان فحتما سيتحولان الى حزبيين متقزمين بقوة السلطة على نحو ما يفعل الحزب الوطني الحاكم في مصر في احزاب الوفد والتجمع والعمل وغيرها !!!! وهذا على الرغم من الشعبية المشهودة والمتنامية لاحزاب الامة والاتحادي، نحن اليوم في وطن من يملك السلطة والمال هو من يتحكم في مصائر العباد حتى ولو الى حين ، وان في هذا الحين تتبدل سنن وتنشأ اجيال وسنة الكون في تحول وصيرورة تحسب على من يلعب خارج الحلبة او من يناطح الصخر باظر هشة.
استمرت الانقاذ لا لقوة في نظامها ولكن لضعف في احزابنا وقوى المعارضة ، عندما كنا نصرخ في وجه قيادتنا بالقاهرة لحمل السلاح بجد وحزم كانوا ينظرون الينا بسخرية واننا لا نعدوا كوننا شباب وطلاب قصر في الفهم، وان العملية عندهم لا تحتاج اكثر من عشر او خمسة عشر شابا في الغابة او المعسكرات لجمع المال والبعد الاعلامي ، وعندما فطنوا بان ما كنا نقوله كان قراءة واقعية وحتمية ضرورية لمواجهة النظام في الخرطوم وجدوا بان نظام الجبهة عسكر كل الحياة المدنية ولم تعد مواجهة بالامر الهين ميدانيا ، فما كان منهم الا الانكسار في الشرق والانسحاب الى الداخل..... من يضرب على الحديد وهو بارد يعي ويدمي يديه!!!. .. والصحيح ان تضرب على الحديد وهو ساخن!!!! ثورة الجيل الجديد يا اخي خالد ينبغي الا تكون ثورة فوقية او صالونية تكتفي بالنقد، فالتغيير الحقيقي والجذري له واحد من طريقين: الاول: ان يشمر الرافضون عن سواعد الجد ويحملوا السلاح كما حمله ابناء دارفور والجنوب ولكن بقوة. ثانيا: ان كان الخيار الاول لا اوافق عليه شخصيا في الظروف الراهنه، بل ارى في ان ينطلق الشباب بالارتباط المباشر بقواعده من كان له اهل فليكن لصيقا بقضاياتهم وهمومهم اليومية، ومن له اهتمامات نقابية فليرتبط بانناء مهنته من قوى المجتمع المدني وان تكون الثورة ثورة معرفية وموقفية من الداخل ومن الخارج منطلقة من داخل مؤسسات الانتفاضة المعروفة الشعب+ الجيش+ النقابات. ... وهذه في تقديري قوى ضغط وتحول حقيقي وما تجربة اتحاد جامعة الخرطوم الراهنة الا خير دليل على ما اقول. الشباب الثائر هو جيل رفض وجيل افتراقي لان تفكيره دوما مغايير ، وبالتالي فهو مرفوض امام قوى المحافظة والاستكانة في احزابنا وسيتعرض لشتى انواع العزل والاقصاء بل التنكر له ولانتمائه للحزب او القوى المعنية ولكن ينبغي الا يزيده هذا الا اصرار ومبدئية واخلاقية وفكرية. الشباب والجيل الجديد يحمل ازمته ايضا بداخله، فهناك من تغرية الاغراءات المقدمة من القيادات العليا في احزابنا او قوانا الاجتماعية فتستميله بوعد كالحمل الكاذب، و توحي اليه بانه من المصطفين الاخيار ، وان صبر وثابر تحت مظلتهم وادى فروض ا لولاء والتطبيل سيكون عندهم خادما امين ، وفي كرسي سلطة مكين ... وكم وكم وكم وكم من ابناء جيلنا مشى يختال فخورا بانه من لوبي السيد فلان ، وانه ملك مستقبل السودان وانه لا محالة مستوزرا او حاكما اقليميا وغيره من الشباب ممن تنطلي عليهم صفقات بيع الطير في الهواء ، او سلطة في رحم الغيب. السودان اخي يعج بازمات ومشكلات غاية في الخطورة، وان قيمة بقائه غدت امرا مهددا بصورة حقيقية ، وان من ينظرون الى الامر في اطار امانيهم الشخصية او الشكلية لن يكونوا اداة فاعلة في اي تغيير ايجابي يحفظ لهذا الوطن قيمة بقائه متحدا. نعم علت الرؤى الضيقة لمفهوم الدولة حتى في اذهان المتعلمين والذين تراهم في مجال المثقافة غاية في الروعة ، وحين تأتي في مجال قضايا الاجتماع البشري والدولة للجميع يتصرف وكأن الدولة له او لقبيلته او حهويته. هذه لها اسبابها الضاربة في جذور احزابنا ونظام دولتنا التي ابى قادتها الا ان يتصرفوا بلاعدالة في الدور ولا عدالة في الحق منذ اليوم الاول لاستقلال السودان عام 1956 الامر الذي خلف مشكلات دستورية وعرقية وجهوية كبيرة تحتاج الى رؤى وطنية متجردة ترتقي بوعينا السياسي الى مصاف القومية والحيادية بين مكونات الدولة السودانية. فالفجر يا اخي خالد شعاع صغير يتخلل اكمات من ظلمات فوقها ظلمات ولكن لا محالة ان هذا الشعاع لمبدد تلك الدياجي.
ابوساره بابكر حسن صالح ************************************************************** مكتوب لك الدهب المجمر تتحرق بالنار دوام
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان.. لابد من "ثورة" الجيل الجديد من السياسيين (Re: خالد عويس)
|
الاستاذ خالد عويس المحترم
بقدر الهموم تكون الهمم ، ومن لم يكن وهو في صباه او شبابه ماردا في احشائه ، لم يتأتي له ان يتحلى باي قدر من الحكمة في شيخوخته. ازمة السودان غدت كلا متناقضا ومتشابكا، داؤها ما ذكرت ودواؤها فيما ذكرت ايضا، ولكن لكل فكرة اصلاحية او ثورية وسائلها والياتها. وتغيير الواقع يبدأ بنقده وفق رؤى منهجية تأخذ في الاعتبار العمق التاريخي للمشكل السياسي الاجتماعي الذي قادنا لهذا الواقع المضمحل في كل شئ ، والبعد التصوري الذي نريده لمستقبلنا ونحن جيل ا لحاضر المعني بحمل راية الثورة المستنيرة من اجل غد افضل يمسح الغبار من على قسمات السودان الحزين. اخي: تصدى شباب نشامى للتردي على مستوى دولاب الدولة السودانية سواء كان الخلل الماثل في المؤسسات الحزبية او الخدمة المدينة والقوات النظامية و ذلك في عهد الديمقراطية الثالثة ومن كل الاحزاب وقوى المجتمع المدني ، ولكن لم يجد النصح حتى ونحن في منعرج اللوى من يجد فيه سبيلا لتحسين اداء السلطة واحزابها او قواها ، كان الشباب وهم الشغيلة الساهرة لخدمة ملكة النحل في جمهورية العجز كله لا يكفون عن تذكير ملكتهم بان هناك عواصف واعاصير ان لم نبني لها المصدات لهدمت صوامع وبيع بل ومساجد ومساكن . الشباب يسجل هذه المواقف في وقت كانت الدبابات تشنشن جنازيرها واقصد هنا " مذكرة ا لجيش في فبراير 1989" م التي كانت ايذانا بوأد الديمقراطية الثالثة . وواصلة الحركة الشبابية المنتمي منها واللامنتمي تطلعاتها المشروعه بفجر جديد حتى وبعد ذهاب النظام الديمقراطي مأسوفا عليه كنظام ولكن ليس مأسوفا على من تسببوا في انهياره !!!... لم ابكي شيئا في حياتي كما بكيت صبيحة انهيار التجربة الديمقراطية الثالثة لانها كانت الامل حقا لي ولكل ابناء جيلي ممن " تفرهدوا " واخذت رؤسهم اليانعة تطل برؤى جديدة حقا لجيل جديد ذو تفكير جديد.
لم نكن يوما لنعول كثيرا على قيادات ومؤسسات قوانا السياسية سواء كانت التي اقصيت من السلطة و اعنى هنا " تحالف قوى انتفاضة ابريل 1985) او تلك التي استولت عليها بقانون الحرابة والشوكة الحزبية واعني هنا " الحبهة الاسلاموية" ، فكنت دوما وفي اي لقاء يضم ابناء جيلنا وقيادات الصف الاول في احزابنا اردد في وجههم نحن جيل لا يتوقع ان تحدثوا تغييرا بالابعاد التي يحلم او يطمح اليها، ليس هذا من منطلق صراع الاجيال ولكن حقا رؤانا وطريقة نظرتنا وتفكيرنا مختلفة تماما عنهم وعن كيفية ادراتهم للدولة وللمؤسسات الحزبية التي ينبغي ان تكون مرآة صادقة لتطلعاتنا وقناعاتنا الفكرية والسياسية. ومثل هكذا موقف حتما سيجلب الكثير من المتاعب لاي شباب ينتمي الى احزابنا التقليدية من اقصى اليمين الى اقصى اليسار، وقليلا من ينفد من الاستهداف ومحاولات اغتيال او وأد شخصيته مبكرا وهو مازال صبيا في حقل ساس يسوس. التجمع الوطني الديمقراطي الحالي يا استاذ خالد هو امتداد لتجمع قوى الانتفاضة، اختلفت كلمته عندما تحققت له الديمقراطية ونقد غزله من بعد قوة انكاسا واخذت بعض قواه تتآمر سرا وعلانية على تجربة الديمقراطية الثالثة فمنهم من وصفها بالديمقراطية الطائفية لان من يحكم فيها هو حزب الامة والاتحادي واخذ يؤلب القوات النظامية تارة كالجبهة الاسلامية او التحالف مع حركة التمرج وتحمع قوى الاحزاب الافريقية كالاحزاب اليسارية، او من بينها من يستثير الحركة النقابية ضد نظام ديمقراطي وليد لتبلغ الاضطرابات عن العمل 273 اضرابا في سنتين ونصف هي عمر النظام الديمقراطي.!!!! احزاب تختلف حين تنتصر ، وتتفق حين تنهزم اي احزاب هذه!!!!! ان قوة نظام الدولة من قوة احزابها ومؤسساتها ، فالاحزاب في العهود الديمقراطية دوما هي مرآة صادقة للنظام الحاكم من حيث الاداء والشفافية والمحاسبية بل في تقديم الحلول الابداعية والانجازية لمشكلات وقضايا الوطن والمواطن. حسنا، توحدت قوى المعارضة تحت لواء التجمع في اكتوبر 1989 بعد سقوط الديمقراطية وخرج ميثاق التجمع من كوبر وتكونت على اساسه المعارضة الخارجية والداخلية، واي معارضة تلك التي اخذت تهز بسيوف مقابضها ليست بايديها ، واي معارضة تلك التي جعلت التغيير في السودان مرهونا بتأييد المخططات الامريكية لاحتواء نظام الخرطوم ، استكان التجمع على موقفه المؤيد للموقف الامريكي- العربي ضد العزو العراقي للكويت فظنوا بان امريكا ستأتي وتقتلع نظام البشير جزاء لمواقفهم ولكن لم يحدث شئ من هذا بل كانت امريكا هي اول من حكم على ضعف هذا التجمع الوطني وشككت في قدرته على اسقاط نظام البشير ، هذا بالاضافة الى انها تعتقد بان من يقودونه هم ذات الوجوه والشخوص الذين كانوا على سدة النظام الديمقراطي والذي تهشم على رؤسهم وهم جالسون على كرسي السلطة... فعاملت التجمع فقط كاداة معلوماتية ومصدر دعم لسياساتها الاحتوائية لنظام الخرطوم واستخدام التقارير التي يرفعها قادة التجمع لاجهزة استخباراتها في تمرير مشاريع الادانة والعقوبات على نظام البشير، اي صار التجمع برمته في مرحلة من المراحل مجرد مخبر لدى الامريكان والبريطانيين!!!! وقادته غارقون في هذا السباق نحو واشنطن واطلنطا ومجلس اللوردات في بريطانيا وغيره ، بينما لاعب اللعبة الحقيقي يوظف كل ذلك الركض لحساب استراتيجياته الحقيقية، ويا ما كتبنا في هذا السياق مقالات ومقالات نشرت عبر جريدة الخرطوم ننبه في قومنا غافلة ولكن لا حياة لمن تنادي. للتجمع حسنتين ، الاولى انه وضعا ادبا سياسيا شفاهيا كثيرا مرتكزا على المواثيق الدولية لحقوق الانسان وما انتجته التجربة الانسانية والنضالية لشعب السودان وهذه تحسب له في اطار ثقافة الديمقراطية والسلام والوفاق الوطني. اما الحسنة الثانية للتجمع هو سعيه وبمبادرة فردية من حزب الامة الى انضمام الحركة الشعبية الى التجمع في مارس 1990م ليتألف اكبر تجمع في تاريخ السودان شمالي جنوبي. ولكن كان لهذا التحالف سلبية رئيسية هي الاتكالية التي بدت بها قوى المعارضة الشمالية على القوة العسكرية للحركة الشعبية التي لم تخفي تكتيكاتها وهي تتعايش وتوظف البعد العربي والاسلامي والدولي لقوى التجمع لمصلحة استراتيجيتها الرامية لانتزاع اكبر قدر ممكن من قسمة الثروة والسلطة للجنوب سواء كان بالتفاوض مع حكومة الخرطوم او مع قوى التجمع اذا ما قدر لها ان تصل الى السلطة . الحركة تدرك بانها تلعب مع التجمع مباراة صفرية تماما ، فهي حليفه و لا تشركه في مفاوضاتها مع الحكومة على مدى خمسة عشر عاما، تقول انه ستتحدث انطلاق من مبادئ اعلان نيروبي ابريل 1993 او مقررات اسمرا 1995، ولكن بمجرد ان ينفض سامر الاجتماع ويكشف عن محضره او بيانه الختامي يتباين بان التجمع في وادي والحركة في وادي اخر!!! الحركة تدرك تماما بان سلطتها لا تتحقق من خلال عودة حزبي الامة والاتحادي للسلطة لانها في نظر هذين الحزبين مجرد قوة عسكرية ستتحول ديمقراطيا الى فصيل شعبي صغير لا يؤثر في صنع القرار القومي ناهيك عن قيادته وهذا لمخاوفها بان الحزبين الكبيرين سيلجأن الى لعبة القط والفأر معها بتذكية وتشجيع تحالفات مع احزاب جنوبية مدنية اخرى مما يضعف وزن الحركة الشعبية وقائدها في معادلة السلطة والثروة !! ولما كان هذا جانب من وعي قيادة الحركة بحقيقة حلفائها ، ،ولما كانت والدكتور جون قرنق يرون بل يعتقدون بان الحزبيين الرئيسين الامة والاتحادي ان عادا الى السلطة لم يكن بمقدور الحركة ان تحصل على ما تتمناه في قسمة السلطة والثروة كما اسلفنا. لذا ما يحققه الاتفاق مع اي نظام عسكري للحركة له اكبر من ان يناله عبر صناديق الاقتراع في الديمقراطية التعددية يتحكم في مقاليدها الحزبيين الكبيرين!!!! ومن هنا يتبين الخلل الكبير في التحالف بين قوى التجمع الوطني الديمقراطي ويتجلى بصورة اكثر وضوحا في مسارات التفاوض التي نشطت بصورة منعزلة لدى القوى الشمالية المنضوية تحت لواء التجمع منذ خروج حزب الامة منه وعودة قيادته للعمل من الداخل... الحركة انهت مفاوضاتها مع الانقاذ على نحو ما عايشنا، لجان حزب الامة تقوم وتقعد ، وفي حركة القيام والقعود هذه ثلمت الانقاذ منها رجلا تمثلت في مجموعة مبارك الفاضل المهدي وما زال الحبل على القارب والتفاوض مستمر والتطبيع مستمر، وفي الجانب الاخر الامر نفسه ينطبق على الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي وقع اعلان جدة وتبنته بقية فصائل التجمع المتحالفة معه، واخيرا مفاوضات عبدالرحمن سعيد والدكتور نافع على نافع والتي في تقدير ما هية الا محاولات لصون ماء وجه التجمع بالنسبة لقيادته التي اشتكت وخافت العزلة والخروج عن مسرح السياسة السودانية بعد ان يممت الحركة الشعبية وجهت الانقاذ بتوقيع البروتوكولات الثلاث، اما بالنسبة للحكومة في لعبة ايضا في تقذيم واحتواء المخطط الاريتري في تذكية الحرب من البوابة الشرقية في مخططها اللئيم القائم على استراتيجية الحفاظ على امنها القومي ودرء حركات المعارضة الاريترية المنطقة من شرق السودان بجعل المعارضة السودانية درعا واقيا لحدودها وعينا لها على معارضوها، وهذا بعد اخر لم يضع له التجمع حسبانا، بل لم يأخذه عبدالعزيز خالد في حساباته وهو يقود مفاوضات ثنائية مع الانقاذ متجاهلا بانه الخنجر الاخير الذي تمسك به حكومة اريتريا لتضعه في خاصرة الانقاذ متى ما فكرت في تغذية اي حركة معارضه له لذا جاء التحالف الاريتري مع مجموعة تيسير لاقصاء عبدالعزيز خالد وسيحدث الشئ نفسه في اي لحظة تفكر فيه اي قوى تعمل من الاراضي الاريترية لا تملك قرارها وارادتها في يدها..... اذكر هنا بان الجيش والاستخبارات الاريترية صادرت ممتلكات ومعدات جيش الامة واجهزته عندما قرر حزب الامة العودة..... كل هذا يعكس حجم المأساة والركاكة في التخطيط للعمل المعارض للتجمع ولك فصائله مجتمعة ومتفرقة ويؤكد شئ واحد ان قوة كهذه اعجز من ان ترد حقا لجيلنا سلبته منه ذبابة. فالحركة الشعبية هي اللاعب الوحيد في سياق التحالف المذكور من استفاد في فترة الـ15 عاما الماضية وان الخاسر الاكبر هو حزبي الامة والاتحادي، لانهما فشلا في الحكم وفشلا في المعارضة في توظيف امكانياتهما الحقيقة في احداث اختراق حقيقي عسكري كان ام سلمي تجاه تحقيق تحول ديمقراطي اومشاركة عادلة مع نظام الانقاذ، وان استمرت سياستيهما على ما عليه الان فحتما سيتحولان الى حزبيين متقزمين بقوة السلطة على نحو ما يفعل الحزب الوطني الحاكم في مصر في احزاب الوفد والتجمع والعمل وغيرها !!!! وهذا على الرغم من الشعبية المشهودة والمتنامية لاحزاب الامة والاتحادي، نحن اليوم في وطن من يملك السلطة والمال هو من يتحكم في مصائر العباد حتى ولو الى حين ، وان في هذا الحين تتبدل سنن وتنشأ اجيال وسنة الكون في تحول وصيرورة تحسب على من يلعب خارج الحلبة او من يناطح الصخر باظر هشة.
استمرت الانقاذ لا لقوة في نظامها ولكن لضعف في احزابنا وقوى المعارضة ، عندما كنا نصرخ في وجه قيادتنا بالقاهرة لحمل السلاح بجد وحزم كانوا ينظرون الينا بسخرية واننا لا نعدوا كوننا شباب وطلاب قصر في الفهم، وان العملية عندهم لا تحتاج اكثر من عشر او خمسة عشر شابا في الغابة او المعسكرات لجمع المال والبعد الاعلامي ، وعندما فطنوا بان ما كنا نقوله كان قراءة واقعية وحتمية ضرورية لمواجهة النظام في الخرطوم وجدوا بان نظام الجبهة عسكر كل الحياة المدنية ولم تعد مواجهة بالامر الهين ميدانيا ، فما كان منهم الا الانكسار في الشرق والانسحاب الى الداخل..... من يضرب على الحديد وهو بارد يعي ويدمي يديه!!!. .. والصحيح ان تضرب على الحديد وهو ساخن!!!! ثورة الجيل الجديد يا اخي خالد ينبغي الا تكون ثورة فوقية او صالونية تكتفي بالنقد، فالتغيير الحقيقي والجذري له واحد من طريقين: الاول: ان يشمر الرافضون عن سواعد الجد ويحملوا السلاح كما حمله ابناء دارفور والجنوب ولكن بقوة. ثانيا: ان كان الخيار الاول لا اوافق عليه شخصيا في الظروف الراهنه، بل ارى في ان ينطلق الشباب بالارتباط المباشر بقواعده من كان له اهل فليكن لصيقا بقضاياتهم وهمومهم اليومية، ومن له اهتمامات نقابية فليرتبط بانناء مهنته من قوى المجتمع المدني وان تكون الثورة ثورة معرفية وموقفية من الداخل ومن الخارج منطلقة من داخل مؤسسات الانتفاضة المعروفة الشعب+ الجيش+ النقابات. ... وهذه في تقديري قوى ضغط وتحول حقيقي وما تجربة اتحاد جامعة الخرطوم الراهنة الا خير دليل على ما اقول. الشباب الثائر هو جيل رفض وجيل افتراقي لان تفكيره دوما مغايير ، وبالتالي فهو مرفوض امام قوى المحافظة والاستكانة في احزابنا وسيتعرض لشتى انواع العزل والاقصاء بل التنكر له ولانتمائه للحزب او القوى المعنية ولكن ينبغي الا يزيده هذا الا اصرار ومبدئية واخلاقية وفكرية. الشباب والجيل الجديد يحمل ازمته ايضا بداخله، فهناك من تغرية الاغراءات المقدمة من القيادات العليا في احزابنا او قوانا الاجتماعية فتستميله بوعد كالحمل الكاذب، و توحي اليه بانه من المصطفين الاخيار ، وان صبر وثابر تحت مظلتهم وادى فروض ا لولاء والتطبيل سيكون عندهم خادما امين ، وفي كرسي سلطة مكين ... وكم وكم وكم وكم من ابناء جيلنا مشى يختال فخورا بانه من لوبي السيد فلان ، وانه ملك مستقبل السودان وانه لا محالة مستوزرا او حاكما اقليميا وغيره من الشباب ممن تنطلي عليهم صفقات بيع الطير في الهواء ، او سلطة في رحم الغيب. السودان اخي يعج بازمات ومشكلات غاية في الخطورة، وان قيمة بقائه غدت امرا مهددا بصورة حقيقية ، وان من ينظرون الى الامر في اطار امانيهم الشخصية او الشكلية لن يكونوا اداة فاعلة في اي تغيير ايجابي يحفظ لهذا الوطن قيمة بقائه متحدا. نعم علت الرؤى الضيقة لمفهوم الدولة حتى في اذهان المتعلمين والذين تراهم في مجال المثقافة غاية في الروعة ، وحين تأتي في مجال قضايا الاجتماع البشري والدولة للجميع يتصرف وكأن الدولة له او لقبيلته او حهويته. هذه لها اسبابها الضاربة في جذور احزابنا ونظام دولتنا التي ابى قادتها الا ان يتصرفوا بلاعدالة في الدور ولا عدالة في الحق منذ اليوم الاول لاستقلال السودان عام 1956 الامر الذي خلف مشكلات دستورية وعرقية وجهوية كبيرة تحتاج الى رؤى وطنية متجردة ترتقي بوعينا السياسي الى مصاف القومية والحيادية بين مكونات الدولة السودانية. فالفجر يا اخي خالد شعاع صغير يتخلل اكمات من ظلمات فوقها ظلمات ولكن لا محالة ان هذا الشعاع لمبدد تلك الدياجي.
ابوساره بابكر حسن صالح ************************************************************** مكتوب لك الدهب المجمر تتحرق بالنار دوام
| |
|
|
|
|
|
|
|