دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!!
|
يوافق اليوم 25 فبراير الذكرى الخامسة لرحيل الأستاذ سعيد الطيب شايب الذي لحق بالرفيق الأعلى في مثل هذا اليوم من عام 2002.. هذا البوست بسبيل من إحياء ذكراه والتعريف به.. والباب مفتوح لكل من يريد أن يدلي فيه بدلوه، أو تريد أن تدلي فيه بدلوها.. عنوان البوست استوحيته من كلمات الأغنية التي يغنيها الفنان حمد الريح.. وسبب إيراد هذا البيت هو أنه يُجَسِّد حال الأستاذ سعيد مع معلِّمِه ومعلِّمنا الأستاذ محمود محمد طه؛ فهو دائما السعيد بذكر الأستاذ، وهو الذي وهب عمره لأستاذه وللفكرة الجمهورية، فكان بحق تلميذ الأستاذ محمود الأكبر.. وقد حكى أستاذنا على لطفي أن الأستاذ محمود قال له في مرة من المرات أن أعظم كتاب من كتب الفكرة الجمهورية هو سعيد.. الأستاذ سعيد من مواليد عام 1930 تقريبا، في مدينة ود مدني، ويرجع نسبه إلى الشيخ ود مدني السني صاحب القبة الشهيرة في مدني.. وقد تعرف الفتى سعيد على فكرة الحزب الجمهوري في الأربعينات من الجمهوريين مثل الراحل الأستاذ أمين محمد صديق الذي كان يشغل منصب سكرتير الحزب الجمهوري في الأربعينات.. وقد كتب الأستاذ محمود مقالا نشر بجريدة الشعب بتاريخ 27 يناير 1951 يذكر فيه تساؤلا من سعيد.. هذا المقال أعيد نشره فيما بعد في كتاب "رسائل ومقالات الثاني" http://alfikra.org/chapter_view_a.php?book_id=27&chapter_id=3 ويجدر بي أن أثبته في هذا البوست:
Quote: سعيد يتساءل بسم الله الرحمن الرحيم (الذين قال لهم الناس: إن الناس قد جمعوا لكم، فاخشوهم، فزادهم إيمانا، وقالوا: حسبنا الله، ونعم الوكيل).. صدق الله العظيم جريدة الشعب – السبت 27/1/1951م حضرة صاحب جريدة الشعب ص ب 226 الخرطوم.. تحية، وبعد:- فقد إطلعت، بعددكم السادس، على كلمة من الأخ سعيد يتساءل فيها عني، وقد أعلم أن كثيرا من الأخوان يتساءلون، كما تساءل، فلزمني لهم حق الشكر، ولزمني لهم حق الإيضاح.. عندما نشأ الحزب الجمهوري أخرج، فيما أخرج، منشورين: أحدهما بالعربية: (قل هذه سبيلي)، والآخر بالإنجليزية: ISLAM THE WAY OUT ضمنهما إتجاهه في الدعوة إلى الجمهورية الإسلامية.. ثم أخذ يعارض الحكومة في الطريقة التي شرعت عليها تحارب عادة الخفاض الفرعوني، لأنها طريقة تعرض حياء المرأة السودانية للإبتذال، وعلى الحياء تقوم الأخلاق كلها، والأخلاق هي الدين.. ثم نظرت موضوع الدعوة إلى الإسلام، فإذا أنا لا أعرف عنها بعض ما أحب أن أعرف.. فإن قولك: (الإسلام) كلمة جامعة، قد أسيء فهم مدلولها الحقيقي، لأن الناس قد ألفوا، منذ زمن بعيد، أن تنصرف أذهانهم، عند سماعها، إلى ما عليه الأمم الإسلامية اليوم من تأخر منكر.. وما علموا أن المسلمين اليوم ليسوا على شيء.. فأنت، إذا أردت أن تدعو إلى الإسلام، فإن عليك لأن ترده إلى المعين المصفى الذي منه استقى محمد، وأبوبكر، وعمر.. وإلا فإن الدعوة جعجعة لا طائل تحتها.. ولم تطب نفسي بأن أجعجع.. وبينما أنا في حيرة من أمري إذ قيض الله (مسألة فتاة رفاعة)، تلك المسألة التي سجنت فيها عامين إثنين، ولقد شعرت، حين استقر بي المقام في السجن، أني قد جئت على قدر من ربي، فخلوت إليه.. حتى إذا ما انصرم العامان، وخرجت، شعرت بأني أعلم بعض ما أريد.. ثم لم ألبث، وأنا في طريقي إلى رفاعة، أن أحسست بأن علي لأن أعتكف مدة أخرى، لاستيفاء ما قد بدأ.. وكذلك فعلت.. فهل حبسني ابتغاء المعرفة؟؟ لا والله!! ولا كرامة.. وإنما حبسني العمل لغاية هي أشرف من المعرفة.. غاية ما المعرفة إلا وسيلة إليها.. تلك الغاية هي نفسي التي فقدتها بين ركام الأوهام، والأباطيل.. فإن علي لأن أبحث عنها على هدى القرآن – أريد أن أجدها.. وأريد أن أنشرها.. وأريد أن أكون في سلام معها، قبل أن أدعو غيري إلى الإسلام.. ذلك أمر لا معدى عنه.. فإن فاقد الشيء لا يعطيه.. فهل تريدون أن تعلموا أين أنا من ذلكم الآن؟؟ إذن فاعلموا: إني أشرفت على تلك الغاية، ويوشك أن يستقيم لي أمري على خير ما أحب..
محمود محمد طه رفاعة |
يتواصل...
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! (Re: Yasir Elsharif)
|
هذه ذكريات كتبها الأخ د. محمد نجم الدين عباس فى الصالون الخاص بالجمهوريين وقد توسلت إليه أن يأذن لى بنشرها هنا، فأذن لى مشكورا – وهى ريح طيب أرجو أن نشم جميعا شميمه -------- قرأت كتب الفكرة الجمهورية وأنا فى المرحلة المتوسطة، حيث كنّا نحضر من الفاشر التى كان يعمل فيها أبى معلّماً الى الخرطوم فى العطلة الصيفية، وكنا ننزل بمنزل عمى بالديوم الشرقية، وكان عمى محباً للجمهوريين، معجبا ً بالاستاذ وآراءه ويحتفظ بمعظم كتب الفكرة، كما كان يحرص دائماً على الحصول على آخر ما أخرجه الجمهوريون من كتيبات. وكنت أقضى جزءاً كبيرا من وقتى فى قراءة كتب الاستاذ محمود، وعن هذا الطريق عرفت الاستاذ وعرفت الفكرة. غير أنّ معرفتى بالاستاذ محمود لم تدخل مرحلة العلاقة (الشخصية) الا عندما ذهبت الى منزل الاستاذ سعيد، ثم صرت من رواد ذلك المنزل المبارك فترة من الزمن. كانت الاحاديث التى يرويها لنا الاستاذ سعيد، أوالتى تروىَ فى مجالسه عن الاستاذ، وعن زمن الحركة هى التى فتحت ذهنى على صورة ما للاستاذ، صورة أعطتنى بعدا ثانياً بعد البعد الذى طالعنى فى الكتب وما حملته لى من تصور فكرى، بحيث يمكننى القول أنه جسّد لى صورة حيّة للاستاذ أعانتنى فى خلق علاقة به كانت بدأت تطالعنى فى الرؤى وفى المحبة التى تغمر القلب فى تلك الفترة العامرة المشرقة. كما كانت القيم التى تطالعنا فى ذلك الكتاب الأكبر تشدنا الى الصانع وصاحب الكرمة كان الاستاذ سعيد اذا تحدث عن الاستاذ، تحدث بشكل وصورة تختلف تماماً عن حديثه عن أى شخص أوشئ آخر، كان يتحدث بنبرة، وشكل، وحتى صوت يترك فى النفس وعلى الفور احساساً بأن الموضوع مختلف تمام الأختلاف عن أى شئ آخر مألوف أوغير مألوف، وكان حديثه فى نفسى هوفعل السحر بعينه! سواءً تحدث عن تاريخ الاستاذ فى العمل السياسى، أوتحدث عن سيرته العامة، حتى كيف كان الاستاذ يقطع قطعة الخبز فى الأكل! حدثنى فى أول يوم جئته فيه أطلب أن أكون جمهورياً عن الاستاذ، وحكى لى عن حادثة الاعتداء على الاستاذين جلال والباقر الفضل أثناء الحملة بسوق ود مدنى، وما قام به من تحركات لعلاج الاستاذين ولتأمين الحملة، وفتح البلاغات فى وجه المعتدين، ثم أخبرنى أنه عندما حضر الاستاذ من ام درمان فجأة ودون سابق توقع كيف أنه أخذته مفاجاة مقابلة الاستاذ، وانّ الاستاذ قد ساله عمّا حدث فعجز عن النطق رغم أنّه أشرف على كل شئ! ثم سأله ثانية فلم يتمكن من أجابته، ثم سأله للمرّة الثالثة فجرت دموعه من غير اجابة أيضاً! وقد كان لهذه القصة أثر علىّ لم يزايلنى حتى لحظتى هذه...، فقد كان شديد الوقع فى نفسى هذه العلاقة الغريبة المدهشة بين الاستاذ وأكبر تلاميذه! وقد كان من القصص الغريبة أيضا ً والتى أحب الاخ عبد الله عثمان روايتها هنا قصة العم خلف الله قرشى رحمه الله مع قريب له. فقد حكى أنّ أحد أقاربه قد توفى، وكانت أسرته فى أم درمان وأن الاستاذ سعيد وقد كان وقتها فى ام درمان قد اتصل بالعم خلف الله وأخبره بضرورة حضوره للعزاء، كما طلب منه اخبار أحد أقارب المتوفى واحضاره معه اذا أمكن للعزاء. ذهب العم خلف الله وأخبر قريبه وتواعدا على اللقاء فى السوق الشعبى فى اليوم التالى. وبعد أن أخذا مكانهما فى البص قال العم خلف الله لقريبه : شوف أنا فى ام درمان أول حاجة بمشى الثورة للاستاذ محمود، وهناك فى سعيد، وبعد داك بمشى العزاء. وقال أن قريبه كان متديناً وكان مشوشاً عليه فى أمر الاستاذ فامتعض وتغير وجهه وظهر عليه الغضب وقال للعم خلف الله : كلامك ده كيف ؟ نحن ماشين عزاء تقول لى نمشى لفلان وعلان ؟ أنا ما بمشى لمحمود ولا حاجة، نحن نمشى العزاء وبعد داك انت ممكن تمشى محل ماشى. غير أنّ العم خلف الله أصرّ على موقفه وقال له : أنا ان ما مشيت للأستاذ ده ما بمش أى محل.. انت لوما عايز تمشى معاى ممكن أنا أوصف ليك بيت العزاء وانت تمشى براك، اصلوالعزاء ده خبر ما فى جنازة منتظرننا بيها. غير أن قريبه قال انه غير معتاد على المواصلات والمعالم فى العاصمة، وبعد حيرة وافق على الذهاب مع العم خلف الله بعد أن أعلن أنّه لن يدخل الى منزل الاستاذ بل سينتظر بالخارج. قال العم خلف الله أنه بعد أن وصل ودخل على الاستاذ الذى عزّاه فى قريبه سأله الاستاذ سعيد عن قريبه والذى من المفترض أن يصل معه قال العم خلف الله انّ قريبه ينتظر بالخارج، فأخبر الاستاذ سعيد الاستاذ محمود، والذى قال : مش معقول! وخرج الى خارج المنزل حيث ذهب الى الرجل والذى كان يقف فى ظل حائط فسلم عليه سلاماً حاراً ووضع الاستاذ يده الشريفة على كتف الرجل ويده الأخرى فى يده وهويوالى الترحيب به وقاده هكذا الى داخل المنزل الى حجرته، ثم أجلسه الى جواره، وطلب أكرامه وولاه بالاهتمام والحديث، يكاد لا ينصرف عنه مطلقا ً! وكان يحدثه عن أهله، وعن الأولياء المدفونين فى منطقتهم وعن قصصهم وأسرارهم. قال العم خلف الله أنّه لا حظ أن الرجل بعد أن كان متبرماً متوجسا ً يجلس على طرف العنقريب، صار ينشرح شيئاً فشيئاً، حتى خلع عمامته وانفرجت أساريره، وبدأ يشارك الاستاذ الحديث، ويحدثه عن ذكرياته أيام الانجليز وغيرها، حتى مر وقت طويل دون أن يبدى الرجل أى رغبة فى الذهاب الى مشوارهم الأصلى حيث العزاء. فقال له العم خلف الله : يا فلان مش أحسن نمشى على العزاء قبل الوقت يروّح ؟ فما كان من الرجل الا أن قال له : ياخى انت مستعجل مالك؟ خلينا ناخد قعدتنا مع شيخ محمود ده... أصل الوفاة فيها جنازة ؟ دى ما خبر ساى ما فى عجلة! قال العم خلف الله انهم حين قاموا للذهاب الى منزل العزاء قال قريبه للاستاذ : خلاص يا شيخ محمود أنا بامشى بيت العزاء ده وان شاء الله بكرة الصباح بنجيك هنا! وقال ان الرجل صار يداوم على زيارة الاستاذ كلما جاء الى العاصمة!. وبمثل هذه الذكريات عن الاستاذ، وبما كان يمدنا به الاستاذ سعيد من مدد متصل عن سيرة الاستاذ، نشأ جيل كامل من الأخوان والاخوات الجدد، والذين لم يروا الاستاذ حساً، غير أنهم تشربوا سيرته من تلك المجالس المباركة، والتى تعلّم بالهيئة، وبالمعاملة، وباللمح وبالنظرة، دون تعمّل أوتنطع. ولهذا كان أثرها فى النفوس بالغا ً. وأذكر أيضا أننا فى جامعة الجزيرة كان لنا فى كلية الطب برنامج يسمى برنامج طب الأسرة، حيث يجرى توزيع الطلبة على بعض المنازل فى مدينة ودمدنى، حيث يقومون بدراسة الحالة الصحية للأسر، ومتابعة الحالات المزمنة وكيفية تعامل الأسر معها، اضافة الى موقف التحصين وظروف السكن الخ. وحدث انه ذات مساء ونحن فى المنزل المبارك نستعد للجلسة طرق الباب طارق، ففتحه الأخ أيمن عبد المحمود فكان فى الباب طالبتان من زميلاتنا، كانتا قد تم توزيعهما على منزل الاستاذ سعيد، كانتا تريدان الدخول الى الجزء الخاص بالنساء فى المنزل، غير أنّ الاخ أيمن أصر على ادخالهما الى الاستاذ سعيد أولاً وكانتا مترددتين، فلمحتهما وسلمت عليهما، واصطحبتهما الى حجرة الاستاذ سعيد. وقف الاستاذ سعيد رغم ظروفه الصحية عندما أخبرته عنهما، فسلّم عليهما ودعاهما للجلوس. فجلستا. وكانتا تريدان الانتهاء من الموضوع الذى جاءتا من أجله بسرعة، غير أنّ الاستاذ سعيد أصرّ على أكرامهما أولاّ وطلب دعوة الاخوات جميعهن من الداخل للترحيب بهنّ فحضرن. ولاحظت زميلاتنا حضور النساء، والطريقة التى يعاملهن بها الاستاذ سعيد، والاحترام الذى يعاملن به الاستاذ سعيد، كما لاحظتا الأدب والوقار الذى يسود المنزل، والروح التى تسرى فيه. ثم دار حديث بين الاستاذ سعيد وبينهما عن برنامج طب الأسرة هذا، فأبدى الاستاذ سعيد بعض الملاحظات، وكان يوالى الترحيب بهما. وقد لا حظت انهما بعد قليل قد نسيتا برنامج طب الأسرة وصارتا مندمجتان بالكلية فى ذلك الجوالمروحن وظلتا فى المنزل حتى حضرتا الجلسة وقام أحد الأخوان بتوصيلهما الى الداخلية. وفى اليوم التالى قابلت أحداهما فى الجامعة فأبتدرتنى قائلة بانفعال : ليه ما كلمتنا من زمان ؟! وقد أصبحت زيارة الاستاذ سعيد فى الفترة الأخيرة وردا ً يوميا ً لعدد كبير من طلاب الجامعة بنين وبنات كما أذكر أن أحد الضيوف ذات مرة حضر الى زيارة الاستاذ سعيد وكان يقود عربته الحكومية سائق من أبناء الجنوب، وكانوا فى طريقهم الى الخرطوم، فرفض السائق الدخول الى المنزل مفضلا الانتظار فى العربة، وعندما علم الاستاذ سعيد أرسل أحد الأخوان وقال له : أمشى دخّل الراجل ده وقول ليه سعيد قال ليك نحن ما فى زول بيقعد جنب بيتنا برّة من غير ما يدخل. فذهب الأخ وأخبره وألح عليه حتى دخل. وعندما دخل كان منكمشا ولا يبدوعليه الارتياح، غير أنه بعد أن جلس، وشرب العصير والشاى، وجلس لبعض الوقت حتى جاء الفطور، كانت الصينية قد وضعت على الأرض، فنزل من كان فى المجلس اليها ونزل هومعهم حيث كان الصينية الاخرى بها بعض الاخوات مع الاستاذ سعيد فأكلنا جميعا ً، ثم شربنا الجَبَنة، والرجل يأخذ فى الاندياح تدريجيا ً حتى اندمج تماما ً فى جوالمنزل وصار يتجاذب أطراف الحديث مع الأخوان والأخوات. وكان من الأخوان الذين أكلوا معنا على الأرض الأخ الراحل عز الدين ميرغنى وكان حينها مديرا للحفريات وكان الرجل يعرفه وقد أخذ بأدب القوم وتواضعهم، وقد كنت الاحظ مدى الارتياح الذى ارتسم على وجهه من المعاملة الكريمة والجوالسامى الذى وجده فى ذلك المنزل العجيب كانت أياما كنسمات الصيف تلك التى قضيناها فى معية الاستاذ سعيد، أياما لا ينقضى الوطر من استرجاعها، بل من معيشتها، فهى لن تكون أبداً تاريخا ّ بعيد الصدى، بل هى احساس يومى نتنفسه فى النفس الطالع والنازل، حتى أنّ الدمع ليجرى مراراً كلما ألجأتنا مرارة الواقع الى طيّب الذكريات... قال لى الأخ صديق أبوقرجة فى تعبير صادق وبليغ وكنا نتجاذب الذكرى عن سيرة الاستاذ سعيد والاستاذ جلال : والله الناس ديل لوالواحد ما لاقاهم تانى يكون اتمقلب مقلب كبير خلاص
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! (Re: Yasir Elsharif)
|
يابا مع السلامه مع السلامه مع السلامه ياسكة سلامة في الحزن المطير ياكالنخلة هامه قامة واستقامه هيبه مع البساطه وأصدق ما يكون ******** راحة ايديك تماما مثل الضفتين ضلك كم ترامى , حضنا لليتامى وخبزا للذين هم لا يملكون بي نفس البساطه والهمس الحنون ترحل ياحبيبي من باب الحياة لي باب المنون ************* روحك كالحمامه بترفرف هناك كم سيره وسيره من حولك ضراك الناس الذينَ خليتم وراك وعيونم حزينه بتبلل ثراك أبواب المدينه بتسلم عليك والشارع يتاوق يتنفس هواك *********** ياحليلك حليلك , ياحليل الحكاوي تتونس كأنك يوم ماكنت ناوي تجمع لم تفرّق بين الناس تساوي نارك ما بتحرّق من جيبك تداوي مابتحب تفرّق مابتشد تلاوي الحلم الجماعي والعدل إجتماعي والروح السماوي والحب الكبير *********** في الزمن المكندك والحزن الإضافي جينا نقول نفرّق نجي نلقاه مافي؟ لا سافر مشرّق لا فتران وغافي وين عمي البطرّق جواي القوافي ياكرسي وسريرو هل مازلت دافي؟ يا مرتبتو يمكن في مكتبتو قاعد يقرا وذهنو صافي ***** يا تلك الترامس وين الصوتو هامس كالمترار يساسق ويمشي كماالحفيف وكم في الذهن عالق ثرثرة المعالق والشاي اللطيف وتصطف الكبابي أجمل من صبايا بينات الروابي والظل الوريف أحمر زاهي باهي ويلفت انتباهي هل سكر زياده أم سكر خفيف؟ ********** ينده للبنيّه يديها الحلاوه والخاطر يطيب يدخل ِجنّو ِمنّو محبوب الشقاوة يستنى النصيب الدفو و الندواه والسنا والعبير كالغزلان هنالك في الوادي الخصيب حيث المويه عذبه والغصن الرطيب وكم تحت المخده أكثر من موده للجنا والغريب عُشّه وعشب أخضر وجدول من حليب *********** الشمس البتطلع بلت ِمنّو ِريقا والنجمه البتسطع فيهو تشوف بريقا والندى في حركتو يطفيها الحريقه ننهل من بركتو زي شيخ الطريقه شاييهو و طرقتو والأيدي الصديقه ياللا نسد فرقتو حب الناس درقتو يا موت لو تركتو ! مننا قد سرقتو كنا نقول دا وكتو لكنك حقيقه ***** النفّاجو فاتح مابين دِين ودِين نفحه محمديّة ودفئاً كالضريح ميضنة كم تلالي جيدا في الليالي مجداً في الأعالي مريم والمسيح ************** قلباً نضبو واصل ما بين جيل وجيل ما بين كان وحاصل أو ما قد يكون وما بتشوف فواصل إلا الذكريات, وآلام المفاصل وبعضا من شجون ********** قصيدة لمحجوب شريف فى رثاء المرحوم عبد الكريم ميرغنى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! (Re: Yasir Elsharif)
|
الحمد لله و الصلاة والسلام علي سيد الوجود. رحم الله سعيدا بقدر ما أسعد الاخرين..كنت أحس بفرح غريب و أنا في داره..لم يطب لي طعام في ود مدني الا عند سعيد..كانت له جازبية من نوع خاص جدا!!تشعر وأنت معه أنك في المكان الصحيح وفي الوقت السعيد..لا تريد أن تفارقه أبدا...كان طاقة من حب وفرح غامر للجميع...بسمته كانت تمسح عني العنى و النكد وأحس ببرد السعادة يملأ جوانحي..يا لهم من سعداء الذين عرفوا سعيدا.. عليك الرحمة يا سيدى من الكريم العزيز...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! (Re: Omer Abdalla)
|
تصحيح لما جاء في مقال الأستاذ الصحفي سيد أحمد خليفة.. فقد قال أن الأستاذ سعيد بقي رهين المعتقل حتى الإنتفاضة.. والصحيح هو أن الأستاذ سعيد خرج من المعتقل الذي زامله فيه الصحفي سيد أحمد خليفة في يوم 19 ديسمبر 1984، ولم يتم إعتقاله بعد ذلك..
وفي هذا يجدر بي أن أذكر أن الأستاذ سعيد قد تعرض للإعتقال مرتين، المرة الأولى كان مرافقا للأستاذ محمود في سجن كوبر لمدة شهر بين ديسمبر 1976 ويناير 1977.. والمرة الثانية كانت قد بدأت في يونيو 1983 وانتهت في ديسمبر 1984..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! (Re: Yasir Elsharif)
|
في الزمن المكندك والحزن الإضافي جينا نقول نفرّق نجي نلقاه مافي؟ لا سافر مشرّق لا فتران وغافي وين عمي البطرّق جواي القوافي ياكرسي وسريرو هل مازلت دافي؟ يا مرتبتو يمكن في مكتبتو قاعد يقرا وذهنو صافي
شكراً دكتور ياسر علي فتح هذا البوست الأخوان عبدالله عثمان .. عمر .. د. حيدر .. أبوالريش وبدرالدين.. الشكر أجزله لإضافاتكم الثرة
سعيد السفر العظيم...الذي وهب كل نفسه وحياته للمحبة وصالح الأعمال...البحر العميق الذي لا ساحل له ولاشطئان سمح في حياته.... سمح في كرمه..... سمح في دينه..... سمح في مقابلة ضيوفه... سمح في كرم ضيوفه...... سمح في تحمل الأذى...... سمح في إنصاته......... سمح في كلامه........... كان كلامه حكمة.... وصمته عبرة....... كان علماً وعلماً.... عارفا بالله ... حافظا لأقدار الناس يحترم الإنسان على إطلاقه
وسيظل نبراساً للأجيال تنهل من معينه الذي لا ينضب ....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! (Re: Yasir Elsharif)
|
بعد أذنك أخى عماد ببعض تصرف
============= بسم الله الرحمن الرحيم
إلى والدي وسيدي وسندي .. سعيد الطيب شايب تلميذ أستاذي الأكبر ، وآيتة العظمي ، ورحمته المجسدة ، وكتابه المدود سأكتب ياسيدي هنا ، شوقي وامتناني ، ولا يهمني ما سيقوله عاذلي عن الطائفية والطواف
أذكر يوم دخلت عليك ، مجلوداً مقهورا من عصابات امن الجبهة ، فأنحنيت تجاهي مرحباً ، والدمع في عينيك، كأبِ طلّ عليه ولده المفقود منذ سنين، وممدت نحوي يدك الرحيمة مواسياً جراحاتي الحسية والروحية ، وأرسلت نحوي شيئاً من عينيك مازلت اتذوق طعمه ، شيئاً جعلني اتذكر الله وانا في ثلاث ظلمات ، ظلمة نفسي، وحلكة الوَحَدة ، وغياهب نجد، شيئاً جعلني أقرأ كتابات استاذي العظيم حرفاً ، حرفا، وأحاول بين الحروف أحيانا.
يا سيدي دخلت عليك والكبر يملأ أضلاعي ، كبراً مرده بعض معلومات هي في حقيقتها بضاعة مسجاه جازت على عقلي الجهيل، كنت أظنها ثقافة، وبعض أدران واحزان كنت أتخليها معرفة .. فعلمتني كيف أجلس للأكل، كيف أصمت، كيف أسمع ، كيف أحب ، فإن الحب عندك يعدي ، وعلمتني أن ما يقرأ في كتب التسليك والقيم يمكن ان يكون سطوراً في بهاء الجلد ، وماء في اليدين ، وأريجاً في الأنفاس، وعرفت أيضا أنه يمكنني الحصول على تلك الأشياء بالتمرق في بحر عينيك .
كنت يا سيدي معرضاً للأعياد ، نصافحك صباحاً فتعطي كل منا عيده ، ونعود مساءً وكل منا في كفة سراً من الأسراء، وفي فمه ترياقاً من المعراج، وفي حناياه درازن الحضرات، والكل قد تعطر بخمر شفيفة فواحة فضاحة ، فأمتلات جوانبي أعياداً ، ليتني ادخرتها لهذه الأيام ، فمنذ أنتدابك الأخير نفدت خمرتي وتبخرت أعيادي ، وعاودني المرض العضال .. وعربدت بي الظلمات ، وسُرقت حاسة شمي .. ولم احزن لفقدها إذ لم يعد هنا ما يشم..
أعطني قبضة من رهافة آذنيك أسمعه بها وهو يتلو سورة الرحمن ، فقد عرفنا ان الله الرحمن تجلى على اهل الجنان فيتلو سورة الرحمن .
مازلت أحفظ كل الأغاني التي حفظتني أياها .. (أشتريتو الدواء لـــ .. جبتو القهو لـــ... زرت حاجة .... مرضانا ليهو يومين ... ، حرّم ما تمرق الفطور جاهز .. ماسافر وين؟ لا حرّم مافي سفر الأسبوع دا... عندك حق السفر؟.. نعم يا أستاذ، حرّم ما عندك .. شيل من تحتي حق التذكرة والفطور.. زعلان من منو؟ لشينو؟ الزيك انت بقول زعلان .. ولا هو بزعلو منو ) إغاني سموها في الإناجيل الوصايا العشر ، النوع الذي يحب الرب ان يسمع ...
أأذن لي يأ أبي ببعض الأسئلة التي أحتاج إجابة شافية فيها : كيف أصبح صديقاً لتسع مدن ؟ أوفيهم كله حق الصداقة والإيخاء دون عناء ؟ ثم كيف أشعرهم انهم كلهم أقرب الناس إلي، وأنا اشعر بذلك ؟ متي يا سيدي البس جلباب الرب المسمي بالسلام .. فيدخل علي في كل يوم مائة شخص فوق لولب الثواني الزمنية ، ولا يزعجني ذلك ؟ بأي حجم أصبح حتى اسع أسرار الكون بأطفاله ، كيف أكون زاهداً في هذه الدنيا ورتوشها وأنا أكثر الناس اناقة وجمالا؟
أن أكبر سراً همست به يوماً في أذيني الأيمن وتسرب للأيسر ايضاً ( أن الرسالة الثانية كلها قائمة على مراعاة خواطر الآخرين) ، وأجمل لوحة عتيقة في معرض فنك ، (تلك المحبة لمتوهمي العدواة قبل الأصدقاء ) وأرقى لحن عزفته في سريرك العظيم فتدوزن في حنايا أذنيّ هو ( تربية الناس بالعينين)
وعندما ودعتك وانا مغادر مسجدك العظيم .. وقرأت سنواتي التي مكثتها معك ، وأدرت في ذهني ذلك العظموت .. عندها علمت انني قرآت الرسالة الثانية من الإسلام في الجرم البشرى، ونسخة أصيلة من سلسلة تعلموا كيف..، في تجسيد لا يفتقد النقطتين ولا الفاصلة ولاالنقطة الأخيرة
رجل يؤجل ألحّ الواجبات البيولوجية .. حتى لا يظل الناس وقوفاً خارج غرفته ، لهو حقيق بأن يستغاث به، وجدير بأن يجيب .
ابنك الذي لا يدعي لك الإخلاص .. ويسغفرك بأن تتجاوز عن عقوقه
عماد بشرى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! (Re: عبدالله عثمان)
|
Quote: كنت أحس بفرح غريب و أنا في داره..لم يطب لي طعام في ود مدني الا عند سعيد..كانت له جازبية من نوع خاص جدا!!تشعر وأنت معه أنك في المكان الصحيح وفي الوقت السعيد..لا تريد أن تفارقه أبدا...كان طاقة من حب وفرح غامر للجميع...بسمته كانت تمسح عني العنى و النكد وأحس ببرد السعادة يملأ جوانحي..يا لهم من سعداء الذين عرفوا سعيدا.. عليك الرحمة يا سيدى من الكريم العزيز |
أستاذي العزيز مسعود،
تحيتي ومحبتي، وغامر شوقي، عندك أيضاً يحس المرء بسعادة غامرة. لا يخلو مجلس أنت فيه من الفكر أو الذكر، أو كليهما معاً. وربما لا يعرف كثيرون هنا أنك أنت من أهديتنا الحبيب الدكتور الباقر العفيف، يوم درسته في الثانوية وأهديته كتاب "القرآن ومصطفي محمود والفهم العصري للقرآن." بفضل الله، ثم بفضلك، وقع الباقر في شباك المحبة الخصبة الخلاقة، محبة الأستاذ محمود، الشجرة الوارفة، طيبة الثمر، التي تؤتي أكلها كل حين.
كيف لا يسعد مثلك عند الأستاذ سعيد، وأنت السعيد بذكر الأخيار ومعية الأخيار حيثما حل الأخيار. معروف عنك أنك رجل لدارك وأهلك، ولا تخرج للزياة إلا لمن يستحق وقته ممن أفاض الله عليهم بألسنة رطبة وأفئدة ذاكرة وعقول تفلق الحب والنوى، لا تسمع في حضرتها لاغية.
أخبرك، والقراء الكرام، يا أستاذي الحبيب أنني رأيت الأستاذ سعيد، أو ما رأيته، في وفد كبير من الجمهوريين جاء إلى كوستي، مدينتي الحبيبة، التي عاش فيه الأستاذ محمود دهراً من الزمان. كانت تلك الزيارة في العام 1977. يومها كنت في السادسة عشرة من عمري، أخطو أولى خطواتي كجمهوري يغالب نفسه ليترك ضوء المسارح، مع مفالبات المراهقة الصاخبة. وقتها كنت عرفت في مخيلة أبناء جيلي في كوستي كمغنٍ يشق طريقه سريعاً نحو عالم الفن. وهو عالم، كما تعلم، فيه المبدعين الأصلاء وفيه السفهاء، خفاف الأحلام. كنت وقتها أصلي صلاة العشاء، ثم أعتلي خشبة المسرح لأغني "ياقلبي توب واستغفر الله، "يا نجوم الليل أشهدي،" و "شذى زهر،" "قلت أرحل،" وغيرها من الأغاني، بعضها لوردي، بعضها لزيدان، وأخرى لعبد العزيز المبارك، وغيرهم. ولكن لأمر ما كان جمهوري من المعجبين يحب "يا قلبي توب واستغفر الله." يبدو أن حسي الديني كان يقول لي بأن الغناء سكته محفوفة بالمخاطر.
وسط تلك الأجواء، لم أترك خشبة المسرح، حتى وأنا جمهوري، على الرغم من نظرة بعض الجمهوريين للغناء باعتباره "غفلة." وقد كان بالفعل كذلك، بمعنى أن معية غير الجمهوريين لم تكن بعمق معية الجمهوريين وحضرتهم في مجالس الفكر والذكر، التي تملؤك من كل أقطارك. ضف على كل ذلك صخب المسرح والأضواء وسحر الشهرة في تلك السن، التي كانت تختلج فيها مشاعر المراهقة مع قوة الفكر الجمهوري وميل نحو اليسار من جهة واليمين من جهة أخرى. كنت أقرأ جريدة "الميدان،" التي كانت تصدر من تحت الأرض. وكان بعض الشيوعيين الناشطين في التجنيد يحرصون على أن أحصل عليها. وكنت بالفعل استحسن قراءتها، على الرغم من تديني بحكم ميراث الأسرة. وكنت وسيد قطب، وأستطيبه ولا أستطيبه، حيث كانت تقربني منه بعض أرائه، وتبعدني منه بعضها. وكنت أقرأ لزرادشت وسيد سلامة. كل ذلك مع "طريق محمد،" و"تعلموا كيق تصلون،" و "الإسلام والفنون،" من كتب الجمهوريين.
كل هذه الأجواء كانت يمكن أن تأخذني في أي من الاتجهات الثلاثة باستثناء سكة الأستاذ محمود، أم السكك. كان يمكن أن أصبح مغنياً، لأنني كنت "حيدر كوستي،" في نفس الفترة التي بدأ فيها نجم "حيدر بورتسودان،" يسطع من الشرق. وقد كان سلوكي لتلك السكة في حكم المؤكد عند كثيرين من المعجبين والمعجبات!! وكنت مزهواً بذلك الأعجاب بطبيعة الحال. وقد زهوي زهواً فوق زهو بعد أن إذيع أدائي في برنامج "ساعة سمر،" في استضافة الأستاذ عمر عثمان. لكل ذلك لم يكن هناك أمر أشق علي في التزام الفكرة الجمهورية مثل ترك الغناء. والغناء ليس منهي عنه عند الجمهوريين، لذلك لم يطلب مني أحد تركه. ولم أترك الغناء في المسارح إلا بعد أن اقتنعت بنفسي أنه يجب علي تركه. ولم يكن ذلك إلا بعد أن رأيت أستاذ سعيد على رأس الوفد الكبير الذي زار كوستي في ذلك العام، 1977.
وكان يمكن أن أصبح شيوعياً لأن مزاجي الصوفي، وميراثي المشاعي منه، كانا يدعواني إلي الشيوعية بلسان إشتراكي مبين. وكان يمكن أن أصبح أخاً مسلماً لأنني كنت أحب ثورية سيد قطب واستشهاده في سبيل قناعاته، كما كنت معجباً بأفكار حسن البنا، على نفور مني عن أرائهم السلفية. ثوريتهما كانت تأخذ مني اللباب. أما سلفيتهما فكان تتنفرني عنهما نفوراً غلب في نهاية المطاف ميلي إليهما. وكدت أن أصبح شيوعياً، لولا لطف من الله عظيم! وشاءت قدر الحكيم أن أصبح جمهورياً حيث وجدت ثورة علمية حقيقية عند الأستاذ محمود ووجدت عنده صوفية أهلي الختمية والعركيين، ووجدت عنده مفهوم الإشتراكية بعمق ناقد للفكر الماركسي. فتلاقت عند فكر الأستاذ محمود تطلعاتي الفكرية العلمية وتطلعاتي الدينية، حيث يمكن أن أكون إشتراكياُ ومتديناً في آن معاً. ولم تفلح محاولات الإخوان المسلمين ولا الشيوعيين في تجنيدي بعد ذلك، وقد كنت قاب قوسين أو أدني من أحدهما أو الآخر.
كان بصحبة أستاذ سعيد في ذلك الوقت كبار المنشدين الجمهوريين، مثل عبد الكريم على موسى (كرومة)، وكان معه من كبار الجمهوريين الأستاذ جلال الدين الهادي، والأستاذ الباقر الفضل، والدكتور عبد الله النعيم وغيره من كبار القيادات الوسيطة، وعدد لا يقل عن خمسين من كافة قطاعات الجمهوريين والجمهوريات. كانت زيارة مهيبة. أنشد فيها عبد الكريم على موسى، كما لم ينشد من قبل. وقد استمتع الوفد بكوستي وأمتع أهلها، وأمتعني جمهورياً جديداً أقول مع القائل "وإني خلفكم أعدو أنادي آخر الركب، قفوا لي لا تضيعوني فإني طالب القرب." وكنت قد سمعت هذه القصيدة الجميلة، أو ما سمعتها، من الأخ المنشد الهميم أحمد خالد، الذي يؤديها بأداء متفرد لا ضريب له. استمع الوفد بضيافة أهل كوستى، عمنا محمد الحسن الطاهر عليه الرضوان، وعمنا عباس الحلو، أطال الله عمره، وعزيزنا الطيب محمد الحسن، وغيرهم من جمهوريي كوستي الأفاضل.
في تلك الزيارة بدا لي واضحاً بأن سعادتي بالإنشاد لا تعدلها أي سعادة على خشبة المسرح. وأن معاني الإنشاد لا تضاهيها أي معانٍ في الغناء. وأن ألحان الإنشاد مموسقة بدرجة عالية من التطريب الكورالي الذي لا يضاهيه أي نسق من الأغاني أو المدايح التي سمعتها. أما ألق الأستاذ سعيد الطيب الشايب فقد مان طاغياً، يدفع بأصوات المنشدين إلى رحاب رحيبة. فكأنه كان يبث فيه نفساً من أنفاس الرحمن، وكأنه عازف المزامير للمنشدين. وكان عزفه المهيب، في إدارته لجلسات الإنشاد، وجلوس د.عبد الله وغيره من الجمهوريين على الأرض، مستمعين ومستمتعين، عزفاُ كما العزف المنفرد. كان آسراً ومهيباً لدرجة لا تحويها العبارة. كانت سعته الواسعة في التخاطب وتسيير الحال في، أريحيه وتواضع ومحبة غامرة للغير، كأنها الموسيقى، تجعلني أفكر، وأشعر، لا بعقلي وحده، ولا بقلبي وحده، بل بكل خلجة من خلجاتي وكل ذرة من ذرات جسدي، وكأن جسمي كله قد صار قلباً ينبض بالحياة من كل الأقطار.
هناك، في كوستي، قررت أن أترك الغناء في المسارح (وأبقيت عليه في الجلسات الخاصة). وقررت أن أقاطع لمن واصلت أيام غفلتي، لأنه لا يواصل العزال إلا مقاطع!!
وللحديث بقية، "والقلم لهيو رافع!"
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
أحب اجترار تلك الأيام، واعادة مذاقها إلى فمي كل ما تسنح لي الفرصة... أبحث عن طعم الراحة والسعادة الحقيقة التي شعرتها بين جنبات ذلك البيت السعيد.. كانت الرطوبة عالية، المروحة متوقفه الشبابيك مغلقة.. والصالون مظلماً... ومن بين قطرات العرق الكثير المنهمر من بين جنبات العقل المتجمد الباحث عن الحق والحقيقة، كانت تتسرب المحبة بارده مثل نسيم عليل جاء من أقاصي الشمال.. وكانت ضياء الحق والحقيقة تضيء ظلمة المكان، وظلمة عقلي الذي ظل معتماً... كان ذلك حال صالون أستاذ سعيد في تلك الأيام الحارقة من الصيف الحارق في السودان.. كنت على الرغم من ذلك، أقتلع نفسي اقتلاعاً من داخل الصالون لأداء واجباتي في البيت، وغالباً لا أتذكر أن أقوم بهذا إلا حين أشعر أن وجودي يمنع استاذ سعيد من النوم.. كنت أقي النهار بأكمله هناك... افطر مع استاذ سعيد وابقى هناك حتى المغرب.. أخرج قليلاً واعود مره أخرى وابقى حتى الجلسه، واخرج قليلاً لأعود لأبقى حتى عشاء أواخر الليل... أذهب بعدها لاضع رأسي المثقل بالكثير بعد عناء يوم كامل... استلقي فيها لساعتين او نحوهما، لاستيقظ مع اذان الفجر، اصليه حاضراً رغم أني لا أصلي أي من الصلوات الأخرى!! ولم انتبه حقاً لهذا الأمر إلا بعد ان عدت إلى الأردن حيث كنا في ذلك الوقت.. ما الذي كان يجعلني حريصة على الصلاة حاضراً والاستيقاظ لصلاة الصبح، ومن ثم أنسى باقي صلواتي !؟ هل هي لأنها صلاة بخمسين ألف صلاة؟ أعتقد انها كانت كذلك... اصبت بعد ثلاثة أيام من مواصلة النوم المتقطع القليل بصداع نصفي حاد، كان أصلا يزورني... وقد ساهم التعب وقلة النوم مع تعود الجسد على الراحة والنوم في أن تكون نوبته مزعجه وعارمه.. أرسل أستاذ سعيد يسأل أين مريم؟ لم أعرف أنه سأل ولكنهم أخبروه أني أعاني الصداع النصفي.. أرسل لي بحبة، لا أدري ماهي ولم اسأل فقط ابتلعتها ونمت.. استيقظت مع الفجر مره أخرى.. ذهبت مترنحه لأصلي معه... سألني كيف أنا.. وذكرني أن هذا الصداع هو مثل صداع أبي الذي كان يناوبه في المعتقل.. دعى لي بالصحة.. وعدت أدراجي مترنحه.. استيظقت صباحاً مثل البمب على الرغم من اني قد هيأت نفسي لثلاثة أيام من الصداع، فزائري لم يكن أبداً يكتفي بيوم واحد معي... من العجيب أن تتكرر التجارب بمثل هذه الدقة.. وأعلم علم اليقين أن لا صدفه في هذا التكرار... حكى لي والدي أنه زار الأستاذ مره ووجده وحده.. وحضرت وجبه كانت تكون من ملاح "ثلج".. وكسره.. بدأ الأستاذ في وضع اللقم في فم والدي.. وسأله إن كان يأكل الشطه؟ وبعدها بسنين عديده.. زرت أستاذ سعيد، وكان الغداء ملاح "ثلج" وقراصة... ووضع أستاذ سعيد اللقم في فمي .. وسألني إن كنت آكل الشطه؟... اذكر أيضاً أن والدي أراد البقاء مع الاستاذ ولم يشأ ان يعود لمواصلة دراسته في بريطانيا... وان الاستاذ قال له، بما معناه..إنت معاي بجاي هنا بروحك.. وفي اتصال بيني وبين استاذ سعيد وانا اتحدث من الأردن.. سألني إن كنت في الخرطوم لأن صوتي قريب منهم...ولا صدفه.. واحب أن افكر في الأمر كأنه إعادة تاريخية مقصودة..
أستاذ سعيد غير في حياتي ووجهها بصورة أعجز عن أضع لها وصفاً ورسماً.. ولكنها حدثت... سلام عليه في العالمين.. وينفعنا بجاهه...
مريم بنت الحسين
_________________ وأتيت أسألكم.. زاداً لترحالي مالي أذوب جوىً.. في حبكم مالي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! (Re: Yasir Elsharif)
|
أحب اجترار تلك الأيام، واعادة مذاقها إلى فمي كل ما تسنح لي الفرصة... أبحث عن طعم الراحة والسعادة الحقيقة التي شعرتها بين جنبات ذلك البيت السعيد.. كانت الرطوبة عالية، المروحة متوقفه الشبابيك مغلقة.. والصالون مظلماً... ومن بين قطرات العرق الكثير المنهمر من بين جنبات العقل المتجمد الباحث عن الحق والحقيقة، كانت تتسرب المحبة بارده مثل نسيم عليل جاء من أقاصي الشمال.. وكانت ضياء الحق والحقيقة تضيء ظلمة المكان، وظلمة عقلي الذي ظل معتماً... كان ذلك حال صالون أستاذ سعيد في تلك الأيام الحارقة من الصيف الحارق في السودان.. كنت على الرغم من ذلك، أقتلع نفسي اقتلاعاً من داخل الصالون لأداء واجباتي في ال
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فأنا السعيد بذكرهم، وأنا الذي يهب العُمُر!! في ذكرى الأستاذ سعيد شايب!! (Re: Yasir Elsharif)
|
اسمحوا لى بأن أحكى قليلا
أرى أنى أكثر من عاصره فى فنرة منتصف التسعينات .. فقد كنت ألقاه يوميا منذ فبراير 96 وحتى يونيو 97 ومرتين يوم الأربعاء ..
دخلت منزله يوما مع بدر الدين و أزهرى محمد على ظللت صامتا حينها ولم يعرفنى أحد ..
بعد شهر وكنت مرهقا حضرت اليه فى المنزل فى الصباح الباكر لما لم أجد سيارة ة أمام المنزل أوقفت سيارتى بعيدا
كان الانشاد مريحا جلست أعطونى كباية الشاى .. ولقيمات .. ولما خلص الانشاد والقرآن ذهبت تقدم معى أحد الشباب حتى البوابة
لم يسألنى أحد من أنا ..
غدا بدأت مبكرا الذهاب للورشة لأقضى وقتا مريحا عنده
ولم أتوقف حتى رحلت من المدينة ..
أواصل ...
| |
|
|
|
|
|
|
|