دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: رغم أنفك أيها الطيب مصطفى!! الأستاذ محمود باقٍ في قلوب الطيبين الأحرار!! (Re: Yasir Elsharif)
|
يقول الطيب مصطفى في مقاله في الوصلة بعاليه:
Quote: كذلك فقد ادهشني بحق ذلك الاهتمام الكبير الذي استقبل به الحزب الشيوعي ذكرى محمود محمد طه ولكن ما يدعو الى الاستغراب ان الاحتفال بذكرى الرجل نظمته الحركة الشعبية او بالاحرى اولاد قرنق من شيوعيي الحركة الشعبية وتحدث فيها الشيوعي الجلابي ياسر عرمان واتيم قرنق والشيوعي القديم ونصير الحركة الشعبية الاكبر بين الصحافيين الحاج وراق الذي لا يتورع في ان يصف قرنق بالشهيد والذي اتخذ من تمثال الحرية الامريكي المنصوب على مدخل مدينة نيويورك شعاراً لكتاب جمع فيه مقالاته بالرغم من علمه ان امريكا هي التي تسوم المسلمين في كل مكان الخسف ولعل قوانتنامو وابوغريب وسامي الحاج يكفون للتدليل علي مدى إنسانية امريكا التي يفتتن بها بعض المارينز في بلادنا! |
الطيب مصطفى لا يستغرب فقط ولكنه ينزعج.. ما هذا البؤس يا رجل؟؟ ألم تقرأ كتاب الدكتور فرانسيس دينق "صراع الرؤى" لتتعرف على ما يكنه أحد كبار المثقفين السودانيين الأحرار للأستاذ محمود من تقدير؟؟ ألم تقرأ ما لخصه في ختام كلمة المحرر السياسي للصحافة في الصحافة.. قضية الأستاذ محمود لماذا يصمت الجميع عنها؟؟؟
Quote: بينما يقول المفكر السودانى الدكتور فرانسيس دينق فى كتابه (صراع الرؤى فى السودان) : (اذا ما قدر لمحمود محمد طه ان ينجح فى تحقيق نظريته للمسيرة الاسلامية مرشدا للحركة الاسلامية فى البلاد لسادت الظروف المساعدة على المساواة بين المواطنين وشجع احترام الاسس الديمقراطية فى خلق رؤية للوطن تجد الاحترام من الشماليين والجنوبيين على حد سواء ، وكان يمكن حينها ان يكون الاحساس بالهدف الوطنى مدفوعا بتعاليم الاسلام الليبرالية والمتسامحة كما فسرها الاخوان الجمهوريون) . |
يقول الطيب مصطفى:
Quote: انهم يحتفلون بمحمود محمد طه الذي يسقط عن نفسه الصلاة والصوم والحج باعتبار انه قد (وصل الى درجة من القرب من الله لم يبلغها غيره من البشر بمن فيهم الرسول الخاتم (ص الذي كان يصلي الفريضة والنافلة حتى تتورم قدماه. |
أتمنى أن يعرف المثقفون السودانيون قيمة الأستاذ محمود الذي كان يدافع عن الحقوق الأساسية وخاصة حرية الإعتقاد.. وهذه هي أصالته الحقيقية.. فقد جاء في كتاب الجمهوريين التقليد!! والأصيل!! والأصلاء!! هذا القول:
Quote: ان الأصيل هو الحر، لأنه هو المتحقق بالعبودية لله، والعبودية لله هي حرية عن كل ما عداه.. والأصيل بالمعنى الذي تحدثنا عنه هو الذي يتعرف على نفسه، ويفجر طاقاتها، ومواهبها، ويوحد ذاته، فيحقق السلام مع نفسه، ومع الآخرين.. ووحدة الذات هذه تظهر في وحدة الفكر، والقول، والعمل، فهو يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، ثم لا تكون عاقبة عمله هذا الا خيرا بالناس، وبرا بهم.. ومن يكن في هذا المستوي، يكن فوق قوانين الجماعة، لأنه بفضل الله، ثم بفضل تربيته ورياضة نفسه، أصبح من المحسنين، المجودين للسلوك.. فقانونه هو المستوى الرفيع من العلم، ومن القيم التي يلزم بها نفسه.. |
يقول الطيب مصطفى:
Quote: الحزب الشيوعي والحركة الشعبية والمارينز يحتفلون بمحمود محمد طه الذي تتسق رؤاه حول الدين مع رؤية السودان الجديد العلمانية والتي تنادي بالقضاء علي الهوية العربية الاسلامية واخراج السودان من محيطه العربي الاسلامي. |
للاسف الطيب مصطفى لا يعرف الأستاذ محمود ولا يعرف ما كتبه في كتبه العديدة.. ابتداء من "أسس دستور السودان" الصادر عام 1955 مرورا بكتاب "مشكلة الشرق الأوسط" وكتاب "التحدي الذي يواجه العرب" وكل الكتب التي أخرجتها الحركة الجمهورية في دعوة العرب إلى العودة إلى الإسلام ونبذ الدعوة العنصرية المتمثلة في فكرة "القومية العربية".. ولكن للأسف ضاعت فرصة الحركة الجمهورية لحفظ السودان موحدا وبعيدا عن الهوس منذ أن تقاعس السودانيون عن إلغاء قوانين النميري "قوانين سبتمبر" الكريهة وإلى أن اعتلى السلطة أناس أمثال الطيب مصطفى.. نحن الآن في زمن "الطوفان" الذي أنذر منه الأستاذ محمود السودانيين حكاما ومثقفين ومعارضة..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رغم أنفك أيها الطيب مصطفى!! الأستاذ محمود باقٍ في قلوب الطيبين الأحرار!! (Re: Yasir Elsharif)
|
Quote: أتمنى أن يعرف المثقفون السودانيون قيمة الأستاذ محمود الذي كان يدافع عن الحقوق الأساسية وخاصة حرية الإعتقاد.. |
اخي ياسر السلام والمعزة والتقدير اطلعت على البوست بوصلاته , هناك الكثير من المواقف والآراء الخاصة بالاستاذ الطيب مصطفى وهو لا يخفيها بل يكررها ويكتبها تقريبا كل يوم وله مبرراته ومسوغاته رغم اختلاف الكثيرين معه , انا شخصيا ضد فكرة التصنيف العنصري والعرقي والحديث عن الانفصال بهذا الفهم المتخلف العقيم , انا وحدوي اؤمن بوحدة السودان وتماسكه ومستقبله ومصيره الواحد لكنني احترم رأي من يقول انه يريد دولة منفصلة ويسوق لذلك اسباب موضوعية حتى وان لم لقتنع انا بها ... هذا الموضوع طويل وربما تحتاج لأن تفتح له بوستا منفصلا . اما حديثه عن الاستاذ محمود فلا أرى فيه غضاضة وهو ليس رأيه وحده , فالذين وقفوا ضد الاستاذ محمود لم يزعموا انه جاهل او غير مفكر او كذا وانما اخذوا عليه انه دعا وسلك طريقا خاطئا في الاعتقاد الديني وخالف ما هو معلوم من الدين بالضرورة . وهذا حديث قديم قال به العلماء من داخل وخارج السودان منذ اواخر الستينات , نعم ليس على ذلك اجماع , نعم هناك من يرى مبررات للاستاذ لكن ما ذهب اليه استاذ الطيب ليس رأيه وحده , ولا اظن ان الاستاذ محمود كان وحده من يدافع عن حرية الاعتقاد التي لا تزال متاحة ومباحة حتى اليوم لكن هناك فرق بين ان تعتقد فيما تريد وان تؤسس وتدعو لدعوى باطلة او هدامة او مؤسسة على ضلال , طبعا هنا يدور حوار حول حكاية ضلال وهدامة وباطلة بين هذا وذاك لكن ذلك يغير من حقيقة المواقف الا بمقدار القناعة والاقتناع بالرأي الآخر في هذه القضية , ارجو ان اكون قد وفقت في التعبير عما اريد ... في كل الاحوال يبقى لك التقدير والاحترام معزتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رغم أنفك أيها الطيب مصطفى!! الأستاذ محمود باقٍ في قلوب الطيبين الأحرار!! (Re: مهند مامون)
|
عزيزي مهند مامون، تحية طيبة أشكرك على المداخلة الطيبة والتعليق..
قولك:
Quote: اما حديثه عن الاستاذ محمود فلا أرى فيه غضاضة وهو ليس رأيه وحده , فالذين وقفوا ضد الاستاذ محمود لم يزعموا انه جاهل او غير مفكر او كذا وانما اخذوا عليه انه دعا وسلك طريقا خاطئا في الاعتقاد الديني وخالف ما هو معلوم من الدين بالضرورة . وهذا حديث قديم قال به العلماء من داخل وخارج السودان منذ اواخر الستينات , نعم ليس على ذلك اجماع , نعم هناك من يرى مبررات للاستاذ لكن ما ذهب اليه استاذ الطيب ليس رأيه وحده , نعم هناك من يرى مبررات للاستاذ لكن ما ذهب اليه استاذ الطيب ليس رأيه وحده , |
لم أكن لألومك على قولك هذا لو لم تكن أنت من رواد هذه الشبكة وكنت عضوا بهذا المنبر منذ ما يقرب من نصف العام، فجيلك ممن لم تتح لهم هذه الفرصة لا يعرفون عن الاستاذ محمود إلا هذا النوع من التشويه لصورته في الأذهان.. فقط أقول لك قول الله سبحانه وتعالى: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين".. سأترك لك الفرصة لمزيد من التعرف على فكر الأستاذ محمود ولا تدع شخصا آخر يفكر بالنيابة عنك.. قولك:
Quote: ولا اظن ان الاستاذ محمود كان وحده من يدافع عن حرية الاعتقاد التي لا تزال متاحة ومباحة حتى اليوم لكن هناك فرق بين ان تعتقد فيما تريد وان تؤسس وتدعو لدعوى باطلة او هدامة او مؤسسة على ضلال , |
نعم هناك كثيرون دافعوا عن حرية الإعتقاد ولكن الفرق بينهم وبين الاستاذ محمود هو أن الأستاذ محمود قد دفع حياته ثمنا لحريته وحرية السودانيين عندما قاوم قوانين سبتمبر التي سلبت السودانيين حرية الإعتقاد وشوهت الدين الإسلامي ونفَّرت عنه الأذكياء من السودانيين والناس في كل العالم.. وقولك بأن حرية الإعتقاد الآن متاحة في السودان غير صحيح بدليل أن هناك مادة في القانون السوداني تعاقب على الردة عن الدين.. أما الدعوة الباطلة والهدامة كانت في حقيقة الأمر دعوى النميري ومؤيدوه الذين بايعوه إماما للمسلمين في السودان وعندما سقط رموه بكل سيئة.. تلك هي الدعوة المؤسسة على ضلال..
ويمكنك أن تبحث لنفسك بنفسك وتتحقق..
وشكرا
ياسر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رغم أنفك أيها الطيب مصطفى!! الأستاذ محمود باقٍ في قلوب الطيبين الأحرار!! (Re: Yasir Elsharif)
|
عزيزي د.ياسر،
تحيتي ومحبتي، شكراً على الإفادة والمثابرة على التنوير عن جهل الطيب مصطفي. نعم، "الأستاذ محمود باقٍ في قلوب الطيبين الأحرار." لم استلطف تعبير "رغم أنفك." لكني أتفهم مصدره. إجابتك على الأخ مهند ضافية، أرجوه أن ينتفع به وأن يزور موقعنا(www.alfikra.org) للمزيد من الاستبانة عن الفكرة الجمهورية.
العزيز مهند،
تحية طيبة، أرجو أن تقرأ كتبنا قبل أن ترمينا بما ليس فينا، كما فعل الطيب مصطفي الذي تدل كتابته عن الأستاذ محمود محمد طه على جهله الفاضح بأبجديات الفكرة الجمهورية. نعيذك أن تكون مثله. ونشهد لك بالأدب الرفيع في الحوار واحترام وجهة النظر الأخرى مهما كانت مخالفة لرأيك. فلك منا كل التقدير.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رغم أنفك أيها الطيب مصطفى!! الأستاذ محمود باقٍ في قلوب الطيبين الأحرار!! (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
سلامات يا عزيزي د. حيدر وأشكرك على ما تفضلت به..
قولك:
Quote: شكراً على الإفادة والمثابرة على التنوير عن جهل الطيب مصطفي. نعم، "الأستاذ محمود باقٍ في قلوب الطيبين الأحرار." لم استلطف تعبير "رغم أنفك." لكني أتفهم مصدره. |
لا أظن أن الطيب مصطفى يجهل قرار المحكمة الدستورية العليا بنقض الحكم على الأستاذ محمود.. فهو يعرف هذا جيدا، تماما كما كان يعرفه الترابي، ولكنه يريد أن يمارس التضليل.. وبرغم أنف من يريد ممارسة التضليل فإن الحق باق والباطل زاهق وزائل بإذن الله.. أنت وكل من لا يستلطف عبارة "رغم أنفك أيها الطيب مصطفى" ويظن أنها غير لائقة، أجد نفسي آسفا لأني تسببت لهم في شعور غير لطيف؛ ولكني لا أرى فيها أية إساءة أو عنف لفظي غير مبرر فهي عبارة توضح المعنى الذي أردت أن أوصله له.. فالأنف هي رمز التكبر الذي هو من خصال الطيب مصطفى، فرغم هذا التكبر والإزدراء بالأحرار مثل الأستاذ محمود إلا أن الأستاذ محمود باق في قلوب الطيبين الأحرار.. هذا ما أردت أن أقوله لهذا الرجل الذي يمتلك صحيفة بحالها يستغلها في تشويه صورة الأحرار.. هل تذكر ما كتبه الاستاذ محمود عن الدكتور الترابي في مقدمة كتاب "الترابي في ميزان 1/ الثقافة الغربية 2/ الإسلام" إبان الأزمة الدستورية في الستينيات:
http://alfikra.org/chapter_view_a.php?book_id=14&chapter_id=2 ..
Quote: بسم الله الرحمن الرحيم ((جاء الحق ، وزهق الباطل ، إن الباطل كان زهوقا)) صدق الله العظيم
مقدمة
بين أيدينا الآن كتاب أخرجه الدكتور حسن الترابي باسم ((أضواء على المشكلة الدستورية ، وهو كتاب من حيث هو ، لا قيمة له ولا خطر ، لأنه متهافت ، ولأنه سطحي ، ولأنه ينضح بالغرض ، ويتسم بقلة الذكاء الفطري . ولكن خطره إنما يجيء من مؤلفه ، فإنه دكتور في القانون الدستوري ، وهو قد كان عميداً من عمداء كلية الحقوق السابقين ، وهو من مؤلفي الأزمة الدستورية ، وهو مع ذلك من مستشاري مجلس السيادة الذين على هدى نصيحتهم يرجى لهذه الأزمة الدستورية العجيبة أن تحل . يضاف إلى هذه الصفات الرسمية ، وغير الرسمية ، التي يتمتع بها المؤلف أنه جم النشاط في الحقل السياسي ، في هذه الآونة ، مما يطوى لهذا الكتاب فرصة لتضليل الرأي العام أكبر ، ومن ههنا جاء اهتمام الحزب الجمهوري بالرد عليه . وفي الحق ، لو كان الدكتور الترابي مثقفاً غربياً فحسب ، أو لو كان إنما يدعو ، في ذلك إلى تنظيم سياسي غربي فحسب ، لما أقمنا له كبير وزن . ولكنه ، هو وقبيله ، يزعمون انهم يتصدرون دعوة الى الإسلام والى الدستور الإسلامي وهذا يجعل الخطر منهم كبيراً ، ومن الواجب أن يكشفوا على حقيقتهم . |
لا شك أنك تعرف بيت الشعر الحكيم الذي يقول: ووضع الندى في موضع السيف بالعلا * مُضِرٌّ كوضع السيف في موضع الندى سيف هذا العصر هو القانون ويجب على الأحرار وضع أيديهم مع بعضهم لكي يمثل هؤلاء البلطجية اللصوص القتلة أمام القانون.. لا شتيمة ولا قذف ولا إساءة، وإنما قول الحق بقوة يحتاجها من أصم الطمع والتكبر أذنيه.. ولا نامت أعين الجبناء أمثال الطيب مصطفى..
ياسر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رغم أنفك أيها الطيب مصطفى!! الأستاذ محمود باقٍ في قلوب الطيبين الأحرار!! (Re: Yasir Elsharif)
|
شهيد الفكر محمود محمد طه بقلم: الدكتور عبدالعظيم الحسن جريدة الصحافة: الأحد 29/9/ 1985
كان يوم الجمعة الثامن عشر من يناير 1985م يوماً أسود حالك السواد جثمت ظلمته على الصدور حتى كتمت الأنفاس. وكان الأحرارعلى إمتداد الوطن يتلفتون مذعورين، في حلوقهم غصة وفي مآقيهم الدموع. يديرون مؤشر المذياع بأياد مرتجفة إلى لندن ومونت كارلو والقاهرة وصوت أمريكا وهم كالغريق الذي يتشبث بقشة. وكانت ليلة الجمعة تلك، أطول ليلة في حياة الكثيرين قضوها على أسرة فرشت بالجمر والأحباط وقلة الحيلة. ومنهم من كان كلما أغمض جفنيه رأى الشهيد يتدلى من حبل المشنقة فيفتحهما في ذعر وهلع.
قالت لي ابنتي هل ستجلسون هكذا وتتركونه يمشي وحيداً إلى حبل المشنقة؟ أنتم الذين قرأتم كتاباته بحب وإعجاب؟! أنتم الذين استمعتم الى محاضراته بحب وإعجاب؟! أنتم الذين وصفتموه مفكراً حراً أصيلاً من أبناء هذا الوطن؟! كيف تتخلون عنه في اللحظات التي هو أكثر مايكون فيها احتياجاً إليكم وأنتم احتياجاً إليه؟!
ولكنّا جلسنا جميعاً كالأرانب المذعورة وتركناهم يقتلونه، وقد كان أجمل مافينا وأنبل وأسمى وأنقي وأطهر مافينا، وكان قطعاً أشجعنا جميعاً. لقد مشى إلى المشنقة مبتسماً، مشى إليها كبيراً سامقاً يكاد رأسه يلامس عنان السماء. ملء برديه التقوى والورع والعطاء بلاحدود. مشى إليها وكان في إمكانه أن لا يمشي إليها لو أراد. وقد كان فوت الموت سهل فرده إليه الحفاظ المرّ والخلق الوعر
هل تصدقون أيها الناس إن مجلس الشعب كان في إحدي دورات انعقاده حينذاك؟! جدرانه يلفها الصمت الجبان والجريمة تقع تحت سمعهم وأبصارهم. هل كان يخلو من فتي واحد حر جرئ يرفع سبابته ليقول لا؟ أو يسأل أو يستفسر؟ هؤلاء هم أهلنا؟! أهلنا الذين يجيرون الخائف ويفزعون المظلوم؟!.
لقد قتلته عناصر الشر والبغي والتعصب. كانوا للأحرار بالمرصاد عبر التاريخ حبساً وقتلاً وحرقأً وجلدا.ً هم الذين قتلوا سقراط هم الذين حزوا راس الحسين بن علي وسبوا علياً وبنيه في المنابر، هم الذين قتلوا سعيداً بن جبير، هم الذين قتلوا جان دارك هم الذين أقاموا محاكم التفتيش وهم الذين قتلوا أطفال مدرسة بحر البقر. القائمة طويلة، والقتلة هم أنفسهم، نفس الوجوه، نفس التقاطيع والسحنات نفس اللحي ونفس الألفاظ ومازلوا يَلغون في الدماء ويغتالون الفكر قرناً بعد قرن وجيلاً بعد جيل مخلفين وراءهم جثث الشهداء والأبرار على مدار التاريخ.
إن ذكرى محمود محمد طه في حدقات العيون، في خفقات الأفئده وفي همسات الضمائر. في طهر الصبايا في نقاء الشيوخ وفي عفة الفتيان. في نسمات السحر في قيام الليل، في شذى الأزهار وفي أهازيج الحرية في كل مكان. إنها ذخرنا وزادنا في رحلتنا الطويلة الشاقة، وفي نضالنا من أجل حرية الفكر وحقوق الإنسان. سيتحدث أحفادنا عن أيات الأصول وأيات الفروع، عن حبه الشديد للمعصوم، وعن دعوته للمحبة والسلام.
وسيبقى الثامن عشر من يناير 1985م يوماً حياً في ذاكرة الزمان وفي وجدان شعوب هذا الكوكب ومنارة تبرق في ظلمات التاريخ عبر القرون تستلهم منها الأجيال القادمة عزماً ومضاء في نضالها ضد كلّ ماهو بشع وقبيح.
ماأقل الذين أنجبتهم بلادنا السمحة المعطاءة وهم في قامة الأستاذ محمود طه، علماً، وفكراً، وجسارةً. لقد كان ضمير أمة وروح شعب. إن مثله لايحتاج إلى شارع يسمى باسمه أو تمثال ينصب له في مكان عام. ولكن نحتاج نحن أن نجعله آخر شهداء الفكر في بلادنا.
| |
|
|
|
|
|
|
|