دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: ثورة الزنج في البصرة.. هل كانت ثورة "مهدية"؟؟ (Re: Yasir Elsharif)
|
الأخ عادل أمين،
تحية طيبة
إليك هذا عن ثورة الزنج وقد نقلته من الشبكة من هنا: http://www.balagh.com/mosoa/sirah/t70u5uqz.htm وهو مصدر مصادره جيدة أرجو أن يكون فيه إجابة على تساؤلك وفائدة للقراء..
Quote: على أن أخطر الثورات التي شهدها العصر العباسي كانت هي الثورة التي قادها علي بن محمد (270 ه 883م)، والتي بدأت في البحرين سنة 249ه سنة 863م، وهي التي اشتهرت باسم (ثورة الزنج)... وكان قائد هذه الثورة _علي بن محمد بن أحمد بن علي بن عيسى بن زيد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب _ شاعراً، وعالماً، يمارس، في "سامراء" تعليم الخط والنحو والنجوم... وكان واحداً من المقربين الى الخليفة المنتصر بالله. ولما قتل الأتراك المنتصر بالسم، ومارسوا السجن والنفي والاعتقال والاضطهاد لحاشيته، كان علي بن محمد ضمن المعتقلين.. ثم حدث تمرد من فرقة "الجند الشاكرية" ببغداد، شارك فيه العامة، واقتحم المتمردون السجون فأطلقوا سراح من فيها، ومنهم علي بن محمد، الذي غادر بغداد الى "سامراء" ومنها الى البحرين حيث دعا الى الثورة ضد الدولة العباسية الواقعة تحت سيطرة الجند الأتراك. دور العرب في الثورة: بالرغم من اشتهار هذه الثورة "بثورة الزنج"، الا أنها لم تكن ثورة عنصرية للزنج وحدهم، ولم تقف أهدافها عند المطالبة بتحرير العبيد أو تحسين ظروف عملهم.. فقائد هذه الثورة عربي، وعلوي _رغم تشكيك خصومه في صحة نسبه العلوي _ وأغلب قوادها كانوا عرباً كذلك، مثل: علي بن أبان (المهلبي)، وسليمان بن موسى الشعراوني، وسليمان بن جامع، وأحمد بن مهدي الجبائي، ويحيى بن محمد البحراني، ومحمد بن سمعان.. الخ. وعلى امتداد السنوات السبع الأولى من عمر هذه الثورة (249 _ 255ه) كان جمهورها وجندها ومحيطها عربياً خالصاً.. فهي قد بدأت في مدينة "هجر"، أهم مدن البحرين، ثم في "الاحساء" بين أحياء "بني تميم" و "بني سعد".. ثم في بادية البحرين، وسط عربها.. وفي هذا المحيط العربي قامت سلطة هذه الثورة و "دولتها" وحدثت الحروب بينها وبين جيش الدولة العباسية.. ويصف الطبري سلطة علي بن محمد في هذا المحيط العربي، فيقول: "لقد أحله أهل البحرين من أنفسهم محل النبي حتى جبى له الخراج هناك، ونفذ حكمه بينهم، وقاتلوا أسباب السلطان بسببه!". وفي موقعة "الردم"، بالبحرين، أحرزت الدولة انتصاراً مؤثراً ضد الثورة، فانسحب علي بن محمد الى البصرة، ونزل هناك بين عرب بني ضبيعة _(من نزار بن معن بن عدنان). فدعاهم للثورة، فتبعوه، وكان منهم عدد من قادة دولته وجيشه... ولما طردته الدولة، وألقت القبض على أغلب أنصاره، ووضعتهم في السجون، مع ابنه الأكبر وابنته وزوجته.. غادر علي بن محمد البصرة الى بغداد، فأقام بها عاماً. وفي سنة 255ه سنة 869م حدثت بالبصرة فتنة بين طائفتين من جندها، "الجند البلالية" و "الجند السعدية"، وأسفرت هذه الفتنة فيما أسفرت عن اطلاق سراح السجناء، ومنهم أنصار علي بن محمد، فغادر بغداد، ووصل الى ضواحي البصرة ليواصل ثورته من جديد.. وفي هذا التاريخ بدأ أول انعطاف للثورة نحو الزنج، أي بعد قرابة السبع سنوات من قيامها.. مكان الزنج في الثورة: كانت البصرة أهم المدن في جنوب العراق، وكانت جنوب العراق مشحونة بالرقيق والعمال الفقراء الذين يعملون في مجاري المياه ومصابها، ويقومون بكسح السباخ والأملاح الناشئين من مياه الخليج، وذلك تنقية للأرض وتطهيراً لها، كي تصبح صالحة ومعدة للزراعة، وكانوا ينهضون بعملهم الشاق هذا في ظروف عمل قاسية وغير انسانية، تحت اشراف وكلاء غلاظ قساة، ولحساب ملاك الأرض من أشراف العرب ودهاقنة الفرس.. وبعض هؤلاء العبيد كانوا مجلوبين من أفريقيا السوداء _وهم الزنج _ وبعضهم نوبيون، وآخرون قرماطيون، أما فقراء العرب فكانوا يسمون الفراتين. وشرع علي بن محمد يدرس حالة هؤلاء الرقيق، ويسعى لضمهم لثورته، كي يحررهم ويحارب بهم الدولة العباسية.. وكان أول زنجي ينضم اليه هو ريحان بن صالح، الذي أصبح من قادة الحرب والثورة. وأخذ علي بن محمد ينتقل، مع قادة ثورته، بين مواقع عمل الرقيق والفراتين، ويدعوهم الى الثورة والهرب الى معسكره وترك الخضوع لسادتهم، فاستجابت لدعوته جماهير غفيرة من الزنج والنوبة والقرماطيين والفراتيين، وانضموا الى العرب والأعراب الذين تبعوه من جنوبي العراق... ولقد فشل وكلاء الزنوج في الحيلولة بينهم وبين الالتحاق بمعسكر الثائرين، فكانوا يحبسونهم في البيوت ويسدون أبوابها ومنافذها بالطين؟! ويصف ابن خلدون اقبال الزنج على الثورة، وزحفهم للقاء قائدها فيقول: "لقد تسايل اليه الزنج واتبعوه". ولقد أعلن علي بن محمد أن هدفه، بالنسبة للزنج والعرب الفقراء، الذين يعملون في اصلاح أرض العراق الجنوبي، هو: 1_ تحرير الرقيق من العبودية.. وتحويلهم الى سادة لأنفسهم.. 2_ واعطاؤهم حق امتلاك الأموال والضياع.. بل ومنّاهم بامتلاك سادة الأمس الذين كانوا يسترقونهم.. 3_ وضمان المساواة التامة لهم في ثورته ودولته التي تعمل من أجل: *نظام اجتماعي هو أقرب الى النظم الجماعية التي يتكافل فيها ويتضامن مجموع الأمة. *نظام سياسي يرفض الخلافة الوراثية لبني العباس، والتي أصبحت أسيرة بيد قادة الجند الأتراك.. ويقدم بدلاً منها دولة الثورة التي أصبح علي ابن محمد فيها أمير للمؤمنين. ولقد استطاعت الثورة أن تكتسب، أكثر فأكثر، ثقة جماهير الزنج وفقراء العرب، الذين كانوا أشبه ما يكونون بالرقيق، وبالذات في ظروف العمل وشروطه.. وخاصة بعد أن رفض قائد الثورة مطالب الأشراف العرب والدهاقين والوكلاء بأن يرد عليهم عبيدهم لقاء خمسة دنانير يدفعونها عن كل رأس!.. لقد رفض علي بن محمد هذا العرض، بل وعاقب هؤلاء السادة والوكلاء، فطلب من كل جماعة من الزنج أن يجلدوا سادتهم ووكلاءهم القدامى.. وزاد من اطمئنان الزنج للثورة ما أعلنه قائدها من أنه "لم يثر لغرض من أغراض الدنيا، وانما غضباً لله، ولما رأى عليه الناس من الفساد".. وعاهدهم على أن يكون، في الحرب، بينهم "أشرككم فيها بيدي، وأخاطر معكم فيها بنفسي" بل قال لهم: "ليحط بي جماعة منكم، فإن أحسوا مني غدراً فتكوا بي؟! ". وبهذه الثقة تكاثر الزنج في صفوف الثورة وفي كتائب جيشها، بل وانضمت اليها الوحدات الزنجية في جيش الدولة في كل موطن التقى فيه الجيشان!.. حتى لقد سميت، لذلك بثورة الزنج، واشتهرت بهذا الاسم في مصادر التاريخ. دولة الثورة: وفي عشرات المعارك التي وقعت بين الدولة العباسية وبين ثورة الزنج، كان النصر، غالباً، للثورة على الدولة.. وتأسست، كثمرة لهذه الانتصارات، للثورة دولة، قامت فيها سلطتها، وطبقت بها أهدافها، ونفذ فيها سلطان علي بن محمد.. ولقد بلغت دولة الثورة هذه درجة من القوة فاقت بها كل ما عرفته الخلافة العباسية قبلها من أخطار وثورات.. والمؤرخون الذين كانت الدنيا عندهم هي الامبراطورية العباسية، قالوا: ان الزنج قد "اقتسموا الدنيا!.. واجتمع اليهم من الناس ما لا ينتهي العد والحصر اليه!" وكان عمال الدولة الثائرة يجمعون لعلي بن محمد الخراج "على عادة السلطان!" حتى لقد "خيف على ملك بني العباس أن يذهب وينقرض!". ولقد أقام الثوار لدولتهم عاصمة، سموها (المختارة)، أنشأوها انشاء في منطقة تتخللها فروع الأنهار.. كما أنشأوا عدة مدن أخرى _وضمت دولتهم مدناً وقرى ومناطق كثيرة، مثل: البحرين.. والبصرة.. والأبلة.. والأهواز.. والقادسية.. وواسط.. وجنبلاء.. وباذاورد.. والنعمانية.. والمنصورة.. وجرجرايا.. وجبل.. ورامهرمز.. والمنيعة.. والمذار.. وتستر.. والبطيحة.. وخوزستان.. وعبادان.. وأغلب سواد العراق. *** ولقد استمرت الحرب بين دولة الثورة هذه وبين الخلافة العباسية لأكثر من عشرين عاماً _بلغ العنف فيها، من الجانبين، حداً لم يسبق له مثيل، حتى ليقول المؤرخون الذين يتواضعون بأرقام القتلى في هذا الصراع بأنهم بلغوا نصف مليون قتيل! ولقد ألقت الخلافة العباسية بكل ثقلها في المعركة ضد الثورة، وكرست كل امكاناتها للجيش والقتال، وبعد أن عهد الخليفة المعتمد (256 _ 279 ه _ 870 _ 892 م)، بالقيادة الى أخيه الموفق، تحول قائد الجيش الى خليفة حقيقي، وتحولت المدينة التي بناها تجاه عاصمة الثوار، والتي سماها (الموفقية)، الى العاصمة الحقيقية للدولة، يأتي الى بيت مالها كل خراج البلاد، وتصدر منها الأوامر الى كل الولاة والعمال بأن يقدموا للجيش كل ما لديهم من امكانيات، حتى لقد حاول "المعتمد" الفرار من سامراء الى مصر، فألقوا القبض عليه وأعادوه الى قصر الخلافة شبه سجين!.. ولقد رجحت كفة الجيش العباسي بما احتشد له من فرسان وسفن وعتاد.. فأحرز عدداً من الانتصارات على جيش الزنج، وبدأ حصاراً لعاصمتهم استمر أربع سنوات!.. وكانت مصر قد استقلت عن الخلافة تحت حكم أحمد بن طولون (220 _ 270ه 835 _ 884م) وكان لها جيش قوي بالشام يقوده لؤلؤ، غلام ابن طولون، فخان سيده وانضم الى جيش الدولة المحتشد لقتال الثوار، وعند ذلك تمكن الموفق من اقتحام (المختارة) وهزيمة الثورة، التي بدأت سنة 249 ه وظلت قائمة تقاوم حتى أول صفر سنة 270 ه (10 أغسطس سنة 883م).. فكانت أطول ثورات العصر العباسي وأخطرها.. ----------------------------------------------------- المصدر : موسوعة الحضارة العربية الاسلامية / ج2 |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثورة الزنج في البصرة.. هل كانت ثورة "مهدية"؟؟ (Re: Yasir Elsharif)
|
أخي الفاضل ياسر / تحية من عند الله طيبة مباركة لشخصكم الكريم وكل الود لأسرتكم الفاضلة ولعموم الأهل بأرض المهجر خاصة أولئك الذين نأت بهم الإنقاذ عن أوطانهم. أنت تمثل في ذاكرتي شرط إرتباط لمدينة أحببتهاوشوارع بعينها بداخلها كنت أبصرك فيها بتخف ودود وكنت ألقاك هنالك علي المجلس الثقافي البريطاني أو حين يقهر المرض أحباب الله على الأرض "الأطفال" في عيادتك لقد زرت الأبيض العام السابق وأتمنى أن أوفق بطرح ماكتبته عنها هاهنا، عموما ما أود قوله: هل إعادة قراءة التاريخ بهذه الصورة تفيد ام إعادة صياغة الإنسان اخي ياسر أفيد؟ هل كان من الأولي وأنا صغير بالإعدادية ان أطلع على مسميات مثل نفرتيتي، تحتمس، توت عنخ آمون ، والأسر الحاكمة بمصر؟ ام كان من الأولى أن أطلع على التعدد في بلادي واعترف به واتعايش معه كتسوية ذهنية في المقام الأول تعمق من مفاهيمنا أم أطلع على تاريخ لم يزدني شيئا؟ أليست بلادي جغرافيا أحق بمعرفتها لي من معرفة رحلة بالقطار عبر أوربا حتى سهول سيبيريا؟ لماذا اعرف أنا عن العرب الكثير وانا في طور يافع وأرى مثقفيهم لا يعرفون عني شيئاً؟ لأنهم ركزوا على بنائهم الوطني وأدخلونا نحن في نفق الإستعلاء العرقي العربي؟ اعتقد ان صياغة الإنسان أفيد من صياغة التاريخ؟ وعموما أشكرك على منحي هذه الفرصة؟ وبمناسبة سؤالك ببوست عادل
ثورة الزنج حسب رأي المؤرخين "لم يدعى قائدها المهدية"
ثورة الزنج، هددت كيان الدولة العباسية أكثر مما هددها الأتراك، وهؤلاء الزنج كانوا جماعات من العبيد السود المجلوبين من أفريقيا الشرقية للعمل في استصلاح الأراضي الواقعة بين مدينتي البصرة وواسط، وكان عددهم كبيرا يُعدّ بالألوف ويعملون في جماعات، ويحيون حياة سيئة ولا يتقاضون أجورا يومية ولا يتجاوز قوتهم اليومي قليلا من الطحين والتمر والسَّويق.
استغل "علي بن محمد" هذه الأوضاع وكان رجلا طموحا مغامرا فنجح في استمالة الزنج إليه، مستغلا أوضاعهم السيئة فمنّاهم بالتحرر من العبودية وتمكينهم من الوصول إلى السلطة، ثم اشتط في دعوته فادعى صفات النبوة، وأعلن أنه مرسل من الله لإنقاذ العبيد البائسين، وانتحل نسبًا إلى آل البيت.
نجح صاحب الزنج في فترة قصيرة (255-261هـ = 869-875م) من أن يسيطر على البصرة وما حولها، بعد نجاحه في هزيمة جيش الدولة، ثم امتد نفوذه ليشمل الأهواز وعبادان وواسط، وكانت سياسته تجنح إلى العنف والإرهاب وإراقة الدماء؛ فدمر المدن التي احتلها وأباد كثيرا من أهلها وعاث فيها فسادا، والذي فعله بالبصرة خير دليل على ذلك؛ حيث ذكر المؤرخون أن الزنج قتلوا أكثر من 300 ألف إنسان بالبصرة وحدها، وأسروا عددا كبيرا من النساء والأطفال . الأخ ياسر مما يؤسف له أن هذا الواقع موجود الآن في الدول العربية ومشاهد بأم اعيننا وبكل صراحة واقع مؤلم وردئ جداً وسوف تتكرر مجددا أمثال هذه الثورات في العالم العربي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثورة الزنج في البصرة.. هل كانت ثورة "مهدية"؟؟ (Re: othman mohmmadien)
|
أشكرك وأحييك يا عزيزي عثمان محمدين وسلامي للأهل في السودان وخاصة في الأبيض..
Quote: هل إعادة قراءة التاريخ بهذه الصورة تفيد ام إعادة صياغة الإنسان اخي ياسر أفيد؟ هل كان من الأولي وأنا صغير بالإعدادية ان أطلع على مسميات مثل نفرتيتي، تحتمس، توت عنخ آمون ، والأسر الحاكمة بمصر؟ ام كان من الأولى أن أطلع على التعدد في بلادي واعترف به واتعايش معه كتسوية ذهنية في المقام الأول تعمق من مفاهيمنا أم أطلع على تاريخ لم يزدني شيئا؟ أليست بلادي جغرافيا أحق بمعرفتها لي من معرفة رحلة بالقطار عبر أوربا حتى سهول سيبيريا؟ لماذا اعرف أنا عن العرب الكثير وانا في طور يافع وأرى مثقفيهم لا يعرفون عني شيئاً؟ لأنهم ركزوا على بنائهم الوطني وأدخلونا نحن في نفق الإستعلاء العرقي العربي؟ اعتقد ان صياغة الإنسان أفيد من صياغة التاريخ؟ |
قراءة التاريخ لا يجب أن تنفصل عن معرفة تركيبات الحاضر.. فمثلا لو لم يعرف المرء عن ظاهرة الرق والاسترقاق في المجتمعات السودانية منذ أقدم العصور مرورا بالممالك المسيحية والممالك المسلمة والتركية والمهدية فلن يستطيع أن يتعرف على مشاكل العنصرية التي تعاني منها المجتمعات السودانية ونرى آثارها في شكل حروب وثورات ومطالبة بتقرير المصير إلى الآخر..
إذن قراءة التاريخ ضرورية وليست كل الكتابات السابقة ذات مصداقية ولذا لا بد من الاعتماد على مقارنة الوقائع المختلفة والتحليلات للوصول إلى اقرب شئ من الحقيقة.. فمثلا من المعروف أن نظام الحكم العباسي قد كثرت الثورات ضده قبيل ما سمي بـ "ثورة الزنج".. وإذا رجعت إلى نفس الوصلة التي نقلت منها الكلام عن ثورة الزنج ستجد سردا لتلك الثورات.. ونحن نعرف أن السلطة تفسد الحكام وهذا ما حدث للخلافة العباسية في بغداد في تلك الأزمان، وما حدث للحكم التركي على أواخر القرن التاسع عشر، وتاريخ الأتراك في السودان معروف مما كان السبب في "الثورة المهدية".. وأنا أعتقد أن الشبه بين ثورة الزنج في جنوب العراق والثورة المهدية هو في جانب الثورة على النظام الظالم وكذلك في جانب قول القائد بمرجعية دينية "مهدية" ليس من الضروري أن تكون الرؤية هنا متطابقة..
لاحظ أن الدولة الإسلامية فرضت على مملكة النوبة في اتفاقية البقط الشهيرة أن ترسل 360 رأسا من الرقيق كل سنة.. كان ذلك في حوالي عام 652 ميلادية.. ويمكنك أن تتصور كمية الرقيق الذي خرج من بلاد السودان في 200 سنة .. لا بد أن يكون العدد قد وصل إلى مئات الآلاف إذا أضفنا إلى ذلك التوالد الطبيعي.. إذن ليس من المستبعد أن تكون ثورة الزنج بقائدها المذكور قد استقطبت كثيرا من النوبة وغيرهم من رقيق بلاد السودان..
وهذا هو الجزء الأول من المادة عن الثورات ضد الخلافة العباسية:
عند قراءة التاريخ يجب أن تقرأ ما بين السطور وتقارن..
Quote: منذ عهد المتوكل العباسي (232 _ 247 ه 847 _ 861م) غلبت سيطرة العسكر الأتراك، وقادتهم على أزمة الأمور في الدولة، واستأثروا بالعطاءات والاقطاعات، واستبدوا بسلطان الخلافة، حتى صاروا يولون ويعزلون الخلفاء كما يريدون، بل ويسجنون ويسمّون ويقتلون من لا يحقق مطامحهم ومطامعهم من الخلفاء. ولقد حاول بعض الخلفاء أن يستردوا لمنصب الخلافة سلطانه، وأن يستندوا في معارضة القادة الأتراك الى تأييد شعبي بمهادنة العلويين الثوار واقامة قدر من العدل والانصاف بين الرعية.. حاول ذلك الخليفة المنتصر بالله (247 _ 248 ه 861 _ 862م)، والمهتدي بالله ( 255 _ 256ه 869 _ 870م) ولكن الأتراك تخلصوا منهما بالسم والعزل والقتل. وعندما سدت سبل الاصلاح أمام الراغبين فيه أقبل الناس على الثورة، طريقاً لم يجدوا أمامهم سواه للتغيير، فكان أن قامت عدة حركات ثورية، يقودها ثوار علويون. ففي (سنة 248 ه سنة 862م) ثارت الكوفة، بزعامة أبي الحسين يحيى بن عمر بن يحيى بن الحسين بن عبد الله بن اسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب... وفي (سنة 250 ه سنة 864م) ثارت طبرستان، بقيادة الحسن بن زيد ابن محمد بن اسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وامتدت الثورة الى جرجان، واستمرت دولتها حتى سنة 270 ه سنة 883م. وثارت "الري"، بزعامة محمد بن جعفر بن الحسن، بهدف الانضمام الى ثورة طبرستان... ثم تكررت ثورتها، بعد الاخفاق، بقيادة أحمد بن عيسى بن علي بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. وثارت قزوين، بقيادة الكركي (الحسن بن اسماعيل بن محمد بن عبد الله بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب). وثارت الكوفة، بزعامة الحسين بن محمد بن حمزة بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب. |
قولك:
Quote: وبمناسبة سؤالك ببوست عادل
ثورة الزنج حسب رأي المؤرخين "لم يدعى قائدها المهدية" |
أنا أعرف أن ليس كل المؤرخين يقولون عن قائد تلك الثورة أنه قد ادعى المهدية.. ولكن بعضهم قد قالها.. وقد وجدت عينة من هذه الكتابات.. ويمكنك أن تجد الإشارة إلى هذا الأمر [بين السطور] في قول كاتبنا الحالي عندما قال:
Quote: استغل "علي بن محمد" هذه الأوضاع وكان رجلا طموحا مغامرا فنجح في استمالة الزنج إليه، مستغلا أوضاعهم السيئة فمنّاهم بالتحرر من العبودية وتمكينهم من الوصول إلى السلطة، ثم اشتط في دعوته فادعى صفات النبوة، وأعلن أنه مرسل من الله لإنقاذ العبيد البائسين، وانتحل نسبًا إلى آل البيت. |
كما يمكنك أن تقرأ الإشارات التي جاءت في كتابة "هاني السباعي" الإسلامي المعروف ومدير مركز المقريزي في بريطانيا وهو ينقل من بعض المصادر هنا: http://www.almaqreze.com/Articles%20files/zing2.htm خاصة هذه السطور:
Quote: وكان هذا الرجل متصلًا بقوم من أصحاب السلطان يمدحهم ويستميحهم بشعره ثم خرج من) سامراء) سنة تسع وأربعين ومائتين إلى البحرين وادعى أنه من ولد علي بن أبي طالب ودعا الناس إلى طاعته فتبعه جماعة وأباه جماعة فوقع بينهم قتال على ذلك فانتقل عنهم إلى الإحساء فضوى إلى حي من بني تميم وصحبه جماعة من أهل البحرين ثم كان ينتقل في البادية من حي إلى حي ولم يزل أمره يقوى إلى سنة سبعين" يوحى إلى صاحب الزنج بالاتجاه إلى البصرة!!: " وكان يقول: أوتيت آيات من آيات القرآن إمامتي منها لقيت سورًا من القرآن لا أحفظها فجرى بها لساني في ساعة واحدة منها: سبحان والكهف وص وألقيت نفسي على فراشي فجعلت أفكر في الموضع الذي أقصد له وأقيم فيه إذ نبت بي البادية فأظلتني سحابة فبرقت ورعدت وقيل لي: أقصد للبصرة فمضى إليها فقدمها في سنة أربع وخمسين. |
وأخيرا لك شكري وتقديري على المداخلة القيمة..
ياسر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ثورة الزنج في البصرة.. هل كانت ثورة "مهدية"؟؟ (Re: أيمن حسين فراج)
|
الأخ العزيز أيمن، تحية المودة والتقدير
التاريخ يقول أن ثورة الزنج بدأت حوالي عام 863، ويقال ان دولتهم دامت 14 سنة وفي روايات أخرى 20 سنة.. الحسين بن منصور الحلاج ولد عام 858 .. فلا أظن أنه قد عاصر تلك الثورة.. ولكنه بالتأكيد كان من المتصوفة الذين قالوا كلمة الحق في وجه أولئك السلاطين الجائرين، وناصر المستضعفين والمظلومين، فكان شهيد الحق واستحق بذلك الدخول فيمن عناهم النبي الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم عندما قال: "سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله"، وكان مقتله في حوالي عام 922 ميلادية.. وقد استطاع السلطان الجائر أن يبرر لتلك الجريمة بالزندقة وادعاء الألوهية وما إلى ذلك من تلك التلفيقات..
أذكر أن المكاشفي طه الكباشي في خطبته الشهيرة في الإذاعة والتلفزيون يوم 15 يناير 1985 ذكر فيما ذكر أن الأستاذ محمود ادعى الألوهية وتبعه النميري في نفس هذا الخط..
وحتى قبل سنتين في برنامج قناة "أبو ظبي" "بين زمنين" ردد المكاشفي تلك الفرية وقال أن الأستاذ محمود ادعى الألوهية مثل الحلاج الذي قال: "ما في الجبة إلا الله".. وكل هذه ترهات سوف يأتي اليوم الذي تتضح فيه لكل ذي عقل وبصيرة..
| |
|
|
|
|
|
|
الحلاج.. المعراج والرماد (Re: Yasir Elsharif)
|
عزيزي أيمن، أهديك هذه الكتابة عن شهيد العشق الإلهي ونصير الضعفاء الحسين بن منصور وقد وجدتها في النت مع أن الأخيرة تطفح بالمقالات التي تكفره وتعتبره زنديقا..
http://www.d-alyasmen.com/vb1/show.php?MainID=18&SubjectID=1184 ..Quote:
الحلاج .. المعراج والرماد
اعداد : عبد الحميد خريف
لم يختلف الناس فى آرائهم حول رجل كاختلافهم عليه...فعشاقه يعتبرونه قطب المعرفة بلغ درجة عليا لم يبلغها غيره فى مدارج العرفان...أدرك الحقيقة فكان الحقيقة...وأعداؤه أقروا بجنونه وألصقوا به صفة الساحر الآثم الدجال الذى يستهوى العامة بحديثه وأشعاره. عنه قال فريد الدين العطار: .. بأية حماسة فيضية وحمية وجدانية قامر هذا العاشق برأسه ودفعه مهرا لمعتقده كيما يظفر بجوهرة الجمال الإلاهي... وعنه أيضا قال طه عبد الباقي: ..منذ أكثر من ألف عام تركز سمع الدنيا وبصرها على الخاتمة الفاجعة لأعجب صراع شهده تاريخ الفكر الاسلامي.. أما هو فيقول عن نفسه: أنا من أهوى ومن أهوى أنا نحن روحان حللنا بدنا فإذا أبصرتنى أبصرته وإذا أبصرته أبصرتنا لكنه يبقى فى كل الأحوال أحد الواقفين على قمة الأيام..كلما مرّ ذكره انحنى له الزمن مذكرا بمقتله الشنيع.. ذلك هو النبأ العظيم والبهاء المقدس ورائد الحب الالاهى الذى صعد سلم الوجد حتى سدرة المنتهى الحسين بن منصور الحلاج. كان الشهيد الشاهد... الثائر على فساد الساسه ورياء المنافقين...كان قائد جيش الفقراء وصوت من لا صوت لهم...حتى إذا ما عظم أمره وتزاحم حوله الأنصار والمؤيدون كان الاستشهاد العظيم.. عجبت منك ومنى يا منية المتمني أدنيتنى منك حتى ظننت أنك أنى وغبت فى الوجد حتى أغنيتنى بك عني يا نعمتى فى حياتى وراحتى بعدد فنى منذ أكثر من ألف عام تركز سمع الدنيا وبصرها على الخاتمة الفاجعة لأعجب صراع شهده تاريخ الفكر وتاريخ الحياة الروحية فى الاسلام...ولقد غامرت الخلافة العباسية بسمعتها ومكانتها فألقت من أعلى مآذن بغداد برماد جثة هذا الرجل فى مشهد درامى سجلته عدسة التاريخ وحملت أجنحة الهواء ذرّات رماد الشهيد إلى الآفاق وتحولت كل ذرة من جسد الحسين منصور الى نشيد يردد على مسامح السامرين قصة مقتل شهيد المتصوفة. اقتلونى يا ثقاتى إن فى قتلى حياتي ومماتى فى حياتى وحياتى فى مماتي فاقتلونى واحرقونى بعظامى الفانيات ثم مروا برفاقى فى القبور الدارسات تجدوا سر حبيبى فى طوايا الباقيات صورة الفناء تجلت فى بهاء العاشقين لذلك الذى تجاوز الليل والنهار ودخل برزخ الخالدين...رأى خاتمته فوصفها قبل أن يحدث وحدثت مثلما رآها فى اللوح الذى لا يري... لم يكن الحلاج عاشقا يهيم على وجهه.. ولم يكن بالواقف على ساق واحدة فى الخلاء... بل كان زعيما سياسيا وصوتا قويا لا يخشى سطوة سلطان جائر يجاهر بالحق بعد أن آمن بأنه هو الحق أليس هو القائل: ...إن الحق لن يقبل من الناس عباداتهم اذا اختلفت سياساتهم وفسدت أخلاقهم ثم استكانوا للبغاء والفساد.. كان الحلاج صوفيا...لكنه لم يكن كغيره ممن تلبسوا بالحرقة وانصرفوا للخالق وابتعدوا عن المخلوق.. لقد عاب الحلاج على السطامى زهده كما انتقد الجنيد فى سلبيته...ثار هذا الصوفى على الزهد الذى لا يقر بحق المخلوق فى الحياة الدنيا والانصراف كليا الى عبادة الخالق منشغلين بذكره عن واجباتهم تجاه الضعفاء من مخلوقاته...جمع الحسين بن منصور بين الدين فى تجلياته والدنيا فى مباهجها وارتفع الى المعراج المقدس كما نزل الى حيث البائسين المضطهدين فكان صوتهم وكلمتهم التى وحدت حزب الفقراء ودفعته الى هز عرش الخلافة العباسية لولا أن تدارك الخليفة الأمر وأسرع بالقاء القبض على الحلاج وتقديمه للمحاكمة.. وكان يوم المحاكمة. سأل القاضى بن سريع الحلاج: - هل أنت الله؟؟ - حاشا أن يكون الحسين ذلك، فهو عبد من عباده يؤمن بكتبه ورسله واليوم الآخر ويشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. - لكنك جاهرت بالكفر وناديت بالعصيان.. - الكفر أن تقر لسلطان ظالم بظلمه أما العصبان فأن تخفى كلمة الحق أمام سلطان جائر.. - ومن وضعك ميزانا بين الحاكم والرعية - الحق الذى أنا.. - إلحاد بين وضلال مبين.. - الحسين ينشد الخير ويدعو الى الحق ولا يقر الظلم.. - اعتذر يا حسين واطلب العفو يا ظاهرا باطنا تجلى بكل شيء بكل شيء يا جملة الكل لست غيرى فما آعتذارى اذن اليّ كان الحكم جاهزا القطع والحرق وذر رماد الجثة من أعلى مئذنة ببغداد...حتى لا يحتوى قبر جسد الشهيد، فيصبح مزاراً للمقهورين ورمز التحدى السلطة.. وتقدم السياف...فقطع اليدين ثم الرجلين... قال الراوى لمقتل الحلاج: ...ولما أخذ وجه الحلاج فى الاصفرار لكثرة ما نزف من دمه مرّر ببقية ذراعه اليمنى على وجه فخضبه بالدم حتى يخفى ذبوله واصفراره.. وقبل أن يقطع السياف لسان الحسين رفع الشهيد بصره وجال فى اللامنتهى حيث محبه ينتطر دخوله عليه مخضبا بدم العشاق... ومع انتهاء المؤذن من الدعوة لصلاة العصر...جمع الحسين بقايا صوت وصاح: ركعتان فى العشق لا يصح وضؤوهما الا بالدم .. ومع الفراغ من الصلاة أغمض الشهيد عينيه وأسلم الروح مبتسما لفت بقايا الجثة وأحرقت ومن أعلى منارة فى بغداد ذرّ الرماد. كان ذلك بعد غروب يوم السادس والعشرين من شهر مارس من عام اثنين وعشرين وتسعمئة للميلاد.. ...لقد أسرف خصوم الحلاج فى بغضه وتجريحه. وأسرفت الخلافة العباسية فى اضطهاده وتعذيبه وأسرفت إسرافا جنونيا فيما أعدته من عذاب ليوم مصرعه وفيما أقامته من ستار حديدى لحجة سيرته عن حياة العامة وفيما اصطنعت لتشويه ثرائه الفكرى وصياغته الشعرية ورؤاه الفلسفية وفى مقابل هذا أسرف أنصاره فى حبه وتقديسه وفى الحديث عن أسراره وتجلياته حديث وصل حد الاعجاز والمعجزاة. قال الراوي: وفى فجر يوم الاربعين لاستشهاد الحسين بن منصور الحلاج سمع أهالى بغداد صوته من المئذنة التى ذرّ منها رماد جسده وهو ينادى حى على الصلاة. وانطلق الخيال ليكمل الأسطورة ويوشى هذه الصورة العجيبة ويريق عليها مزيدا من الجمال والغموض ثم أخذ يشيع حولها مشاهد متنافرة تتعاقب وتتواكب حافلة بأروع ما فى الدنيا من عظمة الروح والايمان وبأقسى ما فى كتاب الظلال من الحاد ومروق.. جاء فى كتاب "شخصيات قلقة": ...ويبقى الحلاج أحد كبار الفلاسفة الذين أثاروا جدلا متواصلا حتى اليوم...وما تزال أقواله ذات طابع حضارى عميق الأثر وأكثر صدقا من الناحية الاجتماعية... ذلك هو الحلاج الشهيد الحى الذى قدم للدنيا صورة الولاية الكبري...وقد بلغت أوجهها فى تضحية مليئة بالرجولة...مليئة بالالهام. وما شرب العشاق الا بقيتى وما وردوا فى الحب إلا على وردي ذلك هو الحق...وذلك هو النبأ العظيم الذى فيه يختلفون.. .
ملاحظة هذا الموضوع نقلته من مجموعة أشرعة، لأنه أثار اهتمامي و اعجابي جداً فأحببت أن تشاركوني به |
| |
|
|
|
|
|
|
|