دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: إلى الأستاذة رشا عوض... أهديك مقالات الأستاذ عيسى إبراهيم (Re: Yasir Elsharif)
|
كل ما فعله الجمهوريون من مواجهة للسلفيين القابعين في الأمانة العامة "وزارة" الشئون الدينية والأوقاف إنما هو مواجهة لسلطة مايو في حقيقة الأمر ونصيحة لها بدون حاجة إلى إضعافها أمام خصومها السياسيين.. خذ مثلا كتاب "الميزان بين محمود محمد طه والأمانة العامة للشئون الدينية" وكتاب "نحن نتهم قانون وقضاة الأحوال الشخصية" وكل سلسلة "قضايا بورتسودان" وكثيرا من الكتب..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إلى الأستاذة رشا عوض... أهديك مقالات الأستاذ عيسى إبراهيم (Re: Yasir Elsharif)
|
الحلقة الرابعة والأخيرة من سلسلة مقالات الأستاذ عيسى إبراهيم..
Quote: في حوارية المثقف والسلطة أو جدلية الفكر والواقع الجمهوريون ومايو: جرد حساب (الأخيرة)
عيسى إبراهيم*
نهدي هذه الكتابات إلى الصحفيين النابهين محمد غلامابي ومأمون التلب - لدورهما في أن تكون هذه الكتابات ممكنة - وجيلهما: إن كان عليهم أن يبحثوا عن الحقيقة فعلينا بجهد المقل أن نُسهم - ونحن شهود عيان - في رِفدها بالمعلومات..
بين مايو ومعارضيها أورد د. محمد المهدي بشرى نقلاً عن دكتور حيدر ابراهيم علي قوله: "كان الأستاذ محمود ديمقراطياً حقيقياً ينبذ العنف ويسلك سلوكاً إنسانياً راقياً ولذلك استحق عن جدارة لقب (غاندي السودان) وكان ضد العنف سواء بالفعل أو بالقول"..ونتوكأ على هذه الشهادة في الولوج لمعالجة هذه الفقرة من الكتابة. مايو كما هو واضح نظام عسكري استولى على السلطة عن طريق القوة، وجابهته قوى معارضة عن طريق القوة المادية العسكرية، والبداهة تقول أن الغلبة ستكون للأكثر استعداداً للمجابهة. ومايو تصدت لمعارضيها الذين رفعوا في وجهها السلاح، وكل مبررات الجمهوريين التي كانوا يسوقونها لبقاء النظام هو أن البديل الجاهز لمايو هي الطائفية وقوى الهوس الديني، والبديل الغائب هو الوعي الشعبي، الذي اشترى الجمهوريون الزمن لاحداثه.
الاقتصاد وأزمة الأخلاق قدم الجمهوريون الحل الجذري للمشكلة الاقتصادية على المستوى النظري حين دعوا لتطوير التشريع من مستوى آية الزكاة الصغرى "خذ من أموالهم صدقة..." إلى مستوى آية الزكاة الكبرى "ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو" التي تحت مظلتها يمكن أن يقوم التطبيق الاشتراكي، لتدار موارد الدولة لصالح الكافة، وعلى المستوى العملي قدموا كتابهم ساووا السودانيين في الفقر إلى أن يتساووا في الغنى. أما الحديث عن الاخلاق فهو الوجه الذي كان يطالعنا آنذاك فنحن حقاً "لا ينقصنا التخطيط العلمي ولا الخبرة الفنية ولا الكوادر المؤهلة بقدر ما تنقصنا الأخلاق"، والجمهوريون لم يغب عن بالهم " الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي جرَّت البلاد إليها سياسات نميري" فقد نقدوا نظام نميري في حركته الاقتصادية وقدموا له النصح حين قالوا:" وبالطبع هناك الأخطاء التي يتحمل النظام وحده المسؤولية عنها، سواء في التخطيط، أو في التنفيذ، أو في المتابعة.. ومن تلك الأخطاء عدم الترشيد الكافي للصرف على التنمية، وللصرف الجاري، ومنها الصرف على مشروعات عمرانية، ليست تنموية بحتة، أو الصرف على أوجه غير إنتاجية وغير خدمية إطلاقاً"(1).
الجمهوريون: بين عبد الناصر والسادات قدم الاستاذ محمود في كتابه "مشكلة الشرق الأوسط" حلين لمشكلة العرب مع اسرائيل أحدهما عاجل والآخر آجل، ودعا العرب في الحل العاجل للاعتراف باسرائيل ومباشرة تفاوضهم معها واستبعاد الوسطاء، وخلاصة الحل الآجل تكمن في نهوض العرب لحمل رسالتهم الاساسية "الاسلام" والعودة إلى "لا إله إلا الله"، ومفارقة الدعوة للقومية العربية، هذا باختصار يكاد يكون مخلاًً لضيق الحيز المتاح، ولمن أراد الشرح والتطويل الرجوع إلى الكتاب المشار إليه في موقع الفكرة الجمهورية: www.alfikra.org. تساءل محمد المهدي في ورقته عن الموقف المغاير للجمهورين تجاه عبد الناصر من جهة والسادات من جهة أخرى واعتبره كيلاً بمكيالين، وهو في حقيقته يتسق مع موقف الجمهوريين المبدئي من مشكلة الشرق الأوسط، فالسادات كان شجاعاً ومتسقاً مع ما طرحه الجمهوريون في الحل العاجل لذا أيدوه وناصروه، أما عبد الناصر (يرحمه الله) فقد تنحى عن السلطة متحملاً آثام الهزيمة فما هو الغريب في ذلك؟!.
تأييد الجمهوريين بين الاطلاق والقيد لم يكن تأييد الجمهوريين مطلقاً - كما ادعى صديقي بشرى - وانما كان مقيداً بحيلولتها بين الطائفية وكراسي السلطة وهو ما نجحت فيه، ثم بسيرها في اتاحة نشر الوعي بين المواطنين وهو أمر أخفقت فيه ولم تفلح.
مايو مرحلية ولكن هل حقاً كان الجمهوريون يرون في نظام مايو المنقذ للبلاد من تخلفها السياسي والاجتماعي ؟! أنظره يقول: "وقد ظل هذا الفكر يركز على مفهوم أزمة الأخلاق ويوظفها كمنظور في رؤية الواقع السياسي في البلاد ولعل هذا مما قاد الفكر الجمهوري وقادته ليروا في نظام مايو بكل دكتاتوريته واستبداده المنقذ للبلاد من تخلفها السياسي والاجتماعي"، لقد أيد الجمهوريون نظام مايو كنظام مرحلي، للإعتبارات التي ذكرناها .. ومايو بالطبع لا تمثل رأيهم فرأيهم معروف، قال الجمهوريون لنظام مايو، كتابة، في كتاب وزع على الشعب أنه نظام مرحلي، ومما جاء في ذلك "اننا نرى أن "ثورة مايو" مهما قيل عن حسناتها، ومهما عددنا من انجازاتها، فهي حركة مرحلية، نرجو أن يخرج الشعب، بفضل الله، ثم بفضل انجازاتها في محاربة الطائفية، وفساد الإدارة الأهلية، وما تبعها من انجازات الوحدة الوطنية بالجنوب، وتعمير البلاد بحركة التنمية، نرجو أن يخرج الشعب بعد كل اولئك الى رحاب الديمقراطية الواسعة فينخرط "رجال مايو" مع الشعب في وحدة وطنية شاملة، بعد ان أدوا دورهم في المرحلة" ..
تساؤل قد يتبادر إلى الذهن سؤال، بل لا بد أن يتبادر؛ ما هو حصاد الجمهوريين في مجال التغيير، بعد الفداء العظيم، هل ذهب الفداء سُدًى؟!، خاصة والجمهوريون يقولون إن الله استجاب لدعائهم؛ "ولكن الله لن يخلي بين هذا البلد وبين مضلليه ، فقد عوده الخير وسيصل عادته إن شاء الله"، ونحن نرى الحركة الاسلامية وهي تقبض على مفاصل السلطة الآن؟!. والاجابة تقرب أن تكون بديهية، فقد راهن الجمهوريون على الزمن الذي يغير كل شىء، وهاهي الحركة الاسلامية تفرض دستورها لعام 98 وقد خالفت فيه صريح الشريعة الاسلامية، حيث رفعت الحرج عن الدستور باسقاط شرطي الاسلام والذكورة عن المرشحين لرئاسة الجمهورية، واعتماد المواطنة معياراً للحقوق والواجبات رغم اعتراض اللجنة القومية للدستور بقيادة خلف الله الرشيد رئيس القضاء السابق على النص المجاز من قبل المجلس الوطني والذي استخدم كلمة "فقط" في النص ويعتقدون أن المجلس يعني كلمة "قط"، وكلا النصين يوافق رأي الجمهوريين في تطوير التشريع الاسلامي!.. وأخيراً نضع القلم وفي النفس شىءٌ من حتى، لاتساع الموضوع وتشعبه من جهة، ثم لغزارة المعلومات المتوافرة من جهة أخرى، ولضيق الحيز المتاح، ولاعتقادنا أن ما قيل فيه غنى للقانع، وفيه للمستزيد وقود للتفكير، والله المستعان وعليه التكلان.. [email protected]* المصادر (1) الأخوان الجمهوريون - ما هو البديل عن مايو - الطبعة الأولى أكتوبر 1980 صفحة 35.. |
| |
|
|
|
|
|
|
الجمهوريون ومايو.. د. عمر القراي يرد على د. محمد المهدي بشرى (Re: Yasir Elsharif)
|
وأيضا مقالات الدكتور عمر القراي.. وهذه هي الحلقة الأولى..Quote: الجمهوريون ومايو (1-4) (وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ * وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) د.عمر القراي لم أطلع على أوراق المؤتمر العام الثاني لاتحاد الكتاب السودانيين، وإن كنت صديقاً لعدد منهم، اعتز بصداقتهم، ومعرفتهم خلال سنوات الدراسة، ورفقة المشاركات المستمرة، في الحراك الثقافي والفكري، في شتى المنابر العامة.. ولعلها مناسبة لأشكر اتحاد الكتاب، في إحياء الذكرى الثالثة والعشرين لاستشهار الاستاذ محمود محمد طه، والتي أقاموها مشكورين، بمركز عبد الكريم ميرغني بام درمان، وألقى فيها د. محمد جلال كلمة ضافية، تنضح وفاء ومحبة. كنت، وفي ذهني هذه المواقف، اتوقع ان تكون الأوراق التي تناولها المؤتمر العام لإتحاد الكتاب، عميقة، وصادقة، وعلمية، وذات إدراك دقيق، لكثير من إشكالات، واقعنا الاجتماعي والسياسي.. ولكني، وانا اطالع ما نقلته لنا صحيفة السوداني الغراء، في عددها رقم 776 بتاريخ 11يناير 2008م، في سلسلة "المثقف والسلطة" خاصة الجزء الذي يتحدث عن الاستاذ محمود محمد طه، قد اصبت بخيبة أمل في اتحاد الكتاب السودانيين!! فعلى الرغم من انني لا اجنح للتعميم، واعرف ان كاتباً واحداً مهما كان نشاطه، يجب الا يصم انتاجه مجموعة من الكتاب، ربما اختلف معه سائرهم، واتفقوا على سطحية طرحه، الا انني ارى ان الكتابة ليست تنطعاً أجوفاً، عجولاً، وإنما هي مسئولية. ولعل شرف الكلمة، يضع كل اعضاء اتحاد الكتاب، في موقف يستلزم منهم درء مغبة هذا العمل، وذلك بتصديهم لنقد هذه الكتابات غير الموضوعية، والتي تحط من قدر اتحادهم!! قبل التعليق على مقال د. محمد المهدي بشرى، عن علاقة الأستاذ محمود محمد طه والجمهوريين بنظام مايو، أود أن أشير لظاهرة عامة، غلبت على المقال، وهي التكرار الذي يظهر الكاتب بمظهر الحانق، المتعصب، بدلاً من المحلل الموضوعي المحايد، الذي يشغله التحليل العميق، عن التكرار الممجوح.. فقد كتب د. محمد المهدي (ومن أسف فان محمود برغم افكاره النيّرة المنحازة للديمقراطية والعدالة.. فقد وقف الى جانبه سلطة نميري وناصره بقوة) وكتب أيضاً (ومن الغريب حقاً انه برغم التأييد المطلق الذي وجده النميري بدكتاتوريته من محمود وجماعته) ثم كتب (حاولنا تلمس التأييد المطلق الذي حظي به نميري ونظامه من قبل الفكر الجمهوري) وأيضاً (وقف هذا الفكر مسانداً ومؤيداً هذا النظام بل والتبرير لعسف النظام وبطشه بالشعب) كما كتب أيضاً (ومن أسف أن مفكراً ومجدداً في قامة محمود محمد طه ومن حزبه يقفان وقفة المؤيد بل المدافع عن نظام استبدادي قمعي) وكتب (وقوف مفكر في استنارة محمود مع حاكم مستبد) وأيضاً (وقوف الحزب الجمهوري مع النميري في وقت عارضته كل أحزاب الشعب السوداني)!! ولقد كان يكفي الكاتب الموضوعي، واحدة من هذه العبارات، ليوصل المعنى الذي يريده للقارئ، وهو ان الجمهوريين أيدوا نظاماً دكتاتوراً مستبداً، مما يناقض دعوتهم للحرية والديمقراطية. ثم بعد ذلك ينفذ الى التحليل، الذي يفسر به هذه الظاهرة، التي استعصت عليه، وعلى غيره من المثقفين. بدلاً من تكرار نفس المعنى، أكثر من ست مرات، في مقال واحد، الأمر الذي يدل على قصورٍ مزرٍ في هيكل المقال، دع عنك المحتوى، الذي أرجو الله ان أتمكن من إظهار سحطيته في الحلقات القادمة. ومن عجب ان الذين نقدوا موقف الاستاذ محمود من نظام مايو، شهدوا للأستاذ بالشجاعة والثبات على المبدأ، كما شهدوا له بالزهد في دنيا الناس.. فقد كتب د. محمد المهدي بشرى نفسه ما يلي (كل هذا بالطبع لا يقدح من قيمة استشهاد محمود موقفه الشجاع في خاتمة حياته وهو الشيخ الذي ناهز السبعين فقد دافع عما يراه صواباً ولم يساوم، وبهذا يكون محمود قد قدم نموذجاً للمفكر الشجاع الذي دفع حياته ثمناً لفكره).. وكتبت الأستاذة رشا عوض عبد الله، الكاتبة النابهة، وعضوة حزب الامة النشطة (فالأستاذ محمود لم يرفع سلاحاً ولم يسفك دماً في معارك الصراع على السلطة والثروة فهو العابد الزاهد القانع من كل زينة الدنيا وزخرفها ببيت (الجالوص) و(عنقريب الحبل) و(الكسرة بالويكة) والذي قاده الى حبل المشنقة هو مجاهرته بأفكاره التي توصل اليها بادائه لفريضة التفكير الحر المستقل من المسلمات الموروثة) الى أن تقول (ويجب ان تشمل المراجعة النقدية الجميع ولا تستثني أياً من التيارات الفكرية والسياسية بمن في ذلك الجمهوريون أنفسهم فقد وقعوا في خطأ تاريخي عندما أيدوا (ثورة مايو) في بداية عهدها، وهو خطأ لا يحتمل التبرير فثورة مايو التي اعتقد الجمهوريون وعلى رأسهم الأستاذ أنها خطوة الى الأمام فأثبتت التجربة العملية أنها أخصب أرضية لازدهار الهوس هي أرضية الاستبداد وهذا النقد لا ينتقص من قدر الأستاذ وجماعته فلا وجود في هذه الدنيا لتجربة إنسانية كاملة ومبرأة من كل عيب) (رشا عوض: السوداني 19/1/2008م). فإذا كان الأستاذ بشهادة هؤلاء الكتاب، والمئات الذين شهدوا تنفيذ الإعدام بساحة سجن كوبر العمومي، لا يخشى الموت، وهو آخر ما يخافه الناس، فيضطرهم للمداهنة، والكذب والنفاق، والتملق.. وإذا كان يعيش حياة من الزهد، والبساطة، لم تتأت لغيره من أوائل الخريجين، وصفتها الأستاذة رشا، في عباراتها المشرقة، فلا تغريه المناصب والأموال، وهو عملياً لم يتطلع إليها، ولم يحصل عليها، فقد شهد له نقاده، بالبراءة من الخوف، والطمع.. لماذا يؤيد رجل حر من الخوف والطمع، نظاماً دكتاتورياً مستبداً، مثل نظام مايو؟1 هل يعقل – إذا كان الأمر كذلك – ألا يشعر مفكر في قامة الأستاذ محمود محمد طه، ذكر ان غاية الدين إنجاب الفرد الحر، بالتناقض، وهو يؤيد نظام دكتاتوري مقيد للحريات؟! أليست هذه الظاهرة، تدعو للتأمل، والتأني، بدلاً من المجازفة بالرأي الفطير، دون تبصر، كما فعل د. محمد المهدي بشرى، وتبعته الأستاذة رشا عوض؟! أما كان الأجدر مراجعة الكتيبات، التي أصدرها الجمهوريون، خاصة كتاب (لماذا نؤيد سلطة مايو؟!) ومناقشة ما أثاروه من حجج، والحكم عليها، في وقتها، وما إذا كانت تبرر موقفهم أم لا؟! إن تاريخ الأستاذ محمود محمد طه، في مصادمة الاستعمار الانجليزي المصري، والذي جعله أول سجين سياسي، في مقتبل الحركة الوطنية، ومواجهته الصارمة للطائفية، ودعاة الهوس الديني، في علم، وجرأة، وصمامة لا نظير لها، وكتابته لأكثر من ثلاثين كتاباً، في أصول المعرفة، يمكن أن تجعله الأب الروحي لاتحاد الكتاب، كان من المفترض ان تجعل من يختلف معه، في موقفه من نظام مايو، خاصة اذا كان عضواً في اتحاد الكتاب، ان يتريث قبل الحكم عليه، وان يتأنى قبل ان يحاول الغاء هذا التاريخ الناصع بجرة قلم.. ولكن د. محمد المهدي بشرى، قد أعجل نفسه وقراءه، ولم يطلع بقدر كافٍ، يؤهله لتقييم هذا الموقف، ولم ينظر للموضوع في إطاره الظرفي التاريخي، ولم يقارن مايو ببدائلها في ذلك الوقت، وإنما اكتفى بتكرار العبارات التي أشرنا إليها آنفاً. بل إن د. محمد المهدي بشرى، يعجب لماذا لم يتناول الكتاب، موقف الجمهوريين من مايو فيقول (يحار المرء حقاً من إهمال أو تجاهل أغلب الكتاب الذين عالجوا أمر الفكر الجمهوري لموقف الفكر من نظام جعفر نميري الاستبدادي).. والحق ان كثيراً منهم تناول الموقف، ولقد ذكر هو بعضهم، ولكنهم لم يتناولوه بالحدة التي أبداها، ولهذا لم يعتبر تناولهم، لأنهم قد اختلف معه!! ولهذا يقول عن تناول كاتب أطول باعاً، وارسخ قدماً، مثل د. عبد الله بولا (والدراسات التي أشارت لهذه العلاقة لم تعالجها بعمق ففي دراسته عن ملامح التجديد في الفكر الجمهوري يشير بولا على استحياء للعلاقة..) ودراسة د. عبد الله بولا، لم تكن عن التجديد في الفكر الجمهوري، وإنما كانت عن التجديد في الفكر الاسلامي، والذي اعتبر بولا الفكر الجمهوري اعظم نماذجه. ومع ذلك، كان يمكن ان نواجه ما قاله بولا، عن علاقة الفكر الجمهوري بنظام مايو، لولا انه لم يقف عندها، مثلما وقف عند ايجابية موقف، وفكر الأستاذ محمود، فبعد أن أورد حديث الأستاذ في المحكمة قال (كان هذا حديث الرجل إلى المحكمة التي كان يعلم أنها أضمرت قتله أو إذلاله بالتراجع عن آرائه ، حديث رجل صلت على عنقه سيف مديد طوله ألف وثلاثمائة عام ونيف، فما زاغ بصره وما طغى، ولا أقول لم يرمش له طرف، بل لم تهتز منه ظل خاطرة في أعمق أعماق طبقات وعيه الباطن: وقد كان فوت الموت سهلاً فساقه إليه الحفاظ المر والخلق الوعر وأمام المشنقة ثانياً: فعندما أحكموا حبل الموت حول عنقه وأزاحوا غطاء الرعب عن وجهه الوضئ، وجدوا رجلاً يبتسم لا ساخراً ولا مستهزئاً بالموت، بل موقناً بالفداء الكبير، مطمئناً الى اختيار ربه، منسجماً حتى النهاية مع منطقه التوحيدي، وهذا أقصى ما يصل اليه الصدق. وهكذا فقد مضى (الى الخلود بطلاً ورائداً وقائداً رعيل الشهداء ورمز إيمان جديد بالفداء.. وبالوطن). أقول هذا وأنا جد قلق مستوحش من أن اكون قد أسأت الوقوف في حضرة هذا الشيخ الجليل) (د. عبد الله بولا 1996) محاولة للتعريف بمساهمة الاستاذ محمود محمد طه في حركة التجديد في الفكر الإسلامي. مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان –رواق عربي اكتوبر ص 54-46). إن ما جعل د. بولا، وأمثاله، من كبار النقاد، يقفون بحذر، وأدب، وهم يتناولون هذا الموضوع، مما تعجب له الكاتب، هو دقة الأمر، وعمقه، وغياب تفاصيله عن الكثيرين، وهو ما لم يراعه د. بشرى، فإقتحم الأمر بلا دراية، وسقط فيه بلا تأن، ولم يزد على أن اعطانا فرصة للتوضيح، فخدم بذلك الفكرة، من حيث لا يشعر. د. عمر القراي |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الجمهوريون ومايو.. د. عمر القراي يرد على د. محمد المهدي بشرى / 2 (Re: Yasir Elsharif)
|
Quote: الجمهوريون ومايو (2-4) تعقيب على د. محمد المهدي بشرى
د. عمر القراي الوضع السياسي قبل مايو يقول د. محمد المهدي بشرى (ومن أسف أن محمود برغم أفكاره النيرة المنحازة للديمقراطية والعدالة لكنه تعجل النظر في الحكم على سلطة مايو الاستبدادية فقد وقف إلى جانب النميري وناصره بقوة) (السوداني 11/1/2008م) . فهل حقاً استعجل الأستاذ محمود حين أيد مايو ؟! أم انه درس الوضع السياسي قبل مايو، وطرح آراءه لعلاجه، قبلها بكثير، ولما جاءت مؤيدة لما سبق ان قرره، وعمل له، أيدها، في معنى ما أيد برنامجه الأصلي، الذي طرح قبلها ؟!. لقد درج الجمهوريون، منذ نشأتهم، على مصادمة الاستعمار، ونقد الطائفية لتجميدها وعي الشعب، وعجزها عن مواجهة أعدائه، مما شل الحركة الوطنية .. ولقد اعتبر الاستاذ محمود محمد طه الطائفية، منذ ذلك الوقت المبكر، خطراً حقيقياً يهدد قضية الاستقلال والحرية، وقال قولته المشهورة (قد يخرج الانجليز اليوم او غداً ثم لا نجد انفسنا أحراراً ولا مستقلين) !! وبعد الاستقلال، واصل الحزب الجمهوري الدفاع عن قضايا الدستور، والديمقراطية، والحريات العامة . ولقد كتب الأستاذ يصف الوضع قبل مجئ مايو (فقد كانت أحزابنا السياسية طائفية الولاء، طائفية الممارسة، فهي لم تكن تملك مذهبية في الحكم .. والطائفية نقيض الديمقراطية .. ففي حين تقوم الديمقراطية على توسيع وعي المواطنين، تقوم الطائفية على تجميد وعيهم .. وفي حين ان الديمقراطية في خدمة مصلحة الشعب، فان الطائفية في خدمة مصلحتها، هي، ضد مصلحة الشعب .. ومن هنا جاء فساد الحكم النيابي الأول عندنا .. فكانت أصوات الناخبين توجه بالإشارة من زعيم الطائفة، كما كانت تشترى ! وكان النواب يشترون أيضاً ! وذلك في جو من الصراع الحزبي الطاحن على السلطة أدى إلى تهديد سيادة البلاد، واستقلالها .. فكانت الحكومة ائتلافية بين حزب الأمة، وحزب الشعب – حزبي الطائفتين ذواتي الخصومة التقليدية، طائفة الأنصار، وطائفة الختمية .. ودخلت البلاد في أزمة سياسية من جراء عدم الانسجام في الوزارة، وبروز الاتجاه للالتقاء بين الحزب الوطني الاتحادي، الذي كان في المعارضة، وحزب الشعب عن طريق وساطة مصر .. فسافر رئيسا الحزبين، السيد إسماعيل الأزهري، والسيد علي عبد الرحمن، إلى مصر لهذا الغرض .. ولقد نسب لرئيس الوطني الاتحادي تصريح، بمصر، يعترف فيه باتفاقية 1929م التي كانت حكومة السودان الشرعية قد ألغتها " وهي الاتفاقية التي أبرمت في الماضي بين دولتي الحكم الثنائي بريطانيا ومصر بينما كان السودان غائباً تحت الاستعمار، فأعطت السودان نصيباً مجحفاً من مياه النيل بالنسبة لنصيب مصر " . وكان ذلك الاعتراف بالاتفاقية بمثابة مساومة مع مصر لتعين الحزب على العودة إلى الحكم .. كما صرح السيد رئيس حزب الشعب، بمصر، بان حزبه يقف في المعارضة ! " أنباء السودان 15/11/1958م – الرأي العام 9/11/1958م" في هذا الجو السياسي الذي يتهدد استقلال البلاد، وسيادتها، بالتدخل الأجنبي، سلم السيد عبد الله خليل رئيس الوزراء السلطة للجيش .. " إبراهيم محمد حاج : التجربة الديمقراطية وتطور الحكم في السودان" . فكان انقلاب 17 نوفمبر 58 بمثابة إنقاذ للبلاد .. وحكم الحكم العسكري لست سنوات، صادر فيها الحريات الديمقراطية .. وبرغم انه حقق شيئاً من التنمية الاقتصادية، إلا انه آل إلى صور من العجز عن الإصلاح، ومن الفساد، أدت إلى قيام ثورة أكتوبر 1964م .. ولقد تمثل في تلك الثورة الشعبية، السلمية، إجماع الشعب السوداني الكامل على الرغبة في التغيير .. تخطى الشعب الو لاءات الطائفية وهو ينادي بعدم العودة لماضي الحزبية الطائفية .. ولكن سرعان ما أجهضت الأحزاب الطائفية تلك الثورة، وصفت مكتسباتها . فقد ضغطت، بالإرهاب السياسي، على رئيس حكومة أكتوبر الثورية حتى استقال، وشكل حكومة حزبية برئاسته .. ثم عادت الأحزاب الطائفية للسلطة عن طريق الأغلبية الميكانيكية الطائفية في الانتخابات .. وقامت حكومة ائتلافية من حزب الأمة والوطني الاتحادي .. وتعرضت الديمقراطية، في هذه التجربة النيابية الثانية، لأسوأ صور المسخ، علاوة على المسخ الذي تعرضت له الديمقراطية من جراء فساد القلة، ومن جراء قصور وعي الشعب .. فقد عدّل الدستور مرتين للتمكين للحكم الطائفي من الاستمرار : مرة ليتمكن أزهري ليكون رئيساً دائماً لمجلس السيادة، في إطار الاتفاق بين الحزبين على اقتسام السلطة .. ومرة أخرى لحل الحزب الشيوعي، وطرد نوابه من الجمعية التأسيسية .. فقد عدلت الجمعية التأسيسية المادة 5/2 من الدستور، والتي تعد بمثابة روح الدستور .. وهي المادة التي تنص على الحقوق الأساسية كحق التنظيم وحق التعبير .. ولما حكمت المحكمة العليا بعدم دستورية ذلك التعديل " مجلة الأحكام القضائية 1968م" أعلن رئيس الوزراء، آنذاك، السيد الصادق المهدي " ان الحكومة غير ملزمة بان تأخذ بالحكم القضائي الخاص بالقضية الدستورية " الرأي العام 13/7/1966م" .. فتعرض القضاء السوداني بذلك لصورة من التحقير لم يتعرض لها في تاريخه قط ! ولما رفعت الهيئة القضائية مذكرة الى مجلس السيادة تطلب فيها تصحيح الوضع بما يعيد للهيئة مكانتها " الرأي العام 27/12/1966م" وصف مجلس السيادة حكم المحكمة العليا بالخطأ القانوني " الأيام 20/4/1967م" فاستقال رئيس القضاء السيد بابكر عوض الله، وقد جاء في استقالته: "إنني لم أشهد في كل حياتي القضائية اتجاهاً نحو التحقير من شأن القضاء، والنيل من استقلاله كما أرى اليوم .. إنني أعلم بكل أسف تلك الاتجاهات الخطيرة عند قادة الحكم اليوم، لا للحد من سلطات القضاء في الدستور فحسب، بل لوضعه تحت إشراف الهيئة التنفيذية " الكتاب المشار إليه آنفاً " .. هذه صورة لفشل التجربة الديمقراطية النيابية في بلادنا، مما حولها الى دكتاتورية مدنية فهددت الاستقرار السياسي، حتى جاءت مايو بمثابة إنقاذ للبلاد !) ( محمود محمد طه : ديباجة الدستور 1984م) . وبدلاً من ان يقف د. بشرى امام هذا التحليل فيرفضه أو يقبله تركه جانباً وذهب يقول (من أسف ان مفكراً ومجدداً في قامة محمود محمد طه ومن حزبه يقفان وقفة المؤيد بل والمدافع عن نظام استبدادي قمعي وصل للحكم عن طريق انقلاب عسكري وعلى انقاض نظام ديمقراطي) .. فهل حقاً كان النظام قبل مايو ديمقراطياً ؟! وهل كان من الممكن لشخص كان ينسب الى اليسار يعرف ما ذكره الاستاذ اعلاه عن قضية حل الحزب الشيوعي ان يعتبر ذلك العهد ديمقراطياً لو نظر الى الموضوع بحياد ؟!. الدكتاتورية المدنية لقد كانت التجربة السياسية، قبيل مايو، مؤوفة بآفات كبيرة، حولتها إلى دكتاتورية مدنية، تتحالف فيها الطائفية، مع جبهة الميثاق الإسلامي، وترفع فيها شعارات إسلامية، بغرض السيطرة على الحكم .. وحين قاوم الأستاذ محمود، تزييف الديمقراطية، بسلسلة من المحاضرات، تحت عنوان " مناهضة حل الحزب الشيوعي السوداني "، سعت الطائفية والجماعات الإسلامية،إلى إسكات صوت الجمهوريين، بما عرف بمحكمة الردّة، التي حكمت بردة الأستاذ محمود، وإغلاق دور حزبه، ومصادرة كتبه .. ولكن محكمة الردّة فشلت، ولهذا سعت الطائفية وجبهة الميثاق الإسلامي لطرح الدستور الإسلامي، حتى يتمكنوا من إسكات صوت معارضيهم باسم الدين .. وفي عام 1969 م كان الدستور الإسلامي، مطروحاً للقراءة الثانية، في الجمعية التأسيسية.. وكانت لجنة الدستور، في مداولاتها، شديدة الجهل، شديدة التخلف، حتى أنها ذكرت إقصاء كلمتي ديمقراطية، واشتراكية، لانهما (لم يردا في الكتاب والسنة) !! يحدث هذا في النظام الذي سماه د. بشرى نظاماً ديمقراطياً!! في ذلك الوقت، ذاع تصريح من السيد الهادي المهدي، يقول بان الجمعية اذا لم تجز الدستور، فان الأنصار سيجيزونه بحد السيف .. في هذه الظروف التي تتهدد البلاد، بتحول النظام البرلماني المتعثر، إلى دكتاتورية دينية، تفرض دستوراً متخلفاً، يهدف إلى تصفية خصوم الطائفية، وحلفائها في جبهة الميثاق الإسلامي، وقع انقلاب مايو 69، لهذا اعتبره الاستاذ محمود إنقاذاً للبلاد !! فقد أوقف مؤامرة الدستور الإسلامي في الجمعية، ومحاولة فرضها بالسلاح، التي كانت تدبر في الجزيرة أبا، ثم انه افلح في إيقاف الحرب التي ظلت مشتعلة منذ عام 1955م بين الشمال والجنوب، وعجزت كافة الحكومات الوطنية عن إيقافها . أخلص من هذا إلى حقيقتين في غاية الأهمية: أولهما أن الجمهوريين، كانوا قبل مايو، يطالبون بإيقاف الدستور الإسلامي، وإيقاف حرب الجنوب، وإبعاد الطائفية من فرض هذا الجهل بقوة السلاح .. فجاءت مايو وأيدت، عملياً، هذا الطرح.. فاذا كانت هذه المبادئ هي ثورة مايو، فان الجمهوريين قد ظلوا مخلصين لهذه المبادئ، حتى بعد أن تنصل عنها نميري، واخذ يهدم فيها ابتداءً بالتحالف مع الطائفية والأخوان المسلمين، وانتهاء بإشعال حرب الجنوب، وإعلان الدستور الإسلامي، مرة أخرى .. وثانيهما ان مايو كانقلاب عسكري، لا يقوم على فكرة، لم يكن من الممكن للجمهوريين تأييده، وإنما كان موقفهم في البداية التأييد السلبي، أي عدم المعارضة أو مساعدة المعارضة، حتى لا يسقط النظام، الذي كان بديله الجاهز أسوأ منه بكثير .. ولقد قرروا ذلك، في اجتماعهم لتقييم مايو، بعد يومين فقط من قيامها، وكان مما سجل في ذلك الاجتماع، الذي عقد بمدينة ودمدني، قول الأستاذ محمود ( أنا كنت متأكد أن الله لن يخلي بين الشعب السوداني، ومؤامرة الطائفية لتمرير الدستور الإسلامي المزيف، في سعيها للاستيلاء على السلطة الزمنية والسلطة الدينية .. لكن ما كنت عارف الوسيلة اللي راح يستعملها الله، في حماية الشعب من المؤامرة دي، حتى جا نميري ورفاقه من خور عمر فشعرت أن الله استخدمهم في ساعة الصفر، للحيلولة بين الشعب السوداني وبين مؤامرة الطائفية .. لكن ثورة مايو ماها البديل الصحيح عن الطائفية .. نحنا البديل الصحيح لو كنا جاهزين .. ولذلك لن نؤيد مايو تأييد إيجابي، بل نؤيدا تأييد سلبي، بمعنى اننا لن نعارضا، لأن معارضتنا ليها ستذهب في ترجيح كفة الطائفية، ولو عادت الطائفية ستعود طائفية كلوب .. وعليه سيكون موقفنا من مايو التأييد السلبي، الا اذا تعرضت لمؤامرة الطائفية، في الوقت داك، نايِّدها تأييد ايجابي ... مايو جات لتكسر شوكة الطائفية وتقلم أظافر الشيوعية، وبعد ان تؤدي دورها راح تفسد، وتكون اخطاها واضحة بصورة كبيرة في أخريات أيامها وراح نتصدى ليها بقوة، فتذهب على أيدينا ) !!. وكان لابد ان يعترض التحالف بين الطائفية وجبهة الميثاق الإسلامي، على حكومة مايو، التي أجهضت برنامجهم .. ولم يتحركوا في اتجاه التوعية، أو الدعوة إلى المقاومة السلمية، أو العصيان المدني، وإنما اتجهوا إلى جمع السلاح، وبدأوا تدريب الأنصار، بواسطة أعضاء جبهة الميثاق، من أمثال المرحوم محمد صالح عمر.. ولقد حاول النظام تجنب المصادمة، وأرسل إليهم القائد أبو الدهب يحمل رسالة للتفاوض، لكنهم جلدوه، وأرسلوه في رسالة واضحة، إلى الحكومة ترفض التفاوض، وترفض دخول رموز الحكومة، إلى جزء من أجزاء الوطن .. فكان لابد من المواجهة المسلحة، ولقد كانت الحكومة أمضى سلاحاً فانتصرت .. ولقد تكونت جبهة للمعارضة، جمعت بين الأحزاب التقليدية، وجبهة الميثاق الإسلامي، وبدأت تعارض من الخارج، ثم قررت غزو السودان وإسقاط النظام في عام 1976!! ولم يكن من المحتمل، أن يواجههم النظام بغير السلاح، فدحر الغزو. لقد أيد الجمهوريون مايو، لأنها حالت بين الشعب وبين الطائفية والاخوان المسلمين من جهة، وبين الشعب وبين الشيوعية من الجهة الاخرى، وليس لأنها النظام الأمثل. |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الجمهوريون ومايو.. د. عمر القراي يرد على د. محمد المهدي بشرى / 3 (Re: Yasir Elsharif)
|
Quote: الجمهوريون ومايو (3-4) تعقيب على د. محمد المهدي بشرى د. عمر القراي والشيوعيون أيضاً يقول د. محمد المهدي بشرى (وحتى عندما بالغ النظام في العداء للشعب السوداني كان محمود وجماعته يدافعون عن سياسات النظام ويسوِّغون لها المبررات) والحق ان تأييد الجمهوريين لنظام مايو، انما كان من أجل الشعب، وخوفهم عليه من تسلط الشيوعيين، مثلما خافوا عليه من تسلط الطائفية والجماعات الاسلامية. منذ منتصف الخمسينيات، وحتى أواخر الستينيات، كانت الحركة الشيوعية العالمية على أشدها، وكان الاتحاد السوفيتي، لا يتردد في احتلال الدول، وضمها عنوة الى المعسكر الشرقي .. فدخل المجر في الخمسينيات، واحتل تشيكوسلفاكيا في الستينيات، ولم تستطع معظم الاحزاب الشيوعية، بما فيها الحزب الشيوعي السوداني- وهي تزعم انها تدافع عن الشعوب المضطهدة - إدانة الاتحاد السوفيتي، وهو يعيد الاستعمار القديم، تحت شعارات الحداثة والتقدم .. ولقد كان الجمهوريون، على وعي بمخطط الشيوعية الدولية، وخطرها على الشعوب، ولقد نبهوا لذلك في عديد الكتيبات، التي كانوا يوزعونها بأنفسهم ويحاورون الناس حولها، ومن ذلك مثلاً (استراتيجية السياسة السوفيتية في المنطقة العربية الافريقية : 1- السيطرة على منطقة النفط في الشرق الأوسط بإحاطتها، مرحلياً، بمناطق نفوذ سوفيتية " افغانستان، اليمن الجنوبية، العراق، سوريا، اثيوبيا، ليبيا " .. وتشير مصادر اقتصادية الى توقع اشتداد أزمة البترول في الاتحاد السوفيتي في الثمانينيات حيث سيضطر للإعتماد، في سد احتياجاته منه، على استيراده من الخارج .. 2- السيطرة على الممرات المائية الاستراتيجية .. فالوجود السوفيتي الكثيف في اثيوبيا وعدن يقوي من مركزه في المحيط الهندي، وسيطرته على مداخل البحر الأحمر، ويسعى الى اقامة قواعد بحرية على ساحل البحر الأحمر الغربي، ويركز على الدول التي تقع في الشريط الساحلي لشرقي وغربي افريقيا ..فهذه الممرات المائية هي طريق المواد الخام الاستراتيجية وامدادات البترول الى المعسكر الغربي 3- السيطرة على موارد المواد الخام في افريقيا، مما يخلق به ازمة حادة في المعسكر الغربي، ويقوض دعائم اقتصاده . هذه هي الخطوط العريضة للاستراتيجية السوفيتية في المنطقة العربية الأفريقية، وهي التي تفسر تحرك الدول العربية والأفريقية الدائرة في الفلك السوفيتي لتغيير الأوضاع في الدول المجاورة لها لمصلحة هذه الاستراتيجية السوفيتية " حرب عدن ضد اليمن الشمالية، وحرب منقستو ضد الصومال، وحربه ضد الثورة الارترية، وتحرشات القذافي العسكرية بمصر، وتورطه مع المعارضة السودانية في عملية الغزو الأخير على السودان " )( الاخوان الجمهوريون: لماذا نؤيد سلطة مايو؟؟ الخرطوم 1979م). وبسبب مثل هذه المخططات، استطاعت الشيوعية الدولية، ان تحتوي معظم حركات التحرر الوطني في افريقيا، ومعظم الانقلابات العسكرية، في العالم العربي في الستينيات، ومن اجل وضع السودان الاستراتيجي، بين العالمين العربي والأفريقي، فان مخطط الشيوعية الدولية كان يتهدده .. أما في الداخل، فقد حاول الشيوعيون منذ البداية أحتواء نظام مايو، لانه قد جاء في الاساس لاحباط مؤامرة (اليمين الرجعي) .. وفي ظل التأثر بالشيوعيين، مارس النظام دكتاتورية عقائدية متطرفة .. وادخل مبدأ (التطهير) للخصوم السياسيين من الخدمة المدنية، وهو ما تضرر منه الشيوعيون وغيرهم حين طبقه الاخوان المسلمون، مؤخراً، وسموه (الصالح العام) .. وفي اطار التطهير طرد أكثر من ثلاثين من اساتذه جامعة الخرطوم مِنْ مَنْ عرفوا بخلافهم مع الشيوعيين .. ورغم ارتباط الحزب الشيوعي بالحركة النقابية، ودفاعه عنها، حلت الحكومة ممثلة في وزير العمل آنذاك الاستاذ فاروق ابو عيسى جميع النقابات !! وشهدت الحركة الطلابية التي كانت في ذلك الوقت القلب النابض للشعب، هجمة شيوعية شرسة اذ حل اتحاد طلاب جامعة الخرطوم، الذي كان يتكون من عدة اتجاهات سياسية، وعينت بدلاً عنه "سكرتارية الجبهات التقدمية"، التي جمدت النشاط الطلابي، واصبحت تدير شؤون الطلاب كلجنة خدمات.. وحين قاوم الطلاب هذا الاتجاه الاستبدادي، وتظاهروا ضده، واعتصموا بالجامعة، لم يتردد نظام مايو، الذي يوجهه الشيوعيون، في التهديد بضرب الجامعة عن طريق الجيش، لأول مرة في تاريخ السودان .. وجاء ابو القاسم محمد ابراهيم، على رأس دبابة مصوبة نحو الطلاب، وهم يهتفون ضد الحكومة داخل الجامعة .. ومن عجب ان هذا التدخل المعادي للديمقراطية، ولمصالح الطلاب، كان يجد السند من الشيوعيين، الذين كانوا خارج اسوار الجامعة يهتفون (اضرب اضرب يا ابو القاسم) !! وفي تبرير هذا الموقف المعادي للديمقراطية، المساند لمايو لحد التطرف، قال أبرز متحدثي الشيوعيين في ذلك الوقت، الاستاذ الخاتم عدلان، رحمه الله (لن تظل الجامعة جزيرة رجعية في محيط ثوري هادر) !! فاذا جاء د. بشرى، بعد كل التاريخ الحافل، وهو منسوب لليسار ليقول (بل يمكن القول ان الشهيد محمود مسئول الى حد كبير، فقد وقف الى جانب حاكم سفاح ومستبد ارتوى من دماء خصومه) (السوداني 11/1/2008م) فان في ذلك ما يكفي من عدم الصدق مع النفس ومع الآخرين . أحداث شعبان في اغسطس - شعبان 1973 تحالف الشيوعيون والاخوان المسلمون داخل الجامعة، وجماهير الاحزاب خارجها، فكانت احداث شعبان المشهورة، وبدأت النقابات تتحرك نحو الاضراب .. في هذا الوقت بالذات بدأت مساعدة الجمهوريين للنظام، وتأييدهم السافر له . فأخرجوا المنشورات، واتصلوا بقادة النقابات، وتحدثوا داخل الجامعة مع الطلاب، واعلنوا للشعب بان مايو أفضل من الشيوعيين، وافضل من الاخوان المسلمين .. وسقطت محاولة أغسطس - شعبان 1973 وازداد النظام بسقوطها قوة، واكتسب أعداداً من المؤيدين .. هذا هو موقف الجمهوريين، في تأييد مايو، فماذا كان يمكن ان تفعل حركة وطنية، نشأت على نقد الطائفية ومقاومة الاستعمار، ثم استمرت بعد الاستقلال تنشر فهماً متقدماً للدين وللحياة، لا يحول دون الشعب ودونه شئ، مثل الطائفية الدينية، والدكتاتورية الشيوعية ؟ .. إن تأييد الشيوعيين لنظام مايو في أول عهده، مبرر عندهم لانه طرح برنامجاً يتفق مع فكرتهم .. ومع ذلك لا يعذرون الجمهوريين في تأييدهم لنميري !! في نقاشنا معهم، كانوا يقولون ان الفكرة الجمهورية فكرة دينية، تؤمن بالقيم المطلقة، ولا تعتمد على "التكتيك" أو الموازنات السياسية، وليست فكرة (براغماتية) تبحث عن الاصلح والانسب .. ولهذا فانهم يرون انها كان يجب ان تعارض نميري وتظل على معارضتها للطائفية والاخوان المسلمين !! والحق ان الفكرة، وان كانت تؤمن بالمبادئ المطلقة كالخير والسلام والعدل، الا انها ترى في تطبيقها ضرورة التقيد بالواقع، ومن ثم ترى نسبية هذه المبادئ .. فما يكون اليوم حق، يمكن ان يكون غداً باطلاً. ومن هنا يجئ الفهم الداعي لتطوير التشريع نزولاً عند حكم الوقت، وهو فهم مؤسس وعتيد .. فالمقارنة ليست بين نظام نميري الدكتاتوري، ونظام الاحزاب الديمقراطي، ولكن المقارنة بين النظام الدكتاتوري العسكري، والنظام الدكتاتوري المدني، الذي حل الاحزاب وعقد محاكم التكفير !!. تراجع مايو عن مبادئها في عام 1976 صالح زعماء الطائفية نظام مايو دون أي شرط، ودخلوا في الحزب الواحد الاتحاد الاشتراكي رغم ادعائهم الايمان بالتعددية .. وقام نميري بتنصيب د. حسن الترابي و السيد الصادق المهدي، والسيد محمد عثمان الميرغني الذي ناب عنه شقيقه السيد أحمد الميرغني، في اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي، وبدأ الصراع داخل السلطة بين (القادمين والقدامى) !! في هذه الظروف طرح الجمهوريون ضرورة قيام المنابر الحرة، حيث تضطر الاحزاب ان توضح مبادءها، فتنكشف للشعب ويأخذ منها النظام حذره .. كتب د. منصور خالد ( ومن بين كل القوى السياسية فان الفئة الوحيدة التي دعت لاعلاء مكان متقدم للجانب الفكري في حوار المصالحة كانت هي الاخوان الجمهوريون . ففي بيان وقعه عبد اللطيف عمر حسب الله جاء " لقد آن الاوان للتكتلات الطائفية العقيدية ان تبني نفسها في صورة احزاب ذات مناهج تقوم على مذهبية واضحة مفصلة تلتزمها في اخلاق قادتها وفي اخلاق قاعدتها، وعلى هداها تورد تفاصيل حل مشكلات المجتمع المعاصر" ) ( منصور خالد: النخبة السودانية صفحة 562 ). ولكن نميري لم يستمع لذلك، ولم يستطع دعم أشياعه، الذين كانوا يحاولون وقف التيار القادم الذي يبطن المعارضة ويظهر المصالحة، ويخطط للتأثير على اتجاه الحكومة .. وبعد فترة، بدأ نميري يتأثر بالجماعات الإسلامية، بدلاً من ان يؤثر فيها، فعين الترابي مستشاراً له، فقبل ذلك دون تردد، ولم يرفض التعاون مع النظام، الذي قتل أفراد تنظيمه، حين شاركوا كجنود في الغزو من الخارج .. وحين استجاب نظام مايو لكيد معارضيه، الذين ادعوا مصالحته، اخذ يحطم انجازاته الواحد تلو الآخر، فبدأ باتفاقية أديس أبابا، فتنصل عنها، وسعى الى تقسيم الجنوب، فبدأ التمرد بمظاهرات رمبيك الثانوية التي تم إغلاقها.. ثم أخذت التنمية تتساقط تحت ضربات الفساد، وخضع النظام إلى البنك و الصندوق، فرفع السعار، وبدأ في خصخصة السكة حديد، فاشتعلت المظاهرات .. ثم حل الرئيس الاتحاد الاشتراكي، وأعفى كبار قادة الجيش، ثم واجه إضراب القضاة في مايو 1983 بإعلان القوانين الإسلامية في سبتمبر 1983 . حين رجع النظام إلى نقطة البداية وانقلب الى المعسكر الذي كان ينافحه، وتبنى الافكار التي كان نقيضاً لها، ورجعت البلاد الى الدستور الإسلامي، والقوانين الإسلامية، أخذ الجمهوريون في المعارضة، بالصورة التي يعلمها الناس حتى حدثت المحاكمة، والاعتقالات، والتنفيذ للاعدام .. الذي تكون بسببه التجمع الوطني الديمقراطي واشتعلت المعارضة، وسقط النظام بعد 76 يوماً فقط !! المهم هنا، هو حديث الأستاذ محمود في يومية التحري، والذي قرأ في المحكمة، حيث أكد أن الجمهوريين لا زالوا مع مايو بمعنى تأييد المبادئ، وان الحكومة قد انحرفت عن مسار مبادئ ثورة مايو، وسنظل نحن مع تلك المبادئ، التي رفعناها حتى قبل قيام ثورة مايو، لأنها في رأينا السبيل في المرحلة لتوعية الشعب . من الذي لم يؤيد مايو ؟! فالشيوعيون قد أيدوا مايو وانخرطوا فيها، وحزب الأمة، ممثلاً في رئيسه، أعلن تأييده، ودخل اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي، وكذلك فعل الإتحادي الديمقراطي .. فاذا حدثنا د. بشرى، بعد كل ذلك، بقوله (ومن الغريب حقاً وقوف الفكر الجمهوري مع النميري في وقت عارضته كل احزاب الشعب السوداني)، فانما هي السطحية والغرض .. فلقد كانت هذه الاحزاب الطائفية، تدعو الى الديمقراطية وترفض نظام الحزب الواحد، ولهذا عارضت مايو منذ قيامها، ثم أنشأت الجبهة الوطنية بالخارج، وحاربت النظام بالسلاح في عام 1976م . وحين هزمت صالحت النظام عام 1977م، دون ان يتم أي تغيير فيه، ودخلت قياداتها في حكومة مايو، وفي الاتحاد الاشتراكي، وهو نظام الحزب الواحد . فهل كانت هذه الأحزاب صادقة في معارضتها ؟! وهل كانت صادقة في مصالحتها، أم كانت تظهر السلم، وتبطن الحرب ؟! وحين عارضت مايو، كانت مايو في مرحلة ايجابيتها، وكبرى انجازاتها، وحين صالحت مايو، كانت مايو تدخل مداخل عجزها وتخبطها .. هذا في حين ان الاستاذ محمود، أيد مايو حين كانت منحازة للشعب، ومهتمة بمصالحه، وساعية للتنمية، وتحقيق السلام، وعارضها، حتى الموت، حين وقفت ضد مصالح الشعب، فهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ؟!. |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الجمهوريون ومايو.. د. عمر القراي يرد على د. محمد المهدي بشرى / 4 (Re: Yasir Elsharif)
|
نقلا عن صالون الجمهوريين والمقال نشر بصحيفة السوداني اليوم الثلاثاء 19 فبراير 2008.. http://alsudani.info/index.php?type=3&id=2147526530
Quote: الجمهوريون ومايو (4-4) د. عمر القراي نحن والسادات وعبد الناصر يقول د. محمد المهدي بشرى (إن المعيار يختلف لدى الجمهوريين في النظر لعبد الناصر، وكما هو معروف، فقد وصل نميري للسلطة عن طريق انقلاب عسكري ونفس الشئ بالنسبة لعبد الناصر لكن الجمهوريين يقفون موقفاً عدائياً ضد عبد الناصر .... بل ان عبد الناصر في زعم الفكر الجمهوري هو المسئول عن الهزيمة التي لحقت بالعرب في حرب حزيران ... وعلى النقيض من هذا الموقف المتطرف ضد عبد الناصر نجد موقف الفكر الجمهوري تجاه السادات الذي كتب الجمهوريون عنه كتاباً بعد موته جاء في مقدمته " هذا كتاب السادات حياته واستشهاده وحياته بعد الاستشهاد، فقد أعطى السادات حياته لقضية السلام واستشهد وهو يدافع عن السلام " وهكذا يبدو واضحاً الكيل بمعيارين تجاه نميري والسادات من جانب وتجاه عبد الناصر من جانب آخر) ( السوداني 11/1/2008م). وليس أدل على القراءة المبتسرة، والغرض المبيت من عبارة د. بشرى السابقة .. وإلا كان يفترض ان يورد طرفاً من الحجة التي بنى عليها الاستاذ محمود نقده لعبد الناصر، ثم بدلاً من كلمات وردت في مقدمة كتاب " السادات "، ما ضره لو قرأ في داخل الكتاب، واورد ما ساقه الجمهوريون، من أسباب لتأييدهم السادات، ثم علق على كل هذه الحجج، بما يفيد خطأها أو عدم موضوعيتها ؟!. لقد كان عبد الناصر، رحمه الله، يستمد زعامته على العرب، من انه سيرمي اسرائيل في البحر، وكانت إذاعة صوت العرب، تذيع هذا التهديد والوعيد لإسرائيل، كل يوم، وتظهر بان العرب، وعلى رأسهم جمال، لا يبالون من حلفاء إسرائيل، بما فيهم الولايات المتحدة الأمريكية !! ولكن عبد الناصر، كان في الحقيقة، يخاف من أمريكا، أشد الخوف، ويبرر عدم مباغتته لاسرائيل بالضربة الأولى، بأنه لو فعل ذلك لضربته أمريكا !! ( قال السيد جمال في معرض الرد على تساؤلات من تساءل، لماذا انصاع لنصيحة الرئيس الامريكي فلم يبادر باطلاق النار؟ قال " المسألة الثالثة اننا بتحركنا واخذنا المبادأة لدفع الخطر عن سوريا كنا ندرك اننا، خصوصاً من وجهة النظر الدولية، ان نبدأ بالضربة الأولى في معركتنا المسلحة . ولو كنا فعلنا ذلك لكنا عرضنا أنفسنا لعواقب وخيمة تزيد عما كان في مقدورنا احتماله. ولقد كان اول ما سوف نواجه به هو عمل عسكري أمريكي مباشر ضدنا يجد الحجة والعذر من اننا اطلقنا الرصاصة الأولى في المعركة . واريد في هذا الصدد ان الفت نظركم الى نقاط هامة . أول نقطة التحذيرات الأمريكية ويمكن قرأتم عن هذه التحذيرات الامريكية في الصحف ولكن مستشار الرئيس الامريكي جونسون طلب سفيرنا في وقت متأخر من الليل في واشنطن وقال له انه فيه معلومات عند اسرائيل انكم حتهاجموا . وقال ان ده يعرضنا لوضع خطير وناشدنا ضبط النفس " وفي موضع آخر من هذا الخطاب نفسه يقول السيد جمال " في هذا الاجتماع ماحدش ابداً اتكلم عن الهجوم على اسرائيل مكنش في ابداً أي فكرة انو احنا حنقوم بعمل هجومي على اسرائيل . وزي ما وضحت من الأول اللي كان باين من كل تحليلاتنا ان أي عمل هجومي على اسرائيل حيعرضنا لمخاطر كبيرة أول هذه المخاطر هجوم أمريكا علينا نظراً للتصريحات اللي اعلنتها امريكا وقالت فيها انها تضمن حدود الدول في هذه المنطقة وكان باين لينا ان امريكا لما تقول انها تضمن حدود الدول في هذه المنطقة ولا تسمح بأي تغييرات في هذه المنطقة مكنش امريكا تقصد بهذا ابداً الدول العربية ولكن امريكا كانت تقصد بهذا اسرائيل كانت تقصد انو اذا حصل عدوان على اسرائيل ان امريكا حتنفذ التصريح اللي قاله الرئيس كنيدي قبل كده ان امريكا تضمن للجميع الحدود في هذه المنطقة على هذا الاساس مكنش في ابدا أي بحث عن موضوع البدء بالهجوم على اسرائيل ولكن عمليتنا كلها في القيادة المشتركة كانت عملية دفاعية وكان حشدنا في تقديرنا في هذا الوقت هي عملية ردع حتى لا تقوم اسرائيل بالعدوان على سورية " . هذه وتلك ما قاله السيد جمال عبد الناصر في ذلك الخطاب الذي القاه بعد الهزيمة بمناسبة العيد الخامس عشر لثورة الجيش المصري، ونحن نرجو ان يتعمق القراء هذه الاقوال وبخاصة قوله " كنا ندرك اننا، خصوصاُ من وجهة النظر الدولية، ان نبدأ بالضربة الأولى في معركتنا المسلحة . ولو كنا فعلنا ذلك لكنا قد عرضنا أنفسنا لعواقب وخيمة تزيد عما كان في مقدورنا احتماله . ولقد كان اول ما سوف نواجهه هو عمل عسكري أمريكي مباشر ضدنا يجد الحجة والعذر من اننا اطلقنا الرصاصة الأولى في المعركة " لماذا؟ يحدثنا السيد جمال فيقول "نظراً للتصريحات اللي اعلنتها امريكا وقالت فيها انها تضمن حدود الدول في هذه المنطقة .... كانت تقصد انه اذا حصل عدوان على اسرائيل ان امريكا حتنفذ التصريح " . والسؤال الآن هو أليس غرض العرب المعلن على العالم دائماً، والقائم خلف عدم الاعتراف باسرائيل، وعدم الصلح معها، وعدم التفاوض معها، هو ان يمحو العرب دولة اسرائيل من الوجود في أرض فلسطين ؟ فاذا كنا نحترم ضمان امريكا لحدود إسرائيل، أو كنا نخاف امريكا الى حد نشعر معه اننا اذا خالفناها نكون " قد عرضنا انفسنا لعواقب وخيمة تزيد عما كان في مقدورنا احتماله "، فهل ننتظر يوماً تتخلى فيه امريكا عن هذا الضمان لحدود اسرائيل ؟ أم هل ننتظر يوماً يكون لنا فيه القوة العسكرية والسياسية والدبلوماسية بما يمكننا من مناهضة أمريكا ومن تحدي ضماناتها لحدود اسرائيل ؟ أم ان ضمان امريكا لحدود اسرائيل لا يكون ملزماً لامريكا الا اذا كنا نحن البادئين بالهجوم على اسرائيل، فنحن إذاً ننتظر ان تبدأنا اسرائيل بالهجوم،لنقوم بمباشرة محوها من الوجود في فلسطين، ونحن في عذر مديد أمام أمريكا ؟ فاذا كان التصريح الذي أشار اليه السيد جمال عبد الناصر، والذي ظهر انه يخشاه كل هذه الخشية، لم يكن جديداً من جانب امريكا، وانما يرجع الى عام 1950م، أفليس من الحق ان نتساءل هل كان السيد جمال عبد الناصر فعلاً يعني التهديد الذي يذيعه على العرب كل عام مرة أو مرتين ضد دولة اسرائيل ؟ أم هل كان يريد به الى بسط زعامته على العرب، وذلك باشاعة جو الخوف حولهم، واستغلال روح القطيع فيهم ؟) (محمود محمد طه : مشكلة الشرق الأوسط . امدرمان السودان 1967م ) . هذا موقف من عدة مواقف رصدها الاستاذ محمود لجمال عبد الناصر، في كتاب مشكلة الشرق الاوسط، وهي تبين بجلاء، كيف كان عبد الناصر يخدع العرب، ويضللهم، ويجعلهم يحتملون من عداوة الغرب، ما يجعلهم يقعون لقمة سائغة في فم الشيوعية الدولية، وكيف أن الاتحاد السوفيتي كان يغري العرب بعداوة اسرائيل في العلن، ويساندها ضدهم في السر. لقد لوح عبد الناصر بالحرب، وحين حان حينها، لم يحقق أي قدر من النصر .. ثم انه حتى بعد الهزيمة، عجز عن تحقيق السلام، وعن استرداد سيناء، التي أخذت من مصر بسبب الحرب، التي حدثت بسبب تراكم سياساته الخاطئة، منذ خطوة تأميم قناة السويس، ثم عدم الاعتراف بإسرائيل، وعدم قبول مبدأ التفاوض معها . لقد دعا الاستاذ محمود محمد طه العرب في ذلك الكتاب، إلى الاعتراف بدولة إسرائيل، والصلح مع اسرائيل، وضمان أمنها، والتعامل معها .. وفي مقابل ذلك تنسحب اسرائيل من الاراضي المحتلة، وتقام دولة فلسطين وفق قرار الأمم المتحدة بالتقسيم 1948م، ويتم إرجاع اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، وضمان الأمم المتحدة للوضع الجديد، مع إيقاف الهجرة اليهودية الى اسرائيل . ولكن العرب بزعامة عبد الناصر، عقدوا مؤتمرهم في الخرطوم تحت شعار " لاصلح ولا تفاوض ولا سلام مع اسرائيل"، فأين العرب اليوم مما دعاهم إليه الأستاذ محمود عام 1967م ؟! إن تأييد الجمهوريين للسادات، ينطلق من انه كان صادقاً مع نفسه، وشجاعاً أمام أعدائه .. فقد بادر بالهجوم على اسرائيل في حرب 1973م، ولم يتردد خوف تدخل امريكا، وحين تدخلت بالفعل، وهو يعلم انه لن يقدر على مواجهتها، ذكر ذلك، ولم يصر على حرب تسوق إلى الخسران .. ثم اتجه إلى السلام، وحرر بذلك الأرض، التي عجز عبد الناصر عن تحريرها، فكان كما وُصف بطلاً للحرب وللسلام . فاذا كان الاستاذ محمود قد طرح السلام مع إسرائيل، وكان عبد الناصر يرفضه، وجاء السادات وحققه، فهل يعتبر تأييد السادات ونقد عبد الناصر كيلاً بمكيالين ؟! أقرءوا مرة أخرى، قولة د. محمد المهدي بشرى: (وهكذا يبدو واضحاً الكيل بمعيارين تجاه نميري والسادات من جانب وتجاه عبد الناصر من جانب آخر) (السوداني 11/1/2008م). فهل حقاً قرأ هذا الكاتب المراجع بدقة، وحللها بذكاء، فوصل إلى هذه النتيجة الممعنة في السطحية ؟! أم أن هذا حكم مسبق، لا علاقة له بما كتب الجمهوريون، مبعثه خلافه معهم، من منطلق يساري، يناصر عبد الناصر ويعارض نميري والسادات ؟. خاتمة: لقد تعرضت الفكرة الجمهورية، إلى كثير من التشوية، والتكفير، والتحريض، من أناس لم يقرءوها وإنما حكموا عليها بأقاويل معارضيها .. ولم تظفر الفكرة، حتى اليوم، بنقد موضوعي، يعتمد على نصوصها، ويناقش حججها، فيقبلها أو يفندها، ويبين خطأها . وكان يمكن لدكتور محمد المهدي بشرى، باعتباره كاتباً، وعضو اتحاد الكتاب، أن ينال ذلك الشرف – شرف نقد الفكرة الجمهورية بموضوعية، لولا أن الغرض المبيت، في النيل منها، أعجله، ودفعه إلى مثل هذا التعليق ..
لم يخرج نقد د. بشرى عن إبداء حيرته، واستغرابه، من كون مفكر في قامة الأستاذ محمود محمد طه من الاستنارة، عرف بدعوته للحرية والديمقراطية، يؤيد نظاماً عسكرياً دكتاتورياً مستبداً . ولكنه كغيره لم يقف عند الحجج، التي ساقها الأستاذ محمود والجمهوريون، لينظر في حقها من باطلها .. ولو كان د. بشرى محايداً، أو مفكراً عميقاً،يستشعر المسئولية في كل ما يكتب، لأورد مثلاً قول الجمهوريين، أن مايو جاءت بمثابة إنقاذ لهذا الشعب، لأنها أوقفت مؤامرة الدستور الإسلامي المزيف، التي كان يقودها تحالف متخلف يجمع بين الطائفية وجبهة الميثاق الإسلامي، كان سيحكم بدكتاتورية دينية، تتعذر معارضتها، ثم أن مايو سارت في طريق التنمية، وأوقفت نزيف الدم في الجنوب، وحلت الإدارة الأهلية، ووضعت أسس الحكم الإقليمي، ولهذا فان نظام مايو أفضل من هذا البديل الذي كان يتربص به .. ثم رد على هذا الزعم، كأن يقول مثلاً انه لم تكن هنالك مؤامرة لفرض الدستور الإسلامي المزيف، أو أن ذلك الدستور كان إسلاميا، ولم يكن تزييفاً للإسلام، أو أن تحالف الطائفية وجبهة الميثاق، أفضل من نظام مايو رغم كل شئ ..الخ وكان يمكن أن يورد حديث الجمهوريين، عن أن السودان كان مستهدفاً من الشيوعية الدولية، وان الحزب الشيوعي السوداني كان مخلب قط لهذا التآمر الدولي، وانه حين سيطر على نظام مايو، وضح رغم قصر الفترة، انه لا يختلف من جبهة الميثاق في الاعتداء على الحريات، مما يدل على انه لو استمر فستكون دكتاتورية خطيرة، لأنها ستفتح الباب من اجل حمايتها، لتدخل الاتحاد السوفيتي .. وكان يمكن أن يرد على هذه الحجج مثلاً بان يقول أن هذه مبالغة، فليس هناك خطر شيوعي دولي يهدد السودان، وان الحزب الشيوعي لو قدر له الحكم فسيحترم الحريات العامة، وانه لذلك أفضل من مايو ...الخ فإذا ما فند كل الحجج التي برر بها الجمهوريون تأييدهم لمايو،يمكن أن يخلص من ذلك إلى أن تأييد الجمهوريين لمايو لا مبرر له، وبناء على ذلك يمكن له أن يبدي ما شاء من الدهشة والاستغراب !!. لقد ذكرت في بداية هذه المقالات، أنني لم اطلع على أوراق مؤتمر اتحاد الكتاب السودانيين، وأني لأرجو أن اعثر عليها، وان اقرأ أيضا تعليق ناقد لورقة د. بشرى، حتى لا يعتبر اتحاد الكتاب راضياً عن مستواها في الصياغة، وفي المحتوى، فتتحقق بذلك خيبة أملي في اتحاد الكتاب السودانيين، الذي كنت دائماً أرجو له التقدم، واحترم فيه أعزاء لي، جديرين بالاحترام والتقدير. |
الجمهوريون ومايو 2/4 تعقيب على د. محمد المهدي بشرى http://alsudani.info/index.php?type=3&id=2147526206&bk=1 الجمهوريون ومايو 3/4 تعقيب على د. محمد المهدي بشرى http://alsudani.info/index.php?type=3&id=2147526424&bk=1 ::
| |
|
|
|
|
|
|
|